‫إدارة‬

‫مدرسة‬

‫بحث عن‬

‫الحرب العالمية األولى‬

‫إعداد ‪/‬‬

‫تحت إشراف ‪/‬‬

‫فصل‬

‫‪1‬‬
‫الحرب العالمية األولى وتسمى كذلك الحرب العظمى هي حرب قامت في أوروبا‬
‫ثم امتدت لباقي دول العالم خالل أعوام ما بين ‪ 1914‬و‪ .1918‬بدأت الحرب حينما‬
‫قامت إمبراطورية النمسا والمجر بغزو مملكة صربيا إثر حادثة اغتيال ولي عهد النمسا‬
‫وزوجته من قبل طالب صربي أثناء زيارتهما لسراييفو‪.‬‬
‫قامت روسيا بتعبئة قواتها بعد يوم واحد من إعالن النمسا الحرب على صربيا‬
‫فعبئت ألمانيا قواتها في ‪ 30‬يوليو ثم عبئت في ‪ 1‬أغسطس فرنسا قواتها‪ .‬أعلنت ألمانيا‬
‫الحرب على روسيا في اليوم نفسه بعد أن وجدت عدم تجاوب الروس بشأن طلب ألمانيا‬
‫إلغاء التعبئة العامة للجيش ثم أعلنت الحرب‪ S‬على فرنسا واجتاحت‪ S‬بلجيكا مما دفع‬
‫بريطانيا لدخول الحرب بسبب خرق األلمان حياد بلجيكا‪ ،‬وقد كانت الدول األوروبية‬
‫قبل الحرب مش ّكلة من معسكرين أولهما الوفاق الثالثي بين روسيا وفرنسا والمملكة‬
‫المتحدة‪ ،‬بينما تشكل الحلف الثالثي من إمبراطورية النمسا والمجر وألمانيا وإيطاليا‬
‫على الرغم من دخول إيطاليا الحرب في جانب الحلفاء‪.‬‬
‫استعملت ألول مرة األسلحة الكيميائية في الحرب العالمية األولى كما تم قصف‬
‫المدنيين من السماء ألول مرّة في التاريخ‪.‬‬
‫شهدت الحرب‪ S‬ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السالالت‬
‫الحاكمة والمهيمنة على أوروبا والتي يعود منشأها إلى الحمالت‪ S‬الصليبية‪ ،‬وتم تغيير‬
‫الخارطة السياسية ألوروبا‪.‬‬
‫تعد الحرب‪ S‬العالمية األولى البذرة للحركات‪ S‬اإليديولوجية كالشيوعية وصراعات‬
‫مستقبلية كالحرب العالمية الثانية‪ ،‬بل وحتى الحرب الباردة‪.‬‬
‫شكلت الحرب البداية للعالم الجديد ونهاية األرستقراطيات والملكيات األوروبية‪،‬‬
‫وكانت المؤجج للثورة البلشفية في روسيا التي بدورها أحدثت تغيرًا في السياسة‬
‫الصينية والكوبية كما مه ّدت الطريق للحرب الباردة بين العمالقين‪ ،‬االتحاد السوفييتي‬
‫والواليات المتحدة‪ .‬ويُعزى سطوع بريق النازية لهزيمة ألمانيا في الحرب وترك الكثير‬

‫‪2‬‬
 ‫من األمور معلقة حتى بعد الحرب‪ .‬وأخذت الحروب شكالً جديدًا في أساليبها بتدخل‬
‫التكنولوجيا بشكل كبير في األمور الحربية ودخول أطراف ال طاقة لها بالحروب وال‬
‫حمل وهي شريحة المدنيين‪ .‬فبعدما كانت الحروب تخاض بتقابل جيشين متنازعين في‬
‫ساحة المعركة بعيدًا عن المدنية‪ ،‬فقد كانت المدن المأهولة بالسكان ساحات للمعركة مما‬
‫نتج عن سقوط ماليين الضحايا‪.‬‬
‫وكانت روسيا قد تعهدت بالدفاع عن السيادة الصربية‪ ،‬فقامت روسيا بتحريك‬
‫قواتها نتيجة ضغوط الجنراالت‪ S‬الروس للدفاع عن الصرب‪ .‬وطالبت ألمانيا من روسيا‬
‫عدم تحريك القوات‪ S‬وأن تتراجع القوات الروسية عن حالة االستعداد‪ ،‬ول ّما لم تمتثل‬
‫روسيا للمطالب األلمانية‪ ،‬أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في ‪ 1‬أغسطس ‪1914‬‬
‫ولحقتها بإعالن آخر ضد فرنسا في ‪ 3‬أغسطس‪.‬‬
‫األسباب‬
‫التنافس االستعماري‬
‫لقد أدى تقدم الثورة الصناعية إلى تطور النزعة االستعمارية تطورا حادا جعل‬
‫من تصريف البضائع والحصول على المواد األولية وتوظيف رؤوس األموال قضية‬
‫من القضايا األوروبية الملحة التي لم يجد رجال السياسة حال لها إال عن طريق امتالك‬
‫المستعمرات فكان البد من التصادم والنزاع بين القوى المستعمرة ذاتها‪.‬‬
‫كذلك برز النزاع حول السيطرة على البحار خاصة بين بريطانيا التي تعتبر‬
‫نفسها سيدة البحار وألمانيا الموحدةالتي طورت أسطولها بسرعة فائقة‪ ،‬كما اشتدت‬
‫الخالفات‪ S‬بين ألمانيا وفرنسا حول مقاطعتي األلزاس واللورين التين ضمتهما ألمانيا‬
‫إليها بعد حرب ‪ 1870‬ولم تتفق الدولتان أيضا حول أسبقية كل منهما في احتالل‬
‫المغرب األقصى‪.‬‬
‫وقد عرف النزاع بينهما حول هذا البلد (المغرب) أزمتين حدثت األولى في‬
‫‪ 1905‬و‪ 1906‬وعبرت خاللها ألمانيا عن تمسكها بمصالحها‪ S‬التجارية في هذا البلد‪ .‬أما‬

‫‪3‬‬
 ‫األزمة الثانية فقد وقعت في سنة ‪ 1911‬وذلك إثر دخول القوات األلمانية إلى أغادير‬
‫وتهديد فرنسا باللجوء إلى استعمال القوة أيضا األمر الذي اضطر فرنسا إلى التنازل‬
‫عن جزء من مستعمرة الكونغو أللمانيا مقابل إطالق يدها في المغرب األقصى‪.‬‬
‫التحالفات‬
‫أدى التنافس الشديد بين القوى األوروبية من أجل توسيع مجالها االستعماري إلى‬
‫عقد اتفاقيات سرية وإقامة تحالفات‪ S‬عسكرية‪ ،‬فكانت كل من إنجلترا وفرنسا تبعًا للوفاق‬
‫الودي عام ‪ 1904‬قد تحالفتا‪ S،‬وقام الحلف الثالثي بين ألمانيا وإمبراطورية النمسا المجر‬
‫وإيطاليا وهي حليف غير ثابت سرعان ما خرجت منه إيطاليا وأخذت مكانها الدولة‬
‫العثمانية بعد أن كانت قد وقعت حلفا مع ألمانيا‪.‬‬
‫وقد أفضت‪ S‬هذه التحالفات‪ S‬إلى حصول تسابق نحو التسلح برز بالخصوص من‬
‫خالل التمديد في فترة الخدمة العسكرية وزيادة عدد القوات المسلحة في كل من ألمانيا‬
‫وفرنسا وروسيا‪.‬‬
‫سباق التسلح‬
‫بارجة حربية بريطانية‬

‫أزدادت حدة سباق التسلح بين القوى األوروبية وسعت ألمانيا إلى بناء‬
‫إمبراطورية استعمارية في أراضي ما وراء البحار فزادت في حجم أسطولها البحري‬
‫األمر الذي دفع بريطانيا في تعزيز اسطولها وقيامها بإطالق البارجة "‪HMS‬‬
‫‪ "Dreadnought‬عام ‪ 1906‬السفينة التي ألغت كل ما كان قبلها من سفن‪ ،‬وسعت‬
‫بريطانيا وألمانيا على وجه الخصوص على تعزيز أساطيلهم‪.‬‬
‫بعد أن دخلت فرنسا إلى الحرب‪ S‬بدأت ألمانيا في تنفيذ خطتها لغزو فرنسا التي‬
‫وضعت قبل تسع سنوات وتقضي خطة شليفن األلمانية إلى مهاجمة فرنسا عبر‬
‫األراضي البلجيكية بهدف السيطرة على فرنسا بشكل سريع‪ ،‬في ‪ 16‬أغسطس اجتاحت‬

‫‪4‬‬
 ‫القوات األلمانية أراضي مملكة بلجيكا المحايدة لتدخل عبرها إلى األراضي الفرنسية‬
‫حتى نهر المارن في شرق باريس حيث تحشدت قطاعات الجيش الفرنسي استعدادا‬
‫للمعركة‪ ،‬لتبدأ معركة المارن األولى في ‪ 6‬سبتمبر على بعد ‪ 55‬ميال من باريس‪ ،‬بعد‬
‫فشل األلمان في التقدم إلى باريس أقامت الوحدات األلمانية المتاريس والخنادق لتتحول‬
‫الحرب منذ ذلك الحين إلى حرب خنادق‪ ،‬أعلنت بريطانيا الحرب‪ S‬على ألمانيا النتهاكها‬
‫حياد بلجيكا‪.‬‬
‫في الجبهة الغربية‪ ،‬انتهزت روسيا فرصة انشغال القوات األلمانية في فرنسا‪،‬‬
‫وأرسلت جيشين أواخر أغسطس ليخترقا عمق في األراضي األلمانية في شرقي بروسيا‬
‫لتطويق القوات األلمانية في روسيا الشرقية‪ ،‬األمر الذي اضطر ألمانيا إلى سحب ثلثي‬
‫قواتها من فرنسا‪ ،‬وتمكنوا من محاصرة القوات الروسية في معركة تاننبرغ في ‪31‬‬
‫أغسطس‪.‬‬
‫بعد اندالع الحرب في أوروبا امتدت المعارك لتطال المستعمرات األلمانية فيما‬
‫وراء البحار‪ S،‬حيث أعلنت اليابان الحرب‪ S‬على ألمانيا في آخر أغسطس ‪ 1914‬وطردت‬
‫األلمان من عدة جزر في المحيط الهادئ‪ ،‬فيما سيطرت القوات األسترالية والنيوزلندية‬
‫على المستعمرات األلمانية في المحيط الهادئ‪.‬‬
‫في البلقان عبر الجيش النمساوي المجري نهر درينا وهاجم األراضي الصربية‬
‫إال الجيش النمساوي المجري قد القى الهزيمة على يد القوات الصربية‪ ،‬في نهاية‬
‫أكتوبر ‪ 1914‬دخلت اإلمبراطورية العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا ضد روسيا‬
‫وقصفت السفن التركية الموانئ الروسية على البحر األسود‪ ،‬ثم غزت القوات التركية‬
‫روسيا‪ ،‬وفي نوفمبر أعلن الحلفاء‪ S‬الحرب على الدولة العثمانية وقاموا بحملة عسكرية‬
‫كبيرة على شبه جزيرة جاليبولي بهدف إنشاء ممر بين البحر األبيض والبحر األسود‪،‬‬
‫واالستيالء على القسطنطينية‪.‬‬

‫‪5‬‬
 ‫إيطاليا بقيت خارج الحرب العالمية األولى طوال عام ‪ 1914‬رغم أنها كانت‬
‫عضوا في التحالف الثالثي مع النمسا ـ المجر وألمانيا‪ ،‬وادعت بأنها ليست ملتزمة‬
‫باالنضمام للحرب‪ S‬ألن النمسا ـ المجر لم تدخل في حرب دفاعية‪.‬‬
‫الحرب عام ‪1915‬‬
‫مشاة الجيش الروسي‬

‫استطاع األلمان عام ‪ 1915‬تحقيق مزيد من االنتصارات على الحلفاء‪ S،‬فألحقوا‬

‫الهزيمة بالروس في معركة جورليس تارناو في مايو ‪ ،1915‬واحتلوا بولندا ومعظم‬
‫مدن لتوانيا‪ ،‬وحاولوا قطع خطوط االتصال بين الجيوش الروسية وقواعدها للقضاء‪S‬‬
‫عليها‪ ،‬إال أن الروس حققوا بعض االنتصارات الجزئية على األلمان‪ ،‬كلفتهم ‪325,000‬‬
‫أسير روسي‪ ،‬األمر الذي لم يتمكن بعده الجيش الروسي من استرداد قواه‪.‬‬
‫وأدى النجاح‪ S‬األلماني على الروس إلى إخضاع البلقان‪ ،‬وعبرت القوات‬
‫النمساوية واأللمانية نهر الدانوب لقتال الصرب وألحقوا بهم هزيمة قاسية‪.‬‬
‫واستطاع األلمان في ذلك العام أن يحققوا انتصارات رائعة على بعض الجبهات‪،‬‬
‫في حين وقفت الجبهة األلمانية ثابتة القدم أمام هجمات الجيشين الفرنسي والبريطاني‪،‬‬
‫رغم ظهور انزعاج في الرأي العام اإلنجليزي من نقص ذخائر الجيش البريطاني‬
‫ومطالبته بتكوين وزارة ائتالفية‪ ،‬وحدثت تغييرات في القيادة العسكرية الروسية‪.‬‬
‫وفي ‪ 23‬مايو ‪ 1915‬أعلنت إيطاليا الحرب على إمبراطورية النمسا‪-‬المجر بعد‬
‫أن وعدها الحلفاء ببعض األراضى في حال حققوا االنتصار على دول المحور‪.‬‬
‫الحرب عام ‪1916‬‬
‫تميز ذلك العام بمعركتين كبيرتين نشبتا على أرض فرنسا دامت إحداهما سبعة‬
‫أشهر‪ ،‬واألخرى أربعة أشهر‪ ،‬وهما معركتي فردان والسوم‪ ،‬تكبد األلمان خسائر في‬
‫المعركة األولى قدرت بـ ‪ 240‬ألف قتيل وجريح‪ ،‬أما الفرنسيون فخسروا ‪ 275‬ألفا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أما معركة السوم فقد استطاع خاللها الحلفاء‪ S‬إجبار األلمان على التقهقر مائة ميل‬
‫مربع‪ ،‬وقضت هذه المعركة على الجيش األلماني القديم‪ ،‬وأصبح االعتماد على‬
‫المجندين من صغار السن‪ ،‬وخسر الجيش البريطاني في هذه المعركة ستين ألف قتيل‬
‫وجريح في اليوم األول‪.‬‬

‫وظهرت في هذه المعارك الدبابة ألول مرة في ميادين القتال‪ S،‬وقد استطاع‬
‫الروس خالل ذلك العام القيام بحملة على النمسا بقيادة الجنرال بروسيلوف‪ ،‬وأسروا‬
‫‪ 450‬ألف أسير من القوات‪ S‬النمساوية والمجرية؛ فشجع هذا االنتصار رومانيا على‬
‫إعالن الحرب‪ S‬على النمسا والمجر‪ ،‬فردت ألمانيا بإعالن الحرب عليها‪ ،‬واكتسح األلمان‬
‫الرومانيين في ستة أسابيع ودخلوا بوخارست‪.‬‬
‫الثورة العربية الكبرى (‪)1916‬‬
‫الشريف حسين بن علي‬
‫كان العرب قد التفوا حول الشريف الحسين بن علي شريف مكة وحامي الديار‬
‫المقدسة اإلسالمية وقد كان بينه وبين الخالفة العثمانية جفاء وكانت تراوده هو وأبنائه‬
‫آمال في إنشاء دولة عربية كبرى ولما كانت بريطانيا حريصة على اجتذاب العرب إلى‬
‫جانبها فقد دخلت في مفاوضات سرية مع الشريف حسين وتم تبادل رسائل بين الشريف‬
‫حسين ممثال للعرب والسير هنري مكماهون مندوب بريطانيا في مصر والسودان في‬
‫مراسالت حسين ‪ -‬مكماهون وأوضح فيها الشريف ما يشترطه العرب لدخول الحرب‬
‫إلى جانب بريطانيا وهذه الشروط تتلخص في استقالل البلدان العربية القائمة على‬
‫الساحل الشرقي لاللبحر األبيض المتوسط وإقامة دولة عربية كبرى تشمل مختلف‬
‫أرجاء الوطن العربي باستثناء مصر والشمال اإلفريقي وعلى الرغم من االختالف مع‬
‫مكماهون حول حدود الدولة العربية الموعودة دخل العرب الحرب إلى جانب بريطانيا‪.‬‬

‫‪7‬‬
 ‫بدأت الثورة العربية الكبرى في ‪ 10‬يونيو ‪ 1916‬بإعالن الشريف حسين الجهاد‬
‫المقدس والثورة على العثمانيين بمساعدة ضابط االستخبارات‪ S‬البريطانية توماس إدوارد‬
‫لورنس‪ ،‬واستطاع أبنائه السيطرة على الحجاز‪ S‬بمساعدة اإلنجليز ثم تقدم ابنه فيصل بن‬
‫حسين نحو الشام ووصل بمساعدة اإلنجليز إلى دمشق حيث خرج العثمانيون منها‬
‫وأعلن فيها قيام الحكومة العربية الموالية لوالده الذي كان قد أعلن نفسه ملكا على‬
‫العرب غير أن الحلفاء لم يعترفوا به إال ملكا على الحجاز وشرق األردن‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تعهدات بريطانيا للعرب بقيام دولة عربية كبرى فقد أجرت هذه‬
‫الدولة مفاوضات واتفاقيات سرية مع فرنسا وروسيا تناولت اقتسام األمالك العثمانية بما‬
‫فيها البالد العربية ثم انفردت بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سرية عرفت باتفاقية سايكس‬
‫بيكو ‪ 1916‬نسبة إلى كل من المندوب البريطاني مارك سايكس والمندوب الفرنسي‬
‫فرانسوا جورج بيكو وقد قاما بهذه المفاوضات التي فضح أمرها بعد الثورة البلشفية في‬
‫روسيا سنة ‪ 1917‬وفي السنة نفسها غدرت بريطانيا بالعرب مرة أخرى إذ وعد العرب‬
‫بتحرر ووعد لزعماء الصهاينة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين من خالل ما‬
‫عرف بوعد بلفور الصادر في ‪ 2‬نوفمبر ‪.1917‬‬
‫التحول في مسار الحرب‪)1917( S‬‬
‫فرنسا ‪1917‬‬
‫أقامت دول الوفاق الثالثي حصارا‪ S‬بحريًا ضد دول التحالف الثالثي بهدف خنقها‬
‫اقتصاديا فرد األلمان بحرب غواصات استهدفت كل السفن حتى المحايدة منها بهدف‬
‫منعها من الوصول إلى بريطانيا وكان من بين السفن التي تم إغراقها عدد من السفن‬
‫األمريكية األمر الذي دفع بالواليات المتحدة األمريكية إلى الدخول في الحرب إلى‬
‫جانب دول الوفاق فأصبحت الحرب‪ S‬عالمية‪.‬‬
‫حرب الغواصات والواليات المتحدة‬

‫‪8‬‬
 ‫خالل عام ‪ 1916‬وقعت حرب بحرية في بحر الشمال بين األسطول األلماني‬
‫واإلنجليزي عرفت باسم جاتالند‪ ،‬خرج خاللها األسطول األلماني من موانيه لمقاتلة‬
‫األسطول اإلنجليزي على أمل رفع الحصار البحري المفروض على ألمانيا‪ ،‬ولم تكن‬
‫المعركة حاسمة إذ انسحب األلمان على الرغم من أنهم قد ألحقوا باألسطول اإلنجليزي‬
‫خسائر كبيرة‪ ،‬ولجأ األلمان في تلك الفترة إلى "حرب الغواصات" بهدف إغراق أية‬
‫سفينة تجارية دون سابق إنذار‪ ،‬لتجويع بريطانيا وإجبارها على االستسالم‪ ،‬غير أن هذه‬
‫الحرب استفزت الواليات المتحدة‪ ،‬ودفعتها لدخول الحرب في أبريل ‪ ،1917‬خصوصًا‬
‫بعد أن علمت أن األلمان قاموا بمحاولة إلغراء المكسيك لكي تهاجم الواليات المتحدة‬
‫في مقابل ضم ثالث واليات أمريكية إليها‪.‬‬
‫وكانت الواليات المتحدة قبل دخولها الحرب تعتنق مذهب رئيس أمريكي الذي‬
‫يقوم على عزلة أمريكا في سياستها الخارجية عن أوروبا‪ ،‬وعدم السماح ألية دولة‬
‫أوروبية بالتدخل في الشؤون األمريكية‪ ،‬غير أن القادة األمريكيين رؤوا أن من مصلحة‬
‫بالدهم االستفادة من الحرب عن طريق دخولها‪.‬‬
‫وقد استفاد الحلفاء من اإلمكانات واإلمدادات األمريكية الهائلة في تقوية مجهودهم‬
‫الحربي‪ ،‬واستطاعوا تضييق الحصار على ألمانيا على نحو أدى إلى إضعافها‪.‬‬
‫انتصار دول الوفاق الثالثي‬
‫شكل وصول القوات‪ S‬األمريكية إلى فرنسا في يوليو ‪ 1917‬تحوال هاما في مسار‬
‫الحرب ألنها ساعدت جيوش الوفاق على شن هجوم مضاد على األلمان فتراجع هؤالء‬
‫مئات الكيلومترات وفي الوقت الذي كانت جيوش الوفاق قد قضت على قوات العثمانيين‬
‫في العراق وسوريا ومصر وتقدمت نحو آسيا الصغرى نفسها‪ .‬وفي البلقان أجبرت‬
‫قوات الوفاق بلغاريا على االستسالم في سبتمبر ‪ 1918‬فطلبت الدولة العثمانية الصلح‬
‫في أكتوبر من نفس السنة وكذلك فعلت النمسا في بداية نوفمبر‪ .‬فلم تجد ألمانيا بدا من‬

‫‪9‬‬
 ‫االستسالم ووقعت الهدنة في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1918‬بعد أن فشلت في مواجهة تكتل الوفاق‬
‫الثالثي بمفردها‪.‬‬
‫الحرب عام ‪1917‬‬
‫جنود بريطانيين على الجبهة األلمانية الفرنسية برشاش فيكرز‬
‫شهد العام ‪ 1917‬حدثا هاما على الجبهة الشرقية وهو نجاح الثورة البلشفية في‬
‫روسيا وتوقيع البالشفة صلح برست ليتوفسك مع األلمان في ‪ ،1918‬وخروج روسيا‬
‫ضا قيام الفرنسيين بهجوم كبير على القوات‪ S‬األلمانية‬
‫من الحرب‪ S.‬وشهد ذلك العام أي ً‬
‫بمساعدة القوات اإلنجليزية‪ ،‬غير أن هذا الهجوم فشل وتكبد الفرنسيون خسائر مروعة‬
‫سببت تمردًا في صفوفهم‪ ،‬فأجريت تغييرات في صفوف القيادة الفرنسية‪.‬‬
‫ورأى البريطانيون تحويل اهتمام األلمان إلى الجبهة البريطانية‪ ،‬فجرت معركة‬
‫باشنديل التي خسر فيها البريطانيون ‪ 300‬ألف جندي بين قتيل وجريح‪ ،‬ونزلت نكبات‬
‫متعددة في صفوف الحلفاء في الجبهات‪ S‬الروسية والفرنسية واإليطالية‪ ،‬رغم ما حققه‬
‫الحلفاء‪ S‬من انتصارات‪ S‬على األتراك ودخولهم العراق وفلسطين‪.‬‬
‫كما تميزت هذه السنة بتحقيق القوات األلمانية والنمساوية انتصارًا كبيرًا على‬
‫اإليطاليين في معركة كابوريتو بعد سلسلة من المعارك غير الحاسمة مثل معركة‬
‫إيسونزو‪.‬‬
‫العودة إلى حرب الحركة (‪)1918-1917‬‬
‫كان لخروج روسيا من الحرب‪ S‬بعد نجاح الثورة البلشفية أكتوبر ‪ 1917‬وتوقيع‬
‫زعيمها لينين معاهدة سالم منفصلة مع ألمانيا معاهدة بريست ليتوفسك ‪ 1918‬دور‬
‫حاسم في دفع ألمانيا إلى شن هجوم مكثف على فرنسا بغية احتاللها قبل وصول الدعم‬
‫األمريكي غير أن توحد القوات البريطانية والفرنسية بقيادة الجنرال الفرنسي فوش مكن‬
‫حيث انتصرت ألمانيا على فرنسا وسميت بمعركة المارن ‪ 9-6‬أكتوبر ‪ 1914‬مما أدى‬

‫‪10‬‬
 ‫بالقوات الفرنسية باالنسحاب نحو الجنوب فلحقت‪ S‬بهم ألمانيا ووقعت معركة حصن‬
‫فردان في فبراير ‪ 1916‬المعركة التي أوقفت الزحف األلماني على فرنسا‪.‬‬
‫ملصق التحفيز على التجنيد في أمريكا‬
‫ودخلت الواليات المتحدة الحرب‪ S‬بجانب الحلفاء لهدف مكافحة اإلرادة األلمانية‬
‫في السيطرة والنفوذ وعدم احترام األلمان لحياد بلجيكا وغزوها كما أدت حرب‬
‫الغواصات التي شنها األلمان والتي أساءت كثيرا للمصالح االقتصادية األمريكية إلى‬
‫دفع الواليات المتحدة الدخول في الحرب‪S.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك خشية أصحاب‪ S‬المصارف وحكومة الواليات المتحدة من‬
‫انكسار الحلفاء‪ ،‬وقد كانت المصارف األمريكية قد أقرضت بريطانيا وفرنسا أموال‬
‫طائلة لتمكنها من شراء المواد األولية واألغذية من الواليات المتحدة‪ ،‬لذلك بدأ أصحاب‪S‬‬
‫المصارف ورجال األعمال األمريكان بدعوة الحكومة األمريكية للتدخل بجانب الحلفاء‪.‬‬
‫نهاية الحرب‪ S‬عام ‪1918‬‬
‫شجع خروج روسيا من الحرب القيادة األلمانية على االستفادة من ‪ 400‬ألف‬
‫جندي ألماني كانوا على الجبهة الروسية وتوجيههم لقتال اإلنجليز والفرنسيين‪،‬‬
‫واستطاع األلمان تحطيم الجيش البريطاني الخامس في مارس ‪ ،1918‬وتوالت معارك‬
‫الجانبين العنيفة التي تسببت في خسائر فادحة في األرواح‪ ،‬واألموال‪ ،‬وقدرت كلفة‬
‫الحرب في ذلك العام بحوالي عشرة ماليين دوالر كل ساعة‪.‬‬
‫وبدأ الحلفاء يستعيدون قوتهم وشن هجمات عظيمة على األلمان أنهت الحرب‪،‬‬
‫وقد عرفت باسم معركة المارن الثانية في يوليو ‪ 1918‬وكان يوم ‪ 8‬أغسطس ‪1918‬‬
‫يو ًما أسود في تاريخ األلمان؛ إذ تعرضوا لهزائم شنيعة أمام البريطانيين والحلفاء‪S،‬‬
‫وبدأت ألمانيا في االنهيار وأُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثالثة شهور‪ ،‬ودخلت‬
‫القوات البريطانية كل خطوط األلمان‪ ،‬ووصلت إلى شمال فرنسا‪ ،‬ووصلت بقية قوات‬
‫الحلفاء‪ S‬إلى فرنسا‪.‬‬

‫‪11‬‬
 ‫واجتاحت ألمانيا أزمة سياسية عنيفة تصاعدت مع توالي الهزائم العسكرية في‬
‫ساحات القتال‪ ،‬فطلبت ألمانيا إبرام هدنة دون قيد أو شرط‪ ،‬فرفض الحلفاء‪ S‬التفاوض مع‬
‫الحكومة اإلمبراطورية القائمة‪ ،‬وتسبب ذلك في قيام الجمهورية في ألمانيا بعد استقالة‬
‫اإلمبراطور األلماني‪ ،‬ووقعت الهدنة التي أنهت الحرب في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1918‬بعد أربع‬
‫سنوات ونصف من القتال الذي راح ضحيته عشرة ماليين من العسكريين‪ ،‬وجرح ‪21‬‬
‫مليون آخرين‪.‬‬
‫النتائج‬
‫أسفرت الحرب العالمية األولى عن سقوط اإلمبراطورية العثمانية عام ‪1341‬هـ‪-‬‬
‫‪1924‬م وعن خسائر مادية وبشرية جسيمة وعن تراجع الدور الرائد ألوروبا في توجيه‬
‫سياسة العالم‪ .‬أما أهم نتيجة لهذه الحرب‪ S‬فقد تمثلت في قيام سالم منقوص يحتوي على‬
‫جميع العناصر التي من شأنها إشعال الحرب العالمية الثانية‪ .‬والتي قامت في عام‬
‫‪.1939‬‬
‫وفي أثناء الحرب‪ S‬اضطرت الدول األوروبية المتحاربة إلى شراء الكثير من‬
‫المعدات والمواد المعيشية من دول فتية لم تتعرض أراضيها ألذى الحرب‪ S‬مثل الواليات‬
‫المتحدة األمريكية وكندا وأستراليا واألرجنتين األمر الذي جعل أوروبا مدينة لهذه الدول‬
‫بعد الحرب‪ S.‬وقد رأت أوروبا نفسها بعد الحرب‪ S‬مجبرة على دفع ديونها من احتياطي‬
‫الذهب الذي كانت تملكه وأدى ذلك إلى تراجع قيمة النقد األوروبي وإلى ظهور التضخم‬
‫المالي‪.‬‬

‫كانت الواليات المتحدة األمريكية المستفيدة األولى من هذا الوضع على أساس‬
‫أنها الدائنة األولى ألوروبا قبل الحرب وخاللها‪ .‬فقد جمعت الواليات المتحدة بعد‬
‫الحرب نتيجة تسديد أوروبا لديونها ‪ %45‬من احتياطي الذهب في العالم فأصبحت بذلك‬
‫أول دائن في العالم‪.‬‬

‫‪12‬‬
 ‫الخسائر البشرية والمادية‬
‫جندي هندي تابع للقوات البريطانية بعد حصار الكوت في العراق‬
‫قدرت خسائر الحرب العالمية األولى باألرواح بـ ‪ 8,538,315‬وأكثر من ضعف‬
‫هذا العدد من الجرحى‪ S،‬وقد أتت خسائر روسيا في رأس قائمة الخسائر البشرية تلتها‬
‫خسائر كل من ألمانيا والنمسا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫أما أهم الخسائر المادية فقد وقعت في األراضي التي دارت فيها المعارك حيث‬
‫أتلفت المحاصيل الزراعية وقضي على المواشي ودمرت مئات آالف المنازل وآالف‬
‫المصانع إضافة إلى األضرار التي لحقت بالسكك الحديدية وبمناجم الفحم التي غمرها‬
‫هذا الطرف أو ذاك بالماء لمنع استغاللها من قبل العدو‪.‬‬
‫ولذلك كان على الدول المتحاربة في مرحلة السالم إعادة بناء ما دمرته الحرب‬
‫وتحويل الصناعات الحربية إلى صناعات مدنية‪ .‬لكن قلة األموال واليد العاملة التي‬
‫قضت عليها الحرب عرقلت إلى حد كبير عملية إعادة االعمار المرجوة‪.‬‬
‫نرى من الجدول أدناه أن خسائر الدول في الحرب العالمية األولى بلغت أكثر من‬
‫‪ 37‬مليون جندي بينهم أكثر من ثمانية ماليين قتيل‪.‬‬
‫السالم المنقوص‬
‫من اليمين رئيس الواليات المتحدة األمريكية وودرو ويلسون‪ ،‬رئيس وزراء‬
‫فرنسا جورج كليمنصو‪ ،‬رئيس وزراء إيطاليا فيتوريو إمانويلي أورالندو‪ ،‬رئيس‬
‫وزراء بريطانيا ديفيد لويد جورج‬
‫مؤتمر السالم (‪)1919‬‬
‫وافقت ألمانيا على توقيع الهدنة في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1918‬على أساس مبادئ‬
‫ويلسون‪ ،‬وقد اعتقدت في حينه أن مؤتمر السالم الموعود سوف يصدر مقرراته‬
‫واتفاقياته مستلهما األفكار السامية التي تضمنتها هذه المبادئ ولكن شيئا من هذا لم‬
‫يحصل فمؤتمر السالم الذي عقد أولى جلساته في باريس ‪ 18‬يناير ‪ 1919‬حضره‬

‫‪13‬‬
 ‫ممثلون عن ‪ 32‬دولة حليفة واستبعدت منه الدول المهزومة وروسيا والدول المحايدة‬
‫ولذلك كان هذا المؤتمر عبارة عن اجتماع عقدته الدول المنتصرة لتتقاسم المغانم فيما‬
‫بينها وتفرض إرادتها على فريق مهزوم مسلوب اإلرادة‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك فرض‬
‫ممثلو ثالث دول هي فرنسا وبريطانيا والواليات المتحدة األمريكية رأيهم على جميع‬
‫رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر‪.‬‬
‫مطالب المؤتمرين‬
‫أظهر المؤتمر رغبة فرنسا وبريطانيا في توسيع حدودهما واكتساب مستعمرات‬
‫جديدة‪ .‬فالفرنسيون لم يكتفوا بالمطالبة باستعادة منطقتي األلزاس واللورين من األلمان‬
‫بل بالحصول أيضا على الضفة اليسرى لنهر الراين كمنطقة دفاعية وعلى منطقة السار‬
‫األلمانية كمصدر للتزود بفحم حجري‪ .‬وبالنسبة للمستعمرات اعتبر جورج كليمنصو‬
‫رئيس الوزراء الفرنسي الذي كان رئيسا لوفد بالده أن محافظة فرنسا على مستعمراتها‬
‫في شمال أفريقيا ووسطها وفي جنوب شرق آسيا باإلضافة إلى اإلنتداب الفرنسي على‬
‫سوريا ولبنان أمور غير قابلة للنقاش‪.‬‬
‫أما رئيس وزراء بريطانيا رئيس وفد بالده إلى المؤتمر لويد جورج الذي‬
‫اعترض على مطالب فرنسا الحدودية فقد طالب لبالده بوراثة المستعمرات األلمانية في‬
‫أفريقيا وشرق آسيا وباالنتداب على مصر والسودان وفلسطين والعراق متناسيا الوعد‬
‫البريطاني باستقالل المشرق العربي تحت راية الشريف حسين بن علي‪.‬‬
‫أما رئيس الوزراء اإليطالي أورالندو فقد طالب باستعادة منطقتي ترانتان‬
‫وتريستا إلى إيطاليا‪.‬‬
‫وانفرد الرئيس األمريكي ويلسون من بين رؤساء وفود الدول الكبرى بالمطالبة‬
‫بإقامة عصبة األمم وبأن تستلهم مقررات المؤتمر من مبادئه األربعة عشر‪.‬‬
‫مقررات المؤتمر ونتائجها‬
‫تغيير الخريطة السياسية ألوروبا‬

‫‪14‬‬
 ‫قرر مؤتمر باريس تفكيك اإلمبراطوريات األلمانية والنمساوية بإجراء تعديالت‬
‫على الحدود السياسية لدول أوروبا فظهرت على الخريطة األوروبية دول جديدة مثل‬
‫المجر وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسالفيا وأجريت تغييرات جذرية في أنظمة حكم العديد من‬
‫الدول فاعتمدت كل من تركيا وألمانيا النظام الجمهوري وتحولت النمسا إلى جمهورية‬
‫صغيرة أما روسيا فكانت قد تحولت من النظام القيصري إلى النظام الشيوعي وذلك بعد‬
‫ثورة ‪ 1917‬البلشفية التي قادها فالديمير لينين‪.‬‬
‫معاهدة فرساي‬
‫‪ Crystal Clear app kdict.png‬مقال تفصيلي ‪:‬معاهدة فرساي‬
‫مراسم توقيع اتفاقية فرساي‬

‫في ‪ 28‬يونيو ‪ 1919‬وقع األلمان على معاهدة فرساي مع الحلفاء‪ S‬المنتصرين في‬
‫الحرب العالمية األولى بعد مفاوضات دامت ستة أشهر‪ ،‬وتم تعديل المعاهدة فيما بعد في‬
‫‪ 10‬يناير ‪ 1920‬لتتض ّمن االعتراف األلماني بمسؤولية الحرب ويترتب على ألمانيا‬
‫تعويض األطراف المتضرّرة ماليًا‪.‬‬
‫وتضمنت المعاهدة شروطًا قاسية أهمها اقتطاع ما يقارب ‪ 25‬ألف ميل مربع من‬
‫األراضي األلمانية وضمها إلى كل من بولندا والدانمرك وتشيكوسلوفاكيا‪ ،‬ومصادرة‬
‫جميع المستعمرات األلمانية‪ ،‬وتحميل ألمانيا وحدها مسؤولية الحرب‪ S‬وتسريح جيشها‬
‫وبنود هذه المعاهدة كانت السبب الذي جعل ألمانيا تتحين الفرص إللغائها واالنتقام من‬
‫الذين فرضوها عليه‪.‬‬
‫وتم ّخضت االتفاقية عن تأسيس عصبة األمم التي يرجع الهدف إلى تأسيسها‬
‫للحيلولة دون وقوع صراع مسلّح بين الدول كالذي حدث في الحرب العالمية األولى‬
‫ونزع الفتيل من الصراعات الدولية‪.‬‬

‫‪15‬‬
 ‫وفيما يتعلق بالقيود العسكرية على ألمانيا‪ ،‬فقد وضعت االتفاقية ضوابط وقيود‬
‫شديدة على اآللة العسكرية األلمانية لكي ال يتمكن األلمان من إشعال حرب ثانية‬
‫كالحرب العالمية األولى‪ ،‬فقد نصّت على احتواء الجيش األلماني على ‪ 100,000‬جندي‬
‫فقط وإلغاء نظام التجنيد اإللزامي الذي كان يعمل به في ألمانيا‪ .‬وال تستطيع ألمانيا إنشاء‬
‫قوة جوية والتقيد بـ ‪ 15،000‬جندي للبحرية باإلضافة إلى حفنة من السفن الحربية بدون‬
‫غواصات‪ S‬حربية‪ .‬وال يحق للجنود البقاء في الجيش أكثر من ‪ 12‬عا ًما وفيما يتعلّق‬
‫بالضبّاط‪ ،‬فأقصى م ّدة يستطيع الضباط البقاء بها في الجيش هي فترة ‪ 25‬عا ًما لكي‬
‫يصبح الجيش األلماني خاليًا من الكفاءات العسكرية المدرّبة‪.‬‬
‫ونصّت الفقرة ‪ 232‬من المعاهدة على تح ّمل ألمانيا مسؤولية الحرب وتقديم‬
‫التعويضات لألطراف المتضرّرة وق ّدرت تلك التعويضات بـ ‪ 269‬بليون مارك ألماني‬
‫وخفّض هذا المبلغ ليصبح ‪ 132‬بليون مارك‪ ،‬ويفيد االقتصاديون أنه بالرغم من‬
‫تخفيض الرقم الكلي لتعويضات األطراف المتض ّررة‪ ،‬إال أن المبلغ يبقى مبالغا ً فيه‪.‬‬
‫وأثقلت الديون الملقاة على أعتاق ألمانيا كاهل االقتصاد األلماني مما سبب درجة عالية‬
‫من االمتعاض الذي آل إلى إشعال الحرب‪ S‬العالمية الثانية على يد أدولف هتلر‪.‬‬
‫االنتداب‬
‫فيصل األول‬
‫وافق المؤتمر على المطالب‪ S‬االستعمارية لكل من بريطانيا وفرنسا وأقر بشرعية‬
‫انتدابها على دول المشرق العربي بالرغم من اعتراض األمير فيصل بن الحسين الذي‬
‫حضر المؤتمر بصفة مراقب‪.‬‬
‫قيام عصبة األمم‬
‫وافق رؤساء الوفود المشاركة في مؤتمر الصلح باإلجماع على قيام منظمة‬
‫عصبة األمم التي أصر عليها الرئيس األمريكي ويلسون وادخلها كبند أساسي في جميع‬
‫المعاهدات التي وقعها المنتصرون مع المهزومين وقد كان الهدف األول للعصبة التي‬

‫‪16‬‬
 ‫اتخذت مدينة جنيف في سويسرا مقرا لها حل الخالفات‪ S‬بين الدول بالوسائل السلمية‬
‫وذلك للمساعدة على خلق جو من التفاهم والثقة بين الشعوب‪.‬‬
‫لكن األمور لم تجر في هذا االتجاه إذ لم يكن للعصبة عند إنشائها قوة عسكرية‬
‫قادرة على تنفيذ مقرراتها كما أنها تحولت إلى أداة لمصلحة المنتصرين في الحرب‬
‫األمر الذي دفع الواليات المتحدة األمريكية نفسها إلى عدم المشاركة في عضويتها على‬
‫الرغم من كونها صاحبة الفكرة في قيامها‪.‬‬
‫الوطن العربي تحت االنتداب‬
‫بدأ التطبيق الفعلي لمضمون اتفاقية سايكس بيكو سنة ‪ 1918‬والمعارك لم تنته‬
‫بعد وذلك حين قسم الجنرال اللنبي قائد الجيوش الحليفة في الشرق المناطق العربية إلى‬
‫ثالث‪ :‬واحدة إدارة فرنسية (الساحل) وواحدة بإدارة عربية (الداخل) واألخيرة بإدارة‬
‫بريطانية لكن التغطية الدولية لهذه االتفاقية جاءت عبر مؤتمر الصلح في باريس سنة‬
‫‪ 1919‬فقد طرح المؤتمر مفهوما جديدا لالستعمار هو االنتداب الذي اقترحه الرئيس‬
‫األمريكي ويلسون ورئيس وزراء جنوب أفريقيا الجنرال‪ S‬سمطس وهو ينص على تولي‬
‫دولة كبرى شئون الدولة التي ال عهد لها بالحكم والتي خضعت لفترة طويلة إلحدى‬
‫اإلمبراطوريات المتداعية كالدولة العثمانية فتساعدها الدولة المنتدبة حتى تصبح قادرة‬
‫على إدارة شئونها بنفسها‪.‬‬
‫لكن المؤتمر السوري العام رفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وأعلن قيام‬
‫المملكة السورية ونصب األمير فيصل ملكا عليها فانعقد المجلس األعلى للحلفاء‪ S‬في‬
‫مدينة سان ريمو اإليطالية في أبريل ‪ 1920‬وقرر ردا على المؤتمر السوري تطبيق‬
‫اتفاقية سايكس بيكو التي تقضي بوضع سوريا ولبنان تحت االنتداب الفرنسي والعراق‬
‫وفلسطين وشرق األردن تحت االنتداب اإلنجليزي وتعهد مؤتمر سان ريمو كذلك‬
‫بالعمل على تطبيق وعد بلفور كما كانت بريطانيا مرتبطة مع اإلمارات العربية الواقعة‬
‫على سواحل الخليج العربي وعمان بمعاهدات حماية كذلك فرضت بريطانيا حمايتها‬

‫‪17‬‬
‫على مصر والسودان وسيطرت إيطاليا على ليبيا واحتلت فرنسا ما تبقى من المغربي‬
‫العربي وكرست سيطرتها على كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا‬
‫والصومال‪.‬‬

‫‪18‬‬