You are on page 1of 2

‫عبدالرحمن بن ناصر ّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البراك‬ ‫مؤسسة وقف الشيخ‬ ‫‪ 1438‬هـ‬

‫عرض أعمال األحياء على األموات‬

‫احلمد هلل‪ ،‬وبعد‪:‬‬


‫األموات يف عامل الربزخ ‪-‬وهو ما بني الدنيا واآلخرة ِمن املوت إىل البعث‪ :-‬فلهم يف هذه ال ّدار أحوال‪ ،‬وهم‬
‫السنّة على مجلة ذلك‪ :‬فدلّت على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫على منازهلم ومراتبهم ِمن اخلري و ّ‬
‫الشر‪ ،‬قد دلّت النّصوص من الكتاب و ّ‬
‫ِ‬
‫اإلميان ابلغيب الذي أثىن هللا به‬ ‫جيب اإلميا ُن به‪ ،‬وهو ِمن‬ ‫ٍ‬
‫ات ّإما يف نعي ٍم ّ‬
‫وإما يف عذاب‪ ،‬وهذا ممّا ُ‬ ‫أ ّن األمو َ‬
‫على املتّقني‪.‬‬
‫أهل القبور شيئاً إال النّادر ممّا قد يُكشف ِ‬
‫لبعض النّاس‪ ،‬كما جاء‬ ‫العباد يف هذه ال ّدنيا ال يعلمون ِمن أحوال ِ‬
‫و ُ‬
‫األصل أ ّّنم ال يعلمون ِمن أحوال‬
‫ُ‬ ‫الصحيح‪ ،‬وكذلك األموات‪:‬‬ ‫الصحيح وغري ّ‬‫يف أخبار ورواايت كثرية‪ ،‬منها ّ‬
‫بدليل‪.‬‬ ‫ألّنم غائبون عنها‪ ،‬فال جيوز أ ْن نُثبت اطّالعهم على ٍ‬
‫شيء ِمن أحو ِال ِ‬
‫أهل ال ّدنيا ّإال ٍ‬ ‫ِ‬
‫أهل ال ّدنيا شيئاً؛ ّ‬
‫َ‬
‫أهله‪ ،‬وما يكون منهم‪ ،‬وال أعلم شيئاً‬ ‫تدل على أ ّن بعض األموات يشعر أبحوال ِ‬ ‫آاثر ورواايت ّ‬
‫ُ‬ ‫وقد جاءت ٌ‬
‫أصح ما َورَد مما‬ ‫ِ‬
‫"الروح" ومن ّ‬‫ابن القيّم يف كتابه املعروف كتاب ّ‬ ‫العالمة ُ‬
‫صحة هذه اآلاثر‪ ،‬وقد أوردها ّ‬ ‫َعن ّ‬
‫أهله عليه) رواه البخاري (‪ )1286‬ومسلم (‪ِ )928‬من‬ ‫يتعلّق هبذا املعىن‪ -‬حديث‪( :‬إ ّن امليت ليع ّذب ِ‬
‫ببكاء ِ‬
‫حديث ابن عمر –رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫عليه صالةُ أم ِته وسالمهم ِ‬
‫عليه – صلّى هللا عليه‬ ‫سول –صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬تُعرض ِ‬
‫الر َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثبت أ ّن ّ‬
‫كذلك َ‬
‫وسلّم‪ -‬انظر ما رواه أبو داود (‪ )1047-1531‬والنسائي (‪ )1374‬وابن ماجة )‪ِ (1636‬من حديث أوس بن أوس ‪-‬‬
‫رضي هللا عنه‪-‬‬

‫ابن القيّم يف نفس الكتاب‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬


‫ذكر فيه آاثر‪ ،‬وقد أوردهُ ُ‬‫و ّأما مسألة تزاور األموات‪ :‬فهو من جنس ما قبله‪ ،‬تُ ُ‬
‫اح‬
‫اح املؤمنني مع بعضها يف اجلملة‪ ،‬وكذلك أرو ُ‬ ‫نعلم أ ّن أرو َ‬
‫عول عليه إلثبات هذه احلال‪ ،‬ولكن ُ‬ ‫أذكر شيئاً ممّا يُ ّ‬
‫ُ‬
‫الكافرين‪ ،‬وهللا أعلم ابلغيب‪.‬‬
‫دل‬‫مساع املوتى‪ ،‬وقد ّ‬ ‫وممّا يتعلّق مبسألة "عرض أعمال األحياء على األموات أو شعورهم بشيء عنها"‪ :‬مسألةُ ِ‬
‫َّك َال تُ ْس ِم ُع الْ َم ْوتَى َوَال تُ ْس ِم ُع‬
‫ات ال يسمعون‪ ،‬كما قال –سبحانه وتعاىل‪} :-‬إِن َ‬ ‫القرآن على أ ّن األمو َ‬
‫س ِم ٍع َّمن ِيف الْ ُقبُور{ (فاطر‪(22:‬‬ ‫الص َّم الدُّعاء إِذَا ولَّوا م ْدبِ ِرين{(النمل‪ )80:‬وقال ‪-‬سبحانه وتعاىل‪}:-‬وما أ ِ‬
‫َنت مبُ ْ‬
‫ََ َ‬ ‫ُّ َ َ َ ْ ُ َ‬

‫‪1‬‬ ‫إعداد‪ :‬اللجنة العلميّة‬


‫عبدالرحمن بن ناصر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البراك‬ ‫مؤسسة وقف الشيخ‬ ‫‪ 1438‬هـ‬

‫ع نعاهلم‪ ،‬انظر ما رواه البخاري(‪)1338‬‬


‫ليسمع قر َ‬
‫ُ‬ ‫وض َع يف قربهِ ّ‬
‫وتوىل عنه أصحابُه إنّه‬ ‫لكن ورد أ ّن امليت إذا ِ‬
‫َ‬
‫ومسلم(‪ِ )2870‬من حديث أنس –رضي هللا عنه‪-‬‬
‫أهل العل ِم ّأّنم يسمعو َن كالم‬
‫بعض ِ‬ ‫ِ‬
‫السالم على أهلها أيخ ُذ منه ُ‬ ‫صح من األحاديث يف زايرة القبور و ّ‬ ‫وما ّ‬
‫التوجه إليهم ابخلطاب‪ ،‬وأضف على ذلك ما روي ِمن قوله –صلى هللا عليه وسلّم‪( :-‬ما‬ ‫ِ‬
‫املُسلّم عليهم بدليل ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخ له كا َن يعرفه يف ال ّدنيا فيسلِّم ِ‬ ‫ِمن ٍ‬
‫السالم( أو كما‬
‫فريد عليه ّ‬‫روحهُ ّ‬
‫رد هللاُ عليه َ‬
‫عليه ّإال َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫رجل َميُّر على ق ِرب ٍ ُ‬
‫جاء يف احلديث‪ ،‬انظر العلل املتناهية(‪ )1523‬ومعجم الشيوخ‪(333).‬‬
‫عما بعُ َد‬
‫عند قبورهم فضالً ّ‬
‫قال َ‬‫كل ما يُ ُ‬
‫ات يسمعو َن ّ‬ ‫االستدالل هبا على أ ّن األمو َ‬
‫ُ‬ ‫يصح‬
‫وهذه األحاديث‪ :‬ال ّ‬
‫ورد به الدليل‪.‬‬
‫عنهم‪ ،‬فيجب االقتصار على ما َ‬

‫ليل‪ ،‬وال يسمعو َن َمن‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫دل ِ‬


‫عليه‬ ‫ات ال يسمعو َن شيئاً ِمن أقو ِال األحياء إالّ ما َّ‬ ‫فنقول ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫األصل أ ّن األمو َ‬
‫ُ‬
‫عند‬ ‫بشيء ِمن األمور‪ ،‬فضالً أن يسمعوا َمن يناديهم‬ ‫ٍ‬
‫الشفاعة َ‬ ‫ويطلب منهم ّ‬‫ُ‬ ‫يستغيث هبم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يناديهم ليخربهم‬
‫السماع فإنّنا ال‬ ‫ذلك قريباً ِمن قبورهم‪ ،‬فضالً عمن يكون بعيداً عنهم‪ ،‬ومع إثبات ما ِ‬
‫ورد من ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫هللا‪ ،‬ولو كا َن َ‬
‫مشي املشيِّعني له عند‬‫يسمع َ‬ ‫الم املسلِّم عليه أو‬ ‫ملعني أبنّه يسمع س‬ ‫نشهد ّ‬
‫ُ‬ ‫نثبتهُ إال على اإلطالق‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫االنصراف عنه؛ لكن نُثبت ذلك على ِ‬
‫وجه اإلمجال واإلطالق‪ ،‬وقوفاً على ح ّد ما يقتضيه ال ّدليل‪ ،‬وال ّدليل‬ ‫ُ‬
‫فيجب الوقوف مع داللته دو َن زايدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عاماً‪،‬‬
‫حيصل له ذلك‪ ،‬وإّنا جاء مطلقاً ّ‬ ‫ُ‬ ‫تعيني لِ َمن‬
‫ليس فيه ٌ‬‫جاءَ مطلقاً َ‬
‫عند قبوِر َمن يُعظّمونه ‪ِ -‬من دعائهم واالستغاثة هبم‪ ،‬أو دعاء هللا عند‬ ‫وهبذا يُعلم أ ّن ما يفعله القبوريون َ‬
‫عند حدود هللا يف زايرة القبور وغريها‪ ،‬فإ ّن زايرةَ‬ ‫فيجب الوقوف َ‬ ‫ُ‬ ‫الشرك‪،‬‬
‫دائر بني البدعة و ّ‬
‫قبورهم ‪-‬أ ّن ذلك ٌ‬
‫نسأل هللاَ البصريَة يف ال ّدين‬
‫للحي بتذكر اآلخرة‪ُ ،‬‬ ‫شرعت‪ :‬إحساانً للموتى ابل ّدعاء هلم‪ ،‬وانتفاعاً ّ‬ ‫القبور إّنا ّ‬
‫والفرقان املبني‪.‬‬

‫أماله‪:‬‬
‫الرباك‬
‫عبدالرمحن بن انصر ّ‬
‫ّ‬

‫‪2‬‬ ‫إعداد‪ :‬اللجنة العلميّة‬

You might also like