You are on page 1of 59

‫كتاب الرد على‬

‫أبي حنيفة‬
‫وبيان ما روي عنه باألسانيد الصحاح‬
‫من أخبار مخيفة‬

‫أبو عبيد اجلزائري‬


‫[ بسم اهلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه ومن وااله أما بعد ]‬

‫قصة هذا املوضوع من التناقضات العجيبة اليت حدثت بني السلف واخللف ‪ ،‬ينبغي أن‬
‫تُسطر يف األعاجيب ‪ ،‬فبينما هو عند السلف قد اجتمع فيه الشر كله ‪( :‬من التجهم‬
‫واإلرجاء واخلروج والرأي ورد احلديث واألقوال الشنيعة ) يف احلني نفسه هو عند اخللف‬
‫يسمونه اإلمام األعظم !! والفقيه الكبري ‪ ،‬والزاهد العابد ‪ ،‬الذي يُعترب من مفاخر هذه‬
‫األمة !! واألعجب من هذا أهنم يدعون إمجاع األمة على إمامة أيب حنيفة !!!!!‬
‫وهذه من املعضالت اليت مل أجد هلا امسا يليق هبا !!‬
‫وال ينقضي عجيب حينما أجد أن أكثر املعاصرين ممن فنت هبذا الرجل يدعون احلنبلية !!‬
‫وها هو إمام الحنابلة أحمد بن حنبل رحمه اهلل يقول ‪ :‬إذا رأيت الرجل جيتنب أبا‬
‫حنيفة ‪ ،‬والنظر فيه ‪ ،‬وال يطمئن إليه ‪ ،‬وال إىل من يذهب مذهبه ممن يغلو ‪ ،‬وال يتخذه‬
‫إماما فأرجو خريه ‪ [ .‬طبقات احلنابلة (‪] )179/2‬‬
‫ً‬
‫ويقول اإلمام أحمد أيضا كما في عقيدته وقد ذكر الذين ال يتقلدون اآلثار ‪ ... :‬زعم‬
‫وبشرا املريسي ‪ ،‬وأصحابه ‪ ،‬فأي عدو لدين‬
‫أنه ال يرى التقليد وقد قلد دينه أبا حنيفة ً‬
‫الله أعدى ممن يريد أن يطفئ السنن ‪ ،‬ويبطل اآلثار والروايات ‪ ،‬ويزعم أنه ال يرى‬
‫التقليد وقد قلد دينه من قد سميت لك ‪ ،‬وهم أئمة الضالل ‪ ،‬ورءوس البدع ‪ ،‬وقادة‬
‫املخالفني فعلى قائل هذا القول غضب الله ) اهـ ـ ‪ [ .‬أنظر السنة حلرب الكرماين ]‬
‫ولكن ال داعي للعجب اليوم ‪ ،‬فقد قال اإلمام أمحد ملن رآه يتعجب من األمور املعوجة‬
‫( اليوم إذا رأيتم شيئا مستقيما فتعجبوا !! ) ويل يف هذا املعىن أبيات قلت فيها ‪:‬‬

‫ـ‪1‬ـ‬
‫ضحكت ولكن ليس ذاك يغ َّر بي‬ ‫رأيـت أع ـ ــاج ـ ــيب الـ ــزمان فـ ـ ـربَّما‬
‫ولكن من الــعود استـق ــام تـعـ ـجـبي‬
‫ْ‬ ‫ب‬‫ولست من العود انْحنى متعج ٌ‬
‫وما دعاني لكتابة هذا الكتاب الخطير ‪ ،‬عدة أمور ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تقربا إىل اهلل ببغض أهل الزيغ والضالل ‪ ،‬أيب حنيفة وأصحابة وعاذريهم ‪.‬‬
‫الرجل على‬
‫ال ‪ :‬قـلْت ِل ْحمد بْن ح ْنبل يـ ْؤجر َّ‬
‫صور ال َكو َس ِج قَ َ‬ ‫َعن إِس َح َ‬
‫اق ب ِن َمن ُ‬
‫صحابه ؟ قال ‪ :‬إي واللَّه ‪.‬‬
‫بـغْض أبي حنيفة وأ ْ‬
‫[مسائل الكوسج (‪ )3441‬وعنه عبد اهلل يف السنة (‪ )228‬وابن أيب يعلى يف املسائل اليت حلف‬
‫عليها أمحد (‪ )25‬وابن حامد يف هتذيب األجوبة (‪ )205‬وابن القيم يف اإلعالم (‪] )166/4‬‬
‫ومثله ما رواه محمد بن إبراهيم البوشنجي ‪ :‬مسعت أمحد يقول ‪ :‬تقربوا إلى اللَّه‬
‫ببغض أهل اإلرجاء ‪ ،‬فإنه من أوثق اِلعمال إلينا ‪ [ .‬طبقات احلنابلة (‪] )226/2‬‬
‫ثانيا ‪ :‬هذا الكتاب هو أيضا اقتداء بسلفنا أهل احلديث ممن صنف يف الرد على أيب‬
‫حنيفة كتابا مستقال خاصا ‪ ،‬فقد كنت دائما أمتىن أن يوجد الكتاب املفقود الذي ألفه‬
‫اإلمام احلميدي رمحه اهلل ‪ ،‬والذي مساه ( كتاب الرد على أيب حنيفة ) وقد كان يقرأه يف‬
‫فقلت يف‬
‫شديدا ‪ُ ،‬‬
‫املسجد النبوي ‪ ،‬وكان الكتاب حسب ما ذكر يف الرتاجم كتابا ً‬
‫نفسي ‪ :‬لعلي أعيد إحياءه بنسخة مقاربة للموضوع والفكرة ‪.‬‬
‫ت‬‫ول َرأَي ُ‬‫صور اْل َوار يَـ ُق ُ‬ ‫وقد روى ابن حبان في المجروحين (‪ )70/3‬عن ُُمَمد بن َمن ُ‬
‫ض‬‫ال ‪ :‬بَـع ُ‬ ‫اب الرد َعلَى أَِيب َحنِي َفةَ) ِيف ال َمس ِج ِد احلََرِام فَ َكا َن يَـ ُق ُ‬
‫ول قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلُ َميدي يَـقَرأُ (كتَ َ‬
‫ال ‪ :‬أَكَرهُ أَن أَذ ُكَرهُ ِيف ال َمس ِج ِد احلََرِام ) اه ـ ـ‬ ‫ت لَهُ فيكف َال تُ َسم ِيه قَ َ‬ ‫الن ِ‬
‫اس َك َذا ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫وأيضا كتب نعيم بن حماد كتابا بنفس اإلسم ‪ ،‬ذكره ابن عدي يف الكامل (‪)252/8‬‬
‫ـ‪2‬ـ‬
‫ولألسف فُِق َد الكتاب أيضا ‪ ،‬وكان نعيم شديدا يف السنة ‪.‬‬
‫وللشافعي في كتبه ردود كثرية على أيب حنيفة وصاحبيه وأهل الرأي عموما ‪ ،‬ونقض‬
‫مذاهبهم بكتب خاصة ككتابه إبطال اإلستحسان وغريها ‪.‬‬
‫ِ‬
‫بن َمحاد ُكتُباً ِيف الرد َعلَى أَِيب َحنيـ َفةَ ‪َ ،‬ونَاقَ َ‬
‫ض‬ ‫صعب ‪َ :‬و َ‬
‫ض َع نـُ َعي ُم ُ‬ ‫قال العبَّاس بن م ْ‬
‫بن احلَ َس ِن ‪ [ .‬تاريخ بغداد (‪ )307/13‬والسري (‪] )597 /10‬‬
‫ُُمَم َد َ‬
‫السير وما ر َّد على أبي حنيفة ‪ ،‬ذكره عيسى بن يونس‬
‫وألف قبلهم اِلوزاعي كتاب ِّ‬
‫كما يف السنة لعبد اهلل بن أمحد (‪. )249‬‬
‫ومنهم القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي له كتاب يف الرد على أيب حنيفة ذكر‬
‫ذلك عياض يف ترتيب املدارك (‪. )291/4‬‬
‫وصنف إسماعيل الشالنجي كتابا يف الرد على أيب حنيفة وأصحابه ومساه ( البيان )‬
‫وكتبه بعدما تاب من مذهبهم ورجع ملذهب أهل احلديث واألثر ‪ ،‬وصار من أصحاب‬
‫أمحد مع أن أمحد أصغر منه ‪ ،‬وقد جاء جمموع الفتاوى (‪َ : )511/21‬وقَد نَص َعلَي ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫وب اْلوزجاين‬ ‫يل ب ِن َسعيد الشالنجي ال ِيت َشَر َح َها إبـَراه ُ‬
‫يم ب ُن يَـع ُق َ‬ ‫أَمحَد يف رَوايَة إمسَاع َ‬
‫َوِه َي ِمن أَج ِل ال َم َسائِ ِل ) اهـ ـ ‪.‬‬
‫ومنهم أبو نجيب سداد بن ابراهيم بن محمد الجزري له قصيدة طويلة يف الرد على‬
‫أيب حنيفة ذكرها ابن النجار كما يف كتاب بغية الطلب (‪)4196/9‬‬
‫ومنهم أبو بكر بن أبي شيبة رمحه اهلل (ت ‪ 325‬هـ) فقد خصص يف كتابه العظيم‬
‫املصنف (‪ )282 - 148 / 13‬بابا كبريا مساه ‪ ( :‬كتاب الرد على أيب حنيفة ) ‪.‬‬
‫ومنهم صاحب لعبد الرحمن بن مهدي مل يُذكر امسه لكنه ارتكب خطأ ملا رد عليه‬
‫ـ‪3‬ـ‬
‫بالكالم ‪ ،‬فقال له ابن مهدي رمحه اهلل كما يف احللية (‪ : )9 /9‬إمنا يرد عليه بآثار‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وآثار الصاحلني ‪ ،‬فأما ما قلت فرد للباطل بالباطل )‬
‫(قلت) فهؤالء من خصه مبؤلف للرد عليه ‪ ،‬أما من رده عليه وطعن فيه من أهل احلديث‬
‫والسنة ضمن كتبهم فهم باملئات ‪ ،‬ال يسعين ذكرهم كلهم هنا ‪ ،‬فإنه ال يكاد خيلو‬
‫كتاب من كتب السلف إال وفيه طعن يف أيب حنيفة قل أو كثر ‪.‬‬
‫وقد تسبَّبت مثل هذه الكتب والردود الشديدة يف زماهنم خريا كثريا وذلك برجوع كثري‬
‫من أهل احلديث عن مذهب أهل الرأي والضالل ‪ ،‬فرتكوهم وتربأوا من أيب حنيفة‬
‫وأصحابه ‪ ،‬وضللوهم ورموهم بالعظائم ‪ ،‬وتبعوا األثر ‪.‬‬
‫قال أبو زرعة كما في ضعفاءه (‪ : )755/2‬كان أهل الري قد افتتنوا بأيب حنيفة وكنا‬
‫أحداث جنري معهم ‪ ،‬ولقد سألت أبا نعيم عن هذا ‪ ،‬وأنا أرى أين يف عمل ‪ ،‬ولقد‬
‫كان احلميدي يقرأ كتاب ( الرد ) ويذكر أبا حنيفة ‪ ،‬وأنا أهم بالوثوب عليه ‪ ،‬حىت من‬
‫اهلل علينا ‪ ،‬وعرفنا ضاللة القوم ) اهـ ـ ‪.‬‬
‫فتأمل قول أيب رزعة ( وكنا أحداثا نجري ) فهذا يشبه حال الكثريين ممن إذا أرادوا‬
‫تنفريهم من كالم أهل األثر قالوا هلم ( هؤالء يطعنون يف أيب حنيفة !! )‬
‫وهلذا أرجو لكتايب هذا أن يفعل فعل كتاب احلميدي ولو قليال لعل اهلل يكتب لنا أجر‬
‫هداية أحدهم للسنة ‪ ،‬ويعرف ضاللة القوم ‪.‬‬
‫ث‬‫اسم بن ُُمم ِد ب ِن احلا ِر ِ‬
‫قال المروذي في أخبار الشيوخ [‪ : ]275‬فَـ َق ِدم علَيـنَا ال َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ب َرأي ‪ ،‬فَـلَما‬ ‫ول ‪ُ :‬كنت ِ‬ ‫اق ب َن َر َاه َوي ِه يَـ ُق ُ‬
‫ت إِس َح َ‬ ‫فَسأَلنَاه عنـها فَـ َق َ ِ‬
‫صاح َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ ََُ‬
‫ت ِمنـ َها َما‬ ‫ِ‬ ‫أَردت اخلروج إِ َىل احلج ع ِمدت إِ َىل ُكتُ ِ ِ ِ‬
‫ب َعبد الله ب ِن ال ُمبَ َارك ‪ ،‬فَاستَخَرج ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ ُُ َ‬
‫ـ‪4‬ـ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫يـوافِق رأي أَِيب حنِي َفةَ ِمن األ ِ ِ‬
‫ت ‪ :‬أَسأ َُل‬ ‫ت ََن َو ثَالث مائَة َحديث ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬ ‫َحاديث‪ ،‬فَـبَـلَغ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ‬
‫َحد أَن‬ ‫س َجي َِرت ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عنـها م َشايِخ عب ِد الل ِه ال ِذين هم بِاحلِجا ِز والعِر ِ‬
‫ئأَ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َن‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫ظ‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫أ‬
‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫اق‬‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫ال ِيل ‪:‬‬ ‫ت إِ َىل َعب ِد الرمحَ ِن ب ِن َمه ِد ٍّ‬
‫ي‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ت البَصَرَة‪َ ،‬جلَس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف أَبَا َحني َفةَ ‪ ،‬فَـلَما قَدم ُ‬
‫ِ‬
‫ُخيَال َ‬
‫يد احلُب لَهُ‬ ‫ت ‪ِ :‬من أَه ِل َمرَو ‪ ،‬فَـتَـَرح َم َعلَى اب ِن ال ُمبَ َارِك ‪َ ،‬وَكا َن َش ِد َ‬
‫ت ؟ فَـ ُقل ُ‬ ‫من أَي َن أَن َ‬
‫ِ‬
‫ت ‪ :‬نَـ َعم ‪ ،‬فَأَن َشدتُهُ قَـوَل أَِيب ُمتَيـلَةَ ََي َي ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬هل مع َ ِ ِ ِ‬
‫ك َمرثيَة ُرث َي هبَا َعب ُد الله ؟ قُـل ُ‬ ‫فَـ َق َ َ َ َ‬
‫صا ِري ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َواضح األَن َ‬
‫ان‬‫ـاج ِع احلـ ــدثَ ِ‬‫ان إِذ نـَبـه ِاين بَِق ِط ــيع ِمن فَـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫اعي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طَر َق الن َ‬
‫ان من تَـنعِيا ؟ قَــاال أَبا عـ ــب ِد ربـنَا الـ ــرمح ِ‬
‫ان‬ ‫قُـل ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ت للنَـ ـاعيَ َ َ‬ ‫ُ‬
‫فَأَثَار ال ِذي أَتَ ِاين حـ ــزِين وفُـ ـ َـؤ ُاد الـ ــمص ِ‬
‫اب ذُو أَح ـ ـ َـز ِان‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اضت عيـنَاي وج ًدا و َشجوا بِ ُدموع َُي ِادر اهلط ِ‬
‫الن‬ ‫ُث فَ َ َ َ َ َ ً ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ال‪ :‬فَما ز َال ابن مه ِد ٍّ ِ‬ ‫صَ ِ ِ‬ ‫وذَ َكر ال َق ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ي يَـبكي َوأَنَا أُنش ُدهُ َحىت إِ َذا َما قُـل ُ‬ ‫يد َة إ َىل آخ ِرَها قَ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ص ًريا ‪....‬‬ ‫ان ُكنت ب ِ‬ ‫وبِرأ ِي النـعم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ت ‪ :‬إِن بَـع َد َه َذا أَبـيَاتًا ِح َسانًا فَـ َق َ‬ ‫يد َة ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫صَ‬ ‫ال ِيل ‪ :‬اس ُكت ‪ ،‬فَـ َقد أَفسدت ال َق ِ‬
‫َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ض العَِر ِاق‬ ‫َدع َها ‪ ،‬أَتَذ ُكُر ِرَوايَةَ َعب ِد الل ِه َعن أَِيب َحنِي َفةَ ِيف َمنَاقِبِ ِه ؟! َما نَـع ِر ُ‬
‫ف لَهُ َزلةً بِأَر ِ‬
‫ك ِمبُعظَ ِم َم ِايل ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أَفـتَدي َذل َ‬ ‫ت أَنهُ َمل يَـرِو َعنهُ ‪َ ،‬وأَين ُكن ُ‬ ‫إِال ِرَوايَـتَهُ َعن أَِيب َحني َفةَ َولََودد ُ‬
‫ت ‪ :‬يَا أَبَا َسعِيد ‪َ ،‬ما ََت ِم ُل َعلَى أَِيب َحنِي َفةَ ُكل َه َذا ‪ ،‬أَلَما أَنهُ َكا َن يَـتَ َكل ُم بِالرأ ِي ‪،‬‬ ‫فَـ ُقل ُ‬
‫اعي يَـتَ َكل ُمو َن بِالرأ ِي ؟ ! فَـ َق َ‬
‫ال ‪ :‬أَتَـق ِر ُن أَبَا‬ ‫ك بن أَنَس ‪ ،‬وسفيا ُن ‪ ،‬واألَوز ِ‬ ‫ِ‬
‫ََُ َ َ‬ ‫فَـ َقد َكا َن َمال ُ ُ‬
‫الء ! َما أَشبَهَ أَبَا َحنِي َفةَ ِيف أَه ِل العِل ِم إِال بِنَاقَة َشا ِرَدة فَا ِرَدة تَـر َعى ِيف َواد‬ ‫حنِي َفةَ إِ َىل هؤ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫آخَر ‪.‬‬‫َجدب‪َ ،‬وا ِإلبِ ُل ُكل َها تَـر َعى ِيف َواد َ‬
‫ـ‪5‬ـ‬
‫اس ِيف أَم ِر أَِيب َحنِي َفةَ َعلَى ِخالف َما ُكنا َعلَي ِه‬ ‫ِ‬
‫ت بَـع ُد ‪ ،‬فَإذَا الن ُ‬ ‫قال إ ْسحاق ‪ُ :‬ث نَظَر ُ‬
‫اسا َن ) اه ـ ـ‪ [ .‬وهذه قصة صحيحة ثابتة ]‬ ‫ِ‬
‫ِبَُر َ‬
‫ومثل هذا ما رواه أبو نعيم في الحلية (‪َ : )103/9‬حدثـَنَا َعب ُد الرمحَ ِن ‪ ،‬ثـَنَا أَبُو ُُمَم ِد‬
‫ال‬
‫ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫ب إِ َيل ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬أَخبَـرِين أَبُو عُث َما َن اخلُوا ِرزِمي ‪ ،‬نَِ‬ ‫بن أَِيب ح ِ‬
‫يما َكتَ َ‬ ‫يل َمكةَ ف َ‬ ‫ُ‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ات‬ ‫ُ َ‬
‫يسي ‪ ،‬وذَ َكر َمج ِ ِ ِ‬ ‫اق بن راهوي ِه ‪ ،‬وحسني ال َكرابِ ِ‬ ‫أَبو ثـَور ‪ُ :‬كن ُ ِ‬
‫ني‬
‫اعةً م َن العَراقي َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ت أَنَا َوإس َح ُ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ال أَبُو عُث َما َن ‪َ :‬و َحدثـَنَا أَبُو َعب ِد الل ِه التس َِرتي َعن‬ ‫َما تَـَركنَا بِد َعتَـنَا َحىت َرأَيـنَا الشافِعِي ‪ ،‬قَ َ‬
‫ف َمعِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬لَما َوَرَد الشافِعِي العَِر َ‬
‫اق َجاءَِين ُح َسني ال َكَرابِيسي ‪َ -‬وَكا َن َخيتَل ُ‬ ‫أَِيب ثـَور ‪ ،‬قَ َ‬
‫يث يَـتَـ َفقهُ ‪ ،‬فَـ ُقم بِنَا نَس َخُر‬‫اب احل ِد ِ‬ ‫ال ‪ :‬قَد ورَد رجل ِمن أَصح ِ‬ ‫إِ َىل أَصح ِ‬
‫اب الرأ ِي ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ني َعن َمسأَلَة ‪ ،‬فَـلَم يَـَزِل الشافِعِي يَـ ُق ُ‬
‫ول قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِه ‪ ،‬فَ َذ َهبـنَا َحىت َد َخلنَا َعلَيه فَ َسأَلَهُ احلُ َس ُ‬
‫ت فَـتَـَركنَا بِد َعتَـنَا ‪َ ،‬واتـبَـعنَاهُ ) اهـ ـ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول الله َحىت أَظل َم َعلَيـنَا البَـي ُ‬ ‫اللهُ ‪َ ،‬وقَ َ َ ُ‬
‫(قلت) تأمل وقوهلم ( فرتكنا بدعتنا ) أي بدع أهل الرأي الذين كانوا معهم ‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على املتقرر عندهم يف أهل الرأي آنذاك من أهنم من أهل البدع وضاللة ‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم أَخبَـَرنَا البَـياعُ أَخبَـَرنَا‬ ‫يل ب ُن إبـَراه َ‬ ‫وقال الهروي في ذم الكالم (‪َ )401‬حدثَـنَا إمسَاع ُ‬
‫اق َحدثـَنَا ُُمَم ُد ب ُن َعلِ ٍّي‬ ‫ني ب ِن عُث َما َن ال َور ُ‬ ‫ف الدقِ ِيقي َحدثـَنَا َعلِي بن احلُس ِ‬
‫ُ َ‬ ‫وس َ‬‫ُُمَم ُد ب ُن يُ ُ‬
‫ول لَوَال أَن اللهَ َمن َعلَي بِالشافِعِي‬ ‫ت أَبَا ثـَوِر يَـ ُق ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َعم ِري َحدثـَنَا أَبُو بَك ِر ب ِن اْلُنَـيد َمسع ُ‬
‫ب الرأ ِي قَ َ‬ ‫َحد بِغَ ِري َمذ َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ضال قَد َم َعلَيـنَا َوأَنَا أَظُن أَن اللهَ َمل يَـعبُدهُ أ َ‬ ‫يت اللهَ َوأَنَا َ‬
‫لَلَق ُ‬
‫اب الل ِه َم َع‬ ‫اإلبانَِة ِمن كِتَ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫صلى اللهُ َعلَيه َو َسل َم َوأَه َل دينه َموض َع ِ َ‬ ‫ض َع اللهُ نَبِيه َ‬ ‫الشافعي َو َ‬
‫يت‬ ‫اع اللهَ} فَـلَيس لِ ُمفت أَن يـُف ِ‬ ‫َ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ول‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫الر‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ال {من ي ِ‬
‫ط‬ ‫اعتَهُ فَـ َق َ َ ُ‬ ‫ض طَ َ‬‫َما أ ََر َاد اللهُ َوفَـَر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وَال ِحلاكِم أَن ََي ُكم حىت ي ُكو َن عالِما هبِِما وَال ُخيَالُِفهما وَال و ِ‬
‫اح ًدا ِمنـ ُه َما َوإِال فَـ ُه َو‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ ً َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ـ‪6‬ـ‬
‫اد أَن يَطلُبَـ ُه َما ) اهـ ـ ‪.‬‬ ‫عاص وحكمه مردود وإِن َمل َِجيد ُُها منصوص ِ ِ ِ‬
‫ني فَاالجت َه ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُُ َ ُ َ‬
‫وقد روى السهمي في كتابه تاريخ جرجان (‪ )159‬عند ترمجة الشالنجي قال ‪ :‬أَبو‬
‫إسحاق إمساعيل بن سعيد الشالنجي الكسائي اْلُر َج ِاين طربي األصل صنف كتبا كثرية‬
‫منها كِتَاب (البيان) وغريه وكان أَمحَد بن حنبل يكاتبه مسعت أبا أَمحَد َعبد الل ِه بن عدي‬
‫احلافظ يقول مسعت أَمحَد بن العباس العدوي يقول مسعت إمساعيل بن سعيد الكسائي‬
‫يقول كنت أربعني سنة َعلَى الضاللة فهداين الله وأي رجال فاتتين كان أَبُو إسحاق هذا‬
‫ينتحل مذهب الرأي ث هداه الله وكتب احلديث ورأى احلق ِيف اتباع سنة رسول الله‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم ُث رد عليهم ِيف كِتَاب البيان ‪.‬‬
‫َ‬
‫َحدثَـنَا بذاك الكتاب ُُمَمد بن أَمحَ َد الغطريفي َحدثَـنَا أَمحَد بن العباس العدوي َحدثَـنَا‬
‫إمساعيل بن سعيد الكسائي كله من أوله إىل آخره وكان من أصحاب ُُمَمد بن احلَ َسن‬
‫صاحب أَِيب حنيفة كل مسألة َيكي عنه ث يرد عليه [ وهذا إسناد صحيح للشالنجي ]‬
‫ثالثا ‪ :‬من أسباب كتابة هذا الكتاب ‪ ،‬طغيان العاذرية وختاذل بعض املنتسبني للتوحيد‬
‫يف هذا الباب ‪ ،‬وكثرة املرجفني وجداهلم عن هذا الرجل ‪ ،‬وإكثارهم من الشبهات حىت‬
‫دخل الشك يف قلوب الكثري من أهل السنة ‪ ،‬واهلل املستعان ‪ ،‬فكان لزاما بيان احلق كما‬
‫هو عليه ‪ ،‬دون هوادة ‪ ،‬ورواية أشد ما قيل فيه ‪ ،‬حىت يرتدع هؤاء السفلة ‪.‬‬

‫من الذي طعن في أبي حنيفة ؟‬


‫اعلم أن الذي تكلم يف أيب حنيفة هم من أئمة السلف الكبار من أهل السنة والعلم‬
‫والدين والورع والزهد ‪ ،‬وهم أعلم الناس به ‪ ،‬فهم بني من عاصره وجالسه وورآه ومسعه‬
‫وخ َربه ‪ ،‬وهؤالء هم حلمة الشريعة ورواه السنن واألجكام بل هم من نقل إليها ما بني‬
‫َ‬
‫ـ‪7‬ـ‬
‫دفيت املصحف من القرآن ‪ ،‬فإما تقبلوا منهم كل ما جاؤوا به أو تردوا عليهم كل شيء ‪.‬‬
‫أما أبو حنيفة فقد روى يف حياته كلها (‪ )400‬حديث أخطأ يف أكثرها كما قال غري‬
‫واحد من أهل احلديث ‪ ،‬فماذا نقل إلينا إذن غري الرأي والقياس والضالالت !!‬
‫لست حباجة لنقاش يف قضية جممع عليها ومفروغ منها فليس هذا موضوع حبثي‬
‫وهلذا ُ‬
‫فاألمر ُمسوم ومنتهي ‪ ،‬إمنا وقع بعض اخلالف يف احلكم عليه هل هو مبتدع فقط أو‬
‫جهمي كافر ‪ ،‬أما أمر تضليله فأمر ُمسوم عندهم ‪.‬‬
‫قال ابْن الْجارود في كتابه فى الضُّعفاء والْم ْتـروكين ‪ :‬النـع َما ُن ب ُن ثَابِت أَبُو َحنِي َفةَ‬
‫الم ِه ‪ [ .‬املنتقى البن عبد الرب (‪] )149/1‬‬ ‫جل ح ِديثِ ِه وهم ‪ ،‬وقَ ِد اختُلِف ِيف إِس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫وهذا األمر قد صار ُمكيا يف أصول أهل السنة واْلماعة ‪ ،‬فقد نقل الكرماين وهو َيكي‬
‫إمجاع أهل السنة يف كتابه السنة الطعن يف أيب حنيفة ورأيه ‪.‬‬
‫قال ابن حبان في المجروحين (‪َ : )64/3‬ال أعلم بَينهم فِ ِيه خالفًا على أَن أَئِمة‬
‫صار َو َسائِر األقطار جرحوه وأطلقوا َعلَي ِه‬ ‫ِ‬
‫ال ُمسلمني َوأهل ال َورع ِيف الدين ِيف َمجيع األَم َ‬
‫احد بعد الو ِ‬
‫احد ) اهـ ـ ‪.‬‬ ‫القدح إِال الو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني يوما وهو يقول ألصحابه ‪ :‬ما تقولون يف مسألة‬
‫اتفق عليها مالك وأصحابه ‪ ،‬والشافعي وأصحابه ‪ ،‬واألوزاعي وأصحابه ‪ ،‬واحلسن بن‬
‫صاحل وأصحابه ‪ ،‬وسفيان الثوري وأصحابه ‪ ،‬وأمحد بن حنبل وأصحابه ؟ فقالوا له ‪ :‬يا‬
‫أبا بكر ‪ ،‬ال تكون مسألة أصح من هذه ‪ ،‬فقال ‪ :‬هؤالء كلهم اتفقوا على تضليل أيب‬
‫حنيفة ‪ [ .‬سنده صحيح رواه اخلطيب يف تاريخ بغداد (‪] )515/15‬‬
‫مسعت ابن أيب َد ُاود يَـ ُقول الوقيعة ِيف أيب حنيفة‬
‫قال بن عدي في الكامل (‪ُ : )10/7‬‬
‫ـ‪8‬ـ‬
‫إمجاع من العلماء ‪ ،‬ألَن إمام البصرة أيوب السختياين وقد تكلم فيه وإمام الكوفة الثـوري‬
‫وقد تكلم فيه وإمام احلجاز َمالِك وقد تكلم فيه وإمام مصر الليث بن سعد وقد تكلم‬
‫اعي وقد تكلم فيه وإمام خراسان َعبد الله بن املبَارك وقد تكلم فيه‬ ‫فيه وإمام الشام األَوز ِ‬
‫ُ‬
‫فالوقيعة فيه إمجاع من العلماء ِيف مجيع األفاق أو كما قَ َ‬
‫ال ) اه ـ ـ ‪.‬‬
‫(قلت) إذن صار اِلمر سنة عندنا كما قال إسحاق بن راهويه رحمه اهلل ‪ :‬إذا اجتمع‬
‫سفيان الثوري ومالك بن أنس واألوزاعي على أمر فهو سنة وإن مل يكن يف كتاب ناطق‬
‫فإهنم أئمة ) اهـ ـ [ نقله ابن رجب يف شرح العلل (‪. ] )461/1‬‬
‫واستمر اِلمر هكذا حتى بداية القرن الرابع ‪ ،‬ث بدأ التساهل يتسرب يف بعض من‬
‫ينتسب للحديث والسنة ‪ ،‬فكثرت الشبهات والتشكيكات حىت تراجع البعض منهم عن‬
‫تضليله ‪ ،‬ويالحظ أن هذا الصنف ليسوا من احلنابلة املتمسكني مبذهب إمامهم أمحد‬
‫منهم ‪ :‬ابن نصر املروزي والطربي وابن املنذر والاللكائي والتيمي وابن منده وَنوهم ‪...‬‬
‫وهذه الطبقة فقط تذكر أبا حنيفة يف كتبها وننقل عنه أقواله ‪ ،‬ورمبا ترتحم عليه عند سرد‬
‫الفقهيات واملذاهب عنه ‪ ،‬وال جتد منهم دفاعا عنه غالبا ‪ ،‬فقط يعتربون بأقواله وهذا‬
‫تساهل مقيت أيضا ‪ ،‬وخمالفة للسلف صرَية ‪.‬‬
‫ثم جاء القرن الخامس وظهرت طبقة أسوء ‪ ،‬تذكر كالم السلف يف الطعن عليه ث‬
‫َترفه وتتعذر له ‪ ،‬بل وتذم أو تُكذب من طعن فيه فوق ذلك ‪ ،‬منهم ‪:‬‬
‫اخلطيب وابن عبد الرب وابن عساكر وَنوهم وتأثر ذاك املعلمي هبذه الطريقة يف تنكيله ‪.‬‬
‫فابن عبد الرب مثال يف كتابه اإلنتقاء (‪ )149/1‬يقر ويُثبت أن مجاهري أهل السنة‬
‫واحلديث طعنوا يف أيب حنيفة ‪ ،‬وذكر بعض أسباب الطعن وضالالته ‪ ،‬ومع ذلك هذا‬
‫ـ‪9‬ـ‬
‫املسكني راح يدافع عنه ِبزعبالته السخيفة ورد أقوال السلف وأهل احلديث حبجة أهنم‬
‫ين‪.‬‬ ‫اس ِ‬
‫ِ‬
‫ص َمنَا اللهُ َوَك َفانَا َشر احلَ َ‬
‫د‬ ‫حسدوه !! وقال يف آخر كالمه هذا الضال املفتون ‪َ :‬ع َ‬
‫طعنت يف كل السلف ورميتهم بداء احلسد ‪ ،‬ألجل مرجئ‬ ‫َ‬ ‫فيا غيب أمل تشعر أنك‬
‫جهمي ضال مضل ؟!! وهذا طعن يف الدين ألهنم هم محلته الثقات العدول ‪ ،‬عصمنا‬
‫اهلل وكفانا شر الغباء واهلوى والضالل املبني ‪.‬‬
‫وذاك الخطيب رغم محاولة اإلعتذار له في تاريخه (‪ )504/15‬يقر بأن أهل السنة‬
‫قدميا طعنوا فيه فقال بعدما روى بعض املدح فيه ‪ :‬واحملفوظ عند نقلة احلديث عن األئمة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ‪ ،‬وكالمهم فيه كثري ألمور‬ ‫املتقدمني َوَه ُؤالء املذكورون منهم يف أَِيب حنيفة خالف َذل َ‬
‫شنيعة حفظت َعلَي ِه ‪ ،‬متعلق بعضها بأصول الديانات ‪ ،‬وبعضها بالفروع ‪ََ ،‬ن ُن ذاكروها‬
‫مبشيئة اهلل ) اهـ ـ‬
‫وقال ابن الجوزي في المنتظم (‪ : )23/3‬وبعد هذا اتفق الكل على الطعن فيه ـ ـ أي‬
‫أيب حنيفة ـ ـ ث انقسموا على ثالثة أقسام ‪ ) ...‬اهـ ـ‬
‫قال ذاك المعلمي اليماني في التنكيل (‪ : )391/1‬وكالم أئمة السنة يف ذلك العصر‬
‫يف قول أيب حنيفة متواتر حق التواتر ) اهـ ـ‬
‫(قلت) فأمر طعن السلف يف دين وإسالم أيب حنيفة مفصول فيه ‪ ،‬ومل يكن عن فراغ بل‬
‫ألمور شنيعة سيأيت ذكرها ثبتت عنه بالسند الصحيح الذي ال يطعن فيه إال من أراد أن‬
‫يضحك أهل السنة على جهله باملرويات ‪ ،‬كما فعل ذاك العلوان الذي يدعي املصطلح‬
‫والعلل وهو أجهل الناس به ‪ ،‬يقول كل ما روي يف أيب حنيفة ال يصح !! هكذا كشرب‬
‫املاء !! وبال استحياء ‪ ،‬وحقه أن جيلد الدعاءه السنة !!‬
‫ـ ‪ 10‬ـ‬
‫ثم جاء ابن تيمية بمنهجه المعروف في اإلعذار لرؤساء الكفر والضالل والزندقة وفتق‬
‫يف هذه األمة كوة كبرية ‪ ،‬بل زادها غلوا حني ادعى أن من بدعه فهو املبتدع !! وهذا‬
‫ضالل قبيح فهو أسوء كالم ممن سبقه ‪ ،‬فقوله هذا يعترب تبديعا للسلف عن علم !!‬
‫والعجيب يف مذهب بن تيمية أنه يقلب املوازين البديهية عند السلف بكل سهولة حىت‬
‫ال يشك اْلاهل بآثار السلف أنه ُمق !! فأمره ُمري جدا ملن عرفه جيدا ‪.‬‬
‫فقال مثال في أبي حنيفة وصاحبيه كما فتاويه (‪ : )77/4‬أبا حنيفة وأصحابه ممن له‬
‫يف األمة لسان صدق من علمائها ) اهـ ـ !!‬
‫هكذا بكل سهولة يتفوه مبثل هذا !! وقارن هذا مبا قاله ابن اْلارود وابن حبان وابن أيب‬
‫داود واخلطيب وابن اْلوزي وغريهم ‪ ،‬ممن نقلوا إمجاع األمة على الطعن يف دين هذا‬
‫الرجل !! أرأيتم كيف خيتلق األضداد بسهولة !!‪.‬‬
‫ثم توالت سلسلة المارقين بالجهمي الزنديق جمنون أيب حنيفة املدعو الكوثري وهو‬
‫كما قيل اخلوثري وسود كتابا مساه (تأنيب اخلطيب) جملرد أن اخلطيب مجع ما روي يف‬
‫أيب حنيفة على رغم أن اخلطيب يعتذر أليب حنيفة ومل يضلله ‪ ،‬فراح هذا اخلوثري وضلل‬
‫كل من طعن يف أيب حنيفة من السلف ‪ ،‬حىت مساه بعضهم أظنه (عبد الرزاق محزة )‬
‫مبجنون أيب حنيفة ‪ ،‬فاستحق هذا اإلسم عن جدارة ‪ ،‬وال داعي للكالم عن هذا‬
‫اْلهمي ‪ ،‬لكن الذي مل ينتبه له األكثر أنه قد سبق الكوثري للرد على اخلطيب ذاك‬
‫املدعو ابن النجار يف ذيله على تاريخ بغداد ‪ ،‬فإنه كلما مر أثر يف ترمجة اخلطيب أليب‬
‫حنيفة فيه طعن فيه حرفه وكذب صاحبه ورمبا رماه بسوء القصد والنية كما فعل مع‬
‫اإلمام عبد الرمحن بن مهدي ‪ ،‬فقبح اهلل ابن النجار األشعري ‪ ،‬وأخزى اهلل من شاكله ‪.‬‬
‫ـ ‪ 11‬ـ‬
‫واخزى من كل هذا ما ُحكي عن ابن باز أنه أمر جبلد من تلك يف أيب حنيفة !!‬
‫وكان ختامها بذاك الفوزان الذي يقول ‪ :‬أبو حنيفة إمامنا على رغم أنف من مل يرض‬
‫أو َنو هذا مما قال !! ث ادعى أنه مل يرد عن السلف أي طعن فيه !! وهذه محاقة‬
‫وجهل بالسنة وكتب السنة !! وفضيحة ‪.‬‬
‫وهكذا صار عندنا مصطلح (األئمة األربعة) وأدرجوا رجال أخرجه السلف من دائرة‬
‫اإلسالم أصال !! وقرنوه بأئمة السنة !! وهذا اإلدراج واإلقرتان يذكرين بقصة سبقت البن‬
‫راهويه مع ابن مهدي ملا ضلل ابن مهدي أبا حنيفة وكان ابن راهويه أول مرة يسمع أمر‬
‫تضليله قبل أن يعرف حقيقة األمر فقال ‪ :‬يا أبا سعيد ما َتمل على أيب حنيفة كل هذا‬
‫ألِما أنه كان يتكلم بالرأي ‪ ،‬فقد كان مالك بن أنس ‪ ،‬وسفيان ‪ ،‬واألوزاعي ‪ ،‬يتكلمون‬
‫بالرأي ؟! فقال ‪ :‬أتقرن أبا حنيفة إلى هؤالء !! ما أشبه أبا حنيفة يف أهل العلم إال‬
‫بناقة شاردة فاردة ترعى يف واد جدب ‪ ،‬واإلبل كلها ترعى يف واد آخر ) ‪.‬‬
‫(قلت) نعم كان حقه أن يدرج يف أئمة الضالل ‪ ،‬وهم عندي أربعة يف هذه األمة ‪:‬‬
‫( اْلهم بن صفوان وأذنابه ‪ ،‬أبو حنيفة وأصحابه ‪ ،‬أبو احلسن األشعري وأفراخه ‪ ،‬وابن‬
‫تيمية ومدرسته ) فهؤالء األئمة األربعة حقا ‪ ،‬هكذا نقبلها ‪.‬‬

‫شرط هذا الكتاب أو البحث ‪:‬‬


‫قل الكتاب ‪ ،‬باليا هذا الرجل مثبتة بالسند الصحيح فقط‬
‫وستجد في هذا البحث أو ْ‬
‫خمرجة باألسانيد واملصادر ‪ ،‬وسأَترى ما صح سنده أو حسن وما له شواهد جتربه ‪.‬‬
‫وسأدع الضعيف واملنكر غالبا ‪ ،‬حىت تقام احلجة على العاذر واْلاهل واملسرتشد ‪.‬‬

‫ـ ‪ 12‬ـ‬
‫وقد جيادل العاذرية يف ثبوت بعضها ‪ ،‬فيقال هلم ‪ :‬إن اْلهمي حىت وإن نسبنا إليه أشياء‬
‫نفرتض أنه مل يتلفظ هبا ‪ ،‬فال ضري ‪ ،‬فما أخفاه أعظم مما أظهر ‪ ،‬وهلذا سوف لن أبايل‬
‫بأي شيء سأكتبه هنا ونسبته له مادام ظاهره الصحة ‪ ،‬فقد قال الكوسج يف مسائله‬
‫(‪ )3442‬قلت ‪ :‬من يقول القرآن خملوق ؟ قال أمحد ‪ :‬ألحق به كل بلية ‪.‬‬
‫ومن عجائب هذا الموضوع أنه تعرض لعصبية مقيتة ‪ ،‬كأن اإلسالم قُـلةً موضوعة فوق‬
‫رأس هذا الرجل ‪ ،‬فالبد أال َيركه أحد ‪ ،‬وكأين هبم يصرخون ‪ :‬رفقا بالقوارير !!‬
‫ومن القصص اليت جرت يف هذا ‪ ،‬ما وقع للحافظ عبد الغين املقدسي رمحه اهلل ‪ ،‬فإنه‬
‫مبجرد أن قرأ ما رواه العقيلي يف ترمجة أيب حنيفة من طعن كادوا يقتلونه !!‬
‫وجاءت قصته في السير (‪ )30/16‬ما نصه ‪:‬‬
‫ظ يَـ ُقو ُل ‪ُ :‬كنا بِاملو ِصل نَس َمع "الض َع َفاء" لِلعُ َقيلِي‬
‫ت احلَافِ َ‬
‫ُ‬ ‫قال الضياء المقدسي ‪َِ :‬مسع‬
‫َ‬
‫َخذين أَهل املو ِصل َو َحبَ ُس ِوين ‪َ ،‬وأ ََر ُادوا قتلِي ِمن أَجل ذكر َشيء فيه [ أي ترمجة أيب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَأ ِ‬
‫َ‬
‫ال ‪ :‬فَـلَم يَصنع‬ ‫قتلين َوأَس ِرتيح ‪ ،‬قَ َ‬
‫ت ‪ :‬يَ ِ‬ ‫حنيفة] فَ َج ِ‬
‫اءين َر ُجل طَ ِويل َوَم َعهُ َسيف ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ك‬‫اعظ ‪ ،‬فَقلع الكراس الذي في ِه َذل َ‬ ‫َطلقوين ‪ ،‬وَكا َن يسمع معه ابن البـرِين الو ِ‬
‫َ َ َ ََُ ُ َ َ‬
‫َشيئاً ‪ُ ،‬ث أ ِ‬
‫فتشوا ِ‬
‫الكتَاب ‪ ،‬فَـلَم َِجي ُدوا َشيئاً ‪ ،‬فَـ َه َذا َسبَب َخالَصه ) اهـ ـ ‪.‬‬ ‫الشيء ‪ ،‬فَأَر َسلُوا َو ُ‬
‫(قلت) وهلذا السبب صارت فضائح أيب حنيفة شبه معدومة النشر ‪ ،‬ال يعلم الناس‬
‫حقيقتها يف هذه األعصار ‪ ،‬بسبب العصبية املقيتة اليت تصل لدرجة القتل والسجن ‪.‬‬
‫تنبيه مهم ‪:‬‬
‫لست هنا بصدد ذكر ما وقع فيه أبو حنيفة من بدع ‪ ،‬كاإلرجاء واخلروج الثابت عنه‬
‫واملتواتر ‪ ،‬وال لذكر أقوال فقهية شاذة له ‪ ،‬فإن من مضيعة الوقت أن تنصح الرجل يف‬
‫ـ ‪ 13‬ـ‬
‫سوء أدبه ‪ ،‬وهو تارك للصالة !! وإمنا سأذكر ما ثبت عنه من أقوال كفرية وما يقارهبا‬
‫لذكرت ما فيه من‬
‫ُ‬ ‫فقط ‪ ،‬ولو كان كتاب (الفقه األكرب) الذي يُقال أنه هو من كتبه ‪،‬‬
‫كفر وباليا ‪ ،‬فالكتاب فيه طوام وجهمية وتعطيل وبدع كثرية أخرى ‪ ،‬لكن اختلفوا يف‬
‫نسبته إليه ‪ ،‬وأنا اشرتطت أال أورد عنه هنا إال الصحيح املتفق عليه وما يقاربه ‪.‬‬

‫ذكر األوصاف الشنيعة التي وصف بها السلف أبا حنيفة‬

‫لست بصدد مجع اآلثار وترتيبها فقط ‪ ،‬فهذا عمل شبه مسبوق ‪ ،‬لكن سآيت بشيء‬
‫جديد يف طريقة اإلستدالل ‪ ،‬فإين سأعد ُد أليب حنيفة أوصافا كثرية أطلقها السلف فيه‬
‫تدل على إخراجه من الدين ‪ ،‬وهذه طريقة جيدة أخذهتا عن مطرف فإنه ملا قال اإلمام‬
‫مالك يف أيب حنيفة أنه ‪ ( :‬كاد الدين وأنه ليس من الدين ) اعترب مطرف هذه املقولة‬
‫تكفريا أليب حنيفة كما سيأيت ‪ ،‬وهذه طريقة سأستعملها هنا لقطع األلسنة واللجج ‪.‬‬
‫وصفه بأنه جهمي ‪:‬‬
‫اعلم أن كل من قال يف أيب حنيفة أنه جهمي فقد كفره تلقائيا ‪ ،‬فاْلهمي كافر عند أهل‬
‫السنة ‪ ،‬وهبذا تعرف أن الكثري من السلف ممن وصفه بالتجهم يعتقدون كفره ‪.‬‬
‫عن سعيد بن سالم قال ‪ :‬قلت لقاضي القضاة أيب يوسف مسعت أهل خراسان يقولون‬
‫إن أبا حنيفة جهمي مرجئ ؟ قال يل ‪ :‬صدقوا ‪ [.‬تاريخ بغداد (‪] )530/15‬‬
‫عن محمد بن سعيد بن سلم عن أبي قال ‪ :‬سألت أبا يوسف عن أيب حنيفة فقال ‪:‬‬
‫وما تصنع به مات جهميا ‪.‬‬
‫[ سنده حسن ‪ :‬رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )217‬وابن حبان يف الثقات (‪ )646/7‬وشرح مذاهب‬
‫ـ ‪ 14‬ـ‬
‫السنة البن شاهني (‪ )31‬تاريخ جرجان (‪ )341‬وتاريخ بغداد (‪ )513/15‬وله لفظ آخر عند‬
‫الفسوي يف املعرفة والتاريخ (‪ )782/2‬والسنة البن شاهني (‪ )32‬بسند صحيح ]‬
‫روى البسوي في المعرفة والتاريخ (‪ )783/3‬وتاريخ بغداد (‪َ )375/13‬حدثـَنَا أَبُو‬
‫ال ‪ :‬قُـل ِ‬ ‫يد ب ِن مسلِم قَ َ ِ‬ ‫جزء عن عم ِرو ب ِن سعِ ِ‬
‫ف ‪ :‬أَ َكا َن‬ ‫ت ألَِيب يُ ُ‬
‫وس َ‬ ‫ُ‬ ‫ت َجدي قَ َ‬ ‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ت ‪ :‬فأين‬ ‫ال ‪ :‬قُـل ُ‬ ‫ال ‪ :‬نَـ َعم قَ َ‬‫ت ‪ :‬أَ َكا َن َجه ِميًّا ؟ قَ َ‬ ‫أَبُو َحنِي َفةَ ُمرِجئًا ؟ قَ َ‬
‫ال ‪ :‬نَـ َعم قُـل ُ‬
‫أنت منه ؟ قال ‪ :‬إمنا كان أبو َحنِي َفةُ ُم َدر ًسا ‪ ،‬فَ َما َكا َن ِمن قَـولِِه َح َسنًا قَبِلنَاهُ َوَما َكا َن‬
‫يحا تـََركنَاهُ َعلَي ِه »‬
‫قَبِ ً‬
‫ال ‪« :‬نَـ َعم»‬ ‫ول بَِقوِل َجهم ؟ فَـ َق َ‬ ‫ف أَ َكا َن أَبُو َحنِي َفةَ يـَ ُق ُ‬ ‫وفي لفظ ‪ :‬قُـل ِ‬
‫ت ألَِيب يُ ُ‬
‫وس َ‬ ‫ُ‬
‫[رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )232‬وابن شاهني يف السنة (‪ )32‬والبسوي يف املعرفة (‪])786/2‬‬
‫جاء في ضعفاء أبي زرعة (‪ : )570/2‬مسعت أبا زرعة يقول ‪ :‬كان أبو حنيفة جهميا‬
‫وكان محمد بن الحسن جهميا ‪ ،‬وكان أبو يوسف جهميا بين التجهم ‪.‬‬
‫[ وذكره اخلطيب يف تاريخ بغداد (‪] )179/2‬‬
‫وفي تاريخ بغداد (‪ )543/15‬بسند صحيح عن ابن معني قال ‪ :‬كان ابو حنيفة‬
‫جهميا ولم يكن كذابا ‪.‬‬

‫الوصف بأنه هدم اإلسالم والنقض والمروق منه ‪:‬‬


‫ممن وصف أبا حنيفة أنه هدم اإلسالم ونقضه ‪ :‬األوزاعي والثوري وابن عيينة ومالك‬
‫وابن عون ومحاد بن زيد ومحاد بن سلمة وهؤالء أئمة اإلسالم والسنة ومحلة الشريعة ‪.‬‬
‫ال نـُ َعيم َع ِن‬
‫روى البخاري في ضعفاءه والبسوي في المعرفة والتاريخ (‪ )785/2‬قَ َ‬
‫ال ‪ :‬لَعنه اهلل ‪َ ،‬كا َن يَـه ِد ُم‬
‫ت ِعن َد ُسفيَا َن ب ِن عُيَـيـنَةَ فَ َجاءَ نَـع ُي أىب حني َفة ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ال َفَزا ِري ُكن ُ‬
‫ـ ‪ 15‬ـ‬
‫َشر ِمنهُ َه َذا ‪.‬‬ ‫ا ِإلسالم عُروًة عُروةً وما ولِ َد ِيف ا ِإلس ِ‬
‫الم َمولُود أ َ‬ ‫َ َ َ ََ ُ‬
‫[ صحيح رواه عبد اهلل (‪ )361‬وأبو زرعة يف تارخيه (‪ )507/1‬واخلطيب يف تارخيه (‪)398/13‬‬
‫وابن عبد الرب يف اإلنتقاء (‪ )149/1‬وقال ‪ :‬كان البخاري ممن يطعن يف أيب حنيفة ث رواه ]‬
‫قال سفيان ‪ :‬ما وضع يف اإلسالم من الشر ما وضع أَبُو حنيفة إال فالن لرجل صلب ‪.‬‬
‫[ سنده جيد رواه البسوي يف املعرفة (‪ )783/3‬واخلطيب (‪] )397 -396/13‬‬
‫روى إبراهيم بن مح َّمد الفزاري قال ‪ :‬كنا عند سفيان الثوري إذ جاء نعي أيب حنيفة‬
‫فقال ‪ :‬احلمد هلل الذي أراح املسلمني منه ‪ ،‬لقد كان ينقض عرى اإلسالم عروة عروة ‪،‬‬
‫ما ولد يف اإلسالم مولود أشأم على أهل اإلسالم منه ‪.‬‬
‫[ سنده صحيح أخرجه البخاري يف التاريخ الصغري (‪ )388‬وعبد اهلل يف السنة (‪)207/1‬‬
‫والبسوي يف املعرفة (‪ )784/2‬وابن حبان يف اجملروحني (‪ )66/3‬والطيوري (‪ )906‬وذكره البخاري‬
‫يف تاريخ الكبري (‪ )100/2‬وابن عدي يف الكامل(‪ )8/7‬واخلطيب (‪] )398/13‬‬

‫ت َم َع ُسفيَا َن الثـوِري ِمبَكةَ‬ ‫ال ‪ُ :‬كن ُ‬ ‫في رواية ابن حبان عن َعب ُد الص َم ِد ب ُن َحسان قَ َ‬
‫ال اذهب إِ َىل إِبـر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِعن َد ال ِم َيز ِ‬
‫يم ب ِن طَه َما َن‬ ‫اه‬
‫َ َ‬ ‫ات قَ َ َ‬ ‫ال إِن أَبَا َحني َفةَ َم َ‬
‫اب فَ َجاءَ َر ُجل فَـ َق َ‬
‫ال وَيك اذهب فَأَنبِهه وبشره فَِإن فَـتا َن ه ِذهِ‬ ‫ِ‬ ‫فَأَخِربهُ فَ َجاءَ الر ُس ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫ال َو َجدتُهُ نَائ ًما قَ َ َ َ َ َ‬ ‫ول فَـ َق َ‬
‫اإلس َالم َمولُود أَشأ َُم َعلَي ِهم ِمن أَِيب حني َفة َولله لكأن أَبُو‬ ‫ات َوالل ِه َما ولد ِيف ِ‬ ‫ِ‬
‫األُمة َم َ‬
‫الم عُرَوةً عُرَوةً ِمن قَحطَبَةَ الطائِي بِ َسي ِف ِه ‪.‬‬‫حنِي َفةَ أَقطَع لِعروةِ ا ِإلس ِ‬
‫ُ َُ‬ ‫َ‬
‫وقال أبو عمرو اِلوزاعي لما مات أبو حنيفة ‪ :‬الحمد هلل الذي أماته فإنه كان‬
‫ينقض اإلسالم عروة عروة ‪.‬‬
‫[ وسنده صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )306‬والطيوريات (‪ )890‬وتاريخ بغداد (‪] )547/15‬‬

‫ـ ‪ 16‬ـ‬
‫وعن عبد اهلل ابن عون يقول ‪ :‬ما ولد يف اإلسالم مولود أشأم من أيب حنيفة ‪ ،‬إن كان‬
‫لينقض عرى اإلسالم عروة عروة ‪.‬‬
‫[ تاريخ بغداد (‪ )544/15‬وانظر َنوه عند العقيلي يف الضعفاء (‪ )1876‬واخلطيب يف تارخيه ]‬
‫روى العقيلي في الضعفاء (‪َ )1876‬حدثـَنَا ُُمَم ُد ب ُن أَمحَ َد األَنطَاكِي قَ َ‬
‫ال‪َ :‬حدثـَنَا‬
‫ات أَبُو َحنِي َفةَ ‪ :‬احلَم ُد لِل ِه‬ ‫ِ‬
‫ال َسلَ َمةُ ب ُن َحكيم لَما َم َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ُُمم ُد بن َكثِري ع ِن األَوز ِ‬
‫اعي قَ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ض ِ‬
‫اإلس َال َم عُرَوًة عُرَوًة‪.‬‬ ‫إِن َكا َن لَيَـنـ ُق ُ‬
‫ت‬ ‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )323‬حدثَِين ُُمم ُد بن عب ِد الع ِزي ِز ب ِن أَِيب ِرزمةَ قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول ِهبَا ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫يل أَبُو َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ول ‪ُ :‬كنا عن َد َمحاد ب ِن َسلَ َمةَ ‪ ،‬فَ َذ َكُروا َمسأَلَةً فَق َ‬ ‫أَِيب يَـ ُق ُ‬
‫اك ال َما ِرِق » [ وسنده صحيح ]‬ ‫« َه َذا َوالل ِه قَـو ُل َذ َ‬
‫عن سليمان بن حسان قال ‪ :‬مسعت األوزاعي ما ال أحصيه يقول عمد أبو حنيفة إىل‬
‫عرى اإلسالم فنقضها عروة عروة ‪ [ .‬رواه اخلطيب يف تارخيه (‪ )547/15‬بسند صحيح ]‬

‫ت َعب َد‬ ‫روى أبو نعيم في الحلية (‪ : )10/9‬عن َعب ُد الرمحَ ِن ب ُن عُ َمَر قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬سأَل ُ‬
‫ال ‪َ :‬ال َوَال‬ ‫ت ‪ :‬نَأ ُخ ُذ َعن أَِيب َحنِي َفةَ ‪َ ،‬ما يَأثـُُرهُ ‪َ ،‬وَما َوافَ َق احلَق ؟ قَ َ‬ ‫الرمحَ ِن ب َن َمه ِد ٍّ‬
‫ي قُـل ُ‬
‫ضهُ عُرَوًة عُرَوًة ‪َ ،‬ال يـُقبَ ُل ِمنهُ َشيء »‬ ‫اإلس َالِم يَـنـ ُق ُ‬
‫َكر َامةَ ‪َ ،‬جاءَ إِ َىل ِ‬
‫َ‬
‫وقال سفيان الثوري ‪ :‬ما وضع أحد يف اإلسالم ‪ ،‬ما وضع أبو حنيفة ‪ ،‬إال أن يكون‬

‫أبو اخلطايا ) ‪( .‬قلت) أبو اخلطايا رجل زنديق ُ‬


‫صلب يف الزندقة ‪.‬‬
‫[ صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )267‬وَنوه املعرفة للبسوي (‪ )783/2‬وتاريخ بغداد (‪] )545/15‬‬
‫ب بِسي ِف ِه أَقطَ ُع لِعُرى ِ‬
‫اإلس َالِم ِمن َه َذا بَِرأ ِيه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫عن س ْفيان بْن سعيد قال ‪َ « :‬ما اب ُن ََيط ُ َ‬
‫يَـع ِين أَبَا َحنِي َفةَ »‬
‫ـ ‪ 17‬ـ‬
‫[ صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )290‬اجملروحني (‪] )407/2‬‬

‫وصفه بالصد عن سبيل الله ودينه ‪:‬‬


‫ور الل ِه‬ ‫ِ‬
‫عن حماد بن زيد يقول ‪ :‬مسعت أيوب ‪ ،‬وذكر أَبُو حنيفة فقال {أَن يُطفئُوا نُ َ‬
‫ورهُ َولَو َك ِرَه ال َكافُِرو َن}‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫بأَفـ َواههم َويَأ َىب اللهُ إال أَن يُتم نُ َ‬
‫[ سنده صحيح ‪ :‬رواه العقيلي يف الضعفاء (‪ )1876‬والبسوي يف املعرفة (‪ )784/2‬واخلطيب يف‬
‫تارخيه (‪] )544/15‬‬
‫قال ابْن ع ْون ‪ :‬نبئت أن فيكم صدادين يصدون عن سبيل اهلل ‪.‬‬
‫قال سليمان بن حرب ‪ :‬وأبو حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل اهلل ‪.‬‬
‫[سنده صحيح رواه يف املعرفة والتاريخ للبسوي (‪ )486/2‬واخلطيب يف تاريخ بغداد (‪])399/13‬‬

‫وصفه بأنه أضر اإلسالم والمسلمين ‪:‬‬


‫عن حماد بن سلمة قال ‪ :‬ما ولد يف اإلسالم مولود أضر عليهم من أيب حنيفة ‪.‬‬
‫[ رواه ابن عدي يف الكامل (‪ )40/3‬واخلطيب يف تارخيه (‪] )399/13‬‬
‫اإلس َالِم ِمن أَِيب َحنِي َفةَ »‬ ‫ع ْن مالك قال ‪َ :‬ما ُولِ َد ِيف ِ‬
‫اإلس َالِم َمولُود أ َ‬
‫َضر َعلَى أَه ِل ِ‬
‫[ سنده صحيح عبد اهلل (‪ )296‬والبسوي يف املعرفة (‪ )789/2‬واخلطيب يف تارخيه(‪] )396/13‬‬
‫وفي أخبار الشيوخ للمروذي (‪ : )276‬قال ابن مهدي ‪ :‬ما هبطت فتنة من السماء‬
‫إىل األرض أضر من أيب حنيفة ‪.‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة ‪ :‬ما ولد مولود يف هذه األمة أضر عليهم من أيب حنيفة ‪.‬‬
‫[ سنده صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )264‬وأبو زرعة يف تارخيه (‪ )507/1‬وضعفاء للعقيلي‬
‫(‪ )281/4‬واجملروحني البن حبان (‪ )66/3‬وتاريخ بغداد (‪] )338/5‬‬

‫ـ ‪ 18‬ـ‬
‫وقال اِلوزاعي ‪ :‬ما ولد مولود يف هذه األمة أضر عليهم من أيب حنيفة ‪.‬‬
‫[ صحيح رواه عبد يف العلل ومعرفة الرجال (‪] )3589‬‬

‫الفرح بموته والدعاء عليه بولوج النار ‪:‬‬


‫فرح أهل السنة مبوت أيب حنيفة ومنهم من سجد شكرا ‪ ،‬ودعوا عليه بالنار وكل هذا‬
‫بسبب الضرر الذي أحدثه باإلسالم ‪.‬‬
‫اس ِاين َحدثَـنَا‬
‫قال عبد اهلل في السنة (‪َ )282‬حدثَِين َه ُارو ُن ب ُن ُسفيَا َن َحدثَِين َعَرَزةُ اخلَُر َ‬
‫ب اللهُ َعز َو َجل َعلَى‬ ‫ت ُسفيَا َن الثـوِري يَـ ُق ُ‬ ‫ال َفضل بن موسى السينَ ِاين قَ َ ِ‬
‫ضَر َ‬
‫ول ‪َ :‬‬ ‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ُ ُُ َ‬
‫قَـ ِرب أَِيب َحنِي َفةَ طَاقًا ِم َن النا ِر »‬
‫وعن نعيم ثنا الفزاري قال ‪ :‬كنت عند الثوري ‪ ،‬فنُعي أبو حنيفة ‪ ،‬فقال ‪ :‬احلمد هلل‬
‫وسجد ‪ ،‬قال ‪ :‬كان ينقض اإلسالم عروة عروة ‪ ،‬وقال يعين الثوري ‪ :‬ما ولد يف اإلسالم‬
‫مولود أشأم منه ‪ [ .‬سنده صحيح ‪ :‬رواه البخاري يف تارخيه الصغري (‪] )388‬‬
‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )343‬بسند صحيح عن َمحاد ب َن َسلَ َمةَ قال َعن أَِيب َحنِي َفةَ‬
‫« َه َذا لَيَ ُكبـنهُ اللهُ ِيف النا ِر »‬
‫ال ‪ :‬احلَم ُد لِل ِه ال ِذي‬
‫ات أَبُو َحنِي َفةَ ‪ ،‬قَ َ‬
‫ي يـقول لح َّماد بْن زيْد ‪َ :‬م َ‬
‫عن أبي علي الْع ْذر َّ‬
‫ض بِِه ‪ [ .‬صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )284‬واحللية (‪] )259/6‬‬ ‫َكنَس بَط َن األَر ِ‬
‫َ‬
‫وروى عبد اهلل عبد في السنة (‪ )326‬عن محاد بن سلمة قال عن أيب حنيفة ذاك أبو‬
‫جيفة ‪ ،‬سد اهلل به األرض ) ‪ [ .‬سنده صحيح ]‬
‫وقال حماد بن سلمة ‪ :‬أبو حنيفة هذا واهلل إين ألرجو أن يدخله اهلل عزوجل نار جهنم‬
‫[ صحيح ‪ :‬رواه عبد اهلل يف السنة (‪] )366‬‬
‫ـ ‪ 19‬ـ‬
‫قال أبو عاصم ‪ :‬وذكر عند ُسفيَان موت أَِيب حنيفة فما َِمسعتُهُ يَـ ُق ُ‬
‫ول رمحه اهلل وال شيئا‪:‬‬
‫احلمد اهلل الذي عافانا مما ابتلى بِِه كثريا من الناس‪.‬‬
‫[ سنده جيد ‪ :‬تاريخ اخلطيب (‪] )425/13‬‬
‫ال يل ُسفيَان الثوري ‪ :‬اذهب‬ ‫الصمد بن حسان قال ‪ :‬لَما مات أَبُو حنيفة قَ َ‬ ‫وعن ع ْبد َّ‬
‫إىل إِبـَر ِاهيم بن طهمان فبشره أن فتان هذه األمة قد مات ‪ ،‬فذهبت إِلَي ِه فوجدته قائال‬
‫ال ‪ :‬اذهب فصح بِِه ! إِن فتان هذه األمة قد‬ ‫ت ‪ :‬إِنهُ قائل ‪ ،‬قَ َ‬
‫فرجعت إىل ُسفيَان فَـ ُقل ُ‬
‫مات ‪ [ .‬سنده حسن ‪ :‬اجملروحني البن حبان (‪ )65/3‬وتاريخ اخلطيب (‪] )425/13‬‬
‫قال خطيب معلقا على هذا اِلثر ‪ :‬أراد الثوري ‪ ،‬أن يغم إِبـَر ِاهيم بوفاة أَِيب حنيفة ‪،‬‬
‫ِألَنهُ َعلَى مذهبه يف اإلرجاء ‪.‬‬
‫(قلت) بل أراد أكثر من اإلرجاء كالتجهم والزندقة ومعاندة الوحي واألثر مما سبق ‪.‬‬

‫وصفه بالدجال ‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صلى اللهُ‬ ‫عن مح َّمد بْن مسلمة الْمدن ِّي َمس َع َمال ًكا َعن نَافع َع ِن اب ِن عُ َمَر نَـ َهى النِيب َ‬
‫َعلَي ِه َو َسل َم َع ِن ال َقَزِع ‪ ،‬وقيل حملمد ابن مسلمة ما لرأي أيب حنيفة دخل البالد كل َها إال‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم ال يدخلُ ُها‬ ‫ال إِنهُ دجال من الدجاجلة وقَ َ‬
‫ال النِيب َ‬ ‫املدينة ؟ ف َق َ‬
‫الطاعون وال الدجال ‪ [ .‬سنده صحيح رواه البخاري يف تارخيه الكبري (‪ )759‬والصغري (‪)388‬‬
‫ومن طريقه اخلطيب يف تارخيه (‪ )395/13‬ابن عساكر كما يف خمتصر تارخيه (‪ )225/23‬وذكره‬
‫القاضي عياض يف ترتيب املدارك (‪ )132/3‬وقد روي من طريقني عن ُممد بن مسلمة ]‬
‫ني األزرق أَخبَـَرنَا ُُمَم ُد ب ُن احلَ َس ِن‬‫ورواه الخطيب (‪ )396/13‬أَخبَـرِين ُُمَم ُد بن احلُس ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ال ُُمَم ُد ب ُن‬‫ال َمح َد َوي ِه ب ُن َخملَد ‪ :‬قَ َ‬ ‫ئ أَن أَبَا َر َجاء ال َمرَوِزي أَخبَـَرُهم قَ َ‬
‫ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫ب ِن ِزيَاد ال ُمق ِر ُ‬
‫ـ ‪ 20‬ـ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫مسلَمةَ الم ِد ِيين‪ -‬وقِ‬
‫ال َرأ ِي أَِيب َحني َفةَ َد َخ َل َهذه األَم َ‬
‫ص َار ُكل َها‪َ ،‬وَمل يَد ُخ ِل‬ ‫يل لَهُ ‪َ :‬ما بَ ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ال ‪ :‬على ك ِّل نـقب م ْن أنْـقابها‬ ‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم قَ َ‬ ‫ال ‪ :‬ألَن رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬ ‫ال َم ِدينَةَ ؟ قَ َ‬
‫ني فَ ِمن َث َمل يَد ُخل َها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الد َّجال م ْن دخولها » وَه َذا ِمن َك ِ‬ ‫ك ي ْمنع َّ‬ ‫مل ٌ‬
‫الم الدجال َ‬ ‫َ‬
‫(قلت) ُممد بن مسلمة عامل وفقيه كبري القدر ‪ ،‬قال أبو حات ‪ :‬كان ُممد بن مسلمة‬
‫أحد فقهاء املدينة وأصحاب مالك وأفقههم ‪.‬‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )10‬أخربين األزهري حدثنا أبو الفضل الشيباين حدثنا عبد‬
‫ال‪ :‬مسعت َعبد الرمحَن بن مهدي يقول‪:‬‬ ‫اهلل بن أمحد اْلصاص حدثَـنَا إِمس ِ‬
‫اعيل بن بشر قَ َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أعلم في اإلسالم فتنة بعد فتنة الدجال أعظم من رأي أبي حنيفة ‪.‬‬
‫[ وهذا سند جيد رجاله ثقات فاألزهري والشيباين واْلصاص وثقهم اخلطيب نفسه وإمساعيل بن‬
‫بشر ثقة وثقه مجع راجع هتذيب الكمال وحاشيته (‪] )50/3‬‬

‫وصفه بالمكيدة للدين وإهالك الدين ‪:‬‬

‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )293‬والعقيلي في الضعفاء (‪ )1876‬من طريق َمن ُ‬


‫صور‬
‫ال ‪َ « :‬ما َك َاد أَبُو‬ ‫ت َمالِ ًكا يَـ ُق ُ‬
‫ول ِيف أَِيب َحنِي َفةَ قَـوًال ُخي ِر ُجهُ ِم َن الدي ِن ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬
‫ين » [ أثر صحيح ]‬ ‫ِ ِ‬
‫َحني َفةَ إال الد َ‬
‫روى ابن عدي في الكامل (‪َ )236/8‬حدثـَنَا اب ُن أَِيب َد ُاوَد َحدثَنا الربِيع بن ُسلَي َمان‬
‫اسم قَال ‪ :‬قَال َمالِك الداء العضال اهلالك ِيف‬ ‫اْليزي عن احلارث بن مسكني ع ِن ابن ال َق ِ‬
‫الدين ‪ ،‬وأَبُو حنيفة من الداء العضال ‪ [ .‬وسنده جيد ]‬
‫ال‪:‬‬ ‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )544/15‬أَخبَـَرنَا ابن رزق قَ َ‬
‫ال‪ :‬أَخبَـَرنَا ابن سلم قَ َ‬
‫ال‪َ :‬حدثَـنَا أَبُو األَزَه ِر النيسابوري قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا حبيب كاتب مالك بن‬ ‫َحدثَـنَا األبار قَ َ‬
‫ـ ‪ 21‬ـ‬
‫أنس عن مالك بن أنس قال ‪ :‬كانت فتنة أيب حنيفة أضر على هذه األمة من فتنة‬
‫إبليس يف الوجهني مجيعا ‪ :‬يف األرجاء وما وضع من نقض السنن ‪.‬‬
‫[ وهذا سنده ال يثبت من أجل حبيب الكاتب هذا لكن سبق ما يشهد لصحة مثله ]‬
‫وويشهد له ما في تفسير غريب الموطأ (‪ )62/2‬سألنا عبد امللك بن حبيب عن‬
‫شرح ( الداء العضال) يف حديث مالك الذي رواه كعب احلرب إذ قال لعمر بن اخلطاب‬
‫رضي اهلل عنه حني أراد اخلروج إىل العراق ( ال خترج إليها ‪ ...‬وهبا الداء العضال ) قال‬
‫عبد امللك بن حبيب يعين اهلالك يف الدين ‪ ،‬ولقد أخربين مطرف أهنم سألوا مالكا عن‬
‫تفسري ( الداء العضال ) يف هذا احلديث ؟ فقال هو أبو حنيفة وأصحابه ‪ ،‬وذلك أنه‬
‫ضلل الناس بوجهني ‪ :‬باإلرجاء ‪ ،‬وبنقض السنن بالرأي ‪ ،‬فهو عندنا أشأم مولود يف‬
‫اإلسالم ضل به بشر كثري ‪ ،‬وهم متمادون يف الضالل مبا يشرع إىل يوم القيامة ) اهـ ـ‬
‫عن منصور بن أبي مزاحم يقول ‪ :‬مسعت مالكا يقول ‪ :‬إن أبا حنيفة كاد الدين ‪،‬‬
‫ومن كاد الدين فليس له دين ‪.‬‬
‫[ سنده صحيح رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )292‬والعلل ومعرفة الرجال (‪ )4733 ، 3594‬وأبو‬
‫نعيم يف احللية (‪ )325/6‬وتاريخ بغداد (‪] )552/15‬‬
‫س ِمن أَهلِ ِه ‪.‬‬
‫ين فَـلَي َ‬ ‫وفي لفظ أبي نعيم ‪َ :‬ك َاد الد َ‬
‫ين َوَمن َك َاد الد َ‬
‫وقال جعفر ‪َ :‬حدثـَنَا احلسن بن علي احللواين قال ‪ :‬مسعت مطرفا يقول ‪ :‬مسعت مالكا‬
‫يقول ‪ :‬الداء العضال ‪ :‬اهلالك يف الدين ‪ ،‬وأبو حنيفة من الداء العضال‪.‬‬
‫روى أبو نعيم في الحلية (‪َ )324/6‬حدثَـنَا ُُمَم ُد ب ُن أَمحَ َد ب ِن احلَ َس ِن ثَـنَا َجع َفُر ب ُن‬
‫ني ‪-‬‬‫ني وِمائَـتَـ ِ‬ ‫ُُممد ال ِفري ِايب ثـَنَا احلسن بن علِي احللوِاين ‪ -‬بِطَرسوس سنَةَ ثََالث وثََالثِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ٍّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـ ‪ 22‬ـ‬
‫ك ب َن أَنَس إِ َذا ذُكَِر عِن َدهُ أَبُو َحنِي َفةَ‬ ‫ول‪َِ :‬مسع ِ‬ ‫ف ب َن َعب ِد اهللِ يَـ ُق ُ‬ ‫قَ َ ِ‬
‫ت َمال َ‬
‫ُ‬ ‫ت ُمطَر َ‬‫ال‪َ :‬مسع ُ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه‬ ‫ال عمر بن عب ِد الع ِزي ِز ‪ :‬سن رس ُ ِ‬ ‫َوالزائِغُو َن ِيف الدي ِن يَـ ُق ُ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ول ‪ :‬قَ َ ُ َ ُ ُ َ َ‬
‫اع ِة اهللِ‪َ ،‬وقُـوة‬ ‫ِ‬ ‫وسلم و َوالةُ األَم ِر بـع َده سنَـنًا األَخ ُذ ِهبا اتـباع لِكِتَ ِ ِ ِ‬
‫اب اهلل َواستك َمال لطَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ََ ََ‬
‫َحد ِم َن اخلَل ِق تَـغيِريَُها َوَال تَـب ِديلُ َها َوَال النظَُر ِيف َشيء َخالََف َها‪َ ،‬م ِن‬ ‫علَى ِدي ِن اهللِ لَي ِ‬
‫س أل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫اهتَ َدى ِهبا فَـهو مهتَد وم ِن استَـن ِ‬
‫صور َوَمن تَـَرَك َها اتـبَ َع َغيـَر َسبِ ِيل ال ُمؤمن َ‬
‫ني‬ ‫صَر هبَا فَـ ُه َو َمن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ ََ‬
‫ص ًريا ‪ [ .‬وسنده صحيح ]‬ ‫وواله اهلل ما تَـوىل وأَص َاله جهنم وساءت م ِ‬
‫َ ُ ُ َ َ َ ُ ََ َ َ َ َ َ‬
‫عن عبد اهلل بن إدريس قلت ملالك بن أنس ‪ :‬كان عندنا علقة واألسود ‪ ،‬فقال ‪ :‬قد‬
‫كان عندكم من قلب األمر هكذا ‪ ،‬وقلب أيب بطن كفه على ظاهرها يعين أبا حنيفة ‪.‬‬
‫[ صحيح ‪ :‬رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )358‬والعلل ومعرفة الرجال (‪1118‬و‪] )2657‬‬
‫َح ًدا أَهلَ َج بِ ِذك ِر‬
‫قال ابْن قـتـ ْيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث (ص‪َ : )133‬وَمل أ ََر أ َ‬
‫اق ب ِن‬ ‫يح أَقَا ِويلِ ِهم ‪َ ،‬والتـنبِ ِيه َعلَيـ َها ‪ِ ،‬من إِس َح َ‬
‫اب الرأ ِي وتنقصهم والبعث َعلَى قَبِ ِ‬ ‫أَصح ِ‬
‫َ‬
‫اب الل ِه تَـ َع َ‬ ‫ِ‬ ‫إِبـر ِاهيم احلنظَلِي المعر ِ‬
‫وف بِاب ِن َر َاه َوي ِه ‪َ ،‬وَكا َن يـَ ُق ُ‬
‫اىل ‪َ ،‬و ُسنَ َن‬ ‫ول ‪ :‬نـبذوا كتَ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫رسولِِه صلى الله علَي ِه وسلم ‪ ،‬ولَ ِزموا ال ِ‬
‫ق‬
‫ُ َ ََ َ َ ُ َ َ‬ ‫َُ َ‬

‫إخراجه من الدين ورميه بالكفر والمروق ‪:‬‬


‫ممن صرح بلفظ الكفر فيه ‪ :‬شيخه محاد وابن أيب ليلى والثوري وابن املبارك واألوزاعي‬
‫وأبو جعفر بن ُممد ومحاد بن سلمة وأبو جعفر بن سليمان ويوسف بن أسباط وشريك‬
‫والنضر بن مشيل ومالك واحلميدي وأمحد وابن أيب شيبة وأبو زرعة ومجع كبري من السلف‬
‫وكل ستجده مبثوثا يف خالل هذا البحث ‪.‬‬

‫ـ ‪ 23‬ـ‬
‫وقد مضى قول مالك ‪ :‬أن أبا حنيفة ليس من أهل الدين وقول الرواي عنه مطرف أن‬
‫كلمة مالك هي تكفري أليب حنيفة وإخراجه من الدين‪.‬‬
‫ومضى قول الثوري أن أبا حنيفة ترك الدين ‪.‬‬
‫وقول ابن املبارك وأمحد عن كتاب أيب حنيفة من كتبه كافر بل جمرد من كان عنده يكفر‬
‫وقول النضر بن مشيل عن كتابه ‪ :‬فيه كذا مسألة كلها كفر ‪.‬‬
‫وقول ابن عون والثوري واألوزاعي والفزاري وابن مهدي وابن عيينة و َسلَ َمةُ ب ُن َح ِكيم‬
‫واحلمادين أنه هدم اإلسالم وينقضه ‪.‬‬
‫وسيأيت قول شيخه محاد عنه كافر مشرك وزنديق ‪.‬‬
‫وقول أبو يوسف أنه مات جهميا ‪ ،‬وأبو زرعة وصرح بكفره كما سيأيت ‪.‬‬
‫ِ‬
‫صام َجرب‬ ‫وروى أبو نعيم في طبقات المحدثين (‪ )113/2‬بسند حسن َعن ع َ‬
‫ين ‪َ ،‬وبَد َل السنةَ ‪ ،‬أَو‬ ‫الد‬ ‫ر‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ول‬‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫ت ُسفيَا َن الثـوِ‬ ‫ع‬ ‫ال ‪َِ :‬‬
‫مس‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫ف‬‫س‬ ‫ب‬ ‫صِ‬
‫اح ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف َعلَي ِه ‪ ،‬يَـع ِين أَبَا َحنِي َفةَ ‪".‬‬ ‫ين ‪َ ،‬و َغيـَر السنةَ ‪َ ،‬وأ َُراهُ َحلَ َ‬‫ال ‪ :‬تَـَرَك الد َ‬‫قَ َ‬
‫ت‬ ‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )397‬حدثَِين ُُمم ُد بن هارو َن نا أَبو صالِح قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َ‬
‫ول‪:‬‬‫ف يَـ ُق ُ‬ ‫ول ‪َ :‬مل يولَد أَبو حنِي َفةَ علَى ال ِفطرةِ قَ َ ِ‬
‫وس َ‬‫ت يُ ُ‬ ‫ال ‪َ :‬و َمسع ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫ف ب َن أَسبَاط يَـ ُق ُ‬ ‫وس َ‬‫يُ ُ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم ‪ [ ".‬صحيح ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َرد أَبُو َحني َفةَ أَربَـ َعمائَة أَثَر َع ِن النِيب َ‬
‫ت َع ِن ال َفض ِل ب ِن َجع َف ِر ب ِن ُسلَي َما َن اهلَا ِِمشي‬ ‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )330‬أُخِرب ُ‬
‫ال ‪َ « :‬كا َن َوالل ِه أَبُو‬ ‫اح ِد َحدثَِين أَبُو َجع َف ِر ب ُن ُسلَي َما َن قَ َ‬ ‫وهو عم جع َف ِر ب ِن عب ِد الو ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫حنِي َفةَ َكافِرا جه ِميًّا يـرى رأ ِ‬
‫ي اخلََوارِِج »‬ ‫وسى يَـَرى َرأ َ‬ ‫وسى َوَكا َن بشُر ب ُن ُم َ‬ ‫ي بش ِر ب ِن ُم َ‬ ‫ً َ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫روى البخاري في تاريخ الكبير (‪2198‬ت) والخطيب (‪ )615/15‬من طريق ضرار‬
‫ـ ‪ 24‬ـ‬
‫بن صرد قال ‪َ :‬حدثَِين سليم املقرئ قَ َ‬
‫ال َحدثَـنَا سفيان الثوري قال ‪ :‬قال يل محاد بن أيب‬
‫سليمان ‪ :‬أبلغ عين أبا حنيفة املشرك أين برئ منه حىت يرجع عن قوله يف القرآن قال‬
‫سليم ‪ :‬كان يزعم أن القرآن خملوق ‪ [ .‬سنده ضعيف ألن ضرار مرتوك لكن القصة ثابتة ومل‬
‫يتفرد هبا ضرار كما ادعى ُمقق تاريخ البخاري ملبسا على القراء قبحه اهلل !!]‬
‫فقد رواها اهلل في السنة (‪ )241‬والكرماني (‪ )424‬والاللكائي (‪ )393‬والخطيب‬
‫وسي َحدثـَنَا أَمحَ ُد ب ُن َعب ِد الل ِه‬ ‫اق بن أَِيب يـع ُقوب الط ِ‬
‫في تاريخه (‪ )388/13‬عن إِس َح ُ ُ َ َ‬
‫ب‬ ‫ب ِن يونُس عن سلَيم المق ِر ِئ عن سفيا َن الثـوِري‪ ،‬قَ َ ِ‬
‫ول‪ :‬أََال تَـع َج ُ‬ ‫ت َمح ًادا يَـ ُق ُ‬ ‫ال‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن أَِيب َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬ال ُقرآ ُن َخملُوق‪ ،‬قُل لَهُ يَا َكافُر يَا ِزند ُ‬
‫يق ‪".‬‬
‫ورواه من طريق آخر عبد اهلل في السنة (‪َ )239‬حدثَِين َعب ُد الل ِه ب ُن َعو ِن ب ِن اخلَرا ِز‬
‫يل لِ َعب ِد الل ِه ب ِن َعون ‪ُ :‬هو أَبُو اْلَه ِم‬ ‫َ‬
‫أَبو ُُممد وَكا َن ثَِقةً ثنا شيخ ِمن أَه ِل ال ُكوفَِة قِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ت ُسفيَا َن الثـوِري يَـ ُق ُ‬ ‫فَ َكأَنه أَقَـر أَنه قَ َ ِ‬
‫اد ب ُن أَِيب ُسلَي َما َن " اذ َهب‬ ‫ال ِيل َمح ُ‬
‫ول‪ :‬قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ول‪ :‬إِن ال ُقرآ َن َخملُوق فَ َال تَـقَربـنَا ‪".‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت تَـ ُق ُ‬‫إِ َىل ال َكاف ِر يَـع ِين أَبَا َحني َفةَ فَـ ُقل لَهُ‪ :‬إِن ُكن َ‬
‫[ وهذه أسانيد جيدة ‪ :‬ورواه ابن اْلعد يف اْلعديات (‪ )362‬وابن بطة يف اإلبانة الكربى‬
‫(‪ )2414‬واخلطيب يف موضح أوهام اْلمع والتفريق (‪ )205/2‬وتارخيه (‪] )522/15‬‬
‫ومضى أنه قيل لشريك ‪ :‬مما استتبتم أبا حنيفة ؟ قال ‪ :‬من الكفر‪.‬‬
‫وقال عنه حماد بن سلمة ‪ :‬ذاك املارق ‪ [ .‬صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪] )323‬‬
‫وقال عنه عثمان البتي على إرجاءه قال عنه ‪ :‬أخطأ عُظم دينه فكيف يكون حاله ‪.‬‬
‫[ تاريخ بغداد (‪ )561/15‬من طريق اخلالل فالظاهر أنه مما رواه اخلالل يف السنة ]‬
‫قوله (عظم دينه) أي ‪ :‬أكثر الدين ومعظمه ضل عنه ‪.‬‬

‫ـ ‪ 25‬ـ‬
‫وقد كفره أيضا ابن أبي ليلى وكان ممن روماه بالكفر واستتابه من الزندقة ‪.‬‬
‫وقد روى اخلطيب يف تارخيه (‪ )377/13‬عن اخلالل بسنده عن إِمس ِ‬
‫اعيل بن محاد بن‬ ‫َ‬
‫أيب حنيفة قال قال أَبُو حنيفة ‪ :‬إن ابن أيب ليلى ليستحل مين ماال أستحل من هبيمة ‪.‬‬
‫ث روى اخلطيب أن ابن أيب ليلى كان يتمثل هبذه األبيات ‪:‬‬
‫إين شنيت املرجئني ورأيهم عُ َمر بن ذر وابن قيس املاصر‬
‫وعتيبة الدباب ال نرضى به وأبو حنيفة شيخ سوء كافر‬
‫روى البسوي في المعرفة (‪ )784/2‬والخطيب في تاريخه (‪ )502/15‬من طريق‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا ََي َي بن محزة َو َسعِيد يسمع أَن أَبَا حنيفة قَ َ‬
‫ال ‪ :‬لو أَن رجال َعبد‬ ‫أَيب ُمس ِهر قَ َ‬
‫ال َسعِيد ‪َ :‬ه َذا الكفر صراحا ‪.‬‬‫هذه النعل يتقرب هبا إىل اهلل ‪ ،‬مل أر بذلك بأسا فَـ َق َ‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )558/15‬بسند جيد عن طريف بن عبيد اهلل قال ‪:‬‬
‫مسعت ابن أيب شيبة وذكر أبا حنيفة ‪ ،‬فقال ‪ :‬أراه كان يهوديا ‪.‬‬
‫ذكر من كان يلعنه ‪:‬‬
‫ور ب ُن‬
‫صُ‬ ‫ال‪َ :‬حدثـَنَا َمن ُ‬ ‫روى العقيلي في الضعفاء (‪َ )1876‬حدثـَنَا أَبُو بَكر األَع َُ‬
‫ني قَ َ‬
‫ت ُشعبَةَ يَـل َع ُن أَبَا َحنِي َفةَ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ت َمح َاد ب َن َسلَ َمةَ َو َمسع ُ‬
‫اعي قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬
‫سلَمةَ أَبو سلَمةَ اخلز ِ‬
‫َ َ ُ َ َ َُ‬
‫[ وهذا سند صحيح رجاله ثقات من احلفاظ ]‬
‫ال َحدثـَنَا‬ ‫روى ابن حبان في المجروحين (‪ )65/3‬أَخبَـَرنَا َعلِي ب ُن َعب ِد ال َع ِزي ِز األُبَـلي قَ َ‬
‫ول ‪ :‬الل ُهم إِنا‬‫ت َجع َفَر ب َن ُُمَمد يَـ ُق ُ‬ ‫عمرو بن ُُممد األنس عن أَِيب البخ ِرتي قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫اعيل بن‬ ‫وِرثـنَا ه ِذهِ النبـوَة عن أَبِينَا إِبـر ِاهيم خلِ ِيل الرمح ِن ووِرثـنَا ه َذا البـيت عن أَبينَا إِمس ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم فَاج َعل لَعنَِيت َولَعنَةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخل ِيل الرمحَ ِن َوَوِرثـنَا َه َذا العل َم َعن َجدنَا ُُمَمد َ‬
‫ـ ‪ 26‬ـ‬
‫آبَائِي َوأَج َد ِادي َعلَى أَِيب َحنِي َفةَ ‪ [ .‬سنده فيه بعض من مل أعرفه ]‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )557/15‬ومن طريق ابن عساكر يف تارخيه (‪)5669‬‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا عبد اهلل بن ُُمَمد بن‬ ‫أَخبَـَرنَا البَـرقَ ِاين قَ َ‬
‫ال ‪ :‬أَخبَـَرنَا بشر بن أَمحَد اإلسفراييين قَ َ‬
‫سيار الفرهياين قال ‪ :‬مسعت القاسم بن عبد امللك أبا عثمان يقول ‪ :‬مسعت أبا مسهر‬
‫يقول ‪ :‬كانت األئمة تلعن أبا فالن على هذا املنرب ‪ ،‬وأشار إىل منرب دمشق قال‬
‫الفرهياين ‪ :‬وهو أَبُو حنيفة ‪.‬‬
‫[ رجاله ثقات إال القاسم ال يعرف هبذا اإلسم وقد وقع خطأ يف امسه فهو على األصح كما قال‬
‫ابن عساكر ‪ :‬قاسم بن عثمان أبو عبد امللك العبدي اْلوعي قلبه بعض الرواة ‪ ،‬وهو صدوق كما‬
‫قال أبو حات فعلى هذا يكون السند حسن ]‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا‬ ‫روى ابن قتيبة في مختلف الحديث (ص‪َ )102‬حدثَِين َسه ُل ب ُن ُُمَمد قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬جاءَ َر ُجل ِمن أَه ِل‬ ‫ت ََي َي ب َن ِخمنَف قَ َ‬ ‫األَصمعِي ‪ ،‬عن َمح ِاد ب ِن زيد قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ضهُ َعلَيه مما َكا َن يَسأ َُل َعنهُ‬‫ال َمش ِرِق إِ َىل أَِيب َحني َفةَ بِكتَاب منهُ ِمبَكةَ ‪َ ،‬ع ًاما أَوَل ‪ ،‬فَـ َعَر َ‬
‫ال ‪ :‬يَا َمع َشَر الن ِ‬‫اب َعلَى َرأ ِس ِه ‪ُ ،‬ث قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫اس أَتَـي ُ‬ ‫فَرجع َعن َذلك ُكله ‪ ،‬فَوضع الر ُج ُل التـَر َ‬
‫وج‬ ‫اب ‪ ،‬فَأَهرقت بِِه الدماء ‪ ،‬وأَن َكح ِِ‬ ‫َه َذا الرجل َعاما أَوًال ‪ ،‬فَأَفـتَ ِاين ِهب َذا ال ِكتَ ِ‬
‫ت به ال ُفُر َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ً‬
‫ُث َر َج َع َعنهُ ال َع َام ‪.‬‬
‫ف‬
‫ال لَهُ‪َ :‬كي َ‬ ‫دثين َسه ُل ب ُن ُُمَمد َع ِن ال ُمختَا ِر ب ِن َعمرو أَن الر ُج َل قَ َ‬ ‫قال ابْن قـتـ ْيبة ‪َ :‬ح ِ‬
‫ال ‪ :‬فَـتَأ َمنُِين أَن َال تَـَرى ِمن قَابَل‬ ‫ال ‪َ :‬كا َن َرأيًا َرأَيـتُهُ ‪ ،‬فَـَرأَي ُ‬
‫ت ال َع َام َغيـَرهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َه َذا ؟ قَ َ‬
‫ال لَهُ الر ُج ُل ‪ :‬لَ ِكين أَد ِري‬ ‫ِ‬
‫ك ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ف يَ ُكو ُن َذل َ‬ ‫ال أَبُو حني َفة ‪َ :‬ال أَد ِري َكي َ‬ ‫آخَر ؟ قَ َ‬
‫َشيئًا َ‬
‫ك لَعنَةَ الل ِه ) اهـ ـ ‪.‬‬ ‫أَن َعلَي َ‬
‫ـ ‪ 27‬ـ‬
‫وصفه بالضالل واإلضالل ‪:‬‬
‫عن س ْفيان الثوري قال ‪ :‬أبو حنيفة ض ٌّ‬
‫ال مضلٌّ »‬
‫[ سنده حسن ‪ :‬رواه أبو نعيم يف طبقات احملدثني بأصبهان (‪ )110/1‬ويف تاريخ أصبهان‬
‫(‪ )104/2‬ومن طريقه اخلطيب يف تارخيه (‪] )558/15‬‬
‫وروى الخطيب في تاريخه (‪ : )558/15‬أَخبَـَرنَا إبراهيم بن ُُمَمد بن سليمان املؤدب‬
‫ال ‪:‬‬
‫ال‪َ :‬حدثـَنَا سالمة بن ُممود القيسي قَ َ‬
‫ال‪ :‬أَخبَـَرنَا أَبُو بكر ابن املقرئ قَ َ‬
‫األصبهاين قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا رجاء السندي قال ‪ :‬قال عبد اهلل بن‬
‫َحدثَـنَا أيوب بن إسحاق بن سافري قَ َ‬
‫إدريس ‪ :‬أما أبو حنيفة فضال مضل ‪ ،‬وأما أبو يوسف ففاسق من الفساق‪.‬‬
‫[ سنده البأس به ‪ ،‬وقد ضاق ابن النجار يف ذيله هبذا األثر جدا ‪ ،‬ومل ينتقد سنده ]‬
‫عن مح َّمد بن بشار العبدي بندارا قال ‪ :‬قلما كان َعبد الرمحَن بن مهدي يذكر أبا‬
‫حنيفة إال قال ‪ :‬كان بينه وبين الحق حجاب ‪.‬‬
‫[ سنده صحيح رواه العقيلي يف الضعفاء (‪ )1876‬والبسوي يف املعرفة والتاريخ (‪)784/2‬‬
‫واخلطيب يف تارخيه (‪] )407 /13‬‬

‫ي َوذُكَِر أَبُو َحنِي َفةَ‬‫ت َعب َد الرمحَ ِن ب َن َمه ِد ٍّ‬ ‫ِ‬


‫الر ْحمن بْن عمر رسته قال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫عن ع ْبد َّ‬
‫ضلونَـ ُهم بِغَ ِري َعلِم أََال‬
‫ال ‪{ :‬لِيح ِملُوا أَوَزارهم َك ِاملَةً يـوم ال ِقيام ِة وِمن أَوَزا ِر ال ِذين ي ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫َساءَ َما يَِزُرو َن} [النحل ‪]25‬‬
‫[ رواه أبو نعيم يف احللية (‪ )11/9‬وابن حبان يف اجملروحني (‪ )70/3‬من طرق جيدة ]‬

‫تشبيهه باليهود والنصاري والزنادقة والملحدين ‪:‬‬


‫قد مضى أن بعض السلف شبه فتنته بالدجال وبإبليس وبالداء العضال ‪ ،‬ومضى أيضا‬
‫ـ ‪ 28‬ـ‬
‫تشبيهه برجل زنديق مصلوب يف الزندقة امسه أبو اخلطايا ونزيد هنا أوصافا شديدة منها ‪:‬‬
‫ما روى الخطيب في تاريخه (‪ )558/15‬قال أيوب بن شاذ بن َيي الواسطي‬
‫صاحب يزيد بن هارون قال ‪ :‬مسعت يزيد بن هارون يقول ‪ :‬ما رأيت قوما أشبه‬
‫بالنصارى من أصحاب أبي حنيفة ‪.‬‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )502/15‬اَخبَـَرنَا أَبُو َسعِيد احلَ َسن بن ُُمَمد بن حسنويه‬
‫ال‪:‬‬
‫ال‪ :‬أَخبَـَرنَا َعبد اهلل بن ُُمَمد بن عيسى بن مزيد اخلَشاب‪ ،‬قَ َ‬ ‫الكاتب بأصبهان‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪َ :‬حدثَِين َعبد‬ ‫ال‪َ :‬حدثـَنَا أَمحَد بن إِبـَر ِاهيم‪ ،‬قَ َ‬ ‫َحدثـَنَا أَمحَد بن مهدي بن رستم‪ ،‬قَ َ‬
‫ال يل شريك‪:‬‬ ‫السالم يعين ‪ :‬ابن َعبد الرمحَن َحدثَِين إمساعيل بن عيسى بن َعلي قَ َ‬
‫ال ‪ :‬قَ َ‬
‫يموا الصال َة َويـُؤتُوا الزَكا َة‬ ‫ال اهلل تعاىل {وي ِ‬
‫ق‬ ‫كفر أَبُو حنيفة بآيتني من كتاب اهلل تعاىل قَ َ‬
‫َُ ُ‬
‫ال اهلل تعاىل {لِيَـزَد ُادوا إِميَانًا َم َع إِميَاهنِِم} وزعم أَبُو حنيفة أَن‬
‫ين ال َقي َم ِة} َوقَ َ‬ ‫و َذلِ ِ‬
‫كد ُ‬‫َ َ‬
‫اإلميان ال يزيد وال ينقص ‪ ،‬وزعم أَن الصالة ليست من دين اهلل ‪.‬‬
‫قال المروذي ‪ :‬سألت أبا عبد الله عن أيب حنيفة وعمرو بن عبيد فقال ‪ :‬أبو حنيفة‬
‫أشد على املسلمني من عمرو بن عبيد ألن له أصحابًا‪ [ .‬تاريخ بغداد ‪]438 /13‬‬
‫وقد مضى قول ابن أبي شيبة‪ -‬وذكر أبا حنيفة‪ -‬فقال ‪ :‬أراد كان يهوديا‪.‬‬

‫عالقة أبي حنيفة بالجهم بن صفوان ‪:‬‬


‫مما يورط أبا حنيفة أكثر يف قضايا الزندقة أن عالقته باْلهم بن صفوان واضحة جدا ‪.‬‬
‫يم ثنا َخالِ ُد ب ُن ِخ َداش َعن‬ ‫فقد روى عبد اهلل في السنة (‪ )237‬حدثَِين أَمح ُد بن إِبـر ِ‬
‫اه‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫اب احل ِد ِ‬
‫ال ‪ :‬وَكا َن ِمن أَصح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫يث ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعبد ال َملك ب ِن قَريب األَص َمعي َعن َحازم الط َفاوي قَ َ َ‬
‫ـ ‪ 29‬ـ‬
‫اسا َن»‬ ‫ِِ ِ‬ ‫« أَبُو َحنِي َفةَ إِمنَا َكا َن يَـعمل بِ ُكتُ ِ‬
‫ب َجهم تَأتيه من ُخَر َ‬ ‫َُ‬
‫[ وهذا سند جيد رجاله ثقات وحازم الطفاوي أحد قدامى التابعني أدرك أبا ذر وروى عنه ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك ترمجته شحيحة يف كتب السري ‪ ،‬وكان من احملدثني كما قال األصمعي هنا ]‬
‫قال البخاري ‪َِ :‬مسعت إِمس ِ‬
‫اعيل بن عرعرة يَـ ُقول ‪ :‬قال أبو حنيفة جاءت ْامرأة جهم‬‫َ‬
‫إل ْيـنا ههنا فأدبت نساءنا ‪ [ .‬سنده حسن تاريخ البخاري األوسط (‪ )1723‬والصغري‬
‫(‪ )1723‬وإلمساعيل هذا متابعة عند اخلطيب يف تارخيه (‪] )506/15‬‬
‫(قلت) وامرأة جهم هذه ملعونة زنديقة كافرة ‪ ،‬فأي أدب يكون منها ‪ ،‬وقصة قدومها‬
‫مشهورة ‪ ،‬وقد قال األصمعي ‪ :‬قدمت امرأة جهم ‪ ،‬وقال رجل عندها اهلل على عرشه‬
‫فقالت ‪ُ :‬مدود على ُمدود ‪ ،‬قال األصمعي ‪ :‬هي كافرة هبذه املقالة ‪ ،‬أما هذا الرجل‬
‫وامرأته فما أواله بأن سيصلى نارا ذات هلب وامرأته محالة احلطب‪".‬‬
‫[ وأورده ابن تيمية يف الفتاوى (‪ )53/5‬أورده الذهيب يف العلو (ص‪ )118‬والعرش (‪)182‬‬
‫وكذلك يف األربعني يف صفات رب العاملني (ص‪ )41‬وأورده ابن القيم يف اجتماع اْليوش‬
‫اإلسالمية (ص‪ )225‬وعزاه البن أيب حات ]‬
‫ال مكي بن إِبـر ِاهيم ‪ :‬دخلَ ِ‬
‫ت امَرأَةُ َجهم‬ ‫ُ َ َ ََ‬ ‫وروى ابن بطة في اإلبانة الكبرى (‪ )143‬قَ َ َ‬
‫يم إِن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يم ‪َ ،‬وَكانَت امَرأَةً َدي َدانيةً تَـب ُدو أَسنَانـُ َها ‪ ،‬فَـ َقالَت ‪ :‬يَا أُم إبـَراه َ‬
‫َعلَى امَرأَيت أُم إبـَراه َ‬
‫ك ه ِذهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َه َذا ال ِذي َُيَد ُ‬ ‫َزوج ِ‬
‫ث َع ِن ال َعر ِش َمن َجنَرهُ ؟ فَـ َقالَت َهلَا ‪َ :‬جنَرهُ الذي َجنَر أَسنَانَ َ‬ ‫َ‬
‫وعن أبو اِلخنس الكناني قال ‪َ :‬رأَيت أَبَا حنيفة أَو َحدثَِين الثقة أَنهُ رأى أَبَا حنيفة‬
‫اسان يقود مجلها بظهر الكوفة ميشي ‪.‬‬
‫آخذا بزمام بعري موالة للجهم ‪ ،‬قدمت من ُخَر َ‬
‫[ سنده جيد رواه ابن شاهني يف السنة (‪ )33‬واخلطيب يف تارخيه (‪ )506/15‬من طريق أَمحَد بن‬
‫علي األبار قَ َال ‪ :‬حدثَـنَا منصور بن أَِيب مز ِ‬
‫احم قَ َال ‪َ :‬حدثَِين األخنس فذكره وهؤالء ثقات ]‬‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـ ‪ 30‬ـ‬
‫ملخص ما قيل فيه من أوصاف وألقاب سوء فضيعة ‪:‬‬
‫ال أريد مجع ما روي يف هذا ألنه كثري لكن أختصر األلقاب واألوصاف هنا بسرعة ‪:‬‬
‫( اْلهمي املرجئ اخلارجي ‪ ،‬أبو جيفة ‪ ،‬اْلرب ‪ ،‬الداء العضال ‪ ،‬الدجال ‪ ،‬البعر‬
‫النبطي ‪ ،‬ابن السيب ‪ ،‬املشؤوم ‪ ،‬الضال املضل ‪ ،‬اهلالك ‪ ،‬الفاسد ‪ ،‬الضار ‪ ،‬الشيطان‬
‫إبليس ‪ ،‬الفتنة ‪ ،‬الشر ‪ ،‬ال ُـمتعسف ‪ ،‬صاحب رأي ‪ ،‬الصاد عن سبيل اهلل ‪ ،‬الناقض‬
‫لعرى اإلسالم ‪ ،‬املستحل للحرمات ‪ ،‬صاحب اخلصومات ‪ ،‬املشغب ‪ ،‬أسود الوجه ‪،‬‬
‫ُمضيع األصول ‪ ،‬خيط السحارة ‪ ،‬مبطل الشرائع واألحكام ‪ ،‬املعلون ‪ ،‬صاحب الفجور‬
‫الزِمن اليهودي ‪ ،‬الزنديق ‪ ،‬الناقة الشاردة ‪ ،‬صاحب اهلوى ‪ ،‬غري مأمون ‪ ،‬ليس بثقة‬
‫َ‬
‫الضعيف ‪ ،‬الكذاب ‪ ....‬وأخريا الكافر املشرك ‪ ،‬وأشياء كثرية مبعثرة يف كتب الرتاجم‬
‫والسري والسنة ومروية باألسانيد الصحيحة واحلسنة ال يدفعها إال جاهل أو معاند )‬

‫استعمل العاذرية وأهل الضالل والتجهم واإلرجاء عدة طرق للدفاع عن وكيلهم ‪:‬‬
‫الطريق اِلول ‪ :‬تكذيب كل ما روي عن السلف يف هذا الباب ‪ ،‬والطعن يف من طعن‬
‫يف إمامهم ‪ ،‬بسوء النية واحلسد وسوء املقصد والغرض !! وما إىل ذلك مما قالوه منذ‬
‫ـ ‪ 31‬ـ‬
‫عشر قرون وال زال صدى تلك األقوال إىل يومنا هذا ‪ ،‬وممن تزعم هذه الطريقة الكثري‬
‫على رأسهم ‪ :‬ابن عبد الرب وابن النجار وابن تيمية والكوثري والكثري من املعاصرين ‪.‬‬
‫وكل هؤالء اختاروا الفضيحة العلمية ‪ ،‬اليت تؤدي إىل الزندقة بطعنهم يف السلف ‪.‬‬
‫الطريق الثاني ‪ :‬اخفاء كل ما روي عن السلف يف هذا الزنديق ‪ ،‬واحلرص على عدم‬
‫نشره وبقاءه يف طي النسيان بكل وسيلة ‪ ،‬وممن استعمل هذه الطريق اخلبيث كبار‬
‫املعاصرين من أفراد اللجنة الدائمة ‪ ،‬وقد مزقوا الفصل املذكور يف كتاب السنة لعبد اهلل‬
‫بن أمحد وطبعوه بدونه !! وادعوا أنه مصلحة شرعية ‪ ،‬قطع اهلل لساهنم ومزق ملكهم ‪.‬‬
‫وهذان الطريقان ال َيتاجان ْلواب ‪ ،‬بل َيتاج لقاضي شرعي والسوط والنطع ‪.‬‬
‫الطريق الثالث ‪ :‬الدعوى أنه تاب ورجع عما نسبه السلف إليه !! وهذا فقط ما‬
‫يستحق أن يسمى شبهة ‪ ،‬وَيتاج إىل جواب ورد باألدلة ‪ ،‬فنقول وباهلل التوفيق ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬يقال أبو حنيفة له عدة نواقض وقع فيها ‪ ،‬فإن افرتضنا توبته من واحد بقيت‬
‫الكفريات األخرى َتتاج إثبات ‪ ،‬وهبذا يكون أمره منتهي ‪ ،‬فال حاجة للمجادل عنه أن‬
‫خيرف للدافاع عن خمرف ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬فقد ثبت أنه كان يدعي الرجوع تقية وأنه مات جهميا من عدة جهات ‪.‬‬
‫‪ /1‬مضى قول صاحبه المالزم له والعارف به أبو يوسف القاضي بالسند الصحيح أنه‬
‫قال مات أبو حنيفة جهميا ‪.‬‬
‫‪ /2‬ثبت أن ادعائه التوبة كان تقية ‪ ،‬وهلذا ملا علم أصحابه وحفيده هذا ‪ ،‬بقوا ينسبون‬
‫له القول ِبلق القرآن بعد موته ‪ ،‬وبقي حفيده وابنه على القول ِبلق القرآن تبعا له ‪.‬‬
‫ت عُ َمَر ب َن َمح ِاد ب ِن‬ ‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )238‬حدثَِين سفيا ُن بن وكِيع قَ َ ِ‬
‫ال‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َُ َُ‬ ‫َ‬
‫ـ ‪ 32‬ـ‬
‫اد ب ُن أَِيب َحنِي َفةَ قَ َ‬
‫ال ‪ :‬أَر َس َل اب ُن أَِيب لَيـلَى إِ َىل أَِيب فَـ َق َ‬
‫ال‬ ‫ال ‪ :‬أَخبَـَرِين أَِيب َمح ُ‬ ‫أَِيب َحنِي َفةَ قَ َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ك ِمبَا تَكَرهُ قَ َ‬
‫ال ‪ :‬فَـتَابَـ َعهُ قُـل ُ‬ ‫ت َعلَي َ‬ ‫ِ‬
‫ول ِيف ال ُقرآن أَنهُ َخملُوق َوإِال أَق َدم ُ‬ ‫لَهُ ‪ :‬تُب ِمما تَـ ُق ُ‬
‫ال ‪ :‬يا بـن َّي خ ْفت أ ْن يـ ْقدم عل َّي فأ ْعط ْيت تقيَّة »‬ ‫ت ذَا ؟ قَ َ‬ ‫ف فَـ َعل َ‬
‫يَا أَبَه َكي َ‬
‫[ سنده صحيح ورواه الكرماين يف السنة (‪ )424‬وابن حبان يف اجملروحني (‪ )64/3‬واخلطيب‬
‫(‪] )516/15‬‬
‫وفي لفظ ‪ ( :‬قال ‪ :‬قلت يا أبي ‪ :‬أليس هذا رأيك ؟ قال نعم يا بني وهو اليوم‬
‫أيضا رأيي ‪ ،‬ولكن أعطيتهم التقية ) ‪.‬‬
‫(قلت) وقد نبه محاد بن زيد أنه ملا خاف القتل استعمل التقية ليخفي مذهبه زندقته ‪.‬‬
‫اإلر َج ِاء ‪ ،‬فـل َّما‬‫اصم ِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ‪ :‬أَتَد ُرو َن َما َكا َن أَبُو َحني َفةَ ‪ ،‬إمنَا َكا َن خيَ ُ‬‫فعن َمحاد بن زيد قَ َ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم‬ ‫ِ ِ‬
‫اس ُسنَ َن َر ُسول اهلل َ‬ ‫ِ‬
‫تخ َّوف على م ْهجته ‪ ،‬تَ َكل َم يف الرأ ِي ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ق‬ ‫ـ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ول اهللِ صلى اهلل علَي ِ‬
‫ه‬ ‫ضها بِبـعض لِيب ِطلَها وسنَن رس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُ ُ َُ‬ ‫بَـع َ َ َ‬
‫[ احللية (‪ ) 258/6‬ورواه عبد اهلل يف السنة خمتصرا بسند صحيح ]‬
‫يل ب َن َمح ِاد‬ ‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )235‬حدثَِين أَبو موسى األَنصا ِري َِمسع ِ ِ‬
‫ت إمسَاع َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين آبَائِِه يَـع ِين ال ُقرآ ُن َخملُوق »‬ ‫ول ‪ « :‬هو ِدينُه وِ‬
‫د‬ ‫ب ِن أَِيب َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬
‫َُ ُ َ ُ‬
‫[ أثر صحيح وذكره ابن عدي يف الكامل (‪ )313/1‬وسنده صحيح ‪ ،‬وقد ثبت أن حفيده قال‬
‫هذا بعد موته أيام احملنة ]‬
‫يم اب ُن َعم أَمحَ َد ب ِن َمنِيع‬ ‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )406‬حدثَِين إِسح ُ ِ ِ‬
‫اق ب ُن إبـَراه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صبَـيح أَخبَـَرِين أَبُو َعمرو الشيبَ ِاين قَ َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫يد ب ُن ُ‬‫احد ‪ِ :‬منـ ُهم أَبُو عُث َما َن َسعِ ُ‬ ‫أَخبـرِين َغيـر و ِ‬
‫ََ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَما وِ ِ ِ‬
‫ت‪:‬‬‫ت َعلَيه فَـ ُقل ُ‬
‫ت َحىت َد َخل ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ال ‪َ :‬م َ‬ ‫يل ب ُن َمحاد ب ِن أَِيب َحني َفةَ ال َق َ‬
‫ضاءَ قَ َ‬ ‫يل إمسَاع ُ‬‫ََ‬
‫ـ ‪ 33‬ـ‬
‫ال ‪ :‬هذا ديني ودين آبائي ‪ ،‬فَِ‬ ‫ول ‪ :‬ال ُقرآ ُن َك َالم الل ِ‬
‫يل‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫وق‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫خم‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫بَـلَغَِين أَن َ‬
‫ك تَـ ُق ُ‬
‫ال ‪ :‬فَ َما َرد َعلَي‬
‫ني َخلَ َقهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَهُ ‪َ :‬م َىت تَ َكل َم هبَ َذا قَـب َل أَن َخيلَُقهُ أَو بَـع َد َما َخلَ َقهُ أَو ح َ‬
‫ول وركِب ِ‬
‫ت محَا ِري َوَر َجع ُ‬
‫ت ‪".‬‬ ‫ت ‪ :‬يَا َه َذا ات ِق اللهَ َوانظُر َما تَـ ُق ُ َ َ ُ‬ ‫َحرفًا ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫[ صحيح ‪ :‬وأورده االبن عدي يف الكامل (‪َ )313/1‬نوه خمتصرا ولفظه ‪ ( :‬هذا ديين ودين أيب‬
‫وجدي ) وفيه أنه مسعه يقول هذا يف دار املأمون ]‬
‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )231‬حدثَِين َُممود بن َغي َال َن ثنا ُُمم ُد بن سعِ ِ‬
‫يد ب ِن َسلم‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫صنع به مات‬ ‫ال ‪ « :‬وما ت ْ‬ ‫ف َوُه َو ِجبُر َجا َن َعن أَِيب َحنِي َفةَ فَـ َق َ‬
‫وس َ‬
‫ت أَبَا يُ ُ‬ ‫َعن أَبِ ِيه قَ َ‬
‫ال َسأَل ُ‬
‫ج ْهميًّا » [ سند صحيح ‪ :‬ورواه ابن شاهني يف السنة (‪] )31‬‬
‫ورواه الخطيب في تاريخه بلفظ ‪ :‬قلنا أليب يوسف ‪ :‬مل ال َتَدثـَنَا عن أيب حنيفة ؟ قال‬
‫ما تصنعون به ؟ مات يوم مات يقول ‪ :‬القرآن مخلوق ‪.‬‬
‫ف أَ َكا َن أَبُو َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬
‫ول بَِقوِل َجهم ؟‬ ‫وروى سعيد بن سلْم قال ‪ :‬قُـل ِ‬
‫ت ألَِيب يُ ُ‬
‫وس َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال ‪ « :‬نَـ َعم » [ صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )232‬وابن شاهني يف السنة (‪] ) 32‬‬ ‫فَـ َق َ‬
‫(قلت) ولو كان أبو حنيفة تاب لقائل نعم لكنه تاب ورجع ‪ ،‬وقد قال ابن معني وأبو‬
‫زرعة أن أبا حنيفة كان جهميا ‪ ،‬وُها جاءا بعده بزمان ‪ ،‬ولو ثبت عندهم أنه تاب‬
‫الستثنوا واستدركوا هذا بقوهلما ‪ :‬لكنه تاب من جتهمه ‪ ،‬وغريُها كثريا قال هذا ‪.‬‬
‫وشبهة ثانية ‪:‬‬
‫قالوا زكاه مثال ‪ :‬ابن المبارك وابن معين والشافعي !!‬
‫والجواب سهل جدا وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم لكن جيحدون كما جتحد اليهود‬
‫ويضعون أيديهم فوق احلروف اليت هي ضدهم فيخبؤوهنا ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن هذه األمساء‬
‫ـ ‪ 34‬ـ‬
‫املذكورة ‪ ،‬ثبت عنها الطعن يف دين أيب حنيفة بأسانيد صحيحة ‪ ،‬اليت ال شك فيها ‪.‬‬
‫أما عبد ابن المبارك فقد تواتر النقل عنه أنه روى عن أيب حنيفة يف أول أمره ‪ ،‬ث ملا‬
‫عرفه استغفر من الرواية عنه وُمى كل مروياته عنه ‪ ،‬وأعلن ذلك يف الناس جهرا ‪ ،‬وأخذ‬
‫يطعن ويضلل يف أيب حنيفة وأصحابه ‪ ،‬ومضى معنا هنا منها الكثري ‪.‬‬
‫أما ابن معين فقال ضعف رأيه وحديثه وقال عنه كان جهميا والروايات يف هذا كثرية ‪.‬‬
‫ومثله الشافعي ‪ :‬له مرويات كثرية يف الطعن فيه ونقض مذاهبه وبيان فساد قوله ‪ ،‬وقد‬
‫ضربه يف األصول ‪ ،‬وال أريد أن أطيل بذكر الروايات عن هؤالء فهم يعرفوهنا جيدا ‪.‬‬
‫ولوا خشية اإلطالة لسودت ما يعادل هذا البحث من كالمهم ‪ ،‬ولكن نقول كما قيل‬
‫يف حكمة الصغار ‪ :‬هم ميثلون (الثرثار) وَنن منثل (ُمب اإلختصار) ‪.‬‬

‫حينما تعرف مناطات تضليل هذا الرجل ‪ ،‬سوف تدرك أن األمر ليس مبحل للنقاش‬
‫وأن أمره ُمسوم ‪ ،‬وسوف تدرك تلقائيا أن كل شبهة متسك هبا املخالف ‪ ،‬هي كعود‬
‫تعلق به الغريق ‪ ،‬ال تصلح بتاتا جملرد النظر فيها ‪ ،‬وإليك هذه احلقائق املخيفة ‪.‬‬
‫‪ /1‬استهزاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ورده له بعد العلم‬

‫ـ ‪ 35‬ـ‬
‫به ومعرفته ‪:‬‬
‫يعترب ما قام به أبو حنيفة من رد األحاديث بطريقة ساخرة استهزاء بالشرع وهو كفر بواح‬
‫ال شك فيه ‪ ،‬وهلذا اعتربه الكثري من أهل احلديث أنه معاند للنبوة ‪.‬‬
‫عن علي بن جرير قال ‪ُ :‬كنت يف الكوفة ‪ ،‬فقدمت البصرة ويها ابن املبارك فَـ َق َ‬
‫ال يل ‪:‬‬
‫ت ‪ :‬تركت بالكوفة قوما يزعمون أن أَبَا حنيفة أعلم من َر ُسول‬ ‫كيف تركت الناس ؟ قُـل ُ‬
‫ال ‪ُ :‬كفر ‪ [ ) ...‬تاريخ بغداد (‪] )558/15‬‬ ‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم قَ َ‬
‫اهلل‪َ ،‬‬
‫(قلت) وسبب هذه النتيجة احملتومة واليت يلزم هبا املخالف شاء أم أىب ‪ ،‬هي ما سبق‬
‫ذكره يف عنوان هذا الفصل ‪ ،‬وإليك ما قيل يف رده على النبوة ‪ ،‬وستعمل من خالل هذا‬
‫الفصل أن هذا السلف يعلمون أن أيب حنيفة يرد ويطعن ويسخر بعد العلم ووصول‬
‫النص إليه ‪ ،‬ال جبهل ‪ ،‬ال كما يدعي اخلونة أنه مل يصله النص فلم يعمل به !! ‪ :‬وهلذا‬
‫سأعطيك مثاال حىت تفهم أنه يعرف احلديث وصحته ث يستهزء به بعد ذلك ‪:‬‬
‫مثال ‪َ :‬يدثه ابن املبارك بسنده حديثا ‪ ،‬فريده ويسخر ‪ ،‬فتأمل معي يف هذه احلالة ‪:‬‬
‫من حدثه ؟ ‪ :‬اْلواب ‪ :‬عبد اهلل ابن املبارك ‪.‬‬
‫كيف حفظ ابن المبارك ؟ اْلواب ‪ :‬ثقة جبل متفق عليه بل أمري املؤمنني يف احلديث‪.‬‬
‫هل حدثه بالسند ؟ الجواب ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫النتيجة ‪ :‬قامت احلجة على وجوب قبول احلديث ‪ ،‬ورفضه يعترب جحود وكفرا له ‪.‬‬
‫وهنا مثال تطبيقي ‪:‬‬
‫ول الل ِه صلى اهلل َعلَي ِه َوسلم‬
‫يث رس ِ‬ ‫قال س ْفيان بن عيـيـنة ‪َ :‬كا َن أَبو حنِي َفةَ يض ِر ِ ِ ِ‬
‫ب حلَد َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ْ ْ‬
‫ال فـيـردُّه بعلْمه ‪ ،‬ح َّدثْـته ع ْن رسول الل ِه صلى اهلل َعلَي ِه َوسلم ( الْبـيِّـعان بالْخيار‬
‫األَمثَ َ‬
‫ـ ‪ 36‬ـ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف يَـف َِرتقُو َن !!‬‫ال أَبُو َحني َفةَ ‪ :‬أ ََرأَيـتُم إِن َكانُوا ِيف َسفينَة َكي َ‬ ‫ما ل ْم يـ ْفترقا ) فَـ َق َ‬
‫شٍّر ِمن َه َذا !! ‪ [ .‬اإلنتقاء البن عبد الرب (‪] )149/1‬‬ ‫قال س ْفيان ‪َ :‬هل َِمسعتُم بِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلى‬ ‫قال اِلوزاعي ‪ « :‬إِنا لَنَـنق ُم َعلَى أَِيب َحني َفةَ أنَّه كان يجيء الْحديث َع ِن النِيب َ‬
‫اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم ‪ ،‬فـيخالفه إلى غ ْيره » [ السنة لعبد اهلل (‪] )251‬‬
‫وروى عبد اهلل (‪َ )392‬ع ِن اب ِن ال ُمبَ َارِك أَنهُ َسأَلَهُ َر ُجل َعن َمسأَلَة فَ َحدثَهُ فِ َيها ِحبَ ِديث‬
‫ب اب ُن‬ ‫ض‬‫ف ه َذا فَـغَ ِ‬ ‫ال أَبو حنِي َفةَ ِِِب َال ِ‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫الر‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ع ِن النِيب صلى اهلل علَي ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم وتأْتيني‬ ‫ِ ِ‬
‫ك َعن َر ُسول الله َ‬ ‫ال ‪ « :‬أَرِوي لَ َ‬ ‫ضبًا َش ِد ً‬
‫يدا َوقَ َ‬ ‫ال ُمبَ َارِك َغ َ‬
‫برأْي رجل يـر ُّد الْحديث ‪َ ،‬ال َحدثـتُ ُك ُم اليَـوَم ِحبَ ِديث ‪َ ،‬وقَ َام »‬
‫ال ‪َ :‬كا َن َش ِريك َسي َئ الرأي ِجدًّا ِيف أَِيب َحنِي َفةَ‬ ‫وروى عبد اهلل (‪ )308‬قال أَبُو نـُ َعيم قَ َ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم‪".‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ول ‪ :‬م ْذهبـه ْم ر ُّد ْاِلثر َعن َر ُسول الله َ‬ ‫َوأَص َحابِِه َويَـ ُق ُ‬
‫ول الل ِه‬‫ت أَبا حنِي َفةَ خالف ِمائَـيت ح ِديث َعن رس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ‬ ‫وكان وكيع بْن الْج َّراح يـقول ‪َ :‬و َجد ُ َ َ‬
‫صلى اهلل َعلَي ِه َوسلم ‪ [ .‬تاريخ بغداد (‪] )532/15‬‬
‫وقال يوسف بن أسباط ‪ :‬رد أبو حنيفة أربعمائة أثر عن النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫[ صحيح ‪ :‬رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )378‬وتاريخ بغداد (‪] )407/13‬‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه‬ ‫ِ‬
‫قال ح َّماد بْن سلمة ‪َ :‬كا َن أَبُو حنيفة شيطانا استقبل آثار َر ُسول الله َ‬
‫َو َسل َم يردها برأيه ‪.‬‬
‫[ صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ )322‬والعلل معرفة الرجال (‪ )3586‬والكامل البن عدي (‪)8/7‬‬
‫تاريخ بغداد (‪] )408/13‬‬
‫وقال أبو إسحاق الفزاري ‪ :‬كان أبو حنيفة يجيئه الشيء عن النيب صلى اهلل عليه‬
‫ـ ‪ 37‬ـ‬
‫وسلم فيخالفه إىل غريه ‪ [ .‬تاريخ بغداد (‪] )532/15‬‬
‫وقال حماد بن سلمة ‪ :‬إن أبا حنيفة استقبل السنن واآلثار فردها برأيه ‪.‬‬
‫[ السنة لعبد اهلل (‪] )322‬‬
‫ب ب ُن َج ِرير فَ َذ َكرنَا َشيئًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن إ ْسحاق بْن عيسى قال ‪ُ :‬كنا عن َد َمحاد ب ِن َزيد َوَم َعنَا َوه ُ‬
‫ضا ِيف بَـولِِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد ب ُن َزيد ‪ :‬اس ُكت َوَال يَـَز ُال الر ُج ُل من ُكم َداح ً‬ ‫ال َمح ُ‬ ‫ِمن قَـوِل أَِيب َحنِي َفةَ قَ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ط ِمن أَعيُنِ ِهم ‪ُ ،‬ث أَقـبَ َل َعلَيـنَا َمحاد فَـ َق َ‬‫س َع ِش َريتِِه َحىت يَس ُق َ‬ ‫يَذ ُكُر أَهل البِ َد ِع ِيف َجملِ ِ‬
‫َ‬
‫ف َعلَى ُمه َجتِ ِه تَ َكل َم‬ ‫اإلر َج ِاء فَـلَما َختَو َ‬
‫اصم ِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أَتَد ُرو َن َما َكا َن أَبُو َحني َفةَ ‪ ،‬إمنَا َكا َن خيَ ُ‬
‫صلى اهللُ َعلَي ِه َو َسل َم بـ ْعضها ببـ ْعض لي ْبطلها َو ُسنَ ُن‬ ‫ِ ِ‬
‫اس ُسنَ َن َر ُسول اهلل َ‬ ‫يف الرأ ِي ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ِ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صلى اهللُ َعلَيه َو َسل َم َال تُـ َق ُ‬ ‫َر ُسول اهلل َ‬
‫[ احللية (‪ )258/6‬ورواه عبد اهلل يف السنة خمتصرا بسند صحيح ]‬

‫يل ب ُن أَِيب أ َُويس قال َمالِك ‪ :‬أَبُو َحنِي َفةَ‬


‫َ ُ‬
‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )295‬عن إِمساعِ‬
‫ض السنَ َن ‪.‬‬
‫يَـنـ ُق ُ‬
‫وسبق قول مطرف أنهم سألوا مالكا عن تفسري ( الداء العضال ) يف هذا احلديث ؟‬
‫فقال هو أبو حنيفة وأصحابه ‪ ،‬وذلك أنه ضلل الناس بوجهني ‪ :‬باإلرجاء ‪ ،‬وبنقض‬
‫السنن بالرأي ‪ [ .‬تفسري غريب املوطأ (‪] )63/2‬‬
‫وقال أحمد ‪ :‬تركنا أصحاب الرأي ‪ِ ...‬لنهم معادون للحديث ال يفلح منهم أحد ‪.‬‬
‫[ رواه ابن هانئ يف مسائله (‪] )1930‬‬
‫وقال أحمد أيضا فيما نقل عنه الكرماني في السنة ‪ :‬وأصحاب الرأي ‪ :‬وهم مبتدعة‬
‫وقياسا واستحسانًا ‪ ،‬وهم يخالفون اآلثار‬
‫ضالل أعداء السنة واألثر ‪ ،‬يرون الدين رأيًا ً‬
‫ُ‬
‫ـ ‪ 38‬ـ‬
‫ويبطلون الحديث ويردون على الرسول ‪ ،‬ويتخذون أبا حنيفة ومن قال بقوله ً‬
‫إماما‬
‫يدينون بدينهم ‪ ،‬ويقولون بقوهلم ‪ ،‬فأي ضاللة أبني ممن قال هبذا أو كان على مثل هذا‬
‫وردا )‬
‫أي أيب حنيفة وأصحابه فكفى هبذا غيًّا وطغيانًا ًّ‬
‫ويتبع ر َ‬
‫قول الرسول وأصحابه ُ‬
‫يرتك َ‬
‫ُ‬
‫وفي مسائل أبي داود (ص‪ )276‬قال ‪ :‬مسعت أمحد ذكر شيئا من أمر أصحاب الرأي‬
‫فقال ‪ :‬يحتالون لنقض سنن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫وفي الضعفاء ِلبي زرعة (‪ )716/2‬قال البردعي ‪ :‬ورأى أبو زرعة يف كتايب حديثا‬
‫عن أيب حات عن شيخ له عن أيوب بن سويد عن أيب حنيفة حديثا مسندا وأبو حات‬
‫جالس إىل جنبه فقال يل ‪ :‬من يعاتب على هذا أنت ‪ ،‬أو أبو حات ‪ :‬قلت ‪ :‬أنا قال‪:‬‬
‫مل ؟ قلت ‪ :‬ألين جربته على قراءته ‪ ،‬وكان بابا فقرأه على بعد جهد ‪ ،‬فقال يل قوال‬
‫غليظاً أنسيته يف كتايب ذلك الوقت ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬إن إبراهيم بن أورمة كان يعين بإسناد‬
‫أيب حنيفة ‪ ،‬فقال أبو زرعة ‪" :‬إنا هلل وإنا اليه راجعون ‪ ،‬عظمت مصيبتنا يف إبراهيم يعين‬
‫به ‪ ،‬ألي معىن يصدقه التباعه ؟ التقانه ؟ ث ذكر كالم غليظا يف إبراهيم مل أخرجه ها‬
‫هنا !! ‪ ،‬ث قال ‪ :‬رحم اهلل أمحد بن حنبل بلغين أنه كان يف قلبه غصص من أحاديث‬
‫ظهرت ‪ ،‬عن املعلى بن منصور ‪ ،‬كان َيتاج إليها وكان املعلى أشبه القوم بأهل العلم ‪،‬‬
‫وذلك أنه كان طالبة للعلم ورحل وعين به فصرب أمحد عن تلك األحاديث ومل يسمع منه‬
‫حرفاً ‪ ،‬وأما علي بن املديين ‪ ،‬وأبو خيثمة وعامة أصحابنا مسعوا منه ‪ ،‬وأي شيء يشبه‬
‫املعلى من أيب حنيفة املعلى صدوق ‪ ،‬وأبو حنيفة يوصل األحاديث ‪ ،‬أو كلمة قاهلا أبو‬
‫زرعة‪ ،‬هذا معناها ‪ .‬ث قال يل أبو زرعة ‪ :‬حدث عن موسى بن أيب عائشة عن عبد اهلل‬
‫بن شداد ‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فزاد يف احلديث عن جابر ‪ ،‬يعين‬
‫ـ ‪ 39‬ـ‬
‫حديث القراءة خلف ويقول‪" :‬القرآن خملوق ‪ ،‬ويرد على رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ويستهزىء باآلثار ‪ ،‬ويدعو إىل البدع والضالالت ث يعين حبديثه مايفعل هذا‬
‫إال غيب جاهل ‪ ،‬أو َنو ما قال ‪ ،‬وجعل َيرد على إبراهيم ‪ ،‬ويذكر أحاديث من رواية‬
‫أيب حنيفة ال أصل هلا ‪ ،‬فذكر من ذلك حديث علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه ‪:‬‬
‫الدال على اخلري كفاعله" وأنكر عليه حديثاً آخر يرويه عن علقمة بن مرثد عن ابن‬
‫بريدة ‪ ،‬حديث عمر‪" :‬جاء جربيل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال ‪ :‬ما اإلميان ‪..‬‬
‫قال أبو زرعة ‪ :‬فجعل هو ‪ ،‬وأبو سنان اإلميان شرائع اإلميان وذكر أحاديث قد أوهم‬
‫فيها ‪ ،‬وأنكرها من رواياته ‪ ،‬ث قال يل ‪" :‬من قال القرآن خملوق فهو كافر فيعين مبا أسند‬
‫الكفار أي قوم هؤالء ) اهـ ـ ‪.‬‬
‫(قلت) أبو زرعة هنا يكفره وينكر على من يروي عنه ويقول له ‪ :‬كيف تروي عن كافر‬
‫األحاديث ؟!! واعترب رده للوحي واستهزاء يف ضمن قائمة الكفريات ‪.‬‬
‫قال ابن قتيبة في مختلف الحديث (ص‪ )107‬بعد ذكر أمثلة عن خمالفات أيب حنيفة‬
‫اب الل ِه َكأَنـ ُهم َمل يَـقَرءُوهُ !! ‪ ....‬قال ‪:‬‬
‫للكتاب والسنة ‪ " :‬وأَعظَم ِمنـها ‪ُ ،‬خمَالََفةُ كِتَ ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وه َذا وأَشب ِ‬
‫صلى اللهُ‬‫اههُ من ُخمَالََفة ال ُقرآن َال عُذ َر فيه ‪ ،‬وال ع ْذر في مخالفة رسول الله َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫َعلَي ِه َو َسل َم بـ ْعد الْعلْم بق ْوله ) اهـ ـ ‪.‬‬
‫(قلت) فالحظ أن كل السلف قالوا أن أبا حنيفة يرد بعلم وعمد ال عن جهل ‪.‬‬
‫وسأذكر هنا نماذج من سخرياته بالنصوص الشرعية ‪:‬‬
‫ـ ـ حديث النهي عن الخروج عن الحكام قال عنه ‪ :‬هذا حديث خرافة !!‬
‫[ راجع السنة لعبد اهلل بن أمحد (‪ )304‬و (‪ )351‬والسنة للكرماين (‪ )537‬واجملروحني‬
‫ـ ‪ 40‬ـ‬
‫(‪ )70/3‬وتاريخ بغداد (‪ )533/15‬وسنده صحيح ] ‪.‬‬
‫ـ ـ وقال عن حديث ( أفطر احلاجم واحملجوم ) ‪ :‬هذا سجع !! كما سيأيت ‪.‬‬
‫ـ ـ قال أبو صالح الفراء سمعت يوسف بن أسباط يقول ‪ :‬رد أَبُو حنيفة على رسول‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم أربع مائة حديث أو أكثر قلت له ‪ :‬يا أبا ُُمَمد تعرفها ؟ قال ‪:‬‬ ‫اهلل َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم ‪ :‬للفرس‬
‫ول اهلل َ‬ ‫نعم ‪ ،‬قلت ‪ :‬أَخبَـَرِين بشيء منها ‪ ،‬فقال ‪ :‬قَ َ‬
‫ال َر ُس ُ‬
‫سهمان وللراجل سهم ‪ .‬قال أَبُو حنيفة ‪ :‬أنا ال أجعل سهم هبيمة أكثر من سهم املؤمن‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم وأصحابه البدن وقال أَبُو حنيفة ‪ :‬اإلشعار ُمثـلَة‬
‫وأشعر رسول اهلل َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم‪ " :‬البيعان باخليار ما مل يتفرقا "‪.‬وقال أَبُو حنيفة ‪ :‬إذا وجب‬
‫وقال َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم " يقرع بني نسائه إذا أراد أن خيرج يف‬
‫البيع فال خيار ‪ ،‬وكان النيب‪َ ،‬‬
‫سفر "‪ ،‬وأقرع أصحابه ‪ ،‬وقال أَبُو حنيفة ‪ :‬القرعة قمار !! وقال أَبُو حنيفة ‪ :‬لو أدركين‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم وأدركته ألخذ بكثري من قويل ‪ ،‬وهل الدين إال الرأي احلسن ؟‬ ‫النيب َ‬
‫[ ذكره يف تاريخ بغداد (‪] )530/15‬‬
‫ـ ـ وعن أبي إسحاق الفزاري قال ‪ :‬كنت آيت أبا حنيفة أسأله عن الشيء من أمر الغزو‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه‬ ‫فسألته عن مسألة فأجاب فيها ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬إنه يروى فيها عن النيب َ‬
‫ال ‪ :‬وسألته يوما آخر عن مسألة ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫َو َسل َم كذا وكذا ‪ ،‬قال ‪ :‬دعنا من هذا !! قَ َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم فيه كذا‬‫فأجاب فيها ‪ ،‬قال ‪ :‬فقلت له ‪ :‬إن هذا يروى عن النيب َ‬
‫وكذا ‪ ،‬فقال ‪ :‬حك هذا بذنب خنزير !! ‪ [ .‬تاريخ بغداد (‪] )530/15‬‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم‬
‫وعن علي بن عاصم يقول ‪َ :‬حدثَـنَا أبا حنيفة حبديث عن النيب َ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم فقال ‪ :‬ال آخذ به !! ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬ال آخذ به ‪ ،‬فقلت ‪ :‬عن النيب َ‬
‫ـ ‪ 41‬ـ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ألَِيب َحني َفةَ ‪ :‬نَافع ‪َ ،‬ع ِن اب ِن عُ َمَر أَن النِيب َ‬
‫صلى اللهُ‬ ‫ع ْن ب ْشر بْن مفضَّل قال ‪ :‬قُـل ُ‬
‫ال ‪َ :‬ه َذا َر َجز !!‬‫ان بِاخلِيَا ِر َما َمل يَـتَـ َفرقَا ) قَ َ‬
‫ال ‪ ( :‬البـيـع ِ‬
‫ََ‬ ‫َعلَي ِه َو َسل َم قَ َ‬
‫ِ‬
‫صلى اللهُ‬ ‫س َجا ِريَة بَـ َ‬
‫ني َح َجَري ِن ‪ ،‬فَـَر َ‬
‫ض َخ النِيب َ‬ ‫ض َخ َرأ َ‬ ‫ت ‪ :‬قَـتَ َادةُ َعن أَنَس أَن يَـ ُهوديًّا َر َ‬ ‫قُـل ُ‬
‫ال ‪َ :‬ه َذيَا ُن !! ‪.‬‬ ‫ني َح َجَري ِن "‪ .‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫َعلَيه َو َسل َم َرأ َسهُ بـَ َ‬
‫[ اجملروحني (‪ )70/3‬وتاريخ بغداد (‪ )4550‬وابن عبد يف اإلنتقاء (‪] )149/1‬‬
‫ض ِاء عُ َمَر ‪ ،‬أَو ِمن قَـوِل عُ َمَر ِيف‬
‫ضاء من قَ َ‬
‫الصمد عن أبيه قال ‪ :‬وذُكِر لَه قَ ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وعن ع ْبد َّ‬
‫ال ‪َ :‬ه َذا قَـو ُل َشيطَان !! ‪.‬‬ ‫الو ِ‬
‫الء ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫َ‬
‫ول‪ِ :‬من أَص َح ِايب َمن يَـبُ ُ‬
‫ول‬ ‫ت أَبَا َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫السيناني قال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ضل بْن موسى ِّ‬ ‫عن الْف ْ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه و َسلم " إِ َذا َكا َن الماء قُـلتَـ ِ‬
‫ني َمل يَـن َجس ‪".‬‬ ‫ني يَـُرد َعلَى النِيب َ‬ ‫قُـلتَـ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫وعن وكيع قال ‪ :‬سأل ابن املبارك أبا حنيفة عن رفع اليدين يف الركوع فقال أَبُو حنيفة ‪:‬‬
‫يريد أن يطري فريفع يديه ؟ قال وكيع ‪ :‬وكان ابن املبارك رجال عاقال ‪ ،‬فقال ابن املبارك‪:‬‬
‫إن كان طار يف األوىل فإنه يطري يف الثانية ‪ ،‬فسكت أَبُو حنيفة ومل يقل شيئا ‪.‬‬
‫(قلت) واِلمثلة كثيرة جدا ال يمكنني تتبعها كلها ‪ ،‬فقد اختصرت منها نماذج على‬
‫ما يفعله هذا الشخص بجنونه الغريب ‪ ،‬وقد بوب لها ابن أبي شيبة في مصنفه‬
‫(‪ ( )533/15‬الرد على أبي حنيفة ) وذكر ما يقارب (‪ )120‬حديثا كمثال لما‬
‫رده أبو حنيفة ‪ ،‬وقال في أول رده ‪ ( :‬هذا ما خالف به أبو حنيفة اِلثر الذي جاء‬
‫عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ) ‪..‬‬
‫‪ /2‬كلمة كفر في حق النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬

‫صلى اهللُ َعلَي ِه‬ ‫عن يوسف بن أسباط قال ‪َ :‬كا َن أَبُو َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬
‫ول « لَو أَد َرَك ِين النِيب َ‬
‫ـ ‪ 42‬ـ‬
‫ين إِال الرأي !! »‬ ‫ِ‬ ‫وسلم أَو أَدركتُه َأل ِ ِ ِ‬
‫َخ َذ ب َكثري مين ‪َ ،‬ومن قُ ِويل ‪َ ،‬وَه ِل الد ُ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫[ صحيح رواه عبد اهلل يف السنة (‪ )300‬وابن حبان يف اجملروحني (‪ )64/3‬والكامل البن عدي‬
‫(‪ )239/8‬واخلطيب (‪] )532/15‬‬
‫تاب‬ ‫(قلت) هل رأيت كاليوم متكربا مثله !! يقول اهلل تعاىل لنبيه ‪ { :‬إِنا أَنـزلنا إِلَي َ ِ‬
‫ك الك َ‬ ‫َ‬
‫اس ِمبا أَر َاك اللهُ } وهذا أبو جيفة ‪ ،‬يقول البد يأخذ برأيي ويشرع‬ ‫ِ‬
‫بِاحلَق لتَح ُك َم بـَ َ‬
‫ني الن ِ‬
‫به األحكام !! فجعل من نفسه طاغوتا يشرع بالرأي !! أعوذ باهلل من الزيغ والضالل ‪.‬‬
‫وضعه للحيل المليئ بالكفريات ‪:‬‬
‫ويف هذه احليل كتاب مجعه ُممد بن احلسن من أجوبة وفتاوي أيب حنيفة ومساه ( كتاب‬
‫احليل ) أثبته له ابن املبارك ومساه (كتاب احليل أليب حنيفة) وبني ما فيه أنه كفر ومثله‬
‫النضر بن مشيل وشريك وحفص بن غياث وهو ممن جالس أبا حنيفة كما قال بنفسه‬
‫ومثلهم قاله أمحد وغريه ‪ ،‬وهؤالء أعرف الناس به ‪ ،‬وال فائدة من إنكاره كما فعل ذاك‬
‫الكوثري وحشد كل الشبه لدفعه ‪ ،‬ألن احليل ـ ـ سواء يف هذا الكتاب أو خارجه ـ ـ هي‬
‫مذهب أليب حنيفة وأصحابه ولألحناف عموما ‪ ،‬فهم ال خيجلون من إظهارها ‪ ،‬والعمل‬
‫هبا بل هم يبيحون احليل أصال ‪ ،‬وال زالوا يؤلفون يف احليل على طريقة ذاك الكتاب‬
‫ككتاب "احليل أليب بكر اخلصاف احلنفي" الذي صار عمدة عند األحناف ‪ ،‬وهو على‬
‫نسق احليل املذمومة ‪ ،‬والزالوا ينقلون من كتاب احليل أليب حنيفة الذي ألفه ُممد بن‬
‫احلسن ومساه بامسه ‪ ،‬وَييلون إليه يف كتبهم ‪.‬‬
‫ويقول ذاك العسقالني في الفتح (‪َ : )326/12‬وقَ ِد اشتَـ َهَر ال َقو ُل بِاحلِيَ ِل َع ِن احلَنَ ِفي ِة‬
‫ف فِ َيها كِتَابًا ) اه ـ ـ‬
‫صن َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وس‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫َيب‬
‫أ‬ ‫لِ َكو ِ‬
‫ن‬
‫ـ ‪ 43‬ـ‬
‫بل السرخسي الحنفي وهو عمدة األحناف ‪ ،‬هو نفسه ينقل من كتاب احليل ويقول‬
‫قال أبو حنيفة ‪ ،‬أنظر املثال املبسوط (‪ )104/2‬و(‪ )304/30‬بل إنه ملا ذكر قول‬
‫ول‪ُ :‬ه َو ِمن‬
‫اْلوزجاين حني أنكر كتاب احليل ‪ ،‬عارضه فقال ‪َ :‬وأَما أَبُو َحفص َكا َن يَـ ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫تَصنِ ِ‬
‫َصح ) اه ـ ‪.‬‬ ‫يف ُُمَمد ‪َ ،‬وَكا َن يَـرِوي َعنهُ َذل َ‬
‫ك‪َ ،‬وُه َو األ َ‬
‫وللسرخسي شرح على كتاب الحيل كما ذكر النعماين احلنفي ‪.‬‬
‫وأثبته أيضا السمرقندي الحنفي يف كتابه َتفة الفقهاء (‪. )72/2‬‬
‫(قلت) وُممد بن احلسن مساه كتاب احليل أليب حنيفة ‪ ،‬وهكذا مساه ابن املبارك ‪ ،‬ألن‬
‫ُممد بن احلسن يف هذا الكتاب يذكر سؤاالته أليب حنيفة وأجوبته ‪.‬‬
‫قال الخطيب في تاريخه (‪ُ )88/2‬ممد بن بشر أبو عبد اهلل الرقى حدث عن خلف‬
‫بن بيان كتاب احليل يف الفقه أليب حنيفة ‪ ،‬رواه عنه أبو الطيب ُُمَمد بن احلسني بن‬
‫محيد بن الربيع الكويف‪ ،‬وذكر أنه مسعه منه يف سنة مثان ومخسني ومائتني بسر من رأى‪.‬‬
‫(قلت) وهلذا كان احلنابلة يؤلفون يف إبطال احليل ردا عليهم ‪ ،‬كما ألف يف ذلك ابن‬
‫بطة وأبو يعلى وابن تيمية وغريهم ‪.‬‬
‫يل أليب عبد الله‬‫ِ‬
‫وفكرة هذه الكتب مأخوذة من مسألة لإلمام أمحد رواها األثرم فقال ‪ :‬ق َ‬
‫ِيف حديث عمرو ‪ :‬ال َيل لواحد منهما أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله يرويه ابن‬
‫ال أَبُو عبد الله ‪ :‬ويف حديث عبد الله بن عمرو ‪ :‬إبطال احليل ‪.‬‬
‫عجالن قَ َ‬
‫قال أبو داود ‪ :‬مسعت أمحد ذكر احليل من أمر أصحاب الرأي ‪ ،‬فقال ‪َ :‬يتالون لنقض‬
‫سنن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ [ .-‬مسائل أيب داود (‪] )1784‬‬
‫وروى ابن بطة عن أيب احلارث الصائغ قال ‪ :‬مسعت أبا عبد الله قال ‪ِ :‬‬
‫هذه احليل اليت‬
‫ـ ‪ 44‬ـ‬
‫وضعها هؤالء ‪ ،‬فالن [أي أبو حنيفة] وأصحابه عمدوا إىل السنة ‪ ،‬فاحتالوا يف نقضها‬
‫والشيء الذي قيل هلم ‪ :‬إنه حرام ‪ ،‬احتالوا فيه حىت أحلوه ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬الدهن ال َيل أن‬
‫يستعمل ‪ ،‬ث قالوا ‪َ :‬نتال له حىت يستعمل ‪ ،‬كيف َيل ما حرم الله تعاىل ؟ !‬
‫[ إبطال احليل (ص ‪ )62( )111 – 110‬وبيان الدليل (‪] )90‬‬
‫لكن الشبهة عندهم أن بعضهم قال ‪ :‬أن الط َحا ِوي روى عن أَمحَد بن أَِيب ِعمَران قال‬
‫اب احلِيَ ِل‬ ‫ِ‬
‫اب يَـع ِين كتَ َ‬
‫ِ‬
‫ول ‪َ « :‬ه َذا الكتَ ُ‬‫ت ُُمَم َد ب َن احلَ َس ِن يَـ ُق ُ‬ ‫ال ُُمم ُد بن َمس ِ‬
‫اعةَ َمسع ُ‬ ‫قَ َ َ ُ َ َ‬
‫يل ب ُن َمح ِاد ب ِن‬ ‫ال ابن أَِيب عِمرا َن ‪ :‬إِمنَا وضعه إِمس ِ‬
‫اع‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫»‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫لَيس ِمن ُكتبِنا ‪ ،‬إِمنَا أُل ِقي فِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫أَِيب َحنِي َفةَ ‪ [ .‬ذكره يف كتاب مناقب أيب حنيفة ذاك الذهيب اهلالك (ص‪] )85‬‬
‫(قلت) هذه احلكاية ال تصح ‪ ،‬ومل يذكر ذاك الذهيب سند هذه احلكاية إىل الطحاوي‬
‫لننظر فيه ‪ ،‬فهي خمالفة ملا تواتر عن صحة ثبوت ُمتوى هذا الكتاب عندهم ‪ ،‬وعلى كل‬
‫حال فهذه احليل ‪ ،‬قد مسعها السلف من لسان أيب حنيفة وهم من سألوه وهو جييب‬
‫كما سيأيت ‪ ،‬وهبا رموه بالعظائم ‪ ،‬وإثبات هذا الكتاب أو إلغاءه ال يغري أي شيء ‪.‬‬
‫قال ذاك المعلمي معلقا في التنكيل (‪ : )671/2‬والذي تضافرت عليه الروايات‬
‫اْليدة ‪ ،‬أنه كان يف عصر ابن املبارك فما بعده كتاب يسمى (كتاب احليل ليب حنيفة)‬
‫أو (كتاب حيل أيب حنيفة ) اه ـ‬
‫ِ‬
‫وقد جاء في كتاب الفتح (‪ )331/12‬لذاك العسلقالين قال ‪ :‬أَبُو َحفص ال َكبريُ‬
‫اب احلِيَ ِل َعن ُُمَم ِد ب ِن احلَ َس ِن ) اهـ ـ‬
‫را ِوي كِتَ ِ‬
‫َ‬
‫وحىت لو فرضنا أن الكتاب ليس له فالفكرة له والفتاوي اليت فيه هي ضمن فتاوى أيب‬
‫حنيفة واألحناف عموما ‪ ،‬وقد قيل أنه قد جاء يف بعض نسخ صحيح البخاري ( كتاب‬
‫ـ ‪ 45‬ـ‬
‫احليل والرد على أيب حنيفة ) وهذا الكتاب ضمن الصحيح كله رد عليهم ‪.‬‬
‫وجاء في كتاب الوافي بالوفيات للصفدي (‪ : )248/2‬أن ُممد بن احلسن ملا لزم أبا‬
‫عراق اجتمع الناس َعلَي ِه يسمعُو َن َك َالمه ويستفتونه فَرفع َخربه‬ ‫حنيفة َوكان أول قدومه ال َ‬
‫إِ َىل الرشيد ‪َ ،‬وقيل لَهُ أَن َم َعه كتاب الزندقة ‪ ،‬فَبعث ِمبن كبسه َومحل َم َعه كتبه ‪ ،‬فَأمر‬
‫ال يل ال َكاتِب‬ ‫فسي من كتاب احلِيَل فَـ َق َ‬ ‫ال ُُممد بن احلسن فَخ ِشيت على نَ ِ‬
‫َ‬ ‫بتفتيشها قَ َ َ‬
‫َما تَـر َمجَة َه َذا الكتاب قلت كتاب اخلَيل فَرمى بِِه َومل َيملهُ ‪ ،‬قلت صحفه ِألَن كتاب‬
‫ورة َوفتح اليَاء آخر احلُُروف مجع ِحيلَة فصحفه بِاخلَي ِل بَِفتح‬ ‫ِ ِ‬
‫احليَل باحلَاء ال ُمهملَة ال َمك ُس َ‬
‫اح َدة ) اهـ ـ‬‫اهلاء المعجمة وس ُكون الياء آخر احلروف فخلص ِمما أَراد بِنُـقطَة و ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ َ ُ‬
‫حكم السلف في هذا الكتاب والحيل التي اخترعها أبو حنيفة ‪:‬‬
‫ني ُخيَ ِادعُو َن اللهَ َكأَمنَا ُخيَ ِادعُو َن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اه َ ِ‬ ‫الس ْختياني ‪ :‬ونَ ِ‬
‫يك بِه ِيف َه ُؤَالء ال ُمحتَال َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫قال أيُّوب ِّ‬
‫الصبـيَا َن ‪ ،‬فَـلَو أَتَـوا األَمَر ِعيَانًا َكا َن أَه َو َن َعلَي ‪.‬‬
‫قال عبد اهلل ابن المبارك ‪ :‬من كان عنده كتاب حيل أيب حنيفة يستعمله أو يفيت به‬
‫فقد بطل حجه ‪ ،‬وبانت منه امرأته ‪ ،‬فقال موىل ابن املبارك ‪ :‬يا أبا َعبد الرمحَن ما أرى‬
‫وضع كتاب احليل إال شيطان ‪ ،‬فقال ابن املبارك ‪ :‬الذي وضع كتاب احليل أشر من‬
‫الشيطان‪ [ .‬صحيح ‪ :‬رواه ابن حبان يف اجملروحني (‪ )70/3‬واهلروي يف ذم الكالم (‪ )987‬تاريخ‬
‫بغداد (‪] )544/15‬‬
‫وفي لفظ ‪ :‬من كان كتاب احليل يف بيته يفيت به أو يعمل مبا فيه فهو كافر ‪ ،‬بانت‬
‫امرأته ‪ ،‬وبطل حجه ‪ ،‬قال ‪ :‬فقيل له ‪ :‬إن يف هذا الكتاب إذا أرادت املرأة أن ختتلع من‬
‫زوجها ارتدت عن اإلسالم حىت تبني ‪ ،‬ث تراجع اإلسالم فقال عبد اهلل ‪ :‬من وضع هذا‬
‫ـ ‪ 46‬ـ‬
‫فهو كافر ‪ ،‬بانت منه امرأته ‪ ،‬وبطل حجه ‪ ،‬فقال له خاقان املؤذن ‪ :‬ما وضعه إال‬
‫إبليس قال ‪ :‬الذي وضعه عندي أبلس من إبليس ‪.‬‬
‫وروى الخطيب في تاريخه (‪ )544/15‬عن عبد اهلل ابن املبارك قال ‪ :‬من نظر في‬
‫كتاب الحيل ِلبي حنيفة أحل ما حرم اهلل ‪ ،‬وحرم ما أحل اهلل ‪.‬‬
‫[ وسنده جيد وقد وثق سنده أيضا ذاك املعلمي يف التنكيل (‪] )685/2‬‬
‫اب يـ ُق ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أَمحَ َد‬ ‫ول ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ت َعب َد ال َوه َ‬ ‫وجاء في أخبار الشيوخ للمروذي (‪َ )282‬مسع ُ‬
‫ت َجالِ ًسا َم َع اب ِن ال ُمبَ َارِك يَـوًما إِذ َد َخ َل َمحَزةُ البَـز ُاز‬ ‫ِ‬
‫ال أَبُو َعل ٍّي ‪ُ :‬كن ُ‬‫ول ‪ :‬قَ َ‬‫ب َن اخلَلِ ِيل يَـ ُق ُ‬
‫ت أَِيب َروح‬ ‫ال ‪ :‬بِن ُ‬‫ث َح َدث َع ِظيم ‪ ،‬قَال ‪َ :‬وَما ُه َو ؟ قَ َ‬ ‫ال ‪ :‬يَا أَبَا َعب ِد الرمحَ ِن ‪َ ،‬ح َد َ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫ب ِمثـلَهُ قَط‬ ‫الم ‪ ،‬لِتبِ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ضبًا َما َغض َ‬ ‫ب اب ُن ال ُمبَ َارِك َغ َ‬ ‫ِ‬
‫ني من َزوج َها ‪ ،‬فَـغَض َ‬ ‫ارتَدت َع ِن ا ِإلس ِ َ َ‬
‫ال ‪ :‬أَو‬ ‫ط اللهُ ُكل َح َسنَة َع ِملَتـ َها إِ َىل اليَـوِم َوبَِق َي ال ِوزُر ‪ُ ،‬ث قَ َ‬ ‫ال ‪ :‬ال َجَرَم ‪ ،‬قَد أَحبَ َ‬ ‫ُث قَ َ‬
‫ضى ِيل أَن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ‪ ،‬فَال يـُق َ‬ ‫ت أَن أ ََرى َه َذا الكتَ َ‬ ‫اب احليَ ِل ‪ ،‬فَـ َقال ‪ :‬لََقد أَحبَب ُ‬‫يل ‪َ :‬ه َذا كتَ ُ‬ ‫ق َ‬
‫اب حلِِيلَ ِة‬‫ضع َه ِذهِ المسأَلَةَ ِيف َه َذا ال ِكتَ ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َش‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ث‬‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫أَراه فَأَعلَم ما فِ ِ‬
‫يه‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ني ِمن َزوِج َها إِذَا أ ََر َادت ‪ ،‬إِنهُ َكافِر بِالل ِه ‪ُ :‬ث قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ت َر ُجال‬ ‫ك لَو أَين أ ََمر ُ‬‫ال ‪َ :‬وذَل َ‬ ‫الن َساء لتَبِ َ‬
‫ت أَنَا ال َكافَِر ) اهـ ـ ‪.‬‬‫أَن يَك ُفَر فَ َك َفَر بَِقوِيل ‪ُ ،‬كن ُ‬
‫ِ‬
‫ول يف كتاب «احليل» كذا‬ ‫ت النضر بن مشيل يَـ ُق ُ‬ ‫وقال أحمد بْن سعيد الدارمي ‪َ :‬مسع ُ‬
‫وكذا مسألة ُكفر ‪ [ .‬رواه اخلطيب يف تارخيه (‪ )544/15‬واملزي هتذيب الكمال (‪/3‬‬
‫‪ )1412‬والذهيب تاريخ اإلسالم (‪] )413/14‬‬
‫اب احلِيَ ِل ثََالُمثِائَة َو ِعشُرو َن ‪ ،‬أَو ثََالثُو َن َمسأَلَةً ُكل َها ُكفر‪.‬‬
‫وفي لفظ ‪ِ :‬يف كِتَ ِ‬
‫(قلت) وقد أقر ابن القيم يف إعالم املوقعني (‪ )178 /3‬أن ما يف هذه احليل كفر واضح‬
‫ـ ‪ 47‬ـ‬
‫لكنه مل يستوعب فكرة أن أبا حنيفة وأصحابه هم وضعوا هذه احليل ‪ ،‬وأخذته رهبة من‬
‫إلصاقها هبم ألهنا كفر شنيع ‪ ،‬وقال بأننا لو نسبنا إليهم هذا لكان قدحا فيهم ويف األمة‬
‫كلها !! نعم قدح هبم ‪ ،‬أما األمة فربيئة منهم ‪ ،‬بل قدحت فيه أصال ‪ ،‬وهذا اخلور عند‬
‫ابن القيم ‪ ،‬مستفاد من تأثري ابن تيمة عليه فقد أفسده فيه أشياء كثرية ‪.‬‬
‫روى الهروي في ذم الكالم (‪ )1000‬أَخبَـَرنَا ُُمَم ُد ب ُن َعب ُد الرمحَ ِن ب ُن ُُمَمد َوأَمحَ ُد ب ُن‬
‫صالِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يم قَ َاال أخربنَا لولو َحدثَـنَا أَبُو َحات الرا ِزي َحدثـَنَا َعب ُد الرمحَ ِن ب ُن َ‬ ‫ُُمَمد ب ِن إبـَراه َ‬
‫اب‬‫ال حفص بن غِياث ‪ ( :‬يـنبغِي أَن يكتَب َعلَى كِتَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ال ‪ :‬قَ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َحدثـَنَا طَل ُق ب ُن َغنام قَ َ‬
‫اب ال ُف ُجوِر )‬ ‫ِ ِ‬
‫احليَ ِل كتَ ُ‬
‫اب احلِيَ ِل فَـ َق َ‬
‫ال‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال الهروي (‪َ : )1001‬وبِه َحدثـَنَا طَلق َعن َش ِريك أَنهُ ذُكَر عن َدهُ كتَ ُ‬
‫( َمن ُخيَ ِاد ِع اللهَ َخي َدعهُ ) ‪.‬‬
‫اضي ال ُكوفَِة ‪:‬‬ ‫وقال الْقاسم بن م ْعن يـع ِين ابن عب ِد الرمح ِن ب ِن عب ِد الل ِه ب ِن مسعود قَ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اب ال ُف ُجوِر ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كتَابُ ُكم َه َذا الذي َكتَبتُ ُموهُ ِيف احليَ ِل كتَ ُ‬
‫اب احلِيَ ِل‬ ‫ول ‪َ :‬ويـلَ ُهم َمن ُخي َدعُو َن ؟ يَـع ِين أَص َح َ‬
‫ِ‬
‫وقال ح َّماد بْن زيْد ‪َ :‬مسعت أَي َ‬
‫وب يَـ ُق ُ‬
‫اب احلِيَ ِل‬ ‫ول ‪ :‬لََقد أَفـ َىت أَص َح ُ‬ ‫يد ب َن َه ُارو َن يَـ ُق ُ‬‫ت يَِز َ‬ ‫ِ‬
‫الدارم ُّي ‪َ :‬مسع ُ‬‫الر ْحمن َّ‬ ‫وقال ع ْبد َّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ت أَين َال أُطَل ُق امَرأَِيت‬ ‫ال ‪ :‬إين َحلَف ُ‬ ‫يحا ‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ب َشيء لَو أَفـ َىت به اليَـ ُهودي َوالنصَرِاين َكا َن قَبِ ً‬
‫يد ب ُن‬ ‫ال يَِز ُ‬ ‫بَِوجه ِمن ال ُو ُجوهِ ‪َ ،‬وإِنـ ُهم قَد بَ َذلُوا ِيل َم ًاال َكثِ ًريا ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ال لَهُ ‪ :‬قَـبل أُم َها ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ارو َن ‪َ :‬ويـلَهُ ‪ ،‬يَأ ُمُرهُ أَن يـُ َقب َل امَرأَةً أَجنَبِيةً ؟ ‪ [ .‬نقلها يف إعالم املوقعني (‪] )140/3‬‬ ‫َه ُ‬
‫ال‪ :‬مسعت‬ ‫وروى بن أبي يعلى في الطبقات (‪ )218/1‬عن عبد اخلالق بن منصور قَ َ‬
‫أَمحَد بن حنبل يقول ‪ :‬من كان عنده كتاب احليل ِيف بيته يفيت به فهو كافر مبا أنزل الله‬
‫ـ ‪ 48‬ـ‬
‫صلى اللهُ َعلَي ِه َو َسل َم ‪.-‬‬
‫َعلَى ُُمَمد ‪َ -‬‬
‫وقال أبو طالب ‪ :‬مسعت أبا عبد الله قال له رجل ‪ :‬يف كتاب احليل ‪ :‬اشرتى الرجل‬
‫األمة فأراد أن يقع هبا ‪ ،‬يعتقها ث يتزوجها ؟ فقال أبو عبد الله ‪ :‬سبحان الله !! ما‬
‫أعجب هذا ‪ :‬أبطلوا كتاب الله والسنة ‪ [ ...‬بيان الدليل (‪] )344‬‬
‫والعجيب أن بعض أهل الرأي يعرتف مبا فيه من اإلستحالل للمحرمات ‪ ،‬كما جاء‬
‫ض أَه ِل الرأ ِي تَص ِريح‬ ‫في مجموع الفتاوى البن تيمية (‪ )83/6‬قال ‪َ :‬وقَد ذُكَِر َعن بَـع ِ‬
‫ال ‪َ :‬ما نَـ َق ُموا َعلَيـنَا ِمن أَنا َع َمدنَا َإىل أَشيَاءَ َكا َن َحَر ًاما َعلَي ِهم ‪ ،‬فَاحتَـلنَا فِ َيها َحىت‬
‫أَنهُ قَ َ‬
‫ص َارت َح َالًال ) !! ‪.‬‬
‫َ‬
‫وقد ذكر ابن قتيبة في مختلف الحديث (ص‪ )112‬بعض ما استحله أبو حنيفة‬
‫وأصحابه أهل الرأي من احملرمات كاملسكر وشحم اخلنزير وغري ذلك فراجعه هناك ‪.‬‬
‫جعله إيمان األنبياء والمالئكة والصديقين كإيمان أبليس !!‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )502/15‬أَخبـرنَا أَبو ال َق ِ‬
‫اسم َعبد الرمحَن بن ُُمَمد بن‬ ‫ََ ُ‬
‫ال‪ :‬أَخبَـَرنَا أَبُو احلَ َسن أَمحَد بن ُُمَمد بن َعب ُدوس الطرائفي‪،‬‬
‫َعبد اهلل السراج بنَـي َسابُور‪ ،‬قَ َ‬
‫ال ‪:‬‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا ُمبوب بن موسى األنطاكي قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬حدثـَنَا عُث َمان بن َسعِيد الدا ِرِمي قَ َ‬‫قَ َ‬
‫ول ‪ :‬إميان أَِيب بَكر الصديق‬
‫ت أَبَا حنيفة يَـ ُق ُ‬ ‫َِمسعت أَبا إِسحاق الفزاري يـ ُق ُ ِ‬
‫ول ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ال أَبُو بَكر الصديق ‪ :‬يا رب ‪.‬‬ ‫ال إبليس ‪ :‬يا رب ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫وإميان إبليس واحد قَ َ‬
‫قال أبو إ ْسحاق ‪ :‬ومن َكا َن من املرجئة ُث مل يقل َه َذا انكسر َعلَي ِه ‪.‬‬
‫ال إبليس ‪:‬‬ ‫ال أَبُو حنيفة ‪ :‬إميان آدم ‪ ،‬وإميان إبليس واحد ‪ ،‬قَ َ‬ ‫وعن الفزاري قال ‪ :‬قَ َ‬
‫ال آدم { َربـنَا ظَلَمنَا‬ ‫ال { َرب فَأَن ِظرِين إِ َىل يَـوِم يـُبـ َعثُو َن} َوقَ َ‬
‫{ َرب ِمبَا أَغ َويـتَِين} َوقَ َ‬
‫ـ ‪ 49‬ـ‬
‫أَنـ ُف َسنَا} [ صحيح رواه الاللكائي (‪ )1832‬والبسوي يف تارخيه (‪])487/2‬‬
‫كلمات كفرية في إباحة الشرك بالله تعالى ‪:‬‬

‫عن الْقاسم بن حبيب قال‪ :‬وضعت نعلي يف احلصى ُث قـُل ُ‬


‫ت أليب حنيفة ‪ :‬أرأيت رجال‬
‫ت ‪ :‬ال‬ ‫صلى هلذه النعل َحىت مات ‪ ،‬إِال أَنهُ يعرف اهلل بقلبه ؟ فَـ َق َ‬
‫ال ‪ :‬مؤمن ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫أكلمك أبدا ‪ [ .‬واخلطيب يف تارخيه (‪] )502/15‬‬
‫روى الفسوي في المعرفة والتاريخ (‪ )784/2‬ابن حبان في المجروحين (‪)71/3‬‬
‫يد ب ُن َعب ِد ال َع ِزي ِز قَاال‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا ََي َي ب ُن َمحَزَة َو َسعِ ُ‬ ‫بسند صحيح عن بن أَِيب ُمس ِهر قَ َ‬
‫ك إِ َىل الل ِه َجل َو َعال َمل أ ََر‬ ‫ِ‬ ‫َِمسعنَا أَبَا َحنِي َفةَ يَـ ُق ُ‬
‫ول ‪ :‬لَو أَن َر ُجال َعبَ َد َه َذا البَـغ َل تَـ َقربًا بِ َذل َ‬
‫ِ‬
‫ك بَأ ًسا !! ‪.‬‬ ‫بِ َذل َ‬
‫صراح بواح !! وقد استحل أن يقول هذها بسبب مذهبه يف‬ ‫(قلت) وهذا القول كفر ُ‬
‫ال أَبُو‬
‫اإلميان ‪ ،‬فإنه يلزمه أن يقول هذا وإال فسد مذهب اإلرجاء كله ‪ ،‬وهلذا قال قَ َ‬
‫إِس َحاق الفزاري ‪ :‬ومن َكا َن من املرجئة ُث مل يقل َه َذا انكسر َعلَي ِه ‪.‬‬

‫روي عنه القول بفناء الجنة والنار ‪:‬‬


‫عن مح َّمد بن الحسين بن الفضل قال ‪َ :‬حدثـَنَا علي بن إبراهيم النجاد قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا‬
‫ُُمَمد بن إسحاق السراج قال ‪ :‬مسعت إبراهيم بن أيب طالب ‪ ،‬يقول ‪ :‬مسعت عبد اهلل‬
‫بن عُ َمر ابن الرماح يقول ‪ :‬مسعت أبا مطيع البلخي يقول ‪ :‬مسعت أبا حنيفة يقول ‪ :‬إن‬
‫كانت اْلنة والنار خلقتا فإهنما تفنيان ‪ ،‬قال أَبُو مطيع ‪ :‬وكذب واهلل ‪ ،‬قال السراج ‪:‬‬
‫وكذب واهلل قال النجاد ‪ :‬وكذب واهلل قال اهلل تعاىل أُ ُكلُ َها َدائِم ‪ ،‬قال ابن الفضل ‪:‬‬

‫ـ ‪ 50‬ـ‬
‫وكذب واهلل ‪ [ .‬رواه اخلطيب (‪ )530/15‬والقزويين يف أخبار قزوين (‪])64/2‬‬
‫(قلت) بلى وكذب واهلل وكفر ‪.‬‬
‫ولها طريق أخرى عند الخطيب ‪ :‬أَخبَـَرنَا احلسن بن علي اْلوهري قَ َ‬
‫ال‪َ :‬حدثَـنَا ُُمَمد‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا عبد اهلل بن أيب‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا ُُمَمد بن القاسم البزاز ‪ ،‬قَ َ‬
‫بن العباس اخلزاز ‪ ،‬قَ َ‬
‫سعد قال ‪َ :‬حدثَِين أَبُو َعبد الرمحَن عبد اخلالق بن منصور النيسابوري قال ‪ :‬مسعت أبا‬
‫داود املصاحفي قال ‪ :‬مسعت أبا مطيع فذكره وهذه متبعة جيدة ‪.‬‬
‫(قلت) فإن قال املخالف أن له رواية خمالفة هلذه ‪ ،‬قلنا ‪ :‬هكذا الزنادقة يظهرون شيء‬
‫وخيفون يف جمالس السر الكفر والتجهم فال عجب جتده يقول شيء وينقضه ‪.‬‬
‫تزندقه واستتابته مرارا وتكرارا وإصراراه على ذلك ‪:‬‬
‫اعلم أن كل من استتاب أبا حنيفة فقد كفره قبل ذلك ‪ ،‬وهذا أمر تلقائي ‪ ،‬وممن كفره‬
‫واستتابه من القضاة ‪ :‬شريك وابن أيب ليلى وخالد القسري وعيسى بن موسى ‪.‬‬
‫حتى قيل لشريك ‪ :‬استتيب أبو حنيفة ؟ قال ‪ :‬علم ذلك العواتق يف خدورهن ‪.‬‬
‫وذكر شريك أيضا ‪ :‬أهنم استتابوه من خلق القرآن ‪ ،‬ومن اإلرجاء أي الغلو فيه ‪.‬‬
‫ال‬
‫ني قَ َ‬‫فقد روى الاللكائي (‪ )1830‬عن َعب َاد بن َكثِري قال ‪ :‬استُتِيب أَبُو َحنِي َفةَ َمرتَـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اسا َن ؟‬ ‫ر‬ ‫ِب‬
‫ُ‬ ‫ال ‪ :‬أَشه ُد أَن لِل ِه بـيتًا إِال أَين َال أَد ِري أَهو ه َذا أَو بـيت ِ‬ ‫َمرًة ‪ :‬لَو أَن َر ُج ًال قَ َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ول الل ِه إِال أَين َال أَد ِري أ َُه َو‬ ‫َكا َن ِعن ِدي ُمؤِمنًا ؟ َولَو أَن َر ُج ًال قَ َ‬
‫ال ‪ :‬أَش َه ُد أَن ُُمَم ًدا َر ُس ُ‬
‫اسا َن؟ َكا َن عِن ِدي ُمؤِمنًا "‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫الذي بال َمدينَة أَو َر ُجل َكا َن ِبَُر َ‬
‫وقد قال المعلمي في تنكيله (‪ ( : )453/1‬وقضية االستتابة متواترة ) ‪.‬‬
‫عن سفيان الثوري قال ‪ :‬استتيب أَبُو حنيفة من الكفر مرتني ‪.‬‬
‫ـ ‪ 51‬ـ‬
‫وفي رواية ‪ :‬وقال يَـع ُقوب ‪ :‬مرارا ‪.‬‬
‫وفي لفظ ‪ :‬لقد استتابه أصحابه من الكفر مرارا ‪.‬‬
‫يب أَص َحابُهُ ِم َن ال ُكف ِر َغيـَر َمرة »‬
‫َ‬
‫وفي رواية ‪ « :‬استُتِ‬
‫[ صحيح ‪ :‬السنة لعبد اهلل (‪ 190/1‬ـ ـ ‪ )194‬املعرفة والتاريخ (‪ )786/2‬والبخاري يف التاريخ‬
‫الصغري (‪ )388‬وابن حبان يف اجملروحني (‪] )64/3‬‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )528/15‬من طريق مسدد بن قطن مسعت أيب يقول ‪:‬‬
‫َيي بن عبد احلميد يقول ‪ :‬سمعت عشرة كلهم ثقات يقولون ‪ :‬سمعنا أبا حنيفة‬
‫يقول ‪ :‬القرآن مخلوق ‪ [ .‬وسنده صحيح وقد صححه املعلمي يف تنكيله (‪] )507/1‬‬
‫ت ُسفيَا َن‬ ‫روى عبد اهلل في السنة (‪ )264‬حدثَِين أَِيب ثنا ُشعيب بن حرب قَ َ ِ‬
‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ت [عبد اهلل] ِألَِيب [أي أمحد]‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثـوِري يَـ ُق ُ‬
‫ول ‪َ « :‬ما أُحب أَن أ َُواف َق ُهم َعلَى احلَق » قُـل ُ‬
‫ني » يَـع ِين أَبَا‬ ‫اإلس َالِم َمرتَـ ِ‬
‫يب ِيف ِ‬ ‫ال ‪ :‬نَـعم ‪ ،‬رجل استُتِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫؟‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‬‫رِمحه الله ‪ :‬يـع ِين أَبا حنِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حنِيفة ‪ ،‬قُـل ِ ِ‬
‫ال ‪ « :‬نَـ َعم »‬ ‫يب ؟ قَ َ‬ ‫ت ألَِيب َرمحَهُ اللهُ ‪َ :‬كأَن أَبَا َحني َفةَ ال ُمستَت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ول ‪ :‬أَظُن أَنه استتِيب ِيف ه ِذهِ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ه‬‫الل‬ ‫ه‬‫مح‬‫روى عبد اهلل في السنة (‪ِ )265‬مسعت أَِيب رِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ََ ُ َُ‬ ‫َ‬
‫ال أَبُو َحنِي َفةَ ‪َ :‬ه َذا‬ ‫ص ُفو َن} [الصافات ‪ ]180‬قَ َ‬ ‫ك رب العِزةِ عما ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬‫َ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ب‬‫{س‬
‫ُ‬
‫اآلي ِ‬
‫ة‬‫َ‬
‫َخملُوق ‪ ،‬فَـ َقالُوا لَهُ ‪َ :‬ه َذا ُكفر فَاستَتَابُوهُ ‪.‬‬
‫اس ِاين نا َسلَ َمةُ ب ُن َشبِيب نا‬ ‫روى عبد اهلل في السنة (‪َ )269‬حدثَِين أَبُو ال َفض ِل اخلَُر َ‬
‫يب أَبُو َحنِي َفةَ ِمن َك َالِم الزنَ ِادقَِة ِمَر ًارا »‬ ‫ول ‪ « :‬استُتِ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫ي‬‫ت ُسفيَا َن الثـوِ‬
‫ر‬ ‫ع‬‫مس‬‫ال ِفري ِايب َِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كلمته الكفرية في الكعبة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ي قال َحدثـَنَا محزة بن احلارث بن عمري َعن أبيه قَ َ‬
‫ال ‪ :‬مسعت رجال يسأل‬ ‫روى الْحم ْيد ُّ‬
‫ـ ‪ 52‬ـ‬
‫ال ‪ :‬أشهد أن الكعبة حق ‪ ،‬ولكن ال أدري هي ه ِذهِ‬
‫أبا حنيفة ِيف املسجد َعن رجل قَ َ‬
‫َ‬
‫ال ‪ :‬مؤمن حقا ‪ ،‬وسأله َعن رجل قال ‪ :‬أشهد أن ُممدا َعبد الله‬ ‫ال ِيت مبكة أم ال ؟ فَـ َق َ‬
‫نيب ‪ ،‬ولكن ال أدري هو َه َذا ال ِذي قربه باملدينة أم ال ؟ قَ َ‬
‫ال ‪ :‬مؤمن حقا ‪.‬‬
‫ال َه َذا فقد كفر ‪.‬‬ ‫قال الحميدي ‪ :‬ومن قَ َ‬
‫[ صحيح ‪ :‬والقصة هلا طرق وألفاظ رواها عدة من أهل احلديث كعبد اهلل يف السنة (‪)274‬‬
‫والعلل ومعرفة الرجال (‪ )3590‬و(‪ )5230‬والبسوي يف املعرفة (‪ )487/2‬واخلالل يف السنة (‪/2‬‬
‫‪ )1104( 20‬والطيوري يف الطيوريات (‪ )904‬والاللكائي يف شرح أصول االعتقاد (‪ 1069 /5‬ـ ـ‬
‫‪ )1831( )1070‬واخلطيب يف تارخيه (‪ )502/15‬وغريهم كثري ممن رواها ‪،‬ورواي القصة احلارث‬
‫وثقه ابن معني وأبو زرعة وأبو حات والنسائي‪ ،‬والدار الدارقطين والعجلي وابن خلفون ‪ ،‬ومل يتفرد‬
‫هبا بل رواها غريه وهلا طرق كثرية ‪] .‬‬
‫قال سفيان الثوري ‪ :‬وأنا أقول من شك يف هذا فهو كافر ‪.‬‬
‫وفي لفظ‪ :‬أنا أشهد أنه عند الله من الكافرين حىت يستبني أهنا الكعبة املنصوبة يف احلرم‬
‫ي ‪َ « :‬من قَ َ‬
‫ال َه َذا فَـ َقد َك َفَر » مثله قال أمحد ‪.‬‬ ‫ولما قال الْحم ْيد ُّ‬
‫وأخرجه أيضا في تاريخه (‪ )272/13‬من طريق ُممد بن ُممد الباغندي حدثنا أيب‬
‫قال‪ :‬كنت عند عبد اهلل بن الزبري فأتاه كتاب أمحد بن حنبل اكتب إيل أشنع مسألة‬
‫عن أيب حنيفة فكتب إليه حدثين احلارث بن عمري قال مسعت أبا حنيفة يقول ‪ :‬فذكره‬
‫فتاوى في استحالل المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة ‪:‬‬
‫قال الشعبي ‪ :‬واهلل لئن اتخذتم بالمقاييس لتحرمن الحالل ولتحلن الحرام ‪.‬‬
‫[ رواه الدارمي يف سننه وابن قتيبة يف خمتلف احلديث واهلروي يف ذم الكالم (‪] )366‬‬

‫ـ ‪ 53‬ـ‬
‫مخلص هذا العنوان ما قاله اإلمام مالك ‪ :‬أبو حنيفة قلب الدين ظهرا لبطن ‪.‬‬
‫وقال عبد اهلل ابن المبارك ‪ :‬من نظر في كتاب الحيل ِلبي حنيفة أحل ما حرم اهلل ‪،‬‬
‫وحرم ما أحل اهلل ‪ [ .‬تاريخ بغداد (‪ )555/15‬وإسناده صحيح ]‬
‫صالِح ُُمَم ُد ب ُن أَمحَ َد َحدثـَنَا أَبُو‬
‫وروى ابن بطة في إبطال الحيل (‪َ : )62‬حدثَِين أَبُو َ‬
‫ال ‪ :‬ه ِذهِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ث الصائِ ُغ قَ َ ِ‬ ‫جع َفر ُُمم ُد بن داود حدثَـنَا أَبو احلا ِر ِ‬
‫ت أَبَا َعبد الله ‪ ،‬قَ َ َ‬ ‫ال ‪َ :‬مسع ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َُ َ‬
‫ضعها هؤَال ِء ‪ -‬أَبو حنِي َفةَ وأَصحابه ‪ -‬عم ُدوا إِ َىل السنَ ِن فَاحتَالُوا ِيف نَـق ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َها‬ ‫ُ َ َ َ ُُ َ َ‬ ‫احليَ ُل ال ِيت َو َ َ َ َ ُ‬
‫َحلوهُ »‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫أَتَـوا إِ َىل ال ِذي قِ‬
‫يل َهلُم إنهُ َحَرام ‪َ ،‬واحتَالُوا فيه َحىت أ َ‬
‫َ‬
‫وقال القصاب في نكته (‪ : )623/1‬احليل املنهي عنها املعدودة من أيب حنيفة ذما ‪:‬‬
‫( هي ما أحل حراما ‪ ،‬أو حرم حالال ) اهـ ـ ‪.‬‬
‫(قلت) وسأذكر هنا مناذج مما ساَتله أبو حنيفة وحارب الدين به ‪:‬‬
‫روى الخطيب في تاريخه (‪ )557/15‬أَخبَـَرِين احلسن بن أيب طالب قَ َ‬
‫ال ‪ :‬أَخبَـَرنَا‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا أَبُو احلسن علي بن إبراهيم‬
‫ُُمَمد بن نصر بن أَمحَد بن نصر بن مالك قَ َ‬
‫ال ‪:‬‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا أَبُو هبرية الدمشقي قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثـَنَا ُُمَمد بن املسيب قَ َ‬
‫النجاد من لفظه قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا خالد بن يزيد بن أيب مالك ‪ ،‬قال ‪ :‬أحل أَبُو حنيفة الزنا‬
‫َحدثَـنَا أَبُو مسهر قَ َ‬
‫وأحل الربا ‪ ،‬وأهدر الدماء ‪ ،‬فسأله رجل‪ :‬ما تفسري هذا ؟ فقال ‪ :‬أما َتليل الربا فقال ‪:‬‬
‫درهم وجوزة بدرُهني نسيئة ال بأس به وأما الدماء ‪ ،‬فقال لو أن رجال ضرب رجال حبجر‬
‫عظيم فقتله كان على العاقلة ديته ث تكلم يف شيء من النحو فلم َيسنه ‪ ،‬ث قال‪ :‬لو‬
‫ضربه بأبا قبيس كان على العاقلة‪ ،‬قال ‪ :‬وأما َتليل الزنا ‪ ،‬فقال لو أن رجال وامرأة‬
‫أصيبا يف بيت وُها معروفا األبوين فقالت املرأة هو زوجي ‪ ،‬وقال هو ‪ :‬هي امرأيت مل‬
‫ـ ‪ 54‬ـ‬
‫أعرض هلما ) ‪ .‬قال أبو الحسن النجاد ‪ :‬ويف هذا إبطال الشرائع واألحكام ‪.‬‬
‫روى عبد اهلل في السنة (‪ : )302‬عن أيب سلمة التبوذكي حدثين من مسع ُهام قال ‪:‬‬
‫سئل أبو حنيفة عن خنزير بري ؟ قال ‪ :‬البأس بأكله ‪ [ .‬يف سنده جمهول لكن له متابعة‬
‫ال َحدثـَنَا‬‫اس ِم ب ِن َح ِات قَ َ‬ ‫قوية رواها ابن حبان يف اجملروحني (‪ )71/3‬أَخبـرنَا ُُمم ُد بن ال َق ِ‬
‫ََ َ ُ‬
‫ال َحدثَـنَا ُس َوي ُد ب ُن َعب ِد ال َع ِزي ِز قَ َ‬
‫ال‬ ‫صفى قَ َ‬ ‫ال َحدثنَا بن ال ُم َ‬
‫ُُمَم ُد ب ُن َد ُاود السمناين قَ َ‬
‫ال ما تـقول فيم ْن أكل ل ْحم الْخ ْنزير فـقال ال ش ْيء عل ْيه ‪.‬‬ ‫َجاءَ َر ُجل إِ َىل أَِيب َحنِي َفةَ فَـ َق َ‬
‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ : )303‬عن أيب عوانة قال ‪ :‬سئل أبو حنيفة عن األشربة ؟‬
‫فما سئل عن شيء إال قال ‪ :‬ال بأس به وسئل عن المسكر فقال حالل ‪.‬‬
‫[ سنده صحيح ورواه يف الطيوريات (‪ )897‬واالنتقاء البن عبد الرب (ص‪ )148‬وتاريخ‬
‫بغداد (‪] )541/15‬‬
‫وروى الخطيب في تاريخه (‪ )502/15‬خبَـَرِين اخلالل قَ َ‬
‫ال‪َ :‬حدثـَنَا َعلي بن عُ َمر بن‬
‫ال‪:‬‬
‫ال‪َ :‬حدثَـنَا أَمحَد بن عُبَـيد قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬حدثَـنَا ُُمَمد بن َجع َفر األدمي قَ َ‬
‫ُُمَمد املشرتي قَ َ‬
‫ال ‪ :‬اجتمع ُسفيَان الثوري وشريك َواحلَ َسن بن‬
‫ال َحدثـَنَا وكيع قَ َ‬
‫َحدثـَنَا طاهر ابن ُُمَمد قَ َ‬
‫ول يف رجل‬ ‫صاحل وابن أَِيب ليلى ‪ ،‬فبعثوا إىل أَِيب حنيفة قَ َ‬
‫ال ‪ :‬فأتاهم ‪ ،‬فقالوا لَهُ ‪ :‬ما تَـ ُق ُ‬
‫ال لَهُ ‪ :‬ابن أَِيب‬
‫ال ‪ :‬مؤمن ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫قتل أباه ؟ ونكح أمه ؟ وشرب اخلمر يف رأس أبيه ؟ فَـ َق َ‬
‫ال لَهُ‬
‫ال لَهُ ُسفيَان الثوري ‪ :‬ال كلمتك أبدا ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ليلى ‪ :‬ال قبلت لك شهادة أبدا ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ال لَهُ احلَ َسن بن صاحل ‪ :‬وجهي‬
‫شريك ‪ :‬لو َكا َن يل من األمر شيء لضربت عنقك ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫من وجهك حرام ‪ ،‬أن أنظر إىل وجهك أبدا ‪.‬‬
‫[ وسنده فيه ضعف لكن له شواهد فهذه الفتاوى متواترة عن أيب حنيفة ]‬

‫ـ ‪ 55‬ـ‬
‫وروى عبد اهلل في السنة (‪ )305‬بسند صحيح عن وكيع قال ‪ :‬كان أبو حنيفة يقول‬
‫لو أن رجال كسرا طنبورا ضمن ‪.‬‬
‫(قلت) الطنبور من آالت الطرب احملرمة فهو أول من سهل يف حرمة الغناء واملوسيقى ‪.‬‬
‫روى ابن عدي في الكامل (‪َ )239/8‬حدثـَنَا إِس َح ُ‬
‫اق ب ُن أَمحَ َد ب ِن حفص‪َ ،‬حدثَنا‬
‫يَـع ُقوب بن إِبـَر ِاهيم الدورقي‪َ ،‬حدثين أبو خالد يزيد بن حكيم العسكري وذكر من‬
‫ال أَخبَـَرِين‬
‫فضلة‪َ ،‬حدثَنا أبو َعبد الرمحن السروجي وكان َيدث عن محاد بن زيد وغريه قَ َ‬
‫وش ِريك والثوري وأَبُو حنيفة بن حي َوهو‬
‫وكيع أَنهُ اجتمع يف بيت بالكوفة بن أَِيب ليلى َ‬
‫صالِح كويف قَ َ‬
‫ال أَبُو حنيفة إميانه على إميان جربيل‪ ،‬وإن نكح أمه وكان‬ ‫احلسن بن َ‬
‫َش ِريك ال جييز شهادته‪ ،‬والَ شهادة أصحابه وأما الثـوري فما كلمه حىت مات‪.‬‬
‫وقال إبْـراهيم الح ْربي ‪ :‬وضع أَبُو حنيفة أشياء يف العلم ‪ ،‬مضغ املاء أحسن منها‬
‫ال ‪:‬‬
‫وعرضت يوما شيئا من مسائله َعلَى أَمحَد بن َحنبَل فجعل يتعجب منها ُث قَ َ‬
‫َكأَنهُ ُه َو يبتدئ ا ِإلسالم !! [ تاريخ بغداد (‪] )441/13‬‬
‫قال ابن القيم في إعالم الموقعين (‪ )140/3‬بعدما حكى الكثري عنهم من احليل‬
‫ال هؤَال ِء األَئِمةُ وأَمثا ُهلم ه َذا ال َك َالم ِيف ه ِذهِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫اليت فيها استحالل للمحرمات ‪َ :‬وإِمنَا قَ َ َ ُ‬
‫ال علَى تأ ِخ ِري ِ‬
‫اىل ‪ِ ،‬من‬ ‫ض الل ِه تَـ َع َ‬‫ضا َن ‪َ ،‬وإِس َقا َط فَـَرائِ ِ‬ ‫صوم َرَم َ‬ ‫َ‬ ‫احلِيَ ِل ِألَن فِ َيها ِاالحتِيَ َ َ َ‬
‫ني ‪َ ،‬واستِح َال َل َما َحرَم اللهُ ِمن الربَا َوالزنَا َوأَخ َذ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلَج َوالزَكاة َوإِس َقا َط ُح ُقوق ال ُمسلم َ‬
‫ب و َش َه َاد َة الزوِر وإِ‬ ‫ود الال ِزم ِة ‪ ،‬وال َك ِ‬
‫اس وسفك ِدمائِ ِهم ‪ ،‬وفَسخ الع ُق ِ‬ ‫ِ‬
‫احةَ‬ ‫ب‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ذ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫أَم َوال الن ِ َ َ َ َ‬
‫وق ‪ ) ..‬اهـ ـ‬ ‫ال ُكف ِر ‪ ،‬وه ِذهِ احلِيل دائِرة بـني ال ُكف ِر وال ُفس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َُ َ َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫(قلت) لكنه تلكأ يف نسبة هذه احليل أليب حنيفة وأصحابة تقليدا كعادته البن تيمة !!‬
‫ـ ‪ 56‬ـ‬
‫حكم على صالة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطالن !! ‪:‬‬
‫ت ألَِيب‬ ‫ال ‪َِ :‬مسعت علِي بن ع ِ‬ ‫روى الساجي عن أَمحَد بن ِسنَان ال َقطان قَ َ‬
‫ال قُـل ُ‬‫اصم قَ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫حنِي َفةَ ح ِد ِ ِ‬
‫ال‬
‫صلى َمخ ًسا قَ َ‬ ‫يم َعن َعل َق َمةَ َع ِن اب ِن َمسعُود أن النىب َعلَيه الس َالم َ‬‫يث إبـَراه َ‬‫َ َ ُ‬
‫س ِيف الرابِ َع ِة ِمق َد َار الت َشه ِد‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬‫ال إِ‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬‫و‬‫َ‬
‫ض ورمى بِِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ِ‬ ‫َر‬
‫أل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫فَأَخ َذ أَبو حنِي َفةَ َشيئًا ِ‬
‫م‬ ‫َ ُ َ‬
‫صالتُهُ َه ِذهِ ‪ [ .‬سنده صحيح ذكره ابن عبد الرب يف اإلنتقاء (‪] )149/1‬‬ ‫َوإِال فَال تُ َسا ِوي َ‬
‫رؤى تدل على كفره ‪:‬‬
‫ال يل بِشر بن أَِيب األزهر النـي َسابُوري ‪ :‬رأيت يف املنام‬
‫عن علي ابن المديني قال ‪ :‬قَ َ‬
‫ت ‪ :‬جنازة من هذه ؟ فقالوا ‪ :‬جنازة‬ ‫جنازة عليها ثوب أسود ‪ ،‬وحوهلا قسيسني ‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫ال ال َتدث بِِه أحدا !! ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫أَِيب حنيفة ‪ ،‬فحدثت به أَبَا يُ ُ‬
‫وسف ‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫[سنده صحيح رواه البسوي يف املعرفة (‪ )784/2‬واخلطيب يف تاريخ بغداد (‪] )423/13‬‬
‫ت َكأَين‬ ‫عن علي بْن حرب الموصلي قال َحدثَـنَا ُُمَم ُد ب ُن َع ِامر الطائِي قَ َ‬
‫ال ‪َ :‬رأَي ُ‬
‫ول‬
‫ب َشي ًخا َوُه َو يَـ ُق ُ‬ ‫ب‬‫َ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫خ‬‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫خ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫واقِف علَى درِج مس ِج ِد ِدمشق ِيف َمجاعة ِ‬
‫م‬
‫ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ت لِر ُجل إِ َىل َجنِيب َمن َه َذي ِن الشي َخ ِ‬ ‫اس إِن َه َذا َغيـُر ِدي ِن ُُمَمد قَ َ‬
‫ال‬
‫ني قَ َ‬ ‫ال فَـ ُقل ُ َ‬ ‫أَيـ َها الن ُ‬
‫ب أَبَا َحنِي َفةَ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َه َذا أَبُو بَكر الصديق ُملَب ُ‬
‫[ سنده حسن رواه ابن حبان يف اجملروحني (‪ )66/3‬والثقات (‪ )15237‬واخلطيب يف تاريخ‬
‫وُمَمد ب ُن َع ِامر الطائِي قال ابن عساكر يف‬
‫بغداد (‪ )557/15‬ومن طريقه ابن عساكر (‪ُ )6478‬‬
‫تارخيه حكى عنه علي بن حرب الطائي وأنثي عليه ووثقه ابن حبان ووصفه بالعابد ]‬

‫ـ ‪ 57‬ـ‬
‫ـ ‪ 58‬ـ‬

You might also like