Professional Documents
Culture Documents
بقلم
حسين بن سعيد الحسنية
1429هم
خامسا ً -:أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى
من يشحذ همم أفرادها ,وينهض بعزائمهم ,ويوجه
مساراتهم ,ويدعوهم إلى إتباع الطريق الصحيح الذي
سلكه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله
عليم جميعا ً .
إن مما يؤلم القلب ,ويدمي الفؤاد ,أن تجد في أبناءا أمتي
من يدعو إلى السفول ,ويرضى بالنحطاط ,ويهوّن أمر
الهمم السامية ,فضاعت الطاقات ,وأهدرت المواهب ,
وغاب كل معنى للسمو والعزةا ,حتى أعترف الجميع من
المحيط إلى المحيط بأننا أمة أصبحت عالة على العالم ,
وأنه ل نتاج لنا ,وليس من سلح في أيدينا سوى التغني
بحرقة على ذلك التاريخ الذي كنا فيه قادةا للعالم وسادةاً
للدول .
أحبتي -:
إن المؤمن في هذه الدنيا يعيش في تقلبات كثيرةا وفتن
عظيمة ,وتمر عليه في اليوما والليلة شهوات تفتك بثباته ,
وتعطل آلته ,وشبهات تثير شجونه ،وتهيج مكنونه ,حتى
أصبح الكثيرونه من أبناءا أمتي – إل من رحم ربي – يعيش
حيرانا ً في هذه الدنيا هائما ً على وجهه ,ل يدري أين
طريق الحقيقة ,يتلمس هنا ...يسأل هناك عن الذي ينقذه
من دياجير الظلما ودهاليز الثاما .نعم ...أصبح المؤمن
يعيش في دوامة ل يدري إلى أين ستقذف به ؟ ,ومتى
ستقذف به ؟ وعلى أي حال ستقذف به ؟
نعم – أهل اليمان -ل أخفيكم سرا ً إذا قلت أن المؤمن
في هذه الدنيا يعيش مراحله معركة المبادئ والقيم والهمم
ومن أجل هذه المعركة جيشنا الحروف !!!
تأملتا قبل بدء المسير
القمم ...جمع قمة وهي المكان المرتفع ,وهي أعلى
مكان في الجبل .
منها يتسع نظر المشاهد تصل ما حوله وعلى جميع الجهات
,فتهنى نفسه ,ويرتاح نظره ,ويتدبر خلق الله جل وعل .
وهي مكانة ل يعشقها سوى البطال ,والذين لهم مع قوةا
الرادةا ووضوح الهدف وسمو النفس قصص ل تجدها إل في
تلك الماكن .
همة قال ابن منظور":والمهمات من المور الهمة :جمع ّ
الشدائد المحرقة " وقال :وهم بالشيءا يهم هما .نواه
وإرادةا وعزما عليه " ,وقال الفيروز أبادي " :الهمّة ما هم
به من أمر ليفعل " القاموس المحيط " ,وقال أبن القيم
رحمه الله " الهمّة فعلة من الهم ,وهو مبدأ الرادةا ,فالهم
مبدؤها ,والهمّة نهايتها "
آخر هذه التأملته اقرأ لقصة هذا الشاب :
أنا شاب في آخر سنين الشباب ,مرت تلك المرحلة وهي
أصعب من غيرها في حياتي ,إنه الضمير الذي أفاق بعد
طول رقاد ,والقلب الذي غرته الحياةا بعد موته سنين .
وها أنا وبعد هذه اليقظة أقولها بفم مليءا بحسرات الندما
وآهات الزمان – يا لهول ما أرى – نكت سوداءا تنشر في
القلب ,وحشة تسيطر في الفؤاد ,شعور بالضياع يفوق
الشعور باليتم ...إحساس شديد يهجم علي مرارا ً ويقول
إن الله عز وجل غاضب عليك فلم يعد أمامي من لون
سوى السواد ,ول معنى للسعادةا إل ما أراه من سراب ,
بل أصبحت حياتي كلها ل تعترف إل بكل معنى مخل ,أو
مصطلح معقد .
ألم ,معناه ,توتر ,تخبط ,ضياع ,حسرةا ,دناءاةا ,
فجور ,فحش ,خطيئة ,ذنب ,سيئة ,غرق ,لعب ,جهد
,مأساةا ....الخ تلك السهاما التي ما يمر يوما إل وتدمي
قلبي الجريح .وبعد تلك اليقظة وذلك السؤال أدركت أن
مة السافلة والدنيئة التي تعاملت بها في حياتي دور لله ّ
في معاناتي تلك ,فقررت أن أغير الوجهة ,وأعدل عن
الطريق الموحش ,وأبدأ في تكوين الهمم العليا في قلبي
لفعلها في دنياي فأظفر برضا الرحمن
فعك البكاءا ول العويهههل كفكف دموعك ليس ينهههه
ن فما شك إل الكسهههول وانهض ول تشك الزمهها
يل ول تقل كيف السبيل واسهلهك بههمتك الهسبه
يهومها وحكمته الدليل مها ضل ذو أمل سعى
يهومها ً ومقصده نبيل كههتهل ول خاب امرؤ
فلهم هذه الدعوةا الصادقة من قلب محب لهم " أخي ...
استجلب نور القلب بدواما الجد ،إنه استعلءا ثمنه التعب ,
ليكن شعارك الصبر وراحتك التعب .اعلم يا أخي ..أن
الراحة للرجال غفلة كما يقول الفاروق رضي الله عنه ,
وأتعب الناس من جلت مطالبه قال شعبة " :ل تقعدوا
فراغا ,فإن الموت يطلبكم " وسئل أبن الجوزي :أيجوز
أن أفسح لنفسي في مباحات الملهي ؟ فقال له :عند
نفسك ما يكفيها من الغفلة ,يقول أبن القيم رحمه الله :
لبد من سنة الغفلة ورقاد الغفلة ولكن كن خفيف النوما .
هلة فالعمر قليل وانتبه من رقدةا الغفه
فهما داءا دخيل واطرح سوف وحتى ّ
فاخلع الراحة يا أخي ...وليكن شعارك قول أحمد بن حنبله
رحمه الله لبنه " ..يا بني ..لقد أعطيت المجهود من
نفسي " ,وسئل متى الراحة فقال ":عند أول قدما تضعها
في الجنة" .
الطالب الصادق كلما ناله هم أو حزن جعله في أفراح
الخرةا ,ومن لمح فجر الجر هان عليه ظلما التكليف ,
سأل رجل بلل ً أبي بكر رضي الله عنه فقال له :من سبق
قال :سبق المقربون قال :إنما أسألك عن الخيل ؟ قال :
وأنا أجيبك عن الخير" .
أخي ..هل أنت عال الهمة ؟ أما تشتاق أن تكون من علةا
الهمة ؟ .إذا ً فتعال واعرف صفات قلوب أولئك الرجال ,
وحاكهم .
فقلب عالي الهمة قلب ل يعرف القيود والقضبان ,ول
تأسره الرض كلها وما عليها
قلب عالي الهمة ..ل يصاد بالطعم فهو متطلع يقظ ل
يعرف الغفلة ,ول يحتال عليه كاذب ,ول يصيده شيطانه .
قلب عالي الهمة ..ل يعرف التثاؤب ول الراحة ول
السكون ول الدعة ول الترف " إن عباد الله ليسوا
بالمنعمين " وكذا كان قلب أبو موسى الشعري رضي ّ
الله عنه ,فقد كان ليصوما حتى يعود كالخلل ,فقيل له :
لو أجممت نفسك – أي جعلتها تستريح -؟ فقال :هيهات
إنما يسبق من الخيل المضمرةا .
عزما الرجال إذا ما ل ينبض القلب إل حين
استيقظت فيه يدفعههه
إلهى السمههاءا إذا هبت تناديه والحب يخترق الغبراءا
مندفعا ً
أمها الهحيههاةا فهيبليهها وتبليه والقيد يألفه المههوات ما
لبثوا
ومهن يكهن همهه أقصهى من يؤثر الحق يبذل منه طاقته
العل يصل
خلف من الضعف ل شيءا يقعد آمال النفهوس إذا
واستعضت على الكسل
يا سوق المل ...أين أرباب الصياما ؟ ,يا فرش القوما ...
أين حرّاس الظلما
أخي ...انتبه من رقدات الغمار ,وانتبه للحظات العمار ,
وقاطع الكسل فقد قطع العذار ,واسمع زواجر الزمن فما
دجي الدجى وقد بهر النهار ,وخذ بالحزما فقد شفى تلف
من رضي بشفا جرف هار ,ولله در العاملين بزمانهم ,إذْ
باعوا ما شانهم بإصلح شأنهم ,ما أقل ما تعبوا ,وما أيسر
ما نصبوا ,وما زالوا حتى نالوا ما طلبوا ,شمروا عن سوق
الجد في سوق العزائم ,ورأوا مطلبهم دون غيره ضربة
لزما ,وجادوا مخلصين فربحوا يوما أن خسر حاتم ,
وأصبحوا في منزل النجاةا وأنت نايم ,متى تسلك طريقهم
ياذا المآتم ؟! تندبه الذنوب ندب المآتم ؟!
سك ُ ْ
م م أَ ُ
نف َ منُوا ْ عَلَيْك ُ ْ
ين آ َ
ذ َها ال ّ ِ
َ
ثانيا ً } -:يَا أي ّ َ
{....المائدة 105