You are on page 1of 20

‫الجهاد‪ :‬رؤية مقاصدية‬

‫لقد تداول بين الناس سوء الفهم أن المقصد األساسي للجهاد والقتال حفُظ الدين بل وقد ُيعّد هذا‬
‫ه((و الوحي((د ‪ .1‬فمن هن((ا طل((ع في إندونيس((يا جه((اديون اجتمع((وا في حرك((ات ش((عارهن تنظيم الدول((ة‬
‫اإلسالمية أو إقامة دار اإلسالم هناك ‪ .2‬ولقد شهد التيار الجهادي في إندونيسيا منذ أواخر القرن‬
‫العشرين الميالدي‪ ،‬فعلى وجه الدقة بعد فترة اإلصالح عام ‪ 1998‬م‪ ،‬تطوراٍت عديدًة تأثرت بالجملة‬
‫من المعطيات اَألمنية والسياسية‪ .‬فمَّر التيار الجهادي في إندونيسيا بمراحل زمنية وفكرية عَّد ة يمكن‬
‫تقسيمها إلى أربع مراحل‪ ،‬هن‪ :‬األولى مرحلة حركة إقامة دار اإلسالم قبل االستقالل وبعده‪ ،‬والتي‬
‫تأّم ر عليها سيكارماجي ماريدان كارتوسوويرجو (‪ )Kartosuwiryo‬فأعلن تأسيس "دولة إندونيسيا‬
‫اإلسالمية" في ‪ 7‬أغسطس ‪ 1949‬م‪ ،‬وسمى المناطق التي سيطر عليها بـ "دار اإلسالم" حتى تم‬
‫القبض عليه عام ‪ 1962‬م‪ .‬والثانية هي مرحلة "الجهاديون" في عصر حكومة النظام الجديد للرئيس‬
‫سوهرتو‪ ،‬وتميزت هذه المرحلة بظهور تنظيم "‪ "Komando Jihad‬إلى أن ظهر مصطلح "الجماعة‬
‫اإلسالمية" على قيادة أبو بكر باعشير وعبد هللا سنغكر اللذان واجها أول محاكمة بتهمة العمل الجهاد‬
‫السري عام ‪ 1977‬م‪ .‬ثم تأتي الثالثة وهي مرحلة ما بعد التحول الديمقراطي‪ ،‬والتي وسمت بتأسيس‬
‫"مجلس مجاهدي إندونيسيا" لتطبيق الشريعة ثم يتبعه جماعتا "أنصار التوحيد" و "أنصار الدولة"‪ ،‬ثم‬
‫تأتي الرابعة وهي مرحلة التفجيرات والهجوم على جهاز الدولة‪ ،‬وذلك بدأ من تفجير القنبلة في السفارة‬
‫الفلبينية عام ‪ 2000‬م حتى تفجير انتحاري أمام كنيسة كاتدرائية في مكاسر عام ‪ 2021‬م‪ .‬كل ذلك‬
‫يناضل للجهاد ويحمل اسم الجهاد وينشرون األفهام الناقصة واألوهام حول آيات الجهاد‪.‬‬
‫فمن ثم‪ ،‬ظهر سوء فهم حول معنى الجهاد عند بعض المسلمين وعند عدد كبير من غير‬
‫المسلمين‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬هم يعتقدون أن الجهاد حق‪ ،‬مشروع بل فرض على كل مسلم‪ ،‬لكن من ناحية‬
‫أخرى هم يشهدون بأبصارهم أن األعمال الموسومة بالجهاد—وليست جهادا في الحقيقة—مؤلمة‬
‫للنفس وُم ضرة بالدين نفسه‪ .‬فاقتضى ذلك إلى أن كان لبعض الناس مسلمين كانوا أم غير مسلمين‬
‫تصوراٌت وفهوم أن الجهاد مرادف للعنف وقريب منه‪ .‬وذلك لعدم وجود حملة لفهم صحيح كامل‬
‫شامل حول معنى الجهاد الشرعي‪ .‬والنتشار الدعوة بآيات الجهاد بشكل مكثف دون تزويدها بالمفاهيم‬
‫الشاملة حوله‪ ،‬بل هي مقرونة بنشر التفاسير الحركية على نطاق واسع‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن العديد‬
‫من ممارسات العنف والهجمات والتفجيرات االنتحارية مكذوبة على اإلسالم فتسّم ت أيًضا بالجهاد‬
‫افتراء عليه‪ .‬فذلك كله يجعل آيات الجهاد لها انطباع سلبي وُم زِح ف‪ ،‬على الرغم من أن حقيقة الجهاد‬
‫ه(و العم(ل الج(اد‪ ،‬وه(و المبالغ(ة واس(تفراغ م(ا في الوس(ع والطاق(ة من ق(ول أو فع(ل ‪ ،3‬وب(ذل الجه(ود‬
‫لإلصالحات وجلب المصالح ودرء المفاسد‪ ،‬ال العكس‪.‬‬
‫فمن الضرورة أن يؤخذ ويفهم الجهاد بمعناه الكامل من أفعال النبي محمد نفسه صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ .‬فإنه هو اآلتي بالجهاد الشرعي‪ .‬وعلى الرغم من أن تاريخ اإلسالم وكذلك األحاديث النبوية‬
‫ُتشِهد الحرَب كوسيلة من الوسائل المعروفة للجهاد‪ ،‬فإن الحروب التي مّثلها النبي كما هو موضح في‬

‫‪1‬‬
‫‪Natalia A. Zherlitsyna, “Prospects for Global Jihadism in Southeast Asia,” Asia and Africa Today, no. 10‬‬
‫‪(2021).‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M. Afif Anshori, “The Radical Islamic Movement in Indonesia: Roots and Factors,” Kalam 13, no. 2‬‬
‫‪(2019): 217–236, http://ejournal.radenintan.ac.id/index.php/KALAM/article/view/5251/3442.‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪Muhammad bin Mukrim bin Ali Ibn Manzur, Lisan Al-`Arab (Beirut: Dar Sadir, 1993), iii/135‬‬
‫‪Muhammad bin Muhammad bin Abd al-Razzaq al-Husaini Al-Zabidi, Taj Al-`Arus Min Jawahir Al-Qamus‬‬
‫‪(Dar al-Hidayah, 2010), vii/537.‬‬
‫هذه النصوص مختلفة تماًم ا عن الصور الحديثة ألعمال تدعى باسم الجهاد‪ ،‬وهو الجهاد البدعي‪ .‬وهو‬
‫من األخطاء الشائعة في اآلونة األخيرة‪ .‬وهو في الحقيقة ال يستحق أن يطلق عليه اسم الجهاد‪ ،‬ال‬
‫البدعي وال الشرعي‪ ،‬بل الحق أن يطلق عليه اسم اإلرهاب‪ .‬وهو عمل يرهب المسلمين عن اإلسالم‬
‫وينفر غير المسلمين عنه فينفضوا منه‪ ،‬ويبعدهم عن رحمة اإلسالم للعالمين‪ .‬وهو أيضا عمل اإلفساد‬
‫ال اإلصالح وال اإلحسان‪ ،‬يجلب المفاسد ويدرأ المصالح‪ .‬وذلك ألن الطريقة واألهداف والمقاصد‬
‫وأماكن العمل والظروف كلها يخالف ما شهده التاريخ النبوي والتاريخ اإلسالمي المبكر فيما يتعلق‬
‫بالجهاد‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء السلف في حد الجهاد‪ .‬فحد الحنفية بأن الجهاد هو الدعاء إلى الدين الحق‬
‫وقت(ال من لم يقبل(ه ‪ .4‬وع(رف المالكي(ة أن الجه(اد قت(ال مس(لم ك(افرا غ(ير ذي عه(د إعالًء لكلم(ات هللا أو‬
‫حضوره له أو دخوله أرضه ‪ .5‬وعنى الشافعية أن الجهاد بذل الجهد في قتال الكفار ‪ ،6‬وقالوا أيضا إنه‬
‫قتال الكفار لنصرة اإلسالم ‪ .7‬وبينما الحنابلة فهموا أنه قتال الكفار خاصة ‪ .8‬كما أن جمع العلماء‬
‫الباحثون المعاصرون تلك التعريفات فعّر عوا الجهاد بأنه بذل الوسع والطاقة والجهد في قتال الكفار‬
‫_بع(د دع(وتهم لإلس(الم وإب(ائهم_ إلعالء كلم(ة هللا وإع(زاز دين(ه ‪ .9‬ويب(دو من ذل(ك أن التعريف(ات للجه(اد‬
‫كلها تدور على القتال‪ .‬بل‪ ،‬وكأن القتال هو الميزة الوحيدة للجهاد‪ .‬وهذا في الواقع يضيق مفهوم الجهاد‬
‫القرآني‪ .‬نعم‪ ،‬إن القتال شكل من أشكال الجهاد المشار إليها في القرآن‪ ،‬لكنه ليس الوحيد‪.‬‬
‫وثبت في األحاديث الصحاح أن النبى صلى هللا عليه وسلم قّد م مراعاة حفظ النفس على حفظ‬
‫ال(دين حيث ت(رك قت(ل الع(دّو المقب(وض أثن(اء الح(رب بمج(رد تلفظ(ه بكلم(ة التهلي(ل‪ 10‬دون الحاج(ة إلى التثبت‬
‫من وصولها في قلبه وصيرورته إيمانا صادقا وإيمانا راسخا‪ ،‬كما ترك صلى هللا عليه وسلم قتل ألوف‬
‫اليهود‪ 11‬والنصارى‪ 12‬والمرتدين ‪ 13‬الذين لم يحاربوا هللا ورسوله‪ .‬هذا يدل صراحة على أن النبي‬
‫‪4‬‬
‫‪Muhammad Amin bin Umar bin Abd al-Aziz al-Dimashqi Ibn A<bidin, Radd Al-Mukhtar ‘Ala Al-Durr‬‬
‫‪Al-Mukhtar, 2nd ed. (Beirut: Dar al-Fikr, 1992), iv/121.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Abu Bakr bin al-Hasan Al-Kashnawi, Ashal Al-Madarik (Beirut: Dar al-Fikr, 2000), i/324.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Ahmad bin ‘Ali bin Hajar Al-‘Asqalani, Fath Al-Bari Sharh Sahih Al-Bukhari, ed. Muhammad Fuad Abd‬‬
‫‪Al-Baqi (Beirut: Dar al-Ma’rifah, 1960), iii/6.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Abdullah bin Hijazi Al-Sharqawi, Hashiyah Al-Sharqawi (Cairo: Dar Ihya al-Kutub, n.d.), ii/391.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Mansur bin Idris Al-Bahuti, Sharh Muntaha Al-Iradat (Riyad: Alam al-Kutub, 1993), ii/91.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Nahed Ismail Farhat and Bassam Al-‘Uff, “Al-Jihad Bayn Al-Maqasid Wa Al-Wasa’il,” Al-Aqsa‬‬
‫‪University Journal (Humanities Series) 2, no. 21 (2017): 111–112,‬‬
‫‪https://www.alaqsa.edu.ps/site_resources/aqsa_magazine/files/1160.pdf.‬‬
‫‪ 10‬مفهوم من حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال هللا‪ ،‬فإذا قالوه عصموا مني دماءهم وعرضهم‬
‫وحسابهم على هللا تعالى" متفق عليه‪.‬‬
‫‪ 11‬تواترت األخبار أن النبي لم يقتل صهره اليهودي حيي بن أحظب‪ ،‬وكان يرهن درعه على اليهودي‪ ،‬ودخل عليه‬
‫اليهود‪ ،‬كما دخلت اليهودية على السيدة عائشة‪ ،‬وحسن معاملته مع محيريق والذي قال فيه "محيريق خير يهود"‪ ،‬وهكذا أمثال‬
‫ذلك كثيرة جدا‪Abu al-Qasim Ali bin al-Hasan Ibn `Asakir, Tarikh Dimasyq, ed. `Amr bin Gharamah Al- .‬‬
‫)‪.`Amrawi (Beirut: Dar al-Fikr, 1995‬‬
‫‪ 12‬وتواترت األخبار أن النبي يدع الكفار من النصارى واملشركين حيا‪ ،‬فمنهم من أسلموا ومنهم من ماتوا حتف أنوفهم‬
‫ولم يقتلهم النبي ولم يقاتلهم‪ .‬وكان صلى هللا عليه وسلم استضاف نصارى نجران في مسجده‪ .‬وهكذا‪ ،‬أمثال ذلك كثيرة‪ ،‬ال يسع‬
‫املجال بسطه هنا‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Ahmad ’Ubaydi Hasbillah, Al-Fawa’id Al-Mustafawiyah Al-Mustamaddah Min Ahadith Al-Arba`in Al-‬‬
‫‪Nawawiyah Fi Bina’ Kawadir Al-A’immah Wa “Ulama” Al-Ummah (Jakarta: Maktabah Darus-Sunnah,‬‬
‫‪2020), 79–80.‬‬
‫يراعي في الجهاد والقتال ضروريات البشر جميعها ال بعضها مع إبطال بعض آخر‪ .‬فبتركه قتَلهم عند‬
‫الجهاد والقتال تم حفظه صلى هللا عليه وسلم كًال من الدين والنفس والعقل والنسل والمال والعرض‬
‫والبيئة‪ .‬فبتركه القتل أسلم كثير من الكفار بعُد وأنهى كثير منهم القتاَل على المسلمين وعرفوا حقائق‬
‫تعاليم اإلسالم ودعوته إلى السالم وإلى الحق المبين فتحقق من ذلك حفظ الدين‪ ،‬وال يجرح ذلك أبناءهم‬
‫وأحفادهم فلم ينتقموا من الرسول وال من المسلمين‪ ،‬وال يؤدي ذلك إلى اإلحتباط واالكتئاب في عقولهم‬
‫بسبب مقتل آبائهم‪ ،‬بل وذلك يجعلهم مهتمين متعاطفين مع اإلسالم والمسلمين فأسلموا كما أسلم آباؤهم‬
‫وأجدادهم فتناسلوا فكثر المسلمون‪ ،‬فذاك عين حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والعرض‪ ،‬كما يترتب‬
‫على ذلك حفظ أموال الناس مسلمين كانوا أم غير مسلمين‪ .‬فبحفظه صلى هللا عليه وسلم نفوَس الكفار‬
‫يحتفظ تلقائيا ديُن اإلسالم وعقوُل المسلمين وأمواُلهم وأوالُدهم وأعراُضهم‪.‬‬
‫واآلن نلفت نظرة على البيانات‪ .‬لقد أفاد مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة (‪)UNHCR‬‬
‫رس((ميا في موقع((ه الرس((مي ‪ 14‬أن مع((دل مظ((اهر ره((اب اإلس((الم (‪ )islamophobia‬آخ((ذة لالزدياد‬
‫‪15‬‬
‫واالرتفاع بنسبة ‪( %7‬سبعة في المائة) في خالل ‪ 2017‬إلى ‪ .2019‬وأيد ذلك أخبار األمم المتحدة‬
‫أن الكراهية ضد المسلمين ترتفع إلى أبعاد وبائية‪ .‬وقد تم التقرير بمسوحات أوروبية في عامي ‪2018‬‬
‫و‪ 2019‬تظهر أن ‪ ٪37‬في المتوسط من السكان لديهم آراء غير مواتية تجاه المسلمين‪ .‬في عام‬
‫‪ ،2017‬نظر حوالي ‪ ٪30‬من األمريكيين الذين شملهم االستطالع إلى المسلمين من منظور سلبي ‪.16‬‬
‫ومن المثير لالهتمام أن مصطلح الجهاد يستخدم أيًض ا لتعبير اإلهانة على المسلمين والتمييز‬
‫ضدهم عندما يتعرضون لكوارث اجتماعية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬حدث ذلك في الهند خالل شهر مايو‬
‫‪ 2020‬م‪ .17‬فتم اإلبالغ عن هاش(تاغ "كورون(ا جه(اد" (‪ )CoronaJihad#‬في التويتر من قب(ل األمم المتح(دة‬
‫كشكل من أشكال ظاهرة الكراهية ضد اإلسالم‪ ،‬عندما كانت أوبئة فيروس كورونا‪)Covid-19( 19-‬‬
‫تزدهر في الهند في المجتمعات المسلمة في الهند‪ .‬على الرغم من أن هذا الغاشتاغ قد يكون له معنى‬
‫إيجابي‪ ،‬إال أن نتائج البحث تشير في الواقع إلى أنه تعبير عن الكراهية ضد المسلمين ‪.18‬‬
‫فالنتيجة لسلوك رجال اإلرهاب تحت غطاء الجهاد‪ ،‬ترفض العديُد من دول األقلية المسلمة‬
‫الرموَز والشعائر اإلسالمية وترفض أيضا المسلمين ثم ترتكب أعمال التمييز في المعاملة ضد‬
‫المس(لمين ‪ .19‬ف(إذا اس(تمر س(داد ذل(ك بطريق(ة أقس(ى‪ ،‬يمكن أن يش(وه س(معة دين اإلس(الم‪ ،‬ويع(رض‬
‫كيانته لخطر االنقراض— فينفي ذلك حفظ الدين—‪ ،‬و يهدد نفوس المسلمين – فينفي حفظ النفس—‪،‬‬
‫ويفاقم استغالل أموال المسلمين –فينفي حفظ المال—‪ ،‬ويؤدي إلى استعمار الثقافة المسلمين‬
‫‪14‬‬
‫)‪(2021‬‬
‫‪15‬‬
‫”‪HRC-UN, “Khabir Umami: Al-Karahiyah Dlidd Al-Muslimin Tartafi` Ila Al-Ab’ad Al-Waba’iyyah,‬‬
‫‪Akhbar Al-Umam Al-Muttahidah, last modified 2021, accessed March 22, 2022,‬‬
‫‪https://news.un.org/ar/story/2021/03/1071952.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪HRC-UN, “UN Leaders Speak out against Islamophobia and Anti-Muslim Hatred”; HRC-UN, “Khabir‬‬
‫”‪Umami: Al-Karahiyah Dlidd Al-Muslimin Tartafi` Ila Al-Ab’ad Al-Waba’iyyah.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪Jayshree Bajoria, “CoronaJihad Is Only the Latest Manifestation: Islamophobia in India Has Been Years‬‬
‫‪in the Making | Human Rights Watch,” The Polis Project, last modified 2020, accessed March 22, 2022,‬‬
‫‪https://www.hrw.org/news/2020/05/01/coronajihad-only-latest-manifestation-islamophobia-india-has-been-‬‬
‫‪years-making.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪David Kaye, Advance Edited Version, Human Rights Council, vol. 46/30, 2021,‬‬
‫‪https://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session46/Documents/A_HRC_46_30.docx.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪,” Marsad: Al-Azhar Li Mukafahat Al-Tatarruf, last‬اإلسالموفوبيا سبب في معاناة المرأة في أوروبا“ ‪Marsad,‬‬
‫‪modified 2021, accessed March 22, 2022,‬‬
‫اإلسالموفوبيا‪-‬سبب‪-‬في‪-‬معاناة‪-‬المرأة‪-‬في‪https://www.azhar.eg/observer/details/ArtMID/1142/ArticleID/54090/ -‬‬
‫‪.‬أوروبا‬
‫وحضاراتهم –فينفي حفظ العقل—‪ ،‬كما يؤدي ذلك إلى قتل العلماء الذين ورثوا علوم األنبياء وحفظوا‬
‫عقول المسلمين‪ .‬وأخيرًا‪ ،‬يقتضى ذلك كله إلى ظهور الجيل المسلم المحروم من حقوقه ثم وجوده‪ .‬فمن‬
‫أجل ذلك‪ ،‬يجب أن يستمر الجهاد الذي يجب القيام به في هذا الوقت مبنيا على أساس "التبشير ال‬
‫التنفير" ومتمسكا بشعار "اْنُفْذ َع َلى ِرْس ِلك" كما نص عليه النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وهناك واقع آخر‪ ،‬حضور مارك أ‪ .‬جبرائيل (‪ )Mark A. Gabriel‬بكتبه‪ ،‬والذي كان اسمه األول‬
‫مصطفى‪ ،‬وهو مفكر مصري ليبرالي‪ ،‬وكان مسلًم ا سابًقا‪ ،‬وحصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ‬
‫والثقافة اإلسالمية من جامعة األزهر الشريف بالقاهرة‪ ،‬ثم ارتد فيما بعد وأصبح مسيحًيا‪ .‬وذكر أن‬
‫اإلسالم حقا يأمر بالعنف واإلرهاب على من كفر من اليهود والنصارى والمشركين‪ .‬واحتج بأن إحدى‬
‫السور في القرآن وهي سورة محمد لها اسم ثاني وهو سورة القتال‪ .‬هذه إحدى الحجج التي شاعها‪،‬‬
‫غير الحجة التاريخية‪ ،‬إلقناع العاَلمين بأن اإلسالم يعّلم حًقا العقَل والعنف واإلرهاب والحرب ضد‬
‫المسيحيين واليهود والمشركين‪ .‬وذكر أيًضا أن الدافع الرئيسي للجهاد في اإلسالم هو استئصال من ال‬
‫يقبل اإلسالم ديًنا لهم ويبتغي غيره دينا‪ .‬ولقد فهم أن ممارسة الجهاد في زمن النبوة كانت لمحاربة‬
‫المسيحيين واليهود والمشركين وقتالهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬إن حملة مارك هذه يمكن أن تزيد من مخاوف العاَلم‬
‫من اإلسالم‪ ،‬وال سيما أن مارك نفسه ادعى بأنه أتم حفظ القرآن في صغره وولد ونشأ في عائلة مسلمة‬
‫حقيقية وتخرج في مؤسسة معروفة في العالم اإلسالمي‪ ،‬فأتى بحجج وأدلة لفظية من اآليات‬
‫واألح(اديث ونص(وص الت(اريخ ثم اقتص(ر االس(تدالل بظه(واهر ألفاظه(ا ‪ .20‬وهك(ذا‪ ،‬ف(إن آراءه ه(ذه ل(ديها‬
‫قوة على تصديق العالم لها على أنها تمثيل للتعاليم اإلسالمية الحقيقية‪.‬‬
‫فمن ثم‪ ،‬أيد الخبراء في علوم القرآن والتفسير بضرورية استخدام المنهج الشامل المتكامل مع‬
‫مراعاة أصوله وقواعده وضوابطه والنظر العميق الدقيق إلى مقاصد األلفاظ ومقاصد التشريع ثم‬
‫إمعان النظر الكامل الشامل إلى األفعال والسير النبوية عند فهم آيات القرآن وتفسيره‪ .‬ويحتاج ذلك إلى‬
‫إبراز البحوث العلمية األكاديمية في ذلك المجال ثم نشرها ليشهد العاَلم رحمة اإلسالم للعالمين‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تهدف هذه المقالة من خالل هذه الدراسة إلى تقديم مفهوم جديد في فهم وممارسة آيات‬
‫الجهاد‪ .‬من ما كان في البداية "الهجومي والدفاعي" إلى "اإلصالحي التنموي"‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن‬
‫هذا سيثبت أيًض ا أن الجهاد المنشود في القرآن نّصًيا وسياقًيا هو المتمسك بمبدإ "جلب المصالح ودرء‬
‫المفاسد" ومبدأ "الدعوة" ليس مبدأ "القتل واإلعدام"‪ .‬وبالتالي‪ ،‬من خالل هذه الورقة أيًضا‪ ،‬تعزز هذه‬
‫المقالة ما اكتشفه ناهض إسماعيل فرحات وبسام حسن العف بأن الجهاد ال يكون إال الوسيلة وليس‬
‫المقصد‪ .‬وأما الهدف الذي تنشده الشريعة هو جلب المصالح عن طريق درء المفاسد من خالل تقنيات‬
‫الجهاد‪.‬‬
‫إذن بالقتال كالتقنية ‪ ‬درءا للمفاسد إذا سكت عن الهجوم وامتنع عن الدفاع ‪ ‬الجهاد‬
‫كالطريق الضروري لتحقيق مصالح األمة ‪ ‬تحقيق الضروريات البشرية الخمس والمحافظة عليها‬
‫وتنميتها‬

‫منهج متكامل لتفسير آيات الجهاد والقتال‪ :‬دراسة مقاصدية موضوعية‬


‫إن فشل التفسير اللفظي للقرآن الكريم في تقديم الوجه الحقيقي لإلسالم الذي هو رحمة للعالمين‬
‫َد َفَع الخبراء والعلماء والمثقفين إلى إعادة النظر في أساليب تفسير القرآن الكريم ومناهجه وطرقه‬
‫‪20‬‬
‫”‪Nasaruddin Umar, “Al-Quran Di Mata Mantan Intelektual Muslim: Ibn Warraq Dan Mar A. Gabriel,‬‬
‫‪Jurnal Studi al-Quran 1, no. 2 (2006): 125–126.‬‬
‫واتجاهاته‪ .‬إنهم يحاولون إثبات أن الوجه القاسي المخيف واإلرهاب اللذان يظهرهما عدد قليل من‬
‫أفراد المسلمين ليسا من التعاليم الحقيقية لإلسالم‪ ،‬ولكنهما عبارة عن سوء فهم للقرآن وليس له جذور‬
‫تاريخية في عالم الفكر اإلسالمي‪ .‬وهذا ال يعني االتهام على سلطة أسلوب التفسير اللفظي في اإلتيان‬
‫بالحق القرآني‪ ،‬ولكن باألحرى يعني هذا لتصويب سوء الفهم ضد اإلسالم الذي يبنى على أساس‬
‫التفسير اللفظي المجرد عادة‪ .‬فيجب أن يتم تفسير القرآن بشكل شامل ودقيق‪ .‬كما أن هذا ال يتهم‬
‫التفسير اللفظي للقرآن بأنه مصدر مثل هذا التشويه والعنف‪.‬‬
‫فمن ثم قّد م العلماء تقديما منظما الطريقَة الشاملة لتفسير القرآن الكريم‪ .‬وُيعتقد أن لهذه الطريقة‬
‫أكثَر قدرة على تقديم الوجه الحقيقي لإلسالم كما أظهره النبي محمد في عصره‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن هذه‬
‫الطريقة المثلى هي الموصى بها باعتبارها أفضل طريقة لفهم اآليات التي يساء تفسيرها غالبا ما‪ ،‬مثل‬
‫آيات الجهاد والقتال‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض األمثلة على توصيات الخبراء بشأن الطريقة المثلى لفهم تلك اآليات كما تسلك‬
‫فيها هذه المقالة‪.‬‬
‫لقد أكد علي مصطفى يعقوب (‪ 2016-1952‬م) أن آيات الجهاد والقتال في القرآن ال بد أن تفهم‬
‫وتمارس في ظروفها و ال يجوز فصلها وإخراجها عنها‪ .‬فممارسة آيات القتال ال بد أن تكون في‬
‫ظ(روف القت(ال وال تج(وز ممارس(تها في ظ(روف الس(الم ‪ .21‬وق(د س(بقه ب(القول ب(ذلك محم(ود ش(لتوت (‪189‬‬
‫‪ 1963 – 3‬م) حين اقترح الطريقة المثلى في التعامل مع آيات الجهاد والقتال في كتابه "القرآن‬
‫والقتال" أنها عبارة عن الطريقة الموضوعية أو ما يسمى في العصر الحاضر بالتفسير الموضوعي‬
‫للقرآن الكريم‪ .‬وصورة ذلك أن يعمد المفسر أوال إلى جمع اآليات التي وردت في موضوع واحد ثم‬
‫يض(عها أمام(ه كم(واد يحلله(ا ويفق(ه معانيه(ا ‪ .22‬كم(ا أيد ذل(ك بع(ده محم(د س(عيد رمض(ان الب(وطي (‪-1929‬‬
‫‪ 2013‬م) في كتابه "الجهاد في اإلسالم‪ :‬كيف نفهمه وكيف نمارسه" أن آيات الجهاد ال بد أن تفهم‬
‫وتم(ارس في مع(نى ال(دعوة الحقيقي(ة ال مج(رد الحرك(ة ال(تي ق(د ت(ؤدي إلى اإلفس(اد ال اإلص(الح ‪ .23‬وج(اء‬
‫بعد ذلك أسامة السيد محمود األزهري مقترحا بأن الفهم المنير لآليات التي أخطأ فهمها أهل التطرف‬
‫والتكفير مبني على الشمولية في تأمل السيرة النبوية وعلى المقاصد العليا من التشريع اإلسالمي‬
‫المعجز‪ ،‬فكل فهم في القرآن ينحرف عن هذه المقاصد العليا فهو مردود ‪.24‬‬
‫ثم أيد وصرح ذلك نصر الدين عمر أستاذ التفسير بجامعة الدراسات لعلوم القرآن بجاكرتا مبينا‬
‫بيانا وافرا مبسوطا في منهج خاص ينزع به التطرف عن فهم القرآن والحديث‪ ،‬قائال بأن التطرف يتم‬
‫نزعه عن تفسير القرآن وفهم األحاديث النبوية بعدة طرق منها اللجوء إلى علم أسباب القرآن والحديث‬
‫واالستعانة واإللمام واإلعمال بمقاصد الشريعة والنظر إلى البعد التاريخي واالجتماعي والثقافي ‪.25‬‬
‫كما بنى بدقة جاسر عودة مقاصَد الشريعة كنظام وفن علم مستقل‪ .‬فجعله نظاما جديدا وآليًة ثابتة‬
‫لفهم القرآن الكريم واألحاديث النبوية وتفسيرهما‪ .‬ونلخص هنا ما هو قائله بأن استخدام مقاصد‬
‫الشريعة في هذا العصر المعاصر ضرورة جدا‪ .‬فبدونها يقع المرء في شرك الركود والجمود‬

‫‪21‬‬
‫‪Ali Mustafa Yaqub, Al-Islam Bayn Al-Harb Wa Al-Salam (Jakarta: Pustaka Firdaus, 2010).‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Mahmud Shaltut, Al-Qur’an Wa Al-Qital (Cairo: Matba‘ah Dar al-Kitab al-‘Arabi, n.d.), 7–8.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Muhammad Sa‘id Ramadan Al-Buti, Al-Jihad Fi Al-Islam: Kayfa Nafhamuh Wa Kayfa Numarisuh‬‬
‫‪(Suriah - Beirut: Dar al-Fikr & Dar al-Fikr al-Mu‘asir, 1993).‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Usamah al-Sayyid Al-Azhari, Al-Fahm Al-Munir Li Al-A<yat Al-Lati Akhta’a Fahmaha Ahl Ul-Tatarruf‬‬
‫‪Wa Al-Takfir (Abu Dhabi: Dar al-Faqih, 2015), 1–18.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Nasaruddin Umar, Deradikalisasi Pemahaman Al-Quran Dan Hadis (Jakarta: PT Elex Media‬‬
‫‪Komputindo, 2014), 11–53.‬‬
‫واالنحدار بل ويعلق أيضا في التطرف‪ .‬فال ينبغي أن يكون االتجاه في فهم القرآن مجرَد حماية الدين‬
‫أو الحفاظ على الكليات والضورويات األساسية البشرية الخمس‪ ،‬ولكن يجب أيًضا أن يكون لديه رؤية‬
‫لتطوير تلك الضروريات وتنميتها إلى ما هو أصلح ‪.26‬‬
‫فمن الناحية المعرفية قّد م جاسر عودة النظرة المقاصدية لتفسير القرآن الكريم وفهم األحاديث‬
‫النبوية‪ ،‬والتي سماها بـ" النظرة الشولية"‪ .‬ولقد بناها على مبادئ وخطوات في التفسير الموضوعي‬
‫للقرآن الكريم‪ .‬واعتبر هذا التفسير كأفضل الطرق في الفهم القرآني ألنه يدعم مبدأ "الوحدة المتكاملة"‬
‫والتداخلية وتعدد األبعاد‪ .‬ومن الناحية الفنية ‪ -‬المنهجية‪ ،‬لقد انتقد جاسر نمط االجتهاد القديم وطرق‬
‫تفسير القرآن التي سلك فيها العلماء المتقدمون‪ .‬فصرح بأن فهم القرآن ال ينبغي أن يقوم على مبادئ‬
‫الترجيح والتناسخ‪ .‬وإنما الحق أن يتعامل معه بطريق موضوعي على أساس وحدة اآليات الموضوعية‬
‫ثم بيان أحكامها على المقاصد التي يستهدفها اآليات‪ ،‬وذلك كله ضمن فهم حياة الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم من وجهة مقاصدية‪ .‬فال يجوز مثال التسرع في تقرير أن آية القتال " َفِإَذ ا اْنَس َلَخ اَأْلْش ُهُر اْلُحُر ُم‬
‫َفاْقُتُلوا اْلُم ْش ِر ِكيَن َح ْيُث َو َج ْد ُتُم وُهْم َو ُخ ُذ وُهْم َو اْح ُصُروُهْم َو اْقُعُدوا َلُهْم ُك َّل َم ْر َص ٍد " (سورة التوبة‪)5 :‬‬
‫التي نزلت في السنة التاسعة من الهجرة نسخت جميَع اآليات التي نزلت قبلها والتي بلغ عددها أكثر‬
‫من مائتي آية كلها تدعو إلى الصبر والتسامح والسالم والحوار وحرية المعتقد‪ ،‬بدعوى المخالفة لما‬
‫نزل مؤخرا وال بدعوى الترجيح ‪.27‬‬
‫وإليكم تفاصيل بيان هذا المنهج المتكامل على أساس مقاصدي موضوعي ونظرة شمولية‪.‬‬
‫أوال جمع اآليات في موضوع واحد‪ .‬هذا أول وهلة للسير على طريق موضوعي للتفسير‪ .‬فبه‬
‫تدرك شمولية النص القرآني لموضوع الجهاد والقتال كوحدة متكاملة‪ .‬فتعرف مقاصده العامة للشريعة‬
‫اإلسالمية التي في ضمنها الجهاد والقتال‪ .‬وللمقاصد مستويات وأنواع‪ ،‬فمنها ما كان على المستوى‬
‫الجزئي وما كان على المستوى الخاص وما كان على المستوى العام‪ ،‬كما أن منها األصلية ومنها‬
‫التابعة‪ .‬فكل من تلك المقاصد المذكورة إما منصوصة وإما مشار إليها في اآلية وإما مستنبط‬
‫باالستقراء‪ ،‬كما صرح بذلك ابن عاشور ‪.28‬‬
‫وثانيا تعيين المقاصد العامة لمشروعية الجهاد والقتال‪ ،‬ويستعان في ذلك بالقواعد األصولية‬
‫اللغوية القرآنية‪ .‬والمراد بالمقاصد العامة هنا تطوير وتنمية الضروريات البشرية الست أو الكليات‬
‫الست باعتبار المصطلحات المقاصدية المعاصرة التي لها رؤية "االنتقال والتحول من مقاصد الحفظ‬
‫إلى مقاصد التنمية"‪ ، 29‬هن تنمية الدين وتنمية النفس وتمنية العقل وتنمية المال وتنمية النسل وتنمية‬
‫العرض ‪ .30‬وهذا ما سماه جاسر بمستوى المبادئ الكبرى والعقائد األساسية‪ ،‬والتي يمثلها مبدأ العدل‬
‫والرحمة وصفات هللا تعالى ‪.31‬‬
‫وثالثا تحديد المقاصد الخاصة لمشروعية الجهاد والقتال‪ ،‬فيستعان في ذلك أيضا بالقواعد‬
‫األصولية اللغوية‪ .‬والمراد بالمقاصد الخاصة هنا حفظ الضروريات الست‪ ،‬هن حفظ الدين وحفظ‬
‫النفس وحفظ العقل وحفظ المال وحفظ النسل وحفظ العرض‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪Jasser ‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In (London - Washington: al-Ma‘had‬‬
‫‪al-‘A<lami li al-Fikr al-Islami, 2011).‬‬
‫‪27‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 68–70.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Muhammad al-Tahir Ibn ‘A<shur, No Maqasid Al-Shari‘ah Al-Islamiyah (Tunisia: Dar Suhnun, 2006),‬‬
‫‪16–20.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 53–55.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 53–64.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 12.‬‬
‫ورابعا تقرير المقاصد الجزئية لمشروعية الجهاد والقتال‪ ،‬وهي ما يعبر غالبا بحكمة التشريع‬
‫وفلس(فته‪ ،‬ف(الكالم عن ذل(ك ينطل(ق في مس(تويات "لم(اذا" باعتب(ار مص(طلح جاس(ر ع(ودة ‪ .32‬فيق(وم ذل(ك‬
‫بالعثور على ظروف اآليات من خالل مدلوالت ألفاظها ثم ظروف نزولها ومالبساتها وتناسبها مع ما‬
‫يسبقه ويليه من اآليات‪.‬‬
‫وأخيرا التفكير في إحياء تلك المقاصد المنصوصة والمفهومة المستنبطة في ديار الحرب‬
‫والسالم‪ .‬وذلك بالنظر واللجوء إلى علوم ونظريات أخرى مناسبة لكل من جزئيات الضروريات‬
‫الست‪ ،‬فالمقاصد في مجال الدين يتم إحياءها بمراعاة القواعد والنظريات في علم العقيدة‪ ،‬والمقاصد‬
‫في مجال النفس بمراعاة علم النفس أو الطب‪ ،‬وما كان في مجال العقل فبعلم الفلسفة والمنطق‪ ،‬وما‬
‫كان في األمور المالية فبعلم االقتصاد‪ ،‬ويضاف إلى كل ذلك ما يحتاج إليه من العلوم من‬
‫السوسيولوجيا واألنثروبولوجيا والعلوم اإلنسانية والتكنولوجية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫آيات الجهاد والقتال‪ :‬صورتها ومقاصدها‬


‫إنه بعد العثور عن آيات الجهاد باستخدام الوسائل الرقمية في تطبيق "القرآن الكريم" لألندرويد‬
‫وأجهزة الكمبيوتر‪ ،‬باستخراج الكلمات المفتاحية "جاهد" و "جهاد" و "قتال" و "قاتل" يمكن القول أن‬
‫هناك ‪ 32‬آية تحتوي على كلمة جهاد ومشتقاتها و ‪ 49‬آية تحتوي على كلمة قتال ومشتقاتها‪ .‬ستة (‪)6‬‬
‫منها تزلت في العصر المكي حيث وردت في السور المكية‪ ،‬وستة وعشرون ( ‪ )26‬منها وردت في‬
‫السور المدنية‪ .‬فإليكم آيات تحتوي كلمة "الجهاد" ومشتقاتها‪:‬‬

‫قائمة بآيات الجهاد في العصر المكي ومقاصدها المنصوصة في ألفاظها وسياقها ومناسباتها‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬

‫تنميتهما بالجهاد‬ ‫حفظ الدين‬ ‫رجاء رحمة هللا‬ ‫الندب على الهجرة‬ ‫من بعد ما فتنوا‬ ‫ُثَّم ِإَّن َرَّبَك ِلَّلِذ يَن َهاَج ُروا ِم ْن َبْع ِد َم ا ُفِتُنوا ُثَّم‬
‫والهجرة إلى بلد آخر‬ ‫والنفس‬ ‫ونصرته‬ ‫والجهاد والصبر من‬ ‫َج اَهُدوا َو َصَبُروا ِإَّن َرَّبَك ِم ْن َبْع ِد َها َلَغ ُفوٌر َر ِح يٌم‬
‫ومغفرته‬ ‫الفتنة‬ ‫(النحل‪)110 :‬‬

‫تنمية الدين والعلم بدعوة‬ ‫حفظ الدين‬ ‫ِلُنْح ِيَي ِبِه َبْلَد ًة‬ ‫تحريم طاعة الكفار‬ ‫كفر أكثر الناس‬ ‫َفاَل ُتِط ِع اْلَكاِفِريَن َو َج اِهْدُهْم ِبِه ِج َهاًدا َك ِبيًر ا‬
‫الكافرين إلى الحق‬ ‫والعقل‬ ‫َم ْيًتا‬ ‫واألمر بالجهاد‬ ‫على نعم الرياح‬ ‫(الفرقان‪)52 :‬‬
‫القرآني حتي يهتدوا به‬ ‫والمال‬ ‫الكبير عليهم بالقرآن‬ ‫والمطر وما‬
‫فيهما‬

‫حفظ الدين‬ ‫تحقيق مصالح‬ ‫الحض على الجهاد‬ ‫االفتتان للعلم‬ ‫َو َم ْن َج اَهَد َفِإَّنَم ا ُيَج اِهُد ِلَنْفِس ِه ِإَّن َهَّللا َلَغ ِنٌّي َع ِن‬
‫والنفس‬ ‫النفس ورجاء‬ ‫للنفس‬ ‫بالصادق عن‬ ‫اْلَع اَلِم يَن (العنكبوت‪)6 :‬‬
‫والعقل‬ ‫لقاء الرب‬ ‫الكاذب في‬
‫اإليمان‬

‫تنمية الدين والعلم‬ ‫حفظ الدين‬ ‫االستقامة في‬ ‫تحريم طاعة الوالدين‬ ‫جهاد الوالدين‬ ‫َو َو َّصْيَنا اِإْل ْنَساَن ِبَو اِلَدْي ِه ُحْس ًنا َو ِإْن َج اَهَداَك‬
‫باإلحسان على الوالدين‬ ‫اإليمان باهلل‬ ‫على المرء‬ ‫ِلُتْش ِرَك ِبي َم ا َلْيَس َلَك ِبِه ِع ْلٌم َفاَل ُتِط ْعُهَم ا ِإَلَّي‬
‫المشركين‬ ‫المسلم لإلشراك‬ ‫َم ْر ِج ُع ُك ْم َفُأَنِّبُئُك ْم ِبَم ا ُكْنُتْم َتْع َم ُلوَن (العنكبوت‪)8 :‬‬
‫باهلل‬

‫‪32‬‬
‫‪Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 11–14.‬‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬

‫تنمية الدين الهدى إلى‬ ‫حفظ الدين‬ ‫االهتداء إلى‬ ‫الحض على بالجهاد‬ ‫كفر الناس على‬ ‫َو اَّلِذ يَن َج اَهُدوا ِفيَنا َلَنْهِدَيَّنُهْم ُس ُبَلَنا َو ِإَّن َهَّللا َلَم َع‬
‫سبل الحق‬ ‫والعقل‬ ‫سبل هللا‬ ‫في هللا‬ ‫النعم وافتراؤهم‬ ‫اْلُم ْح ِسِنيَن (العنكبوت‪)69 :‬‬
‫واإلحسان باهلل‬ ‫الكذب على هللا‬
‫لما جاءهم الحق‬

‫تنمية الدين والعلم‬ ‫حفظ الدين‬ ‫االستقامة في‬ ‫تحريم طاعة الوالدين‬ ‫جهاد الوالدين‬ ‫َو ِإْن َج اَهَداَك َع َلى َأْن ُتْش ِرَك ِبي َم ا َلْيَس َلَك ِبِه‬
‫بمصاحبة الوالدين‬ ‫والعقل‬ ‫اإليمان باهلل وبر‬ ‫مع وجوب مصاحبتهما‬ ‫على المرء‬ ‫ِع ْلٌم َفاَل ُتِط ْعُهَم ا َو َص اِح ْبُهَم ا ِفي الُّد ْنَيا َم ْعُروًفا‬
‫بالمعروف‬ ‫والنفس‬ ‫الوالدين‬ ‫بالمعروف واتباع سبيل‬ ‫المسلم لإلشراك‬ ‫َو اَّتِبْع َس ِبيَل َم ْن َأَناَب ِإَلَّي ُثَّم ِإَلَّي َم ْر ِج ُع ُك ْم َفُأَنِّبُئُك ْم‬
‫ودعوتهما إلى‬ ‫المنيبين إلى هللا‬
‫باهلل‬ ‫ِبَم ا ُكْنُتْم َتْع َم ُلوَن (لقمان‪)15 :‬‬
‫الحق بالمعروف‬

‫بناًء على تلك البيانات الواردة أعاله‪ ،‬يمكن نفهم أن مصطلح الجهاد يبدو مألوًفا معروفا عند‬
‫المسلمين في العصر المكي اإلسالمي المبكر‪ .‬وال يوجد دليل صريح على أن الشريعة اإلسالمية قد‬
‫غيرت معنى الجهاد من المعنى الشائع استخدامه في التقليد العربي الجاهلي ليصبح معنى شرعيا‬
‫إسالمًيا‪ ،‬كما هو الحال الواقع على مصطلحي الصالة والظهار مثال‪ .‬ويبدو أيًضا أن آيات الجهاد في‬
‫المرحلة المكية لم ُتستخدم تحديًدا لإلشارة إلى السلوك الجهادي للمؤمنين فقط وال للقتال طبعا‪ .‬ويمكن‬
‫مالحظة ذلك من مصطلح الجهاد الذي ُيطلق على فعل اآلباء المشركين الذين يكافحون ويجاهدون‬
‫على أن يجعلوا أبنائهم مشركين مرتدين عائدين إلى أديانهم السابقة‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬من المثير لالهتمام أنه‬
‫في الرد على جهاد الوالَدين المشرَك ين‪ ،‬فإن القرآن يعّلم الولد المسلم أن يبقى ويثبت قويًا على اإليمان‬
‫واإلسالم وأن يديم اإلحسان إليهما وأن يصاحبهما معروفا‪ .‬كما أن المثير لالهتمام أيضا بأن موقف‬
‫الولد الدفاعي الجهادي للكفاح والحفاظ على إيمانه ال يطلق القرآن عليه باسم الجهاد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال‬
‫يزال بإمكاننا جميًعا االعتقاد بأن ذلك الموقف المثالي للولد المسلم هو شكل حقيقي من أشكال الجهاد‬
‫الشرعي‪ ،‬خاصة‪ ،‬عند الجهاد لمواجهة جهاد اآلباء الذين كفروا ودعوا إلى الكفر‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬نجد أيضا في هذه الفترة المكية أن معنى الجهاد الذي يؤدي إلى الحرب غيُر وارد وال‬
‫مستعَم ل في القرآن على اإلطالق‪ .‬بل الواقع‪ ،‬أن شكل الجهاد الناشئ فيها هو الصبر والمثابرة والثبات‬
‫على اإليمان وعلى سائر الضروريات البشرية الست كلها مع تنمية ذلك وتطويره إلى ما هو خير‬
‫أحسن وأصلح‪ .‬فالجهاد بالصبر والثبات والحفاظ على تلك الضروريات مشار إليه بلفظ "َفاَل ُتِط ْعُهَم ا"‬
‫(سورة العنكبوت‪ ،8 :‬و سورة لقمان‪ )15 :‬وبلفظ "َو َص َبُرْو ا" (سورة النحل‪ ،)110 :‬في حين أن الجهاد‬
‫بمعنى تطوير الذات يمكن إدراكه من لفظ "َو َص اِح ْبُهَم ا ِفي الُّد ْنَيا َم ْعُروًفا َو اَّتِبْع َس ِبيَل َم ْن َأَناَب إَلَّي " كما‬
‫تمت إشارة ذلك في قوله تعالى "َلَنْهِدَيَّنُهْم ُس ُبَلَنا َو ِإَّن َهَّللا َلَم َع اْلُم ْح ِس ِنيَن " (سورة العنكبوت‪ .)69 :‬ذاك‬
‫هو مقاصد الجهاد الشرعي في العصر المكي‪.‬‬
‫من ثم‪ ،‬يمكننا االستنتاج بأن آيات المقاصد التي تحتوي على األمر بالجهاد في العصر المكي‬
‫كانت لتطوير الذات في الحفاظ على اإليمان وباقي الضروريات البشرية الست وتنمية ذلك بشكل‬
‫فعالي إيجابي‪ .‬فأما ما يتعلق بالتقنيات الدفاعية التي َتستخِد م سبيَل الحرب فإن ذلك ال يظهر على‬
‫اإلطالق في هذا العصر المكي‪ .‬وخاصة فيما يتعلق بتقنيات مقاصد تطوير الذات وتنمية الضروريات‬
‫البشرية الست‪ ،‬فبالطبع إن طريق الحرب ليس هو الطريق الصحيح الصالح لذلك‪.‬‬
‫تاليا‪ ،‬ننظر إلى آيات الجهاد ومقاصدها في العصر المدني‪ ،‬فهل هناك تحّوٌل في المعنى من‬
‫مفهوم الجهاد بدون حرب وال قتال إلى الجهاد بتقنيات الحرب والقتال؟‪ .‬وهل كان هذا التحول مطلقا‪،‬‬
‫بمعنى أن لفظ الجهاد الوارد في هذا العصر المدني يجب أن ُيحمل وُيفهم على أنها حرب وقتال؟‪ .‬ففيما‬
‫يلي جدول بيانات آليات الجهاد في فترة المدينة المنورة‪.‬‬
‫قائمة بآيات الجهاد في العصر المدني ومقاصدها المنصوصة في ألفاظها وسياقها ومناسباتها‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬
‫تنميتهما بالجهاد‬ ‫حفظ الدين‬ ‫رجاء رحمة هللا‬ ‫وجوب الثبات على‬ ‫]الكفار[ َو اَل َيَز اُلوَن‬ ‫ِإَّن اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو اَّلِذ يَن َهاَج ُروا َو َج اَهُدوا ِفي‬
‫والهجرة إلى بلد‬ ‫والنفس‬ ‫ونصرته ومغفرته‬ ‫اإليمان والهجرة‬ ‫ُيَقاِتُلوَنُك ْم ]المسلمين[ َح َّت‬ ‫َس ِبيِل ِهَّللا ُأوَلِئَك َيْر ُجوَن َر ْح َم َت ِهَّللا َو ُهَّللا‬
‫آخر‬ ‫والجهاد في سبل هللا‬ ‫ى َيُرُّدوُك ْم َع ْن ِد يِنُك ْم ِإِن‬ ‫َغ ُفوٌر َر ِح يٌم (البقرة‪)218 :‬‬
‫اْسَتَطاُعوا‬

‫تنمية العقل للتفكير‬ ‫حفظ الدين‬ ‫َو ِلَيْع َلَم ُهَّللا اَّلِذ يَن‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫هزيمة المسلمين في‬ ‫َأْم َحِس ْبُتْم َأْن َتْدُخ ُلوا اْلَج َّنَة َو َلَّم ا َيْع َلِم ُهَّللا اَّلِذ يَن‬
‫في قواهم وعلمهم‬ ‫والعقل‬ ‫آَم ُنوا َو َيَّتِخ َذ ِم ْنُك ْم‬ ‫والصبر عليه‬ ‫غزوة أحد وانتصار‬ ‫َج اَهُدوا ِم ْنُك ْم َو َيْع َلَم الَّصاِبِريَن (آل عمران‪:‬‬
‫بما خير لهم في‬ ‫ُش َهَداَء ‪.‬‬ ‫الكفار عليهم فيها‪.‬‬ ‫‪)142‬‬
‫مستقبلهم‬
‫َو ِلُيَم ِّح َص ُهَّللا اَّلِذ يَن‬ ‫(ِإْن َيْمَس ْس ُك ْم َقْر ٌح َفَقْد‬
‫آَم ُنوا َو َيْمَحَق‬ ‫َم َّس اْلَقْو َم َقْر ٌح ِم ْثُلُه)‬
‫اْلَكاِفِريَن‬

‫تنمية الدين النفس‬ ‫حفظ الدين‬ ‫رفع الدرجات‬ ‫الحض والترغيب‬ ‫تخُّلف عدد كثير من‬ ‫اَل َيْسَتِو ي اْلَقاِع ُد وَن ِم َن اْلُم ْؤ ِمِنيَن َغْيُر ُأوِلي‬
‫والمال ليكون ذلك‬ ‫والنفس‬ ‫والفوز بعظيم‬ ‫في الجهاد باألموال‬ ‫المسلمين عن غزوة بدر‬ ‫الَّض َر ِر َو اْلُمَج اِهُد وَن ِفي َس ِبيِل ِهَّللا ِبَأْمَو اِلِهْم‬
‫أنفع وأبقى‪ ،‬وأما‬ ‫واألموال‬ ‫األجر وبالحسنى‬ ‫واألنفس والترهيب‬ ‫وقعودهم عنها‪.‬‬ ‫َو َأْنُفِسِهْم َفَّض َل ُهَّللا اْلُمَج اِهِد يَن ِبَأْمَو اِلِهْم‬
‫القعود عنها‬ ‫وهي أعلى الجنان‬ ‫عن القعود عنه مع‬ ‫َو َأْنُفِسِهْم َع َلى اْلَقاِعِد يَن َدَرَج ًة َو ُك اًّل َو َعَد ُهَّللا‬
‫فمعرض لإلفساد‬ ‫ابتغاء عرض الحياة‬ ‫اْلُحْسَنى َو َفَّض َل ُهَّللا اْلُمَج اِهِد يَن َع َلى اْلَقاِع ِد يَن‬
‫الدنيا‪.‬‬ ‫َأْج ًر ا َع ِظ يًم ا (النساء‪)95 :‬‬

‫تنمية الدين والنفس‬ ‫حفظ الدين‬ ‫نيل الفالح (لعلكم‬ ‫وجوب التقوى‬ ‫ظهور الناس الذين‬ ‫َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا اَّتُقوا َهَّللا َو اْبَتُغ وا ِإَلْي ِه‬
‫والمال ليكون ذلك‬ ‫والنفس والمال‬ ‫تفلحون)‬ ‫وابتغاء الوسيلة‬ ‫يحاربون هللا ورسوله‬ ‫اْلَوِس يَلَة َو َج اِهُدوا ِفي َس ِبيِلِه َلَع َّلُك ْم ُتْفِلُحوَن‬
‫سبيال إلى الفالح‬ ‫والجهاد‬ ‫ويسعون في األرض‬ ‫(المائدة‪)35 :‬‬
‫فسادا (آية ‪)33‬‬

‫تنمية الدين والنفس‬ ‫حفظ الدين‬ ‫نيل الفضل من هللا‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫وصف المجاهدين‪،‬‬ ‫َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا َم ْن َيْر َتَّد ِم ْنُك ْم َع ْن ِد يِنِه‬
‫والعقل والنسل‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫والمحبة منه والعزة‬ ‫في سبيل هللا من‬ ‫وتصريح بأن ردة امرئ‬ ‫َفَسْو َف َيْأِتي ُهَّللا ِبَقْو ٍم ُيِح ُّبُهْم َو ُيِح ُّبوَنُه َأِذ َّلٍة‬
‫والعرض حتى‬ ‫والنسل‬ ‫منه‬ ‫أجل الثبات على‬ ‫مسلم ال تضر وال تنقص‬ ‫َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن َأِع َّز ٍة َع َلى اْلَكاِفِريَن ُيَج اِهُد وَن‬
‫يعتز اإلسالم بذلك‬ ‫والعرض‬ ‫اإليمان‪ ،‬والترهيب‬ ‫عزة اإلسالم والمسلمين‬ ‫ِفي َس ِبيِل ِهَّللا َو اَل َيَخ اُفوَن َلْو َم َة اَل ِئٍم َذ ِلَك‬
‫كله‬ ‫عن الردة‬ ‫َفْض ُل ِهَّللا ُيْؤ ِتيِه َم ْن َيَشاُء َو ُهَّللا َو اِس ٌع َع ِليٌم‬
‫(المائدة‪)54 :‬‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفط الدين‬ ‫نيل الَو الية النبوية‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫توحيد صفوف المسلمين‬ ‫ِإَّن اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو َهاَج ُروا َو َج اَهُدوا ِبَأْمَو اِلِهْم‬
‫والنفس والعلم‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫والنصرة اإللهية‪.‬‬ ‫باألموال واألنفس‬ ‫في غزوة بدر‬ ‫َو َأْنُفِسِهْم ِفي َس ِبيِل ِهَّللا َو اَّلِذ يَن آَو ْو ا َو َنَص ُروا‬
‫واألموال على أن‬ ‫والمال‬ ‫والهجرة والنصرة‬ ‫ُأوَلِئَك َبْعُضُهْم َأْو ِلَياُء َبْع ٍض َو اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو َلْم‬
‫يعلو بها اإلسالم‬ ‫والعرض‬ ‫وسد ذريعة الفتنة‬ ‫ُيَهاِج ُروا َم ا َلُك ْم ِم ْن َو اَل َيِتِهْم ِم ْن َش ْي ٍء َح َّتى‬
‫في األرض وال‬ ‫ُيَهاِج ُروا َو ِإِن اْسَتْنَص ُروُك ْم ِفي الِّديِن َفَع َلْيُك ُم‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬
‫يعلى عليه وينشر‬ ‫(آية ‪)73‬‬ ‫الَّنْص ُر ِإاَّل َع َلى َقْو ٍم َبْيَنُك ْم َو َبْيَنُهْم ِم يَثاٌق َو ُهَّللا‬
‫رحمته للعالمين‬ ‫ِبَم ا َتْع َم ُلوَن َبِص يٌر (األنفال‪)72 :‬‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫الوصول إلى كمال‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫توحيد صفوف المسلمين‬ ‫َو اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو َهاَج ُروا َو َج اَهُدوا ِفي َس ِبيِل ِهَّللا‬
‫واألموال على أن‬ ‫والمال‬ ‫اإليمان والحصول‬ ‫باألموال واألنفس‬ ‫في غزوة بدر‬ ‫َو اَّلِذ يَن آَو ْو ا َو َنَص ُروا ُأوَلِئَك ُهُم اْلُم ْؤ ِم ُنوَن‬
‫يكون الرزق‬ ‫على مغفرة ورزق‬ ‫والهجرة والنصرة‬ ‫َح ًّقا َلُهْم َم ْغ ِفَر ٌة َو ِرْز ٌق َك ِريٌم (األنفال‪)74 :‬‬
‫الكريم على أيدي‬ ‫كريم‬
‫المسلمين‬

‫تنمية اإليمان على‬ ‫حفظ الدين‬ ‫معترف به كفئة‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫توحيد صفوف المسلمين‬ ‫َو اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِم ْن َبْعُد َو َهاَج ُروا َو َج اَهُدوا‬
‫أن يقوي بها‬ ‫الرسول وجماعته‬ ‫باألموال واألنفس‬ ‫في غزوة بدر‬ ‫َم َع ُك ْم َفُأوَلِئَك ِم ْنُك ْم َو ُأوُلو اَأْلْر َح اِم َبْعُضُهْم‬
‫جماعة المسلمين‬ ‫والهجرة والنصرة‬ ‫َأْو َلى ِبَبْع ٍض ِفي ِكَتاِب ِهَّللا ِإَّن َهَّللا ِبُك ِّل َش ْي ٍء‬
‫َع ِليٌم (األنفال‪)75 :‬‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫الزجر على الكفار‬ ‫وجوب القتال‬ ‫نكث المشركين ونقضهم‬ ‫َأْم َحِس ْبُتْم َأْن ُتْتَر ُك وا َو َلَّم ا َيْع َلِم ُهَّللا اَّلِذ يَن‬
‫والنفس والمال‬ ‫والنفس‬ ‫المحاربين لإلسالم‬ ‫للتعرف على من‬ ‫عهودهم وأيمانهم وهمهم‬ ‫َج اَهُدوا ِم ْنُك ْم َو َلْم َيَّتِخ ُذ وا ِم ْن ُدوِن ِهَّللا َو اَل‬
‫والقوى البشرية‬ ‫والعرض‬ ‫واالنتصار عليهم‬ ‫جاهد في إيمانه‬ ‫بإخراج الرسول وبدءهم‬ ‫َر ُسوِلِه َو اَل اْلُم ْؤ ِمِنيَن َو ِليَج ًة َو ُهَّللا َخ ِبيٌر ِبَم ا‬
‫على أن يعلو بها‬ ‫والمال‬ ‫وإذهاب غيظ قلوب‬ ‫بقتال المسلمين (آية‪:‬‬ ‫َتْع َم ُلوَن (التوبة‪)16 :‬‬
‫اإلسالم في‬ ‫المؤمنين وشفاء‬ ‫‪)13‬‬
‫األرض وال يعلى‬ ‫صدرهم‬
‫عليه وينشر‬
‫رحمته للعالمين‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫التفريق بين الهجرة‬ ‫الترغيب في‬ ‫انتشار المزاعم الخاطئة‬ ‫َأَجَع ْلُتْم ِس َقاَيَة اْلَح اِّج َو ِع َم اَر َة اْلَم ْس ِج ِد اْلَح َر اِم‬
‫والنفس والمال‬ ‫والنفس والمال‬ ‫والجهاد وبين سقاية‬ ‫الهجرة والجهاد‬ ‫عند الناس بأن سقاية‬ ‫َك َم ْن آَم َن ِباِهَّلل َو اْلَيْو ِم اآْل ِخ ِر َو َج اَهَد ِفي َس ِبيِل‬
‫على أن يعلو بها‬ ‫الحجاج وعمارة‬ ‫لعظيم شأنهما في‬ ‫الحجاج وعمارة المسجد‬ ‫ِهَّللا اَل َيْسَتُووَن ِع ْنَد ِهَّللا َو ُهَّللا اَل َيْهِد ي اْلَقْو َم‬
‫اإلسالم في‬ ‫المسجد‪،‬‬ ‫اإلسالم‬ ‫الحرام تساويان أو‬ ‫الَّظاِلِم يَن (التوبة‪)19 :‬‬
‫األرض وال يعلى‬ ‫تفضالن على اإليمان‬
‫عليه وينشر‬ ‫والفوز بأعظم‬ ‫والجهاد‪.‬‬ ‫اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو َهاَج ُروا َو َج اَهُدوا ِفي َس ِبيِل ِهَّللا‬
‫رحمته للعالمين‬ ‫الدرجات عند هللا‬ ‫ِبَأْمَو اِلِهْم َو َأْنُفِس ِهْم َأْع َظُم َدَر َج ًة ِع ْنَد ِهَّللا‬
‫َو ُأوَلِئَك ُهُم اْلَفاِئُز وَن (التوبة‪)20 :‬‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫سد ذريعة الهالك‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫بعض المسلمين اتخذوا‬ ‫ُقْل ِإْن َك اَن آَباُؤ ُك ْم َو َأْبَناُؤ ُك ْم َو ِإْخ َو اُنُك ْم‬
‫والنفس والمال‬ ‫والنفس والنسل‬ ‫(آية‪ ،)24 :‬وجلب‬ ‫في سبيل هللا‬ ‫الكفار من اآلباء واألبناء‬ ‫َو َأْز َو اُج ُك ْم َو َع ِش يَر ُتُك ْم َو َأْمَو اٌل اْقَتَر ْفُتُم وَها‬
‫واألسرة على أن‬ ‫والمال‬ ‫نصرة هللا في‬ ‫وليا لهم (آية‪)23 :‬‬ ‫َو ِتَج اَر ٌة َتْخ َش ْو َن َك َس اَدَها َوَم َس اِك ُن َتْر َضْو َنَها‬
‫يعلو بها اإلسالم‬ ‫كثيرة‬ ‫مواطن‬ ‫َأَح َّب ِإَلْيُك ْم ِم َن ِهَّللا َو َر ُسوِلِه َو ِج َهادٍ ِفي َس ِبيِلِه‬
‫في األرض وال‬ ‫وإنزال سكينة هللا‬ ‫َفَتَر َّبُصوا َح َّتى َيْأِتَي ُهَّللا ِبَأْم ِرِه َو ُهَّللا اَل َيْهِد ي‬
‫يعلى عليه وينشر‬ ‫الرسول‬ ‫على‬ ‫اْلَقْو َم اْلَفاِس ِقيَن (التوبة‪)24 :‬‬
‫رحمته للعالمين‬ ‫والمؤمنين‬

‫فإذا تم حفظ ذلك‬ ‫حفظ الدين‬ ‫جلب نصرة هللا‬ ‫وجوب الجهاد‬ ‫اعتراضات بعض‬ ‫اْنِفُروا ِخ َفاًفا َو ِثَقااًل َو َج اِهُدوا ِبَأْمَو اِلُك ْم‬
‫بالجهاد حصلت‬ ‫والنفس والمال‬ ‫وإنزال سكينة هللا على‬ ‫باألموال واألنفس‬ ‫المؤمنين وانثقالهم‬ ‫َو َأْنُفِس ُك ْم ِفي َس ِبيِل ِهَّللا َذ ِلُك ْم َخْيٌر َلُك ْم ِإْن ُكْنُتْم‬
‫اإلمكان للمسلمين‬ ‫المؤمنين وإتيان جنود‬ ‫في سبيل هللا‬ ‫وسكوتهم عن القتال بعد أن‬ ‫َتْع َلُم وَن (التوبة‪)41 :‬‬
‫هللا من المالئكة‬ ‫استنفرهم الرسول وتمتعهم‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬
‫أن ينّم يه إلى ما فيه‬ ‫وإعالء كلمة هللا (آية‪:‬‬ ‫بالحياة الدنيا (آية‪)38 :‬‬
‫صالحهم دنيا‬ ‫‪)40‬‬
‫وأخرا‬

‫ْأ‬
‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫تثبيت اإليمان‬ ‫وجوب الجهاد‬ ‫إذن النبي لبعض الناس‬ ‫اَل َيْسَت ِذ ُنَك اَّلِذ يَن ُيْؤ ِم ُنوَن ِباِهَّلل َو اْلَيْو ِم اآْل ِخ ِر‬
‫والنفس واألموال‬ ‫والنفس والمال‬ ‫وترسيخه وإشهاده‬ ‫باألموال واألنفس‬ ‫عن التخلف عن القتال‬ ‫َأْن ُيَج اِهُدوا ِبَأْمَو اِلِهْم َو َأْنُفِسِهْم َو ُهَّللا َع ِليٌم‬
‫لتطوير قوى أبناء‬ ‫أمام هللا ورسوله‬ ‫في سبيل هللا‬ ‫قبل تبين الصادق من‬ ‫ِباْلُم َّتِقيَن (التوبة‪)44 :‬‬
‫اإلسالم وعلومهم‬ ‫والمؤمنين‬ ‫الكاذب (آية‪)43 :‬‬
‫وعلو دينهم‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫اإلنذار عليهم حتى‬ ‫وجوب الجهاد على‬ ‫إيذاء الكفار والمنافقين‬ ‫َيا َأُّيَها الَّنِبُّي َج اِهِد اْلُكَّفاَر َو اْلُم َناِفِقيَن َو اْغ ُلْظ‬
‫والعلم والنفس‬ ‫والنفس‬ ‫يتوبوا فيكون خيرا‬ ‫الكفار والتغليظ‬ ‫بكلمات يقولونها على النبي‬ ‫َع َلْيِهْم َوَم ْأَو اُهْم َج َهَّنُم َو ِبْئَس اْلَم ِص يُر (التوبة‪:‬‬
‫على أن ينتبه‬ ‫والعرض‬ ‫لهم‪ ،‬وإإلصابة‬ ‫عليهم في تلك‬ ‫لكنهم أقسموا ولم يرغبوا‬ ‫‪)73‬‬
‫في االعتراف بذلك‪ ،‬بل‬
‫الجاحدون من‬ ‫عليهم بعذاب هللا في‬ ‫الحالة‬
‫وارتدوا عن اإلسالم وهموا‬
‫الكفار والمنافقين‬ ‫الدنيا إذا تولوا عن‬
‫قتل النبي بما لم ينالوا‬
‫بأن جحودهم‬ ‫التوبة (آية‪)74 :‬‬ ‫ونقموا هللا ورسوله (آية‪:‬‬
‫يصيرهم إلى جهنم‬ ‫‪)74‬‬
‫الدنيا وجهنم‬
‫اآلخرة‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫التهديد واإلنذار‬ ‫تغليظ وتحريم الكره‬ ‫واضح ظاهر في اآلية‬ ‫َفِرَح اْلُم َخ َّلُفوَن ِبَم ْقَعِدِهْم ِخ اَل َف َر ُسوِل ِهَّللا‬
‫والعلم على أن‬ ‫والعقل (لو‬ ‫عليهم عن شدة‬ ‫والتخلف عن‬ ‫بأن الكفار والمنافقين‬ ‫َو َك ِرُهوا َأْن ُيَج اِهُدوا ِبَأْمَو اِلِهْم َو َأْنُفِسِهْم ِفي‬
‫يعلو بها اإلسالم‬ ‫كانوا يفقهون)‬ ‫عذاب جهنم إذا‬ ‫الجهاد (قل نار‬ ‫فرحوا بمقعدهم خالف‬ ‫َس ِبيِل ِهَّللا َو َقاُلوا اَل َتْنِفُروا ِفي اْلَح ِّر ُقْل َناُر‬
‫في األرض وال‬ ‫فرحوا من التخلف‬ ‫جهنم أشد حرا)‬ ‫رسول هللا وكرهوا‬ ‫َجَهَّنَم َأَشُّد َح ًّر ا َلْو َكاُنوا َيْفَقُهوَن (التوبة‪)81 :‬‬
‫يعلى عليه وينشر‬ ‫عن الجهاد‬ ‫الجهاد فامتنعوا ومنعوا‬
‫رحمته للعالمين‬ ‫عنه‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫تقوية اإليمان‬ ‫وجوب واإليمان‬ ‫ظهور المنافقين عند‬ ‫َو ِإَذ ا ُأْنِز َلْت ُسوَر ٌة َأْن آِم ُنوا ِباِهَّلل َو َج اِهُدوا َم َع‬
‫والنفس والعلم‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫والمؤمنين‬ ‫الجهاد مع الرسول‬ ‫نزول األمر باإليمان‬ ‫َر ُسوِلِه اْسَتْأَذ َنَك ُأوُلو الَّطْو ِل ِم ْنُهْم َو َقاُلوا َذ ْر َنا‬
‫والمال واألسرة‬ ‫والمال والنسل‬ ‫وترغيبهم في‬ ‫والجهاد في تحقيق مصالح‬ ‫َنُك ْن َم َع اْلَقاِعِد يَن (التوبة‪)86 :‬‬
‫على أن يعلو بها‬ ‫والعرض‬ ‫الخيرات الدنوية‬ ‫األمة وخيراتهم وتسليمهم‬
‫اإلسالم في‬ ‫(وذلك هو‬ ‫األخروية (آية‪)88 :‬‬ ‫من الهالك والضرر‬
‫األرض وال يعلى‬ ‫الخيرات)‬
‫عليه وينشر‬
‫رحمته للعالمين‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫جلب الخيرات‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫ظهور المنافقين عند‬ ‫َلِكِن الَّرُسوُل َو اَّلِذ يَن آَم ُنوا َم َع ُه َج اَهُدوا‬
‫والنفس والعلم‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫والمصالح والمنافع‬ ‫باآلموال واألنفس‬ ‫نزول األمر باإليمان‬ ‫ِبَأْمَو اِلِهْم َو َأْنُفِس ِهْم َو ُأوَلِئَك َلُهُم اْلَخْيَر اُت‬
‫والمال واألسرة‬ ‫والمال والنسل‬ ‫وفتح ذرائع الفالح‬ ‫مع الرسول‬ ‫والجهاد في تحقيق مصالح‬ ‫َو ُأوَلِئَك ُهُم اْلُم ْفِلُحوَن (التوبة‪)88 :‬‬
‫على أن يعلو بها‬ ‫والعرض‬ ‫األمة وخيراتهم وتسليمهم‬
‫اإلسالم في‬ ‫(وذلك هو‬ ‫من الهالك والضرر‬
‫األرض وال يعلى‬ ‫الخيرات)‬
‫عليه وينشر‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬
‫رحمته للعالمين‬

‫تنمية اإليمان‬ ‫حفظ الدين‬ ‫رفع الحرج عن‬ ‫وجوب القيام‬ ‫بيان اصطفاء هللا من‬ ‫َو َج اِهُدوا ِفي ِهَّللا َح َّق ِج َهاِدِه ُهَو اْج َتَباُك ْم َو َم ا‬
‫والنفس والعلم‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫المؤمنين في الدين‪،‬‬ ‫بالجهاد حق القيام‬ ‫المالئكة رسال ومن‬ ‫َجَعَل َع َلْيُك ْم ِفي الِّديِن ِم ْن َح َر ٍج ِم َّلَة َأِبيُك ْم‬
‫والمال واألسرة‬ ‫والمال والنسل‬ ‫وإحياؤهم ملة‬ ‫الناس رسال أيضا‬ ‫ِإْبَر اِهيَم ُهَو َسَّم اُك ُم اْلُم ْس ِلِم يَن ِم ْن َقْبُل َو ِفي َهَذ ا‬
‫إبراهيم‪ ،‬واالستشهاد‬
‫على أن يعلو بها‬ ‫والعرض‬ ‫واستنكار بعض الناس‬ ‫ِلَيُك وَن الَّرُسوُل َش ِهيًدا َع َلْيُك ْم َو َتُك وُنوا ُش َهَداَء‬
‫من الرسول على‬
‫اإلسالم في‬ ‫(وذلك هو‬ ‫عليهم‬ ‫َع َلى الَّناِس َفَأِقيُم وا الَّص اَل َة َو آُتوا الَّز َكاَة‬
‫إيمانهم‪ ،‬واإلشهاد‬
‫األرض وال يعلى‬ ‫الخيرات)‬ ‫على الناس بأن‬ ‫َو اْعَتِصُم وا ِباِهَّلل ُهَو َم ْو اَل ُك ْم َفِنْع َم اْلَم ْو َلى َو ِنْع َم‬
‫عليه وينشر‬ ‫صالحهم في اإليمان‪،‬‬ ‫الَّنِص يُر (الحج‪)78 :‬‬
‫رحمته للعالمين‬ ‫وإعالء كلمات هللا‬
‫واالعتصام بها‪،‬‬
‫وإحضار النصرة‬
‫والوالية من هللا‬

‫تنمية اإليمان حتى‬ ‫حفظ الدين‬ ‫االمتحان واالبتالء‬ ‫وجوب الجهاد‬ ‫امتحاُن الناس في إيمانهم‬ ‫ِم ْنُك ْم‬ ‫َو َلَنْبُلَو َّنُك ْم َح َّتى َنْع َلَم اْلُمَج اِهِد يَن‬
‫وأثمر‬ ‫وترسخ‬ ‫للتعرف والتحقق‬ ‫والصبر على‬ ‫صحة قلوبهم وطاعتهم‬ ‫َو الَّصاِبِريَن َو َنْبُلَو َأْخ َباَر ُك ْم (محمد‪)31 :‬‬
‫األعمال‬ ‫على أحوال وأخبار‬ ‫اإليمان‬ ‫هلل والرسول واستماعهم‬
‫الصالحات‬ ‫من صدق واجتهد‬ ‫له حتى إذا أمروا‬
‫الحسنات‬ ‫وجاهد وصبر في‬ ‫بالقتال‪ ،‬وسؤالهم‬
‫اإليمان‪ .‬وفيها‬ ‫للرسول أن "لوال أنزلت‬
‫تفريق بين الجهاد‬ ‫سورة؟!" ]َفِإَذ ا ُأْنِز َلْت‬
‫والصبر‪.‬‬ ‫ُسوَر ٌة ُم ْح َك َم ٌة َو ُذ ِكَر ِفيَها‬
‫اْلِقَتاُل َر َأْيَت اَّلِذ يَن ِفي‬
‫ُقُلوِبِهْم َم َر ٌض [(آية‪:‬‬
‫‪)20‬‬

‫تنمية الدين والعلم‬ ‫حفظ الدين‬ ‫إدخال اإليمان في‬ ‫الترغيب في الجهاد‬ ‫ادعاء األعراب باإليمان‬ ‫ِإَّنَم ا اْلُم ْؤ ِم ُنوَن اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِباِهَّلل َو َر ُسوِلِه ُثَّم َلْم‬
‫حتى يدخل اإليمان‬ ‫والعقل‬ ‫القلب وتصديقه فيه‪،‬‬ ‫ماال ونفسا ليكون‬ ‫مع عدم علمهم باإليمان‬ ‫َيْر َتاُبوا َو َج اَهُدوا ِبَأْمَو اِلِهْم َو َأْنُفِسِهْم ِفي َس ِبيِل‬
‫في القلب ونبت‬ ‫فالرجل إذا لم يدخل‬ ‫دليال على وجود‬ ‫حيث قالوا "آمنا" ولما‬ ‫ِهَّللا ُأوَلِئَك ُهُم الَّصاِد ُقوَن (الحجرات‪)15 :‬‬
‫ونشأ وتطور‬ ‫اإليمان في قلبه ولم‬ ‫اإليمان في القلب‬ ‫يدخل اإليمان في قلوبهم‬
‫وترسخ وأنتج‬ ‫يزل اإليمان في‬ ‫وصدقه‬ ‫(آية‪)14 :‬‬
‫الثمرات‬ ‫ظواهره فال يسحتق‬
‫الصالحات‬ ‫دعوى اإليمان‬
‫الحسنات‬

‫تنمية الدين والعقل‬ ‫حفظ الدين‬ ‫الخروج من‬ ‫وجوب إخالص‬ ‫اتخاذ بعض المؤمنين‬ ‫َيا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا اَل َتَّتِخ ُذ وا َع ُد ِّو ي َو َع ُد َّو ُك ْم‬
‫حتى قام بالجهاد‬ ‫والعقل والنفس‬ ‫الضالل إلى سواء‬ ‫النية هلل في الجهاد‬ ‫عدو هللا وعدوهم أولياَء‬ ‫َأْو ِلَياَء ُتْلُقوَن ِإَلْيِهْم ِباْلَمَو َّد ِة َو َقْد َكَفُروا ِبَم ا‬
‫حق القيام وائتمن‬ ‫والمال‬ ‫السبيل والقيام‬ ‫أو القتال والقيام به‬ ‫وإلقاؤهم أسرار‬ ‫َج اَء ُك ْم ِم َن اْلَح ِّق ُيْخ ِر ُجوَن الَّرُسوَل َو ِإَّياُك ْم َأْن‬
‫والعرض‪،‬‬
‫باالحتفاظ على سر‬ ‫باألمانة واالستقامة‬ ‫حق القيام (ِإْن ُكْنُتْم‬ ‫المؤمنين إليهم بالمودة‪،‬‬ ‫ُتْؤ ِم ُنوا ِباِهَّلل َر ِّبُك ْم ِإْن ُكْنُتْم َخ َر ْج ُتْم ِج َهادًا ِفي‬
‫الجماعة حق‬ ‫حيث إذا خرج‬ ‫في الحق‬ ‫َخ رَْج ُتْم ِج َهاًدا ِفي‬ ‫فأخرجوا الرسول‬ ‫َس ِبيِلي َو اْبِتَغاَء َم ْر َض اِتي ُتِس ُّر وَن ِإَلْيِهْم‬
‫األمانة فاهتدى إلى‬ ‫المؤمن جهادا‬ ‫َس ِبيِلي َو اْبِتَغاَء‬ ‫والمؤمنين من ديارهم‬ ‫ِباْلَمَو َّد ِة َو َأَنا َأْعَلُم ِبَم ا َأْخ َفْيُتْم َوَم ا َأْع َلْنُتْم َو َم ْن‬
‫سواء السبيل‬ ‫في سبيل هللا‬ ‫َم ْر َض اِتي) مع‬ ‫بسبب أنهم مؤمنون باهلل‬ ‫َيْفَع ْلُه ِم ْنُك ْم َفَقْد َض َّل َسَو اَء الَّس ِبيِل (الممتحنة‪:‬‬
‫واستقام فيه وفاز‬ ‫ولكن أسر إلى‬ ‫تحريم اتخاذ العدو‬ ‫وراضون به ربا‬ ‫‪)1‬‬
‫مقاصدها‬ ‫خطاب األحكام‬ ‫الظروف‬
‫اآلية‬
‫العامة‬ ‫الخاصة‬ ‫الجزئية‬ ‫التكليفية‬ ‫والمناسبات‬
‫بالمصالح‬ ‫العدو فذلك‬ ‫وليا وإلقاء األخبار‬
‫والحسنات الدنوية‬ ‫يضر دينه وعقله‬ ‫السرية إليه بعذر‬
‫واألخروية فوزا‬ ‫فصار جاهال‬ ‫المودة‬
‫ضاال ثم ُأخِر ج‬
‫عظيما‬
‫من داره فيهلك‬
‫المال والنفس‬
‫وغيرهما‬

‫تنمية تلك‬ ‫حفظ الدين‬ ‫النجاة من العذاب‬ ‫وجوب اإليمان باهلل‬ ‫إرادة الكفار إطفاَء نور‬ ‫ُتْؤ ِم ُنوَن ِباِهَّلل َو َر ُسوِلِه َو ُتَج اِهُد وَن ِفي َس ِبيِل‬
‫الضروريات التي‬ ‫والنفس والعقل‬ ‫األليم (آية‪)10 :‬‬ ‫ورسوله والجهاد‬ ‫هللا بأفواههم (آية‪)8 :‬‬ ‫ِهَّللا ِبَأْمَو اِلُك ْم َو َأْنُفِس ُك ْم َذ ِلُك ْم َخْيٌر َلُك ْم ِإْن ُكْنُتْم‬
‫تم حفظها ألجل‬ ‫والمال‬ ‫والفوز بالخيرات‬ ‫في سبيله ماال ونفسا‬ ‫وكراهة المشركين على‬ ‫َتْع َلُم وَن (الصف‪)11 :‬‬
‫الفوز بما هو خير‬ ‫والعرض‪،‬‬ ‫(آية‪ )11 :‬والمغفرة‬ ‫الرسول (آية‪ )9 :‬وإرادة‬
‫وأحسن وأصلح‬ ‫وذلك ما يعبر‬ ‫والجنات ومساكن‬ ‫هللا هداية للمؤمنين على‬
‫دنيا وأخرا‬ ‫بالنجاة‬ ‫طيبة فيها (آية‪)12 :‬‬ ‫ما ينجيهم من عذاب أليم‬
‫والنصرة والفتح‬ ‫(آية‪)10 :‬‬
‫(آية ‪)13‬‬

‫تنمية الدين والعلم‬ ‫حفظ الدين‬ ‫إنذار الكفار على‬ ‫وجوب الجهاد على‬ ‫اإلنذار والتنبيه على‬ ‫َيا َأُّيَها الَّنِبُّي َج اِهِد اْلُكَّفاَر َو اْلُم َناِفِقيَن َو اْغ ُلْظ‬
‫على أن ينتبه‬ ‫والعقل‬ ‫جحدهم وكفرهم‬ ‫الكفار والتغليظ‬ ‫الكفار على أن ال‬ ‫َع َلْيِهْم َوَم ْأَو اُهْم َجَهَّنُم َو ِبْئَس اْلَم ِص يُر‬
‫الجاحدون بأن‬ ‫باهلل والرسول وذلك‬ ‫عليهم في تلك‬ ‫يعتذروا عند دخولهم نار‬ ‫(التحريم‪)9 :‬‬
‫جحودهم يصيرهم‬ ‫يؤديهم إلى دخول‬ ‫الحالة‬ ‫جهنم (آية‪)7 :‬‬
‫إلى جهنم‬ ‫نار جهنم‬

‫واستنادًا إلى جدول اآليات ومقاصدها في عصر المدينة كما ذكر‪ ،‬يمكننا االستنتاج بأنه شِهد لفُظ‬
‫الجهاد تحّو ال في معناه‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يبدو أن هذا التحول يميل إلى التضييق ( ‪ )specification‬على معنى‬
‫الجهاد عن طريق الحرب والقتال‪ .‬ولقد حدث فعال هذا التحوُل منذ أن تم طرد النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم والمسلمين من مكة ثم هاجروا إلى يثرَب المدينِة المنورة‪ ،‬فاستمرت المقاومة من عند الكفار على‬
‫المسلمين وتأخذ شكل الهجمات‪ .‬فلذلك‪ ،‬نزلت آيات الجهاد تسمح النبي والمسلمين استخداَم طريق‬
‫الحرب والقتال‪ ،‬فقال تعالى‪ُ(( :‬أِذ َن ِلَّلِذ يَن ُيَقاَتُلوَن ِبَأَّنُهْم ُظِلُم واۚ َو ِإَّن َهَّللا َع َلٰى َنْص ِر ِهْم َلَقِد يٌر )) (سورة‬
‫الحج‪ .)39 :‬لكن‪ ،‬بناء على مبادي التفسير المقاصدي‪ ،‬فإن أسلوب الحرب الذي كان مسموحًا به في‬
‫عصر المدينة ال ينسخ وال ينفي إطالقًا الجهاَد بالصبر الذي نزل في عصر مكة‪ .‬وهذا واضح أيًضا في‬
‫بعض اآليات المدنية التي ال تزال َتستخِد م أسلوَب الصبر والاّل عنِف والاّل قتال في الجهاد في سبيل هللا‪.‬‬
‫من ثم يمكن أن نستنتج مرة أخرى أن التحّو ل في معنى لفظ الجهاد في اآليات المدنية ال يضّيق‬
‫وال يحصر معنى الجهاَد الشرعي على الحرب والقتال فقط‪ .‬وإن الجهاد الذي بمعنى الحرب والقتال لم‬
‫ُيذكر صراحة في القرآن‪ ،‬بل يفِّر ق القرآُن ويفصل بين آيات الجهاد وآيات القتال‪ .‬ودليل ذلك أن الجهاد‬
‫بمعنى الكفاِح والسعِي الجاد وبذِل المجهود لتنمية الذات وتطويِر الضروريات البشرية الست يظهر‬
‫أيًضا في اآليات المدنية‪ ،‬وعلى سبيل مثالها سورة الحج‪ 78 :‬وسورة الحجرات‪ 15 :‬كما ذكر في‬
‫الجدول السابق‪ .‬وأما الباقية فلها عالقة مباشرة بحالة المسلمين الذين يتعرضون للهجوم والقتال‬
‫واالضطهاد (انظر قائمة "الظروف والمناسبات" في الجدول المذكور)‪.‬‬

‫مقاصد الجهاد‪ :‬من حفظ الضروريات إلى تنميتهن‬


‫انطالقا من المعطيات وتحليالتها الموضحتين أعاله نقول بصراحة أن الفهم المنير آليات الجهاد‬
‫في القرآن على ضوء التفسير الموضوعي المقاصدي يجب أن يقوم على مبادئ المقاصد الشرعية‬
‫المعتبرة نصا وإشارة في القرآن والمستنبطة استقراء وقياسا‪.‬‬
‫ثم إنه تم العثور على ممارسة الجهاد في المجتمعات اإلسالمية في مختلف البلدان بمعنى ضيق‪.‬‬
‫وتشهد ممارسة الجهاد في إندونيسيا‪ ،‬كما ورد في مقدمة هذه الورقة‪ ،‬ديناميكيات تتعارض مع مقاصد‬
‫الجهاد الشرعي نفسه‪ .‬فغالًبا ما تكون ممارسة الجهاد في سبيل هللا الموجودة في المجتمعات اإلسالمية‬
‫مرادفة للعنف والقتل‪ .‬ولقد شهد التاريخ ظهور جماعة الخوارج التي أحلت دماء إخوانهم المسلمين‬
‫بسهولة ألنهم يرونهم لم يحكموا بما أنزل هللا‪ .‬وكثيًر ا ما نسمع في هذا العصر المعاصر أخبار ممارسة‬
‫الجهاد من ِقبل داعش التي تهاجم إخوانهم المسلمين‪ .‬وغالًبا ما يشار إلى كل ذلك باسم الجهاد في سبيل‬
‫هللا‪ .‬هذا هو المكان الذي نعتبر فيه أنه من الضروري شُّن حملٍة من أجل التفاهمات الصحيحة وإعادة‬
‫مفهوم الجهاد وممارسته إلى مقاصده األصلية‪.‬‬
‫ففي إندونيسيا‪ ،‬ينشأ الرهاب ضد اإلسالم والمسلمين من بعض الشباب المسلمين أنفسهم‪ .‬يرجع‬
‫أحد عواملها إلى فهم بعض الجهاديين األصوليين المسلمين‪ .‬فهناك العديد من الشباب اإلندونيسيين‬
‫لديهم آراء خائفة وساخرة تجاه إخوانهم المسلمين الذين ُيَظن بانتمائهم إلى الحركات والجماعات‬
‫الجهادية‪ .‬لذلك‪ ،‬بدت مجموعة من الشباب المسلمين يكرهون ويتهمون في إخوانهم المسلمين الذين تم‬
‫التعرف عليهم بصرًيا يشبهون الجهاديين ‪.33‬‬
‫ظهرت وجهة النظر المنحرفة لمفهوم الجهاد في اإلسالم ليست فقط مشكلة للمسلمين‬
‫اإلندونيسيين‪ .‬ولكن على نطاق أوسع‪ ،‬تمتد إلى الغرب‪ .‬في الواقع‪ ،‬تؤكد مجلة ‪Islamophobia Studies‬‬
‫‪ Journal‬أن التصورات األمريكية السلبية لمفهوم الجهاد اإلسالمي تؤثر بشكل كبير على تصور العالم‬
‫لإلسالم‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬أصبح اإلسالموفوبيا مشكلة عالمية خطيرة ‪ .34‬فيفهم الغرب "الجهاد" على أنه‬
‫"اإلسالم الراديكالي" بناًء على أفعال أفراد الجماعات اإلسالمية المتطرفة‪ .‬في غضون ذلك‪ ،‬يتهم الفرُب‬
‫اإلسالَم بتقويض التسامح والسالم ونقضهما ‪.35‬‬
‫ما ينذر بالخطر هو أن هناك أجياًال عديدة من الطالب لديهم تصورات سلبية عن مفهوم الجهاد‪.‬‬
‫طالب جامعة التعليم اإلندونيسية ( ‪ )Universitas Pendidikan Indonesia‬باندونج إندونيسيا مثال‪ ،‬والذين‬
‫يعيشون في وسط مجتمع مسلم متدين‪ ،‬ال يزال لديهم تصورات سلبية عن الجهاد‪ .‬أظهرت دراسة أن‬
‫المنطقة الجغرافية والخصائص االجتماعية للمسلم تؤثر على آرائه الدينية‪ ،‬بما في ذلك تصور الجهاد‪.‬‬
‫فيميل الفهم الديني النصي أو الحرفي لمصدر التعاليم اإلسالمية ونموذج المساواة بين جميع المناطق‬
‫‪33‬‬
‫‪Syaza Farhana Mohamad Shukri, “The Perception of Indonesian Youths toward Islamophobia: An‬‬
‫‪Exploratory Study,” Islamophobia Studies Journal 5, no. 1 (2019): 61–75,‬‬
‫‪https://www.jstor.org/stable/10.13169/islastudj.5.1.0061.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪Hatem Bazian, “Editorial Statement,” Islamophobia Studies Journal 2, no. 1 (2014): 1–7,‬‬
‫‪https://www.crg.berkeley.edu/crg-publications/islamophobia-studies-journal-spring-2014-volume-2-issue-‬‬
‫‪1/.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪Syamsul Rijal, “Islam Dan Jihad: Pencarian Kedamaian Dan Toleransi,” JISCA: Journal of Islamic‬‬
‫‪Civilization in Southeast Asia 5, no. 2 (2016),‬‬
‫‪http://journal.uin-alauddin.ac.id/index.php/jicsa/article/view/2352.‬‬
‫الجغرافية إلى توليد تصورات محافظة ومتطرفة وراديكالية‪ .‬وينشأ التصور المعتدل للجهاد من الفهم‬
‫السياقي أو المناوي لمصادر التعاليم اإلسالمية والتنوع الجغرافي للمنطقة ‪.36‬‬
‫فإذا ُس ِم ح لهذا األمر باالستمرار‪ ،‬فإنهم يعترفون بالجهاد بمفهوم مخيف‪ ،‬بينما مقاصد الجهاد‬
‫الشرعي في الواقع يزيل الخوف من الدين وينشر الرحمة للعالمين‪ ،‬وإن ذلك سيزيد عدم الثقة في‬
‫اإلسالم‪ ،‬والكفر الهائل في القرن اآلتي أو المائة عام القادمة‪ ،‬و تنامي اإلسالموفوبيا‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن‬
‫الجهود المبذولة إلعادة فهم الجهاد إلى مقاصد آياته ضرورية للغاية حتى ال تحدث هذه التنبؤات وترد‬
‫رحمة اإلسالم‪.‬‬
‫فمن هنا‪ ،‬ظهرت جهود علمية أكاديمية متنوعة لمراجعة مفهوم الجهاد الذي انتشر بالفعل‬
‫ومارس عن طريق خطأ شائع في المجتمع‪ .‬ثم قام الكثير من العلماء بمراجعة تفاسير اآليات‬
‫واألحاديث في الجهاد وإعادة اختبار منهجيتها‪ ،‬ثم عرضوا أساليب جديدة لفهمها‪.‬‬
‫فأكد أحمد مزكي (‪ )2018‬أن آيات الجهاد على ضوء السيميائية االجتماعية ال تعني تعليم‬
‫الحرب والقتال‪ .‬فيعود سياق الحرب في كلمة الجهاد في القرآن إلى السياق الثقافي والسياق الوضعي‬
‫وسياق الظروف االجتماعي للعرب في عصر التنزيل القرآني‪ .‬ففي منظور السيميائية االجتماعية‪ ،‬ال‬
‫تعني كلمة الجهاد في القرآن دائًم ا المواجهَة الجسديَة المسّلحة‪ ،‬ولكنها تعني أيًض ا العبادة الجادة (سورة‬
‫الحج‪ )78 :‬والجدال (سورة الفرقان‪ .)52 :‬ووفقا لهذا‪ ،‬إذا فهم معنى الجهاد في السياق المعاصر‪،‬‬
‫يجب أن يكون أكثَر وديًة وبّناءًة‪ ،‬وذلك بالجهاد بالقلم‪ ،‬والعلم‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬وغيرها للعالج على قضايا‬
‫الفقر والتخلف والظلم‪ .‬ومن خالل هذا الفهم يصبح الجهاد واجًبا أبدًيا على جميع الناس من أجل إعالء‬
‫األخالق النبيلة وإعالء كرامة اإلنسان والحفاظ عليها‪ .‬حتى تتحقق الرسالة اإلسالمية التي جاء بها‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم ‪.37‬‬
‫ولقد حاول الباحثان المقاصدييان هما ناهض إسماعيل فرحات و بسام حسان العف ( ‪)2017‬‬
‫استخداَم الضوء المقاصدي لفهم آيات الجهاد‪ .‬فأكدا أن من ظواهر الجهاد في القرآن ما يعني الحرَب ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬ما يجب التأكيد عليه في هذا الصدد هو أن القتال والجهاد ليسا مقصودين للشريعة نفسها‪.‬‬
‫وأكدا مقصِد ّيا أن الجهاد ليس إال وسيلة لتحقيق المقاصد الشرعية‪ .‬فلو كان الجهاد فرًض ا واجبا‪ ،‬فإنما‬
‫هو واجب في مستوى الوسيلة ال المقصد‪ .‬وحيث إنه وجوب الوسيلة فهو قابل للتغير وليس من ثوابت‬
‫الشريعة‪ .‬وكما صرحا أنه ال يوجد في القرآن ما يدل على أن الجهاد فرض مقصدي ‪.38‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬أكد كالهما أنه كان هناك خطأ وانحراف في فهم الجهاد‪ .‬وهذا الخطأ ناجم عن‬
‫تفاهم يخرج من مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ .‬فهناك انحرافان اثنان على األقل إجماليا‪ .‬األول اعتباره‬
‫مقصدا في ذاته وغاية في نفسه دون مراعاة قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد‪ ،‬واآلخر إهمال‬
‫الجهاد بالكلية وترك االستعداد له متى انعقدت أسبابه‪ ،‬بغطاء من المقاصد الشرعية ‪ .39‬فيترتب من‬
‫االنحراف األول ظهور مفهوم جهادي كانت غايته مجرد طلب الشهادة‪ ،‬أو إحداث قتل في الكفار دون النظر‬
‫لمقاصد الجهاد‪ ،‬ودون النظر للمصالح والمفاسد‪ ،‬فينتج من وراء ذلك آثار عكسية ال تقارن بما‬

‫‪36‬‬
‫‪A. Kosasih and M. I. Firmansyah, “UPI Students’ Perceptions of Jihad Based on Their Regions of‬‬
‫‪Origin,” in 1st UPI International Geography Seminar 2017, IOP Conf. Series: Earth and Environmental‬‬
‫‪Science (Bandung: Universitas Pendidikan Indonesia, 2018).‬‬
‫‪37‬‬
‫‪Ahmad Muzakki, Memahami Ayat-Ayat Jihad Dalam Al-Qur`an: Sebuah Kajian Makna Dalam‬‬
‫‪Perspektif Semiotika Sosial (Malang: Lembaga Penelitian dan Pengabdian Kepada Masyarakat (LP2M),‬‬
‫‪2018), 29–59, http://repository.uin-malang.ac.id/7852/1/LP2M 2018.pdf.‬‬
‫‪38‬‬
‫‪Farhat and Al-‘Uff, “Al-Jihad Bayn Al-Maqasid Wa Al-Wasa’il,” 109.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪Farhat and Al-‘Uff, “Al-Jihad Bayn Al-Maqasid Wa Al-Wasa’il,” 195.‬‬
‫يحققه مجرد الجهاد من مصالح‪ .‬فهذا عين المخالفة لما قاله تعالى "وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‬
‫وأحسنوا" (سورة البقرة‪ )195 :‬وقوله وصلى هللا عليه وسلم "َيا َأُّيَها الَّناُس اَل َتَتَم َّنْو ا ِلَقاَء اْلَع ُد ِّو َو اْس َأُلوا‬
‫َهَّللا اْلَع اِفَيَة َفِإَذ ا َلِقيُتُم وُهْم َفاْص ِبُروا" ‪ .40‬فالشهادة فضل ال غاية‪ ،‬والغاية رضا هللا ال غير‪ .‬في حين أن‬
‫االنحراف الثاني يتربت منه إهمال الجهاد ومقاصده مع وجوبه القطعي‪ ،‬حفظيا دفاعيا كان أم تنمويا‬
‫تطويريا‪ .‬وهذا ناجم من التوسع في إعمال قاعدة المصالح حّيد عن هذا الفهم فيؤول إلى تعطيل مثل‬
‫هذا النص‪ .‬فلو جاز ذلك ألدى إلى تغيير األحكام المنصوص عليها وتبديلها ونسخها بالمصالح التي‬
‫تلوح لألفراد‪ ،‬وألصبحت عقول الناس هي الحاكمة والمهيمنة على الشريعة اإلسالمية‪ .‬وذلك غير‬
‫مرام ‪.41‬‬
‫فعلى هذا‪ ،‬يجب علينا في التعامل مع آيات الجهاد ومقاصدها أن نفهمها في ضوء المقاصد‬
‫الشرعية على أن يكون النص متبوعا وليس تابعا‪ ،‬وأن يكون مقدما على العقل ال مؤخرا عنه دون‬
‫تفريط وال إفراط‪ .‬فهذا هو الموقف المتوسط في التعامل المقاصدي معها‪ .‬فال يجوز اإلنكار بوجوب‬
‫الجهاد‪ ،‬وال إنكار كونه دفاعيا حربيا قتاال في بعض األحيان حفظا للضروريات الست كما أنه يحرم‬
‫المنع عن حمل الجهاد إلى مقاصد تنمية الضروريات الست‪.‬‬
‫ثم تبين لنا من المعطيات السالفة الذكر‪ ،‬أن آليات الجهاد مقاصد عديدة يمكن تلخيصها كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مقاصد آيات الجهاد الجزئية‪ ،‬تفصيلها إخالص العبادة هلل تعالى ‪،‬والسعي لنيل رضا اهللا‬
‫تعالى‪ ،‬وابتالء المؤمنين وتمحيصهم وكشف المنافقين‪ ،‬وإعالُء كلمة اهللا في األرض وإذالُل كلمة‬
‫الكفر‪ ،‬ودفع العدوان وحْسُر الظلم‪ ،‬وحفظ نفوس المسلمين وحفظ بلدانهم‪ ،‬وإنقاذ المستضعفين‬
‫وتخليص األسرى المقهورين‪ ،‬وتأمين حرية نشر الدعوة اإلسالمية والقضاء على الفتنة‪ ،‬ومقاومة‬
‫االحتالل ودحر المحتل‪ ،‬ومعاقبة ناقضي العهود والمواثيق‪ ،‬ودخول الكافرين في اإلسالم‪ .‬وذلك كل‬
‫يتلخص فيما يسمى شرعا بالحاجيات أوالكليات أو الضروريات‪ ،‬والتي كانت مجاالتها الديَن والنفس‬
‫والعقل والنسل والمال والعرض‪ .‬فالشريعة ال تقصد إال إلى تحقيق ذلك كله وحفظه وتنميته‪ .‬فإن في‬
‫ذلك كله سالمة البشر سعادته دنيا وأخرا ‪.42‬‬
‫ثانيا‪ :‬يجري على الفهم المقاصدي قاعدة عظيمة كلية تقول "الحاجة إذا عمت نزلت منزلة‬
‫الضرورة" ‪ .43‬فمن هنا فإن حاجة البشر المنصوص عليها بالجهاد في القرآن أصبحت اآلن تعم‬
‫جميع الناس على المستوى الجماعى والوطني والعالمي‪ .‬فتكون لك الحاجيات المنوصوص عليها‬
‫بالجهاد القرآن ضرورية أساسية على تلك المستويات كلها‪ .‬وال ينبغي أن يقتصر تطبيقها وإحياؤها‬
‫وممارستها على مقاصد الحفظ فقط‪ ،‬بل يجب أن يرتقي إلى مقاصد التنمية إلى الذروة والقمة التي‬
‫تجعل الناس سعداء في الدنيا واآلخرة وفق هدى الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ذاك هو الجهاد الشرعي‬
‫المعاصر‪.‬‬

‫طرق إحياء مقاصد الجهاد وممارستها في ديار الحرب والسالم‬


‫إنه لتحقيق تلك المقاصد التنموية للجهاد‪ ،‬كان الشيء األساسي الذي يجب القيام به أوًال هو‬
‫استكشاف أكبر مشكلة في المجتمع‪ ،‬أيا كان مستوياته فإما على مستوى األفراد أو األسرة أو الجماعة‬
‫أو الوطن‪ .‬هذا هو ما سيكون الحاجَة األكبَر واألكثر إلحاًحا للحفاظ عليها وتطويرها وتنميتها‪ .‬ففي هذه‬

‫‪40‬‬
‫‪Muslim bin al-Hajjaj Al-Naysaburi, Sahih Muslim (Beirut: Dar al-Fikr, 2005), n. 3276.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Farhat and Al-‘Uff, “Al-Jihad Bayn Al-Maqasid Wa Al-Wasa’il,” 127–128.‬‬
‫‪42‬‬
‫‪Ahmad Al-Raysuni, Madkhal Ila Maqasid Al-Shari‘Ah (Cairo: Dar al-Kalimah, 2010), 17–26.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 19.‬‬
‫الحالة‪ ،‬بالطبع لكل بلد ظروف واحتياجات مختلفة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬فإن الكليات واالحتياجات‬
‫والضروريات سوية‪ ،‬وهي ما نسميه الضروريات أو الكليات الست‪ .‬وأكد الدكتور جاسر عودة أن‬
‫الضروريات الست ليست فقط حاجة أساسية للمسلمين‪ ،‬بل للبشر جميعا‪ ،‬أيا كان دينه ‪ .44‬وهذا مبني على‬
‫قول اإلمام الشاطبي مؤكدا أن كل دين يشترك بعضه مع اآلخر فيما هو ضروري للبشر‪ .‬والذي يمكن‬
‫إطالقه بقواعد الكليات أو الضروريات الست‪.45‬‬
‫ومما يجب فهمه في محاولة لممارسة مقاصد الجهاد القرآني أن لكل شخص وكل مجموعة‬
‫مجاالِت تركيٍز وأولوياٍت مختلفَتين‪ .‬فهناك شخص يجب أن يعطي األولويَة للحفاظ على النفس مقدما‬
‫على تنمية اإليمان أو الدين‪ ،‬هذا فيما كان حاله مثال متعرض للموت بسبب المجاعة‪ .‬كما أن هناك‬
‫أشخاصا يجب أن يعطيوا األولوية لحفظ المال والممتلكات على تطوير الذات وتنمية النفس‪ .‬فكل ذلك‬
‫يجب أن يكون على أساس النظر في مستويات المقاصد‪ .‬فأّي جزء من المقاصد أو الضروريات‬
‫متعَّر ض لالنقراض والهالك أو الموت أو الهالك أو التالشي واالنحطاط الشديد‪ ،‬يجب إعطاؤه‬
‫األولويَة لإللحاح‪.‬‬
‫وكذلك هو طرق ووسائل إحياء المقاصد وممارستها في مستوى األسرة‪ .‬فإن لكل أسرة وجهاِت‬
‫نظر وتوجهاٍت مختلفًة فيما يتعلق بأولوية التحقيق والممارسة‪ .‬فهناك عائلة متدّينة قوية اإليمان‪ ،‬يجب‬
‫تطوير إمكاناتها الدينية إلنقاذ وحماية وحفظ ضرورياتها األخرى التي تتعرض لالنقراض والهالك أو‬
‫التي ال تزال ضعيفة‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك عائلة مؤمنة صالحة متدينة جدا‪ ،‬ولكنها فقيرة جًدا‬
‫فتواجه صعوبات اقتصادية شديدة‪ .‬فهذا ال يعني أنه يجوز أن يبيع دينه بالمال ويشتري بإيمانه ثمنا من‬
‫أجل التحرر من الفقر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجب عليه أن يستخدم قوة إيمانه لحماية أمواله وثروته المقصورة‬
‫إلى أن يتطورها وينميها حتى تصبح وفيرة مباركة‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك أفراد أو عائلة ال يزال إيمانهم ضعيًفا جًدا‪ ،‬حتى أنه ومتعرض‬
‫لالنقراض‪ ،‬ولكن لديهم إمكانات ممتازة وعقول ذكية فيتمتع بمستوى عاٍل جًدا من الذكاء‪ ،‬حيث يتم‬
‫بناء مسيرتهم الِمَهنية وشرفهم وِع رضهم على ما كان لديهم من المعرفة والعلم والذكاء‪ .‬وغير أنهم‬
‫فقراء في الثروة ال مال لهم‪ .‬ففي هذه الحالة يكون إيمانهم على أعلى مستوى من الضروريات التي‬
‫يجب تقديمها في الرقم األول ألجل الحفظ ألنه هو المتعرض للهالك والزوال‪ .‬وبالتالي يجب عليهم‬
‫تنمية عقولهم الذكية وإمكاناتهم الفكرية والعلمية ومكانتهم العالية وأعراضهم الطيبة كرأِس مال أّولّي‬
‫وأْو لوّي للحفاظ على إيمانهم وتطوير أصولهم المالية‪ .‬فبذلك سيتم تطور إيمانه وثروته تدريجًيا‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬على نطاق أوسع‪ ،‬وهو على المستوى الوطني‪ ،‬فإن المشكلة بالطبع أكثر تعقيًدا‪.‬‬
‫فاألشياء التي تعتبر ضرورية أولوية من ِقبل الدول المتقدمة والغنية قد تصبح فقط احتياجات تكميلية‬
‫تحسينية ال تزال غير محتاجة إليها على اإلطالق من ِقبل الدول الفقيرة أو النامية‪ ،‬ال سيما عند ديار‬
‫الحرب‪ .‬فمثال‪ ،‬تشييد المباني الفاخرة الشاهقة وتنمية السياحة ووتطوير االقتصاد اإلبداعي قد يكون‬
‫ذلك كله ضروريا رئيسيا عند دولة نامية مثل إندونيسيا‪ .‬في حين أن ذلك كله شيء لم يحتج إليه قط‬
‫ديار حرب وصراع والتي تجاهد وتقاتل من أجل استقاللها مثل الفلسطين‪ .‬وأما بالنسبة للدول المتقدمة‬
‫مثل أمريكا والصين والمملكة العربية السعودية واإلمارات العربية المتحدة‪،‬مثال‪ ،‬فإن ما كان ضروريا‬
‫فرضيا أساسيا عند الدول الفقيرة والنامية غيَر مهم وضروري عندهم‪ .‬ولقد فكروا في أشياء تذهب إلى‬
‫ما هو أبعد من ذلك كله‪ ،‬وهي كيفية تطوير مواردهم الطبيعية ومواردهم البشرية لجعل بلدانهم أكثر‬
‫‪44‬‬
‫‪‘Audah, Maqasid Al-Shari‘Ah: Dalil Li Al-Mubtadi’In, 18.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪Ibrahim al-Gharnati Al-Shatibi, Al-Muwafaqat Fi Usul Al-Shari‘Ah, ed. Abdullah Darraz (Beirut: Dar al-‬‬
‫‪Ma’rifah, n.d.), iii/47.‬‬
‫تطورًا وتطورًا مرة أخرى‪ .‬بل وقد يساء فكرهم باستعمار وانحالل وسيطرة على الدول الفقيرة‬
‫والنامية‪ ،‬فالعياذ باهلل‪ .‬ولقد أصبح تشييد المباني الفاخرة الشاهقة‪ ،‬وتطوير السياحة‪ ،‬وأنماط الحياة‬
‫النظيفة والصحية‪ ،‬والوقاية من األمراض من أهم اهتماماته‪ ،‬ولم يعد يحاول رفع األمراض التي‬
‫تصيب شعبه وعالجهم عنها‪.‬‬
‫ويجب على البلدان المتقدمة في هذه الحالة أن تتحمل مسؤولية تجاه العالم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تفّك ر وتزيد‬
‫من اهتمامها بأداء السالم وبناء العالم من خالل مساعدة البلدان األخرى من حولها التي ال تزال‬
‫متخّلفة‪ .‬فالتعاون بين الدول الذي يعود بالفائدة على الطرفين هو المفتاح الرئيسي لتحقيق مقاصد‬
‫الشريعة على مستوى الدولة‪ .‬وأما ديار الصراع والحرب التي لم تزل تكافح من أجل االستقالل مثل‬
‫فلسطين فلها حق في الحصول على المساعدة في تحقيق استقالليته وسالميته‪ ،‬والتي تعد حالًيا أهم‬
‫احتياجاته األساسية الضرورية‪ .‬فالدعم المعنوي والمادي هو أكثر ما يحتاجون إليه اآلن‪ .‬وإن مساعدة‬
‫مثل هذه البلدان على تحقيق االستقالل هي جزء من الحفاظ على الضروريات البشرية الست حتى‬
‫يمكن تطويرها في المستقبل بشكل طيب‪ .‬هذا هو مجال الجهاد الحقيقي الشرعي وطريق إحياء‬
‫مقاصده وممارستها في ديار الحرب والسالم في عصرنا الحاضر ‪.‬‬

‫الختام‬
‫بناء على المناقشات السابقة يمكن القول إن حد الجهاد المناسب للمقاصد العليا من الشريعة هو‬
‫بذل جهد للحفاظ على الضروريات الست‪ ،‬ثم تطويرهن إلى ما فيه صالح األمة وسعادتها الدنيوية‬
‫واألخروية على ما يرضي هللا‪ .‬فبهذا الحد يمكن أن ال يتضيق معناه وال يتوسع متجاوزا عن مبناه بل‬
‫ويعود إلى مقاصده األصلية‪.‬‬
‫ثم إن مقاصد آيات الجهاد كما تلخصت في التعريف الذي عرضناه هي على األقل حفظ‬
‫الضروريات الست وتنميتها لوجه هللا الكريم وعلى هدي رسوله‪ .‬وبتحقيق هذا المقصد العام تتحقق‬
‫بالتأكيد سعادة األمة في الدنيا واآلخرة‪ .‬وأما مقاصدها الخاصة فيمكن تفصيلها كما يلي‪ :‬إرضاء هللا‬
‫تعالى‪ ،‬تكوين العبد المخلص في كل نشاطه‪ ،‬امتحان ما في النفس واألسرة والجماعة من اإليمان‪،‬‬
‫وكشف النفاق‪ ،‬وإعالء كلمات هللا منها العدل واإلحسان‪ ،‬إذالل الكفر‪ ،‬والحفاظ على النفس وتنميتها‪،‬‬
‫والحفاظ على الوطن‪ ،‬ومساعدة المستضعفين وإنقاذ المظلومين‪ ،‬وإلغاء االستعمار ومحاربته‪ ،‬وتنمية‬
‫القوى البشرية‪ ،‬والدعوة إلى اإليمان واإلسالم‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فيما يتعلق بممارسة تلك المقاصد‪ ،‬كان بين ديار الحرب لم يتم استقاللها وبين ديار‬
‫السالم التي تم الفوز باالستقالل طريقٌة مختلفة‪ .‬ففي ديار الحرب‪ ،‬تكون مقاصد الجهاد الخاصة وهي‬
‫الدفاعية الحفظية مفضلة ومقدمة على مقاصده العامة‪ ،‬فيجب أن توجه المقاصد للحفاظ على‬
‫الضروريات الست والدفاع عنها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬من الضروري أيضا للدول المستعمرة أو لديار الحرب‬
‫التفكيُر وإعداُد التقنيات لتحقيق المقاصد العامة وهي الموجهة للتنمية‪ .‬وبينما في الدول المستقلة التي‬
‫هي ديار السالم‪ ،‬فإن المقاصد التي يجب أن تتجلى هي مقاصد تطوير الضروريات الست وتنميتها‪.‬‬
‫وكان من المؤكد بذلك أن المقاصد الحافظية سوف تتحقق تلقائيا‪ .‬فمن هنا‪ ،‬يمكن القول ختاما بأن‬
‫مقاصد الجهاد موجهة نحو بناء بلدة طيبة سلمية نامية متقدمة بطريقة منهجية ومخططة ومدروسة‬
‫وموجهة ومرضية‪ .‬هكذا‪ ،‬الجهاد جهاد بلدة طيبة ورب غفور‪.‬‬
‫‪References‬‬
‘Audah, J. (2011). Maqasid al-Shari‘ah: Dalil li al-Mubtadi’in. al-Ma‘had al-‘Alami li al-Fikr al-
Islami.
Al-‘Asqalani, A. bin ‘Ali bin H. (1960). Fath al-Bari Sharh Sahih al-Bukhari (M. F. A. Al-Baqi (Ed.)).
Dar al-Ma’rifah.
Al-Azhari, U. al-S. (2015). Al-Fahm al-Munir li al-Ayat al-Lati Akhta’a Fahmaha Ahl ul-Tatarruf wa
al-Takfir. Dar al-Faqih.
Al-Bahuti, M. bin I. (1993). Sharh Muntaha al-Iradat. Alam al-Kutub.
Al-Buti, M. S. R. (1993). al-Jihad fi al-Islam: Kayfa Nafhamuh wa Kayfa Numarisuh. Dar al-Fikr &
Dar al-Fikr al-Mu‘asir.
Al-Kashnawi, A. B. bin al-H. (2000). Ashal al-Madarik. Dar al-Fikr.
Al-Naysaburi, M. bin al-H. (2005). Sahih Muslim. Dar al-Fikr.
Al-Raysuni, A. (2010). Madkhal Ila Maqasid al-Shari‘ah. Dar al-Kalimah.
Al-Shatibi, I. al-G. (n.d.). al-Muwafaqat fi Usul al-Shari‘ah (A. Darraz (Ed.)). Dar al-Ma’rifah.
Al-Sharqawi, A. bin H. (n.d.). Hashiyah al-Sharqawi. Dar Ihya al-Kutub.
Al-Zabidi, M. bin M. bin A. al-R. al-H. (2010). Taj al-`Arus Min Jawahir al-Qamus. Dar al-Hidayah.
Anshori, M. A. (2019). The Radical Islamic Movement in Indonesia: Roots and Factors. Kalam,
13(2), 217–236. https://doi.org/https://doi.org/10.24042/klm.v13i2.5251
Bajoria, J. (2020). Corona Jihad is Only the Latest Manifestation: Islamophobia in India has Been
Years in the Making | Human Rights Watch. The Polis Project.
Bazian, H. (2014). Editorial Statement. Islamophobia Studies Journal, 2(1), 1–7.
Farhat, N. I., & Al-‘Uff, B. (2017). al-Jihad Bayn al-Maqasid wa al-Wasa’il. Al-Aqsa University
Journal (Humanities Series), 2(21), 109–141.
Hasbillah, A. ’Ubaydi. (2020). al-Fawa’id al-Mustafawiyah al-Mustamaddah Min Ahadith al-
Arba`in al-Nawawiyah fi Bina’ Kawadir al-A’immah wa “Ulama” al-Ummah. Maktabah
Darus-Sunnah.
HRC-UN. (2021). Khabir Umami: al-Karahiyah Dlidd al-Muslimin Tartafi` Ila al-Ab’ad al-
Waba’iyyah. Akhbar Al-Umam Al-Muttah}idah.
https://news.un.org/ar/story/2021/03/1071952
HRC-UN. (2021b). UN leaders speak out against Islamophobia and anti-Muslim hatred. UN News.
https://news.un.org/en/story/2021/03/1087572
Ibn ‘Ashur, M. al-T. (2006). Maqasid al-Shari‘ah al-Islamiyah. Dar Suhnun.
Ibn `Asakir, A. al-Q. A. bin al-H. (1995). Tarikh Dimasyq (`Amr bin Gharamah Al-`Amrawi (Ed.)).
Dar al-Fikr.
Ibn Abidin, M. A. bin U. bin A. al-A. al-D. (1992). Radd al-Mukhtar ‘Ala al-Durr al-Mukhtar (2nd
ed.). Dar al-Fikr.
Ibn Manzur, M. bin M. bin A. (1993). Lisan al-`Arab. Dar Sadir.
Kaye, D. (2021). Advance Edited Version. In Human Rights Council: Vol. 46/30 (Issue April 13,
2021).
Kosasih, A., & Firmansyah, M. I. (2018). UPI Students’ Perceptions of Jihad Based on Their
Regions of Origin. 1st UPI International Geography Seminar 2017, IOP Conf. Series: Earth
and Environmental Science.
Muzakki, A. (2018). Memahami Ayat-ayat Jihad dalam Al-Qur`an: Sebuah Kajian Makna dalam
Perspektif Semiotika Sosial. Lembaga Penelitian dan Pengabdian Kepada Masyarakat
(LP2M). http://repository.uin-malang.ac.id/7852/1/LP2M 2018.pdf
Rijal, S. (2016). Islam dan Jihad: Pencarian Kedamaian dan Toleransi. JISCA: Journal of Islamic
Civilization in Southeast Asia, 5(2
Shaltut, M. (n.d.). al-Qur’an wa al-Qital. Matba‘ah Dar al-Kitab al-‘Arabi.
Shukri, S. F. M. (2019). The Perception of Indonesian Youths toward Islamophobia: An
Exploratory Study. Islamophobia Studies Journal, 5(1), 61–75.
Umar, N. (2006). al-Quran di Mata Mantan Intelektual Muslim: Ibn Warraq dan Mar A. Gabriel.
Jurnal Studi Al-Quran, 1(2).
Umar, N. (2014). Deradikalisasi Pemahaman al-Quran dan Hadis. PT Elex Media Komputindo.
Yaqub, A. M. (2010). al-Islam Bayn al-Harb wa al-Salam. Pustaka Firdaus.
Zherlitsyna, N. A. (2021). Prospects for global jihadism in Southeast Asia. Asia and Africa Today,
10. https://doi.org/10.31857/s032150750017090-1

You might also like