You are on page 1of 25

‫ماستر‪ :‬إدارة الشؤون القانونية للمقاولة‬

‫الفوج الثاني‬
‫وحدة‪ :‬القانون المسطري والوسائل البديلة لفض‬
‫المنازعات‬
‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫التحكيم االلكتروني‪ :‬التحديات والفرص في عصر الرقمنة‬

‫من اقتراح األستاذ‪:‬‬ ‫من اعداد الطلبة ‪:‬‬

‫▪ حنان مركول‬
‫▪ سعد الستاتي‬
‫▪ كنزة حركات‬
‫▪ محمد الحلوي‬
‫▪ محمد اليوسفي‬
‫السنة الجامعية‪2024/2023:‬‬
‫‪1‬‬
‫▪ عزيز الحريري‬
‫الئحة فك الرموز‬

‫ز‬
‫االلتامات والعقود‬ ‫قانون‬ ‫قلع‬
‫مرجع سابق‬ ‫مس‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫طبعة‬ ‫ط‬
‫سنة‬ ‫س‬

‫‪2‬‬
‫تقديم‬
‫ال شك أن استخدام شبكات االتصال في إبرام العقود يحتم فتح المجال أمام آليات‬
‫جديدة تالئم مثل هذا االستخدام فإذا كان اإلبرام العادي قد افرز آليات تتسم بالسرعة‬
‫والسهولة بعيدا عن اإلجراءات الطويلة المعقدة أمام القضاء العادي‪ ،‬فإنه من المنطقي أن‬
‫يفرز الواقع العملي آلية جديدة لتسوية المنازعات التي تثيرها المعامالت اإللكترونية‪ ،‬يجرى‬
‫اتخاذ إجراءاتها على قنوات إلكترونية مماثلة لتلك التي جرى من خاللها التعامل محل‬
‫النزاع‪ ،‬وبعد شيوع استخدام التقنيات الحديثة في إبرام العقود وإتمام الصفقات اتجه الفكر‬
‫إلى تسويتها إلكترونيا عبر شبكات االتصال دون حاجة النتقال أو تواجد أطراف العملية في‬
‫مكان واحد وعلى الرغم من مراعاة التحكيم اإللكتروني للضمانات األساسية للتقاضي كتلك‬
‫المتعلقة بحقوق الدفاع وتسبيب قرارات التسوية فضال عن تميزه بالسرعة واالقتصاد في‬
‫اإلجراءات‪ ،‬إال أنه يصادفه العديد من التحديات يتعلق البعض منها بأدوات تشغيل هذا‬
‫النظام كالكتابة أو التوقيع أو نقل المستندات أو إصدار الحكم والبعض اآلخر يتعلق‬
‫باالعتراف باألحكام الصادرة وإمكانية تنفيذها ومع هذا‪ ،‬فإن العقبة األساسية التي تواجه‬
‫أحكام التحكيم الصادرة بناء على استخدام التقنيات الحديثة في االتصال كتلك المتعلقة‬
‫بالتركيز المكاني الذي تتبناه بعض قواعد نظم التحكيم سواء فيما يتعلق بمكان التحكيم ذاته‬
‫أو فيما يتعلق بمكان صدور الحكم‪ ،‬وعليه يتعين البحث عن كيفية هذا التحديد في حالة‬
‫جريان التحكيم عبر شبكات االتصال اإللكترونية‪ ،‬فكيف يمكن الجزم بتحديد المكان والوقت‬
‫اللذين يعد حكم التحكيم قد صدر فيهما‪ ،‬وفي الواقع وأي كانت الصعوبات التي تواجه هذه‬
‫اآللية الجديدة‪ ،‬فإن االستخدام األمن والفعال لها سوف يحتاج مزيد من الوقت وعديد من‬
‫الدراسات‪ ،‬لهذا فإننا سوف نقتصر في دراستنا على هذا الجانب الذي أثار جدال واسعا‬
‫ونعني به التحكيم اإللكتروني ومدى االعتراف به رغم صدوره بناء على إجراءات جرى‬
‫إنجازها عبر شبكات االتصال اإللكترونية ولكن قبل التطرق إلى هذه الجزئية يجدر بنا إلقاء‬
‫الضوء على طريقة عملية التحكيم اإللكترونية وكيفية سريانها‪ 1‬و تطور تحكيم اإللكتروني‬

‫‪ 1‬رجاء نضام رسالة ماستر حول التحكيم اإللكتروني دراسة مقارنة الطبعة الثانية ص ‪ 4‬سنة ‪2020/2019‬‬

‫‪3‬‬
‫يعكس التطور التكنولوجي والحاجة المتزايدة لحل النزاعات عبر اإلنترنت‪ ،‬بدأت محاكمة‬
‫كبيرا في‬
‫ً‬ ‫تطورا‬
‫ً‬ ‫التحكيم اإللكتروني في التوسع في أوائل القرن العشرين‪ ،2‬ولكن شهدت‬
‫العقود األخيرة وفي التسعينيات‪ ،‬بدأت الهيئات الدولية والوطنية في إصدار تشريعات‬
‫وقوانين لتحكيم اإللكتروني‪ ،‬مما ساهم في تعزيز مصداقية هذه الوسيلة‪ ،‬ثم تقدمت تقنيات‬
‫التشفير واألمان لتعزيز الحماية في عمليات التحكيم اإللكتروني الظهور المتزايد لمنصات‬
‫التحكيم عبر اإلنترنت واستخدام التكنولوجيا الذكية مثل الذكاء االصطناعي في تحكيم‬
‫ً‬
‫تحوال نوعيًا هذا يساعد في تسريع العمليات وتقليل التكاليف‪ ،‬مما يجعل‬ ‫النزاعات عكس‬
‫خيارا أكثر فعالية لألطراف وفي الفترة األخيرة‪ ،‬ازدادت الجهود‬
‫ً‬ ‫التحكيم اإللكتروني‬
‫لتحسين قوانين التحكيم اإللكتروني على الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬مما أدى إلى تعزيز‬
‫تطورت اإلجراءات التقنية للتحكيم اإللكتروني‪ ،‬مع‬
‫قبول واستخدام هذه الوسيلة بشكل أكبر‪ّ .‬‬
‫تبني العديد من الهيئات التحكيمية للتكنولوجيا لتسهيل عملياتها وتوسعت نطاقات التحكيم‬
‫اإللكتروني لتشمل مختلف المجاالت‪ ،‬بد ًءا من التجارة اإللكترونية وصوالً إلى النزاعات‬
‫تطورت المنصات الرقمية المخصصة للتحكيم‪ ،‬وظهرت حلول تقنية مبتكرة‬
‫ّ‬ ‫االستهالكية‪.‬‬
‫لتيسير إجراءات التحكيم وتحسين فعاليته‪.‬‬

‫على الرغم من التطور اإليجابي‪ ،‬تظل هناك تحديات‪ ،‬مثل التوافق القانوني واألمان‬
‫مستمرا لضمان تطور مستدام وفعّال في ميدان التحكيم‬
‫ً‬ ‫الرقمي‪ ،‬تتطلب اهتما ًما‬
‫اإللكتروني‪.3‬‬

‫إذن التحكيم اإللكتروني هو نوع من أنواع التحكيم حيث يتم حل النزاعات عبر‬
‫اإلنترنت باستخدام التكنولوجيا الرقمية‪ .‬يشمل هذا النوع من التحكيم استخدام وسائط‬
‫إلكترونية لتبادل المعلومات وإجراء جلسات التحكيم عبر الشبكة تتضمن عمليات التحكيم‬
‫اإللكتروني تقديم الحقائق واألدلة عبر الوسائل اإللكترونية‪ ،‬واتخاذ القرارات من قبل هيئة‬
‫تحكيم إلكترونية‪ .‬يهدف التحكيم اإللكتروني إلى تسهيل وتسريع عمليات حل النزاعات‪،‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 3‬منير محمد الجنيمي كتاب التحكيم اإللكتروني مطبعة الرشاد الطبعة األولى الصفحة‪ 2‬سنة ‪2019‬‬

‫‪4‬‬
‫خيارا ف ّع ً‬
‫اال لألطراف الراغبة في تجنب اإلجراءات التقليدية والتكاليف‬ ‫ً‬ ‫ويمكن أن يكون‬
‫الزائدة‬

‫تم اعتماد قانون التحكيم في المغرب ‪ 17-95‬والذي يغطي جوانب عدة من إجراءات‬
‫التحكيم‪ ،‬بما في ذلك التحكيم اإللكتروني‪ .‬يهدف هذا اإلطار القانوني إلى تسهيل وتشجيع‬
‫‪4‬‬
‫استخدام التحكيم كوسيلة لحل النزاعات‪.‬‬

‫تحظى الغرفة التجارية الدولية بشعبية في تسوية المنازعات التجارية في المغرب‪ ،‬وقد‬
‫تم تسجيل تقدم في استخدام التحكيم اإللكتروني عبر هذه الغرفة وفقًا للمعايير الدولية‬
‫ويفضل دائ ًما لألطراف المعنية أن تستشير المحامين المتخصصين لفهم التطورات األخيرة‬
‫وضوابط التحكيم اإللكتروني في المغرب بشكل أفضل استنادًا إلى القوانين والتطورات‬
‫الحالية ‪.5‬‬

‫أهمية الموضوع‬

‫التحكيم اإللكتروني يحمل أهمية كبيرة في تسهيل وتسريع عمليات فض النزاع وتسوية‬
‫المنازعات عبر اإلنترنت‪ .‬يُعزز هذا النهج فعالية العدالة ويقلل من التكاليف والوقت‬
‫المستغرقين في اإلجراءات القانونية التقليدية‪ .‬كما يشجع على االعتماد على التقنيات الحديثة‬
‫لضمان األمان وحماية البيانات‪ ،‬مما يعزز الثقة في هذه العمليات‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يسهم‬
‫إطارا قانونيًا‬
‫ً‬ ‫التحكيم اإللكتروني في تعزيز التجارة الدولية وجذب االستثمارات‪ ،‬حيث يوفر‬
‫موثوقًا وسري ًعا لحل النزاعات العابرة للحدود‪ ،‬يُعزز أيضًا التحكيم اإللكتروني مفهوم التنمية‬
‫المستدامة من خالل تحفيز المحافظة على الموارد وتجنب اإلجراءات القضائية الطويلة‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬يعكس التحكيم اإللكتروني تطور العصر الرقمي ويلبي حاجات المجتمع‬
‫العالمي المتسارع التغيير‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‬

‫‪ 5‬م حمد شرغو رسالة لنيل شهادة الماستر التحكيم اإللكتروني ماهيته وإجراءاته الصفة ‪ 2‬السنة الجامعية ‪, 2019/2020‬‬

‫‪5‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل التشريعات الوطنية التي وضعت‬
‫أصال لتنطبق على التحكيم التقليدي‪ ،‬تصلح للتطبيق على التحكيم اإللكتروني أم أن هذه‬
‫القواعد تعجز عن استيعاب المشاكل التي تتولد عن استخدام التقنيات الحديثة في إجراء‬
‫التحكيم فتكون عندئذ بحاجة إلى قواعد وتشريعات جديدة لحكم هذا النوع من التحكيم؟‬

‫وتزداد أهمية هذا السؤال في ظل ندرة التشريعات الوطنية واالتفاقات الدولية التي‬
‫تعالج مثل هذا الموضوع سنطرح تساؤالت التي سنحاول اإلجابة عليها في هاذا العرض‬
‫إذن‪.‬‬

‫ما هي األحكام العامة المنظمة لتحكيم اإللكتروني ؟ وما الذي يميزه عن باقي النظم‬
‫المشابهة له ؟وما مدى إجابية التحكيم اإللكتروني في حل النزاعات التي تنشأ بين األطراف‬
‫؟وما التحديات التي واجهت هاذا النوع من التحكيم ؟‬

‫منهجية الموضوع‬

‫دراسة التحكيم اإللكتروني تتطلب التفرغ لتحليل اإلجراءات‪ ،‬ابتدا ًء من مراحلها مرونا‬
‫بالنظم المقارن له وصوال إلى الفرص والتحديات التي تنوط به ‪ ،‬يتميز هذا النهج عن‬
‫وسائل حل النزاعات البديلة األخرى‪ ،‬حيث يتم فحص القواعد القانونية المنظمة له بشكل‬
‫مميز ومقارنتها بتلك المتعلقة بالتحكيم التقليدي‪ ،‬يتبع البحث منه ًجا وصفيًا تحليليًا مقارنًا‪،‬‬
‫حيث يتم جمع لمعلومات من مصادر متعددة وتحليلها لتحقيق أهداف الدراسة‪ ،‬يتناول البحث‬
‫محاسن ومساوئ القوانين المقارنة ولوائح مراكز التحكيم اإللكتروني المتعددة‪ ،‬بهدف‬
‫الوصول إلى نظام شامل‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة للتحكيم اإللكتروني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني و تحدياته‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة للتحكيم اإللكتروني‬

‫يشهد العالم ازدهارا على مستوى المعامالت و التجارة‪ ،‬وذلك بفضل ظهور اإلنترنت ‪6‬و‬
‫التطور التكنولوجي و حرية التبادل التجاري و مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬الشيء الذي يجعل‬
‫التحكيم الوسيلة الفضلى في حالة النزاع‪ ،‬ذلك نظرا بما يتسم به من امتيازات سواء من‬
‫خالل سرعة إجراءاته و فعاليته‪ ،‬أو من خالل مواكبته للتطورات التكنولوجيا لنصبح أمام‬
‫التحكيم اإللكتروني كصورة مطورة للتحكيم التقليدي‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للحديث عن ماهية‬
‫التحكيم اإللكتروني (المطلب األول) وأيضا إسقاط مفهوم التحكيم اإللكتروني على التحكيم‬
‫الداخلي بين أفراد القانون المغربي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية التحكيم اإللكتروني‬

‫يعتبر التحكيم اإللكتروني وسيلة مستحدثة للحل المنازعات‪ ،‬وخاصة المتعلقة بالتجارة‬
‫الدولية و المعامالت االلكترونية‪ ،‬بحيث أصبحت من أهم اآلليات األكثر شيوعا ولجوءا‬
‫مقارنة بالتحكيم التقليدي‪ ،‬و ذلك ما يستدعي الحديث عن مفهوم التحكيم االلكتروني (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬ثم تمييزه عن باقي النظم المتشابهة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التحكيم االلكتروني‬

‫ال يختلف التحكيم اإللكتروني عن التحكيم التقليدي‪ ،‬باعتبارهما يشكالن وسيلة من وسائل‬
‫فض النزاعات‪ ،‬بحيث يعتمد لفض نزاعات معينة بدل اللجوء للقضاء‪ .‬و يعرف التحكيم‬
‫بشكل عام بأنه وسيلة لفض النزاع بين طرفين يقوم على اتفاقهما بطرح النزاع على شخص‬
‫أو أكثر ليقوم هذا األخير بالفصل في النزاع بإصدار حكم نهائي و ملزم بدال من المحكمة‬
‫المختصة‪.7‬‬

‫أما بخصوص التحكيم اإللكتروني فينقسم إلى شقين‪ ،‬األول بمعناه التقليدي وذلك حسب ما‬
‫ورد فالمادة األولى من قانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم و الوساطة‪ ،‬أن التحكيم هو عرض‬
‫‪- 6‬االنترنت‪ :‬نظام اتصال عالمي لنقل البيانات عبر أنواع مختلفة من الوسائط‬
‫‪- 7‬عبد الحق كوريتي‪ ،‬التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪،‬الرباط الطبعة‬
‫األولى‪،2017،‬ص‪.24‬‬

‫‪7‬‬
‫النزاع على هيئة تحكيمية إما بمحكم منفرد أو مجموعة محكمين‪،‬بحيث تتلقى من األطراف‬
‫مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم‪ ،‬وشق الثاني إلكتروني‪ 8‬يعني االعتماد على‬
‫تقنيات استخدام الوسائط و األساليب و الشبكات االلكترونية منها االنترنت‪.‬‬

‫كما أن بعض الفقه عرفه "ذلك التحكيم الذي يتفق بموجبه األطراف على إخضاع منازعاتهم‬
‫الناشئة عن الصفقات أبرمت في الغالب األعم بوسيلة الكترونية ‪،‬إلى شخص ثالث للفصل‬
‫فيها بموجب سلطة مسندة ومستمدة من اتفاق أطراف النزاع وباستخدام وسائل االتصال‬
‫حديثة تختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة"‪.‬‬

‫وعرفه البعض األخر"أنه تحكيم يتم استخدام وسائل االتصال الحديثة فيه ترتكز على تقنية‬
‫المعلوميات و االتصاالت ‪ ،‬والتي تتمثل على وجه الخصوص بشبكة االنترنت التي اتسع‬
‫نطاق استخدامها في شتى المجاالت القانونية‪."9‬‬

‫ويعتبره اتجاه اخر"أن التحكيم االلكتروني ال يختلف عن إجراءات التحكيم إال في‬
‫طريقته‪،‬فكل إجراءاته تتم الكترونيا على شبكة االنترنت ابتداء من ملء النموذج الخاص‬
‫بموافقة على التحكيم عبر الشبكة‪ ،‬و مرورا بتبادل الرسائل و مستندات االلكترونية‪ ،‬وتعين‬
‫المحكم‪ ،‬و سماع الخبراء و الشهود‪ ،‬و أخيرا صدور قرار التحكيم‪."10‬‬

‫وعرفه البعض األخر على أنه" التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اإلنترنت وفق قواعد‬
‫خاصة دون الحاجة إلى التقاء أطراف النزاع و المحكمين في مكان معين"‪.11‬‬

‫ومن خالل التعريفات التي قدمها الفقه‪ ،‬أمكننا القول أن ما يميزالتحكيم االلكتروني و‬
‫التحكيم التقليدي هو استعمال وسائل االتصال الحديثة ‪،‬فإن التساؤل المطروح عما إذا كان‬
‫من الضروري إجراء التحكيم بأكمله عبر الوسائل االلكترونية العتباره الكترونيا أم يكفي‬
‫استعمال الوسائل االلكترونية في أي مرحلة من مراحله؟‬

‫‪ - 8‬جمع إلك ترونيات المنسوب إلى اإللكترون و علم اإللكترونيات هو و استخدامها و تناولها‪ ،‬وهو فرع من فروع الفيزياء‪ ،‬فآلة‬
‫الحاسوب تعتمد على المادة اإللكترون إلجراء أدق العمليات الحسابية بأسرع وقت ممكن‪.‬‬
‫‪- 9‬عبد الحق كوريتي‪ ،‬التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪24‬‬
‫‪- 10‬محمد أمين الرومي‪ ،‬النظام القانوني للتحكيم االلكتروني‪،‬مطبعة دار الفكر الجامعي‪،‬الطبعة األولى‪،2006،‬ص ‪93‬‬
‫‪- 11‬كريم بوديسة‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات العقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫تخصص قانون التعاون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية تيزي وزو‪ ،‬ص‪10‬‬

‫‪8‬‬
‫ذلك ما أثار نقاش فقهيا حول تعريف التحكيم االلكتروني‪ ،‬وانقسم بهذا إلى اتجاهين‪:‬‬
‫فبخصوص اتجاه أول يرى أن التحكيم ال يكون الكترونيا إال إذا تم بأكمله عبر الوسائل‬
‫االلكترونية‪ ،‬أي عبر جميع مراحله من اتفاق التحكيم إلى أن يصدر حكم الكتروني‪ .‬أما‬
‫بخصوص االتجاه الثاني يري أن التحكيم يكون الكترونيا سواء تم بأكمله عبر وسائل‬
‫االلكترونية أو اقتصر على بعض مراحله‪ ،‬كاتفاق التحكيم مثال‪.12‬‬

‫وعليه أمكننا القول أن االتجاه األول يرجح حسب منظورنا‪ ،‬إذ يعتبر التحكيم الكترونيا في‬
‫الحالة التي تتم جميع مراحله عبر وسائل الكترونية‪،‬وليس احدى مراحله فقط و خاصة في‬
‫عصرنا الحالي‪ ،‬إذ ال يمكن االستغناء عن بعض وسائل االتصال ‪ ،‬كالتواصل عبر البريد‬
‫االلكتروني ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز التحكيم اإللكتروني عن باقي النظم المتشابهة‬

‫رجوعا إلى قانون رقم‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم و الوساطة‪ ،‬حيث لم يقم بالنصيص عن‬
‫مفهوم التحكيم االلكتروني و لم يعرفه‪ ،‬و اكتفى بذكر بعض اإلجراءات التي يمكن القيام بها‬
‫عن طريق وسائل الكترونية‪ ،‬كما ورد في المادة ‪ 3‬من نفس القانون أن اتفاق التحكيم يعتبر‬
‫مبرما كتابة بموجب رسالة الكترونية معدة وفق للنصوص القانونية الجاري بها العمل‪،‬‬
‫وأيضا حسب منطوق المادة ‪ 35‬من قانون رقم ‪ 59.17‬أنه يجب على طالب التحكيم أن‬
‫يتقدم خالل الموعد المتفق عليه بين األطراف و الذي تحدده الهيئة التحكيمية‪ ،‬بمقال التحكيم‬
‫مكتوبا أو بطريقة إلكترونية‪ ،‬وكما هو الشأن بالنسبة للمطلوب في التحكيم له الحق أن يجيب‬
‫بواسطة مذكرة مكتوبة أو موجهة بطريقة الكترونية وذلك حسب ما ورد في المادة ‪ 36‬من‬
‫نفس القانون‪ .‬وأمام غياب أي تعريف قانوني للتحكيم االلكتروني من طرف المشرع‬
‫المغربي هذا ما يستدعي تمييزه عن باقي النظم المتشابهة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التحكيم االلكتروني و المفاوضات االلكترونية‬

‫‪ 12‬عبد الحق كوريتي‪ ،‬التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪9‬‬
‫تعتبر المفاوضات من الوسائل البديلة لفض النزاعات‪ ،‬إذ هي عملية نقاش األطراف‬
‫لمعامالتهم من أجل التوصل إلى توافق‪ ،‬وتعتمد التواصل عن طريق استعمال المعلومات‬
‫المتوفر عليها للتأثير على الموقف فهي وسيلة للتداول ترمي إلى إنشاء أو تعيل أو إنهاء‬
‫إذ تتم مباشرة بين األطراف دون‬ ‫‪13‬‬
‫عالقة عن طريق التواصل و التحاور من أجل اإلقناع‪.‬‬
‫الحاجة إلى طرف ثالث‪ ،‬عن طريق المناقشة والمساومة وتبادل اآلراء للتوصل إلى حلول‬
‫للمجموعة من المشكالت سواء كانت اقتصادية أو قانونية أو غيرها‪ ،‬وهي عملية يتم اللجوء‬
‫إليها في حالة العقود االستهالكية و التجارية‪ ،‬وتتم بطريقة مباشرة بين األطراف‪.‬‬

‫و مع ظهور التجارة االلكترونية و المعامالت االلكترونية‪ ،‬أصبح يتم االتصال بوسائل‬


‫الكترونية كالتفاوض عن طريق البريد االلكتروني أو باقي المنصات االلكترونية‪ ،‬وذلك‬
‫لمواكبة تطور المعامالت‪.‬‬

‫وتعتبر المفاوضة االلكترونية من أبسط الوسائل البديلة لفض النزاعات‪ ،‬كما هو شأن بالنسبة‬
‫للتحكيم االلكتروني إذ يتفقان في كونهم وسيلة تغني طرفي النزاع للجوء إلى المحاكم تستلزم‬
‫منهم التراضي و التوافق للجوء إليهما‪ ،‬كما يتفقان أيضا في مواكبتهم للتطورات التكنولوجيا‬
‫وذلك يتجلى في اعتماد وسائل االتصال الحديثة للقيام بإجراءاتهم‪ .‬إال أنهم يختلفون في كون‬
‫أن المفاوضات تكون بين األطراف بشكل مباشر دون الحاجة للطرف ثالث محايد للنظر في‬
‫النزاع ‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للتحكيم االلكتروني إذ يعرض المحكم الذي له سلطة إصدار‬
‫الحكم‪ ،‬كما أن المفاوضات تنتهي اتفاق األطراف أما التحكيم االلكتروني ينتهي بصدور حكم‬
‫تحكيمي ملزم لألطراف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحكيم االلكتروني و الوساطة االلكترونية‬

‫تعتبر الوساطة وسيلة بديلة شبيهة لكل الوسائل البديلة التي تعتمد على الغير لمساعدة‬
‫األطراف على إيجاد حل لنزاعها عبر إدارته لمفاوضاتها‪ ،14‬و حسب المادة ‪ 86‬من قانون‬
‫رقم ‪ ،95.17‬أنه يجوز ألطراف ألجل تجنب نزاع أو تسويته‪ ،‬االتفاق على تعيين وسيط‬
‫‪ - 13‬طارق زهير‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪،‬مطبعة دار النشر المغربية‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2019 ،‬ص‬
‫‪.91‬‬
‫‪- 14‬طارق زهير‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪112‬‬

‫‪10‬‬
‫يكلف بتسهيل إبرام الصلح ينهي النزاع‪ ،‬إضافة إلى المفهوم التقليدي هناك مفهوم حديث و‬
‫المتمثل في الوساطة االلكترونية‪ ،‬بحيث يتم اعتماد مجموعة من وسائل االتصال الحديثة‬
‫وذلك للمواكبة التطورات التكنولوجيا التي يفرضها الواقع العملي‪،‬ولعل من أبرز مراكز‬
‫الوساطة والتحكيم االلكترونية التي تقدم خدمة لتسوية المنازعات بالطرق االلكترونية مركز‬
‫(‬ ‫‪16‬‬
‫) ومركز الوساطة ‪square‬‬ ‫‪15‬‬
‫الوساطة (مركز الويبو للتحكيم والوساطة‬
‫)‪Trade‬الذي يتيح للمتعاملين في ميدان التجارة الدولية خدمة أخرى غير خدمة الوساطة‬
‫االلكترونية‪ ،‬أال وهي خدمة المفاوضات المباشرة‪.17‬‬

‫أما فيما يخص الفرق بين التحكيم االلكتروني و الوساطة االلكترونية‪ ،‬يكمن أوال في أن‬
‫المحكم يصدر حكم تحكيمي ملزم لألطراف‪ ،‬أما الوسيط فله سلطة اقتراح الحلول البرام‬
‫الصلح لتجنب النزاع‪ .‬إال أنه يتقفان في كونهما يتم اللجوء إلى طرف ثالث محايد‪ ،‬ويستلزم‬
‫أن يتوفر فيه عنصر الحياد واالستقاللية‪.‬‬

‫المطلب الثاني؛ إسقاط مفهوم التحكيم اإللكتروني على التحكيم الداخلي بين أفراد في‬
‫القانون المغربي‬
‫نصت المادة ‪ 14‬من قانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية على أنه يجوز‬
‫لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة‪ ،‬سواء كانوا ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬أن يبرموا اتفاق‬
‫تحكيم لتسوية النزاعات الناشئة عن الحقوق التي يملكون حق التصرف فيها‪ ،‬نسجل في هذا‬
‫الخصوص أن هذه المادة تخاطب كل األفراد الموجودين على التراب الوطني ‪ ،‬سواء‬
‫مغاربة أو أجانب‪،‬وعليه أطراف النزاع الذين ينطبق عليهم التحكيم الداخلي الحرية في‬
‫اختيار التحكيم كوسيلة لحل نزاعهم بدل القضاء الوطني ‪ ،‬بشرط أن يكون مبني على سبب‬

‫‪- 15‬مركز المنظمة العالمية للملكية الفكرية‪ WIPO .‬تم إنشاء هذا المركز عام ‪ ، 1994‬وهو يقدم خدمات لتسوية النزاعات التجارية‬
‫الدولية بين األطراف الخاصة في مجال الملكية الفكرية‪ ،‬وهو جزء من مكتب الويبو الدولي ويدير اإلجراءات الوساطة التحكيم‬
‫التحكيم المعجل‪ ،‬كما يقدم المركز خدمات استشارية بشأن اتفاقات االحتكام وصياغتها عنداالقتضاء‬

‫‪- 16‬يعد مركز ‪ Square trade‬من أشهر وأول المراكز المتخصصة في مجال حل المنازعات بطريق الوساطة اإللكترونية‪ ،‬وقد‬
‫نظر المركز في الكثير من المنازعات الناشئة عن المعامالت التي تتم من خالل سوق البيع بالمزاد عبر األنترنت ‪" E-BAY‬‬
‫"والذي يعد أول موقع أمريكي للبيع بالمزاد العلني‪ ،‬وتحديدا المنازعات التي تنشأ بين الشركة القائمة على المركز وبين المتعاملين‬
‫بالمزاد بيعا أو شراء من خالل السوق‬
‫‪- 17‬عبد هللا منيوي‪ ،‬الوساطة االلكترونية ودورها في حل المنازعات التجارية‪،‬منشور بتاريخ ‪ 2022/10/12‬على الموقع‬
‫‪ https://www.allbahit.com/2022/10/blog-post_26.html‬ثم االطالع عليه بالتاريخ ‪ 2022 /11/13‬على الساعة‬
‫‪22:01‬‬

‫‪11‬‬
‫مشروع ‪ ،‬وأن ال يكون مخالفا للنظام العام بمفهوم الفصل ‪ 62‬من ق ل ع‪ ، 18‬وعليه فإن‬
‫التحكيم اإللكتروني يتطلب وجود اتفاق تحكيم مبرم عبر االنترنت (الفقرة األولى ) إلى‬
‫جانب ضرورة تعيين هيئة تحكيم من قبل األطراف (الفقرة الثانية )‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اتفاق تحكيم مبرم عبر االنترنت‬
‫عرف المشرع المغربي في المادة ‪ 2‬من قانون المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬بأنه‬
‫اتفاق التحكيم هو التزام األطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن‬
‫عالقة قانونية‪ ،‬تعاقدية أو غير تعاقدية‪.‬‬
‫يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط‬
‫( ويمكن الرجوع لبعض التعاريف الواردة بهذا الخصوص في اإلحالة ‪)19‬‬
‫ومن خالل التمعن في التعاريف والتشريعات التي حدد مفهوم اتفاق التحكيم يتضح أنها‬
‫ركزت على تحديده في شكل التقليدي‪،‬كما أنها في نفس الوقت تحدد الصورة التي يمكن أن‬
‫يتم بها هذا االتفاق ‪ ،20‬فاتفاق التحكيم هو أساس مشروعية التحكيم ومنه يستمد المحكم في‬

‫‪ -18‬الفصل ‪ 62‬من ق ل ع ؛ االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن‪.‬‬

‫يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا االخالق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون‪.‬‬

‫يتضح من خالل قراءة التعاريف التي أوردتها مجموعة من التشريعات حول اتفاق التحكيم أنها تأثرت كثيرا بالقانون النموذجي للتحكيم التجاري‬ ‫‪19‬‬

‫الدولي لسنة ‪ 1985‬باعتبار اتفاق التحكيم‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنه تراضي بين طرفي عالقة قانونية معينة و تألقي إرادتهما على اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية المنازعات الناشئة عن تلك العالقة أيا كانت‬

‫أساس تلك العالقة‪ ،‬هل هي تصرف قانوني‪ ،‬أي هل هو عقد وهو الفرض أكثر شيوعا في الحياة العملية للتحكيم أم واقعة قانونية كالمسؤولية عن‬
‫العمل الضار‪ ،‬وأيا كان نوع تلك العالقة مدنية‪ ،‬تجارية‪ ،‬إدارية كل ذلك طالما أن العالقة القانونية الناشئ عنها النزاع تدخل في المسائل التي يجوز‬
‫بشأنها التحكيم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنه يعطي للمحكمين أو هيئة التحكيم سلطة افصل في كل أو بعض المنازعات الناشئة عن عالقة قانونية معينة‪ ،‬وقد تتعلق المنازعة بتفسير أو‬
‫تحديد أو تنفيذ أو بالتعويض عن تأخير الوفاء بااللتزامات المتولدة عن تلك العالقة‪ ،‬والغالب عمال أن تحدد المسالة محل التحكيم في مستند أو اتفاق‬

‫التحكيم كما يتناول بيان الدعوى تحديد تلك المسألة‪ ،‬أي تحديد موضوع النزاع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنه قد يكون سابق على نشوء النزاع بين الطرفين‪ ،‬وهذا هو الغالب عمال‪ ،‬وهو ما يسمى بشرط التحكيم وقد يكون الحقا على نشوب النزاع‬
‫وهو نادر عمال في مجال منازعات العقود الدولية وهو ما يسمى بعقد أو مشارطة اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫أنظر في هذا الصدد‪:‬‬

‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬فن وأصول صياغة اتفاق التحكيم‪ ،‬بحث مقدم أثناء ورشة عمل حول مهارات إدارة الجلسات التحكيمية و أصول صياغة‬
‫أحكام التحكيم‪ ،‬غرفة التجارة و الصناعة الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الفترة الممتدة من ‪ 28‬يونيو إلى غاية فاتح يوليوز ‪، 2011‬ص ‪81‬و‪. 82‬‬

‫‪ - 20‬وفي هذا االتجاه قضت محكمة االستئناف التجارية بفاس على أن اتفاق طرفي العقد على اللجوء لمسطرة التحكيم في حال نشوب خالف حول‬
‫تنفيذ‬

‫بنوده يعد شريعة لهما يتعين التقييد به قبل اللجوء للمحاكم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل في النزاع‪ ،‬كما أنه يعد األساس القانوني المباشر إلفراغ موضوع النزاع من‬
‫اختصاص المحاكم صاحبة الوالية العامة‪ ،‬مما يعني أن عدم وجود اتفاق التحكيم‪ ،‬يؤدي إلى‬
‫انعدام حكم التحكيم انعدام والية المحكم في إصدار التحكيمي‪، 21‬‬
‫و يالحظ أنه يكفي بتوفر اتفاق ارادتي الطرفين على االلتجاء إلى التحكيم بشأن عالقة‬
‫قانونية معينة ‪ ،‬كما انه‪ ،‬ماهو االتفاق التحكيم ضمن جوهره التقليدي ولكن بإستخدام شبكة‬
‫اإلنترنت‪.‬‬
‫غير أن هذا الواقع ليس بهذه البساطة حيث مسألة مشروع اتفاق التحكيم المبرم إلكترونيا في‬
‫المحك األمر الذي يدعو إلى التساؤل حول طبيعة شكلية الكتابة المطلوبة هل هي شكلية‬
‫إثبات أم انعقاد؟‬
‫وبالرجوع إلى المشرع المغربي من خالل نصوص القانونية المنظمة لالتفاق التحكيم‪،‬‬
‫يتبين لنا أن استلزم الشكلية في اتفاق التحكيم صراحتا من خالل المادة ‪ 3‬من قانون‬
‫‪ 95.17‬؛ حيث بين لنا أن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية ‪ ،‬التي يتوقف انعقادها على‬
‫افرغها في سند كتابي ‪ ،‬وال يمكن إقامة اتفاق التحكيم شفويا أو بأي وسيلة أخرى ‪ ،‬بتمعن‬
‫في المادة ‪ 3‬و‪ 4‬و ‪ 5‬من قانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬يتضح لنا‬
‫بأن اتفاق التحكيم‪ ،‬سواء اتخذ شرط تحكيم أو عقد تحكيم يجب أن يكون مكتوب ‪ ،‬والكتابة‬
‫هنا شرط صحة يترتب عن غيابها البطالن ‪ ،‬وهي وسيلة انعقاد وليس شرط إلثبات ‪ ،‬وهي‬
‫المفتاح الذي يدخلك إلى التحكيم‪ ،‬ويبقى التساؤل هنا حول ما إذا كانت الكتابة شرط لصحة‬
‫اتفاق التحكيم االلكتروني؟‬
‫في هذا الصدد نص المشرع المغربي في قانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية في المادة ‪ 3‬الفقرة الثانية يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة‬
‫من لدن األطراف أو في رسائل متبادلة أو برقيات أو أي وسيلة أخرى من وسائل االتصال‬
‫المكتوبة‪ ،‬أو بموجب رسالة إلكترونية معدة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل‪ ،‬أو‬
‫بتبادل مذكرات األطراف أوالدفاع التي يدفع فيها أحدهم أمام الهيئة التحكيمية‪ ،‬بوجود اتفاق‬
‫تحكيم دون أن ينازعه الطرف اآلخر في ذلك‪،‬‬
‫قرار عدد ‪ 1617‬الصادر عن محكمة االستئناف التجارية بفاس بتاريخ ‪ 13/11/2007‬في الملف عدد ‪.6/ 668‬‬

‫‪-‬أشار إليه مصطفى بونجة ونهال اللواح‪ ،‬التحكيم التجاري من خالل العمل القضائي المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2014‬ص ‪.230- 227‬‬

‫وفي هذا االتجاه قضت محكمة االستئناف بالقاهرة في حكم عدد ‪ 119 / 12‬الدائرة ‪ 91‬جلسة ‪.2002/ 12/ 30‬‬ ‫‪21‬‬

‫إن عدم وجود اتفاق على التحكيم يبطل حكم المحكمين إلى درجة االنعدام لصدوره ممن ليست له والية إصداره ويتعلق بطالب التحكيم في هذه‬
‫الحالة بالنظام العام و لذلك تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها‪ .‬للمزيد راجع الياس ناصف‪ ،‬لعقود الدولية للتحكيم اإللكتروني‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية الطبعة األولى ‪ 2012‬ص ‪.54‬‬

‫‪13‬‬
‫هو ما يدل على اعتراف المشرع المغربي بمشروعية استخدام وسائل اإلتصال الحديث‬
‫؛كالرسائل اإللكترونية في إبرام اتفاق التحكيم‪ ،‬وهذه مرونة مقصودة من المشرع‪ ،‬الغاية‬
‫منها فتح المجال أمام إمكانية إثبات اتفاق التحكيم بكل الوسائل وبأي وسيلة يمكن الوثوق بها‬
‫‪ ،‬أي أنه جاز التعبير عن اإلرادة بالكتابة على دعامة غير ورقية ‪ ،‬وهو ما يتوافق مع قانون‬
‫‪ 53.05‬الذي أقر مبدأ المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة‬
‫إلكترونية ‪.22‬‬
‫يجب االعتراف في هذا اإلطار أن المشرع المغربي ساير توجه االتفاقيات الدولية واخد‬
‫بمفهوم الواسع للكتابة لتشمل الدعامة اإللكترونية وهو ما نص عليه الفصل ‪ 417‬من ق ل‬
‫ع ‪، 23‬‬
‫كما كرس هذا المفهوم العديد من األحكام القضائية ‪، 24‬‬
‫بل أن الئحة المحكمة أقرت صحة شرط التحكيم‪ ،‬شريطة أن تكون المستندات المعلوماتية‬
‫المودعة من جانب األطراف تقدم ضمانات جدية وكافية حتى يمكن االعتماد عليها لذلك ال‬
‫يوجد ما يمنع أن تكون الكتابة محررة على دعامة إلكترونية طالما أنها تحقق نفس الهدف ‪،‬‬
‫فالمهم أن يتم حفظ البيانات المتداولة إلكترونيا بحيث يمكن االحتفاظ بها والرجوع إليها عند‬
‫النزاع دون أن يطرا عليها أي تعديل أو تحريف ‪ ،‬وتأسيسا على ماسبق يمكن القول أن‬
‫الكتابة في اتفاق التحكيم تعتبر شرطا إلزامي ‪ ،‬يدور معه التحكيم وجوبا وعدما حتى ولو‬
‫تعلق األمر بالنزاعات التجارية التي تعتمد على حرية اإلثبات‪.‬‬
‫فالمناط اذن في منح القوة الثبوتية للكتابة اإللكترونية‪ ،‬ليس في طبيعة الدعامة المستعملة‬
‫التي تحتوي على مضمون الرسالة ‪،‬وال في طريقة تعبير عن اإلرادة‪ ،‬وإنما التأكد من أن‬

‫‪ 22‬الفصل ‪ 1-417‬من القانون رقم ‪ 05.53‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪.‬‬

‫‪23‬الفصل ‪ 417‬من ق ل ع‪ :‬الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية‪.‬‬

‫ويمكن أن ينتج كذلك عن المراسالت والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير‬
‫المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات داللة واضحة‪ ،‬كيفما كانت دعامتها‬

‫وطريقة إرسالها‪.‬‬

‫إذا لم يحدد القانون قواعد أخرى ولم تكن هناك اتفاقية صحيحة بين األطراف‪ ،‬قامت المحكمة بالبت في المنازعات المتعلقة بالدليل الكتابي بجميع‬
‫الوسائل وكيفما كانت الدعامة المستعملة‪.‬‬

‫محمد لمسلك‪ ،‬تسوية منازعات التجارة االلكترونية‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة إشكالية اإلختصاص واالرتباط باألنظمة القانونية‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪24‬‬

‫شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سلت جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪ 2015،2014‬ص ‪.26‬‬

‫‪14‬‬
‫الكتابة صدرت من صاحبها ‪ ،‬ولم يتالعب اي احد في مضمونها ومصدرها ‪ ،‬وأنه قد جرى‬
‫حفظها بشكل ال يؤثر على مضمونها ‪،‬‬
‫وعليه انتقل الى الفقرة الموالية ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية؛اختيار هيئة التحكيم‬
‫نص قانون التحكيم والوساطة االتفاقية في مادته ‪ 20‬على أنه تتشكل الهيئة التحكيمية من‬
‫محكم واحد أو عدة محكمين‪ ،‬تكون لألطراف حرية تحديد عددهم وإجراءات تعيينهم‪ ،‬بمن‬
‫فيهم الرئيس‪ ،‬إما في اتفاق التحكيم وإما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع للمؤسسة‬
‫المختارة‪.‬‬
‫فإذا لم يتفق األطراف على عدد المحكمين كان العدد ثالثة‪ ،‬مع مراعاة أحكام المادة ‪22‬‬
‫بعد‪.‬‬
‫إذا تعدد المحكمون‪ ،‬وجب أن يكون عددهم وترا‪ ،‬وإال كان التحكيم باطال ‪.‬‬
‫ونتالقى من هذا النص يتبين على أن أطراف هم من يتكلفون بإختيار المحكمين وبشكل‬
‫هيئة التحكيم وكذا تحديد عدد المحكمين‪ ،‬وذلك إما بإختيار المحكمين بأسمائهم ‪ ،‬أما عن‬
‫تعيين المحكمين في التحكيم اإللكتروني فال يختلف عن التحكيم التقليدي إال في أداة تفعيله‪،‬‬
‫ونعني هنا وسائل االتصال اإللكترونية‪ ،‬باعتبارها الفضاء الذي تجرى من خالله تسوية‬
‫المنازعات‪.‬‬
‫أما بخصوص قبول المحكم مهمته فقد نصت المادة ‪ 30‬من قانون المتعلق بالتحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية " ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إال إذا قبل المحكم أو المحكمون‬
‫المعينون المهمة المسندة إليهم‪.‬‬
‫يثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو بتحرير وثيقة الشروع في المهمة‪.‬‬
‫يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبولها عن أي ظروف من شأنها‬
‫إثارة شكوك حول حياده واستقالله‪.‬‬
‫يجب على المحكمين التصريح بقبول المهمة داخل أجل خمسة عشر( ‪ )15‬يوما من تاريخ‬
‫إشعارهم بهوية المحكمين المعينين‪.‬‬
‫يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها‪ ،‬وال يجوز له بعد قبولها‪ ،‬تحت‬
‫طائلة تحميله المسؤولية المدنية‪ ،‬أن يتنخلى عنها دون سبب مشروع‪ .‬و يتعين عليه إرسال‬
‫إشعار األطراف يذكر فيه أسباب تخليه‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وهو األمر الذي أشارت إليه قواعد التحكيم السريعة التابعة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية‬
‫من خالل المادة ‪ ، 18‬على أنه يجب على المحكم الذي قبل مهمة التحكيم ‪ ،‬أن يخطر كتابتا‬
‫المركز بقبوله مهمة التحكيم والتزامه بتوفير الوقت الالزم إلجراء التحكيم من أجل إنصاف‬
‫على أتم وجه وشفافية‪، 25‬‬
‫وعليه المشرع المغربي اشترط أن يتم القبول في شكل إبرام عقد الشروع في القيام بالمهمة‬
‫أو توقيع على االتفاق ‪ ،‬وذلك بموجب الفقرة الثانية من المادة ‪ 30‬من قانون ‪95.17‬‬
‫المذكور أعاله‪،‬‬
‫ونرى أنه على المحكم الذي وافق على مهمته أن يبعث بموافقة عبر البريد االلكتروني أو‬
‫عبر رسالة نصية ‪ ،‬يعبر فيها عن قبول او رفض المهمة المسند إليه ‪.‬‬

‫‪25 :‬‬ ‫‪L’article 18 du règlement d’arbitrage accéléré de L’OMPI prévoit que‬‬

‫‪a(l’arbitre est réputé en acceptant sa nomination s’être engagé à consacrer à la procédure d’arbitrage‬‬
‫‪le temps‬‬

‫‪.nécessaire pour qu’elle puisse être conduite et achevée avec célérité‬‬

‫‪.b( l’arbitre pressenti doit accepter sa nomination par écrit et communiquer son acceptation au centre‬‬

‫‪.c( le centre notifie aux parties la constitution du tribunal‬‬

‫‪. Disponible sur le site www.wipo.int/amc/fr/arbitration/expedilred -rules:‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني و تحدياته‬

‫إن التطور الرقمي الذي يشهده العالم اليوم‪ ،‬له تأثير واضح على المعامالت‪ ،‬التي أضحت‬
‫هي األخرى تتم باستخدام وسائل التكنولوجيا‪.‬‬

‫وبهذا فتوجه األفراد‪ ،‬إلى القيام بجل معامالتهم بطريقة إلكترونية‪ ،‬يجعلهم بحاجة إلى فض‬
‫المنازعات‪ ،‬التي قد تنشأ عن هذه المعامالت بنفس الطريقة‪ .‬التي نجدها في التحكيم‬
‫اإللكتروني‪ ،‬باعتباره وسيلة لحل النزاعات باالعتماد على وسائل التكنولوجيا‬

‫فالتحكيم اإللكتروني‪ ،‬يتسم بالعديد من الخصائص اإليجابية (المطلب األول) التي تحفز‬
‫األفراد‪ ،‬على التعامل بهذه الطريقة‪ ،‬لكن التحكيم اإللكتروني هو االخر قد تشوبه بعض‬
‫النواقص و السلبيات (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني‬

‫يتسم التحكيم اإللكتروني بمجموعة من الخصائص العملية‪ ،‬التي تجعله متفوقا على التحكيم‬
‫العادي‪ .‬هذا ما يجعل األفراد يعتمدون على التحكيم اإللكتروني لفض نزاعاتهم نظرا لما‬
‫يضمنه لهم من سرعة و سرية ( الفقرة األولى)‪.‬‬

‫كذلك بالنسبة للتكاليف فتكون أقل‪ .‬باإلضافة إلى استجابته‪ ،‬لنمط عيش أطراف النزاع‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬السرعة و السرية في حسم النزاع‬

‫تعد السرية و السرعة‪ ،‬من أهم الميزات التي يتسم بها التحكيم اإللكتروني و لهذا سنتطرق‬
‫لكل خاصية منهم على حدى‪:‬‬

‫أ‪ -‬السرعة‪:‬‬

‫إن أهم ما يميز التحكيم اإللكتروني السرعة في فض النزاع‪ ،‬متجاوزا بذلك البطئ الذي‬
‫تشهده المحاكم نتيجة كثرة القضايا و حتى بالمقارنة مع التحكيم العادي الذي يحتاج إلى مدة‬

‫‪17‬‬
‫أطول‪ .‬فالتحكيم اإللكتروني يتسم بالسهولة‪ ،‬في تقديم المستندات و األوراق المطلوبة عن‬
‫طريق اللجوء إلى استخدام البريد اإللكتروني بدل البريد التقليدي‪ ،‬الذي يحتاج إلى وقت‬
‫‪26‬‬
‫أطول‪.‬‬

‫ب‪ -‬السرية‪:‬‬

‫إن خاصية السرية‪ ،‬تحفز األشخاص للجوء إلى التحكيم اإللكتروني‪ ،‬خاصة في المجال‬
‫التجاري الذي ينبني على االئتمان‪ ،‬فخبر دخول مقاولة أو شركة في نزاع قد يكون له تأثير‬
‫سلبي على مركزها االئتماني‪ .‬و ضمان سرية المعلومات‪ ،‬هي خاصية يوفرها التحكيم‬
‫اإللكتروني و ذلك من خالل‪ ،‬استخدام الوسائل الفنية في إدارة التحكيم اإللكتروني‪ ،‬التي من‬
‫شأنها أن تجعل إمكانية الوصول إلى هذه األحكام أمر شبه مستحيل‪ ،‬كما أنها تقضي على‬
‫‪27‬‬
‫حاالت اإلهمال المادي‪ ،‬التي تؤدي إلى الكشف عن مضمون بعض األحكام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المالئمة و خفض التكاليف‬

‫توفر مسطرة التحكيم العديد من الحلول و االمتيازات على المستوى العملي و لعل من‬
‫أبرزها‪:‬‬

‫أ‪ -‬خفض التكاليف‪:‬‬

‫يساهم التحكيم اإللكتروني في خفض التكاليف المرتبطة بعملية التحكيم‪ .‬بحيث ال يحتاج‬
‫المحتكمون و الشهود و المحكمون‪ ،‬إلى التنقل من دولة ألخرى‪ ،‬ما يوفر مصاريف اإلقامة‬
‫و بهذا يتم عقد جلسات‬ ‫‪28‬‬
‫في الفنادق‪ ،‬و غيره من المصاريف كرسوم المحاكم و الخبرة‪.‬‬
‫عبر اإلنترنيت و كذلك تبادل المستندات و الوثائق بنفس الوسيلة‪ ،‬التي تخفض من تكاليف‬
‫هذه اإلجراءات ‪.‬‬
‫‪ - 26‬كريم الصبونجي‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة بديلة لحل منازعات التجارة اإللكترونية‪،‬مقال منشور في مجلة المهن القانونية والقضائية‪،‬‬
‫عدد‪،56‬سنة‪،2020‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 27‬ياسر أحمد العجلوني‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لفض المنازعات‪ ،‬مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية‪،‬عدد‬
‫خاص‪،‬سنة ‪ 2020‬ص‪.8‬‬
‫‪ - 28‬بوديسة كريم‪"،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة اإللكترونية"‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‪،‬جامعة مولود‬
‫معمري تيزي وزو‪،‬السنة الجامعية ‪،2012‬ص‪.21‬‬

‫‪18‬‬
‫ب‪-‬المالئمة‪:‬‬

‫خالفا للمحاكم أو هيئات التحكيم التقليدية‪ ،‬فإن التحكيم اإللكتروني متاح على مدار أربع‬
‫وعشرين ساعة‪ ،‬في اليوم و سبعة أيام في األسبوع‪،29‬هذه الخاصية تمكن األطراف من‬
‫التواصل و تدارس كل مستجد متعلق بالنزاع‪ ،‬عن طريق البريد اإللكتروني دون عناء فقط‬
‫بجهاز الكمبيوتر‪ ،‬يمكن لكل من أطراف النزاع و المحكمين التواصل دون الحضور إلى‬
‫مكان معين‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تحديات التحكيم اإللكتروني‪.‬‬

‫فالبرغم من المزايا المتعددة التي يتميز بها التحكيم اإللكتروني ‪ ،‬إال أنه يواجه مجموعة من‬
‫التحديات‪ 30‬من أبرزها إشكالية توقيع إتفاق التحكيم اإللكتروني ( الفقرة األولى )‪ ،‬و صعوبة‬
‫تنفيذ حكم التحكيم اإللكتروني (الفقرة الثانية ) ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬إشكالية توقيع إتفاق التحكيم اإللكتروني ‪.‬‬
‫عرفت المادة الثانية في فقرتها (أ) من القانون النمودجي بشأن التوقيعات اإللكترونية‪ ،‬الذي‬
‫وضعته لجنة األمم المتحدة‪ ،‬التوقيع اإللكتروني‪ ،‬حيث نصت على انه " توقيع الكتروني‬
‫يعني بيانات في شكل الكتروني مدرجة في رسالة او بيانات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها‬
‫منطقيا ‪ ،‬يجوز ان تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات و لبيان موافقة‬
‫الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات‪ ،‬و لبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في‬
‫رسالة البيانات ‪ ، 31‬وعرفته المادة الثانية من القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة‬
‫بشأن المعامالت اإللكترونية على أنه " توقيع يتجلى في استعمال طريقة ذات موثوقية‬
‫للتعريف اإللكتروني تضمن ارتباط التوقيع بالوثيقة المتعلقة به و يعبر عن رضى صاحب‬
‫التوقيع " ‪.32‬‬
‫و من ابرز صور هذا التوقيع مايلي ‪:‬‬
‫● التوقيع البيومتري ‪ :‬هذا التوقيع يتم باستخدام الخواص الذاتية أو الطبيعية مثل بصمة‬
‫األصبع و مسح شبكة العين و نبرة الصوت ‪.‬‬
‫‪ - 29‬كريم الصبونجي‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة بديلة لحل منازعات التجارة اإللكترونية‪،‬مرجع سابق‪،،‬ص ‪11‬‬
‫‪ 30‬و هذه التحديات مثل ضعف البنية التحتية لإلتصاالت و التي تشكل واحدة من أكبر التحديات‪ ،‬باالضافة إلى االثمنة المرتفعة لها ‪ ،‬و أيضا غياب‬
‫تشريعات دقيقة تسهل من مهمة المحكم اإللكتروني و أطراف النزاع ‪ ،‬و كل هذا ينعكس سلبا على المجتمع‪ ،‬و يصبح ضعف إجتماعي و تخوف‬
‫من هذا التحكيم بعتباره حديث و يعتقد الكثير انه ليس فعال و غير ناجح ‪ ،‬ألن التحكيم اإللكتروني يتطلب تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي‬
‫لديه القدرة على فهم التقنية و التعامل معها بكل كفاءة ‪ ،‬و هذا ما يجب على المشرع نهجه‪.‬‬
‫‪ 31‬المادة الثانية من القانون النمودجي بشأن التوقيعات اإللكترونية الذي وضعته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( األونسيترال ) ‪.2001‬‬

‫المادة الثانية من القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪19‬‬
‫● التوقيع بالقلم اإللكتروني ‪ :‬هذه الطريقة تتم بقلم الكتروني يمكنه الكتابة على شاشة‬
‫الكمبيوتر و هذه الطريقة تتم بعمليتين األولى من أجل التقاط التوقيع و الثانية من أجل التأكد‬
‫من صحة التوقيع ‪. 33‬‬
‫● التوقيع الرقمي ‪ :‬هذا التوقيع هو عبارة عن رقم سري أو رمز ينشأه صاحبه باستخدام‬
‫برنامج حساب و يسمى الترميز ‪.‬‬
‫و يعتبر التوقيع اإللكتروني ضروريا في اتفاق التحكيم‪ ،‬باعتباره تعبير واضح عن إرادة‬
‫كل منهما و لذلك يجب أن يكون هذا التوقيع قادر على تحديد شخصية الموقع و مميزا له‬
‫عن غيره من األشخاص ‪ ،‬حتى ال يقع الخلط ممى قد يؤثر على اتفاق التحكيم ككل ‪ ،‬و أن‬
‫يسمح هذا التوقيع بكشف اية محاولة لتعديل هذه البيانات‪.‬‬
‫كما هنالك مجموعة من المخاطر التي تحيط بالتوقيع اإللكتروني باعتباره منفصل عن‬
‫الشخص صاحبه و وجوده ضمن محرر على وسيط الكتروني‪ ،‬و هذا ما ال يحقق نفس‬
‫الضمانة للتوقيع التقليدي ‪ ،‬اذ يمكن للقرصنة اختراق أنظمة المعلومات و اكتشاف التوقيع و‬
‫فك شفرته أو االستالء عليه ‪ ،‬و استخدامه بدون موافقة صاحبه أو علمه بذلك _صاحب‬
‫التوقيع اإللكتروني _ ‪،‬و هذه كلها مخاطر تدعو إلى التشكيك في قيمة التوقيع اإللكتروني‬
‫ممى يؤثر سلبا على التحكيم اإللكتروني ككل ‪.‬‬
‫و كما اغفل المشرع المغربي في القانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬
‫القانونية ضرورة استشارة أهل االختصاص التقني ‪ ،‬بحيث يجب تكوين فريق عمل يضم‬
‫أهل االختصاص التقني و القانوني و ذلك من أجل تطوير الوسائل التقنية الحديثة عمليا و‬
‫حمايتها قانونا ‪.‬‬

‫‪ 33‬خالد ممدوح ‪ ،‬التحكيم اإللكتروني في العقود الدولية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬سنة ‪ ، 2008‬ص‪421‬‬

‫‪20‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬صعوبة تنفيذ حكم التحكيم اإللكتروني ‪:‬‬
‫فبعد إجراء التحكيم اإللكتروني بكافة مراحله ‪ ،‬و إصدار الحكم في الموضوع على هيئة‬
‫التحكيم ‪ ،‬فهو له نفس آثار الحكم العادي ‪ ،‬ماعدا فيما يتعلق بتنفيذه ‪ ،‬الذي يخضع لقواعد‬
‫خاصة فتنفيذ الحكم التحكيمي يتم بطريقة رضائية من قبل اطرافه ‪ ،‬و ذلك من خالل طلب‬
‫التذييل بالصيغة التنفيذية حتى يتأتى لصاحب الحق تنفيذ الحكم ‪.‬‬
‫و تعتبر رقابة القاضي الذي يمنح امر التنفيذ جد محدودة ‪ ،‬بحيث يراقب ذلك الحكم‬
‫للوقوف على صحته ‪ ،‬بحيث قد يكون _ حكم التحكيم اإللكتروني _ مشوب بعيب أو علة‬
‫جسيمة ‪ ،‬بإستثناء مراجعة الجوهر ال يمكنه مراجعته ‪ ،‬بحيث له حق رفض التذييل بالصيغة‬
‫التنفيذية كلما كان ذلك المقرر التحكيمي غير موافق للنظام العام‪ ،‬أو عندما ال ينص‬
‫القانون الوطني على المعادلة بين الكتابة اإللكترونية و الكتابة على الورق ‪ ،‬و هذا ما قد ال‬
‫يخدم مصلحة أحد األطراف‪.‬‬
‫و من جهة اخرى فإن تعرض الحكم التحكيمي للبطالن نتيجة الطعن أمام محاكم الدولة التي‬
‫صدر فيها ‪ ،‬فإن قاضي الصيغة التنفيذية سيرفض مباشرة مسطرة التنفيذ الجبري باعتبار‬
‫أن بطالن الحكم التحكيمي‪ ،‬يشكل سببا مانع ألمر التنفيذ بمفهوم اتفاقية نيويورك ‪، 34‬‬
‫حيث نصت هذه االخيرة في المادة الخامسة في الفقرة ( ه ) على أنه " أن القرار لم يصبح‬
‫بعد ملزما للطرفني أو أنه نقض أو وقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي صدر‬
‫فيه أو مبوجب قانون هذا البلد‪.‬‬
‫•يجوز كذلك رفض االعتراف بقرار التحكيم ورفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة في‬
‫البلد الذي يطلب فيه االعتراف بالقرار وتنفيذه ‪.‬‬
‫• أنه ال ميكن تسوية موضوع النـزاع بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد ‪.‬‬
‫• االعتراف بالقرار أو تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد‪.‬‬
‫و هذا ما يؤدي إلى رفض تذييل مجموعة من األحكام بالصيغة التنفيذية ‪ ،‬وهذا ما يعود‬
‫سلبا على مهمة التحكيم اإللكترونية و نقص مفعولها ‪.‬‬

‫‪ 34‬اتفاقية االعتراف بقرارات التحكيم الجنبية و تنفيذها ‪ ،‬نيويورك ‪1958‬‬

‫‪21‬‬
‫خاتمة‬
‫نظرا لفاعليته‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومفضال لتسوية المنازعات‬ ‫خيارا فعّ ً‬
‫اال‬ ‫ً‬ ‫يظهر أن التحكيم اإللكتروني يشكل‬
‫وتكلفته المنخفضة والسرعة التي يتميز بها‪ .‬رغم التحديات القانونية والفنية‪ ،‬يمكن تجاوزها‬
‫من خالل االتفاق المسبق بين األطراف واعتماد آليات وتنظيم يتناسب مع خصوصيات‬
‫المعامالت اإللكترونية‪ .‬تسليط الضوء على هذه الجوانب يعزز فهمنا لألهمية الكبيرة للتحكيم‬
‫اإللكتروني كبديل لحل المنازعات في سياق التقنيات الحديثة والصفقات اإللكترونية حيت‬
‫حاولنا أن نعرف باألحكام العامة حول هاذا النوع من التحكيم مرورا بتمييزه عن باقي النظم‬
‫المشابهة ووصوال إلى مزياه وعيوبه والسؤال الذي أتارنا في دراستنا لهاذا الموضوع هو‬
‫أن التحكيم اإللكتروني يتميز باتفاق يبرم عبر اإلنترنت‪ ،‬وتتطلب خصوصياته إهتماما‬
‫خاصا في األحكام المطبقة عليه والسؤال الذي يمكننا إستخالصه من كل هل فعال التحكيم‬
‫اإللكتروتدني واكب التطور الذي يعيشه العالم في عصر الرقمنة أم أنه ال زال لم يحط‬
‫بالمنازعات المتعلقة بالتجارة الرقمية ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫الكتب العامة‪:‬‬

‫طارق زهير‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪،‬مطبعة دار النشر‬ ‫•‬
‫المغربية‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2019 ،‬‬

‫الكتب الخاصة‪:‬‬

‫عبد الحق كوريتي‪ ،‬التحكيم االلكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة االلكترونية‪،‬‬ ‫•‬
‫مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط الطبعة األولى‪2017،‬‬

‫محمد أمين الرومي‪ ،‬النظام القانوني للتحكيم االلكتروني‪ ،‬مطبعة دار الفكر‬ ‫•‬
‫الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪.2006،‬‬

‫• خالد ممدوح‪ ،‬التحكيم اإللكتروني في العقود الدولية‬

‫الرسائل واالطاريح ‪:‬‬


‫• تسوية منازعات التجارة االلكترونية‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة إشكالية االختصاص‬
‫واالرتباط باألنظمة القانونية‪.‬‬
‫كريم بوديسة‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لتسوية منازعات العقود التجارة‬ ‫•‬
‫اإللكترونية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص قانون التعاون الدولي‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية تيزي وزو‪.‬‬

‫المقاالت االلكترونية‪:‬‬

‫• كريم الصبونجي‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة بديلة لحل منازعات التجارة‬


‫اإللكترونية‪ ،‬مقال منشور في مجلة المهن القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪،56‬سنة‪.2020‬‬

‫‪www.wipo.int/amc/fr/arbitration/expedilred-rules‬‬
‫‪23‬‬
‫عبد هللا منيوي ‪ ،‬الوساطة االلكترونية ودورها في حل المنازعات التجارية‪،‬منشور‬ ‫•‬
‫بتاريخ ‪ 2022/10/12‬على الموقع ‪https://www.allbahit.com/2022/10/blog-‬‬
‫‪post_26.html‬‬

‫• ياسر أحمد العجلوني‪ ،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لفض المنازعات‪ ،‬مقال منشور في‬
‫مجلة المنارة للدراسات القانونية و االدارية‪،‬عدد خاص‪،‬سنة ‪2020‬‬

‫‪24‬‬
‫الفهرس‬
‫الئحة فك الرموز ‪2.....................................................................................‬‬
‫تقديم ‪3.............................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة للتحكيم اإللكتروني ‪7..................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية التحكيم اإللكتروني ‪7.........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التحكيم االلكتروني ‪7......................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز التحكيم اإللكتروني عن باقي النظم المتشابهة ‪9......................‬‬
‫أوال‪ :‬التحكيم االلكتروني و المفاوضات االلكترونية ‪9.......................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم االلكتروني و الوساطة االلكترونية ‪10........................................‬‬
‫المطلب الثاني؛ إسقاط مفهوم التحكيم اإللكتروني على التحكيم الداخلي بين أفراد في‬
‫القانون المغربي ‪11......................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اتفاق تحكيم مبرم عبر االنترنت ‪12.............................................‬‬
‫الفقرة الثانية؛اختيار هيئة التحكيم ‪15.............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني و تحدياته ‪17...............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األبعاد اإليجابية للتحكيم اإللكتروني ‪17...........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬السرعة و السرية في حسم النزاع ‪17.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المالئمة و خفض التكاليف ‪18...................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تحديات التحكيم اإللكتروني‪19................................................. .‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬إشكالية توقيع إتفاق التحكيم اإللكتروني ‪19............................... .‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬صعوبة تنفيذ حكم التحكيم اإللكتروني ‪21.................................. :‬‬
‫‪22‬‬ ‫خاتمة‬
‫الئحة المراجع ‪23‬‬

‫‪25‬‬

You might also like