Professional Documents
Culture Documents
بعض االبواب تفتح حين تقف امامها وبعضها يفتحها لك شخص من الداخل ولكنى لم اعرف
بوجود ذلك النوع من االبواب التى ال تتفح حين يتم اغالقها عليك .نظرت اليه متسائال متى
ستفتح لى ايها الباب ولكنه لم يجيب .اقترب منه على استحياء حتى ال اكسر الصمت الذى
اعتادت اذنى عليه واحرك يدي عليه اشعر بملمسه الحديدى وببردوته التى ال تختلف كثيرا عن
قلوب اصحابه .انقر عليه مرارا وال يجيبنى سوى صدى صوتى .استجمع قواى الدق عليه بكل
قوتى وحينها خرج صوت احدهم قائال :فلتصمت واال قتلناك .وحقا خير الكالم ما قل ودل.
فأجابته عرفتنى اين انا........
لم تقوى قدماى على حملى ولم يتقبل عقلى الحقيقة .اننى فى حلم وسأتيقظ ألسأل زوجتى عن
الفطار لتجيبينى قائله انه على المائده من ربع ساعة ولتقول جملتها الشهيره استيقظ ايها
الكسالن .اذن فالبد ان اعرف اكثر عن هذا المكان الذى انا فيه حتى اجد قصه مثيره احكيها
لزوجتى ونضحك سويا عليها ونحن نتناول الفطار .تحركت فى ارجاء الغرفه التى انا فيها
والتى ال تزيد عن متر فى متر وبها فتحة صغيرة فى االرض ال اعرف هل هى للهروب ام ان
لها فوائد اخرى .الظالم الدامس هو نورها و الصمت هو صوتها .ومن الحين واالخر اسمع
صرخة تأتينى من الخارج.
بدأ الملل يتملكني .انه لحلم كئيب اريد ان استيقظ األن .اغمضت عينى وضربت نفسى بالقلم
وفتحت عينى متوقعا ان اجد زوجتى ولكنى ال زلت فى نفس المكان .اننى احتاج لموثر اقوى .
قفزت وارتطمت بالباب ألرتد عنه واسقط على ظهرى ولم يتغير شىء سوى احساسى باأللم
الذى يزيد اكثر مع كل مره أسقط فيها .تتساقط بعض القطرات على عينى وال اعلم هل هذا دم ام
عرق .اعود الجرى مرة اخرى نحوه وحينها فتح الباب الجد نفسى أسقط بالخارج .نظرت الجد
العشرات من االسلحه موجهه نحو راسى و هوى احدهم على رأسى بكعب المسدس الجد نفسى
قد أستيقظت فى مكان اخر....
"ما هى عالقتك بالحركة وماهى دوافعك؟" اردد كالمه غير مدرك معناه .حركة اى حركة؟ اين
أنا؟ الم استيقظ من الحلم؟ لم يجب فقط سمعت صوت ضربه لم اعرف مصدرها وال اعرف
متلقاها فقط شعرت بألم اسفل رأسى .وفتحت عينى الجد نفسى فى ظالم أخر ولكننى اسمع
صوت خطواتهم .كيف يتحركون وهم ال يرون ام اننى قد فقدت بصرى؟ "ما هى عالقتك
بالحركه وما سبب تواجدك فى المظاهرة .ولن اكرر سؤالى مرة اخرى؟" تسائلت اين انا؟
اجابنى صوت اخر قائال "انت فى المعتقل يا روح امك ورد على سعادة الباشا" باشا؟؟ معتقل؟؟
ولماذا انا فى المعتقل؟؟ وماهو ذنبى ؟؟ انا لم افعل شئيا لم افجر مكانا لم اخطف طفال لم ابع
مخدرات .رد قائال
"انه ضيفنا خذوه ليستحم اوال واحضروا سيد عطيه لنحقق معه"
امسكتنى يد غليظه وجرتنى من كتفى وانا اتسائل وهل سيد عطيه انتهى من الحمام ام اننى
سأدخل عليه وهو يستحم .ضحكو جميعا وضحكت معهم وانا ال اعلم لماذا يضحكون وسألت
الشخص الذى يقال له سعادة الباشا ولماذا أستحم هل انا كريه الرائحه؟؟ .تعالى صوت ضحكاته
وهو يقول الراجل ده مشكلة فعال .هاتهولى بعد ان ينتهى اريد ان اضحك.
يختلف االستحمام قليال عن الذى اعتدت عليه من قبل فهنا تقف مكتوف اليدين ومعصب العينين
ويتوجه اليك خرطوم ماء كبير تندفع منه المياه بسرعه كبيرة تجعلك تطير من قوتها.
والمؤسف حقا انها باردة جدا .ارتعش من البروده وهم يجرونى جرا الى سعادة الباشا والذى
سوف يبتل مكتبه بسببى .نظرت اليه او بمعنى اصح نظرت الى اتجاه صوته فأنا ال ارى شئيا
بسبب الشريط الذى وضعوه على عينى وهو يسألنى "حمام العافية .قول ماهو نشاطك
السياسى" انكمش فى نفسى من البردود وانا اقول "ال ....اع...لم ..عن ماذا تتحدث" لم يتردد
الشخص الذى يقف خلفى عن ضربته المعتاده قائال"رد بسرعه" صرخت فيه اننى اموت من
البرد .ضحك سعادة الباشا وقال :انت لست فى الهيلتون حتى نأتى لك ببطانية .هل تعلم انى
احببتك حقا .هاهاها اخبرنى قصتك .مكتوب امامى انك كنت تعيش فى دبى ألكثر من عشرين
عاما فلماذا عدت االن؟
قلت :كان حلمى ان اعود الى وطنى يوما ما .فلقد رحلت عنه وانا طفل وعشت هناك .ترددت
فى الرجوع ولكننى حين عرفت ان مصر تحتاج الى ابنائها حقا وان التغيير قادم ال محالة .وان
الكل يستعد حينها قلت لو لم اعد االن فمتى سأعود .فقررت العودة وتركت عائلتى هناك حتى
ارتب امورى واعود الحضراهم.
فأجابنى :لو تحبهم حقا ارجع لهم وال تعود الى هنا مرة أخرى.
فأجبت :ولكن هذا وطنى .عشت غريبا عنه عشرون عاما .وال اريد ان يعيش ابنائى بعيدا عنه.
ضحك قائال :وهل انت تؤمن بالتغيير؟
قلت :نعم فدوام الحال من المحال.
قال :انت ساذج .عشت بعيدا عن مصر وال تعرف شيئا .حين تخرج ستعرف.
سالته :ومتى سأخرج؟
ضحك ولم يجيبنى .ضحك وهو يقول خذوه الى زنزانته .وضحك من يقف خلفى وهو يضربنى
بال سبب كالعادة .وضحك االخر وهو يخرجنى من ظالمى بأذالته الغشاوة التى كانت على عينى
قبل ان يدفعنى لزنزانتى الضيقة.
تمر األيام وانا على حالى .تمر وانا انتظر التغيير .تمر وقد اصبح الملل هواية لدى .تمر وانا
اتسائل عن حال عائلتى وال يجيبنى سوى خوفى .تمر وانا اتسائل عن بلدى منتظرا ان يتظاهرو
الخراجى وال يجيبنى سوى صمتهم .تمر االيام والسنين وال يحدث شىء واتسائل هل انا أخطأت
حين نزلت معهم فى مظاهرتهم ضد الفساد وضد الظلم .وهل أخطات حين أحببت بلدى وهل
الحب خطأ؟؟
ولو لم يكن الحب خطأ فلما كل هذا؟؟ ولماذا انا هنا وهم بالخارج يضحكون؟؟
اتسائل عن اهلى وهل اعتبرونى مت؟ هل تقاسموا مالى ؟ هل تزوجت زوجتى بغيرى؟ هل تقول
له استيقظ ايها الكسالن كما كانت تقول لى؟ هل قالت ألبنى بابا مات يا حبيبى؟ هل صلوا علي
ودفنونى؟ هل بكوا علي يوما ام شهرا ام عاما؟ هل يعلموا اننى هنا ما زلت منتظرا ؟ اخرج
ألقص قصصا على سعادة الباشا حين يشعر بالملل .اخرج ألتحدث مع من ال اراه.
ارقص حين يطلبون .واغنى مع من يغنى .اتوقف حين يملون .واموت حين ال تعد حاجه لى .فما
انا اال بهلوان .وغدا سيجدون غيرى.
فكرت من أنا ؟حقا من انا؟ ابتسمت وقلت ما انا اال بهلوان فهل ارقص لكم