‫ﻗﺎﺳﻢ أﻣﯿﻦ‬

‫‪1908 - 1863‬‬
‫وﻟﺪ ﻗﺎ ﺳﻢ أ ﻣﯿﻦ ﻓﻲ اﻹ ﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ دﯾ ﺴﻤﺒﺮ ﺳﻨﺔ ‪ ،1863‬ود ﺧﻞ ﻣﺪر ﺳﺔ رأس‬
‫اﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻷﺳﺮة إﻟﻰ ﺣﻲ اﻟﺤﻠﻤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎھﺮة واﻧﺘﻘﻞ ھﻮ إ ﻟﻰ اﻟﻤﺪر ﺳﺔ اﻟﺘﺠﮭﯿﺰ ﯾﺔ‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫دﺧﻞ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺤﻘﻮق‪ ،‬وﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﯿﺴﺎﻧﺲ ﺳﻨﺔ ‪ 1881‬وﻛﺎن أول اﻟﺪﻓﻌﺔ‪ ،‬وﻋﻤﺮه طﺒ ﻘﺎ َ‬
‫ﻟﻠﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫وﻗﺪ أرﺳﻠﮫ أﺑﻮه ﻟﯿﺘﻤﺮن ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻤ ﺤﺎﻣﻰ "ﻣ ﺼﻄﻔﻰ ﻓﮭ ﻤﻲ" ا ﻟﺬي أ ﺻﺒﺢ ﺑ ﻌﺪ‬
‫ذﻟﻚ رﺋﯿﺲ وزراء طﻮال ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻣﺘﺼﻠﺔ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﻠ ﺒﺚ ﻗﺎ ﺳﻢ أ ﻣﯿﻦ أن ﺳﺎﻓﺮ إ ﻟﻰ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﺔ ﻟﯿﺪرس اﻟﻘﺎﻧﻮن‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﺑﺎرﯾﺲ ﺗﺎﺑﻊ ﺗ ﻄﻮر اﻷ ﺣﺪاث اﻟﻤﺤﺰ ﻧﮫ‪ :‬ھ ﺠﻮم اﻹﻧﺠﻠ ﯿﺰ ﻋ ﻠﻰ ﻣ ﺼﺮ‪ ،‬ﻛ ﺴﺮ‬
‫اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮاﺑﯿﺔ‪ ،‬اﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺎت‪ ،‬واﻟﻔﺮار واﻻﺧﺘﻔﺎء‪ .‬وﺟﺎء اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه إ ﻟﻰ ﺑﺎرﯾﺲ‬
‫ﻣﻨﻔﯿﯿﻦ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ أ ﺻﺪرا ﺟﺮ ﯾﺪة "اﻟ ﻌﺮوة ا ﻟﻮﺛﻘﻰ" ﺳﺎھﻢ ﻓﯿ ﮭﺎ ﻣﻌﮭ ﻤﺎ‪ ،‬وأ ﺧﺬ ﯾ ﺴﺎﻋﺪ ﻣﺤ ﻤﺪ‬
‫ﻋﺒ‪ww‬ﺪه ﻋﻠ‪ww‬ﻰ ﺗﻌﻠ‪ww‬ﻢ اﻟﻠﻐ‪ww‬ﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴ‪ww‬ﯿﺔ‪ .‬وﻣﻤ‪ww‬ﺎ ﺳ‪ww‬ﺎھﻢ ﻓ‪ww‬ﻲ ﺑﻠ‪ww‬ﻮرة أﻓﻜ‪ww‬ﺎره ﺑﻌ‪ww‬ﺪ ﻋﻮدﺗ‪ww‬ﮫ‪ .‬ﻓﻘ‪ww‬ﺪ ﻋ‪ww‬ﺎد ﻣ‪ww‬ﻦ‬
‫ﺑﺎرﯾﺲ اﻟﺘﺤﺎﻗﮫ ﺑﺴﻠﻚ اﻟﻨﯿﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻘﻀﺎء‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﺴﺘﺸﺎراً ﻓﻲ ﻣﺤﻜ ﻤﺔ اﻻ ﺳﺘﺌﻨﺎف‬
‫ﺳ‪ww‬ﻨﺔ ‪ .1892‬وﺧ‪ww‬ﻼل ذﻟ‪ww‬ﻚ ﻋﻤ‪ww‬ﻞ ﻓ‪ww‬ﻲ ﻣ‪ww‬ﺪن ﻋ‪ww‬ﺪة‪ .‬وﻧﻈ‪ww‬ﺮ ﻗﻀ‪ww‬ﺎﯾﺎ ﻣﺪﻧﯿ‪ww‬ﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿ‪ww‬ﺔ ﻛﺜﯿ‪ww‬ﺮة‪.‬‬
‫وﻣﺮت ﺑﮫ ﺻﻮر ﺷﺘﻰ واﻗﻌﯿﺔ ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ اﻟﻤﺠﺘ ﻤﻊ اﻟﻤ ﺼﺮي‪ .‬اﻟ ﺼﻮرة اﻟ ﺘﻲ ﻻ ﯾﺮا ھﺎ ا ﺑﻦ‬
‫طﺒﻘﺘﮫ ﻓﻲ "اﻟﺼﺎﻟﻮﻧﺎت" اﻟﺘﻲ ﯾﺮﺗﺎدھﺎ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ﻋﺎم ‪ 1897‬ﻧﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﮫ "ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﻤﺮأة" ﺷﻨﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤ ﻤﻼت ﻟﻤﻄﺎﻟﺒ ﺘﮫ ﺑ ﻀﺮورة‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﺮأة وﺳﻔﻮرھﺎ وطﻼﻗﮭﺎ وزواﺟﮭﺎ ﻷن ھﺬه ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺒ ﺴﯿﻄﺔ‪..‬‬
‫ﯾﻜﻔﻰ أن ﻧﺬﻛﺮ أن اﻟ ﻤﺮأة ﻟﻢ ﺗﻜ ﺸﻒ وﺟﮭ ﮭﺎ إﻻ ﺑ ﻌﺪ ﺛﻮرة ‪ ،1919‬ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ‪ ،1922‬و ﻛﺎن‬
‫ﯾﺤﺪث أﺣﯿﺎ ﻧﺎ ً أن ﯾ ﻘﺬف اﻟ ﻨﺎس ﻓﻲ اﻟ ﺸﺎرع اﻟ ﻤﺮأة اﻟ ﺴﺎﻓﺮة اﻟﻮ ﺟﮫ‪ ،‬أي ﺑ ﻌﺪ ر ﺑﻊ ﻗﺮن ﻣﻦ‬
‫ﺻ‪ww‬ﺪور اﻟﻜﺘ‪ww‬ﺎب‪ ،‬وأن أول ﻣﺪرﺳ‪ww‬ﺔ ﺛﺎﻧﻮﯾ‪ww‬ﺔ ﻟﻠﺒﻨ‪ww‬ﺎت وﻋﻠ‪ww‬ﻰ ﻧﻈ‪ww‬ﺎم ﻣ‪ww‬ﺪارس اﻟﺒﻨ‪ww‬ﯿﻦ‪ ،‬أي ﻟﻠﻤ‪ww‬ﻮاد‬
‫اﻟﺪراﺳ‪ww‬ﯿﺔ اﻟﻌﺎدﯾ‪ww‬ﺔ‪ ،‬ﻻ اﻟﻨﺴ‪ww‬ﺎﺋﯿﺔ ﻓﻘ‪ww‬ﻂ‪ ،‬ﻟ‪ww‬ﻢ ﺗﻨﺸ‪ww‬ﺄ إﻻ ﺳ‪ww‬ﻨﺔ ‪ ،1925‬وأن ﺗﻘﯿﯿ‪ww‬ﺪ ﺣ‪ww‬ﻖ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﻞ ﻓ‪ww‬ﻲ‬
‫اﻟﻄﻼق وﻓﻲ أﻻ ﯾﻘﻊ اﻟﻄﻼق إﻻ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻟﻢ ﯾﻘﺮ ﺑﻌﺪ ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺮور ﺳﻨﻮات ﻛﺜﯿﺮة‪ ..‬وﻣﺎ‬
‫ﻗﺪ ﯾﻌﻨﯿﮫ ھﺬا ﻟﻠﻤﺮأة اﻟ ﺘﻲ " ﻟﻦ ﺗ ﻨﺎل ﻣﺎ ﺗ ﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻻﻋﺘ ﺒﺎر واﻟﻜﺮا ﻣﺔ إﻻ إذا ﻣﻨ ﺤﺖ ﺣﻖ‬
‫اﻟﻄﻼق"‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺳﺎھﻢ ﻗﺎﺳﻢ أﻣﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣ ﺴﺎھﻤﺎت ﻗﯿ ﻤﺔ أ ﺧﺮى ﻛﺎن أﺑﺮز ھﺎ دوره‬
‫إﻟ‪ww‬ﻰ ﺟﺎﻧ‪ww‬ﺐ ﺻ‪ww‬ﺪﯾﻘﮫ ﺳ‪ww‬ﻌﺪ زﻏﻠ‪ww‬ﻮل ﻓ‪ww‬ﻲ ﺗﺄﺳ‪ww‬ﯿﺲ اﻟﺠﺎﻣﻌ‪ww‬ﺔ اﻟﻤﺼ‪ww‬ﺮﯾﺔ‪ .‬وﻣ‪ww‬ﺎت ﻗﺎﺳ‪ww‬ﻢ أﻣ‪ww‬ﯿﻦ ﺳ‪ww‬ﻨﺔ‬
‫‪ 1908‬وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ‪.‬‬

‫‪1‬‬
 ‫*‬
‫ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﻤﺮأة‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫إﻧﻲ أدﻋﻮ ﻛﻞ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ أن ﯾﺒﺤﺚ ﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻤﺼﺮﯾﺎت‪ ،‬وأﻧﺎ ﻋ ﻠﻰ‬
‫ﯾﻘﯿﻦ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾﺼﻞ و ﺣﺪه إ ﻟﻰ اﻟﻨﺘﯿ ﺠﺔ اﻟ ﺘﻲ و ﺻﻠﺖ إﻟﯿ ﮭﺎ‪ ،‬و ھﻰ ﺿﺮورة اﻹ ﺻﻼح ﻓﯿ ﮭﺎ‪.‬‬
‫ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺮھﺎ اﻟﯿﻮم ﺷﻐﻠﺖ ﻓﻜﺮى ﻣﺪة طﻮﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺧﻼﻟ ﮭﺎ أﻗﻠﺒ ﮭﺎ وأﻣﺘﺤﻨ ﮭﺎ‬
‫وأﺣﻠﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﺗﺠﺮدت ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺨﺘﻠﻂ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻣ ﻜﺎن ﻋ ﻈﯿﻢ‬
‫ﻣ‪ww‬ﻦ ﻣﻮﺿ‪ww‬ﻊ اﻟﻔﻜ‪ww‬ﺮ ﻣﻨ‪ww‬ﻰ‪ ،‬وزاﺣﻤ‪ww‬ﺖ ﻏﯿﺮھ‪ww‬ﺎ‪ ،‬وﺗﻐﻠﺒ‪ww‬ﺖ ﻋﻠﯿ‪ww‬ﮫ‪ ،‬وﺻ‪ww‬ﺎرت ﺗﺸ‪ww‬ﻐﻠﻨﻲ ﺑﻮرودھ‪ww‬ﺎ‪،‬‬
‫وﺗﻨﺒﮭﻨﻲ إﻟﻰ ﻣﺰاﯾﺎھﺎ‪ ،‬وﺗﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺖ أن ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ إﺑﺮازھﺎ ﻣﻦ ﻣ ﻜﺎن‬
‫اﻟﻔﻜﺮ إﻟﻰ ﻓﻀﺎء اﻟﺪﻋﻮة واﻟﺬﻛﺮ‪.‬‬
‫ﺳﯿﻘﻮل ﻗﻮم إن ﻣﺎ أﻧﺸﺮه اﻟﯿﻮم ﺑﺪﻋﺔ‪ .‬ﻓﺄﻗﻮل‪ :‬ﻧ ﻌﻢ‪ .‬أﺗ ﯿﺖ ﺑﺒﺪ ﻋﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮭﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻓﻲ‬
‫اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﺋﺪ وطﺮق اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺤﻤﺪ طﻠﺐ اﻟﻜﻤﺎل ﻓﯿﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﻋﻮا ﺋﺪه ﻻ ﺗﺘﻐ ﯿﺮ وﻻ ﺗﺘ ﺒﺪل‪ ،‬وأ ﻧﮫ ﯾﻠﺰ ﻣﮫ أن ﯾ ﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿ ﮭﺎ إ ﻟﻰ‬
‫اﻷﺑﺪ؟ وﻟﻢ ﯾﺠﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻲ ﻋﻤ ﻠﮫ ﻣﻊ أ ﻧﮫ ھﻮ وﻋﻮا ﺋﺪه ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟ ﻜﻮن اﻟﻮا ﻗﻊ‬
‫ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻐﯿ ﯿﺮ واﻟﺘ ﺒﺪﯾﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ آن؟ أﯾ ﻘﺪر اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻋ ﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟ ﻔﺔ ﺳﻨﺔ ﷲ ﻓﻲ ﺧﻠ ﻘﮫ‪ ،‬إذ‬
‫ﺟﻌ‪ww‬ﻞ اﻟﺘﻐﯿﯿ‪ww‬ﺮ ﺷ‪ww‬ﺮط اﻟﺤﯿ‪ww‬ﺎة واﻟﺘﻘ‪ww‬ﺪم واﻟﻮﻗﻔ‪ww‬ﺔ واﻟﺠﻤ‪ww‬ﻮد ﻣﻘﺘ‪ww‬ﺮﻧﯿﻦ ﺑ‪ww‬ﺎﻟﻤﻮت‪ .‬واﻟﺘ‪ww‬ﺄﺧﺮ؟ أﻟﯿﺴ‪ww‬ﺖ‬
‫اﻟﻌ‪ww‬ﺎدة ﻋﺒ‪ww‬ﺎرة ﻋ‪ww‬ﻦ اﺻ‪ww‬ﻄﻼح اﻷﻣ‪ww‬ﺔ ﻋﻠ‪ww‬ﻰ ﺳ‪ww‬ﻠﻮك طﺮﯾ‪ww‬ﻖ ﺧﺎﺻ‪ww‬ﺔ ﻓ‪ww‬ﻲ ﻣﻌﯿﺸ‪ww‬ﺘﮭﻢ وﻣﻌ‪ww‬ﺎﻣﻼﺗﮭﻢ‬
‫ﺣﺴﺒﻤﺎ ﯾﻨﺎﺳﺐ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن؟ ﻣﻦ ذا اﻟﺬي ﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﺘﺼﻮر أن اﻟﻌﻮا ﺋﺪ ﻻ ﺗﺘﻐ ﯿﺮ ﺑ ﻌﺪ أن‬
‫ﯾﻌﻠﻢ أﻧ ﮭﺎ ﺛ ﻤﺮة ﻣﻦ ﺛ ﻤﺮات ﻋ ﻘﻞ اﻹﻧ ﺴﺎن؟ وأن ﻋ ﻘﻞ اﻹﻧ ﺴﺎن ﯾﺨﺘ ﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻷ ﻣﺎﻛﻦ‬
‫واﻷزﻣ‪ww‬ﺎن؟ اﻟﻤﺴ‪ww‬ﻠﻤﻮن ﻣﻨﺘﺸ‪ww‬ﺮون ﻓ‪ww‬ﻲ أط‪ww‬ﺮاف اﻷرض‪ ،‬ﻓﮭ‪ww‬ﻞ ھ‪ww‬ﻢ أﻧﻔﺴ‪ww‬ﮭﻢ ﻣﺘﺤ‪ww‬ﺪون ﻓ‪ww‬ﻲ‬
‫اﻟﻌ‪ww‬ﺎدات وط‪ww‬ﺮق اﻟﻤﻌ‪ww‬ﺎش؟ ﻣ‪ww‬ﻦ ذا اﻟ‪ww‬ﺬي ﯾﻤﻜﻨ‪ww‬ﮫ أن ﯾ‪ww‬ﺪﻋﻲ أن ﻣ‪ww‬ﺎ ﯾﺴﺘﺤﺴ‪ww‬ﻨﮫ ﻋﻘ‪ww‬ﻞ اﻟﺴ‪ww‬ﻮداﻧﻲ‬
‫ﯾﺴﺘﺤﺴﻨﮫ ﻋﻘﻞ اﻟﺘﺮﻛﻲ أو اﻟﺼﯿﻨﻲ أو اﻟﮭﻨﺪي‪ ،‬أو أن ﻋﺎدة ﻣﻦ ﻋﺎدات اﻟ ﺒﺪوي ﺗﻮا ﻓﻖ أ ھﻞ‬
‫اﻟﺤﻀﺮ‪ ،‬أو ﯾﺰﻋﻢ أن ﻋﻮاﺋﺪ أﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ‪ -‬ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ‪ -‬ﺑﻘﯿﺖ ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎ ﻧﺖ ﻋﻠ ﯿﮫ‬
‫ﻣﻦ ﻋﮭﺪ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ ﺑﺪون ﺗﻐﯿﯿﺮ؟‬
‫واﻟﺤﻘﯿﻘ‪ww‬ﺔ أن ﻟﻜ‪ww‬ﻞ أﻣ‪ww‬ﺔ ﻓ‪ww‬ﻲ ﻛ‪ww‬ﻞ ﻣ‪ww‬ﺪة ﻣ‪ww‬ﻦ اﻟ‪ww‬ﺰﻣﻦ ﻋﻮاﺋ‪ww‬ﺪ وآداﺑ‪w‬ﺎ ً ﺧﺎﺻ‪ww‬ﺔ ﺑﮭ‪ww‬ﺎ ﻣﻮاﻓﻘ‪ww‬ﺔ‬
‫ﻟﺤﺎﻟﺘﮭﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪ ،‬وأن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﺋﺪ واﻵداب ﺗﺘﻐ ﯿﺮ داﺋ ﻤﺎ ً ﺗﻐ ﯿﺮاً ﻏ ﯿﺮ ﻣﺤ ﺴﻮس ﺗ ﺤﺖ ﺳﻠﻄﺎن‬
‫اﻹﻗﻠ‪www‬ﯿﻢ واﻟﻮراﺛ‪www‬ﺔ واﻟﻤﺨﺎﻟﻄ‪www‬ﺎت واﻻﺧﺘﺮاﻋ‪www‬ﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿ‪www‬ﺔ واﻟﻤ‪www‬ﺬاھﺐ اﻷدﺑﯿ‪www‬ﺔ واﻟﻨﻈﺎﻣ‪www‬ﺎت‬
‫اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬وأن ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻌﻘﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم ﯾﺘﺒﻌﮭﺎ ﺣﺘﻤﺎ أﺛﺮ ﯾﻨﺎﺳﺒﮭﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﺎدات واﻵداب‪ .‬وﻋﻠﻰ ذ ﻟﻚ ﯾ ﻠﺰم أن ﯾ ﻜﻮن ﺑﯿﻦ ﻋﻮا ﺋﺪ اﻟ ﺴﻮداﻧﻲ واﻟﺘﺮ ﻛﻲ ﻣﺜﻼ ﻣﻦ‬
‫اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﻮﺟﺪ ﺑﯿﻦ ﻣﺮﺗﺒﺘﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وھﻮ اﻷ ﻣﺮ اﻟﻤ ﺸﮭﻮر ا ﻟﺬي ﻻ رﯾ ﺒﺔ ﻓ ﯿﮫ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﯾﻜﻮن اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺼﺮي واﻷوروﺑﻲ‪.‬‬

‫*ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ :‬ﻗﺎﺳﻢ ﺍﻣﲔ‪ .‬ﺍﻻﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪ .‬ﲢﻘﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﻋﻤﺎﺭﺓ‪ .‬ﺑﲑﻭﺕ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‪1976. ،‬‬

‫‪2‬‬
‫وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺘﺼﻮر أﺣﺪ أن اﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ طﺮ ﯾﻖ ﺳﻠﻮك اﻹﻧ ﺴﺎن‬
‫ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ وﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﮫ وﻣﻮاطﻨﯿﮫ وأﺑﻨﺎء ﺟﻨﺴﮫ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ أﻣﺔ ﺟﺎھﻠﺔ أو ﻣﺘﻮﺣﺸﺔ ﻣﺜﻠ ﻤﺎ ﺗ ﻜﻮن‬
‫ﻓ‪ww‬ﻲ أﻣ‪ww‬ﺔ ﻣﺘﻤﺪﻧ‪ww‬ﺔ‪ ،‬ﻷن ﺳ‪ww‬ﻠﻮك ﻛ‪ww‬ﻞ ﻓ‪ww‬ﺮد ﻣﻨﮭ‪ww‬ﺎ إﻧﻤ‪ww‬ﺎ ﯾﻜ‪ww‬ﻮن ﻋﻠ‪ww‬ﻰ ﻣ‪ww‬ﺎ ﯾﻨﺎﺳ‪ww‬ﺐ ﻣﺪارﻛ‪ww‬ﮫ ودرﺟ‪ww‬ﺔ‬
‫ﺗﺮﺑﯿﺘﮫ‪.‬‬
‫وﻟﮭﺬا اﻻرﺗﺒﺎط اﻟﺘﺎم ﺑﯿﻦ ﻋﺎدات ﻛﻞ أﻣﺔ وﻣﻨﺰﻟﺘﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤ ﻌﺎرف واﻟﻤﺪﻧ ﯿﺔ ﻧﺮى أن‬
‫ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﺎدة أﻧﻔﺬ ﺣﻜﻤﺎ ً ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻠﻄﺎن‪ ،‬وھﻰ أ ﺷﺪ ﺷﺆوﻧﮭﺎ ﻟ ﺼﻮﻗﺎ ﺑ ﮭﺎ وأﺑ ﻌﺪھﺎ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ‪ ،‬وﻻ ﺣﻮل ﻟﻸﻣﺔ ﻋﻦ طﺎﻋﺘﮭﺎ إﻻ إذا ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻧﻔﻮس اﻷﻣﺔ وارﺗﻔﻌﺖ أو اﻧﺤﻄﺖ ﻋﻦ‬
‫درﺟﺘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وﻟﮭﺬا ﻧﺮى أﻧﮭﺎ ﺗﺘﻐﻠﺐ داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ واﻟ ﻤﺆﺛﺮات ﺣ ﺘﻰ‬
‫ﻋﻠ‪ww‬ﻰ اﻟﺸ‪ww‬ﺮاﺋﻊ‪ .‬وﯾﺆﯾ‪ww‬ﺪ ذﻟ‪ww‬ﻚ ﻣ‪ww‬ﺎ ﻧﺸ‪ww‬ﺎھﺪه ﻛ‪ww‬ﻞ ﯾ‪ww‬ﻮم ﻓ‪ww‬ﻲ ﺑﻼدﻧ‪ww‬ﺎ ﻣ‪ww‬ﻦ أن اﻟﻘ‪ww‬ﻮاﻧﯿﻦ واﻟﻠ‪ww‬ﻮاﺋﺢ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ‬
‫ﺗﻮﺿﻊ ﻹﺻﻼح ﺣﺎل اﻷﻣﺔ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﺎل إﻟﻰ آﻟﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻠﻔﺴﺎد‪ .‬وﻟﯿﺲ ھﺬا ﺑﻐﺮ ﯾﺐ‪ .‬ﻓ ﻘﺪ‬
‫ﺗﺘﻐﻠﺐ اﻟﻌﺎدات ﻋﻠﻰ اﻟﺪﯾﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﺘﻔﺴﺪه وﺗﻤﺴﺨﮫ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻨﻜﺮه ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﮫ‪.‬‬
‫وھﺬا ھﻮ اﻷﺻﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﺸﮭﺪه وﯾﺆﯾﺪه اﻻﺧﺘ ﺒﺎر اﻟ ﺘﺎرﯾﺨﻲ ﻣﻦ ا ﻟﺘﻼزم ﺑﯿﻦ اﻧﺤ ﻄﺎط‬
‫اﻟﻤﺮأة واﻧﺤﻄﺎط اﻷﻣﺔ وﺗﻮﺣﺸﮭﺎ‪ ،‬وﺑﯿﻦ ارﺗﻘﺎء اﻟﻤﺮأة وﺗﻘﺪم اﻷ ﻣﺔ و ﻣﺪﻧﯿﺘﮭﺎ‪ .‬ﻓ ﻘﺪ ﻋﻠﻤ ﻨﺎ أن‬
‫ﺣﺎل اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ اﺑ ﺘﺪاء ﺗ ﻜﻮن اﻟﺠﻤﻌ ﯿﺎت اﻹﻧ ﺴﺎﻧﯿﺔ ﻛﺎ ﻧﺖ ﻻ ﺗﺨﺘ ﻠﻒ ﻋﻦ ﺣﺎ ﻟﺔ اﻟﺮﻗ ﯿﻖ ﻓﻲ‬
‫ﺷﻲء‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ واﻗﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮوﻣﺎن واﻟﯿﻮﻧﺎن ﻣﺜﻼ ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ أﺑﯿﮭﺎ ﺛﻢ زوﺟﮭﺎ ﺛﻢ ﺑﻌﺪه أﻛ ﺜﺮ‬
‫أوﻻدھ‪ww‬ﺎ‪ .‬وﻛ‪ww‬ﺎن ﻟ‪ww‬ﺮﺋﯿﺲ اﻟﻌﺎﺋﻠ‪ww‬ﺔ ﻋﻠﯿﮭ‪ww‬ﺎ ﺣ‪ww‬ﻖ اﻟﻤﻠﻜﯿ‪ww‬ﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘ‪ww‬ﺔ ﻓﯿﺘﺼ‪ww‬ﺮف ﻓﯿﮭ‪ww‬ﺎ ﺑ‪ww‬ﺎﻟﺒﯿﻊ واﻟﮭﺒ‪ww‬ﺔ‬
‫واﻟﻤﻮت ﻣﺘﻰ ﺷﺎء‪ ،‬وﯾﺮﺛﮭﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ورﺛﺘﮫ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﯿ ﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺤ ﻘﻮق اﻟﻤﺨﻮ ﻟﺔ ﻟﻤﺎﻟﻜ ﮭﺎ‪ .‬و ﻛﺎن‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎح ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم أن ﯾﻘﺘﻞ اﻵﺑﺎء ﺑﻨﺎﺗﮭﻢ‪ ،‬وأن ﯾﺴﺘﻤﺘﻊ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ‬
‫ﻏﯿ‪ww‬ﺮ ﻗﯿ‪ww‬ﺪ ﺷ‪ww‬ﺮﻋﻲ وﻻ ﻋ‪ww‬ﺪد ﻣﺤ‪ww‬ﺪود‪ .‬وﻻ ﺗ‪ww‬ﺰال ھ‪ww‬ﺬه اﻟﺴ‪ww‬ﻠﻄﺔ اﻵن ﺳ‪ww‬ﺎﺋﺪة ﻋﻨ‪w‬ﺪ ﻗﺒﺎﺋ‪ww‬ﻞ إﻓﺮﯾﻘﯿ‪ww‬ﺎ‬
‫وأﻣﺮﯾﻜﺎ اﻟﻤﺘﻮﺣﺸﺔ‪ .‬وﺑﻌﺾ اﻷﻣﻢ اﻵﺳﯿﻮﯾﺔ ﯾﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻤﺮأة ﻟﯿﺲ ﻟ ﮭﺎ روح ﺧﺎ ﻟﺪة‪ ،‬وأﻧ ﮭﺎ ﻻ‬
‫ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌﯿﺶ ﺑﻌﺪ زوﺟﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾ ﻘﺪﻣﮭﺎ إ ﻟﻰ ﺿﯿﻔﮫ إﻛﺮا ﻣﺎ ً ﻟﮫ ﻛ ﻤﺎ ﯾ ﻘﺪم ﻟﮫ أﺣ ﺴﻦ‬
‫ﻣﺘﺎع ﯾﻤﺘﻠﻜﮫ‪.‬‬
‫ﻛﻞ ھﺬا ﯾﺸﺎھﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﯿﺎت اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻣﺎت ﻋﻤﻮﻣ ﯿﺔ ﺑﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﯾﻘﻮم ﺑﺮاوﺑﻂ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻘﺒﯿ ﻠﺔ‪ ،‬واﻟ ﻘﻮه ھﻲ اﻟ ﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﺣ ﯿﺪ ا ﻟﺬي ﺗﻌﺮ ﻓﮫ‪ .‬وھ ﻜﺬا اﻟ ﺤﺎل‬
‫اﻵن ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﺪار ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ اﺳﺘﺒﺪادﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺤﻜﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﻟﻘﻮة‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟ ﺘﻲ ارﺗ ﻘﺖ إ ﻟﻰ در ﺟﺔ ﻋﻈﯿ ﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘ ﻤﺪن ﻓﺈ ﻧﺎ ﻧﺮى اﻟﻨ ﺴﺎء أ ﺧﺬن‬
‫ﯾﺮﺗﻔﻌﻦ ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺸﯿﺌﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺤ ﻄﺎط اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬و ﺻﺮن ﯾﻘﻄ ﻌﻦ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺎت اﻟ ﺘﻲ ﻛﺎ ﻧﺖ ﺗﺒ ﻌﺪھﻦ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺮﺟﺎل‪ :‬ھﺬه ﺗﺤﺒﻮ وﺗﻠﻚ ﺗﺨﻄﻮ وھﺬه ﺗﻤﺸﻰ وﺗﻠﻚ ﺗﻌﺪو‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺤﺴﺐ ﺣﺎل اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ‬
‫اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﺗﻨﺘﺴ‪ww‬ﺐ إﻟﯿﮭ‪ww‬ﺎ ودرﺟ‪ww‬ﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿ‪ww‬ﺔ ﻓﯿﮭ‪ww‬ﺎ‪ .‬ﻓ‪ww‬ﺎﻟﻤﺮأة اﻷﻣﺮﯾﻜﯿ‪ww‬ﺔ ﻓ‪ww‬ﻲ أول ﺻ‪ww‬ﻒ‪ ،‬ﺛ‪ww‬ﻢ ﺗﺘﻠﻮھ‪ww‬ﺎ‬
‫اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺄﺗﻰ ﺑﻌﺪھﺎ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﺗﻠﯿ ﮭﺎ اﻟﻔﺮﻧ ﺴﯿﺔ ﺛﻢ اﻟﻨﻤ ﺴﺎوﯾﺔ ﺛﻢ اﻟﺘﻠﯿﺎﻧ ﯿﺔ ﺛﻢ اﻟﺮو ﺳﯿﺔ‬
‫إﻟﺦ ‪ .....‬ﻛﻠﮭﺎ ﻧﻔﻮس ﺷﻌﺮت أﻧﮭﺎ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻮ ﺳﺎﺋﻞ ﻟﻨﯿ ﻠﮫ‪ ،‬وأﻧ ﮭﺎ‬
‫ﺟﺪﯾﺮة ﺑﺎﻟﺤﺮﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﻮع اﻹﻧ ﺴﺎن ﻓ ﮭﻲ ﺗﻄﺎ ﻟﺐ ﺑ ﻜﻞ ﺣﻖ‬
‫ﻟﻺﻧﺴﺎن‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫واﻟﻐﺮﺑﻲ ا ﻟﺬي ﯾ ﺤﺐ أن ﯾﻨ ﺴﺐ ﻛﻞ ﺷﺊ ﺣ ﺴﻦ إ ﻟﻰ دﯾ ﻨﮫ ﯾﻌﺘ ﻘﺪ أن اﻟ ﻤﺮأة اﻟﻐﺮﺑ ﯿﺔ‬
‫ﺗﺮﻗﺖ ﻷن دﯾﻨﮭﺎ اﻟﻤﺴﯿﺤﻲ ﺳﺎﻋﺪھﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﯿﻞ ﺣﺮﯾﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺎ طﻞ‪ ،‬ﻓﺈن ا ﻟﺪﯾﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﯿﺤﻲ ﻟﻢ ﯾﺘﻌﺮض ﻟﻮﺿﻊ ﻧﻈﺎم ﯾﻜﻔﻞ ﺣﺮ ﯾﺔ اﻟ ﻤﺮأة و ﻟﻢ ﯾ ﺒﯿﻦ ﺣﻘﻮﻗ ﮭﺎ ﺑﺄﺣ ﻜﺎم ﺧﺎ ﺻﺔ أو‬
‫ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺮﺳﻢ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻣ ﺒﺎدئ ﯾﮭ ﺘﺪون ﺑ ﮭﺎ‪ .‬و ﻗﺪ أ ﻗﺎم ھﺬا ا ﻟﺪﯾﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ‬
‫أﻣﺔ دﺧﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺪون أن ﯾﺘﺮك أﺛﺮا ﻣﺤﺴﻮﺳﺎ ﻓﻲ اﻷ ﺧﻼق ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺠ ﮭﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗ ﺸﻜﻞ ﻧﻔ ﺴﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي أﻓﺎدﺗﮫ إﯾﺎه أﺧﻼق اﻷﻣﻢ وﻋﺎدﺗﮭﺎ‪.‬‬
‫وﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﺪﯾﻦ ﻣﺎ ﺳﻠﻄﺔ وﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮاﺋﺪ ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ اﻟﯿﻮم ﻓﻲ ﻣﻘﺪ ﻣﺔ‬
‫ﻧﺴﺎء اﻷرض‪.‬‬
‫ﺳﺒﻖ اﻟﺸﺮع اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻞ ﺷﺮﯾﻌﺔ ﺳﻮاه ﻓﻲ ﺗﻘﺮ ﯾﺮ ﻣ ﺴﺎواة اﻟ ﻤﺮأة ﻟﻠﺮ ﺟﻞ‪ ،‬ﻓﺄﻋﻠﻦ‬
‫ﺣﺮﯾﺘﮭﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ﯾﻮم ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﻀﯿﺾ اﻻﻧﺤﻄﺎط ﻋﻨﺪ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻣﻢ‪ ،‬وﺧﻮﻟﮭﺎ ﻛﻞ ﺣ ﻘﻮق‬
‫اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬واﻋﺘﺒﺮ ﻟﮭﺎ ﻛﻔﺎءة ﺷﺮﻋﯿﺔ ﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﻋﻦ ﻛﻔﺎءة اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺟﻤ ﯿﻊ اﻷ ﺣﻮال اﻟﻤﺪﻧ ﯿﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺑﯿﻊ وﺷﺮاء وھﺒﺔ ووﺻﯿﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أن ﯾﺘﻮﻗﻒ ﺗﺼﺮﻓﮭﺎ ﻋﻠﻰ إذن أﺑﯿﮭﺎ أو زوﺟﮭﺎ‪.‬‬
‫وھﺬه اﻟﻤﺰاﯾﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻛﺘﺴﺎﺑﮭﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺑﻌﺾ اﻟﻨ ﺴﺎء اﻟﻐﺮﺑ ﯿﺎت ‪ -‬ﻛﻠ ﮭﺎ‬
‫ﺗﺸﮭﺪ ﻋﻠﻰ أن ﻣﻦ أﺻﻮل اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻟﺴﻤﺤﺎء اﺣﺘﺮام اﻟﻤﺮأة واﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﻞ‪ .‬ﺑﻞ‬
‫إن ﺷ‪www‬ﺮﯾﻌﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻐ‪www‬ﺖ ﻓ‪www‬ﻲ اﻟﺮﻓ‪www‬ﻖ ﺑ‪www‬ﺎﻟﻤﺮأة ﻓﻮﺿ‪www‬ﻌﺖ ﻋﻨﮭ‪www‬ﺎ أﺣﻤ‪www‬ﺎل اﻟﻤﻌﯿﺸ‪www‬ﺔ‪ ،‬وﻟ‪www‬ﻢ ﺗﻠﺰﻣﮭ‪www‬ﺎ‬
‫ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻤﻨﺰل وﺗﺮﺑﯿﺔ اﻷوﻻد ﺧﻼﻓﺎ ﻟﺒﻌﺾ اﻟ ﺸﺮاﺋﻊ اﻟﻐﺮﺑ ﯿﺔ اﻟ ﺘﻲ ﺳﻮت ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻣﯿﺰت اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق‪.‬‬
‫واﻟﻤﯿﻞ اﻟﻰ ﺗﺴﻮﯾﺔ اﻟﻤﺮأة ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق ظﺎھﺮ ﻓﻲ اﻟ ﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹ ﺳﻼﻣﯿﺔ ﺣ ﺘﻰ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺤﻠﻞ ﻣﻦ ﻋﻘﺪة اﻟﺰواج‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ذ ﻟﻚ طﺮ ﻗﺎ ﺟﺪﯾﺮة ﺑﺎﻻﻋﺘ ﺒﺎر ﺳﯿﺄﺗﻲ‬
‫اﻟﻜﻼم ﻋﻨﮭﺎ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻤﺎ ﯾﺘﻮھﻤﮫ اﻟﻐﺮﺑﯿﻮن وﯾﻈﻨﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻟ‪ww‬ﻢ أرى إﻻ ﻣﺴ‪ww‬ﺄﻟﺔ واﺣ‪ww‬ﺪة ﻣﯿ‪ww‬ﺰ اﻟﺸ‪ww‬ﺮع ﻓﯿﮭ‪ww‬ﺎ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﺎل ﻋﻠ‪ww‬ﻰ اﻟﻨﺴ‪ww‬ﺎء وھ‪ww‬ﻰ ﺗﻌ‪ww‬ﺪد‬
‫اﻟﺰوﺟﺎت‪ .‬واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ واﺿﺢ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻨﺴﺐ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻘﻮم ﻟﻠﺰواج ﺣﯿﺎة ﺑﺪوﻧﮭﺎ‪،‬‬
‫وﺳﯿﺄﺗﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﯿﮭﺎ أﯾﻀﺎ ً ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪ .‬وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﺪﯾﺎﻧﺔ اﻹ ﺳﻼﻣﯿﺔ‪ ،‬وﻻ ﻓﯿ ﻤﺎ‬
‫ﺗﺮﻣ‪ww‬ﻲ إﻟﯿ‪ww‬ﮫ ﻣ‪ww‬ﻦ ﻣﻘﺎﺻ‪ww‬ﺪھﺎ‪ ،‬ﻣ‪ww‬ﺎ ﯾﻤﻜ‪ww‬ﻦ أن ﯾﻨﺴ‪ww‬ﺐ إﻟﯿ‪ww‬ﮫ اﻧﺤﻄ‪ww‬ﺎط اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة اﻟﻤﺴ‪ww‬ﻠﻤﺔ‪ ،‬ﺑ‪ww‬ﻞ اﻷﻣ‪ww‬ﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻓﺈﻧﮭﺎ أﻛﺴﺒﺘﮭﺎ ﻣﻘﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ وأﺳﻔﺎه! ﻗﺪ ﺗﻐﻠﺒﺖ ﻋ ﻠﻰ ھﺬا ا ﻟﺪﯾﻦ اﻟﺠﻤ ﯿﻞ أ ﺧﻼق ﺳﯿﺌﺔ ورﺛﻨﺎ ھﺎ ﻋﻦ اﻷ ﻣﻢ‬
‫اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ودﺧﻠﺖ ﻓﯿﮫ ﺣﺎﻣ ﻠﺔ ﻣﺎ ﻛﺎ ﻧﺖ ﻋﻠ ﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﻮا ﺋﺪ وأو ھﺎم‪ ،‬و ﻟﻢ ﯾ ﻜﻦ‬
‫اﻟﻌﺮﻓﺎن ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻣﻢ ﺣﺪا ﯾﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﺮأة ا ﻟﻰ اﻟﻤ ﻘﺎم ا ﻟﺬي أﺣﻠﺘ ﮭﺎ اﻟ ﺸﺮﯾﻌﺔ ﻓ ﯿﮫ‪ ،‬و ﻛﺎن‬
‫أﻛﺒﺮ ﻋﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار ھﺬه اﻷﺧﻼق ﺗﻮاﻟﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻻﺳﺘﺒﺪادﯾﺔ ﻋﻠﯿﻨﺎ‪.‬‬
‫ﺗﺠ‪ww‬ﺮدت اﻟﺠﻤﻌﯿ‪ww‬ﺎت اﻹﺳ‪ww‬ﻼﻣﯿﺔ‪ -‬ﻋﻠ‪ww‬ﻰ اﺧ‪ww‬ﺘﻼف اﻷزﻣ‪ww‬ﺎن واﻷﻣ‪ww‬ﺎﻛﻦ‪ -‬ﻣ‪ww‬ﻦ اﻟﻨﻈﺎﻣ‪ww‬ﺎت‬
‫اﻟﺴﯿﺎﺳ‪ww‬ﯿﺔ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﺗﺤ‪ww‬ﺪد ﺣﻘ‪ww‬ﻮق اﻟﺤ‪ww‬ﺎﻛﻢ واﻟﻤﺤﻜ‪ww‬ﻮم وﺗﺨ‪ww‬ﻮل اﻟﻤﺤﻜ‪ww‬ﻮﻣﯿﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒ‪ww‬ﺔ اﻟﺤ‪ww‬ﺎﻛﻤﯿﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪود اﻟﻤﻘﺮرة ﻟﮭﻢ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ واﻟﻨﻈﺎم‪ ،‬ﺑﻞ أ ﺧﺬت ﺣﻜﻮﻣﺘ ﮭﺎ اﻟ ﺸﻜﻞ‬

‫‪4‬‬
‫اﻻﺳﺘﺒﺪادي داﺋﻤﺎ ً‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻟﺴﻠﻄﺎﻧﮭﻢ وأﻋﻮاﻧﮫ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻓﺤﻜﻤﻮا ﻛﯿﻒ ﺷﺎءوا ﺑﻼ ﻗ ﯿﺪ وﻻ‬
‫اﺳﺘﺸﺎرة وﻻ ﻣﺮاﻗﺒﺔ‪ ،‬وأداروا ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﻋﯿﺔ ﺑﺪون أن ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ ﺻﻮت ﻓﯿﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ ﻛﺎن اﻟ ﺤﺎﻛﻢ ﺻﻐﯿﺮاً أو ﻛﺒ ﯿﺮاً ﻣﻠﺰ ﻣﺎ ً ﺑﺎﺗ ﺒﺎع اﻟ ﻌﺪل واﺟﺘ ﻨﺎب اﻟﻈ ﻠﻢ‪ ،‬ﻟ ﻜﻦ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤ ﺠﺮب أن اﻟ ﺴﻠﻄﺔ ﻏ ﯿﺮ اﻟﻤ ﺤﺪودة ﺗ ﻐﺮي ﺑ ﺴﻮء اﻻ ﺳﺘﻌﻤﺎل إذا ﻟﻢ ﺗ ﺠﺪ ﺣﺪاً ﺗ ﻘﻒ أﻣﺎ ﻣﮫ‬
‫ورأﯾﺎ ً ﯾﻨﺎﻗﺸﮭﺎ وھﯿﺌﺔ ﺗﺮاﻗﺒﮭﺎ‪.‬‬
‫وﻟﮭﺬا ﻣ ﻀﺖ اﻟ ﻘﺮون ﻋ ﻠﻰ اﻷ ﻣﻢ اﻹ ﺳﻼﻣﯿﺔ و ھﻰ ﺗ ﺤﺖ ﺣ ﻜﻢ اﻻ ﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻤﻄ ﻠﻖ‪،‬‬
‫وأﺳﺎء ﺣﻜﺎﻣﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺮف‪ ،‬وﺑﺎﻟﻐﻮا ﻓﻲ اﺗﺒﺎع أھﻮاﺋﮭﻢ واﻟﻠﻌﺐ ﺑﺸﺆون اﻟﺮﻋﯿﮫ‪ ،‬ﺑﻞ ﻟﻌ ﺒﻮا‬
‫ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷزﻣﻨﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻨﮭﻢ إﻻ ﻋﺪد ﻗﻠ ﯿﻞ ﻻ ﯾ ﻜﺎد ﯾﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ إ ﻟﻰ‬
‫ﻏﺎﻟﺒﮭﻢ‪.‬‬
‫إذا ﻏﻠﺐ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻋﻠﻰ أﻣﺔ ﻟﻢ ﯾ ﻘﻒ أ ﺛﺮه ﻓﻲ اﻷﻧ ﻔﺲ ﻋ ﻨﺪﻣﺎ ھﻮ ﻓﻲ ﻧ ﻔﺲ اﻟ ﺤﺎﻛﻢ‬
‫اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺘﺼﻞ ﻣﻨﮫ ﺑﻤﻦ ﺣﻮﻟﮫ‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ إﻟﻰ ﻣﻤﻦ دوﻧﮭﻢ‪ ،‬وﯾﻨﻔﺚ رو ﺣﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻮي‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴ‪ww‬ﺒﺔ ﻟﻜ‪ww‬ﻞ ﺿ‪ww‬ﻌﯿﻒ ﻣﺘ‪ww‬ﻰ ﻣﻜﻨﺘ‪ww‬ﮫ اﻟﻘ‪ww‬ﻮة ﻣ‪ww‬ﻦ اﻟ‪ww‬ﺘﺤﻜﻢ ﻓﯿ‪ww‬ﮫ‪ ،‬ﯾﺴ‪ww‬ﺮي ذﻟ‪ww‬ﻚ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﻨﻔ‪ww‬ﻮس رﺿ‪ww‬ﻲ‬
‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻷﻋﻠﻰ أو ﻟﻢ ﯾﺮض‪.‬‬
‫ﻛﺎن ﻣﻦ أﺛﺮ ھﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻻﺳﺘﺒﺪادﯾﺔ أن اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﺗﮫ أﺧﺬ ﯾﺤﺘ ﻘﺮ اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ‬
‫ﺿﻌﻔﮭﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ذﻟﻚ أن أول أﺛﺮ ﯾﻈ ﮭﺮ ﻓﻲ اﻷ ﻣﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮ ﻣﺔ ﺑﺎﻻ ﺳﺘﺒﺪاد ھﻮ‬
‫ﻓﺴﺎد اﻷﺧﻼق‪.‬‬
‫ﻗ‪ww‬ﺪ ﯾﻤﻜ‪ww‬ﻦ أن ﯾﺘ‪ww‬ﻮھﻢ ﻣ‪ww‬ﻦ أول وھﻠ‪ww‬ﺔ أن اﻟﺸ‪ww‬ﺨﺺ اﻟﻮاﻗ‪ww‬ﻊ ﻋﻠﯿ‪ww‬ﮫ اﻟﻈﻠ‪ww‬ﻢ ﯾﺤ‪ww‬ﺐ اﻟﻌ‪ww‬ﺪل‬
‫وﯾﻤﯿﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﯾﻘﺎﺳﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗ ﺘﻮاﻟﻰ ﻋﻠ ﯿﮫ‪ ،‬ﻟ ﻜﻦ اﻟﻤ ﺸﺎھﺪ ﯾﺪل ﻋ ﻠﻰ أن‬
‫اﻷﻣﺔ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﺔ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﺟﻮ ھﺎ وﻻ ﺗﻨ ﻔﻊ أر ﺿﮭﺎ ﻟﻨ ﻤﻮ اﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺮ ﺑﻮ ﻓﯿ ﮭﺎ إﻻ ﻧ ﺒﺎت‬
‫اﻟﺮذﯾﻠﺔ‪ .‬وﻛﻞ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﺒﺪﯾﻦ ‪ -‬اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ‪ -‬و ﻣﺎ اﻟﻌ ﮭﺪ ﻣﻨﮭﻢ‬
‫ﺑﺒﻌﯿﺪ ‪ -‬ﯾﻌﻠﻤﻮن أن ﺷﯿﺦ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺴﻠﺐ ﻣﻨﮫ ﻋﺸﺮة ﺟﻨﯿ ﮭﺎت ﻛﺎن ﯾ ﺴﺘﺮدھﺎ ﻣﺎ ﺋﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻷھﺎﻟﻲ‪ ،‬واﻟﻌﻤﺪة اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻀﺮب ﻣﺎﺋﺔ ﻛﺮﺑﺎج ﻛﺎن ﻋﻨﺪ ﻋﻮدﺗﮫ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﺗﮫ ﯾ ﻨﺘﻘﻢ ﻣﻦ ﻣﺎ ﺋﺔ‬
‫ﻓﻼﺣ!‬
‫ﻓﻤﻦ طﺒﯿﻌﺔ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن اﻻﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﺤﺘﺮم إﻻ اﻟﻘﻮة وﻻ ﯾﺮدع إﻻ ﺑﺎﻟﺨﻮف‪ .‬وﻟ ﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة ﺿﻌﯿﻔﺔ اھﺘ ﻀﻢ اﻟﺮ ﺟﻞ ﺣﻘﻮﻗ ﮭﺎ‪ ،‬وأ ﺧﺬ ﯾﻌﺎﻣﻠ ﮭﺎ ﺑﺎﻻﺣﺘ ﻘﺎر واﻻﻣﺘ ﮭﺎن‪ ،‬وداس‬
‫ﺑﺄرﺟ ﻠﮫ ﻋ ﻠﻰ ﺷﺨ ﺼﯿﺘﮭﺎ‪ .‬ﻋﺎ ﺷﺖ اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ اﻧﺤ ﻄﺎط ﺷﺪﯾﺪ‪ -‬أ ﯾﺎ ﻛﺎن ﻋﻨﻮاﻧ ﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋ ﻠﺔ‬
‫زوﺟ‪ww‬ﺔ أو أﻣ‪w‬ﺎ ً أو ﺑﻨﺘ‪w‬ﺎ ً ‪ -‬ﻟ‪ww‬ﯿﺲ ﻟﮭ‪ww‬ﺎ ﺷ‪ww‬ﺄن وﻻ اﻋﺘﺒ‪ww‬ﺎر وﻻ رأي‪ ،‬ﺧﺎﺿ‪ww‬ﻌﺔ ﻟﻠﺮﺟ‪ww‬ﻞ‪ ،‬ﻷﻧ‪ww‬ﮫ رﺟ‪ww‬ﻞ‬
‫وﻷﻧﮭﺎ اﻣﺮأة‪ .‬ﻓُﺘَﻲ ﺷﺨﺼﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﺨﺺ اﻟﺮ ﺟﻞ‪ ،‬و ﻟﻢ ﯾ ﺒﻖ ﻟ ﮭﺎ ﻣﻦ اﻟ ﻜﻮن ﻣﺎ ﯾ ﺴﻌﮭﺎ إﻻ ﻣﺎ‬
‫اﺳ‪ww‬ﺘﺘﺮ ﻣ‪ww‬ﻦ زواﯾ‪ww‬ﺎ اﻟﻤﻨ‪ww‬ﺎزل‪ ،‬واﺧﺘﺼ‪ww‬ﺖ ﺑﺎﻟﺠﮭ‪ww‬ﻞ واﻟﺘﺤﺠ‪ww‬ﺐ ﺑﺄﺳ‪ww‬ﺘﺎر اﻟﻈﻠﻤ‪ww‬ﺎت‪ ،‬واﺳ‪ww‬ﺘﻌﻤﻠﮭﺎ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺘﺎﻋﺎ ً ﻟﻠﺬة‪ ،‬ﯾﻠﮭﻮ ﺑﮭﺎ ﻣﺘﻰ أراد‪ ،‬وﯾﻘﺬف ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟ ﻄﺮق ﻣ ﺘﻰ ﺷﺎء‪ ،‬ﻟﮫ اﻟﺤﺮ ﯾﺔ وﻟ ﮭﺎ‬
‫اﻟﺮق‪ ،‬ﻟﮫ اﻟﻌﻠﻢ وﻟﮭﺎ اﻟﺠﮭﻞ‪ ،‬ﻟﮫ اﻟﻌﻘﻞ وﻟﮭﺎ اﻟﺒﻠﮫ‪ ،‬ﻟﮫ اﻟﻀﯿﺎء واﻟﻔﻀﺎء وﻟﮭﺎ اﻟﻈﻠﻤﺔ واﻟﺴﺠﻦ‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫ﻟﮫ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﮭﻰ وﻟﮭﺎ اﻟﻄﺎ ﻋﺔ واﻟ ﺼﺒﺮ‪ ،‬ﻟﮫ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻓﻲ اﻟﻮ ﺟﻮد و ھﻲ ﺑ ﻌﺾ ذ ﻟﻚ ﻻ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺬي اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﯿﮫ!‬
‫ان اﺣﺘﻘﺎر اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﻤﺮأة أن ﯾﻤﻸ ﺑﯿ ﺘﮫ ﺑ ﺠﻮار ﺑﯿﺾ أو ﺳﻮد أو ﺑﺰو ﺟﺎت ﻣﺘ ﻌﺪدة‪،‬‬
‫ﯾﮭﻮى إﻟﻰ أﯾﮭﻦ ﺷﺎء ﻣﻨﻘﺎداً إﻟﻰ اﻟ ﺸﮭﻮة‪ ،‬ﻣ ﺴﻮﻗﺎ ً ﺑﺒﺎ َ‬
‫ﻋﺚ اﻟ ﺘﺮف و ﺣﺐ ا ﺳﺘﯿﻔﺎء اﻟ ﻠﺬة‪ ،‬ﻏ ﯿﺮ‬
‫ﻣﺒﺎل ﺑﻤﺎ ﻓﺮﺿﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﺗﺤ ﺴﻦ اﻟﻘ ﺼﺪ ﻓﯿ ﻤﺎ ﯾﻌ ﻤﻞ وﻻ ﺑ ﻤﺎ أوﺟ ﺒﮫ ﻋﻠ ﯿﮫ ﻣﻦ اﻟ ﻌﺪل‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ‪....‬‬
‫ان اﺣﺘﻘﺎر اﻟﻤﺮأة أن ﯾﻄﻠﻖ اﻟﺮﺟﻞ زوﺟﺘﮫ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ‪...‬‬
‫ﻣﻦ اﺣﺘﻘﺎر اﻟﻤﺮأة أن ﯾﻘﻌﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻄﻌﺎم وﺣﺪه ﺛﻢ ﺗﺠﺘﻤﻊ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻣﻦ أم‬
‫وأﺧﺖ وزوﺟﺔ وﯾﺄﻛﻠﻦ ﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻣﻨﮫ‪...‬‬
‫ﻣﻦ اﺣﺘﻘﺎر اﻟﻤﺮأة أن ﯾ ﻌﯿﻦ ﻟ ﮭﺎ ﻣﺤﺎﻓ ﻈﺎ ً ﻋ ﻠﻰ ﻋﺮ ﺿﮭﺎ ﻣ ﺜﻞ أ ﻏﺎ أو ﻣ ﻘﺪم أو ﺧﺎدم‬
‫ﯾﺮاﻗﺒﮭﺎ وﯾﺼﺤﺒﮭﺎ أﯾﻨﻤﺎ ﺗﺘﻮﺟﮫ‪...‬‬
‫ﻣﻦ اﺣﺘﻘﺎر اﻟ ﻤﺮأة أن ﯾ ﺴﺠﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻣ ﻨﺰل وﯾﻔﺘ ﺨﺮ ﺑﺄﻧ ﮭﺎ ﻻ ﺗ ﺨﺮج ﻣ ﻨﮫ إﻻ ﻣﺤﻤﻮ ﻟﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﺶ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ‪...‬‬
‫ﻣﻦ اﺣﺘﻘﺎر اﻟﻤﺮأة أن ﯾﻌﻠﻦ اﻟﺮﺟﺎل أن اﻟﻨﺴﺎء ﻟﺴﻦ ﻣﺤﻼ ﻟﻠﺜﻘﺔ واﻷﻣﺎﻧﺔ‪...‬‬
‫ﻣﻦ اﺣﺘﻘﺎر اﻟﻤﺮأة أن ﯾﺤﺎل ﺑﯿﻨ ﮭﺎ و ﺑﯿﻦ اﻟﺤ ﯿﺎة اﻟﻌﺎ ﻣﺔ واﻟﻌ ﻤﻞ ﻓﻲ أي ﺷﻲء ﯾﺘﻌ ﻠﻖ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ :‬ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮭﺎ رأي ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل‪ ،‬وﻻ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرب‪ ،‬وﻻ ذوق ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن‪ ،‬وﻻ ﻗﺪم ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﻨ‪ww‬ﺎﻓﻊ اﻟﻌﺎﻣ‪ww‬ﺔ‪ ،‬وﻻ ﻣﻘ‪ww‬ﺎم ﻓ‪ww‬ﻲ اﻻﻋﺘﻘ‪ww‬ﺎدات اﻟﺪﯾﻨﯿ‪ww‬ﺔ‪ ،‬وﻟ‪ww‬ﯿﺲ ﻟﮭ‪ww‬ﺎ ﻓﻀ‪ww‬ﯿﻠﺔ وطﻨﯿ‪ww‬ﺔ وﻻ ﺷ‪ww‬ﻌﻮر‬
‫ﻣﻠﻲ‪...‬‬
‫وﻟﺴﺖ ﻣﺒﺎﻟﻐﺎ إن ﻗﻠﺖ إن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺣﺎل اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ إ ﻟﻰ ھﺬه اﻟ ﺴﻨﯿﻦ اﻷﺧ ﯿﺮة‬
‫اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﺧﻔ‪ww‬ﺖ ﻓﯿﮭ‪ww‬ﺎ ﻧﻮﻋ‪w‬ﺎ ً ﺳ‪ww‬ﻠﻄﺔ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﻞ ﻋﻠ‪ww‬ﻰ اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة ﺗﺒﻌ‪w‬ﺎ ً ﻟﺘﻘ‪ww‬ﺪم اﻟﻔﻜ‪ww‬ﺮ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﺎل واﻋﺘ‪ww‬ﺪال‬
‫اﻟﺴ‪www‬ﻠﻄﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤ‪www‬ﺔ ﻋﻠ‪www‬ﯿﮭﻢ‪ ،‬ورأﯾﻨ‪www‬ﺎ اﻟﻨﺴ‪www‬ﺎء ﯾﺨ‪www‬ﺮﺟﻦ ﻟﻘﻀ‪www‬ﺎء ﺣﺎﺟ‪www‬ﺎﺗﮭﻦ‪ ،‬وﯾﺘ‪www‬ﺮددن ﻋﻠ‪www‬ﻰ‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺰھﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﻻﺳﺘﻨﺸﺎق اﻟﮭﻮاء‪ ،‬وﺗﺮوﯾﺢ اﻟﻨﻔﻮس ﺑﺘﺴﺮﯾﺢ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺎﺋ ﻨﺎت اﻟ ﺘﻲ‬
‫ﻋﺮﺿﮭﺎ اﻟﺼﺎﻧﻊ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮق رﺟﻼً ﻛﺎن أو اﻣﺮأة‪ .‬وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮭﻦ ﯾﺬھﺒﻦ‬
‫ﻣﻊ رﺟﺎﻟﮭﻦ إﻟﻰ اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻗﺪ أﻋ ﻄﻮا ﻧ ﺴﺎءھﻦ‬
‫ﻣﻘﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﺎﺋﻠﯿﺔ‪.‬‬
‫وھﺬا إﻧﻤﺎ طﺮأ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻧﺸﺄة اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻨﺴﺎﺋﮭﻢ‬
‫واطﻤﺌﻨﺎﻧﮭﻢ إﻟﻰ أﻣﺎﻧﺘﮭﻦ‪ :‬وھﻮ اﺣﺘﺮام ﺟﺪﯾﺪ ﻟﻠﻤﺮأة‪.‬‬
‫ﻧﻌ‪ww‬ﻢ‪ ،‬ﻻ ﻧﻨﻜ‪ww‬ﺮ أن ھ‪ww‬ﺬا اﻟﺘﻐﯿﯿ‪ww‬ﺮ ﻻ ﯾﺨﻠ‪ww‬ﻮ ﻣ‪ww‬ﻦ وﺟ‪ww‬ﻮده اﻧﺘﻘ‪ww‬ﺎد‪ ،‬ﻟﻜ‪ww‬ﻦ ﺳ‪ww‬ﺒﺐ اﻻﻧﺘﻘ‪ww‬ﺎد ﻓ‪ww‬ﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘ‪ww‬ﺔ ﻟ‪ww‬ﯿﺲ ھ‪ww‬ﻮ ﻧﻔ‪ww‬ﺲ اﻟﺘﻐﯿﯿ‪ww‬ﺮ وﻟﻜﻨ‪ww‬ﮫ اﻷﺣ‪ww‬ﻮال اﻟﺘ‪ww‬ﻲ اﺣﺘﻔ‪ww‬ﺖ ﺑ‪ww‬ﮫ‪ ،‬وأھﻤﮭ‪ww‬ﺎ رﺳ‪ww‬ﻮخ ﻋ‪ww‬ﺎدة‬
‫اﻟﺤﺠﺎب ﻓﻲ أﻧﻔﺲ اﻟﺠﻤﮭﻮر اﻷﻋﻈﻢ‪ ،‬وﻧﻘﺺ ﺗﺮﺑ ﯿﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬ﻓ ﻠﻮ ﻛﻤ ﻠﺖ ﺗﺮﺑ ﯿﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻋ ﻠﻰ‬
‫ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻟﺪﯾﻦ وﻗﻮاﻋﺪ اﻷدب‪ ،‬وو ﻗﻒ ﺑﺎﻟﺤ ﺠﺎب ﻋ ﻨﺪ اﻟ ﺤﺪ اﻟﻤ ﻌﺮوف ﻓﻲ أﻏ ﻠﺐ اﻟ ﻤﺬاھﺐ‬

‫‪6‬‬
‫اﻹﺳ‪ww‬ﻼﻣﯿﺔ‪ ،‬ﻟﺴ‪ww‬ﻘﻄﺖ ﻛ‪ww‬ﻞ ﺗﻠ‪ww‬ﻚ اﻻﻧﺘﻘ‪ww‬ﺎدات‪ ،‬وأﻣﻜ‪ww‬ﻦ أن ﺗﻨﺘﻔ‪ww‬ﻊ اﻷﻣ‪ww‬ﺔ ﺑﺠﻤﯿ‪ww‬ﻊ أﻓﺮادھ‪ww‬ﺎ ﻧﺴ‪ww‬ﺎء‬
‫ورﺟﺎﻻً‪.‬‬
‫ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺮأة‬
‫اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة‪ ،‬وﻣ‪ww‬ﺎ أدراك ﻣ‪ww‬ﺎ اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة‪ .‬إﻧﺴ‪ww‬ﺎن ﻣﺜ‪ww‬ﻞ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﻞ‪ .‬ﻻ ﺗﺨﺘﻠ‪ww‬ﻒ ﻋﻨ‪ww‬ﮫ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻷﻋﻀ‪ww‬ﺎء‬
‫ووظﺎﺋﻔﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﻓﻲ اﻹﺣﺴﺎس وﻻ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ وﻻ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﯿﮫ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺣﯿﺚ‬
‫ھﻮ إﻧﺴﺎن‪ ،‬إﻻ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺪﻋﯿﮫ اﺧﺘﻼﻓﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﻒ‪.‬‬
‫ﻓ‪ww‬ﺈذا ﻓ‪ww‬ﺎق اﻟﺮﺟ‪ww‬ﻞ اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﻘ‪ww‬ﻮة اﻟﺒﺪﻧﯿ‪ww‬ﺔ واﻟﻌﻘﻠﯿ‪ww‬ﺔ ﻓ‪ww‬ﺬﻟﻚ إﻧﻤ‪ww‬ﺎ ﻷﻧ‪ww‬ﮫ اﺷ‪ww‬ﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤ‪ww‬ﻞ‬
‫واﻟﻔﻜﺮ أﺟﯿﺎﻻً طﻮﯾﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺤﺮو ﻣﺔ ا ﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟ ﻘﻮﺗﯿﻦ اﻟ ﻤﺬﻛﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻣﻘ ﮭﻮرة‬
‫ﻋﻠ‪www‬ﻰ ﻟ‪www‬ﺰوم ﺣﺎﻟ‪www‬ﺔ ﻣ‪www‬ﻦ اﻻﻧﺤﻄ‪www‬ﺎط ﺗﺨﺘﻠ‪www‬ﻒ ﻓ‪www‬ﻲ اﻟﺸ‪www‬ﺪة واﻟﻀ‪www‬ﻌﻒ ﻋﻠ‪www‬ﻰ ﺣﺴ‪www‬ﺐ اﻷوﻗ‪www‬ﺎت‬
‫واﻷﻣﺎﻛﻦ‪...‬‬
‫اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة ﻻ ﺗﻜ‪ww‬ﻮن ﺧﻠﻘ‪ww‬ﺎ ﻛ‪ww‬ﺎﻣﻼ إﻻ إذا ﺗﻤ‪ww‬ﺖ ﺗﺮﺑﯿﺘﮭ‪ww‬ﺎ اﻟﺠﺴ‪ww‬ﻤﯿﺔ واﻟﻌﻘﻠﯿ‪ww‬ﺔ‪ .‬أﻣ‪ww‬ﺎ ﺗﺮﺑﯿﺘﮭ‪ww‬ﺎ‬
‫اﻟﺠﺴﻤﯿﺔ ﻓﻸﻧﮭﺎ ﻻزﻣﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻜﻤﺎل ﺻﺤﺘﮭﺎ وﺣﻔﻆ ﺟﻤﺎﻟ ﮭﺎ‪ ،‬ﻓﯿ ﺠﺐ أن ﺗﺮ ﺑﻰ ﻛ ﻤﺎ ﯾ ﺠﺐ أن‬
‫ﯾﺮﺑﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺮﯾﻦ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮ ﻛﺔ واﻟﺮﯾﺎ ﺿﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺠ ﺴﻢ اﻟ ﻀﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺴﻜﻨﮫ إﻻ‬
‫ﻋﻘﻞ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻷن ﻣﺎ ﯾﻜﺜﺮ ﻋﺮوﺿﮫ ﻟﻠﻨﺴﺎء ﻣﻦ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ واﻟﻤﺨﯿﺔ إﻧﻤﺎ ھﻮ‬
‫ﻧﺎﺷﺊ ﻋﻦ ﻋﺪم اﻧﺘﻈﺎم وظﺎﺋﻒ اﻋﻀﺎء اﻟﺠﺴﻢ‪...‬‬
‫وأﻣﺎ ﺗﺮﺑﯿﺘﮭﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻓﻸﻧﮭﺎ ﺑﺪوﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن اﻟ ﻤﺮأة ﻓﺎ ﻗﺪة ﻟﻘﯿﻤﺘ ﮭﺎ ﻛ ﻤﺎ ھﻲ ﺣﺎﻟﺘ ﮭﺎ اﻵن‬
‫ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬إﻧﮭﺎ ﺗﻠﺪ وﯾﺤﻔﻆ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﻮع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻟﻜﻨﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻧﻤﺎ ﺗﺆدي وظﯿ ﻔﺔ ﻛﻞ أﻧ ﺜﻰ‬
‫ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ أﻧﻮاع اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت‪ ،‬وھﻰ ﻻ ﺗﻤﺘﺎز ﻓﻲ ﻋﻤﻠﮭﺎ ھﺬا ﻋﻦ ﻧﺤﻮ ھﺮة وﻟﻮد‪.‬‬
‫وﻓﻰ اﻟﺤﻖ أﻧﻨﺎ ﺿﯿﻘﻨﺎ داﺋﺮة وظﯿ ﻔﺔ اﻟ ﻤﺮأة وﺧﺼ ﺼﻨﺎھﺎ ﺑﺎﻟﻨ ﺘﺎج و ﻟﻢ ﻧﻄ ﻠﺐ ﻣﻨ ﮭﺎ‬
‫ﺷ‪ww‬ﯿﺌﺎ ً ﻏﯿ‪ww‬ﺮ ذﻟ‪ww‬ﻚ‪ .‬وﺳ‪ww‬ﺒﺒﮫ أﻧﻨ‪ww‬ﺎ ﺗﻮھﻤﻨ‪ww‬ﺎ أن اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة ﻻ ﺗﺼ‪ww‬ﻠﺢ ﻟﻌﻤ‪ww‬ﻞ آﺧ‪ww‬ﺮ‪ ،‬وأن اﻟﺮﺟ‪ww‬ﺎل ﻏﯿ‪ww‬ﺮ‬
‫ﻣﺤﺘﺎﺟﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺸﺆون اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻏﺎب ﻋ ﻨﺎ أن اﻟﺮ ﺟﻞ إﻧ ﻤﺎ‬
‫ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻛﺒﺮه ﻛﻤﺎ ھﯿﺄﺗﮫ واﻟﺪﺗﮫ ﻓﻲ ﺻﻐﺮه‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻻرﺗﺒﺎط اﻟﺘﺎم ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﻞ وأﻣﮫ ھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﻤﮭﻢ اﻟﺬي أر ﯾﺪ أن ﯾﻔﮭ ﻤﮫ اﻟﺮ ﺟﺎل‪.‬‬
‫وھﻮ ﺛﻤﺮة ﻛﻞ ﻣﺎ وﺿﻌﺘﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬
‫أﻧﻲ أﻛﺮر ﻣﺎ ﻗﻠﺘﮫ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾﺴﺘﺤﯿﻞ ﺗﺤ ﺼﯿﻞ ر ﺟﺎل ﻧﺎﺟﺤﯿﻦ إن ﻟﻢ ﯾ ﻜﻦ ﻟ ﮭﻢ أﻣ ﮭﺎت‬
‫ﻗ‪ww‬ﺎدرات ﻋﻠ‪ww‬ﻰ أن ﯾﮭﯿﺌ‪ww‬ﻨﮭﻢ ﻟﻠﻨﺠ‪ww‬ﺎح‪ ،‬ﻓﺘﻠ‪ww‬ﻚ ھ‪ww‬ﻲ اﻟﻮظﯿﻔ‪ww‬ﺔ اﻟﺴ‪ww‬ﺎﻣﯿﺔ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﻋﮭ‪ww‬ﺪ اﻟﺘﻤ‪ww‬ﺪن ﺑﮭ‪ww‬ﺎ إﻟ‪ww‬ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ھﺬا وھﻰ ﺗﻘﻮم ﺑﺄﻋﺒﺎﺋﮭﺎ اﻟﺜﻘﯿ ﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ا ﻟﺒﻼد اﻟﻤﺘﻤﺪ ﻧﺔ ﺣ ﯿﺚ ﻧﺮا ھﺎ ﺗ ﻠﺪ‬
‫اﻷطﻔﺎل ﺛﻢ ﺗﺼﻮﻏﮭﻢ رﺟﺎﻻً‪.‬‬
‫وﺑﺪﯾﮭﻲ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻷول‪ ،‬وھﻮ اﻟﻮﻻدة‪ ،‬ھﻮ ﻋ ﻤﻞ ﺑ ﺴﯿﻂ ﻣﺎدي ﺗ ﺸﺘﺮك ﻓ ﯿﮫ اﻟ ﻤﺮأة‬
‫ﻣﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ﻓﻼ ﯾﺤﺘﺎج إﻻ إﻟﻰ ﺑﻨﯿﺔ ﺳﻠﯿﻤﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ وھﻮ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻓﮭﻮ ﻋﻤﻞ ﻋﻘ ﻠﻲ‬
‫اﻣﺘ‪ww‬ﺎز ﺑ‪ww‬ﮫ اﻟﻨ‪ww‬ﻮع اﻹﻧﺴ‪ww‬ﺎﻧﻲ‪ ،‬وھ‪ww‬ﻮ ﻣﺤﺘ‪ww‬ﺎج ﻓ‪ww‬ﻲ ﺗﺄدﯾﺘ‪ww‬ﮫ إﻟ‪ww‬ﻰ ﺗﺮﺑﯿ‪ww‬ﺔ واﺳ‪ww‬ﻌﺔ واﺧﺘﺒ‪ww‬ﺎر ﻋﻈ‪ww‬ﯿﻢ‬
‫وﻣﻌﺎرف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﯾﻠﺰم أن ﺗﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﮫ ﻛﻞ أﻣﺔ ﻻ ﺗﻐﻔﻞ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﮭﺎ اﻟﺤﻘﯿ ﻘﺔ ھﻮ و ﺟﻮد‬
‫اﻟﻨﻈﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻜﻮن ﻣﻨﮭﺎ ﺟﺴﻢ اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ھﻲ أﺳﺎس اﻷﻣﺔ‪ .‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎ ﻧﺖ‬
‫اﻟﻤﺮأة ھﻲ أﺳﺎس اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻛﺎن ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ وﺗﺄﺧﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ أول ﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻘﺪم اﻷ ﻣﺔ‬
‫وﺗﺄﺧﺮھﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺮأة ﻣﯿﺰان اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺤﻄﺔ اﺣﺘﻘﺮھﺎ زوﺟﮭﺎ وأھﻠﮭﺎ وأوﻻدھﺎ وﻋﺎﺷﻮا‬
‫ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻣﻨﺤﻠﯿﻦ ﻻ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﺒﻌﺾ وﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻧﻈﺎﻣﺎ وﻻ ﺗﺮﺗﯿ ﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﯿ ﺸﺘﮭﻢ ﻓﺘﻔ ﺴﺪ‬
‫آداﺑﮭ‪www‬ﻢ وﻋﻮاﺋ‪www‬ﺪھﻢ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧ‪www‬ﺖ ﻋﻠ‪www‬ﻰ ﺟﺎﻧ‪www‬ﺐ ﻣ‪www‬ﻦ اﻟﻌﻘ‪www‬ﻞ واﻷدب ھ‪www‬ﺬﺑﺖ ﺟﻤﯿ‪www‬ﻊ اﻟﻌﺎﺋﻠ‪www‬ﺔ‪،‬‬
‫واﺣﺘﺮﻣﮭ‪ww‬ﺎ أﻓﺮادھ‪ww‬ﺎ‪ ،‬واﺣﺘﺮﻣ‪ww‬ﻮا أﻧﻔﺴ‪ww‬ﮭﻢ‪ ،‬وﻋ‪ww‬ﺎش اﻟﺠﻤﯿ‪ww‬ﻊ ﻓ‪ww‬ﻲ ﻧﻈ‪ww‬ﺎم ﺗ‪ww‬ﺎم ﺗﺤ‪ww‬ﺖ ﻟ‪ww‬ﻮاء ﻣﺤﺒﺘﮭ‪ww‬ﺎ‬
‫ﻣﺘﻀ‪ww‬ﺎﻣﻨﯿﻦ أﻗﻮﯾ‪ww‬ﺎء ﺑﺎﺗﺤ‪ww‬ﺎدھﻢ‪ .‬وھ‪ww‬ﺬه اﻟﺼ‪ww‬ﻔﺎت اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﺗﺸ‪ww‬ﺎھﺪ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠ‪ww‬ﺔ ھ‪ww‬ﻲ اﻟﺼ‪ww‬ﻔﺎت اﻟﺘ‪ww‬ﻲ‬
‫ﺗﺸﺎھﺪ ﻓﻲ اﻷﻣﺔ‪ ،‬إذ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﯾﺴﻠﻚ ﻓﻲ أﻣﺘﮫ ﻣﺴﻠﻜﮫ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﮫ‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎل أن ﯾﻜﻮن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت واﻷﺧﻼق ﻓﻲ أﻣﺘﮫ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻧ ﻤﻮذج‬
‫ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﮫ‪ ،‬وأن ﯾﻌﺎﻣﻞ ﻣﻮاطﻨﯿﮫ ﺑﺄﺧﻼق ﻏﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﺎﻣﻞ ﺑﮭﺎ أﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺣ ﺴﻦ‬
‫اﻷﺧﻼق ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﮫ ﺣﺴﻨﺖ أﺧﻼﻗﮫ ﻓﻲ أﻣﺘﮫ أﯾﻀﺎ‪ .‬وﻣﻦ ھﺬا ﯾﺘ ﺒﯿﻦ ﻣ ﻘﺪار ﻋ ﻤﻞ اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ‬
‫ﺗﻘﺪم اﻷﻣﻢ وﺗﺄﺧﺮھﺎ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﺈن ارﺗ ﻘﺎء اﻷ ﻣﻢ ﯾﺤ ﺘﺎج إ ﻟﻰ ﻋﻮا ﻣﻞ ﻣﺨﺘﻠ ﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮ ﻋﺔ ﻣﻦ أھﻤ ﮭﺎ ارﺗ ﻘﺎء‬
‫اﻟﻤﺮأة‪ ،‬واﻧﺤﻄﺎط اﻷﻣﻢ ﯾﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ أﯾﻀﺎ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ اﻧﺤﻄﺎط اﻟﻤﺮأة‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻻﻧﺤﻄﺎط ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﻤﺮأة ﻋﻨﺪﻧﺎ ھﻮ أ ھﻢ ﻣﺎﻧﻊ ﯾ ﻘﻒ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻠﻨﺎ ﻟﯿ ﺼﺪﻧﺎ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺘﻘﺪم إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﺻﻼﺣﻨﺎ‪ .‬وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻠﯿﺴﺖ ﺗﺮﺑ ﯿﺔ اﻟ ﻤﺮأة ﻣﻦ اﻟﻜﻤﺎﻟ ﯿﺎت اﻟ ﺘﻲ ﯾﻨﺘ ﻈﺮ ﺑ ﮭﺎ‬
‫ﻣﺮور اﻷزﻣﺎن وﯾﺠﻮز اﻹﺑﻄﺎء ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﮭﺎ ﻛ ﻤﺎ ﯾﺘﻮھ ﻤﮫ ﻛﺜ ﯿﺮ ﻣﻦ اﻟ ﻨﺎس ا ﻟﺬﯾﻦ‬
‫ﯾﻄﻨﻄﻨﻮن ﺑﻤﺰاﯾﺎ ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﺬﻛﻮر وﯾﻘﺪﻣﻮﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﺒﻨﺎت‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﯿﺎت‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻀﺮورﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺐ اﻟﺒﺪء ﺑﮭﺎ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﺘﻮﻓﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﻠﺰم ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪات‪.‬‬
‫وھﻰ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺨﻄﯿﺮ اﻟﺬي إن ﻗﻤﻨﺎ ﺑﮫ ﺳﮭﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻛﻞ إ ﺻﻼح ﺳﻮاه‪ ،‬وإن أھﻤﻠ ﻨﺎه‬
‫أﻓﺴﺪ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻛﻞ إﺻﻼح ﺳﻮاه‪.‬‬
‫دﻟﺖ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﮭﺎ ﻧﺴﺎء أوروﺑﺎ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ﻗﺮن ﻋ ﻠﻰ أن اﻟ ﻤﺮأة ﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫ﺗﻠ‪ww‬ﻚ اﻵﻟ‪ww‬ﺔ اﻟﺒﺴ‪ww‬ﯿﻄﺔ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ وﻗﻔﮭ‪ww‬ﺎ أوﻟﺌ‪ww‬ﻚ اﻷﺳ‪ww‬ﻼف اﻟﻐ‪ww‬ﺎﻓﻠﻮن ﻋﻠ‪ww‬ﻰ اﻟﺘﻨﺎﺳ‪ww‬ﻞ‪ ،‬ﻓﺒﻤﺠ‪ww‬ﺮد ﻣ‪ww‬ﺎ ﺣ‪ww‬ﻞ‬
‫اﻟﻌﻘﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﻘﻮة وﺣﻠﺖ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻣﺤﻞ اﻻﺳﺘﺒﺪاد رأى اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة أﺳﺮاراً ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻓﮭﺎ‬
‫اﻟﺠﺎھﻠﯿ‪www‬ﺔ اﻷوﻟ‪www‬ﻰ‪ ،‬وأﻧﮭ‪www‬ﺎ ﺗﺼ‪www‬ﻠﺢ ﻟﻮظ‪www‬ﺎﺋﻒ ﺳ‪www‬ﺎﻣﯿﺔ ﻣﺜ‪www‬ﻞ اﻟﺘ‪www‬ﻲ ﯾﺼ‪www‬ﻠﺢ ﻟﮭ‪www‬ﺎ اﻟﺮﺟ‪www‬ﺎل‪ ،‬وأن‬
‫اﻧﺤﻄﺎطﮭ‪ww‬ﺎ ﻛ‪ww‬ﺎن ﻋﺎرﺿ‪w‬ﺎ ً ﻻ طﺒﯿﻌﯿ‪w‬ﺎ ً‪ .‬ﻓﻠﻤ‪ww‬ﺎ اﺳ‪ww‬ﺘﯿﻘﻈﺖ ﻣ‪ww‬ﻦ ﻧﻮﻣﮭ‪ww‬ﺎ واﺳ‪ww‬ﺘﻨﺎر ﻋﻘﻠﮭ‪ww‬ﺎ واﺳ‪ww‬ﺘﻘﺎﻣﺖ‬
‫ﻣﻠﻜﺎﺗﮭﺎ وﺗﺤﻠﺖ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌ ﻠﻢ‪ ،‬وﻣﺮ ﻧﺖ ﻗﻮا ھﺎ ﻋ ﻠﻰ اﻟﻌ ﻤﻞ ﺻﻌﺪت ﻣﻦ اﻟﻌ ﻘﻞ إ ﻟﻰ‬
‫درﺟ‪ww‬ﺔ‪ ،‬وذھﺒ‪ww‬ﺖ ﻓ‪ww‬ﻲ رﻗ‪ww‬ﺔ اﻟﺸ‪ww‬ﻌﻮر إﻟ‪ww‬ﻰ ﻏﺎﯾ‪ww‬ﺔ ﻟ‪ww‬ﻢ ﺗﻜ‪ww‬ﻦ ﺗﺨﻄ‪ww‬ﺮ ﻓ‪ww‬ﻲ ﺧﯿ‪ww‬ﺎل أﺣ‪ww‬ﺪ ﻣ‪ww‬ﻦ أھ‪ww‬ﻞ ﺗﻠ‪ww‬ﻚ‬
‫اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺨﺎﻟﯿﺔ‪ .‬وھﻲ إﻟﻰ اﻵن ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﺤﺮﯾﺘﮭﺎ زاد ارﺗﻘﺎؤھﺎ‪.‬‬

‫‪8‬‬
 ‫ﻛﻞ ﻣﻄﻠﻊ ﻋ ﻠﻰ ﺣﺮ ﻛﺎت اﻟﻨ ﺴﺎء اﻟﻐﺮﺑ ﯿﺎت وأﻋ ﻤﺎﻟﮭﻦ ﻻ ﯾ ﺸﻚ ﻓﻲ أﻧ ﮭﻦ ﯾﺄﺗﯿﻦ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻗﻮام ﻟﻠﻤﺪﻧﯿﺔ ﺑﺪوﻧﮫ‪ :‬ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺘﺠﺎرة وﻻ‬
‫ﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم وﻻ ﻓﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن إﻻ واﻟﻤﺮأة ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻓﯿﮫ ﻣﻊ اﻟﺮ ﺟﻞ ﻛﺘ ﻔﺎ ﻟﻜ ﺘﻒ‪ .‬وﻻ ﯾﻮ ﺟﺪ‬
‫ﻋﻤﻞ ﺧ ﯿﺮي إﻻ و ھﻲ ﻓﻲ أول اﻟ ﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻓ ﯿﮫ‪ .‬وﻻ ﺗ ﻘﻊ ﺣﺎد ﺛﺔ ﺳﯿﺎ ﺳﯿﺔ إﻻ وﻟﻠ ﻤﺮأة ﻧ ﺼﯿﺐ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ‪ .‬وﻟﯿﺲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻨﻔﯿﻦ ﻓﺮق إﻻ أن اﻟﻤﺮأة ﻟﻢ ﺗ ﻨﻞ اﻟﺤ ﻘﻮق اﻟﺴﯿﺎ ﺳﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻣﻨﺤﺘ ﮭﺎ ‪ -‬ﻛ ﻤﺎ‬
‫ھﻮ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﻓﻲ ﺑﻼد أورو ﺑﺎ ‪ -‬ﺗ ﻤﺖ اﻟﻤ ﺴﺎواة ﺑﯿﻨﮭ ﻤﺎ‪ .‬ﻋ ﻠﻰ أﻧ ﮭﺎ ﻗﺪ ﻧﺎ ﻟﺖ ﻣﻨ ﮭﺎ اﻵن ﺷﯿﺌﺎ ً‬
‫ﻛﺒﯿ‪ww‬ﺮاً ﺣﯿ‪ww‬ﺚ ﺧ‪ww‬ﻮل ﻟﮭ‪ww‬ﺎ ﺣ‪ww‬ﻖ اﻻﻧﺘﺨ‪ww‬ﺎب ﻓ‪ww‬ﻲ أﻣﺮﯾﻜ‪ww‬ﺎ وﻓ‪ww‬ﻲ اﻧﻜﻠﺘ‪ww‬ﺮا ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﻤﺠ‪ww‬ﺎﻟﺲ اﻟﺒﻠﺪﯾ‪ww‬ﺔ وﻓ‪ww‬ﻲ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ و ﻓﻲ ﺑ ﻌﺾ ﺟﻤﮭﻮر ﯾﺎت اﻟﻮﻻ ﯾﺎت اﻟﻤﺘ ﺤﺪة ﺗﺠ ﻠﺲ اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﺸﻮرﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻻ ﺗﺨﻠ‪ww‬ﻮ اﻟﯿ‪ww‬ﻮم ﻋﺎﺻ‪ww‬ﻤﺔ ﻣ‪ww‬ﻦ ﻋﻮاﺻ‪ww‬ﻢ أوروﺑ‪ww‬ﺎ وأﻣﺮﯾﻜ‪ww‬ﺎ ﻣ‪ww‬ﻦ ﺟﻤﻌﯿ‪ww‬ﺔ ﻟﻠﻨﺴ‪ww‬ﺎء ھﻤﮭ‪ww‬ﺎ‬
‫اﻟﻤﻄﺎﻟﺒ‪ww‬ﺔ ﺑﺤﻘ‪ww‬ﻮق اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة واﻟﺴ‪ww‬ﻌﻲ ﻓ‪ww‬ﻲ ﺳ‪ww‬ﺒﯿﻞ اﻛﺘﺴ‪ww‬ﺎﺑﮭﺎ‪ .‬وﻛ‪ww‬ﻞ ﺳ‪ww‬ﻨﺔ ﺗﻤ‪ww‬ﺮ ﺗﺘ‪ww‬ﺮك ﻓ‪ww‬ﻲ ﺗ‪ww‬ﺎرﯾﺦ‬
‫أﻋﻤﺎﻟﮭﻦ أﺛﺮاً ﺷﺮﯾﻔﺎ ً وﺗﻨﺘﮭﻲ ﺑﻔﻮز ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﺸ‪ww‬ﻚ أﺣ‪ww‬ﺪ ﻣ‪ww‬ﻦ اﻟ‪ww‬ﻮاﻗﻔﯿﻦ ﻋﻠ‪ww‬ﻰ ھ‪ww‬ﺬه اﻟﺤﺮﻛ‪ww‬ﺔ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ أظﮭ‪ww‬ﺮ ﻓﯿﮭ‪ww‬ﺎ ھ‪ww‬ﺬا اﻟﺼ‪ww‬ﻨﻒ‬
‫اﻟﻀﻌﯿﻒ ﻗﻮة ﻋﺠﯿﺒﺔ أن اﻟﻤﺮأة ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺼﻞ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ اﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﺒﻠﻎ ﻓ ﯿﮫ ﻣﻨﺘ ﮭﻰ‬
‫ﻣﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﺎواﺗﮭﺎ ﻟﻠﺮ ﺟﺎل ﻓﻲ ﺟﻤ ﯿﻊ اﻟﺤ ﻘﻮق‪ ،‬وﻻ ﯾﻌ ﻠﻢ ﻣﺎذا ﯾ ﻜﻮن ﺑ ﻌﺪ ذ ﻟﻚ إﻻ ﷲ‪،‬‬
‫وھﻞ ﺗﻘﻒ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ أو ﯾﺴﺒﻘﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﻣﯿﺪان اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺘﺮﻗﻲ‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﺪﯾﮭﻲ أن ھﺬه اﻟ ﻘﻮى اﻟ ﺘﻲ ﺗ ﺼﺮﻓﮭﺎ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺘ ﺠﺎرة واﻟ ﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﻔ ﻨﻮن‬
‫واﻟﻌﻠﻮم إن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺗﮭﺎ ﻻ ﯾﻈﮭﺮ أﺛﺮھﺎ ﻟﻠﻨﺎظﺮ ﻓﻲ أﺣﻮال اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﻟﺠﻤﯿﻌﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎ ً واﺣﺪاً ﯾﻈﮭﺮ أﺛﺮه ﻓﻲ أﺣﻮاﻟﮭﺎ ﺗﻤﺎم اﻟﻈﮭﻮر‪ ،‬وھﻲ رأس ﻣﺎل ﻋﻈﯿﻢ ﻧ ﺤﻦ‬
‫ﻣﻘﺼﺮون ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ واﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪي أن ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﺆﺳﻒ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺮﻣﺎن ﺑﻼدﻧﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺨﯿﺮﯾﺔ ﻷن‬
‫اﻟﻤﯿﻞ إﻟﻰ اﻟﺨ ﯿﺮ ﻣﻦ ﻏﺮا ﺋﺰ اﻟ ﻤﺮأة اﻟﻔﻄﺮ ﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻘﻮد ھﺎ إﻟ ﯿﮫ ر ﻗﺔ اﻹﺣ ﺴﺎس وﺣ ﻨﻮ اﻟﻘ ﻠﺐ‪،‬‬
‫وﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟ ﺼﺒﺮ ﻋ ﻠﻰ ﺧﺪ ﻣﺔ اﻟﻔ ﻘﺮاء واﻟﻤﺮ ﺿﻰ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺘﺤﻤ ﻠﮫ أﻋ ﻈﻢ اﻟﺮ ﺟﺎل ﺟ ﻠﺪا‪ ،‬وﻟ ﮭﺎ‬
‫اﻋﺘﻨﺎء ﺟﻤﯿﻞ واﻧﺪﻓﺎع ﻗﻠﺒﻲ‪ ،‬وھﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﺗﻮ ﺟﺪ ﻋ ﻨﺪ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻐﺎ ﻟﺐ‪ .‬ﻏ ﯿﺮ أن اﻟ ﻤﺮأة‬
‫اﻟﺠﺎھﻠﺔ ﻻ ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻣﺮ ﺷﺪاً ﯾ ﮭﺪﯾﮭﺎ إ ﻟﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺨ ﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺘ ﺼﺮف ﻣﺎ أود ﻋﮫ ﻗﻠﺒ ﮭﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻛﻨﻮز اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻲ أﺻﻐﺮ اﻷﻣﻮر وأﺣﻘﺮھﺎ‪.‬‬
‫ھﺬا ھﻮ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﻤﺪﻧﺔ‪ ،‬وﻗﺪ وﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺒﺪأ اﻹ ﺳﻼم ﻋﺪد ﻏ ﯿﺮ ﻗﻠ ﯿﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎن ﻟﮭﻦ أﺛﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻌﺎ ﻣﺔ‪ .‬ﻓﺠﻤ ﯿﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﻌﻠ ﻤﻮن أن طﺎﺋ ﻔﺔ‬
‫ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎد ﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮ ﯾﺔ ﻋ ﻠﻰ ا ﺧﺘﻼف ﻣﻮا ﺿﯿﻌﮭﺎ ﻗﺪ رو ﯾﺖ ﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ وأم ﺳﻠﻤﺔ‬
‫وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ أﻣﮭﺎت اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ وﻧﺴﺎء اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وأن ﻋﺪدا ﻏ ﯿﺮ ﻗﻠ ﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ا ﺷﺘﮭﺮن‬
‫ﺑﺨﺪﻣﺔ اﻟﻌﻠﻢ وﺟﻮدة اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬وأن ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺗﺪاﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ وﻛﺎﻧﺖ رﺋﯿ ﺴﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﺰب اﻟﻤﻌﺎرض ﻷﺣﺪ اﻟﺨﻠﻔﺎء‪ .‬واﻧﻲ أورد ھﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺧﻄ ﺒﺖ ﺑﮫ ﻋ ﻠﻰ اﻟ ﻨﺎس ﺗﺤﻤﻠ ﮭﻢ‬

‫‪9‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻀﻤﺎم إ ﻟﻰ اﻟﻄﺎﺋ ﻔﺔ اﻟ ﺘﻲ ﻛﺎ ﻧﺖ ﻗﺪ اﻧ ﺤﺎزت إﻟﯿ ﮭﺎ‪ ،‬و ھﻰ اﻟﺨﻄ ﺒﺔ اﻟ ﺘﻲ أﻟﻘﺘ ﮭﺎ ﻋ ﻨﺪ‬
‫دﺧﻮﻟﮭﺎ اﻟﺒﺼﺮه‪:‬‬
‫"إن اﻟﻐﻮﻏﺎء ﻣﻦ أ ھﻞ اﻷﻣ ﺼﺎر و ﻧﺰاع اﻟﻘﺒﺎ ﺋﻞ ﻏﺰوا ﺣﺮم ر ﺳﻮل ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ‪ ،‬وأ ﺣﺪﺛﻮا ﻓ ﯿﮫ اﻷ ﺣﺪاث‪ ،‬وآووا ﻓ ﯿﮫ اﻟﻤ ﺤﺪﺛﯿﻦ‪ ،‬وا ﺳﺘﻮﺟﺒﻮا ﻓ ﯿﮫ ﻟﻌ ﻨﺔ ﷲ وﻟﻌ ﻨﺔ‬
‫رﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﻮا ﻣﻦ ﻗ ﺘﻞ إ ﻣﺎم اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ )ﻋﺜ ﻤﺎن( ﺑﻼ ﺗﺮ ٍة وﻻ ﻋﺬر‪ ،‬ﻓﺎ ﺳﺘﺤﻠﻮا ا ﻟﺪم‬
‫اﻟﺤ‪ww‬ﺮام ﻓﺴ‪ww‬ﻔﻜﻮه‪ ،‬واﻧﺘﮭﺒ‪ww‬ﻮا اﻟﻤ‪ww‬ﺎل اﻟﺤ‪ww‬ﺮام‪ ،‬وأﺣﻠ‪ww‬ﻮا اﻟﺒﻠ‪ww‬ﺪ اﻟﺤ‪ww‬ﺮام واﻟﺸ‪ww‬ﮭﺮ اﻟﺤ‪ww‬ﺮام‪ ،‬وﻣﺰﻗ‪ww‬ﻮا‬
‫اﻷﻋﺮاض واﻟﺠﻠﻮد‪ ،‬وأ ﻗﺎﻣﻮا ﻓﻲ دار ﻗﻮم ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺎرھﯿﻦ ﻟﻤ ﻘﺎﻣﮭﻢ ﺿﺎرﯾﻦ ﻣ ﻀﺮﯾﻦ ﻏ ﯿﺮ‬
‫ﻧﺎﻓﻌﯿﻦ وﻻ ﻣﺘﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﺪرون ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻨﺎع وﻻ ﯾﺄﻣﻨﻮن‪ ،‬ﻓﺨﺮ ﺟﺖ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أﻋﻠﻤ ﮭﻢ ﻣﺎ‬
‫أﺗﻰ ھﺆﻻء اﻟﻘﻮم وﻣﺎ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺎس وراءﻧﺎ وﻣﺎ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﮭﻢ أن ﯾﺄﺗﻮا ﻓﻲ إ ﺻﻼح ھﺬا‪ .‬و ﻗﺮأت‪:‬‬
‫ُوف أَو إِﺻْ ‪w‬ﻼَح ﺑَ‪ْ w‬ﯿﻦَ اﻟﻨﱠ‪w‬ﺎِس(‬
‫ﺼ‪َ w‬ﺪﻗَ ٍﺔ أَوْ َﻣ ْﻌ‪w‬ﺮ ٍ‬
‫‪w‬ﺮ ِﻣ‪wْ w‬ﻦ ﻧَﺠْ ‪َ w‬ﻮاھُ ْﻢ إِﻻﱠ ﻣ‪wْ w‬ﻦ أَ َﻣ‪َ w‬ﺮ ﺑِ َ‬
‫)ﻻ َﺧ ْﯿ‪َ w‬ﺮ ﻓِ‪ww‬ﻲ َﻛﺜِﯿ‪ٍ w‬‬
‫ﻧ‪ww‬ﻨﮭﺾ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻹﺻ‪ww‬ﻼح ﻣﻤ‪ww‬ﻦ أﻣ‪ww‬ﺮ ﷲ ﻋ‪ww‬ﺰ وﺟ‪ww‬ﻞ وأﻣ‪ww‬ﺮ رﺳ‪ww‬ﻮل ﷲ ﺻ‪ww‬ﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿ‪ww‬ﮫ وﺳ‪ww‬ﻠﻢ‬
‫اﻟﺼ‪ww‬ﻐﯿﺮ واﻟﻜﺒﯿ‪ww‬ﺮ واﻟ‪ww‬ﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜ‪ww‬ﻰ‪ .‬ﻓﮭ‪ww‬ﺬا ﺷ‪ww‬ﺄﻧﻨﺎ إﻟ‪ww‬ﻰ ﻣﻌ‪ww‬ﺮوف ﻧ‪ww‬ﺄﻣﺮﻛﻢ ﺑ‪ww‬ﮫ وﻧﺤﻀ‪ww‬ﻜﻢ ﻋﻠﯿ‪ww‬ﮫ‪،‬‬
‫وﻣﻨﻜﺮ ﻧﻨﮭﺎﻛﻢ ﻋﻨﮫ وﻧﺤﺜﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮه" ‪. 1‬‬
‫وﯾﺮوى ﻋﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ أﻧ ﮭﺎ ﻗﺎ ﻟﺖ‪" :‬و ﻏﺰوت ﻣﻊ ر ﺳﻮل ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠ ﯿﮫ و ﺳﻠﻢ‬
‫ﺳﺒﻊ ﻏﺰوات‪ ،‬وﻛ ﻨﺖ أﺧﻠﻔ ﮭﻢ ﻓﻲ ر ﺣﺎﻟﮭﻢ‪ ،‬وأ ﺻﻨﻊ ﻟ ﮭﻢ اﻟﻄ ﻌﺎم وأداوي اﻟﺠﺮ ﺣﻰ‪ ،‬وأ ﻗﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺿﻰ"‪.‬‬
‫واﻟﺬي ﯾﻘﺮأ ھﺬه اﻷﺳﻄﺮ ﯾﺘﺨﯿﻞ ﻟﮫ أﻧﮫ ﯾﺮى ا ﻣﺮأة ﻏﺮﺑ ﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺮ ﺿﺎت اﻟﻼ ﺗﻲ‬
‫وھﺒﻦ ﺣﯿﺎﺗﮭﻦ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻨﺎظﺮ ﻓﻲ اﻻﺣﻮال اﻟ ﺘﻲ ﻓ ﻀﻠﺖ ﻓﯿ ﮭﺎ ﺷﺮﯾﻌﺘﻨﺎ اﻟﺮ ﺟﻞ ﻋﻦ اﻟ ﻤﺮأة ﻣ ﺜﻞ اﻟﺨﻼ ﻓﺔ‬
‫واﻹﻣﺎﻣ‪ww‬ﺔ واﻟﺸ‪ww‬ﮭﺎدة ﻓ‪ww‬ﻲ ﺑﻌ‪ww‬ﺾ اﻷﺣ‪ww‬ﻮال ﻻ ﯾﺠ‪ww‬ﺪ واﺣ‪ww‬ﺪة ﻣﻨﮭ‪ww‬ﺎ ﺗﺘﻌﻠ‪ww‬ﻖ ﺑﻌﯿﺸ‪ww‬ﺘﮭﺎ اﻟﺨﺼﻮﺻ‪ww‬ﯿﺔ‬
‫وﺣﺮﯾﺘﮭ‪ww‬ﺎ‪ .‬وإن اﻟﺸ‪ww‬ﺎرع ﻟ‪ww‬ﻢ ﯾ‪ww‬ﺮاع ﻓ‪ww‬ﻲ ھ‪ww‬ﺬه اﻟﻤﺴ‪ww‬ﺎﺋﻠﺔ اﻟﻘﻠﯿﻠ‪ww‬ﺔ إﻟ‪ww‬ﻰ ﻋ‪ww‬ﺪم اﻟﺨ‪ww‬ﺮوج ﺑ‪ww‬ﺎﻟﻤﺮأة ﻋ‪ww‬ﻦ‬
‫وظﯿﻔﺘﮭ‪ww‬ﺎ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠ‪ww‬ﺔ وﺣﺼ‪ww‬ﺮ اﻟﻮظ‪ww‬ﺎﺋﻒ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿ‪ww‬ﺔ ﻓ‪ww‬ﻲ اﻟﺮﺟ‪ww‬ﺎل‪ .‬وھ‪ww‬ﻮ ﺗﻘﺴ‪ww‬ﯿﻢ طﺒﯿﻌ‪ww‬ﻲ ﺟ‪ww‬ﺮى‬
‫ﻋﻠ‪ww‬ﻰ ﻣﻘﺘﻀ‪ww‬ﺎه إﻟ‪ww‬ﻰ اﻵن اﻟﺘﻤ‪ww‬ﺪن ﻓ‪ww‬ﻲ أوروﺑ‪ww‬ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟ‪ww‬ﺪ ﻓﯿ‪ww‬ﮫ ﺷ‪ww‬ﻲء ﯾﻤﻨ‪ww‬ﻊ ﻣ‪ww‬ﻦ ﺗﺮﻗﯿ‪ww‬ﺔ اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة‬
‫واﻟﻮﺻﻮل ﺑﮭﺎ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺗﺴﺘﺤﻘﮭﺎ‪ .‬وﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺎﻗﻞ ﯾﺪرك اﻟ ﻐﺮض اﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﻣﻦ ﺗ ﻠﻚ‬
‫اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻮﻟﺘﮭﺎ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ إﻟﻰ اﻟ ﻤﺮأة ﻓﻲ ﺟﻤ ﯿﻊ اﻷﻋ ﻤﺎل اﻟﻤﺪﻧ ﯿﺔ ‪-‬‬
‫وﻣﻨﮭﺎ أھﻠﯿﺘﮭﺎ ﻷن ﺗﻜﻮن وﺻﯿﺔ ﻋﻠﻰ رﺟﻞ ‪ -‬ﯾﺴﺘﺤﺴﻦ ﻣﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔ ﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﻮا ﺋﺪﻧﺎ اﻟ ﺘﻲ ﺗﺆدى‬
‫إﻟﻰ ﺣﺮﻣﺎن اﻟﻤﺮأة ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎل ھﺬه اﻟﺤﻘﻮق‪.‬‬
‫واﻟﻘ‪ww‬ﺎرئ اﻟ‪ww‬ﺬي ﺗﺘﺒ‪ww‬ﻊ ﺳﻠﺴ‪ww‬ﻠﺔ اﻟﻘﻮاﻋ‪ww‬ﺪ اﻟﻜﻠﯿ‪ww‬ﺔ اﻟﺘ‪ww‬ﻲ ﺳ‪ww‬ﺮدﺗﮭﺎ ﺑﻐﺎﯾ‪ww‬ﺔ اﻹﯾﺠ‪ww‬ﺎز ﻻ ﺑ‪ww‬ﺪ أن‬
‫ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻻﺣﻆ أﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺒﺎرة واﺣﺪة ھﻲ‪ :‬أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻟﺤﺴﻦ ﺣﺎل اﻷ ﻣﺔ ﻣﻦ أن‬
‫ﺗﺤﺴ‪ww‬ﻦ ﺣ‪ww‬ﺎل اﻟﻤ‪ww‬ﺮأة‪ .‬ﻓ‪ww‬ﺈذا أرﺳ‪ww‬ﻞ اﻟﻨ‪ww‬ﺎظﺮ ﻓﻜ‪ww‬ﺮه ﻟﯿﺤ‪ww‬ﯿﻂ ﺑ‪ww‬ﺄطﺮاف ھ‪ww‬ﺬا اﻟﻤﻮﺿ‪ww‬ﻮع اﻟﻮاﺳ‪ww‬ﻊ‬
‫وﺑﺠﻤ ﯿﻊ ﻣﺎ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﺎﺋﻞ اﻧﺠ ﻠﺖ ﻟﮫ اﻟﺤﻘﯿ ﻘﺔ وﺗﺠ ﻠﺖ ﻟﮫ ﺑﺠﻤ ﯿﻊ أ ﺳﺮارھﺎ ﻓ ﯿﺮى‬

‫‪ 1‬ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻄﱪﻱ‪ ،‬ﺟﺰﺀ ﺳﺎﺩﺱ‪ ،‬ﺻﻔﺤﺔ ‪.3116‬‬

‫‪10‬‬
‫ﺻﻮرة ﻻ ﺗﺸﺎﺑﮫ اﻟﺨﯿﺎل اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻈﻨﮫ ﺟﺴﻤﺎ ً‪ .‬ﯾﺮى اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﯾﮭﯿﺌﮭﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺗﺘﻸﻷ ﻓﻲ‬
‫أﻧﻮار ﺟﻤﺎﻟﮭﺎ ظﺎھﺮة ﻣﻈﮭﺮھﺎ اﻟﻔﻄﺮي وﻻﺑﺴﺔ ﺣﻠﺔ ﻛﻤﺎﻟﮭﺎ اﻟﺜﻨﺎﺋﻲ‪ :‬اﻟﺠﺴﻢ واﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬
‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ﻣﺎ ﻧﺮﯾﺪ إدﺧﺎﻟﮫ ﻣﻦ اﻹﺻﻼح ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء ﯾﻨﻘ ﺴﻢ إ ﻟﻰ‬
‫ﻗﺴ‪ww‬ﻤﯿﻦ‪ :‬اﻷول ﯾﺨ‪ww‬ﺘﺺ ﺑﺎﻟﻌ‪ww‬ﺎدات وط‪ww‬ﺮق اﻟﻤﻌﺎﻣﻠ‪ww‬ﺔ واﻟﺘﺮﺑﯿ‪ww‬ﺔ‪ ،‬واﻟﺜ‪ww‬ﺎﻧﻲ ﯾﺘﻌﻠ‪ww‬ﻖ ﺑ‪ww‬ﺪﻋﻮة أھ‪ww‬ﻞ‬
‫اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹ ﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟ ﻌﺎرﻓﯿﻦ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣ ﮭﺎ إ ﻟﻰ ﻣﺮا ﻋﺎة ﺣﺎ ﺟﺎت اﻷ ﻣﺔ اﻹ ﺳﻼﻣﯿﺔ‬
‫وﺿﺮورﺗﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء وأﻻ ﯾﻘﻔﻮا ﻋﻨﺪ ﺗﻄﺒ ﯿﻖ اﻷﺣ ﻜﺎم ﻋ ﻨﺪ ﻗﻮل إ ﻣﺎم وا ﺣﺪ إﻧ ﻤﺎ‬
‫ﻛﺎن اﺟﺘﮭﺎده ﻣﻮاﻓﻘﺎ ً ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻋﺼﺮه‪ ،‬وأن ﯾﺪﻗﻘﻮا اﻟﺒﺤﺚ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮ ﻣﻦ اﻻﺣﻮال واﻟﺸﺆون‪،‬‬
‫ﻓﺈن وﺟﺪوا ﻓﻲ ﻗﻮل إﻣﺎم ﻣﺎ ﺗﺘﻌﺴﺮ ﻣ ﻌﮫ اﻟﻤﺤﺎﻓ ﻈﺔ ﻋ ﻠﻰ ﻛﺮا ﻣﺔ اﻟ ﺸﺮع أ ﻗﺎﻣﻮا ﻣﻘﺎ ﻣﮫ ﻗﻮل‬
‫إ ﻣﺎم آ ﺧﺮ ﯾ ﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺬھ ﺒﮫ ﻣﺎ ﯾ ﺴﺪ اﻟﺤﺎ ﺟﺔ ﺑﺪون ﺧﺮوج ﻋﻦ أ ﺻﻮل اﻟ ﺸﺮﯾﻌﺔ اﻟﻌﺎ ﻣﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺬﯾﻦ اﻟﻨﻮﻋﯿﻦ ﻣﻦ اﻹﺻﻼح ھﻮ ﻛﻐﯿﺮه ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻨﺎﻓ ﻌﺔ إﻧ ﻤﺎ‬
‫ﯾﺘﻢ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﺰﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫‪11‬‬