You are on page 1of 4

‫أنسيتَ‬

‫كَيفَالدينَة؟!‬
‫َ‬ ‫أنَ‬
‫كلمة‬
‫لفضيلة الشيخ الدُّ كتور‬

‫عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر‬


‫حفظهما اهلل تعالى‬

‫ألقاها يف الجامعة اإلسالمية بالمدينة النبوية‬

‫راجعها الشيخ‬

‫‪¢‬‬
‫رب العالمين‪ ،‬وأشهد ّأل إلـٰه اإل اهلل وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد‬
‫الحمد هلل ِّ‬
‫محمدً ا عبده ورسوله ص الى اهلل وس الم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين‪..‬‬
‫أن ا‬‫ا‬
‫علما‪ ،‬ال ّٰلهم إناا‬
‫هم ع ِّلمنا ما ينفعنا وزدنا ً‬
‫هم ل علم لنا اإل ما ع المتنا‪ ،‬ال ّٰل ا‬
‫ال ّٰل ا‬
‫صالحا ورزقا ط ِّي ًبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعمًل‬
‫ً‬ ‫علما ناف ًعا‬
‫نسألك ً‬

‫‪1‬‬
‫الصباح محاضرة ُكن ُْت سمعتُها يف هـٰذه َ‬
‫الجامعة وأنا‬ ‫خطر يف ذهني هـٰذا ا‬
‫ارت عنوان تلك ال َكلمة‪ ،‬وهو عنوان يف‬
‫طالب قبل أكثر من عشرين سنة‪ ،‬تذك ُ‬
‫ٌ‬
‫جميل جدًّ ا‪ ،‬وينبغي أن يتوارد على ذهن طالب العلم يف هـٰذه‬ ‫الحقيقة‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫جميل لمحاسبة النافس وت ْذ ٌ‬
‫كار ط ِّيب لعظيم‬ ‫ٌ‬
‫عنوان‬ ‫كثيرا؛ بل إناه‬
‫الجامعة ً‬
‫َ‬
‫المجيء وال ُقدوم إلى هـٰذا‬
‫النِّعمة التي أنعم اهلل گ هبا على طالب العلم هبـٰذا َ‬
‫الجامعة‪.‬‬
‫البلد وإلى هـٰذه َ‬
‫المحاضرة‪:‬‬
‫كان عنوان تلك ُ‬
‫المدينة؟!‬
‫أنسيت أنَّك يف َ‬
‫َ‬
‫وحقيق ًة ينبغي على من أكرمه اهلل گ بالقدوم إلى هـٰذا البلد المبارك ‪ -‬بلد‬
‫دائما هـٰذه المناة العظيمة والتايسير‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ -‬لطلب العلم أن يتذكار ً‬
‫رب العالمين ا‬
‫جل وعًل‪.‬‬ ‫ويسره ُّ‬
‫الكبير الذي ه ايأه ا‬
‫ٌ‬
‫جميل ‪-‬يا طالب العلم‪ -‬أن ُتذكِّر نفسك هبـٰذه التاذكرة‪ ،‬وأن تقول لنفسك‪:‬‬
‫أنسيت أناك يف المدينة؟! وأن تقول لها‪ :‬أنسيت أناك يف الجامعة اإلسًلمية؟!‬
‫وعظم هـٰذا المقام وعظم هـٰذه المكانة‬‫وإذا ُذكِّرت النافس هبـٰذا األمر ِ‬
‫ِ‬
‫الشأن ُفت َح للعبد بإذن اهلل ‪َ -‬ت َب َار َك َو َت َعا َلى‪ٌ -‬‬
‫خير عظيم‪.‬‬ ‫ورفيع هـٰذا ا‬

‫و ُيعينك ‪-‬أ ُّيها األخ المو افق‪ -‬على ُحسن التاذكار ُ‬


‫وحسن المحاسبة يف هـٰذا‬
‫الباب العظيم وأنت تقول لنفسك‪ :‬أنسيت أناك يف المدينة؟ أقول‪ :‬مما يعينك‬
‫على ذلك أن تلتفت بذاكرتك إلى زمًلئك ورفقائك يف البًلد أ ايام الدِّ راسة يف‬
‫الرفقاء‪ ،‬وأولئك‬
‫الزمًلء‪ ،‬وأولئك ُّ‬
‫مراحل الدِّ راسة األولى‪ ،‬تذكار أولئك ُّ‬

‫‪2‬‬
‫الذين لع ْب َت معهم وصحبتهم وضحكت وإ اياهم وتآنست وإ اياهم‪ ،‬تذكار‬
‫وأي شيء يصنعون؟ وبماذا يف ِّكرون؟‬
‫الزمًلء‪ ،‬أين هم؟ وماذا هم؟ ُّ‬
‫أولئك ُّ‬
‫ووجدوا لتحقيقها َأل وهي عبادة اهلل‬
‫وما شأهنم مع الغاية التي ُخلقوا ألجلها ُ‬
‫الشبهات؟ وكيف شأهنم مع ا‬
‫الشهوات؟ وكيف شأهنم‬ ‫گ؟ كيف شأهنم مع ُّ‬
‫تنوعات‪ ،‬تذكار حال هـٰؤلء وحالك‪ ،‬فأنت يف‬
‫والصوا ِّد الم ِّ‬
‫ا‬ ‫الصوارف‬
‫مع ا‬
‫المدينة‪ ،‬وهم كثير منهم ل تدري أين هم وماذا يصنعون‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرسول َع َل ْيه ا‬
‫الص ًَل ُة‬ ‫لكناك أنت يف المدينة‪ ،‬يف مأرز اإليمان‪ ،‬يف بلد ا‬
‫شع وشاع وانتشر دين اهلل گ منه إلى اآلفاق‪ ،‬حتى‬
‫الس ًَل ُم‪ ،‬يف البلد الذي ّ‬
‫َو ا‬
‫البلد الذي قدمت منه‪ ،‬ولو كان يف أقاصي الدُّ نيا جاءه اإليمان من المدينة‪،‬‬
‫ان َل َي ْأ ِرزُ إِ َلى ا ْل َم ِدين َِة ك ََما ت َْأ ِرزُ ا ْل َح َّي ُة إِ َلى ُج ْحرِ َها»‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يم َ‬ ‫«إِ َّن ِ‬
‫اإل َ‬
‫فأنت يف المدينة‪ ،‬أنت ‪-‬يا طالب العلم‪ -‬يف المدينة هـٰذه كلمة عظيمة جدا؛‬
‫ينبغي أن ُتدَ ِّوي يف فؤادك‪ ،‬وأن تجول يف خاطرك ونفسك كثيرا‪ ،‬وأن تعي‬
‫ج ِّيدا هـٰذه النِّعمة‪ ،‬وأن تكون على ِذك ٍْر منها‪.‬‬
‫وثق ‪-‬أ ُّيها األخ‪ -‬أنّك إذا ذكرت النِّعمة وعرفت قدْ رها وقدَ ْرت هـٰذه‬
‫الشكر‬ ‫بالشعور هبا ّ‬
‫فإن هـٰذا يفتح لك باب ُّ‬ ‫نفسك ُّ‬
‫وتحركت ُ‬
‫ّ‬ ‫النِّعمة قدْ رها‪،‬‬
‫هلل گ وال ال َه ِج بحمده وحسن ال اثناء عليه‪.‬‬
‫ومن َث ام ً‬
‫أيضا يفتح لك باب حسن العمل وحسن اإلقامة وحسن األدب يف‬
‫هـٰذا البلد المبارك بلد رسول اهلل ﷺ‪.‬‬

‫اهلل (‪ )147‬من حديث أبي هريرة ﭬ‪.‬‬


‫رحم ُه ُ‬
‫اهلل (ح‪ ،)1876‬ومسلم َ‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري َ‬
‫رحم ُه ُ‬
‫‪3‬‬
‫الضياء‪ ،‬وانطلق‬
‫وعم ِّ‬
‫ّ‬ ‫من هـٰذا البلد المبارك َش اع اإليمان وانتشر العلم‬
‫األرض‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬يف المشرق والمغرب‪ ،‬يف‬
‫الدُّ عاة إلى اهلل گ يف أنحاء ْ‬
‫أفواجا‪ ،‬يأيت إلى هـٰذا البلد الوفود يف‬
‫ً‬ ‫جهات ال َعالم‪ ،‬ودخل النااس يف دين اهلل‬
‫ابي ﷺ وبعد زمنه فيتل اقون العلم وينطلقون دعاة إلى العلم وإلى الحق‬
‫زمن الن ِّ‬
‫وإلى الهدى ﴿ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬

‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﴾ [التوبة]‪.‬‬
‫هكذا كان َش ْأهنم‪ ،‬وهكذا كانت حالهم يف َم ْقدَ مهم إلى المدينة‪ ،‬فما شأنك‬
‫قد ْمت إلى المدينة؟ أنسيت أناك يف المدينة؟!‬ ‫أنت وقد ِ‬

‫ولهـٰذا وص َّيتي لك ‪-‬أ ُّيها األخ المو افق المبارك‪ -‬أن تذكر دو ًما هـٰذه النِّعمة‬
‫ال ُعظمى‪ ،‬وهي نعمة اصطفاء اهلل ‪ -‬ا‬
‫جل وعًل‪ -‬لك من ب ْين ُزمًلئك ومن ب ْين‬
‫يسر اهلل گ لك هـٰذا المجيء‬
‫إخوانك ورفقائك ومن ب ْين أصحابك حتى ا‬
‫إلى المدينة؛ إلى مأرز اإليمان‪.‬‬
‫فاذكر ‪-‬يا عبد اهلل‪ -‬نعمة اهلل عليك‪ ،‬اذكر مناة اهلل ‪ّ -‬‬
‫جل وعًل‪ -‬عليك‬

‫وقول‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ﴾ [النمل‪ ،]19:‬وكن هلل‬


‫شكرا هلل گ على َمنِّه وتوفيقه وتيسيره‬
‫ً‬ ‫حامدً ا‪ ،‬واعمل ‪ -‬يا عبد اهلل‪-‬‬
‫وتسديده‪.‬‬
‫كان اهلل لكم جمي ًعا مو ِّفقا ومعينًا ومسدِّ دا ومؤ ِّيدا وحاف ًظا بمنِّه وتوفيقه‬
‫وتسديده‪ .‬واهلل أعلم وص الى اهلل وس الم على رسول اهلل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪4‬‬

You might also like