You are on page 1of 34

‫‪1‬‬

‫قصة املعراج‬

‫لنجم الدين الغيطي‬


‫نسخها‪:‬‬
‫حممود سيد إبراهيم درويش – عيسى حامد عيسى العسيلي‬

‫ق ّدم هلا وضبطها وأع ّد هوامشها ‪:‬‬


‫حامد عيسى مصطفى العسيلي‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫تقديم‬
‫احلمد هلل وصالة وسالما على سيدنا رسول اهلل ‪ ،‬وآله وصحبه ومن وااله‬
‫وبعد‬
‫فتلك قصة املعراج للشيخ جنم الدين الغيطي ‪ ،‬اليت طبعت وعليها حاشية أيب‬
‫الربكات سيدي أمحد الدردير ‪ ،‬يف مطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده مبصر‬
‫سنة ‪1948‬م‪.‬‬
‫وقد اكتفينا بتقدميها للقارئ الكرمي من دون حاشية القطب الدردير ‪ ،‬مع ضبط‬
‫متنها ‪ ،‬وتوضيح بعض مفرداهتا ؛ والذي محلنا على ذلك تيسريُ األمر على‬
‫القارئ ؛ ألن الطبعة املذكورة قدمية غري واضحة ؛ ال يقدر على قراءهتا إال من‬
‫له دراية هبا ؛ أو سبق أن قرأها غري مرات‪.‬‬
‫وومعظم ما ذكرناه يف اهلامش من تفسري ما يستغلق فهمه ‪ ،‬أو إضافة بعض‬
‫التعليقات ‪ ،‬إمنا هو من حاشية العالمة الدردير – رمحه اهلل ونفعنا اهلل بعلمه‪.-‬‬
‫وال نبغي بعملنا هذا إال وجه اهلل ‪ -‬سبحانه وتعاىل‪ ،-‬وصلى اهلل على سيدنا‬
‫حممد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫الرِحي ِم‬ ‫بِ ْس ِم اللَّ ِـه َّ‬


‫الر ْمحَـٰ ِن َّ‬
‫احلََرِام إِ َىل الْ َم ْس ِج ِد‬
‫َسَر ٰى بِ َعْب ِد ِه لَْي اال ِّم َن الْ َم ْس ِج ِد ْ‬ ‫ِ‬
‫ُسْب َحا َن الَّذي أ ْ‬
‫الس ِميع الْب ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُري‬ ‫صى الَّذي بَ َارْكنَا َح ْولَهُ لنُ ِريَهُ م ْن آيَاتنَا إنَّهُ ُه َو َّ ُ َ‬ ‫ْاألَقْ َ‬
‫__________‬
‫عند ِ‬
‫البيت‬ ‫النيب (صلى اهلل عليه وسلم) يف احلِ ْج ِر(‪َ )1‬‬ ‫بَـْيـنَ َما ي‬
‫آخُر؛‬ ‫ملك‬ ‫معهما‬ ‫و‬ ‫وميكائيل‬ ‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫أتاه‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬
‫ي‬ ‫ل‬‫ج‬ ‫ر‬ ‫بي‬ ‫ا‬ ‫ع‬‫ج‬‫ضطَ ِ‬‫ُم ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬
‫فتواله منهم‬ ‫فاستَـْل َق ْوهُ على ظه ِره؛ ّ‬ ‫زمزم؛ ْ‬ ‫تملُوه حىت جاءُوا به َ‬ ‫فاح َ‬
‫ْ‬
‫فش َّق من ثـُ ْغرِة‬
‫سقف بييت؛ فنزل جربي ُل ؛ َ‬ ‫يل ‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬فُِر َج ُ‬ ‫جرب ُ‬
‫مليكائيل‪ :‬ائْتِين بطَ ْست من‬ ‫َ‬ ‫يل‬
‫ُ‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫قال‬ ‫مث‬ ‫؛‬ ‫ه‬ ‫أسفل بطنِ‬‫حن ِره إىل ِ‬
‫فغسله‬ ‫ه‬ ‫قلب‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫فاستخ‬ ‫؛‬ ‫ه‬‫صدر‬ ‫ح‬ ‫شر‬ ‫َ‬
‫أ‬‫و‬ ‫ه‬ ‫قلب‬ ‫ر‬ ‫ه‬‫ِّ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ُ‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫؛‬ ‫زمزم‬ ‫ِ‬
‫ماء‬
‫ََ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫ميكائيل‬
‫ُ‬ ‫إليه‬ ‫ف(‪)2‬‬ ‫اختَـلَ َ‬
‫أذى ‪ ،‬و ْ‬ ‫ع ما كان به من ا‬ ‫ثالث مرات ؛ ونز َ‬ ‫َ‬
‫زمزم ‪ ،‬مث أَتَى(‪ )3‬بطَست من ذهب ممتلئ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بثالث طسات من ماء َ‬
‫وم َلهُ حلم ا وعلم ا ويقين ا وإسالم ا‬ ‫حكمةا وإميان ا فأفر َغه يف صد ِره ‪َ ،‬‬

‫‪ - 1‬أي حجر إمساعيل ‪.‬‬


‫ميكائيل ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ - 2‬أي تردد إليه ‪ ،‬أي تردد إىل جربيل‬
‫‪ - 3‬بالبناء للمعلوم أي جاء جربيل‪ ،‬ويصح بالبناء للمجهول أي جيء له ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫خبات النيبُـ ّوِة ؛ مث أُتـِ َي(‪ )4‬بالرب ِاق ُم َسَّرجا‬ ‫مث أطب َقه ‪ ،‬مث ختم بي َكتِ ْفيه َ‬
‫بغل ‪،‬‬‫فوق احلما ِر ودو َن ال ِ‬ ‫أبيض طويل ‪َ ،‬‬ ‫ُمْل َجما ‪ ،‬وهو دابة ُ‬
‫ب األُذُني(‪ ،)6‬إذا أَتَى على‬ ‫ضطَ ِر ُ‬ ‫عند ُمْنتَـ َهى طَْرفِه(‪ُ )5‬م ْ‬
‫حافره َ‬‫يضع َ‬ ‫ُ‬
‫تفعت يداه ‪ ،‬له ج ِ‬
‫ناحان يف‬ ‫تفعت ِر ْجاله ‪ ،‬وإذا َهبَ َط ار ْ‬ ‫جبل ْار ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ‪7‬‬ ‫ِ‬
‫يل‬
‫ُ‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫ع‬ ‫فوض‬ ‫‪،‬‬ ‫عليه‬ ‫ب‬‫ْ ََ‬ ‫ع‬‫ص‬‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫اس‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ليه‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫هبما‬ ‫)‬ ‫(‬‫ز‬ ‫ف‬‫ح‬
‫َْ ُ‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ذيه‬ ‫فخ‬
‫اهلل ما ركبك‬ ‫اق؟ ! فو ِ‬ ‫يده على َمعرفتِه(‪ )8‬مث قال ‪ :‬أال تستحي يا بر ُ‬ ‫َ‬
‫عرقا ؛ وقَـَّر (‪)10‬‬ ‫خلق أكرم على ِ‬
‫ض ( ) ََ‬ ‫اهلل منه ؛ فاستحيا حىت ْارفَ َّ‬ ‫ُ‬
‫‪9‬‬

‫ب‬‫سعيد بن الـمسيِّ ِ‬‫ُ‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ل‬


‫َ‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ها‬ ‫كب‬‫ر‬‫َ‬‫ت‬ ‫األنبياء‬ ‫حىت ركِبها ‪ ،‬و ِ‬
‫كانت‬
‫ُ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يت احلرِام(‪.)11‬‬ ‫وغريه ‪ :‬وهي دابـ ـةُ إبراهيم اليت كان يركب عليها للب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫‪ - 4‬بالبناء للمفعول ‪ ،‬وجيوز بناؤه للفاعل ‪.‬‬


‫‪ - 5‬أي بص ِره ‪.‬‬
‫‪ - 6‬أي مداوم على حتريكهما ؛ وذلك إشارة لقوته ونشاطه ‪.‬‬
‫‪ - 7‬أي يعي ويقوي هبما رجليه يف سرعة السري ‪.‬‬
‫‪ - 8‬موضع العرف من الطري واخليل ‪ ،‬واجلمع معارف ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ابتل ‪.‬‬
‫‪ -‬أي ّ‬
‫‪ - 10‬أي س َكن ‪.‬‬
‫‪ - 11‬أي من الشام لزيارة ولده إمساعيل وأمه هاجر ؛ حي وضعهما هناك بأمر من اهلل ؛ فيأيت للحرم‬
‫يف يوم واحد ؛ ملا علمت من حال الرباق ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫فانطلق به جربيل وهو عن ميينِه ‪ ،‬وميكائيل عن يسا ِره ‪ِ ،‬‬


‫وعْن َد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ميكائيل"؛‬ ‫اق‬‫وبزمام الرب ِ‬
‫اآلخ َذ بركابِه جربيل ‪ِ ،‬‬ ‫اب ِن سعد ‪ ":‬وكان ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يل ‪ :‬انْ ِزْل َ‬
‫فص ِّل‬ ‫ذات خنل فقال له جرب ُ‬ ‫فساروا حىت بلغُوا أرضا َ‬ ‫ُ‬
‫ليت ؟‬ ‫ههنَا ؛ ففعل مث ركِ‬
‫يل ‪ :‬أتدري أين ص َ‬ ‫ُ‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫له‬ ‫فقال‬ ‫؛‬ ‫ب‬ ‫َُ‬
‫اجرةُ ؛ فانطلق‬ ‫فقال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال صلَّ َ ِ‬
‫يت بطَْيبَةَ( ) وإليها الـ ُم َه َ‬
‫‪12‬‬

‫يل ‪:‬‬ ‫رك طَْرفُه ‪ ،‬فقال له جرب ُ‬ ‫حافره حيث ْأد َ‬ ‫يضع َ‬ ‫اق يه ِوي به ُ‬ ‫الرب ُ‬
‫يل ‪ :‬أتدري أين‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫له‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫فصل ههنا ‪ ،‬ففعل مث ركِ‬‫ان ِزْل ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عند شجرِة موسى‪،‬‬ ‫ين َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫صليت؟ قال ال ‪ ،‬قال صليت ِ‬
‫مب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صل ‪ ،‬ففعل‬ ‫انزل ف ِّ‬ ‫يل ‪ْ :‬‬ ‫فانطلق الرب ُ ِ‬
‫اق يهوي به ‪ ،‬مث قال له جرب ُ‬
‫ت‬ ‫صليت ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬صلي َ‬ ‫َ‬ ‫مث ركب ‪ ،‬قال له ‪ :‬أتدري أين‬
‫قصور‬
‫ت له ُ‬ ‫بلغ أرضا فبَ َد ْ‬ ‫حيث كلَّ َم اهللُ موسى ‪ ،‬مث َ‬ ‫بطوِر سيناءَ ُ‬
‫فصل ‪ ،‬ففعل ‪ ،‬مث ركب ‪ ،‬فانطلق‬ ‫انزل ِّ‬ ‫يل ‪ْ :‬‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫له‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الشام‬
‫ُ‬
‫صليت ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫اق يه ِوي به فقال ‪ :‬أتدري أين‬ ‫الرب ُ‬
‫مرمي‪.‬‬ ‫بن‬ ‫عيسى‬ ‫د‬ ‫ببيت حلم حيث ولِ‬ ‫ِ‬ ‫صليت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بشعلة‬ ‫وبينَما هو يسريُ علي الرب ِاق إذ رأى عفريتا من ِّ‬
‫اجلن يَطْلُبُهُ ُ‬

‫‪ - 12‬أي يثرب ‪ ،‬أي املدينة املنورة ‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫يل ‪َ :‬أال أُعلِّ ُمك كلمات‬ ‫التفت رآه ؛ فقال له جرب ُ‬ ‫من نار ‪ُ ،‬كلّ َما َ‬
‫وخَّر لِِف ِيه(‪ )13‬فقال ُ‬
‫رسول اهللِ‬
‫ت ُشعلتُه َ‬
‫ِ‬
‫هن طَفئَ ْ‬
‫تقولـُهن إذا قُلتَ ّ‬
‫(صلي اهلل عليه وسلم ) ‪ :‬بلي ؛ فقال جربيل‪ :‬قل‪ ":‬أعوذُ ِ‬
‫بوجه‬ ‫ُ‬
‫التامات اليت ال ُجيَا ِوُزُه ّن بَـر وال فاجر ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‬ ‫الكرمي و ِ‬
‫كلمات ِ‬ ‫اهلل ِ‬ ‫ِ‬
‫شر ما‬ ‫عر ُج فيها ‪ ،‬وِمن ِّ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫شر‬
‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫ِ‬
‫السماء ِ‬ ‫من‬ ‫نزل‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫شر‬
‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ليل والنها ِر‪،‬‬ ‫ومن فِ َ ِ‬
‫ت ال ِ‬ ‫شر ما َيرج منها ‪ِ ،‬‬ ‫األرض ‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َذ َرأَ يف‬
‫ُ‬
‫ب‬‫الليل والنها ِر إال طارقا يَطُْر ُق خبري يا رمح ُن " ؛ فان َك َّ‬ ‫ارق ِ‬ ‫ومن طو ِ‬
‫ت ُشعلتُه ‪ ،‬فسا ُروا حىت أتَـ ْوا على قوم يزرعون يف يوم‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫لفيه ؛ وطََفئ ْ‬
‫يل‬
‫عاد كما كا َن ؛ فقال‪ :‬يا جرب ُ‬ ‫حص ُدوا َ‬ ‫وحيصدون يف يوم ‪ ،‬كلَّما َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫ما هذا ؟ قال‪ :‬هؤالء اجملاهدون يف ِ ِ‬
‫اع ُ‬‫ضَ‬ ‫سبيل اهلل ‪ -‬تعاىل ‪ -‬تُ َ‬
‫ائة ِض ْعف ‪ ،‬وما أنف ُقوا من شيء فهو يـُ ْخلِ ُفهُ ‪،‬‬ ‫هلم احلسنةُ بسبعِ ِم ِ‬
‫ُ‬
‫يل ما هذه الرائحةُ ؟ قال ‪ :‬هذه‬ ‫ووج َد رحيا طيبةا ؛ فقال ‪ :‬يا جرب ُ‬ ‫َ‬
‫بنت فرعو َن‬ ‫ِ‬ ‫ماشطة ِ‬‫ِ‬
‫متشط َ‬ ‫بنت فرعو َن وأوالدها ‪ :‬بينَما هي ُ‬ ‫رائحةُ‬
‫بنت‬ ‫اهلل تعِ‬
‫ط ؛ فقالت ‪ :‬بس ِم ِ‬
‫فقالت ُ‬ ‫س فرعو ُن ؛ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إ ْذ َسق َط الـ ُم ْش ُ‬
‫قالت أَفَأُ ْخِربُ بذ َ‬
‫لك‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ؛ ْ‬ ‫لك رب غريُ أَيب ؟ ْ‬ ‫فرعو َن ‪ :‬أو ِ‬

‫‪ - 13‬أي انكب على فمه ‪ ،‬أي سقط على وجهه ميتا ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫لك رب غريي؟‬ ‫أيب ؟ قالت ‪ :‬نعم ؛ فَأَ ْخبـرتْه فدعاها ؛ فقال‪ :‬أو ِ‬
‫َُ‬
‫أرسل إليهم‬ ‫ف‬ ‫وزوج‬ ‫ابنان‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ريب وربيك اهلل ‪ ،‬وكان للمر ِ‬
‫أة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وزوجها(‪)14‬أن يَ ِرجعا عن ِدينِهما فأبَـيَا ؛ فقال ‪ :‬إين‬ ‫فَر َاوَد املرأ َة َ‬
‫قالت إحسان ا منك إلينا إ ْن قتَـْلتَنا أ ْن َْت َعلَنا يف بيت‬ ‫ِ‬
‫قاتلُ ُكما ؛ ْ‬
‫احلق ؛‬
‫ك علينا من ِّ‬ ‫لك بـِما لَ ِ‬ ‫واحد فتَ ْدفِنَـنَا فيه مجيعا ؛ قال ِ‬
‫ذاك ِ‬
‫َ‬
‫ت(‪ )16‬مث أََمَر هبا لِتُـْل َقى فيها هي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأََمَر بِبَقرة (‪ )15‬من ُحناٍ فأُ ْمحيَ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫أصغر رضيع فيهم؛ فقال‪:‬‬ ‫أوالدها ؛ فأُلْ ُقوا واحدا واحدا حيت بلَغُوا َ‬ ‫و ُ‬
‫فإنك على ِّ ِ‬ ‫اع ِسي ِ‬ ‫ِ‬
‫أوالدها‪،‬‬
‫ت هي و ُ‬ ‫احلق ؛ فأُلْقيَ ْ‬ ‫يا َّأماهُ قَعي وال تَـتَـ َق َ‬
‫وسف‪،‬‬ ‫قال(‪":)17‬وتكلم يف ِ‬
‫وشاهد ي َ‬ ‫ُ‬ ‫املهد أربعة وهم صغار‪ :‬هذا ‪،‬‬
‫ض ُخ‬‫مرمي"‪ ،‬مث أتَى علي قوم تُـْر َ‬ ‫بن َ‬ ‫وصاحب جريح ( ) ‪ ،‬وعيسي ُ‬
‫‪18‬‬
‫ُ‬
‫‪ - 14‬أي طلب منهما الرجوع عن دينهما بلطف أوال ‪ ،‬واألوالد تبع ‪.‬‬
‫‪ - 15‬البقرة هي القدر الكبري ‪.‬‬
‫‪ - 16‬اي بزيت أو ماء ‪.‬‬
‫‪ - 17‬أي الراوي ‪.‬‬
‫‪ - 18‬أي صاحب جريج العابد‪ ،‬وامسه جرجيس ‪ ،‬وكان من خربه أنه كان يعبد اهلل‪-‬تعاىل‪ -‬يف صومعته‪،‬‬
‫أي متعبده‪ ،‬فجاءته أمه ونادته من خارج الصومعة‪ :‬يا جريج وهو يصلي؛ فقال‪ :‬يارب أمي وصاليت؛‬
‫فلم جيبها ودام على صالته؛ فانصرفت؛ مث جاءته من الغد وهو يصلي فنادته‪ :‬ياجريج؛ فقال‪ :‬يا رب‬
‫أمي وصاليت؛ فدام على صالته ومل جيبها؛ فانصرفت؛ فجاءت من الغد‪-‬أيضا‪ -‬فقالت مثل ذلك؛‬
‫املومسات‪ ،‬أي الزانيات‪ ،‬ويف احلديث‪":‬لو كان‬ ‫فانصرفت وقالت‪ :‬اللهم ال متته حىت ينظر يف وجوه ِ‬
‫جريج فقيها لقطع صالته وأجاب أمه"‪،‬مث اتفق أن تذاكر بنو إسرائيل يف أمر جريج وكثرة عبادته‪ ،‬وكان‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫كانت ‪ ،‬وال يَـ ْفتُـُر(‪ )19‬عنهم من‬ ‫ِ‬


‫عادت كما ْ‬ ‫ت ْ‬ ‫رؤسهم كلما ُرض َخ ْ‬
‫ُ‬
‫يل من هؤالء؟ قال‪ :‬هؤالء الذين‬ ‫ذلك شيء ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا جرب ُ‬
‫املكتوبة ‪ .‬مث أتَى على قوم على أقبالـِهم‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالة‬ ‫رؤسهم عن‬‫تتثاقل ُ‬
‫ُ‬
‫الغنم ‪،‬‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ِرقاع(‪ )20‬وعلى أدبا ِرهم ِرقاع ‪ ،‬يسرحون كما تَسرح اإلبِ‬
‫َْ ُ ُ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ضف (‪ )21‬جهنم ِ‬
‫وحجارَهتا ؛ فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وم َور ْ َ‬ ‫الزقي َ‬
‫يع و َّ‬
‫الضر َ‬
‫ويأكلون َّ‬
‫ِ‬
‫صدقات‬ ‫يل؟ قال ‪ :‬هؤالء الذين ال يـُ َؤّدون‬ ‫من هؤالء يا جرب ُ‬
‫يدي ِهم حلم‬‫أموالـِهم وما ظلمهم اهلل شيئا ‪ ،‬مث أتى على قوم بي أ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫آخُر نـِيء خبيث ؛ فجعلوا يأكلون من‬ ‫نضيج يف قدور ‪ ،‬وحلم َ‬
‫يل؟‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫يا‬ ‫ذا‬ ‫ه‬ ‫ما‬ ‫فقال‬ ‫؛‬ ‫ب‬ ‫الطي‬ ‫يج‬ ‫ض‬‫اخلبيث‪ ،‬ويدعون النَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫الين ِ‬
‫ء‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫احلالل الطيّبةُ ‪ ،‬فيأيت‬
‫ُ‬ ‫الرجل من أمتِك تكو ُن عنده املرأةُ‬ ‫قال هذا ُ‬
‫بغي‪ ،‬أي زانية‪ ،‬ال يراها أحد إال افتت هبا؛ فقالت‪ :‬إن شئتم فتنته لكم ؛ فأتته‬ ‫فيهم إذ ذاك امرأة ّ‬
‫وتعرضت له مبا تقدر عليه فلم يلتفت هلا؛ فلما أيست منه جاءت لراع ومكنته منها فحملت؛ فلما‬
‫ولدت قالت هلم‪ :‬إنه من جريج؛ فجاءوا إليه؛ وهدموا صومعته؛ وجعلوا يضربونه؛ فقال هلم‪ :‬ما شأنكم؟‬
‫أصل ركعتي ؛ ففعلوا ‪،‬‬‫نيت هبذه املرأة‪ ،‬وهذا الولد منك؛ فقال هلم‪ِّ :‬قربوه مين ودعوين ِّ‬ ‫فقالوا له‪ :‬قد ز َ‬
‫فلما انصرف من صالته أتى الولد وطعنه بيده يف بطنه وقال له‪ :‬من أبوك يا غالم؟ قال‪ :‬أيب فالن‬
‫الراعي ؛ فعلموا أن املرأة قد كذبت عليه ؛ فأقبلوا عليه يقبلون أعضاءه ويعتذرون إليه ؛ وسألوه أن يبنوا‬
‫له صومعته من ذهب ؛ فقال‪ :‬ابنوها من طي كما كانت ففعلوا ‪ ،‬وعاد إىل عبادته حىت مات ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫صُر ‪ ،‬وجيوز أن تضبط هكذا‪ :‬يـُ َفتـَُّر ‪ ،‬بوزن يـُ َؤ َّخُر‪،‬‬ ‫‪ -‬يـَ ْفتُـُر بوزن يـَنْ ُ‬
‫‪ - 20‬مجع رقعة ‪ ،‬أي بقدر سرت القبل أو الدبر ‪.‬‬
‫‪ - 21‬رضف جهنم أي مجرها ‪ ،‬أو حجارهتا احملماة؛ فعلى هذا يكون قوله‪ ":‬وحجارهتا" تفسريا ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫زوجها‬‫عند ِ‬‫امرأ اة خبيثةا فيبيت عندها حيت يصبِح ‪ ،‬واملرأةُ تقوم من ِ‬


‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫فتبيت معه حيت تُصبِح ‪ ،‬مث أتَى‬ ‫حالالا طيبا فتأيت رجالا خبيثا ُ‬
‫خرقْته ؛‬ ‫ِ‬
‫علي خشبة علي الطريق ال يـَ ُمير هبا ثوب وال شيء إال َ‬
‫مثل أقوام من أمتِك يَقعُدون‬ ‫يل ؟ قال هذا ُ‬ ‫فقال ما هذا يا جرب ُ‬
‫علي الطر ِيق فيقطعونه‪ ،‬وتال ‪ ":‬والَ تَـ ْقع ُدواْ بِ ُك ِّل ِصراط تُ ِ‬
‫وع ُدو َن‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫صديو َن َعن َسبِ ِيل اللّ ِه"(‪ ،)22‬ورأى رجالا يَ ْسبَ ُح يف نَـ َهر من دم‬ ‫َوتَ ُ‬
‫كل الربا‪،‬‬‫مثل آ ِ‬
‫يل ؟ قال هذا ُ‬ ‫يـُْل َق ُم احلجارَة ؛ فقال ما هذا يا جرب ُ‬
‫يستطيع محلَها وهو‬
‫ُ‬ ‫مث أتى على َر ُجل قد َمجْ َع ُحْزَمةَ (‪ )23‬حطب ال‬
‫رجل من أمتِك‬ ‫يل ؟ قال هذا ال ُ‬ ‫يد عليها ؛ فقال ما هذا يا جرب ُ‬ ‫يز ُ‬
‫ِ‬
‫تحم َل‬
‫يد أن يَ َّ‬ ‫الناٍ ال يَـ ْقد ُر علي أَدائِها وير ُ‬ ‫أمانات ِ‬ ‫ُ‬ ‫تكو ُن عنده‬
‫يض من‬ ‫وشفاههم مبقار َ‬‫ُ‬ ‫ض ألسنتُهم‬ ‫عليها ‪ ،‬وأيت علي قوم تُـ ْقَر ُ‬
‫كانت ‪ ،‬ال يَـ ْفتُـُر عنهم فقال‬ ‫عادت كما ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬
‫ضْ‬ ‫حديد ‪ ،‬كلما قُِر َ‬
‫الفتنة خطباءُ أمتِك‬‫من هؤالء يا جربيل ؟ قال هؤالء خطباء ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يقولون ما ال يفعلون ‪ ،‬ومر بقوم هلم أظفار من ُحناٍ َيْمشون(‪)24‬‬
‫ُ‬

‫‪ - 22‬سورة األعراف من اآلية ‪. 86 :‬‬


‫‪ - 23‬بضم احلاء وكسرها ‪.‬‬
‫‪- 24‬أي يدشون وجيرحون ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫يل ؟ قال هؤالء‬ ‫وصدورهم‪ ،‬فقال من هؤالء يا جرب ُ‬ ‫َ‬ ‫وجوههم‬


‫هبا َ‬
‫اضهم ‪ ،‬وأَتَى على ُج ْحر‬ ‫الناٍ ويقعون يف أعر ِ‬‫حلوم ِ‬
‫الذين يأكلون َ‬
‫حيث‬
‫يرجع من ُ‬ ‫يد أن َ‬ ‫الثور ير ُ‬
‫فجعل ُ‬
‫َ‬ ‫صغري َير ُج منه ثَور عظيم ‪،‬‬
‫يل ؟ قال هذا الرج ُل من‬ ‫يستطيع ؛ فقال ما هذا يا جرب ُ‬
‫ُ‬ ‫خرج فال‬
‫يردها‪،‬‬‫طيع أن َّ‬ ‫يست‬ ‫فال‬ ‫عليها‬ ‫م‬ ‫يند‬
‫َ‬ ‫مث‬ ‫ِ‬
‫العظيمة‬ ‫ِ‬
‫بالكلمة‬ ‫يتكلم‬ ‫ك‬ ‫أمتِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبينَما هو يسريُ إذ دعاه داع عن ميينِه‪ :‬يا ُ‬
‫حممد انْظُْرين أسألْك ‪،‬‬
‫فلم يـ ِجبه ؛ فقال ما هذا يا جربيل ؟ قال هذا داعي ِ‬
‫اليهود ؛ أََما‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫دت ّأمتُك ‪ ،‬فبينَما هو يسريُ إذ دعاه داع عن‬ ‫لتهو ْ‬
‫إنك لو أجبتَه َّ‬
‫حممد انْظُْرين أسالْك ‪ ،‬فلم يـُ ِجْبه؛ فقال ما هذا يا‬ ‫مشاله ‪ :‬يا ُ‬
‫ِ‬
‫رت‬
‫لتنص ْ‬
‫يل؟ قال هذا داعي النصارى ‪َ ،‬أما إنك لو أجبتَه َّ‬ ‫جرب ُ‬
‫أمتُك ‪ ،‬وبينما هو يسريُ إذ هو بامرأة حاسرة عن ِذراعيها ‪ ،‬وعليها‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫حممد انْظُْرين أسألْك فلم يَلتف ْ‬
‫من كل زينة خل َق َها اهللُ ‪ ،‬فقالت يا ُ‬
‫إليها ‪ ،‬فقال من هذه يا جربيلُ ؟ قال‪ :‬تلك الدنيا َأما إنك لو‬
‫الختارت أمتُك الدنيا على اآلخرِة‪ ،‬وبينما هو يسريُ إذ هو‬‫ْ‬ ‫أجبتَها‬
‫ْ‬
‫حممد ؛ فقال‬ ‫بشيخ يدعوه ُمْنتَ ِحيا عن الطر ِيق ‪ُ ،‬‬
‫يقول‪َ :‬هلُ َّم يا ُ‬
‫يل ؟ قال هذا عد يو‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫يا‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫فقال‬ ‫؛‬ ‫حممد‬
‫ُ‬ ‫يا‬ ‫ر‬ ‫جربيل‪ :‬بل ِ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫اهلل إبليس أراد أن متيل إليه ‪ ،‬وسار فإذا هو بعجوز على ِ‬


‫جانب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يلتفت إليها فقال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫حممد انْظُْرين أسالْك فلم‬‫الطر ِيق ؛ فقالت‪ :‬يا ُ‬
‫يل ؟ قال‪ :‬إنه مل يَـْب َق من عُ ُم ِر الدنيا إال ما ِبق َي‬ ‫من هذه يا جرب ُ‬
‫من عُ ُم ِر هذه العجوِز ‪.‬‬
‫املقدٍ ‪ ،‬ودخلها من با ِهبا‬ ‫ِ‬ ‫وسار حيت أتَى مدينةَ ِ‬
‫بيت‬
‫قة اليت كانت‬ ‫ِ‬
‫املسجد باحلْل ِ‬ ‫اليماين ‪ ،‬مث نزل عن الرب ِاق وربطَه ِ‬
‫بباب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يل‬
‫تربُطُه هبا األنبياءُ (عليهم الصالة والسالم) ويف رواية ‪ :‬أن جرب َ‬
‫اق ‪ ،‬ودخل‬ ‫فخرقَها َّ‬
‫وشد هبا الرب َ‬ ‫أصبعه فيها َ‬ ‫فوضع َ‬ ‫َ‬ ‫أتى الصخرَة‬
‫يل‬
‫القمر ‪ ،‬مث صلى هو وجرب ُ‬ ‫الشمس و ُ‬‫ُ‬ ‫يل فيه‬‫املسجد من باب َمت ُ‬‫َ‬
‫ث إال يسريا حيت اجتمع ناٍ كثري ‪،‬‬ ‫كل واحد ركعتي ‪ ،‬فلم يلبَ ْ‬ ‫ي‬
‫النيب النبيي من بي قائم وراكع وساجد ‪ ،‬مث أذّن مؤذن‬ ‫فعرف ي‬
‫قيمت الصالةُ ؛ فقاموا صفوفا ينتظرون من يَـ ُؤيم ُهم ‪ ،‬فأخذ‬ ‫وأُ ِ‬
‫فقد َمه فصلّى هبم ركعتي ‪،‬‬ ‫بيده (صلى اهلل عليه وسلم) َّ‬ ‫جربيل ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫السماء ‪ ،‬وحشر‬ ‫لت من‬ ‫َّ‬
‫يل املالئكةَ ونز ْ‬‫وعن كعب ‪ :‬فأذ َن جرب ُ‬
‫النيب ( صلى اهلل عليه وسلم)‬ ‫ِ‬
‫مجيع املرسلي واألنبياء‪ ،‬فصلى ي‬ ‫اهللُ له َ‬
‫يل‪ :‬يا حمم ُد أتدري من‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫قال‬ ‫انصرف‬
‫َ‬ ‫فلما‬ ‫‪،‬‬ ‫املرسلي‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫باملالئكة‬
‫ُ‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫نيب بعثه اهلل تعاىل ‪ ،‬مث أَثْـ َن كل‬ ‫كل ي‬ ‫صلّى خل َفك ؟ قال ال ‪ ،‬قال ي‬
‫النيب ( صلى اهلل عليه‬ ‫ِ‬
‫نيب من األنبياء على ربِّه بثناء مجيل ‪ ،‬فقال ي‬ ‫ي‬
‫ع يقول‪:‬‬ ‫شر َ‬ ‫ي‬
‫وسلم ) كلكم أثن على ربِّه وأنا ُمثْن علي ريب ‪ ،‬مث َ‬
‫احلمد هلل الذي أرسلين رمحةا للعاملي ‪ ،‬وكافةا ِ‬
‫للناٍ بشريا ونذيرا‪،‬‬ ‫" ُ‬
‫خري أمة‬
‫لكل شيء ‪ ،‬وجعل أميت َ‬ ‫علي القرآ َن فيه تبيان ِّ‬ ‫وأنزل َّ‬
‫للناٍ ‪ ،‬وجعل أميت وسطا ‪ ،‬وجعل أميت هم األولون‬ ‫أخرجت ِ‬
‫واآلخرون ‪ ،‬وشرح يل صدري‪ ،‬ووضع عين وزري ‪ ،‬ورفع يل‬
‫خامت ا‪ ،‬فقال إبراهيم ( صلى اهلل عليه وسلم)‪:‬‬ ‫فاحت ا َ‬ ‫ذكري‪ ،‬وجعلين ِ‬
‫النيب ( صلى اهلل عليه وسلم ) من‬ ‫فضلَ ُكم حممد ‪ ،‬وأخذ َّ‬ ‫هبذا َ‬
‫يل (عليه السالم) بإناء من‬ ‫العطش أش يد ما َ‬ ‫ِ‬
‫أخ َذه ؛ فجاءه جرب ُ‬
‫وإناء من لب فاختار اللب ؛ فقال له جربيل‪ :‬اخرتت ِ‬
‫الفطْرَة‪،‬‬ ‫مخر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لقليل ‪ ،‬ويف‬
‫ك منهم إال ا ُ‬ ‫ت أمتُك ومل يَـْتبَـ ْع َ‬‫اخلمر لغَ َو ْ‬
‫بت َ‬ ‫ولو شر َ‬
‫يل قال‬‫الثالث فيه ماء ‪ ،‬وأن جرب َ‬‫رواية ‪ :‬أن اآلنيةَ كانت ثالثةا‪ ،‬و َ‬
‫اآلنية ِ‬‫أحد ِ‬
‫الثالثة‬ ‫ت أمتُك‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬أن َ‬ ‫بت املاءَ لَغَ ِرقَ ْ‬
‫له‪ :‬لو شر َ‬
‫املاء ‪ ،‬وأنه رأى عن يسا ِر‬ ‫بدل ِ‬ ‫ت عليه كان فيها عسل َ‬ ‫ضْ‬ ‫اليت عُ ِر َ‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫ِ‬
‫لسالم ‪ ،‬وسأَلـَُهـ َّن‬
‫فرد ْد َن عليه ا َ‬ ‫فسلَّ َم ّ‬
‫عليهن َ‬ ‫العي ‪َ ،‬‬
‫احلور َ‬
‫الصخرة َ‬
‫العي ‪ .‬مث أُِيتَ باملعراج‬
‫فأج ْبَ مبا تقير به ُ‬
‫َ‬
‫اللهم صل وسلم على سيدنا محمد‬
‫المخصوص باإلسراء والمعراج‬
‫اخلالئق‬ ‫تر‬ ‫لم‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫آدم‬ ‫بين‬ ‫اح‬ ‫و‬ ‫أر‬ ‫عليه‬ ‫ج‬ ‫عر‬ ‫ت‬ ‫الذي‬ ‫اج‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ع‬‫مث أُِيت باملِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومرقاة من ذهب ‪ ،‬وهو من‬ ‫أحسن منه ‪ ،‬له مرقاة(‪)25‬من فضة ‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نضد باللؤل ِؤ ‪ ،‬عن ميينِه مالئكة ‪ ،‬وعن يسا ِره‬ ‫ِ‬
‫الفردوٍ ‪ُ ،‬م َّ‬ ‫ِ‬
‫جنة‬
‫ِ‬
‫السماء‬ ‫مالئكة‪ ،‬فصعِ َد هو وجربيل حىت انتهيا إىل باب من أبو ِ‬
‫اب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫إمساعيل ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫باب احلََفظَة" ‪ ،‬وعليه ملَك يقال له‬ ‫قال له " ُ‬ ‫الدنيا يُ ُ‬
‫ط‪،‬‬ ‫مساء الدنيا ‪ ،‬يسكن اهلواء مل يصع ْد إىل ال ِ‬
‫سماء قَ ي‬ ‫وهو صاحب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫النيب (صلى اهلل عليه وسلم)‬ ‫مات ي‬ ‫يوم َ‬ ‫ط إال َ‬ ‫األرض قَ ي‬
‫ِ‬ ‫ومل يهبِ ْط إىل‬
‫كل ملَك جند من امل ِ‬
‫الئكة‬ ‫ألف ملَك ‪ ،‬مع ِّ‬
‫ُ‬ ‫وبي يديه سبعون َ‬
‫يل ‪ :‬من‬ ‫ِ‬
‫السماء ‪ ،‬قِ‬ ‫باب‬
‫َ‬ ‫يل َ‬ ‫ألف ملَك ؛ فاستفتح جرب ُ‬ ‫سبعون َ‬
‫يل ‪ ،‬قيل ‪ :‬ومن معك ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬حممد ‪ ،‬قيل ‪:‬‬ ‫هذا ؟ قال جرب ُ‬
‫ث إليه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫ُرس َل إليه ؟ ويف رواية ‪ :‬أو قد بُعِ َ‬ ‫وقد أ ِ‬

‫‪ - 25‬بفتح امليم موضع الرقي ‪ ،‬وجيوز كسرها على أهنا آلة الرقي ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫مرحبا به وأهالا ‪ ،‬حيَّاه اهلل من أخ ومن خليفة ‪ ،‬فنعم األُ ُخ ‪،‬‬


‫اجملئ جاءَ ‪ ،‬ففتح هلما ‪ ،‬فلما خلَصا فإذا‬ ‫ونعم اخلليفةُ ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫ِ‬
‫يوم خل َقه اهللُ تعاىل‬‫آدم (عليه السالم) وهو أبو البش ِر كهيئته َ‬ ‫فيها ُ‬
‫األنبياء وذريتِه املؤمني فيقول ‪:‬‬‫ِ‬ ‫اح‬ ‫و‬‫أر‬ ‫عليه‬ ‫ض‬ ‫عر‬‫ت‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫على صورتِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اح‬
‫ض عليه أرو ُ‬ ‫عر ُ‬‫ُروح طيبة ونفس طيبة ‪ ،‬ا ْج َعلوها يف عليِّي ‪ ،‬مث تُ َ‬
‫اجعلوها يف‬ ‫ذر ِ‬
‫فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة ‪ْ ،‬‬ ‫يته الكفار ‪ُ ،‬‬
‫أس ِوَد اة (‪ )26‬وبابا َيُْر ُج منه ريح طيبة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ِّجي ‪ ,‬ورأى عن ميينه ْ‬
‫أس ِوَد اة وباب ا يرج منه ريح خبيثة منتنة ‪ ،‬فإذا نظر قِبَ َل‬ ‫ِ‬
‫وعن مشاله ْ‬
‫استبشر ‪ ،‬وإذا نظر قِبَ َل مشالِه ح ِز َن وب َكى ‪ ،‬فسلّم‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ميينِه ِ‬
‫ضح‬
‫السالم ‪ ،‬مث قال ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫النيب (صلى اهلل عليه وسلم) فرد عليه‬ ‫عليه ي‬
‫النيب ( صلى اهلل عليه‬ ‫النيب الصا ِل ؛ فقال ي‬ ‫مرحبا باالب ِن الصا ِل و ِّ‬
‫آدم ‪ ،‬وهذه األَ ْس ِوَدةُ‬
‫يل ؟ قال ‪ :‬هذا أبوك ُ‬ ‫وسلم ) من هذا يا جرب ُ‬
‫أهل الشم ِال منهم‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي منهم أهل ِ‬
‫اجلنة‬ ‫نسم بنيه ‪ ،‬فأهل اليم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استبشر ‪ ،‬وإذا نظر قِبَ َل‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫أهل النار ‪ ،‬فإذا نظر قِبل ميينِه ِ‬
‫ضح‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫جلنة ‪ ،‬إذا‬ ‫مشالِه بكى وح ِزن ‪ ،‬وهذا الباب الذي عن ميينِه باب ا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪ - 26‬مجع سواد ‪ ،‬والسواد‪ :‬الشخص ‪ ،‬وقيل اجلماعة ‪ ،‬واملراد هبا – هنا – األرواح أو أمثلتها ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫الباب الذي عن‬ ‫ِ‬


‫دخله من ذريته ضحك واستبشر‪ ،‬و ُ‬ ‫نظر من يَ ُ‬
‫جهنم ‪ ،‬إذا نظر من يدخله من ذريته بكى وحزن ‪ ،‬مث‬ ‫ِ‬
‫باب َ‬ ‫مشاله ُ‬
‫وغريهم‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫ز‬‫ي‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫اليتامى‬ ‫مضي هنَـيـهةا (‪ )27‬فوجد آكلي الربا وأمو ِ‬
‫ال‬
‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫ِ‬ ‫أشنع ‪ ،‬مث صعِدا إىل‬
‫السماء‬ ‫على حالة شنيعة بنح ِو ما تقدم و َ‬
‫يل ‪ ،‬فقيل ‪ :‬من هذا ؟ قال ‪ :‬جربي ُل قيل‪:‬‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫فاستفتح‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الثانية‬
‫ُ‬
‫ُرس َل إليه ؟ قال‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫ومن معك ؟ قال حممد ‪ ،‬قيل‪ :‬أوقد أ ِ‬
‫ألخ ونعم‬‫مرحبا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه اهلل من أخ ومن خليفة ‪ ،‬فنعم ا ُ‬
‫اجملئ جاءَ ‪ ،‬ف ُفتِ َح هلما ‪ ،‬فلما خلَصا إذا هو بابين‬‫اخلليفةُ ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫مرمي وحيىي ب ِن زكريا ‪ ،‬شبيه أح ُدمها بصاحبِه‬ ‫ِ‬
‫اخلالة عيسى ب ِن َ‬
‫قومهما ‪ ،‬وإذا عيسى ج ْعد(‪)28‬‬ ‫وشع ِرمها ‪ ،‬ومعهما نفر من ِ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫بثياهب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط(‪ )29‬الرأٍ ‪،‬كأمنا خرج من‬ ‫البياض ‪َ ،‬سبِ ُ‬
‫مربوع مييل إىل احلمرِة و ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫دمياٍ ‪ ،‬أي محَّام ‪ ،‬شبَّهه بعروَة ب ِن مسعود ِّ‬
‫الثقفي ‪ ،‬فسلّم عليهما‬
‫السالم ‪ ،‬مث قاال مرحب ا‬
‫َ‬ ‫فردا عليه‬‫النيب ( صلى اهلل عليه وسلم ) َّ‬

‫‪ - 27‬أي قليال ‪.‬‬


‫‪ - 28‬بسكون العي ‪ ،‬وجيوز كسرها ‪،‬أي جعد البدن ‪ ،‬أي ليس بالطويل ‪ ،‬بل متوسط ‪ ،‬قوي يف‬
‫ذاته ‪ ،‬وليس املراد جعد الشعر؛ بدليل قوله‪ ":‬سبط" ‪.‬‬
‫‪ - 29‬بكسر الباء ‪ ،‬أو سكوهنا ‪ :‬الشعر الذي ليس فيه جعودة ‪ ،‬أي تثن ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫ِ‬
‫السماء‬ ‫ودعوا له خبري ‪ ،‬مث صعِدا إىل‬‫النيب الصا ِل ‪َ ،‬‬ ‫باألخ الصا ِل و ِّ‬‫ِ‬
‫يل ‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫؟‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫‪:‬‬ ‫قيل‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫فاستفتح‬ ‫ِ‬
‫الثالثة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُرس َل إليه ؟ قال نعم ‪،‬‬ ‫ومن معك ؟ قال حممد ‪ ،‬قيل ‪ :‬أوقد أ ِ‬
‫األخ‬
‫قيل‪ :‬مرحب ا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه اهلل من أخ ومن خليفة ‪ ،‬فنعم ُ‬
‫اجملئ جاءَ ‪ ،‬ف ُفتِ َح هلما فلما خلَصا إذا هو‬ ‫ونعم اخلليفةُ ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫قومه ‪ ،‬فسلم عليه فرد عليه‬ ‫بيوسف عليه السالم ومعه نفر من ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫النيب الصا ِل ‪ ،‬ودعا له‬‫السالم ‪ ،‬مث قال ‪ :‬مرحبا باألخ الصا ِل و ِّ‬
‫خبري ‪ ،‬وإذا هو قد أ ُْع ِط َي َشطَْر احلُس ِن ‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬أحس ُن ما‬
‫الناٍ باحلس ِن كالقم ِر ليلةَ البد ِر على سائ ِر‬
‫ض َل َ‬ ‫خلق اهللُ ‪ ،‬قد فَ َ‬
‫ف ‪ ،‬مث‬ ‫اكب ‪ ،‬قال من هذا يا جربيل ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬أخوك يوس ُ‬ ‫الكو ِ‬
‫يل ‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا ؟‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫تفت‬ ‫فاس‬ ‫‪،‬‬ ‫ابعة‬ ‫ِ‬
‫السماء الر ِ‬ ‫إىل‬ ‫عدا‬ ‫ِ‬
‫ص‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قال‪ :‬جربيل ‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك ؟ قال ‪ :‬حممد ‪ ،‬قيل ‪ :‬أوقد أ ِ‬
‫ُرس َل‬ ‫ُ‬
‫إليه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل ‪ :‬مرحب ا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه اهلل من أخ ومن‬
‫خليفة ‪ ،‬فنعم األخ ونعم اخلليفة ‪ ،‬ونعم اجملئ جاء ‪ ،‬ف ُفتِ َح هلما ‪،‬‬
‫يس قد رفعه اهللُ مكانا عليًّا ‪ ،‬فسلّم عليه‬ ‫فلما خلَصا إذا هو بإدر َ‬
‫السالم ‪ ،‬مث قال ‪ :‬مرحبا باألخ الصال والنيب الصال ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فرد عليه‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬

‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫تح‬ ‫فاستف‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬


‫اخلامسة‬ ‫ِ‬
‫السماء‬ ‫مث دعا له خبري ‪ ،‬مث صعِدا إىل‬
‫ُ‬
‫يل ‪ ،‬قيل ‪ :‬ومن معك ؟ قال ‪ :‬حممد‪،‬‬ ‫قيل ‪ :‬من هذا ؟ قال‪ :‬جرب ُ‬
‫ُرس َل إليه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل ‪ :‬مرحبا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه‬ ‫قيل ‪ :‬أوقد أ ِ‬
‫األخ ونعم اخلليفةُ ‪ ،‬ونعم اجملئ جاء‪،‬‬ ‫اهلل من أخ ومن خليفة فنعم ُ‬
‫ونصف‬
‫ُ‬ ‫السالم ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ف ُفتح هلما ‪ ،‬فلما خلَصا فإذا هو هبارو َن عليه‬
‫ضربُه إىل ُسَّرتِه من‬ ‫حليتِه بيضاءُ ‪ ،‬ونص ُفها سوداءُ (‪ ، )30‬تكاد تَ ْ‬
‫ص عليهم‪ ،‬فسلّم عليه‬ ‫ائيل وهو يَـ ُق ي‬‫ر‬ ‫إس‬ ‫بين‬ ‫من‬ ‫قوم‬ ‫ه‬‫َ‬‫ل‬‫و‬‫وح‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫طُ ِ‬
‫وهل‬
‫َ‬
‫النيب الصال ‪ ،‬مث‬ ‫باألخ الصال و ِّ‬ ‫السالم ‪ ،‬مث قال مرحب ا ِ‬
‫َ‬ ‫فرد عليه‬
‫ب‬‫جل احملبَّ ُ‬
‫الر ُ‬
‫يل ؟ قال ‪ :‬هذا ّ‬ ‫دعا له خبري ؛ فقال ‪ :‬من هذا ياجرب ُ‬
‫ِ‬
‫السادسة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السماء‬ ‫بن عمران‪ ،‬مث صعِدا إىل‬ ‫ِ‬
‫يف قومه هارو ُن ُ‬
‫يل ‪ ،‬قيل ‪ :‬ومن‬ ‫يل ‪ ،‬قيل ‪ :‬من هذا؟ قال ‪ :‬جرب ُ‬ ‫فاستفتح جرب ُ‬
‫ُرس َل إليه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫معك ؟ قال‪ :‬حممد ‪ ،‬قيل‪ :‬أوقد أ ِ‬
‫األخ ونعم‬‫مرحبا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه اهلل من أخ ومن خليفة ‪ ،‬فنعم ُ‬
‫النيب والنبيي‬ ‫ِ‬
‫اخلليفةُ ونعم اجملئ جاء ‪ ،‬ف ُفتح هلما‪ ،‬فجعل ميير ب ِّ‬
‫النيب والنبيي ليس‬ ‫القوم‪ ،‬و ِّ‬
‫النيب والنبيي معهم ُ‬ ‫ط ‪ ،‬و ِّ‬ ‫الرْه ُ‬
‫معهم َّ‬
‫‪ - 30‬قيل‪ :‬سبب ذلك قبض موسى هلا حي غضب عليه وألقى األلواح ؛ ولعل األبيض هو األعلى‬
‫أي على مكان وضع موسى يده ؛ ولعل األسود هو األسفل ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪18‬‬

‫معهم أحد ‪ ،‬مث َمَّر بِ َسواد عظيم َس َّد األفُق ‪ ،‬فقال ‪َ :‬م ْن هذا‬
‫ك فإذا هو بِ َسواد‬ ‫وقومه ‪ ،‬ولك ِن ْارفَ ْع ر َ‬
‫أس َ‬ ‫اجلمع ؟ قيل ‪ :‬موسى ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اجلانب‪ ،‬فقيل له ‪:‬‬ ‫ومن ذا‬ ‫اجلانب ِ‬
‫ِ‬ ‫عظيم قد س ّد األُفُ َق ِمن ذا‬
‫هؤالء أمتُك ‪ ،‬وسوى هؤالء سبعون ألف ا يدخلون اجلنةَ بغ ِري‬
‫حساب‪ ،‬فلما خلَصا فإذا هو مبوسى ب ِن عمرا َن عليه السال ُم ‪،‬‬
‫الش َع ِر ‪،‬‬ ‫آدم(‪ )31‬طُوال(‪ ، )32‬كأنه من ِ‬
‫رجال َشنُوءَة(‪ ، )33‬كثريُ َّ‬ ‫رجل َ ُ‬
‫دوهنما‪ ،‬فسلم عليه النيب (صلى‬ ‫لو كان عليه قميصان لن َف َذ َش َعُرهُ َ‬
‫السالم ‪ ،‬مث قال ‪ :‬مرحب ا باألخ الصال‬ ‫َ‬ ‫اهلل عليه وسلم) فرد عليه‬
‫أكرم بين‬
‫الناٍ أين ُ‬
‫والنيب الصال ‪ ،‬مث دعا له خبري ‪ ،‬وقال ‪ْ :‬يزعُ ُم ُ‬
‫فلما جاوزه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكرم على اهلل مين‪ّ ،‬‬ ‫آدم على اهلل من هذا ‪ ،‬بل هو ُ‬
‫النيب (صلى اهلل عليه وسلم) بكى‪ ،‬فقيل له ‪ :‬ما يُبكيك ؟ قال ‪:‬‬ ‫ي‬
‫دخل اجلنةَ من أمتِه أك ُثر ممن‬ ‫ث من بعدي يَ ُ‬ ‫أبكي ألن غالما(‪)34‬بُعِ َ‬
‫آدم على‬ ‫يدخل ِ‬
‫أكرم بين َ‬
‫ائيل أين ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫إس‬ ‫بنو‬ ‫يزعم‬ ‫‪،‬‬ ‫أميت‬ ‫من‬ ‫اجلنة‬ ‫ُ‬
‫‪ - 31‬أي أدمي اللون ‪ ،‬أي بياضه مييل إىل احلمرة ‪ ...‬هكذا جاء يف حاشية الدردير ‪.‬‬
‫‪ - 32‬أي طويل ‪.‬‬
‫‪ - 33‬اسم قبيلة من اليمن ‪ ،‬شأهنم الطول واألدمة ‪.‬‬
‫‪ - 34‬ليس قوله غالما على سبيل التنقيص ؛ بل على سبيل التنويه بقدرة اهلل تعاىل ؛ حيث أعطى‬
‫الصغري ما مل يعطه الكبري يف السن ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪19‬‬

‫آدم َخلَ َفين يف ُدنيا وأنا يف أُخرى ‪ ،‬فلو‬ ‫اهلل ‪ ،‬وهذا رجل من بين ِ‬
‫ِ‬
‫السماء‬ ‫لكن معه أَُّمتُه ‪ ،‬مث صعِدا إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنه يف نفسه مل أُبال ‪ ،‬و ْ‬
‫يل ‪ ،‬قيل ‪:‬‬‫يل قيل‪ :‬من هذا ؟ قال ‪ :‬جرب ُ‬ ‫السابعة ‪ ،‬فاستفتح جرب ُ‬
‫ُرسل إليه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪،‬‬ ‫ومن معك ؟ قال‪ :‬حممد ‪ ،‬قيل‪ :‬أو قد أ ِ‬
‫األخ‬
‫قيل‪ :‬مرحبا به وأهالا ‪ ،‬حيّاه اهلل من أخ ومن خليفة ‪ ،‬فنعم ُ‬
‫اجملئ جاء ‪ ،‬ف ُفتِح هلما‪ ،‬فلما خلَصا فإذا النيب‬ ‫ونعم اخلليفةُ ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫السالم ‪ ،‬جالس عند‬‫ُ‬ ‫اهيم ِ‬
‫اخلليل عليه‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم بإبر َ‬
‫اجلنة على كرسي من ذهب ‪ ،‬مسنِد ظَهره إىل ال ِ‬
‫بيت املعموِر‪،‬‬ ‫باب ِ‬
‫ِ‬
‫ُ ْ ْ َُ‬ ‫ي‬
‫قومه ‪ ،‬فسلم عليه النيب ( صلى اهلل عليه وسلم ) فرد‬ ‫معه نفر من ِ‬
‫السالم وقال ‪ :‬مرحبا باألخ الصال والنيب الصال ‪ ،‬مث دعا‬ ‫َ‬ ‫عليه‬
‫اٍ اجلنة ؛ فإن تربتَها‬‫له خبري ‪ ،‬مث قال ‪ُ :‬مْر أمتَك فَـْلتُ ْكثِْر من ِغر ِ‬
‫اٍ اجلنة ؟ قال ‪ :‬ال حول‬ ‫أرضها واسعة ‪ ،‬فقال‪ :‬وما غر ُ‬ ‫طيبة ‪ ،‬و َ‬
‫وال قوة إال باهلل العلي العظيم ‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬أَقْ ِر ْئ أمتَك مين‬
‫أخربهم أن اجلنة طيبة الرت ِبة عذبة ِ‬
‫املاء وأن ِ‬
‫اسها‬
‫َ‬ ‫ر‬‫غ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫السالم‪ ،‬و ِ ْ ُ‬
‫َ‬
‫سبحان اهلل واحلمد هلل وال إله إال اهلل واهلل اكرب ‪ ،‬وعنده قوم جلوٍ‬

‫‪19‬‬
‫‪20‬‬

‫اطيس (‪ )35‬وقوم يف ألو ِاهنم شيء ‪ ،‬فدخلوا‬ ‫أمثال القر ِ‬


‫الوجوه ُ‬‫ِ‬ ‫بيض‬
‫ُ‬
‫هنَرا فاغتسلوا فيه ‪ ،‬فخرجوا وقد خلَص من ألواهنم شيء ‪ ،‬مث‬
‫دخلوا هنَرا فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلَص من ألواهنم شيء ‪ ،‬مث‬
‫مثل‬
‫دخلوا هنَرا ثالث ا فاغتسلوا فيه وقد خلَصت ألوا ُهنم ‪ ،‬فصارت َ‬
‫أصحاهبم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫ِ‬ ‫أصحاهبم ‪ ،‬فجاءوا فجلسوا إىل‬ ‫ِ‬ ‫ألو ِان‬
‫الوجوه ؟ ومن هؤالء الذين يف ألو ِاهنم‬ ‫ِ‬ ‫البيض‬
‫ُ‬ ‫جربيلُ من هؤالء‬
‫األهنار اليت دخلوها فاغتسلوا فيها ؟ فقال ‪ّ :‬أما‬ ‫ُ‬ ‫شيء ؟ وما هذه‬
‫إمياهنم بظلم ‪ ،‬وأما هؤالء‬ ‫البيض الوجوهِ فقوم مل يلبِسوا َ‬ ‫ُ‬ ‫هؤالء‬
‫وآخر سيئا‬ ‫ا‬ ‫صاحل‬ ‫ال‬
‫ا‬ ‫عم‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ط‬‫َ‬‫ل‬ ‫خ‬ ‫فقوم‬ ‫‪،‬‬ ‫شيء‬ ‫م‬ ‫الذين يف ألو ِ‬
‫اهن‬
‫َ‬
‫األهنار فأوُهلا رمحُة اهلل ‪ ،‬والثاين‬
‫فتابوا فتاب اهلل عليهم ‪ ،‬وأما هذه ُ‬
‫الثالث وسقاهم ريهبم شرابا طهورا ‪ .‬وقيل‪ :‬هذا‬ ‫نعمةُ اهلل ‪ ،‬و ُ‬
‫مكانُك ومكا ُن أمتِك ‪ ،‬وإذا هو بأمته شطرين‪ :‬شطر عليهم ثياب‬
‫املعمور‬
‫َ‬ ‫البيت‬
‫اطيس ‪ ،‬وشطر عليهم ثياب رمد ‪ ،‬فدخل َ‬ ‫كأهنا القر ُ‬
‫ب اآلخرون الذين‬ ‫ودخل معه الذين عليهم الثياب البيض ‪ ،‬وح ِ‬
‫ج‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫الرمد ‪ ،‬وهم على خري‪ ،‬فصلى ومن معه من املؤمني‬ ‫الثياب ُ‬
‫عليهم ُ‬

‫‪ - 35‬أي يف الربيق واللمعان والبياض ‪.‬‬


‫‪20‬‬
‫‪21‬‬

‫ألف ملَك ال‬ ‫يف ِ‬


‫كل يوم سبعون َ‬ ‫البيت املعمور‪ ،‬وإذا هو يدخله َّ‬
‫ذاء الكعبة‪ ،‬لو خَّر منه حجر‬ ‫القيامة ‪ ،‬وأنه ِب ِ‬
‫ِ‬ ‫يعودون إليه إىل ِ‬
‫يوم‬
‫ِ‬
‫ت عليه‬ ‫ضْ‬ ‫خلر عليها ‪ ،‬آخُر ما عليهم(‪ ، )36‬ويف رواية ‪ :‬أنه عُ ِر َ‬ ‫َّ‬
‫يل فِعلَه كما تقدم‪،‬‬ ‫فصوب جرب ُ‬ ‫اللب ّ‬ ‫اآلنيةُ الثالثةُ املتقدمةُ ‪ ،‬فأخذ َ‬
‫وقال ‪-‬كما يف رواية ‪ :-‬هذه الفطرةُ اليت أنت عليها وأمتُك ‪ ،‬مث‬
‫ض‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ج‬‫عر‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫نت‬ ‫ي‬ ‫وإليها‬ ‫‪،‬‬ ‫املنتهى‬ ‫ِ‬
‫ة‬‫سدر‬ ‫إىل‬ ‫ع‬ ‫رفِ‬
‫َُ ُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ض منها ‪ ،‬وإذا هي‬ ‫فوق فيُـ ْقبَ ُ‬
‫ط من ُ‬ ‫منها ‪ ،‬وإليها يَنت ِهي ما يَهبِ ُ‬
‫آسن ‪ ،‬وأهنار من لب مل‬ ‫شجرة َيرج من أصلِها أهنار من ماء غ ِري ِ‬
‫ُُ‬
‫طعمه ‪ ،‬وأهنار من مخر لذة للشاربي ‪ ،‬وأهنار من عسل‬ ‫يتغري ُ‬‫ْ‬
‫اكب يف ِظلِّها سبعي عاما ال يَقطعُها ‪ ،‬وإذا‬ ‫ص ًّفى ‪ ،‬يسريُ الر ُ‬ ‫ُم َ‬
‫تكاد الورقةُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫نب ُقها ِمثل قُ ِ‬
‫الل َه َجر(‪ ، )37‬وإذا ورقُها كآذان الفيَلة ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كل‬
‫الئق على ِّ‬ ‫تُـغَطِّي هذه األمةَ ‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬الورقةُ منها تُظ يل اخل َ‬
‫ورقة فيها ملَك ‪ ،‬فغَ ِشيَها ألوان ال يَد ِري ما هي ‪ ،‬فلما غ ِشيها من‬
‫لت ياقوتا وزبَـْر َجدا ‪،‬‬ ‫اهلل ما ِ‬
‫أم ِر ِ‬
‫حتو ْ‬
‫ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫اية‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ويف‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫تغري‬
‫َّ‬ ‫يها‬ ‫غش‬

‫‪ - 36‬خرب ملبتدأ حمذوف ‪ ،‬أي هذا آخر ما عليهم‪ ،‬أي إن دخوهلم البيت املعمور وعدم عودهم له‬
‫بعد خروجهم معه آخر ما عليهم بالنسبة للبيت ‪.‬‬
‫‪ - 37‬قالل‪ :‬مجع قُلة – بالضم ‪ :-‬ما يقله الرجل أي حيمله البعري ‪ ،‬وهجر‪ :‬قرية بقرب املدينة ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪22‬‬

‫يستطيع أحد أن يَـْنـ َعتَها من حسنِها ‪ ،‬فيها فَراش من ذهب ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فما‬
‫وإذا يف أصلِها أربعةُ أهنار‪ :‬هنَران باطنان ‪ ،‬وهنران ظاهران ؛ فقال‪:‬‬
‫فنهر ِان يف اجلنة ‪،‬‬ ‫األهنار يا جربيل؟ قال ‪ :‬أما الباطنان َ‬ ‫ُ‬ ‫ما هذه‬
‫ات‪ ،‬ويف رواية ‪ :‬أنه رأى جربي َل عند‬ ‫فالنيل والفر ُ‬
‫ُ‬ ‫وأما الظاهران‬
‫كل َجناح منها قد َّ‬
‫سد األفُ َق ‪ ،‬يَتناثَـُر‬ ‫ائة َجناح ‪ ،‬ي‬ ‫السدرِة وله ِستي ِم ِ‬
‫يعلمه إال اهللُ تعاىل‪ ،‬مث‬ ‫الياقوت مما ال ُ‬
‫التهاويل الد ير و ُ‬ ‫ُ‬ ‫من أجنحتِه‬
‫أُ ِخ َذ على الكوث ِر حىت دخل اجلنةَ ‪ ،‬فإذا فيها ماال عي رأت ‪،‬‬
‫قلب بشر ‪ ،‬فرأى على ِ‬
‫باهبا‬ ‫وال أذن مسعت ‪ ،‬وال َخطَر على ِ‬
‫َ‬
‫شر ؛ فقال ‪:‬‬ ‫ع‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫بثماني‬ ‫القرض‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫مكتوبا ‪ :‬الصدقةُ بعش ِر ِ‬
‫أمثاهل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الصدقة ؟! ‪ ،‬قال ‪" :‬ألن‬ ‫ِ‬ ‫أفضل من‬ ‫ِ‬
‫القرض‬ ‫بال‬
‫يل ما ُ‬
‫ُ‬ ‫يا جرب ُ‬
‫ض إال من‬ ‫املستقرض ال يَست ْق ِر ُ‬
‫َ‬ ‫يسأل وعنده شيء ؛ و‬ ‫السائل ُ‬
‫َ‬
‫طعمه ‪ ،‬وأهنار‬ ‫يتغري ُ‬ ‫حاجة " ‪ ،‬فسار فإذا هو بأهنار من لب مل ْ‬
‫صفى ‪ ،‬وإذا فيها‬ ‫من مخر لذة للشاربي ‪ ،‬وأهنار من عسل ُم ًّ‬
‫كالدالء(‪ ، )39‬ويف رواية ‪ :‬فإذا فيها‬ ‫َجنابِ ُذ(‪ )38‬اللؤل ِؤ ‪ ،‬وإذا ُرَّما ُهنا ِّ‬

‫‪ - 38‬أي قبابه ‪.‬‬


‫‪ - 39‬مجع دلو ‪ ،‬واملراد الدلو الكبري ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪23‬‬

‫اإلبل الـ ُم َقتَّبَ ِة(‪ )40‬وإذا بِطَِْريها كالبَ َخايتِّ (‪ )41‬فقال‬


‫لود ِ‬ ‫ّرمان كأنه ُج ُ‬
‫لناعمة ‪ ،‬قال أَ َكلَتُها أنْـ َع ُم منها ‪،‬‬ ‫أبو بكر ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬إهنا ِ‬
‫ِ‬
‫ر على حافتيه قباب( )‬ ‫وإين ألرجو أن تأكل منها ‪ ،‬ورأى هنَر الكوث ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪42‬‬

‫النار‬ ‫عليه‬ ‫ضت‬


‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫مث‬ ‫‪،‬‬ ‫ف ‪ ،‬وإذا طينُه ِمسك أ ْذفَـر(‪)44‬‬ ‫ُ‬ ‫اجملو‬ ‫د ِر(‪)43‬‬
‫ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وزجره ونقمتُه ؛ لو طُِر َح فيها احلجارةُ و ُ‬
‫احلديد‬ ‫فإذا فيها غضب ِ‬
‫اهلل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يف ‪ ،‬فقال من هؤالء يا‬ ‫ِ‬
‫ألكلْتها ‪ ،‬فإذا فيها قوم يأكلون اجل َ‬
‫حلوم الناٍ ‪ ،‬ورأى مالكا‬ ‫يل؟ قال ‪ :‬هؤالء الذين يأكلون َ‬ ‫جرب ُ‬
‫الغضب يف وج ِهه ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫عر ُ‬‫خاز َن النار ‪ ،‬فإذا هو رجل عابس يُ َ‬
‫النار دونَه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ق‬‫فبدأه النيب (صلى اهلل عليه وسلم) بالسالم ‪ ،‬مث أُغلِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫كل لون ‪،‬‬ ‫فغشيْته سحابة فيها من ِّ‬ ‫مث رفِع إىل سدرِة املنتهى ؛ ِ‬
‫َُ‬
‫يل عليه السالم ‪ ،‬مث عُ ِر َج به (صلى اهلل عليه وسلم)‬ ‫فتأخر جرب ُ‬
‫األقالم ‪ ،‬ورأى رجالا ُمغَيَّبا يف نوِر ِ‬
‫العرش؛‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫ِ‬
‫ملستوى َمس َع فيه صر َ‬‫ا‬

‫‪ - 40‬أي اليت عليها أقتاهبا ‪ ،‬أي الرحل الذي يكون حتت األمحال ‪.‬‬
‫يت ‪ ،‬وهو البعري اخلراساين ذو السنامي ‪ ،‬ولك أن ختفف الياء يف اجلمع‪ .‬خمتار الصحاح‬‫ِ‬ ‫‪41‬‬
‫‪ -‬مجع ُخب ّ‬
‫( ب خ ت)‪.‬‬
‫‪ - 42‬مجع قبة ‪.‬‬
‫‪ - 43‬كبار اللؤلؤ ‪.‬‬
‫‪ - 44‬شديد الرائحة ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪24‬‬

‫فقال‪ :‬من هذا أملَك؟ قيل‪ :‬ال ‪ ،‬قال‪ :‬أنيب ؟ قيل‪ :‬ال ‪ ،‬قال‪َ :‬من‬
‫هلل تعاىل‪،‬‬ ‫هو ؟ قيل‪ :‬هذا رجل كان يف الدنيا لسانُه رطب بذك ِر ا ِ‬
‫ط ‪ ،‬فرأى ربَّه‬ ‫ب(‪ )45‬لوالديه ق ي‬ ‫ِ‬
‫باملساجد ‪ ،‬ومل يَ ْستَ ِس َّ‬ ‫وقلبُه معلَّق‬
‫النيب (صلى اهلل عليه وسلم) ساجدا وكلمه‬ ‫فخر ي‬ ‫سبحانه وتعاىل ‪َّ ،‬‬
‫رب ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫حممد‪ ،‬قال ‪ :‬لبيك يا ِّ‬ ‫ربيه عند ذلك ‪ ،‬فقال له ‪ :‬يا ُ‬
‫اهيم خليالا‪ ،‬وأعطيتَه ُملكا عظيما‪،‬‬ ‫اختذت إبر َ‬ ‫َ‬ ‫َس ْل ؛ فقال ‪ :‬إنك‬
‫ت‬ ‫داود ملكا عظيما ‪ ،‬و أَلْن َ‬ ‫أعطيت َ‬ ‫َ‬ ‫كلمت موسى تكليما ‪ ،‬و‬ ‫و َ‬
‫أعطيت سليما َن ملك ا عظيم ا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اجلبال ‪ ،‬و‬
‫وسخرت له َ‬ ‫َ‬ ‫احلديد ‪،‬‬
‫َ‬ ‫له‬
‫اح ‪،‬‬ ‫رت له الري َ‬ ‫وسخ َ‬
‫الشياطي ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اإلنس و‬
‫اجلن و َ‬ ‫وسخرت له َّ‬ ‫َ‬
‫وعلمت عيسى التورا َة‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫وأعطيته ملكا ال ينبغي ألحد من ِ‬
‫بعد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وحييي املوتى بإذنِك ‪،‬‬ ‫األبرص ُ‬
‫ئ األكمهَ و َ‬ ‫اإلجنيل وجعلتَه يُ ِرب ُ‬
‫و َ‬
‫ِ‬
‫للشيطان عليهما‬ ‫الشيطان الرجيم ‪ ،‬فلم يكن‬ ‫ِ‬ ‫وأَ َع ْذتَه و َّأمه من‬
‫سبيل ؛ فقال اهلل سبحانه وتعاىل ‪ :‬قد اختذتُك حبيب ا ‪ -‬قال‬
‫للناٍ كافةا‬‫الراوي‪ :‬وهو مكتوب يف التور ِاة حبيب اهلل ‪ -‬وأرسلتُك ِ‬
‫ورفعت‬
‫ُ‬ ‫وزرك ‪،‬‬
‫ووضعت عنك َ‬
‫ُ‬ ‫صدرك‬
‫وشرحت لك َ‬ ‫ُ‬ ‫بشريا ونذيرا ‪،‬‬

‫‪ - 45‬أي مل يفعل ما يقتضي سبهما من سب لوالدي أحد ‪ ،‬أو غري ذلك مما ال ينبغي فعله شرعا ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪25‬‬

‫ِ‬
‫خري أمة‬ ‫وجعلت أمتَك َ‬
‫ُ‬ ‫رت معي ‪،‬‬ ‫ذكرك ‪،‬ال أُذ َكُر إال ذُك َ‬‫لك َ‬
‫وجعلت أمتَك هم‬ ‫ُ‬ ‫أخرجت للناٍ ‪ ،‬وجعلت أمتَك أمةا وسطا ‪،‬‬
‫التوز هلم ُخطبة حىت‬ ‫ُ‬ ‫وجعلت أمتَك‬
‫ُ‬ ‫األولون وهم اآلخرون ‪،‬‬
‫وجعلت من أمتِك أقوام ا ُ‬
‫قلوهبم‬ ‫ُ‬ ‫يَشهدوا أنك عبدي ورسويل ‪،‬‬
‫أناجيُلهم(‪ ، )46‬وجعلتُك ّأوَل النبيي َخْلقا وآ ِخَرهم بعثا ‪ ،‬و ّأوَهلم‬
‫عطها نبيًّا قبلَك ‪،‬‬‫يـ ْقضى له ‪ ،‬وأعطيتُك سبعا من املثاين مل أُ ِ‬
‫ُ َ‬
‫العرش ‪ ،‬مل أُ ِ‬
‫عطها نبيا‬ ‫حتت ِ‬ ‫اتيم سورِة البقرِة من كنز َ‬ ‫وأعطيتُك خو َ‬
‫سالم ‪،‬‬
‫الكوثر ‪ ،‬وأعطيتُك مثاني َة أسهم ‪ :‬اإل َ‬ ‫َ‬ ‫قبلَك ‪ ،‬وأعطيتُك‬
‫واهلجرَة ‪ ،‬واجلهاد ‪ ،‬والصدقةَ ‪ ،‬وصوم رمضا َن ‪ ،‬واألمر بامل ِ‬
‫عروف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫رض‬
‫ْ‬ ‫ف‬ ‫األرض‬ ‫و‬ ‫والنهي عن املنك ِر ‪ ،‬وإين يوم خلقت السماو ِ‬
‫ات‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عليك وعلى أمتِك مخسي صال اة ‪ ،‬ف ُق ْم هبا أنت وأمتُك ‪ ،‬ويف‬
‫خلمس‬ ‫ا‬ ‫اهلل (صلى اهلل عليه وسلم ) الصلو ِ‬
‫ات‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫رواية ‪ :‬أُ ِ‬
‫عط‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫باهلل من أمتِك شيئ ا‬
‫شرك ِ‬ ‫اتيم سورِة البقرِة و َغ ْفَر(‪ )47‬ملن مل يُ ْ‬
‫وخو َ‬
‫‪ - 46‬مجع إجنيل ‪ ،‬وهو كتاب العلم واحلكمة ‪ ،‬فقلوهبم وعاء العلم ‪ ،‬وهم محلة الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫وأرباب األسرار اإلهلية ‪.‬‬
‫‪ - 47‬سكت العالمة الدردير – رمحه اهلل‪ -‬عن هذه املسألة‪ ،‬وهي الفصل بي املضاف واملضاف إليه‬
‫؛ حيث فصل بي املصدر (غفر) ومفعوله ( املقحمات) ؛ والغفر مصدر يعمل عمل الفعل‪ ،‬وهو‬
‫يشرك باهللِ من أمتِك شيئا"‪.‬‬
‫مضاف إىل مفعوله (املقحمات) وقد فصل بينهما بقوله‪ ":‬ملن مل ْ‬
‫‪25‬‬
‫‪26‬‬

‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫بيده‬ ‫أخذ‬ ‫و‬ ‫ة‬


‫ُ‬ ‫السحاب‬ ‫عنه‬ ‫اجنلت‬ ‫مث‬ ‫‪،‬‬ ‫الـم ْق ِح ِ‬
‫مات(‪)48‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يقل شيئا ‪ ،‬مث أتى علي‬ ‫اهيم فلم ْ‬ ‫فانصرف سريعا ‪ ،‬فأتى علي إبر َ‬ ‫َ‬
‫صنعت يا‬
‫َ‬ ‫الصاحب كان لكم – فقال‪ :‬ما‬ ‫ُ‬ ‫موسى ‪ -‬قال ونعم‬
‫علي وعلى‬ ‫فرض‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫؟‬ ‫ك‬ ‫حممد ؟ ما فرض ربيك عليك وعلى أمتِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ارجع إىل ربِّك فاسألْه‬
‫أميت مخسي صالةا ُك َّل يوم وليلة ؛ قال‪ْ :‬‬
‫طيق ذالك ؛ فإين قد‬ ‫ِ‬
‫التخفيف عنك وعن أمتك ؛ فإن أمتَك ال تُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫املعاجلة‬ ‫ائيل وعاجلتُهم َّ‬
‫أشد‬ ‫وبلوت بين إسر َ‬ ‫ُ‬ ‫الناٍ قبلَك ؛‬
‫ت َ‬ ‫َخبَـْر ُ‬
‫عف أجسادا‬ ‫ضعُ ُفوا عنه وترُكوه ؛ فأمتُك أض ُ‬ ‫على أدىن من هذا ؛ فَ َ‬
‫النيب (صلى اهلل عليه‬ ‫وأبدانا وقلوبا وأبصارا وأمساعا ؛ فالتفت ي‬
‫شئت‬
‫نعم ؛ إ ْن َ‬ ‫يل يَستشريُه ؛ فأشار إليه أن ْ‬ ‫وسلم) إيل جرب َ‬
‫فغشيته السحابةُ‬ ‫فارجع؛ فرجع سريعا حيت انتهى إيل الشجرِة ؛ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف‬‫ف عن أميت ؛ فإهنا أضع ُ‬ ‫رب َخ ِّف ْ‬‫وخر ساجدا ‪ ،‬مث قال‪ِّ :‬‬ ‫َّ‬
‫اجنلت السحابةُ ورجع إىل‬‫األم ِم؛ قال‪ :‬وضعت عنهم َمخس ا ‪ ،‬مث ِ‬
‫ُ‬
‫ارجع إيل ربِّك فاسألْه‬
‫موسى ؛ فقال‪ :‬وضع عين مخسا ؛ فقال‪ْ :‬‬
‫يرجع بي موسى‬ ‫التخفيف ؛ فإن أمتَك ال تُطيق ذلك ؛ فلم َيزْل ُ‬ ‫َ‬

‫‪ - 48‬املقحمات‪ :‬املهلكات ‪.‬‬


‫‪26‬‬
‫‪27‬‬

‫حممد ؛ قال‪:‬‬ ‫ط عنه مخسا مخسا حىت قال اهللُ ‪ ":‬يا ُ‬ ‫وبي ربِّه َحيُ ي‬
‫كل صالة‬ ‫كل يوم وليلة ي‬ ‫مخس صلوات َّ‬ ‫وسعديك ‪ ،‬قال‪ :‬هن ُ‬ ‫لبَّيك ْ‬
‫نس ُخ‬‫لدي وال يُ َ‬ ‫القول َّ‬
‫بد ُل ُ‬ ‫بعشر ‪ ،‬فتلك مخسون صال اة ؛ ال يُ َّ‬
‫بت له حسنةا فإن عملها‬ ‫ِ‬
‫وم ْن َه َّم بسنة فلم يعمْلها ُكت ْ‬ ‫كتايب‪َ ،‬‬
‫تكتب عليه شيئا ‪،‬‬ ‫هم بسيئة فلم يعمْلها مل ْ‬ ‫ِ‬
‫ُكتبت َع ْشرا ‪ ،‬ومن ّ‬
‫ت ؛ فنزل حىت انتهى إىل‬ ‫ِ‬
‫فإن عملها ُكتبت سيئةا واحدة " واجنلَ ْ‬
‫ف ؛ فإن‬ ‫ِ‬
‫موسى فأخربه ؛ فقال‪ :‬ارج ْع إىل ربِّك فاسألْه التخفي َ‬
‫ت منه‪،‬‬ ‫اجعت ريب حىت استحيي ُ‬ ‫طيق ذلك ؛ فقال قد ر ُ‬ ‫أمتَك ال تُ ُ‬
‫أمضيت فريضيت‬ ‫ُ‬ ‫رضى وأُ َسلِّم ‪ ،‬فنادى مناد ‪ :‬أن قد‬ ‫لكن أَ َ‬ ‫و ْ‬
‫وخف ْفت عن عبادي ‪ ،‬فقال له موسى ‪ :‬اهبِ ْط بس ِم ِ‬
‫اهلل ‪ ،‬ومل يَـ ُمَّر‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫باحلجامة ‪ ،‬ويف رواية ‪ُ :‬مْر‬ ‫ِ‬
‫املالئكة إال قالوا‪ :‬عليك‬ ‫على مل من‬
‫هل مساء‬ ‫أ‬ ‫باحلجامة ‪ ،‬مث احندر فقال جلربيل ‪ :‬مايل مل ِ‬
‫آت‬ ‫ِ‬ ‫أمتَك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السالم‬
‫َ‬ ‫علي‬
‫فرد َّ‬ ‫مت عليه َّ‬‫غري واحد سلَّ ُ‬ ‫رحبُوا يب وضحكوا يل َ‬ ‫إال َّ‬
‫يضحك يل ‪ ،‬فقال‪ :‬ذاك مالك خاز ُن النا ِر‬ ‫ْ‬ ‫ب يب ودعا يل ومل‬ ‫ورح َ‬
‫َّ‬
‫ك لك ‪ ،‬فل ّما‬ ‫ضحك ألحد ِ‬
‫لضح َ‬ ‫يضحك من ُذ خلِق ‪ ،‬ولو ِ‬ ‫ْ‬ ‫مل‬
‫ُ َ‬

‫‪27‬‬
‫‪28‬‬

‫ودخان‬ ‫ج‬ ‫ه‬ ‫ر‬‫ِ‬‫ب‬ ‫هو‬ ‫فإذا‬ ‫منه‬ ‫أسفل‬ ‫إىل‬ ‫نظر‬ ‫الدنيا‬ ‫ِ‬
‫السماء‬ ‫نزل إىل‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪49‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشياطي َحيومون‬ ‫ُ‬ ‫يل ؟ قال‪ :‬هذه‬ ‫فقال‪ :‬ما هذا يا جرب ُ‬ ‫وأصوات ؛ َ‬
‫ات واأل ِرض ‪،‬‬ ‫ملكوت السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫آدم ال يَت َف ّكرون يف‬ ‫ِ‬
‫علي عيون بين َ‬
‫العجائب ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ولوال ذلك لرأوا‬
‫مبكان كذا وكذا ‪ ،‬وفيها‬ ‫مث ركِب منصرفا ‪ ،‬فمَّر بِعِري(‪)50‬لقريش ِ‬
‫َ‬
‫وغرارة بيضاءُ ؛ فلما حاذى العِ َري‬ ‫اتان(‪ِ )51‬غرارة سوداء ِ‬
‫ُ‬
‫مجل عليه ِغرار ِ‬
‫ِ‬
‫ضليوا‬ ‫ومر بِعري ق ْد َ‬ ‫انكسر ‪ّ ،‬‬ ‫ع ذلك البعريُ و َ‬ ‫وص ِر َ‬
‫استدارت ُ‬
‫ْ‬ ‫رت و‬‫ن َف ْ‬
‫بعضهم‪ :‬هذا‬ ‫بعريا هلم قد مجعه بنو فالن ‪ ،‬فسلَّم عليهم ؛ فقال ُ‬
‫أصبح‬
‫الصبح مبكةَ ‪ ،‬فلما َ‬ ‫صوت حممد ‪ ،‬مث أتى إىل أصحابِه قُـبَـْي َل ِ‬ ‫ُ‬
‫اهلل أبو‬ ‫رف أن الناٍ تُ َك ِّذبه ؛ فقعد حزينا‪ ،‬فمَّر به عد يو ِ‬ ‫وع َ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫قطع َ‬‫َ‬
‫جهل ؛ فجاء حىت جلس إليه ؛ فقال له كالـ ُم ْستَـ ْه ِز ِئ ‪ :‬هل كان‬
‫ي يب الليلةَ ؟ قال‪:‬‬ ‫نعم قال‪ :‬ما هو ؟ قال أُ ْس ِر َ‬ ‫من شيء ؟ قال‪ْ :‬‬
‫أصبحت بي ظَ ْهرانَـْيـنَا‬ ‫ِ‬
‫املقدٍ ‪ ،‬قال‪ :‬مث‬ ‫إىل أين ؟ قال‪ :‬إىل ِ‬
‫بيت‬
‫َ‬
‫‪ - 49‬بفتح الراء واهلاء ‪ ،‬وقد تسكن ‪ :‬الدخان الكثري واألصوات املزعجة؛ فقوله ودخان وأصوات‬
‫مزعجة تفسري ‪.‬‬
‫‪ - 50‬قافلة ‪.‬‬
‫‪ - 51‬بكسر الغي يف املثن واملفرد‪،‬ورمبا فتحوها‪ ،‬وتمع على غرائر‪ ،‬وهي وعاء مصنوع من الصوف‬
‫وما شاهبه‪ ،‬يوضع فيه القمح وحنوه ‪ ،‬وهي مثل الزكيبة املعروفة لدى املصريي ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪29‬‬

‫قومه‬
‫حلديث إ ْن دعا َ‬ ‫قال‪ :‬نعم فلم يَـَر أنه يُ َك ِّذبُه خمافةَ أنه َْجي َح َدهُ ا َ‬
‫حدثْـتَين ؟ قال‪:‬‬ ‫قومك ُأحتَ ِّدثُهم مبا َّ‬ ‫دعوت َ‬
‫ُ‬ ‫أيت إ ْن‬
‫إليه ؛ قال‪ :‬أر َ‬
‫اجملالس‬
‫ُ‬ ‫إليه‬ ‫ت(‪)52‬‬ ‫ضْ‬ ‫نعم ؛ قال ‪ :‬يا َم ْع َشَر بين كعب ‪َ ،‬هلُ يموا ؛ فانْـ َف َّ‬
‫قومك مبا َّ‬
‫حدثتَين به‬ ‫ث َ‬ ‫حد ْ‬
‫وجاءوا حىت جلسوا إليهما ؛ فقال‪ِّ :‬‬
‫ي يب الليلةَ ؛‬ ‫؛ فقال رسول اهلل (صلى اهلل عليه وسلم) ‪ :‬إين أُ ْس ِر َ‬
‫بي‬ ‫ِ‬ ‫قالوا‪ :‬إىل أين ؟ قال‪ :‬إىل ِ‬
‫ت َ‬ ‫املقدٍ ؛ قالوا‪ :‬مث أصبح َ‬ ‫بيت‬ ‫َ‬
‫يده على‬ ‫ي واضع َ‬ ‫ومن ب ِ‬ ‫فمن بي مص ِّفق ِ‬ ‫ظَهرانَـيـنَا ؟ قال‪ :‬نعم ؛ ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ ْ‬
‫وض يجوا وأعظموا ذلك ؛ فقال الـ ُمطْعِ ُم ب ُن عدي‪:‬‬ ‫رأسه متعجب ا‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫أشهد أنك‬ ‫ُكل أم ِرك قَـب ِل ِ‬
‫اليوم كان أَمـما (‪)53‬غري قولِ‬
‫اليوم ؛ أنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َا‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫صعِدا شهرا‬ ‫ِ‬
‫املقدٍ ُم ْ‬
‫اإلبل إىل ِ‬
‫بيت‬ ‫أكباد ِ‬
‫نضرب َ‬‫ُ‬ ‫كاذب ؛ حنن‬
‫الالت والعزى ال‬ ‫‪ ،‬ومْنح ِدرا شهرا ‪ ،‬تزعم أنك أتيته يف ليلة ؛ و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫قلت الب ِن أخيك‬ ‫ِ‬
‫ص َّدقُك ؛ فقال أبو بكر‪ :‬يا ُمطْع ُم ‪ ،‬بئس ما َ‬ ‫أُ َ‬
‫ف‬‫حممد ِص ْ‬
‫شهد أنه صادق ؛ فقالوا‪ :‬يا ُ‬ ‫؛ جبَّـ ْهتَهُ و َّ‬
‫كذبْـتَه ‪ ،‬أنا أَ ُ‬

‫‪- 52‬جاء الفعل يف املت واحلاشية هكذا‪( :‬انقضت) بالقاف ‪ ،‬وفسرها يف احلاشية بقوله‪":‬أسرعت‬
‫فانفضت‬
‫كالنجم الساقط من السماء"‪ ،‬ولعل هذا من قبيل التصحيف؛ فإن الثابت يف كتب احلديث‪ّ :‬‬
‫وانتفضت ‪.‬‬
‫‪ - 53‬أي خفيفا سهال ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪30‬‬

‫بناؤه ؟ وكيف هيئتُه ؟ وكيف قربُه من‬ ‫املقدٍ‪ :‬كيف ُ‬ ‫ِ‬ ‫بيت‬
‫لنا َ‬
‫ت هلم بناءَه كذا‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫فذهب‬ ‫؛‬ ‫إليه‬ ‫سافر‬ ‫من‬ ‫اجلبل؟ ويف ِ‬
‫القوم‬ ‫ِ‬
‫ََُ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫وهيئتَه كذا وقربَه من ِ‬
‫ينعتُه هلم حىت الْتَبَ َ‬ ‫اجلبل كذا ‪ ،‬فما زال َ‬
‫ِ‬
‫باملسجد وهو‬ ‫يء‬ ‫عليه النعت ؛ فَ ُك ِرب كرب ا ما ُك ِرب مثلَه ؛ ِ‬
‫فج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ينظر إليه حىت ُو ِض َع دون دا ِر عقيل أو عقال(‪ )54‬فقالوا ‪ :‬كم‬ ‫ُ‬
‫ينظر إليها ويَـعُ يدها‬ ‫فجعل‬ ‫؛‬ ‫ها‬ ‫َّ‬
‫عد‬ ‫يكن‬ ‫مل‬
‫و‬ ‫؟‬‫باب‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫للمسجد‬
‫ُ‬
‫صدقت أشهد أنك‬ ‫َ‬ ‫صدقت‬
‫َ‬ ‫بابا بابا ويـُ ْعلِ ُمهم ‪ ،‬وأبو بكر يقول‪:‬‬
‫أصاب ‪ ،‬مث قالوا‬ ‫اهلل لقد‬ ‫اهلل ؛ فقال القوم‪ :‬أما النعت فو ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫قبل‬ ‫وجاء‬ ‫بيت املق ِ‬
‫دٍ‬ ‫أليب بكر ‪ :‬أفتصدقُه أنه ذهب الليلةَ إىل ِ‬
‫َ‬
‫ذلك‪ :‬أُ ِّ‬
‫صدقُه‬ ‫أبعد من َ‬ ‫أن يُصبِ َح ؟ قال نعم إين ألصدقُه فيما هو ُ‬
‫الصديق"‬ ‫ر‬ ‫بك‬ ‫أبو‬ ‫"‬ ‫مسي‬ ‫فلذلك‬ ‫؛‬ ‫وحة‬ ‫ر‬ ‫أو‬ ‫دوة‬‫ُ‬‫غ‬ ‫يف‬ ‫ِ‬
‫السماء‬ ‫خب ِرب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أتيت علي ِع ِري بين‬ ‫ِ‬
‫حممد أخ ِربنا عن ع ِرينا ‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬ ‫مث قالوا‪ :‬يا ُ‬
‫فانتهيت إىل‬ ‫وحاء ق ْد ضليوا ناقةا هلم فانطلقوا يف طلبِها‬ ‫بالر ِ‬
‫فالن َّ‬
‫ُ‬
‫بت منه ‪ ،‬مث‬ ‫ِ‬
‫بقدح ماء فشر ُ‬ ‫رحاهلم وليس هبا منهم أحد ‪ ،‬وإذا ِ‬
‫أمحر عليه‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِِ‬
‫انتهيت إىل عري بين فالن مبكان كذا وكذا ‪ ،‬وفيها مجل ُ‬

‫‪ - 54‬أي عقيل بن أيب طالب ‪ ،‬ويقال عقال واألول أشهر‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫‪31‬‬

‫ع ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِغرارة سوداء ِ‬


‫وص ِر َ‬
‫رت ُ‬ ‫حاذيت الع َري نَـ َف ْ‬
‫ُ‬ ‫وغرارة بيضاءُ ‪ ،‬فلما‬ ‫ُ‬
‫انتهيت إىل ِع ِري بين فالن يف التنعي ِم ‪ ،‬يَـ ْق ُد ُمها‬ ‫ُ‬ ‫انكسر ‪ ،‬مث‬‫البعريُ و َ‬
‫وغرارتان سوداوان ‪ ،‬وها هي‬ ‫أورق(‪ ، )55‬عليه مسح(‪ )56‬أسود ِ‬ ‫مجل ُ‬
‫ُ‬
‫ِذ ِه تطلُع عليكم من الثَّنِيَّ ِة(‪)57‬قالوا‪ :‬فميت تيء ؟ قال يوم األر ِ‬
‫بعاء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النهار‬ ‫َّ‬
‫وىل‬ ‫قد‬‫و‬ ‫ري‬ ‫فلما كان ذلك اليوم أ ْشرفت قريش ينتظرون العِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫يد له يف النها ِر‬ ‫تيء ؛ فدعا النيب (صلى اهلل عليه وسلم ) فَ ِز َ‬ ‫ومل ْ‬
‫اإلبل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫قبل‬ ‫فاست‬ ‫؛‬ ‫ري‬ ‫طلعت العِ‬
‫ِ‬ ‫حيت‬ ‫الشمس‬ ‫له‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫وحبِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ساعة ُ َ‬
‫اآلخَر؛‬
‫العري َ‬ ‫فقالوا‪ :‬هل ضل لكم بعري ؟ قالوا‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‪ :‬فسألوا َ‬
‫انكسر لكم ناقة محراءُ ؟ قالوا‪ :‬نعم ‪ ،‬قالوا‪ :‬فهل كان‬ ‫َ‬ ‫فقالوا‪ :‬هل‬
‫عن َدكم قصعة من ماء ؟ فقال رجل‪ :‬أنا واهلل وضعتُها فما شرب‬
‫فرموه بالسح ِر وقالوا‪:‬‬ ‫األرض ؛ َ‬ ‫ِ‬ ‫ت يف‬ ‫منها أحد منا وال أُ ْهري َق ْ‬
‫ليد ؛ فأنزل اهللُ ‪-‬سبحانه وتعاىل‪َ " :-‬وَما َج َعْلنَا اليرْؤيَا‬ ‫صد َق الو ُ‬ ‫َ‬
‫َّاٍ "(‪. )58‬‬‫اك إَِّال فِْتـنَةا لِّلن ِ‬‫الَِّيت أ ََريْـنَ َ‬

‫‪ - 55‬أي يف لونه بياض إىل سواد ‪.‬‬


‫‪ - 56‬املسح جالل اجلمل ‪.‬‬
‫‪ - 57‬الثنية ‪ :‬الطريق ‪.‬‬
‫‪ - 58‬سورة اإلسراء من اآلية ‪. 60 :‬‬
‫‪31‬‬
‫‪32‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫انتهت القصة‬
‫وصلى اهلل على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليم ا‬
‫كثريا ‪ ...‬واحلمد هلل رب العاملي ‪.‬‬

‫‪32‬‬
33

33

You might also like