Professional Documents
Culture Documents
ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺪاد
:ﻣﻠﺧص
إذ ﺑدأت ﻣﻊ ﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛم ﻋﻧد،ﺗﻌد ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺛﯾرة ﻟﻠﺟدل ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ
ّ :ﻣﻠﺨﺺ
وﺳوف ﺗﺄﺧذ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌد ﻣﻔﻬوﻣﺎ،أﻓﻼطون ﻟﺗﻣر إﻟﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺗوﺣﺷﺔ ﻋﻧد ﻫوﺑز ﻣرو ار ﺑﺳﻠطﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﻧد ﻣﯾﻛﺎﻓﯾﻠﻠﻲ
( اﻟّذي ﻋﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ1984-1926)أوﺳﻊ ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻣﻊ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻻﺧﺗﻼف ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
ﻣﯾﻛﺎﻧﯾزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ وآﻟﯾﺎت اﻹﻛراﻩ اﻟّﺗﻲ ﻣورﺳت ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺷراﺋﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺳواءا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن أو اﻟﻣرﺿﻰ أو
وﻛﻣﺎ ﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺧﻔﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺳؤال،اﻟﻣﺳﺎﺟﯾن أو اﻟﺷواذ وﻏﯾرﻫم
ﺣﯾر ﻓﻛر ﻓوﻛو ﻫو ﺗﺳﺎؤل ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ّ اﻟّذي
ﺗﻌﺑر ﻋن
ّ ﺑﺄن اﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺎﺿرة ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن
ّ و ﺗﻛﻣن أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟّﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﻓوﻛو.ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺷراﺋﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ؟
. وﻛﻣﺎ ﺟﻌﻠت اﻟﺟﺳد ﻣﺣور اﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ،ﻋﻼﻗﺎت ﺻراع ﺑﯾن اﻟﻘوى ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
The question of authority is one of the most important controversial topics in Western civilization,
as it began with the authority of the ruler to Plato to pass to the authority of the savage in Hobbes,
passing through the authority of the prince at Machiavelli, and it will later take on a concept during
the twentieth century with philosophers of difference, especially with Michel Foucault (1926) -
1984) who worked on researching the mechanisms of power and the mechanisms of coercion that
were practiced in various social whether on the insane, the sick, the prisoners, the homosexual, and
others, and he also worked to clarify their hidden actions, especially at the political and social
level. The question that puzzled Foucault's thought is a question of how to achieve this power?
What are the mechanisms of power that it used on the various social ? The most important finding
of Foucault is that power is present everywhere that expresses conflict relations between the forces
in society, and as it made the body the focus of control and punishment.
37
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
ﯾﻌود اﻫﺗﻣﺎم ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو) (1984-1926ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1968م أي إﻟﻰ اﻟﺛورة اﻟّﺗﻲ أﺣدﺛت ﻓﻲ
ﻧظرﻩ ﺗﻐﯾ ار ﻛﺑﯾ ار ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،وﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺳﻌﻰ ﻓوﻛو إﻟﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟوﺟﻪ اﻟﺧﻔﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ
وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻬﺎ اﻟﻣﻌرﻓﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،وﻟﻘد ﺑﺣث ﻋن ﺗﻔﺎﻋﻼت وﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺳﻠطوﯾﺔ داﺧل اﻟﻧﺳﯾﺞ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗوظﯾﻔﻪ ﻟﻠﻣﻧﻬﺞ اﻟﺣﻔري ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺟﯾﻧﺎﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﻠطﺔ.
وﻫﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﺟﻌﻠت ﻓوﻛو ﯾﻧدب إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن آﻟﯾﺎت اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ و اﻟّﺗﻲ ﺗﺣﻛم أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠطﺔ وطراﺋق
ﺗوظﯾﻔﻬﺎ وﺗﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻫﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻓﻛرﯾﺔ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ظﻬور اﻟﺳﻠطﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ:
_ اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﻔﻛر ﺳﺗﺎﻟﯾن ،واﻟّذي ﻗﺎم ﻋﻠﻰ أﺑﻌﺎد ﻛل اﻷطر اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﻻ ﺗﺷﻛل اﻣﺗدادا ﺗﻘﻠﯾدﯾﺎ ،وﻫذا ﻣﺎ
ﺟﻌﻠت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺗﺟﻧﺑﻪ ﻋن طرﯾق ﻣﺳﺎﯾرة اﻟﻣﺧزون اﻟﺗطوري ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ.
_اﻟﻣﻧﺣﻰ اﻟﻣﻌرﻓﻲ اﻟّذي ﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣﺎﻻت واﻟظواﻫر اﻟﻣﻘﯾﻣﺔ واّﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﺷراﺋﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗﺗﺣﺎﺷﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻣﺟﻧون واﻟﻣﺳﺟون واﻟﺷﺎذ واﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟذات
ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﺧط أﺣﻣر ،ﯾﻘﯾﻣون ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻣﻧﻊ واﻟﺗﻧوﯾﻪ )ﻓوﻛو ،ﻧظﺎم اﻟﺧطﺎب.(1984 ،
38
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
وﺑﯾوﻟوﺟﻲ ،وﻟﻛن ﻫذا اﻟﻛﺎﺋن أﺻﺑﺢ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻛل ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ وﻫذا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﻔوﻛو ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن أﺳﺑﺎب اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد.
وﻛﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻣﻧﻬﺟﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎل أﻻ وﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ واﻟﻧﻘدي وﻟﻛون طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﺿوع ﯾﺳﺗوﺟب
اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ،وﯾﺗﻣﺛل طﺑﯾﻌﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻫو واﻗﻌﻲ واﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ ،وﻛﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻋدة ﻣﺻﺎدر ﻟﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو وﺗﺗﻣﺛل
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ" "،ﻧظﺎم اﻟﺧطﺎب" "،دروس" "1973-1972وﻛﻣﺎ ﺗﻧﻌت ﻓﻲ ﻋدة
ﻣراﺟﻊ وﻣﻧﻬﺎ "ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو" و" اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر" ،وﻛﻣﺎ اﺳﺗﺧدﻣت ﻣﺟﻼت
ﻣﻧﻬﺎ "ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻛرﻣل" ﻟﻬﺎﺷم ﺻﺎﻟﺢ.
ﺗﻌﺑر ﻋن ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺄن اﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺎﺿرة ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ،وﻛذﻟك ّ
ﯾوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻓوﻛو ّ
وﻣن أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻬﺎّ ،
ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺟﻌل ﻣن ﺟﺳد اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺣور ﻟﻬﺎ ﻓﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻪ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
ﺻراع ﺑﯾن اﻟﻘوى ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ّ
واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ.
ﯾﺷﻛل ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﻠطﺔ أﺣد أﻫم اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺻﯾل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﺑدأ ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﯾوﻣﻧﺎ
ﻫذا ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻣن أﻛﺛر اﻟﻣﺳﺎﺋل أﻫﻣﯾﺔ وﺣﯾوﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن إذ ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻓﻲ
ﻟﻛوﻧﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻣﻧذ اﻟوﻻدة وﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﺎﻟﻘول إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف ﺗﻔﺻﯾﻼت ﺣﯾﺎﺗﻪ
أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻧﺗﺷرة وﻣوزﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن و ّ
ّ
ﻣن اﻟﺻﻌب ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن ﻛوﻧﻪ ﻣﺻطﻠﺣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻠﻣﺳﻪ واﻗﻌﯾﺎ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛن إدراﻛﻪ ذﻫﻧﯾﺎ ﻓﺣﺳب،
ﻓﻬو ﻣﺻطﻠﺢ ﻧظري ﻓﻠﺳﻔﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻛوﻧﻪ ﻣﺻطﻠﺣﺎ ﯾﻌﻛس ﺣﺎﻟﺔ واﻗﻌﯾﺔ ﯾﻣﻛن ﺗوظﯾﻔﻬﺎ ﺑدﻗﺔ ﯾﺣﻣل ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ
ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻧﺗﻪ ﺗراﺛﺎ ﺿﺧﻣﺎ ،و ّأﻧﻪ ﯾﺗﺿﻣن ﻋدة أﺑﻌﺎد ﺳواء ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو دﯾﻧﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ )ﺧﺎص ج،.
.(2017
ٕواذا دﻗﻘﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ :ﻓﺗﺗﻣﺛل ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣدد ﺳﻠوك أو رأﯾﺎ ﻻﻋﺗﺑﺎرات ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋن اﻟﻘﯾﻣﺔ
ﺛم ﯾﻠﯾﻬﺎ ﺳﻠطﺔ ﺷﯾﺦ اﻟﻘﺑﯾﻠﺔ ﺛم ﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛم وأﺧﯾ ار ﺳﻠطﺔ
اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻸﻣر أو اﻟﻘﺿﯾﺔ ،إذ ﺗﻣر ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻷﺑوﯾﺔ ّ
اﻟدوﻟﺔ.
ﯾﻣﯾز ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع ﻣن أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﻧﻔﺳﻲ
أﻣﺎ ﻋن ﻗﺎﻣوس ﺟﻣﯾل ﺻﻠﯾﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ّ
أي اّﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ ﻗدرة اﻟﻔرد ﻋﻠﻰ ﻓرض إرادﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻷﻓراد ﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﻣﺗﻼﻛﻪ ﺳﻣﺎت ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣﺛل
ﻗوة اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻵﺧرﯾن ﺳواءا ﺑﺎﻟﻘوى أم ﺑﺎﻟﻔﻌل ،أﻣﺎ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟدﯾﻧﻲ أو
اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﺳﺧﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟواﻟدﯾن أو اﻟﻘﺎﺋد ،أﻣﺎ اﻟﻧﻣط اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻬو اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ّ
وﺗﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ أﯾﺿﺎ ﻋن ﻗ اررات اﻟﻣﺟﺎﻣﻊ اﻟﻣﻘدﺳﺔ
اﻹﻻﻫﻲ اّﻟﺗﻲ ﯾﻣﺗﻠﻛﻬﺎ اﻟرﺳل واﻷﻧﺑﯾﺎء أو ﻧﺟدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟدﯾﺎﻧﺎت ّ
واﻻﺟﺗﻬﺎدات اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻷﺋﻣﺔ )ﺻﻠﯾﺑﺎ.(1982 ،
ﻓﺈن اﻟﺳﻠطﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ اﻟﻘدرة أو اﻟﻘوة اّﻟﺗﻲ ﺗﻣ ّﻛن ﻣن
أﻣﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻣﻌﺟم ﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ّ
اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس واﻟﺿﻐط ﻋﻠﯾﻬم ورﻗﺎﺑﺗﻬم ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ طﺎﻋﺗﻬم واﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺣرﯾﺗﻬم وﺗوﺟﯾﻪ ﺟﻬودﻫم إﻟﻰ
ﻧواﺣﻲ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﻟﻛون اﻟﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻫو ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻧﺳق ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠطوﯾﺔ ﺑﯾن ﺳﺎدة وﻣﺳودﯾن
وﺑﯾن اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ واﻟﺗﻌﺎون .
39
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
ﺳﯾﺄﺧذ ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﻌﻧﻰ وﻣﻔﻬوﻣﺎ آﺧر ﻣﻊ اﻟﻌﺻر اﻟوﺳﯾط إذ ﺗرﺳﺦ ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ أو اﻻﻻﻫﯾﺔ أو
ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻛﺎﻫن.
ﺛم ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻔﻬوﻣﺎ ﻣﻐﺎﯾ ار ﻣﻊ ﻋﺻر اﻟﻧﻬﺿﺔ ﻣﻊ ﻧﯾﻘوﻻ ﻣﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻛﺗﺎﺑﯾﻪ اﻷول ﺑﻌﻧواﻧﻪ" اﻷﻣﯾر" أﻣﺎ
ّ
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧواﻧﻪ "اﻟﻣطروﺣﺎت" وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌد ﻣن أﻫم اﻟﻛﺗب اﻟذي ﯾﺑرز ﻓﯾﻪ أﻫم اﻟﺟواﻧب اﻟوﻋﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻣﻔﻬوم
ﻓﺳر ﻣﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ واﻷﺳس اﻟﻧﺳﻘﯾﺔ اّﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣب اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺳﻠطﺔ ،ﺑﺣﯾث ّ
وﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻬﺎ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﻌزل ﻋن أي ﻗﯾود دﯾﻧﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ )ﻣﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ .(2004 ،وﻋﻠﻰ ﻧﻘﯾض أﻓﻛﺎر
ﻣﻛﯾﺎﻓﯾﻠﻲ ﺟﺎءت أﻓﻛﺎر ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻋﺻر اﻟﺗﻧوﯾر ﻟﯾرﻛزوا ﻓﻲ ﺟزﺋﻬﺎ اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺳﺄﻟﺔ
ﺗﻠﺢ ﺑﺿرورة اﻻﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺔ وأﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،واﻟﺗﻧﺎزل ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﻬم ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق
اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واّﻟﺗﻲ ّ
اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة ،وﻟﻛن ﻣﻊ ﺗطور اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺗطور ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر واﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر
ﺑﻌد أن ﺑدأ اﻟﻣﻔﻛرون اﻟﺣداﺛﺔ ﯾﻧظرون إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﺗﻧظﯾﻣﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ إﻧﺳﺎﻧﯾﺎ وﻟﯾس ﺣﻛﯾﻣﺎ أو إﻻﻩ ،ﺑل ﻫﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﺑدﯾل واﻟﺗﻌدﯾل واﻟﺗﻌﺑﯾر إذ اﺗﻔق ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻫوﺑز) (1679-1588وﺟون
أن إرادة اﻟﻔرد اﻟﺣرة ﻫﻲ أﺳﺎس ﻧﺷﺄة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﺳﻠطﺔ واﻟﻌﻘد
ﻟوك) (1704-1632وروﺳو) (1778-1712ﻋﻠﻰ ّ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻫو وﺳﯾﻠﺗﻬم اﻟوﺣﯾدة ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳﻌﺎدة ،وﺳوف ﯾرﻛز ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌد ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرون ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ
وﻋﻠﻰ ّأﻧﻬﺎ ﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺳوف أﻗف ﻋﻠﻰ أﻫم ﻓﯾﻠﺳوف اﻧﺻب اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ واﻟّذي ﻟﻘد ﺑﻔﯾﻠﺳوف
ﯾﻌد ﻣن أﻫم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟّذﯾن ﺳﺎﻫﻣوا ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺧزون اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل
اﻟﺳﻠطﺔ أﻻ وﻫو ﻓرﯾدرﯾك ﻧﯾﺗﺷﻪ واﻟّذي ّ
أن ﻋﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﺳﻠطوﯾﺔ ﺳواءا
ﻓوﻛو ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ .وﯾﺷﯾر ﻧﯾﺗﺷﻪ إﻟﻰ ّ
ﻛﺎﻧت ﺗﻬدف ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أو اﻟﺿرر وﯾﻣﺛل ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗوﺟد
ﺑﺷﻛل ﻣﻧﻔرد ،إذ ّإﻧﻪ ﻣن اﻟﺻﻌب اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﻣﻌزل ﻋن ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌددﻫﺎ ،ﻓﻛل ﺳﻠطﺔ ﺗﺗوﺟﻪ إﻟﻰ ﺳﻠطﺔ أﺧرى
أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﻔﺻل ﻋن إرادة اﻟﺳﻠطﺔ إذ أن ﻫذﻩ اﻹرادة
وﺗدﺧل ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺻراﻋﯾﺔ وﻛﻣﺎ ّ
ﻫﻲ اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻣﻛﻣﻠﺔ ﻟﻛﯾﺎن اﻟﺳﻠطوﯾﺔ )دوﻟوز.(2001 ،
40
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
أن
ﯾﺛﻣن ﻓوﻛو ﺟﻬود ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻓﻲ إﻋطﺎءﻩ ﻣﻔﻬوم دﻗﯾق ﻟﻠﺳﻠطﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ّ وﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر ّ
ﯾﻘر ﻓوﻛو ﺑدور ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻟﻠﺳﻠطﺔ،
اﻟﺳﻠطﺔ ﻟدﯾﻬﺎ ﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ وﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻟﻬذا ّ
ﺑﺄن ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻫو اﻟّذي ﺟﻌل ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺧطﺎب اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ،ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻫو ﻓﯾﻠﺳوف وﯾﻘول ﻗﺎﺋﻼ ّ
اﻟﺳﻠطﺔ وﻫو اﻟّذي اﺳﺗطﺎع اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن دون اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ )ﺑﻐورة.(2000 ،
أن ﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻫﯾن ﯾﺳﯾطران ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺻﯾل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﻬذا وﻋﻧد اﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﻧﺟد ّ
اﻟﻣﻔﻬوم ،ﻓﯾﺗﻣﺛل اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول ﻓﻲ ﺗﻧﺎول اﻟﺳﻠطﺔ ﻟﻧظﺎم اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻓق ﺗدرج اﻟﺗراﺗﺑﻲ ﻣﺳﺗﻧدا إﻟﻰ اﻟﻘوة
اﻟﺳﻠطوﯾﺔ اﻟﻘﻬرﯾﺔ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم ﺻﺎرم ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ
ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻣﺗﻣوﺿﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻫﻧﺎ ﯾﻌطﻲ ﻟﻧﺎ ﻓوﻛو أﻣﺛﻠﺔ ﻛﺎﻟطﺑﯾب اﻟّذي ﯾﻣﺎرس
أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻻ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ ﺳوى
ﺳﻠطﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ،وﺣﺳب ﻓوﻛو اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﻣﻌﻧﻰ ّ
أﺻﺣﺎب اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أي اﻟﺣﺎﻛم ،ﻓﻬﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻷﺟﻬزة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﺧﺿﺎع
اﻟﻣواطﻧﯾن داﺧل رﻗﻌﺔ ﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﻛﻣﺎ ﺗﻣﺎرس ﺟﻣﯾﻊ أﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف واﻟﺗﻌﺳف ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻣﺛل اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ٕوان ﻛﺎن
ﻻ ﯾﻧﻛر اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ إﻻ ّأﻧﻪ ﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﺳﻠطوﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت
داﺧل اﻟﺟﺳد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻣﺧﺗﻠف ﺗﻣﻔﺻﻼﺗﻪ.
اﻟﻧظم اﻟّﺗﻲ ﯾﺗداﺧل ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻣﺎ ﻫو
ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺳب ﻓوﻛو ﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺷﺑﻛﺔ ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت و ّ
اﻗﺗﺻﺎدي وﺳﯾﺎﺳﻲ وﻣﺎ ﻫو ﻣﻌرﻓﻲ أﯾﺿﺎ ،وﯾﻧظر إﻟﯾﻬﺎ ﻓوﻛو ﻋﻠﻰ ّأﻧﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء ﻟﻬذا ﻋﻣل
اﻟﺟدﯾد اﻟّذي اﺗﺧذﺗﻪ اﻟﺳﻠطﺔ وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﺣﺎﻛم واﻟﻣﺣﻛوﻣﺔ واﻟﻐﺎﻟب واﻟﻣﻐﻠوب وﻋﻠﻰ ﻏرار ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن اﻟوﺟﻪ
ﺑﺄن اﻟﺳﻠطﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻬﺎ أن ﺗطرح ﻣن ﺧﻼل ﻣﻔﺎﻫﯾم ﺟدﯾدة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟدﯾﻬﺎ ﻧوع ﻣن ذﻟك ﯾرى ﻓوﻛو ّ
اﻟﻣﺣﺎﯾﺛﺔ واﻹﺟراﻣﯾﺔّ ،إﻧﻬﺎ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ ﯾد ﻣﻠك واﺣد ،وﻣﺣﺎﯾﺛﺔ ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺧرق أﺟزاء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻠﻪ
ٕواﺟراﻣﯾﺔ ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟواﺿﺣﺔ واﻟﺧﻔﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ،وﯾوﺿﺢ ﻓوﻛو ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ" :اﻟﺳﻠطﺔ
ﺗﻣر ﻋﺑر اﻟﺟﺳم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻠﻪ ،وﻫﻲ أﻛﺛر ﻣﺎ ﻫﻲ ﺳﻠﻣﯾﺔ ووظﯾﻔﺗﻬﺎ اﻟﻘﻣﻊ" ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻧزﻟﺔ ،وﻫﻲ ﺷﺑﻛﺔ ﻣﻧﺗﺟﺔ ّ
)ﻓوﻛو ،ﻧظﺎم اﻟﺧطﺎب ،1984 ،ﺻﻔﺣﺔ ،(74ﻣن ﺧﻼل ﺗﻠك اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﺳوف ﯾﻌﻣل ﻓوﻛو ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوزﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌد
ﻟﯾرﻛز ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم ﺟدﯾد ﻟﻬﺎ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل إظﻬﺎر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺧﻔﻲ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻟم ﯾﻬﺗم ﻓوﻛو ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺳؤال اﻷﺻل
أن
وﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﺑل راح ﯾﺗﺳﺎءل ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﻣﺗﺄﺛ ار ﺑﻔﻛر ﻧﯾﺗﺷﻪ ،وﻟﻘد ﻋﻣل ﻛذﻟك ﻋﻠﻰ ﺗﺑﯾﺎن ّ
ﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﺗﻌددة وﻣوزﻋﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وأﺛﻧﺎء ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ ﺗوﺻل ﻓوﻛو إﻟﻰ إﯾﺟﺎد ﻣﻔﻬوم ﺟدﯾد
ﻟﻬﺎ أﻻ وﻫو اﻟﻣﯾﻛروﻓﯾزﯾﺎء اﻟﺳﻠطﺔ ،و ّأﻧﻪ ﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر اﻟﺣداﺛﺔ ﻣﻌﺗﻣدا ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة أو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘوة ،أو اﻟﺗﻐﻠب
واﻟﺗﻔوق وذﻟك ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ )ﺟﯾﻼﻟﻲ.(2016 ،
ﻟﻘد ﺑدأت ﺗﺗﺑﻠور ﻟدى ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻗﻧﺎﻋﺔ ﺟدﯾدة ﺣول اﻟﺳﻠطﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ ﺑﻌد أﺣداث 8ﻣﺎي 1968م ﻓﻲ
ﯾﺣث ﻋﻠﻰ ﺿرورة
ّ ﻣﺣﺎﺿرة ﻟﻪ ﻓﻲ "ﻛوﻟﯾﺞ دو ﻓراﻧﺳن "collège de Franceﻋﺎم 1970م ،ﻟﻘد أﺧذ ﻓوﻛو
اﻻﻟﺗﻔﺎف إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ وذﻟك ﻣن أﺟل ﻣﻌرﻓﺔ آﻟﯾﺎﺗﻬﺎ وﻋﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ وﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
-2ﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺳﻠطﺔ وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ:
أن اﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن
ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺗﺄرﺟﺢ ﺑﯾن ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻧﻪ وﻣﺎ ﺗﺧﻔﯾﻪ ،وﯾﺷﯾر إﻟﻰ ّ
ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻓوﻛو ﻣن ﺣﻔرﯾﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺳﻠطﺔ ّ
واﻟﻣﻬﻣﺷﯾن ودﻋﺎة اﻟﻌﻧف ﻗد ﻣورﺳت ﻋﻠﯾﻬم ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﻬر ،وﺳﺗظل ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻏﯾر ﻣرﺋﯾﺔ ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ
إﺳﺗراﺗﺟﯾﺎت ﻣﺗﻌددة )ﻧﺎﺷﻲ.(2013 ،
41
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
ﻟﻘد ﺑدأ ﻓوﻛو أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ ﻣظﺎﻫر اﻹﻗﺻﺎء واﻹﻛراﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،واﺗﺟﻪ اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ
ﻣﻧذ اﻟﺑداﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن وﻛﯾﻔﯾﺔ ﻋزل اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺋﺎت اﻷﺧرى ﻛﺎﻟﺷواذ وﻣرﺿﻰ اﻟﺟذام واﻟﺑرص وﻏﯾرﻫم،
ﻛﻣﺎ ﻋﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻧظرة اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ وأﺧﯾ ار ﺗطرﻗﻪ إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ إﻗﺻﺎء اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن ﻣن داﺋرة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ )أﺑﺎﻩ،
،(1994وﺳوف ﻧﻘف ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺎت اﻹﻛراﻩ اﻟﺗﻲ ﻣورﺳت ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺷراﺋﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻛﺎﻟﻣﺟﺎﻧﯾن واﻟﻣرﺿﻰ
واﻟﺳﺟون واﻟﻌﺎطﻠﯾن ﻋن اﻟﻌﻣل وﻏﯾرﻫم.
أ -ﻣﯾﻛﺎﻧﯾزﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺋﺔ اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن:
أوﻛل ﻓوﻛو ﻟذاﺗﻪ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ ﺟواﻧب اﻷﺣداث اﻟّﺗﻲ ﯾﺗﻌرض اﻹﻧﺳﺎن إﻟﯾﻬﺎ ،وﻟﻘد ﺑﺣث ﻋن اﻟﻣﻧطق
اﻟّذي ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﯾﻛﺎﻧﯾزﻣﺎت اﻟﺟﻧون ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،ﻣﻌﺗﻣدا ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻧطﺎق اﻷرﺷﯾف وذﻟك ﻣن
أﺟل ﻗراءة اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺳﻛوت ﻋﻧﻪ ،ﻟﻘد ﻧﺎﻗش ﻓوﻛو ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺟﻧون وﻣراﺣﻠﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻛﺗﺎﺑﻪ " ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻧون ﻓﻲ
ﺗﺻور اﻟﻐرب ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺟﻧون؟ وﻣﺎ ﻫﻲ أﺷﻛﺎل اﻹﻛراﻩ اﻟﺗﻲ ﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ
ّ اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ" وﺗﺳﺎؤﻟﻪ ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ
ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣﺟﻧون؟.
ﺗﻣﯾز ﺑﻪ ظﺎﻫرة اﻟﺟﻧون ،ﻟذا ﻗﺎﻣت اﻟﺳﻠطﺔ ﺑﺗوظﯾف اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل _ اﺳﺗﻐﻼل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻐﻣوض اّﻟذي ّ
اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣن أﺟل اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن طﺎﻗﺗﻬم ودﻓﻊ ﻋﺟﻠﺔ اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ) ﻟﻛون ﻓرﻧﺳﺎ آﻧذاك ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن
أزﻣﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ( ،إذ ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻠطﺔ ﺗﻌﺎﻣل اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن ﻓﻲ أﺳوء اﻟظروف.
_ أﺻﺑﺢ اﻟﺟﻧون ﺗﻬﻣﺔ ﺗﻠﺻق ﻟﻠﻧﺎس اﻟّذﯾن ﺗﻌﺗﺑرﻫم اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﺻدر ﻗﻠﻘﻬم ٕوازﻋﺎﺟﻬم ،إذ ﺣﺛت اﻟﺳﻠطﺎت ﻋﻠﻰ وﺿﻌﻬم
ﻓﻲ ﻣﺻﺢ اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن واﺗﻬﺎﻣﻬم ﺑﺎﻟﺟﻧون ،وﯾﻣﺛل اﻟﺟﻧون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ أﻗﺻﻰ درﺟﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺗﺳﻠطﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﻛون
ﻣﺻدر اﻹزﻋﺎج.
وﻣﻣﯾزاﺗﻬﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ّ -ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺟﻧون ﻟﯾﺳت ﻓﻘط ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ طﺑﯾﺔ ﻋﻼﺟﯾﺔ ،ﺑل ﺑوﺻﻔﻬﺎ ظﺎﻫرة ﻟﻬﺎ ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ
واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ و اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻬﻣﻬﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ذواﺗﻧﺎ و ّأﻧﻬﺎ وﻟﯾدة اﻟﻌﺑﻘرﯾﺔ وﯾظﻬر ذﻟك ﻣن ﺧﻼل
اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺑداﻋﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻫﻧﺎك أﺷﻛﺎل اﻟﺟﻧون ظﻬرت ﻓﻲ ﻋدة أﻋﻣﺎل ﻻﻣﻌﺔ ﻣﺛل اﻟّﺗﻲ ظﻬرت ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ
42
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
ﻋﺷر ﻣﻊ ﻫوﻟدرﻟﯾن وﻧرﻓﺎل وﻧﯾﺗﺷﻪ )ﻓوﻛو ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻧون ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ ،(2006 ،وﻫذا اﻷﺧﯾر –ﻧﯾﺗﺷﻪ-
اﻟّذي ﻋرف ﻛﯾف ﯾﺛور ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وذﻟك ﺑﻔﺿل ﺟﻧوﻧﻪ ،ﻟﻘد ﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺧطﻲ أﺳوار اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ
ﺑﺄن اﻟﻌﻘل ﻟﯾس ﺳوى ﻧﻣوذﺟﺎ ﯾﺗﺣذى ﺑﻪ ،وﻣن ﺧﻼل ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻋﻣد ﻓوﻛو إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻣﺟﻧون واﻟﻌﻣل ﻟﯾﺛﺑت ّ
وﺑﺄﻧﻪ -اﻟﺟﻧون -ﻣرض ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻼﺟﻪ. ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻟﻣن ﻫم ﻣﻬﻣﺷﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗﻘدﯾﻣﻬم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ّ
ﻟﻘد ﻋﻣد ﻓوﻛو ﻋﻠﻰ إﺧراج ﻣوﺿوع اﻟﻣﺟﻧون ﻣن ﻧظراﺗﻪ اﻟﺿﯾﻘﺔ ﻟﯾﻔﺳﺢ أﻣﺎم اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ آﻓﺎق ﺟدﯾدة ﻣن
ﺧﻼل اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟﻧون ﻣوﺿوﻋﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ.
ﻓﺣص ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﻘﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ" اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ" اﻟّذي ﺻدر ﻋﺎم 1975م واﻟﻐرض ﻣﻧﻪ ﻫو
ﻧزع اﻟﻐطﺎء ﻋن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻣظﻠﻣﺔ واﻟﻣرﻋﺑﺔ و اﻟّﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ،وﻗد ﺣﻔر ﻓﯾﻬﺎ ﻣن أﺟل إظﻬﺎر ﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎل
أن اﻟﻣﺳﺟون ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻣرﺗﺑﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﻣﺟﻧون ﻓﻲ
اﻟﺗﻌذﯾب اﻟّذي طﺑق ﻓﻲ ﺣق اﻟﺟﺎﻧﻲ ،وﯾﺷﯾر ﻓوﻛو إﻟﻰ ّ
ﺗﺟر ﻋﻠﻰ
اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ وﯾﺳﺗﺷﻬد ذﻟك " ":اﻟﺳﺟﯾن واﻟﻣﺟﻧون ﺷﺧص ﯾﻧﺑذﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﯾﻐﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑﺎب ﻷ ّﻧﻪ ّأ
اﺧﺗراق ﻗﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ" )ﺻﺎﻟﺢ (1984 ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﺗﺳﺎؤل ﻓوﻛو ﻋن أﻧﻣﺎط اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻣﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟزاء اﻟﻐرﺑﻲ ،وﻟﻘد ﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺧﻔﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺟون.
ﻋﻣل ﻓوﻛو ﻋﻠﻰ إﺑراز طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﻬﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟزاء اﻟﻐرﺑﻲ ،وﻛذﻟك إﺑراز
ﻣرت ﺑﻣراﺣل ﻛﺑرى ﻣﺎرﺳت
اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺧﻔﯾﺔ ﻟﻠﺳﺟون ،وﻟﻘد أوﺿﺢ ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﺑﺄن ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ ّ
ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻌذﯾب واﻟﻌﻘﺎب وﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ:
-1ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻌذﯾب:
اﻟﺗﻌذﯾب ﻫو ﻋﻘﺎب ﺟﺳدي ﻣؤﻟم ،و ّأﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻘﻧﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺟب أوﻻ أن ﯾﺣدث ﻛﻣﯾﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻟوﺟﻊ اﻟّذي ﻻ
ﯾﻣﻛن ﻗﯾﺎﺳﻪ ﺑﺎﻟدﻗﺔ وﻟﻛن ﯾﻣﻛن ﺗﻘدﯾرﻫﺎ وﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ وﺗرﺗﯾﺑﻬﺎ ،وﺗوﺻل ﻓوﻛو إﻟﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣوت اﻟﺗﻌذﯾﺑﻲ وﻫو
ﻓن إﻣﺳﺎك اﻟﺣﯾﺎة داﺧل اﻟوﺟﻊ واﻷﻟم وذﻟك ﺑﺗﻘﺳﯾﻣﻪ إﻟﻰ أﻟف ﻣوﺗﻪ ،ﻗﺑل أن ﺗﺗوﻗف اﻟﺣﯾﺎة وﺣﺻوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺷد ﺣﺎﻻت
اﻟﻔزع )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،(1990 ،وﻛﻣﺎ ّﺑﯾن ﻓوﻛو أﺷﻛﺎل ﺻﯾﻎ اﻟﺗﻌذﯾب اﻟﻣطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎﺟﯾن وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ:
-اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻷوﻟﻰ :وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻲ ،وطرد اﻟﻔرد إﻟﻰ ﺧﺎرج اﻟﺣدود ،اﻟﻣﻧﻊ ﻣن دﺧول ﺑﻌض اﻷﻣﺎﻛن ،ﺗﺣطﯾم اﻟﻣﻧﺎزل
اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ وﻛذﻟك اﻟﺷطب ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﯾﻼد ،وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻌﻘﺎب ﯾﻣس اﻟﺟﺳد واﻟﻧﻔس ﻣﻌﺎ.
_ اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أﺟراء ﺗﻌوﯾض ﻣﺎ ،ﺗﺣوﯾل اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺟم إﻟﻰ دﯾن ﯾﺟب ﺗﺳدﯾدﻩ ،وﻫذا اﻟﻧوع ﯾﻣس اﻟﺟﺎﻧب
أن اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺳدﯾد اﻟﻔدﯾﺔ اﻟﻣﺷروطﺔ.
اﻻﻗﺗﺻﺎدي و ّ
اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :وﺿﻊ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ أو اﻟﻛﺗف أو اﻟﺗﻌذﯾب ﺑﺎﻟﺟرح ،ﻓﻐﺎﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻫو ﺗرك اﻷﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ
وﻣﻌرﻓﺔ ﻧوع اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ارﺗﻛﺑﻬﺎ.
43
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟراﺑﻌﺔ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌزل واﻟﺣﺟز وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌزل اﻻﻧﻔرادي وﻫو أﻗﺻﻰ اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ
اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ واﻟّذي ﯾﻬدف إﻟﻰ إظﻬﺎر أﻧواع وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ ،وﯾﻛون اﻟﺳﺟن ﺑداﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻘوﺑﺔ.
ﯾظﻬر ﻟﻧﺎ ﻓوﻛو طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻌذﯾب ﺑﺎﻟﺟذب ﺑﺎﻷﺣﺻﻧﺔ ﯾﻘول ":ﺛم ﺗﻌذﯾب ﻓراﻧﺳو دﻣﯾﺎن) ﻣواطن ﻓرﻧﺳﻲ -1715 ،
،1757أﻋدم ﺑﺗﻬﻣﺔ ﻗﺗل أﺑﯾﻪ( ،ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺻﺔ اﻹﻋدام ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻏراف " ،" Greveﺗم ﺗﻌذﯾﺑﻪ ﻓﻲ ﻛل أﻋﺿﺎء ﺟﺳﻣﻪ
إذ ﺗم وﺧزﻩ ﻓﻲ ذراﻋﯾﻪ ورﻛﺑﺗﯾﻪ وﻓﺧذﯾﻪ ) (....وﺑﻌد ﺗﻌذﯾﺑﻪ ﻗﺎﻣوا ﺑﺗذوﯾب اﻟرﺻﺎص اﻟﻣﻣزوج ﺑﺎﻟﻛﺑرﯾت واﻟﺷﻣﻊ ﺛم
أﺣرﻗت ﯾدﻩ اﻟﯾﻣﻧﻰ اﻟّﺗﻲ ارﺗﻛﺑت اﻟﺟرﯾﻣﺔ ،ﺛم ﺣرق اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗّﻲ ﺗم ﻗرﺻﻬﺎ وﻛﻣﺎ ﻗﺎﻣوا ﺑرﺑطﻪ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﺣﺻﻧﺔ
وذﻟك ﻣن أﺟل ﺗﻣزﯾﻘﻪ وﺑﻌد ذﻟك ﺟﻣﻌت أﻋﺿﺎءﻩ وﺣرﻗوﻫﺎ"). (Foucault, survielle et punir, 1975
-اﺳﺗﺧدام اﻟﺣﯾوان ﻟﻐرض اﻟﻌﻘﺎب ٕواﻟزام اﻟﻧﺎس ﺑﻣﺷﺎﻫدة ﻫذا اﻟﻣﺷﻬد ،وﻫذا ﻣن أﺟل إﺛﺎرة اﻟﺧوف ﻓﻲ ﻧﻔوﺳﻬم ،وﻛﺎن
اﻟﻬدف ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﺎﻫدة اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟطرق اﻟﺗﻌذﯾب دﻣﯾﺎن ﻫو ﺗﺑﯾﺎن اﻟرﻛﺎﺋز اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺧطﺔ
اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ ،وﻫذا ﻣن أﺟل اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛم وﺻراﻣﺔ اﻟﻘواﻧﯾن وﻫذا ﻣﺎ أوﺿﺣﻪ ﻓوﻛو ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ":
ﯾظﻬر اﻟﺷﻌب ﻛﺷﺧﺻﯾﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺣﺗﻔﺎﻻت اﻟﺗﻌذﯾب وﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻟﻣﺷﺎﻫدة اﻻﺳﺗﻌراﺿﺎت واﻹﻗرار ﺑﺎﻟذﻧب ﻓﯾﻧﺻب
ﻋﻣود اﻟﺗﺷﻬﯾد واﻟﻣﺷﺎﻧق واﻟﻣﻧﺻﺎت ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻋﻧد ﻣﻔﺗرﻗﺎت اﻟطرق ،وﻗد ﯾﺣدث أن ﺗﻌرض ﻟﻌدة أﯾﺎم
ﺟﺛث اﻟﻣذﻧﺑﯾن ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن أﻣﺎﻛن ﺟراﺋﻣﻬم" )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ .(86
-2اﻟﻌﻘﺎب:La Punition :
إن اﻟﺗﺣول ﻣن اﻟﺗﻌذﯾب إﻟﻰ اﻟﻌﻘﺎب ﺣدث ﺑﺳﺑب اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﺣﻣﻠﺗﻬﺎ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻷﻧوار واﻟّﺗﻲ ﺗﺟﺳدت ﻓﻲ
ﻛﺗﺎﺑﺎت ﺟون ﻟوك و ﻓوﻟﺗر وﻏﯾرﻫم ،وﻛذﻟك اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﻧﺎدي ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣﻔظ ﻛراﻣﺗﻬم وﻛﺎﻧت
ﺑﯾن أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﺧﻼل اﻟﻧﺻف ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﺑدأت ﺗﻬدف إﻟﻰ إرﺳﺎء ﻗواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﺗﺳﺎﻣﺢ
ﺿد اﻟﺗﻌذﯾب واﻟّﺗﻲ ﺟﺳدﻫﺎ ﻛل ﻣن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻣﻧظرﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﯾن وﻣﺎ ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ
اﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎت ّ
اﻟّذي ﺻدر ﻋﺎم 1791م واﻟّذي ﯾﺗﺿﻣن :
ﻻﺑد ﻣن وﺟود ﻋﻼﻗﺎت دﻗﯾﻘﺔ ﺑﯾن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺟرم وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ. ّ -
-ﺗطﺑﯾق ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣوت ﻋﻠﻰ اﻟﺧوﻧﺔ واﻟﻘﺗﻠﻰ ،وأﻣﺎ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻓﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻟﻬﺎ ﺣد اﻷﻗﺻﻰ ﻫو ﻋﺷرون ﺳﻧﺔ.
_ وﯾﺑﻘﻰ اﻟﺗﻌذﯾب ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻘﺎرن ﻓﯾﻪ اﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﺑﻛﻣﯾﺔ اﻷﻟم ﺑﺣﺳب اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﯾﻌﺗﺑر اﻻﻋﺗراف اﻷﺳﺎس
ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻌذﯾب وﻫو اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ.
ﯾﻠﺧص ﻓوﻛو اﻟﻌﻘﺎب ﻓﻲ ﻗوﻟﻪٕ ":واذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﻬﺎ ﺗﺷددا ﻻ ﺗﺳﺗﻬدف اﻟﺟﺳد ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎذا ﺗﺄﺳﺳت
دﻋﺎﺋﻣﻬﺎ وﺑﻣﺎ أن اﻟﺟﺳد ﻟﯾس اﻟﻣﺳﺗﻬدف إذن ﻻ ﺑد أ ّﻧﻬﺎ اﻟروح ﻫﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ و اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻻ ﺗﺳﺗﻬدف اﻟﻣﺟرﻣون ﻓﻘط
44
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
ﻓﺈن اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء اﻟﻌﺑر ﻟﻶﺧرﯾن وﻓﻲ ﻋدم اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣدود اﻟّﺗﻲ ﯾﺿﻌﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧونﺑل اﻵﺧرونّ ،
وﺑذﻟك أﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﻧون ﺧطﺎﺑﺎ ﻟﻠﻌﻘوﺑﺔ" )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ ،(53_52ﻟﻘد ﺷﻬدت ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﻌد
اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻗطﯾﻌﺔ ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻋدﯾدة ﻓﻘﺑل اﻟﺛورة ﻛﺎن اﻟﻧظﺎم ﯾﻌذب اﻟﻣﺟرﻣﯾن طﺑﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧون ﺻﺎرم ﯾﺣدد
ﻟﻛل ﺟرﯾﻣﺔ أﺳﻠوب اﻟﺗﻌذﯾب ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ ﺗﺗم ﻋﻠﻰ ﺷﻛل اﺣﺗﻔﺎل ﺷﻌﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺑﺣﺿور ﺟﻣﻬور ﻏﻔﯾر ﻣن اﻟﻣﺗﻔرﺟﯾن ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻣﺗﻌوا ﺑﻣﻧظر اﻟﻣذﻧب اّﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺧﺗﻠف آﻟﯾﺎت اﻟﺗﻌذﯾب،
وﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﻣﻊ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر اﺧﺗﻔﻰ اﻟﻌرض اﻟﻌﻘﺎﺑﻲ وﺑذﻟك أﺧذ اﻻﺣﺗﻔﺎل ﯾدﺧل ﻓﻲ
ﻷول
ظل أو ﻓﻲ اﻟﺧﻔﺎء ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﺟرد ﻋﻣل إﺟراﻣﻲ ﺟدﯾد وأﻟﻐﻲ ﺑذﻟك اﻻﻋﺗراف اﻟﻌﻠﻧﻲ ﺑﺎﻟ ّذﻧب ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ّ
ﻣرة ﺳﻧﺔ 1791م وأﯾﺿﺎ أﻟﻐﻲ ﻋﻣود اﻟﺗﺷﻬﯾر ﺳﻧﺔ 1789م ،واﻟﻬدف ﻣن إﻟﻐﺎء اﻻﺣﺗﻔﺎل اﻟﻌﻠﻧﻲ ﻫو إﻗﺻﺎء اﻟﺟﻣﻬور
ﻣن اﻟﻣﻌرﻓﺔ وﻣﺷﺎﻫدة طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻌذﯾب وﺣدود ﻋﻣل اﻟﺳﻠطﺔ و اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟّﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻘﺎب ،وﺑﻬذا ﺗﻛون
اﻟﺳﻠطﺔ ﻗد ﺳﻠﺑت ﻣن اﻟرﻋﯾﺔ ﺣق اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻌذﯾب ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻧوع ﻣن اﻟﺳرﯾﺔ )ﺻﺎﻟﺢ،1984 ،
ﺻﻔﺣﺔ .(46_45
ﻟﻘد ﻓﻛر اﻟﻣﺷرﻋون ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﻓﻲ إﯾﺟﺎد وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻘﺗل دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻟﺗﻌذﯾب اﻟﺟﺳدي ﻋﺑر ﻣراﺣل وﻫذا ﻣﺎ ﺗﺟﺳد ﻣﻊ ﺣﺿور اﻟﻣﺷﻧﻘﺔ اﻟّﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗدﯾﻣﺎ ﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺑﺣﺑل ﯾﻠّف ﺣول اﻟرﻗﺑﺔ،
وﻟﻘد طﺑﻘت ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻋﺎم 1760م ﻓﻲ ﺣق ﻟورد ﻓرو وﻛﺎن ذﻟك ﺑﺂﻟﺔ ﺷﻧق و اﻟﻬدف ﻣﻧﻪ ﺗﺟﻧب
اﻻﺣﺗﺿﺎر و اﻟﺑطء ﻓﻲ اﻟﻣوت ،وﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺗم إﯾﺟﺎد وﺳﯾﻠﺔ أﺧرى ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻘﺗل دون اﻹطﺎﻟﺔ
ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ آﻟﺔ ﺗﻘوم ﺑذﻟك ﻣن أﺟل أن ﯾرﺗﺑط ﻓﻌل اﻟﻣوت
ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣوت ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻓﻘد أدرك ذﻟك اﻟﻌﺻر ّ
ﺑﺎﻟﺳرﻋﺔ ،وأن ﯾﻧﻔذ اﻹﻋدام ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ واﺣدة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻗطﻊ اﻟرأس وﻫذا ﻣن أﺟل ﺗﺟﻧب اﻵﻻم ،وﻟﻘد ﺑدأت
اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ ﺗؤدي ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺳﻧﺔ 1791م وﺷﻌﺎرﻫﺎ ﻻ ﺟرﯾﻣﺔ وﻻ ﻋﻘوﺑﺔ دون ﻗﺎﻧون.
وﻛﻣﺎ ظﻬور اﻟﻌﻠم اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ واﻹﺟراﻣﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد وﻣﻌﻪ ﺗﻘﻧﯾﺎت ﺟدﯾدة ﻟﻠﻌﻘﺎب وﻛذﻟك آﻟﯾﺎت ﻟﺗﻘوﯾم اﻟﻣﺟرم ٕواﺻﻼﺣﻪ
ووﺿﻌت اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟّﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
_ ﺿرورة وﺿﻊ ﺟدول زﻣﻧﻲ ﻟﻠﺟراﺋم وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﺎﻧون 1771م اّﻟذي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣوت اﻟﺧوﻧﺔ واﻟﻘﺗﻠﻰ ،وأﻣﺎ
ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻓﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻟﻬﺎ ﺣد أﻗﺻﻰ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋﺷرون ﺳﻧﺔ ﺳﺟﻧﺎ.
_ ﻻ ﯾﺳﺗﻬدف اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﺟرم ﻓﻘط ﺑل اﻵﺧرﯾن ،ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻘوم ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﻌﺑر ﻟﻶﺧرﯾن ﻓﻲ ﻋدم اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣدود اّﻟﺗﻲ
ﯾﺿﻌﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،وﺑذﻟك ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﻧون ﺧطﺎب ﻟﻠﻌﻘوﺑﺔ )ﺑﻐورة ،2000 ،ﺻﻔﺣﺔ .(226
إن ﻣوﺿوع اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻹﻧظﺑﺎط ﻫو اﻟﺟﺳد ،ﻣﺛل ﺟﺳد اﻟﺟﻧدي ،ﺟﺳد اﻟﻌﺎﻣل ،ﺟﺳد اﻟﻣﺟرم وﻏﯾرﻫﺎ ،وﻟﻘد ﺟﻌل
ﻫذا اﻟﺟﺳد ﯾﺗﻛﯾف ﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻟظروف وﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﺟﺳد ﻋﺑﺎرة ﻋن آﻟﺔ ﻓﻲ ﯾد اﻟﺳﻠطﺔ ﺗﻔﻌل ﺑﻪ ﻣﺎ ﺗﺷﺎء ﺑل
ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘول ّأﻧﻪ دﻣﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﻠﻐﯾﻪ ﻣﺗﻰ ﺷﺎءت وﺗﺑﻘﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺗﻰ أرادت ،وﺑﻬذا ﯾﺻﺑﺢ اﻹﻧﺳﺎن ﻋﺑﺎرة ﻋن آﻟﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻠﺧﺿوع واﻟﺗﺷﻐﯾل ﻓﻠﻘد اﺑﺗﻛرت اﻟﺳﻠطﺔ أﺳﺎﻟﯾب ﻏرﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌذﯾب ﻓوظّﻔت اﻟﻣﻛﺎن ﻣن أﺟل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻣﻌﺗﻣدا ﻓﻲ
45
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
ذﻟك ﻋﻠﻰ أﻫم ﻗواﻋد اﻻﻧﺿﺑﺎط اﻟّﺗﻲ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺟﺳد ﻣﻧﻬﺎ ﻓن اﻟﺗﻘﺳﯾم وﻓن اﻟﺗرﺑﯾﻊ وﻛذﻟك ﻓن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷﺎط،
ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓن اﻟﺗﻘﺳﯾم :ﻓﻲ ﺗﻘﺳﯾم اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣﺛل وﺿﻊ اﻟﻣﺟرم ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ،اﻟﺟﻧدي ﻓﻲ اﻟﺛﻛﻧﺔ ،وﻧﺟد
ﻫذا اﻟﻧﻣوذج ﺳﺎﺋدا ﻓﻲ أورﺑﺎ وﻫو اﻷدﯾرة )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ .(171_161
ﻓن اﻟﺗرﺑﯾﻊ :ﻛل ﻓرد ﻟدﯾﻪ ﻣﻛﺎن وﻣوﻗﻊ ﺧﺎص ﺑﻪ ﻣﺛل اﻟﺳﺟن ﻧﺟد اﻟﻣﺳﺎﺟﯾن ﻣوزﻋﯾن ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺣددة ،أﻣﺎ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷﺎط :ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗﺗﺧذ أﺷﻛﺎﻻ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ و ّأﻧﻪ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺟدول زﻣﻧﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم وﻗت اﻟﻌﻣل
واﻟراﺣﺔ واﻷﻛل ﻟدى اﻟﺳﺟﯾن ،اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺣﺎرس ،اﻟﺟﻧدي ،وﯾﺣﺗوي ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻟّذي ﺳطرﻩ ﻟﯾون ﻓوﻧﺷﻲ ﻟﺳﺟن
اﻷﺣداث ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣواد اﻟّﺗﻲ ﺗﻧص ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻻﻧﺿﺑﺎط واﻟﺗﻧظﯾم داﺧل اﻟﺳﺟون
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺷددة وﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣواد ﻧﺟد ،اﻟﻣﺎدة :17ﯾﺑدأ اﻟﺳﺟﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﺻﺑﺎﺣﺎ ﻓﻲ
وﻫذا ﺑﻔرض ّ
ﻓﺻل اﻟﺷﺗﺎء وﻓﻲ اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﺻﯾﻔﺎ ،ﯾدوم اﻟﻌﻣل ﻟﻣدة ﺳﺑﻌﺔ ﺳﺎﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﯾوم ﻓﻲ ﻛل ﻓﺻل ،وﺗﺧﺻﯾص
ﺳﺎﻋﺗﯾن ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم وﯾﻧﺗﻬﻲ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺗﺎء واﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﺻﯾﻔﺎ.
اﻟﻣﺎدة :18اﻟﻧﻬوض ﺑﺎﻛ ار ﻋﻧدﻣﺎ ّﯾرن اﻟﺟرس ،ﻓﯾﺗوﻟﻰ اﻟﺣﺎرس ﻓﺗﺢ أﺑواب اﻟزﻧزاﻧﺎت واﻟﺟرس اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻧﻬوض
وﺗﺳوﯾﺔ أﺳرﺗﻬم ،أﻣﺎ اﻟﺟرس اﻟﺛﺎﻟث ﯾﺻﻔون ﻟﻠذﻫﺎب ﻟﻠﺻﻼة وﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﺧﻣس دﻗﺎﺋق.
اﻟﻣﺎدة :19اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺻﻼة ،وﻗراءة اﻟﻛﺎﻫن ﻟﻧص أﺧﻼﻗﻲ أو دﯾﻧﻲ ،وﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻻ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻧﺻف ﺳﺎﻋﺔ.
ﯾﻣﺛل اﻟﺳﺟن اﻟﺷﻛل اﻟﻌﺎم ﻟﻧظﺎم اﻟﺟزاﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻓوﻛو ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ":إن اﻟﺳﺟن ﻗد
طﺑق ﻛﻌﻘوﺑﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﻌد اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ،وﻗد ﯾﻛون ذﻟك راﺟﻊ إﻟﻰ رﻏﺑﺔ ﺗﻠك اﻟﺛورة ﻓﻲ إﺣداث ﻗطﺎﺋﻊ ﻣﻊ أﻧﻣﺎط
اﻟﺗﻌذﯾب واﻟﻌﻘﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ" )ﻓوﻛو ،دروس .(1994 ،1973_1972ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗم ﺗوظﯾف اﻟﻣﻛﺎن ﻓﻲ
اﻟﺣﯾز اﻟّذي ﻣﺎرﺳت ﻓﯾﻪ آﻟﯾﺎت اﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺟﻧﺎء ،وﻟﻘد اﻋﺗﻣدت
اﻟﺧطﺔ اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ وﻫو اﻟﺳﺟن ﻓﺄﺻﺑﺢ ّ
اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ:
-ﻓن اﻟﺗطوﯾﻊ :إذ ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ إﺧﺿﺎع اﻟﺟﺳد ﻟظروف ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﺗﺎدا ﻋﻠﯾﻬﺎ وﯾﻛون ﻣراﻗﺑﺎ ﻓﻲ ﻛل ﺣرﻛﺎﺗﻪ ،ﻟﯾﺻﺑﺢ
ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻣﻠﺗزﻣﺎ ﺑﺎﻟوﻗت ،وﻛذﻟك اﺳﺗﺧدام ﺟدول اﻟﺗوﻗﯾت ﻛﺂﻟﺔ ﻟﺗﺷدﯾد اﻟرﻗﺎﺑﺔ وﺗﺟﺳﯾد اﻟﻌﻘﺎب ،وﻓرض اﻹﻧظﺑﺎط واﻻﺣﺗرام
داﺧل اﻟﺳﺟن )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،اﻟﺻﻔﺣﺎت .(272-269
-ﻓن اﻟﺗوزﯾﻊ :ﺗﻘوم اﻟﺧطﺔ اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗوزﯾﻊ اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺣدد وﺗﻧدرج ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺿﻣن ﺗﻘﻧﯾﺎت وأﺳﺎﻟﯾب
ﻣﺳﯾﺟﺔ وﻣﻐﻠﻘﺔ ﺑﺄﺑواب ﻣن اﻟﺣدﯾد ،ﻟﻘد أﺷﺎر ﻓوﻛو إﻟﻰ
ﻋدﯾدة ﻷن اﻟﺗﺄدﯾب ﯾﺗطﻠب آﻟﯾﺎت ﺟدﯾدة ﻣﺛل وﺟود ﺣﺻون ّ
ﻣﯾز وذﻟك ﻣن ﺧﻼل إﺻدار اﻟﺣﻛم أن ﻓﻛرة اﻟﺳﺟن ﺟﻌﻠت اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﺟﻼد ،وﻟﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ ﺣﺿور ﻣﺗ ّّ
ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ.
46
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
-ﺗوﺻل ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﻬﺟﻪ اﻷرﻛﯾوﻟوﺟﻲ إﻟﻰ ﻓﺷل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ إﺻﻼح اﻷﻓراد ،وﻛذﻟك
اﻧﺿﺑﺎطﻬم ﺑدﻟﯾل ﺗوظﯾف اﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗوظﯾف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟرﻗﺎﺑﺔ أﻣﺛﺎل"
ﻓﯾدوك ) " Vidocqﻣﻐﺎﻣر ﻓرﻧﺳﻲ وﻟد ﻋﺎم 1775م( ﻛﺎن ﺳﺟﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺷﺎﻗﺔ ﺛم أﺻﺑﺢ أﻣﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻬﺎز
اﻷﻣن ،وﯾوﺿﺢ ﻓوﻛو ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ":ﻛل ﺳﺎرق ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﺻﺑﺢ ﻓﯾدوك" )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ
.(19
-ﻓﺷل اﻟﻣﺻﻠﺣﯾن ﻓﻲ ﺟﻌل اﻟﺳﺟن ﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻠﺗﻘوﯾم واﻹﺻﻼح ،ﻓﻛﻠﻬم ﻗﺎﻣوا ﺑﺗﻘوﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﻌﺗﻧﻲ
ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺟﯾن وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺋﺻﺎل ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ.
-اﻟﺧطﺔ اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﺗﺗﺣرك ﺿﻣن أﺳﻠوﺑﯾن ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ واﻟﻌﻘﺎب ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،وﺟﻌﻠت اﻟﺟﺳد ﻣﺣو ار أﺳﺎﺳﯾﺎ
ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻌذﯾب واﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﯾﻪ.
-اﺳﺗﻧﺗﺞ ﻛذﻟك ﻓوﻛو ﺑﻌد ﻓﺣﺻﻪ ﻟﻠﻧظرﯾﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ ﻻ أﺣد ﻣن اﻟﻣﺻﻠﺣﯾن اﻟﻛﺑﺎر ﻗد اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺟﻌل
اﻟﺳﺟن ﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻠﺗﻘوﯾم واﻹﺻﻼح ،ﻓﻛﻠﻬم ﻗﺎﻣوا ﺑﺗﻘدﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ّأﻧﻬﺎ ﻋﻘﺎب ﺷﻣوﻟﻲ ،ﻓﻠم ﯾﻌد اﻟﺳﺟن
ﺣﺳب ﻓوﻛو ﺗﻠك اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟّﺗﻲ ﺗﻌﺗﻧﻲ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺟﯾن وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺋﺻﺎل ﻣﯾوﻟﻬم ورﻏﺑﺎﺗﻬم ﻧﺣو اﻟﺟرﯾﻣﺔ ،وﺑﺷﻛل آﺧر
ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻧﺣرﻓﯾن وﺗوظﯾﻔﻬم ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ
.(289_279
إن ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﺳﺟن ﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌذﯾب اﻟﺟﺳدي ﺑل ﻛﺎن اﻟﻔﺿﺎء اﻟواﺳﻊ اﻟّذي ﺗﻣﺎرس ﻓﯾﻪ ﻋﻘوﺑﺎت
ّ -
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﺟﺳد اﻟﻣﺣور اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺗﻌذﯾب وﻫذا ﻣﺎ أ ّﻛدﻩ رﯾﻣو از ) (1875-1797ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓرﻧﺳﻲ،ﺣﯾﻧﻣﺎ
ﻋﻠّق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺟون ﻓﻲ ﺑروﻛﺳل ﻣوﺿﺣﺎ :ﻻ ﺗزال اﻟﻌﺟﻼت واﻟﻣﺷﺎﻧق وأﻋﻣدة اﻟﺗﺷﻬﯾر ﺗﻐطﻲ اﻟﺳﺟون ﻛل أﻧﺣﺎﺋﻪ،
ﺑﺄن ﻫذﻩ اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﺳﺟﻠت ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻋﺎم 1834م وﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﺎم 1832م ،وﻫذا ﺑﺎﺧﺗراع آﻻت وﯾﺑﯾن ﻓوﻛو ّّ
ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻹﻋدام ﻋﻠﻰ
اﻹﻋدام اﻟّﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﺧﻼل اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺣد ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻘد اﺳﺗﻌﻣﻠت اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ ّ
اﻟﻣﻠك ﻟوﯾس اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر.
47
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
وﯾﻌرف ﻓوﻛو اﻟﺧطﺎب ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ ذات طﺎﺑﻊ ﻓﻛري ﺧﺎﻟصٕ ،واّﻧﻣﺎ ﻫو أداة ووﺳﯾﻠﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔّ ،
ﻟﻠﻘوة ،أﯾن ﺗﺗﺑﻧﺎﻫﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﯾﻣﺎرﺳون أﻫداﻓﻬم وﻣﺻﺎﻟﺣﻬم و ّأﻧﻬم ﯾﻣﺛﻠون ﻧﺳﯾﺟﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ
وﺛﻘﺎﻓﯾﺎ ﻣﺗﻣﯾ از داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﺣددة ،ﻟﻘد اﺳﺗﻌﺎن ﻓوﻛو ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺎب ﻣن ﻧﯾﺗﺷﻪ
ﺑﺧﺻوص إرادة اﻟﻔﻌل واﻟﻘوة وﻟﻘد رﺑطﻪ ﻓوﻛو ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺎب اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟّذي ﺳﻌﻰ
أن اﻟﺧطﺎﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺧﺎطب داﺧل اﻟﻔﺿﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﻛﺳب اﻟﺧطﺎب
ﻧﺣو اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎد،أي ّ
ﻗوﺗﻪ وﻫﯾﻣﻧﺗﻪ ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻟﻬذا اﺿطر ﻓوﻛو ﺑﺈدﺧﺎل اﻟﺑﻌد اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺎب وﯾﺟﻌﻠﻪ
اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﺗﻧظﯾم وﺗرﺗﯾب اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻧﺗﺟﺔ ،وﻣﺎ ﯾﻧطﺑق
ﺗﺗﺷ ّﻛل إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ وﻓﻘﺎ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻌﯾن وﻣن ﺛم ّ
إن ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ) اﻟﺳﻠطﺔ واﻟﺧطﺎب( ﻟﻬﻣﺎ ﺣﺿورﻫﻣﺎ اﻟداﺋم واﻟﻣﻧﺗﺷر ﻋﺑر
ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺎب ،إذ ّ
ﻗدراﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ وﻫذا ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﻪ ﻓوﻛو ﺑﻘوﻟﻪ ":ﯾﺟب أن ﻧﺗﺧﯾل ﻋﺎﻟﻣﺎ ﻣﻘﺳﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﻘﺑول واﻟﺧطﺎب
اﻟﻣرﻓوض،أو ﺑﯾن اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﺳﯾطر واﻟﺧطﺎب اﻟﻣﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻪ ﺑل ﯾﺟب أن ﻧﺗﺻورﻩ ﻛﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻋﻧﺎﺻر ﺧطﺎﺑﯾﺔ
ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﻣل ﻓﻲ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ" )ﻓوﻛو ،اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ،1990 ،ﺻﻔﺣﺔ ،(102ﻟﻘد ﻋﻣل ﻓوﻛو ﻋﻠﻰ
ﺗﺑﯾﺎن إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺳﻠطﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻟﺑﻠوغ ﻏﺎﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﻛذﻟك طرق ﺗﺻرﻓﻬﺎ واﻟﺗﻲ
ﺗﺄﺛر ﻋﻠﻰ اﻵﺧرﯾن ،وﻛذﻟك اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻷﺳﺎﻟﯾب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻛﺣرﻣﺎن اﻟﺧﺻوم ﻣن وﺳﺎﺋل ﻗﺗﺎﻟﯾﺔٕ ،وارﻏﺎﻣﻪ
ﺑﺄن اﻟﺧطﺎب
ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺳﻼم ،واﻟﻣﻘﺻود ﻫﻧﺎ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻌدة ﻟﻠﻧﺻر وﺣﺳب ﻓوﻛو ﺗﺣﻣل ﻣﺻطﻠﺢ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ رﺳﺎﻟﺔ ّ
أن اﻟﺧطﺎب أﻣﺎم ﺻورة ﻟﻠﺻراع ﻓﻬل ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون اﻟﺳﻠطﺔ ﻫﻲ إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺧطﺎب
ﻫو ﺻراع إﯾدﯾوﻟوﺟﻲ أي ّ
ﺑﺄن ﺧطﺎب اﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺎﺿر ﻋﺑر ﻓوﻛو ّأن ﻓﻛرة اﻟﺳﯾطرة أو ﺳﯾطرة ﺧطﺎب ﻣﻌﯾن ﺗﺳﺗﻠزم ﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ﻗد ّ اﻟﻣﺳﯾطر؟ﻏﯾر ّ
وﻣﻧﺗﺷر و ّأﻧﻪ داﺋم ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛل وﻗت ،وﻫذا ﻣﺎ دﻓﻌﻪ إﻟﻰ إظﻬﺎرﻩ ﻟﺛﻼﺛﺔ أﻧواع ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻣﺎت واﻟﻧظﺎم اﻟّذي
ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻪ ﺧطﺎب اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾطرة وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ:
-ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎوم أﺷﻛﺎل اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ.
ﻋﻣﺎ ﯾﻧﺗﺟﻪ.
-ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗدﯾن أﺷﻛﺎل اﻻﺳﺗﻐﻼل اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل اﻟﻔرد ّ
-ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎرب ﻣﺎ ﯾرﺑط اﻟﻔرد ﺑﻧﻔﺳﻪ وﯾﺿﻣن ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺧﺿوﻋﻪ ﻟﻶﺧرﯾن.
ﯾﺷﯾر ﻓوﻛو ﺣﯾث ﺗوﺟد اﻟﺳﻠطﺔ ﺗوﺟد اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،وﺣﯾن ﺗوﺟد اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﯾوﺟد ﺣد ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻣﺟرد
ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺧﻠق ﻣﻌرﻓﺔ واﻧﺑﺛﺎﻗﻬﺎ ،وﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ،وأﯾﺿﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
ﺗﺗﺑﻊ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ.
* -اﻟﺑﺣث ﻋﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون أﻛﺛر ﺧﻔﺎء ﺿﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠطﺔ.
* -اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إظﻬﺎر أﺷﻛﺎل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﺣت اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ واﻟﺗﻌرف ﻋﻠﯾﻬﺎ.
48
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
-ﺧـــــــــــﺎﺗﻣﺔ:
ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣن ﻛل ﻣﻛﺎن داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،و ّأﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ أي ﻧظﺎم
ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻓوﻛو ﻣﺗﻣوﺿﻌﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن و ّ
ﺣﻛم وﻣن أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟّﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﻓوﻛو ﻧﺟد:
إن اﻟﻣﺻدر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﯾﺄﺗﻲ ﻣن أﺳﻔل اﻟﻘﺎﻋدة أو اﻟﻬرﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ وﻟﯾس ﻣن ﻗﻣﺔ اﻟﻬرم_ ّ
ﻟﻛون اﻟﺳﻠطﺔ ﻫﻲ اﻧﻌﻛﺎس ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘوة واﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻟﻣﺗﻌددة و اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗوﯾﻬﺎ اﻟﺟﺳد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
_ ﺗﻛﻣن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺣﺳب ﻓوﻛو ﻓﻲ ﺧﻠق اﻟﺳﯾﺎج ﻣن اﻟﻣراﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد ،إذ أوﺟب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺧﯾر
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل ﺷﻲء.
_ ﺗوﺻل ﻓوﻛو ﺑﻌد اﻟدراﺳﺔ اّﻟﺗﻲ أﺟراﻫﺎ ﺣول اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﯾزة أﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم
ﺟدﯾد ﻟﻬﺎ وأﻻ ﻫو ﻣﯾﻛروﻓﯾزﯾﺎء اﻟﺳﻠطﺔ ،واﻟّذي ﯾﻬدف إﻟﻰ إظﻬﺎر اﻟﺧطﺎب اﻟﺳﻠطوي ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أرﺟﺎء اﻟﺷﺑﻛﺔ
أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻻ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻷﺟﻬزة اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ أو ﺑﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ ﻓﺣﺳب ﺑل ﻫﻲ ﺗﺗﺧطﻰ ﻫذﻩ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻟﻘد ّﺑﯾن ﻛذﻟك ّ
اﻟﺗﺳﻣﯾﺎت واﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﻣﺧﺗﻠف ﻓﻌﺎﻟﯾﺎت اﻷﺟﻬزة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
_ ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد أن ﯾﺳﻠط ﻣﺳﻠﻛﺎ آﺧر ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻟﻌﻘﺎب اّﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﯾﻛروﻓﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ ،وﻫذﻩ ﻫﻲ
ﺗﺻورﻩ ﻟﺳﻠطﺔ ،إذ ﺗﺎرة
ّ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ وﺣرﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﻔرد واﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﻧﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ،ﻟﻬذا اﺗﺧذ ﻓوﻛو ﻣذﻫب ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻓﻲ
ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟوﻫم اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﻲ وﺗﺎرة ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻌﻧف ،ﻓﻬﻲ_ اﻟﺳﻠطﺔ_ ﺗﻧﻔﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﻌﺎدﯾﻬﺎ وﯾﻌﺎرﺿﻬﺎ ﻓﻬﻲ اﻟّﺗﻲ ﺗﺣدد
اﻟﺳﻠوك ﺳواء ﻛﺎن ﺳﻠوﻛﺎ ﺳوﯾﺎ أو ﺳﻠوﻛﺎ ﻣرﺿﯾﺎ ﻟﻠﻔرد ،وﻫﻧﺎ ﯾﻘﺗرب ﻓوﻛو ﻣن اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ اﻷداﺗﯾﺔ ﻟﻠﺟﯾل اﻷول ﻟﻣدرﺳﺔ
ﻓراﻧﻛﻔورت) ﻫوﻛﺎﯾﻣر ،أدورﻧو ﻣﺎرﻛﯾوز(.
_أﺻﺑﺢ اﻟﺟﺳد ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻻ ﯾﻧظر إﻟﯾﻪ ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ وﺣدة ﻓﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ وﻧﻔﺳﯾﺔ ،ﺑل أﺻﺑﺢ ﯾﻧظر إﻟﯾﻪ ﻋﻠﻰ ّأﻧﻪ ﯾﻌﻣل
وﻓق آﻟﯾﺎت ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺔ وﻫذا ﻫو اﻟﺣداﺛﺔ اﻟﺑﺎرز ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ.
ﺗﻛﻣن اﻟﻣﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻔﻛر وﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻓﻲ ّأﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻛس اﻟﺗطور اﻟﻔﻛري اﻟﺳﺎﺑق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺣﯾث ﻣﻌظم
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧوا ﯾﺣﻠﻠون ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﻛﻼت ﻣن زاوﯾﺔ اﻟﻌﻘل أﻣﺎ ﻫو _ﻓوﻛو_ ﻓراح ﯾﻧظر إﻟﯾﻬﺎ ﻣن زاوﯾﺔ اﻟﻬواﻣش وﺑﻬذا
49
ﻣﯾﻛﺎﻧزﻣﺎت اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو
أن ﻓﻛرﻩ ﻟم ﯾﻣت ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾزال ﻻ ّاﻛﺗﺷف أﺷﯾﺎء ﻟم ﯾراﻫﺎ اﻵﺧرﯾن ﻗﺑﻠﻪ ،ورﻏم ﻣﻣﺎﺗﻪ ﻋﺎم 1984إ ّ
أن ﻓﻛرﻩ اﻣﺗدد ﻋﺑر اﻟﻌﺎﻟم ﺧﺎﺻﺔ أورﺑﺎ وأﻣرﯾﻛﺎ وﺣﺗﻰ ﻓﻲ
ﯾﺛﯾر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت واﻟﺗﺄﻣل اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ،و ّ
ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ،وﺑﻬذا ﯾﺑﻘﻰ ﻓﻛر ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺗﺟرﺑﺗﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺣﺎدة ،ﻟﻘد وﺟدﻧﺎﻩ أﻗوى رﺟل ﻓﻲ
ﻋﺻرﻩ وأﻛﺑر ﻓﯾﻠﺳوف ﻓﻲ ﺟﯾﻠﻪ وﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
1
.3أﺑﺎﻩ ,ا .و . (1994).ﺗﺎرﯾﺦ واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو (éd.ﺑﯾروت ).دار اﻟﻣﻧﺗﺧب اﻟﻌرﺑﻲ.
.4ﺑﻐورة ,ا . (2000).ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺎب ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو (éd.اﻟﻘﺎﻫرة ).اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ.
.5ﺟﯾﻼﻟﻲ ,م .أ . (2016).ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو وﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻠطﺔ (éd.اﻟﺟزاﺋر ).ﻣؤﻣﻧون ﺑﻼ ﺣدود ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟدراﺳﺎت
واﻷﺑﺣﺎث.
(éd.ﻗطر ).اﻟﻣرﻛز اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻸﺑﺣﺎث .6ﺧﺎص ,ج .م . (2017).اﻟﻣﻧظور اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻓوﻛو
ودراﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت.
.7ﺧﺎص ,ج .م . (2017).اﻟﻣﻧظور اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻟﻠﺳﻠطﺔ ﻋﻧد ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو (éd.ﻗطر ).ﻣرﻛز اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻸﺑﺣﺎث
واﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت.
.8دوﻟوز ,ج . (2001).ﻧﯾﺗﺷﻪ (éd.ﺑﯾروت( ).أ .اﻟﺣﺎج ), Trad.اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت.
.9ﺻﺎﻟﺢ ,ه . (1984).ﻣﯾﺷﺎل ﻓوﻛو ﻓﯾﻠﺳوف اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ .ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻛرﻣل , 37.
.11ﻓوﻛو ,م . (1990).اﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ (éd.ﺑﯾروت( ).م .اﻟﺻﻔدي ), Trad.ﻣرﻛز اﻹﻧﻣﺎء اﻟﻘوﻣﻲ.
.12ﻓوﻛو ,م . (2006).ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻧون ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ (éd.اﻟﻣﻐرب( ).س .ﺑﻧﻛراد ), Trad.ﻣرﻛز
اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ.
.13ﻓوﻛو ,م . (1994).دروس 1972_1973 (éd.اﻟﻣﻐرب( ).م .ﺳﺑﯾﻼ ), Trad.دار ﺗوﻗﺑﺎل.
.14ﻓوﻛو ,م . (1984).ﻧظﺎم اﻟﺧطﺎب (éd.ﺑﯾروت( ).م .ﺳﺑﯾﻼ ), Trad.دار اﻟﺗﻧوﯾر.
50
إﯾﺟﺎ ﺣﺳﯾﻧﺔ
.15ﻓوﻛو ,م . (2006).ﻫم اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ (éd.اﻟﺟزاﺋر( ).م .اﻟﻣﺳﻧﺎوي ), Trad.ﻣﻧﺷورات اﻻﺧﺗﻼف.
.16ﻓوﻛو ,م . (2003).ﯾﺟب اﻟدﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ (éd.ﺑﯾروت( ).ا .ﺑﻐورة ), Trad.دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ.
.19ﻣﻬﯾﺑل ,ع . (2012).اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر (éd.اﻟﺟزاﺋر ).دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.
.20ﻧﺎﺷﻲ ,ك . (2013).اﻟﺳوﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،اﻟﻌوﻟﻣﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﺳﻠطﺔ (éd.ﺑﯾروت( ).د .ح .
اﺳﻣﺎﻋﯾل ), Trad.اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر.
51