You are on page 1of 10

‫الجسد في فلسفة فريديريك نيتشه‬

‫قورارية حليمة مرزوقي‬


‫جامعة وهران‬

:‫ملخص‬
‫ وتحديدا الفلسفة اليونانية وكذا الديانة المسيحية واإلسالمية قد احتقرت الجسد‬،‫إن الفلسفة القديمة‬
‫من جهة ومن جهة‬،‫كان ديكارت يحتقر الجسد‬،‫ في الفلسفة الحديثة‬.‫واعتبرته أقل شأنا من النفس‬
‫على خالف سبينوزا الذي طابق بينه وبين‬،‫أخرى كان معظما له نظرا لقيمته األنطولوجية‬
‫ فنظرا لتأثره بالثورة العلمية التي تأسست على التفسير المادي للكون والتفسير‬،‫ أما نيتشه‬.‫النفس‬
‫ إن أ‬.‫ قد رأى أن الجسد أعلى من النفس وما هذه األخيرة إال جزء تابع له‬،‫الفيزيولوجي لإلنسان‬
‫ إنه المكان الذي تنبع منه‬.‫ من خالله تنبثق الحيوية وإرادة القوة‬،‫صل اإلنسان يرجع إلى الجسد‬
‫ إن استثمار إرادة القوة اإلثباتية للجسد يحوله هو ذاته إلى جسد‬.‫ وكل القيم‬،‫ السعادة‬،‫المعرفة‬
.)‫أعلى ويخلق اإلنسان األعلى(السوبرمان‬
.‫ اإلنسان األعلى‬،‫ الجسد األعلى‬،‫ إرادة القوة‬،‫ الجسد‬،‫ النفس‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Abstract :
Antique philosophy, notably, platonic, as well as the christian and the islamic
religion downgraded the human body. They considered it as inferior than the soul. In
modern philosophy, DESCARTES was on the one hand devaluing of the body , on the
other hand he was grateful for his ontological value, contrary to SPINOZa who
identified the body to the soul .As for NEITZSCHE ,he was influenced by the
scientific revolution which was founded on the materialistic explanation of the world
and the physiological explanation of man. Thus, he so wthat the body is superior than
the soul. This latter is only a part which is dependent on itself. The origin of human
beingis indeed the body. Throughit ,vitality, will to power emerge.Where knowledge,
joy and all values take place. The fact to benefit from the affirmative will to power of
the body, it self will become superior (a super body)and will create a SUPERMAN.
key words :soul ,body, will to power, super body, superman
‫مقدمة‪:‬‬
‫إن الفلسفة عبر تاريخها قد تناولت الوجود الخارجي بطرح سؤال ما أصل الكون‪ ,‬لكنها أيضا‪,‬‬
‫اهتمت بالوجود اإلنساني من خالل طرح اإلشكالية التالية‪:‬هل هو نفس أم جسد؟ ما هي طبيعة‬
‫العالقة بين الجسد والنفس؟ واإلجابة عليها قد اتفق حولها فالسفة نسبيا واختلف حولها فالسفة‬
‫آخرون إلى حد التناقض‪ .‬وهذا المقال ينصب حول فلسفة الجسد عند أحد الفالسفة المعاصرين‬
‫الذين تأثروا بالثورة العلمية في منتصف القرن التاسع عشر ‪,‬التي اتجهت الى التفسير المادي‬
‫للكون والتفسير الفيزيولوجي لإلنسان‪ .‬إنه فريديريك نيتشه حيث في هذا السياق سنطرح السؤال‬
‫التالي‪ :‬ما هي رؤية نيتشه للجسد؟هل اعتبر الجسد مكونا أنطولوجيا سلبيا؟ هل كرر ما قاله‬
‫سابقوه؟ هل رأى أن الجسد تابع للنفس أم مساو لها ؟أم أن الجسد مكون أنطولوجي للذات‬
‫اإلنسانية وفاعل أساسي فيها‪,‬وما النفس إال تابعة له؟هذا السؤال سيحيلنا إلى طرح سؤال آخر‬
‫وهو كيف يقارب نيتشه بين الجسد وإرادة القوة؟‬
‫تحليل‪:‬‬
‫‪-1‬الجسد ما قبل نيتشه‪:‬‬
‫إن الفكرالفلسفي القديم وتحديدا فلسفة أفالطون اعتبرت الوجود اإلنساني مؤلفا من نفس وجسد‬
‫لكن هذهالتركيبة تربط بين طرفيها عالقة تراتبية حيث أن النفس أعلى شأنا من الجسد من الناحية‬
‫األنطولوجية‪ ,‬اإلبستيمولوجية‪ ,‬األخالقية‪ ,‬السياسية وحتى الجمالية فقد حذر أفالطون من الولع به‬
‫قائال على لسان سقراط‪":‬إن قضيتي الوحيدة أن أجوب الشوارع إلقناعكم جميعا‪ ,‬شبابا كنتم أم‬
‫شيوخا‪ ,‬بأال تولعوا بالجسم ولعكم بالنفس سعيا لجعلها خيرة ما استطعتم"‪.1‬‬
‫وامتدت هذه التراتبية المعلنة إلى الفكر الديني الالهوتي المسيحي واإلسالمي الذي اعتبر الجسد‬
‫حامال للنجاسة والغرائز المفسدة فوجبت على المؤمن الطهارة المادية باالغتسال والوضوء‪....‬‬
‫والمعنوية بالتعفف والزهد‪ ..‬أما في الفكر الفلسفي الحديث نجد ديكارت هو اآلخر يعلي من شأن‬
‫النفس و ينقص من مكانة الجسد‪ ,‬فهي القضية الرئيسية بعد قضية هللا يريد أن يبرهن على‬
‫وجودها فلسفيا وليس الهوتيا "دائما ما اعتقدت أن معضلتي هللا والنفس هما من أخطر‬
‫المعضالت التي يجب أن تبرهن بأدلة الفلسفة خير من أدلة الالهوت"‪ ,2‬وأنها أيسر معرفة من‬
‫الجسد الذي يضايقها ويشوش وجودها التام فهي"أيسر أن تعرف وأيضا لو لم يكن الجسم‬
‫موجودا البتة لكانت النفس موجودة بتمامها"‪ 3‬لكن ديكارت من جهة أخرى وبعدما قال ‪":‬هي‬
‫قادرة على أن تكون وأن توجد بدونه "‪ 4‬قال أيضا "أنكرت فيما تقدم أن يكون لي حس‪...‬أن‬
‫يكون لي جسم‪....,‬مع ذلك أنا متردد"‪ 5،‬حيث يعقد ديكارت عالقته الحميمية مع الجسد‬
‫واالعتراف به كذات له حيث قال أيضا‪" :‬لقد أحسست أوال أن لي رأسا و يدين وقدمين وسائر‬
‫األعضاء المركب منها هذا الجسم الذي كنت أعده جزءا من ذاتي بل الذي كنت أعده ذاتي كلها‬
‫"‪ .6‬إال أن فلسفة وحدة الوجود عند سبينوزا ستحدد عالقة من نوع آخر بين النفس والجسد‪.‬‬
‫فالوجود اإللهي والوجود الطبيعي شيء واحد‪.‬حيث يعتبر هللا علة محايثة ال مفارقة لألشياء‬
‫جميعا‪ ,‬ماهو إال األشياء في تحققاتها الحالية ‪,‬والجوهر الفرد الذي يتألف من العديد من الصفات‬
‫الالمتناهية "إن المقصود من صفات هللا هو ما يعبر عن ماهية الجوهر اإللهي أي ما ينتمي إلى‬
‫الجوهر وبالتالي فهي أزلية‪ 7".‬يعرف منها اإلنسان إال صفتين‪,‬هما صفة االمتداد وصفة الفكر‪,‬‬
‫وكل صفة من هذه الصفات تحتوي على عدد ال نهائي من الضروب أو األحوال‪ ,‬وكل ما يوجد‬
‫في الطبيعة هو ضرب من ضروب صفة الفكر أو ضرب من ضروب صفة اإلمتداد أو ضرب‬

‫‪1‬‬
‫من ضروب الصفات األخرى التي ال يعرفها اإلنسان‪ .‬إن المعنى الكلي للوجود هو المجال الذي‬
‫يشمل كل شيء والمادة والروح صفتان والتحققات العينية لهاتين الصفتين هي األحوال‬
‫(الضروب) كالشجر‪ ,‬الحجر‪ ,‬المعدن‪ ,‬الوعي‪ ,‬اإلنسان‪ .‬ففي مؤلفه األخالق يقول‪" :‬ليست‬
‫األشياء الجزئية غير أعراض لصفات هللا وبعبارة أخرى إنها أحوال يعبر من خاللها عن‬
‫صفات هللا بطريقة معينة ومحددة‪ ,‬إن البرهان على ذلك بديهي من خالل القضية ‪ 15‬والتعريف‬
‫‪ .8"5‬هذا التفسير الجديد لمفهوم هللا عند سبينوزا نتج عنه مفهوم جديد لإلنسان الذي هو من بين‬
‫التحققات الواقعية للجوهر(هللا)‪ ,‬يتشكل من ضربين أو حالين متحدين وهما النفس والجسد‪,‬‬
‫فالنفس ضرب أو حال لصفة التفكير كصفة إلهية والجسد ضرب أو حال لصفة اإلمتداد كصفة‬
‫إلهية أيضا‪.‬وبهذا الطرح يرتقي اإلمتداد أو المادة إلى مستوى طبيعة هللا فلم يميز‬
‫سبينوزاأنطولوجيا وأخالقيا بين نفس راقية وجسد أدنى بل هما متساويان في اإلنسان‪.‬لقد تجاوز‬
‫الثنائية التراتبية بينهما سواء الديكارتية أو ما قبلها فأصبح عنده"الجسد والنفس شيئا واحدا‬
‫‪9‬‬
‫وعملية واحدة نراها من الداخل عقال ومن الخارج مادة "‬
‫‪-2‬الجسد عند نيتشه‪ :‬نحو الجسد األعلى ‪ ،..‬نحو اإلنسان األعلى‬
‫لقد ظهر نيتشه في منتصف القرن التّاسع عشر(‪ )1844-1900‬حيث اتّسم هذا القرن بثورته‬
‫العلميّة التي تحدّدت أساسا في مجال الفيزياء الرياضيّة‪ ،‬وعلماء قادوا هذه الثورة ؛من بينهم‬
‫أسماء المعة تمثلت في أينشتاين‪ ،‬بالنك‪ ،‬دي بلوجلي‪ ,‬هايزنبيرغ وشريدنجر‪ ،‬هذه الثورة العلميّة‬
‫هي األخرى تحدّدت في مجال النّظرة إلى الكون واإلنسان‪ ،‬والتي ارتبطت بدورها‬
‫بواالسهكسلي‪ ...‬هيكل وداروين‪ ،‬هاتان الثورتان غيّرتا النّظرة إلى العالم من حيث هو كون‬
‫مادي‪ ،‬ميكانيكي متطور‪ ،‬ال تحكمه قوى روحيّة متعالية تعنى به‪ ،‬وباإلنسان والذي نُظر إليه‬
‫بنا ًء على نتائج البحث في علم األحياء‪ ،‬وعلم النفس على أنّه سوى وجود عضوي فيزيقي‬
‫أن نظريّة التّطور "أطاحت بالعقل الذي يتميّز به اإلنسان حيث أعلنت أنّه من‬ ‫كيميائي‪ .‬كما ّ‬
‫‪10‬‬
‫ي حيوان آخر"‬
‫فصيلة الحيوان كأ ّ‬
‫هذه الثورة العلميّة أشعرت البعض بخيبة األمل والتشاؤم بهذا العالم‪ ،‬وفي هذا العالم‪ ،‬لكن كانت‬
‫هناك ردّة فعل أخرى إيجابيّة من جانب آخر حيث نظر إلى الحياة نظرة متفائلة‪ ،‬ودعا إلى شحذ‬
‫اإلرادة ألجل التّحدي واستهالك اإلنسان لهذا العالم الذي يعيش فيه‪.‬‬
‫ي‪ ،‬ويتجلّى هذا‬ ‫ي اإلنسان ّ‬‫تلك المالمح للثورة العلميّة كان لها وقع وصدى كبير في التّفكير الفلسف ّ‬
‫خصوصا في فلسفة نيتشه الذي جاء لينسف بكثير من التّقاليد الفلسفيّة‪ ،‬الدينيّة‪ ،‬واألخالقيّة؛ هذا‬
‫الفيلسوف جاء ليعصف باألخالق السّائدة والغابرة التي وضعت العقل تاجا لتحقق سيادتها‬
‫الطرح دون مراوغة أو‬ ‫المطلقة‪ ،‬إنّه يعدّ فيلسوف القلب بل هو نفسه يرى هذا حيث يعترف بهذا ّ‬
‫ي لإلنسانيّة‪ ..‬وأن أعي‬ ‫ي ذات ّ‬
‫نفاق" قلب كل القيّم تلك هي صيفتي المبجلة للتعبير عن أرقى وع ّ‬
‫‪11‬‬
‫نفسي كنقيض ألكاذيب آالف من السنين‪"...‬‬
‫إن نيتشه يهوي بمطرقته على ك ّل تفكير ديني‪ ،‬وك ّل فلسفة مثاليّة ليحاكم كليهما‪ ،‬واتّهمهما بالسّقم‬ ‫ّ‬
‫أن الفلسفة المثاليّة هي "حتّى اآلن سوى نوع من‬ ‫وذلك التّفكير زيّف حقيقة الوجود فرأى ّ‬
‫الزيف‪":‬إنّني أول من أكتشف الحقيقة ألنّني‬ ‫المرض"‪ 12‬فهو يعتبر نفسه أنّه أول من اكتشف هذا ّ‬
‫‪13‬‬
‫ي في أنفي"‬ ‫استطعت أن أرى إلى الكذب‪ ،‬ككذب اشتممته عبقريت ّ‬
‫لقد كذّب نيتشه ك ّل تفكير متعال‪ ،‬حلّق بعقله إلى السّماء‪ ،‬ولم يلتفت إلى األرض‪ ،‬ك ّل تفكير‬
‫مفارق‪ ،‬يتعالى فيستعلي على الحياة‪ ،‬إنّها جريمة فكر قتل عالم األرض‪ ،‬وك ّل من يحيا فيها‬

‫‪2‬‬
‫ليحيي عالما مفارقا‪ ،‬هو في الحقيقة غير موجود‪ ،‬وإ ّنما صنعه زيف الخيال زيف العقل‪ ،‬فسواء‬
‫ي‪ ،‬عالم السّماء‪ ،‬العالم اآلخر الخالد‬ ‫ي حقيق ّ‬ ‫المسيحيّة أو الفلسفات المثاليّة بتمييزها بين عالم علو ّ‬
‫هش ومنحط‪:‬‬ ‫ي‪ ،‬عالم األرض‪ ،‬العالم المتغيّر الزائل ال تعبّر إالّ عن تفكير ّ‬ ‫ي غير حقيق ّ‬‫وعالم سفل ّ‬
‫ي ال يمكنه أن يصدر إالّ بإيعاز من االنحطاط‪ ،‬و‬ ‫ي‪ ،‬وعالم ظاهر ّ‬ ‫" ّ‬
‫إن تقسيم العالم إلى عالم حقيق ّ‬
‫ال يمكن أن يكون إالّ عالمة حياة آفلة" فهذا التّقسيم الميتافيزيقي للعالم ما هو إالّ إنتاج حلم‬
‫‪14‬‬

‫ي على حدّ اعتقاد نيتشه الذي يرى أنه‪" :‬في عصور الحضارة البدائيّة الف ّجة اعتقد‬ ‫اإلنسان البدائ ّ‬
‫ي‪ ،‬هنا تكمن أصل ك ّل ميتافيزيقا‪،‬‬ ‫اإلنسان أنّه في األحالم يكون مهيّئا ً لرؤيّة عالم آخر حقيق ّ‬
‫‪15‬‬
‫فبدون حلم ما استطاع اإلنسان أن يجد فرصة لتقسيم العالم"‬
‫هذا الحلم كان نتاج تركيب العقل الذي طالما احتقره نيتشه‪ ،‬فاحتقر بذلك ك ّل الفلسفات العقليّة‪،‬‬
‫وعلى رأسهم سقراط؛ فالعقل هو الذي أغرقنا في خرافة الميتافيزيقا‪ ،‬واحتقر الحواس‪ ،‬وصنع‬
‫لنفسه القدسيّة فخدم الفلسفة المثاليّة‪ ،‬وخدم المسيحيّة‪ ،‬فتربع على عرشه‪ ،‬فهو الحاكم بالحقيقة؛‬
‫ي الخالد‪ ،‬لكن نيتشه أحبّ‬ ‫أن هناك عالما علويّا ً حقيقيّاً‪ ،‬وليست األرض هي المأوى الحقيق ّ‬ ‫أوهمنا ّ‬
‫أعز عليه من حكمته‪ .‬إذا كان قد آمن بأنّه سيموت‪ ،‬فلم يكن ذلك اإلنسان‬ ‫الحياة والتي هي ّ‬
‫صريح إلى ك ّل من يعيش في األرض‪ ،‬قائال على لسان‬ ‫اليائس بل كان يوجه نداءه ال ّ‬
‫زرادشت‪":‬أناشدكم يا إخواني أن تظلوا أوفياء لألرض‪ ،‬وال تصدقوا أولئك الذين يحدّثونكم عن‬
‫ش ّر والخير‪،‬‬ ‫ي"‪ 16‬فالعقل صنع لنفسه الحكم المطلق بالخطأ والصواب‪ ،‬بال ّ‬ ‫آمال في عالم أخرو ّ‬
‫أن السعادة من الفضيلة‪ ،‬والفضيلة هي ما‬ ‫فأفسد علينا حياتنا في األرض‪ ،‬خد َعنا باعتقاده ّ‬
‫يحدّدها حكم العقل‪ ،‬وليس الحواس والغرائز‪ ،‬وك ّل من كان يتشبت بالعالم الظاهر‪ ،‬ويثق‬
‫ي غير راق؛وهكذا تقدّس العقل"‬ ‫بحواسه‪ ،‬ال ينصت إلى نداء العقل‪ ،‬فهو فاسد أخالقيّاً‪ ،‬غوغائ ّ‬
‫"أن أحكاما مثل‬ ‫فصنم الفالسفة األكبر هو العقل‪ ،‬جعلوه فوق الوجود"‪ ،17‬ولكن نيتشه يعتقد‪ّ :‬‬
‫هذه ليست في حدّ ذاتها إالّ حماقات"‪ 18‬فالعقالنيون بأحكامهم أقاموا جريمة قتل ومجزرة لك ّل ما‬
‫ي خرج حيّا ً من بين أيديهم‪ ،‬عندما‬ ‫ي حي بأحكامهم وقتلوا حتّى الحقيقة"ال شيء حقيق ّ‬ ‫هو دنيو ّ‬
‫‪19‬‬
‫المجردة يعرضون ك ّل شيء لخطر الموت"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتداوله هؤالء السّادة المولوعون بالمفاهيم‬
‫لقد كفر نيتشه بإله المسيح الذي تواطأ مع الفلسفات المثاليّة العقالنيّة في نسج خرافة العالم‬
‫اآلخر‪ ،‬والقسوة علينا حينما تواطأ كالهما في خلق أخالق مفارقة‪ ،‬إنّها تضاد طبيعتها‪ ،‬وبالتّالي‬
‫يقر بهذا الكفاح قائالً‪" :‬في كتاب‬ ‫تميتها‪ ،‬فكافح نيتشه ضد تلك األخالق التي سلبتنا ذاتنا ؛فهو ّ‬
‫‪20‬‬
‫مرة في مكافحة أخالق اإلستيالب الذاتي"‪.‬‬ ‫الفجر شرعت ألول ّ‬
‫ويقترن إذاً إعالن نيتشه عن موت اإلله بإعالنه عن موت العالم اآلخر‪ ،‬وبإعالنه عن موت‬
‫األخالق التي رأى أنّها تضاد طبيعتنا وتستأصلها‪ ،‬فاألخالق التي تتجه إلى مهاجمة النزوات من‬
‫ي هو العالم الظاهر‪ ،‬إنّه هذا الذي‬ ‫أن العالم الحقيق ّ‬ ‫الجذر تعني مهاجمة الحياة من الجذر"‪ 21‬معلنا ّ‬
‫ي المفارق‪/‬العالم‬ ‫أمامنا أمام حواسنا الذي يحتوينا إنّه األرض‪ ،‬ويتجاوز ثنائيّة‪ :‬العالم الحقيق ّ‬
‫الظاهر إلى أحاديّة العالم‪ ،‬وهو هذا العالم الذي نحيا فيه العالم الذي يحتوي أجسادنا‪ ،‬وبهذا‬
‫يتجاوز أيضا ثنائيّة الروح والجسد‪ ،‬أو النّفس والجسد إلى أحاديّة الجسد‪ ،‬أحاديّة تتأسس على‬
‫البعد البيولوجي؛ وهو كبعد بيولوجي يصير به اإلنسان مثله مثل ك ّل سائر الحيوانات‪ ،‬هذا‬
‫الطرح يراه نيتشه تصحيحا لك ّل الفلسفات التي نظرت إلى اإلنسان نظرة متعاليّة يمألها الغرور‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حيث قال‪" :‬لقد أعدنا تصحيح المفاهيم‪ ،‬لقد عدنا متواضعين في ك ّل الحقول‪ ،‬إنّنا لم نعد نشتق‬
‫اإلنسان من الروح‪ ،‬ومن األلوهيّة‪ ،‬وإنّما صرنا نضعه بين الحيوانات‪ 22."...‬فهاهو اإلنسان في‬

‫‪3‬‬
‫نظر نيتشه هو ذلك الجسد الذي يظهر أمامنا كأجساد الحيوانات‪ ،‬لكنه يراه الحيوان األقوى‬
‫قوة‪ ،‬ذلك أنّه األكثر دها ًء"‪ ،23‬فالجسد‬ ‫واألدهى من ك ّل الحيوانات‪" :‬لكنّنا نعدّه الحيوان األكثر ّ‬
‫هو التّركيبة الجوهريّة لإلنسان أوالً وقبل ك ّل شيء‪ ،‬إذ هو أساس بناء الذات اإلنسانيّة التي‬
‫ي‪ ،‬الذي يزيد تأكيدا لوجوده‪ّ " :‬‬
‫إن‬ ‫تعيش على هذه األرض‪ ،‬فهو داللة على وجود العالم الظاهر ّ‬
‫الرأس حتّى القدم‪ ،‬وليس‬ ‫الجسد السليم يتكلم بإخالص‪ ،‬وبك ّل صفاء‪ ،‬فهو كالدعامة المربعة من ّ‬
‫ي فهو أيضا يرفع من‬ ‫بيانه إالّ إفصاحا عن معنى األرض"‪ 24.‬فحينما يرفع من شأن العالم الماد ّ‬
‫ي في اإلنسان" ربّما يتعلّق األمر حصرا بالجسم في ك ّل نمو الروح‪،‬‬ ‫شأن ما هو عضوي جسم ّ‬
‫هذا النّمو قد يتمثل في جعل تكوين جسم أسمى أمراً محسوسا بالنسبة إلينا‪ ،‬يمكن أن يرتفع‬
‫ي أيضا درجات عليا"‪ ،25‬وبهذا يعتقد نيتشه أنّنا وصلنا إلى إزاحة الغرور الذي كبّل‬ ‫العضو ّ‬
‫ي‪،‬‬‫ي متواضعا" فيدافع نيتشه عن الجسد اإلنسان ّ‬
‫‪26‬‬
‫العقل فقد" بلغنا المرحلة التي يصبح فيها الوع ّ‬
‫فكما دافع وألح على الوفاء لألرض ألّح على الوفاء للجسد‪ ،‬واإلنصات إليه‪.‬‬
‫كافح ضدّ من احتقره من المتدينين والفالسفة المثاليين العقالنيين فيفسر احتقارهم للجسد وإرادة‬
‫إماتته بأنّهم غير قادرين على تحقيق مطامحهم؛ فبهذا يتمنون الموت ألجسادهم "ولقد مضى‬
‫إن ذاتكم‬‫وقت تحقيق هذه الرغبة‪ ،‬لذلك تطمح ذاتكم إلى الزوال أيّها المستهزئون باألجساد‪ّ ،‬‬
‫الزوال‪ ،‬وهذا ما يدفع إلى االستهزاء باألجساد إذ قد امتنع عليكم أن تخلقوا من هو‬ ‫تتوق إلى ّ‬
‫أفضل منكم"‪ ،27‬وكما أوصى باالنهمام بعالم األرض‪ ،‬أوصى باالنهمام بالجسد؛فهو يقول‪ ":‬أما‬
‫ألن هذا الجسد يخاطبكم بصوت‬ ‫أنتم يا إخوتي‪ ،‬فاصغوا إلى صوت الجسد الذي أبل من دائه‪ّ ،‬‬
‫‪28‬‬
‫أنقى وأخلص من تلك األصوات"‬
‫إن أفالطون وديكارت وغيرهما من الالهوتييين قد‬ ‫لقد كانت ثنائيّة روح‪/‬جسد تراتبيّة حيث ّ‬
‫وضعوا الروح في أعلى درجة من الجسد‪ ،‬فهي كانت جوهر اإلنسان‪ ،‬هي المسيطرة؛ قد رأت‬
‫أن هشاشته‬ ‫لكن نيتشه رأى ّ‬ ‫لذّتها في القسوة عليه‪ ،‬فانعتاقها مشروط بضعفه وسقمه وهشاشته‪ّ ،‬‬
‫وضعفه من ضعف الروح ذاتها‪ ،‬فهو يقول‪" :‬لقد كانت الروح تتمنى الجسد ناحال قبيحا‪ ،‬جائعا‬
‫متوهمة أنّها تتمكن بذلك من االنعتاق منه‪ ،‬ومن األرض التي يدبّ فيها‪ ،‬وما كانت تلك الروح‬
‫أن أقصى لذّاتها إنّما يكمن في‬ ‫إال على مثال ما تشتهي لجسدها ناحلة‪ ،‬قبيحة جائعة‪ ،‬تتوهم َّ‬
‫قسوتها وإرغامها"‪ .29‬ففلسفة الجسد عند نيتشه تنسف بتلك الثنائيّة التراتبيّة القائمة على تعالي‬
‫الروح على الجسد باعتبار األولى جوهرا والثاني عرضا‪ ،‬فهو فيلسوف القلب حيث أصبح األمر‬
‫عنده معكوسا‪ ،‬فالجسد هو الجوهر‪ ،‬هو األصل؛ وما الروح أو النّفس أو العقل إال عرض غير‬
‫مجرد جزء منه" إنّني بأسري جسد ال غير‪ ،‬وما الروح إال‬ ‫ّ‬ ‫مستقل بذاته‪ ،‬ومتعلق بالجسد بل‬
‫‪30‬‬
‫كلمة أطلقت لتعيين جزء من هذا الجسد"‪.‬‬
‫إن آلة جسدك إنّما هي‬ ‫ينعت نيتشه البدن بأنّه عقل عظيم‪ ،‬وما العقل إال أداة أو لعبة صغيرة له " ّ‬
‫‪31‬‬
‫أداة عقلك الذي تدعوه روحا أيّها األخ إن هو إالّ أداة صغيرة أو ألعوبة صغيرة لعقلك الكبير"‬
‫فالجسد ما هو إالّ الوجود المادي الظاهر لألنا الباطن المتخفي "هذا الجسد ال يتبجح بكلمة أنا‬
‫فإن وراء إحساسك وتفكيرك يا أخي يكمن سيّد‬ ‫ألنّه هو أنا‪ ،‬هو مضمر الشخصيّة الظاهرة‪ّ ....‬‬
‫أعظم منهما سلطانا ألنّه الحكيم المجهول‪ ،‬وهذا الحكيم هو الذات بعينها المستقرة في جسدك‪،‬‬
‫وهي جسدك بعينه أيضا"‪.32‬‬
‫إن كان نيتشه يصر في مقام آخر على أن العقل أو الروح‪ ،‬ما هما إالّ أعراض أو أجزاء تابعة‬
‫له"ما الجسد إالّ الصوت‪ ،‬وما الروح إالّ الصدى النّاجم عنه والتّابع له"‪ .33‬نجده في مقام أخر ال‬

‫‪4‬‬
‫يفصل بينه وبين النّفس فال يجعل ألحدهما األسبقيّة الوجوديّة على اآلخر‪ ،‬وال يجعل ألحدهما‬
‫الروح والجسم معا ً "ها أنا ذا‬ ‫البقاء بعد اآلخر؛ فهما شيء واحد‪ ،‬وموت اإلنسان يكون بفناء ّ‬
‫‪34‬‬ ‫أموت وأتوارى‪ ،‬وع ّما قليل سأصبح عدماً‪ّ ،‬‬
‫فإن األرواح تفنى كما تفنّى الجسوم"‪.‬‬
‫إن الجسد يقطع‬ ‫كما أنه في مقام آخر‪ ،‬يحدّد العالقة الحميميّة بين الجسد والروح في قوله‪ّ " :‬‬
‫مسافات التّاريخ بكفاحه‪ ،‬ولكن ما تكون الروح من الجسد ياترى؟" إن لم تكن المذيع لكفاح‬
‫‪35‬‬
‫الجسد وانتصاراته"‪.‬‬
‫ودفاع نيتشه عن الجسد هو أيضا دفاعه عن أجزائه العضويّة المتمثلة في الحواس كجانب‬
‫ي فيزيولوجي مادي يفصح عن معنى األرض؛ فهي التي تكشف عن تغيّره‬ ‫عضوي حس ّ‬
‫وصيرورته‪ ،‬وبالتّالي هي التي تقول الحقيقة "وما دامت الحواس تكشف عن الصيرورة‪ ،‬عن‬
‫حول‪ ،‬فإنّها ال تكذب"‪ ,36‬فهي على خالف العقل الذي أوهمنا بأفكار خاطئة عن‬ ‫الالثبات‪ ،‬عن التّ ّ‬
‫العالم الذي نعيش فيه م ّما وسع الخالف بيننا أكثر فأكثر‪ ،‬فال يجب أن نصدّقه‪ ،‬واعتقد ّ‬
‫أن‬
‫أن العالم في تغيّر دائم‪،‬‬‫"األفكار أشدّ فتنة من الحواس"‪ 37.‬فالحواس لم تخدعنا ألنّها بينت لنا ّ‬
‫والتّغيّر يوحي بوجود تاريخ للعالم‪ ،‬وإضفاء التّاريخيّة على العالم افتقر إليها عقل الفالسفة كونه‬
‫فإن أدوات التّفكير والتأثر‪،‬‬ ‫كان متعال ّيا ً على العالم‪ ،‬ومتعاليّا ً على الحواس أيضا‪ ،‬وبهذا ّ‬
‫ومشروعيتها ليست روحانيّة أبدا‪ ،‬فهي ماديّة عضويّة نابعة من الجسد‪ ،‬إنّها الحواس؛ فهو يرى‬
‫أن في اعتراضه على موسيقى صديقه فاغنر هو في الحقيقة اعتراض حواسه على ذلك حيث لم‬ ‫ّ‬
‫قال‪":‬إن اعتراضي على فاغنر اعتراضات فيزيولوجيّة‪ ،‬أتنفس بصعوبة ما أن‬ ‫ّ‬ ‫تستسغها‪ ،‬فقد‬
‫تبدأ موسيقاه بالتّأثير على قدمي‪ ،‬تحقد عليه وتثور‪ ،‬وتشعر قدمي بالحاجة إلى إيقاع الحاجة إلى‬
‫الرقص والسّير"‪38.‬فردود العقل السلبيّة واإليجابيّة تعبر عنها مناطق جسميّة‪ ،‬وليست تعبيرا‬
‫فكريّا ً تجريديّاً" إنّما نطلبه من الموسيقى هو قبل ك ّل شيء االنخطاف الذي توحي به لطافة‬
‫المشي والخطو‪ ،‬والقفز والرقص‪ ،‬ومعدتي أن ال تعترض هي أيضا‪ ،‬وقلبي‪ ،‬ودورتي الدّمويّة‪،‬‬
‫وأحشائي"‪ 39‬بل و يرجع نيتشه نسبة التّفكير والعبقريّة إلى الحواس‪ ،‬فها هو يشيد بقدرة األنف‬
‫التي أهملها الفالسفة‪ ،‬فهو يقول‪":‬هذا األنف مثال لم يسبق فيلسوف أن تحدّث عنه بتوقير‬
‫وامتنان‪ ...‬قادر على أن يتبين في الحركة أدنى االختالفات التي لم يكتشفها مطياف"‪ .40‬إنه يعبر‬
‫عن عبقريّة إحساسه التي م َّكنته من أن يكون أول من اكتشف الحقيقة " إنّني أول من اكتشف‬
‫ي في أنفي"‪ 41.‬كما رأى‬ ‫الحقيقة ألنّني استطعت أن أرى إلى الكذب‪ ،‬ككذب اشتممته عبقريت ّ‬
‫أن األخالق التي هدمت الحياة هدمت الطبيعة‪ ،‬ومن ث ّم حتّى الجسد‪ ،‬وما فيه من غرائز‬ ‫نيتشه ّ‬
‫إن تلك األخالق التي دعت إلى الزهد الذي يعلى فيه شأن الروح واالدعاء‬ ‫التي يجب احترامها‪ّ .‬‬
‫بأن الذات تملك الحريّة واإلرادة في التّحكم في الجسد‪ ،‬ما هي إالّ لحظات االنحطاط األخالق ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫التي تساهم في تضييع طاقة الجسم التي هي من طاقة الحياة‪ ،‬حيث يدّمر فيها اإلنسان جسديّا ً ف‪:‬‬
‫الروح‪ ،‬اإلرادة‬ ‫الرافضة لألخالق‪ ":‬النّفس‪ّ ،‬‬ ‫ي معنى تحمل هذه المفاهيم الكاذبة‪ ،‬المفاهيم ّ‬ ‫"أ ّ‬
‫الحرة هللا "إن لم تكن التّدمير الفيزيولوجي لإلنسانيّة؟‪ ...‬عندما يعمد المرء إلى تحويل وجهة‬ ‫ّ‬
‫القوة البدنيّة يعني طاقة الحياة‪ ،‬ويجعل من فقر الدّم مثاال‪ ،‬ومن تحقير‬‫جديّة حفظ النّفس وتنميّة ّ‬
‫الروح‪ ،‬ما الذي يعني هذا إن لم يكن وصفة لالنحطاط ؟"‪ .42‬وهذا االنحطاط الذي‬ ‫الجسد خالص ّ‬
‫ميّز أخالق المثاليّة والمسيحيّة تحديدا التي أعلت من شأن الروح‪ ،‬وعملت على تحقير الجسد‪،‬‬
‫ودعوتها إلى الزهد ما هو إالّ دعوة إلى الكسل‪ ،‬وراحة عدميّة‪ ،‬ومرض أصاب عقولهم‪" :‬وهو‬
‫ي"‪.43‬‬‫ي‪ ،‬وراحتهم في العدم (هللا)‪ ،‬و تجلي عتههم ودائهم العقل ّ‬ ‫عند القديسين ذريعة للنّوم الشتائ ّ‬

‫‪5‬‬
‫وهكذا يكره نيتشه الفضيلة التي تفارق الحياة‪ ،‬تتعالى عنها‪ ،‬وتستعلي عليها‪ ,‬تلك الفضيلة التي‬
‫تسكن في السّماء‪ ،‬إنّها في نظره ضّالّة تائهة‪ ،‬فالبدّ أن ترجع إلى األرض‪ ،‬وتعيش ألجل‬
‫األرض‪ ،‬وما عليها؛الفضيلة التي تنعش األرض‪ ،‬وتكسب األجساد حيويتها‪" :‬أرجعوا الفضيلة‬
‫الضالّة كما رجعت بها أنا إلى مرتعها في األرض‪ ،‬عودوا بها إلى الجسد‪ ،‬وإلى الحياة لتنفخ في‬
‫أن رفع مستوى اإلنسان واإلعالء من شأنه‬ ‫األرض روحها روحا بشريّة"‪ .44‬يرى نيتشه إذاً ّ‬
‫دون طمع في عقل يأتي بالخوارق مهدَّم باألوهام‪ ،‬هو ترقيّة الجسد كلّه‪ ،‬فقد قال على لسان‬
‫زرادشت‪" :‬لنرفعن اإلنسان فوق مستواه أسوة باليونان‪ ،‬فال نطمح إلى الخوارق العقليّة‪ ،‬وخير‬
‫الراجح‪ ،‬إذ قيّده الخلق الضعيف واألعصاب المتهدّمة‪ ،‬وليكن هدفنا إنماء‬ ‫لنا أن نستبعد العقل ّ‬
‫الجسد كلّه ال الدّماغ وحده"‪.45‬‬
‫لقد أحبّ نيتشه الحياة‪ ،‬ورأى أنّنا ما وجدنا إالّ لنحيا ألنّنا أجدر بأن نحيا ونعيش‪ ،‬فهو يقولها‬
‫صراحة‪":‬نعم الحياة تستحق العيش‪ ،‬نعم أنا جدير بأن أعيش"‪ 46.‬وحياة اإلنسان ال تكون خارج‬
‫ألن هناك تلك "العالقة الدالة على صداقة بديعة بين‬ ‫ي بل داخله ّ‬ ‫هذا الوجود‪ ،‬هذا العالم الظاهر ّ‬
‫أن الكون بكل ظواهره بما فيها الجسد الذي هو‬ ‫هذا الجسد والكون"‪ .47‬هذه العالقة تتمثل في ّ‬
‫جزء منه فيه إرادة قوة فإذا كانت‪" :‬إرادة القوة تتجلى في كل الظواهر"‪ .48‬فهذا يعني أنها تطبع‬
‫الجماد من حجر ونبات وحيوان واإلنسان في جانبه الجسدي الحي‪ .‬فصيرورة العالم تعني ّ‬
‫أن‬
‫العالم يتبدل يتغيّر‪ ،‬ليس ثابتا‪" ،‬في الحياة ترتسم نزعة حرة نحو النّماء‪ ،‬والتّغيّر الدائم‪ ،‬ونزعة‬
‫أن الكائنات الحيّة بالخصوص تتجاوز ذاتها باستمرار‬ ‫نحو شعور مطلق بالحياة"‪ 49.‬يعني ّ‬
‫القوة التي يراها نيتشه تتحرك نحو حياة هابطة‬ ‫لالنتقال إلى حياة أعلى منها‪ ،‬وهذه هي إرادة ّ‬
‫طة‪ ،‬وبالتّالي تؤسس من خاللها قيّما منحطة كتلك التي تبنّاها الضعفاء‪ ،‬وهي قيّم‬ ‫نافيّة منح ّ‬
‫محقرة للجسد‪ ،‬فظ ّل عندهم ناقص الفعاليّة‪ ،‬وتتحرك نحو حياة صاعدة إثباتيّة التي تؤسس القيّم‬
‫القوة‬
‫النبيلة القويّة‪ ،‬وهذا هو اتجاه حياة األقوياء‪ .‬وهذا هو االتجاه الذي يريده نيتشه إلرادة ّ‬
‫ي‬
‫ي الطبيع ّ‬‫أن نتجه بها إلى مسارها الحيو ّ‬ ‫الموجودة في الجسد‪ ،‬ال يجب هدرها وتبديدها‪ .‬فالبدّ ّ‬
‫القوة في الجسد المتمثلة‬
‫الذي ال يناقضها‪ ،،‬ويجعلها تخلق قيّما تتوافق معها‪ ،‬وال تهدمها فإرادة ّ‬
‫أن‬‫في التّغدي تنقله من حالة أضعف إلى حالة أقوى تكسبه متانته البيولوجية‪ ،‬وتجنبه السّقم كما ّ‬
‫القوة المتمثلة في التكاثر تجعله يضاعف من نفسه‪ ،‬وهذا هو مركز قوته تحاشيا لندرته‪،‬‬ ‫إرادة ّ‬
‫هي"قوة الغرائز‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فقوة اإلرادة في الجسد‬ ‫وضمانا لبقائه‪ ،‬واستمراره‪ ،‬وبالتّالي سيطرته‪ّ ،‬‬
‫القوة‪ ،‬فاإلنسان مثله مثل الحيوانات األخرى يتجه‬ ‫وثرائها"‪ 50.‬فغرائز جسد اإلنسان هي إرادة ّ‬
‫قوة تبعا لقوانين‬
‫إلى إشباع غرائزه دائما‪ ،‬والتي هي مرتبطة بشروط تؤدي به إلى حياة أكثر ّ‬
‫الطبيعة ليجعل تلك الغرائز أكثر سموا‪ ،‬فينزع إلى خلق قيّم الفضيلة‪ ،‬العدالة‪ ،‬المعرفة التي"هي‬
‫ليست أكثر من وسائل على دروب التّحقق المتكامل للغرائز اإلنسانيّة‪ ،‬ولوال أمثال هذه الوسائل‬
‫ي للغرائز في صورتها‬ ‫ي التّجسيد ّ‬
‫ألصيبت الغرائز بالضمور"‪ ،‬فهذه القيّم هي الوجود الفعل ّ‬
‫‪51‬‬

‫المكتملة السّاميّة‪.‬‬
‫القوة في الجسد هي نزوع الجسد إلى تجاوز ذاته من حالة أدنى إلى حالة أعلى‪ ،‬أقوى‪،‬‬ ‫إن إرادة ّ‬
‫أمثل تضمن له االستمرار‪ ،‬ومن هنا حدّد لنفسه القيّم‪ ،‬فالجسم ينتقل من ألم إلى لذّة أحسن وأقوى‪،‬‬
‫قد يجدها في التّغدي‪ ،‬في التكاثر أو سلوكيات حيويّة أخرى‪ ،...‬وهكذا تتحدّد لديه معايير الخير‬
‫ش ّر؛ فالخير في اللّذة التي تنعش الجسم‪ ،‬وتنقله من حالة إلى أخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫ش ّر في األلم الذي‬ ‫وال ّ‬
‫ينتاب الجسم‪ ،‬فالسعادة نابعة من الجسد‪ ،‬ويحدّدها الجسد‪ ،‬فال تتحقّق بتحقير الجسد‪ ،‬واالبتعاد‬

‫‪6‬‬
‫أن في عقوقهم قد فازوا بال ّنعيم بعيدا عن جسدهم‪ ،‬وعن‬ ‫عن ملذاته "فحسب هؤالء النّاس ّ‬
‫األرض‪ ،‬وتناسوا أن تنعمهم‪ ،‬ورعشة ملذاتهم إنّما نشأت من أجسادهم‪ ،‬ومن هذه األرض‪، ".‬‬
‫‪52‬‬

‫وهكذا يقلب نيتشه المعادلة األخالقيّة التّقليديّة‪ :‬عقل= فضيلة= سعادة إلى جسد= فضيلة =‬
‫سعادة‪ .‬فتصبح األخالق إذاً ظاهرة فيزيولوجيّة جسديّة عند نيتشه‪.‬‬
‫فالجسد بقوة اإلرادة الصاعدة االثباتية التي تطبعه هو خالق القيّم إذاً هو خالق الفكر" فمن أين‬
‫‪53‬‬
‫للقوة األكثر حيويّة"‪.‬‬
‫كان سيأتي هذا الفكر لو لم يوجد في هذا الجسد صعود جبال ّ‬
‫القوة في الجسد إذا ما استغلها اإلنسان في اتجاهها الصاعد‪ ،‬فإنّها ستخلق جسدا أقوى‪، ،‬‬ ‫فإرادة ّ‬
‫وبالتالي جسدا أعلى‪ ،‬وبهذا فالجسد هو الذي سيصيّر نفسه جسدا أعلى بنزوعه إلى تجاوز ذاته‪،‬‬
‫وليس الفكر هو الذي سيبلغ به هذه المرتبة‪ ،‬مما يمكنا من أن نحكم "بأن المعجزة ال تتمثل في‬
‫‪54‬‬
‫الوعي‪ ،‬ولكن في الجسد"‪.‬‬
‫ألن مشروعه‬ ‫فيتمنى نيتشه على لسان زرادشت بك ّل تفاؤل في المستقبل جسدا أعلى‪ ،‬وأرقى ّ‬
‫ي‪ ،‬وقتل الذي يسكن فيه‪ ،‬هو اإلنسان األعلى يتجاوز ذلك‬ ‫ي بعد أن قتل العالم السّماو ّ‬ ‫المستقبل ّ‬
‫اإلنسان الذي طالما احتقر جسده‪ ،‬جعله عرضة لقيّم الزهد‪ ،‬وحرمه من ممارسته لوظائفه‬
‫ّ‬
‫منحطا ً اتجهت به‬ ‫الطبيعيّة بسخاء‪ ،‬فتآكل‪ ،‬وكان جسدا مصابا بفقر الدّم‪ ،‬هزيال ضعيفا‪ ،‬جسدا‬
‫محبطة زاعمة أنّها تمنحه القوة اإليجابيّة‪ ،‬فكان‬ ‫قوة سالبة ْ‬ ‫ّ‬
‫المنحطة إلى إرادة ّ‬ ‫تلك األخالق‬
‫عليال‪ ،‬لم يأسف نيتشه لهذا الوضع الذي سيثير الشفقة‪ ،‬ويتمنى لهذا الجسد الشفاء‪ ،‬ولكن يتمنى‬
‫"إن زرادشت ليشفق على األعالء‪ ،‬ألنّهم عقّوا جسدهم‪ ،‬وأرضهم بل هو يرجو‬ ‫ي أيضا ّ‬ ‫الرق ّ‬
‫له ّ‬
‫شفاء والتّغلّب على أنفسهم ليوجدوا لهم أجسادا أرقى من أجسادهم" ‪ ،‬وحينما يرقى الجسد‬
‫‪55‬‬ ‫لهم ال ّ‬
‫المنحطة‪ ،‬ويحقّق السّيطرة‬‫ّ‬ ‫سيتحقّق مشروع اإلنسان األعلى الذي يحقّق االنتصار على القيّم‬
‫قوة متجسدّة بواسطة أفعاله‪ ،‬وحركته المتواصلة‬ ‫"إن الجسد بهذا المعنى يكون إرادة ّ‬ ‫والتّحكم‪ّ ،‬‬
‫شغف الكبير لنيتشه بالجسد‪ ،‬وهذه الرحلة‬ ‫مو واالمتداد‪ ،‬والسّيطرة"‪ ،56‬فال ّ‬ ‫التي ال تنقطع عن النّ ّ‬
‫أن مسألة وجود الروح في نظره أصبحت‬ ‫معه أظهرت له أنّه أصبح عارفا به إلى درجة ّ‬
‫الروح روحا في نظري إالّ على‬ ‫هامشيّة‪ ،‬فهو يقول‪" :‬منذ بدأت أعرف حقيقة الجسد لم تعدّ ّ‬
‫أضيّق مقياس"‪.57‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد طرح نيتشه اإلشكاليّة األنطولوجيّة لإلنسانيّة من خالل طرحه إلشكاليّة الجسد‪ ،‬وقد أجاب‬
‫جوابا مقلوبا صريحا على غير منوال سابق فالجسد حاضر‪ ،‬وهو األصل في تكوين الذات‬
‫اإلنسانيّة‪ .‬وأراد نيتشه حضور الجسد وإثباته بدون شروط أو مبررات فهوال يثبت حضوره من‬
‫ي‪ ،‬يوجد فيه إله‪ ،‬فهو نسف بكل تلك المبررات‪ ،‬كما أنّه يحضره ليس‬ ‫خالل وجود عالم سماو ّ‬
‫باسم وجود نفس حاضرة ند النّد حتى يخفّف عنا رعب مفاجأة الجسد التي يحملها إلينا‪ّ ،‬‬
‫إن األمر‬
‫سيّد‪ ،‬وهو المبدع إلى درجة أنّه يضع النّفس في مكان‬ ‫ال يه ّمه؛ فهو في الغالب حاضر‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫ضيّق خانق‪ ،‬فهو حاضر حتّى وإن كانت النّفس ال تعنيه‪ ،‬فالعقل الذي توهموا أنّه ينبثق منها‬
‫أصبح كاذبا‪ ،‬والحواس صادقة في محكمة نيتشه‪ ،‬فالجسد هو اإلفصاح عن الكون‪ ,‬عن الحياة‪،‬‬
‫صيرورة‪ ،‬وبالتّالي في إرادة ّ‬
‫القوة‪.‬‬ ‫وسيظ ّل في عالقة حميميّة معهما ألنّهما يشتركان في ال ّ‬
‫ي تعكس جسدا يحمل طاقة خالّقة‬ ‫القوة التي يحملها الجسد في مسارها الموجب اإلثبات ّ‬ ‫إن إرادة ّ‬ ‫ّ‬
‫إبداعيّة‪ ،‬تبدع القيّم أي تبدع األفكار‪ .‬فأصبحت األخالق عند نيتشه جسديّة المصدر‪ ،‬وأصبح‬
‫الفكر يخرج من رحم الجسد‪ ،‬فتربع بحواسه على عرش المعرفة‪ ،‬وأطاح بالعقل‪ ،‬فأصبح الجسد‬

‫‪7‬‬
‫ي ستخلق منه عمالقا‬
‫القوة الموجودة في الجسد باتجاهها اإلثبات ّ‬ ‫سيّد‪ ،‬وليس العقل‪ّ .‬‬
‫إن إرادة ّ‬ ‫هو ال ّ‬
‫الرهان لصنع اإلنسان األعلى‪.‬‬‫في األرض‪ ،‬ينزع نحو األفضل‪ ،‬نحو األرض‪ ،‬فهو ّ‬

‫‪1Platon‬‬‫‪-1‬عن حسين موسى – ميشال ‪Alcibiad Paris HACHETTE 1980 131 a 133 d p113‬‬
‫فوكو ‪ :‬الفرد والسلطة – دار التنوير ب ط ‪ 2009‬ص ‪.25‬‬
‫‪2‬روني ديكارت‪ ،‬تأمالت ميتافيزيقية في الفلسفة األولى‪ ،‬ترجمة‪ :‬كمال الحاج منشورات عويدات بيروت‪ ،‬باريس‪ ،‬الطبعة ‪،4‬‬
‫‪ ،1988‬ص ‪.9‬‬
‫‪ 3‬روني ديكارت‪ ،‬مقال عن المنهج‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمود محمد الخضيري‪ ،‬مراجعة وتقديم ‪ :‬محمد مصطفى حلمي الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬ط ‪ ،1985 ، 3‬ص ‪.218‬‬
‫‪4‬روني ديكارت‪ ،‬تأمالت ميتافيزيقية في الفلسفة األولى ‪ ،‬ص ‪288‬‬
‫‪5‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪70‬‬
‫‪6‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪224-222‬‬
‫‪7‬باروخ سبينوزا ‪ ،‬األخالق ‪ ،‬ج ‪ 1‬برهان القضية ‪ 19،‬ترجمة‪ :‬جالل الدين سعيد ‪ ،‬دار الجنوب ‪ ،‬ب ط‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫‪8‬نفس المرجع‪ ،‬مالزمة القضية ‪ ، 25‬ص ‪.62‬‬
‫‪9‬د‪/‬محمود حمدي زقزوق‪ ،‬ج ‪ ، 1‬دراسات في الفلسفة الحديثة ‪ ،‬ط ‪ ، 1993 3‬دار الفكر العربي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬
‫‪10‬د‪/‬يسري إبراهيم‪ ،‬فريدريك نيتشه (فلسفة األخالق)‪ ،‬دار التّنوير للطباعة والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ، 2007 ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪11‬فريديريك نيتشه‪" ،‬هذا هو اإلنسان" ‪ ،‬ترجمة‪ :‬علي مصباح‪ ،‬منشورات الجمل‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫ي‪ ،‬ص‪.234‬‬ ‫فريديريك نيتشه‪" ،‬العلم الجدل"‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعاد حرب‪ ،‬دار المنتخب العرب ّ‬
‫‪12‬‬

‫‪13‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هذا هو اإلنسان"‪ ،‬ترجمة‪ :‬علي مصباح‪ ،‬ص‪.154‬‬


‫‪14‬فريديريك نيتشه ‪ :‬أفول األصنام‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسان بورقبة‪ ،‬محمد الناجي‪ ،‬دار إفريقيا الشرق‪ ،‬ط ‪ 1996، 1،‬ص ‪.32‬‬
‫‪15‬د‪ -/‬يسري إبراهيم ‪ :‬فريديريك نيتشه (فلسفة األخالق)‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ‪ ، 2007،‬ص ‪141‬‬
‫‪16‬فريديريك نيتشه ‪ :‬هكذا تكلم زرادشت‪ ،‬ترجمة فيليكس فارس ‪ ،‬دار جريدة البصير اإلسكندرية‪ ، 1938 ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪17‬عبد الرحمن بدوي ‪ :‬نيتشه ‪ ،‬وكالة المطبوعات الكويتية‪ ،‬ط ‪ 1975 5‬ص ‪.202‬‬
‫‪18‬‬
‫فريديريك نيتشه ‪ :‬أفول األصنام‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسان بورقبة‪ ،‬محمد الناجي‪ ،‬ص ‪. 19/18‬‬
‫‪19‬‬
‫نفس المصدر ص ‪25‬‬
‫‪1‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هذا هو اإلنسان‪ .‬ترجمة‪:‬علي مصباح ‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪2‬فريديريك نيتشه‪ ،‬أفول األصنام‪ .‬ص ‪.36‬‬
‫‪22‬فريديريك نيتشه‪ ،‬عدو المسيح‪ ،‬ترجمة جورج ميخائيل ديب ‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬ط‪/2‬ص‪.116‬‬
‫‪23‬نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪116‬‬
‫‪24‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪25‬جيل دولوز‪ :‬نيتشه‪ ،‬ترجمة‪ :‬أسامة الحاج ‪ ,‬المؤسسة الجامعيّة للدراسات والنّشر والتّوزيع‪.‬لبنان‪ ،‬ط ‪ 1998 ، 1‬ص‪.69-68‬‬
‫‪26‬نفس المرجع‪.‬ص ‪68‬‬
‫‪27‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ .‬مصدرسابق‪.‬ص‪27‬‬
‫‪28‬نفس المصدر ص ‪25‬‬
‫‪29‬نفس المصدر‪ ،‬ص‪06‬‬
‫‪30‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلم زرادشت‪ ,‬مصدر سابق‪25 ،‬‬
‫‪31‬نفس المصدر ص ‪. 25‬‬
‫‪32‬نفس المصدر‪ ،‬ص‪26, 25‬‬
‫‪33‬نفس المصدر ص ‪62‬‬
‫‪.34‬نفس المصدر ص‪189‬‬
‫‪35‬نفس المصدر ‪:‬ص ‪62‬‬
‫‪36‬فريديريك نيتشه‪ ،‬أفول األصنام ‪ ،‬ص‪26‬‬
‫‪37‬فريديريك نيتشه‪ ،‬العلم الجدل‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعاد حرب‪ .‬دار المنتخب‪ .‬ص ‪234‬‬
‫‪38‬نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪228‬‬
‫‪39‬فريديريك نيتشه‪ ,‬العلم الجدل‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعاد حرب‪ ,‬ص‪228‬‬
‫‪40‬فريديريك نيتشه أفول األصنام‪ ،‬تر‪ :‬حسان بورقبة‪ ,‬محمد الناجي‪ ،‬ص ‪27‬‬
‫‪41‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هذا هو اإلنسان"‪ ،‬ترجمة‪ :‬علي مصباح‪/‬منشورات الجمل ‪/‬ص‪.154‬‬

‫‪8‬‬
‫‪42‬نفس المصدر ‪،‬ص‪.108‬‬
‫‪43‬فريديريك نيتشه‪ ،‬أصل األخالق وفصلها‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسن قبيسي المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع‪ ،‬ب ت‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪44‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪45‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪46‬فريديريك نيتشه‪ ،‬العلم الجدل‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعاد حرب ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫القوة‪ .‬ترجمةوتقديم‪:‬جمال مفرج‪ /‬الدّار العربيّة للعلوم ناشرون ط‪ 2010 1‬ص ‪.179‬‬
‫‪47‬بيير مونتبييلو‪ ،‬نيتشه وإرادة ّ‬
‫‪48‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪49‬بييرمونتبييلو‪:‬نيتشه وإرادة القوة‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪50‬أحمد نبيل عبد اللّطيف‪:‬فلسفة القيّم نماذج نيتشوية‪ ،‬دار التّنوير للنشر والطباعة والتّوزيع ص‪87‬‬
‫‪51‬رودلف شتاينر‪ :‬نيتشه مكافحا ض ّد عصره ترجمة‪ :‬وتقديم‪ :‬حسن صقر‪ .‬دار الحصاد للنشر والتّوزيع سوريا ط‪ ،1998 1‬ص‬
‫‪65‬‬
‫‪52‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪23‬‬
‫القوة‪ .‬ترجمة وتقديم‪ :‬جمال مفرج‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ط‪ 2010 1‬ص ‪178‬‬ ‫‪53‬بيير مونتبييليو‪ :‬نيتشه وإرادة ّ‬
‫‪54‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪149‬‬
‫‪55‬فريديريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪24‬‬
‫‪56‬د‪.‬أحمد نبيل عبد اللّطيف ‪ :‬فلسفة القيّم نماذج نيتشويّة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪57‬فريدريك نيتشه‪ ،‬هكذا تكلّم زرادشت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪9‬‬

You might also like