You are on page 1of 7

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫أول ليلة في القبر‪.‬‬


‫فضيلة الشيخ ‪ /‬عائض بن عبد اهلل القرني‪.‬‬
‫………………………………………‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫( الحمد هلل الذي خلق السموات واألرض وجعل الظلمات والنور‪ ،‬ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)‬
‫(الحمد هلل ف &&اطر& الس &&ماوات واألرض جاعل المالئكة رسال أولي أجنحة مث &&نى وثالث ورب &&اع& يزيد في الخلق ما يش &&اء إن‬
‫اهلل على كل شيء قدير)‪.‬‬
‫أشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪.‬‬
‫وأشهد& أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا‪ ،‬وداعيا إلى اهلل بأذنه وسراجا& منيرا‪.‬‬
‫بلغ الرسالة وأدى األمانة ونصح األمة وجاهد في اهلل حتى أتاه اليقين‪.‬‬
‫صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني& السكون……‪.‬القبر أو ُل ٍ‬
‫ليلة باهلل قلي ما يكون‬ ‫ُ&‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليلتان اثنتان يجعلها ك ُل ٍ‬
‫مسلم في مخيلته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ليلةٌ وهو في بيته مع أطفاله وأهله‪.‬‬
‫ك أطفاله ويضاحكونه‪.‬‬ ‫منعما سعيدا‪ ،‬في ٍ‬
‫عيش رغيد في صحة وعافية‪ ،‬يضاح ُ‬
‫والليلةُ التي تليها مباشرةً ليلةٌ أتاه الموت فوضع في القبر‪ ،‬أي ليلتين ؟‬
‫العربي يقول‪:‬‬ ‫الشاعر‬ ‫ليلةٌ ثانيةٌ وضع في القبر ِ‬
‫ألول مرة‪ ،‬وذاك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫موضع مرقدي يوماً ففارقني& السكون‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫فارقت‬
‫ُ&‬
‫وذهبت من موضع نومي في بيتي إلى ٍ‬
‫بيت آخر فما أتاني النوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫انتقلت من ٍ‬
‫مكان إلى مكان‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تكون الليلةُ األولى في القبر ؟‬
‫ُ‬ ‫فباهلل كيف‬
‫اإلنسان فريداً& وحيداً مملقاً إال من العمل‪ ،‬ال زوج وال أطفال وال أنيس‪:‬‬ ‫َ‬ ‫يوم يوضعُ‬
‫َ‬
‫الحكم وهو أسرع الحاسبين)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫(ثم ردو إلى اهلل موالهم الحق‪ ،‬أال لهُ‬
‫ليلة في القبر بكاء منها العلماء‪ ،‬وشكاء منها الحكماء‪ ،‬ورثاء إليها الشعراء‪ ،‬وصنفت فيها المصنفات‪.‬‬ ‫أو ُل ٍ‬
‫أو ُل ٍ‬
‫ليلة في القبر‪.‬‬
‫سكرات الموت لدغته حيه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُأتي بأحد الصالحين وهو في‬
‫َ‬
‫هي أم الم &&راثي العربي & ِ&ة في‬
‫وك &&ان في س &&فر‪ ،‬نسي أن ي &&ودع أمه وأب &&اه وأطفال &&هُ وإ خوان &&ه‪ ،‬فق &&ال قص &&يدةً يلفظُها مع أنفاسه َ‬
‫زحف إلى القبر‪:‬‬ ‫الشعر العربي‪ .‬يقو ُل وهو ُي ُ‬
‫ِ‬
‫الرقمتين وداريا&‬ ‫بني بأعلى‬
‫ك طائـعاً ……… َ‬
‫فلله دري يوم اُتر ُ‬
‫مكان البعد إال مكانيا‬
‫يقولون ال تبعد وهم يدفنونني ……‪.‬و أين ُ‬
‫أفارق أطفالي في لحظة ؟‬
‫ُ‬ ‫يقول كيف‬
‫أستأذن أبوي ؟‬
‫ُ‬ ‫لماذا ال‬
‫ختلس الحياة‪ ،‬اهكذا أذهب ؟‬
‫أهكذا تُ ُ‬
‫أفقد كل ممتلكاتي& ومقدراتي في لحظة ؟‬
‫أهكذا ُ‬
‫ويقو ُل عن نفسه‪:‬‬
‫يتولون دفني‪ ،‬ال تبعد أي ال أبعدك اهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫واللذين‬
‫َ‬ ‫يقو ُل لي أصحابي&‬
‫مكان البعد إال هذا المكان ؟‬
‫وأين ُ‬
‫وأين الوحشةُ إال هذا المنقلب ؟‬
‫وأين المكان المظلم إال هذا المكان ؟‬
‫متصور هذا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تصور‬
‫َ‬ ‫فهل‬
‫&وت ق&&ال ربي ارجع&&ون لعلي أعمل ص&&الحا في م&&اتركت‪ ،‬كال إنها كلمة هو قائله&&ا‪ ،‬ومن ورائهم‬
‫(ح&&تى إذا ج&&اء أح&&دهم الم& ُ‬
‫برزخ إلى يوم يبعثون)‪.‬‬
‫كال‪ ،‬آالن تراجع حساب‍‪ ،‬آالن تتوب‪ ،‬آالن تنتهي عن المعاصي‪.‬‬
‫‍‬
‫يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصالة‪.‬‬
‫يا معرضا عن القرآن‪ ،‬يا متهتكا في حدود اهلل‪.‬‬
‫يا ناشئا في معاصي اهلل‪.‬‬
‫يا مقتحما ألسوار& حرمها اهلل‪.‬‬
‫آالن تتوب‪ ،‬أين أنت قبل ذلك ؟‬
‫أو ليلية في القبر‪.‬‬
‫قال مؤرخوا& اإلسالم‪:‬‬
‫ابن أبي طالب رضي& اهلل عنه و أرضاه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحسن من أوالد علي َ‬ ‫الحسن ابن‬
‫ُ‬ ‫مات‬
‫كان عنده زوجةٌ و أطفال وكان في الشباب‪،‬‬
‫يستأذن شاباً وال غنياً وال فقيراً وال أميراً وال ملكاً وال وزيراً وال سلطانا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والموت ال‬
‫ُ‬
‫الناس الدور وينزلهم& من القصور ويسكنهم& القبور بال استئذان‪.‬‬
‫ويخرج َ‬
‫ُ‬ ‫يقصم الظهور‬
‫ُ‬ ‫الموت‬
‫ُ‬
‫ابن الحسن مات فجأة‪ ،‬نقلوه إلى المقبر ِة‪.‬‬
‫الحسن ُ‬
‫فوجدت& علية امرأتُه ِ‬
‫وحزنت حزناً ال يعلمه إال اهلل‪.‬‬
‫أخذت أطفالها وضربت& خيمةًَ حول القبر‪.‬‬
‫( وهذا ليس من عمل اإلسالم ولوال أن مؤرخو اإلسالم ذكروه ما ذكرته)‪.‬‬
‫ضربت خيمةً حول القبر وأقسمت باهلل لتبكينا هي و أطفالها على ِ‬
‫زوجها& سنةً كاملة‪.‬‬
‫وحزن بائس‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هلعٌ عظيم‬
‫ِ‬
‫الخيمة وحملتها و أخذت أطفالها في الليل‪.‬‬ ‫وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت إطناب‬
‫فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل‪:‬‬
‫هل وجدوا& ما فقدوا ؟‪ ،‬هل وجدوا ما فقدوا ؟‬
‫هاتف أخر قال ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫فرد عليه‬
‫َ‬
‫ال‪ ،‬بل يِئسوا فانقلبوا‪.‬‬
‫ما وجدوا ما فقدوا‪ ،‬ما وجدوا ضعيتهم‪ ،‬وال وديعتهم‪:‬‬
‫الودائع من خير المؤدينا‬
‫ِ‬ ‫نطلبه…‪..‬خير‬
‫كنز بحالون عند اهلل ُ‬ ‫ُ‬
‫(قال ال‪ ،‬بل يِئسوا فانقلبوا)‪.‬‬
‫ما كلمهم من القبر‪ ،‬ما خرج إليهم ولو في ٍ‬
‫ليلة واحدة‪ ،‬ما قبل أطفاله‪ ،‬ما راى فتاته‪ ،‬ال‪.‬‬ ‫َ‬
‫ليالي أخرى إذا احسن العمل‪.‬‬ ‫ولذلك هذه هي أو ُل ٍ‬
‫ليلة ولكن لها ٍ‬
‫قل اهلل‪ ،‬جل اهلل ‪:‬‬
‫ب َر ِه ٌ‬
‫ام ِرٍئ بِ َما َك َس َ‬ ‫ٍ ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ان َأْلح ْقَنا بِ ِهم ُذِّريَّتَه &م وما َألَتَْن ُ ِ‬ ‫َِّ‬
‫ين)‪.‬‬ ‫اه ْم م ْن َع َمل ِه ْم م ْن َش ْيء ُكل ْ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫يم ٍ َ‬ ‫ِِإ‬ ‫َّ‬
‫آمُنوا َواتَب َعتْهُ ْم ُذِّريَّتُهُ ْ&م ب َ‬
‫ين َ‬
‫(والذ َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫تذكر أو َل ليلة ينزل فيها القبر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫السالطين غرتُه قصوره‪ ،‬وما َ‬ ‫لسلطان من‬ ‫أتى أبو العتاهية يقول‬
‫ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر‪ ،‬متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟‬
‫هذا السلطان بناء قصوراً& في بغداد‪ ،‬فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له‪:‬‬
‫ِ‬
‫شاهقة القصور‬ ‫عش ما بدا لك سالماً في ظل‬
‫عش ما بدا لك سالماً عش ألف سنه‪ ،‬عش مليون سنه سالماً معافاً مشافا‪.‬‬
‫أردت مع ِ‬
‫الغدو مع البكور&‬ ‫َ‬ ‫ك بما‬
‫يجري علي َ‬
‫تريد من شراب هو عندك‪ ،‬ولكن أسمع ماذا يقول‪:‬‬
‫تريد من طعام‪ ،‬ما ُ‬
‫ما ُ‬
‫تعلم موقناً& ما كنت إال في ُغرور&‬ ‫ِ‬ ‫ِ&‬
‫بزفير حشرجة الصدور……‪ ..‬فهناك ُ‬ ‫النفوس تغرغرت‬
‫ُ‬ ‫فإذا‬
‫تعلم موقناً& ما كنت إال في ُغرور‪.‬‬
‫فبكى السلطان حتى أغمي عليه‪ :‬فهناك ُ‬
‫أو ُل ٍ‬
‫ليلة في القبر‪.‬‬
‫أطالب نفسي و إياكم آيامعاشر المسلمين أن نهياء لنا نوراً في القبر أو ُل ليلة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأنا‬
‫الصالح بعد اإليمان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ينور لنا القبر إال العم ُل‬
‫و وهلل ال ُ‬
‫يؤنسنا في القبر يوم ننقطعُ عن األهل المال الولد واألصحاب&‪.‬‬
‫لنقدم لنا ما ُ‬
‫َ‬
‫خرج عليه الصالة والسالم& إلى تبوك‪:‬‬
‫هو الصحابة‪ ،‬وكانوا في غزو ٍة في سبيل اهلل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نام َ‬
‫وفي& ليلة من الليالي َ‬
‫ابن مسعود رضي& اهلل عنه و أرضاه‪:‬‬ ‫قال ُ‬
‫ِ‬
‫الرسول (ص) فلم أجده في فراشه‪.‬‬ ‫فنظرت إلى فراش‬
‫ُ&‬ ‫أخر الليل‬
‫قمت َ‬‫ُ‬
‫هو بارد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فوضعت كفي على فراشه فإذا َ‬‫ُ&‬
‫ِ‬
‫فراش أبي بكر فلم أجده على فراشه‪.‬‬ ‫وذهبت إلى‬
‫ُ‬
‫فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته‪،‬‬
‫ونظرت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فذهبت إلى ذلك النور‬
‫ُ‬ ‫قال وإ ذا ٍ‬
‫بنور في أخر المخيم وفي طرف& المعسكر‪،‬‬
‫قبر محفور‪ ،‬والرسو ُل عليه الصالة والسالم قد نز َل في القبر‪.‬‬
‫فإذا ٌ‬
‫ميت قد سجي في األكفان‪.‬‬
‫وإ ذا جنازةٌ معروضةٌ‪ ،‬وإ ذا ُ‬
‫صاحبكما‪.‬‬
‫َ‬ ‫وعمر دليا لي‬
‫َ‬ ‫بكر وعمر حول الجنازة‪ ،‬والرسو ُل(ص) يقول ألبي بكر‬ ‫وأبو ٍ‬
‫التفت إلى ِ‬
‫القبلة ورفع يديه وقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فلما أنزالهُ‪ ،‬نزلهُ (ص) في القبر‪ ،‬ثم دمعت عيناه عليه الصالة والسالم ثم‬
‫فأرض عنه)‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫راض‬ ‫أمسيت عنه‬
‫ُ‬ ‫فأرض عنه)‪ ( ،‬الهم إني‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫راض‬ ‫أمسيت عنه‬
‫ُ‬ ‫( الهم إني‬
‫قال‪ :‬قلت من هذا ؟‬
‫قالوا هذا أخوك عبد اهلل ذو البجادين مات في ِ‬
‫أول الليل‪.‬‬
‫فأرض عنه)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫راض‬ ‫أمسيت عنه‬ ‫قال ابن مسعود فوددت& ِ‬
‫واهلل أني أنا الميت ‪ ( :‬الهم إني‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإ ذا رضي& اهلل عن ِ‬
‫العبد أسعده‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حدود اهلل‪.‬‬ ‫وانتهك‬ ‫أوامر اهلل‬ ‫نسي اهللَ و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وإ نما هي مسألةٌ لمن َ‬
‫تذكرت يا أخي أو ُل ٍ‬
‫ليلة في القبر ؟‬ ‫َ‬ ‫نقو ُل له هل‬
‫&ذهب والفض&ةُ‬ ‫الثوب من حرير في الي& ِ‬ ‫ِ‬
‫&ثر من م&&رة‪ ،‬ال& ُ‬
‫&وم اك& َ‬ ‫َ‬ ‫يغير‬
‫كان عمر بن عبد العزيز أميراَ من أمراء الدولة األموية‪ُ ،‬‬
‫عنده‪.‬‬
‫طلب وك َل ما تمنى‪.‬‬
‫الخدم القصور‪ ،‬المطاعم المشارب ك َل ما اشتهى وكل ما َ‬
‫كله ألنه تذكر أو َل ِ‬
‫ليلة في القبر‪.‬‬ ‫انسلخ من ذلك ِ‬
‫َ‬ ‫ولما تولى الخالفة‪ُ ،‬ملك األمة اإلسالمية‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الجمعة فبكى وقد بايعتهُ األمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المنبر يوم‬ ‫وقف& على‬
‫وقواد الجيش‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫وحولَه األمراء الوزراء والشعراء والعلماء‬
‫خذوا بيعتَكم‪.‬‬
‫نريد إال أنت‪.‬‬
‫قالوا ما ُ‬
‫ثوب واحد‪.‬‬
‫هزل‪ ،‬وضعف وتغير& لونه ما عنده إال ٌ‬ ‫مر عليه أسبوعٌ أو أقل إال وقد& ُ‬
‫فتوالها& فما َ‬
‫عمر تغير ؟‬ ‫ِ ِ‬
‫قالوا لزوجته مال َ‬
‫ينام على الجمر ويقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فيتقلب كأنه ُ‬
‫ُ‬ ‫ينام الليل‪ ،‬واهلل إنه يأوي إلى فراشه‬
‫قالت واهلل ما ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة الفقير والمسكين والطف ُل واألرملة‪.‬‬ ‫آه توليت أمر ِ‬
‫أمة محمد‪ ،‬يسألني يوم‬
‫يقو ُل له أحد العلماء يا أمير المؤمنين‪:‬‬
‫رأيناك قبل أن تتولى الملك وأنت في مكة في ٍ‬
‫نعمة وفي& صحة وفي عافيه‪ ،‬فمالك تغيرت؟‬
‫أضالعه تختلف‪ ،‬ثم قال للعالم وهو أبن زياد‪:‬‬
‫َ‬ ‫فبكى رضي& اهلل عنه حتى كادت‬
‫القبر بعد ِ‬
‫ثالثة أيام‪.‬‬ ‫كيف بك يا ابن زياد لو رأيتني في ِ‬
‫وأفارق األحباب وأترك& األصحاب‪.‬‬
‫ُ&‬ ‫يوم اجرد عن الثياب‪ ،‬و أوسد التراب‪،‬‬
‫َ‬
‫كيف لو لرأيتني بعد ثالث واهلل لرأيت منظراً يسوءك‪.‬‬
‫فنسأل اهللَ حسن العمل‪.‬‬
‫واهلل‪ ،‬واهلل لو عاش الفتى في عمر ِه …‪ .‬أسمع‬
‫ك أمره‬ ‫ِ‬
‫األعوام مال َ‬ ‫واهلل لو عاش الفتى في عمر ِه ……‪.‬ألفاً من‬
‫لذيذة …………‪.‬متلذذاً فيها بسكناَ قصره‬‫بكل ٍ‬ ‫متنعماً فيها ِ‬
‫الهموم بصدره‬
‫ُ‬ ‫ترد‬
‫الهم طول حياته ………‪ .‬كال وال ٌ‬‫ال يعتريه ُ‬
‫بأول ٍ‬
‫ليلة في قبره‬ ‫ما كان ذلك كلُه في أن يفي……‪ .‬فيها ِ‬
‫هم وال غم وال حزن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واهلل لو عاش ألف سنه‪ ،‬وما طرقَه ٌ‬
‫بأول ٍ‬
‫ليلة في القبر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واهلل ال يفي ِ‬
‫لننزلنها جميعاً‪ ،‬أو ُل ليله‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫واهلل‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لضيافة تلك الليلة ؟‬ ‫فيا عباد اهلل‪ ،‬أسأ ُل اهلل لي ولكم الثبات‪ ،‬ما ذا أعددنا‬
‫يقول رسولُنا (ص) ‪:‬‬
‫فر النا)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القبر روضةٌ من رياض الجنة أو حفرةٌ من ُح ُ‬
‫( ُ‬
‫فيحملونه إلى بيت& ِ&ه كالجن&&ازة إلى بيت&&ه‪.‬‬
‫َ‬ ‫&يع جن&&از ٍة بكى ح&&تى يغمى عليه‬
‫&ان الخليف&ةَ رضي& اهلل عنه إذا ش& َ‬
‫بن عف& ُ‬
‫&ان ُ‬
‫ك&&ان عثم& ُ‬
‫الرسول (ص)‪:‬‬
‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫قالوا مالك ؟ قال‬
‫خسر أخرتَه كلها)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خسر والعيا ُ&ذ باهلل َ‬
‫وسعد‪ ،‬وإ ذا َ‬
‫العبد فيه أفلح ُ‬
‫منازل اآلخرة فإذا نجا ُ‬ ‫القبر أو ُل‬
‫( يقول ُ‬
‫ِ‬
‫النيران‬ ‫ِ‬
‫الجنان ………‪..‬أو حفرةٌ من ُحفر‬ ‫والقبر روضةٌ من‬
‫ُ‬
‫إن يكو خيراً فالذي& من بعده…‪ .‬أفض ُل عند ربنا لعبده‬
‫سبيل ِ‬
‫اهلل صد‪.‬‬ ‫بعد أشد…………‪ ..‬وي ٌل ٍ‬
‫لعبد عن ِ‬ ‫وإ ن يكن شراً فما ُ‬
‫أقول ما تسمعون وأستغفر اهلل العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين‪.‬‬
‫فأستغفروه وتوبوا& إليه إنه هو التواب الرحيم‪.‬‬
‫……………………………………………‬
‫‪ ‬‬
‫لحمد هلل رب العالمين‪ ،‬ولي الصالحين‪ ،‬وال عدونا إال على الظالمين‪.‬‬
‫والصالة والسالم عل إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫المعظم والمحتقر ؟‬
‫ُ‬ ‫القبور فناديتُها …‪ ..‬أين‬
‫َ‬ ‫أتيت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرؤساء و المرؤوسين‪.‬‬ ‫أتيت القبور‪ .‬قبور&‬
‫ُ‬
‫قبور& الملوك والمملوكين‬
‫المعظم والمحتقر ؟‬ ‫ِ‬
‫األغنياء والفقراء فناديتُها& أين‬ ‫قبور&‬
‫ُ‬
‫مخبر‪ ..‬وماتُوا& جميعاً ومات الخبر‬
‫تفانوا جميعاً فما ٌ‬
‫أناس مضوا‪ ..‬أما لك في ما مضى معتبر‬ ‫فيا سائلي عن ٍ‬
‫محاسن تلك الصور‪.‬‬
‫َ‬ ‫بنات الثرى…‪ ..‬فتمحو‬
‫تروح وتغدو& ُ‬
‫ُ‬
‫أريت قبراً ميز عن قبر ؟‬
‫قبر من ٍ‬
‫ذهب أو فضه ؟‬ ‫ك في ٍ‬
‫أ أنزل المل ُ‬
‫ولبس قطعةً من القماش كما نلبس واُنزل التراب‪.‬‬
‫واهلل لقد ترك مل َكهُ وقصوره وجيشهُ وك َل ما يملك‪َ ،‬‬
‫ولدتك أمك باكيا مستصرخا……‪.‬والناس حولك يضحكون سرورا&‬
‫فأعما لنفسك أن تكون إذا بكوا……‪.‬في يوم موتك ضاحكا مسرورا‬
‫لكن كثيرا من الناس علموا بالقبر‪ ،‬وأول ليلة في القبر فأحسنوا& العمل‪ ،‬ولذلك متهيئون دائما‪.‬‬
‫يريدون اهلل والدار اآلخرة‪ ،‬ثبتهم اهلل في ِ‬
‫الليل والنهار‪.‬‬
‫يترقبون الموت كل طرفة عين‪.‬‬
‫وشيخ من المشائخ أعرفه من مدينة الرياض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خرج رج ُل من الصالحين‬
‫ولية من ولياء اهلل‪ ،‬خرج يريد العم&&رة‪ ،‬والغ&&ريب في تلك الس&&فرة أنها ودعت أطفاله&&ا‪،‬‬
‫خرج بزوجته وكانت صائمة قائمة ّ‬
‫وكتبت وصيتها‪ &،‬وقبلت أطفالها وهي تبكي‪ .‬كأنها ألقي في خلدها أنها سوف& تموت‪.‬‬
‫(ثم ردوا إلى هلل موالهم الحق‪ ،‬أال له الحكم وهو أسرع الحاسبين)‪.‬‬
‫ذهب وأعتمر بزوجته وهو وإ ياها في بيت أسس على التقوى‪ ،‬إيمان وقرآن وذكر& وصيام وقيام& وعبادة‪.‬‬
‫ال يعرفون الغيبة وال الفاحشة وال المعاصي‪.‬‬
‫عاد معها فلما كان في الطريق إلى الرياض‪ ،‬أتى األجل المحتوم إلى زوجته‪.‬‬
‫(وعد اهلل الذي ال يخلف اهلل وعده‪ ،‬ولكن كثر الناس ال يعلمون…)‬
‫(‪ ..‬يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن اآلخرة هم غافلون)‪.‬‬
‫ذهب إطار السيارة فأنقلبت ووقعت& المرأة على رأسها‪ ،‬لكنها إن شاء اهلل شهيدة‪.‬‬
‫(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم& في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون)‪.‬‬
‫خرج زوجها من الباب اآلخر‪ ،‬ووقف& عليها وهي في سكرات الموت تقول‪:‬‬
‫ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل‪ ،‬اهلل‪ ،‬اهلل‪ ،‬اهلل‪.‬‬
‫وتقول لزوجها&‪ :‬عفى اهلل عنك‪ ،‬اللقاء في الجنة‪ ،‬بلغ أهلي السالم‪.‬‬
‫(وال &&ذين آمن &&وا واتبعتهم ذريتهم& بإيم &&ان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتن &&اهم من عملهم من ش &&يء كل ام &&ريء بما كسب رهين)‪.‬‬
‫إي واهلل‪.‬‬
‫أسأل اهلل أن يجمع تلك األسرة في الجنة‪ ،‬وأن يجمعنا وأحبابنا وأقاربنا في الجنة‪.‬‬
‫بنتم وبنا فما أبتلت جوانحنا…‪….‬شوقا& إليكم وال جفت ماقينا‬
‫تكاد حين تناجيكم& ضمائنا………‪....‬يقضي علينا األسى لوال تأسينا‬
‫ُ‬
‫إن كان عز في الدنياء اللقاء ففي…‪..‬مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا‬
‫ع & &&اد الرجل إلى الري & &&اض و دفن زوجت & &&ه‪ ،‬دخل بيته وح & &&ده بال زوج & &&ة‪ ،‬دخل بيته واس & &&تقبله األطف & &&ال‪ ،‬لكن حي & &&اة س & &&هلة‬
‫وبسيطة‪ ،.‬ولكن الموقف& المرعب أن واحدة من الطفالت بنت‪ ،‬قامت تقول أين أمي؟‬
‫قال سوف تأتي‪.‬‬
‫قالت ال واهلل ال بد أن أرى أمي‪.‬‬
‫وإ نهار& الرجل‪.‬‬
‫ونقول لتلك الطفلة سوف& ترينها بأذن اهلل في جنة عرضها السماوات واألرض‪.‬‬
‫يعمل لها العاملون‪ ،‬ليست كدنيانا& الحقيرة‪ ،‬السخيفة التي يعمل لها الذين ال يريدون اهلل والداراآلخرة‪.‬‬
‫( وسارعوا& إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الساوات واألرض أعدت للمتقين)‪.‬‬
‫فاعمل لدار غدا رضوان خازنها……‪..‬الجار& أحمد والرحمن بانيها‬
‫قصورها ذهب والمسك طينتها……والزعفران حشيش نابت فيها‬
‫يا أخوتي في اهلل‪:‬‬
‫يا شيخاً كبيراً احدودب ظهره ودنى أجلُه‪ ،‬هل أعدت ِ‬
‫ألول ليله ؟‬ ‫ُ‬
‫يا شاباً مصطحاً متنعماً غره الشباب والما ُل والفراغ هل أعدت ِ‬
‫ألول ليله ؟‬
‫إنها أو ُل الليالي‪:‬‬
‫ِ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫و إنها إما أو ُل ٍ‬
‫ليلة من ليالي‬
‫أو أو ُل ٍ‬
‫ليلة من ليالي النار‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫عباد اهلل‪:‬‬
‫صلوا وسلموا& على من أمركم اهلل بالصالة والسالم عليه‪.‬‬
‫وصلوا& على أصحابه‪ ،‬وترضوا& على أحبابه‪.‬‬
‫أسأل اهلل لي ولكم الضوان‪ ،‬والسعادة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫أسال اهلل أن يصلح والة األمر‪ ،‬وأن يهديهم سواء السبيل‪.‬‬
‫أسأل اهلل أن يصلح شباب اإلسالم‪ ،‬وأن يخرجهم& من الضلمات إلى النور‪ ،‬وأن يكفر عنهم سأيتهم‪.‬‬
‫وأن يهيئهم بعمل صالحا ألول ليلة من ليالي القبر‬
‫أسأل أن يثبتَنا و إياكم بالقول الثابت‪.‬‬
‫ووال يظلم ابصارنا& وبصائرنا‪.‬‬
‫وصموا وضلوا& و ابتعدوا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معاص اهلل‪ ،‬وغفلوا عن آيات اهلل‪ ،‬فعموا& َ‬ ‫منهج اهلل و اشتروا‬
‫وال يجعلنا قوماً انحرفوا& عن ِ‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫………………………………………………‬

You might also like