You are on page 1of 52

‫‪mh‬‬

‫برنامج مادة التاريخ‬


‫شعبة االقتصاد و التصرف‬

‫األستاذ محمد الرينش ي‬

‫‪2024-2023‬‬
‫المحور األ ّو ل‪ :‬العالم المعاصر من ‪ 1914‬إلى‪1945‬‬

‫الدرس األ ّو ل‪ :‬الحرب العالميّة األولى‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫أدى التنافس االستعماري على املستعمرات إلى خلق جو من التوتر السياس ي والعسكري بين الدو ل األوروبية وبالتالي‬
‫قيام الحرب العاملية األولى خالل صيف ‪ 1914‬واستمرت ‪ 4‬سنوات ‪.‬‬
‫فما هي أسبابها ونتائجها ؟‬

‫أسباب الحرب العاملية األولى ‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ . 1‬األسباب العميق ة‪:‬‬
‫أ ‪ -‬احتداد التنافس بين القو ى األوروبية الكبر ى ‪:‬‬
‫تلت فترة ”االزدهار الكبير“ التي عرفتها أوروبا بين ‪1851‬و ‪ 1873‬بوادر أزمة عرفت فيما بعد ”بالكساد الكبير“ بين ‪ 1873‬و ‪ 1895‬و‬
‫من مالمحه‪:‬‬
‫‪-‬صعوبة ترويج االنتاج و تراكم الفوائض‬
‫‪-‬تراجع مردودية استثمار رؤوس االموال بالقارة األوروبية‬
‫وكان الحل البحث عن أسواق و مجاالت استثمار و مصادر للمواد األولية خارج أوروبا وهو ما أدى إلى احتداد التنافس االستعماري‬
‫بين القوى االستعمارية التقليدية وعلى رأسها انقلترا و فرنسا‪ ,‬والقوى االقتصادية الفتية ممثلة في أملانيا و إيطاليا حيث طالبت‬
‫القوى الصاعدة بإعادة تقسيم املستعمرات‪.‬‬
‫تنافس فرنس ي انقليز ي في اسيا و إفريقيا ( مثل أزمة فاشودا بالسودان سنة ‪. ) 1898‬‬ ‫•‬

‫• تنافس أملاني إنقليز ي خاصة بعد تبني االمبراطو ر األملاني غليوم الثاني سياسة اقتصادية جديدة عرفت‬
‫ب ـ “السياسة العاملية“ التي ترى بأن مستقبل أملانيا فو ق املاء لذلك عمل على إنشاء أسطو ل حربي قو ي و‬
‫اتجه إلى التغلغل االقتصادي في جنوب الصين وخاصة في املج ال العثماني (الفوز بمشروع بناء الخط‬
‫الحديدي الرابط بين إس طمبو ل و بغداد و بتدريب الجيش العثماني و تسليحه) وهو ما أث ار مخاوف إنقلترا‬
‫على مصالحها في الشرق و حرية املالحة بمضيقي البوسفور و الدردنيل‬
‫• التنافس األملاني الفرنس ي حو ل املغرب األقص ى (أزمتا طنجة سنة ‪ 1905‬و أغادير سنة ‪ ) 1911‬الذي كاد أن‬
‫يتحو ل إلى مواجهة مسلحة خ اصة بعد تهديد أملانيا باستخدام القوة للتصدي لألطماع الفرنسية في امل غرب‬
‫و الحفاظ على مصالحها ولكن تمت تسوية هذا الخالف بسياسة التنازالت حيث تخلت فرنسا عن جزء من‬
‫مستعمرتها في الكنغو لصالح أملانيا مقابل حرية تصرفها في املغرب األقص ى‪.‬‬
‫تضارب املصالح و توتر العال قات الدولية و تأكد العداوة بين هذه األطراف األوروبية دفعها إلى الدخو ل في‬
‫أحالف و التسابق نحو التسلح‬
‫ب ‪ -‬سياسة األحالف العسكري ة‪:‬‬

‫عرفت أوروبا منذ نهاية القرن التاسع عشر ظهور أحالف وتكت الت دفاعية تهدف إلى عزل الخصم أو العدو املحتمل‬
‫وقت السلم أو إيجاد حليف أو ضمان حياد دو ل أخرى وقت الحرب وشيئا فشيئا تمحورت كل التحالفات حو ل‬
‫كتلتين رئيسيتين وهما‪:‬‬
‫مالحظة ‪ :‬جل الدو ل التي تخش ى على مصالحها أو على كيانها ( دو ل البلقان ) لم يكن لها من خيار سو ى الدخو ل في إحدى‬
‫الكتلتين‪.‬‬
‫تدعم الحلف ا لثالثي بانضمام اإلمبراطورية العثمانية وبلغاريا سنة ‪1914‬‬
‫‪ -‬تدعم الوفاق الثالثي بانضمام الو‪.‬م‪.‬أ سنة ‪. 1917‬‬
‫‪ -‬انضمت ايطاليا إل ى الوفاق بمقتض ى اتفاقية لندن ‪(. 1915‬مقابل وعود ترابية )‬
‫‪ -‬انسحبت روسيا من الحرب سنة ‪ 1917‬بسبب الثورة البلشفية ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬السباق نحو التسلح ‪:‬‬


‫‪ -‬دخلت الدو ل األوروبية في دو ا مة التسلح وأوجد ت لذلك املبررات والحجج لكسب الرأي العام وبالتالي توجيه‬
‫سياساتها نحو املجهود الحربي وتطوير التقنيات واألساليب الحربية فارتفعت النفقات املوجهة لهذا امليدان فعلى‬
‫سبيل املثال تفاقم التنافس في مجال التسلح البر ي بين أملانيا وفرنسا ( مرتبط بالنزاع حو ل األلزاس وال لورين ) كما‬
‫اشتد التنافس في مجال البحرية بين انقلترا وأملانيا‪.‬من مظاهر هذا التنافس الرفع في عدد الجنود و تمديد مدة‬
‫الخدمة العسكرية االجبارية‬
‫‪ . 2‬األسباب املباشرة‪ :‬تأجج الشعور القومي في منطقة البلقان و حادثة سراييفو ( ‪ 28‬جوان ‪) 1914‬‬
‫• تأجج الشعور ا لقومي في منطقة البلقان‪:‬‬

‫مثلت اوروبا الوسطى و منطقة البلقان أحد مواطن التوتر بسبب تعدد القوميات التي تستوطنها و صراع الدو ل‬
‫الكبر ى حولها‪:‬‬
‫طموح القوميات ( الجرمانية ‪ ,‬السالفية ‪ ,‬املجرية‪ )..‬إلى تأسيس كيانات قومية مستقلة‪.‬‬ ‫•‬
‫• الصراع بين روسيا القيصرية و االمبراطور ية النمساوية المجرية حول تركة ” الرجل المريض “ (‬
‫االمبراطورية العثمانية )‪ * :‬رغبة روسيا في الوصول إلى البحر المتوسط عبر مضيقي البوسفور و‬
‫الدردنيل متزعمة حركة توحيد السالفيين حو ل حليفتها صربيا‪.‬‬
‫*سعي االمبراطورية النمساوية املجرية للوصو ل إلى البحر األدرياتيكي فضمت إليها منطقة البوسنة و‬
‫الهرسك في ‪ 1908‬مما اثار غضب صربيا و حليفتها روسيا‪.‬‬
‫تأزم الوضع في منطقة البلقان و اندالع حربين بلقانيتين‪:‬‬
‫❖ الحرب األولى في ‪ : 1912‬انتهت بانتزاع منطقة مقدونيا من االمبراطورية العثمانية لصالح الدول البلقانية‬
‫املتحالفة مع روسيا ( بلغاريا‪ ,‬صربيا‪ ,‬الجبل األسود‪ ,‬اليونان ) بمقتض ى معاهدة لندن (ماي ‪)1913‬‬
‫❖ الحرب الثانية في ‪ : 1913‬انتهت بهزيمة بلغاريا ( طالبت بالجزء األكبر من مقدونيا) من قبل حلفاء األمس و‬
‫تاسيس إمارة ألبانيا من قبل االمبراطوريةالنمساوية املجرية لصد التمدد الصربي نحو الساحل األدرياتيكي‪.‬‬

‫أزمات البلقان لم تمكن روسيا و صربيا من بلوغ املياه الدافئة و مراقبة مضيق الدردنيل كما أنها لم تمكن النمسا من‬
‫إخضاع جميع سالف الجنوب‪.‬‬

‫❖ حادثة سراييفو ‪ :‬القتيل الذي أشعل نار الحرب‪:‬‬


‫‪-‬في هذه الظروف املتوترة أقدم أحد الوطنيين البوسنيين يوم ‪ 28‬جوان ‪ 1914‬على اغتيال ولي عهد النمسا‪-‬‬
‫املجر فرانسوا فرديناند في عاصمة البوسنة سراييفو تعبيرا من السالفيين عن رغبتهم في االستقالل عن النمسا ‪-‬‬
‫املجر واالنضمام إلى صربيا‪.‬‬
‫‪ -‬استغلت النمسا ‪ -‬املجر هذا الحادث وحملت صربيا مسؤوليته وهاجمتها في ‪ 28‬جويلية ‪ 1914‬وبحكم األحالف‬
‫القائمة دخلت الشعوب األوروبية غمار الحرب العاملية األولى بداية من ‪ 4‬أوت ‪.1914‬‬

‫نتائج الحرب العالمية األولى‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ .1‬خسائر بشرية فادحة‪:‬‬
‫‪-‬كانت تكلفة الحرب باهظة للقارة القديمة إذ تكبدت أوروبا لوحدها ‪ %59‬من مجموع القتلى والجرحى وعموما‬
‫بلغ عدد قتلى الحرب الكبرى ‪ 9‬ماليين وعدد الجرحى ‪ 17‬مليون منهم ‪ 6‬ماليين عاجز‪.‬‬
‫تفاوت الخسائر البشرية بين البلدان األوروبية من حيث نسبة القتلى من املجندين‪ :‬فرنسا األكثر تضررا (‪1/6‬‬
‫مجنديها) ‪ 1/8,‬في أملانيا و انقلترا و روسيا‪ 1/34 ,‬فقط في الو‪.‬م‪.‬أ ‪.‬‬
‫أما من حيث عدد القتلى ‪ :‬فتعتبر أملانيا و روسيا أكبر املتضررين ( ‪ 2.03‬مليون و ‪ 1.75‬مليون على التوالي) بينما‬
‫لم تفقد الو‪.‬م‪.‬أ سوى ‪ 100‬ألف قتيل فقط‪.‬‬
‫‪ -‬أفرزت الحرب اختالالت عميقة في البنية الديمغرافية لسكان الدول املتضررة من الحرب كان من أهم مالمحها‬
‫تراجع نسبة الذكور من النشطين و تقلص الوالدات و ارتفاع نسب االناث و الشيوخ‪.‬‬

‫‪ .2‬الحصيلة االقتصادية و تغير موازين القوى في العالم‪:‬‬


‫‪-‬كانت انعكاسات الحرب كارثية على البلدان االوروبية بصفة عامة و خاصة على املناطق التي كانت مسرحا‬
‫للمعارك ‪ :‬دمار البنية التحتية (طرقات جسور مباني‪ ),,,‬و تضرر املصانع و الضيعات الفالحية‪.‬‬
‫‪-‬عجز امليزانيات األوروبية كما هو الحال في فرنسا منذ ‪ -5.5( 1914‬مليار فرنك) و تفاقم ليبلغ ‪ -34.2‬مليار فرنك‬
‫سنة ‪. 1918‬‬
‫‪-‬و تضخم الدين العمومي بالدول األوروبية خالل فترة الحرب أكثر من ‪ 31‬مرة في أملانيا و أكثر من ‪ 11‬مرة في‬
‫انجلترا‬
‫‪-‬انتهاج سياسة التداين و االقتراض من الو‪.‬م‪.‬أ خاصة‪ :‬بريطانيا(‪ 4.3‬مليار دوالر)‪,‬فرنسا (‪ 3.4‬مليار دوالر)‪.‬‬
‫أما خارج أوروبا فقد أعطت الحرب دفعا لالقتصاد األمريكي إذ كانت هذه القوة العاملية الجديدة من أبرز‬
‫املستفيدين من الحرب حيث أتاحت الحرب األوروبية للو‪.‬م‪.‬أ مضاعفة إنتاجها الزراعي والصناعي لتسديد‬
‫حاجيات دول الوفاق وطلبات املحايدين ‪ ,‬ومع نهاية الحرب كانت الو‪.‬م‪.‬أ تملك نصف املخزون العاملي للذهب‬
‫وانتقل بذلك مركز الهيمنة االقتصادية من أوروبا إلى الو‪.‬م‪.‬أ‪.‬‬
‫‪-‬على صعيد آخر استفادت دول أخرى مثل كندا و االرجنتين و البرازيل و اليابان (التي كانت تعيش نهضة‬
‫اقتصادية منذ نهاية القرن التاسع عشر )من تراجع تجارة الدول األوروبية في أمريكا الجنوبية و منطقة الشرق‬
‫األقص ى وحلت محلها في تزويد أقطار هذه املناطق بمنتوجاتها الصناعية و الفالحية ‪.‬‬

‫‪ .3‬صعوبة تسوية النزاع و معاهدات السلم‪:‬‬


‫أ‪-‬مؤتمر الصلح بباريس ‪:‬‬

‫مؤتمر الصلح بباريس ‪ 1919‬انعقد بمشاركة ممثلين عن ‪ 27‬دولة منتصرة في الحرب وسيطر عليه‬
‫األربعة الكبار ( الرئيس األمريكي ولسن‪ ,‬ورئيس الوزراء الفرنس ي كليمنصو والوزير األول البريطاني لويد‬
‫جورج ورئيس حكومة ايطاليا أورلندو‪.‬‬
‫‪ -‬أفتتح مؤتمر الصلح في قصر فرساي بباريس في ‪ 18‬جانفي ‪ 1919‬وقد هيمنت على فعالياته الدول األربعة‬
‫املنتصرة ( انقلترا‪ ,‬ايطاليا‪ ,‬فرنسا‪ ,‬الو‪.‬م‪.‬أ ) بعد أن تم استثناء الدول املنهزمة وروسيا من املفاوضات‪.‬‬
‫‪ -‬تقدم الرئيس األمريكي ويلسن بمخطط إلقامة سلم دائمة يتضمن ‪ 14‬نقطة أهمها العمل على نزع السالح‬
‫وإنهاء الديبلوماسية السرية وحرية املالحة الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وبعث جمعية أممية لتطبيق‬
‫هذه املبادئ واملحافظة على السلم في العالم‪.‬‬
‫‪ -‬غير أن تضارب املصالح بين الحلفاء لم يمكن من تطبيق املبادئ الولسنية حيث تميز موقف فرنسا بالحزم إزاء‬
‫أملانيا ورغبة باريس في إضعاف جارتها القوية وحملتها مسؤولية الحرب‪ .‬وكانت انقلترا منشغلة بالخطر البلشفي‬
‫الزاحف على أوروبا وعارضت انقلترا املساعي الفرنسية خوفا من أن يؤدي إضعاف أملانيا إلى اختالل موازين‬
‫القوى في أوروبا أما ايطاليا فكانت تنتظر تحقيق مطالبها الترابية التابعة للنمسا‪.‬‬
‫ب‪ -‬معاهدات السلم‪:‬‬
‫❖ معاهدة فرساي ‪ 28‬جوان ‪: 1919‬‬
‫حملت أملانيا مسؤولية الحرب ‪ ،‬فرضت على املانيا عقوبات على ثالث مستويات ‪:‬‬

‫‪‬على املستوى الترابي‪ :‬خسرت أملانيا ‪ % 15‬من أراضيها و سبع سكانها منها االلزاس و اللورين لفرنسا – و‬
‫كل مستعمراتها و مناطق نفوذها بإفريقيا و الصين و املحيط الهادي لفائدة فرنسا و انقلترا خاصة‬

‫‪‬على املستوى العسكري‪ :‬إضعاف الجيش األملاني بتحديد عدده ب‪ 100‬ألف رجل و منعه من امتالك‬
‫املعدات الثقيلة و إلغاء الخدمة العسكرية اإلجبارية – احتالل الضفة الغربية للراين مع بقاء ضفته‬
‫الشرقية بعرض ‪ 50‬كم منزوعة من السالح‪.‬‬

‫‪‬على املستوى االقتصادي‪ :‬فقدت أملانيا أرصدتها املالية بالخارج و قسما من أسطولها التجاري كما تخلت‬
‫عن منطقة السار ملدة ‪ 15‬سنة لفائدة فرنسا لتتزود منها بالفحم الحجري إضافة إلى مطالبتها بدفع‬
‫تعويضات مالية قدرت فيما بعد ب ‪ 132‬مليار مارك(عملة أملانيا) ذهبي لفائدة الحلفاء خاصة فرنسا ‪...‬‬

‫‪‬معاهدة قاسية مزقت الوحدة الترابية و البشرية ألملانيا و أضعفتها اقتصاديا و عسكريا ‪،‬اعتبر ها‬
‫األملان فرساي "سلما ممالة”(دكتات) و طعنة من الخلف‬

‫اعتبر األملان معاهدة فرساي "سلما ممالة”(دكتات) واعتبروها طعنة من الخلف‬


‫❖ بقية معاهدات السلم ‪:‬‬
‫على من فرضت أهم شروطها‬ ‫تاريخها‬ ‫المعاهدة‬
‫فصل النمسا عن المجر‬ ‫النمسا‬ ‫معاهدتا سان جرمان سبتمبر ‪1919‬‬
‫اقتطاع أجزاء من أراضيها لصالح دول جديدة‬ ‫المجر‬ ‫جوان ‪1920‬‬ ‫و تريانون‬
‫(يوغسالفيا ‪,‬بولونيا ‪,‬تشيكسلوفاكيا )و رومانيا واليونان و‬
‫إيطاليا‬
‫التخلي عن جزء من أراضيها لفائدة رومانيا واليونان‬ ‫بلغاريا‬ ‫نوفمبر ‪1919‬‬ ‫معاهدة نويي‬
‫ويوغسالفيا ‪/‬تحديد قواتها العسكرية‬
‫التخلي عن جزء من أراضيها في أوروبا للدول المجاورة‬ ‫اإلمبراطورية‬ ‫أوت ‪1920‬‬ ‫معاهدة سيفر‬
‫تدويل مضيقي البوسفور والدردنيل‬ ‫العثمانية‬
‫اقتطاع المشرق العربي و وضعه تحت سلطة اإلنتداب‬
‫البريطاني والفرنسي‬
‫فككت اإمبراطورية العثمانية‬
‫رفضها القوميون األتراك الذين التفوا حول‬
‫الجنرال مصطفى كمال أتاتورك الذي تمكن من‬
‫طرد الحلفاء و هزم اليونانيين وبعث الجمهورية‬
‫التركية الحديثة في جويلية ‪( 1923‬تعويض‬
‫معاهدة سيفر بمعاهدة لوزان)‬

‫ج جمعية األمم ‪:‬‬


‫تأسست في ‪ 10‬جانفي ‪ 1920‬تطبيقا للمادة ‪ 14‬من برنامج الرئيس األمريكي ولسن و ملعاهدة فرساي (‬
‫الجزء األو ل ) من أجل املحافضة على السلم في العالم ‪.‬‬
‫‪ -‬لكنها ظلت ناد للمنتصرين إذ أقصت منها الدو ل املنهزمة و روسيا البلشفية‪.‬‬
‫‪ -‬لم تنخرط فيها الو ‪ .‬م ‪ .‬أ بسبب معارضة الكونغرس وعود ة األمريكيين لسياسة االنعزال ‪.‬‬
‫خيبت جمعية األمم آ مال الشعوب املستعمرة بمصادقتها على نظام االنتداب على املستعمرات األ ملانية‬
‫و املمتلكات العثمانية باملشرق العربي ‪.‬‬
‫‪ -‬افتقرت الجمعية لوسائل الردع الضرورية ل تطبيق قراراتها ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الخريطة الجغراسياسية الجديدة ‪:‬‬

‫أسفرت الحرب واملعاهدات التي تلتها عن تغييرات عميقة تمثلت خاصة ‪:‬‬
‫‪ -‬انهيار اإلمبراطوريات القديمة‪ :‬الروسية والعثمانية والنمساوية املجرية واألملانية (الرايخ)‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور دول جديدة حلت مكان اإلمبراطوريات هي‪:‬‬
‫✓ بولونيا التي بعثت من جديد على حساب أملانيا وروسيا‪.‬‬
‫✓ تشيكوسلوفاكيا التي تكونت على حساب النمسا وأملانيا‪.‬‬
‫✓ يوغسالفيا ‪ :‬جمعت بين صربيا وكرواتيا وسلوفينيا والجبل االسود والبوسنة والهرسك‪.‬‬
‫✓ دول البلطيق الثالث ليتوانيا و ليتونيا واستونيا التي استقلت عن الدولة البلشفية‪.‬‬
‫‪ -‬تفكك اإلمبراطورية العثمانية‪ :‬منذ ‪ 1916‬وقعت فرنسا وانقلترا معاهدة " سايكسبيكو " السرية القتسام‬
‫الواليات العثمانية باملشرق كما أقر مؤتمر "سان ريمو" في أفريل ‪ 1920‬االنتداب البريطاني على العراق وفلسطين‬
‫والفرنس ي على سوريا ولبنان متجاهال وعود بريطانيا للشريف حسين بتكوين دولة عربية كبيرة مقابل الثورة ضد‬
‫األتراك‪ .‬كما وعدت بريطانيا باملساعدة على بعث " كيان قومي لليهود " بفلسطين ( وعد بلفور في ‪ 2‬نوفمبر‬
‫‪ ) 1917‬وهو ما يعكس تناقضات السياسة البريطانية أثناء الحرب الكبرى‪.‬‬

‫• إشتملت مقررات السلم على عدة نقائص ستكون سببا في إندالع الحرب العامليىة الثانية إذ ‪:‬‬
‫*لم تسوي قضية القوميات حيث مثلت بعض الدول الجديدة مثل تشيكوسلوفاكيا فسيفساء من القوميات‬
‫ستطمح لالستقالل او العودة إلى الوطن االم‪.‬‬

‫*كانت قاسية على الدول املنهزمة وعلى رأسها املانيا وهو ما ستستغله التيارات القومية املتطرفة مثل الحزب‬
‫النازي للوصول إلى السلطة الذي رفع شعار إبطال معاهدة فرساي املذلة واالنتقام من املسؤولين عنها‬
‫*خيبت آمال االيطاليين فلم يتحصلوا اال على جزء بسيط من مطالبهم الترابية كما تم اقصائهم من اقتسام‬
‫املستعمرات األملانية‪.‬‬
‫*خيبت أمل الشعوب املستعمرة خاصة بعد التنكر ملبدئ حق الشعوب في تقرير مصيرها وإقرار االنتداب‬
‫البريطاني والفرنس ي على تركة العثمانيين في املشرق العربي‪.‬‬
‫*تحول جمعية األمم إلى ناد للمنتصرين وإقصاء الدول املنهزمة وروسيا من عضويتها ورفض الكونغرس األمريكي‬
‫لالنخراط فيها‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫لم تسو ي املعاهدات التي أبرمت غداة الحرب الكبر ى مسألة القوميات و الصرا عات االستعمارية ‪.‬‬
‫تضمنت نتائج الحرب العاملية األولى بذور خالفات جديدة ستكو ن من بين أسباب اندالع الحرب‬
‫العاملية الثانية‪.‬‬
‫تضافرت خالل فترة عشرينات و ثالثينات القرن العشرين جملة من العوامل جرت العالم نحو‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫حرب كونية ثانية اندلعت في سبتمبر من سنة‪ 1939‬وانتهت سنة‪ .1945‬وقد كان لالتحادالسوفياتي ( نشأ‬
‫سنة‪ 1922‬بعد الثورة البلشفية في أكتوبر ‪ 1917‬و التي اطاحت بالنظام القيصري بروسيا ) و الواليات املتحدة‬
‫االمريكية دورا أساسيا في تحديد نتائجها‪.‬‬
‫فماهي أسبابها و ماهي نتائجها؟‬

‫‪ I‬أسباب الحرب العالمية الثانية‬ ‫‪.‬‬

‫‪ * 1‬مخلف ات الحرب العالمية األولى وأزمة الثالثينات‪:‬‬


‫أ‪ -‬مخلفات الحرب العاملية األولى ‪:‬‬
‫مثلت نتائج الحرب العالميّة األولى سببا من األسباب العميقة التي ساهمت في اندالع الحرب العالميّة الثانية ومن‬
‫أهمّ مخلّف اتها‪:‬‬
‫‪ -‬مخلّفات سلم ‪ 1919‬التي زرعت بوادر نزاعات جديدة وخلّفت مواطن تو ّتر عديدة ‪:‬‬
‫❑ حيث خيبت آمال االيطاليين بسبب تجاهل جزء هام من مطالبهم الترابية‪ ,‬وقد استغل الفاشيون (‬
‫بزعامة موسليني) ذلك وأججوا الشعور القومي ووصلوا إلى السلطة وعملوا على إعادة مجد روما‬
‫وطالبوا بإعادة تقسيم املستعمرات‪.‬‬
‫❑ أدت معاهدة فرساي إلى تمزيق الوحدة الترابية والبشرية ألملانيا وكبلتها بدفع تعويضات مشطة فاعتبرت‬
‫أملانيا ذلك طعنة من الخلف‪.‬‬
‫❑ بقيت مشكلة القوميات قائمة خاصة في أوروبا الوسطى حيث تكونت تشيكوسلوفاكيا من فسيفساء‬
‫من القوميات(أملان‪,‬مجريون‪,‬روس‪,‬رومانيون‪ )...‬تطمح الى العودة الى وطنها االم‬
‫❑ االتحاد السوفياتي فقد جزءا من أراضيه من بينها مناطق البلطيق التي شكل منه املنتصرون " حزاما‬
‫صحيا " ضد تسرب الشيوعية إلى الغرب‬
‫ب‪-‬أزمة الثالثينات االقتصادية‪:‬‬
‫تسببت أزمة الثالثينات االقتصادية ( ‪ ) 1929‬في اتساع الهوة بين الدول الرأسمالية وزادت في إذكاء األطماع‬
‫التوسعية لعدد من الدول املتضررة من عواقبها وقد أدت األزمة إلى ظهور مجموعتين من الدول اختلفت من‬
‫حيث قدرتها على مواجهتها لألزمة ‪:‬‬
‫‪ -‬مجموعة أولى تتألف من الديمقراطيات(فرنسا‪-‬بريطانيا و الو م أ) وهي دول غنية( تستاثر بـ ‪ % 80‬من‬
‫احتياطي الذهب في العالم) تمكنت بفضل أهمية أسواقها الداخلية ومستعمراتها من تجاوز مخلفات األزمة‬
‫بسرعة‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة ثانية تتألف من دول أقل غنى وتتكون من دول تشكوا من ضيق أسواقها وافتقارها للمستعمرات و‬
‫تتمثل اساسا في الدكتاتوريات (أملانيا وايطاليا واليابان )التي رأت أن الحل يكمن في انتهاج سياسة توسعية‪.‬‬
‫‪ * 2‬سياسة األمن الجماعي من االنفراج إلى التأزم‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديات الدكتاتوريات وتقاربها‪:‬‬
‫عرفت أوروبا بين ‪ 1924‬و ‪ 1928‬فترة من االنفراج السياس ي من أهم مظاهرها ‪:‬‬
‫التقارب األملاني الفرنس ي باتفاقية " لوكارنو " في أكتوبر ‪ 1925‬التي تعهدت فيها كل من فرنسا و أملانيا و بلجيكا‬
‫باحترام الحدود القائمة (بضمانات بريطانية و إيطالية)كما تم قبول أملانيا عضوا في جمعية األمم في سبتمبر‬
‫‪.1926‬‬
‫غير أن مضاعفات أزمة الثالثينات وتر العالقات الدولية و من مظاهر هذا التوتر‪:‬‬
‫‪ -‬فشل ندوة جنيف لنزع السالح فيفري ‪ 1932‬ورفض فرنسا حق أملانيا في التسلح‪.‬‬
‫‪ -‬إنسحاب أملانيا من الندوة ثم من جمعية األمم في أكتوبر ‪ 1933‬وقرر هتلر العودة إلى التسلح سرا والتملص من‬
‫معاهدة فرساي ‪.‬‬
‫‪ -‬رفض اليابان االنسحاب من منشوريا الصينية التي احتلتها في ديسمبر ‪ 1931‬و انسحابها من جمعية األمم منذ‬
‫مارس ‪1933‬‬
‫‪ -‬غزو ايطاليا ألثيوبيا سنة ‪ 1935‬و مغادرتها للمنظمة األممية في ديسمبر ‪.1937‬‬
‫‪ -‬استرجع هتلرمنطقة السار في جانفي ‪ 1935‬كم أقدم يوم ‪ 7‬مارس ‪ 1936‬على إعادة تسليح " رينانيا‬
‫" التي كانت منطقة منزوعة السالح ‪.‬‬
‫تقارب الدكتاتوريات‪:‬‬
‫‪-‬عوقبت إيطاليا اقتصاديا لغزوها أثيوبيا‪ ،‬فساندتها أملانيا‪ ،‬وأعلنت معها محور روما‪-‬برلين سنة ‪.1936‬‬
‫‪ -‬عقد اليابان مع أملانيا الحلف املضاد للشيوعية العاملية سنة ‪ ،1936‬والتحقت به إيطاليا سنة ‪.1937‬‬
‫‪ -‬ساعدت أملانيا وإيطاليا (دعم عسكري) الثورة الفاشية للجنرال فرانكو على حكومة الجبهة الشعبية في إسبانيا‬
‫سنة ‪.1936‬‬
‫ب*ضعف الديمقراطيات وتباعدها‪:‬‬
‫يعود ضعف الديمقراطيات إلى االنشغال بمشاكلها الداخلية الناجمة عن مضاعفات أزمة الثالثينات‬
‫االقتصادية وميل الرأي العام لشعوبها إلى السلم ومن مظاهر ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد فرنسا سياسة دفاعية تجسمت في خط ماجينو على الحدود مع أملانيا‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاج انقلترا لسياسة املساملة والتهدئة وتقديم التنازالت‪.‬‬
‫‪ -‬انعزال الو‪.‬م‪.‬أ بعد الحرب األولى ورفضها مبادئ ولسن واالنضمام إلى جمعية األمم‪.‬‬
‫‪ *3‬أملانيا النازية والسير نحو الحرب‪:‬‬
‫‪ -‬نقض معاهدة فرساي وتحقيق املجال الحيوي للشعب األملاني وقد كانت الخطوة األولى في ضم ماليين‬
‫الجرمانيين الذين يعيشون خارج الرايخ بدءا بالنمسا التي ضمها في مارس ‪ 1938‬مكونا األنشلوس ( الوحدة بين‬
‫أملانيا و النمسا و تكوين أملانيا العظمى)ثم طالب بمنطقة السودات التابعة لتشيكوسلوفاكيا التي يعيش بها ‪3‬‬
‫مليون أملاني‪.‬‬

‫‪ -‬انعقد مؤتمر مونيخ يومي ‪ 29/28‬سبتمبر ‪(1938‬بحضور انقلترا و ايطاليا و فرنسا و املانيا مع تغييب‬
‫تشيكوسلوفاكيا املعنية باملسألة) كمحاولة إلنقاذ السلم وانتهى بتلبية مطالب أملانيا الترابية (ضم السودات في‬
‫مرحلة اولى ثم اكتساح كامل تشيكوسلوفاكيا‪ :‬بوهيميا و مورافيا) ‪.‬‬
‫‪ -‬تبينت أطماع هتلر التوسعية فقررت الديمقراطيات التصدي له عندما طالب بمدينة دانتزينغ البولونية فأيقن‬
‫الجميع أن الحرب وشيكة وانطلق السباق نحو التحالف ‪:‬‬
‫* الحلف الفوالذي ‪ 31 :‬مارس ‪ 1939‬بين أملانيا وايطاليا‪.‬‬
‫* معاهدة عدم االعتداء بين روسيا وأملانيا في ‪ 23‬أوت ‪1939‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪II‬‬

‫❶ النتائج البشرية واالقتصادية‪:‬‬


‫أ *الحصيلة البشرية‪:‬‬
‫‪ -‬تجاوز عدد ضحايا الحرب العاملية الثانية ‪ 50‬مليون قتيل نصفهم من املدنيين و ‪ 35‬مليون جريح بسبب أعمال‬
‫القصف واإلبادة الجماعية ‪.‬‬
‫‪ -‬تفاوتت هذه الخسائر حسب األقطار ‪ 20 :‬مليون في االتحاد السوفياتي ( ‪ % 12‬من مجموع سكانها) وبولونيا‬
‫‪ 6‬مليون ( ‪.) % 12‬‬
‫بينما لم تسجل الو‪.‬م‪.‬أ أكثر من ‪ 350‬ألف قتيل جلهم عسكريين باعتبار أن الحرب لم تجر على أراضيها‪.‬‬
‫أصبحت أوروبا تعيش فراغا ديمغرافيا خاصة في فئة األعمار املنتجة‬
‫‪.‬‬

‫ب * الحصيلة االقتصادية‪:‬‬
‫* تراجع أوروبا‪:‬‬
‫‪-‬أدى القصف الجوي إلى تدمير شبه كامل لبعض املدن مثل كوفنتري بانقلترا‪ ،‬برلين بأملانيا‪،‬وارسو ‪ ...‬إلى جانب‬
‫تدمير املحاصيل الزراعية والبنية التحتية خاصة باالتحاد السوفياتي(فقد ‪ 6‬ماليين منزل) و بأوروبا الوسطى و‬
‫الشرقية(بولونيا فقدت ‪ % 80‬من صناعتها و من وسائل نقلها)‪.‬‬
‫‪-‬تراجع اإلنتاج الصناعي بـ‪ % 50‬و اإلنتاج الفالحي بالثلث‪.‬‬
‫‪ -‬خرجت أوروبا في وضع شبيه بما كانت عليه في أعقاب الحرب الكبرى األولى منهارة ديمغرافيا واقتصاديا وماليا‬
‫(ولكن بأكثر حدة) ‪.‬‬
‫* استفادة الدول األخرى‪:‬‬
‫‪ -‬وهي البلدان الجديدة مثل كندا – األرجنتين ‪ ,‬حيث قامت اثناء الحرب بتزويد البلدان األوروبية باملواد الغذائية‬
‫والصناعية واألموال‪.‬‬
‫‪ -‬مقابل انهيار االقتصاد األوروبي كانت الو‪.‬م‪.‬أ أكبر مستفيد من الحرب إذ تخلصت نهائيا من مضاعفات أزمة‬
‫الثالثينات االقتصادية وضاعفت إنتاجها الصناعي بنسبة ‪ % 75‬وأصبحت تمتلك ‪ % 80‬من رصيد الذهب في‬
‫العالم وتبوأت عملتها املكانة األولى وأصبحت أول قوة اقتصادية في العالم وهذا ما يفسر عرضها ملخطط‬
‫"مارشال" ملساعدة البلدان املتضررة من الحرب‪.‬‬
‫‪-‬مالحظة ‪ :‬على عكس الحرب العاملية األولى وجدت اليابان نفسها في صفوف الدول املنهزمة و تكبدت خسائر‬
‫فادحة ( حوالي ‪ 2‬مليون قتيل و تدمير ملدن هامة نتيجة القصف األمريكي خاصة مدينتي نكازاكي و هيروشيما‬
‫بالقنبلة الذرية إضافة إلى خسارتها لكل مستعمراتها بالشرق السيوي)‪.‬‬
‫❷ النتائج السياسية‪:‬‬
‫أ * الخريطة الجغراسياسية للعالم بعد ‪:1945‬‬
‫خسرت ايطاليا جميع مستعمراتها‪.‬‬ ‫❑‬
‫‪-‬عاد اليابان إلى حدود أرخبيله‪.‬‬ ‫❑‬
‫كان االتحاد السوفياتي أكبر مستفيد من التغييرات حيث استرجع بلدان البلطيق الثالثة وجزء من‬ ‫❑‬
‫بولونيا التي توسعت غربا على حساب أملانيا كما ضم االتحاد السوفياتي جزر الكوريل على حساب‬
‫اليابان‪.‬‬
‫تم ترحيل االقليات القومية على أساس الحدود الجديدة‪.‬‬ ‫❑‬
‫تقسيم أملانيا و عاصمتها برلين إلى مناطق احتالل بين الحلفاء األربعة ( فرنسا ‪,‬انقلترا‪,‬الو‪.‬م‪.‬أ‪,‬االتحاد‬ ‫❑‬
‫السوفياتي)‬
‫❑ برزت بوادر تنافس بين الطرفين األساسيين في "التحالف الكبير" (الواليات املتحدة و االتحاد‬
‫السوفياتي) ضد قوى املحور قبيل انتهاء الحرب العاملية الثانية من خالل التسابق بين الجيشين‬
‫الحتالل أملانيا و خاصة عاصمتها برلين‪ .‬تحول هذا التنافس الى خالف خالل املؤتمرات التي عقدها‬
‫الحلفاء ( ندوة يالطاومؤتمر بوتسدام)‬

‫ب * نشأة منظمة األمم املتحدة‪:‬‬


‫عقد الحلفاء ندوة في يالطا باالتحاد السوفياتي بين ‪ 4‬و ‪ 11‬فيفري ‪ 1945‬وقرروا بعث منظمة األمم املتحدة التي‬
‫أعلن ميثاقها في مؤتمر سان فرانسيسكو في جوان ‪ 1945‬وتهدف إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬حق الشعوب في تقرير مصيرها‪.‬‬
‫‪ -‬حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة الدول الفقيرة وتحقيق الحرية‬
‫تمثل الدول األعضاء الجمعية العامة ولها دور استشاري أم مجلس األمن فتهيمن على قراراته الدول العظمى‬
‫الخمس دائمة العضوية والتي تتمتع بحق النقض‪ ( .‬الفيتو )‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫أكدت الحرب الكونية الثانية تراجع أوروبا مقابل بروز عمالقين جديدين يتنازعان الهيمنة على العالم وهما‬
‫الو‪.‬م‪.‬أ واالتحاد السوفياتي بينما استفادت املستعمرات من الظرفية الجديدة املنبثقة عن الحرب الثانية‬
‫للدخول في مرحلة حاسمة من النضال من أجل التحرر‪.‬‬
‫تونس من نهاية الحرب العاملية األولى إلى نهاية الحرب العاملية الثانية ‪:‬‬

‫تونس في العشرينات‬
‫هامة في تاريخ تونس املعاصر حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫تميزت بميالد ّأول حزب‬ ‫مثلت فترة العشرينات من القرن العشرين مرحلة ّ‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدستوري ّ‬
‫التونس ي‪ ،‬ونشأة ّأول حركة ّ‬ ‫الحر ّ‬ ‫ّ‬
‫منظم هو الحزب ّ‬
‫تونسية مستقلة هي جامعة عموم العملة‬ ‫نقابية‬ ‫سياس ي‬
‫ونسية‪ .‬فما هي ظروف نشأتهما ؟ ماهي مطالبهما و أشكال‬ ‫ّ‬
‫الوطنية الت ّ‬
‫ّ‬ ‫الت ّ‬
‫ونسية‪ ،‬كرافدين أساسيين من روافد الحركة‬ ‫ّ‬
‫نضالهما؟ ماهي ردود مختلف االطراف من نشاطهما؟‬

‫‪ .I‬ظروف استئناف العمل الوطني خالل العشرينات ‪:‬‬


‫‪ .1‬الظرفية الداخلية‪:‬‬
‫❖ تدعم االستعمار الفرنس ي بعد الحرب العاملية األولى و يببرز ذلك من خالل ‪:‬‬
‫استنزاف الطاقات البشرية (التجنيد و التهجير قسرا للعمل في الضيعات و املصانع الفرنسية)‪.‬‬ ‫➢‬

‫➢ االستحواذ على أراض ي االحباس و االوقاف بدعوى أنها عير مستغلة‪.‬‬

‫➢ إغراق السوق التونسية بالبضائع االجنبية و عجز املنتجات الحرفية املحلية عن منافستها اضافة الى تضرر‬
‫التجار التونسيين‪.‬‬

‫➢ الرفع من الصرائب القديمة كالعشر و القانون و إحداث ضرائب جديدة مثال على املاشية و احداث ضرائب‬
‫استثنائية على االرباح املحققة أثناء الحرب بالنسبة للتجار‪..‬‬

‫➢ تشجيع الفرنسيين على القدوم إلى تونس من خالل إقرار قانون الثلث االستعماري ( زيادة بثلث االجر‬
‫للموظف الفرنس ي بتونس مقارنة بنظيره بفرنسا) و هو ما اغلق باب الوظيفة العمومية امام املثقفين‬
‫التونسيين و عمق الالمساواة في االجر بين التونسيين و الفرنسيين خاصة‬

‫❖ تازم األوضاع االقتصادية و االجتماعية‪:‬‬


‫➢ أزمة إقتصادية من مظاهرها‪:‬‬

‫‪-‬أزمة القطاع الفالحي نتيجة الجفاف ‪ :‬إنهيار االنتاج الفالحي و هالك املاشية خاصة في الوسط و الجنوب‬

‫‪-‬أزمة الحرف و التجارة ‪ :‬نتيجة العجز عن منافسة البضائع االوروبية و ثقل الضرائب املفروضة من املستعمر‬

‫❖ أزمة إجتماعية‪:‬‬

‫• تدهور املقدرة الشرائية نتيجة غالء األسعار(تضاعف ثمن الكغ من الخبز من ‪ 0.65‬إلى ‪ 1.20‬فرنك) و إنتشار‬
‫الفقر و البؤس‬
‫• إنتشار البطالة و تفاقم ظاهرة النزوح نحو العاصمة خاصة‬

‫تعددت االحتجاجات واملظاهرات املنددة بغالء املعيشة ( مظاهرة ‪ 5‬أوت ‪ 1920‬بمدينة تونس)‬

‫‪ .2‬الظرفية الخارجية‪:‬‬
‫❖ التأثر باملبادئ الولسنية وخاصة بمبدإ حق الشعوب في تقرير مصيرها ‪ :‬وجهت اللجنة الجزائرية‬
‫التونسية في جانفي ‪ 1919‬برقية إلى الرئيس ولسن تدعوه فيها إلى تطبيق مبادئه املتعلقة بحق‬
‫الشعوب في تقرير مصيرها لفائدة الشعوب املستعمرة ( كانت تعني الشعوب الخاضعة ألملانيا‬
‫والنمسا )‪.‬كما توجهت بمذكرة إلى مؤتمر السلم بباريس للمطالبة باملشاركة في أعماله‪.‬‬
‫❖ تأثير الثورة البلشفية ‪ :‬ففي تونس تأسس أول تنظيم شيوعي في مطلع العشرينات و قد طالب‬
‫الشيوعيون باستقالل تونس و دعموا حركة محمد علي الحامي النقابية‬
‫❖ التأثر بحركات التحرر خاصة تلك التي قادها حزب الوفد بمصر بزعامة سعد زغلول و الحركة التي‬
‫قادها مصطفى كمال القامة دولة قومية مستقلة‬

‫‪ .II‬تطور الحركة الوطنية في العشرينات‪:‬‬


‫‪ .1‬النضال السياس ي‪ :‬الحزب الحر الدستوري التونس ي‪:‬نشأته‪ ,‬برنامجه‪ ,‬ونشاطه‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬النشأة أو التأسيس ‪ :‬من الحزب التونس ي إلى الحزب الحر الدستوري التونس ي‬
‫❖ ظهر الحزب التونس ي في ربيع ‪ 1919‬و ضم قدماء حركة الشباب التونس ي و بعض املثقفين من محامين و‬
‫صحفيين من أبرزهم عبد العزيز الثعالبي‬

‫❖ حاول الحزب الجديد (الذي لم يكن يملك ال مقرا و ال هياكل) إستغالل ظرفية ما بعد الحرب العاملية االولى‬
‫و خاصة مؤتمر السلم بباريس‬

‫❖ وجه نداء إلى الرئيس األمريكي "ولسن" كما طالب بدستور للبالد و باالستقالل الداخلي‪.‬‬

‫❖ سفر الثعالبي إلى فرنسا و تاليف كتاب تونس الشهيدة بمعية أحمد السقا للتعريف بالقضية الوطنية و‬
‫استمالة الراي العام الفرنس ي و خاصة اليسار‬

‫وفي سنة ‪ 1920‬وبالنظر إلى فشل اليسار الفرنس ي في االنتخابات غير الثعالبي من توجهاته وعدل من مواقفه خاصة مع‬
‫تكثف االستعمار الفرنس ي ودعا إلى تأسيس "الحزب الحر الدستوري التونس ي و كان ذلك في" في مارس ‪1920‬‬

‫❖ ب‪-‬املطالب ‪ :‬برنامج التسع نقاط‬


‫النشاط ‪ :‬سياسة الوفود‬

‫إضافة إلى الصحف والشعب الدستورية اختار قادة الحزب طريقة العرائض املمضاة من قبل آالف التونسيين حتى‬
‫تكون مطالبه شرعية واعتمد سياسة الوفود لتحقيقها‬

‫‪1920‬‬

‫مكن نشاط الحزب الحر الدستوري التونس ي الحركة الوطنية من تجاوز طورها النخبوي لتصبح حركة سياسية‬
‫منظمة يشمل تأثيرها ّ‬
‫عدة مناطق من البالد حيث ارتفع عدد املنخرطين إلى ‪ 45‬ألف منخرط وعدد الشعب إلى ‪70‬‬
‫شعبة بفضل قيادة عصرية ومتفتحة ساهمت في بث الوعي الوطني خاصة عن طريق الصحافة التونسية الناطقة‬
‫( ‪ 30‬صحيفة سنة ‪ 1921‬مثل الصواب و مرشد األمة و لسان الشعب)‪.‬‬ ‫بالعربية‬

‫ج‪-‬تطور السياسة الفرنسية تجاه النضال السياس ي في العشرينات‪(:‬ردود فعل سلط الحماية)‪:‬‬

‫❖ سياسة املماطلة و االصالحات الشكلية بين ‪ 1920‬و ‪: 1924‬‬


‫▪ اتباع سياسة اللين تجاه أعضاء الحزب التونس ي والسماح للثعالبي بالتنقل الى فرنسا و مقابلة بعض‬
‫اعضاء الحكومة و اليسار الفرنس ي ’ مقابلة الفد الدستوري االول‬

‫▪ رفض مطلب الدستور‬


‫▪ تشجيع املعتدلين داخل الحزب على االنشقاق فرحبت ببروز الحزب اإلصالحي في أفريل ‪(1922‬حسن‬
‫القالتي) إلضعاف الحركة الوطنية‪.‬‬

‫▪ إعالن مجموعة من اإلصالحات الشكلية(سياسة املماطلة) تتمثل خاصة في بعث املجلس الكبير الذي يضم‬
‫‪ 44‬عضو فرنس ي و‪ 18‬عضوا تونسيا و بعث مجالس القيادات و الجهات ( إصالحات جويلية ‪ )1922‬وقد‬
‫رفض الدستوريون هذه اإلصالحات بينما قبلها املعتدلون مما زاد في عزلة الحزب الحر الدستوري التونس ي‪.‬‬

‫▪ فترة تخللها بعض القمع‪ :‬بالضغط على الثعالبي ملغادرة البالد سنة ‪1923‬‬

‫❖ السياسة القمعية بين ‪ 1925‬و ‪ : 1926‬مع املقيم العام لوسيان سان‬


‫▪ الضغط على الحزب للدخول في الكتلة املعتدلة و التخلي عن جامعة عموةم العملة التونسية التساتهمت‬
‫بالتعامل مع الشيوعية‬
‫إصدار األوامر االستثنائية يوم ‪ 29‬جانفي (سياسة قمعية)‪ 1926‬للنيل من الحريات ّ‬
‫العامة مثل منع‬ ‫▪‬
‫االجتماعات وإيقاف الصحف الناطقة باسم الحزب‪.‬‬

‫▪ دخول العمل السياس ي في فترة ركود‬

‫‪ .2‬تطور العمل النقابي ( جامعة عموم العملة التونسية األولى)و ردود الفعل تجاهه‪:‬‬
‫❖ ‪-‬أ‪-‬ظروف نشأة جامعة عموم العملة التونسية االولى و نشاطها‪:‬‬
‫➢ تدهور األوضاع االجتماعية للعمال التونسيين‪:‬‬
‫‪ -‬احتدت التناقضات االجتماعية بين العمال التونسيين والفرنسيين في معظم القطاعات في مستوى األجور‬
‫والتشغيل والضمانات االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬سخر اتحاد النقابات الفرنسية كل طاقاته للدفاع عن مصالح العمال األوروبيين وتجاهل مشاغل‬
‫التونسيين‪.‬‬
‫ّ‬
‫االجتماعية وسياسة التمييز الذي توخاها "اتحاد النقابات الفرنسية" في تنامي‬ ‫‪ -‬ساهمت هذه التناقضات‬
‫العمال التونسيين بهذه التناقضات وبضرورة تكوين منظمة ّ‬
‫نقابية تدافع على مصالحهم‪.‬‬ ‫وعي ّ‬
‫➢ إضرابات عمال الرصيف ‪:‬‬
‫شهدت صائفة ‪ 1924‬موجة من االضطرابات انطلقت بإضراب ّ‬
‫عمال الرصيف بالعاصمة يوم ‪ 13‬أوت‬
‫‪ 1924‬حيث قدم العمال املطالب التالية‪ :‬املساواة في األجر مع عملة الرصيف بمرسيليا‪ ,‬زيادة ‪ % 50‬عن‬
‫العمل أيام األعياد‪,‬زيادة ‪% 38‬عن العمل في الليل‪,‬زيادة ‪ 4.50‬فرنك للساعة الزائدة الواحدة على قانون ‪8‬‬
‫ثم امتدت‬‫ساعات في اليوم( رفضت شركات الشحن هذه املطالب فتقرر االضراب يوم ‪ 13‬أوت ‪ّ )1924‬‬
‫حركة االضرابات إلى منطقة بنزرت(اعتقال محمد الخميري وهو ادى الى مظاهرات اسفرت عن شهيدين و‬
‫عدد كبير من الجرحى)‪ .‬وقد رفضت السلط مطالب املساواة في األجور بين التونسيين والفرنسيين‪.‬‬
‫➢ تأسيس جامعة عموم العملة التونسية‪:‬‬
‫عمال الرصيف‪.‬‬‫‪ -‬تأسست "لجنة دعاية" برئاسة مح ّمد علي الحامي لتسيير إضرابات ّ‬
‫العمال لتساهم في بعث ّ‬
‫عدة نقابات في العاصمة ( ّ‬ ‫استغلت "لجنة الدعاية" موجة احتجاجات ّ‬ ‫ّ‬
‫عمال‬ ‫‪-‬‬
‫الرصيف‪ ,‬السكك الحديدية‪ ,‬الترامواي‪.)...‬‬
‫‪ّ -‬توج نشاط اللجنة باإلعالن في سبتمبر ‪ 1924‬عن تأسيس " جامعة عموم العملة التونسية" وإسناد كتابتها‬
‫ّ‬
‫العامة إلى محمد علي الحامي‪.‬‬
‫‪ -‬شرع قادة الجامعة (الحامي‪ ,‬املختار العياري‪ ,‬أحمد بن ميالد‪ )...‬في عقد االجتماعات وتأسيس املزيد من‬
‫النقابات ( نقابة شركة صفاقس‪ ,‬قفصة للفسفاط‪ ,‬عمال الرصيف بصفاقس‪)..‬‬
‫❖ ب‪-‬ردود فعل مختلف االطراف‪:‬‬
‫* موقف النقابات الفرنسية وسلطة الحماية من الجامعة‪:‬‬
‫العمال‪ .‬ولكنه في الحقيقة كان ضدّ‬
‫‪ -‬ناهض " اتحاد النقابات الفرنسية " الجامعة بدعوى أنها تمثل ضربا لوحدة ّ‬
‫املساواة في األجور وتحالفها مع الشيوعيين‪.‬‬
‫‪ -‬اتفقت سلطة الحماية مع " اتحاد النقابات الفرنسية " في اعتبار الجامعة خطرا يهدد املصالح االستعمارية فلم‬
‫تعترف بها وألصقت بقادتها التهم واعتبرتهم يعملون في خدمة مصالح أملانيا واالتحاد السوفياتي وحاكمتهم بتهمة التآمر‬
‫على أمن الدولة(نفي محمد علي الحامي و مختار العياري عن التراب الفرنس ي و توابعه ملدة عشر سنوات في نوفمبر‬
‫‪)1925‬‬

‫* موقف الحزب الحر الدستوري التونس ي من الجامعة‪:‬‬


‫ساند الدستوريون الجامعة عند نشأتها وفتح لها مقراته االجتماعية وصحفه لكنهم سرعان ما تخلوا عنها أمال في‬
‫الحصول على إصالحات‪ ,‬من خالل اإلمضاء على تصريح مشترك مع االشتراكيين واإلصالحيين التونسيين (فيفري‬
‫" ‪ )1925‬يدعون فيه ّ‬
‫العمال التونسيين بالعودة إلى " اتحاد النقابات الفرنسية‬

‫أفضت كل هذه املواقف إلى عزلة الجامعة وانحاللها غير أنها مثلت رافدا من روافد الحركة الوطنية وتجربة أسست‬
‫لتجارب نقابية جديدة‪.‬‬

‫النضالية للوطنيين التونسيين خالل عشرينات القرن العشرين؛ فهي لم تفلح في تحقيق‬ ‫تعددت األشكال ّ‬ ‫خاتمة‪ :‬لئن ّ‬
‫هامة من مراحل ّ‬
‫النضال الوطني‪ّ ،‬‬ ‫مثلت مرحلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫أسست لقواعد الحركة‬ ‫أن هذه الفترة‬ ‫طموحات التونسيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوطنية التونسية ّ‬
‫ومهدت ملزيد تجذر العمل الوطني في الثالثينات‪.‬‬
‫تونس في الثالثينات‪:‬‬
‫مقدمة‪ :‬إزدادت أوضاع التونسيين ترديا بسبب تداعيات أزمة الثالثينات وهي أزمة دخيلة مما عمق التناقضات‬
‫بينهم وبين الجالية الفرنسية‪ ،‬إضافة إلى ما صاحب السياسة الفرنسية من استفزازات‪ ،‬ساهمت هذه الظروف‬
‫الجديدة في تجذر الحركة الوطنية تنظيميا و مطلبيا و من حيث أشكال النضال‪.‬‬
‫فماهي خصائص ظرفية الثالثينات؟‬
‫وماهي مظاهر تطور الحركة الوطنية في هذه الفترة؟‬
‫‪ .I‬ظروف انتعاش العمل الوطني خالل الثالثينات ‪:‬‬
‫‪- .1‬تأزم إقتصادي و إجتماعي‪:‬‬
‫➢ أزمة إقتصادية شاملة‪ :‬تعاقبت على تونس خالل الثالثينات أزمتان إقتصاديتان‪:‬‬
‫• أزمة تقليدية‪ :‬إندلعت في بداية الثالثينات (‪ 1930‬و ‪ ) 1932‬إرتبطت بعوامل طبيعية ‪ :‬جفاف‬
‫(‪ )1931-1930‬ثم إنتشار الجراد في شهر مارس ‪1932‬‬
‫الوسط و‬ ‫‪-‬كوارث طبيعية أثرت على قطاع الزراعة و تربية املاشية ‪ :‬إنخفاض االنتاج الزراعي خصوصا في‬
‫الجنوب و نفوق عدد كبير من املاشية‪.‬‬

‫‪-‬إرتفاع أسعار املواد االساسية ( بوادر مجاعة في صفوف الفئات الكادحة)‪.‬‬

‫‪ -‬وضع مالئم النتشار األوبئة (عدد ضخم من الوفيات بسبب الحمى و التيفوس التي انتشرت خاصة في املدن‬
‫الساحلية إضافة إلى إستفحال ظاهرة النزوح الريفي‪.‬‬

‫• أزمة عصرية منذ صيف ‪ :1932‬تواصلت طيلة الثالثينات وهي من تداعيات األزمة االقتصادية‬
‫العاملية‪ :‬غلق فرنسا ألسواقها في وجه املنتوجات التونسية خاصة مع اعتماد فرنسا لنظام‬
‫الحصص في وجه البضائع الواردة عليها من مستعمراتها إضافة إلى إغراق أسواق هذه املستعمرات‬
‫بما في ذلك البالد البالد التونسية بالبضائع األوروبية‬
‫‪-‬أزمة أدت إلى ‪ :‬تكدس فوائض االنتاج الفالحي و املنجمي و انهيار أسعارهذه املنتجات ‪.‬إنخفاض في االسعار إرتبط‬
‫ايضا بتفاقم منافسة السلع األوروبية ملثيالتها التونسية‪.‬‬

‫➢ تأزم إجتماعي‪:‬‬
‫تأثر المجتمع التونسي‬

‫انهيار المقدرة‬
‫تضرر الحرفيين و‬
‫الشرائيةانتشار الفقر‬ ‫تضرر الفالحين من‬ ‫تضرر كبير لفئة‬
‫صغار التجار حيث‬
‫والبؤس و تنامي ظاهر‬ ‫تدكس فوائض االنتاج و‬ ‫العمال ‪ :‬اسفحال‬
‫عجزت بضائعهم‬
‫النزوح الريفي نحو‬ ‫انهيار االسعار و عجزهم‬ ‫البطالة ‪35000 :‬‬
‫عن منافسة‬
‫المدن الكبرى ‪ :‬ظهور‬ ‫عن تسديد ديونهم و‬ ‫عاطل في مدينة‬ ‫البضائع االيطالية‬
‫االحياء القصديرية‬ ‫مصادرة اراضيهم‬ ‫تونس سنة ‪1935‬‬ ‫و الفرنسية‬
‫تصاعد وتيرة الغضب و العنف لدى التونسيين‪ :‬نهب املخابز بتونس و باجة و القيروان سنة ‪ 1934‬الى‬
‫جانب احتجاجات الشواشين و املزارعين امام االقامة العامة‬
‫‪- .2‬السياسة الفرنسية في بداية الثالثينات ‪:‬‬
‫* سياسة تحدي املشاعر الوطنية والدينية للتونسيين‪ :‬تنظيم تظاهرات ّ‬
‫مست مشاعر التونسيين الوطن ّية والدينية‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم املؤتمر األفخرستي من ‪ 6‬إلى ‪ 11‬ماي‪ :1930‬إحتفال ديني مسيحي فيه تحد للمشاعر الدينية للتونسيين‬
‫‪-‬نقمة الشعب خاصة مع حضور الباي وشيخ االسالم و املفتي الكبير ضمن الهيئة الشرفية للمؤتمر و قيام الشبان‬
‫املسيحيين باستعراض في شوارع العاصمة و في ذلك تحدي للشعور الديني للمسلمين‬
‫‪-‬ردود فعل عنيفة ‪ :‬إضراب "عملة الرصيف ببنزرت و تونس"‪,‬و"طلبة الزيتونة و الصادقية و العلوية" ‪ ,‬تواصل‬
‫االحتجاجات إلى ‪ 13‬ماي ‪.1930‬‬
‫‪ -‬االحتفال بخمسينية الحماية في ‪ 12‬ماي‪ :1931‬تعبرعن إرادة البقاء الفرنسية (كلفت امليزانية ‪ 300‬مليون فرنك‬
‫في وقت كانت فيه البالد تشهد حالة مجاعة)‬
‫‪ -‬قضية التجنيس‪ :‬سعت فرنسا إلى تعزيز حضورها البشري في تونس و ضرب الهوية التونسية بإصدار قانون‬
‫التجنيس سنة‬
‫‪1923‬تحول التجنيس إلى قضية سياسية و دينية والى سبب للمصادمات بين األهالي( في بنزرت و صفاقس) والسلطات‬
‫الفرنسية ‪ ،‬حيث رفض السكان املسلمون بشدة دفن املتجنسين في مقابرهم‪.‬‬
‫‪-‬نجاح "جماعة العمل التونس ي" في تعبئة الرأي العام (تدعم دورهم خاصة بعد انضمامهم الى الجنة التنفيذية‬
‫للحزب الحر الدستوري)‪.‬‬
‫‪ .3‬تكثف النشاط الثقافي والجمعياتي‪:‬‬
‫‪-‬تحدت الصحافة الوطنية القوانين االستثنائية الصادرة سنة ‪ : 1926‬صدرت بالفرنسية ومن أهمها جريدة "صوت‬
‫التونس ي" (‪ )1930‬و جريدة "العمل التونس ي" التي جمعت حولها نخبة من الشبان الوطنيين الذين تلقوا ثقافة‬
‫عصرية ومنهم محمود املاطري والحبيب بورقيبة‪.‬‬

‫‪ -‬بروز نهضة أدبية وفكرية تحررية مجددة كان انتاجها الفكري واألدبي معبرا عن قضايا الشعب وهمومه ومن رموز‬
‫هذه النهضة الطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي ومحمد بيرم التونس ي‪...‬‬

‫‪ -‬نشطت الجمعيات الثقافية واألدبية والشبابية وفي مقدمتها جمعيتي قدماء الصادقية والخلدونية وجماعة مقهى‬
‫تحت السور‪.‬‬

‫‪ .II‬تطور الحركة الوطنية في الثالثينات‪:‬‬


‫‪- .1‬النضال السياس ي‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬إنتعاش العمل الوطني‪ :‬إنعقاد مؤتمر نهج الجبل (ماي ‪ :)1933‬عكست جلسات هذا املؤتمر‬
‫الروح الجديدة التي بدأت تدب في صفوف قيادة الحزب الحر الدستوري والحركة الوطنية عموما‬
‫‪ -‬على مستوى الهيكلة ‪ :‬دخول جماعة العمل التونس ي في اللجنة التنفيذية (جماعة من الشباب املثقف العائد من‬
‫فرنسا نشطت في بداية الثالثينات و خاصة في قضية التجنيس)‬
‫‪ -‬على مستوى البرنامج‪ :‬القطيعة مع االعتدال (برنامج التسع نقاط) وتبني نهج تصعيد على املستوى السياس ي‬
‫ّ‬
‫خاصة‪ :‬املطالبة ببرملالن تونس ي عوضا للمجلس التفاوض ي املشترك و بحكومة تونسية مسؤولة أمامه‪.‬‬
‫❖ ب‪-‬تأسيس الحزب الحر الدستوري الجديد ونشاطه‪:‬‬
‫‪-‬طفت على السطح بوادر االنشقاق داخل قيادة الحزب بين األعضاء القدامى ( أحمد الصافي‪,‬صالح فرحات‪,‬محي‬
‫الدين القليبي) الذين طالبوا بتجنب املواجهة ودعوا إلى التريث وتهدئة الوضع وجماعة "العمل التونس ي" الذين دعوا‬
‫إلى تشريك الجماهير في النضال وضرورة تصعيده للضغط على فرنسا رغم اتفاق الطرفين على برنامج ‪( 1933‬مقررات‬
‫مؤتمر نهج الجبل)‬

‫‪ -‬غادرت الجماعةالجديدة اللجنة التنفيذية وأصبحت تطالب بعقد مؤتمر استثنائي للحزب لحسم الخالف‪ .‬وهكذا‬
‫انعقد مؤتمر قصر هالل يوم ‪ 2‬مارس ‪ّ 1934‬‬
‫وقرر‪:‬‬

‫‪-‬حل اللجنة التنفيذية للحزب وتعويضها بديوان سياس ي على رأسه محمود املاطري رئيسا والحبيب بورقيبة ‪,‬كاتبا‬
‫عاما ‪.‬‬

‫‪ -‬الدعوة الى تطوير طرق عمل الحزب‪...‬‬

‫‪-‬امام تمسك اللجنة التنفيذية القديمة بشرعيتها انقسم الحزب الحر الدستوري إلى حزبين قديم ( اللجنة‬
‫التنفيذية)وجديد( الديوان السياسيي)‬

‫‪ -‬عملت السلطات الفرنسية على تغذية االنشقاق داخل الحزب الحر الدستوري غير أن تدعم مكانة الحزب الجديد‬
‫و تزعمه للحركة الوطنية دفع املقيم العام الجديد مارسيل بيروطون ( نهاية ‪ 1933‬إلى سنة ‪ )1936‬الى انتهاج‬
‫سياسة قمعية حيث أقدم على‪:‬‬

‫*قمع قيادة الحزب الجديد و نفيها إلى برج البوف‬

‫*قمع املتظاهرين بتونس و صفاقس و الساحل و نفي القيادات الجديدة للحزب الجديد ( الدواوين السياسية‬
‫املتتالية) إلى الجنوب التونس ي‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد االضطرابات واملظاهرات (أحداث العاصمة و املكنين سنة ‪ )1935‬املطالبة باطالق سراح قادة الحزب املبعدين‬
‫وهو ما أثبت فشل سياسة القمع البيروطوني لتضطر فرنسا إلى تعديل سياستها في البالد التونسية منذ سنة ‪.1936‬‬

‫❖ ج‪-‬دخول الحزب الجديد في تجربة حوار مع حكومة الجبهة الشعبية‪:‬‬


‫‪-‬انتهاج فرنسا سياسة لينة مع حكومة الجبهة الشعبية برئاسة ليون بلوم‬
‫‪-‬تعيين مقيم عام جديد تحرري و هو أرمان قيون الذي أطلق سراح قيادات الحزب الجديد‬
‫‪-‬رفع الرقابة عن الصحافة‬
‫‪-‬السماح بالنشاط السياس ي لألحزاب الوطنية‬
‫‪-‬ظرفية جديدة استغلها الحزب الجديد فدعم نشاطه داخل البالد (ارتفاع عدد شعبه إلى ما يقارب ‪ 400‬شعبة)‬
‫‪-‬عقد الحزب الجديد ملجلسه امللي في جوان ‪ 1936‬وتقديم مطالب معتدلة‪.‬‬
‫‪-‬سفر "بورقيبة وسليمان بن سليمان" إلى فرنسا ومقابلة "بيار فيانو" وتقديم مطالب معتدلة تحترم معاهدة باردو التي‬
‫تقر بالسيادة التونسية‪.‬‬
‫‪-‬تعبير الحوكمة الفرنسية على لسان كاتب الدولة املساعد لوزير الخارجية املكلف بشؤون تونس و املغرب االقص ى‬
‫"بيار فيانو "عن تفهما ملطالب التونسيين و إعترافه بضرورة إجراء إصالحات النقاذ مكانة فرنسا في تونس‪.‬‬
‫لم تدم تجربة الحوار بين الحزب الجديد و سلط الحماية طويال خاصة أمام معارضة املتفوقين لتعود فرنسا إلى‬
‫سياستها القمعية‪.‬‬

‫❖ د‪-‬فشل تجربة الحوار ‪ :‬تصعيد مقابل التصعيد‪:‬‬


‫‪-‬التنكر للوعود نتيجة الحملة التي ّ‬
‫شنها املتفوقون من غالة االستعمار و كبار املالكين والشركات الفرنسية املتمسكين‬
‫بامتيازاتهم‬

‫‪-‬سقوط حكومة الجبهة الشعبية في جوان ‪1937‬‬

‫‪ -‬خيبة أمل الحزب الدستوري الجديد وعقد املؤتمر الثاني بنهج التريبونال بتونس من ‪30‬أكتوبر إلى ‪ 02‬نوفمبر‬
‫‪ :1937‬تدعم مكانة التيار الراديكالي داخل الحزب (سليمان بن سليمان‪ ،‬الهادي نويرة‪ ،‬صالح بن يوسف وعلي‬
‫البلهوان) الذي يقر بأن الوقت حان للمعركة الكبرى "معركة االستقالل "‬

‫‪-‬أقر هذا املؤتمر االضراب العام يوم ‪ 20‬نوفمبر ‪ 1937‬و هو مؤشر على تعزيز موقع الجناح الراديكالي داخل الحزب‬
‫(استقالة محمودة املاطري من رئاسة الديوان السياس ي للحزب كردة فعل على هذا التصعيد ( يمثل التيار املعتدل))‬

‫❖ ه‪-‬أحداث ‪ 9‬أفريل ‪:1938‬‬


‫تجذر النضال السياس ي ‪ :‬من مظاهره القدرة على التعبئة وتصعيد النضال تجاه السياسة القمعية الفرنسية ‪:‬‬

‫*تعدد املظاهرات و االحتجاجات في بداية سنة ‪: 1938‬‬


‫*إنعقاد املجلس امللي للحزب الجديد (‪ 13-14‬مارس ‪ : )1938‬إقتراح التيار الراديكالي تنظيم مظاهرات و الحث على‬
‫العصيان املدني و العسكري‪.‬‬
‫*تكثيف الدعاية في األوساط الطالبية‪ :‬إضراب تالميذ الصادقية على إثر فصل األستاذ علي البلهوان عن عمله‪.‬‬
‫*رد الحزب على اعتقال سلط الحماية للعشرات من قادة الحزب بإقرار االضراب العام‬
‫يوم ‪ 8‬أفريل ‪ : 1938‬إنتظام مظاهرة عارمة قادها كل من املنجي سليم و علي البلهوان في إتجاه االقامة العامة‪ :‬طالبت‬
‫بـ ‪ :‬برملان تونس ي‪,‬حكومة تونسية و بسقوط االمتيازات‪.‬‬

‫إيقاف السلطات الفرنسية لعلي البلهوان اثر مظاهرة ‪ 8‬افريل ‪1938‬‬

‫أحداث ‪ 9‬أفريل‪ :‬تجمهر الناس أمام قصر العدالة تضامنا مع علي البلهوان الذي تمت دعوته للتحقيق ‪ ,‬أطلقت‬
‫قوات األمن النار فاندلعت الثورة و أودت بسقوط ‪ 22‬شهيد و‪ 150‬جريح‪.‬‬

‫أعلنت سلطات الحماية الحصار و قررت حل الحزب الجديد و تعطيل كل الصحف الوطنية وتقديم عشرات‬
‫الوطنيين الى املحاكمة بتهمة التامر على أمن الدولة من بينهم الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫‪- .2‬إحياء العمل النقابي ‪ :‬جامعة عموم العملة التونسية الثانية‪:‬‬
‫❖ أ‪-‬ظروف نشأتها‪:‬‬
‫‪-‬تدهور أوضاع العمال التونسيين نتيجة التأزم االقتصادي واالجتماعي املرتبط بأزمة الثالثينات‪.‬‬

‫‪-‬إقرار حرية العمل النقابي بتونس بمقتض ى أمر ‪ 12‬نوفمبر ‪.1932‬‬

‫‪-‬سياسة املقيم العام الجديد "أرمان قيون" التحررية التي تأكدت مع وصول حكومة الجبهة الشعبية إلى الحكم في‬
‫فرنسا‪.‬‬

‫‪-‬في ‪27‬جوان ‪ 1937‬عقد املؤتمر التاسيس للجامعة و الذي أفرز مكتب نقابي برئاسة بلقاسم القناوي‪.‬‬

‫❖ ب‪-‬نشاط الجامعة‪:‬‬
‫‪-‬العمل على تحسين ظروف العمال من خالل املطالبة بتمكين العمال التونسيين من التشريعات االجتماعية التي‬
‫أقرتها "الجبهة الشعبية" ( أسبوع بـ ‪ 40‬ساعة عمل‪ ,‬عطل خالصة األجر‪)...‬‬
‫‪ -‬النجاح في تأطير ّ‬
‫عمال القطاعات االقتصادية (‪ 45‬نقابة )ودفعهم إلى القيام بإضرابات نذكر من أهمها إضراب‬
‫عمال الفسفاط باملضيلة واملتلوي في مارس ‪ 1937‬و الذي ادى الى سقوط عشرات الشهداء‪.‬‬ ‫ّ‬
‫❖ ج‪-‬عالقة الحزب الحر الدستوري الجديد بالجامعة‪:‬‬
‫‪-‬تشكلت جامعة عموم العملة التونسية الثانية في مرحلتها االولى بعيدا نسبيا عن اهتمام الحزب الجديد الذي لم‬
‫يكن متحمسا لبروزها في فترة الحوار مع حكومة الجبهة الشعبية‪.‬‬

‫‪-‬في مرحلة ثانية وجدت الجامعة الدعم من قبل الحزب الجديد الذي كان يسعى الى استغالل قدرتها على التعبئة‬
‫خاصة بعد فشل تجربة الحوار و عودة فرنسا الى سياستها القمعية من جديد‪.‬‬

‫‪-‬سرعان ما نشب الخالف بين "الجامعة و الحزب" نتيجة سياسة القناوي التي تقوم على استقاللية الجامعة عن كل‬
‫نشاط سياس ي و التركيز على حقوق العمال(من ذلك رفض املشاركة في االضراب السياس ي الذي دعا اليه الحزب‬
‫احتجاجا على القمع االستعماري في الجزائر و املغرب(‪ 20‬نوفمبر ‪.))1937‬‬

‫‪ -‬مع انعقاد املؤتمر الثاني للجامعة (‪ 29‬جانفي ‪ )1938‬إقتحم " الهادي نويرة‪,‬النجي سليم‪,‬صالح بن يوسف وغيرهم‪...‬‬
‫مكان املؤتمر و تمكنوا من تغيير مكتب الجامعة ليصبح الهادي نويرة كاتبه العام‪.‬‬

‫استغالل السلطات الفرنسية لهذا الصراع لتقوم بحل نقابات بنزرت املوالية للحزب في مرحلة اولى في فيفري ‪1938‬‬
‫و في صائفة ‪ 1938‬كانت نهاية التجربة النقابية الثانية‪.‬‬

‫خاتمة‪ :‬بعد أحداث ‪ 9‬افريل دخلت الحركة الوطنية مرحلة ركود جديدة لكن الحزب الجديد اكتسب قدرا هاما من‬
‫املرونة السياسية ومن القدرات التعبوية مما مكنه الحقا من تجذير مواقفه خاصة في ظل املتغيرات التي أحدثها‬
‫الحرب العاملية الثانية‪.‬‬
‫الدرس ‪ :‬تونس أثناء الحرب العاملية الثانية‬
‫تحولت البالد التونسية منذ نوفمبر ‪ّ 1942‬‬
‫وحتى ماي ‪ 1943‬إلى ساحة للمعارك بين املحور والحلفاء ‪ .‬ولكن‬ ‫مقدمة ‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫اليومية ‪ ،‬بقدر ما انفتحت أمام الوطنيين آفاق جديدة للنضال ‪ ،‬خاصة بعد انكسار‬ ‫بقدر ما تفاقمت معاناة السكان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تونسية تجاه سلطة الحماية‪.‬‬ ‫فرنسا في الحرب وتولي املنصف باي العرش وإصراره على إثبات وجود سلطة‬

‫فماهي خصائص هذه الظرفية الجديدة؟‬

‫وماهي التطورات التي عرفتها الحركة الوطنية التونسية خالل هذه الفترة؟‬

‫‪ .1‬الظرفية الداخلية و الخارجية‪:‬‬


‫‪ .1‬الظرفية الداخلية‪:‬‬
‫أ) حملة »تونس« ومضاعفاتها الخطيرة على السكان‪:‬‬
‫ّ‬
‫تحولت تونس من نوفمبر ‪ 1942‬إلى ماي ‪ ( 1943‬ملدة ‪ 6‬أشهر ) إلى مسرح للمعارك بين قوات املحور‬‫دون رغبة منها ّ‬
‫والحلفاء ‪ .‬ففي يوم ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1942‬في إطار عملية ” تورش“ ّ‬
‫تم إنزال قوات الحلفاء في ّ‬
‫كل من الجزائر و املغرب وذلك‬
‫بهدف "تطهير" شمال افريقيا من املحور وفتح جبهة جنوبية باتجاه أوروبا‪.‬‬
‫التصدي لجيوش الحلفاء التي كانت ّ‬
‫تتقدم نحو تونس من الجزائر غربا ( الجيش األمريكي و‬ ‫ّ‬ ‫حاولت قوات املحور‬
‫األنجليزي ) ومن ليبيا جنوبا ( جيش أنجليزي ) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫املمتدة على طول خط مارث و إرغامها على اإلستسالم بجهة الوطن‬ ‫تمكنت قوات الحلفاء من اختراق الجبهة األملانية‬
‫أن ” مفتاح القبض على املحور ّ‬
‫يمر عبر تونس ” كما اعتبر‬ ‫القبلي في ‪ 12‬ماي ‪.1943‬اعتبرت الصحافة البريطانية ّ‬
‫تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن اإلنتصار في ” حملة تونس ” ال ّ‬
‫يقل أهمية عن اإلنتصار السوفياتي في معركة‬
‫ّ‬
‫العمليات الحربية ألحقت أضرارا جسيمة بالبالد التونسية من ذلك‪:‬‬ ‫ستالينغراد‪ .‬لكن هذه‬

‫‪-‬سقوط عدد كبيرا من الضحايا بين السكان واملدنيين‪.‬‬

‫‪-‬إتالف آالف املباني السكنية وتدميرها وتشريد حوالي ‪ 120000‬شخص ‪ .‬خسائر فادحة في البنية األساسية مثل‬
‫املوانيء والطرقات واملستودعات‬

‫‪ -‬تراجع اإلنتاج الفالحي والصناعي وتقلص الواردات فطرحت بشدة مشكلة التموين في ضل ارتفاع األسعار وانتشار‬
‫السوق السوداء مما أدى إلى تدهور مستوى عيش السكان ‪.‬‬

‫ب‪ /‬صعود املنصف باي إلى الحكم واملصالحة بين العرش والشعب‪:‬‬
‫اعتلى املنصف باي العرش في ‪ 19‬جوان ‪ ( 1942‬خلفا ألحمد باي الذي ّ‬
‫تميز حكمه بالخنوع واإلنصياع التام لألوامر‬
‫الفرنسية ) وكان معروفا بميوله الوطنية فقد سعى منذ شبابه إلى ربط الصلة بين والده محمد الناصر باي‬
‫والدستوريين ‪ .‬وسيساهم عهده في انتعاش كبير للنضال الوطني ‪ ،‬وتتجلى إسهاماته في الحركة الوطنية في النقاط‬
‫التالية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫للشورى يتركب من مستشارين مخلصين للوطن ّ‬
‫للبت في القوانين التي تعرضها عليه اإلدارة الفرنسية‬ ‫‪ -‬إنشاء مجلس‬
‫ّ‬
‫كثف زياراته لألسواق واملؤسسات وقام بإلغاء عادة تقبيل اليد ّ‬
‫وعوضها باملصافحة كما أبدى تعاطفا مع الحركة‬ ‫‪-‬‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫‪-‬طالب باإلفراج عن زعماء الحركة الوطنية ووجه في أوت ‪ 1942‬مذكرة إلى الحكومة الفرنسية ضنها جملة من‬
‫املطالب الوطنية( ‪ 16‬مطلبا) أهمها‪:‬‬

‫*تكوين مجلس تشريعي استشاري‪.‬‬

‫*تمكين التونسيين من جميع الوظائف وإقرار التعليم اإلجباري‪.‬‬

‫* إلغاء العمل بأمر ‪13‬نوفمبر‪1898‬القاض ي بتدويل أراض ي األوقاف‪.‬‬

‫أغلب هذه املطالب كان رفعها الدستوريون منذ العشرينات وتعكس تواصل العرش مع مطالب الحركة الوطنية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬في جانفي ‪ 1943‬شكل املنصف باي وزارة وطنية – دون استشارة املقيم العام( املقيم العام لحكومة فيش ي االميرال‬
‫ّ‬
‫للداخلية وصالح فرحات ( الكاتب العام للحزب‬ ‫بيار استيفا) – ترأسها محمد شنيق وبمشاركة محمود املاطري كوزير‬
‫توجه الباي نحو توحيد صفوف الوطنيين‪ .‬وقد اتخذت هذه الوزارة‬ ‫الدستوري القديم ) كوزير للعدل ‪ .‬ويؤكد ذلك ّ‬
‫عدة قرارات لحماية التونسيين منها تمكين املوظفين التونسيين من منحة ” الثلث االستعماري“ و الغاء امر ‪1898‬‬
‫املتعلق باراض ي االحباس ‪...‬وهو بذلك ّلبى مطلبا من املطالب القارة التي رفعتها الحركة الوطنية منذ العشرينات ‪.‬‬
‫ّ‬
‫حياديا خالل الحرب وطالب ببقاء تونس خارج النزاع‪.‬‬ ‫‪ -‬اتخذ موقفا‬

‫رغم هذا املوقف الحيادي ‪ ،‬قامت السلط الفرنسية(فرنسا الحرة) حاملا استرجعت سلطتها في تونس بعزل املنصف‬
‫حد لسياسته‬ ‫باي بتهمة التعاون مع املحور و نفيه في ‪ 14‬ماي ‪ . 1943‬وفي الواقع تتمثل الغاية من خلعه في وضع ّ‬
‫تهدد النظام االستعماري ومثلت قاعدة صلبة لتوحيد العمل الوطني وتوسيعه ‪.‬توفي املنصف‬‫التحررية التي أصبحت ّ‬
‫ّ‬
‫باي في منفاه بمدينة ”بو“ بجنوب فرنسا في ‪1‬سبتمبر‪.1948‬‬

‫ج‪ /‬التسلط االستعماري‪:‬‬

‫‪-‬منذ بداية الحرب انتهجت فرنسا سياسة قمعية بتونس من مظاهرها‪ :‬إلغاء الحريات العامة وتضييق الخناق على‬
‫النشاط الوطني وتشديد الرقابة على الصحف وتعطيل بعضها كصحيفة (تونس الفتاة)‪ ،‬كما قامت بنقل الزعماء‬
‫الدستوريين املعتقلين الى سجن سان نيكوال بمرسيليا‪ ،‬إيقاف القيادات الدستورية الجديدة و تكثيف عمليات‬
‫التجنيد التي شملت أكثر من ‪ 40000‬شخص‪.‬‬

‫وزج أكثر من ‪ 10000‬شخص في السجون‬ ‫‪ -‬تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ‬
‫بتهمة التعاون مع املحور ( وهي التهمة التي الصقت باملنصف باي)‪ .‬وقد أثارت هذه السياسة االنتقامية إحتجاجات‬
‫واسعة وحركات ّ‬
‫تمرد في بعض الجهات (زرمدين رأس الجبل)‪.‬‬
‫‪-‬تصاعد سياسة الترويع واإلنتقام عند استرجاع الحلفاء للبالد التونسية ّ‬
‫وزج أكثر من ‪ 10000‬شخص في السجون‬
‫بتهمة التعاون مع املحور‪.‬‬
‫التمرد التي ّ‬
‫جدت في‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬أثارت هذه السياسة اإلنتقامية احتجاجات واسعة النطاق ردود فعل عنيفة ّ‬
‫لعل أهمها حركات‬
‫بعض الجهات مثل زرمدين ورأس الجبل واملرازيق ‪...‬‬

‫ساهمت كل هذه الظروف في انتعاش العمل الوطني‬

‫‪ .2‬الظرفيةالخارجية‪ :‬هزيمة فرنسا وتقلص نفوذها االستعماري‬


‫ّ‬
‫املحوريون أراضيها وانقسم الرأي العام فيها بين أنصار حكومة « فيش ي» التي‬ ‫‪-‬انهزمت فرنسا في الحرب فاحتل‬
‫نادت بالتعاون مع املحور وبين أنصار الجنرال دي غول الذي دعا الى مواصلة الكفاح‪ .‬أفقد هذا االنقسام بين‬
‫الفرنسيين و فرنسا جانبا كبيرا من إشعاعها الدولي ونفوذها املعنوي داخل املستعمرات‪ ،‬كما شهرت الدعاية‬
‫األملانية بالهزيمة الفرنسية وبإقحام فرنسا الشعوب املغاربية في الحرب ووعدت أملانيا هذه الشعوب بالحرية‬
‫واالستقالل‪.‬‬

‫‪-‬تعرض فرنسا إلى الضغوطات الخارجية التي اثرت على سياستها داخل املستعمرات ‪:‬‬

‫*عمل املحوريون على تقليص نفوذ سلطة الحماية وأطلقوا سراح املعتقلين في مارس ‪( 1943‬الحبيب بورقيبة‪،‬‬
‫صالح بن يوسف‪ )...‬والسماح لهم بمواصلة نشاطهم السياس ي‪.‬‬

‫*بعد طرد املحوريين من تونس أجبر الحلفاء خاصة األمريكيين سلطة الحماية على تعديل سياستها القمعية‬
‫تجاه األهالي‪.‬‬

‫الحركة الوطنية أثناء الحرب العاملية الثانية‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ .1‬انتعاش العمل الوطني‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬بعد أحداث أفريل ‪ 1938‬تحرك الوطنيون سرا فأصدروا املناشير وطالبوا بإطالق سراح املساجين خاصة أنه تم‬
‫اعتقال قيادات الدواوين السياسية املتعاقبة للحزب الدستوري الجديد‪.‬‬
‫خرج العمل الوطني من نطاق السرية الى العلنية بعد اعتالء املنصف باي العرش ودخول جيوش املحور الى‬
‫البالد حيث‪:‬‬
‫* أسس الحزب الجديد منظمات وطنية مثل«كشاف تونس » و «الهالل األحمر التونس ي» وصدرت بعض‬
‫الصحف الوطنية مثل « افريقيا الفتاة » و « الشباب‪»....‬‬
‫* تعاطف عدد من الوطنيين مع املحور ّ‬
‫لكن العديد من الزعماء وخاصة الحبيب بورقيبة وعبد العزيز الثعالبي‬
‫ّ‬ ‫دعوا الى الوقوف مع الحلفاء في حربهم ّ‬
‫ضد النازية حتى تكون القضية التونسية في صف املنتصرين غداة‬
‫الحرب‪.‬‬
‫‪” .2‬تكتل“ القوى الوطنية‪:‬‬
‫رص صفوفها خاصة منذ اعتالء املنصف باي العرش في‬ ‫الوطنية منذ سنوات الحرب تعمل على ّ‬‫ّ‬ ‫بدأت الحركة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والدستوريون من الحزبين القديم والجديد‪.‬‬ ‫الوطنيون‬ ‫التونسية التف حوله‬ ‫جوان ‪ ، 1942‬فأصبح رمزا للقيادة‬

‫توحدت صفوف الوطنيين للمطالبة بإرجاع الباي املخلوع ‪،‬‬‫ولم تضعف هذه الحركة بعد خلع املنصف باي بل ّ‬
‫أصبحت هذه الحركة تعرف بـ“الحركة املنصفية ” التي لم تكتفي باملطالبة بإرجاع املنصف باي إلى العرش بل‬
‫أخذت أبعادا أوسع ‪،‬إذ عملت منذ خريف‪ 1944‬على صياغة برنامج عمل طالب بمنح البالد استقاللها الداخلي‬
‫ّ‬
‫وإقامة نظام ملكي دستوري ‪.‬وقد شكل هذا البرنامج منطلقا لقيام ” الجبهة الوطنية“ في ‪ 22‬فيفري ‪ 1945‬جمعت‬
‫عبرت مظاهرة ‪8‬ماي ‪ 1945‬بمناسبة انتصار الحلفاء في الحرب‬ ‫كل التيارات والقوى الوطنية التونسية ‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫العاملية الثانية على استعداد كل الفئات التونسية لإلنخراط في النضال الوطني ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظرفية جديدة مالئمة دفعت بالحركة الوطنية نحو مزيد من التجذر على املستوى‬ ‫العاملية الثانية‬ ‫وفرت الحرب‬
‫التنظيمي واملطلبي وعلى مستوى أشكال النضال‪.‬‬
‫املحور الثاني ‪:‬العالم املعاصر بعد ‪1945‬‬

‫الدرس ‪ :‬العالقات الدولية من الحرب الباردة الى انهيار االتحاد السوفياتي‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫ما ان انتهت الحرب العاملية الثانية بانتصار العمالقين الجديدين االمريكي و السوفياتي‪ ,‬دخل «حلفاء االمس» في‬
‫صراع طويل تخللته فترات من التأزم و االنفراج في إطار «الحرب الباردة» التي إنتهت في بداية تسعينات القرن‬
‫العشرين بانهيار االتحاد السوفياتي‪.‬‬

‫فماهي ظروف تشكل نظام القطبية الثنائية غداة الحرب العاملية الثانية و ماهي أبرز مظاهرها‬

‫ماهي ابرز أزمات الحرب الباردة ة انعكاساتها على العالقات الدولية‬

‫كيف تطورت العالقات بين العمالقين إلى تاريخ إنهيار االتحاد السوفياتي‬

‫‪ .I‬ظروف نشأة القطبية الثنائية ومظاهرها‪:‬‬


‫❶ ظروف نشأة القطبية الثنائية‪:‬‬
‫برزت بوادر التنافس بين الطرفين األساسيين في "التحالف الكبير" (الواليات املتحدة و االتحاد السوفياتي)‬
‫ضد قوى املحور قبيل انتهاء الحرب العاملية الثانية من خالل التسابق بين الجيشين الحتالل أملانيا و خاصة‬
‫عاصمتها برلين‪.‬‬
‫بروز الخالفات بين الدول املنتصرة في الحرب العاملية الثانية خالل املؤتمرات التي عقدوها وهي‪:‬‬
‫‪ -‬مؤتمر يالطا‪ :‬انعقد بجنوب أوكرانيا في فيفري ‪ ،1945‬تم فيه االتفاق املبدئي على تقسيم أملانيا إلى أربع‬
‫مناطق نفوذ (أمريكية‪ -‬انجليزية‪ -‬فرنسية‪ -‬سوفياتية) وتقديم الدعم املادي والسياس ي للدول األوربية لبناء‬
‫اقتصادياتها و تحقيق نهضة ديمقراطية تقوم على االنتخابات واحترام حقوق اإلنسان ‪.‬إال انه برزت خالفات‬
‫بين االتحاد السوفياتي وباقي الحلفاء حول طبيعة نظام الحكم الذي سيقام في بولونيا ‪.‬‬
‫‪ -‬مؤتمر بوتسدام‪ :‬أبدى الرئيس األمريكي ترومان احترازاته من الطموحات الترابية والسياسية السوفياتية (‬
‫بعث أنظمة شيوعية) في أوروبا الشرقية‪ (.‬مؤتمر بوتسدام‪ :‬انعقد في ‪17‬جويلية ‪ 2‬اوت سنة ‪( 1945‬‬
‫كليمنت اتلي ستالين و ترومان) حيث اتفق فيه الحلفاء على تصفية املؤسسات النازية ومحاكمة مجرمي‬
‫الحرب‪ ،‬لكن الحلفاء رفضوا االعتراف بشرعية الحكومات التي أقامها االتحاد السوفياتي في كل من رومانيا‬
‫وبلغاريا وبالحدود الغربية التي رسمها مع بولونيا‪ ،‬وفي نفس الوقت رفض االتحاد السوفياتي السماح‬
‫للحلفاء بمراقبة االنتخابات في دول أوربا الشرقية التي ساهمت الجيوش السوفياتية في‬
‫تحريرها من النازية)‬
‫‪-‬إقامة االتحاد السوفياتي " للستار الحديدي «( من ستيتين الى ترياست)وهو تعبير أطلقه رئيس الوزراء‬
‫البريطاني تشرشل حين تحدث عن ستار أنزله السوفيات بين أوروبا الشرقية التي أقدم السوفيات على بعث‬
‫الحرة واعتبر تشرشل التصرف السوفياتي خرقا صارخا‬‫أنظمة شيوعية بها وأوروبا الغربية ذات األنظمة ّ‬
‫ملقررات ندوة يالطا‪.‬‬
‫‪-‬مذهب ترومان‪ :‬وهو القرار الذي التزم فيه الرئيس األمريكي ترومان في مارس ‪ 1947‬بالحد من انتشار‬
‫الشيوعية في أوروبا والعالم بتقديم الدعم االقتصادي و املالي‪،‬بعد ما تصاعد املد االشتراكي في أوروبا‬
‫‪(..‬سياسة االحتواء التي نضر لها جورج كينان مستشار الرئيس االمريكي ترومان)‬
‫‪ّ -‬رد االتحاد السوفياتي على مذهب سياسة االحتواء التي اعتمدها ترومان بنظرية "جدانوف "( إنقسام‬
‫العالم إلى كتلتين كتلة إمبريالية رأسمالية بزعامة الواليات املتحدة تسعى للهيمنة على العالم و كتلة‬
‫إشتراكية بزعامة االتحاد السوفياتي) و بتأسيس "مكتب اإلعالم الشيوعي" (الكومنفورم) الذي يهدف إلى‬
‫توحيد مواقف األحزاب الشيوعية في العالم ملواجهة االمبريالية‪.‬‬
‫❷ القطبية الثنائية ومظاهرها‪:‬‬
‫االتحاد السوفياتي‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫أبعاد القطبية الثنائية‬

‫يدافع االتحاد السوفياتي على املاركسية –‬ ‫تدافع الواليات املتحدة األمريكية بقوة على‬ ‫البعد األيديولوجي‬
‫اللينينية ويرفع شعار املساواة ويساند‬ ‫املبادئ الليبرالية أي عن الديمقراطية الغربية ‪:‬‬
‫األنظمة الديمقراطية الشعبية التي‬ ‫الحريات العامة و التعددية الحزبية‬
‫انتصبت في دول أوروبا الشرقية‪.‬‬
‫بادر االتحاد السوفياتي بتأسيس "مجلس‬ ‫سياسة االحتواء اقتصاديا من خالل "مخطط‬ ‫البعد االقتصادي‬
‫التعاون االقتصادي" (الكوميكون) سنة‬ ‫مارشال" وتقديم مساعدات مالية مكثفة(‪13‬‬
‫‪ 1949‬وضم بلدان أوروبا الشرقية‬ ‫مليار دوالر) لحلفائها الرأسماليين من دول‬
‫باستثناء يوغسالفيا ويهدف إلى تحقيق‬ ‫أوروبا الغربية و لتيسير عملية توزيع‬
‫التكامل االقتصادي والرخاء االجتماعي‬ ‫املساعدات تم انشاء املنظمة االوروبية للتعاون‬
‫للدول األعضاء‪.‬‬ ‫االقتصادي و التي عوضتها منذ سنة منظمة‬
‫التعاون و التنمية االقتصادية االوروبية‪1961‬‬
‫البعد العسكري‪:‬‬
‫تجسد من خالل تكوين األحالف السياسية والعسكرية وهي بالخصوص‪:‬‬

‫من الجانب السوفياتي‬ ‫من الجانب األمريكي‬

‫* حلف الشمال األطلس ي‪ :‬أو الناتو تكون في أفريل ‪ * 1949‬حلف فرصوفيا‪ :‬تأسس في ماي ‪ 1955‬وضم كل من‬
‫االتحاد السوفياتي وبلدان أوروبا الشرقية االشتراكية‬ ‫وضم إلى جانب الو‪.‬م‪.‬أ جل بلدان أوروبا الغربية ثم‬
‫باستثناء يوغسالفيا‪.‬‬ ‫توسع بانضمام كل من اليونان وتركيا وأملانيا‪.‬‬
‫‪ -‬تدعمت الكتلة االشتراكية بعد قيام جمهورية الصين‬ ‫تزعم الوم أ أحالفا أخرى مثل حلف ريو و حلف بغداد‬
‫الشعبية الشيوعية بزعامة "ماوتس ي تونغ" سنة ‪1949‬‬
‫وتوقيعها معاهدة تحالف مع االتحاد السوفياتي‪.‬‬

‫من أزمات الحرب الباردة إلى التعايش السلمي‬ ‫‪.II‬‬


‫❶ االزمات الكبرى للحرب الباردة‬
‫ظهرت خالل الحرب الباردة أزمات حادة بين الكتلتين هددت السلم وكادت تؤدي الى مواجهة مباشرة بين العمالقين‬

‫‪-‬أ‪-‬أزمة برلين األولى‪(1949 – 1948 (:‬‬

‫‪-‬ظهرت هذه األزمة سنة ‪ 1948‬بسبب تصادم املصالح حول تقرير مصير أملانيا ‪,‬حيث أقدم الغربيون على بعث عملة‬
‫جديدة ( املارك األملاني) بهدف تداولها في كامل أملانيا بما في ذلك الجزء الشرقي فقرر االتحاد السوفياتي إغالق‬
‫جميع الطرق املؤدية إلى برلين الغربية ومحاصرتها اقتصاديا ‪.‬‬

‫دام الحصار قرابة سنة و ردت الو م ا بإقامة جسر جوي لتموين القسم الغربي من برلين‬

‫فك االتحاد السوفياتي الحصار الذي لم يعد منه جدوى و اتفق العمالقان على تقسيم أملانيا إلى دولتين هما أملانيا‬
‫الغربي الرأسمالية وعاصمتها بون وأملانيا الشرقية الشيوعية وعاصمتها برلين‪.‬‬

‫ب ‪-‬حرب الكوريتين‪(1953 -1950( :‬‬

‫‪-‬ظلت كوريا منذ ‪ 1910‬مستعمرة يابانية حتى سنة ‪ 1945‬عندما احتل الجيش االحمر الجزء الشمالي و الجيش‬
‫االمريكي الجزء الجنوبي منها يفصلهما خط العرض ‪ 38‬درجة ة انسحب الجيشان سنة ‪ 1948‬و لكن بعد ان ساهم‬
‫االتحاد السوفياتي في بعث جمهورية كوريا الشمالية الشيوعية و اقامت الوم ا بدورها نظاما مواليا في كوريا‬
‫الجنوبية‪.‬‬

‫في جوان ‪ 1950‬هاجمت كوريا الشمالية الشيوعية كوريا الجنوبية الرأسمالية بهدف توحيد كامل البالد تحت الراية‬
‫الشيوعية‪.‬‬

‫استغلت الوم ا غياب االتحاد السوفياتي عن مجلس االمن الستصدار قرار من املنظمة بإرسال قوات اممية الى كوريا‬
‫الجنوبية‪.‬‬

‫تمكنت هذه القوات من تحرير كوريا الجنوبية و اجتياح الجزء الشمالي من شبه الجزيرة‪.‬‬

‫توسع نطاق الحرب بتدخل الصين ( بدعم من االتحاد السوفياتي) التي قدمت مساعدات عسكرية أرسلت مئات‬
‫االالف من املتطوعين لكوريا الشمالية‪.‬‬

‫‪-‬انتهى الصراع عندما تم التوصل إلى اتفاق وقف إطالق النار في ‪ 27‬جويلية ‪ 1953‬والعودة إلى حدود ما قبل الحرب‬
‫خوفا من أن تتحول الحرب إلى نووية (خط عرض‪.)38‬‬

‫تعكس الحرب الكورية البعد الجغراستراتيجي للحرب الباردة واتساع مجالها الجغرافي ليشمل القارة السياوية‪.‬‬

‫❷ التعايش السلمي سياسة االنفراج‪:‬‬

‫أ * دوافع التعايش السلمي‪:‬‬

‫بعد وفاة ستالين ‪ 1953‬تسلم خروتشوف رئاسة االتحاد السوفياتي وأعلن توجها جديدا للسياسة الخارجية‬
‫السوفياتية‪ ،‬تقوم على سياسة التعايش السلمي بين املعسكر االشتراكي واملعسكر الرأسمالي وقد وجد التجاوب من‬
‫الرئيس األمريكي "كندي‪".‬‬
‫ساهمت ّ‬
‫عدة دوافع في اختيار املعسكرين لهذا املنهج أهمها‪:‬‬

‫‪-‬هاجس الخوف من قيام حرب نووية مدمرة‪.‬‬

‫‪-‬ظهور قوى نووية جديدة انشقت عن الكتلة التي كانت تنتمي لها مثل الصين الشعبية التي توترت عالقاتها باالتحاد‬
‫السوفياتي سنة ‪ 1962‬وفرنسا التي انسحبت من الحلف األطلس ي سنة ‪. 1966‬‬

‫‪-‬السبق التكنولوجي الذي حققه االتحاد السوفياتي في مجال غزو الفضاء بإطالقه ألول قمر صناعي "سبوتنيك" في‬
‫أكتوبر ‪ ( 1957‬القدرة على ضرب التراب األمريكي مباشرة وبدقة انطالقا من التراب السوفياتي‪).‬‬

‫‪ -‬تزايد مصاريف السباق نحو التسلح على حساب تحسين مستوى عيش السكان خاصة باالتحاد السوفياتي‪.‬‬
‫ب * مظاهر االنفراج‪:‬‬

‫في املجال العلمي والثقافي‬ ‫في املجال االقتصادي‬ ‫في املجال الديبلوماس ي‬ ‫في مجال السباق نحو التسلح‬

‫‪ -‬وقع‬
‫‪ -‬التجاوب بين العمالقين في مجال غزو‬ ‫‪ -‬قبلت الو‪.‬م‪.‬أ تزويد االتحاد‬ ‫‪ -‬تحسنت العالقة السوفياتية‬ ‫العمالقان اتفاقية "عدم انتشار‬
‫الفضاء من خالل تبادل املعلومات‬ ‫السوفياتي بالحبوب ومعدات‬ ‫األملانية على اثر اعتراف أملانيا‬ ‫األسلحة النووية" في جويلية‬
‫وانجاز برنامج بحث علمي مشترك‪.‬‬ ‫التكنولوجيا املتطورة‪..‬‬ ‫الغربية بأملانيا الشرقية كما تم‬ ‫‪.1968‬‬
‫‪ -‬تنظيم املؤتمرات أبرزها مؤتمر‬ ‫قبول األملانيتين في منظمة‬ ‫‪ -‬إجراء القطبين ملفاوضات الحد‬
‫هلسنكي (أوت ‪ )1975‬حول األمن‬ ‫األمم املتحدة‪.‬‬ ‫من السالح االستراتيجي وذلك في‬
‫وحقوق اإلنسان والتعاون الدولي في‬ ‫‪ -‬تعددت الزيارات الرسمية بين‬ ‫إطار ما عرف بسالت‪ 1‬سنة‬
‫جميع املجاالت‪.‬‬ ‫القادة السياسيين للعمالقين‪.‬‬ ‫‪ 1972‬وسالت ‪ 2‬سنة ‪1979‬‬
‫‪ -‬استرجعت الصين عضويتها‬
‫القارة في منظمة األمم املتحدة‪.‬‬

‫كان االنفراج نسبيا إذ اقترن بأزمات عديدة إن لم يؤثر بعضها في العالقات األمريكية السوفياتية فان بعضها‬
‫سارع في عودة التوتر بين املعسكرين من جديد‪.‬‬

‫عودة التوتر وانهيار االتحاد السوفياتي‪:‬‬ ‫‪.III‬‬


‫❶الحروب الطرفية( حدود االنفراج) وعودة التوتر‪:‬‬
‫وهي أزمات إقليمية هددت التعايش السلمي بين القطبين وهي‪:‬‬

‫أ *ربيع براغ (‪(1968‬‬

‫حاول رئيس تشيكوسلوفاكيا بيناس تطبيق سياسة ليبرالية نسبية وإقرار اشتراكية ذات "وجه إنساني" فتدخل‬
‫الجيش السوفياتي ملنع هذا التغيير السياس ي للنظام االشتراكي بالقوة و لم يكن رد الواليات املتحدة االمريكية قويا‬
‫على هذه االحداث‪.‬‬

‫ب * حرب الفيتنام (‪(1973 – 1963‬‬

‫‪-‬أصبح النظام القائم بفيتنام الجنوبية و املوالي للو م ا مهددا منذ ‪ 1960‬بهجومات حرب العصابات التي يقوم بها‬
‫الشيوعيون املحليون ( الفيتكونغ) الذين تساندهم فيتنام الشمالية ( بزعامة هوش ي منه) و بدعم من االتحاد‬
‫السوفياتي‪.‬‬

‫‪-‬تدخل الو م ا عسكريا في النزاع منذ ‪ 1963‬ولكنها تكبدت خسائر فادحة (اكثر من ‪ 50000‬قتيل) وهو ما اثار معارضة‬
‫شديدة من قبل الراي العام االمريكي خاصة‬
‫‪-‬أجبرت الو م ا على االنسحاب وانتهت الحرب باملصالحة الداخلية للفيتناميين الشماليين والجنوبيين وتوحيد فيتنام‬
‫تحت الراية الشيوعية سنة ‪.1975‬‬

‫ج * توسع النفوذ السوفياتي في أمريكا الالتينية وافريقيا‪:‬‬

‫‪ -‬برزت في عدد من أقطار أمريكا الالتينية (بوليفيا‪,‬السالفادور‪" )...‬حروب عصابات" ماركسية هددت األنظمة القائمة‬
‫املوالية للو‪.‬م‪.‬أ ونجحت في بعث نظام شيوعي في بعض األقطار بدعم من االتحاد السوفياتي وكوبا‪.‬‬

‫‪ -‬امتد النفوذ السوفياتي أيضا إلى إفريقيا حيث نجحت بعض األنظمة الشيوعية في الوصول إلى الحكم في بعض‬
‫األقطار اإلفريقية مثل أثيوبيا وأنغوال واملوزميق‪.‬‬

‫د * غزو االتحاد السوفياتي الفغانستان ‪:1989 - 1979‬‬

‫‪-‬عرف االنفراج انكسارا كبيرا اثر الغزو السوفياتي ألفغانستان وإعالن الواليات املتحدة األمريكية دعمها االقتصادي‬
‫والعسكري لباكستان وأفغانستان نظرا للخطر الذي يمثله االكتساح السوفياتي على املصالح اإلستراتيجية للواليات‬
‫املتحدة األمريكية واملعسكر‬

‫الغربي الرأسمالي بمنطقة الشرق األوسط واألقص ى‪.‬‬

‫‪ -‬كان رد الفعل األمريكي قويا وتمثل في ‪ :‬إيقاف تزويد االتحاد السوفياتي بالحبوب ومقاطعة األلعاب األوملبية التي‬
‫نظمتها موسكو سنة ‪ 1980‬ورفض الكونغرس التوقيع على اتفاقية ستارت‪ 1‬حول التخفيف من األسلحة النووية‪.‬‬

‫هـ * أزمة الصواريخ األوروبية‪:‬‬

‫زاد التوتر حدة بين الطرفين عندما ركز السوفيات صواريخ "س س ‪ "20‬املتوسطة املدى بأوروبا الشرقية والوسطى‬
‫وردت الو‪.‬م‪.‬أ بنشر صواريخ "برشينغ‪ "2‬في أوروبا الغربية كما عملت ابتداء من سنة ‪ 1989‬في تنفيذ برنامج الدفاع‬
‫االستراتيجي املعروف ببرنامج حرب النجوم‪.‬‬

‫❷ تصدع الكتلة االشتراكية األوروبيةو انهيار االتحاد السوفياتي‪:‬‬

‫أ * انهيار األنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية ‪:‬‬

‫نتيجة لتعمق االزمة االقتصادية و االجتماعية في االتحاد السوفياتي و تعهده بعدم التدخل عسكريا لحماية االنظمة‬
‫الشيوعية القائمة في بلدان اوروبا الشرقية تنامت بهذه البلدان حركات املعارضة‬

‫‪-‬في بلونيا ‪ :‬نجحت القوى املعارضة في إجبار الشيوعيين على تنظيم انتخابات حرة أدت إلى إقرار الحريات العامة‬
‫والتعددية الحزبية وفوز "الش فاليزا" بمنصب رئاسة الجمهورية سنة ‪.1990‬‬

‫‪-‬في املجر‪ :‬أقدم الحزب الشيوعي على حل نفسه وتنظيم انتخابات حرة سنة ‪ 1990‬انتهت بفوز مرشحين على "املندى‬
‫الديمقراطي‪".‬‬

‫‪-‬في أملانيا‪ :‬وقع تهديم جدار برلين في‪ 9‬نوفمبر ‪ 1989‬ثم تحققت الوحدة األملانية رسميا في أكتوبر ‪.1990‬‬
‫‪ -‬في كل من بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا أسفرت االنتفاضات الشعبية واالنتخابات عن إزاحة الشيوعيين عن‬
‫الحكم في أواخر ‪.1989‬‬

‫انهيارات متتالية لألنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية بسبب األزمة االقتصادية واالجتماعية وفشل سياسة‬
‫"ميخائيل غورباتشوف" التي أدت إلى انهيار االتحاد السوفياتي‪.‬‬

‫ب * انهيار االتحاد السوفياتي‪:‬‬

‫حاول ميخائيل غوربتشوف الذي وصل إلى السلطة سنة ‪ 1985‬إصالح األوضاع االقتصادية واالجتماعية املتردية في‬
‫االتحاد السوفياتي واتخذ اإلجراءات التاية‪:‬‬

‫‪-‬على املستوى الداخلي‪ :‬اعتمد برنامج إصالح هيكلي "البريسترويكا« و اعتماد الشفافية بالحد من مركزية القرار‬
‫وتشجيع املبادرة الخاصة للنهوض باالقتصاد وتحسين مستوى عيش السكان‪.‬‬

‫سياسة داخلية اصطدمت بمعارضة القوى املحافظة في جهاز الدولة واملجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬على املستوى الخارجي‪ :‬حاول العودة إلى سياسة االنفراج مع الو‪.‬م‪.‬أ فسحب الجيوش السوفياتية من أفغانستان‬
‫وأوقف الدعم املالي لألنظمة الشيوعية في إفريقيا وأمريكا الالتينية وسحب صواريخ "س س ‪ "20‬من أوروبا الشرقية‬
‫ووقع اتفاقية "ستارت ‪ " 1‬في ديسمبر ‪ 1987‬حول التخفيض من األسلحة اإلستراتيجية‪.‬‬

‫استغلت بلدان أوروبا الشرقية هذه السياسة للتخلي عن النظام الشيوعي واالنسحاب من الكتلة االشتراكية كما‬
‫ّ‬
‫االتحادية بزعامة "بوريس يلتسين"‬ ‫استغلتها جمهوريات االتحاد السوفياتي إلعالن استقاللها تتقدمها جمهورية روسيا‬
‫الذي أجبر "غوربتشوف" يوم ‪ 25‬ديسمبر ‪ 1991‬على إعالن استقالته من رئاسة االتحاد السوفياتي الذي لم يعد له‬
‫وجود‬

‫انتهت الحرب الباردة ونظام القطبية الثنائية بانهيار االتحاد السوفياتي‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫شهد ت العالقات الدولية خالل فترة ما بعد الحرب العاملية الثانية والى بداية التسعينات توترا وانفراجا ‪ ،‬بسبب‬
‫التنافس العام الذي ساد بين القطبين االشتراكي بقيادة االتحاد السوفياتي ‪ ،‬والغربي الرأسمالي بزعامة الواليات‬
‫املتحدة األمريكية ‪ ،‬ومع بداية التسعينات شهد االتحاد السوفياتي تفككا كامال ‪،‬وعرف العالم نظاما عامليا جديدا‬
‫يتميز بنظام القطبية األحادية الذي تقوده الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫الدرس ‪ :‬استقالل املستعمرات‬

‫مقدمة ‪ :‬أفرزت الحرب العاملية الثانية معطيات جديدة ساعدت على تجذر حركات التحرر الو طني بكل من إفريقيا‬
‫و اسيا و حصول الشعوب املستعمرة على االستقالل ‪.‬‬

‫فماهي العوامل التي ساعدت املستعمرات على نيل إستقاللها؟ ماهي الوسائل املعتمدة في تحقيق التحرر؟ و ماهو‬

‫عوامل تحرر املستعمرات‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ .1‬العوامل الخارجية‪:‬‬
‫أ‪-‬تراجع القوى االستعمارية ‪:‬حيث تعرضت إلى الغزو و االحتالل أثناء الحرب العاملية الثانية من قبل القوات النازية‬
‫في أوروبا كما تعرضت أجزاء من مستعمراتها إلى االحتالل الياباني في جنوب شرق اسيا بينما تحولت بالد املغرب و‬
‫الشرق االوسط إلى ساحات للقتال كم ألحقت الحرب العاملية الثانية بالدول االستعمارية الدمار و أنهكتها ماليا‪,‬‬
‫إقتصاديا و ديمغرافيا فتالش ى النفوذ املعنوي للدول االستعمارية و اكتشف سكان املستعمرات مدى ضعف القوى‬
‫االستعمارية و عجزها عن حمايتهم فانتفضوا و رفضوا املمارسات االستعمارية القديمة و رفعوا من سقف مطالبهم‬
‫السياسية و نادوا باالستقالل و التحرر‬

‫ب ‪ -‬مناهضة العمالقين ( الواليات املتحدة األمريكية و االتحاد السوفياتي ) لالستعمار ‪:‬‬

‫أعلنت الو م أ مناهضتها لالستعمار عندما أمضت "امليثاق األطلس ي" مع بريطانيا في أوت ‪ 1941‬و الذي يتعهد فيه‬
‫الطرفان باحترام حق كافة الشعوب في تقرير مصيرها‪.‬‬

‫ساند االتحاد السوفياتي حركات التحرر من منطلق صراعه ضد االمبريالية و سعيه إلى نشر مبادئ املاركسية اللينينية‬
‫فدعم تكوين حركات شيوعية في عدة بلدان ( الفيتنام‪ ,‬أنغوال)‪..‬‬

‫موقف العمالقين يخفي أهدافا اقتصادية و جغراسياسية في إطار الصراع بين العمالقين ضمن الحرب الباردة‪.‬‬

‫إستفادت حركات التحرر من الصراع بين العمالقين في إطار الحرب الباردة‪.‬‬

‫ج‪ -‬دور املنظمات الدولية و االقليمية في مساندة حركات التحرر‪:‬‬

‫أكدت منظمة االمم املتحدة من خالل ميثاقها على ضرورة تنمية قدرات املستعمرات على تسيير شؤونها بنفسها‪ ,‬كما‬
‫إستغل منبر الجمعية العامة إلدانة االستعمار خاصة بعد أن تعزز عدد الدول املناهضة لالستعمار (تحرر الشعوب‬
‫االسيوية بين ‪ 1945‬و ‪)1954‬‬

‫تبني منظمة االمم املتحدة ملبدإ حق الشعوب في تقرير مصيرها من خالل قراريها املؤرخين في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 1952‬و‬
‫‪ 14‬ديسمبر ‪. 1960‬‬

‫‪-‬تأسيس جامعة الدول العربية في مارس ‪ 1945‬و مساندتها للبلدان العربية التي لم تنل إستقاللها بعد من خالل‬
‫نشاط مكتب تحرير املغرب العربي ‪ ,‬إضافة إلى دعم القضية الفلسطينية‪.‬‬
‫‪-‬تدعم السند الخارجي لحركات التحرر عبر التضامن االفريقي االسياوي منذ إنعقاد مؤتمر باندونغ في أفريل ‪: 1955‬‬
‫أكد هذا املؤتمر على حق الشعوب في تقرير مصيرها كما دعى إلى مساندة بلدان املغرب العربي و الشعب الفلسطيني‬

‫‪ .2‬العوامل الداخلية‪:‬‬
‫أ)استفحال أزمة املجتمعات الخاضعة لالستعمار ‪:‬‬

‫حيث عمقت الحرب العاملية الثانية االزمة االقتصادية و االجتماعية داخل املستعمرات ففي االرياف احتد التفاوت‬
‫االجتماعي بين املعمرين و الشركات االستعمارية املالكين ألخصب األراض ي الفالحية و األهالي الذين جردوا من ابسط‬
‫ممتلكاتهم ليتحول جزء منهم غلى اجراء فالحيين بينما نزح الجزء االخر نحو املدن الهامة لتظهر ظاهرة األحياء‬
‫القصديرية أما في املدن فقد تدعمت أزمة فئة العمال ( عمال املناجم ‪ ,‬عمال الرصيف و البناء ) التي تعاني من‬
‫ضعف االجور إضافة إلى إنتشار البطالة‬

‫فئات تعاني من تردي أوضاعها املعيشية و من سوء التغذية‪.‬‬

‫عرفت املدن ايضا بروز نخب وطنية و إطارات مثقفة سياسية و إجتماعية بحكم االنتشار النسبي للتعليم ‪.‬‬

‫ب‪-‬مشاركة املستعمرات في املجهود الحربي لفائدة الدول االستعمارية ‪:‬‬

‫قامت السلط االستعمارية أثناء الحرب العاملية الثانية بتجنيد أعداد غفيرة من سكان املستعمرات و بعثت بهم إلى‬
‫جبهات القتال ‪ :‬مشاركة أكثر من مليوني هندي إلى جانب بريطانيا و ‪ 300‬ألف جندي من بلدان املغرب العربي إلى‬
‫جانب فرنسا‪.‬‬

‫ساهمت املستعمرات أيضا في املجهود الحربي للقوى االستعمارية بالعمال و املواد األولية و الغذائية‪.‬‬

‫في املقابل تنكرت السلطات االستعمارية للتضحيات الكبيرة للشعوب املستعمرة التي كانت تتطلع للحرية و االنعتاق‬
‫وهو ما ساعد على انخراطهم في النضال الوطني ( خاصة الجنوزد املسرحين بعد الحرب و الذين كان لهم دور بارز في‬
‫الكفاح املسلح) ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬تنامي الوعي الوطني في املستعمرات أثناء الحرب العاملية الثانية و بعدها ‪:‬‬

‫تجذر املطالب الوطنية أثناء الحرب العاملية الثانية ( مثل الهند ‪ 1942‬و املغرب االقص ى ‪ ) 1944‬أو مباشرة بعدها (‬
‫مثل تونس و الفيتنام) و من أبرز مظاهر هذا التجذر‪:‬‬

‫‪-‬رفع مطالب االستقالل بعد أن اقتصرت برامج الحركات الوطنية و لفترة طويلة على مجرد املطالبة باصالحات أو‬
‫بالحكم الذاتي‪.‬‬

‫‪-‬توسع القاعدة االجتماعية للعمل الوطني التي ضمت العمال‪ ,‬الحرفيين‪ ,‬الفالحين و املوظفين‪.‬‬

‫‪-‬تكتل القوى الوطنية من أحزاب ’ نقابات و منظمات و جمعيات لتشكيل جبهات وطنية من أجل تحرير البالد‪.‬‬

‫‪-‬بروز قيادات وطنية أصبحت تمثل رموزا للهوية الوطنية و التحرر أمثال الزعيم غاندي‪ ,‬هوش ي منه‪ ,‬الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫‪-‬تطور أساليب الكفاح و تنوعها ‪ :‬تعبئة الجماهير عن طريق الصحافة و الدعاية الحزبية‪ ,‬النضال السياس ي ‪ ,‬النقابي ‪,‬‬
‫الثقافي و االقتصادي و العمل املسلح‪.‬‬

‫موجة استقالل املستعمرات في اسيا و افريقيا‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ .1‬تنوع اشكال النضال لنيل االستقالل‪:‬‬
‫تباينت ردود فعل القوى االستعمارية تجاه حركات التحرر ففي الوقت الذي اتجهت فيه بريطانيا عموما نحو تصفية‬
‫مستعمراتها مقابل الحفاظ على مصالحها االقتصادية في اطار " الكومنولث" سلكت فرنسا طريقا اقل مرونة كما‬
‫تمسكت كل من هولندا و البرتغال بسياسة التحجر و الهيمنة‪ .‬تنوعت تبعا لذلك حركات التحرر الوطني من حيث‬
‫املضمون و الشكل‪:‬‬

‫تصنيفها من حيث توجهاتها االيديولوجية ‪:‬‬

‫حركات ذات توجه اشتراكي أو شيوعي مثل الفيتنام‬ ‫حركات تستمد مقوماتها االيديولوجية من الفكر الليبيرالي‬
‫الغربي مثل تونس و الهند‬
‫تنوعت ايضا طرق النضال التي يمكن إختزالها في طريقتين أساسيتين‪:‬‬

‫الثورة املسلحة ‪ :‬اعتمدت في عديد البلدان كالجزائر‪,‬‬ ‫إعتماد الوسائل السلمية‪ :‬عن طريق النضال السياس ي النقابي‬
‫أنغوال‪ ,‬الفيتنام‬ ‫الثقافي الديني و االقتصادي ( مقاطعة البضائع االنقليزية و‬
‫العصيان املدني في الهند)‬
‫‪ .2‬استقالل اغلب املستعمرات باسيا بين سنتي ‪1945‬و ‪1958‬‬

‫‪-‬استقالل سوريا و لبنان ‪ :‬إستغل البلدان ظروف الحرب النتزاع استقاللهما سنة ‪ 1945‬في ظل التنافس الفرنس ي‬
‫البريطاني للسيطرة على املنطقة ليتم جالء القوات البريطانية و الفرنسية عن البلدين سنة ‪.1946‬‬

‫‪-‬استقلت الهند عن بريطانيا سنة ‪ 1947‬بفضل حركة وطنية سلمية تزعمها غاندي في إطار حزب املؤتمر و قد تم‬
‫تقسيم هذه املستعمرة إلى دولتي االتحاد الهندي(ذو األغلبية الهندوسية) و باكستان (ذو األغلبية املسلمة) و سيالن و‬
‫برمانيا‪.‬‬

‫‪-‬استقلت اندونيسيا سنة ‪ 1949‬نتيجة املقاومة التي قادها احمد سوكارنو ضد محاوالت هولندا استرجاع نفوذها‬
‫بالبالد‪.‬‬

‫‪-‬استقلت الهند الصينية سنة ‪ 1954‬بعد انهزام القوات الفرنسية أمام القوات الفيتنامية بقيادة هوش ي منه في‬
‫معركة“ ديان بيان فو ” و انتهت هذه الحرب باستقالل كل من الالوس و كمبوديا و الفيتنام الذي قسم الى جزئين‬
‫فيتنام الشمالي الشيوعي و فيتنام الجنوبي‪.‬‬

‫‪ .3‬استقالل املستعمرات بافريقيا بين سنتي ‪1956‬و ‪1990‬‬


‫املستعمرات االنقليزية‪ :‬تحقق االستقالل بطريقة تدريجية ووفاقية بين بريطانيا و زعماء الحركات الوطنية مع مراعات‬
‫املصالح البريطانية ‪:‬‬

‫استقلت السودان سنة ‪ 1956‬ثم غانا سنة ‪ 1957‬و نيجيريا سنة ‪ 1960‬اما كينيا فقد استقلت سنة ‪ 1963‬بعد‬
‫احداث دامية‬

‫كما استقلت ناميبيا سنة ‪.1990‬‬

‫املستعمرات الفرنسية ‪ :‬سعت فرنسا الى املحافظة على مستعمراتها فقد أعلنت في ندوة برازافيل سنة ‪ 1944‬عن‬
‫قرارها بالتشبث بهذه املستعمرات في إطار ما يسمى باالتحاد الفرنس ي و الذي يمنح سكانها نفس الحقوق التي يتمتع‬
‫بها الفرنسيون لكن هزيمتها في معركة“ ديان بيان فو ” جعلها تتراجع لتستقل غينيا سنة ‪ 1958‬ثم نالت مستعمراتها‬
‫بافريقيا جنوب الصحراء استقاللها سنة ‪ 1960‬أما املغرب و تونس فقد استقلتا سنة ‪ 1956‬ثم استقلت الجزائر‬
‫سنة‪.1962‬‬

‫املستعمرات البرتغالية‪ :‬تحررت بصفة متأخرة و بعد ثورة مسلحة و ذلك بسبب تشدد البرتغاليين حيث خاضت‬
‫عدة مستعمرات برتغالية بمساعدة كوبية و سوفياتية ثورات كللت باستقالل غينيا بيساو(‪ )1974‬ثم انغوال و‬
‫املوزنبيق(‪)1975‬‬

‫تحرر الكونغو البلجيكية ‪ :‬أجبرت بلجيكا على منح الكونغو استقالله سنة ‪ 1960‬نتيجة الصراعات بين املجموعات‬
‫االثنية املتنافسة ‪.1960‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫شكل تحرر املستعمرات بعد الحرب العاملية الثانية حدثا هاما ترتب عنه بروز عالم ثالث سعى إلى احتالل موقع في‬
‫النظام العالمي يضمن له السيادة و التنمية االقتصادية و االجتماعية و رغم تحقيق السيادة السياسية اال ان اغلب‬
‫بلدانه ال تزال تشكوا من تعثر عملية التنمية‪.‬‬
9
‫تونس من ‪ 1945‬الى‪: 1956‬املسيرة نحو االستقالل‬

‫مقدمة‪ :‬انبثقت عن الحرب العاملية الثانية ظرفية دولية جديدة مالئمة لتكثيف العمل الوطني في فترة تعمقت فيها‬
‫أزمة املستعمر و شهد املجتمع التونس ي تحوالت هامة و عرفت الحركة الوطنية مرحلة من النضج تالحم فيها النضال‬
‫السياس ي و النضال االجتماعي و تنوعت أشكال النضال الوطني من أجل التحرر و نيل االستقالل‪.‬‬
‫فماهي مظاهر التالحم بين النضال السياس ي و النضال االجتماعي ؟ و كيف كانت املسيرة نحو االستقالل ؟‬

‫‪ .I‬تضافر نضاالت القوى الوطنية‪ :‬التالحم بين النضال السياس ي و النضال‬


‫االجتماعي‪:‬‬
‫‪ .1‬تكثف النشاط الوطني وتوسع مجاله في الداخل‪:‬‬
‫• تجاوزت القوى الوطنية بعد الحرب العاملية الثانية حالة االنقسام والصراع والتباعد التي ّميزت‬
‫توحدت من خالل مؤتمر "ليلة القدر" في ‪ 23‬أوت ‪ 1946‬بتونس العاصمة‬ ‫الفترات السابقة‪ ،‬إذ ّ‬
‫كل القوى الوطنية خاصة الحزبين الدستوريين القديم و الجديد و االتحاد العام‬ ‫الذي شاركت فيه ّ‬
‫التونس ي للشغل الذي أسسه فرحات حشاد في ‪ 20‬جانفي ‪ 1946‬باإلضافة إلى عديد الشخصيات و‬
‫تمسك بفكرة السيادة املزدوجة )‪ .‬أجمع‬‫املنظمات الوطنية ( باستثناء الحزب الشيوعي الذي ّ‬
‫مرة على املطالبة باالستقالل ووضح ّ‬
‫حد لنظام الحماية‪ .‬باإلضافة إلى االنضمام إلى‬ ‫املؤتمرون ّ‬
‫ألول ّ‬
‫جامعة الدول العربية و منظمة األمم املتحدة و عودة املنصف باي إلى العرش‪.‬‬
‫• تجاهلت السلط الفرنسية الظرفية الدولية املنادية بحق الشعوب في تقرير مصيرها فواصلت‬
‫مقر انعقاد مؤتمر ليلة القدر و اعتقلت بعض القيادات الوطنية‪،‬‬‫سياسة القمع و اقتحمت قواتها ّ‬
‫كما رفضت مطالب الوطنيين و حاولت االلتفاف حولها من خالل بعث مشروع " االتحاد الفرنس ي‬
‫الشكلية مثل إصالحات املقيم العام جون مونص سنة ‪1947‬‬ ‫ّ‬ ‫" سنة ‪ 1946‬و سياسة اإلصالحات‬
‫تمسك فرنسا بازدواجية‬‫املتمثلة في توسيع مشاركة التونسيين في إدارة شؤون البالد و التي تؤكد ّ‬
‫السيادة (أي تشريك الفرنسيين في تسيير شؤون البالد)‬
‫توحدت املنظمات (خاصة منها االتحاد العام التونس ي للشغل (‪ 55000‬منخرط) و االتحاد التونس ي‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫للصناعة و التجارة (‪ )1948‬و االتحاد العام للفالحة التونسية (‪ )1949‬والقوى الوطنية على‬
‫مستوى البرامج واألهداف وتمسكت بمطلب االستقالل التام ورفض اإلصالحات االندماجية التي‬
‫كل مطالب الحركة الوطنية ( سياسيا واجتماعيا‬ ‫تكرس السيادة املزدوجة وتضمنت برامجها ّ‬ ‫ّ‬
‫وثقافيا واقتصاديا )‪.‬‬
‫تطور مكافحة االستعمار ويهدف إلى إفشال ّ‬
‫كل املحاوالت‬ ‫• تبلور املشروع الوطني تدريجيا مع ّ‬
‫الرامية إلى القضاء على سيادة البالد وطمس الهوية العربية واإلسالمية لتونس ‪.‬‬
‫ّ‬
‫أسهم في هذا املشروع العديد من الوطنيين املفكرين مثل علي البلهوان الذي ألف كتاب "نحن‬
‫ّأمة" سنة ‪ 1948‬وكتاب "تونس الثائرة" سنة ‪ .1954‬كشفت هذه الكتابات أبعاد "املشروع‬
‫الوطني"‪ :‬و اكد سياسيا على الوحدة الوطنية و إجتماعيا على التقدم االجتماعي و حضاريا على‬
‫ابراز مقوماتها الحضارية و التاريخية و ـتأصيلها في محيطها العربي و االسالمي‪.‬‬
‫عدة نضاالت من خالل اإلضرابات التي اتخذت في الغالب طابعا‬ ‫• خاضت هذه املنظمات الوطنية ّ‬
‫سياسيا من بينها إضرابات التجار احتجاجا على السياسة الضريبية بين جوان ‪ 1947‬وأفريل ‪1954‬‬
‫تحول إلى مصادمات دامية ( ‪ 29‬شهيد و‪ 150‬جريح )‬ ‫وإضراب العام بصفاقس يوم ‪ 5‬أوت ‪ّ 1947‬‬
‫وإضراب عمال الضيعات الفالحية بسوق الخميس ‪ 1949‬والنفيضة ‪ 1950‬وإضرابات طلبة جامع‬
‫الزيتونة ‪ 1951 – 1950‬للمطالبة بتطوير التعليم وتعصيره‪.‬‬
‫‪ .2‬العمل على تدويل القضية التونسية والحصول على املساندة الخارجية‪:‬‬
‫حرص الوطنيون على إخراج القضية التونسية من نطاق العالقات الثنائية الفرنسية التونسية‪ ،‬وتحويلها إلى‬
‫معطى دولي من خالل التعريف بها في الخارج لكسب التأييد لها‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار التحق بورقيبة ومحي الدين القليبي باملشرق‪ ،‬وأصدر كتاب "مأساة عرش" للمطالبة بعودة املنصف‬
‫باي‪ ،‬وأصدر الحبيب ثامر كتاب "هذه تونس" شهر فيه بالسياسة االستعمارية‪.‬‬
‫ظل الصراع بين القطبين على الورقة األمريكية‪ ،‬فسافر بورقيبة إلى الو‪ .‬الم‪ .‬األم‪ .‬سنة‬ ‫راهنت القوى الوطنية في ّ‬
‫‪ 1946‬وانسلخ االتحاد العام التونس ي للشغل عن "الجامعة النقابية العاملية" وانخرط في "الجامعة العاملية‬
‫الحرة" املرتبطة باملعسكر الغربي وشارك فرحات حشاد في مؤتمرها بميالنو سنة ‪ 1951‬ثم شارك في مؤتمر‬ ‫للنقابات ّ‬
‫الجامعة األميركية للشغل سنة ‪ 1951‬بحضور بورقيبة وعمال على كسب تأييد النقابات ّ‬
‫الحرة‪.‬‬
‫‪ ‬ساهمت الضغوط الداخلية والخارجية في دفع فرنسا لقبول التفاوض مع القيادات الوطنية‬
‫‪-3‬التجربة الثانية للحوار مع فرنسا‪:‬‬
‫ّ‬
‫اعتمد الوطنيون سياسة املرحلية والتدرج نحو تحقيق الهدف النهائي أي االستقالل التام والتخلي عن منطق‬
‫"الكل" أو ال ش يء"‪ ،‬وفي اإلطار بادر بورقيبة بتقديم ‪ 7‬نقاط تمحورت حول الحكم الذاتي ورفض مبدأ السيادة‬
‫املزدوجة‪.‬‬
‫ّ‬
‫هذا االعتدال وهذه املرونة جعلت فرنسا تقبل فكرة التفاوض سنة ‪ 1950‬للسير بالبالد التونسية مثلما أكد وزير‬
‫خارجة فرنسا روبار شومان نحو االستقالل ّ‬
‫ثم تدارك الحكم الذاتي‪.‬‬
‫ّ‬
‫تشكلت للغرض حكومة تفاوضية وهي حكومة محمد شنيق الثانية‪ ،‬شارك فيها صالح بن يوسف عن الحزب‬
‫الجديد‪.‬‬
‫ّ‬
‫رحب الوطنيون بهذه التجربة لكن معارضة "املتفوقين" جعلت املفاوضات تتعثر بسب ّ‬ ‫ّ‬
‫تمسكهم بامتيازاتهم‪،‬‬
‫واكتفت فرنسا بإعالن إصالحات فيفري ‪ 1951‬وهي إصالحات هزيلة وشكلية رفضتها الحكومة التونسية من خالل‬
‫مذكرتها إلى الحكومة الفرنسية بتاريخ ‪ 31‬أكتوبر ‪ 1951‬وأكدت على تم ّسكها بالحكم الذاتي‪.‬‬
‫‪ ‬فشل التجربة الثانية للحوار مع فرنسا‪.‬‬
‫اندالع الثورة والظفر باالستقالل‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ .1‬اندالع الثورة‬
‫أ‪ -‬أسبابها‪ :‬مذكرة ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1951‬والقمع االستعماري‪:‬‬
‫‪ -‬مذكرة ‪ 15‬ديسمبر ‪ّ :1951‬ردت الحكومة الفرنسية على مذكرة الحكومة التونسية بمذكرة ‪ 15‬ديسمبر ‪1951‬‬
‫أكدت فيها على فكرة السيادة املزدوجة‪ّ .‬رد الوطنيون على هذه املذكرة بـ‪:‬‬
‫ملدة ‪ 3‬أيام‪ 21 :‬و‪ 22‬و‪ 23‬ديسمبر ‪.1951‬‬ ‫• إعالن اإلضراب العام ّ‬

‫• تقديم شكوى رسمية إلى األمم املتحدة في ‪ 14‬جانفي ‪.1952‬‬


‫عقد مؤتمر استثنائي للحزب الجديد في ‪ 18‬جانفي ‪ 1952‬أكد على ضرورة إلغاء معاهدة‬ ‫•‬
‫الحماية وتحقيق االستقالل ّ‬
‫بكل الوسائل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عينت فرنسا مقيما عاما جديدا في جانفي ‪" 1952‬جون دي هوت كلوك" ّ‬ ‫‪ -‬القمع االستعماري‪ّ :‬‬
‫تميز بتصلبه‬
‫لقمع الحركة الوطنية‪ .‬فبادر إلى اعتقال عدد هام من الوطنيين وإبعاد بورقيبة واملنجي سليم إلى طبرقة‪ ،‬وتنظيم‬
‫حملة واسعة من االعتقاالت واملحاكمات االعتباطية في العديد من املدن‪ ،‬وإطالق النار على املتظاهرين‪ ،‬وإبعاد‬
‫ّ‬
‫حكومة شنيق إلى قبلي في مارس ‪ ،1952‬كما تم تكوين عصابات إرهابية الغتيال الزعماء مثل "اليد الحمراء" التي‬
‫اغتالت فرحات حشاد في ‪ 5‬ديسمبر ‪ 1952‬والهادي شاكر في ‪ 13‬سبتمبر ‪. 1953‬‬
‫ب‪ -‬املقاومة التونسية في الداخل والخارج‪:‬‬
‫‪ -‬في الداخل‪ :‬الثورة املسلحة‪ :‬أعلنت الحركة الوطنية في ربيع ‪ 1952‬الثورة املسلحة ‪ :‬تكوين جيش من املتطوعين‬
‫"الفالڤة" بلغ عددهم حوالي ‪ 3‬آالف مقاوم‪ ،‬من أبرز قادتهم الطاهر األسود واألزهر الشرايطي والساس ي لسود‬
‫ضد القوات الفرنسية منها‪:‬‬‫عدة معارك ّ‬ ‫ومحجوب بن علي‪ : ...‬ضرب املصالح االستعمارية‪ ،‬وغالة املعمرين‪ ،‬واندالع ّ‬
‫معركة جبل اشكل‪ ،‬ماي ‪ 1953‬ومعركة جبل عرباطة جويلية ‪... 1954‬‬
‫‪ -‬في الخارج‪ :‬نجح الحزب الجديد في تدويل القضية التونسية وإدراجها في جدول أعمال األمم املتحدة في ديسمبر‬
‫‪ 1952‬عن طريق مندوبيه بالخارج صالح بن يوسف ( بالقاهرة ) وعلي البلهوان ( بالعراق ) والطيب سليم ( بالهند‬
‫)‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬ساهم الضغط الداخلي من خالل املقاومة املسلحة والضغط الخارجي الذي تزامن مع هزيمة فرنسا املذلة في‬
‫كل ذلك في إجبار فرنسا على‬‫"ديان بيان فو" في ماي ‪ 1954‬واندالع املقاومة املسلحة في الجزائر واملغرب‪ ،‬ساهم ّ‬
‫طلب الحوار خاصة بعد عودة عناصر من اليسار إلى السلطة برآسة منداس فرانس‪.‬‬
‫‪ .2‬الظفر باالستقالل‬
‫أ‪ .‬االستقالل الداخلي‪:‬‬
‫حل منداس فرانس بتونس في ‪ 31‬جويلية ‪ 1954‬وأعلن أمام الباي استعداد فرنسا الجدي ملنح تونس الحكم‬ ‫ّ‬
‫الذاتي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تشكلت حكومة الطاهر بن عمار التفاوضية في أوت ‪ 1954‬ضمت ممثلين عن الحزب الجديد منهم املنجي سليم‬
‫مدير الحزب‪.‬عمل الطرفان على خلق ظروف مالئمة للحوار‪ :‬إطالق سراح الزعماء املعتقلين مقابل إيقاف العمل‬
‫العسكري‪.‬‬
‫ّتوجت املفاوضات مع حكومة إدڤار فور ( خلف منداس فرانس في فيفري ‪ ) 1955‬بتوقيع اتفاقيات الحكم الذاتي‬
‫في ‪ 3‬جوان ‪.1955‬‬
‫*مضمون االتفاقيات ‪:‬‬
‫‪-‬بالنسبة إلى تونس ‪ :‬الحصول على االستقالل الداخلي ‪ :‬اإلشراف على األمن الداخلي و تسيير شؤونها االقتصادية‬
‫و االجتماعية و الثقافية‬
‫‪ -‬بالنسبة إلى فرنسا‪ :‬اإلبقاء على شؤون الدفاع و السياسة الخارجية ‪ -‬ضمان مصالح رعاياها‪ -‬املحافظة على‬
‫امتيازاتها االقتصادية و الثقافية بتونس‬
‫ب‪ .‬اإلنشقاق‪:‬‬
‫ّأدى هذا االتفاق إلى انقسام الحزب والشعب‪ .‬عارض صالح بن يوسف األمين العام للحزب هذه االتفاقيات‬
‫واعتبرها خطوة إلى الوراء باعتبار ّأن الظروف الداخلية والخارجية كانت مالئمة لتحقيق االستقالل التام‪ ،‬وطالب‬
‫الشعب الضغط على قادة الحزب للتراجع عنها ومواصلة الكفاح‪ .‬بينما اعتبر بورقيبة هذه االتفاقيات خطوة إلى‬ ‫ُّ‬
‫األمام تؤدي إلى االستقالل‪ .‬وانقسمت البالد بين أنصار بن يوسف ( اليوسفيون ) وأنصار بورقيبة ( البورقيبيون )‪.‬‬
‫تمكن بورقيبة بدعم من االتحاد العام التونس ي للشغل خالل مؤتمر الحزب بصفاقس في نوفمبر‪ ،1955‬ومن‬
‫الحكومة من االنتصار على بن يوسف الذي أطرد من الحزب‪ ،‬وتم اعتقال عدد كبير من اليوسفيين وإعدامهم‪،‬‬
‫واضطر بن يوسف إلى الفرار إلى أملانيا حيث ّ‬
‫تم اغتياله سنة ‪.1961‬‬ ‫ّ‬

‫ت‪ .‬االستقالل التام‪:‬‬


‫عادت املفاوضات بين الحكومة التونسية ونظيرتها الفرنسية اثر عودة االشتراكيين و انصار منداس فرانس إلى‬
‫السلطة من جديد‪ ،‬وتوجت بتوقيع بروتوكول االستقالل يوم ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬الذي ألغى معاهدة الحماية‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫دخلت تونس منذ ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬مرحلة جديدة من تاريخها سعت خاللها الدولة الجديدة إلى تركيز أسس الدولة‬
‫الوطنية وتحديث املجتمع‬
‫بناء الدولة الوطنية و تحديث املجتمع‬

‫املقدمة‪:‬‬

‫أسفر االستقالل عن بروز نظام وطني بزعامة الحبيب بورقيبة نجح في إرساء قواعد الدولة العصرية في فترة قصيرة‬
‫رغم الصعوبات العديدة‬

‫فماهي مظاهر استكمال السيادة الوطنية و تحديث املجتمع؟‬

‫‪ /I‬بناء الدولة العصرية و استكمال السيادة الوطنية‪:‬‬

‫‪ /1‬بناء الدولة العصرية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إرساء النظام الجمهوري‪:‬‬

‫ما ان حصلت البالد على استقاللها حتى سارعت الدولة بتحويل مطلب الدستور حيز الواقع‪ .‬فقد صدر عن الباي في‬
‫‪ 29‬ديسمبر ‪ 1955‬أمر ينص على انشاء "مجلس قومي تأسيس ي" منتخب العداد دستور البالد‪.‬انبثق هذا املجلس على‬
‫اثر انتخابات ‪ 25‬مارس ‪ 1956‬و فوز قائمات الجبهة القومية ( الحزب الدستوري الجديد ‪,‬االتحاد العام التونس ي‬
‫للشغل‪,‬االتحاد التونس ي للصناعة و التجارة‪,‬االتحاد العام للفالحة التونسية‪.).‬‬

‫انتخب هذا املجلس يوم ‪ 8‬أفريل ‪ 1956‬الحبيب بورقيبة رئيسا له الذي شكل يوم ‪ 14‬أفريل ‪ 1956‬أول حكومة‬
‫ائتالفية (خلفه جلولي فارس في رئاسة املجلس القومي التأسيس ي) التي ألغت يوم ‪ 30‬ماي ‪ 1956‬االمتيازات الجبائية و‬
‫الحصانة القضائية الفراد العائلة املالكة‪.‬‬

‫في ‪ 25‬جويلية ‪ 1957‬ألغى املجلس النظام امللكي باعالن النظام الجمهوري و أعلن عن الدستور يوم ‪ 1‬جوان ‪1959‬‬
‫سمح ذلك باقامة أول انتخابات تشريعية و رئاسية يوم ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1959‬بفوز قائمات "الجبهة القومية" لقد منح‬
‫دستور ‪ 1959‬رئيس الجمهورية سلطات واسعة‪.‬‬
‫ب – تونسة دواليب الدولة‪:‬‬

‫القطاع‬ ‫السنة‬
‫بعث إطار إداري يتمثل في الوالة و املعتمدين عوضا عن القياد و‬ ‫‪21‬جوان ‪1956‬‬
‫الخلفاء و تعويض ‪ 12‬ألف موظف فرنس ي بموظفين تونسيين (رحلوا‬
‫بين ‪ 56‬و ‪)60‬‬
‫بعث وحدات للشرطة و الحرس الوطني‬ ‫‪ 18‬أفريل ‪1956‬‬
‫إحداث أول نواة للجيش التونس ي‬ ‫‪ 24‬جوان ‪1956‬‬
‫اعتراف فرنسا بالسيادة الخارجية لتونس و انخراط تونس في منظمة‬ ‫‪ 15‬جوان ‪1956‬‬
‫األمم املتحدة في ‪ 12‬نوفمبر ‪ 1956‬ثم في جامعة الدول العربية في ‪1‬‬
‫أكتوبر ‪1958‬‬
‫بداية من ‪ 1‬جويلية حذف املحاكم الفرنسية بموجب اتفاقية ‪ 7‬مارس ‪ 1957‬و تحويل‬
‫اختصاصها الى املحاكم العصرية التونسية‬ ‫‪1957‬‬
‫بناء أجهزة الدولة العصرية كان في مدة قياسية‬ ‫‪.‬‬

‫‪ /2‬استكمال السيادة الوطنية‪:‬‬

‫أ – تحقيق الجالء العسكري‪:‬‬

‫بعد حصول تونس على االستقالل أبقت فرنسا على ‪ 20‬ألف جندي في قواعد إستراتجية لحماية مصالحها و تضييق‬
‫الخناق على الثورة الجزائرية ‪ ،‬فتكررت االعتداءات الفرنسية على القرى الحدودية و بالتحديد االعتداء على ساقية‬
‫سيدي يوسف في ‪ 8‬فيفري ‪ 1958‬والتي كان منعرجا حاسما في تاريخ الجالء العسكري فأصدرت الحكومة أوامرها‬
‫للمقاومين و الجيش بمنع تحركات الجيش الفرنس ي فنشبت معارك أهمها معركة رماده ‪ 8‬ماي ‪ ، 1958‬كان من ابرز‬
‫شهدائها مصباح الجربوع (‪ 26‬ماي ‪ .)1958‬و بمجب شكوى تقدمت بها تونس الى مجلس االمن قبلت فرنسا اثر‬
‫اتفاقية ‪ 17‬جوان ‪ 1958‬جالء قواتها عن التراب التونس ي باستثناء بنزرت و هو ما اعتبرته الحكومة غير قانوني‪ .‬و في‬
‫جوان ‪ 1961‬استغل بورقيبة مشروع القوات الفرنسية في بنزرت لتوسيع مطارها العسكري للقيام بعمل حاسم‬
‫السترجاع بنزرت‪.‬‬

‫و اندلعت مواجهة جديدة انتهت بالجالء العسكري النهائي في ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1963‬و التي أكسبت تونس مكانة هامة‬
‫ضمن الدول املقاومة لالستعمار‪.‬‬
‫ب – تحقيق االستقالل االقتصادي و الجالء الزراعي‪:‬‬

‫• تحقيق االستقالل االقتصادي‪:‬‬


‫‪ -‬بعث البنك املركزي في ‪19‬سبتمبر ‪ 1958‬و إصدار وحدة نقدية وهي الدينار بدال عن الفرنك الفرنس ي في ‪ 18‬أكتوبر‬
‫‪1958‬‬

‫‪ -‬إحداث ثالثة بنوك شبه حكومية ‪.‬‬

‫‪-‬الغاء العمل بالوحدة الجمركية مع فرنسا و بعث مؤسسات تجارية للتوريد و التصدير مثل ديوان التجارة و ديوان‬
‫الحبوب‪.‬‬

‫‪ -‬االنخراط في صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لإلنشاء و التعمير في ‪ 14‬أفريل ‪1958‬‬

‫‪ -‬بين ‪ 1960 – 1956‬تم تأميم القطاعات الحيوية مثل السكك الحديدية و املوانئ و انتاج املاء وتوزيعه و الكهرباء و‬
‫الغاز و بعث الدواوين مثل ديوان املناجم و ديوان الصيد البحري و ديوان إحياء أراض ي مجردة‪...‬‬

‫• الجالء الزراعي ‪:‬‬


‫بلغت األراض ي بحوزة املعمرين ‪ 850‬إلف هك وهي األخصب و سعت الدولة السترجاعها منذ ‪ 1956‬بصفة تدريجية‬
‫فتم شراء ‪ 100‬ألف هك و في ‪ 12‬ماي ‪ 1964‬صدر قانون تأميم ما تبقى من أراض ي املعمرين واألوروبيين (حوالي ‪165‬‬
‫ألف هك)‬

‫‪ /II‬تح ـ ـ ـ ــديث املجتمع ‪:‬‬

‫‪ /1‬توحيد التشريع و تعصيره‪:‬‬

‫سارعت دولة االستقالل إلى تونسة القضاء و تعصيره بتجاوز التشتت واالزدواجية و االعتماد على التشريع اإلسالمي و‬
‫القوانين الغربية‪.‬‬

‫‪-‬ألغت الدولة يوم ‪ 3‬اوت ‪ 1956‬املحاكم الشرعية‪.‬‬

‫‪-‬أصبح التسجيل في دفاتر الحالة املدنية ( وفاة أو والدة) إجباريا منذ ‪ 18‬جويلية ‪.1957‬‬

‫إلى جانب إصدار عدة مجالت قانونية مثل مجلة الشغل و مجلة الطرقات و مجلة األحوال الشخصية ‪.‬‬

‫‪ - 2‬مجلة األحوال الشخصية و تحرير املرأة ‪:‬‬

‫تم إصدار مجلة األحوال الشخصية يوم ‪ 13‬أوت ‪ 1956‬و التي تجسد تحرير املرأة و جاءت بـ ‪:‬‬
‫* إقرار املساواة مع الرجل * منع تعدد الزوجات * اشتراط الحكم القضائي إلقرار الطالق * تمكين املرأة من حق‬
‫االنتخاب و حق الترشح االنتخابات و جميع املسؤوليات‬

‫‪ /3‬توحيد التعليم و تعصيره ‪:‬‬

‫تميز قطاع التعليم في الفترة االستعمارية بتعدد فروعه ( زيتوني ‪ -‬صادقي – تعليم فرنس ي عصري ) إلى جانب انخفاض‬
‫نسبة التمدرس ‪ %29‬و األمية ‪. %85‬‬

‫تم إصدار في ‪ 4‬نوفمبر ‪ 1958‬قانون توحيد التعليم و إقرار مجانيته و اختيار النموذج الصادقي القائم على االزدواجية‬
‫في اللغة و رصدت الدولة حوالي ربع امليزانية العامة لهذا القطاع باعتباره األداة التي ستعول عليها الدولة لتحديث‬
‫املجتمع و تجديد الثقافة التي ارتكزت على توجه توفيقي بين اإلسالم و الحداثة و اإليمان بضرورة التفتح على قيم‬
‫العصر و ترسيخ فكرة األمة التونسية ‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫عملت الدولة خالل الفترة املمتدة بين ‪ 1956‬إلى ‪ 1964‬على تجسيد املشروع الوطني التي ناضلت من اجله أجيال‬
‫متعاقبة و قد نجحت في ذلك في مدة زمنية قصيرة نسبيا رغم الصعوبات الداخلية والخارجية‪.‬‬

You might also like