You are on page 1of 3

‫جامعة اجلزائر‪ 2-‬كلية العلوم اإلنسانية‬

‫قسم التاريخ‬

‫ماسرت‪ 2-‬ختصص حاضرات قدمية‬

‫وحدة‪ /‬العادات و املمارسات الدينية يف عصور ما قبل التاريخ‪:‬‬

‫املحاضرة رقم ‪: 04‬‬

‫معتقدات اإلنسان العاقل العاقل (‪: )Homo Sapiens Sapiens‬‬

‫• تشكيل املقدس‪ :‬لقد عرف إنسان العصر الحجري األعلى نوعين من الفن ‪ ،‬هما‬
‫الفن التشكيلي (الرسم) الذي يعبر عنه من خالل جداريات الكهوف‪،‬و فن النحث‬
‫الذي تجسد فيما يسمى بالتماثيل الحوريات (‪ )Vénus‬و لم يكن ظهور الفن في هذا‬
‫العصر من أجل الفن بذاته بل هو إستمرار لتشكل الدين و ظهوره في عصر‬
‫الباليوليتي عامة‪.‬‬

‫• جداريات الكهوف‪ :‬نجد تلك التي أكتشفت في املنطقة املمتدة بين جنوب فرنسا و شمال‬
‫إسبانيا و التي وجدت في أكثر من مائة كهف حيث أثارت فضول العلماء و جعلتهم يخرجون‬
‫بنظريات متعددة حول طبيعة هذه الكهوف و جدارياتها و لعل أقدم النظريات هي التي‬
‫تقول بأن هذه الرسوم قد أنجزت لغايات فنية و جمالية فقط دون أن تحمل أية تفسيرات‬
‫دينية‪ ،‬أما النظرية الثانية فقد وجدت فيها أدوات سحرية استخدمها اإلنسان للسيطرة‬
‫على الحيوانات و اإليقاع بها إنطالقا من مبدأ التشابه السحري و قد سيطرت هذه‬
‫النظرية على تفسير هذه الرسوم لزمن طويل‪ ،‬أما النظرية الثالثة فقد وجدت في هذه‬
‫الرسوم جدال بين العنصرين الذكري و األنثوي و يتخذ هذا الجدل صفة املعز األنثوي و‬
‫املحيط الذكري و قد قام لوروا قورون (‪ )Leroi Gouhran‬بدراسة أكثر من ألفي رسما كهفيا‬
‫بطريقة إحصائية تبين له أن‪ :‬املناطق املركزية يشغلها دائما ثالثة أنواع من الحيوانات هي‬
‫الثور‪ ،‬البقر الوحش ي‪ ،‬الحصان‪ ،‬بينما تحتل بقية األنواع الحيوانية األطراف و املناطق‬
‫الثانوية‪ .‬يبدو أن الثور يأخذ قيمة رمزية و كذلك البقر الوحش ي‪ ،‬أما الحصان فله رمزية‬
‫ذكرية و إن القيم األنثوية تساوي الذكرية عددا‪ .‬كما أن الجروح على الحيوانات‪ ،‬ذات‬
‫قيمة رمزية أنثوية أما السهام و الحراب فقيمتها ذكرية‪ .‬و الرمز األنثوي دائما في املركز‪ ،‬و‬
‫لكن الرمز الذكري فيتوزع بشكل متساو حول هذا املركز و على أطرافه البعيدة و القريبة‪.‬‬

‫‪ )Leroi‬أن كل هذه النتائج تدل علي قيام‬ ‫(‪Gourhan‬‬ ‫• يستخلص لوروا قورون‬
‫إيديولوجية دينية لدى اإلنسان العاقل في العصر الحجري القديم األعلى‪ .‬تقوم‬
‫هذه النظرية على جدلية املبدأين الذكري و األنثوي في تعارضهما و تكافؤهما‪ .‬و‬
‫( ‪Josèphe‬‬ ‫النقطة أو الرأي األخير حول هذه الرسومات‪ ،‬فيرى جوزيف كامبل‬
‫‪ ) Cambel‬أن هذه الكهوف ما هي إال معابد أو كنائس اإلنسان الباليوليتي‪ ،‬وضع على‬
‫جدرانها بكل عناية روحية ما كان يضفي عليه صفة التقديس و نعني به الحيوان‪ ،‬و‬
‫يطور املفكر فرانس سواح (‪ )France souwah‬فكرة كامبل هذه فيرى أن اإلنسان‬
‫الباليوليتي األعلى اتخذ األماكن املظلمة‪ ،‬يبحث فيها عن تواصل مع مجال األخر في‬
‫عالم الالهوت من خالل شارات قدسية تربط بين العاملين‪ ،‬كما فعل إنسان‬
‫النيدرتالي فقد إختار اإلنسان العاقل شارته املقدسة من العالم الحيواني ال‬
‫ليعبدها بذاتها بل ليستحضر من خاللها قوة العالم املوازي و تحولت كهوف الدب‬
‫املتواضعة التي إتخدها النيدرتال مقامات مقدسة في كهوف نحتتها الطبيعة في‬
‫أعماق مظلمة‪ ،‬فأقام فيها اإلنسان العاقل نقاط تواصل مع املجال األخر‪ ،‬من‬
‫خالل هيئات حيوانية تتمثل بشكل رئيس ي في الثور (‪ )Bos‬و البقر الوحش ي )‪ (Bison‬و‬
‫الحصان (‪ )Equs‬و لعل ما يؤكد ذلك‪ ،‬مجموعة من الحقائق‪ ،‬أهمها أن األثريين لم‬
‫يعثروا في هذه الكهوف على بقايا مدافن أو مواقد أو ما يشير إلى طقوس سحرية بل‬
‫وجدوا فيها أدوات رسم و بعض املصابيح الزيتية‪ ،‬مما يدل أن هذه املواقع لم‬
‫يستغلها اإلنسان العاقل كمساكن أو فضاءات استجمام‪ ،.‬بل كان لها دور تعبدي‬
‫عقائدي‪.‬‬

You might also like