لقد ب دأ ك ل ش ئ قب ل ي وم واح د من أح د القيام ة .و اكتملت جمي ع التحض يرات
الخاصة بعيد القيام ة ،حيث ُاقيمت الص لوات في ك ل الكن ائس لبض ع أي امُ ،ش حذت الس يوف،أنتهت األس تعدادات الالزم ة للح رب،وتكدس ت الس فن الخاص ة ب القوات البحرية إلي جانب قوارب الصيد التي سوف ُت مأل بالمتطوعين أمام أبواب السد.ح تي أنه يمكنني القول أن الناس في تلك الليلة يخلدون إلي النوم بجوار أسلحتهم وسيوفهم. لقد تبين أن عيد القيامة بعد غد لذلك سيتم األحتفال وألول مرة بعيد الفصح في ذلك اليوم بقرار من القنصلية البييزنطية .وأصدر القنصل ق رارًا بوج وب األحتف ال بعي د الفصح في األحد األخير من شهر م ارس بع د التش اور م ع مجلس األعي ان وال ذي كان ُيحتفل به قديما في تاريخ خاطئ في شهر ابريل. وعلي هذا فسيتم األحتف ال بعي د الفص ح في الس نوات القادم ة في ش هر م ارس ي وم األحد بعد أكتمال القمر(ب درًا)،وس تتزامن ال ذكري الس نوية لبعث س يدنا عيس ي م ع حلول فصل الربيع.لقد أصدر القنصل مجددًا ق رار بتحض ير بيض وكع ك أو أرنب بمناسبة عيد الفصح وإهدائهم إلي األحباب.وعلي هذا النحو سيجلب األسبوع المقدس الذي يلي أسابيع الصيام الخمسة البركة علي المدينة والحي اة ،سُيص در أيض ًا ق رار بوجوب قراءة الشعب للكتاب المقدس،و في الواقع هذا أكثر م ا ن ال إعج ابي.بس بب تهاون أهل قسطنطين قديمًا في قراءة العهد القديم والعهد الجديد.فك انت ه ذه الس قطة هي سبب تورطنا بالمسلمين.حيث تحولت الشعائر الدينية التي ُتق ام ليًال في الكن ائس إلي طقوس تحمل في فحواها اإلثم والمعصية.وفي رأيي األحتف ال بعي د الفص ح ه ذا الع ام مهم ج دًا،والس يما بالنس بة لألم براطور،ألن أه الي القس طنطنية ال ذين تحت سيادته أقسموا علي أن يب دأوا العي د ببهج ة وس رور من خالل القض اء علي الع رب الذين في خلقدون غدًا قبل غروب الشمس. كان األمبراطور (قسطنطين العظيم) ،يريد أن ُيشعرشعبه بحكمِه بعد القضاء علي ميزيزيوس عن طريق أغتياله ،ويحق ق النج اح لش عبه ك أمبراطور جدي د و يكتس ب ش رعية.وك ان يعلم أن ه لن يس تطيع األس تمرار في حكم ه إذا لم يس تطع تخطي إنجازات خليفة قونستانس،وتعهد أيضًا في أول خطاب ألقاه للشعب من شرفة القصر األمبراطوري بأنه سيقضي علي تهديد العرب ال ذي قلب المدين ة رأس ًا علي عقب و سيكون ذلك في عيد الفصح علي أبعد تقدير .لقد صدقه الشعب ولكن وفقًا للش ائعات التي وصلت إلي المدينة قبل أسبوع ،فقد فشلت وحدة الحراسة الخاصة ال تي أرس لها األمبراطور (قسطنطين العظيم )في مهمتها حتي أنها لم تستطع إيق اف كتيب ة الجيش التي جاءت من أجل مساعدة المسلمين.وهذا يعني أنه في القريب العاجل سُيهدد عقر دارنا نحو أكثر من 20الف شخص. لقد تسبب خبر تدمير الوحدة الخاصة بح دوث حال ة من الهل ع واإلض طراب بين صفوف الشعب حتي أنهم بدأوا يتحاشوا اإلمبراطوا ويبتعدوا عنه.وك أن ه ذا لم يكن كافيًا،فتنبأ البطريريك العظيم توماس بنبوءات مخيف ة في ُأوش يتِه األس بوعية بمس جد آي ا ص وفيا.وق ال أن ه رأي في حلم ه أن هن اك نح و م ائتي مل ك أثن اء ذه ابهم إلي قسطنطين ملك ة الم دن،تن ازلوا واختلط وا ب العرب الموج ودين بخلق دون،وك ل ذل ك بسبب طغيان الشعب،وقال أيضًا أنهم إذا لم يتحدوا ويلقوا في البح ر جماع ة الب دو الذين ينتظرون طوال الشتاء في الساحل المقابل ف سُتلعن المدينة. وعلي وشك نهاية تلك الليلة التي ترك فيها األهالي فراش نومهم ،ذعرت وظننُت أن القيامة قد ق امت،ألن أص وات الض جيج والص راخ والنحيب ك انت تش ير إلي أن العدو قد هاجمنا بينما كنا علي وشك الهجوم عليه ،هذا ما كنت اعتقده. كان األمر يبدو كما لو كانت األحجار تتساقط من األسوار المحيطة بجنوب ميناء سيركجي،وبدأت تهتز الج دران الممت دة إلي بواب ة كين تين اريوس لمنب ع كنيس ة آي ميناس ،باإلضافة إلي أن األهتزاز الشديد الذي طرأ علي كل ركن من أركان منزلن ا الخشبي المرتكزعلي جدار المنبع كان مصاحبًا له أص وات تهش م وتش قق،وفي تل ك األثناء سمعُت أصوات قصف وابلة،كنت أريد حينها ال ذهاب علي الف ور إلي الغرف ة الجانبية واألحتماء باألم أوكسي ،ولكن مع األس ف األم أوكس ي ك ان وض عها أس وء م ني،حيث ك انت تتل و األدعي ة وهي تنظ ر إلي ع وارض الس قف ال تي تتحطم،ولم تتحدث أبدًا ب ل أش ارت إلِي بكلت ا ي ديها ب أن أتراج ع .لق د انفص لت أح د الع وارض الخشبية من مكانها وكانت علي وشك السقوط لوج ود كتل ة رطب ة وض خمة وش فافة فوقها.والصقيع كان يملئ المكان بالداخل ،وضعت األم أوكسي فوقها اللح اف ال ذي علي األرض لكي تحمي نفسها من أنهيار السقف،وفي تل ك اللحظ ة س معنا أص وات ضجيج داخل المدخنة ،أتضح أن الماء كان يتدفق ف وق الحطب المش تعل في الموق د وفجأة غطي الدخان كل مكان وكان الظالم الدامس يعم بالداخل. ك انت تعل و أص وات الن واقيس الص ادرة من كنيس ة م ريم الع ذراء وآي ا ص وفيا وأصوات البوق الصادرة من حصن أكروبوليس ومن قصر دفنة المط ل علي مي دان هيبودروم .لقد أدركنا حينها أن النكبة لم تحل علي منزلنا فقط وألقينا بأنفسنا للخ ارج بصعوبة شديدة،مازلنا نسمع أصوات ضجيج من ميناء إيمنونو وبجوار باخش ه ق ابي سي وبورتو بونو باتجاه المناطق الداخلية للقرن الذهبي ،لقد تبين أن تل ك األص وات هي أصوات تحطمهم وأنهيارهم.عانقنا األم أوكسي ومشينا للخارج ،كنا نريد معرف ة ما يحدث في الخارج فالشمس لم تشرق بعد ،مررُت إلي الحديقة وأجلس تها في ركن ما،ثم ذهبت بنفسي إلي هضبة المنبع.ف ورب المسيح ...لم يكن معقوًال حتي يومنا هذا أن يخطر علي بال أحد رؤية شئ كهذا،ولكن حتما ذلك كان عقاب هللا عز وجل علي المعاصي المرتكبة في قسطنطين .كانت كتل الثلج الضخمة ال تي تش كلت بفع ل شدة الشتاء تتساقط من مضيق البسفور إلي مرمرة و عند ارتطامها ببعضها البعض تتحطم وينجم عنها أصوات مخيفة،وكان أرتفاع ك ل كتل ة ف وق المي اه مهيب ًا لدرج ة تضاهي علو الجب ال .من المعت اد ك ل ع ام في عي د الميالد المجي د أن يح دث ت دفق جليدي من األعلي إلي األسفل ويركض أهالي قسطنطين إلي السواحل ويشاهدوا كتل الثلج الضخمة وهي تالحق بعض ها البعض كالس فن وت رتطم وتتحطم وك ل ذل ك في إطار المتعة ،ولكن البد أن بسبب أستمرارفصل الشتاء هذا العام لفترة طويلة تك ون هذا الكم الهائل من الجليد ،فأنا لم أري طوال عمري شتاء قارس بتل ك الدرج ة مث ل هذا العام،حتي أن طرقات قسطنطين التي تنمو بالعشب في أيام عيد الفص ح ك انت ال تزال مليئة بكتل جليدية باألضافة الي أستمرار سقوط الهواب ط مث ل الس يوف من أسقف القص ور والمن ازل علي األرض.قب ل بض عة أي ام كن ا نش عر بس عادة غ امرة بسبب سطوع الشمس وبداية ذوبان الجليد الذي كان يغطي القرن الذهبي،وظنن ا أنن ا سنقضي عيد فصح سعيد. ولكن نفس ذات الشمس كانت تهطل علينا الجليد من األعلي .ك ان من المف ترض اليوم أنه يمكن ظهور قمم الجبال الجليدية التي تمر عبر مض يق البس فور ح تي من خالل المنازل تحيط بها األسوار ،ولكنني للحظة أعتقدت أن ني يجب ان أك ون فرح ا بهط ول الثلج؛ ألن ه ذا الجلي د س يحطم وي دمر س فن ب دو الع رب ال ذين من أص ول هاجريية والذين قد اتو الي اسوارنا بك ل وقاح ة وتجول وا أم ام الب اب ،وعاش وا في خيام ومالجئ مهلهلة في ساحل خلق دون ط وال فص ل الش تاء وبالفع ل فك رُت به ذا األسلوب متأمًال،ولكن لألسف الجليد! ...كان يتساقط من سواحل خلق دون تج اه بح ر مرمرة حتي أنه لم يكن يوجد أمواج في الخليج الموجود ب ه س فن المس لمين،ف رفعت رأسي للسماء ممتعضًا من إعانة ونصر هللا لهم بدًال منا ،لم أكن أفكر في شئ غير مينائ سيركجي وايمنونو وها ه و ق د ح دث م ا كنت أخش اه؛ الجب ال الجليدي ة ال تي تسقط بسرعة من األعلي ك انت ت دخل بعن ف من المين اء وتس حب الس فن وتص طدم ببعضها وتحطم كًال من صواريه ودفاته ومحاريثه،وبالتالي ُسحقت الس فن الص غيرة وغرقت في قاع البحر منذ وقت طويل ،أدركت جيدًا حينها أن المالئكة الذين تحدث عنهم بطريرك توماس لم يأتو إلينا،وكنت أعلم أن األم أوكسي التي تقوم بالدعاء ك ل دقيقة مثل الراهبة ستحزن كثيرًا علي هذا األمر،لذلك أتخذت قرار بعدم إخبارها بأي ش ئ إذا س ألت عم ا ح دث خ ارج األس وار،ولكن لحس ن الح ظ لم تتح دث م رة أخري،فعلي كل حال عدد الجمل التي سمعتها منه ا لم تتج اوز العش رة،ومن المؤك د أن تسعة منهم كانو أدعية من أجلي ،كان يقول الجينرال دكتوس أنه لم يكن لديه أحد ولكن عندما أستولي المسلمون علي دمشق قاموا بإنقاذه من هناك وإحضاره،ولم يمر نصف اليوم حتي من ذ أن ب دأ ك ل ش ئ ولكن أه تزاز المدين ة بفع ل أص وات ال دوي المخيفة كان مستمرًا. ك ان الجن ود ال ذين جه زوا س يوفهم من أج ل هزيم ة المس لمين في عي د القيام ة مش غولين بإص الح ص دوع الحوائ ط و أض رار الكت ل الجليدي ة ال تي أص طدمت بالجدران وهدمت أس قف المن ازل ،واألس وء من ذل ك ك ان الحري ق ال ذي نش ب في المنازل المجاورة لحمام إخيليوس بالقرب من ُج لخانه،والذي تسبب في إح راق الحي كانت إما شظايا اللهيب التي تناثرت في الغرفة من المدخن ة ال تي حطمه ا الجلي د أو من اللهيب الذي تصاعد شيئا فشيئًا و أحرق أطراف ُأتون الحمام. لقد أدركنا أن المدينة وكل ش يئًا فيه ا ص ار في الع راء بال حماي ة عن دما س معنا نواقيس جميع الكنائس في وقت الضحي ولحسن الحظ لم يكن العدو في وضع يسمح له بالهجوم،بالطبع لم يتمكنوا من رؤية جب ل جلي دي في الص حراء ،لق د خط ر علي بالي وضعهم عندما رأيت ضراء منزلنا ،وأس تعجبت متس ائًال:فكي ف يقض ي ه ؤالء المسلمون الذين علي الشاطئ المقابل فص ل الش تاء بأكمل ه في خي ام في حين أنن ا ال نستطيع تحمل هذا الصقيع حتي غرفتنا،عالوة علي أنه تت والي األقاوي ل;أنهم ج اءوا من من اطق ح ارة ج دًا،وب دأت أفهم س بب الوج وه الش احبة واألكت اف الُمنحني ة والحركات الواهنة لمن يقتربون من األس وار أوالس فراء ال ذين يتنقل ون ذهاب ًا واياب ًا إليها،ثم شكرُت أبين ا العظيم علي أبتالئ ه لهم بوب اء الط اعون،وم ع ذل ك ف إن بعض األشخاص الذين يفتقرون إلي اإليمان في قسطنطين؛غادروا بحجة أن إيمانهم أفض ل منا لمجرد أنهم نجوا هذا الشتاء ،فأنا متأكد تمامًا أن نفس أولئك األشخاص سيحكون واحدًا تلو اآلخر أن المالئكة التي نزلت عليهم جاءت من أجل ت دميرنا.ك انت ذن وب البيزنطين بالطبع كثيرة وطغيانهم كان قد تجاوزالحد–،عسي أن يعف و س يدنا عيس ي عنهم– وعلي الرغم من كل هذه التحذيرات، إال أن بعضهم أشعلوا الن يران في الش وارع و ح اولوا أرتك اب المعاص ي بش كل جنوني من أجل األستمتاع بأسبوع البياض،ومع ذلك هل علو إيم ان رج ل م ا يع ني علو عقيدته لمجرد أنه لم يمت من ش دة ال برد؟.دعكم من الله و واألس تمتاع في تل ك األيام العصيبة،في حين أن أوالد سيدنا عيسي والسيدة مريم الع ذراء المؤم نين مثلي لم يستطيعوا إيجاد ِخراف للذبح في عيد الفصح. كان بداخلي صوت يخبرني بأن ك ل م ا ح دث بع د جب ال الثلج ال ُيبش ر ب الخير، فالعدو لم يكن فقط في خلقدون بل ك ان يكمن في الس حب ال تي هبت به ا العاص فة وفي الكت ل الجليدي ة ال تي هطلت بأس تمرار ط وال أش هر دون توق ف ،ومن ذ بداي ة الشتاء لم تدخل ول و ح تي س فينة إلي المين اء،لق د تلقين ا أيض ًا خ بر خالل أي ام عي د الميالد المجيد بأن شاطئ البحر االسود قد تجمد علي عم ق ثالثين ذراع وُبع د ثالث أميال،ويقال أن الحيوانات البرية التي كانت تتجول علي سطح البحر ماتت من البرد مثل األسماك وأن الخ زر والبلغ ار ب دأو في ت رك أوط انهم,في حين أن ني أعتق دت عندما اشرقت الشمس قبل بضعة أيام أن الغضب اإللهي انتهي ،ولكن أتضح ان ك ل شئ قد حدث للتو ،وذلك ألن دخول الجليد إلي مضيق البسفور عبر س واحل جزي رة كفكان جعلهم يشعرون أنهم قادمون لتدمير كل شئ.لقد بدأنا نري في اليوم التالي وما يليه كتل جليدية ضخمة لدرجة أن كلمة كبيرة تبدو ص غيرة أمامه ا ،أفترض وا هك ذا أن الجب ال ال تي تغطي ك ل مض يق البس فور س تؤدي إلي هج رة س كان ش نجيلكوي وبيكتاش من ق راهم ،وبالفع ل نتج عن إح داهم ت دمير نص ف قري ة عن دما أص طدم بالص خور ال تي في قبال ة س احل أس كودار،ك انت خلج ان البس فور والش روم مليئ ة بالجبال والتالل.