You are on page 1of 2

‫ص يبَ ٍة‬ ‫وانتهى األمر إىل التخاصم والتقاتل والع داء‪َ ﴿ ،‬و َما أَ َ‬

‫ص ابَ ُك ْم ِم ْن ُم ِ‬ ‫‪‬الخطبة األولى الدين النصيحة‪-9-‬الفتنة‪‬‬


‫ير﴾ (الش ورى ‪ .)30‬ف انظروا‪ ،‬عب اد اهلل‪ ،‬يف‬ ‫ت أَ ْي ِدي ُك ْم َويَ ْعفُو ع َْن َكثِ ٍ‬
‫فَبِ َما َك َسبَ ْ‬ ‫الحمد هلل الف رد الص مد األحد الواح د‪ ،‬وأش هد أن ال إله إال اهلل وح ده ال‬
‫ح ال األمة هل جنت من وراء ذلك إالّ مزي داً من التف ّرق واالختالف‪،‬‬ ‫ش ريك ل ه‪ ،‬وهو املس تعان على ما ن رى ونش اهد‪ ،‬وال ح ول وال ق وة إال باهلل‬
‫بل ك انت فرصة ذهبيّة ألع داء ال دين يف ت أجيج اخلالف‪ ،‬والتس لّل إىل‬ ‫العلي العظيم‪ ،‬وقد عظم البالء وق ّل املس اعد‪ ،‬وحس بنا اهلل ونعم الوكي ل‪ ،‬فيما‬
‫األمة وختريبها من الداخل‪ ،‬بإغراء بعضها ببعض‪ ،‬وتأليب بعضها‬ ‫يظهر يف هذا الزمان من املشاهد‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا حممداً عبده ورسوله‪،‬‬
‫حصون ّ‬
‫وأكرم راكع وساجد‪  ،‬وعلى آله األطهار أويل املكارم واحملامد‪،‬‬ ‫أفضل أسوة‬
‫ول‬‫على بعض‪ ،‬أخرج اإلمام مسلم َع ْن سيدنا أَيِب ُهَر ْي َر َة ‪ ‬قَ َال‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وص حبه األبط ال الس ادة األماج د‪ ،‬والت ابعني ومن تبعهم بإحس ان يف أوضح‬
‫الد ْنيَا َحتَّى يَ أْتِ َي َعلَى الن ِ‬
‫َّاس َي ْو ٌم‬ ‫ب ُّ‬ ‫اللَّه ‪َ :‬والذي َن ْفس ي بيَ ده اَل تَ ْذ َه ُ‬
‫ِ‬
‫الس بل وأصح العقائ د‪ .‬أما بعد فيا عب اد اهلل؛ اتق وا اهلل تكون وا من‬
‫ف يَ ُك و ُن‬ ‫يم قُتِ َل‪ ،‬فَِقي َل َك ْي َ‬ ‫اَل ي ْد ِري الْ َقاتِ ل فِيم َقتَ ل واَل الْم ْقتُ ُ ِ‬
‫ول ف َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫الف ائزين‪ ،‬وتو ّكل وا عليه تكون وا من الغ البني‪ ،‬واعمل وا بش رائع دينكم‬
‫ول في النَّا ِر‪ .‬وأخرج اإلمام البخاري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ج‪ :‬الْ َقات ُل َوال َْم ْقتُ ُ‬ ‫ال ال َْه ْر ُ‬ ‫ك قَ َ‬‫ذَلِ َ‬
‫تكون وا من املنص ورين‪ ،‬فقد ق ال احلق ‪ ‬وهو أص دق الق ائلني‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد‬
‫ص ال َْع َم ُل‬ ‫الز َم ا ُن َو َي ْن ُق ُ‬
‫ب َّ‬‫َع ْن سيدنا أَيِب ُهَر ْيَرةَ ‪َ ‬ع ْن النَّيِب ِّ ‪ ‬قَ َال‪َ :‬يَت َق َار ُ‬ ‫ت َكلِ َمتُنَا لِ ِعبَا ِدنَا ْال ُمرْ َس لِينَ (‪ )171‬إِنَّهُ ْم لَهُ ُم ْال َم ْن ُ‬
‫ص ورُونَ (‪َ )172‬وإِ َّن‬ ‫َسبَقَ ْ‬
‫ول اللَّ ِه أَيُّ َم ُه َو‬‫ج‪ ،‬قَ الُوا يَا َر ُس َ‬ ‫الش ُّح َوتَظ َْه ُر ال ِْفتَ ُن َويَك ُ‬
‫ْث ُر ال َْه ْر ُ‬ ‫َو ُي ْل َقى ُّ‬
‫ُج ْن َدنَا لَهُ ُم ْالغَالِبُونَ (‪( ﴾)173‬الص افات)‪ .‬ثم اعلموا عباد اهلل؛ أ ّن حكمة اهلل‬
‫فمن أعظم الفتن ة‪ ،‬عب اد اهلل‪ ،‬القت ُل بغري وجه ح ق‪،‬‬ ‫ال الْ َق ْت ل الْ َق ْت ل‪ِ .‬‬ ‫قَ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬اقتضت وجود اخلري والشر يف احلياة الدنيا‪ ،‬وظهور الفنت واحملن اختبارا‬
‫وهو اهلرج وهو من أكرب الكب ائر‪ ،‬أخ رج البخ اري ومس لم يف احلديث‬
‫للن اس يف دينهم‪ ،‬وإظه ارا ملا انط وت عليه س رائرهم‪ ،‬ومتحيصا ملا ّادعته‬
‫الس ْب َع‬‫اجتَنِبُ وا َّ‬ ‫املتفق عليه َع ْن س يدنا أَيِب ُهَر ْي َرةَ ‪َ ،‬ع ِن النَّيِب ِّ ‪ ‬قَ َال‪ْ « :‬‬ ‫نفوس هم‪ ،‬وص دق اهلل العظيم إذ يق ول‪َ ﴿ :‬ونَ ْبلُ و ُكم بِ َّ‬
‫الش رِّ َو ْال َخ ْي ِر فِ ْتنَ ةً‬
‫«الش ْر ُك بِاللَّ ِه‪،‬‬ ‫ال‪ِّ :‬‬ ‫ول اللَّ ِه َو َما ُه َّن؟ قَ َ‬ ‫ات»‪ ،‬قَ الُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫الموبَِق ِ‬
‫ُ‬ ‫َوإِلَ ْينَا تُرْ َجعُونَ ﴾ (األنبي اء ‪ .)35‬والفتن‪ ،‬عب اد اهلل‪ ،‬عدي دة ومتنوع ة‪ :‬فمنها‬
‫الن ْف ِ ِ‬
‫الربَا‪َ ،‬وأَ ْك ُل‬ ‫س الَّتي َح َّر َم اللَّهُ إِاَّل بِ َ‬
‫الح ِّق‪َ ،‬وأَ ْك ُل ِّ‬ ‫الس ْح ُر‪َ ،‬و َق ْت ُل َّ‬ ‫َو ِّ‬ ‫فتن ةُ الرجل في أهله وماله‪ ،‬لق ول احلق ‪﴿ :‬إِنَّ َما أَ ْم َوالُ ُك ْم َوأَوْ اَل ُد ُك ْم فِ ْتنَةٌ‬
‫ات الم ْؤِمنَ ِ‬ ‫ف الم ْحص نَ ِ‬ ‫الز ْح ِ‬ ‫َّولِّي َي ْو َم َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات‬ ‫ُ‬ ‫ف‪َ ،‬وقَ ْذ ُ ُ َ‬ ‫َم ال اليَت ِيم‪َ ،‬والت َ‬ ‫َوهَّللا ُ ِعن َدهُ أَجْ ٌر ع َِظي ٌم﴾ (التغ ابن ‪ .)15‬تنبيها لإلنس ان أال ينش غل عن ال دين‬
‫ِ ِ‬
‫وقتل النفس بغري حق انتشر يف اآلونة األخرية واستشرى يف‬ ‫الغَ افالَت»‪ُ .‬‬ ‫باألهل واملال‪ ،‬فقد حكى الق رآن عن األع راب ه ذا احلال‪ ،‬ملا ختلف وا عن‬
‫بالد اإلس الم‪ ،‬بل لقد ط ال بالدنا بش كل م رعب يف ه ذه األي ام‪ ،‬فما‬ ‫ّ‬
‫النيب ‪ ‬يف إح دى الغ زوات‪ ،‬فق ال جل من قائ ل‪َ ﴿ :‬سيَقُو ُل لَ َ‬
‫ك ْال ُم َخلَّفُونَ‬
‫مسعناه وش اهدناه يف حادثة ب اردو يُغين عن ُك ِّل كالم‪ ،‬ولكن نق ول ولو‬ ‫ب َش َغلَ ْتنَا أَ ْم َوالُنَا َوأَ ْهلُونَا فَا ْستَ ْغفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأ َ ْل ِس نَتِ ِهم َّما لَي َ‬
‫ْس‬ ‫ِمنَ اأْل َ ْع َرا ِ‬
‫بإجياز‪ ،‬لعل بالقول يقع اإلفهام‪ ،‬ويزول ما حصل عند الكثري من األوهام‪،‬‬ ‫فِي قُلُوبِ ِه ْم﴾ (الفتح ‪ .)11‬ومن الفتن‪ ،‬عباد اهلل‪ ،‬فتنة الشهوات والشبهات‪:‬‬
‫فقد اختلط الغث بالس مني‪ ،‬واش تبهت األم ور على ض عاف ال دين‪ .‬عب اد‬ ‫فالشهوات قد متيل بالعبد إىل اقرتاف املعاصي واآلثام‪ ،‬والشبُهات قد تبعد‬
‫ُ‬
‫اهلل؛ ما انتقل رس ول اهلل ‪ ‬إىل الرفيق األعلى حىت ّ‬
‫وض ح مع امل ال دين‪،‬‬ ‫بالعبد عن طريق الس الم واإلس الم‪ ،‬وما أك ثر الش هوات والش بهات ه ذه‬
‫وبني أسسه غاية التبيني‪ .‬محى حوزته من املعتدين‪ ،‬وأقام صرحه للطالبني‬ ‫األي ام‪ ،‬ثم الفتن قد تطلق على الشدائد والمحن اليت تصيب‪  ‬اإلنسان‪،‬‬
‫الراغ بني‪ .‬فما من شر وال فتنة خيشى منها على ّأمتِه إال ح ذر منه ا‪ ،‬وبني‬ ‫وكذا على تقلُّب األمور واختالل امليزان‪ ،‬فقد أخرج احلاكم يف املستدرك‬
‫لنا كيفية التعامل معها والوقاية من ض ررها‪ .‬وما من خري وص الح يرجو‬ ‫ول اهلل‬ ‫الذهيب َع ْن سيدنا أَيِب ُهَر ْي َر َة ‪ ‬قَ َال‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ّ‬ ‫ص ِحيح ووافقه‬ ‫بسند َ‬
‫فيه الف وز لنا إال دعانا إليه ورغبنا في ه‪ .‬عب اد اهلل؛ ّ‬
‫كرم اهلل ‪ ‬اإلنس انَ‬ ‫ب فِي ِه َّن‬‫ب‪َ ،‬ويُ َك َّذ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّد ُق في ِه َّن ال َك اذ ُ‬ ‫اع ِة ِسنُو َن َخد َ‬
‫َّاعةٌ‪ ،‬يُ َ‬ ‫الس َ‬‫‪َ « :‬ق ْب َل َّ‬
‫ين‪َ ،‬و ُي ْؤتَ َم ُن فِ َيها ال َخ ائِ ُن‪َ ،‬و َي ْن ِط ُق فِي ِه َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫تكرمياً كب رياً‪ .‬خلقه بي ده‪ ،‬ونفخ فيه من روحه‪ ،‬وأس جد له مالئكته‪،‬‬ ‫الص اد ُق‪َ ،‬ويُخ َّو ُن في ِه َّن األَم ُ‬
‫وسخّر له ما يف الس موات وما يف األرض مجيع اً منه‪ ،‬وأرسل له الرسل‬ ‫اج ْه ِم ْن َح ِديث سيدنا أَيِب ُهَر ْي َرة ‪ ‬أيضا َوفِ ِيه‪:‬‬ ‫ِ اِل‬
‫ضةُ»‪َ .‬ومثْلَه بْ ِن َم َ‬ ‫الر َويْبِ َ‬
‫ُّ‬
‫ليأخذوا بيديه إىل احلق‪ ،‬وأنزل من أجله شريعة حمكمة تضمن له السعادة‬ ‫الر ُجل التَّافِه َيتَ َكلَّم يِف أ َْمر الْ َع َّامة‪ .‬وأخ رج‬ ‫ض ة ؟ قَ َال‪َّ :‬‬ ‫قِي َل َو َما ُّ‬
‫الر َويْبِ َ‬
‫وتس مو ب ه‪،‬‬ ‫يف ال دنيا واآلخ رة‪ .‬تض من له مجيع احلق وق اليت ُتكرم ه َ‬ ‫اهلل ‪ ‬قَ َال‪« :‬بَ ِاد ُروا‬ ‫ول ِ‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫اإلم ام مس لم َع ْن س يدنا أَيِب ُهَر ْي َر َة ‪ ‬أ َّ‬
‫فاإلس الم حافظ على الكلي ات اخلمس الض رورية‪ :‬ال دينُ والنفس والنسل‬ ‫الر ُج ُل ُم ْؤِمنًا َويُ ْم ِس ي‬ ‫ص بِ ُح َّ‬ ‫ِ‬
‫ال فَِتنًا َك ِقطَ ِع اللَّْي ِل ال ُْمظْل ِم‪ ،‬يُ ْ‬ ‫بِاأْل َ ْعم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكافِ ًرا‪ ،‬أ َْو يُ ْمسي ُم ْؤمنًا َويُ ْ‬
‫والعقل واملال‪ ،‬ووضع احلدود والقي ود اليت حتافظ على هذه الضروريات‪،‬‬ ‫ض م َن ُّ‬
‫الد ْنيَا»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع دينَهُ ب َع َر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صب ُح َكاف ًرا‪ ،‬يَب ُ‬
‫واليت يف طليعتها ح ُق احلي اة‪ .‬فليس ألحد البته‪ ،‬أن يس لب ه ذه احلي اةَ إال‬ ‫عب اد اهلل‪ ،‬ومن الفتنة‪ :‬االف تراق واالختالف بين المس لمين‪ ،‬فال خيفى‬
‫خالقَها س بحانه وتع اىل‪ ،‬أو ب أمر منه يف نط اق احلدود اليت ش رعها خللقه‬ ‫األمة يف هذا ال زمن من أبنائه ا‪ ،‬عوامها وعلمائه ا‪ ،‬إال‬
‫على أحد ما تعانيه ّ‬
‫قول‬
‫والرتهيب من إزهاقها ُ‬ ‫ِ‬ ‫جل وعال‪ .‬ومما ورد يف تعظي ِم حرمة النفوس‪،‬‬ ‫العلمي البن اء‪ ،‬إىل‬ ‫حتول احلوار‬
‫ّ‬ ‫ما رحم رب ك‪ ،‬فعلى مس توى العلم اء ّ‬
‫احلق ‪ ‬بعد أن ذكر قصة قتل قابيل ألخيه هابي ل‪ِ ﴿ :‬م ْن أَجْ ِل َذلِ َ‬
‫ك َكتَ ْبنَا‬ ‫معارك كالميّة حامية الوطيس‪ ،‬من الرتاشق بالتهم والسخرية واالستهزاء‪،‬‬
‫ض فَ َكأَنَّ َما‬
‫س أَوْ فَ َسا ٍد فِي اأْل َرْ ِ‬
‫يل أَنَّهُ َم ْن قَتَ َل نَ ْفسًا بِ َغي ِْر نَ ْف ٍ‬
‫َعلَى بَنِي إِ ْس َرائِ َ‬ ‫اإلسالم منها براء‪ ،‬فما دعا إليها فاعليها‪ ،‬وال ارتضاها ملرتكبيها‪.‬‬ ‫و ُكلُّها‬
‫اس َج ِميعًا﴾ (املائ دة‪.)32:‬‬ ‫ُ‬
‫اس َج ِميعًا َو َم ْن أَحْ يَاهَا فَ َكأَنَّ َما أَحْ يَا النَّ َ‬‫قَتَ َل النَّ َ‬
‫يل ال ُّزىَب ‪ ،‬وانتشر بل واستش رى البالء‪،‬‬
‫وعلى مس توى العامة بلغ الس ُ‬
‫كناية على عدم الدخول يف الفتنة‪ .‬فاقبلوا عباد اهلل‪ ،‬وصية رسول اهلل ‪‬‬ ‫وش رعُ من قبلِنا ش رع لنا ما مل ي رد ناس خ‪ ،‬بل لقد ورد يف كت اب اهلل ما‬
‫قصر‪ ،‬واتقوا اهلل‪،‬‬ ‫فقد أنذر وح ّذر‪ ،‬وما ادخر جهدا ‪ ‬يف نصيحتكم وال ّ‬ ‫س الَّتِي‬ ‫يثبت ه ذا احلكم (حترمي القتل ع دوانا)‪ ،‬فقال ‪َ ﴿ :‬والَ تَ ْقتُلُ ْ‬
‫وا النَّ ْف َ‬
‫فيما طَلب منكم وأم ر‪ ،‬وانته وا عما هنى عنه وزج ر‪ ،‬واجتنب وا الف واحش‬ ‫َح َّر َم هّللا ُ إِالَّ بِ ْال َح ِّق﴾ (األنع ام‪ .)14:‬وه ذا احلق ال ذي ُي بيح قتل النفس ُمحدٌّد‬
‫ما خفي منها وظه ر‪ ،‬وعظم وا حرمة النف وس الربيئ ة‪ ،‬فال تتعرض وا هلا‬ ‫واضح ال ُغموض فيه‪ ،‬وليس مرتوكاً للرأي وال متأثراً باهلوى‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫باألذي ة‪ ،‬وال بالقت ل‪ ،‬ف إ ّن القتل أدهى وأم ر‪ .‬واعت ربوا عب اد اهلل فيما يُْتلى‬ ‫عب اد اهلل‪ ،‬ليس مبس لم‪ ،‬من مل يس لم املس لمون من لس انه وي ده‪ ،‬وليس‬
‫على مس امعكم ويُ ذكر‪ ﴿ :‬يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَ ْد َج ا َء ُك ُم الر ُ‬
‫َّس و ُل بِ ْال َح ِّ‬
‫ق ِم ْن‬ ‫وأي ن اس‬
‫مبؤمن من مل يأمنه الن اس على دم ائهم وأم واهلم؛ ُك ُّل الن اس ُّ‬
‫ت َواأْل َرْ ِ‬
‫ض‬ ‫اوا ِ‬ ‫َربِّ ُك ْم فَ آ َ ِمنُوا َخ ْي رًا لَ ُك ْم َوإِ ْن تَ ْكفُ رُوا فَ إ ِ َّن هَّلِل ِ َما فِي َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫كانوا‪ ،‬إالّ أن يكون يف حالة حرب‪ ،‬فلها أحكامها‪ ،‬ولسنا اليوم كذلك‪.‬‬
‫َو َكانَ هَّللا ُ َعلِي ًما َح ِكي ًما﴾ (النس اء‪ . .)170 :‬هذا عباد اهلل‪ ،‬وإ ّن يومكم هذا يوم‬
‫فقد أخ رج ابن حب ان يف ص حيحه (وق ال األرن ؤوط ‪ :‬إس ناده ق وي) عن س يدنا أيب‬
‫فتوجه وا إىل ب اب م والكم‬
‫دارك‪ّ ،‬‬ ‫ائر اخللل يُت َ‬
‫عظيم ُمب ارك‪ ،‬وفيه بفضل اهلل س ُ‬ ‫هريرة ‪ ‬عن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬المسلم من سلم المسلمون من لسانه‬
‫بالتوبة واإلناب ة‪ ،‬عسى أن حَن ظى من ك رمي فض له ب القبُول واإلجاب ة‪ ،‬ارفع وا إليه‬
‫الن اس على دم ائهم وأم والهم‪ .‬أال ف اتقوا اهلل‬
‫وي ده والم ؤمن من ِأمنه ّ‬
‫ف الضراعة‪ ،‬والتمسوا صدق املتوجهني يف هذه الساعة‪ ،‬استفتحوا باحلمد‬ ‫أ ُك ّ‬
‫عب اد اهلل‪ ،‬اتق وا اهلل يف أنفس كم تس عدوا‪ ،‬وأطيع وه فيما أم ركم تفلح وا‪،‬‬
‫هلل والص الة والتس ليم‪ ،‬واعلم وا أنّه ال يُ رد من أتى اهلل بقلب س ليم‪ ،‬اللّهم لك‬
‫واجتنب وا أذية األبري اء تس لموا‪ ،‬وعظم وا حرمة ما عظم اهلل تغنم وا‪﴿ ،‬يَا‬
‫اللهم صل‬
‫صل على سيدنا حممد املصطفى‪ّ ... ،‬‬
‫احلمد حىت ترضى‪ ... ،‬اللّهم ّ‬ ‫أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَ لَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأُ ْنثَى َو َج َع ْلنَ ا ُك ْم ُش عُوبًا َوقَبَائِ َل لِتَ َع ا َرفُوا‬
‫على سيدنا حممد صالة تنجينا هبا من مجيع األهوال واآلفات‪ ،‬وتقضي لنا هبا مجيع‬
‫إِ َّن أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ أَ ْتقَ ا ُك ْم إِ َّن هَّللا َ َعلِي ٌم خَ بِ ي ٌر﴾ (احلج رات‪ّ . .)13 :‬نبهيِن اهلل‬
‫احلاج ات‪ ،‬وتطهرنا هبا من مجيع الس يئات‪ ،‬وحتفظنا هبا من مجيع املكروه ات‪،‬‬
‫وإي اكم من نومة الغافلني‪ ،‬وجعلنا مجيعا من عباده املتّقني‪ ،‬الناصرين لدينه املنصورين‪،‬‬‫ّ‬
‫وترفعنا هبا عندك أعلى الدرجات؛ وتُبلِّغنا هبا أقصى الغايات من مجيع اخلريات‪ ،‬يف‬ ‫وحفظنا مبا حفظ به عب اده الص احلني‪ ،‬وختم لنا واملؤم نني مبا ختم به لعب اده املق ربني‪،‬‬
‫احلياة وبعد املمات؛ اللهم يا من جعلت الصالة على النيب من القربات‪ ،‬نتقرب‬ ‫العلي العظيم‪.‬‬
‫بسر امسه القادر القوي املتني‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل ّ‬
‫إليك بكل ص الة ‪ ،...‬اللهم يا حي يا قي وم‪ ،‬برمحتك نس تغيث‪ ،‬فأص لح لنا‬
‫ش أننا كله وال تكلنا إىل أنفس نا طرفة عني؛ اللهم إنَّا نس تحفظك ونس تودعك‬
‫‪ ‬الخطبة الثانية ‪‬‬
‫الحمد هلل واسع الفضل ق دمي اإلحس ان‪ ،‬وأش هد أن ال إله إال اهلل وح ده‬
‫أدياننا وأب داننا‪ ،‬وأنفس نا وأهلنا وأوالدنا وأموالن ا‪ ،‬و ُك ّل ش يء أعطيتن ا‪ ،‬اللهم اجعلنا‬
‫شر كل‬ ‫كل يوم هو يف شان‪ ،‬وأشهد أن سيدنا حممدا عبده ورسوله‬ ‫ال شريك له َّ‬
‫وإياهم يف كنفك وأمانك‪ ،‬وعياذك من كل شيطان مريد‪ ،‬وجبّار عنيد‪ ،‬ومن ّ‬
‫ذي بغي وذي عني وذي حس د‪ ،‬ومن شر كل ذي ش ر‪ ،‬إنك على كل ش يء ق دير‪،‬‬ ‫املبعوث لعموم الثقلني من إنس وجان‪ ،‬صلى اهلل وسلم وبارك عليه وعلى‬
‫اللهم مجّلنا بالعافية والس المة‪ ،‬وحققنا ب التقوى واالس تقامة‪ ،‬وأع ذنا من موجب ات‬ ‫آله وص حبه ومن تبعهم بإحس ان‪ .‬أما بعد فيا عب اد اهلل‪ :‬جعلين اهلل‬
‫الندام ة‪ ،‬وارزقنا كم ال املتابعة حلض رة املص طفى ‪ ‬ظ اهرا وباطنا يف عافية وس المة‪،‬‬ ‫وإي اكم ممن حيب ويرض ى‪ ،‬ووفقين وإي اكم ملا حيب ويرض ى‪ ،‬ومجعين‬
‫اللهم أعز اإلسالم واملسلمني‪ ،‬واخذل الشرك واملشركني‪ ،‬اللهم انصر دينك‪ ،‬وانصر‬
‫وإي اكم يف ال دنيا واآلخ رة مبن حيب ويرض ى‪ .‬عب اد اهلل‪ :‬روى اإلم ام‬
‫دين ك‪ ،‬يا رب العاملني‪ .‬اللهم اعصم دماءنا ودماء‬
‫دينك‪ ،‬واجعلنا من أنصار ِ‬
‫من نصر َ‬
‫البخاري َع ْن سيدنا عبد اهلل ب ِن ُع َم َر ‪َ ‬ما‪ ،‬أَتَ اهُ َر ُجاَل ِن يِف فِْتنَ ِة ابْ ِن ُّ‬
‫الز َبرْيِ‬
‫املس لمني‪ ،‬وف رج هم املهم ومني‪ ،‬ونفس ك رب املك روبني‪ ،‬واقض ال دين عن املدينني‪،‬‬
‫ك أَ ْن‬ ‫ب النَّيِب ِّ ‪ ‬فَ َما مَيَْنعُ َ‬ ‫َف َق ااَل ‪ :‬إِ َّن النَّاس ص َنعوا وأَنْت ابن عم ر و ِ‬
‫واشف مرض انا ومرضى املس لمني‪ ،‬وارحم موتانا وم وتى املس لمني برمحتك يا أرحم‬ ‫ص اح ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ ْ ُ َُ َ َ َ‬
‫َخي‪َ .‬ف َق ااَل ‪ :‬أَمَلْ َي ُق ْل اللَّهُ‪:‬‬ ‫َن اللَّه ح َّرم دم أ ِ‬
‫الرامحني‪ .‬اللهم أغثنا (‪ )3‬غيثاً ُمغيثاً هنيئاً مريئاً تسقي به البالد والعباد‪ ،‬وجتعله متاع اً‬ ‫خَت ْ ُر َج ؟ َف َق َال ‪ :‬مَيَْنعُيِن أ َّ َ َ َ َ َ‬
‫اح َف ْظ من‬ ‫للحاضر والب اد‪ ،‬اللهم اجعل مجعنا ه ذا مجع اً مرحوم اً‪ ... ،‬اللَّ ُه َّم َربَّنَا ْ‬ ‫َم تَ ُك ْن فِ ْتنَ ةٌ‬ ‫﴿ َوقَ اتِلُوهُ ْم َحتَّى اَل تَ ُك ونَ فِ ْتنَ ةٌ﴾ َف َق َال ‪ :‬قَاَتلْنَا َحتَّى ل ْ‬
‫وأمنّا يف دورنا وأ َْوطَانِنَا يا أرحم ال رامحني‪ِّ ،‬‬
‫وول‬ ‫اهلزات بالدنا وس ائر بالد املس لمني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِّين لِلَّ ِه‪َ ،‬وأَْنتُ ْم تُ ِري ُدو َن أَ ْن ُت َق اتِلُوا َحتَّى تَ ُك و َن فِ ْتنَ ةٌ َويَ ُك و َن‬
‫َو َك ا َن ال د ُ‬
‫ِ‬
‫الع الَمنْي َ ‪ .‬اللَّ ُه َّم‬ ‫خيارنا يا أك رم األك رمني‪ ،‬وال ت ِّ‬
‫ب َ‬ ‫رارنا يَا َر َّ‬
‫أمورنا ش َ‬
‫ول َ‬ ‫أمورنا َ‬‫َ‬ ‫ِّين لِغَْي ِر اللَّ ِه‪ .‬ه ذا عب اد اهلل‪ :‬ح ُ‬
‫ال من ي دعو إىل القت ال يف بالد‬ ‫ال د ُ‬
‫اللهم اختم لنا مبا ختمت لعب ادك املق ربني‪ ...‬ربنا آتنا يف ال دنيا‬ ‫أكرمنا وال هُت ن ا‪ّ ...‬‬
‫وانتهاك ُح رمتهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم اليوم‪ ،‬فاملسلمون ال جيوز قتاهلم وال ترويعهم‬
‫حس نة ويف اآلخ رة حس نة وقنا ع ذاب الن ار‪...‬؛ س بحان ربك رب الع زة عما يص فون‬
‫وسالم على املرسلني واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬ ‫جيب تذكريُهم وتنبيههم واالجتهاد يف نصيحتهم‪.‬‬ ‫ولكن ُ‬
‫‪ 1436‬الموافق لـ‪ 20 :‬مارس ‪2015‬‬
‫سيدي علي بن عبيد‪ 29 :‬جمادى األولى ‪1436‬‬ ‫عب اد اهلل‪ ،‬امسعوا وع وا نص يحة النيب ‪ ‬لكم‪ ،‬وهو يرش دكم ملا حيفظكم‬
‫يف ح ال الفتن ة‪ ،‬وما جيب أن تكون وا عليه عند اختالف الزم ان واش تباه‬
‫ِ‬
‫ت أَبَا‬ ‫األمور‪ ،‬فقد أخرج أبو داود بسند صحيح َع ْن أَيِب َكْب َشةَ‪ ،‬قَ َال‪ :‬مَس ْع ُ‬
‫ول اللَّ ِه ‪ :‬إِ َّن َب ْي َن أَيْ ِدي ُك ْم فَِتنًا َك ِقطَ ِع اللَّْي ِل‬
‫ول‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫وس ى ‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫ُم َ‬
‫اع ُد فِ َيها َخ ْي ٌر ِم َن‬
‫الرجل فِيها م ْؤِمنا ويم ِسي َكافِرا‪ ،‬الْ َق ِ‬
‫ً‬ ‫صبِ ُح َّ ُ ُ َ ُ ً َ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ال ُْمظْل ِم‪ ،‬يُ ْ‬
‫اعي‪،‬‬ ‫الس ِ‬
‫اشي فِ َيها َخ ْي ٌر ِم َن َّ‬ ‫اشي‪ ،‬والْم ِ‬ ‫الْ َقائِ ِم‪ ،‬والْ َقائِم فِيها َخير ِمن الْم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ٌْ َ َ‬
‫س ُبيُ وتِ ُك ْم‪ .‬أي متاعا من أمتعتها‬ ‫َحاَل َ‬ ‫قَ الُوا‪ :‬فَ َما تَأْ ُم ُرنَ ا؟ قَ َال‪ُ :‬كونُ وا أ ْ‬

You might also like