You are on page 1of 7

‫ومجد‬

‫أيها المؤمن ون‪ ،‬لكل أمة عظم اء س طّر الت اريخ م آثرهم ّ‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫أعم الهم وخلّد ج زءا من س يَرهم وحي اتهم ليكون وا نبراسا لمن‬ ‫الص َم ِد‪ ،‬الّ ذي لم يلِد ولم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األح د‪ ،‬ال َف رد ّ‬
‫الحم ُد هلل الواح د َ‬
‫بع دهم في علمهم وجه ادهم وأخالقهم‪ .‬ولقد اعت ادت كث ير من‬ ‫وأتوب‬ ‫وأشكره‪،‬‬ ‫أح د‪ ،‬أحم ُده سبحانه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كفوا َ‬
‫يولَ د‪ ،‬ولم يَ ُكن لَه ً‬
‫يوما يوافق يوم‬ ‫ِ‬
‫صص ون ً‬ ‫إحياء ذكرى عظمائها‪ ،‬فيُ َخ ّ‬
‫األمم والملل َ‬ ‫غفره‪ ،‬وأش هد أن ال إل هَ إالَّ اهلل وح َده ال َش َ‬
‫ريك ل ه‪،‬‬ ‫إليه وأس تَ ِ‬
‫مول دهم أو ي وم وف اتهم لت ذكير ش عوبهم وأتب اعهم بس ير ه ؤالء‬ ‫محم ًدا عبد اهلل ورس ولُه وص ِفيُّه وخليلُه وخِ َيرت من‬ ‫وأش هد أن ّ‬
‫العظم اء أمال أن ال يم وت ذك ُرهم وال تُنسى أس ماُؤ هم ط وال‬ ‫األم ةَ‪ ،‬وَت َر َكنا على‬ ‫ِ‬
‫صح ّ‬ ‫خلق ه‪ ،‬بلّغ الرس الة‪ ،‬وأدَّى األمان ة‪ ،‬ونَ َ‬
‫العام‪.‬‬ ‫المحجة البَيض اء‪ ،‬ليلُها كنهاره ا‪ ،‬الَ يزيغ عنها إالَّ هالِ ك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ويم ّر على المس لمين في ه ذا الش هر ش هر ربيع األول ثالثة‬ ‫اهرين‪ ،‬وعلى‬ ‫فص لوات اهلل وس المه َعلي ه‪ ،‬وعلى آل ِه الطيِّبين الطَّ ِ‬
‫مهم ة‪ ،‬هي مولد الن بي وهجرته إلى المدينة ووفات ه‪ .‬وال‬
‫أح داث ّ‬ ‫أص حابه الغُ ِّر المي ِامين‪ ،‬وعلى التَّابعين ومن تبِعهم بإحس ٍ‬
‫ان إلى‬ ‫َ َ‬
‫مهما في حي اة المس لمين‪ ،‬بل وفي‬ ‫ريب أ ّن كالً منها ك ان ح دثًا ًّ‬ ‫ِ‬
‫يوم الدِّين‪.‬‬
‫حي اة الثقلين أجمعين‪ ،‬يق ول اهلل تب ارك وتع الى‪﴿ :‬لََق ْد َم َّن اللَّهُ‬ ‫أوص يكم ونفسي بتق َوى‬ ‫أما بع د‪ :‬فيا أيها اإلخ وة المؤمن ون ِ‬
‫ّ‬
‫ث فِي ِه ْم َر ُس والً ِم ْن َأْن ُف ِس ِه ْم َي ْتلُ وا َعلَْي ِه ْم‬
‫ين ِإ ْذ َب َع َ‬‫ِِ‬
‫َعلَى ال ُْم ْؤ من َ‬ ‫هدي وس ن َِّة نبيّه‬ ‫ِ‬
‫ولزوم ِ‬ ‫الغيب والشهادة‪،‬‬ ‫اهلل سبحانَه وخشيتِه في ِ‬
‫ْح ْك َم ةَ َوِإ ْن َك انُوا ِم ْن َق ْب ُل‬ ‫ْكتَ اب وال ِ‬‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫آيَات ه َو ُي َز ِّكي ِه ْم َو ُي َعلِّ ُم ُه ْم ال َ َ‬ ‫وعلَيكم‬‫عليها بالنواجذ إبَّا َن ه ذه الفتن العمي اء‪َ ،‬‬ ‫ض َ‬ ‫والع ِّ‬
‫َ‬
‫الل ُمبِي ٍن﴾)‪.(2‬‬ ‫ض ٍ‬ ‫لَِفي َ‬ ‫أي َداهي ٍة َدهي اء‪،‬‬ ‫ات َعلَيه للنَّج ِاة ِمن ِّ‬ ‫باالس ِ‬
‫تقامة َعلَى ِدينِه والثب ِ‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون‪ ،‬ففي شهر ربيع األول ولد أفضل خلق‬ ‫ث ال‬ ‫﴿ َو َم ْن َيت َِّق اللَّهَ يَ ْج َع ْل لَ هُ َم ْخ َر ًجا َو َي ْر ُزقْ هُ ِم ْن َح ْي ُ‬
‫األمي العربي‬
‫اهلل في هذا الوجود‪ ،‬ولد الرسول العالمي‪ ،‬والنبي ّ‬ ‫ب﴾)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫يَ ْحتَس ُ‬
‫محم ٌد بن عبد اهلل ليك ون خ اتم النب يين وإماما للمتقين والرحمة‬
‫إلى عُلَماء‪ ،‬ومن رعاة للغنم إلى ٍ‬
‫قادة لألمم‪ .‬فلقد ألَّف بينهم هذا‬ ‫المه داة للع المين‪ ،‬والحجة على الخالئق أجمعين‪ ،‬فش رفت به‬
‫الرس ول الك ريم بعد أن ك انوا أحزابا متن احرة وقبائ َل متعادية‬ ‫األرض واستبشر به من وفّقه اهلل للهداي ة‪ .‬اص طفاه اهلل وربّ اه‬
‫يأكل الق وي منهم الض عيف‪ ،‬فجمع كلمتهم تحت راية اإلس الم‪،‬‬ ‫ليك ون ق دوة له ذه األمة وبش يرا ون ذيرا وداعيا إلى اهلل وس راجا‬
‫وانتزع من قلوبهم الضغائن واألحقاد‪ ،‬فخرجوا خير أمة أخرجت‬ ‫من يرا‪ ،‬فبلّغ الرس الة‪ ،‬ونصح األم ة‪ ،‬وجعلها على المحجة‬
‫للناس‪ ،‬يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‪ .‬فخرجت الدولة‬ ‫صلى هللا‬ ‫البيضاء‪ ،‬ليلُها كنهارها‪ ،‬ال يزيغ عنها إال هالك‪ ،‬حتى قال‬
‫ونورها نصف األرض‪ ،‬فهل‬ ‫اإلس المية الك برى ال تي غمر ع دلُها ُ‬ ‫لم‪(( :‬كل أم تي ي دخلون الجنة إال من أبى))‪ ،‬فق الوا‪ :‬يا‬ ‫عليه وس‬
‫يحت اج المس لمون إلى إحي اء ذك رى ميالد ن بيِّهم محم ٍ‬
‫د صلى هللا‬ ‫رس ول اهلل‪ ،‬ومن ي أبى؟! ق ال‪(( :‬من أط اعني دخل الجن ة‪ ،‬ومن‬
‫مر التاريخ؟‬
‫فعل بالعظماء على ّ‬
‫عليه وسلم أسوة بما يُ َ‬ ‫عصاني فقد أبى)) )‪.(3‬‬
‫دره لك ريم‪ ،‬فلقد‬ ‫َّ‬
‫إن ش أن رس ول اهلل عند اهلل لعظيم‪ ،‬وإن قَ َ‬ ‫وض رب وج ِرح وهو ي دعو الن اس إلى‬
‫ودي ُ‬
‫أوذي وع َ‬
‫ولقد َ‬
‫اخت اره اهلل تع الى واص طفاه على جميع البشر َّ‬
‫وفض له على جميع‬ ‫اهلل‪ ،‬وقال عنه الظالمون‪ :‬إن تتبعون إال رجال مسحورا‪ .‬وما زال‬
‫األنبي اء والمرس لين‪ .‬وش رح له ص دره‪ ،‬ورفع له ذك ره‪ ،‬ووضع‬ ‫يت نزل عليه الق رآن آية بعد آية وهو يُرشد األمة إلى أش رف‬
‫عنه وزره‪ ،‬وأعلى له ق دره‪ ،‬له ذا تك ّفل اهلل ع َّز وجل بإحي اء اسم‬ ‫مقصد وأس مى غاية فظهر الح ّق وزهق الباط ل‪ .‬وما إن اس تجاب‬
‫لم‬
‫إن المس َ‬‫محم ٍد على ألس نة أتباعه من المس لمين ح تى َّ‬ ‫خليله ّ‬ ‫العرب إلى نداء رسولهم حتى انتقلوا من حال خير من حالهم‪،‬‬
‫ومآل خير من مآلهم‪ ،‬فتحولوا من ضعف إلى قوة‪ ،‬ومن ُجهالء‬

‫‪ - 1‬الطالق‪.3 ،2 :‬‬
‫‪ - 2‬آل عمران‪.164 :‬‬
‫‪ - 3‬رواه البخاري‪.‬‬
‫شخص ية رس ولهم وق دوتهم ويَدرس وا س يرتَه ويت دبَّروا كالمه‬ ‫ليردد اسم نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم في الي وم والليلة أك ثر من‬
‫ّ‬
‫والقرآن الذي نزل عليه‪ ،‬وأن يُتابعوا الطريقة التي بنى بها األمة‬ ‫ٍ‬
‫مائة وسبعين مرة‪.‬‬
‫المس لمة‪ ،‬وأن ي روا كيف ربى ه ذا الن بي الك ريم على تع اليم‬ ‫وإذا علمنا أن ّأمة اإلس الم قد ف اق ع ددها الملي َار وربع‬
‫اإلس الم جماع ةً عاشت ده را ط ويال في أعم اق الص حراء ك انت‬ ‫محمد ص لى هللا عليه وس لم يُ ذكر في‬ ‫الملي ار فمع نى ه ذا َّ‬
‫أن اس َم ّ‬
‫أمم ال دنيا تُق ارع‬
‫منب وذة من بين األمم‪ ،‬ف إذا هي باإلس الم أرقى ُ‬ ‫اليوم والليلة أكثر من مائة وسبعين مليار مرة‪ ،‬فهل تجدون ملِكا‬
‫إم براطو ِر َيتَي ف ارس وال روم‪ .‬وما ذاك إال ألن س لف ه ذه األمة‬ ‫أو رئيس دولة في الع الم من ي ذكر اس مه به ذا الع دد؟ ليس في‬
‫جعل وا الن بي ق دوتهم في ك ّل ش يء ونبراسا لهم في كل طري ق‪،‬‬ ‫الي وم الواح د‪ ،‬بل في الع ام الواح د؟ بل في عمر الزم ان كلِّه؟‬
‫فنص رهم اهلل على ش ياطينهم وعلى أه وائهم‪ ،‬فانتص روا بعد ذلك‬ ‫ك‬ ‫﴿و َر َف ْعنَا لَ َ‬
‫هك ذا رفع اهلل ذكر محمد وص دق اهلل حين ق ال‪َ :‬‬
‫على أعدائهم‪.‬‬ ‫ِذ ْك َر َك﴾)‪ ،(4‬وما ذلك إال لنجعله أسوة لنا في كافة شؤون حياتنا‪،‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬لََّق ْد َكا َن لَ ُكم فِي رس ِ ِ‬
‫أما في وقتنا المعاصر فقد اس تبدل كث ير من الن اس بق دوتهم‬ ‫س نَةٌ ل َّمن َك ا َن‬ ‫ول ٱللَّه ْ‬
‫ُأس َوةٌ َح َ‬ ‫ْ َُ‬
‫بعض وس ِ‬
‫ائل‬ ‫وأس وتهم ص لى هللا عليه وس لم قُ ٍ‬ ‫يرجو ٱللَّه وٱلْيوم ِ‬
‫ٱآلخ َر َوذَ َك َر ٱللَّهَ َكثِ ًيرا﴾)‪.(5‬‬
‫لـمعتهم ُ‬ ‫دوات زائفة َّ‬ ‫َْ ُ َ َ َ ْ َ‬
‫وم المجتمع‬
‫اإلعالم المختلفة العربية واإلس المية‪ ،‬فس ّمتهم نج َ‬ ‫بي محم ًدا ص لى هللا عليه وس لم واجبه أن يعمل‬ ‫أحب الن َّ‬
‫إن من َّ‬
‫وهم ليس وا أهال ل ذلك‪ ،‬ف ُقلبت م وازين الفض يلة عند كث ير من‬ ‫بس نته المطه رة‪ ،‬وأن ينش رها بين الن اس ل يزداد ذكر اسم الن بي‬
‫أي مقابلة‬
‫الن اس‪ .‬وإذا أردت أن تتأ ّكد من ذلك فاس مع إلى ّ‬ ‫محمد ص لى هللا عليه وس لم‪ .‬إن واجب المس لمين الي وم حكوم ٍ‬
‫ات‬
‫مغن أو ممثّل أو العب تجدهم يسألون هؤالء‬
‫تجرى مع فنان أو ٍّ‬
‫َ‬ ‫وش عوبا بمناس بة ذك رى مولد الن بي أن يج ددوا ت أملهم في‬

‫‪ - 4‬الشرح‪.4:‬‬
‫‪ - 5‬األحزاب‪.21:‬‬
‫نرددها‬
‫إن اإليم ان برس ول اهلل وحبَّه ليس مج ّرد كلم ات ّ‬ ‫أس ئلة دقيقة عن حي اتهم الشخص ية ك أنهم يق ابلون أحد علم اء‬
‫ونتغنّى بها وننسج حوله القص ائد والم دائح واألش عار ثم ال‬ ‫تهم المس لمين وال تح ّل قض اياهم‪،‬‬
‫األمة وق دواتها‪ ،‬أس ئلة ال ّ‬
‫تتح ّول مقتض يات ه ذا اإليم ان في حياتنا إلى واقع وس لوك‪ .‬بل‬ ‫وإنما تزيدهم غفلة فوق غفلتهم ولهوا إلى لهوهم‪.‬‬
‫قد أمرنا صلى هللا عليه وس لم أن نطبّق المنهج ال ذي ن زل عليه فق ال‬ ‫إننا نُ ِ‬
‫خطُئ كثيرا في التعبير عن ُحبنا وتعظيمنا لرسولنا محمد‬
‫يما َش َج َر‬ ‫ك ال يْؤ ِمنُ و َن حتَّى يح ِّكم َ ِ‬
‫وك ف َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫جل وعال‪﴿ :‬فَال َو َربِّ َ ُ‬ ‫ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬فليس حبه بجعل ي وم ميالده عي دا رس ميا‪ ،‬أو‬
‫س لِّ ُموا‬
‫ت َويُ َ‬ ‫َب ْيَن ُه ْم ثُ َّم ال يَ ِج ُدوا فِي َأن ُف ِس ِه ْم َح َر ًجا ِم َّما قَ َ‬
‫ض ْي َ‬ ‫فرحا شكليّا كما تفعله بعض الدول والمجتمعات اإلسالمية‪ ،‬إنما‬
‫يما﴾)‪.(6‬‬ ‫ِ‬
‫تَ ْسل ً‬ ‫كل ما يخالف شرعه‪ ،‬وأن يك ون‬
‫حبه يتمثل في امتثال أمره ونبذ ّ‬
‫وإن ما نس معه وما ن راه عن ه ذه الص ور والرس وم‬ ‫القدوة الحقيقية للمسلمين‪.‬‬
‫الكاريكاتورية المسيئة لشخص رسولنا محمد صلى هللا عليه وسلم ما‬ ‫ها هي كث ير من دول الع الم اإلس المي قد جعلت ي وم مول ده‬
‫ار نابع ةٌ من الكف رة الفج رة ومن أعم اق قل وبهم‬
‫هي إال أفك ٌ‬ ‫إج ازة رس مية تق ام فيه احتف االت ومهرجان ات زعما أنها تح يي‬
‫المظلمة فهي تعكس تماما ما تكن ص دوهم من الحقد والجه ل‪،‬‬ ‫ب ذلك ذك رى مولد الن بي ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬وفي المقابل تراها‬
‫وإننا لنت برؤ إلى اهلل تع الى منهم جميعا ومن أعم الهم‪ .‬بل ولعله‬ ‫تجاهر بكبائر الذنوب ليل نهار وتحارب سنته وتسجن العلماء‬
‫من جهة أخ رى هي تعكس ح ال بعض المس لمين هنا وهن اك‬ ‫ال ذين ي دعون إلى تعاليمه وت رفض االحتك ام لش رعه وتحتكم‬
‫فتص ِّور لنا حقيقتهم في ه ذه الحي اة‪ ،‬فبعض ه ؤالء المس لمين لم‬ ‫صلى هللا‬ ‫بش رع غ يره‪ ،‬فكيف يس وغ لهم أن يم دحوا ذات الن بي‬
‫يفهم وا الحق كما ش رع وال ال دين كما ن زل ليطبق وا تعاليمه‬ ‫شرع الذي نزل عليه؟! إنها موازين مقلوبة‪.‬‬
‫عليه وسلم ويذموا ال ّ‬
‫ويجس دوها في حي اتهم من حيث هو منهج حي اة‪ ،‬بل اكتف وا‬

‫‪ - 6‬النساء‪.65:‬‬
‫رد على أعقابن ا‪،‬‬
‫ف اللهم إنا نع وذ بك أن نفتَن في ديننا أو ن ّ‬ ‫بالش عارات واأللق اب واكتف وا بانتم ائهم إلى حض يرة اإلس الم‬
‫اللهم اجعلنا من جن ود نبينا محمد ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬واجعلنا من‬ ‫وانتسابهم إلى خير األنام وأعمالهم مناقضة له تماما‪ ،‬فمثل هؤالء‬
‫أتباعه وممن يقتدون بسنته وال يخالفون أمره‪ ،‬إنك أنت الرؤوف‬ ‫هم ال ذين أس اؤوا أيما إس اءة إلى ش خص الرس ول الك ريم وإلى‬
‫الرحيم‪.‬‬ ‫س معة ال دين كل ه‪ .‬وال أشك أن مص در ه ذا هو اعتق اد بعض‬
‫أق ول ق ولي ه ذا‪ ،‬وأس تغفر اهلل العظيم لي ولكم ولس ائر‬ ‫المس لمين أنه من ق ال ال إله إال اهلل دخل الجنة وإن زنى وإن‬
‫المسلمين‪ ،‬فاستغفروه وتوبوا إليه‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬ ‫سرق‪ ،‬ففصلوا بين الدين من حيث هو المنهج والعمل والسلوك‬
‫الذي يسير بمقتضاه‪ .‬وال عجب إن كان االعتقاد فاسدا فال يلد‬
‫إال أعماال فاسدة وال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬
‫من على المؤم نين إذ بعث فيهم رس وال من‬
‫الحمد هلل ال ذي ّ‬ ‫أيها اإلخوة في اهلل‪ ،‬لقد أخبرنا اهلل عز وجل في كتابه الكريم‬
‫أنفس هم يتلو عليهم آيته وي زكيهم ويعلمهم الكت اب والحكمة‬ ‫أ ّن من رفع ص وته ف وق ص وت الن بي س يحبط عمله فق ال تع الى‪:‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال‬ ‫َأص واتَ ُكم َف و َق ص و ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وإن ك انوا من قبل لفي ض الل م بين‪ ،‬وأش هد أن ال إله إال اهلل‬ ‫آمنُ وا ال َت ْر َفعُ وا ْ َ ْ ْ َ ْ‬ ‫ين َ‬ ‫﴿يَا َُّأي َها الذ َ‬
‫نعمه‬ ‫ط َأ ْع َم الُ ُك ْم‬ ‫ض ُك ْم لَِب ْع ٍ‬
‫ض َأ ْن تَ ْحبَ َ‬ ‫تَ ْج َه روا لَ هُ بِ الْ َقو ِل َكج ْه ِر ب ْع ِ‬
‫وحده ال شريك له إله األولين واآلخرين‪ ،‬أسبغ على عباده َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ووس عهم برحمته وهو أرحم ال راحمين‪ ،‬وأش هد أن محم دا عب ده‬ ‫مجرد رفع الص وت على رسول اهلل‬ ‫ّ‬ ‫إن‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫َوَأْنتُ ْم ال تَ ْش عُ ُرو َن﴾‬
‫ورسوله الذي أرسله ربّه ليكون قدوة للناس أجمعين‪ ،‬يخرجهم‬ ‫يحبط العم ل‪ ،‬فكيف بال ذين يخ الفون أم ره بل ويح اربون أتباعه‬
‫من الظلم ات إلى الن ور الم بين‪ ،‬ص لى اهلل عليه وعلى آله‬ ‫ويس َخرون منهم ويغيّرون أنظمة حكمهم إرضاء ألعدائهم‪.‬‬

‫‪ - 7‬الحجرات‪.2:‬‬
‫عز وجل منا ﴿ِإ ْن ُك ْنتُ ْم تُ ِحبُّو َن اللَّهَ فَ اتَّبِعُونِي يُ ْحبِْب ُك ْم اللَّهُ َو َيغْ ِف ْر‬ ‫وأص حابه الط اهرين من اتهام ات المبتدعة والمنح رفين وس لّم‬
‫ِ‬
‫لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َواللَّ هُ غَ ُف ٌ‬
‫)‪(8‬‬
‫كرم بالمدح والثناء‬ ‫يم﴾ ‪ ،‬ال أن يُ َّ‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫تسليما كثيرا‪.‬‬
‫فقط والقلوب خاوية من حبّه وجوارحنا بعيدة عن اتباعه وتطبيق‬ ‫أما بعد‪ :‬فاتقوا اهلل ـ عباد اهلل ـ وأطيعوه‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم‬
‫سنته‪.‬‬ ‫ويغفر لكم ذنوبكم‪.‬‬
‫أيها اإلخ وة في اهلل‪ ،‬لن برهن على االقت داء بنبين ا‪ ،‬فنتخلّق‬ ‫ثم اعلم وا أن لرس ول اهلل ًّ‬
‫حقا في طاعت ه‪ ،‬فهو أس وة لكل‬
‫بأخالق ه‪ ،‬ونعمل بس نته‪ ،‬يكن لنا ما ك ان ألس الفنا‪ ،‬فمن أط اع‬ ‫المس لمين‪ ،‬فبكرامته وش رف منزلته عند اهلل عز وجل كنا خ ير‬
‫رس ول اهلل دخل الجن ة‪ ،‬ومن عص اه فقد أبى‪ ،‬ومن أبى دخل‬ ‫أمة أخ رجت للن اس‪ ،‬فهو رس ول رحيم بن ا‪ ،‬ت ّوج اهلل به الزم ان‬
‫النار‪.‬‬ ‫وختم به األدي ان‪ ،‬قضى كل وقته ي دعو أمته إلى الهداي ة‪ ،‬ذلكم‬
‫اللهم إنا نعوذ بك من كل عمل يخزينا‪ ،‬ومن كل أمل يلهينا‪،‬‬ ‫هو نبي هذه األمة صاحب اللواء المعقود والحوض المورود‪.‬‬
‫ومن كل فقر ينسينا‪ ،‬ومن كل غنى يطغينا‪...‬‬ ‫بي به ذه الص فات وبه ذه المنزلة لج دير أن يق َّدم قوله على‬
‫ن ّ‬
‫محمد‪،‬‬
‫‪ ‬اللهم ال تعاقبنا بتقصيرنا في ح ّق خليلك ورسولك ّ‬ ‫حب النفس والم ال والول د‪،‬‬
‫ك ّل مخل وق‪ ،‬وأن يجعل حبّه ف وق ّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم ووفقنا لإليمان به والعمل بما دلَّنا عليه‪ ،‬وإلى‬ ‫وأن تجنّد النف وس واألم وال لنص رة ش ريعته ونش رها بين الن اس‬
‫الذود عنه وعن شريعته‪ ،‬حتى نَ ِرد حوضه المورود ويسقينا بيده‬ ‫كما فعل السلف الصالح‪.‬‬
‫الشريفة شربة ال نظمأ بعدها أب ًدا وتنفعنا بشفاعته يوم العرض‬ ‫إن س ّر انتص ار المؤم نين األولين هو امتث الهم ألوامر اهلل عز‬
‫عليك فال تسخط علينا أب ًدا‪.‬‬ ‫وجل وأوامر رسوله قوال وعمال‪ ،‬هذا هو الحب الذي يطلبه اهلل‬

‫‪ - 8‬آل عمران‪.31:‬‬
‫وصلوا وسلموا ـ يا عباد اهلل ـ على من أمركم اهلل بالصالة‬
‫صلُّو َن َعلَى‬ ‫ِئ‬
‫والسالم عليه فقال جل وعال‪ِ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ َو َمال َكتَهُ يُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يما﴾)‪.(9‬‬ ‫صلُّوا َعلَْيه َو َسلِّ ُموا تَ ْسل ً‬
‫آمنُوا َ‬
‫ين َ‬
‫النَّب ِّي يَا َُّأي َها الذ َ‬
‫عباد اهلل‪ ،‬إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى‬
‫وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون‪،‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‬

‫‪ - 9‬األحزاب‪.56:‬‬

You might also like