You are on page 1of 8

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫ما أثارك بعد الموت ؟!‬

‫باقيا على مر الدهور والسنين‪ ،‬والصالة والسالم على نبيه‬


‫حمدا ً‬
‫ً‬ ‫الحمد هلل رب العالمين؛‬
‫الكريم األمين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد‪:‬‬
‫أخي الكريم ‪:‬‬

‫انك في هذه الحياة الدنيا من حين استقرت قدمك على األرض وأنت مسافر> إلي اهلل عز‬
‫وان مدة سفرك هي عمرك الذي كتبه اهلل عز وجل لك ‪،‬‬‫وجل ‪ ،‬مسافر> إلى الدار اآلخرة ‪َّ ،‬‬
‫واأليام والليالي مراحل هذا السفر ‪ ،‬فكل يوم وليلة مرحلة من هذه المراحل ‪ ،‬فال تزال تطويها‬
‫مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر ‪.‬‬

‫المحرما‬
‫ّ‬ ‫ولم تحترم فيمـا أتيت‬ ‫لهوا وغفلةً‬
‫قطعت شهور العمر ً‬
‫صوما متمما‬
‫ً‬ ‫وال صمت شهر الصوم‬ ‫فال رجب وافيت فـيه بحقه‬
‫قواما وال كنت محرما‬
‫مضى كنت ً‬ ‫وال في ليالي عشر ذي الحجة الذي‬
‫حسرة وتندما‬
‫ً‬ ‫وتبكي عـليها‬ ‫فهل لك أن تمحي الذنوب بـ ٍ‬
‫توبة‬
‫‪ ‬‬
‫أخي الكريم ‪:‬‬
‫هب أنك مت اآلن ؟‬
‫أخبرني ما هي أثارك بعد الموت ؟‬
‫ما هي األعمال المباركة التي ستنسب إليك بعد موتك ‪،‬وستنال عليها أجراً عظيماً؟‬
‫ما هي آثارك الخيَّرة في هذه الحياة؟‬
‫من ال أثر له ال وجود له ‪ ,‬من ال أثر له ال حياة له ‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪:‬‬
‫إَّن األعمار مضروبة ‪ ،‬و اآلجال مقسومة ‪ ،‬و كل واحد منا قد قُسم له نصيبه في هذه الحياة ‪،‬‬
‫فهذا يعيش خمسين سنة ‪ ،‬و ذاك يعيش ستين سنة ‪ ،‬و ذاك يعيش عشرين سنة ‪،‬و أنت منذ أن‬
‫خرجت إلى الدنيا ‪ ،‬و أنت تهدم في عمرك و ُتنقص من أجلك‪.‬‬
‫أخي الكريم ‪:‬‬

‫هب أنك اآلن في عداد الموتى‪.‬‬


‫ما هي الكلمات التي تتوقع أن يصفك الناس بها بعد موتك ؟‬

‫هل سألت نفسك‬


‫ما هو المشروع الذي تريد أن يُثبت في صحيفة عملك بعد وفاتك؟‬
‫تأمل مشوار حياتك‬
‫كم مسلماً علّمته من الخير ؟‬
‫كم تائهاً إلى طريق الخير هديت ؟‬
‫كم كلمةً طيبة غرست؟‬
‫كم حديثاً عن النبي صلى اهلل عليه وسلمبلّغت ؟‬
‫مرة بين متخاصمين أصلحت ؟‬ ‫كم ٍ‬

‫أخي الكريم‪:‬‬
‫الناس في رحلتهم خاسرون إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا‬
‫بالصبر‪.‬‬
‫فكن ذلك الرجل المبارك في حله وترحاله ‪ ،‬كالغيث أينما وقع نفع ‪ ,‬وليكن لك قلبٌ عامر‬
‫وعقلٌ يثابر ‪.‬‬
‫تقي خفي ‪ ،‬نقي أبي ‪.‬‬
‫ُ‬
‫نفعه متعد ‪ ،‬وخيره عام ‪.‬‬
‫يتجذر هداه في كل أرض أقام فيها ‪.‬‬
‫إذا قال أسمع ‪ ،‬وإذا وعظ جعل القلوب لربها تخشع ‪.‬‬

‫علوي‬ ‫ثماني الحياء ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ّ‬ ‫ري الشكيمة ‪ُ ،‬ع ّ‬
‫يقي اإليمان ‪ ،‬عُ َم ّ‬
‫الخلق ‪ ،‬ص ّد ّ‬
‫حمدي ُ‬
‫كن مسلماً ُم َّ‬
‫الصالبة‪. .‬‬

‫مات قوم وما ماتت مكارمهم>‪ ***  ‬وعاش قوم وهم في الناس أموات‬

‫يقول جل وعال على لسان إبراهيم عليه السالم ‪-:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْح ْقنِي بِ َّ ِ ِ‬
‫ب َهب لِي ح ْكماً وَأل ِ‬
‫اج َعل لِّي ل َسا َن ص ْدق في اآلخ ِر َ‬
‫ين} الشعراء‪84-83‬‬ ‫ين * َو ْ‬
‫الصالح َ‬ ‫ُ َ‬ ‫{ َر ِّ ْ‬
‫يقول الطبري في تفسيرها ‪:‬‬
‫حسنا‪ ،‬بـاقـياً فـيـمن يجيء من القرون بعدي"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ذكرا جميالً‪ ،‬وثناءً‬
‫"واجعل لـي فـي الناس ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اج َعل لِّي ل َسا َن ص ْدق في اآلخ ِر َ‬
‫ين } ال بأس‬ ‫روى أشهب عن مالك قال قال اهلل عز وجل‪َ { :‬و ْ‬
‫ويرى في عمل الصالحين إذا قصد به وجه اهلل تعالى؛ وقد‬ ‫أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحاً ُ‬
‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات‬ ‫آمنُواْ َو َعملُواْ َّ َ‬ ‫ك َم َحبَّةً ِّمنِّي} (طه‪ )39 :‬وقال‪ِ{ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫قال اهلل تعالى‪َ { :‬وَألْ َق ْي ُ‬
‫ت َعلَْي َ‬
‫الر ْح َم ُـن ُو ّداً} (مريم‪ )96 :‬أي حبا في قلوب عباده وثناء حسنا‪ ،‬فنبّه تعالى بقوله‪:‬‬ ‫َسيَ ْج َع ُل ل َُه ُم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين }‬ ‫اج َعل لِّي ل َسا َن ص ْدق في اآلخ ِر َ‬ ‫{ َو ْ‬
‫قال ابن العربي‪ :‬قال المحققون من شيوخ الزهد في هذا دليل على الترغيب في العمل الصالح‬
‫الذي يكسب الثناء الحسن‪.‬‬

‫ص ْينَاهُ فِي‬ ‫وقال تعالى‪ِ{ :‬إنَّا نَحن نُحيِي الْموتَى ونَ ْكتب ماَ قَدَّمواْ وآثَارهم و ُك َّل ٍ‬
‫َأح َ‬
‫شيء ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ُ ُ َ ُ َ َُ ْ َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫ِإ َم ٍام ُّمبِي ٍن }‪.‬‬
‫َّمواْ أي في حياتهم َوآثَ َار ُه ْم أي ما تركوه بعد وفاتهم‪.‬ونظيره قوله‪َ { :‬علِ َم ْ‬
‫ت‬ ‫ب َماَ قَد ُ‬ ‫َونَ ْكتُ ُ‬
‫ِئ ِ‬
‫َّر } (القيامة‪،)13 :‬‬ ‫نسا ُن َي ْو َم ذ بِ َما قَد َ‬
‫َّم َوَأخ َ‬ ‫ت } (االنفطار‪ )5 :‬وقوله‪ُ { :‬ينَبَُّأ اِإل َ‬ ‫َّر ْ‬
‫ت َوَأخ َ‬ ‫َّم ْ>‬
‫س َّما قَد َ‬‫َن ْف ٌ‬
‫ت لِغَ ٍد} (الحشر‪) 18 :‬‬ ‫َّم ْ‬ ‫َّ‬
‫وقال‪َّ { :‬ات ُقواْ اللهَ َولْتَنظُْر َن ْف ٌ‬
‫س َّما قَد َ‬
‫فآثار المرء التي تبقى وتذكر بعد اإلنسان من خير أو شر يجازى عليها‪ :‬من أثر حسن؛ ٍ‬
‫كعلم‬
‫ٍعلَّموه‪ ،‬أو كتاب صنَّفوه‪،‬أو بناءٍ بنوه من مسجدٍ أو ِرباط أو نحو ذلك‪ .‬أو أث ٍر سيء كإعانة‬
‫ظالم ‪ ، ,‬أو ص ّد عن سبيل اهلل ‪,‬أو غير ذلك مما يُغضب اهلل وتبقى آثاره ‪,‬وقيل ‪:‬المراد بها في‬
‫المشاءين إلى المساجد‪.‬‬ ‫اآلية آثار َّ‬

‫ولقد قال صلى اهلل عليه وسلم كما في الصحيح‪َ (( :‬م ْن َس َّن في اِإل ْسالم ُسنةً َحسنةً َفلَهُ> ْ‬
‫َأج ُر َها‪،‬‬
‫وم ْن َس َّن في اِإل ْس ِ‬
‫الم ُسنَّةً‬ ‫ِ‬ ‫وَأجر من عمل بِها ِمن بع ِد ِه ِمن غَي ِر َأ ْن ي ْن ُق ِ‬
‫ُأجوره ْم َشيءٌ ‪َ ،‬‬ ‫ص م ْن ُ‬‫َ‬ ‫ُْ ْ َ َ َ ْ َْ ْ ْ‬
‫زر من ع ِمل بِها ِمن بعده ِمن غَي ِر َأ ْن ي ْن ُق ِ‬
‫شيءٌ )) رواه‬
‫زارهم َ ْ‬
‫ص م ْن َْأو ْ‬ ‫َ َ‬ ‫سيَّئةً َكا َن َعليه ِو ْزرها َو ِو ُ> َ ْ َ َ َ ْ ْ ْ ْ‬
‫مسلم ‪.‬‬

‫وقد ذكر الرسول صلى اهلل عليه وسلم أموراً سبعة ً يجري ثوابها على اإلنسان في قبره بعد ما‬
‫يموت ‪ ,‬وذلك فيما رواه البزار في مسنده من حديث أنس بن مالك ‪ ‬أن النبي صلى اهلل عليه‬
‫سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته ‪:‬من َعلّم علماً‪ ,‬أو أجرى نهراً ‪,‬‬ ‫وسلم قال ‪ٌ (( :‬‬
‫ورث مصحفاً ‪ ,‬أو ترك ولداً يستغفر له بعد‬ ‫أو حفر بئراً ‪ ,‬أو غرس نخالً ‪ ,‬أو بنى مسجداً ‪ ,‬أو ّ‬
‫موته )) حسنه األلباني رحمه اهلل في صحيح الجامع برقم ‪3596:‬‬

‫وروى ابن ماجه من حديث أبي هريرة ‪ ‬قال قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫(( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره ‪ ,‬وولداً صالحاً تركه ‪,‬‬
‫ومصحفاً> ورثه أو مسجداً بناه ‪ ,‬أو بيتاً البن السبيل بناه ‪ ,‬أو نهراً أجراه ‪ ,‬أو صدقةً أخرجها من‬
‫ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته ))حسنه األلباني رحمه اهلل في صحيح ابن ماجه برقم ‪198‬‬

‫اآلثار بعد الموت‬

‫‪-1‬عل ٌم علّمه ونشره‪:‬‬

‫إن اإلس >>الم حث على العلم ورغّب في >>ه‪ ،‬وجعل طلبه فرضا على التع >>يين أو الكفاي >>ة‪ ،‬وه >>ذا‬
‫يقتضي أن يكون هناك علماء يعلمون‪ ،‬وطالب علم يتعلمون‪.‬‬

‫وقد أخذ اهلل الميثاق على العلم>اء أن يعلّم>وا العلم وال يكتم>وه‪ ،‬ق>ال تع>الى‪َِ{ :‬إذَ َأ َخ> َذ اللّ>هُ ِميثَ>ا َق‬
‫اب لَتَُبِّيُننَّهُ لِلن ِ‬
‫َّاس َوالَ تَ ْكتُ ُمونَهُ } آل عمران>‪.187:‬‬ ‫ِ‬
‫ين ُأوتُواْ الْكتَ َ‬
‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫ِ‬ ‫وتو ّعد ال>>ذين يكتم>>ون فق>>ال‪{ :‬إ َّن الَّ ِذين ي ْكتُم>>و َن ما َأنزلْنَا ِمن الْبِّينَ> ِ‬
‫>ات َوال ُْه> َدى من َب ْع> ِ>د َما َبَّينَّاهُ‬ ‫ََ ُ َ َ َ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫>اب ُأولَـِئ َ‬ ‫لِلن ِ‬
‫َّاس فِي ال ِ‬
‫لعُن ُه ُم اللّ > >>هُ َو َيل َْعُن ُه ُ>م الاَّل عنُ > >>و َن ِإالَّ الذ َ‬
‫ين تَ > >>ابُواْ َوَأ ْ‬
‫ص> > >لَ ُحواْ َو َبَّينُ > >>واْ‬ ‫ك يَ َ‬ ‫ْكتَ > > ِ‬
‫َّواب َّ ِ‬ ‫فَ ُْأولَـِئ َ‬
‫يم} البقرة‪.160-159:‬‬ ‫الرح ُ‬ ‫وب َعلَْي ِه ْم َوَأنَا الت َّ ُ‬
‫ك َأتُ ُ‬

‫رغب يف نشر العلم وتعليمه‪ ،‬فكان يقول‪:‬‬ ‫ولقد كان صلى اهلل عليه وسلم يُ ِّ‬
‫((بلِّغُوا َعنِّي ول َْو آيَةً )) رواه البخاري ‪.‬‬
‫ب مبلَّ ٍغ أوعى ِمن ِ‬ ‫((نَضَّر اللَّه امرءاً ِ ِ‬
‫الرتمذي‬
‫ُّ‬ ‫سامع )) ‪ .‬رواهُ‬
‫ْ َ‬ ‫سمع منا َش ْيئاً ‪َ ،‬فبلَّغَهُ كما َس َ‬
‫معهُ َف ُر َّ ُ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حيح ‪.‬‬
‫ص ٌ‬ ‫سن َ‬
‫حديث َح ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وقال ‪:‬‬

‫ُأجو ِر ِهم َش ْيئاً))‬ ‫((من َدعا ِإلَى ه ًدى َكا َن لَه ِمن اَألج ِر ِمثْل ُأجو ِر من تَبِعه ال ي ْن ُقص ذلِ َ ِ‬
‫رواه‬ ‫ك م ْن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ُ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫مسلم‬

‫ِ‬
‫الد ْنيَا َملْعُونَةٌ ‪َ ،‬ملعون َما فيها ‪ِ ،‬إالَّ ذ ْك َر اللَّه تعالى ‪َ ،‬‬
‫وما َواالَه َوعالماً َو ُمتَعلِّماً> )) ‪.‬‬ ‫(( َأالَ ِإ َّن ُّ‬

‫حسن ‪.‬‬
‫حديث ٌ‬
‫ٌ‬ ‫رواه الرتمذي وقال ‪:‬‬
‫صلُّو َن‬ ‫الس ِ‬ ‫إن اللَّه ومالِئ َكتَهُ ْ‬‫(( َّ‬
‫وت لَيُ َ‬ ‫واألرض حتَّى الن َّْملَةَ في ُج ْح ِر َها وحتى ُ‬
‫الح َ‬ ‫ِ‬ ‫موات‬ ‫وَأه َل َّ‬
‫سن ‪.‬‬ ‫ديث َح ٌ‬ ‫خ ْي ْر)) رواهُ الرتمذي َ‬
‫وقال ‪َ :‬ح ٌ‬ ‫َعلى ُمعلِّ ِمي الن ِ‬
‫َّاس ال َ‬
‫فيا ش>>>باب اإلس>>>الم‪ ،‬تعلّم>>>وا وعلّم>>>وا‪ ،‬ف>>>إن ه>>>ذا واهلل جه >>اد عظيم‪ ،‬ق >>ال اهلل تع >>الى‪َ { :‬و َما َك>>ا َن‬
‫ال ُْمْؤ ِمنُو َن لِيَ ِنف ُرواْ َكآفَّةً َفلَ ْوالَ َن َف َر ِمن ُك ِّل فِ ْرقَ ٍة ِّم ْن ُه ْم طَآِئَف> ةٌ لِّيََت َف َّق ُه>>واْ فِي ال>>دِّي ِن َولِيُن> ِ>ذ ُرواْ َق> ْ>و َم ُه ْم‬
‫ن }التوبة‪122‬‬ ‫ِإذَا َر َجعُواْ ِإل َْي ِه ْم ل ََعلَّ ُه ْم يَ ْح َذ ُرو َ‬

‫وق >>ال مع >>اذ بن جبل ‪" :‬تعلم >>وا العلم ف >>إن تعلمه هلل خش >>ية‪ ،‬وطلبه عب >>ادة‪ ،‬ومدارس >>ته تس >>بيح‪،‬‬
‫والبحث عنه جهاد‪ ،‬وتعليمه من ال يعلمه صدقة‪ ،‬وبذله ألهله قربة"‪.‬‬

‫واهلل – يا ط>>الب العلم – ((ألن يه>>دي اهلل بك رجال واح>>داً خ>>ير لك من حمر النعم)) متف ; ٌ;ق علي ; ِ;;ه‪،‬‬
‫ويظل أجر ما ق ّدمت من التعليم‪ ،‬وما أخرت من العلم‪ ،‬يأتيك إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهنيئا لك تموت‬

‫‪ -2‬ول ٌد صالح تركه‪:‬‬

‫وه>>ذا اإلطالق يفيد انتف>>اع الوالد بول>>ده الص>>الح س>>واء دعا له أم ال‪ .‬كمن غ>>رس ش>>جرةً‬
‫>واء دعا له من أكل أم لم ي>>دع‪ .‬فالوالد‬
‫فأكل منها الن>>اس‪ ،‬فإنه يحصل له بنفس األكل ث>>واب‪ ،‬س> ً‬
‫ينتفع بص>>الح ول>>ده مطلق >اً‪ ،‬وكل عم> ٍ>ل ص>>الح يعمله الولد فألبويه من األجر مثل أج>>ره‪ ،‬من غ>>ير‬
‫أن ينقص من أج>>ره ش>>يء‪ ،‬ألن الولد من س>>عي أبيه وكس>>به‪ ،‬كما ق>>ال الن>>بي ص;;لى اهلل عليه وس;;لم‪:‬‬
‫س‬ ‫َّ‬
‫((إن أطيب ما أكل الرجل من كس>>به‪ ،‬وإن ول>>ده من كس>>به))‪ ،‬واهلل عز وجل يق>>ول‪َ  { :‬وَأن ل ْي َ‬
‫لِِإْل ِ‬
‫نسان ِإاَّل َما َ‬
‫س َعى }النجم‪.39:‬‬ ‫َ‬

‫وه > >>ذا ي > >>وجب على اآلب > >>اء أن يجته > >>دوا في تربية أبن > >>ائهم‪ ،‬وإص > >>الح أح > >>والهم‪ ،‬ح > >>تى ينتفع > >>وا‬
‫بصالحهم‪ ،‬وإال فمجرد وجود الولد بعد الوالد ال ينفعه في آخرته‪ ،‬فإن لم يكن الولد صالحاً لم‬
‫ينفع أب >>اه ولم يض >>ره‪ ،‬ألنه ال ت >>زر وازرة وزر أخ >>رى‪ ،‬لكن إن ص >>لح انتفع أب >>وه بص >>الحه‪ ،‬وذلك‬
‫فضل اهلل‪ ،‬واألول عدله‪.‬‬

‫ومن ذلك تربية األجيال وفق شرع اهلل ‪.‬‬

‫‪ -3‬مصحفٌ و َّرثّه‪:‬‬

‫فمن اشترى مصحفاً ووض>>عه في ال>بيت ليق>رأ فيه أوالده أو وض>عه في المس>جد ووقفه> هلل‬
‫تع>>>الى‪ ،‬فإنه يأتيه من ث>>>واب ذلك المص>>>حف بعد موته ويلحق بالمص >>حف كتب العلم الش >>رعي‪،‬‬
‫ككتب العقيدة الصحيحة‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والحديث‪ ،‬والفق>>ه‪ ،‬ونح>>وه ذلك من العل>>وم الش>>رعية‪ ،‬ف>>إذا‬
‫اش>>ترى الرجل كتب >اً منها ووض>>عها> في بيته ليق>>رأ فيها أوالده‪ ،‬أو وض>>عها في المس>>جد ووقفها> هلل‬
‫تعالى‪ ،‬فإنه ال يزال يأتيه من ثواب هذه الكتب إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫فاحرصوا – رحمكم اهلل – على إنشاء مكتبات في بيوتكم وفي مساجدكم‪ ،‬وساهموا فيها‬
‫بشراء المصاحف والكتب‪ ،‬فإنها مما ينفعكم بعد موتكم‪.‬‬

‫‪ -4‬مسج ٌد بناه‪ :‬إن اهلل تعالى اتخذ في األرض بيوتاً لعبادته‪:‬‬

‫ص >اَل ِة‬
‫>ارةٌ َواَل َب ْي > ٌ>ع َعن ِذ ْك> ِر اللَّ ِه َوِإقَ > ِ>ام ال َّ‬ ‫ِ‬
‫>ال اَّل ُت ْل ِهي ِه ْم ت َج> َ‬
‫ِ‬
‫{ي َس >بِّ ُح لَ >>هُ ف َيها بِالْغُ>> ُد ِّو َواآْل َ‬
‫ص>> ِ‬
‫ال ر َج> ٌ‬
‫الز َك ِاة ي َخافُو َن يوماً َتَت َقلَّ ِ ِ‬
‫ار} النور‪37-36:‬‬ ‫صُ‬ ‫وب َواَأْلبْ َ‬ ‫ب فيه الْ ُقلُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َوِإيتَاء َّ َ‬

‫ولقد كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يرغّب في بناء المساجد فيقول‪(( :‬من بنى مس>>جداً يبتغي به‬
‫وجه اهلل بنى اهلل له مثله في الجنة))‪ >.‬البخاري ‪ :‬في الصالة ‪ ،‬باب من بنى مسجدا ‪.1 / 648‬‬

‫فج >>ودوا – رحمكم اهلل – على بي >>وت اهلل وال تبخل >>وا‪ ،‬فما تض >>عونه في بي >>وت اهلل من أم >>والكم‬
‫يأتيكم ثوابه بعد موتكم‪ ،‬وتجدون بره وثوابه يوم الدين‪.‬‬

‫ويلحق بالمساجد المدارس ونحوها مما يعود نفعه على المسلمين‪.‬‬

‫‪ -5‬بيتٌ البن الس‪..‬بيل بن‪..‬اه‪ :‬فمن ب> >>نى بيت > >اً ووقفه> على ابن الس> >>بيل ي> >>أوي إليه وي> >>نزل فيه في‬
‫سفره فإنه يأتيه من ثواب ذلك بعد موته‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن اإلسالم يُرغِّب في بناء بيوت المسافرين – التي تُعرف بالفنادق – تطوعاً‪ ،‬لينزل‬
‫فيها المس>>افرون> مجان >اً‪ ،‬ألن الغ>>الب على المس>>افرين الحاجة وقلة الم>>ال‪ ،‬ول>>ذا ك>>ثر في الق>>رآن‬
‫الكريم الوصية بابن السبيل‪.‬‬

‫‪ -6‬نه ٌر أجراه‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن أهمية الماء في الحياة ال تخفى على أحد‪ ،‬فقد جعل اهلل من الماء كل شيء حي‪.‬‬

‫واإلس >>الم يُ >>رغِّب في العمل على توف >>ير الم >>اء للمحت >>اجين ‪ ,‬وس >>قاء العطشى ‪,‬فمن أج >>رى نه >>راً‬
‫يش>>رب منه الن>>اس ويس>>تقوا‪ ،‬ف>>إن له الجن>>ة‪ ،‬كما في الح>>ديث عن الن>>بي ص لى اهلل عليه وس لمأنه‬
‫ق >>ال‪(( :‬من حفر ب >>ئر ذرومة فله الجنة))‪ .‬وك >>انت لرج > ٍ>ل من ب >>ني غف >>ار عين في المدينة ‪ ،‬وك >>ان‬
‫ي >>بيع منها القربة بم >>د‪ ،‬فق >>ال له الن >>بي ص لى اهلل عليه وس لم‪(( :‬تبيعنيها بعين في الجنة؟ فق >>ال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل! ليس لي وال لعيالي غيرها‪ .‬فبلغ ذلك عثمان بن عف>>ان فاش>>تراها بخمسة وثالثين ألف‬
‫درهم ثم أتى الن>>بي صلى اهلل عليه وسلم فق>>ال‪ :‬أتجعل لي فيه ما جعلته ل>>ه؟ فق>>ال‪ :‬نعم‪ ،‬قل>>ل‪ :‬قد‬
‫جعلتها في المسلمين))‪.‬‬

‫فمن استطاع منكم أن يُجري نهراً‪ ،‬أو يحفر بئراً ‪ ,‬ويجعلها للمس>>لمين فليفعل وله مثل ذلك في‬
‫الجنة‪.‬‬

‫‪ -7‬صدقة أخرجها من ماله‪ :‬حالة كونه يخشى الفقر ويأمل الغنى‪ ،‬فإن هذه الص>>دقة يأتيه من‬
‫ثوابها بعد موته ما شاء اهلل ‪.‬‬

‫صدقة جارية ومنها المشاريع االقتصادية التي ينفع اهلل بها األمة‪.‬‬

‫فالبدار البدار‪..‬والمسارعة إلى أن تدَّخر لك أخي الكريم عند اهلل ما ينفعك غداً‬
‫ْب َسلِ ٍ‬
‫يم }الشعراء‪88-89‬‬ ‫ال َواَل َبنُو َن ِااَّل َم ْن َأتَى اللَّهَ بَِقل ٍ‬
‫{ َي ْو َم اَل يَن َف ُع َم ٌ‬

‫نسير إلى اآلجال في كل لحظةٍ وأعمارنا تطوى وهن مراحلُ‬


‫ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيـام وهن قالئـلُ‬
‫فاأليام تطحن األعمار طحن القمح في الرحى‪ ..‬ثم تذرى األعمال أدراج الرياح؛ وال يبقى إال‬
‫ما رضيه اهلل سبحانه‪ ،‬وأحبه من األقوال واألفعال‪.‬‬
‫وكل يوم مضى يدني من األجل‬ ‫إنا لنفرح باأليام نقطـعها‬
‫فإنما الربح والخسران في العمل‬ ‫فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً‬
‫أخي الحبيب ‪:‬‬
‫بادر األيام بالعمل الصالح‪ ،‬وأمأل خزائنها بالفرائض والنوافل قبل أن تبادرك هي بموتٍ أو‬
‫عجز‪ ،‬وقبل أن تجدها فارغة خاوية تقول ‪:‬‬
‫حيَاتِي }الفجر‪24‬‬ ‫{يا لَيتنِي قَدَّم ُ> ِ‬
‫تلَ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫أخي الكريم ‪:‬‬

‫ومن ٍ‬
‫عمل صالح ُي ّدخر‬ ‫خذ لك زادين من ٍ‬
‫سيرة‬
‫شريف السماع كريم النظر‬ ‫الخطا‪ ‬‬
‫وكن في الطريق عفيف ُ‬
‫مر وهذا األثر‬
‫يقولون ّ‬ ‫وكن رجالً إن أتوا بعده‪ ‬‬
‫هذا وصلي اللهم على محمد وعلى اله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫أخوكم‪/‬أمير بن محمد المدري‬


‫أمام وخطيب مسجد اإليمان – اليمن ‪ -‬عمران‬

‫‪Almadari_@hotmail.com‬‬

You might also like