You are on page 1of 11

‫‪ 1‬من ‪11‬‬

‫شهر رمضان شهر القرآن‬ ‫عنوان اخلطبة‬


‫‪/1‬منزلة القرآن العظيم وفضله ‪/2‬حال الرسول‬ ‫عناصر اخلطبة‬
‫الكرمي والسلف مع القرآن يف رمضان ‪/3‬من آداب‬
‫تالوة القرآن الكرمي‪.‬‬
‫حممد العريفي‬ ‫الشيخ‬
‫عدد الصفحات ‪11‬‬
‫اخلطبة األوىل‪:‬‬

‫باهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬من ُشرو ِر‬ ‫ستغفره‪ ،‬ونعوذُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلمد ِ‬ ‫َّ‬
‫مده‪ ،‬ونَستعينُه ونَ ُ‬ ‫هلل حَن ُ‬ ‫إن َ‬
‫ضلِ ْل فال‬‫ومن يُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ُفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يَهده اهللُ فال ُمض َّل لَهُ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الشبيه‬ ‫الشريك لَه‪َ ،‬ج َّل ع ِن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫حدهُ‬
‫وأشهد أن ال إلَهَ إاّل اهللُ َو َ‬
‫ُ‬ ‫ي له‪،‬‬
‫هاد َ‬
‫وص ِفيُّهُ وخليلُه‪،‬‬
‫عبدهُ ورسولُه‪َ ،‬‬ ‫أن حممداً ُ‬ ‫وأشهد َّ‬
‫ُ‬ ‫ِّد والنظري‪،‬‬ ‫وال َـم ِ‬
‫ثيل‪ ،‬والن ِّ‬
‫آله الطيبني‪ ،‬وأصحابِِه الغُِّر ال َـميامني‪،‬‬ ‫صلى اهلل وسلَّم وبار َك عليه‪ ،‬وعلى ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫سأل اهللَ أن‬‫الليل والنهار‪ ،‬ونَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ب ُ‬ ‫ذكرهُ الذاكرو َن األبرار‪ ،‬وما تَعاقَ َ‬ ‫ما َ‬
‫مرتِه‪ ،‬أما ُ‬
‫بعد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القيامة يف ُز َ‬
‫يوم َ‬
‫ِ‬
‫صالـحي َّأمته وأن حَي ُشَرنا َ‬
‫جَي علَنا ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ 2‬من ‪11‬‬

‫أنز َل‬ ‫أيُّها اإلخوةُ ِ‬


‫العظيم ال ُـمبارك بأن َ‬ ‫َ‬ ‫الشهر‬
‫ف اهللُ هذا َ‬ ‫الكرام‪ :‬لقد َشَّر َ‬
‫ضا َن الَّ ِذي ُأن ِز َل فِ ِيه‬ ‫فيه أعظَ َم ُكتُبِه‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫(ش ْه ُر َر َم َ‬
‫اهلل ‪-‬تعاىل‪ِ -‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الْ ُق ْرآ ُن ُه ًدى لِّلن ِ‬
‫وم َد َح اهللُ َمن يَتلونَهُ‬ ‫َّاس َو َبِّينَات ِّم َن اهْلَُد ٰى َوالْ ُف ْرقَان ) َ‬
‫مِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّ ِ‬
‫اه ْم‬‫اب اللَّه َوَأقَ ُاموا الصَّاَل َة َوَأْن َف ُقوا َّا َر َز ْقنَ ُ‬
‫ين َيْتلُو َن كتَ َ‬ ‫فقال‪َّ ( :‬ن الذ َ‬
‫ور)[فاطر‪.]29 :‬‬ ‫جِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سًّرا َو َعاَل نيَةً َي ْر ُجو َن َ َار ًة لَ ْن َتبُ َ‬

‫فقال ُسبحانَهُ‬ ‫الذين حَي َفظونَه‪َ ،‬‬ ‫ك َ‬ ‫‪-‬ج َّل وعال‪ -‬تَزكِيَةً ألولِئ َ‬ ‫وبنَّي َ اهللُ َ‬
‫َ‬
‫النيب ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات يِف ُ ِ َّ‬
‫وبنَّي َ ُّ‬ ‫ين ُأوتُوا الْع ْل َم) َ‬ ‫ص ُدور الذ َ‬ ‫ات َبِّينَ ٌ‬
‫وتَعاىل‪( :‬بَ ْل ُه َو آيَ ٌ‬
‫يوم‬ ‫ِ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪َّ -‬‬
‫أن القرآ َن يَرفَ ُع صاحبَهُ يف الدُّنيا‪ ،‬وين َفعُهُ َ‬
‫القيامة‪ ،‬فأما َرفعُهُ يف الدنيا فلقد قال عليه الصالة والسالم‪ِ" :‬إ َّن اهللَ َي ْرفَ ُع‬
‫اب َأْقواما‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِب‬
‫ين"(رواه مسلم)‪.‬‬ ‫ض ُع بِه َ‬
‫آخ ِر َ‬ ‫َ َذا الْكتَ ِ َ ً َ َ َ‬
‫وقال عليه الصالة والسالم‪ِ" :‬إ َّن ِم ْن ِإ ْجاَل ِل اللَّ ِه ِإ ْكَر َام ِذي الشَّْيبَ ِة‬
‫الس ْلطَ ِ‬
‫ان‬ ‫آن َغرْيِ الْغَايِل فِ ِيه َواجْلَايِف َعْنهُ‪َ ،‬وِإ ْكَر َام ِذي ُّ‬ ‫الْمسلِ ِم‪ ،‬وح ِام ِل الْ ُقر ِ‬
‫ْ‬ ‫ُْ ََ‬
‫رامةَ ِ‬
‫أهل‬ ‫ِِ‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ -‬ك َ‬ ‫الْ ُم ْقسط"‪0‬رواه أبوداود)؛ َفَبنَّي َ ُّ‬
‫دون ساِئِر الناس‪.‬‬ ‫وإكرامهم ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظيم ِه لِشأهِن م‪،‬‬
‫مام ِه هبم وتَ ِ‬ ‫القرآن باهتِ ِ‬
‫ِ‬
‫‪ 3‬من ‪11‬‬

‫يوم القيامة‬ ‫ِ‬ ‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َّ -‬‬


‫أن القرآ َن يَن َف ُع صاحبَهُ َ‬ ‫وبنَّي َ ُّ‬
‫َ‬
‫َأِلص َحابِِه‪ ،‬ا ْقَرءُوا‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فقال‪" :‬ا ْقَرءُوا الْ ُق ْرآ َن فَِإنَّهُ يَْأيِت َي ْو َم الْقيَ َامة َشف ًيعا ْ‬
‫ان َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة َكَأن َُّه َما‬
‫الز ْهراوي ِن الْب َقرةَ‪ ،‬وسورةَ ِآل ِعمرا َن‪ ،‬فَِإنَّهما تَْأتِي ِ‬
‫َُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫اج ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫اف‪ ،‬حُتَ َّ‬ ‫ص َو َّ‬ ‫َغ َم َامتَان‪َْ ،‬أو َكَأن َُّه َما َغيَ َايتَان‪َْ ،‬أو َكَأن َُّه َما ف ْرقَان م ْن طَرْيٍ َ‬
‫َأص َحاهِبِ َما"(رواه مسلم)‪.‬‬ ‫َع ْن ْ‬

‫فقال‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القيامة تكو ُن‬ ‫يوم‬ ‫والسالم َّ‬ ‫وبنَّي ِ‬
‫فعةَ َ‬‫الر َ‬
‫أن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫عليه الصالةُ‬ ‫ََ‬
‫ِّل َك َما‬
‫ت‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ب الْ ُقر ِ‬
‫آن‪ :‬ا ْقرْأ‪ ،‬و ْارتَ ِ‬ ‫اح ِ‬‫ال لِص ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫عليه الصالة والسالم‪" :‬يُ َق ُ َ‬
‫آخ ِر آيٍَة َت ْقَرُؤ َها"(رواه الرتمذي‬ ‫ك ِعْن َد ِ‬ ‫الد ْنيَا‪ ،‬فَِإ َّن َمْن ِزلَ َ‬
‫ِّل يِف ُّ‬
‫ت تَُرت ُ‬
‫ُكْن َ‬
‫وأبوداود)‪.‬‬

‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬القرآ َن سواءً يف‬ ‫عاه َد ُّ‬
‫أيُّها املسلمون‪ :‬لقد تَ َ‬
‫رمضا َن أو يف غ ِري رمضان‪ ،‬وكا َن ِ‬
‫والسالم وأصحابُهُ‬
‫ُ‬ ‫عليه الصالةُ‬
‫راج َعةً وتَ َدبُّراً‪ ،‬وكانوا يَهتمو َن ِبه يف‬
‫وم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتابعو َن يَهتَمو َن بالقرآن؛ تالوةً ُ‬
‫إن جربيل ‪-‬عليه السالم‪،-‬‬ ‫مامهم ِبه يف غريه‪ ،‬بل َّ‬
‫رمضا َن أكثر من اهتِ ِ‬
‫َ‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬القرآ َن يف ُك ِّل رمضان ‪،‬مل‬ ‫س َّ‬ ‫ِ‬
‫كا َن يُدار ُ‬
‫‪ 4‬من ‪11‬‬

‫القرآن كامال‪ ،‬أو ين ِز ُل ِ‬‫ِ‬ ‫ملدار َس ِة‬ ‫ِ‬


‫عليه يف‬ ‫َ‬ ‫يُذ َك ْر أنَّهُ يَن ِز ُل عليه يف شه ِر حُم َّرم َ‬
‫عليه يف شه ِر رمضان‪،‬‬ ‫ينزل ِ‬ ‫مَّن‬
‫احلديث أنَّهُ ُ‬
‫ُ‬ ‫شه ِر شعبا َن أو شوال‪ ،‬وإ ا جاءَ‬
‫راج ُع معهُ القرآن‪ ،‬يُدا ِر ُسهُ القرآن‪ ،‬حىت إذا كا َن َّ‬ ‫ي ِ‬
‫األخري لهُ‬
‫َ‬ ‫الر َمضا َن‬ ‫ُ‬
‫نزل ِ‬ ‫عليه الصالةُ والسالم الذي ُت ُويِّفَ َ‬ ‫ِ‬
‫فراج َع معهُ‬
‫جربيل َ‬
‫ُ‬ ‫إليه‬ ‫بعدهُ بأشهر‪َ ،‬‬
‫واحد (رواه مسلم)‪ ،‬ولقد كا َن‬ ‫ني يف رمضا َن ِ‬ ‫القرآ َن ودار َسهُ معهُ َمَّرتَ ِ‬
‫َ‬
‫أيامه‪ ،‬ويَهتَ ُّم ِبه اهتماما عظيما يف‬
‫وال ِ‬ ‫السالم يَتلو القرآ َن ِط َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليه الصالةُ‬
‫َر َمضان‪.‬‬

‫ِ‬
‫عظمة القرآن‪،‬‬ ‫لف الصالِح‪ ،‬والتابعون هلم بإحسان ِسَّر‬ ‫الس ُ‬
‫أدرك َّ‬
‫لقد َ‬
‫فطاروا بعجائبه‪ ،‬وعاشوا مواعظَه‪ ،‬ويف املواسم الفاضلة يَزداد التعلُّق به‪،‬‬
‫أن ِ‬
‫الواح َد منهم‬ ‫وجدت َّ‬ ‫رأت يف ِسرَيِ هم‬‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫ويشتد التسابُق إىل قراءته؛ فإذا ق َ‬
‫يستطيع أن‬
‫ُ‬ ‫ب هل‬‫عج ُ‬ ‫كا َن يَقرُأ يف رمضا َن الشيءَ الكثري‪ ،‬حىت إن َ‬
‫َّك لَتَ َ‬
‫صنع ذلك؟!‬ ‫يَ َ‬

‫يقول عبداهلل بن مسعود ‪-‬رضي اهلل عنه‪" :-‬يَنبغي ِ‬


‫حلامل القرآن أن‬
‫عرف بلَيلِه إذ الناس ناِئمون‪ ،‬وبنها ِره إذ الناس م ِ‬
‫فطرون‪ ،‬وحبُزنِه إذ‬ ‫يُ َ‬
‫ُ‬
‫‪ 5‬من ‪11‬‬

‫وبصمتِه إذ الناس‬ ‫ِئ‬


‫الناس يفرحون‪ ،‬وببكا ه إذ الناس يَضحكون‪َ ،‬‬
‫خيوضون‪ ،‬وخبشوعه إذ الناس خيتالون"‪.‬‬

‫الزهري ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إذا دخل رمضان يقول‪" :‬إمَّن ا هو قراءة‬


‫ُّ‬ ‫وكان‬
‫القرآن‪ ،‬وإطعام الطعام"‪ ،‬وكان اإلمام مالك ‪-‬رمحه اهلل ‪" :-‬إذا دخل‬
‫رمضا ُن ترك قراءة احلديث وأقبل على القرآن"‪ ،‬وقال عبدالرازق‪" :‬كان‬
‫مجيع العبادة‪ ،‬وأقبل على قراءة‬
‫الثوري إذا دخل رمضان َتَرك َ‬
‫ُّ‬ ‫سفيان‬
‫القرآن"‪.‬‬

‫القرآن الذين هم أهل ِ‬


‫اهلل‬ ‫ِ‬ ‫نسأل اهللَ ‪-‬تعاىل‪ -‬أن جَي َعلَنا مجيعاً من ِ‬
‫أهل‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حده‪.‬‬ ‫فيه التالو َة واإلخالص ِ‬
‫هلل َو َ‬ ‫وخاصتُه‪ ،‬وأن يرزقَنا ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأستغفر اهللَ اجلليل العظيم من ُك ِّل َذ ٍ‬
‫نب؛ فاستَغفروهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أقول ما تَسمعو َن‪،‬‬
‫ُ‬
‫وتوبوا ِ‬
‫إليه؛ إنَّهُ هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ 6‬من ‪11‬‬

‫اخلطبة الثانية‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلمد ِ‬


‫وأشهد أن ال إلهَ‬
‫ُ‬ ‫وامتنانه‬ ‫توفيقه‬ ‫والشكر له على‬
‫ُ‬ ‫إحسانه‬ ‫هلل على‬ ‫ُ‬
‫عبدهُ ورسولُهُ‬ ‫أن حممداً ُ‬ ‫وأشهد َّ‬
‫ُ‬ ‫شريك له تعظيماً لشأنه‬ ‫َ‬ ‫وحدهُ ال‬
‫إاّل اهللُ َ‬
‫ِ‬
‫وإخوانه‬ ‫رضوانه صلى اهلل وسلم وبارك عليه وعلى ِ‬
‫آله‬ ‫ِ‬ ‫الداعي إىل‬
‫يوم الدين‪ ،‬أما‬ ‫نته إىل ِ‬
‫وخاَّل ِنه ومن سار على هَن ِج ِه واقتَفى أ َثره واس َّ بس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ نَت ُ‬ ‫َ‬
‫بعد‪:‬‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫لقراءة‬ ‫القرآن فضالً وأجراً‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫أن لِقراءَ ِة‬
‫أيها اإلخوةُ الكرام‪ :‬كما َّ‬
‫راءة القرآن‪:‬‬ ‫آداب قِ ِ‬
‫فمن ِ‬ ‫القرآن آداباً‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫عليه أو ِ‬
‫ألجل‬ ‫ِ‬ ‫هلل ‪-‬سبحانَهُ وتعاىل‪ ،-‬أاّل يقرَأ ِ‬ ‫اإلخالص ِ‬
‫ألجل أن يُثىَن‬ ‫ُ‬
‫صوتَهُ‪( ،‬فَ َمن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الناس َ‬
‫دح ُ‬ ‫الوتَهُ أو َك َثر َة قراءَته أو أن مَي َ‬
‫الناس ت َ‬
‫أن مَي َد َح ُ‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫َكا َن يرجو لَِقاء ربِِّه َف ْليعمل عمالً حِل‬
‫صا ًا َوالَ يُ ْش ِر ْك بعبَ َادة َربِّه َ‬
‫َأح ًدا)‪.‬‬ ‫َ ََْ ْ ََ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫أخبَر َّ‬
‫أن‬ ‫احلديث الذي رواه مسلم َّ‬ ‫ِ‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ -‬‬ ‫أن َّ‬ ‫ويف‬
‫"ر ُجالً‬
‫وذكر منهم عليه الصالة والسالم َ‬ ‫النار ثالثةٌ‪َ ،‬‬ ‫َّأو َل َمن تُ َس َّع ُر هبم ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫قا ِرئاً للقرآن‪ ،‬فيُجاءُ به فيَسألُهُ اهللُ ‪-‬تعاىل‪ -‬عن َع َمله؟ فيقول‪َ :‬قَر ُ‬
‫أت‬
‫‪ 7‬من ‪11‬‬

‫وتقول‬
‫ُ‬ ‫بت‪،‬‬
‫فيقول اهللُ ‪-‬تعاىل‪ -‬لهُ َك َذ َ‬
‫فيك القرآ َن وأقرأتُهُ للناس‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫ؤم ُر ِبه‬
‫قيل‪ ،‬مثَّ يُ َ‬
‫هو قارٌئ فقد َ‬
‫ِ‬ ‫رأت لِيُ َ‬
‫قال َ‬ ‫كذبت‪ ،‬وإمنا قَ َ‬
‫َ‬
‫ِئ‬
‫املال كةُ لهُ‬
‫باهلل‪ ،-‬فاإلنسا ُن خُي لِ ِ‬ ‫‪-‬عياذاً ِ‬‫فيسحب إىل النا ِر"‪ِ ،‬‬
‫ص هلل ‪-‬سبحانهُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّب‬
‫واألجر ال ُـمَتَرت َ‬
‫َ‬ ‫وتعاىل‪ -‬إذا قَرَأ لرَي جوا َرمحَةَ اهلل –تعاىل‪ -‬و ِرضوانَهُ‬
‫الوة القرآن‪.‬‬ ‫على تِ ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ـح ِّس َن صوتَهُ بالقرآن‪،‬‬ ‫ومن آداب القرآن أن َيَتغَىَّن به‪ ،‬أن يَُرِّتلَهُ أن يُ َ‬
‫قرأت أن‬ ‫"زيِّنُوا الْ ُقرآ َن بَِأصواتِ ُكم" (رواه ابن ماجه)؛ فَ ِمن ُّ ِ‬
‫السنة إذا َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الس َفَر ِة الْ ِكَر ِام‬
‫آن َم َع َّ‬ ‫اهر بِالْ ُقر ِ‬‫ِ‬ ‫حُت ا ِو َل أن َتَتغَىَّن بِه‪ ،‬أن تَُرِّتلَهُ َّ‬
‫فإن "الْ َم ُ ْ‬
‫َأجَر ِان"(رواه‬
‫اق‪ ،‬لَهُ ْ‬ ‫الَْبَر َر ِة‪َ ،‬والَّ ِذي َي ْقَرُأ الْ ُق ْرآ َن َو َيتََت ْعتَ ُع فِ ِيه‪َ ،‬و ُه َو َعلَْي ِه َش ٌّ‬
‫وأجر املشق َِّة اليت تُصيبُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التالوة ُ‬ ‫أجر َ‬ ‫مسلم)‪ ،‬لهُ ُ‬
‫الناس إذا نظرت ِ‬
‫إليه وهو يقرُأ القرآ َن‬ ‫بعض ِ‬ ‫أيُّها املسلمون‪ :‬نُنَبِّهُ إىل َّ‬
‫َ‬ ‫أن َ‬
‫تيه وإمَّن ا يُ ِـمُّر َعينَ ِيه فقط على‬
‫ك املصحف وال حُي ِّر ُك َش َف ِ‬
‫َ‬ ‫وجدت أنَّهُ مُي ِس ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اآليات فتَظُ ُّن أحياناً أنهُ ال يَقرُأ‪ ،‬تَظُ ُّن أنهُ يُ َف ِّك ُر مُث تُ َ‬
‫فاجُأ أنهُ َ‬
‫فتح‬
‫بعدها وهذا ال‬‫وذهب إىل الَّيت َ‬ ‫الصفحةَ‪ ،‬مبعىن أنه قرَأ صفحةً ِ‬
‫كاملَةً‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 8‬من ‪11‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ري على اللِّسان ُ‬
‫األحرف واأللفا ُظ‪،‬‬ ‫ِّالو َة البُ َّد أن جَت َ‬
‫فإن الت َ‬‫الو ًة َّ‬
‫يُعتََب ُر ت َ‬
‫ِ‬
‫اآليات فهذا ِ‬
‫كم ِثل‬ ‫ك املصحف مث يـمُّر ِ‬
‫بعينيه فقط على‬ ‫أما من كا َن مُي ِس ُ‬
‫َ َُ‬
‫فظه‪ ،‬أما‬ ‫ِ‬
‫راجع ِح ِ‬ ‫آية معيَّ ٍنة أو َكلِم ٍة ٍ‬
‫ٍ‬
‫ريد أن يُ َ‬ ‫معينة أو يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫بحث عن ُ َ‬ ‫الذي يَ ُ‬
‫حبسنة واحلسنةُ بعش ِر أمثاهِل ا إىل سبعِ ِ‬
‫مائة‬ ‫حرف ٍ‬ ‫ريد األجر‪ُ ،‬ك ُّل ٍ‬
‫َمن يُ ُ َ‬
‫ص َّح‬ ‫ِ‬
‫باأللفاظ نُطقاً صحيحاً حىت ي ِ‬ ‫عف فالب َّد أن حَي رص على أن ي ِ‬
‫نط َق‬ ‫ِض ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لهُ أنهُ قرأ القرآ َن‪.‬‬

‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ومن آداب القرآن ‪-‬أيُّها الصا مون‪ -‬أن تَقرَأ قراءةً صحيحةً‪َ ،‬‬
‫وليس‬
‫مع َمن يُعلِّ ُمهُ‪ ،‬وغالِباً األخطاءُ اليت خُي طُئ فيها‬ ‫س املرءُ َ‬ ‫َ‬
‫عيباً أن جَي لِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫التشكيل من‬ ‫ِ‬
‫حبركات‬ ‫تتكر ُر يف السور‪َّ ،‬إما مل يَلتَ ِز ْم‬ ‫ِ‬
‫التالوة َّ‬ ‫اإلنسا ُن أثناءَ‬
‫ِ‬ ‫وخ ٍ‬
‫ِج احلروف غريُ‬ ‫عض خَم ار ِ‬‫تح وما شابَهَ ذلك‪ ،‬أو أنهُ رمبا بَ ُ‬ ‫فض وفَ ٍ‬ ‫َرف ٍع َ‬
‫فعلت فهو‬ ‫حتتاج أن تقرَأ القرآ َن كامالً على من يُعلِّ ُم َ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ك فإن َ‬ ‫واضحة فال َ‬
‫ك‬ ‫عليه ولو عشر دقائق أو ربع ٍ‬
‫ساعة يُنَِّب ُه َ‬ ‫حسن لكن على األقَ ِّل اقرأ ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ ٌَ‬
‫ِ‬
‫ك‬‫تالوتِ َ‬ ‫ِ‬
‫هت إليها يف بقية َ‬ ‫تقع منك؛ فإذا انتَبَ َ‬
‫ِ‬
‫على األخطاء الرئيسية اليت ُ‬
‫أحدهم إىل‬ ‫ولذلك كا َن الصحابَةُ يأيت ُ‬ ‫َ‬ ‫معك إىل ِ‬
‫آخ ِره‪،‬‬ ‫استقام اللسا ُن َ‬ ‫َ‬
‫‪ 9‬من ‪11‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقع يف‬
‫ص ِّوبَهُ لو َ‬ ‫النيب ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ويقرُأ َ‬
‫بني يديه القرآ َن ليُ َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األخطاء‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء من‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ومن آداب القرآن ‪-‬أيُّها الصائمون‪ -‬أن حَت ِر َ‬
‫ص على أن تَضبُ َط ألفاظَ َ‬
‫أثناءَ قراءَتِك‪.‬‬

‫"خْيُر ُك ْم َم ْن َت َعلَّ َم ال ُق ْرآ َن َو َعلَّ َمهُ"(رواه‬ ‫ِ‬


‫عليم القرآن َ‬ ‫ومن آدابه تَ ُ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫وتقول اقرأ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُأص ِّح َح لك‪ ،‬أن تُناد َ‬‫ألجل أن َ‬ ‫َ‬ ‫ي ولَ َد َك‬
‫البخاري)‪ ،‬أن تُناد َ‬
‫ألجل أن تُعلِّ َمهُ القرآن‪ ،‬حىت ولو مل يَطلُب َ‬
‫منك‬ ‫الناس ِ‬ ‫ئت من ِ‬ ‫ِ‬
‫من ش َ‬
‫شك على خري‪.‬‬ ‫َّك بال َّ‬‫ذلك فإن َ‬

‫القرآن تَ َدبُّره‪َ( ،‬أفَالَ يت َدبَّرو َن الْ ُقرآ َن ولَو َكا َن ِمن ِع ِ‬


‫ند َغرْيِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ِ‬
‫آداب‬
‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َُ‬
‫وب‬‫اختِالَفًا َكثِريا) (َأفَالَ يتَ َدبَّرو َن الْ ُقرآ َن َْأم َعلَى ُقلُ ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫اللّه لََو َج ُدواْ فيه ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك اإلنسا ُن‬ ‫َأْق َفاهُلَا)؛ من تَ َدبُّر القرآن أن تَنظَُر يف اآليات‪ ،‬ولو َ‬
‫أمس َ‬
‫واشيه بعض املعاين فإذا قرَأ مثالً (يِف ِج ِ‬
‫يد َها َحْب ٌل‬ ‫املصحف الذي يف ح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قرُأ معناها‪،‬‬ ‫ِّمن َّم َسد) ينظُُر ما هو املسد فيقرُأ معناها‪( ،‬اللَّهُ َّ‬
‫الص َمد) يَ َ‬
‫‪ 10‬من ‪11‬‬

‫ص على أن َيتَعلَّ َم معناها‬ ‫ٍ‬


‫فهمها َح ِر َ‬
‫وحنو ذلك‪ ،‬فإذا َمَّر على كلمة مل يَ َ‬
‫َ‬
‫اهلل –تعاىل‪ -‬الذي أنزلَه على ِ‬
‫عباده‪.‬‬ ‫وعب كالم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ‬ ‫بقراءَة املعىن حىت يَستَ َ َ‬

‫اللهم‬
‫أهل القرآن‪َّ ،‬‬ ‫‪-‬سبحانَهُ وتعاىل‪ -‬أن جَي علَنا مجيعاً من ِ‬
‫نسأل اهللَ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجعلهُ‬
‫اللهم َ‬ ‫اجع ِل القرآ َن لنا صاحباً يف الدنيا وشافعاً لنا َ‬
‫يوم القيامة‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫الوتَهُ آناءَ ِ‬
‫الليل‬ ‫ِ‬
‫ارزقنا ت َ‬
‫اللهم ُ‬
‫يَنفعُنا ويَرفعُنا يف الدنيا ويف اآلخرة‪َّ ،‬‬
‫وأطراف النهار‪.‬‬
‫َ‬

‫تدبَّرونهُ ويؤمنو َن ِبه يا َر َّ‬


‫ب العاملني‪،‬‬ ‫تالو ِته ويَ َ‬
‫اجعلنا ممَّن يَتلونَهُ َح َّق َ‬
‫اللهم َ‬
‫َّ‬
‫وتالوتَنا‪.‬‬
‫وقيامنا َ‬
‫صيامنا َ‬ ‫قبل منا َ‬ ‫ك أن َتتَ َ‬ ‫اللهم إنا نَسألُ َ‬
‫َّ‬

‫والعتق من نريانِك‪ ،‬واجعل‬


‫اللهم اختِ ْم لنا َشهر رمضا َن بِ ِرضوانِك ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ك وإحسانِك يا َر َّ‬ ‫ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫وكرم َ‬ ‫بوحةَ جنانِك وعُ َّمنا مجيعاً بِفضل َ‬ ‫ِ‬
‫َموع َدنا حَب َ‬
‫العاملني‪.‬‬
‫‪ 11‬من ‪11‬‬

‫بالص ِ‬
‫حة‬ ‫فمتِّعهُ ِّ‬ ‫اللهم ِ‬
‫اغفر لنا وآلباِئنا وأمهاتِنا‪َّ ،‬‬
‫اللهم َمن كان منهم حياً َ‬ ‫َّ‬
‫طاعتِك واختِم لنا ولهُ خبري‪ ،‬ومن كان منهم َميتاً َفو ِّسع لهُ يف قَ ِربه‬
‫على َ‬
‫وضاعف له حسناتِه وجَت َاوز عن سيئاتِه وامجَعنا به يف جنتك يا رب‬ ‫ِ‬
‫العاملني‪.‬‬

‫أبدل خوفَهم أمناً‪،‬‬‫اللهم ِ‬


‫كل مكان‪َّ ،‬‬ ‫اللهم أصلِ ْح‬
‫املسلمني يف ِّ‬
‫َ‬ ‫أحوال‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ك أسراهم‪ ،‬اللهم َّاغ ِن ُف َقراءَهم‪َّ ،‬‬
‫اللهم امجَع‬ ‫اللهم َدا ِو َجرحاهم‪َّ ،‬‬
‫اللهم فُ َّ‬ ‫َّ‬
‫رب العاملني يا ذا ِ‬
‫اجلالل‬ ‫كلمةَ املسلمني مجيعاً على اخل ِري واهلدى يا َّ‬
‫واإلكرام‪.‬‬
‫إبراهيم وعلى‬ ‫صليت على‬ ‫حممد وعلى ِآل ٍ‬
‫حممد؛ كما‬ ‫اللهم صل على ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ِّ‬
‫حممد؛ كما‬ ‫حممد وعلى ِآل ٍ‬ ‫اللهم با ِر ْك على ٍ‬
‫َّك محي ٌد جَم يد‪َّ ،‬‬ ‫ِآل‬
‫إبراهيم إن َ‬
‫َ‬
‫إبراهيم‪ ،‬إنك محي ٌد جميد‪.‬‬
‫َ‬ ‫إبراهيم وعلى ِآل‬‫َ‬ ‫كت على‬ ‫بار َ‬ ‫َ‬
‫واحلمد هللِ‬
‫ُ‬ ‫وسالم على املرسلني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عما يَصفو َن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب العَّز ِة َّ‬ ‫ك َر ِّ‬‫ُسبحا َن َربِّ َ‬
‫ٌ‬
‫ب العاملني‪.‬‬ ‫َر ِّ‬

You might also like