You are on page 1of 3

‫أبكى لموتها‪ ..‬أبكى وانا ارى قاتلها يتربع على عرشها‪ ..

‬أبكى وليس معى سوى حياتى فدائا‬


‫لها‪ ..‬أبكى وانا أعلم ان الطريق طويل لتطهيرها‪ ..‬أبكى ولعل دموعى تحمل الخالص لها‪ ..‬امشى‬
‫فوق قبرها متسائال ماهو ذنبها؟ طلبو خبزا فأعطتهم دقيقها‪ ..‬طلبو ماءا فأعطتهم نيلها‪ ..‬طلبو‬
‫ماال فأعطتهم خيرها‪ ..‬طلبو حديدا فأعطتهم عزها‬
‫انظر الى حالى وحالها‪ .‬انهاً تلفظ انفاسها وما انا بطبيب‪ .‬تنتظر من ينقذها وما انا بمنقذ‪ ..‬اذن‬
‫فمن انا؟ ساقص عليكم قصتى لتعرفوا من انا‪....‬‬

‫بعض االبواب تفتح حين تقف امامها وبعضها يفتحها لك شخص من الداخل ولكنى لم اعرف‬
‫بوجود ذلك النوع من االبواب التى ال تتفح حين يتم اغالقها عليك‪ .‬نظرت اليه متسائال متى‬
‫ستفتح لى ايها الباب ولكنه لم يجيب‪ .‬اقترب منه على استحياء حتى ال اكسر الصمت الذى‬
‫اعتادت اذنى عليه واحرك يدي عليه اشعر بملمسه الحديدى وببردوته التى ال تختلف كثيرا عن‬
‫قلوب اصحابه‪ .‬انقر عليه مرارا وال يجيبنى سوى صدى صوتى‪ .‬استجمع قواى الدق عليه بكل‬
‫قوتى وحينها خرج صوت احدهم قائال‪ :‬فلتصمت واال قتلناك‪ .‬وحقا خير الكالم ما قل ودل‪.‬‬
‫فأجابته عرفتنى اين انا‪........‬‬

‫لم تقوى قدماى على حملى ولم يتقبل عقلى الحقيقة‪ .‬اننى فى حلم وسأتيقظ ألسأل زوجتى عن‬
‫الفطار لتجيبينى قائله انه على المائده من ربع ساعة ولتقول جملتها الشهيره استيقظ ايها‬
‫الكسالن‪ .‬اذن فالبد ان اعرف اكثر عن هذا المكان الذى انا فيه حتى اجد قصه مثيره احكيها‬
‫لزوجتى ونضحك سويا عليها ونحن نتناول الفطار‪ .‬تحركت فى ارجاء الغرفه التى انا فيها‬
‫والتى ال تزيد عن متر فى متر وبها فتحة صغيرة فى االرض ال اعرف هل هى للهروب ام ان‬
‫لها فوائد اخرى‪ .‬الظالم الدامس هو نورها و الصمت هو صوتها‪ .‬ومن الحين واالخر اسمع‬
‫صرخة تأتينى من الخارج‪.‬‬

‫بدأ الملل يتملكني‪ .‬انه لحلم كئيب اريد ان استيقظ األن‪ .‬اغمضت عينى وضربت نفسى بالقلم‬
‫وفتحت عينى متوقعا ان اجد زوجتى ولكنى ال زلت فى نفس المكان‪ .‬اننى احتاج لموثر اقوى ‪.‬‬
‫قفزت وارتطمت بالباب ألرتد عنه واسقط على ظهرى ولم يتغير شىء سوى احساسى باأللم‬
‫الذى يزيد اكثر مع كل مره أسقط فيها‪ .‬تتساقط بعض القطرات على عينى وال اعلم هل هذا دم ام‬
‫عرق‪ .‬اعود الجرى مرة اخرى نحوه وحينها فتح الباب الجد نفسى أسقط بالخارج‪ .‬نظرت الجد‬
‫العشرات من االسلحه موجهه نحو راسى و هوى احدهم على رأسى بكعب المسدس الجد نفسى‬
‫قد أستيقظت فى مكان اخر‪....‬‬

‫"ما هى عالقتك بالحركة وماهى دوافعك؟" اردد كالمه غير مدرك معناه‪ .‬حركة اى حركة؟ اين‬
‫أنا؟ الم استيقظ من الحلم؟ لم يجب فقط سمعت صوت ضربه لم اعرف مصدرها وال اعرف‬
‫متلقاها فقط شعرت بألم اسفل رأسى‪ .‬وفتحت عينى الجد نفسى فى ظالم أخر ولكننى اسمع‬
‫صوت خطواتهم‪ .‬كيف يتحركون وهم ال يرون ام اننى قد فقدت بصرى؟ "ما هى عالقتك‬
‫بالحركه وما سبب تواجدك فى المظاهرة‪ .‬ولن اكرر سؤالى مرة اخرى؟" تسائلت اين انا؟‬
‫اجابنى صوت اخر قائال "انت فى المعتقل يا روح امك ورد على سعادة الباشا" باشا؟؟ معتقل؟؟‬
‫ولماذا انا فى المعتقل؟؟ وماهو ذنبى ؟؟ انا لم افعل شئيا لم افجر مكانا لم اخطف طفال لم ابع‬
‫مخدرات‪ .‬رد قائال‬
‫"انه ضيفنا خذوه ليستحم اوال واحضروا سيد عطيه لنحقق معه"‬

‫امسكتنى يد غليظه وجرتنى من كتفى وانا اتسائل وهل سيد عطيه انتهى من الحمام ام اننى‬
‫سأدخل عليه وهو يستحم‪ .‬ضحكو جميعا وضحكت معهم وانا ال اعلم لماذا يضحكون وسألت‬
‫الشخص الذى يقال له سعادة الباشا ولماذا أستحم هل انا كريه الرائحه؟؟‪ .‬تعالى صوت ضحكاته‬
‫وهو يقول الراجل ده مشكلة فعال‪ .‬هاتهولى بعد ان ينتهى اريد ان اضحك‪.‬‬

‫يختلف االستحمام قليال عن الذى اعتدت عليه من قبل فهنا تقف مكتوف اليدين ومعصب العينين‬
‫ويتوجه اليك خرطوم ماء كبير تندفع منه المياه بسرعه كبيرة تجعلك تطير من قوتها‪.‬‬
‫والمؤسف حقا انها باردة جدا‪ .‬ارتعش من البروده وهم يجرونى جرا الى سعادة الباشا والذى‬
‫سوف يبتل مكتبه بسببى‪ .‬نظرت اليه او بمعنى اصح نظرت الى اتجاه صوته فأنا ال ارى شئيا‬
‫بسبب الشريط الذى وضعوه على عينى وهو يسألنى "حمام العافية‪ .‬قول ماهو نشاطك‬
‫السياسى" انكمش فى نفسى من البردود وانا اقول "ال ‪ ....‬اع‪...‬لم ‪..‬عن ماذا تتحدث" لم يتردد‬
‫الشخص الذى يقف خلفى عن ضربته المعتاده قائال"رد بسرعه" صرخت فيه اننى اموت من‬
‫البرد‪ .‬ضحك سعادة الباشا وقال ‪ :‬انت لست فى الهيلتون حتى نأتى لك ببطانية‪ .‬هل تعلم انى‬
‫احببتك حقا‪ .‬هاهاها اخبرنى قصتك‪ .‬مكتوب امامى انك كنت تعيش فى دبى ألكثر من عشرين‬
‫عاما فلماذا عدت االن؟‬
‫قلت‪ :‬كان حلمى ان اعود الى وطنى يوما ما‪ .‬فلقد رحلت عنه وانا طفل وعشت هناك‪ .‬ترددت‬
‫فى الرجوع ولكننى حين عرفت ان مصر تحتاج الى ابنائها حقا وان التغيير قادم ال محالة ‪ .‬وان‬
‫الكل يستعد حينها قلت لو لم اعد االن فمتى سأعود‪ .‬فقررت العودة وتركت عائلتى هناك حتى‬
‫ارتب امورى واعود الحضراهم‪.‬‬
‫فأجابنى‪ :‬لو تحبهم حقا ارجع لهم وال تعود الى هنا مرة أخرى‪.‬‬
‫فأجبت‪ :‬ولكن هذا وطنى‪ .‬عشت غريبا عنه عشرون عاما‪ .‬وال اريد ان يعيش ابنائى بعيدا عنه‪.‬‬
‫ضحك قائال‪ :‬وهل انت تؤمن بالتغيير؟‬
‫قلت‪ :‬نعم فدوام الحال من المحال‪.‬‬
‫قال‪ :‬انت ساذج‪ .‬عشت بعيدا عن مصر وال تعرف شيئا‪ .‬حين تخرج ستعرف‪.‬‬
‫سالته‪ :‬ومتى سأخرج؟‬
‫ضحك ولم يجيبنى‪ .‬ضحك وهو يقول خذوه الى زنزانته‪ .‬وضحك من يقف خلفى وهو يضربنى‬
‫بال سبب كالعادة‪ .‬وضحك االخر وهو يخرجنى من ظالمى بأذالته الغشاوة التى كانت على عينى‬
‫قبل ان يدفعنى لزنزانتى الضيقة‪.‬‬

‫تمر األيام وانا على حالى ‪.‬تمر وانا انتظر التغيير‪ .‬تمر وقد اصبح الملل هواية لدى‪ .‬تمر وانا‬
‫اتسائل عن حال عائلتى وال يجيبنى سوى خوفى‪ .‬تمر وانا اتسائل عن بلدى منتظرا ان يتظاهرو‬
‫الخراجى وال يجيبنى سوى صمتهم‪ .‬تمر االيام والسنين وال يحدث شىء واتسائل هل انا أخطأت‬
‫حين نزلت معهم فى مظاهرتهم ضد الفساد وضد الظلم‪ .‬وهل أخطات حين أحببت بلدى وهل‬
‫الحب خطأ؟؟‬
‫ولو لم يكن الحب خطأ فلما كل هذا؟؟ ولماذا انا هنا وهم بالخارج يضحكون؟؟‬

‫اتسائل عن اهلى وهل اعتبرونى مت؟ هل تقاسموا مالى ؟ هل تزوجت زوجتى بغيرى؟ هل تقول‬
‫له استيقظ ايها الكسالن كما كانت تقول لى؟ هل قالت ألبنى بابا مات يا حبيبى؟ هل صلوا علي‬
‫ودفنونى؟ هل بكوا علي يوما ام شهرا ام عاما؟ هل يعلموا اننى هنا ما زلت منتظرا ؟ اخرج‬
‫ألقص قصصا على سعادة الباشا حين يشعر بالملل‪ .‬اخرج ألتحدث مع من ال اراه‪.‬‬
‫ارقص حين يطلبون‪ .‬واغنى مع من يغنى‪ .‬اتوقف حين يملون‪ .‬واموت حين ال تعد حاجه لى‪ .‬فما‬
‫انا اال بهلوان‪ .‬وغدا سيجدون غيرى‪.‬‬

‫فكرت من أنا ؟حقا من انا؟ ابتسمت وقلت ما انا اال بهلوان فهل ارقص لكم‬

You might also like