You are on page 1of 15

‫‪ 1‬من ‪15‬‬

‫القرآن يا أمة القرآن‬ ‫عنوان الخطبة‬


‫‪/1‬القرآن المعجزة الخالدة ‪/2‬مكانة القرآن ‪/3‬فضل قراءة‬ ‫عناصر الخطبة‬
‫القرآن وفضل قرائه والعاملين به ‪/4‬خطر هجران القرآن‬
‫وذكر بعض من مظاهره ‪/5‬منفعة القرآن وأثره‬
‫محمد العريفي‬ ‫الشيخ‬
‫‪15‬‬ ‫عدد الصفحات‬
‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫باهلل ‪-‬تعالى‪ -‬من ُشرو ِر ِ‬


‫أنفسنا‬ ‫هلل نحم ُدهُ ونستعينُهُ ونستغفره‪ ،‬ونعوذُ ِ‬ ‫إ ّن الحم َد ِ‬
‫ُ‬
‫ي له‪ ،‬وأشه ُد أ ْن ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهللُ فال ُمض َّل له‪ ،‬ومن يُضل ْل فال هاد َ‬
‫ف ِء والنظير‪،-‬‬ ‫ِ‬
‫والمثيل وال ُك ْ‬ ‫ِ‬
‫الشبيه‬ ‫‪-‬ج َّل عن‬‫شريك له َ‬
‫َ‬ ‫إلَهَ إاّل اهللُ وح َدهُ ال‬
‫لق ِه وأمينُهُ على‬ ‫أن محمداً عب ُدهُ ورسولُه وصفيُّهُ وخليلُهُ وخيرتُهُ من َخ ِ‬
‫َ‬ ‫وأشه ُد َّ‬
‫العباد أجمعين؛ فهدى اهللُ ِبه من‬ ‫وحيِه‪ ،‬أرسلَهُ ربُّنا رحمةً للعالمين‪ ،‬وح َّجةً على ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضالل َِة‪ ،‬وب َّ ِ‬
‫ص َر به من الجهالَة‪ ،‬و َكث ََّر به بع َد القلَّة وأغنى به بع َد َ‬
‫العيلَة‪ ،‬ولـَ َّم به بع َد‬ ‫َ‬
‫الطيبين وأصحابِ ِه الغُِّر الميامين ما‬
‫َ‬ ‫عليه وعلى آلِ ِه‬ ‫اهلل وسالمهُ ِ‬
‫ُ‬
‫فصلوات ِ‬
‫ُ‬ ‫الشتات؛‬
‫ت أذُ ٌن بخبَر‪ ،‬وسلَّ َم تَسليماً كثيرا‪.‬‬‫عين بنَظَر‪َ ،‬و َو َع ْ‬
‫ت ٌ‬ ‫اتصلَ ْ‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫‪ 2‬من ‪15‬‬

‫شرين وم ِ‬ ‫ث اهللُ ‪-‬تعالى‪ُ -‬ر ُسلَهُ إلى ِ‬ ‫أيُّها اإلخوةُ ِ‬


‫وجعل‬
‫َ‬ ‫نذرين‪،‬‬ ‫الناس ُمبَ ِّ َ ُ‬ ‫الكرام‪َ :‬ب َع َ‬
‫ـح َّجةَ على البشر‪،‬‬ ‫الظاهرات ما ي ِ‬
‫ِ‬ ‫والمعج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قيم به ال ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫زات‬ ‫اآليات البيِّنات‪،‬‬ ‫معهم من‬ ‫َ‬
‫بي من المعجزات‪ ،‬واآليات الظاهرات ما يكو ُن ُمتوافِ ًقا‬ ‫لكل نَ ٍّ‬
‫وجعل اهلل ‪-‬تعالى‪ِّ -‬‬ ‫َ‬
‫السالم‪ -‬في َعص ٍر‬ ‫ِ‬
‫فبعث اهللُ موسى ‪-‬عليه‬
‫لتقوم الحجةُ عليهم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫مع أحوال قَومه؛ َ‬ ‫َ‬
‫اآليات ما هو في‬ ‫ِ‬ ‫فجعل اهللُ ‪-‬تعالى‪ -‬لهُ من‬ ‫فيه خوا ِر ُق العادات ِّ‬
‫والسحر‪،‬‬ ‫شر ِ‬
‫َ‬ ‫انتَ َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫خرج ي َدهُ‬
‫هي حيةٌ تَسعى‪ ،‬ويُ ُ‬ ‫قومهُ؛ فكا َن يُلقي العصا فإذا َ‬
‫س ما يفعلُهُ ُ‬ ‫ظاه ِره يناف ُ‬
‫كل فاجر‪..‬‬ ‫بذلك ُك َّل ساحر‪َّ ،‬‬
‫وأذل َّ‬ ‫فبهر َ‬ ‫فإذا هي بيضاءُ للناظرين‪َ ،‬‬
‫ب وأنواعُ‬ ‫وأما عيسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬فبعثهُ اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬في عص ٍر انتشر ِ‬
‫فيه الطِّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قومه؛ فكا َن‬ ‫ِ‬
‫نافس ما يفعلهُ ُ‬
‫فجعل له من المعجزات ما هو في ظاهره يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫العالج‪،‬‬
‫ِ‬
‫وحَّي َر‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يُب ِرُئ اَأل ْك َمهَ‬
‫طبيب‪َ ،‬‬ ‫بذلك َّ‬
‫فبهر َ‬‫ص ويُح ِي الموتى ‪-‬بإذن اهلل‪َ ،-‬‬ ‫واألبر َ‬
‫َ‬
‫كل لبيب‪..‬‬ ‫َّ‬

‫أما نبيُّنا وسي ُدنا محم ٌد ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬فإنَّه لم يبعث إلى ِ‬
‫قومه خاصة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ب فكا َن له من المعجزات ما‬ ‫عث إلى من يَهتمو َن بالطِّ ِّ‬ ‫ث ِ‬
‫للناس عامةً؛ فبُ َ‬ ‫وإنما بُِع َ‬
‫الح َّجةَ‬
‫قيم ُّ‬ ‫ِ‬
‫فجعل له من المعجزات ما يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك‬‫ث إلى من يهتمو َن بال َفلَ ِ‬
‫َ‬ ‫َيَت َّعلُق بذلك‪ ،‬بُِع َ‬
‫فجعل‬
‫َ‬ ‫هتمو َن باألمو ِر اللُّغَ ِو ِية واإلعجا ِز وغي ِر ذلك‪،‬‬ ‫ث إلى من يَ ُّ‬ ‫عليهم بذلك‪ ،‬بُِع َ‬
‫قيم به الحجةَ على هؤالء جميعاً‪..‬‬ ‫ِ‬
‫اهللُ ‪-‬تعالى‪ -‬له من المعجزات ما يُ ُ‬
‫‪ 3‬من ‪15‬‬

‫أما المعجزةُ العظيمةُ التي آتاها اهللُ ‪-‬تعالى‪ -‬لنبيِّنا ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬التي‬
‫واآلخرين وأعجزت‬ ‫الساعة التي بهر اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬بها األولين ِ‬ ‫ِ‬ ‫تَبقى إلى ِ‬
‫قيام‬
‫َ‬ ‫َََ‬
‫تزال إلى ِ‬ ‫ت كثيراً من الح َك ِ‬
‫اليوم لها‬ ‫ماء‪ ،‬والتي ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش َعراء‪ ،‬وأذلَّ ْ‬ ‫ت ُّ‬ ‫وحَّي َر ْ‬
‫غاء‪َ ،‬‬ ‫البلَ َ‬ ‫ُ‬
‫قال اهللُ ‪-‬‬ ‫تلك المعجزةُ هي التي َ‬ ‫فهمو َن العربيةَ ومن ال يَفهمونَها‪َ ،‬‬ ‫أ َث ُرها على من يَ َ‬
‫ات ِعن َد اللَّ ِه‬ ‫ات ِّمن َّربِِّه قُ ْل ِإنَّ َما اآليَ ُ‬
‫(وقَالُوا ل َْوال ُأن ِز َل َعلَْي ِه آيَ ٌ‬ ‫َج َّل وعال‪ -‬عنها‪َ :‬‬
‫جل وعال‪َ( :‬أولَم يك ِ‬ ‫ِ‬
‫ْف ِه ْم َأنَّا َأْن َزلْنَا‬ ‫َ َْ‬ ‫قال َّ‬ ‫ين)[العنكبوت‪ ،]50:‬ثم َ‬ ‫َوِإنَّ َما َأنَا نَذ ٌير ُّمبِ ٌ‬
‫ك ل ََر ْح َمةً َو ِذ ْك َرى لَِق ْوٍم ُيْؤ ِمنُو َن)[العنكبوت‪:‬‬ ‫اب ُي ْتلَى َعلَْي ِه ْم ِإ َّن فِي ذَلِ َ‬ ‫َعلَي َ ِ‬
‫ك الْكتَ َ‬ ‫ْ‬
‫‪.]51‬‬

‫مبعوث من‬
‫ٌ‬ ‫نبي‬
‫ك ٌّ‬‫وبِّينَةً ُتَبيِّ ُن أنَّ َ‬
‫ومعجزةً َ‬
‫أما يَكفيهم القرآ ُن ليكو َن ُح َّجةً‪ ،‬وتَصديقاً ُ‬
‫َك جعل اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬هذا ال ُقرآ َن م ِ‬
‫عج َزةً‬ ‫ب ‪-‬ج َّل وعال‪ -‬في َّ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫السماء‪ ،‬ولذل َ َ ُ‬ ‫َر ٍّ َ‬
‫ظاهر ًة تَبقى ِ‬
‫للناس جميعاً وتُتلى بَينَهم‪..‬‬

‫العظيم أنَّه ٌ‬
‫نور؛ فقال سبحانه‬ ‫َ‬ ‫وصف اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬كتابَهُ‬
‫َ‬ ‫أيُّها األحبَّةُ الكرام‪ :‬لقد‬
‫شاء ِمن ِعب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وتعالى‪ِ :‬‬
‫ادنَا)[الشورى‪.]52:‬‬ ‫ورا َن ْهدي بِه َم ْن نَ َ ُ ْ َ‬
‫(ولَك ْن َج َعلْنَاهُ نُ ً‬
‫َ‬

‫(و َم ْن َأ ْع َر َ‬
‫ض َع ْن‬ ‫ضنكاً‪ ،‬فقال‪َ :‬‬ ‫أعرض عن القرآن َّ‬
‫فإن لهُ َمعيشةً` َ‬ ‫َ‬ ‫أن من‬ ‫وبيّن َّ‬
‫ش ُرهُ َي ْو َم ال ِْقيَ َام ِة َأ ْع َمى)[طه‪ .]125-124:‬قال‬
‫ضن ًكا * َونَ ْح ُ‬ ‫ِذ ْك ِري فَِإ َّن لَهُ َم ِعي َ‬
‫شةً` َ‬
‫"ذ ْكر ِ‬
‫اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬هنا هو القرآ ُن تَ َك َّف َل اهللُ ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ابن ٍ‬
‫عباس ‪-‬رضي اهلل عنه‪ُ :-‬‬ ‫ُ‬
‫‪ 4‬من ‪15‬‬

‫ض َّل في الدنيا وال يشقى في ِ‬


‫اآلخ َرة‪ ،‬ثم قرأ‪( :‬فَِإ َّما‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن أاّل ي ِ‬ ‫تعالى‪ -‬لمن أخ َذ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يْأتِينَّ ُكم ِمنِّي ُه ًدى فَم ِن َّاتبع ُه َداي فَاَل ي ِ‬
‫ض ُّل َواَل يَ ْش َقى)[طه‪."]123:‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ ْ‬

‫فقال اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪:-‬‬ ‫جعل اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬كتابَهُ ِر ْف َعةً لمن أخ َذ ِبه؛ َ‬ ‫ولقد َ‬
‫ف تُ ْسَألُو َن)[الزخرف‪ ]44:‬هذا القرآ ُن ِذ ْك ٌر يعني‬ ‫ك َولَِق ْو ِم َ`‬
‫ك َو َس ْو َ‬ ‫(وِإنَّهُ ل ِ‬
‫َذ ْك ٌر لَّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫القرآن هل‬ ‫ف تُ ْسَألُو َن) سوف تُسألو َن عن‬
‫(و َس ْو َ‬
‫فعةٌ وع ٌّز شام ٌخ لك ولقومك‪َ ،‬‬ ‫ِر َ‬
‫آياته ودالِئلِه‪.‬‬
‫فَ ِهمتُموهُ هل َتلَوتُموه؟! هل طَبَّقتُموه‪ ،‬هل ح َّكمتُموه‪ ،‬هل تَ َدبَّرتُم في ِ‬
‫َ‬

‫أيُّها المسلمون‪ :‬أمر اهلل نبيَّنا ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬أن ي ِ‬


‫جاه َد بهذا ال ُق ِ‬
‫رآن؛‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫اتل القرآ َن وأق ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(و َجاه ْد ُه ْم به ج َهاداً َكبيراً)[الفرقان‪]52:‬؛ أي‪ُ :‬‬
‫جل وعال‪َ :‬‬
‫فقال َّ‬
‫الحجةَ` عليهم‪.‬‬
‫َّ‬

‫أن اهللَ يُِع ُّزهُ ويَرفعُه؛ فقال‬ ‫بأن َم ْن يَحف ْظ القرآ َن َّ‬ ‫‪-‬جل وعال‪َّ -‬‬ ‫َّ‬ ‫وقد تَ َك َّف َل اهللُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ات بِّينَ ٌ ِ‬
‫ْم َو َما يَ ْج َح ُد‬ ‫ص ُدو ِر الذ َ‬
‫ين ُأوتُوا الْعل َ‬ ‫ات في ُ‬ ‫سبحانه وتعالى‪( :‬بَ ْل ُه َو آيَ ٌ َ‬
‫ظ القرآ َن في‬ ‫بِآيَاتِنَا ِإاَّل الظَّالِ ُمو َن)[العنكبوت‪]49:‬؛ فجعل اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬الذي يحف ُ‬
‫ب‬‫سٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ليس ذا نَ َ‬ ‫ْم وإ ْن كا َن َ‬ ‫مكانة عالية ومنزلة عظيمة‪ ،‬جعله من الذين أوتوا العل َ‬
‫الناس ِ‬
‫وعدم‬ ‫بين ِ‬ ‫مال ي َكثِّره‪ ،‬ومهما كا َن له من أسباب الض ِ‬ ‫يَر َفعُهُ وال ذا ٍ‬
‫ِّعة َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫وع َّزهُ‪.‬‬
‫‪-‬جل وعال‪َ -‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫االلتفات إليه فإنهُ إذا َوعى القرآ َن في قلبه َر َف َعهُ اهللُ‬
‫‪ 5‬من ‪15‬‬

‫جعلْهُ‬
‫والخضوع مالم يَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الخشوع‬
‫ِ‬ ‫القرآن من المهابَِة ومن‬‫ِ‬ ‫وجعل اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬لهذا‬ ‫َ‬
‫أنزلَهُ على نبيِّنا ‪-‬صلى اهلل‬ ‫ِ‬ ‫لغيره من الكالم؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫‪-‬جل وعال‪َ -‬‬ ‫كالم اهلل َّ‬‫فإن القرآ َن ُ‬
‫عليه وعلى ِ‬
‫آله وسلم‪ ،-‬قال ‪-‬تعالى‪( :-‬ل َْو َأنزلْنَا َه َذا الْ ُق ْرآ َن َعلَى َجبَ ٍل ل ََر َْأيتَهُ‬
‫ض ِر ُب َها لِلن ِ‬
‫َّاس ل ََعلَّ ُه ْم َيَت َف َّك ُرو َن)‬ ‫ال نَ ْ‬‫األمثَ ُ‬
‫ْك ْ‬ ‫ِّعا ِم ْن َخ ْشيَ ِة اللَّ ِه َوتِل َ‬
‫صد ً‬ ‫ِ‬
‫َخاش ًعا ُمتَ َ‬
‫[الحشر‪.]12:‬‬

‫"م ْن َق َرَأ‬ ‫ِ‬ ‫أيها المسلمون‪ :‬لقد بيَّن صلى اهلل عليه وسلم فضل ِ‬
‫قراءة القرآن فقال‪َ :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ف‪،‬‬‫ول الم َح ْر ٌ‬ ‫ِ‬
‫سنَةُ بِ َع ْش ِر َْأمثَال َها‪ ،‬اَل َأقُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ ِ‬
‫الح َ‬
‫سنَةٌ‪َ ،‬و َ‬ ‫َح ْرفًا م ْن كتَاب الله َفلَهُ به َح َ‬
‫ف"(رواه الترمذي وصححه` األلباني)‪ ،‬وقال‬ ‫يم َح ْر ٌ‬ ‫ف واَل م حر ٌ ِ‬ ‫َك ْن َألِ ٌ‬
‫ول ِ‬
‫ف َوم ٌ‬ ‫ف َح ْر ٌ َ ٌ َ ْ‬ ‫َ‬
‫"مثَ ُل الَّ ِذي َي ْق َرُأ ال ُق ْرآ َن‪َ ،‬و ُه َو َحافِ ٌ‬
‫ظ‬ ‫ِ‬
‫عليه الصالةُ والسالم مادحاً من يقرُأ القرآ َن‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫الكرام‬ ‫صفوف المالِئ َك ِة يتلو مع الس َف َر ِة‬ ‫ِ‬ ‫الب َر َر ِة"؛ كأنَّهُ في‬ ‫لَهُ مع َّ ِ ِ‬
‫الس َف َرة الك َر ِام َ‬ ‫ََ‬
‫َأجر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان"(متف ٌق عليه)؛‬ ‫اه ُدهُ‪َ ،‬و ُه َو َعلَْيه َشدي ٌد َفلَهُ ْ َ‬ ‫"و َمثَ ُل الَّذي َي ْق َرُأ‪َ ،‬و ُه َو َيَت َع َ‬
‫الب َر َرة‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ؤج ُر من الناحيَتين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫المشق `ة فهو يُ َ‬ ‫وأجر‬
‫ِّالوة ُ‬ ‫أجر الت َ‬ ‫أي لهُ أجران‪ُ :‬‬

‫القرآن وأثنى عليهم؛ فقد جاء عنه‬ ‫ِ‬ ‫اء‬


‫النبي ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ُ -‬ق َّر َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫وقد َم َد َ‬
‫أبي ‪-‬رضي اهلل‬ ‫كعب ‪-‬وكا َن ٌّ‬ ‫‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أنه جلس يوماً إلى ُأبَ ِّي ب ِن ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فجلس‬
‫َ‬ ‫وأطراف النهار‪،-‬‬ ‫َ‬ ‫آناء ِ‬
‫الليل‬ ‫الوته صارفاً فيه َ‬ ‫عنه‪ -‬قا ِرئاً للقرآن با ِرعاً في ت َ‬
‫َم‬
‫كلْ‬ ‫أبي ثم قال له‪ِ" :‬إ َّن اهللَ ََأم َرنِي َأ ْن َأق َْرَأ َعلَْي َ‬ ‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬إلى ٍّ‬ ‫ُّ‬
‫َ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وس َّماني اهللُ لك؟ ‪-‬يعني هل‬ ‫رسول اهلل َ‬ ‫أبي قال‪ :‬يا‬‫ض ٌّ‬ ‫يَ ُك ِن الذ َ‬
‫ين َك َف ُروا" فا ْنَت َف َ‬
‫‪ 6‬من ‪15‬‬

‫ْك ِه‬
‫‪-‬جل وعال‪ -‬في مل ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فأنت اختَرتَني أم َّ‬
‫أن اهللَ‬ ‫ك َ‬ ‫أحد أصحابِ َ‬ ‫قال اهلل اقرْأ على ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫جري‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫كل المخلوقات ليَ َ‬ ‫اختارني من ِّ‬ ‫العظيم وفي عُالهُ وفي َجبروته َس َّماني لك‪َ ،‬‬
‫لك؟ قال‪:‬‬‫اهلل‪ ،‬وسماني اهللُ َ‬‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫اسمي هناك ولِيَتَ َكلَّ َم اهللُ باسمي؟‪ -‬قال‪ :‬يا‬
‫أبي باكِياً(متف ٌق عليه)‪.‬‬
‫فانفجر ُّ‬‫َ‬ ‫"نعم"‪،‬‬

‫ِ‬
‫الحديث؛ كما بلغَها أبو هريرة‪،‬‬ ‫حفظه قد بل َغ الغايةَ في ِ‬
‫حفظ‬ ‫ِ‬ ‫لم يُذ َك ْر َّ‬
‫أن َأبيًّا في‬
‫يكتب عب ُد اهلل بن عمرو بن العاص‪ ،‬وال كان‬
‫ُ‬ ‫الحديث؛ كما كان‬
‫َ‬ ‫يكتب‬
‫ُ‬ ‫وال كان‬
‫المال؛ كما‬
‫نفق َ‬ ‫يفعل خالد‪ ،‬وال كان يُ ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫يتقدم صفوف الجهاد ُمقاتالً قائداً؛ كما كان ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للرسول ‪-‬صلى اهلل عليه‬ ‫رأي ٍ‬
‫سديد مالزماً‬ ‫يفعل عثمان‪ ،‬وال كان ذا ٍ‬
‫كان ُ‬
‫كعلي ‪-‬‬
‫المشركين؛ ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫صليت على‬ ‫وسلم‪-‬؛ كأبي بك ٍر وعمر‪ ،‬وال كان ذا ٍ‬
‫سيف‬
‫َ‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬؛ مثل ٍ‬
‫أنس‪..‬‬ ‫رضي اهلل عنه‪ ،-‬وال كان مالزماً` ِ‬
‫يخد ُم َّ‬
‫كرم هناك‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫أبي بإكرامه للقرآن أن يُ َ‬
‫استحق ٌّ‬ ‫ومع ذلك‬

‫وأطراف‬
‫َ‬ ‫آناء ِ‬
‫الليل‬ ‫ويتدب ُرهُ َ‬
‫كتاب اهلل َّ‬
‫صرف الوقت يتلو َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫استحق تلك المنزلة لما‬
‫يقول لنبينا ‪-‬عليه الصالة‬ ‫ِ‬
‫السماء اس َـمه‪ ،‬وأن َ‬ ‫َّ‬
‫استحق أن يَذ ُك َر اهللُ في‬ ‫النها ِر‪..‬‬
‫أبي ب ِن ٍ‬
‫كعب سورةَ البينة‪.‬‬ ‫والسالم‪ -‬اقرْأ على ِّ‬

‫أهل القرآن! كيف يُِع ُّز اهللُ ‪-‬تعالى‪ -‬شأنَهم! كيف‬ ‫يرفع اهللُ ‪-‬تعالى‪َ -‬‬
‫انظر كيف ُ‬
‫راءتِهم ُ‬
‫يقول نبيُّنا ‪-‬عليه الصالة والسالم‪" :-‬لَلَّهُ َأ َش ُّد‬ ‫ِ‬
‫يستمع اهللُ ‪-‬تعالى‪ -‬إلى ق َ‬
‫ُ‬
‫‪ 7‬من ‪15‬‬

‫ب الْ َق ْينَ ِة ِإلَى‬ ‫آن يجهر بِ ِه‪ِ ،‬من ص ِ‬


‫اح ِ‬ ‫الرج ِل الْحس ِ`ن َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِإ‬
‫ْ َ‬ ‫الص ْوت بالْ ُق ْر َ ْ َ ُ‬ ‫َأذَنًا لَى َّ ُ َ َ‬
‫َق ْينَتِ ِه"(رواه أحمد وابن ماجه)‪.‬‬

‫لذلك قال ‪-‬صلى اهلل‬ ‫يستمع إلى من يقرُأ القرآ َن‪ ،‬إلى من يُرتلُه َ‬ ‫ُ‬ ‫فاهلل ‪-‬جل وعال‪-‬‬
‫َأص َواتِ ُك ْم"(رواه أحمد والنسائي)‪ ،‬وقال عليه الصالة‬ ‫"ز ِّينُوا الْ ُق ْرآ َن بِ ْ‬
‫عليه وسلم‪َ :-‬‬
‫س َ`ن يَ ِزي ُد الْ ُق ْرآ َن‬
‫ْح َ‬
‫ت ال َ‬ ‫َأص َواتِ ُك ْم‪ ،‬فَِإ َّن َّ‬
‫الص ْو َ‬ ‫سنُوا الْ ُق ْرآ َن بِ ْ‬ ‫"ح ِّ‬
‫والسالم‪َ :‬‬
‫أكثر تأثيراً‬
‫ويصبح َ‬
‫ُ‬ ‫يزين‬
‫يزين بالقرآن‪ ،‬والقرآن ُ‬ ‫فالصوت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُح ْسنًا"(رواه الدارمي)؛‬
‫ِ‬
‫بالصوت الحسن‪.‬‬

‫ص ِحبهُ أبو بكر‬ ‫ِ‬


‫خرج عليه الصالة والسالم` يوماً من بيته‪ ،‬ثم َ‬
‫أيُّها اإلخوةُ الكرام‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫المسجد‪ ،‬فلما‬ ‫فوصل صلى اهلل عليه وسلم إلى‬ ‫وعمر ‪-‬رضي اهلل تعالى عنهما‪،-‬‬
‫َ‬
‫بيته إلى المسجد‬ ‫مسجد ِه ‪-‬وله عليه الصالة والسالم أبواب من ِ‬‫ِ‬ ‫يدخل إلى‬ ‫أراد أن‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫يدخل‬ ‫أراد أن يدخل من ِ‬
‫الباب الذي‬ ‫ِ‬
‫المسجد مباشرةً‪َ ،‬‬ ‫يدخل على‬ ‫لكنهُ لم يَشْأ أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫منه الناس‪ -‬فلما أراد أن يدخل وإذا قارٌئ يقرُأ القرآ َن في المسجد ‪-‬وكان‬
‫مسقوف‪ `،‬وبعضهُ غير‬ ‫ِ‬ ‫مسج ُد ِ‬
‫ٌ‬ ‫ضهُ‬
‫رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬بع ُ‬ ‫سيدنا‬
‫استطاع‬
‫َ‬ ‫وراء الجدا ِر‬
‫رجل َ‬ ‫ووقف ٌ‬
‫َ‬ ‫ِ`‬
‫المسقوف‬ ‫جلس في غي ِر‬
‫مسقوف‪ ،‬فكا َن من َ‬
‫ٍ‬
‫مر صلى اهلل عليه وسلم‬
‫جدار قصير‪ -‬فلما َّ‬
‫يقول‪ ،‬فليس بينهما إال ٌ‬
‫يسمع ما ُ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫فوقف‬
‫َ‬ ‫عن َد هذا الجدار وإذا عبداهلل بن مسعود` ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يقرُأ القرآن‪،‬‬
‫وحسن صوتِِه‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫قراءته‪ ،‬فأعجبهُ إتقانُهُ‬ ‫يستمع إلى‬
‫ُ‬ ‫عليه الصالة والسالم‪ ،‬وجعل‬
‫‪ 8‬من ‪15‬‬

‫ب َأ ْن َي ْق َرَأ الْ ُق ْرآ َن غَضًّا َك َما‬


‫َأح َّ‬ ‫فقال عليه الصالة والسالم مكلَّماً صاحبيه‪َ :‬‬
‫"م ْن َ‬
‫اء ِة ابْ ِن ُِّأم َع ْب ٍد"(رواه أحمد)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُأنْ ِز َل‪َ ،‬فلَْي ْق َرْأهُ َعلَى ق َر َ‬

‫يعلم من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يستمع إليه‪ ،‬ثم انتهى الصحابي من تالوة القرآن في ظلمة الليل ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجعل‬
‫َ‬
‫يارب يارب يارب‪ ،‬ونبينا ‪-‬عليه الصالة‬ ‫ِ‬
‫ورفع يديه يُناجي ربَّه ِّ‬
‫وراء الجدار‪َ ،‬‬‫َ‬
‫َأل ُت ْعطَ ْه"؛ يعني ادعوا أكثر َّ‬
‫فإن اهللَ‬ ‫اس ْ‬ ‫"اس ْ‬
‫َأل ُت ْعطَ ْه‪ْ ،‬‬ ‫وراء الجدار يقول‪ْ :‬‬
‫والسالم‪َ -‬‬
‫يسمعك اآلن ويستجيب‪ ،‬وجعل صلى اهلل عليه وسلم يكرر ذلك‪ ،‬والصحابي من‬ ‫َ‬
‫المسجد ال يدري عنه لكنه يناجي ربَّه‪ ،‬فبعد أن قرأ وسمع كالم اهلل سمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫داخل‬
‫اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬كالمه وأجاب دعاءه‪.‬‬

‫وكان عليه الصالةُ والسالم` يثني على قُ ِ‬


‫راء القرآن‪ ،‬فقد جلس عليه الصالة‬ ‫ُ‬
‫والسالم يوماً مع أصحابه وهم راجعون من ٍ‬
‫غزوة من الغزوات؛ فقال عليه الصالة‬
‫ين يَ ْد ُخلُو َن بِاللَّْي ِل‪،‬‬ ‫ات ر ْف َق ِة اَأل ْشع ِريِّ ِ ِ ِ‬ ‫والسالم‪ِ" :‬إنِّي َأَل ْع ِر ُ‬
‫ين بال ُق ْرآن ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َأص َو َ ُ‬ ‫ف ْ‬
‫ِ‬ ‫َأصواتِ ِهم بِال ُقر ِ‬
‫آن بِاللَّْي ِل‪َ ،‬وِإ ْن ُك ْن ُ‬ ‫ِ‬
‫َم ََأر َمنَا ِزل َُه ْم ح َ‬
‫ين َن َزلُوا‬ ‫تلْ‬ ‫ف َمنَا ِزل َُه ْم م ْن ْ َ ْ ْ‬ ‫َوَأ ْع ِر ُ‬
‫آن بِاللَّْي ِل" منهم‬ ‫َأصواتِ ِهم بِال ُقر ِ‬ ‫ِ‬
‫َّها ِر‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل كيف تعرف؟ قال‪" :‬م ْن ْ َ ْ ْ‬ ‫بِالن َ‬
‫يقول‪ :‬من حسن أصواتهم بالقرآن(متف ٌق عليه)‪.‬‬ ‫المصلي‪ ،‬ومنهم التالي‪ُ ،‬‬

‫حفظه وفي ِ‬
‫العمل به‪ ،‬وقد بيَّ َن اهلل ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫يتنافسون في تالوتِه‪ ،‬وفي‬ ‫وقد كان الصحابةُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والبيان‬ ‫ِ‬
‫والعظات‬ ‫جل وعال‪ -‬عظمةَ كتابِنا‪ ،‬حيث جعل اهلل ‪-‬تعالى‪ِ -‬‬
‫فيه من العب ِر‬ ‫َّ‬
‫‪ 9‬من ‪15‬‬

‫مثل ما في الكتب السماوية السابقة` كلها؛ فقال اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬عن قرآنِِه الذي أنزله‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اب َو ُم َه ْي ِمنًا َعلَْيه)[المائدة‪]48:‬؛ أي مصدقا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّدقًا ل َما َب ْي َن يَ َديْه م َن الْكتَ ِ‬
‫(م َ‬
‫علينا‪ُ :‬‬
‫ِئ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لما سب َقه من الكتب‪ ،‬ومهيمنا جامعاً` ُك َّل ما فيه من العبَ ِر والفوا د قُد َ‬
‫ِّمت إلينا‪.‬‬

‫وح َّذ َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫النبي ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬بالعنايَة بهذا القرآن َ‬ ‫أمر ُّ‬ ‫أيها المسلمون‪ :‬لقد َ‬
‫اه ُدوهُ َوَتغَنُّوا بِ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اب اللَّه‪َ ،‬وَت َع َ‬
‫ِ‬
‫من ُهجرانه؛ فقال عليه الصالة والسالم‪َ" :‬ت َعلَّ ُموا كتَ َ‬
‫ِ‬
‫َف َوالَّ ِذي َن ْف ِسي بِيَ ِد ِه ل َُه َو َأ َش ُّد َت َفلُّتًا ِم َن ال َْم َخ ِ‬
‫اض فِي الْعُ ُق ِل" (َت َفلُّتاً) يعني ُّ‬
‫أشد‬
‫ِ‬ ‫ضياعاً من الصد ِر ونسياناً له‪ ،‬فإذا لم تَعتَ ِن ِبه وتَلتَ ِف ْ ِ‬
‫قرأهُ وتُك ِر ْمهُ‬ ‫ت إليه وتُجال ْسهُ وتَ َ‬
‫اإلبل في عُ ُقلِها‪..‬‬
‫أشد تفلُّتاً من ِ‬ ‫لهو ُّ‬
‫َسته َ‬
‫بكثر ِة تالوتِِه وتَ َدبُّ ِره ومجال ِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬

‫الناس القرآ َن ُرفِ َع‬


‫هجر ُ‬ ‫أن في آخ ِر الزمان إذا َ‬ ‫وبيَّ َن النبي ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َّ -‬‬
‫ابتداء ولنا تبعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫القرآن ُعنهم قال اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬لنبيه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫ِ‬
‫ورا)[الفرقان‪]30:‬‬ ‫ب ِإ َّن َق ْومي اتَّ َخ ُذوا َه َذا الْ ُق ْرآ َن َم ْه ُج ً‬
‫ول يَا َر ِّ‬
‫الر ُس ُ‬
‫ال َّ‬ ‫(وقَ َ‬
‫َ‬
‫اليوم واليومان وربَّما جلس على اإلنترنت‬ ‫ِ‬
‫يمر على أحدهم ُ‬ ‫اتخذوه مهجوراً‪ ،‬بدأ ُّ‬
‫ٍ‬
‫يتابع التلفاز‪ ،‬أو ربما جلس‬‫ساعات‪ ،‬أو ربما جلس يقرُأ الجرائ َد‪ ،‬أو ربما جلس ُ‬
‫حظ من يومه‪.‬‬ ‫يتحدث مع أصحابه ساعات‪ ،‬أما القرآن فليس له ٌّ‬ ‫ُ‬

‫الجهاز‬ ‫اليوم واليومان والثالثة‪ ،‬وربما كان‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫الرجل يمضي عليه ُ‬
‫ُ‬ ‫وكلنا ‪-‬واهلل‪ -‬ذلك‬
‫ِ‬
‫موضعه؛ فال يفتحه‬ ‫يمر بأصبعه على‬
‫المصحف مخز ٌن‪ ،‬ومع ذلك ُّ‬
‫ُ‬ ‫الذي في ِ‬
‫يده فيه‬
‫‪ 10‬من ‪15‬‬

‫يمر عليه اليوم واليومان والثالثة وال‬ ‫غيره هذا من ُهجران القرآن‪ ،‬أن َّ‬ ‫يفتح َ‬
‫لكنه ُ‬
‫ِ‬
‫ب ِإ َّن َق ْومي اتَّ َخ ُذوا َه َذا الْ ُق ْرآ َن َم ْه ُج ً‬
‫ورا)‪.‬‬ ‫ول يَا َر ِّ‬
‫الر ُس ُ‬
‫ال َّ‬
‫(وقَ َ‬
‫يقرأ َ‬

‫ظ أعجميةٌ ال‬ ‫ِ‬


‫معانيه يقرؤهُ اإلنسان‪ ،‬وكأنهُ ألفا ٌ‬ ‫ِ‬
‫معرفة‬ ‫عدم‬
‫ومن هجران القرآن‪ُ :‬‬
‫يدري ما هي‪.‬‬

‫س ُن ِم َن اللَّ ِه‬
‫َأح َ‬ ‫عدم التحا ُك ِم إليه‪ ،‬واهلل ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪َ :‬‬
‫(و َم ْن ْ‬ ‫ومن هجران القرآن‪ُ :‬‬
‫ْما لَِق ْوٍم يُوقِنُو َن)[المائدة‪.]50:‬‬
‫ُحك ً‬

‫(وقُولُواْ لِلن ِ‬
‫َّاس‬ ‫قول اهلل ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫بأوامره؛ فيقرُأ َ‬ ‫عدم ِ‬
‫العمل‬ ‫ومن هجران القرآن‪ُ :‬‬
‫ب‬
‫(وال َيغْتَ ْ‬ ‫بأقبح الكالم‪ ،‬ويقرُأ قول اهلل ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬
‫يتكلم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُح ْسناً)[البقرة‪ ]83:‬ثم‬
‫(وَأنِْف ُقوا) فال يُ ِنف ْق في ِ‬
‫سبيل‬ ‫يغتاب الناس‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ض ُك ْم َب ْعضاً)[الحجرات‪ ]12:‬ثم‬ ‫َب ْع ُ‬
‫بيد ِه إلى التهلُ َك ِة‬
‫َّهلُ َك ِة)[البقرة‪ ]195:‬فيلقي ِ‬
‫ُ‬ ‫(والَ ُت ْل ُقواْ بَِأيْ ِدي ُك ْم ِإلَى الت ْ‬
‫اهلل‪َ ،‬‬
‫ومخدرات وغير ذلك‪ ،‬هذا من هجران‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ومسكرات‬ ‫ويتعاطى ما يهل ُكهُ من ُد ٍ‬
‫خان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القرآن‪..‬‬

‫ِ`‬
‫االستشفاء به يقول اهلل ‪-‬جل‬ ‫عدم‬
‫أيُّها األحبَّةُ الكرام‪ :‬ومن هجران القرآن‪ُ :‬‬
‫ين)[اإلسراء‪ ،]82:‬ويقول‬ ‫آن ما ُهو ِش َفاء ور ْحمةٌ لِّل ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْمْؤ من َ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫(ونَُن ِّز ُل م َن الْ ُق ْر َ َ‬
‫وعال‪َ :-‬‬
‫آمنُوا ُه ًدى َو ِش َفاءٌ)[فصلت‪ ،]44:‬وكان نبينا ‪-‬صلى‬ ‫ِِ‬
‫جل وعال‪( :‬قُ ْل ُه َو للَّذ َ‬
‫ين َ‬
‫اهلل عليه وسلم‪ -‬يرقي بالقرآن‪ ،‬ورقى أبو سعيد الخدري كما في الصحيحين‬
‫‪ 11‬من ‪15‬‬

‫ليس ِبه بأس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصيب بِلَدغَ ٍة‬


‫ث عليه َفبَ ِرَئ َ‬
‫وقام َ‬ ‫فجعل ين ُف ُ‬
‫َ‬ ‫الفاتحة‪،‬‬ ‫بسورة‬ ‫َ‬ ‫رجالً‬
‫الطب عن‬
‫عجز ُّ‬‫ضها قد َ‬ ‫ٍ‬
‫أمراض بع ُ‬ ‫ب ِمراراً إلى اليوم الرقيةُ بالقرآن على‬ ‫وقد ُج ِّر َ‬
‫المريض‬ ‫غير المسلمين‪َّ -‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫المسلمين أو َ‬
‫َ‬ ‫‪-‬سواء‬
‫ً‬ ‫األطباء‬ ‫فثبت لدى‬ ‫عالجها‪َ ،‬‬
‫حس َن حالُهُ وربَّما ُش ِف َي‪.‬‬ ‫تَ َّ‬

‫بمرض فارقِ ِه بالقرآن َّ‬


‫فإن هذا من النف ِع‬ ‫ٍ‬ ‫أصيب من تُ ِح ُّ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بمرض أو‬ ‫ت‬ ‫فإذا ِ‬
‫ُأص ْب َ‬
‫ِ`‬
‫االستشفاء بالقرآن‪ ،‬وتَر ُكهُ نوعٌ من ُهجرانِه‪..‬‬ ‫وهو من‬

‫وجدت في قلبِ َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ومن االستِشفاءُ` بالقرآن‪ :‬طلب الشفاءُ من األمراض القلبية؛ فإذا‬
‫قسو ًة فعليك بالقرآن؛ فإنه يُليِّنهُ ويذهب عنه القسوة والغِّل والحسد‪.‬‬

‫‪-‬جل وعال‪ -‬أن‬ ‫َّ‬ ‫أسأل اهللَ‬


‫أهل القرآن‪ُ ،‬‬ ‫‪-‬جل وعال‪ -‬أن يجعلَنا من ِ‬ ‫أسأل اهللَ َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫العظيم أن يجعلَنا جميعاً من ِ‬
‫أهل‬ ‫العلي‬
‫أسأل اهللَ َّ‬
‫أهل القرآن‪ُ ،‬‬ ‫يجعلَنا من ِ‬
‫َ‬
‫يجعل القرآ َن قاِئداً‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن‪ ،‬وأن‬ ‫وأسأل اهللَ أن يَن َف َعنا‬
‫ُ‬ ‫وخاصتُهُ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫الذين هم أهل ِ‬
‫اهلل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ينفعنا‬
‫أسأل اهللَ ‪-‬تعالى‪ -‬أن َ‬ ‫لنا إلى ِرضوانِه والجنة‪ ،‬وأن يجعلَنا ممن يَر َفعُهم اهللُ‪ُ ،‬‬
‫رب العالمين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة يا َّ‬ ‫يجعل القرآن لنا ِع َّزاً في الدنيا وعزاً في‬ ‫َ‬ ‫بالقرآن وأن‬
‫وح ِّفظْهُ‬ ‫ِ‬ ‫صدو ِرنا‪ ،‬واجعلْهُ يا ِّ‬ ‫اللهم ِ‬
‫قروءا في بُيوتنا‪َ ،‬‬‫رب َم ً‬ ‫اجعل القرآ َن َمحفوظاً` في ُ‬
‫لصبيانِنا وبناتِنا وأهلينا يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬ ‫رب ِ‬
‫يا ِّ‬
‫‪ 12‬من ‪15‬‬

‫العظيم لي ولكم من ُك ِّل ذَنْ ٍ‬


‫ب فاستغفروهُ‬ ‫َ‬ ‫الجليل‬ ‫وأستغفر اهللَ‬
‫ُ‬ ‫أقول ما تَسمعو َن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ 13‬من ‪15‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫ِ ِ ِِ‬ ‫هلل على إحسانِِه‬


‫الحم ُد ِ‬
‫والشكر لهُ على تَوفيقه وامتنانه وأشه ُد أن ال إلهَ إاّل اهللُ‬
‫ُ‬
‫أن محم ًدا عب ُدهُ ورسولُهُ الداعي إلى‬ ‫شريك لهُ تَعظيماً لشأنه‪ ،‬وأشه ُد َّ‬ ‫َ‬ ‫وح َدهُ ال‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫سار على‬ ‫وبار َك عليه وعلى آله وإخوانه وخاَّل نه‪ ،‬ومن َ‬ ‫ِرضوانه صلى اهلل وسلم َ‬
‫هج ِه واقتفى أ َثره واست َّن بِسنَّتِ ِه إلى ِ‬
‫يوم الدين‪.‬‬ ‫نـ ِ‬
‫َ ُ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫ِ‬
‫القيامة‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫يوم‬
‫أيُّها األحبَّةُ الكرام‪ :‬القرآن ينفعك` ويرفعُك َ‬
‫َّ‬
‫صواف‬ ‫غيايتان أو فَ ِ‬
‫رقان من طي ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غمامتان أو‬ ‫وآل عمرا َن كأنَّهما‬
‫"تأتي البقرةَ َ‬
‫فعلت‪ ..‬وفعلت‪،..‬‬
‫تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة"(رواه مسلم)؛ فإذا قيل له‪َ :‬‬
‫تقرأهما‪.‬‬
‫كنت ُ‬ ‫عنك إذا َ‬
‫دافع َ‬
‫حاج عنهُ وتُ ُ‬
‫وآل عمرا َن تُ ُّ‬
‫أخذت البقرةُ ُ‬

‫ِ‬
‫ترتل في الدنيا؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫كنت ُ‬‫ِّل كما َ‬
‫وارق ورت ْ‬ ‫ويقال لقا ِرِئ القرآن َ‬
‫يوم القيامة‪" :‬اقرْأ َ‬ ‫ُ‬
‫منزلتَك عن َد آخ ِر ٍ‬
‫آية تقرُأ بها"(رواه أحمد وأبو داود)‪.‬‬

‫اجع ِل‬
‫معك جهاز‪َ ،‬‬ ‫لك َمجلِساً يومياً مع القرآن إن كا َن َ`‬ ‫ص على أن يكو َن َ‬‫فاح ِر ْ‬
‫وأي ٍ‬
‫لحظة تج ُد وقتاً تستطيع أن تقرَأ القرآن فافتَ ْح ُمباشرةً‪ ،‬واقرْأ ما‬ ‫القرآ َن ِ‬
‫فيه‪َّ ،‬‬
‫تيسر لك‪ ..‬صفحة‪ ،‬أو صفحتين‪ ،..‬وستجد أنك قد أكملت وأنجزت كثيرا منه‪..‬‬
‫‪ 14‬من ‪15‬‬

‫وستَ ِج ُد أ َث َر َ‬ ‫ِ‬
‫عليك‬
‫ذلك َ‬ ‫ص على أن تُعال َج قلبَك بكثرة قراءة القرآن وتدبره‪َ ،‬‬ ‫واح ِر ْ‬
‫ك‪..‬‬ ‫عام ِل أهلِ َ‬
‫ك َم َع َ‬ ‫ك في تَ ُ‬ ‫ك في ِر ْزقِ َ‬
‫ك في حياتِ َ‬ ‫في صالتِ َ‬

‫ب المساكي ِن‪ ،‬وإذا َ‬


‫أردت‬ ‫وح َّ‬ ‫ِ‬
‫رك المنكرات ُ‬
‫ِ‬
‫الخيرات وتَ َ‬ ‫ُك فِ ْع َل‬
‫اللهم إنَّا نسأل َ‬
‫َّ‬
‫غير خزايا وال َمفتونين‪.‬‬ ‫بعباد َك فِتنةً فاقبِضنا َ‬
‫إليك َ‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫عاجله وآجله ما علمنا منهُ وما لم نعلَم‪ ،‬ونعوذُ بك‬ ‫ُك من الخي ِر كلِّ ِه‬
‫اللهم إنا نسأل َ‬
‫َّ‬
‫الشر كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علمنا منه وما لم نعلَم‪.‬‬
‫ربَّنا من ِّ‬

‫ومرا َف َقة‬
‫والحشر مع األتقياء ُ‬
‫َ‬ ‫وموت الشهداء‬
‫َ‬ ‫الس َعداء‬
‫عيش ُّ‬
‫نسألك َ‬
‫َ‬ ‫اللهم إنا‬
‫األنبياء‪.‬‬

‫ِ‬
‫وسوء القضاء‪ ،‬وشماتَ ِة‬ ‫ود َر ِك الشقاء‪،‬‬ ‫بك ربَّنا من ِ‬
‫جهد البالء‪َ ،‬‬ ‫اللهم إنا نعوذُ َ‬
‫األعداء‪.‬‬

‫ـح ُّو ِل عافِيَتك‪ ،‬وجمي ِع‬ ‫زوال نعمتِك‪ ،‬وفُجاء ِة نِ ِ‬


‫بك من ِ‬
‫قمتك‪ ،‬وتَ َ‬
‫َ َ‬ ‫اللهم إنا نعوذُ َ‬
‫َّ‬
‫سخطك‪.‬‬
‫‪ 15‬من ‪15‬‬

‫ِ‬
‫بالصحة على‬ ‫اللهم ِ‬
‫اغف ْر لنا وآلباِئنا وأمهاتِنا‪َّ ،‬‬
‫ِّعهُ‬
‫اللهم من كا َن منهم حيًّا فمت ْ‬
‫ف له‬ ‫ِ‬
‫وضاع ْ‬ ‫فو ِّس ْع له في قَب ِره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طاعتك‪ ،‬واختم لنا وله بخير‪ ،‬ومن كان منهم ميِّتًا َ‬
‫رب العالمين‪.‬‬ ‫واجمعنا به في جنَّتِك يا َّ‬ ‫ِ‬
‫وتجاو ْز عن سيئاته‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫حسناتِه‪،‬‬

‫صليت على إبراهيم وعلى ِ‬


‫آل‬ ‫ٍ‬
‫محمد؛ كما‬ ‫آل‬ ‫ٍ‬
‫محمد وعلى ِ‬ ‫ص ِّل على‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اللهم َ‬
‫َّ‬
‫كت على إبراهيم وعلى ِ‬
‫آل‬ ‫بار َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫إبراهيم‪ ،‬وبار ْك على محمد وعلى آل محمد؛ كما َ‬
‫ك حمي ٌد مجيد‪.‬‬‫إبراهيم‪ ،‬إنَّ َ‬
‫َ‬

‫ب‬ ‫وسالم على المرسلين * والحم ُد ِ‬


‫هلل َر ِّ‬ ‫صفون *‬‫عما ي ِ‬ ‫ب َّ ِ‬
‫ٌ‬ ‫العزة َّ َ‬ ‫ك َر ِّ‬ ‫(سبحا َن َربِّ َ‬
‫ُ‬
‫ات‪.]182-180:‬‬ ‫العالمين)[الصافَّ ِ‬
‫َّ‬

You might also like