You are on page 1of 2

‫شديد القوى﴾‪ ،‬وزكّى فؤاده فقال‪﴿ :‬ما كذب الفؤاد ما رأى﴾‪،‬‬ ‫‪‬الخطبة األولى محبة النبيء ‪ ‬‬

‫وزكى بصره فقال‪﴿ :‬ما زاغ البصر وما طغى﴾‪ ،‬وزكّى ُخلَُقه‬
‫ّ‬ ‫قربنا‬
‫من علينا بالإسالم ليحيينا‪ ،‬وشرع لنا فيه ما ي ِّ‬
‫احلمد هلل الذي ّ‬
‫فقال‪﴿ :‬وإنّك لعلى خلق عظيم﴾‪ .‬فأظهروا عباد اهلل‪ ،‬فرحكم‬ ‫إليه ويُدنينا‪ ،‬وأكرمنا ‪ ‬بالرسالة اخلامتة‪ ،‬وأودع لنا فيها ما يكفينا‬
‫وعن غريها يُغنينا‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬إهلـُنا‬
‫﴿قُلْ بِفَضْ ِل‬ ‫وسروركم بنبيكم ‪ ،‬فقد أمر احلق ‪ ‬بذلك فقال‪:‬‬
‫ومليكـُنا وناصرُنا وهادينا‪ ،‬وأشهد أن سيدنا حممداً عبدُه ورسوله‪،‬‬
‫هَّللا ِ َوبِ َرحْ َمتِ ِه فَبِ َذلِكَ فَ ْليَ ْف َرحُوا هُ َو خَ ْي ٌر ِم َّما يَجْ َمعُونَ ﴾ (يونس‪.)58‬‬
‫أنعِمْ به نبيًّا أميناً ورسوالً ُمبيناً‪  ،‬وعلى آله وصحبه الذين كانوا‬
‫والرمحة‬
‫َ‬ ‫أن الفضلَ العلمُ‬
‫وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس ‪‬ما ّ‬
‫باحلق وللحق أنصاراً مياميناً‪ ،‬والتابعني ومن تبع هنجهم صدقاً‬
‫سيدنا حممدٌ ‪ .‬فعربوا عباد اهلل‪ ،‬عن صدق حمبتكم وعظيم‬ ‫ُ‬ ‫وإحساناً ويقيناً‪ .‬أما بعد فيا عباد اهلل‪ :‬وفقين اهلل وإياكم ملا حيب‬
‫شوقكم له ‪ ،‬وأحيُوا هذه األيام بل ومدار العام‪ ،‬مبطالعة سريته‬
‫ويرضى‪ ،‬وجعلين وإياكم ممن حيب ويرضى‪ ،‬ومجعين وإياكم يف‬
‫ومساع قصة مولده ‪ ،‬وأبشروا واعلموا أنه ما تزود املتزودون‬
‫ثم اعلموا عباد اهلل‪ ،‬أ َّن غايةَ‬
‫الدنيا واآلخرة مبن حيب ويرضى‪ّ ،‬‬
‫بشيء بعد تقوى اهلل والتزام أمره واجتناب هنيه‪ ،‬خريا هلم من‬
‫إصالح القلوبـ‪ ،‬وتقومي النفس بتطهريها‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم العظمى‪ ،‬هي‬
‫ص ِادقًا له يف‬
‫صدق احملبة لرسول اهلل ‪ ،‬فإ ّن جزاء من كان َ‬ ‫من العيوب‪ ،‬وليس أعون على ذلك بعد توحيد اهلل‪ ،‬من متابعة‬
‫احملبة‪ ،‬أن يكون رفيقه يف اجلنة‪ ،‬فقد أخرج اإلمامان البخاري‬
‫حبيبه ومصطفاه ‪ ،‬متابعته يف األقوال واألفعال‪ ،‬وما بطن وظهر‬
‫ومسلم يف صحيحيهما عن سيدنا أنس ‪ ‬أن رجال أتى النيب ‪‬‬
‫يكرهه‬
‫ين األحوال‪ ،‬وحمبَّةِ ما حيبُّه ويرضاه‪ ،‬وبُغضِ ما ُ‬
‫من َس ّ‬
‫فقال‪ :‬مىت الساعة يا رسول اهلل؟‪ ،‬قال‪ :‬ما أعددت لها؟ قال‪ :‬ما‬
‫ويأبَاه‪ ،‬وقبل أن أحدثكم عن فضل ومزية حمبة النيبء‪ ،‬تعالوا بنا‬
‫أحب اهلل‬
‫أعددتُ هلا من كثري صالة وال صوم وال صدقة ولكين ُّ‬
‫نتعرف شيئا يسريا عن بعض مشائله وسجاياه‪ ،‬فهو عباد اهلل‪،‬‬
‫ورسوله‪ ،‬قال ‪ :‬أنت مع من أحببت‪ ،‬قال سيدنا أنس‪ :‬فما‬
‫خري اخللقـ وحبيب احلق‪ ،‬خامت رسله وطراز مملكته‪ ،‬أنزل عليه‬
‫رأيت املسلمني فرحوا بشيء بعد اإلسالم فرحهم بذلك‪.‬‬ ‫القرءان‪ ،‬وأيّده باحلجة والربهان‪ ،‬فهو رسول مصطفىـ ونيب جمتىب‪،‬‬
‫ثم اعلموا عباد اهلل‪ ،‬أن حمبته ‪ ‬من لوازم اإلميان‪ ،‬فقد أخرج‬ ‫نيب عظيم وإمام كرمي‪ ،‬قدوة لألجيال وأسوة للرجال ومضرب‬
‫اإلمام البخاري يف صحيحه عن سيدنا أنس ‪ ‬أن رسول اهلل ‪‬‬ ‫الزيغ‪ ،‬وعينه من اخليانة‪،‬‬
‫األمثال وقائد األبطال‪ ،‬معصوم قلبه من ّ‬
‫قال‪(( :‬ال يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه من ولده ووالده‬ ‫ويده من اجلور‪ ،‬ولسانه من الكذب‪ ،‬وهنجه من االحنراف‪ ،‬ما سجد‬
‫والناس أمجعني))‪ ،‬ويف لفظ عند اإلمام مسلم‪(( :‬ال يؤمن َعْب ٌد‬ ‫حتل له‪ ،‬وال شارك‬ ‫يد امرأة ال ّ‬
‫يده ُ‬‫لصنم وال اجّت ه لوثن‪ ،‬ما مست ُ‬
‫حىت أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أمجعني))؛ وقوله‬ ‫طهر اهلل فؤاده‪ ،‬وحفظ رسالته‪ ،‬وأيّد دعوته‪،‬‬‫قومه يف هلو وجمون‪ّ ،‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪(( :‬ال يؤمن َعْب ٌد)) أي ال يكتمل إميان عبد‬ ‫ونصر ملّته‪ ،‬وأظهر شريعته‪ ،‬ختم به أنبياءه‪ ،‬ونصر به أولياءه‪،‬‬
‫حب رسول اهلل ‪ ‬أعظم من حبه ألهله وماله‬
‫حىت يكونَ ُّ‬ ‫وكبت به أعداءه‪.‬‬
‫والناس أمجعني‪.‬‬ ‫عباد اهلل‪ ،‬واهلل إن ديننا عظيم وجليل‪ ،‬ولعل من أهم مميزاته‬
‫فما حقيقة هذه احملبة لرسول اهلل اليت هي من لوازم اإلميان‪ ،‬واليت هي‬ ‫وخصائصه‪ ،‬أن رسوله ومبلغهـ هو املصطفىـ املختار سيدنا حممد ‪‬‬
‫باب مرافقته ‪ ‬يف أعلى درجات اجلِنان؟‬ ‫بن عبد اهلل بن عبد املطلب‪ ،‬القرشي اهلامشي‪ ،‬خامت النبيني‪ ،‬وإمام‬
‫عباد اهلل‪ ،‬حقيقة احملبة شعور يف القلب‪ ،‬وميل يف َّ‬
‫الن ْفس‪ ،‬جيعل احملب‬ ‫املرسلني‪ ،‬وقائد الغر احملجلني‪ .‬هذا النيب العظيم ال حتصى فضائله‪،‬‬
‫متعلقاـ حببيبه‪ ،‬مشتاقا لرؤيته ومساعه‪ ،‬ومطالعة مشائله وأخباره‪ ،‬وقد‬ ‫مقداما‪ ،‬جتمعت فيه‬
‫شجاعا ً‬
‫ً‬ ‫زاهدا‬
‫متواضعا ً‬
‫ً‬ ‫وال تُعد مزاياه‪ ،‬كان‬
‫قيل‪ :‬احملبة ميل دائم‪ ،‬بقلب هائم‪ .‬ولقد ظلم بعضهمـ احملبة فقصروها‬ ‫مجيع األخالق والصفات احلميدة والنبيلة‪ .‬حىت قال مادحه‪ُ :‬خلقت‬
‫على املتابعة‪ ،‬ورمسوا هلا بذلك صورة سطحية تقتصر على العمل‬ ‫ُمربءًا من كل عيب – كأنك قد خلقت كما تشاء ‪ .‬وأمجل منك مل‬
‫النيب ‪ ‬هي متابعته‬ ‫تر قط عني – وأحسن منك مل تلد النساء‪ .‬ناداه ربه ‪ ‬فقال‪﴿ :‬وما‬
‫الظاهر فحسب‪ ،‬وبالتحقيق ال يتأتى أن يُقال حمبة ِّ‬
‫ب‬ ‫﴿وما أرسلناك إال كافة للناس بشيرا‬ ‫أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾‪،‬‬
‫فقط‪ ،‬فقد يُتابع العبد أحدا بداعي اخلوف أو الطمع وهو غري حُم ّ‬
‫له‪ ،‬ويف املقابل قد حُي ب العبد أحدا وال يكون له ُمتبعا‪ ،‬أو يكو ُن‬ ‫وزكى عقلـه فقال‪﴿ :‬ما ضلّ صاحبكم وما غوى﴾‪،‬‬
‫ونذيرا﴾‪ّ ،‬‬
‫وحوادث تبني ما نقول‪،‬‬
‫ُ‬ ‫السنَّة أمثلةٌ‬
‫مقصرا يف متابعته‪ ،‬ويف صحيح ُّ‬
‫ّ‬ ‫وزكّى لسانه فقال‪﴿ :‬وما ينطق عن الهوى﴾‪ّ ،‬‬
‫وزكى َشرعه‬
‫منها ما ورد يف صحيح البخاري وغريه‪ ،‬لصحايب كان امسه عبد اهلل‬ ‫علمه‬
‫وزكى جليسه فقال‪ّ ﴿ :‬‬
‫فقال‪﴿ :‬إن هو إال وحي يوحى﴾‪ّ ،‬‬
‫تعظيمه وتوقيره عند ذكره‬‫ُ‬ ‫ومن عالمات‪ ,‬محبة رسول اهلل ‪‬‬ ‫ابتُلي فرت ًة من الزمان بشرب اخلمر‪ ،‬وكان النيب ‪ ‬قد َجلَ َدهُ يف‬
‫ِي‬
‫جيب ُّ‬
‫وإظهار اخلشوع واالنكسار مع مساع امسه‪ ،‬قال إسحاق ُّالت ِ‬ ‫ِي بِِه َي ْو ًما فَأ ََمَر بِِه فَ ُجلِ َد‪ ،‬فقال َر ُج ٌل من الْ َق ْوِم‪ :‬اللهم‬ ‫ِ‬
‫الشََّراب‪ُ ،‬فأت َ‬
‫بعده ال يذكرونه إال خشعوا‬ ‫(أحد التابعني) كان أصحاب النيب ‪َ ‬‬ ‫الْ َعْنهُ ما أَ ْكَثَر ما يُ ْؤتَى بِِه‪ ،‬فقال النيب ‪ :‬اَل َتل َْعنُوهُ َف َواللَّ ِه ما َعلِ ْم ُ‬
‫ت‬
‫وبكْوا‪ ،‬وكذلك كثري من التابعني منهم من كان‬ ‫واقشعرت جلودهم َ‬ ‫صَر يف املتابعة‪،‬‬ ‫ب اللَّهَ َو َر ُسولَهُ‪ .‬فهذا الصحايب الذي قَ َّ‬ ‫إال إَِّنهُ يُ ِح ُّ‬
‫يظهر عليه ذلك حمبة له وشوقا إليه‪ ،‬ومنهم من يفعله َتَهُّيًبا وتوقريا‪.‬‬ ‫شهد له رسول اهلل ‪ ‬باحملبة‪ ،‬ومن مثَّ قيل‪ :‬ال َتنَايِف َ بني ارتكاب‬
‫ومن عالمات‪ ,‬محبة رسول اهلل ‪ ‬الشفقةُ على أمته‪ ،‬وال ُ‬
‫نصح هلا‬ ‫النهي وثبوت حمبة اهلل ورسولهـ يف قلب املرتكب‪ .‬لكن تنبهوا يا‬
‫والسعيُ يف مصاحلها‪ ،‬ورفع املضار عنها‪ ،‬كما كان عليه الصالة‬ ‫عباد اهلل‪ ،‬إىل أن احملبة ال تُبيح ارتكاب املعصية‪ ،‬بل على العكس‬
‫والسالم فقد قال فيه ربنا ‪﴿ :‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم ع ِ‬
‫َزي ٌز‬ ‫ُكلّما كانت احملبة صادقة‪ ،‬كانت املتابعة أقوى وااللتزام واالمتثال‬
‫حي ٌم﴾ (سورة التوبة‪:‬‬ ‫ين َرؤ ٌ‬
‫ُوف َر ِ‬ ‫َعلَ ْي ِه َما َعنِتُّ ْم َح ِريصٌ َعلَ ْي ُك ْم بِ ْال ُم ْؤ ِمنِ َ‪Y‬‬ ‫أشد‪ .‬خاصة وقد قال احلق ‪ ‬يف كالمه الذي ال يرد‪ :‬قُلْ إِ ْن ُك ْنتُ ْم‬
‫‪ .)128‬فزيدوا عباد اهلل‪ ،‬يف حمبة رسول اهلل ‪ ،‬وتفانَ ْوا يف االقتداء‬ ‫تُ ِحبُّونَ هَّللا َ فَاتَّبِعُونِي يُحْ بِ ْب ُك ُم هَّللا ُ َويَ ْغفِرْ لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‬
‫به‪ ،‬وأكثروا من الصالة عليه وذكر مشائله‪ ،‬واشتاقوا لرؤيته ونيل‬ ‫(‪ .)31‬نبهين اهلل وإياكم من نومة الغافلني‪ ،‬وجعلين وإياكم من عباده اهلادين‬
‫املهديني‪،‬ـ الناصرين لدينه املنصورين‪ ،‬وحفظنا وإياكم من غواية الغاوين ونزغات‬
‫شفاعته وجماورته‪ ،‬فلطاملا اشتاق إلينا وهو بني صحابته‪ ،‬فقد نظر‬
‫القوي املتني‪ ،‬وال حول‬
‫ّ‬ ‫الشياطني‪ ،‬وختم لنا مبا ختم به لعباده املقربني‪ّ ،‬‬
‫بسر امسه القادر‬
‫يوما وهو بينهم إىل األفق البعيد وقال‪ :‬شوقا إىل أحبايب‪... ،‬‬ ‫العلي العظيم‪.‬‬
‫وال قوة إال باهلل ّ‬
‫الركائب ‪ -‬وعنك وإال فالمحدث كـاذبُ‬
‫ُ‬ ‫إليك وإال ال تشد‬ ‫‪‬الخطبة الثانية ‪‬‬
‫ُ‬
‫مذاهب‬ ‫وحُّبكَ يا خير النبيين مذهبي ‪ -‬وللناس فيما يعشَقون‬
‫ُ‬ ‫الحمد هلل وكفى‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له الذي إذا‬
‫هذا عباد اهلل‪ ،‬وإ ّن يومكم هذا ٌ‬
‫يوم مبارك‪ ،‬وفيه بفضل اهلل سائر‬ ‫عبده ورسوله‬
‫توعد صفح وعفا‪ ،‬وأشهد أن سيدنا حممداً ُ‬
‫وعد وفى‪ ،‬وإذا ّ‬
‫اخللل يتدارك‪ ،‬فتوجهوا إىل باب موالكم بالتوبة واإلنابة‪ ،‬عسى أن‬ ‫الذي اصطفى‪ ،‬صلوات ريب وسالمه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع‬
‫حَن ظى من كرمي فضله بالقبول واإلجابة‪ ،‬ولنبدأ باحلمد هلل والصالة‬ ‫واسعْوا‬ ‫هنجهم واقتفى‪.‬ـ أمّا بعد فيا عباد اهلل؛ اتقوا اهلل َّ‬
‫حق الَّتقوى‪َ ،‬‬
‫رد من أتى اهلل بقلب سليم‪ .‬اللّهم لك احلمد حىت‬
‫والتسليم‪ ،‬فإنه ال يُ ّ‬ ‫بارك اهلل فيكم فيما حُي ب ويرضى‪ ،‬واجتنبوا الفواحش ما يظهر منها‬
‫ترضى‪ ... ،‬اللهم صل على سيدنا وموالنا حممد نسل الذبيحني‪،‬‬ ‫وما خيفى‪ ،‬واجتهدوا يف طلب احلق‪ ،‬فما عند اهلل خري وأبقى‪ .‬ثم‬
‫وج ِّد الصبيحني‪ ،‬وقرة كل عني‪ ،‬اللهم صل على سيدنا حممد سيد‬
‫َ‬ ‫ذكرت لكم‪ ،‬شعور فياض يف القلب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اعلموا عباد اهلل أ ّن احملبة كما‬
‫الوجود‪ ،‬وقائد أهل السعود‪ ،‬وصاحب احلوض املورود‪ ،‬واللواء‬ ‫عالمات‬
‫ُ‬ ‫وشوق حمرق يف الباطن‪ ،‬لكن هلذا الشعورـ وذاك الشوق‪،‬‬
‫املعقود‪ ،‬واملقام احملمود‪ ،‬اللهم صل على سيدنا حممد طب القلوب‬ ‫كل أحد‪ ،‬فمن كان صادق‬ ‫صدق‪ ،‬وشواهد تزكية‪ ،‬حىت ال يدعيها ُّ‬
‫ودوائها وعافية األبدان وشفائها ونور األبصار وضيائها وعلى آله‬ ‫احملبة لرسول اهلل ‪ ‬ينبغي أن تظهر عليه عالمات تلك احملبة‪:‬‬
‫وأولها‪ :‬االقتداء به‪ ،‬واتباع سنته‪ ،‬وامتثال أمره‪ ،‬واجتناب هنيه‪،‬‬
‫خري اجلزاء وأوفاه‪ ،‬وأكمله وأسناه‪،‬‬ ‫وصحبه وسلم؛ اللهم جازه عنّا َ‬
‫ّهم اجعل صالتك عليه له ِرضاءً‪ ،‬وحلقِّه أداءً‪،‬‬ ‫وأمتَّه وأهباه‪ ،‬الل ّ‬ ‫وشاهدُ ذلك كما مسعتم قوله تعاىل‪﴿ :‬قُلْ إِ ْن ُك ْنتُ ْم تُ ِحبُّونَ هَّللا َ‬
‫وأكرم مأمول‪ ،‬اللهم‬ ‫خري مسؤول‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫م﴾ (سورة آل عمران‪:‬‬ ‫فَاتَّبِعُونِي يُحْ بِ ْب ُك ُم هَّللا ُ َويَ ْغفِرْ لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌ‬
‫َ‬ ‫ولفضله كفاء‪ ،‬ولعظمته لقاء‪ ،‬يا َ‬ ‫‪.)31‬‬
‫حبب نبيَك الكرمي‪،‬‬ ‫يا من تحي العظام وهي رميم‪ ،‬أ ْ ِ‬
‫َحيي قلوبنا َ‬ ‫ومن عالمات محبة رسول اهلل ‪ ‬كثرة ذكره‪ :‬فمن أحب شيئا‬
‫اللهم ارزقنا حمبته واتباع سنته‪ ،‬والسري على هنجه والتمسك‬ ‫وذكر حماسنه‪ ،‬فينبغي للصادق يف حمبته لرسول اهلل ‪‬‬
‫أكثر ذكرَه‪َ ،‬‬
‫بشريعته‪ ،‬اللهم ال ختالف بنا عن طريقته‪ ،‬اللهم احشرنا يوم القيامة‬ ‫أن تكون أوقاته عامرة بذكر رسول اهلل‪ ،‬ذكر مآثره وسريته‪ ،‬أحواله‬
‫لواءه ويف زمرتِه‪ ،‬وأدخلنا يف محايته وشفاعته‪ ،‬اللهم أوردنا‬
‫حتت ِ‬ ‫ومشائله‪ ،‬أخالقه وآدابه‪ ،‬وخاصة بكثرة الصالة والسالم عليه ‪.‬‬
‫حوضه‪ ،‬واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة ال نظمأ بعدها أبداً؛‬ ‫ومن عالمات محبة رسول اهلل ‪ ‬الشوق إلى لقائه فكل حبيب‬
‫اللهم أمطرنا مطر الرمحة‪ ...‬اللهم ارحم موتانا‪ ... ،‬اللَّ ُه َّم َربَّنَا ْ‬
‫اح َف ْظ‬ ‫َّ‬ ‫بالل بن رباح ‪ ‬مؤذ ُن رسول اهلل ‪،‬‬
‫سيدنا ُ‬‫حيب لقاء حبيبه‪ ،‬وهذا ُ‬
‫وأمنّا يف دورنا وأ َْوطَانِنَا يا أرحم‬
‫اهلزات بالدنا وسائر بالد املسلمني‪،‬ـ ّ‬
‫من ّ‬ ‫صادق احملبة له‪ ،‬ملا حضرته الوفاة نادت امرأته‪ :‬واحزناه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫ب‬
‫شرارنا يَا َر َّ‬ ‫خيارنا يا أكرم األكرمني‪ ،‬وال ِّ‬ ‫الرامحني‪ِّ ،‬‬
‫أمورنا َ‬‫تول َ‬ ‫أمورنا َ‬
‫وول َ‬ ‫"واطرباه غدا ألقى األحبة حممدا وصحبه"‪ .‬وقد ورد أنَّه ‪ ‬قال كما‬
‫العالَ ِمنْي َ ‪ .‬ربنا آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار‪...‬؛‬
‫َ‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على املرسلني واحلمد هلل رب‬ ‫يف صحيح اإلمام مسلمـ من حديث سيدنا أيب هريرة ‪ِ :‬م ْن ِّ‬
‫أشد‬
‫العاملني‪.‬‬ ‫ناس يكونون بعدي ُّ‬
‫يود أحدهم لو رآني بأهله وماله‪.‬‬ ‫أمتي لي ُحبًّا ٌ‬
‫‪2014‬‬
‫‪ 1435‬الموافق لـ‪ 03 :‬جانفي ‪2014‬‬
‫سيدي علي بن عبيد ‪ 01‬ربيع األنور ‪1435‬‬

You might also like