You are on page 1of 39

1

‫‪2‬‬

‫ُأهدي هذا اىل ‪..‬‬

‫لك من يؤمن ابملشاعر والفكر ‪..‬‬


3

Copyright @ 2023
Magdy Emam All rights Reserved ISBN:

Exploiting, dealing with, disposing of, republishing, or claiming ownership of


this work without the written permission of the author Magdy Emam
Phone no. ,Abdelnaiem Abdelzaher, Egyptian ID no. ends with (02012)
+201111353460 is punishable by national and international laws for
Intellectual property protection and obliges for restoration and indenmity.
_____________
:‫ او ادعاء ملكية هذا العمل بدون موافقة كتابيه من صاحبه‬،‫ الترصف يف‬،‫ اعادة نرش‬،‫ التعامل يف‬،‫اس تغالل‬
‫ يعاقب عليه مبقتيض القوانني احمللية‬،02012‫ رمق قويم مرصي ينهتي ب‬،‫جمدي امام عبد النعمي عبد الظاهر‬/‫أ‬
‫وادلولية محلاية امللكية الفكرية ويس تجوب اعادة احلال اىل ما اكنت عليه والتعويض‬
‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫مرص ‪2023‬‬

‫‪( -‬اي ابين انت صايح؟! انت بقاكل يومني مبتخرجش من البيت! مصاحلك ايبين!)‬

‫يرد علهيا من ادلاخل‪:‬‬


‫‪( -‬مفيش مصاحل ‪ ..‬معااي فلوس يف البنك ‪ ..‬لو متقل عليكوا قولويل مهيش من بكرا)‬

‫ترد الم‪:‬‬
‫‪( -‬ايبين ايه الالكم دة احنا عايزين نطمن عليك بس‪ ..‬نفس نا نشوفك سعيد ومراتح)‬

‫مث ينفتح الباب وويظهر منتصب الظهر بعينني هادئتني ومالمح اثبته ينظر الهيا هبدوء‪:‬‬
‫‪( -‬متخافوش عليا عايز اراتح بس‪).‬‬

‫مث ينظر ايل عني أمه بعمق وصدق ويقول لها‪:‬‬


‫‪( -‬تفتكري اان ممكن اكون ضعيف او اتفه او جمرم!؟)‬

‫فرتد الم بعيون تتلل ‪:‬‬


‫‪( -‬ال وهللا ايبين انت مثقف وراييض وبتخاف ربنا ‪ ..‬لكن حاكل دة ميفرحش حد ‪ ..‬احنا خايفني عليك‪).‬‬

‫فريد علهيا بأبتسامه مطمأنة بيامن يبدو انه س يعاود دخول الغرفة‪:‬‬
‫‪5‬‬

‫‪( -‬ان شاء هللا لكه هيبقى كويس)‬

‫ومتر أايم مث يدخل الب عليه يف أحد املرات‪:‬‬


‫‪( -‬ايبين انت مبرتوحش شغكل ليه ‪ ..‬انت اترفدت؟)‬

‫فريد عليه‪:‬‬
‫‪ ( -‬اترفدت او مشيت ‪ ..‬يف احلالتني اان هرشفكوا هنا فرتة مش عارف اد ايه ‪ ..‬لو تقيل عليكوا قولويل‬
‫بس واان مهيش ‪ ..‬وابلنس بة للفلوس اان عامل حسايب ‪ ..‬اان اش تغلت س نني كتري ‪)..‬‬

‫فيقول الب‪:‬‬
‫‪( -‬مش عايز تس تقر ليه يف شغل وتتجوز وتتحرك بقى؟ انت مش مالحظ انك عطالن بشلك غري‬
‫مفهوم؟)‬

‫فريد عليه‪:‬‬
‫‪( -‬لك يشء بأوانه اي حاج ‪ ..‬لك يشء بأوانه ‪ ..‬وربنا ييرس احلال) مث يبدو يف وهجه انه ال يود املتابعة‪.‬‬

‫ويس متر احلال هكذا لايم عديدة ‪ ..‬خيرج من الغرفة ليألك ويس تحم ويتطيب ابلعطر ويصيل مث يرجع ايل غرفته‬
‫‪..‬‬

‫ولكن بعد شهر ‪ ..‬تطرق الم الباب‪:‬‬


‫‪ ( -‬ايبىن املرة دي طولت اوي ‪ ..‬اخوك بيقول يف شغل عىل النت كويس)‬

‫فريد علهيا‪:‬‬
‫‪( -‬لو مسحتوا حمدش يتدخل يف املوضوع دة وسيبوين يف حايل شوية هللا يبارلكمك ‪) ..‬‬
‫‪6‬‬

‫مث يدخل عليه اخوه يف احد الايم‪ :‬فيجده كمنا اكن يبيك ‪ ..‬فيقول هل‪:‬‬
‫‪ ( -‬انت ‪ ..‬كنت بتعيط؟)‬

‫فريد عليه هبدوء‪:‬‬


‫‪ ( -‬انت ليه دخلت ابلشلك دة؟ )‬

‫فريد‪:‬‬
‫‪ ( -‬هو انت ايه اليل حاصل معاك ‪ ..‬همو لو يف مشلكة الزم تتلكم عشان تتحل‪)..‬‬

‫فريد عليه‪:‬‬
‫‪ ( -‬تفتكر الالكم ممكن حيل لك حاجة؟)‬

‫فينظر اليه وميتلئ وهجه ابللهفة‪:‬‬


‫‪( -‬طب ًعا لك حاجة ختلص ابلالكم)‬

‫فتهند مث ابتسم براحة وأمان وقال هل‪:‬‬


‫‪ ( -‬طب هات ايدك كدة هوريك حاجة ‪ ) ..‬وقام بقرص جدل يده ابدلرجة الاكفية لحداث أمل ‪..‬‬
‫فتعجب أخوه وحسب يده وعىل الارحج بدأ يظن ان العزةل قد اثرت عليه ‪..‬‬

‫مث قال هل‪:‬‬


‫‪ ( -‬ممكن منغري تعجب وال اس ئةل وال اندهاش توصفيل حسيت بأيه عىل اد متقدر)‬

‫فنظر برتدد مث قال‪:‬‬


‫‪7‬‬

‫‪( -‬وجعتين شوية بس)‬

‫فنظر ابراهمي نظره عدم رضاء مث رضب يد اخوه برفق فاحدثت الرضبة صوت طرقعة ‪..‬‬
‫فاندهش الاخ وهو يسحب يده والفاكر تدور بباهل ‪..‬‬

‫فقال هل‪:‬‬
‫‪ ( -‬الااا دة كدة حلو اوي ‪ ..‬يدوبك احلق اروح الشغل بقى)‬

‫فامسك ابراهمي بيده وقال‪:‬‬


‫‪ ( -‬خد بس متخافش اان لسه عاقل ‪ ..‬وبعدين احنا خملصناش الكمنا اليل بدأانه‪ ).‬مث نظر ابراهمي اىل اخوه‬
‫بأبتسامة حكمية تكل اليت يبتسمها جد عندما جيرى عليه حفيده ويقول هل اي جدو اان كربت وقررت‬
‫اجتوز سلمى ونعيش لوحدان وهيبلها كووووووول يوم شبيس وبيبيس واندويم ‪ ..‬فال يمتكن اجلد من منع‬
‫الابتسامة ولكنه ينظر اليه حبنان ويقول هل ( طبعا طبعا ) ‪ ..‬فبتعبري مشابه نظر اليه ابراهمي وقال‪( :‬املرة‬
‫دي قويل حسيت بأيه بقى)‬

‫فقال هل اخوه‪:‬‬
‫‪( -‬وجعتين شوية بردو)‬

‫فرد ابراهمي‪:‬‬
‫‪ ( -‬دلوقيت مغضيل عينك اثنية) فنظر اليه اخوه يف تردد‪.‬‬

‫فقال ابراهمي‪:‬‬
‫‪( -‬عيب ‪ ..‬اان لسه بعقيل )‬
‫‪8‬‬

‫فأمغض عينيه فقام ابراهمي بقرصه ف يده ‪ ..‬مث قال‪:‬‬


‫‪ ( -‬افتح عينك ‪ ..‬تقدر تقويل اان معلت ايه وانت مغمض؟)‬

‫فرد عليه‪:‬‬
‫‪( -‬قرصتين اتين ايمعنا‪).‬‬

‫فقال ابراهمي‪:‬‬
‫‪ ( -‬حلو ‪ ..‬وعرفت ازاي اىن قرصتك مرضبتكش؟)‬

‫فقال‪:‬‬
‫‪ ( -‬حسيت بهيا اكنت سهةل)‬

‫فقال ابراهمي‪:‬‬
‫‪( -‬انت قصدك ان يف فرق يف الحساس بني االتنني؟)‬

‫فقال هل‪:‬‬
‫‪( -‬طب ًعا)‬

‫فرد ابراهمي يف اندماج‪:‬‬


‫‪ ( -‬وعىل كدة اكن يف فرق يف نوع المل؟)‬

‫فرد عليه‪:‬‬
‫‪( -‬اكيد)‬
‫‪9‬‬

‫فقال هل ابراهمي‪:‬‬
‫‪( -‬تقدر توصف الفرق؟)‬

‫فنظر اليه اخوه يف تردد مث ارتفعت عيناه للعىل مث انحية الميني ً‬


‫قليال وقال‪:‬‬
‫‪ ( -‬ميكن القرصة مزجعة اكرت وحادة ومركزة يف ماكن واحد لكن الرضبة اكنت اوسع واملها خمتلف وامعق‬
‫ميكن حسيته وصل للعظام)‬

‫قال ابراهمي‪:‬‬
‫‪ ( -‬تفتكر الالكم دة يوصف حقيقة الىل حسيت بيه بنس بة اكم يف املية؟)‬

‫فقال هل‪:‬‬
‫‪ ( -‬يعىن ‪ 30‬يف املية ً‬
‫مثال)‬

‫فقال هل ابراهمي‪:‬‬
‫‪( -‬فاكر ملا سألتك اول مرة حسيت بأيه بعد القرصة والرضبة جاوبتين ازاي؟)‬

‫فقال‪:‬‬
‫‪( -‬قلتكل وجعتين عىل االتنني ‪ ..‬عايز توصل ليه؟)‬

‫فقال ابراهمي‪:‬‬
‫‪ ( -‬شوف لك الحساس دة انت اخترصته يف لكمة وجعتين ‪ ..‬مع ان الفرق بني املوقفني كبري ولك‬
‫احساس فهيم خيتلف متاما عن التاين ‪ ..‬لكن انت حطيت املوقفني حتت عنوان واحد –وجعتين‪)-‬‬
‫‪10‬‬

‫فنظر اليه اخوه يف مصت ‪..‬‬


‫فتابع ابراهمي‪:‬‬
‫‪ ( -‬الالكم مش لك حاجة ‪ ..‬الالكم مش اي حاجة ‪ ..‬احلقيقة حمبوسة يف النفس وبنعيش مع حياتنا‬
‫لوحدينا ‪ ..‬الا اذا ‪) ..‬‬

‫فبدأ اخوه ينصت ابهامتم حقيق كمنا رسح يف الكمه ‪..‬‬


‫مث قال هل‪:‬‬
‫‪ ( -‬الا اذا ‪ ..‬؟)‬

‫فابتسم ابراهمي كمنا اكتفى هبذا القدر من احلديث ‪ ..‬اكن أمر ابراهمي مريب ‪ ..‬وبدأ يزداد غرابة اكرث واكرث ‪..‬‬
‫لقد مكث ابراهمي يف عزلته لس نوات!‬
‫‪11‬‬

‫‪2‬‬
‫براء‪ ( :‬اان حكيتلمك لك دة عشان لو حد عنده فكرة تساعدان امنا الالكم دة رس بينا وامانة اي جامعة)‬

‫أية‪( :‬طب ًعا رس!)‬

‫فنظروا الهيا مجي ًعا لثانيتني ‪ ..‬كمنا يتعجبون دلرجة الهامتم يف نربة صوهتا‪.‬‬

‫قال يوسف‪ ( :‬قو ّيل هو اخوك مرتبط او عىل تواصل بأي حد من اجلنس النثوي؟)‬

‫رد براء‪ ( :‬ال ‪ ..‬عىل حد علم مش مرتبط هنايئ ‪ ..‬اخواي ملا بيعجبه حد بيشهر بيه ‪( ..‬فابتسموا بيامن يس متعون‬
‫) ‪ ..‬بيحيك للناس عنه كنه بيشهر مشاعرة قبل ميشهر املأزون عقد زواجه ‪( ..‬بيامن يس متعون بدا يف نظرهتم‬
‫االجعاب) ‪ ..‬لكن الفرتة دي معرفش حاكيته ايه ‪ ..‬وهو مبيتلكمش مع حد ‪)..‬‬

‫فيسأل قامس‪( :‬ايوة لكن هو اكنت اهامتمته ايه؛ يعين اكن بيحب لعب الباليس تيشن وال بيحجز لعب كورة يف‬
‫النادي مع حصابه وال جامير بيلعب العاب اونالين وال ‪ ) ..‬فقاطعه براء‪ ( :‬هو جرب لك احلاجات دي لكن‬
‫مش دماغه ‪ ..‬اخواي من صغره موهوم ابلقوة وفنون القتال ‪ ..‬وملا كرب بقى هممت بقراءة كتب غريبة ‪ ..‬واكن مضيع‬
‫فلوسه عىل الكتب ‪ ..‬ويف اجلامعة بقى بيسمع حمارضات عىل ال ‪ youtube‬ملقررات دراس ية ‪ -‬خمتلفة عن‬
‫جمال دراس ته‪ :‬يف علوم الفلسفة والنفس والاجامتع من جامعات خمتلفة عىل مس توى العامل زي ‪ yale‬و‬
‫‪ harvered‬وغريمه ‪ ..‬بصوا مكذبش عليمك اهامتمته لكها مفهياش انس وال حصاب ‪) ..‬‬

‫أمرية‪( :‬املدير بمير ها ‪)..‬‬

‫فرجعوا مجي ًعا ايل اماكهنم ومه يهتامسون ( كدة كدة احنا يف ال ‪ ( .. ) break‬انت عارف انه بيحب يشوف‬
‫‪)Everything in order‬‬
‫‪12‬‬

‫‪3‬‬
‫‪( -‬ايبين انت كويس؟؟)‬
‫ظهرا ‪..‬‬
‫قالت الم ويه تطرق الباب الساعة ‪ً 12‬‬

‫رد علهيا من ادلاخل بصوت ودود‪:‬‬


‫‪( -‬ادخيل من فضكل اي أيم)‬

‫شعرت الم بنربة صوته ومعناها وعىل الفور دخلت ويه تبتسم ‪ ..‬وجالس ته مكتبه ‪ ..‬وعىل عكس التوقع‬
‫اكنت غرفته نظيفة ويتخللها ضوء الشمس وفوق مكتبه حصف واوراق واقالم والبتوب وفنجال القهوة ذا راحئة‬
‫النب العزبة ‪..‬‬

‫قال بوجه يرشق كشمس أس ية تضئي لك ما حتهتا وال يعلوها من اخمللوقات سوى السامء ‪ ..‬بيامن ال تكشف‬
‫عن لك ضوهئا ‪ ..‬اهنا فقط تضئي ولكن هبدوء‪:‬‬
‫‪ ( -‬انيت عامةل ايه أيم؟)‬

‫فردت‪:‬‬
‫‪( -‬لكنا خبري ايبين)‬

‫فقال‪:‬‬
‫‪( -‬متخافيش اي أيم ‪ ..‬أان موجود معامك لو احتاجتوا أي حاجة ‪ ..‬أان مش زعالن وال مريض ‪ ..‬أان أختارت‬
‫طريق بوع ‪ ..‬لكن عشان اكون رصحي معايك ‪ ..‬اان مش عارف ايه اليل جاي وال ايه اليل بيحصل‬
‫واليل فات حصل ليه ‪ ..‬لكن بس مؤمن ‪ ..‬مؤمن اين ع الطريق الصح ‪ ..‬مش بيقول س بحانه (ا َّن‬
‫ِ‬
‫الساعَ َة أ ِت َي ٌة َأ َاك ُد ُأ ْخ ِفهيَا ِل ُت ْج َز ٰى ُ ُّ‬
‫لك ن َ ْف ٍس ِب َما ت َ ْس َع ٰى) (‪ .. )15‬مش همم وصلت فني ‪ ..‬املهم مايش ازاي اي‬ ‫َّ‬
‫أيم ‪ ..‬مش كدة!) مث نظر الهيا بنظرة زهد وراحة ‪ ..‬وتهند ونظر ايل الش باك ‪ ..‬مث امسك ابل‬
‫‪13‬‬

‫‪Laptop‬وفتح الشاشة ووضعها اماهما وقال‪ ( :‬هل ترين اي ايم ‪ ..‬لك هذة احملارضات والكتب اقيض‬
‫وقيت معها ‪ )..‬مث خرج ودخل ‪folder‬خمتلف‪ ( :‬ودي اي ايم احباث ومالحظات بكتهبا واهنيت اعامل‬
‫كترية)‬

‫مث قال لها بصوت شغوف‪:‬‬


‫‪ ( -‬اان اتعلمت تدريس اللغات والرتمجة واتعلمت املونتاج والتسويق ) مث نظر الهيا بيامن عيناها تتلل‪:‬‬
‫( اان بتحرك اي أيم ‪ ..‬اطمين وادعييل ) مل جتد الم الكم للرد ‪ ..‬فقد اكتفت ابلنظر اليه بعينني شاكرتني لتقديره‬
‫ملشاعر المومة يف نفسها‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫‪4‬‬
‫( لكن ليه سألتيين عن عالقته بأيم ؟)‪ ،‬قالها براء‪.‬‬

‫ردت أية‪( :‬منطق ‪ ..‬لنه مسبب قلق ليل حواليه ‪ ..‬فاكن هيمين اعرف هل بيفكر فهيم وال ل ‪ ..‬لكن يظهر‬
‫انه حاسس بهيم ‪) ..‬‬

‫براء‪( :‬لكن ليه طلبيت نتقابل ونتلكم يف املوضوع دة ابذلات؟ عندك أي افاكر وال ايه؟)‬

‫خشصا ما تريده ان يالحظه) ‪ ..‬شايف املاكن مجيل‬ ‫أية‪ :‬بص حواليك ‪( ..‬فنظر براء ابلفعل ظنًا منه ان هناكل ً‬
‫ازاي! املنش ية واسكندرية ‪ ..‬املغربية ‪ ..‬حواليا انس عىل الصخور وشوشهم للبحر ظهورمه للناس ‪ ..‬صوت‬
‫موج البحر خلفية وايقاع لنغامت الكهمم سوا ‪ ..‬مفيش حاجة تلههيم عن بعض لن مشهد البحر حاضهنم ‪..‬‬
‫ألوان ادلنيا ازرق معيق وخفيف وابيض واورجن ‪ ..‬القلب مطمن ومراتح ‪( ..‬نظر الهيا براء ابهامتم كمنا يريد‬
‫القول –هل دلينا شاعرة موهوبة دون ان ندري!؟‪ -‬مث اتبعت) ‪ ..‬مكذبش عليك احنا بنش تغل بقالنا س نني‬
‫سوا ‪ ..‬واان اول مرة امسع عن قصة اخوك دي ‪ ..‬وحسيت انه صعبان علية ومش قادرة اعرف حالته دي‬
‫واحس بشوية تعاطف وبعدين انىس وامكل واقول لقليب ملكش دعوا ‪ ..‬براء انت عارف انه ممكن جييهل‬
‫اكتئاب حاد ‪ ..‬وممكن تدخل عليه فيوم تالقيه ‪ ) ..‬مث مصتت ً‬
‫قليال ونتحركت عيناها ميينًا و ً‬
‫يسارا ‪..‬‬

‫مث قال براء بنربة جادة ورسيعة وكنه حياول سرت حزنه‪( :‬متام اقرتيح عليا حل اي أية ‪ ..‬احنا معلنا معاه لك‬
‫حاجة ممكن تتخيلهيا ‪ ..‬اتفضيل)‬

‫قالت برتدد‪( :‬جربتو دكتور؟)‬

‫فابتسم وقال‪ ( :‬هو مقتنع انه هو نفسه طبيب نفساين وروحاين ‪ ..‬لو عرضنا عليه حاجة زي دي ممكن ميسك‬
‫فينا ‪ ..‬انيت مش عارفة)‬
‫‪15‬‬

‫قالت‪( :‬طيب جربتوا تلكموا حد من حصابه؟)‬

‫قال لها كمنا يتوقع اس ئلهتا هذه‪( :‬حصابه قليلني أو بقم قليلني ‪ ..‬وبقاهل س نني مبيلكمش مهنم حد تقري ًبا وملا‬
‫لكمناه يف املوضوع واقرتحنا عليه خيرج مع حد من حصاب زمان ‪ ..‬رفض وقالنا ملناش دعوة حباجة وانه كويس‬
‫ومعل حاكية‪).‬‬

‫(كدة مفيش غري حل واحد ‪ )..‬قالهتا أية‪.‬‬


‫( انت مش قلتيل انه بيكتب كتري ‪ ..‬يبقى اكيد هنفهم احلاكية لو قدران نتابع بيكتب ايه ‪)..‬‬

‫قال براء‪ ( :‬مبيس يبش الوضة تقري ًبا هعملها ازاي دي؟)‬

‫ردت أية‪ ( :‬اترصف اظن دي حاجة مش صعبة تشوفلها حل)‬

‫مبجرد خروج ابراهمي للس تحامم دخل براء غرفته وبيده ‪ Memory Flash‬ونسخ مجيع ملفات ابراهمي اليت‬
‫بعنوان (أعاميل) وخرج مرسعًا ‪..‬‬
‫‪16‬‬

‫‪5‬‬
‫‪WhatsApp‬‬

‫براء‪ ( :‬بيص يف حاجات كتري؛ يف كتب ويف مقاالت ويف قصص فلسفية ورومانس ية ‪ ..‬اان هبعتكل حاجة‬
‫كدة لقيهتا وحسيت فهيا اسقاط فلسف كبري ‪ ..‬اظن اهنا هتوضلنا كتري )‬

‫ردت أية‪( :‬حتب نبعت امللف حلد متخصص؟!)‬

‫رد براء حبزم شديد‪( :‬ال ال ااييك ‪ ..‬أية من فضكل دي امانة ‪ ..‬خلينا نفكر سوا حلد ميبانلنا مالمح الطريق)‬
‫يف مساء امجلعة فتحت أية امللف واكن اكليت‪:‬‬
17
‫‪18‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫لعل التفلسف والتأمل هو أكرث ما يقربنا للنسان‪.‬‬


‫للنسانية وجوه عديدة ‪ ..‬البعض حيرصها يف اختيار اخلري واليثار والصتبار بل واالميان‪..‬‬
‫لكن البعض الخر جيرب خوض مغامرة احلياة العقلية ‪ ..‬تكل احلياة الىت خيرج فهيا الفكر عن أطوار املألوف ؛‬
‫عن التفكري يف وسائل احلصول عىل املال واملاكنة واجلنس واحلب والس تقرار والنقل المعى للك ما يرميه اليه‬
‫امللقنون‪ ،‬ويقفذ بقوة (ملاذا) و (كيف) اىل املعاين الكبرية والحامتالت الاكمنة وراء الش ياء فتتحرر نفسه‬
‫ويس تعيد مشاعره!‬
‫حتمل (أوركسرتاي –العمل اذلي أنت عىل وشك قرائته) حقيقة واحدة يتفرع مهنا حقائق عديدة عاشها لك‬
‫أنسان حدث يف اي زمان فأننا حنن البرش حنيا حيوات متشاهبات ونظن اننا وحدان يف معاانتنا وحزننا‬
‫وهشاشتنا وحريتنا وتهينا ‪ ..‬ولكن احلقيقة يه اننا مجي ًعا منذ جفر النسانية نعيد ذات السرية الوجدانية للنسان‬
‫‪ ..‬ولكن لعل ما مينع فضحها غال ًبا هو اهنا تعيش مع صاحهبا ومتوت معه قبل ان يس تطع لسانه ترمجهتا ذلي الفقه‬
‫واملسامع ‪ُ ..‬كتب عىل النفس ان تكون لنفسها ‪ ..‬ومع ذكل تنشغل أكرث يش ٍء بغريها ‪ ..‬و ُكتب علهيا العجز‬
‫البياين ‪ ..‬الا اذا اس تطاع صاحهبا بلسان الدب االشارة مبا فهيا ‪ ..‬فينكشف حيناذ للك النسان أرسار‬
‫ورسائر جنسه ‪..‬‬
‫‪19‬‬

‫‪7‬‬
‫أوركسرتا مجيةل‬

‫‪ -‬لك الش ياء تغريت عندما مر الزمن ‪ ..‬هل اان من تغري ام العامل؟‬

‫ردت عليه‪:‬‬
‫‪ -‬انامت الثنان تتغريان ‪ ..‬فأرجوك ال تنتظر من الش ياء ان تظل كام يه ‪ ..‬أن أحساسك ابحلب يف‬
‫الصبا ليس هو يف الش باب وال هو يف أعامر الرشد ‪ ..‬أن لك يشء فينا يتأثر ابلتغيري حىت قدرتنا‬
‫عىل الحساس بنكهة املشاعر ‪..‬‬

‫فيس متع ابمعان مث يتهند ويتابع‪:‬‬


‫‪ -‬أوركسرتا هائةل ‪ ..‬نأيت الهيا بدون اختيار أو رفض ‪ ..‬أو ‪ ..‬يبدو اننا ابلفعل كنا لنختارها لك مرة ولكن‬
‫ليست هذه الظروف ابذلات يه ما نتوقعها حني الختيار ‪ ..‬لعل عندما أنطلقنا نتعلق ابحلياة يف رمح‬
‫الس بات البدي لختارت‬ ‫اهماتنا كنا نتصور يشء خمتلف ‪ ..‬ولعل أنفس نا اذا ما خريانها بني احلياة و ُ‬
‫يف الهناية احلياة ‪ ..‬اذن فأجسادان وأنفس نا ترغبا احلياة ولكن ليست تكل الظروف ابذلات ‪ ..‬تكل‬
‫احلياة لعلها يه أدىن درجات السعادة والراحة اليت ممكن ان حنيا فهيا ‪ ..‬والا ِل َم مسيت دنيا؟ ومع‬
‫ذكل ومع لك ما فهيا من معاانة وأمل ‪ ..‬يظهر فهيا بضع أطياف وخيوط من ألوان الذلة والسعادة تزيد‬
‫من متسكنا ابلشعور اذلي يؤكد لنا انه هناك حياة أمجل س تحدث لنا يف وقت ما ‪..‬‬
‫‪..‬‬
‫‪ -‬ما جيعل الوركسرتا أوركسرتا يه اهنا جتمع بني أجناس متعددة من الآالت لتخرج معل واحد ‪ ..‬فف‬
‫الوركسرتا هناك من يعزف يف جامعة ‪ ..‬وهناك من يعزف سولو يف تفرد ‪ ..‬وهناك من يو ّجه العازفني‬
‫‪ ..‬وهناك من يكتب خارطة املعزوفة ‪ ..‬وهناك من يس متع ‪ ..‬وهناك من حيب الهتاف والتشجيع‬
‫وهناك من يغين مع املوس يقى ‪ ..‬وهناك من يشذ عن املعزوفة وهناك من خيرج عىل االيقاع ‪ ..‬وهناك‬
‫من يسد أذنه ويغمض عيناه وهيرب بعيدً ا عن لك الصوات ‪ ..‬وهناك من هيوي أصوات خاصة ‪..‬‬
‫لك خشص يف الوركسرتا هل وزن وقمية ‪ ..‬تسجلها الوركسرتا وتتأثر هبا حىت يف حاهل الثبات‪ .‬ان‬
‫‪20‬‬

‫الوركسرتا معالقة وقد يؤدي فهيا الفرد دور صغري لكنه ينعكس عىل املعزوفة العظمى للوركسرتا‬
‫الىت حتيك اترخينا منذ البدااي اىل الهناية ‪..‬‬
‫‪21‬‬

‫‪8‬‬
‫قالت هل‪:‬‬
‫‪ -‬أتعمل ما املضحك؟ اننا منذ أول اثنية يف حياتنا –نشعر‪-‬‬
‫وعندما نشعر تصبح دلينا رغبات ‪ ..‬وتكرب الرغبات معنا وتصبح حاكايت ‪ ..‬لكننا ال نس تطيع ان‬
‫نقول أي يشء عهنا ‪ ..‬ال نس تطيع تسميهتا ‪ ..‬وال حىت مالحظة اهنا أش ياء حتدث لنا ‪ ..‬فنشعر ان‬
‫احلياة لكها فقط بلون ذكل الشعور ‪ ..‬وحيهنا نفقد لك فرصة للترصف ‪ ..‬فأان أبنة امخلسة شهور عندما‬
‫أشعر بأمل اجلوع أرى احلياة لكها مزجعة ومؤملة ‪ ..‬لكن ال أرى ان لك ذكل النزعاج هو فقط حاهل اتفهه‬
‫س تنهتي مبجرد اجيادي لثدي أيم ‪..‬‬

‫وبيامن نكرب تكرب معنا تكل السمة ‪ ..‬السمة اليت جتعلنا ن ُسم الحداث ون َفصلها عنّا ‪ ..‬فيس تطيع‬
‫خشص انجض هتدئة انفعاهل اذا ما ادرك انه ال نتيجه منه ويبدأ ابلبحث عن فكرة للحل ً‬
‫بدال من الغرق‬
‫المعى يف النفعال ‪..‬‬

‫ومع ذكل ومع لك البدائية املصاحبة ملرحةل الطفوةل ‪ ..‬نشعر انه حيهنا اكن بأنفس نا مشاعر مل نعرف‬
‫قميهتا الا عندما كربان ‪ ..‬فكمنا أحداث ادلنيا الكثرية أسكتت عنف املشاعر يف أنفس نا ‪ ..‬وكن لك ما‬
‫يُمزي مرحةل مصتنا القدمية هو الحساس ‪ ..‬هل هناك عالقة بني الصمت وعنف املشاعر! (قالهتا‬
‫ودارت عيناها كمنا تسأل نفسها وال تنتظر رد‪ ،‬مث اتبعت)‬

‫ومع الوقت بدأت أظن ان ال ِك َ ْرب يقتل القلب ‪ ..‬ولكن اكنت املفاجئة كبرية ‪ ..‬لقد أدركت انه ال يفعل‬
‫ابلرضورة ‪ ..‬وأنه بيامن نكرب تكرب اماكنيات املشاعر معنا ‪ ..‬وعندما نس تطيع اجياد قلوبنا وسط غياهب‬
‫احلياة حنرر أنفس نا وتنفجر عيون املشاعر وتنرش يف أنفس نا حياة مل نتخيل أبعادها ‪ ..‬لقد وصلت‬
‫لقليب وسط ظلامت احلياة ‪ ..‬واملايض حيهنا تغري ‪ ..‬لقد صار جس ّل مالحظات تكشف يل هوييت‬
‫بدال من كونه (أحىل فرتة وأمجل أحساس) كام كنت اظن‪.‬‬ ‫و ُتمكّلها ً‬

‫أتعمل ‪ ..‬اذا حنيت ايل فصل قدمي من هويتك ووجد ان الوقت ال يرجع ايل اخللف ابدً ا فهناكل‬
‫طريقة حسرية للرجوع (مث ملعت عيناها حبامس ومرح) ‪ ..‬فقط يكف ان ترسد أول موقف تتذكره‬
‫حىت تبدأ املواقف ابلظهور كل ومن مث تبدأ مشاعر رائعة يف احلضور ‪ ..‬وحيهنا ان اردت الا تتوقف‬
‫‪ ..‬فال تتوقف ‪ ..‬سوف أمسعك ولو حىت أخر العمر ‪..‬‬
‫‪22‬‬

‫‪9‬‬
‫أبت َ َس َم حبب وأمغض عيناه حلظات ‪ ..‬مث قال‪:‬‬
‫‪ -‬ما ان فتحوا يل حىت بدأت أشعة النور البيض تتسلل اىل عيناي برفق ‪ ..‬مث رواحئ كثرية متداخهل‬
‫أس تنشقها ‪ ..‬وبدأت المور تتسارع ‪ ..‬وبدأت أمسع الناس وأرامه يتحركون وهيزتون ‪ ..‬مسعهتم‬
‫يرصخون ويضحكون ‪ ..‬بدأت أشعر مبلمس الش ياء ‪ ..‬اكن مهنا النامع كواتر اجليتار ‪ ..‬ومهنا اخلشن‬
‫كخشب العود ‪..‬‬
‫عيناي اكنتا صغريتني ‪ ..‬رأيت رجال ونساء يامتيلون ويلوحون وينفعلون ‪ ..‬لكنين مل أفهم املعىن ‪ ..‬مل‬
‫أفهم ماذا يفعلون وملاذا يفعلون هذه احلراكت العشوائية ‪ ..‬لكن لكام مر الوقت بدأت أرى أكرث ‪ ..‬اىل‬
‫ان وجدت أنين أقف وسط أوركسرتا معالقة ترضب بلك قوهتا وفهنا ‪ ..‬ترضب بشغف العازفني‬
‫وأماهلم ‪ ..‬واحياانً ترضب حبزهنم وخوفهم ويف لك الحوال تعلوا أصوات موس يقاها ويبلغ صداها‬
‫الزمان والزل ‪..‬‬

‫مل يطلبوا مين يف البدااي ان أشرتك معهم ‪ ..‬لكنين فامي بعد وجدت انين ليك أكون موجود جيب ان‬
‫اشرتك بأي من الدوار يف هذه الوركسرتا ‪ ..‬شعرت ابلقلق واحلرية وقررت انه من المئن ان أفعل‬
‫مثل ما تفعهل تكل اجملموعة اليت تقف جبانيب من عاز ّيف الكامن ‪ ..‬لقد شعرت خبوف كبري من ان‬
‫أتسبب اان يف تعكري انسجام تكل الس ميفونيات املس مترة ‪ ..‬اكن القلق يرصخ يف نفيس انين سألفت‬
‫لفن‬
‫لك العني ّايل وسريمقونين ابلسخط والزدراء واللوم ‪ ..‬فشعرت انه من امحلق ان أمد عيناي ٍ‬
‫أبعد ‪ ..‬أهجل منه اكرث مما أئلفه ‪..‬‬

‫مر وقتٌا كثري وأان مهنمك ‪ ..‬مشغول ‪ ..‬أحاول حتقيق النجاح ‪ ..‬والنجاح هنا اكن حمدد الحامتالت ‪..‬‬
‫أما ان أصري مدرب أو صولوست (عازف منفرد) أو حىت فنان ذا طابع ممزي ‪ ..‬مل خيرج جمد احلياة عن‬
‫أواتر الكامن وروحه احلانية وأساليبه الوترية وأقواسه النيقة ‪ ..‬اكنت عالقة الفرد ابلكامن يه لك ما‬
‫حيدد درجة احرتام الخرون هل وأس تقراره وراحته يف معرش قوم الكامن ‪ ..‬حىت الزواج والعاطفة اكنتا‬
‫لتبدوان من قبيل الرشور اذا ما مل يلكلها تسقيف مجهور الكامن ورضامه‪.‬‬

‫صارت متىض الايم حىت حدث ما كنت أشعر به طوال حيايت يف مصت ‪ ..‬ختلت الناس عن اهامتهمم‬
‫بفن (هدير نور ادلين) تكل الفنانة املمزية ‪ ..‬وفقدت التقدير والحرتام وصار الناس ال يس متعون لها‬
‫حىت انعزلت عن العامل ومل نعرف عهنا يشء ‪ ..‬أهنا مل تتحمل احلياة بعدما فقدت ماكنهتا يف ماكهنا ‪..‬‬
‫أتدرون ‪ ..‬اكنت هدير اكلسامء حيامن تزدمح بأشاكل السحب اخلالبة الىت حيامن تنفعل خترج اخلري‬
‫‪23‬‬

‫واحلب من لك ايبس ويلني لها لك جامد وحتتفل لها ابلرقص القلوب ‪ ..‬س بحان مغري الحوال ‪..‬‬
‫فقدت لك ما عاشت لجهل س نوات معرها‪ :‬حب وأحرتام قوم الكامن ‪ ..‬والهدااي والرفاهية والهناء‪.‬‬
‫يوهما أكمتل امياين بشكويك واستيقنت وارتفعت عيناي ومل تعميا بعدها ابدً ا ‪ ..‬طفقت الحق الغاايت‬
‫احلكمية وليس ما جيب ان يكون غااييت حبمك الظروف! وابحلب والسالم تركت ماكين ورصت‬
‫اكلرحاةل بني أقوام الفن أمكث حينًا يف لك قوم حىت أرشب فهنم وأكتسب من لوهنم ‪ ..‬عرفت طبلهتم‬
‫وانيهيم وعودمه والبيانو والكثري من اللوان املوس يقية‪.‬‬

‫وأن الوان لختار لنفيس فن ‪ ..‬فهناك قانون خطري يف الوركسرتا ‪ ..‬وهو جيرب امجليع بأختاذ دور ما‬
‫‪ ..‬واكن عىل نفيس طيب أختيار اجليتار ‪ ..‬لطاملا رأت عيناي عازف اجليتار اذلي يقف حيث يس تقر‬
‫أخر شعاع برصي ‪ ..‬لكنين مل أختيل ابعد من ذكل‪..‬‬

‫تواصلت مع العازفني وبدأ سعيي انحية قوم اجليتار ‪ ..‬رصت أس ئل عهنم وأاتبع فنوهنم حىت أذكر أنين‬
‫يف يو ًما ما وجدتين أمام عازف اجليتار ‪ ..‬مل اختيل ان اهامتيم هذا وخطوايت العشوائية البس يطة تكل‬
‫يه لك ما كنت احتاجه للوصول لعازف اجليتار ‪ ..‬يف دهشة وشوق بدأت أحدثه بشغف قليب‬
‫رشاب ؛ حراكت معصمه وعفرتة أصابعه ورشاقة يده يف النبساط‬ ‫وأراقبه عن كثب وأرشب فنه ً‬
‫وقوهتا يف عفق الواتر ‪ ..‬ختلق يد عازف اجليتار االيقاع الثابت من احلركة املس مترة ‪ ..‬وترسل احلرية‬
‫املزيكية من ِأحاكم القبض عىل الوتر ‪ ..‬الثبات من احلركة واحلرية من القبض‪.‬‬
‫ّ‬

‫بعدما ألفت قوم اجليتار أنكشفت يل أمم من حاميل اجليتار خيتلفون يف ألواهنم الفنية ويمتزيون عن‬
‫بعضهم ‪ ..‬مهنم ذا الربعة أواتر ومهنم الس تة ‪ ..‬مهنم الهادئ ومهنم الصاخب ‪ ..‬اكنت سعاديت ال‬
‫تتوقف كشعةل لهب يف غابة خشب ‪ ..‬لكن ليس لوقت طويل ‪ ..‬فبعد مدة بدأت أشعر ابلنذار‬
‫النفيس اذلي لطاملا شعرت به لكنين مل أصدقه سابقًا ‪ ..‬صار صدري فارغًا وجفت أهنار الرغبة‬
‫وبدأت أرغب عن اجليتار وكنه مل يكن يف الصل ما أحتاجه! بدأت أؤمن ابلها ِم نفيس ونظرت يف‬
‫بوصليت ‪ ..‬مث انحية قطب سعاديت حزمت امتعيت وانطلقت‪.‬‬

‫ويف يو ًما سألت نفيس وحيدً ا‪ :‬ماذا بعد؟ خرجت من جزيرة قويم أحبر بال وهجة ولكام توقفت جبزيرة‬
‫ساحرة وظننت اهنا املس تقر ومكثت فهيا حينًا اذ ينطفئ قليب وتتالىش رغبيت‪.‬‬

‫رغبيت ‪ ..‬وا رغبيت ‪ ..‬اهنا لك الفن واحلب ‪ ..‬اهنا لك امجلال واحلياة ‪ ..‬لن أمسح لحد بقتلها وال لظرف‬
‫بسجهنا ‪ ..‬سأحافظ علهيا بلك الطرق ‪..‬‬
‫‪24‬‬

‫مددت عيناي حنو الوركسرتا ؛ بالد بعيدة وجزر كثرية وأقوام عديدة تَفرض علهيم أالوركسرتا قوانيهنا‬
‫ابنصاف‪.‬‬
‫ال أدرى هل جيب ان أكره الوركسرتا أم ُأصاحهبا؟ أهنا أرض لك معانيت ولك سعاديت‪.‬‬

‫اهنا معالقة ومعزوفاهتا تُلَ َعب ًليال ً‬


‫وهنارا منذ جفر الوجود ‪ ..‬وبيامن أفهم اكن الوقت مير بال عذر ‪ ..‬حىت‬
‫وجدت نفيس رصت بال دور يف الوركسرتا ‪ ..‬مل أكن أتوقع تكل احلاةل حىت أختربهتا بنفيس ‪ ..‬نزلت‬
‫يو ًما بقو ًما من العازفني وبيامن أميش بيهنم يف اس تقامه وهدوء اذ وجدهتم يرمقونين بنظرة قاس ية ‪..‬‬
‫كنين نوتة حتمل يف معناها النشاذ املوس يق ‪ ..‬فشعرت بنوعٍ من اخلزي اذلي أؤمن يف نفيس أنين مل‬
‫أقرتف سببه وال أس تحق أثره‪.‬‬

‫بال أآةل وال فن ‪ ..‬اي هل من شعور مؤمل – ليس يف ذاته ولكن يف عيوهنم ‪ ..‬ان نظراهتم حتمل لك ما‬
‫يؤمل النفس احلرة ‪ ..‬وعىل اجلانب الخر عندما يلتق أهل الفنون يرفعون اليدي للتعظمي والتقدير‪..‬‬
‫أهنم يؤمنون اهنم ينمتون ذلات الوركسرتا ‪ ..‬حىت وان تالىق اثنان من أمم فنية خمتلفة ميجدون بعضهام‬
‫ببسامت وأشارات تعرب عن الحرتام ‪ ..‬أهنم يعلمون اهنم يشرتكون يف يشء واحد ويؤدون فيه‬
‫دورمشابه حىت وان مل يسمع أحدمه الخر أبدً ا‪.‬‬

‫تكل القسوة والزدراء يف عيوهنم ونربات أصواهتم تعكس ما بقلوهبم بوضوح ال يرتك أي مساحة‬
‫للحامتالت ‪ ..‬ومع ذكل مل أندم عىل أختياري ‪ ..‬ولكهنم فقط يؤملونين بصدق ‪ ..‬صار رفض ساكن‬
‫الوركسرتا يل يزداد حىت انين يف يوم دامهتين أفاكر انه من املمكن ان أعاقب أو ُأنفى عىل الرمغ من‬
‫أنين مل أفعل أي ظمل وال جرم يف حق أحد ‪ ..‬ولكنين أخىش أن كرههم قد منا ايل احلد اذلي يدفعهم‬
‫ٍ‬
‫بنفوس راضية‪.‬‬ ‫ايل أرتاكب ظلم‬
‫‪25‬‬

‫‪10‬‬
‫يف يوم رجعت لرسيت لطمأن علهيم ‪ ..‬اكنت عيوهنم تلمع ابحلزن ‪ ..‬قلت هلم ال عليمك أنين أشعر‬
‫ابحلياة يف لك لون فين أمر به ‪ ..‬لكنين أشعر ابملوت اذا ما احنبست يف أهيم ‪ ..‬قد أختلف مع‬
‫توقعاتمك وتوقعاهتم لكن هكذا حياة تبعث يف قليب ربيع يلون مشاعري بطابع احلياة وتمنو جنان النفس‬
‫ايل السامء دون مانع وال خوف فمتزتج الزهور والنجم وقوس املطر فتُجمع الرض ابلسامء واللون ‪..‬‬
‫فأصبح يف نفيس للك مس تحيل اماكنية وألوان امجلال رسمدية ‪ ..‬وهكذا صارت نفيس غنية ‪ ..‬تعزف‬
‫س ميفونيات ومهية ‪ ..‬خيرج صداها اىل احلياة حيامن أفرح بعدما أرشبهتا ألوان الفنون واماكنياهتا ‪..‬‬

‫قاطعتين أحد أفراد أرسيت بلكامت حدثت كصوت الرعد واقتحمت دوري يف احلديث كصاعقة الربق‬
‫حني تشق السامء‪ِ :‬ل َم مل حتب فقط الكامن مثل قومك! مث ساد مصت لثو ٍان بيامن ترمقين بعينني خيرتقا‬
‫قليب‪ ..‬وامجليع ينظرون ‪..‬‬

‫مث بال مشاعر وال حلن قالت‪ :‬ان الوركسرتا ماكن ال يعرتف ابلغرابء ‪ِ ..‬ل َم ال تس متع!‬

‫حيهنا مل أشعر بنفيس الا وأان أنفجر بصويت وأقول بلك صدق‪ :‬أي غريب أان! بل ما يه تكل‬
‫الوركسرتا أ ً‬
‫صال؟‬

‫بعيون فارغة ال تتلكم‪.‬‬


‫فنظر ّايل امجليع ٍ‬
‫عيل‪ :‬اهنا اترخي جنسك ومس تقبهل‪ ،‬اهنا النظام الول اذلي تس تحيل احلياة بدونه ‪ ..‬انه‬ ‫فردت ّ‬
‫مكتوب علينا يف هذه احلياة‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬ومن أختار هذا النظام؟‬
‫فقالت‪ :‬هو نفسه من أختار كل الوجود‪.‬‬
‫قال‪ :‬وماذا ينبغ ان أفعل ا ًذا؟‬
‫قالت‪ :‬ان تسمل للقضاء والقدر يف أختياراهتام الكبرية ‪ ..‬وأن تتحرك بلك فنك وحريتك ولكن مع‬
‫اليقاع‪.‬‬
‫قالت‪ :‬وهل هذا االيقاع هو الوركسرتا؟؟‬
‫قالت‪ :‬بىل ‪ ..‬ان الوركسرتا أكرب منّا ‪ ..‬ال أظن أن احد قد فهم لك اماكنياهتا وال أحامتالهتا منذ اترخي‬
‫وجودان ايل هذه اللحظة ‪ ..‬أهنا حبر ال نعمل منه سوى الشاطئ اذلي نطل عليه ‪..‬‬
‫قلت‪ :‬مك أحببت وصفك هذا لكن كيف احترك مع ايقاع ال افهمه‪ ،‬كام فهمت من معىن الكمك؟‬
‫‪26‬‬

‫دارت عيناها لثو ٍان مث قالت‪ :‬ليس عليك فهم لك يشء ‪ ..‬فقط قدل عادات من مه أقدم منك وس تجد‬
‫صغريا اقول كل (قل نورا )‬
‫الطريق ‪ ..‬هكذا تعلمت لك يشء منذ ميالدك حىت يومنا هذا ‪ ..‬كنت ً‬
‫فتقدلين بلك رسور ‪ ..‬وكنت تقدلان لكنا يف لهوانّ وفرحنّا وح نز ّنا ‪ ..‬لقد كنت ً‬
‫مجيال حيهنا وكنا سعداء‬
‫بك‪..‬‬

‫رديت علهيا‪ :‬وماذا عن الن ‪ ..‬هل انكدر جنم ورصت منبو ًذا ‪ ..‬ولك ذكل فقط لنين ال افعل مثل‬
‫ما تفعلون ‪..‬‬
‫نظر امجليع لبعضهم ‪ ..‬يف ثو ٍان من الصمت ‪..‬‬

‫فقلت‪ :‬أتعلمون ‪ ..‬اان ال ألوم ايمك عىل هذا ‪ ..‬بل امتىن ان اسعدمك بلك ما اس تطيع ‪ ..‬لكن ليس حبق‬
‫يف احلياة ‪ ..‬ليس لنمك لس مت هممني لكن لن هذا ليس حىت مراد صانع الوركسرتا ‪ ..‬فهو مل يعط‬
‫احدً ا احلق املطلق يف توجيه حياة النفوس ‪ ..‬اتعلمني ‪ ..‬ليس هناك من وس يةل يف الوركسرتا جترب‬
‫أحدً ا عىل أرادة يشء او كرهه ‪ ..‬النفس حرة بطبيعهتا وعندما حي الوقت جيب ان خترج تكل احلرية‬
‫اىل العامل حمطمة قيود اخلوف والعجز ‪..‬‬
‫حيهنا تصل النف ايل معناها ‪ ..‬والا س يظل املرء حييا حياة يشعر فهيا لك يوم انه ضيف فهيا وليس‬
‫صاحهبا!‬
‫زروين وقليب ‪ ..‬وال حت نزوا فأنمت أهيل وعشرييت ‪ ..‬دمايئ كدمائمك ونفيس نبته نشأت يف أرض منشأمك‬
‫‪ ..‬حىت مالحم قد رمست بذات القمل اذلي رمس عيونمك ووجوهمك ‪ ..‬ولكن هناكل يشء يف نفيس ال‬
‫يش به احدً ا وال يطيع قانوانً سوى اراديت ‪ ..‬دعوين ازكيه وال حتملوا يف قلوبمك أي ندم‪.‬‬
‫قلت لها‪ :‬عندما كنت طفل اكن ليس بيدي قمل ‪ ..‬امنا اكنت ألوان ُأ ّلون هبا اخلطوط اليت أختارمتوهايل‬
‫‪ ..‬أما الن بعد أن رصت راشدً ا َألقى القدر بيدي قمل وريشة يتبعونين ايامن ذهبت يف الوركسرتا بل‬
‫يتبعونين حىت يف أفاكري ‪ ..‬وأشعر ابخلطأ لكام جتاهلت حقيقهتام ُ‬
‫ومعيت عيناي بألوان املايض‬
‫وخطوطه ‪..‬‬
‫نظرت ّايل ‪ ..‬ومتنيت ان ارى يف عيناها اهنا قد فهمت حقًا ما أقول ‪..‬‬
‫مث قالت‪ :‬ماذا فعلت يف حياتك حىت هذه اللحظة؟‬
‫‪27‬‬

‫بيش من الحباط ‪ ..‬ومل ادرى أئتابع أم أنرصف عن هذا الجامتع ‪.‬‬‫شعرت ٍ‬


‫ولكين وجدت نفيس أقول ٍ‬
‫بصوات ُمح َبط ليس به لون وال حياة‪ ،‬وبيامن أنظر لها وللجميع‪:‬‬
‫أتعلمني ‪ ..‬سأحيك ِكل ً‬
‫يشء ‪ ..‬بل لمك مجي ًعا‪:‬‬
28
‫‪29‬‬

‫‪11‬‬
‫يف أحد الايم الىت س تعيش يف ذاكريت اىل البد ‪ ..‬رأيت أحدى ِ‬
‫فتاايت قو ِم الناي تبيك ‪ ..‬فاقرتبت مهنا بفضول‬
‫ومودة ‪ ..‬حفاولت ان ختف حزهنا برسعة لكنين قلت لها ال علييك اان اشعر مبعىن ان يكون املرء وحيدً ا وأحرتم‬ ‫ّ‬
‫تكل اخلصوصية ‪ ..‬لكن هذه املرة حدثت ظاهرة غريبة عن نفيس! فمل اس تطع كبح قلىب عن أمنيته ‪ ..‬حفني‬
‫رأيتك هكذا انتفضت لك جواريح حتملين جتاهك بال تردد ‪ ..‬وبعد ان وصلت ايل هنا جبوارك ‪ ..‬أطمع ان‬
‫أشاركك بعضً ا من الوقت ان كنيت ال متانعني ‪ ..‬ودار بيننا احلديث دلقائق‬
‫مث قالت‪:‬‬
‫اان أحب املوس يقى جدً ا‬

‫فقلت‪:‬‬
‫مث ماذا؟‬

‫فقالت‪:‬‬
‫ان صدري ال يتسع لكثري من الهواء ‪ ..‬وال يمتكن فين من التنامغ مع الوركسرتا لكام امسكت الناي ‪..‬‬

‫ضاقت عيناي وال اعمل ملاذا شعرت بتكل املشاعر اليت تش به الغضب ‪ ..‬ولكن ما أعلمه جيدً ا هو ان ذكل‬
‫الغضب مل يكن مهنا يه‪.‬‬

‫قلت لها‪:‬‬
‫أمسيك هذا اجليتار ‪..‬‬

‫فأمسكته ويه مستسلمه لتعلامييت ‪ ..‬دون ان تفهم ما أريد ‪ ..‬يبدو اهنا فقط تؤمن بصديق وثقل فلسفيت ‪..‬‬
‫وظللت هبا حىت صارت يف الوضعية املناس بة ‪..‬‬
‫‪30‬‬

‫قلت لها‪:‬‬
‫أغلق تلكام العينني الهادئتني! تلكام اللتان يف سكناهتام وحراكهتام هدو ٌء صاخب ‪ ..‬كهدوء ساعة التقاء كتالت‬
‫وحاالت تنمت حتت عنوان الروعة ‪..‬‬
‫ً‬ ‫صور‬
‫السحاب الهائةل بقمم اجلبال العمالقة فزيواب يف امزتاهجام بيامن يبعثان ً‬
‫مصت عظمي‪ ..‬وهدوء!‬ ‫ولك ذكل حيدث يف ٍ‬

‫فأغلقت جفوهنا برفق وكن لكاميت تطرهبا ‪..‬‬

‫مث قلت لها‪:‬‬


‫مبا تشعرين يف تكل اللحظة ‪..‬؟!‬
‫فقالت ما قالت ‪ ..‬مث قلت لها‪:‬‬
‫حس نًا ‪ ..‬الن بني يدييك جيتاري ‪ ..‬أسأ ُل قلبك املُنصت لصوات العواطف ان يرسل لك انتباهه اىل يدك‬
‫اليرسى ‪ ..‬مث أسأ ُ ِكل ان تتحسيس الواتر بنعومة أانمكل ‪..‬‬

‫تس متع وتتبع ما يوىح الهيا بلك حب ورفق ‪ ..‬مث توقفت لبضع ثو ٍان دومنا ان ااتبع ‪..‬‬
‫‪31‬‬

‫فقالت‪ :‬اهنم س تة أواتر ‪ ..‬واحدً ا فوق الخر ‪ ..‬خيتلفون يف درجة سامكهتم فالول من العىل هو الغلظ‬
‫والخري هو النعم ‪..‬‬
‫فقلت لها‪:‬‬
‫جريب بأصابعك ان تلميس الوتر النعم رمق ‪( 6‬يم) مث حتسيس طول هذا الوتر ‪ ..‬انه ميتد ملرت تقري ًبا وبني لك‬
‫سنيت تقري ًبا فاصل وتكل الفواصل تصنع أماكن مثل اخلاانت ‪ ..‬بأصبعك الوسط أضغط برفق وأحاكم عىل‬
‫تكل اخلانة رمق ‪(3‬صول) ‪ ..‬اثبيت بيدك اليرسى عىل هذه الوضعية‪.‬‬

‫ويه تتبع اكفة التعلاميت هبدوء ودقة ‪..‬‬

‫مث اتبعت‪:‬‬
‫مث الان قد يود قلبك ان يرسل دفقات انتباهه ايل يدك الميىن مث ‪ ..‬اصابعك الرائعة هذه! اتسائل ما ميكن ان‬
‫تفعل تكل الصابع اذا ما امتلت جبنون البداع واحلركة! اريدك ان ترسيل احلرية اىل تكل الصابع فكن قلبك‬
‫صار ينبض يف كف يدك لريسل مشاعر احلياة والفن يف هؤالء امخلس ‪ ..‬الان أريد من أهبامك ان يرضب‬
‫الوتر الول (يم) العميق ‪ ..‬مث أريدك بتدرجي كتدرجي نزول عتبات السمل ‪ ..‬ان تنقرى ابلس بابة الوتر (صول)‬
‫رمق أربعة مث ابلصبع الوسط ان تنقري الوتر اذلي حتته (يس) رمق مخسة ‪ ..‬مث بعدها اخلنرص ينقر الوتر ال‬
‫سادس (يم) الرقيق ‪..‬‬
‫الن ‪ ..‬كرري امجلةل املوس يقية برسعة طبيعية ‪ ..‬اكلىت نتحدث هبا ونرسل لكامت وصفنا للمور ‪ ..‬وابعدي‬
‫السفىل ‪..‬‬ ‫ً‬
‫قليال يف الزمن بني رضبة الوتر الول و نقر الواتر ُ‬
‫‪32‬‬

‫فأرسلت مجةل موس يقية حتمل من املعىن ما محلت ‪..‬‬

‫فقلت لها‪:‬‬
‫مبا تشعرين الن؟‬

‫فقالت‪:‬‬
‫يشء عن احلزن الهادئ‬
‫وكنين قلت ً‬

‫فقلت لها‪:‬‬
‫لقد ارشيت بلغة املوس يقى اىل حزن هادئ ‪ ..‬لقد صار اجليتار لسانك الان ‪ ..‬كيف تشعرين بعد ان صار ليك‬
‫لساانن؟‬
‫‪33‬‬

‫فابتسمت كمنا تشعر ابلمان ‪ ..‬وملعت عيناها كهنا تغوص بفكرها داخل نفسها مث بدأت حتيك بنربة تويح‬
‫للسامع كن قلهبا هو الراوى ‪ ..‬فقالت‪:‬‬

‫ان الناي مرتبط بلك ذكراييت وحاكييت ‪ ..‬ختيل ان أيب اكن عازف فنان دلية للك موقف وصفًا خاص ‪ ..‬اكن‬
‫خياطب بفنه قلوب السامعني فيؤمنون ‪ ..‬وأيم اكن يف لكامت انيهيا الكثري من احلب والمان ‪ ..‬فف الش تاء بيامن‬
‫يهنمر الثلج من السامء وهترع دواب الرض حبثًا عن ادلئف ‪ ..‬متسك أيم الناي وحتيك لنا قصص الربيع فكنا‬
‫نلتف حولها بيامن حتيط بنا دوائر الصوت اليت يغمرها ادلئف ونعانق معاين احلب ادلافئة حىت يغلبنا النعاس ‪..‬‬
‫كثريا ‪..‬‬
‫لقد كنت حيهنا قصرية وشعري طويل ‪ ..‬فاكنت اخوايت ختفن مين ً‬
‫ض َكت حبنني بيامن تتحدث وتسرتجع ذكرايهتا ) ‪ ..‬ولكن يف يو ٍم ما ‪ ..‬مسعين ايب واان اتدرب عىل اس تخدام‬ ‫(مث َ ِ‬
‫الناي يف احلديقة ‪ ..‬كنت خمتفية خلف الجشار ‪ ..‬مث يف وسط تدريبايت وتكراري للنغامت ‪ ..‬اس تجمعت جرئيت‬
‫بعيون المعتان‬
‫وحرض احسايس والقيت مجلتني من حمض تأليف يعربان عام بقليب ‪ ..‬فوجدت اىب امايم حيهنا ٍ‬
‫‪ ..‬وقال يل يف دعابة‪" :‬لقد كربيت اي ليان!" ‪ ..‬فأبتسمت هل واان يف غاية السعادة ‪ ..‬مل تكن تكل السعادة لنين‬
‫كربت كام قال ولكن لشعوري انه رأين ورأى ما بنفيس ‪ ..‬وقلت‪" :‬هل حقًا حتب عزيف اي ايب؟" فقال وهو‬
‫يبتسم وال تزال عيناه تلمعان‪" :‬انه حقًا مجيل اي ليان ‪ "..‬رصت اشعر انين ملكة منذ ذكل اليوم ‪ ..‬ولكام‬
‫امسكت الناي اس متعوا ّايل وعيوهنم تلمع ‪ ..‬مث قالت اخيت يو ًما‪" :‬ان هذا حزن وفرحة ‪ ..‬انه اكلباكء لكن يف‬
‫فصل الربيع وسط الزهور واللوان ‪ ..‬فال ندري اهذا مشهد حزن ام فرحة ‪ ..‬اننا اوىل ان نسمهيا دموع الربيع!"‬
‫حبب شديد ‪..‬‬ ‫فضحكوا مجي ًعا مث مضين ايب اىل صدره ٍ‬

‫( مث بيامن حتيك سالت من عيهنا اليرسى دمعة رقيقة كقطرة املطر هتبط من السحاب اىل الرض)‬
‫قلت لها حبب‪:‬‬
‫ال علييك اان ِ‬
‫معك ‪..‬‬

‫فتابعت ويه تبتسم‪:‬‬


‫بعد مدة خرجت ليك احبث عن ماكين وسط الناس وحتت سامء الوركسرتا ‪ ..‬مث ‪..‬‬

‫وبدأت ترتدد بني اختيار اللكامت وبني البوح او عدم البوح ‪ ..‬فهممت بطمأنهتا جمددًا‬
‫‪34‬‬

‫وقلت‪:‬‬
‫اان أحب ان أس متع ‪ ..‬أرجويك اتبع ‪ ..‬ماذا وجديت حيامن خرجيت بنفسك ايل معرتك الوركسرتا؟‬

‫قالت‪:‬‬
‫كثري من الصخب والرسعة والحلان الغريبة ‪ ..‬لكام مهمت ابلعزف معهم وجدت انين ال أنمت اىل أ ٍاي مهنا ‪ ..‬وال‬
‫أجاري رسعهتا ‪ ..‬بل وال تروقين اطالقًا ‪ ..‬وصارت عيون امجليع ترمقين بنظرات قاس ية ليس فهيا أي َأنس وال‬
‫رمحة ‪ ..‬تكف هذه النظرات وحدها ان ترسلين اىل حصراء من الوحدة والعزةل داخل نفيس ‪ ..‬بل وامتد المر‬
‫اىل ان البعض صار يعاملين مبا ال يليق بنفيس ‪ ..‬بل والقىس من ذكل ‪ ..‬رصت يف حاجة ايل ان أفعل أش ياء‬
‫‪ ..‬ال أحب ابدً ا ان افعلها ‪..‬‬
‫انين ‪ ..‬ال أشعر انين خب ٍري أبدً ا ‪( ..‬مث سال من عيناها جمددًا خطً رفيع من الالكم لكن بلغة الآالم)‬

‫فقاطعهتا‪:‬‬
‫ال علييك ‪..‬‬

‫مث نظرت يف عيناها وقلت بصدق وررمحة‪:‬‬


‫أتعلمني ‪ ..‬ان ما تشعرين به يبدو حقيق جدً ا ‪ ..‬أشعر به يف نفيس بيامن اس متع الييك ‪..‬‬
‫لكن ال زال هناك يشء ال أفهمه ‪ ..‬كيف ليك فن ٌا ٌ‬
‫وماكان يف الوركسرتا وحتملني لك هذا المل؟‬

‫فقالت‪:‬‬
‫ان المر ليس بتكل البساطة ‪ ..‬حفىت اجلنة اذا ما أوتيت فهيا من لك الش ياء ‪ ..‬اكنت لتصبح معاانة اذا ما‬
‫حرمت فهيا من تقديرى ورضايئ عن نفيس ‪..‬‬

‫عاجال ام أ ً‬
‫جال عني املعاانة اذا ما حرمت فهيا من امياين مبعىن حيايت! (‬ ‫بصوت خاص) ‪ ..‬س تكون ً‬
‫(مث كررهتا ٍ‬
‫مث التفتت بعيناها عين مث تبعها وهجها اىل اليسار فرصت ال أرى سوى مشهد شعرها النامع الكثيف ‪ ،‬ورأيهتا‬
‫ترفع يداها انحيه وهجها)‬
‫‪35‬‬

‫‪12‬‬
‫كثريا ‪ ..‬ومل احتدث بعد ذكل لكمة ‪ ..‬بل ُ‬
‫ذهبت يف هدوء لحرض لها فاكهة املاجنو ‪ ..‬وال اعمل أي‬ ‫أجعبين الكهما ً‬
‫حقيقة يف العامل جتعلين اشعر ان لك الانث جيب ان حتب املاجنو‪.‬‬
‫فقالت‪:‬‬
‫ما هذا كيف عرفت انين أحب املاجنو؟‬
‫فقلت‪:‬‬
‫اان فقط أعرف‪.‬‬
‫فقالت يل‪:‬‬
‫اهنا الفاكهة الوحيدة اليت دلي حساس ية مهنا!‪.‬‬
‫فقلت لها يف يشء من ادلعابة‪:‬‬
‫من املمكن ان أنقذك من تكل الفاكهة الصفراء وامحلراء ّاذليذة ‪ ..‬املثرية ‪ ..‬جدً ا ‪---- ..‬حلساسيتك‪ ----‬برشط‬
‫واحد ‪ ..‬وهو ان أس متع لبعض من حاكايت الناي‪..‬‬

‫فأبتسمت ويه تنظر مبرح ‪ ..‬ومل ترتدد اثنية ‪ ..‬التقطت الناي ىف هدوء وقالت يل يف حامس‪:‬‬
‫ما هو لونك املفضل (مث ابتسمت ابتسامة مرحة)‬
‫فقلت لها‪:‬‬
‫البنفسج ‪ ..‬انه مجيل وغين‪.‬‬
‫فقالت يل‪:‬‬
‫امممم ‪ ..‬ملاذا حتبه؟‬
‫فقلت‪:‬‬
‫اشعر انه ينبض بطاقة احلمكة واكمن فيه أرسار املعاين ‪..‬‬
‫فقالت‪:‬‬
‫أممممم‬
‫‪36‬‬

‫مث قالت يل‪:‬‬


‫ماكن عتيق ‪ ..‬سكنه الناس منذ قدمي الزمن ‪ ..‬حىت انين أظن انه اكن قدميًا منذ ان وجدوه ‪ ..‬لكام أىت‬‫أريض ٌ‬
‫ُأانس ورثوا عن أجدادمه طباع الرض وطبيعهتا ‪ ..‬فصاروا أهلها وورثهتا ‪( ..‬مث رفعت الناي حنو وهجها ً‬
‫قليال‬
‫بيامن تتحدث يف اهنامك ‪ ) ..‬هنا ورثنا الفالحة خلصوبة الرض ووجود املاء ‪ ..‬وطوران أنواع خمتلفة لفنون احلرب‬
‫كفن الكن‪-‬فو ملواهجة أخطار الغاابت والوحوش و أستبداد احلاكم وبطشهم ابلبسطاء ‪ ..‬ونزعنا اىل التأمل‬
‫والرتهنب وأطالق مشاعر احلب لندماج قلوبنا مع الطبيعة اخلالبة من حولنا ومقم اجلبال الشاهقة والشمس‬
‫واجلليد واملاء النق الفرات ‪ ..‬وأمنّا ابلعدل الكوين لتعلق قلوبنا بروح احلياة وحمركها الول خالق لك يشء ‪..‬‬
‫اكت والسكون ‪ ..‬ورشيعتنا النسجام كرقصات‬ ‫ونعمل انه ترسي حمكته يف الوجو ِد والعدم و ِ‬
‫الزمان والزل واحلر ِ‬
‫نب ال يطيق حتمهل‬‫حزن اذا فارق من حيب! أو اذا اكتسب ذ ً‬ ‫احلب والسالم ‪ ..‬قلوبنا رقيقة ميوت معظمنا ً‬
‫فيهني حياته! (مث اقرتبت فوهة الناي من شفتاها ‪ )..‬اننا جتري يف نفوس نا حاكايت هذا املاكن واترخيه ‪ ..‬ذلكل‬
‫ملوس يقاان ما ميزي حاكايهتا عن غريها ‪..‬‬

‫فتابعت حديهثا ويه متسك ابلناي مث جفأة امزتج الالكم ابملوس يقى ‪ ..‬فرصت أمسع الناي يتابع نفس الالكم‬
‫اذلي اكنت تقوهل ‪ ..‬نغم انمع ومعيق فيه مغوض كغموض التارخي فال أحد فينا قد شهد أول الزمان ولكننا نسمع‬
‫حاكايته فقط ذلكل س يظل غامضً ا دامئًا ‪ ..‬مث هدئت احلاكية وتباعدت مقم موجات الصوت وهدئت ‪ ..‬وصارت‬
‫‪37‬‬

‫تأخذين ايل ماك ٍن غريب ‪ ..‬فصارت تقول موس يقاها الكم يعرب عن حاةل ميكن تصورها مكثل ً‬
‫خشصا يبيك‬
‫ودموعه فوق وجنتاه ولكنه يبتسم بشدة لنه مؤمن ابلسعادة! فصارت حتيك بتهندات احلزن حاكايت المل ‪..‬‬
‫لعل امجلال يمكن يف حسر املزج بني مس تحيلني ‪ ..‬مث جفأة مهست بيشء خاص وسط الالكم ‪ ..‬خيتلف صوته‬
‫عن ما اكنت تقوهل ‪ ..‬وكهنا كشفت عن رس دومنا ان تدرى فاكنت تكل احلاةل مكثل ً‬
‫طفال يبيك ويأن ولكنه يف‬
‫حلظة ما تقع عيناه عىل فس تان أمه المحر فوق الرسير فيصمت للحظة وتتسع عيناه ويرختيا حاجباه وتنبسط‬
‫شفتاه ويبتسم حبنية وحب! ‪ ..‬كذكل يه كشفت عن احلب اذلي بقلهبا يف مجلتني من النغم رأيت فهيام أهنار‬
‫جعااب بتكل النوثة الرائعة‪.‬‬
‫من العسل وامخلر ختفهيا يف وادي احلياء بقلهبا ‪ ..‬فأبتسمت ا ً‬

‫وبعد انشودة الشجن نَ َز َعت الناي عن شفتاها برضا ٍء وحب ‪ ..‬مث خفضته اىل أسفل هبدوء ‪ ..‬ون ََظ َرت ّايل يف‬
‫ابتسامه حانية وشعرها ينسدل ‪ ..‬ومصتت لبضع ثواين مث قالت‪:‬‬
‫شكرا ‪! ..‬‬
‫ً‬
‫فنظرت لها بعيون تبتسم ابلود دومنا ان أتلكم ‪..‬‬

‫مث قلت لها‪:‬‬


‫غين ورائع ‪ ..‬هل‬
‫لقد مسعت يف حاكيتك عبارة اجليتار اليت عزفناها سواي ولكن بصوت الناي مك اكن ذكل ّ‬
‫ترين كيف ان أوركسرتا العامل الغريبة عنّا قد ُتزيك وتغذي أوركسرتا قلوبنا ‪..‬‬

‫أنطلق اي دموع الربيع اىل العامل ليك تش يدي به أوركسرتايك أنيت ‪ ..‬وليس فقط ليك تش يديه هو وأوركسرتاه ‪..‬‬
‫خاصا للفن هترع ايل قلعته دواب الرض حبثًا عن ادلئف واحلب‪.‬‬
‫فيو ًما ما س تصري أوركسرتايك لوانً ً‬

‫تللت عيناها مبرح وامتنان ‪..‬‬

‫مك أحببت دموع الربيع ‪ ..‬اهنا ساحرة املشاعر ‪ ..‬ال ميكن لقلب الصمود أمام عواصف جشهنا حيامن تن ُفخ ‪ ..‬ينبغ‬
‫عىل لك يشء ان يطري ويُ َنزتع من فوق الرض ‪ ..‬ويتجه حيث تريده العاصفة وحسب‪.‬‬

‫أهنيت حدييث وأفراد عائليت تنظر ّايل وحتملق مكن ينتظر ْمين ً‬
‫تفسريا ملقصدي من تكل احلاكية ‪ ..‬قلت هلم‪:‬‬
‫‪38‬‬

‫محدً ا هلل عىل سالمتمك ‪ ..‬واس تعديت لرد غريب من أحدمه يفصلين عن روعة ذكرى ليان ‪..‬‬
‫‪39‬‬

‫‪13‬‬
‫(أية انيت بتعيط ؟) قالها يوسف ‪..‬‬

‫فتوقف براء ونظر الهيا يتفحصها!‬

‫فردت أية بصوت حيبس اهنار من الباكء‪( :‬أان أسفة اي جامعة اندجمت مع الالكم ‪)..‬‬

‫فرد براء‪ ( :‬طيب أان هكتف بكدة الهناردة وخلوان نتناقش فهممت أيه من الالكم دة)‬

‫ردت أمرية‪( :‬مالحظة انه داميًا بيعرض افاكره عىل هيئة حوار بينه وبني بنت (مث نظرت ايل زمالهئا وكهنا ترى‬
‫اذا اكنوا يتفقون مع تكل املالحظة) مش كدة ؟ )‬

‫رد يوسف‪ً ( :‬‬


‫فعال وكامن واحض انه يف موقف بينه وبني اجملمتع ايل حواليه ودة اكن لكه ظاهر جدً ا يف اجلزء‬
‫الول من أوركسرتاي ‪ ..‬لكن مع ذكل مش قادر اقول ابدً ا ان املشلكة من عنده لين حاسس اين مقتنع جدً ا‬
‫فعال أمه اهدافنا هو ان الناس ترىض عنّا وتقبلنا وناليق ماكن وسطهم ‪ ..‬وبنعيش حياتنا حناول‬ ‫بالكمه ‪ ..‬أحنا ً‬
‫حنقق اهداف توصلنّا يف الخر بردو للهدف دة وهو اننا حنقق ماكنة وسط الناس ‪ ..‬دة ممكن تاليق نفسك‬
‫ضكت عىل نكتة بس عشان اليل حواليك ضكوا علهيا ‪) ..‬‬

‫يشء ‪..‬‬
‫نظرت أية الهيم وكهنا تود ان تقول ً‬

‫يتبع ‪..‬‬

You might also like