You are on page 1of 7

‫حق َق ِمن أي الم ِ‬

‫رادات التي‬ ‫َعلِم‪ ،‬أو ِ‬


‫عم َل ما َع ِمل‪ ،‬أو َّ‬
‫حق َق ما َّ‬
‫ُ‬ ‫خطبة جمعة مكتوبة للعالمة الحبيب عمر بن حفيظ في‬
‫ُتنا ِز ُل النفوس البشريةَ‪ ،‬إذا لم ِ‬
‫فكل ما فيه هباءٌ‬
‫يؤمن باهلل ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جامع الشيخ حسين مولى خيلة‪ ،‬بمدينة تريم‪ ،‬وادي‬
‫سران والشرور‪ ،‬ومآلُه إلى ِ‬
‫النا ِر‬ ‫غايات ال ُخ ِ‬
‫ُ‬ ‫منثور‪ ،‬وعاقبِتُه‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حضرموت‪ 9 ،‬رمضان ‪1439‬هـ بعنوان‪ :‬مدرسة رمضان‬
‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫غرهُ ِمن‬ ‫ِ‬
‫الموقدة التي تطَّلع على األفئدة‪ ،‬فماذا يفي ُده ما َّ‬ ‫وتحرير وتقويم القوى اإلنسانية‪.‬‬
‫غره ِ‬
‫باهلل الغرور!؟‬ ‫الدنيا وما َّ‬ ‫الخطبة األولى‬
‫ندرك هذه المنَّةَ العظيمةَ في‬ ‫يجب أن َ‬ ‫‪        ‬أيها المؤمنون‪ُ :‬‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬
‫لإلنسان من ِقبَ ِل‬
‫ِ‬ ‫المعطَيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحق الحي ال َقيُّ ِ‬
‫وم القدي ِر العزي ِز‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم واإليمان؛ أعلى ُ‬ ‫نعمة‬ ‫الملك ِّ َ ِّ‬ ‫‪         ‬الحم ُد هلل‬
‫السر‬
‫المنَن في ِّ‬ ‫الرحمن جل جالله‪ .‬ولقد كانَت تلكم أعظم ِ‬ ‫شريك له ( َج َع َل‬
‫َ‬ ‫العليم‪ ،‬وأشهد أن ال إلهَ إال اهلل وح َده ال‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تقوم الساعة؛‬ ‫آدم إلى أن َ‬
‫ِ‬
‫والعلن على جمي ِع اآلدميِّين من عهد َ‬ ‫وجعل‬
‫َ‬ ‫ورا)‪ ‬‬
‫اد ُش ُك ً‬ ‫َّه َار ِخ ْل َفةً لِّ َم ْن ََأر َ‬
‫اد َأن يَ َّذ َّك َر َْأو ََأر َ‬ ‫اللَّْي َل َوالن َ‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم بأنها‬ ‫ٍ‪A‬‬ ‫النبي‬ ‫العالمات على عظمتِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السماء ِمن‬
‫صصت أمةُ ِّ‬ ‫ولكن ُخ ِّ‬ ‫كواكب ونجوماً وبدوراً‬ ‫َ‬ ‫في‬
‫ِ‬
‫والحبيب‬ ‫النبي األكرم‪،‬‬ ‫اهلل بواسطة ِّ‬ ‫خير األمم‪ ،‬وتلَ َّقت عن ِ‬ ‫وشمساً وقمراً منيرا‪ ،‬نشه ُد أنه اإللهُ ُّ‬
‫الحق الذي ال إلهَ سواه‪،‬‬
‫ُ‬
‫األعظم‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والوقوف بين‬ ‫للع ِ‬
‫رض عليه‬ ‫وآخرهم َ‬ ‫الخالئق َّأولَهم َ‬
‫َ‬ ‫يجمع‬
‫ُ‬
‫‪          ‬أيها المؤمن‪َ :‬أنْ ِزل هذه المزايا َمنزلتَها ِمن عقلِ َ‬
‫ك‬ ‫فيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون‪ .‬ونشه ُد أن سيِّ َدنا‬
‫ُ‬ ‫يديه‬
‫القائمة ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتيارات‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫األصوات الن ِ‬
‫َّاع َقةَ في‬ ‫َ‬ ‫وقلبِك؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫ونور قلوبنا محمداً عب ُده ورسولُه‪ ،‬ونبيُّه‬
‫ونبيَّنا وقر َة أعيُننا َ‬
‫خلفك وعن يمينِك وعن ِشمالك التي قد َّ‬
‫عب َر‬ ‫ومن ِ‬ ‫بين ي َديك ِ‬ ‫للحق‬ ‫ِ‬
‫العبودية ِّ‬ ‫النموذج األعلى في‬ ‫وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه‪،‬‬
‫ُ‬
‫وأظهر‬
‫َ‬ ‫أظهر المعاداةَ لك‪،‬‬ ‫إبليس حين َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأساسها‬ ‫عن أصلِها‬ ‫سب َقت‬ ‫ِ‬
‫المستقيم َمن َ‬
‫ِ‬
‫الصراط‬ ‫جل وعال‪ ،‬الهادي ِ‬
‫بإذن ربِّه إلى‬
‫الجبار جل جالله فقال لربِّك في‬ ‫َ‬ ‫خاطب‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫نس َ‬ ‫لج ِ‬ ‫المناكر َة ِ‬
‫ُ‬ ‫له السعادةُ ِمن المأل‪ ،‬كان يجته ُد في رمضا َن ما ال يجته ُد في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّهم ِّمن َب ْي ِن َأيْدي ِه ْم َوم ْن َخلْف ِه ْم َو َع ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غي ِره‪ ،‬ويجته ُد في العش ِر األواخ ِر ِمن رمضا َن ما ال يجته ُد في‬
‫ك‪( :‬ثُ َّم آَل تَين ُ‬ ‫بني جنس َ‬
‫ال‬
‫ين * قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئِ‬ ‫ِ‬
‫َأيْ َمان ِه ْم َو َعن َش َما ل ِه ْم ۖ َواَل تَج ُد َأ ْك َث َر ُه ْم َشاك ِر َ‬ ‫غي ِرها ِمن رمضان‪.‬‬
‫َّم‬ ‫َأَلم َّ‬ ‫ا ْخرج ِم ْنها م ْذءوما َّم ْدحورا ۖ لَّمن تَبِع َ ِ‬ ‫عبدك المختا ِر ِ‬
‫وكرم على ِ‬ ‫صل وسلِّم وبا ِرك ِّ‬
‫َأَلن َج َهن َ‬ ‫ك م ْن ُه ْم ْ‬ ‫ُْ َ َ ُ ً ُ ً َ َ‬ ‫سيدنا‬ ‫اللهم ِّ‬
‫سوء المصير‪.‬‬ ‫ِمن ُكم َأجم ِعين) أعاذنا اهلل ِمن ِ‬ ‫أكرم الخلق منزلةً لديك‬‫والدال عليك‪ِ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫محمد‪ ،‬الهادي إليك‬
‫ُ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫ك ِم ْن ُه ْم) ِمن‬ ‫أيها المؤمنون باهلل‪ :‬تأمل قوله تعالى (لَّ َمن تَبِ َع َ‬ ‫وأوج ِههم وأعظَ ِمهم شأناً عندك‪ .‬اللهم ِأدم صلواتِك عليه‬
‫َ‬
‫وشمالِه ِمن‬ ‫خلفه وعن يمينِه ِ‬ ‫ومن ِ‬ ‫خالل ما يأتيه ِمن بين يديه ِ‬ ‫وأهل ُح ْس ِن ُمتابعتِه وآبائه وإخوانِه ِمن‬
‫وعلى آلِه وأصحابِه‪ِ ،‬‬
‫لشأن الدين‪،‬‬ ‫ينات للقبائح‪ ،‬وتهوي ٍن ِ‬ ‫وتحس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أفكار ودعوات‪،‬‬ ‫ورسلِك وآلِهم وصحبِهم‪ ،‬وعلى مالئكتِك َّ‬
‫المقربين‬ ‫أنبيائك ُ‬
‫بالرب ونبيِّه األمين؛ معروضةً في‬
‫ِّ‬ ‫الص ِ‬
‫لة‬ ‫ِ‬
‫لعظمة ِّ‬ ‫ٍ‬
‫وتخفيف‬ ‫عبادك الصالحين‪ ،‬وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا‬ ‫وجمي ِع ِ‬
‫ومسموعات وبرامج مبثُ ٍ‬
‫وثات على الناس‪ ،‬تأتيهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫منظورات‬ ‫أرحم الراحمين‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خلفهم وعن أيمانِهم وعن شمائلِهم‪،‬‬
‫ومن ِ‬ ‫ِمن بين أيديهم ِ‬ ‫وإياي بتقوى اهلل؛‬ ‫‪          ‬أما بعد‪ ..‬عباد اهلل‪ :‬فإني أوصيكم‬
‫َ‬
‫ِّدة خطيرة؛ فيؤخ ُذ َمن يؤخ ُذ ِمن‬
‫وأجهزة متعد ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كثيرة‬ ‫بوسائل‬
‫َ‬ ‫يثيب‬
‫يرحم إال أهلها‪ ،‬وال ُ‬ ‫يقبل غيرها‪ ،‬وال ُ‬ ‫تقوى اهلل التي ال ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمامه أو من خلفه أو عن يمينِه أو عن شماله؛ في فكرة أو‬ ‫ِ‬ ‫إال علَيها‪.‬‬
‫خروج عن األدب‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫اختالل خلُق‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫سوء نظرة‪ ،‬أو‬ ‫الممنُوحون هذه‬
‫ٍ‬ ‫‪           ‬أيها المؤمنون باهلل تعالى في عاله‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫للحياة األخرى والمصي ِر‬ ‫ِ‬
‫عظمة اإلله‪ ،‬أو تحقي ٍر‬ ‫ٍ‬
‫تشكيك في‬ ‫ِ‬
‫الخلق‬ ‫ِ‬
‫وإدراك هذا‬ ‫برب البرية‪،‬‬
‫العطية والمزية‪ ،‬في اإليمان ِّ‬
‫ِ‬
‫الدوام واالستقرار‪ ،‬إما‬ ‫ِ‬
‫وعالم‬ ‫ِ‬
‫الخلود‬ ‫ِ‬
‫وعالم‬ ‫عالم ِ‬
‫البقاء‬ ‫إلى ِ‬ ‫ك فَِقنَا‬ ‫ت ٰه َذا ب ِ‬
‫اطاًل ُس ْب َحانَ َ‬ ‫ِِ ِ‬
‫(ربَّنا َما َخلَ ْق َ َ َ‬
‫والوجود ل َم ُخلق َ‬
‫كل َمن استصغَرها فهو‬‫أمور عظيمة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب النَّا ِر)‬
‫في الجنة وإما في النار‪ٌ .‬‬ ‫قائم على‬ ‫كل ذلك ٌ‬ ‫المهمة في الحياة‪ُّ ،‬‬ ‫وإدراك‬ ‫َع َذ َ‬
‫األرض علِ َم ما‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫إنسان على ظه ِر‬ ‫أي‬
‫اإليمان بالحق جل جالله‪ُّ .‬‬
‫فإن مدرسةَ رمضان ترفَ ُع شأ َن المؤمن في التطهُّر‬ ‫‪           ‬أال َّ‬ ‫َّ‬
‫استعد لها‬ ‫وكل َمن‬
‫حقرها فهو الحقير‪ُّ ،‬‬ ‫وكل من َّ‬
‫الصغير‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وأدران الوعي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلدراك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأدران‬ ‫عن األدران؛ ِ‬
‫أدران الفك ِر‬ ‫لحس ِن المصير‪.‬‬ ‫سر الحياة وتهيَأ ُ‬ ‫أدرك َّ‬
‫فذلك الذي َ‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأدران ال ِو ْج َه ِة عن ِّ‬
‫ِ‬ ‫وأدران ال َف ْه ِم‪،‬‬ ‫‪         ‬أيها المؤمنون باهلل‪ :‬إذا أدركتُم ِمنَّةَ ِ‬
‫كل األدران التي تُص ُ‬ ‫اهلل عليكم في‬
‫اإلنسا َن في عقلِه وفك ِره ووجهتِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التبعية‬ ‫رين ِمن‬‫محر َ‬
‫ِ‬
‫الحياة َّ‬ ‫ِ‬
‫واإليمان فإنكم تعيشو َن في‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‬
‫ص ِّفيَةٌ للعقل‪ُ ،‬مطَ ِّه َرةٌ للقلب‪ ،‬مدرسةُ رمضا َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألهواء ولشياطي ِن‬ ‫ِ‬ ‫والر ِّق‬
‫‪ ‬مدرسةُ رمضا َن ُم َ‬ ‫اإلنس والجن؛ لتكونُوا‬ ‫لألنفس‬ ‫ِّ‬
‫األقوم‪ ،‬مدرسةُ رمضا َن ُم َذ ِّك َرةٌ‬ ‫ِ‬ ‫األمر كلُّه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُمثَبِّتَةٌ للق َدم‪ ،‬على السلوك َ‬ ‫الملك الجليل الذي بيده ُ‬ ‫ُ‬ ‫لواحد هو الواحد‪،‬‬ ‫عبيداً‬
‫بعظمة األلوهية‪ ،‬مدرسةُ رمضان ُم ْن ِق ِذةٌ ِمن‬ ‫ِ‬ ‫بالعبودية‪ُ ،‬م َذ ِّك َرةٌ‬ ‫العلي‬
‫التحرر الصافي الطيِّب ِّ‬ ‫األمر كلُّه‪ .‬وفي هذا ُّ‬ ‫يرجع ُ‬‫وإليه ُ‬
‫ص ٌن بها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِ‬
‫واألدران ومن تبعيَّة الشيطان‪ ،‬مدرسةُ رمضا َن ح ْ‬ ‫ان‬ ‫َّ‬ ‫وعزةُ‬
‫رف اإلنسان وكرامةُ اإلنسان ِّ‬ ‫السامي لإلنسان َش ُ‬
‫يصيب‬
‫ُ‬ ‫أشد ما‬‫والمقت ُّ‬
‫والسخط َ‬
‫الغضب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُن ِمن‬‫تح َّ‬
‫يُ َ‬ ‫اإلنسان‪.‬‬
‫غضب اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تنال بني آدم‪:‬‬
‫أعظم المصائب التي َ‬ ‫اإلنسان؛ ُ‬
‫ِ‬
‫الخلف أو ع ِن‬ ‫‪          ‬تبّاً لِما يأتي ِمن بي ِن اليدين أو ِمن‬
‫ِ‬ ‫خادعا‪َّ -‬‬ ‫وهم ‪-‬كاذبا م ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لعذاب اهلل‪.‬‬ ‫ض‬
‫والتعر ُ‬
‫ُّ‬ ‫والبُع ُد عن اهلل‪،‬‬ ‫وشرف‬
‫َ‬ ‫أن عزةَ‬ ‫ُ‬ ‫اليمي ِن أو ع ِن الشمال يُ ُ‬
‫أحدكم ِمن‬ ‫إنما الصوم حصن حصين‪ ،‬وجنَّةٌ ِمن النار كجن َِّة ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الزخارف له في‬ ‫مظاهر ِمن‬
‫َ‬ ‫وجود‬
‫ُ‬ ‫توفير أموال‪ ،‬أو‬
‫اإلنسان ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تع‬
‫الم َ‬
‫وخلق ُ‬‫َ‬ ‫القتال؛ إنها ُم َذ ِّك َرة بمن خلَ َق األطعمةَ واألشربة‪،‬‬ ‫نفسه أو مسكنِه أو َمنظ ِره أو ملبسه وما إلى ذلك‪ .‬وتلكم ٌ‬
‫متع‬
‫اإلنسان أن يكو َن على‬ ‫ِ‬ ‫وم َر ِّبيَةٌ لهذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في هذه الحياة الدنيا‪ُ ،‬‬ ‫منور ًة مطهَّر ًة‬‫اكتمال ُق َواهُ َّ‬ ‫المؤمن في‬
‫ُ‬ ‫في هذه الحياة يدخلُها‬
‫أباحها اهلل له في دينِه على‬ ‫بصيرة في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وصفاء طويٍَّة‪،‬‬ ‫بعقل ورويٍَّة‪،‬‬
‫يدخل فيها ٍ‬ ‫بح ِ‬
‫المتَ ِع التي َ‬ ‫تناوله لهذه ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كم اإلله؛‬ ‫محكومةً ُ‬
‫َ‬
‫ويلبس‬ ‫ويشرب‬ ‫يأكل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫الحالل واجتِ ِ‬
‫ِ‪A‬‬ ‫قدم على ِ‬ ‫ِ‬
‫واستقامة ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبأي كيفيَّة من الحالل الخالص ُ‬ ‫أي نية ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتتحول له‬
‫ُ‬ ‫ناب الحرام؛‬ ‫أخذ‬
‫ٍ‬
‫س ِّمياً باسم اهلل في ُك ِّل أكلة له‬ ‫ٍ‬
‫ويتغذى؛ وحينئذ يكو ُن ُم َ‬ ‫َّ‬ ‫مظاهر ِمن مظاهر الجهاد واالجتهاد والخي ِر الذي يؤدِّي‬
‫َ‬ ‫إلى‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وخروج‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫دخول‬ ‫يلبسها‪ ،‬وفي ُك ِّل‬
‫كل لَبسة له ُ‬ ‫و َشربة‪ ،‬بل في ِّ‬ ‫إلى خي ٍر ما لَه من نفاد‪ ،‬في دار َ‬
‫الم َعاد؛ وخير الدنيا واآلخرة‬
‫ِمن بيتِه وإلى بيتِه‪ ،‬ومن المسجد وإلى المسجد‪ ..‬إلى غير‬ ‫ِ‬
‫ألهل اإليمان‪.‬‬
‫ذلك ِمن حركتِه في هذه الحياة‪.‬‬ ‫مدارك ِ‬
‫اليوم‬ ‫ِ‬ ‫‪           ‬وأما المتعةُ بهذه المظاه ِر منقطعةً عن‬
‫إن مدرسةَ رمضان‬ ‫‪          ‬أيها المؤمن باهلل جل جالله‪َّ :‬‬ ‫عظمة العزي ِز القادر‪ ،‬وعن المقصود ِمن َخل ِْق‬
‫ِ‬ ‫اآلخر‪ ،‬وعن‬
‫وح ْس ِن توجي ِهها إلى ما‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان على ظه ِر هذه األرض‪ ..‬فهي متعةُ شياطي ِن بنِي اإلنس‬
‫إصالح قُواك ُ‬
‫ِ‬ ‫مدرسةٌ متكاملةٌ في‬
‫ِ‬
‫السعادة‬ ‫وتحقيق‬ ‫ك‬‫لو مكانتِ َ‬
‫الك ورفعتك وعُ َّ‬
‫عزك وعُ َ‬‫يوجب َّ‬ ‫ين‬ ‫والجن على ظه ِر األرض‪ ،‬وهي متعةُ الفجرة والك َفرة َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(والذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫لك في ِ‬ ‫َّار َم ْث ًوى لَّ ُه ْم)‬
‫هوجاء‬ ‫الغيب والشهادة في الدنيا واآلخرة؛ بعيدا عن‬ ‫َ‬ ‫َك َف ُروا َيتَ َمتَّعُو َن َويَْأ ُكلُو َن َك َما تَْأ ُك ُل اَأْلْن َع ُ‬
‫ام َوالن ُ‬
‫االنطالقات على غي ِر بصيرة التي يؤخ ُذ بها كثير ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعنَ ُ ِ ِ‬
‫العباد‬ ‫ٌ‬ ‫اء ُهم َّما َكانُوا‬
‫ين * ثُ َّم َج َ‬ ‫اه ْم سن َ‬ ‫ت ِإن َّمت ْ‬ ‫‪َ(         ‬أ َف َرَأيْ َ‬
‫على ظه ِر هذه األرض‪.‬‬ ‫وع ُدو َن * َما َأ ْغنَ ٰى َع ْن ُهم َّما َكانُوا يُ َمتَّعُو َن) ما أغنى عنهم؟ ما‬ ‫يُ َ‬
‫ِ‬
‫الطعام‬ ‫‪            ‬أيها المؤمن باهلل جل جالله‪ :‬امتناعُك عن‬ ‫أثره وقُ ِطعوا‬ ‫ِ‬
‫أفادهم؟ ماذا كسبُوا من ورائه؟ وقد انتهى وانتهى ُ‬
‫ِ‬
‫الشراب والمفطِّرات للصوم في نها ِر رمضان ُم َذ ِّك َر ُ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫وعن‬ ‫كل ذلك؟‬ ‫ٌط َع عنهم فماذا أفادهم ِمن ِّ‬ ‫عنه وق ِ‬
‫لك‬
‫الخالق الذي خلَ َقك وأوج َد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعظمة‬ ‫وم َر ِّبيَات؛ ُم َذ ِّك ِر ٌ‬
‫ات‬ ‫ُ‬ ‫إبليس‬
‫َ‬ ‫العقول ِمن ِقبَ ِل‬
‫ِ‬ ‫وحى إلى‬ ‫‪          ‬أيها المؤمنون‪ :‬يُ َ‬
‫هذه األشياء‪ ،‬قال جل جالله (َأ َف َر َْأيتُم َّما تَ ْح ُرثُو َن * َأَأنتُ ْم‬ ‫أن العظمةَ في اتباع الشهوات على ظه ِر األرض‬ ‫نده َّ‬‫وج ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الزا ِرعُو َن ) وقال جل جالله (َأ َف َر َْأيتُ ُم ال َْم َ‬
‫اء‬ ‫َت ْز َرعُونَهُ َْأم نَ ْح ُن َّ‬ ‫خرجت عن‬ ‫اآلراب واألغراض ‪-‬ولو انحطَّت ولو َ‬ ‫ِ‬ ‫وقضاء‬
‫َأنزلْتُ ُموهُ ِم َن ال ُْم ْز ِن َْأم نَ ْح ُن ال ُْمن ِزلُو َن)‪،‬‬ ‫الَّذي تَ ْش َربُو َن * َأَأنتُ ْم َ‬
‫ِ‬ ‫يقول ذلك‪ ،‬وغوى َمن‬ ‫وكذب واهلل َمن ُ‬ ‫َ‬ ‫ضى اإلنسانية‪-‬‬ ‫مقت َ‬
‫(واللَّهُ َج َع َل لَ ُكم ِّمن ُبيُوتِ ُك ْم َس َكنًا َو َج َع َل‬ ‫وقال جل جالله َ‬ ‫صدِّق ذلك‪..‬‬
‫يُ َ‬
‫ود اَأْلْن َع ِام ُبيُوتًا تَ ْستَ ِخ ُّفو َن َها َي ْو َم ظَ ْعنِ ُك ْم َو َي ْو َم‬
‫لَ ُكم ِّمن جلُ ِ‬
‫ُ‬
‫رمضان المبارك المعيَّن‪ ،‬متكاسال عن ِ‬ ‫ِ‬
‫تالوة القرآن ‪ ..‬ال‬ ‫َُ‬ ‫اعا ِإل ٰ‬
‫َى‬ ‫َأص َوافِ َها َو َْأوبَا ِر َها َوَأ ْش َعا ِر َها َأثَاثًا َو َمتَ ً‬
‫ِإقَ َامتِ ُك ْم ۙ َوم ْن ْ‬
‫واستفد ِمن ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دروسها‪ ،‬وارتَ ِق‬ ‫دخول المدرسة‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأحسن‬ ‫تُ ْخ َدع‪.‬‬ ‫اجا َو َج َع َل لَ ُكم ِّم ْن‬ ‫حي ٍن)‪َ ( ،‬واللَّهُ َج َع َل لَ ُكم ِّم ْن َأن ُفس ُك ْم َأ ْز َو ً‬
‫مراتب درجاتِها وما يعطي اهللُ تعالى أهلَها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫اط ِل ُيْؤ ِمنُو َن‬ ‫ات ۚ َأفَبِالْب ِ‬
‫َ‬
‫اج ُكم بنِين وح َف َدةً ور َزقَ ُكم ِّمن الطَّيِّب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬
‫َأ ْزو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المدرسة‬ ‫‪         ‬أيها المؤمن باهلل تعالى في عاله‪ُ :‬خذ ِمن‬ ‫ت اللَّ ِه ُه ْم يَ ْك ُف ُرو َن)‪.‬‬
‫وبِنِ ْعم ِ‬
‫َ َ‬
‫تلك المفاهيم وتلك المعاني العظيمةَ المثبِّتةَ ِ‬
‫للقدم على‬ ‫المدرسة النُّورانِيَّةِ‬
‫ِ‬ ‫الداخل إلى هذه‬ ‫ِ‬
‫المْؤ م ُن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪          ‬أيها ُ‬
‫ِ‬
‫الصراط المستقيم‪.‬‬ ‫بعظمة الذي‬ ‫ِ‬ ‫ف وتَ َذ َّكر؛ إنها تُ َذ ِّك ُر َك‬ ‫ص َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الربَانيَّة الرحمانية‪ ..‬تَ َ‬
‫ِ‬
‫أشرف الزاد‪،‬‬ ‫ممن استفاد‪ ،‬و ِزدتَه ِمن‬ ‫‪          ‬اللهم اجعلنا َّ‬ ‫ك وفق ِر َك مهما كنت‬ ‫َّر لك‪ ،‬وتُ َذ ِّك ُر َك بحاجتِ َ‬ ‫خلَق وما سخ َ‬
‫مراتب الوع ِي عنك في وحيِك الذي أوحيتَه إلى‬ ‫ِ‬ ‫ورفعتَه إلى‬ ‫محتاج‬ ‫ك أو بما عندك‪ .‬أنت‬ ‫لمك أو بمل ِ‬
‫ْك َ‬ ‫م ْعتَدَّا َبعقلِك أو ِبع ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وسره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصوم ِ‬ ‫خي ِر العباد‪ .‬اللهم وفِّر حظَّنا ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقيام ِّ‬ ‫وس ِّره‪،‬‬ ‫الطعام‬ ‫تعيش على ظهر األرض من دون هذا‬ ‫تستطيع أن َ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫قيامنا إيماناً واحتساباً‪،‬‬ ‫صومنا إيماناً واحتسابا‪ ،‬واجعل َ‬ ‫واجعل َ‬ ‫ب‬‫سبِّ ِ‬
‫وم َ‬ ‫رب األرباب ُ‬ ‫زق الجاري لك ِمن ِّ‬ ‫الر ِ‬ ‫والشراب‪ ،‬وهذا ِّ‬
‫وابتغاء مرضاتِك برحمتِك يا أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِمن أجلِك‬ ‫ضعفك‪ ،‬وبعجزك‪،‬‬ ‫األسباب جل جالله ؛‪ُ  ‬م َذ ِّك َرةٌ لك ب َ‬
‫(وِإذَا قُ ِرَئ الْ ُق ْرآ ُن‬ ‫ب ِ‬ ‫الكب ِر ِ‬
‫ومن العُ ُج ِ‬ ‫لك مَن ِّقيةً ِمن ِ‬
‫الحق المبين‪َ :‬‬ ‫‪         ‬واهلل يقول وقولُه ُّ‬ ‫ومن‬ ‫وبحاجتك؛ ُم ْخ ِر َجةً َ ُ َ‬
‫صتُوا ل ََعلَّ ُك ْم ُت ْر َح ُمو َن) وقال تبارك وتعالى‪:‬‬ ‫استَ ِمعوا لَهُ وَأنْ ِ‬
‫َ‬ ‫فَ ْ ُ‬ ‫ووجهه‬
‫ُ‬ ‫الصوم على وج ِه ِه الصحيح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قام‬
‫الغرور‪ .‬فإذا َ‬
‫الر ِج ِيم)‬
‫ان َّ‬ ‫استَ ِع ْذ بِاللَّ ِه ِم َن َّ‬
‫الش ْيطَ ِ‬
‫ت الْ ُق ْرآ َن فَ ْ‬ ‫(فَِإ َذا َق َرْأ َ‬ ‫ِ‬
‫واالحتساب لوجهه؛ لذا‬ ‫وجه الخالِ ِق المبدىء‬ ‫الصحيح إرادةُ ِ‬
‫ُ‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‬ ‫الصيام بمعنيَي‬ ‫ط‬‫القيام ويرب ُ‬
‫َ‬ ‫ط َ‬ ‫وجدت المصطفى يرب ُ‬
‫ضا َْأو َعلَ ٰى‬ ‫ص ْمهُ ۖ َو َمن َكا َن َم ِري ً‬ ‫(‪ ..‬فَ َمن َش ِه َد ِمن ُك ُم َّ‬
‫الش ْه َر َفلْيَ ُ‬ ‫صام‬
‫صام رمضا َن إيماناً واحتساباً } أي َ‬ ‫واالحتساب { َمن َ‬
‫َس َف ٍر فَ ِع َّدةٌ ِّم ْن َأيَّ ٍام َ‬
‫ُأخ َر ۗ يُ ِري ُد اللَّهُ بِ ُك ُم الْيُ ْس َر َواَل يُ ِري ُد بِ ُك ُم‬ ‫عب َر ُّ‬
‫الحق‬ ‫قوي‪َّ ،‬‬
‫صحيح ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫صوماً صحيحاً قائماً على ٍ‬
‫أساس متي ٍن‬
‫ْملُوا ال ِْع َّد َة َولِتُ َكِّب ُروا اللَّهَ َعلَ ٰى َما َه َدا ُك ْم َول ََعلَّ ُك ْم‬‫الْعُسر ولِتُك ِ‬
‫َْ َ‬ ‫تعالى عن ذلك في الحديث في الحديث القدسي بقوله‪:‬‬
‫ِ‬ ‫تَ ْش ُكرو َن * وِإذَا سَأل َ ِ ِ‬ ‫طعامه وشرابَه وشهوتَه ِمن أجلِي } وفي رواية‪:‬‬
‫يب َد ْع َوةَ‬ ‫يب ۖ ُأج ُ‬ ‫َك عبَادي َعنِّي فَِإ نِّي قَ ِر ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫{ يدعُ َ‬
‫ان ۖ َفلْيَ ْستَ ِجيبُوا لِي َول ُْيْؤ ِمنُوا بِي ل ََعلَّ ُه ْم َي ْر ُش ُدو َن)‬ ‫َّاع ِإذَا َد َع ِ‬ ‫الد ِ‬ ‫أسس الصوم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ابتغاء َمرضاتي } هذه ُ‬ ‫{ َ‬
‫ِ‬ ‫كس ِ‬ ‫ِ‬
‫ونفعنا بما فيه‬ ‫بار َك اهلل لي ولكم في القرآن العظيم‪َ ،‬‬ ‫‪َ          ‬‬ ‫تعمل‬
‫ب األعلى‪ ،‬إنك ُ‬ ‫الم َ‬ ‫كسب َ‬ ‫‪         ‬إنَّك ُ‬
‫تعمل على‬
‫الصراط المستقيم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والذك ِر الحكيم‪ ،‬وثبَّتَنا على‬ ‫اآليات ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬ ‫أعظم ما تُ َح ِّق ُقهُ‪ A‬على اإلطالق‪ ،‬إنك ُ‬
‫تعمل على‬ ‫كسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫وأجارنا ِمن ِخزيِه وعذابِه األليم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رضوان إل ِهك الخاَّل ق‪ ،‬الذي رضوانُه أعلى ِمن نعيم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيازة‬
‫العظيم لي ولكم‬
‫َ‬ ‫وأستغفر اهللَ‬
‫ُ‬ ‫أقول قولي هذا‪،‬‬
‫‪ُ        ‬‬ ‫ض َوا ٌن ِّم َن اللَّ ِه َأ ْكَب ُر)‬
‫(و ِر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجنَان الدائمة الباقية أب َد اآلباد َ‬
‫ِ ِ‬
‫فور‬
‫فاستغفروه إنه هو الغَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ولوالدينا ولجمي ِع المسلمين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّات تَ ْج ِري ِمن تَ ْحتِ َها‬ ‫ات جن ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َوال ُْمْؤ منَ َ‬
‫ِِ‬
‫(و َع َد اللَّهُ ال ُْمْؤ من َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ساك َن طَيِّبَةً في َجنَّات َع ْدن ۚ َو ِر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحيم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ض َوا ٌن‬ ‫ين ف َيها َو َم َ‬‫ار َخالد َ‬ ‫اَأْلْن َه ُ‬
‫‪ ‬الخطبة الثانية‪:‬‬ ‫يم)‬ ‫ِ‬ ‫ِّم َن اللَّ ِه َأ ْكَب ُر ۚ ٰذَلِ َ‬
‫ك ُه َو الْ َف ْو ُز ال َْعظ ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان ليَرتقي‪،‬‬ ‫‪           ‬الحم ُد هلل جعل المواسم في ِ‬
‫حياة‬ ‫‪            ‬أيها الداخل في هذه المدرسة‪َ :‬ق ِّوم األساس‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫عتلي ويتَّقي‪ ،‬وأشه ُد أن ال إلهَ إال‬ ‫ِ‬
‫أبواب االهتداء ليَ َ‬‫َ‬ ‫وفتح له‬
‫َ‬ ‫يبق إال الثلثان‪ ..‬فإلى‬ ‫ثلث الشهر مضى عليك‪ ،‬ولم َ‬ ‫وانظر‪ُ ..‬‬
‫ِ‬
‫شريك له‪ ،‬شهاد ًة يُ ْح َر ُم َها ُك ُّل َمن َشقي‪ ،‬شهاد ًة‬ ‫َ‬ ‫اهلل وح َده ال‬ ‫ت مع َمن ُخ ِدع؟ أقبَ َل َّأو َل االيام‬
‫وصلت؟ هل ُخ ِد ْع َ‬
‫َ‬ ‫أي ٍ‬
‫درجة‬
‫مراتب الوع ِي عن‬ ‫ِ‬ ‫القلب إيماناً ويقيناً‪ ،‬ويترقَّى في‬ ‫يمتلىءُ بها‬ ‫الوقوف بين يدي ربِّه في صالة‬ ‫ِ‬ ‫س بالتكاسل عن‬‫يح ُّ‬
‫ُ‬ ‫ثم بدأ ُ‬
‫اهلل وال َف ْه ِم فيما أوحاهُ إلى نبيِّه ُق ْرآناً و ُف ْرقَاناً ونوراً ُمبينا‪.‬‬ ‫القيام في رمضان‪ ،‬صالة التراويح في الجماعة‪ ،‬والوتر في‬
‫ونور قلوبِنا محمداً عب ُده‬ ‫وأشهد أن سي َدنا ونبيَّنا وقر َة أعيننا َ‬ ‫جماعة‪  ‬وهي خصوصية رمضان؛ الفرائض الخمسة جماعتُها‬
‫حج ِة البيضاء ليلُها كنها ِرها‪ ،‬ال يزي ُغ‬ ‫الم َّ‬
‫ورسولُه‪ ،‬تر َكنا على َ‬ ‫والوتر فجماعتُها مسنونةٌ في شهر‬
‫ُ‬ ‫التراويح‬
‫ُ‬ ‫طول العام‪ ،‬أما‬
‫كبهيمة ِمن البهائم‪ ،‬ولكن َ‬
‫فوق البهيمية َش ْيطَنَةٌ تجعلُه عبداً‬ ‫ٍ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫بالقائد الذي‬ ‫ٍ‬
‫وقلوب استبدلَت‬ ‫عنها إال هالك‪ .‬فويل لعُ ٍ‬
‫قول‬ ‫ٌ‬
‫إدراك ِ‬
‫مهمة‬ ‫يكسب به َ‬ ‫والعقل الذي‬ ‫الفكر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫للشهوات‪ ،‬عامالً َ‬ ‫والقدوة الذي اصطفاه اهلل قدوات وقادات ممن‬ ‫ارتضاه اهلل‬
‫فيتحول هذا‬
‫ُ‬ ‫اإلله الذي خلق؛‬‫عظمة ِ‬
‫ِ‬ ‫وإدراك‬
‫َ‬ ‫الحياة الكبرى‪،‬‬ ‫خالق له في‬ ‫ضل وممن َز َّل وممن غ َفل وممن ج ِهل َّ‬
‫وممن ال َ‬ ‫َّ‬
‫كسب المحرمات والشهوات التي إذا‬ ‫ِ‬ ‫والفكر إلى‬
‫ُ‬ ‫العقل‬ ‫اآلخرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫فصار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكرم على ِ‬ ‫صل وسلِّم وبارك ِّ‬
‫انسلخ عن حقيقة كرامته وإنسانيته؛ َ‬ ‫َ‬ ‫انطلق فيها اإلنسا ُن‬ ‫عبدك الهادي إليك‬ ‫اللهم ِّ‬
‫ِ‬
‫األنعام‪ ،‬والعياذ باهلل تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫أضل ِمن‬ ‫ِ‬
‫كاألنعام بل ُّ‬ ‫الدال سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المرشد ِّ‬ ‫الداعي‬
‫ِ‬
‫أوقات هذا الشه ِر‬ ‫‪           ‬أيها المؤمنون باهلل‪ :‬ما أغلى‬ ‫حضرة اقترابِه ِمن أحبابِه‪ ،‬وعلى آبائه وإخوانِه ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬
‫وأيامه التي توالَت حتى استقبلتُم الليلةَ العاشرةَ ِمن‬ ‫ولياليه ِ‬ ‫األنبياء والمرسلين‪ ،‬وآلهم وصحبِهم أجمعين‪ ،‬ومالئكتِك‬
‫مرورها ِمن بيننا لو‬
‫أسرع َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الكريم المبارك‪ ،‬ما‬ ‫ليالي الشه ِر‬ ‫المقربين وجمي ِع ِ‬
‫عبادك الصالحين‪ ،‬وعلينا معهم وفيهم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإليمان أن‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫ومن ِ‬
‫فقد‬ ‫القلوب ِ‬
‫ِ‬ ‫إن ِمن ِ‬
‫مرض‬ ‫ع َقلنا! أال َّ‬ ‫برحمتِك يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫انقضاء رمضان‪ ،‬التي‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سرعة‬ ‫يميل الخاطر إلى ِ‬
‫زوال رمضان أو‬ ‫ونفسي بتقوى اهلل‬ ‫عباد اهلل‪ :‬فإني أوصيكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪         ‬أما بعد‪َ ..‬‬
‫الشريعة أنها ِمن كبائ ِر الذنوب‪ِ ،‬من كبائ ِر المعاصي‬ ‫ِ‬
‫ذكر فقهاءُ‬ ‫َ‬
‫‪         ‬فاتقوا اهللَ فيما آتاكم ِمن ُقوى‪ِ ،‬من ٍ‬
‫عقول وفك ٍر‪،‬‬ ‫َ‬
‫دليل على أن هذا‬ ‫زوال رمضان؛ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ألن ذلك ٌ‬ ‫القلب َ‬
‫ُ‬ ‫أن يتمنَّى‬ ‫ومتَ ٍع‬
‫وقلوب ووجهات ونيات‪ُ ،‬‬ ‫وأعضاء‬
‫َ‬ ‫وأسماع وأبصار‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بخالقه وال لِ َم‬
‫والشهوات؛ لم يد ِر ِ‬ ‫ُّرهات َّ‬ ‫ٍ‬
‫لشيء ِمن الت ٍ‬ ‫ُم ْسَت ْعبَ ٌد‬ ‫ومنام‪ ،‬ولِ ٍ‬
‫باس‬ ‫ظة ٍ‬ ‫وحركة على ظه ِر هذه األرض‪ ،‬وي َق ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وأموال‪،‬‬
‫وع َّزتِه‪.‬‬
‫بحقيقة َشرفِه وكرامتِه ِ‬
‫ِ‬ ‫َخلَ َقه‪ ،‬وال يدري‬ ‫األنفس ومع‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ومعامالت مع‬ ‫وطَ ٍ‬
‫عام و َش ٍ‬
‫راب ونَظ ٍر إلى األشياء‪،‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‬ ‫الصوم على‬ ‫‪       ‬أيها المؤمنون باهلل جل جالله‪:‬‬ ‫ِ‪A‬‬
‫األصحاب ومع‬ ‫ِ‬
‫األصدقاء ومع‬ ‫ِ‬
‫واألوالد‪ ،‬ومع‬ ‫ِ‬
‫األهل‬
‫ُ‬
‫سهُ‪ ،‬ولو‬ ‫مدارك المؤم ِن وذوقَه وشعوره ِ‬
‫وح َّ‬ ‫يرفع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واالحتساب ُ‬ ‫الجيران‪..‬‬
‫تعلم أمتي ما في رمضا َن‬
‫العباد ما في رمضان { لو ُ‬ ‫يعلم ُ‬
‫ُ‬ ‫نفسه‪ ،‬أال وإنَّكم وآباءكم‬ ‫إن أحداً منكم لم يَخلُق َ‬ ‫أال َّ‬
‫لتمنَّت أن تكو َن السنةُ كلُّها رمضان } ما أعجبَهُ ِمن شه ٍر أولُه‬ ‫ٍ‬
‫لواحد‬ ‫شاءٌ وإيجا ٌد‬ ‫ومن على ظه ِر األرض َخ ْل ٌق وِإنْ َ‬ ‫وأمهاتكم َ‬
‫ِ‬
‫رحمة‪ ،‬وأوسطُه مغفرة‪ ،‬وآخره عت ٌق من النار‪.‬‬ ‫صمد جل جالله وتعالى في عاله (َأ َف َر َْأيتُم َّما تُ ْمنُو َن‬ ‫فرد ٍ‬ ‫أحد ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وآثار المغفرة فيمن‬
‫آثار الرحمة فيمن ُرحم‪ُ ،‬‬ ‫‪        ‬وتظهر ُ‬ ‫ت‬ ‫* َأَأنتُ ْم تَ ْخلُ ُقونَهُ َْأم نَ ْح ُن الْ َخال ُقو َن * نَ ْح ُن قَد ْ‬
‫َّرنَا َب ْينَ ُك ُم ال َْم ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غُ ِفر له‪ ،‬وآثار ِ‬
‫الع ِ‬ ‫نشَئ ُك ْم فِي َما‬ ‫ِّل َأمثَالَ ُكم ونُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقلية‬ ‫اإلنسان‬ ‫تق من النار في قُوى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ين * َعلَ ٰى َأن ُّنبَد َ ْ ْ َ‬ ‫َو َما نَ ْح ُن ب َم ْسبُوق َ‬
‫لجمي ِع أعضائه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفكرية‪ ،‬وفي قواهُ الجسدية والعضويَّة َ‬ ‫اَل َت ْعلَ ُمو َن)‬
‫اللسان الذي قال عنه رسول اهلل‪َ { :‬من لم‬ ‫ِ‬ ‫وخصوصاً لهذا‬ ‫األنفس‬ ‫إلله َح ٍّق واحد‪ :‬كيف تستعب ُدكم‬ ‫‪       ‬يا مخلوقين ٍ‬
‫ُ‬
‫طعامه‪A‬‬ ‫ِ‬
‫يدع َ‬ ‫والعمل به فليس هلل حاجةٌ في أن َ‬ ‫َ‬ ‫قول الزور‬
‫يدع َ‬ ‫أفكار الفجار؟‬ ‫المالحدة؟‪ُ  ‬‬ ‫أفكار َ‬‫واألهواء؟ كيف تستعب ُدكم ُ‬
‫ب‬ ‫صوم ِ‬‫وشرابه‪  ،‬فإذا كان يوم ِ‬ ‫شرونَه وما يُ ِذيعونَه‪ ،‬وما يبثُّونه كيف‬
‫ث وال يص َخ ْ‬ ‫أحدكم فال يرفُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫أفكار الكفار؟ وما ين ُ‬ ‫ُ‬
‫يفسق‪ ،‬فإن امرىءٌ قاتلَه أو شاتَمه فلي ُقل إني صائم }‪.‬‬ ‫وال ُ‬ ‫األمر إليهم‬‫تُستَعب ُدون لها؟ لم يخل ُقوكم ولم يرزقُوكم‪ ،‬وليس ُ‬
‫تمر عليك هذه األيام‬ ‫كنت ُّ‬
‫‪           ‬أيها المؤمن باهلل‪ :‬إن َ‬ ‫وال مرجعُكم إليهم‪.‬‬
‫إصرار على‬
‫ٌ‬ ‫وعندك‬
‫َ‬ ‫تصوم وتأخ ُذ نصيبَك ِمن ِ‬
‫القيام‬ ‫ُ‬ ‫وأنت‬ ‫ريك عظمةَ اإلنسانية لِ َمن كان إنساناً‬ ‫إن مدرسةَ رمضان تُ َ‬ ‫‪ ‬أال َّ‬
‫أحد ِمن األرحام‪ ،‬أو على تكدي ِر‬ ‫قطيعة ٍ‬
‫ِ‬ ‫النظ ِر الحرام‪ ،‬أو على‬ ‫شرف‬
‫يدرك َ‬ ‫لمن كان ُ‬ ‫لمن كان عبداً للرحمن ِرقًّا‪َ ،‬‬ ‫ح ّقاً؛ َ‬
‫شحناء في‬
‫َ‬ ‫ألحد الوالدين‪ ،‬أو على‬‫أب أو ٍّأم‪ ،‬عقوقاً ِ‬
‫قلب ٍ‬
‫ِ‬ ‫الحق تعالى في‬
‫بالخضوع إلى ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبودية لغي ِر اهلل‪،‬‬ ‫ص ِمن‬
‫التخلُّ ِ‬
‫تعرف الصوم ولم ِ‬
‫تعرف‬ ‫قلبِك لمسلم ‪ ..‬فاعلم أنك لم ِ‬ ‫قو ُم قوى ِ‬
‫العقل والفكر‪ ،‬فال يرضى التبعيةَ‬ ‫عاله؛ وبذلك َتتَ َّ‬
‫َ‬
‫تصم إيماناً واحتساباً‪ ،‬ولم ت ُقم إيماناً واحتساباً؛‬
‫القيام‪ ،‬ولم ُ‬ ‫موم التشكيك‪،‬‬‫ألهل المك ِر والغَدر‪ .‬وهم الذين يبثُّون ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫العبادة وال‬ ‫شكل وصورة ومظه ٍر‪ ،‬لم تد ِر َ‬
‫بجوه ِر‬ ‫إنك في ٍ‬ ‫للقبائح والشهوات؛ حتى َّ‬
‫كأن اإلنسا َن‬ ‫ِ‬ ‫سموم التزيي ِن‬
‫َ‬ ‫ويبثُّون‬
‫بالليل ِّ‬
‫فشفعني فيه‪.‬‬ ‫النوم ِ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشريعة وال جوه ِر الوحي َّ‬ ‫ِ‬ ‫جوه ِر‬
‫فشفعني فيه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منعتُه َ‬ ‫ام‬
‫الصيَ ُ‬
‫ب َعلَْي ُك ُم ِّ‬
‫المنزل ( ُكت َ‬
‫النوم ِمن أجل القرآن‪.‬‬
‫في الذين تر ُكوا َ‬ ‫ين ِمن َق ْبلِ ُك ْم ل ََعلَّ ُك ْم َتَّت ُقو َن)‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َعلَى الذ َ‬
‫ِ‬
‫َك َما ُكت َ‬
‫يبحث على ِ‬ ‫أساسها وتُ ِ‬ ‫ضيع التقوى ِمن ِ‬
‫تمر بسرعة‪ ..‬ولو‬‫صالة التراويح التي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬فقل للذي‬ ‫تصر‬
‫ص ُّر على النظر الحرام أو ُّ‬ ‫‪َ ‬أتُ َ ّ ُ‬
‫أحب إلى قلبِه‪ ،‬وال‬
‫يجعلها ثمان أو أربع أو ركعتين كان َّ‬ ‫ِ‬
‫قدر َ‬ ‫صمت !‬‫ُ‬ ‫قطيعة األرحام أو على عقوق الوالدين ثم تقول‬ ‫على‬
‫خارج‬
‫َ‬ ‫يحمل القرآ َن‬
‫ُ‬ ‫يسمع القرآ َن في الصالة‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫يحب أن‬
‫ُّ‬ ‫ت؟ وما هي المعاملةُ في‬ ‫صمت ولِ َمن قُ ْم َ‬
‫َ‬ ‫مت ! لِ َمن‬
‫ثم تقول قُ ُ‬
‫دخل مدرسةُ‬ ‫السر وأخفى ِ‬ ‫رضوان ِ‬ ‫ِ‬
‫عامل رمضان‪ ،‬وال هكذا تُ ُ‬ ‫الصالة‪ :‬ما هكذا يُ َ‬ ‫ملك‬ ‫عالم ِّ‬ ‫ابتغاء‬
‫الصيام؟ َأما تدري أنها َ‬
‫بالرب والمصي ِر‪ ،‬والمصطفى البشي ِر‬
‫ِّ‬ ‫مؤمن‬
‫رمضان! أأنت ٌ‬ ‫تنتهي عما‬
‫نت عالقتَك به جل جالله حتى َ‬ ‫حس َ‬‫الملوك؟ هل َّ‬
‫النذير‪ ،‬أنت ِمن أمتِه يأتيك رمضان وأنت ممدو ٌد ِمن ِّ‬
‫الحق‬ ‫نهاك عنه ؟!‬
‫ِ‬ ‫‪         ‬أيها المؤمن باهلل‪َّ :‬‬
‫تقوم بهذا الوض ِع مع‬‫بسم ٍع وبص ٍر وقوة ثم تتعامل هكذا!؟ ثم ُ‬ ‫الصوم‬ ‫بصورة‬‫إن الذين يقومو َن ُ‬
‫ِ‬
‫الصيام وال‬ ‫تدرك نعمةَ‬
‫خلق وهذا الذي رزق !؟‪  ‬أما ُ‬ ‫هذا الذي َ‬ ‫وأساس ربما كانوا في‬ ‫ٍ‬ ‫حقيقة ٍ‬
‫وذوق‬ ‫ٍ‬ ‫وصورة ِ‬
‫القيام على غير‬
‫الخروج ِمن تبعيَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫نعمةَ التكليف بالشريعة ؟! وال نعمةَ‬ ‫األوقات‬
‫َ‬ ‫كين في المناظر السيئة أو ُم َقضِّين‬ ‫ِ‬
‫آخ ِر الشهر ُمنهم َ‬
‫الساقطين والهابطين ؟!‬ ‫ِ‬
‫المصنوعة‬ ‫البرامج‬
‫ِ‬ ‫التفر ِج على‬ ‫ِ‬
‫األسواق أو ُّ‬ ‫ِ‬
‫األلعاب أو‬ ‫في‬
‫شهر المواساة لُِي َق ِّوم‬ ‫على أيدي الفس َق ِ‪A‬ة وأيدي البع ِ‬
‫‪          ‬أيها المؤمن باهلل‪ :‬يأتي رمضا ُن ُ‬ ‫داء عن اهلل تعالى؛ إنهم لم‬ ‫َُ‬
‫بعضهم‬ ‫ليعود الناس على ِ‬ ‫ِ‬ ‫يُد ِر ُكوا حقيقةَ الصوم‪ ،‬إنهم لم يدر ُكوا حقيقةُ القيام‪ .‬إنه‬
‫ال ُقوى في ال ُقدرات المادية والمالية َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫مثل أج ِره من غي ِر أن َ‬
‫ينقص‬ ‫البعض { من فطر صائماً كان له ُ‬ ‫توظيف قواك التي آتاك‬ ‫تطهير‪ ،‬إنه تنوير‪ ،‬إنه رفعةٌ لك في‬
‫ِمن أج ِر الصائم شيء‪ ،‬وكان مغفرةً لذنبِه وعتقاً لرقبتِه ِمن‬ ‫القوي المتين جل جالله ؛ قواك العقليةُ والفكرية‪ ،‬قُواك‬ ‫ُّ‬
‫مال حالل صلَّت عليه المالئكةُ‬ ‫النار}‪َ { ،‬من فطَّر صائماً ِمن ٍ‬ ‫السمعية والبصرية‪ ،‬قُواك العضويةُ والبدنية‪ ،‬قُواك في‬
‫َ‬
‫جبريل ليلة القدر}‬ ‫ليالي رمضان‪ ،‬وصلى عليه‬ ‫ِ‬
‫بنورانية‬ ‫سّي ُرها‬ ‫مملوكاتِك المالية كيف َّ‬
‫ُ‬ ‫ف فيها وتُ َ‬ ‫تتصر ُ‬
‫‪          ‬أيها المؤمن باهلل جل جالله‪ :‬وجاءت زكاةُ الفطر‬ ‫الوجود ِمن حولك وإليه مرجعُك‬ ‫َ‬ ‫الخالق الذي خلقك وخلق‬
‫بالمال واألمالك‪ ،‬لِتُ ُ‬
‫نفق‬ ‫ِ‬ ‫يتعلق‬
‫ْم َل استقامتَك في التربية لما ُ‬ ‫لِتُك ِ‬ ‫صك ِمن أس ِر‬ ‫حر ُرك‪ ،‬إنها مدرسةٌ تُ َخلِّ ُ‬ ‫ومصيرك‪ .‬إنها مدرسةٌ تُ ِّ‬
‫ُ‬
‫مجتمعك‪ A،‬وتُ ِ‬
‫عطيهم‬ ‫ِ‬ ‫ومن ِ‬
‫أهل‬ ‫بلدك ِ‬ ‫الحاجة ِمن أهل ِ‬
‫ِ‬ ‫على ذوي‬ ‫اإلنس والجن؛ حتى تكو َن مع‬ ‫ِ‬ ‫النفس والهوى وشياطي ِن‬‫ِ‬
‫فرض اهلل تعالى عليك طُ ْه َر ًة للصائم من اللغو والرفث‬
‫ما َ‬ ‫ضيّاً عند اإلله‪ ،‬بل َمن‬ ‫ك هلل ال تختار قدو ًة إال مر ِ‬ ‫طاعتِ َ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫اختارهم لك اهلل جل جالله (ُأو ٰلَِئ َ َّ ِ‬
‫ومنزلةً له عند الرب جل جالله ‪.‬‬ ‫ين َه َدى اللَّهُ ۖ فَبِ ُه َد ُ‬
‫اه ُم‬ ‫ك الذ َ‬ ‫َ‬
‫الصوم معل ٌق بين السماء واألرض ال يُرفع ‪ -‬أي ال‬ ‫{أال َّ‬
‫إن‬ ‫ين)‪.‬‬ ‫اقْتَ ِد ْه) (يا َُّأيها الَّ ِذين آمنُوا َّات ُقوا اللَّهَ و ُكونُوا مع َّ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الصادق َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫خرج الفطر َة عنك‬ ‫ِ‬ ‫وق عظمةِ‬ ‫الصيام بِ َذ ِ‬
‫ِ‬ ‫‪         ‬أيها المؤمنون باهلل‪ِّ :‬‬
‫يقبل‪ -‬عند اهلل إال بزكاة الفطر} حتى تُ َ‬ ‫سر‬
‫حق ُقوا َّ‬
‫أهل بيتك‪َ ،‬من لم يكن منهم قد َبلَ َغ فإليك‬ ‫وعن أهلِك وعن ِ‬ ‫محتسبين‪ ،‬ومعنى‬ ‫َ‬ ‫مؤمنين‬
‫َ‬ ‫وجهه تعالى في عاله‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلله‪ ،‬وقَ ِ‬
‫صد‬
‫نيةُ الزكاة عنه‪ ،‬ومن كان قد َبلَ َغ ِمن أوالدك الذكو ِر ف ُخ ِذ‬ ‫ونيل ثوابِه الفخيم‪،‬‬ ‫وجهه الكريم ُ‬ ‫غرض لكم إال ُ‬ ‫َ‬ ‫محتسبين‪ :‬ال‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يضاعف له‪ ،‬الحسنةُ‪ A‬بعش ِر‬
‫خرجه فيما‬‫الوكالةَ منه أو أعطه الطعام لينويَه عن نفسه ويُ َ‬ ‫ُ‬ ‫عمل اب ِن َ‬
‫آدم‬ ‫كل ِ‬ ‫وهو القائل { ُّ‬
‫ورسم في قرآنه الكريم‪.‬‬‫َ‬ ‫الرب‬
‫شرع لنا ُّ‬‫َ‬ ‫الصوم فهو لي ‪ }..‬هل عرفت‬ ‫ُ‬ ‫أمثالِها إلى سب ِع مائة ضعف إال‬
‫مثل هذه األيام في العام‬‫‪            ‬أيها المؤمنون باهلل‪ :‬في ِ‬ ‫فهو لي ‪ ..‬هذا سر الصوم‪ ،‬هذه حقيقة الصوم‪ {  ‬فهو لي وأنا‬
‫الهجرة المباركة؛ العام الذي فُ ِرض فيه الصيام خرج‬ ‫ِ‬ ‫الثاني ِمن‬ ‫أجزي به}‪.‬‬
‫بلده ومسكنِه وبيتِه‪ ،‬ولماذا تخرج‬ ‫نبيُّكم المصطفى محم ٌد ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫لإلنسان في اآلخرة‪ :‬الصيام‬ ‫يشفع‬ ‫ومن ِ‬‫‪ِ           ‬‬
‫أعظم ما ُ‬
‫الرمضاء خرج فكانت غزوة بدر‪،‬‬ ‫حر شديد؟ ‪ ..‬في َّ‬‫في وقت ٍّ‬ ‫والشراب بالنهار‪،‬‬
‫َ‬ ‫الطعام‬
‫َ‬ ‫يقول الصيام‪ :‬منعتهُ‬
‫والقرآن‪ُ ،‬‬
‫حضرها الثالث مائة والثالثة عشر ِمن الصحابة الكرام عليهم‬
‫صل وسلِّم على ِ‬
‫عبدك المجتبى المختا ِر‬ ‫‪            ‬اللهم ِّ‬ ‫خير ِ‬
‫أهل األرض‪ .‬خرج صلى اهلل عليه‬ ‫رضوان اهلل‪ .‬وكانوا َ‬
‫الخليفة ِمن‬
‫ِ‬ ‫محمد نو ِر األنوا ِر ِ‬
‫وس ِّر األسرار‪  ،‬وعلى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سيدنا‬ ‫بعير واح ٌد يتعاقبون عليه؛ فكان صلى اهلل‬
‫وسلم ومع كل ثالثة ٌ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل في‬ ‫بعده المختار‪ ،‬وصاحبِه ِ‬
‫وأنيسه في الغار‪ُ ،‬مؤا ِز ِر‬ ‫علي ب ِن أبي طالب وأبي مرثِد الغَنوي على بعي ٍر‬
‫عليه وسلم مع ِّ‬
‫رسول اهلل ِ‬
‫سيدنا أبي بك ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خليفة‬ ‫الس ِ‪A‬‬
‫عة والضيق؛‬ ‫حالَ ِي َّ‬ ‫واحد‪ ،‬إذا جاءت نوبتُه ركب ثم يخرج‪ ،‬فيقوالن‪ :‬اركب يا‬
‫الصديق‪.‬‬ ‫رسول اهلل ونحن ِ‬
‫نكفيك‪ .‬ويقول‪ :‬لستُما بأقوى مني على‬ ‫َ‬
‫اف عن َد ِ‬
‫آيات‬ ‫حليف المحراب‪ ،‬الوقَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫وعلى الن ِ‬
‫َّاط ِق بالصواب‪،‬‬ ‫المشيِ‪ ،‬ولست بأغنى منكما ع ِن األجر‪ .‬صلى اهلل عليه وعلى‬
‫َ‬
‫سيدنا عمر بن الخطاب‪.‬‬‫الكتاب؛ أمي ِر المؤمنين ِ‬ ‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وعلى محيِي الليالي بِ ِ‬
‫تالوة القرآن‪َ ،‬من استحيَت منه مالئكةُ‬ ‫مثل هذه األيام وهو‬
‫ُ‬ ‫‪          ‬أيها المؤمنون باهلل‪ :‬جاءت ُ‬
‫السر واإلعالن؛ أمير المؤمنين ذي‬ ‫الرحمن‪ ،‬الن ِ‬
‫َّاص ِح هلل في ِّ‬ ‫وبلده‪ ،‬وخرج بالثالث مائة والبضعةَ‬ ‫متََأهِّب للخروج ِمن بيتِه ِ‬
‫ُ ٌ‬
‫ُّورين سيدنا عثمان بن َّ‬
‫عفان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن َ‬ ‫والسالح‪ ،‬تسع مائة‬ ‫ِ‬ ‫عشر والقى جيشاً باألع َداد واالعتداد‬
‫وباب ِ‬
‫مدينة‬ ‫عمه‪ ،‬ووليِّه ِ‬
‫النبي المصطفى وابن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ص َر ُك ُم اللَّهُ بِبَ ْد ٍر‬
‫وعلى أخي ِّ‬ ‫(ولََق ْد نَ َ‬
‫ونصرهُ اهلل تبارك وتعالى َ‬
‫وخمسين‪َ ،‬‬
‫المشارق والمغارب؛ أمير المؤمنين ِ‬
‫سيدنا‬ ‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫علمه‪ِ ،‬‬
‫إمام ِ‬ ‫وج َّد واجتهد‪.‬‬ ‫ِ َّ‬
‫صابر وكاب َد َ‬
‫َوَأنتُ ْم َأذلةٌ) َ‬
‫علي بن أبي طالب‪.‬‬ ‫والتعب ِمن‬
‫َ‬ ‫‪         ‬أيها المؤمنون‪ :‬إن لم نَ ْستَلِ َّذ َ‬
‫البذل هلل‬
‫أهل الجنة في الجنة‪،‬‬ ‫والح ِسي ِن سيِّ َدي ِ‬
‫شباب ِ‬ ‫س ِن ُ‬ ‫ِ‬
‫الح َ‬
‫وعلى َ‬ ‫فلمن نتعب؟ للنفوس؟ أم لألحزاب أم للحكومات؟‪A‬‬ ‫أجل اهلل َ‬
‫ِ‬
‫الحوراء فاطمةَ‬ ‫السنة‪ ،‬وعلى ِّأمهما‬ ‫وريحانتِي نبيِّك بِ ِّ‬
‫نص ُّ‬ ‫أم للهيئات؟ أم لألفكار الساقطة؟! إنهم ِمن أجلها يتعبون‪،‬‬
‫البتول الزهراء‪ ،‬وعلى خديجةَ الكبرى وعائشةَ الرضى‬ ‫ِ‬ ‫يسهرون‪ ،‬إنهم من أجلها يبذلُون ؛ ثم تكون‬ ‫ِ‬
‫إنهم من أجلها ُ‬
‫بيت‬ ‫ِ‬
‫الحمزة والعباس‪ ،‬وسائ ِر أهل ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمهات المؤمنين‪ ،‬وعلى‬ ‫العاقبةُ عنها ينقطعون وعنهم تنقطع‪.‬‬
‫س واألرجاس‪ ،‬وعلى أهل بد ٍر‬ ‫نبيِّك الذين طهَّرتَهم ِمن َّ‬
‫الدنَ ِ‬ ‫أجل ربك اتعب‪ِ ،‬من أجل ربِّك‬ ‫من أجل ربِّك اُبذل‪ِ ،‬من ِ‬
‫ِ‬
‫الصحب‬ ‫وأهل ِ‬
‫بيعة الرضوان‪ ،‬وعلى سائ ِر‬ ‫وأهل ٍ‬
‫أحد ِ‬ ‫تجد السعادةَ الكبرى فال تنقطع عنه‪ ،‬وال يُعرض عنك‬ ‫تحمل؛ ِ‬ ‫َّ‬
‫يوم الدين‪ ،‬وعلينا معهم‬ ‫بإحسان إلى ِ‬
‫ٍ‬ ‫تبعهم‬
‫ومن َ‬
‫األكرمين‪َ ،‬‬ ‫أكثر مما تتصوره‬ ‫وال يفنى وال يزول‪ ،‬ويؤبِّ ُد لك نعيماً شأنُه َ‬
‫ِ‬ ‫اء بِ َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرحم الراحمين‪.‬‬
‫وفيهم برحمتك يا َ‬ ‫س َّما ُأ ْخف َي ل َُهم ِّمن ُق َّرة َأ ْعيُ ٍن َج َز ً‬
‫العقول (فَاَل َت ْعلَ ُم َن ْف ٌ‬
‫الشرك‬
‫َ‬ ‫وانص ِر المسلمين‪ ،‬اللهم ِأذ َّل‬
‫اإلسالم ُ‬
‫َ‬ ‫أعز‬
‫اللهم َّ‬ ‫َكانُوا َي ْع َملُو َن)‪.‬‬
‫أعداء‬ ‫دمر‬ ‫والمشركين‪ ،‬اللهم ِ‬
‫اعل كلمةَ المؤمنين‪ ،‬اللهم ِّ‬ ‫ِ‬
‫والقيام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الصيام‬ ‫ِ‬
‫مدرسة‬ ‫الدخول في‬
‫َ‬ ‫‪           ‬أال أحسنوا‬
‫َ‬
‫الدين‪.‬‬ ‫أيامه‬
‫عظيم المعاني‪ ،‬واستقبلوا َ‬ ‫ومدرسة رمضان بما فيه ِمن ِ‬
‫ومدرسة ِ‬
‫صيامه‬ ‫ِ‬ ‫‪             ‬اللهم انفعنا والمؤمنين برمضا َن‬ ‫زيادة في ِ‬
‫رغبة‬ ‫زيادة في حس ِن االستقبال‪ٍ ،‬‬ ‫بزيادة في اإلقبال‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واالقتداء بحبيبِك محمد صلى اهلل عليه وسلم في‬ ‫ِ‬
‫وقيامه‪،‬‬ ‫العشر‬ ‫صوا‬‫وخ ُّ‬ ‫تأم ِل ِ‬ ‫الوقوف بين ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كالم اهلل‪ُ ،‬‬ ‫يدي اهلل‪ ،‬وفي ُّ‬
‫ِ‬
‫واكشف الغُ َّمة‪ ،‬اللهم إنه‬ ‫دارك األمة‪،‬‬ ‫ليالِيه ِ‬
‫وأيامه‪ .‬اللهم تَ ِ‬ ‫العلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باالجتهاد األكث ِر‪،‬‬
‫والوجهة إلى ِّ‬ ‫والقلب األطهر‪،‬‬ ‫األواخر‬
‫َ‬
‫أرباب‬
‫ُ‬ ‫والشهوات حتى قاد ِز َم َامهم‬
‫ُ‬ ‫ُسلِّطَت عليهم األهواءُ‬ ‫والسالم على‬
‫َ‬ ‫الكبير البَر‪ ،‬تعالى في عاله‪ .‬وأكثروا الصالةَ‬
‫ضهم ببَعض؛‬ ‫وأغروا بع َ‬
‫ضهم ببعض‪َ ،‬‬ ‫الكف ِر والفجو ِر ففتنُوا بع َ‬ ‫أكثركم عليه‬ ‫يوم القيامة ُ‬ ‫فإن أوالكم به َ‬ ‫قُدوتِكم خي ِر األنام‪َّ ،‬‬
‫بالسب‬
‫ِّ‬ ‫ضهم بعضاً‬ ‫الملَّ ِة يؤذي بع ُ‬ ‫والكثير ِمن ِ‬
‫أهل ِ‬
‫ُ‬ ‫الج ُّل‬
‫فصار ُ‬ ‫ومن صلَّى عليه واحد ًة صلى اهلل ُعليه بها عشراً‪.‬‬ ‫صالة‪َ ،‬‬
‫والش ِتم والقتال والحروب‪ ،‬اللهم ِ‬ ‫بنفسه‪ ،‬وثنَّى بمالئكتِه‪،‬‬ ‫وإن اهلل أمركم بأم ٍر بدأ فيه ِ‬
‫اكشف هذه‬ ‫والغيبة َّ‬ ‫‪َ َ َّ           ‬‬
‫القلوب إليك‬ ‫اللهم‬
‫واجعل َّ‬‫ِ‬ ‫الكروب‪ ،‬وادفع هذه الخطوب‪.‬‬ ‫وآمراً لهم‬ ‫عميما؛ فقال مخبراً ِ‬ ‫وأيَّه بالمؤمنين ِمن ِ‬
‫عباده تَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫واألرواح لنِدائك ُمستجيبة‪ .‬اللهم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬
‫اكشف‬ ‫َ‬ ‫والعقول‬
‫َ‬ ‫ُمنيبة‪،‬‬ ‫صلُّو َن َعلَى النَّب ِّي يَا َُّأي َها الذ َ‬
‫ين‬ ‫تكريماً‪ِ ( :‬إ َّن اللَّهَ َو َمال َكتَهُ يُ َ‬
‫الغمةَ عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكربةَ عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمة نبيِّك‪ ،‬اللهم‬ ‫اكشف َّ‬ ‫أمة نبيك‪ ،‬اللهم‬ ‫صلُّوا َعلَْيه َو َسلِّ ُموا تَ ْسل ً‬
‫يما)‬ ‫آمنُوا َ‬
‫َ‬
‫أمر بثالث‪ ،‬ونهى عن ثالث‪ِ ( :‬إ َّن‬ ‫إن اهللَ َ‬ ‫عباد اهلل‪َّ :‬‬ ‫‪َ         ‬‬ ‫التحريش بينهم بلغ ِمن‬
‫َ‬ ‫اجمع شملَهم بعد الشتات‪ ،‬اللهم َّ‬
‫إن‬
‫ان َوِإيتَ ِاء ِذي الْ ُق ْربَى َو َي ْن َهى َع ْن‬ ‫اهلل يْأمر بِالْع ْد ِل واِإل ْحس ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ َ َ‬ ‫عدوك إبليس بخب ِر نبيَّك‬
‫ذرواته ما بلغ‪ ،‬وهو ما يطمع فيه ُّ‬
‫ش ِاء َوال ُْمن َك ِر َوالَْبغْ ِي يَ ِعظُ ُك ْم ل ََعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن)‬
‫الْ َف ْح َ‬ ‫أمة المصطفى‪،‬‬ ‫المصطفى محمد؛ اللهم فارفع هذا البالء عن ِ‬
‫َ‬
‫‪        ‬فاذكروا اهلل العظيم يذ ُكركم‪ ،‬واشكروه على ِ‬
‫نعمه‬ ‫ِ‬
‫والشفاء‬ ‫ِ‬
‫بالصحة‬ ‫وعجل اللهم‬
‫وأصلح الظاهر والخفاء‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ولذكر اهلل أكبر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ي ِزدْكم‪..‬‬ ‫والعالج في الظاهر والخفاء‪.‬‬
‫ِ‪A‬‬
‫أحوال المسلمين إلى أحس ِن حال‪ ،‬اللهم‬
‫َ‬ ‫حول‬
‫‪         ‬اللهم ِّ‬
‫ٍ‬
‫طمأنينة ومن‬ ‫وما أعطيتَنا في بلدانِنا ِمن خي ٍر ومن أم ٍن ومن‬
‫ِ‬
‫جماعات خي ٍر فبا ِرك لنا وزدنا من فضلك‪،‬‬ ‫مجالس خي ٍر ِ‬
‫ومن‬ ‫ِ‬
‫وادفع الباليا والشرور عنا‪.‬‬
‫وقتل‬ ‫ٍ‬
‫وشدة ٍ‬ ‫‪         ‬اللهم وما نازل األمة من أخواف وكروب‬
‫ٍ‬
‫وآفات وباليا أنت بها أعلم إنا نشكوها‬ ‫ٍ‬
‫وترميل‬ ‫ٍ‬
‫وتيتيم‬ ‫ٍ‬
‫وطرد‬
‫األحوال إلى‬
‫َ‬ ‫حول‬
‫حي يا قيوم َّ‬
‫إليك يا َمن إليه المشتكى‪ ،‬يا ُّ‬
‫كل‬ ‫ٍ‬
‫محمد في َّ‬ ‫أحس ِن األحوال‪ ،‬وادف ِع البالء عن ِ‬
‫أمة حبيبِك‬ ‫َ‬
‫كبير يا متعال‪.‬‬
‫حال يا ُ‬
‫سر ِ‬
‫تالوة‬ ‫سر القيام ِ‬
‫ومن ِّ‬ ‫سر الصيام ِ‬
‫ومن ِّ‬ ‫‪ ‬ووفَّر حظَّنا ِمن ِّ‬
‫القرآن‪ ،‬ومن سر االجتهاد في رمضان‪ .‬اللهم اجعلنا عندك من‬
‫خواص أهل هذا الشهر‪ ،‬وأصلح لنا السر والجهر‪ ،‬وتولنا بما‬
‫َّ‬
‫توليت به الصالحين من عبادك أهل الذكر والشكر وحسن‬
‫العبادة برحمتك يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫‪         ‬واغفر لنا ولوالدينا ومشائخنا في الدين ولمن واالنا‬
‫ولمن سعى بالخي ِر‬ ‫يحضر في هذه المساجد َ‬
‫ُ‬ ‫ولمن كان‬
‫فيك‪َ ،‬‬
‫وارحمنا وارحمهم‪ ،‬واغفر آلبائنا‬ ‫ِ‬
‫إليها‪ .‬اللهم اغفر لنا ولهم َ‬
‫َّم في بلدانِنا ِمن‬
‫ولمن تقد َ‬
‫وأمهاتنا وذوي الحقوق‪ A‬علينا‪َ ،‬‬
‫خفي وفيما‬ ‫ِ‬
‫رجال التقوى والهدى والداللة على الخير فيما َ‬
‫ب َدا‪ .‬اللهم واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين‬
‫والمسلمات‪ ،‬اللهم والطف بنا وبهم فيما تجري بنا المقادير‪،‬‬
‫علي يا‬
‫واسقنا الغيث والرحمة مع اللطف والعافية والبركة يا ُّ‬
‫لطيف يا خبير‪،‬‬
‫عليم يا قدير‪ ،‬يا ُ‬
‫سميع يا بصير‪ ،‬يا ُ‬
‫ُ‬ ‫كبير‪ ،‬يا‬
‫ِ‬
‫والبركة‪ ،‬وال تجعلنا‬ ‫ِ‬
‫والعافية‬ ‫ِ‬
‫اللطف‬ ‫الغيث والرحمةَ مع‬
‫َ‬ ‫اسقنا‬
‫ِمن القانطين‪ ،‬وال تجعلنا من اآليسين‪ ،‬وال تجعلنا من‬
‫المحرومين‪ ،‬والطف بنا واألمة فيما تجري به المقادير‪ ،‬وادفع‬
‫وكل محذور‬
‫عنهم العواصف والقواصف‪ ،‬والباليا والشرور َّ‬
‫في البطون والظهور‪ ،‬يا عزيز يا غفور‪ ،‬يا أرحم الراحمين يا‬
‫اهلل‪.‬‬

You might also like