You are on page 1of 23

‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫" غربة صائم "‬


‫الشيخ خالد الراشد‬

‫كنا في العام الماضي في مثل هذه اليأام ‪..‬‬


‫نرقب شهر الصوم ونتحراه ثم ماذا !!‪..‬‬
‫عام كامل بأيأامه ولياليه قد ‪..‬‬
‫قوّض خيامه ‪..‬‬
‫وطوى بساطه ‪..‬‬
‫وشد ّ رحاله ‪..‬‬
‫بما قدمنا فيه من خير أو شر ‪..‬‬
‫وصدق الله ‪..‬‬
‫ن اللّهِ قِيل ً { ‪..‬‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫} ومن أ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫حدِيأثا ً { ‪..‬‬ ‫َ‬
‫ن اللّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫صدَقُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫} َو َ‬
‫ه الّذِ َ‬
‫يأن‬ ‫م الل ّْْْ ُ‬‫اس وَلِيَعْل َ َ‬‫ن الن ّ ِ‬ ‫م ن ُْْْدَاوِلُهَا بَي ْ َ‬ ‫ك اليأّا ُ‬ ‫} َوتِل ْْْْ َ‬
‫ين { ‪..‬‬
‫م َ‬ ‫ب الظّال ِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يأ ُ ِ‬‫م شُ هَدَاء َوالل ّ ُ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫منُوا ْ وَيأَت ّ ِ‬ ‫آ َ‬
‫قال ابن كثيرْ رحمه الله ‪:‬‬
‫تمر بنا اليأام تترى ‪..‬‬
‫وإنما نساق إلى الجآال والعين تنظر ‪..‬‬
‫ن الدقائق والثواني التي ذهبت من أعمارنا لن تعود ‪..‬‬ ‫إ ّ‬
‫ولو أنفقنا جآبال الرض ذهبا ً وفضة ‪..‬‬
‫ن ‪..‬‬ ‫واعلم أ ّ‬
‫النفاس معدودة ‪..‬‬
‫والجآال محدودة ‪..‬‬

‫‪1‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫ن ‪..‬‬
‫واعلم أ ّ‬
‫من أعظم نعم الله عليك أن مْْْْد ّ في عمْْْْرك وجآعلك‬
‫تدرك هذا الشهر العظيم ‪..‬‬
‫فكم غيّب الموت من صاحب ‪..‬‬
‫ووارى الثرى من حبيب ‪..‬‬
‫تذكر من ‪..‬‬
‫صام معنا العام الماضي ‪..‬‬
‫وصلى العيد ‪..‬‬
‫ثم أيأن هو الن بعد أن غيبه الموت ؟! ‪..‬‬
‫اجآعل لك من هذا الحديأث نصيب ‪..‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) اغتنم خمسا ً قبل خمس ‪:‬‬
‫حياتك قبل موتك ‪..‬‬
‫وصحتك قبل سقمك ‪..‬‬
‫وفراغك قبل شغلك ‪..‬‬
‫وشبابك قبل هرمك ‪..‬‬
‫وغناك قبل فقرك ( رواه الحاكم ‪..‬‬
‫احرص رعاك الله ‪..‬‬
‫أن تكون من خيار الناس كما أخبر بذلك صلى الله عليه‬
‫سئل ‪:‬‬ ‫وسلم حين ُ‬
‫أي الناس خير ؟! ‪..‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫) من طال عمره وحسن عمله ( ‪..‬‬
‫إلهي ‪:‬‬
‫عدمت قلبا ً يأحب‬
‫ُ‬ ‫خواطر أنست بغيرك‬ ‫ٌ‬ ‫ثكلت‬
‫سواك‬
‫قال سبحانه ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫ن هُ ْدًى ل ّ‬ ‫ل ِفي ْهِ ال ْ‬ ‫َ‬ ‫ش ْهر رمض ْان الّذي أ ُ‬


‫اس‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫لن‬ ‫ُ‬ ‫آ‬ ‫ْر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْز‬‫ْ‬‫ن‬ ‫} َ ْ ُ َ َ َ َ ِ َ‬
‫الش ْهْ َر‬‫ّ‬ ‫منك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ش ْهِد َ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن الْهُ ْدَى َوالْف ُْرقَْ ِ‬
‫ْان فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ْات ّ‬
‫َوبَيّن َْ ٍ‬
‫فَلْيصمه ومن كَان مريأضْْا ً أَو عَلَى سْفَر فَعِْدةٌ م َ‬
‫ن أيأّام ٍ‬ ‫ّ ّ ْ‬ ‫َ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َ‬
‫أُ‬
‫مل ُْْوا ْ‬ ‫س َْر َولِتُك ْ ِ‬‫م الْعُ ْ‬ ‫س َر وَل َ يأُرِيأد ُ بِك ُ ُ‬ ‫م الْي ُ ْ‬ ‫َر يأُرِيأد ُ الل ّ ُ‬
‫ه بِك ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫خ‬
‫ن‬ ‫ش ْك ُ ُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م وَلعَلك ُ ْ‬ ‫ما هَ ْدَاك ُ ْ‬ ‫ه عَلى َ‬ ‫َ‬ ‫الْعِ ْدّةَ َولِتُكَب ّ ُروا الل ْ َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫{ ‪..‬‬
‫عند أحمد والنسائي من حديأث أبو هريأرة ‪ :‬كان رسْْول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يأبشر أصحابه بقدوم رمضْْان‬
‫فكان يأقول لهم ‪:‬‬
‫) قد جآاءكم شهر رمضان ‪..‬‬
‫شهر مبارك ‪..‬‬
‫افترض الله عليكمْ صيامه ‪..‬‬
‫يأفتح فيه أبواب الجنة ‪..‬‬
‫ويأغلق فيه أبواب الجحيم ‪..‬‬
‫وتُغل فيه الشيطان ‪..‬‬
‫فيه ليلة خير من ألف شهر ‪..‬‬
‫حرم ( ‪..‬‬ ‫حرم خيرها فقد ُ‬ ‫من ُ‬
‫ل في تهنئة النْْاس‬ ‫قْْال ابن رجآب ‪ :‬هْْذا الحْْديأث أصْْ ٌ‬
‫بعضهم بعضا ً بشهر رمضان ‪..‬‬
‫كيف ل يأُبشّ ر المؤمن ‪..‬‬
‫بفتح أبواب الجنان !‪.‬‬
‫كيف ل يأُبشّ ر المذنب ‪..‬‬
‫بغلق أبواب النيران !‪.‬‬
‫كيف ل يأُبشّ ر العاقل ‪..‬‬
‫ل فيه الشيطان !‪.‬‬ ‫بوقت يأُغ ّ‬
‫من أيأن يأشبه هذا الزمان زمان ؟!‬
‫قال معلى ابن الفضل ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫كانوا يأدعون الله ستة أشهر أن يأبلغهم رمضان ‪..‬‬


‫ثم يأدعونه ستة أشهر أن يأتتقبلْ منهم رمضان ‪..‬‬
‫وقال يأحيى بن كثيرْ كان من دعائهم ‪:‬‬
‫اللهم سلمني إلى رمضان ‪ ،‬وسلم لي رمضان ‪ ،‬وتسْْلم‬
‫مني رمضان متقبل ً ‪..‬‬
‫فمرحى بشهر طيب مبارك كريأم ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫أُنزل القرآن والكتبْ السماويأة ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫الشفاعة بالصيام والقرآن‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫التراويأح والتهجد ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫التوبة وتكفير الذنوب ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫تصفد الشياطين ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫تغلق أبواب الجحيم وتفتح أبواب الجنان ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫الجود والحسان والعتق من النيران ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫الصبر والشكرْ والدعاء ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫مضاعفة الحسنات وليلة القدر ‪..‬‬
‫في رمضان ‪..‬‬
‫الجهاد والنتصار ‪..‬‬
‫فكيف ل يأفرح المؤمن بشهر هذا بعض ما فيه ‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫فكيف أنسى ومن في‬ ‫بين الجوانح في‬


‫الناس يأنساهُ!‬ ‫العماق سكناه‬
‫عهدا ً ول محت اليأام‬ ‫ولم أزل في هواه ما‬
‫ذكراه ُ‬ ‫نقضت له‬
‫فتى في‬‫ً‬ ‫ما زال قلبي‬ ‫قد شاخ جآسمي ولكن‬
‫عشق معناهُ‬ ‫في محبته‬
‫ل كياني حين‬ ‫يأهتز ك ُ‬ ‫في كل عام لنا لقيا‬
‫ألقاهُ‬ ‫محببة‬
‫وكيف ل ! وأنا بالروح‬ ‫بالعين والقلب بالذان‬
‫أحياه ُ‬ ‫أرقبه‬
‫قصرت ساعاتها أُحيى‬ ‫والليل تحلو به اللقيا‬
‫لها وأحلهُ‬ ‫وإن‬
‫ل وما أجآلى‬ ‫فما أجآ ّ‬ ‫فنوره يأجعل الليل‬
‫محياهُ‬ ‫ضحى‬
‫ً‬ ‫البهيم‬
‫يأمضي كطيف خيال قد‬ ‫ألقاه شهرا ً ولكن في‬
‫لمحناهُ‬ ‫نهايأته‬
‫تجمعنا محبة الله ل‬ ‫في موسم الطهر في‬
‫ل ول جآاهُ‬ ‫ما ٌ‬ ‫رمضان الخير‬
‫بالخير تعرفه دوما ً‬ ‫من كل ذي خشية لله‬
‫بسيماهُ‬ ‫ولع‬
‫ذي ٍ‬
‫قال تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫م { _ يأعْْْني‬ ‫الصْْْيَا ُ‬
‫ّ‬ ‫ب ع َلَيْك ُ ُ‬
‫م‬ ‫من ُْْْوا ْ كُت ِ َ‬ ‫} يأَا أيأّهَا الّذ ِ َ‬
‫يأن آ َ‬
‫َ‬
‫ب عَلَيْك ُ ُ‬
‫م‬ ‫منُوا ْ كُت ِ َ‬ ‫يأن آ َ‬‫فرض عليكمْ الصيام _ } يأَا أيأّهَا الّذِ َ‬
‫ن{‪...‬‬ ‫م تَتّقُو َ‬‫م لَعَلّك ُ ْ‬ ‫من قَبْلِك ُ ْ‬ ‫يأن ِ‬‫ب ع َلَى الّذِ َ‬ ‫ما كُت ِ َ‬
‫م كَ َ‬
‫صيَا ُ‬‫ال ّ‬
‫قال ابن عثيمينْ رحمه الله ‪:‬‬
‫الحمكة من الصيام ‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫ليس أن يأمنع النسْْْان نفسه عن الطعْْْام والشْْْراب‬


‫والنكاح ‪..‬‬
‫ن { ‪..‬‬ ‫ولكن كما قال الله } لَعَلّك ُ ْ‬
‫م تَتّقُو َ‬
‫وما أشار إليه النبي الكْْريأم صْْلوات ربي وسْْلمه عليه‬
‫في قوله ‪:‬‬
‫) من لم يأدع ‪..‬‬
‫قول الزور ‪..‬‬
‫والعمل به ‪..‬‬
‫والجهل ‪..‬‬
‫فليس لله حاجآة في أن يأدع طعامه وشرابه ( ‪..‬‬
‫ومعنى قوله عليه الصلة والسلم‬
‫محرم ‪...‬‬‫ّ‬ ‫) من لم يأدع قول الزور ( ‪ :‬هو كل قول‬
‫وقوله ‪:‬‬
‫محرم ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫) العمل به ( ‪ -‬أي بالزور‪ : -‬أي كل فعل‬
‫و ) الجهل ( ‪ :‬أي العدوان على الناس وعدم الحلم ‪..‬‬
‫ومنك ومني ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ك‬‫فالمطلوب من َ‬
‫ل في عله ‪..‬‬ ‫تحقيق تقوى الله جآ ّ‬
‫تقوى الله هي ‪..‬‬
‫الغايأة المنشوده ‪..‬‬
‫والدره المفقوده ‪..‬‬
‫} والخرة عند ربك للمتقين { ‪..‬‬
‫وإليك بعضا ً من أخبارهم ‪..‬‬
‫‪ ‬قال البخاري ‪ :‬ما اغتبت مسلما ً منذ احتلمت ‪..‬‬
‫‪ ‬وقال الشافعي ‪ :‬ما حلفت بالله صادقا ً ول كاذبا ً ‪ ،‬ولو‬
‫ن الماء يأفسد علي مروءتي ما شربته ‪..‬‬ ‫أعلم أ ّ‬
‫م ل تتكأ ؟! قال ‪ :‬إنما يأتكأ‬ ‫‪ ‬وقالوا لمحمد بن واسع ‪ :‬ل َ‬
‫المن وأنا ل زلت خائفا ً ‪..‬‬

‫‪6‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫ن ِفي‬
‫جآو َ‬ ‫‪ ‬وقُْْْرأ على عبد الله بن وهب ‪َ } :‬وإِذ ْ يأَت َ َ‬
‫حْْْا ّ‬
‫النّارِ { فسقط مغشياًْ عليه ‪.‬‬
‫‪ ‬وحج مسروق فما نام إل ساجآدا ً ‪..‬‬
‫ن الكْْذب يأضر‬ ‫‪ ‬وقال أحْْدهم ‪ :‬ما كْْذبت منذ علمت أ ّ‬
‫أهله ‪..‬‬
‫‪ ‬وقْْال أبو سْْليمان الْْداراني ‪ :‬كل يأْْوم أنا أنظر في‬
‫المرآة هل اسود ّ وجآهي من الذنوب ‪..‬‬
‫هذا حالهم ‪..‬‬
‫فكيف حالي وحالك ؟؟!!‪..‬‬
‫لبسنا الجديأد ‪..‬‬
‫وأكلنا الثريأد ‪..‬‬
‫ونسينا والوعيد ‪..‬‬
‫ملنا المل البعيد ‪..‬‬ ‫وأ ّ‬
‫رحماك يأا رب ‪..‬‬
‫لماذا تريأد الحياة ؟! ‪..‬‬
‫لماذا تعشق العيش ؟! ‪..‬‬
‫إذا لم تدمع عينك من خشية الله جآل في عله !!‪..‬‬
‫إذا لم تمدحه في السحر !!‪..‬‬
‫إذا لم تزاحم بالركب في حلق الذكر !!‪..‬‬
‫إذا لم تصم الهواجآر ‪ ،‬وتخفي الصدقة !!‪..‬‬
‫هل العيش إل هذا ؟؟!!‪..‬‬
‫هل العيش والسعادة إل هذا ؟؟!!‪..‬‬
‫إذا لم تستطع ‪..‬‬
‫قيام الليل ‪..‬‬
‫وصيام النهار ‪..‬‬
‫فاعلم أنك محروم ‪..‬‬
‫قال سبحانه ‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫عنْْد َ‬
‫ق ِ‬‫صْْد ْ ٍ‬‫م ْقعَْْدِ ِ‬ ‫ات وَنَهَْْرٍ ‪ ،‬فِي َ‬ ‫جآن ّ ٍ‬
‫ين ِفي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مت ّ ِق َْ‬ ‫} إِ ّ‬
‫مقْتَدِرٍ{ ‪..‬‬ ‫يك ّ‬‫مل ِ ٍ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ّر{‪..‬‬‫م أوْ يأَتَأخ َ‬
‫م أن يأَت َ َقد ّ َ‬ ‫منك ُ ْ‬‫من شَ اء ِ‬ ‫هذه أخبارهم } ل ِ َ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) بدأ الديأن غريأبا ً ‪..‬‬
‫وسيعود غريأبا ً ‪..‬‬
‫فطوبى للغرباء ( ‪..‬‬
‫ن الْْذي يأقْْرأ ويأسْْمع عن أخبْْار السْْلف ‪ ،‬وقلة من‬ ‫إ ّ‬
‫الخلف ‪..‬‬
‫ن الديأن يأعيش غربة بين أهله ‪..‬‬ ‫يأعلم أ ّ‬
‫من سمع عن ‪..‬‬
‫صيامهم ‪..‬‬
‫وقيامهم ‪..‬‬
‫وجآهادهم ‪..‬‬
‫ن الواقع اليوم يأحتاج إلى مراجآعة وتصحيح ‪..‬‬ ‫أيأقن أ ّ‬
‫فتعالوا أحبتي ننظر في بعض صور الغربْْاء في رمضْْان‬
‫‪..‬الغرباء مع الصيام ‪..‬‬
‫‪ ‬عن ابن عمر رضي الله عنهما قْْْال ‪ :‬ما مْْْات عمر‬
‫حتى سرد الصيام ‪..‬‬
‫‪ ‬أما أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان ‪ ..‬قْْال أبو نُعيم‬
‫عنه ‪:‬‬
‫حظه من النهار الجود والصيام ‪..‬‬
‫ومن الليل السجود والقيام ‪..‬‬
‫مبشر بالبلوى ‪..‬‬
‫م بالنجوى ‪..‬‬ ‫ومنعّ ٌ‬

‫‪8‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫وعن الزبير بن عبد الله عن جآْْده عن جآْْدةٍ له يأقْْال لها‬


‫هيمه ‪ :‬كان عثمان يأصوم الدهر ‪ ،‬ويأقْْوم الليل إل هجعة‬
‫من أوله رضي الله عنه ‪..‬‬
‫قتلْْوه وقد كْْان صْْائما ً والمصْْحف بين يأديأه والْْدموع‬
‫صْْْدق ورابع‬
‫ٍ‬ ‫على لحيته وخديأه ‪ ..‬حْْْبيب محمد ووزيأر‬
‫خير من وطأ التراب ‪..‬‬
‫‪ ‬أما أبو طلحة النصاري الذي قال عنه النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪:‬‬
‫) لصْْْوت أبي طلحة في الجيش خْْْير من ألف رجآل (‬
‫‪..‬عن أنس رضي الله عنه قال ‪ :‬كان أبو طلحة ل يأصْْوم‬
‫على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجآل الغْْزو ‪..‬‬
‫فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسْْلم لم أره يأفطر إل‬
‫يأوم أضحى أو يأوم فطر ‪..‬‬
‫‪ ‬أما حكيم المة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال ‪:‬‬
‫لقد كنت تْْْْاجآرا ً قبل أن يأبعث محمد صْْْْلى الله عليه‬
‫وسْْلم ‪ ،‬فلما بُعث محمد زاولت العبْْادة والتجْْارة فلم‬
‫يأجتمعا فأخذت بالعبادة وتركت التجارة‪..‬‬
‫تقْْْول عنه زوجآه ‪ :‬لم تكن له حاجآة في الْْْدنيا ‪ ،‬يأقْْْوم‬
‫الليل ويأصوم النهار ما يأفتر‪..‬‬
‫لله درهم‪..‬‬
‫فحديأثهم يأجلو الفؤاد‬ ‫كرر علي حديأثهم يأا حادي‬
‫الصادي‬
‫‪ ‬أما من خبر المام القدوة المتعبدْ المتهجد عبد الله بن‬
‫عمر رضي الله عنهم أجآمعين يأكفيه قْْول النْْبي صْْلى‬
‫الله عليه وسلم فيه ‪:‬‬
‫م العبد عبد الله ( ‪..‬‬
‫) نع َ‬

‫‪9‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫قال عنه نافع ‪ :‬كْْان ابن عمر ل يأصْْوم في السْْفر ‪ ،‬ول‬


‫يأكاد يأفطر في الحضر ‪..‬‬
‫وعن سعيد بن جآابر قال ‪ :‬لما اُحتضر ابن عمر قْْال ‪ :‬ما‬
‫آسى على شيء من الدنيا _ يأعني ما أحزن على شْْيء‬
‫من الدنيا _ إل على ثلثا ‪:‬‬
‫ظمأ الهواجآر ‪..‬‬
‫ومكابدة الليل ‪..‬‬
‫وأني لم أقاتل الفئة الباغية الْْْْتي نْْْْزلت بنا – يأعْْْْني‬
‫الحجاج ‪.. -‬‬
‫وإلي َ‬
‫ك المزيأد ‪..‬‬
‫‪ ‬عن رجآاء بن حيوه عن أبي أمامة‬
‫أنشأ رسْْول الله صْْلى الله عليه وسْْلم جآيشْْا ً فأتيته‬
‫فقلت يأا رسول الله ‪:‬ادعو الله لي بالشهادة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫) اللهم سلمهم وغنمهم ( ‪..‬‬
‫فغزونا فسلمنا وغنمنا ‪..‬‬
‫حْْْتى ذكر ذلك ثلثة مْْْرات ‪ ،‬قْْْال ثم أتيته فقلت ‪ :‬يأا‬
‫رسْْول الله ‪ :‬إني أتيتك تْْترى ثلثا مْْرات أسْْألك أن‬
‫تدعو لي بالشهادة فقلت ‪:‬‬
‫) اللهم سلمهم وغنمهم ( ‪..‬‬
‫فسْْلمنا وغنمنا ‪ ..‬يأا رسْْول الله فمْْرني بعمل أدخل به‬
‫الجنة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫)عليك بالصوم فإنه لمثل له ( ‪..‬‬
‫قال فكان أبو أمامة ل يأُرى في بيته الدخان نهْْارا ً إل إذا‬
‫نزل بهم ضيف ‪ ،‬فإذا رأوا الدخان نهْْارا ً عرفْْوا أنهم قد‬
‫اعتراهم الضيوفْ ‪..‬‬
‫‪ ‬عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ‪ :‬خرجآنا مع النبي‬
‫صلى الله عليه وسْْلم في بعض أسْْفاره في يأْْوم حْْار‬

‫‪10‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫حتى يأضع الرجآل يأده على رأسه من شدة الحر وما فينا‬
‫صائم إل ما كان من النْْبي صْْلى الله عليه وسْْلم وابن‬
‫رواحة رضي عنه ‪..‬‬
‫‪ ‬أما مسْْروق بن عبد الْْرحمن الْْذي كْْان في العلم‬
‫معروق ‪ ،‬وبالضمان موثوق ‪ ،‬ولعباد الله معشوق‪ ..‬قْْال‬
‫عنه الشعبي ‪ :‬غشيته يأوما ً _ يأعني زرته يأومْْا ً _ غشْْيت‬
‫مسْْْروق في يأْْْوم صْْْائف ‪..‬وكْْْانت عائشة قد تبنته ‪،‬‬
‫فسْْمى بنته عائشة ‪ ..‬فكْْان ل يأعصى ابنته شْْيئا ً ‪ ..‬ل‬
‫يأخالف ابنته من محبته إيأاها ‪ ..‬قال فنزلت إليه ‪ ،‬فقْْالت‬
‫‪ :‬يأا ابتاه أفطر واشرب ‪ ..‬قال ‪ :‬ما أردت يأا بنيه ؟ قالت‬
‫‪ :‬الرفق ‪..‬‬
‫قْْْال ‪ :‬يأا بنيه إني طلبت الرفق لنفسي في يأْْْوم كْْْان‬
‫مقداره خمسين ألف سنة ‪..‬‬
‫م‬ ‫ك الْي َْْوْم ِ َولَقّاهُ ْ‬ ‫ه شَ ّر ذَل ِ ْ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫قال الله عنهم ‪ } :‬فَوَقَاهُ ُ‬
‫حرِيأْْرا ً ‪،‬‬ ‫ة َو َ‬ ‫جآن ّ ً‬
‫صْْب َ ُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫جآْْ َزاهُم ب ِ َ‬ ‫سْْ ُرورا ً ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ضْْ َرةً َو ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫مسْْْْْا ً َو َل‬ ‫ن فِيهَا شَ ْ‬ ‫ْْْْْروْ َ‬
‫َ‬ ‫ك َل يأ َ‬ ‫ال َ َرائ ِ ِ‬
‫ين فِيهَا عَلَى ْ‬ ‫متّكِئ ِ َْ‬ ‫ُ‬
‫ت قُطُوفُهَا ت َْْذْلِيل ً‬ ‫م ظ ِ َللُهَا وَذ ُلّل َ ْ‬ ‫ة ع َلَيْهِ ْ‬ ‫مهَرِيأْْرا ً ‪ ،‬وَدَانِي َْْ ً‬ ‫َز ْ‬
‫َ‬
‫يأرا ‪،‬‬ ‫ت قَْْوَارِ ْ َ‬ ‫اب ك َْْان َ ْ‬ ‫ضةٍ َوأكْوَ ٍ‬ ‫من ِف ّ‬ ‫ف عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ ّ‬ ‫َويأُطَا ُ‬
‫ن فِيهَا كَأسْْا ً‬ ‫س ْقَوْ َ‬ ‫ضةٍ قَد ّ ُروهَا ت َ ْقدِيأرا ً ‪َ ،‬ويأ ُ ْ‬ ‫من فِ ّ‬ ‫يأر ِ‬ ‫قَوَارِ َ‬
‫سْْبِيل ً ‪،‬‬ ‫سل ْ َ‬‫مى َ‬ ‫سْْ ّ‬ ‫جبِيل ً ‪ ،‬عَيْنْْا ً فِيهَا ت ُ َ‬ ‫جآهَا َزن َ‬ ‫م َزا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك َْْا َ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ب‬‫سْْْ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫يأ‬ ‫ف عَلَيهم ول ْْْْدان مخَلّدون إذ َا رأ َ‬ ‫َويأَط ُْْْو ُ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ِ َ ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ ٌ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ ْ‬
‫ملْكا ً كَب ِْْيرا ً ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت نَعِيما ً َو ُ‬ ‫م َرأيأ ْ َ‬ ‫ت ثَ ّ‬ ‫منثُورا ً ‪َ ،‬وإِذ َا َرأيأ ْ َ‬ ‫لُؤْلُؤا ً ّ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫سْْاوِ َر ِ‬ ‫حلّوا أ َ‬ ‫ستَب ْ َرقٌ َو ُ‬ ‫ض ٌر وَإ ِ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫سند ُ ٍ‬ ‫اب ُ‬ ‫م ثِي َ ُ‬ ‫عَالِيَهُ ْ‬
‫م‬ ‫ن لَك ُ ْ‬ ‫ن هَْذ َا ك َْْا َ‬ ‫م شَ َرابا ً طَهُْْورا ً ‪ ،‬إ ِ ّ‬ ‫م َربّهُ ْ‬ ‫سقَاهُ ْ‬ ‫ضةٍ َو َ‬ ‫ِف ّ‬
‫مشْ كُورا ً {‪..‬‬ ‫سعْيُكُمْ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫جآ َزاء وَكَا َ‬ ‫َ‬
‫سعيكم مشكورا ً ‪..‬‬
‫إن صبرتم على طاعتي ‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫سعيكم مشكورا ً ‪..‬‬


‫إن صبرتم عن معصيتي‪..‬‬
‫سعيكم مشكورا ً ‪..‬‬
‫إن صبرتم على الذى في سبيلي ‪..‬‬
‫مبشر المحْْزون ‪ ،‬المسْْتتر‬ ‫‪ ‬وهْْذا خْْبر أخْْير عن ال ُ‬
‫المخزون ‪ ،‬تجرد من التلد وشْْمر للجهْْاد وقْْدم العتْْاد‬
‫للمعاد ‪ :‬العلء بن زيأاد ‪..‬‬
‫كان ربانيا ً تقيا ً قانتا ً لله بكّاءً من خشية الله ‪..‬‬
‫عن هشام بن حسان أن العلء بن زيأاد كان قْْوّت نفسه‬
‫رغيفا ً كل يأوم ‪ ..‬كان يأصوم حتى يأخضر ‪ ،‬و يأصلي حْْتى‬
‫يأسقط ‪..‬‬
‫فْْدخل عليه أنس بن مالك والحسن فقْْال له ‪ :‬إن الله‬
‫تعالى لم يأأمرك بهذا كله ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إنما أنا عبد مملوك ل أدع من الستكانة شْْيئا ً إل‬
‫جآئته بها‪..‬‬
‫قال له رجآل ‪ :‬رأيأت كأنك في الجنة ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ويأحك أما وجآد الشيطان أحْْدا ً يأسْْخر به غْْيري‬
‫وغيرك ‪..‬‬
‫قال سْْلمة بن سْْعيد ‪ُ :‬رؤي العلء بن زيأْْاد أنه من أهل‬
‫الجنة فمكث ثلثْْْا ً ل ترقأ له دمعة ول يأكتحل بنْْْوم ول‬
‫يأتْْذوق طعامْْا ً ‪ ،‬فأتْْاه الحسن فقْْال ‪ :‬أي أخي أتقتل‬
‫نفسك أن بُشرت بالجنة !! ‪..‬‬
‫فْْازداد بكْْاءه ‪ ،‬فلم يأفارقه حْْتى أمسى وكْْان صْْائما ً‬
‫فطعم شيئا من الطعام‪..‬‬
‫سْْنَى‬ ‫ح ْ‬‫منّا ال ْ ُ‬ ‫َت لَهُم ّ‬ ‫سْْبَق ْ‬ ‫يأن َ‬ ‫ن الّذ ِ َ‬ ‫قْْال سْْبحانه ‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫ما‬ ‫م فِي َ‬ ‫يسْْهَا وَهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫معُو َ‬ ‫سْْ َ‬ ‫ن َل يأ َ ْ‬ ‫مبْعَْْدُو َ‬ ‫ك ع َنْهَا ُ‬‫أُوْلَئ ِ َ‬
‫ْ‬ ‫ال َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اشْْتهت أ َ‬
‫ْْر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ع‬‫ز‬‫َ‬ ‫َْْ‬
‫ف‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ز‬‫ُ‬ ‫ْْ‬‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يأ‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫د‬‫ْْ‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َا‬
‫خ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُسْْ‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ْ ََ ْ‬

‫‪12‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫م‬ ‫ن ‪ ،‬يأ َْْوْ َ‬‫م تُوعَ ْدُو َ‬ ‫م الّذِي كُنت ُ ْ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫ة هَذ َا يأَوْ ُ‬‫م َلئِك َ ُ‬‫م ال ْ َ‬
‫َوتَتَلَقّاهُ ُ‬
‫ْق‬ ‫ما ب َْدَأْنَا أَوّ َ ْ‬ ‫ب كَ َ‬ ‫ل لِلْكُت ُ ِْ‬ ‫ج ّ‬ ‫ماء كَط َ ّ‬ ‫نَطْوِي ال ّ‬
‫ل خَل ْ ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫س َ‬
‫ين ‪ ،‬وَلَقَْْد ْ كَتَبْنَا فِي ال ّزب ُْْورِ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫نّعِيدُه ُ وَع ْدا ً ع َلَيْنَا إِنّا كُنّا فَا ِ‬
‫من بعد الذ ّكْر أ َ‬
‫ن فِي‬ ‫ُ‬ ‫ال َ‬
‫ْ‬
‫ن‪ ،‬إ ِ ّ‬‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ب‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ث‬
‫ْ َ ِ َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫يأ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َْ ِ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫مْْ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ك إ ِ ّل َر ْ‬
‫سْْلْنَا َ‬‫ما أ ْر َ‬ ‫يأن ‪َ ،‬و َ‬ ‫هَْْذ َا لَب َ َلغْْا ً لّقَْْوْم ٍ عَاب ِْْد ِ َ‬
‫ين {‪.‬‬ ‫م َ‬‫لّلْعَال َ ِ‬

‫فقد علم الذي لم‬ ‫دعوه ل تلوموه‬


‫تعلموه‬ ‫دعوه‬
‫وطالب مطلبا ً لم‬ ‫رأى علم الهدى‬
‫تطلبوه‬ ‫فمشى إليه‬
‫وقام بأمره‬ ‫أجآاب دعاءه لما‬
‫وأضعتموه‬ ‫دعاه‬
‫تذوّق مطعما ً لم‬ ‫بنفس ذاك من‬
‫تطعموه‬ ‫لبيب‬
‫ٍ‬ ‫فطن‬
‫ٍ‬
‫ن ت َ ِقي ّْْا ً ‪ ،‬وَ َ‬
‫ما‬ ‫من ك َْْا َ‬ ‫عبَادِنَا َ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ثا ِ‬‫ة الّتِي نُورِ ُ‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫ك ال ْ َ‬‫}و تِل ْ َ‬
‫ك ل َْْه ما بي َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ما بَي ْ َ‬‫ما خَلْفَنَا وَ َ‬ ‫ن أيأ ْْْدِيأنَا وَ َ‬‫ُ َ َْ َ‬ ‫مرِ َرب ّ َ‬ ‫ل إ ِ ّل بِأ ْ‬ ‫نَتَن َ ّز ُْ‬
‫ال َ‬
‫ات َو ْ‬
‫ما‬‫ض َو َ‬‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ماوَ ِ‬ ‫الس ْ َ‬
‫ّ‬ ‫س ْيّا ً ‪َ ،‬ر ّ‬
‫ب‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬‫ما كَا َ‬ ‫ك َو َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ميّا ً {‪..‬‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ل تَعْل َ ُ‬ ‫صطَب ِ ْر لِعِبَادَتِهِ هَ ْ‬
‫ما فَاع ْبُدْه ُ َوا ْ‬ ‫بَيْنَهُ َ‬
‫علت بهم هممهم ‪ ،‬وأي كلم يأترجآم فعلهم‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫مك ْ‬ ‫للهِ د َ ُره ْ‬
‫‪..‬‬

‫ولك من أخبار النساء‪:‬‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬عن عبد الْْرحمن بن قاسم أن عائشة كْْانت تصْْوم‬
‫الدهر ‪..‬‬
‫ن عائشة كانت تسرد الصيام ‪..‬‬
‫وعن عروة ‪ :‬إ ّ‬

‫‪13‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫قال القاسم ‪ :‬كانت تصوم الدهر ل تفطر إل يأوم أضحى‬


‫أو يأوم فطر ‪..‬‬
‫فقسْْْْمتها ولم‬
‫ّ‬ ‫بعث لها معاويأة مْْْْرة بمائة ألف درهم‬
‫تترك منها شيئا ً ‪ ،‬فقالت بريأدة ‪ :‬أنت صائمة فهل ابتعت‬
‫لنا منها بْْدرهم لحمْْا ً ‪ ،‬فقْْالت ‪ :‬ل تعنفيْْني ‪ ،‬لو كنت‬
‫أذكرتني لفعلت ‪..‬‬
‫إنها الصديأقة بنت الصْْديأق ‪ ،‬العتيقة بنت العْْتيق ‪ ،‬حبيبة‬
‫الحبيب ‪ ،‬وأليفة القريأب ‪ ،‬المبرأة من العيوب رضي الله‬
‫عنها وأرضاها ‪...‬‬
‫‪ ‬أما القوّامة الصوّامة حفصة بنت عمر رضي الله عنها‬
‫وعن أبيها وعن أخوتها وآل عمر ‪ ..‬وارثة الصْْْْْْْحيفةْ ‪،‬‬
‫الجامعة للكتاب ‪..‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسْْلم طلّق‬ ‫فعن قيس بن زيأد أ ّ‬
‫حفصة فدخل عليها خالها قدامة وعثمان ابنا مظعْْون ‪،‬‬
‫فبكت وقْْالت ‪ :‬والله ما طلقتْْني عن شْْبع ‪ ..‬والله ما‬
‫طلقني عن شبع ‪..‬‬
‫فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فتجلببت ‪ ،‬فقال ‪ :‬قال‬
‫لي جآبريأل عيه السلم‪:‬‬
‫) راجآع حفصة فإنها صْْْْْوّامة قوّامه ‪ ،‬وإنها زوجآتك في‬
‫الجنة ( ‪..‬‬
‫أي شْْْْْْهادة أعظم من شْْْْْْهادة الله وجآبريأل ‪ ..‬أي‬
‫شششهادة أعظم من شششهادة الله وجبريل لحفصة‬
‫رضي الله عنها وأرضاها ‪..‬‬
‫وأنعم بها من عبْْادة كْْانت سْْببا ً لرجآْْوع أم المؤمْْنين‬
‫حفصة إلى رسْْْولنا صْْْلى الله عليه وسْْْلم لتبقى له‬
‫زوجآة في الجنة ‪..‬‬
‫قال نافع ‪ :‬ماتت حفصة حتى ما تفطر ‪..‬‬

‫‪14‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫وإليك مزيأد ‪..‬‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬عن سعيد بن عبد العزيأز قال ‪ :‬ما بالشام ول بالعراق‬
‫أفضل من رحمة العابدة مولة معاويأة ‪..‬‬
‫القراء فكلموها لترفق بنفسها ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫دخل عليها نفر من‬
‫فقْْالت‪ :‬ما لي وللرفق بها فإنما هي أيأْْام مبْْادرة فمن‬
‫فاته اليوم شيء لم يأدركه غدا ً ‪..‬‬
‫والله يأا أخوتاه ‪..‬‬
‫لصلين ما أقلتني جآوارحي ‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ولصومن له أيأام حياتي ‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ولبكين له ما حملت الماء عيناي ‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ثم قالت ‪ :‬أيأكم يأأمر عبده فيحب أن يأقصر فيه !!‪..‬‬
‫ولقد قامت رحمها الله حتى أخضلت ‪..‬‬
‫وصامت اسودت ‪..‬‬
‫وبكيت حتى فقدت بصرها ‪..‬‬
‫قرح فؤادي وكقطّع قلْْبي‬ ‫وكانت تقول ‪ :‬علمي بنفسي ّ‬
‫ك شْْْْيئا ً‬ ‫‪ ..‬والله لْْْْوددت أن الله لم يأخلقْْْْني ولم أ ُ‬
‫مذكوراً‪.‬‬
‫كْْْانت رحمها الله تخْْْرج إلى السْْْاحل فتغسلْ ثيْْْاب‬
‫المرابطين في سبيل الله ‪..‬‬
‫ات‬‫ْر ِ‬ ‫ن فِي الْخَي ْْ َ‬ ‫س ْارِع ُو َ‬ ‫م ك َْْانُوا يأ ُ َ‬ ‫قْْال الله عنهم ‪ } :‬إِنّهُ ْ‬
‫ين {‪..‬‬ ‫شعِ َ‬ ‫َويأَدْع ُونَنَا َرغَبا ً وَ َرهَبا ً وَكَانُوا لَنَا خَا ِ‬
‫قْْال عنهم ‪ } :‬وأ َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سْْاءلُو َ‬ ‫ض يأَت َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫م ع َل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ضْْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ْْ‬‫َ‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ق‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫قَْْْالُوا إِنّا كُنّا قَب ْْْْ ُ‬
‫ه ع َليْنَا‬ ‫ن الل ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ين ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ف ِق َْ‬ ‫شْْْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل فِي أهْلِنَا ُ‬
‫ه هُْْوَ‬ ‫ل ن َ ْدْعُوهُ إِن ّ ُ‬ ‫من قَب ْ ْ ُ‬ ‫موم ِ ‪ ،‬إِنّا كُنّا ِ‬ ‫الس ْ ُ‬‫ّ‬ ‫َووَقَانَا عَذ َ‬
‫َاب‬
‫ن وَ َل‬ ‫َ‬
‫ك بِك َْْاهِ ٍ‬ ‫ت َرب ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫نت بِنِعْ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫م ‪ ،‬فَْْذ َك ّ ْر فَ َ‬ ‫حي ُ‬‫الْْر ِ‬
‫ّ‬ ‫الْب َ ّ‬
‫ْْر‬
‫ون { ‪..‬‬ ‫جن ُ ٍ‬‫م ْ‬ ‫َ‬

‫‪15‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫لفُضلّت النساء على‬ ‫فلو كان النساء كما‬


‫الرجآال‬ ‫ن‬‫ذكر ّ‬
‫فخر‬
‫ٌ‬ ‫وما التذكيرْ‬ ‫فما التأنيث لسم‬
‫للهلل‬ ‫الشمس عيب‬
‫أنواع الصائمين ‪:‬‬
‫أخي ‪ ..‬أخية ‪..‬‬
‫‪ ‬من صام عن الطعام والشراب ‪..‬‬
‫فصومه عادة ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صام عن الربا والحرام ‪ ،‬وأفطر على الحلل من‬
‫الطعام فصومه ‪..‬‬
‫عدة وعبادة ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صام عن الذنوب والعصيان ‪ ،‬وأفطر على طاعة‬
‫الرحمن فإنه ‪..‬‬
‫صائم رضا ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صْْْام عن القبْْْائح ‪ ،‬وأفطر على التوبة لعلم‬
‫الغيوبْ فهو ‪..‬‬
‫صائم تقى ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صْْْام عن الغيبة والبهتْْْان ‪ ،‬وأفطر على تلوة‬
‫القرآن فهو ‪..‬‬
‫صائم رشيد‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صْْْام المنكر والغيْْْار ‪ ،‬وأفطر على الفكْْْرة‬
‫والعتبار فهو ‪..‬‬
‫صائم سعيد ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صام عن الريأاء والنتقاص ‪ ،‬وأفطر على التواضع‬
‫والخلص فهو ‪..‬‬
‫صائم سالم‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫‪ ‬ومن صْْام عن خلف النفس والهْْوى ‪ ،‬وأفطر على‬


‫الشكر والرضا فهو ‪..‬‬
‫صائم غانم ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صام عن قبيح أفعاله ‪ ،‬وأفطر على تقصير آماله‬
‫فهو ‪..‬‬
‫صائم مشاهد ‪..‬‬
‫‪ ‬ومن صام عن طْْول أمله ‪ ،‬وأفطر على تقْْريأب أجآله‬
‫فهو ‪..‬‬
‫صائم زاهد‪..‬‬
‫قال ابن القيم ‪:‬الصوم لجام المتقينْ ‪ ،‬وجآنة المحاربين ‪،‬‬
‫وريأاضة البرار المقربين لرب العالمين ‪..‬‬
‫يأكفيك قوله ‪ ) :‬الصوم لي ( ‪ ..‬يأكفيك قوله ‪ ) :‬الصوم‬
‫لي وأنا أجآزي به (‬

‫طال اشتياقي فكم‬ ‫يأا قادما ً بالتقى في‬


‫يأهفو لكم قلب‬ ‫عينك الحب‬
‫نفسي فهل يأدنو لكم‬ ‫صبرت عاما ً أمنّي‬
‫سرب‬ ‫قرب عودتكم‬
‫والله أكرمنا إذ جآاءنا‬ ‫ل طيفكم‬ ‫قل ه ّ‬
‫الخصب‬ ‫فاخضر عامرنا‬
‫والخاملون كسالى‬ ‫ففيكم يأرتقي البرار‬
‫زرعهم جآدب‬ ‫ة‬
‫منزل ً‬
‫قالوا ‪:‬‬
‫الصوم ‪ :‬لذة المحرومين ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬الصوم رجآولة مستعلنة ‪ ،‬وإرادة مستعلية ‪..‬‬

‫‪17‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫وقْْالوا ‪ :‬رمضْْان شْْهر الحريأة عما سْْوى الله ‪ ،‬وفي‬


‫الحريأة تمْْْْْام العبوديأة ‪ ،‬وفي تحقيق العبوديأة تمْْْْْام‬
‫الحريأة ‪..‬‬
‫و قالوا ‪ :‬رمضان شهر القوة ‪..‬‬
‫) فليس الشديأد بالصرعةْ إنما الشديأد الذي يأملك نفسه‬
‫عند الغضب ( ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬الصوم صبر وطاعة ونظام ‪..‬‬
‫أترون أمة من المم تتحلى بهذه الصفات ثم تجد سبيلها‬
‫إلى النهيار ؟؟!!‪..‬‬
‫أتْْرون جآيشْْا ً يأتحلى بهْْذه الخلق القويأة ثم يأجد نفسه‬
‫على عتبةْ الهزيأمة ؟؟!!‪..‬‬
‫ن الله يأريأد أن يأجعلك‬
‫فل تنسى وأنت تصْْوم رمضْْان أ ّ‬
‫بالصيام مثال القوي المين ‪..‬‬
‫فحْْذار حْْذار أن يأنسْْلخ عنك رمضْْان وأنت الضْْعيفْ‬
‫الخائن ‪..‬‬
‫أحبتي لن يأتسع المقام حتى نذكر حال الغرباء مع القيام‬
‫ومع تلوة القرآن ‪..‬‬
‫لن يأتسع المقام لذكر أخبار الغرباء مع التضرعْ والْْدعاء‬
‫والبذل والعطاء ‪..‬‬
‫ولن يأتسع المقْْام لْْذكر بطْْولت الغربْْاء وصْْولتهم‬
‫وجآولتهم في ساحات الجهاد في رمضان‪..‬‬
‫لكن حسْْْبنا ما سْْْمعنا وذكرنا من أخبْْْارهم واللْْْبيب‬
‫بالشارة يأفهم ‪..‬‬
‫لقد كان رمضان شهر عبادة واجآتهاد ‪ ..‬هكذا كان حالهم‬
‫قبل وبعد رمضان ‪..‬‬
‫فما هو حالنا !!!‪..‬‬
‫اسمع شيئا ً من أخبارنا ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫في بحث واسْْْتفتاء وأسْْْئلة طْْْرحت على فئْْْات من‬


‫المجتمع ‪..‬‬
‫رجآال ً ونساء ‪..‬‬
‫موظفين وطلبا ً ‪..‬‬
‫عن حْْْْالهم وعن أوقْْْْاتهم في رمضْْْْان فجْْْْاءت‬
‫العترافات التي تؤكد لنا قوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) بدأ غريأبا ‪ ،‬وسيعود غريأبا ً فطوبى للغرباء ( ‪..‬‬
‫فقائل أقضي الليل أمام شاشات التلفاز أتْْابع القنْْوات‬
‫الفضائية حتى طلوع الفجر مع بعض زملئي‪..‬‬
‫وقائل أقضي الْْْْوقت تحت أضْْْْواء الملعبْ ضْْْْمن‬
‫سلسلة مباريأات المقامة في الدوري الرمضاني ‪..‬‬
‫وقائل على موائد البلْْوت والْْورق في المجْْالس وعلى‬
‫الرصفة ‪..‬‬
‫وقائل أقضي الوقْْات بْْالتنزه في الحْْدائق تْْارة وفي‬
‫السواق تارة ‪..‬‬
‫أما أهل الوظائف فسهر بالليل ثم كسل وخمول طْْوال‬
‫النهار ‪..‬‬
‫النتيجةْ لوم وتوبيخ وخطابات إنذار ‪..‬‬
‫وآخر يأقول أنا أحسن من غيري حيث يأتسْْنى لي النْْوم‬
‫في المكتبْ ‪..‬‬
‫وآخر يأقول في رمضان يأكثر غيابي وتكثر الحسميات ‪..‬‬
‫وفي لقاءات مع بعض الئمة تحدثا بعضهم مستبشْْريأن‬
‫بزيأْْْادة المصْْْلينْ في رمضْْْان وإقبْْْال النْْْاس على‬
‫الطاعة‪..‬‬
‫وعبّر آخرون عن حزنهم لحال المتخاذلين ‪..‬‬
‫حتى في رمضان ‪..‬‬

‫‪19‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫وقْْال آخر إنهم يأْْزدادون في صْْلة الفجر حْْتى يأمتل‬


‫المسْْجد بهم ‪ ،‬ولكنا ل نكْْاد نْْراهم في صْْلة الظهر‬
‫والعصر ‪ ،‬فقد قلبوا ليلهم نهارا ً ونهارهم ليل ً ‪..‬‬
‫و في السواق فاسمع الخبار من رجآال الهيئات‪...‬‬
‫فسْْْئل أحد العْْْاملينْ في إحْْْدى‬ ‫ُ‬ ‫أما في المقْْْاهي‬
‫المقاهي عن الفرق بالنسبة لهم عن العمل في رمضان‬
‫وفي غْْيره من سْْائر الشْْهور فأجآْْاب ‪ :‬إن العمل في‬
‫رمضْْان يأكْْون أكْْثر تعبْْا ً وإرهاقْْا ً حيث يأكْْثر الزبْْائن‬
‫ويأزدحمون بمعدل الضعف عن غْْير رمضْْان ‪،‬ويأمضْْون‬
‫ليلهم كله في المقهى‪..‬‬
‫أما البناء فعلى الرصفة والطرقات ‪ ..‬صخب ولهو ‪..‬‬
‫فتسأل نفسك أيأن الراعي من الرعيةْ ؟!‪...‬‬
‫أما النساء فسهرات نسائية وانشغال في إعداد أصْْناف‬
‫الحلويأات والمشروبات ‪..‬‬
‫وأمهات يأسهرن حتى الفجر في انتظْْار البنْْاء الْْذيأن ل‬
‫يأعْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْودون إل في هْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْذه‬
‫الوقات ‪..‬‬
‫أما السواق والمجمعات فحدثا ول حرج‪..‬‬
‫فأيأن العبادة و الجد والجآتهاد ؟! ‪..‬‬
‫يأقول أحْْدهم أنْْام بعد الفجر ول أسْْتيقظ إل بعد صْْلة‬
‫العصرْ ‪ ..‬فالنوم عبادة ‪..‬‬
‫وآخر يأقْْْول يأوقظْْْني والْْْدي عند الفطْْْار وفي بعد‬
‫الحيان ل أفطر إل قبيل العشاء ‪ ..‬أقول ‪..‬‬
‫ومع أحد الزبائن في إحدى المقاهي كانت هذه السْْئلة‬
‫السريأعة ‪..‬‬
‫منذ متى وأنت هنا ؟ قال ‪ :‬من الساعة الثانية عشرة ‪..‬‬
‫إلى متى تجلس ؟ قال ‪ :‬إلى وقت السحور ‪..‬‬

‫‪20‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫هل أنت موظف ؟ قال ‪ :‬نعم أنا موظف حكومي ‪..‬‬


‫أل تتأخر عن دوامك ؟ قال ‪ :‬أتْْأخر قليل ً ثم أكمل النْْوم‬
‫في المكتبْ ‪..‬‬
‫هذا هو رمضان اليوم ‪ ..‬عند كثيرْ من الفئات ‪..‬‬
‫فيا غربة الصائمين ‪..‬‬
‫ويأا حسرة المفرطين ‪..‬‬

‫‪ -‬نداء أخير‪:‬‬
‫ويحنا‪ ..‬ما أغرنا !!‪..‬‬
‫ويحنا‪ ..‬ما أغفلنا !!‪..‬‬
‫ويحنا‪ ..‬ما أجهلنا !!‪..‬‬
‫ويحنا‪ ..‬لي شيء خلقنا !!‪ ..‬أللجنة أم‬
‫للنار؟؟!!!‬
‫يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي ‪..‬‬
‫يا شموس التقوى واليمان اطلعي ‪..‬‬
‫يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي ‪..‬‬
‫يا قلوب الصائمين اخشعي‪..‬‬
‫يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي ‪..‬‬
‫ويا عيون المتهجدين ل تهجعي‪..‬‬
‫ويا ذنوب التائبين ل ترجعي‪..‬‬
‫يا أرض الهوى ابلعي ماءك‪..‬‬
‫ويا سماء النفوس أقلعي‪..‬‬
‫يا خواطر العارفين ارتعي ‪..‬‬
‫يا همم المحبين بغير الله ل تقنعي ‪..‬‬
‫للصوام‬
‫ّ‬ ‫قدممت في هذه اليام موائد النعام‬
‫فما منكم إل من دعي ‪..‬‬

‫‪21‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫َ‬
‫منَا‬‫و َ‬‫ق ْ‬‫ه{ ‪ } ..‬يَا َ‬ ‫ي الل ّ ِ‬‫ع َ‬ ‫دا ِ‬ ‫جيبُوا َ‬ ‫منَا أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫} يَا َ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫ْف ْر لَكُم ّ‬‫ه يَغ ِ‬‫منُوا ب ِ ِ‬ ‫وآ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ِ‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫جيبُوا دَا ِ‬ ‫أ ِ‬
‫َ‬
‫ب‬‫ج ْ‬ ‫من ّل ي ُ ِ‬ ‫و َ‬‫اب ألِيم ٍ ‪َ ،‬‬ ‫عذَ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ْركُم ّ‬ ‫وي ُ ِ‬‫م َ‬ ‫ذُنُوبِك ُ ْ‬
‫ْ َ‬
‫س لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ولَي ْ َ‬‫ض َ‬ ‫في ال ْر ِ‬ ‫ز ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ع ِ‬‫م ْ‬ ‫س بِ ُ‬ ‫فلَي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫دَا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ين {‪..‬‬ ‫مب ِ ٍ‬‫ل ّ‬‫ض َل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ولَئ ِ َ‬ ‫ه أولِيَاء أ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫فطوبي لمن أجاب فأصاب ‪ ،‬وويل لمن طرد‬
‫عن الباب ‪..‬‬
‫أل يكفيك قوله ‪:‬‬
‫) الصوم لي وأنا أجزي به (‪..‬‬

‫وأبكي وأبكي ويأبكي دمعي‬ ‫رباه عفوك إني للنور مددت‬


‫ويأبكي بكايأا‬ ‫يأدايأا‬
‫ول لغيرك دوّى يأا ربي يأوما ً‬ ‫وحفنة من وعاء غ َ ْرفَه من‬
‫ندايأا‬ ‫دمايأا‬
‫فاسكب ضياءك إني ظمآن‬ ‫إليك أنت صباحي مصفدا ً في‬
‫ل صدايأا‬ ‫ض ّ‬ ‫مسايأا‬
‫والشط ل ماء فيه يأطفي‬ ‫لم أدرِ من أي نبع أسقي حنين‬
‫اللظى في رحايأا‬ ‫الركايأا‬
‫وذاك دربي وهذا على‬ ‫رحماك يأاربي هذا إثمي وهذي‬
‫الطريأق عصايأا‬ ‫تقايأا‬
‫في لجة ليس فيها من الضياء‬ ‫رحماك ربي إني وزورقي‬
‫بقايأا‬ ‫والخطايأا‬
‫غفرت أم لم فإني ما زلت‬ ‫جآفت وغاضت ولكن ما زلت‬
‫أدعوك يأا يأا‬ ‫أزجآي رجآايأا‬
‫يأا رب ‪ ..‬يأا رب ‪..‬‬
‫عجبا ً لمن عرفك ثم أحب غيرك !!‪..‬‬
‫عجبا ً لمن عرفك ثم أحب غيرك !!‪..‬‬

‫‪22‬‬
‫الشيخ ‪ /‬خالد الراشد‬ ‫غربة صائم‬

‫وعجبا ً لمن سمع مناديأك ثم تأخر عنك !!‪..‬‬

‫اللهم ل تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ‪..‬‬


‫اللهم عاملنا بما أنت أهله ول تعاملنا بما نحن أهله ‪..‬إنك‬
‫انت أهل التقوى وأهل المغفرة ‪..‬‬
‫اللهم بلغنا رمضان ‪..‬‬
‫وارزقنا صيامه وقيامه إيأمانا ً واحتسابا ً يأا ذا الجلل‬
‫والكرام ‪..‬‬
‫اجآعلنا فيه من أهل ليلة القدر ‪..‬‬
‫وممن نال فيه عظيم الثواب والجآر ‪..‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجآمعين ‪..‬‬

‫للستماع للمحاضرة على الرابط ‪:‬‬


‫?‪http://www.islamcvoice.com/mas/open.php‬‬
‫‪cat=94&book=1844‬‬

‫‪23‬‬

You might also like