You are on page 1of 8

‫"اإلنسان يساوي الكرامة والكرامة تقتض ي الحرية فاإلنسان يساوى الحرية"‪ ،1‬قولة‬

‫ت بّين أّن الحّر ي ة والكرام ة هم ا الرك يزتين األساس ّيتين لل ذات البش رّية‪ ،‬فالحّر ي ة هي أّم‬
‫المب ادئ ألّنه ا تس اوي اإلنس ان‪ ،‬ولنفس الّس بب تع ّد الكرام ة ح ّق ج امع تنض وي تحت ه ك ّل‬
‫الحق وق األساس ّية لإلنس ان‪ ،‬الح ّق في الحرم ة الجس دّية‪ ،‬الح ّق في محاكم ة عادل ة‪ ،‬ح ّق‬
‫السجين في معاملة إنسانّية تحفظ كرامته‪ ...،‬وبهذا المعنى‪ ،‬ينبغي فهم أّن المساس بكرامة‬
‫اإلنسان والحّد غير المبّر ر من حّر يته‪ ،‬هو نفي للذات البشرّية‪.‬‬

‫إنس ان‪ ،‬كرام ة‪ ،‬حّر ي ة‪ ،‬ه ل أّن تحقي ق ه ذه المعادل ة الثالثّي ة ال تي يفرض ها العق ل‬
‫والمنطق السليم قبل األخالق والعدالة‪ ،‬مضمون في كّل الحاالت؟‬

‫مثال واقعّي سنسوقه من بين أمثلة عّد ة‪:‬‬

‫"في الداخلّية‪ ،‬كنت أسمع صراخ موقوفين من هول التعذيب (‪ )..‬لقد كانت جدران‬
‫المب نى ملطخ ة بال دماء وبه ا خن اجر وس يوف وسالس ل وأدوات ميكانيكي ة (‪ )..‬وتّم ان تزاع‬
‫اعتراف ات م ني تحت التع ذيب"‪" .‬أّم ا في الس جن‪ ،‬فق د فق دت بعض ا من أس ناني من ش ّد ة‬
‫الضرب (‪ )..‬لقد جردوني من ثيابي وأجبروني على وضعيات عارية والتقطوا لي صورا‬
‫وضربوني في أماكن العورة (‪ )..‬لقد كان الشهر األول كابوسا بعينه"‪.‬‬

‫هكذا جاء على لسان أحد المساجين السياس ّيين في فترة ما قبل الثورة‪ ،‬يتح ّد ث عن‬
‫تع ذيب انطل ق من غ رف االحتف اظ وتواص ل في الس جن‪ ،‬فعن أّي ة ذات بش رّية نتح ّد ث م ع‬
‫هك ذا ش كل من التع ذيب؟ خلي ط من التع ذيب الجس دي والمعن وي‪ ،‬تع ذيب متواص ل يتع اظم‬
‫يوما بعد يوما وآثاره يستحيل محوها من الذاكرة قبل الجسد‪.‬‬

‫موض وعنا ال يخ رج عن ه ذا الس ياق‪ ،‬يتعّل ق بج رائم التع ذيب والمعامل ة الالإنس انّية‬
‫والمهينة والقاسية‪ ،‬وجميعها أفعال تؤّد ي إلى طمس مقّو مات الذات البشرّية‪ ،‬ففي التعذيب‬

‫‪ -‬عدنان إبراهيم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫الماّد ي تعٍّد على حرمة الجسد كأحد أقدس مقّو مات اإلنسان‪ ،‬وفي التعذيب المعنوي مساس‬
‫إن لم نق ل إع دام لحّر ي ة االختي ار‪ ،‬والمعامل ة الالإنس انّية والمهين ة والقاس ية‪ ،‬فهي كم ا ت دّل‬
‫عليها تسميتها تنفي إنسانّية اإلنسان وتحّط من كرامته‪.‬‬

‫قب ل الخ وض في مف اهيم الموض وع أو أهّم يت ه‪ ،‬ينبغي التنبي ه إلى دّق ة من اط البحث‪،‬‬
‫ف األمر ال يتعّل ق ب الجرائم الالإنس انّية ألّن ج ّل الج رائم‪ ،‬ال س يما تل ك المبنّي ة على الق ّو ة‬
‫وأهّم ها االغتصاب والقتل‪ ،‬هي جرائم ال إنسانّية طالما فيها تع ٍّد على حّر يات فردّي ة‪ .‬كما‬
‫ال يتعّل ق البحث بعقوب ة جزائّي ة وق ع تنفي ذها طب ق الق انون رغم م ا فيه ا من مس اس بحّر ي ة‬
‫الفرد ألّن ذلك المساس مبّر ر بمبدأ مفاده أّن كّل فعل مجّر م ينبغي أن ُيعاقب عليه‪.‬‬

‫إّن مناط البحث في هذا الّص دد يتعّلق أساسا بجرائم على درجة عالية من الخطورة‬
‫تنتفي فيه ا كرام ة ال ذات البش رّية وتنع دم فيه ا حّر ي ة االختي ار ويجب أن ُت رتكب في س ياق‬

‫خاّص ‪ ،‬سياق يكون فيه المظنون فيه أو المّتهم أو السجين في وضعّية طرف ضعيف هّش‬
‫إزاء موّظ ف عمومّي أو من يتنّز ل منزلت ه يستغّل الس لطة الممنوحة ل ه للتنكي ل ب المّتهم أو‬
‫السجين سواء عن طريق تعذيبه أو سوء معاملته بدافع التشّفي أو التحصيل على اعترافات‬
‫منه لم يكن ليدلي بها لوال ما ُم ورس عليه‪ ،‬فهي إذن جرائم تستمّد طبيعتها وخصوص ّيتها‬

‫تلك بدرجة أولى من صفات أطرافها وليس فقط من األفعال المكّو نة لها في ح ّد ذاتها ألّن‬
‫تل ك األفع ال يص بح له ا في ع الم الق انون وص ف آخ ر بتغّي ر أطرافه ا‪ ،‬وذل ك ه و التص ّو ر‬
‫اّل ذي انبنت علي ه اتفاقّي ة مناهض ة التع ذيب والمعامل ة أو العقوب ة القاس ية أو الالإنس انّية أو‬
‫المهين ة لس نة ‪ 1984‬أو أحك ام التع ذيب وس وء المعامل ة كيفم ا وردت بالفص ل ‪ 101‬مك رر‬
‫وما يليه من المجلة الجزائّي ة‪ .‬وال تخرج عن نفس المنطق جرائم التعذيب وسوء المعاملة‬
‫على الص عيد ال دولي أو في وض عّيات الح رب االس تثنائّية م ع تفّر ده ا بمقارب ة أش مل‪ ،‬إذ‬
‫َيس تهدف التع ذيب وس وء المعامل ة مجموع ة بش رّية بأكمله ا ال أف راد خ واّص معّي نين‪،‬‬
‫ويمارس التعذيب وسوء المعاملة فيها باستعمال أدوات الحرب‪.‬‬
‫فالتعذيب‪ ،‬لغة‪ ،‬يقال "ماء عذب‪ ،‬أي طيب وبارد وأعذب القوم‪ ،‬أي صار لهم ماء عذب‪،‬‬
‫والعذاب هو اإليجاع الشديد أو كّل ما ش ّق على االنسان ومنعه مراده وقد عّذ به تعذيبا أي‬
‫أكثر حبسه في العذاب"‪ ،‬وقد أختلف في أصله فقال بعضهم "هو من قولهم ع ذب الرجل إذا‬
‫ترك المأكل والنوم‪ ،‬فهو عاذب وعذوب‪ ،‬فالتعذيب في األصل هو حمل اإلنسان أن يعذب‬
‫أي أن يجوع ويسهر"‪ ،‬وقيل "أصل التعذيب هو إكثار الضرب بعذبة الصوت أي ترفها"‪،‬‬
‫وقد قال بعض أهل اللغة "التعذيب هو الضرب فيه أذى وكدر"‪.‬‬

‫اص طالحا‪ ،‬التع ذيب في الحق ل الق انوني ل ه تعري ف ورد بالم ادة ‪ 1‬من اتفاقي ة‬
‫مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية أو الغير إنسانية أو المهينة‬
‫التي صادقت عليها البالد التونسية بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،1988‬إذ هو "أّي عمل ينتج عنه‬
‫ألم أو ع ذاب ش ديد جس ديا ك ان أم عقلي ا يلح ق عم دا بش خص م ا بقص د الحص ول من ه ذا‬
‫الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه‬
‫أو ُيشتبه في أّنه ارتكبه هو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أّي شخص ثالث أو‬
‫عن دما يلح ق مث ل ه ذا األلم أو الع ذاب ألّي س بب يق وم على التمي يز‪ ،‬أّي ا ك ان نوع ه أو‬
‫يح ّر ض علي ه أو يواف ق علي ه أو يس كت عن ه موّظ ف رس مي أو ش خص آخ ر يتص ّر ف‬
‫بص فته الرس مية وال يتض ّم ن ذل ك األلم أو الع ذاب الناش ئ فق ط عن عقوب ات قانونّي ة أو‬
‫المالزم له ذه العقوب ات أو ال ذي يك ون نتيج ة عرض ّية له ا"‪ .‬وانض باطا لعلوّي ة المعاه دة‬
‫الدولي ة‪ ،‬انص هر المش ّر ع التونس ي في مقارب ة حديث ة لحق وق اإلنس ان يجّس دها التعري ف‬
‫الوارد ص لب الفصل ‪ 101‬مكرر م‪.‬ج‪ .‬كم ا وقع تنقيحه بالق انون عدد ‪ 106‬لسنة ‪2011‬‬
‫المؤّر خ في ‪ 22‬أكتوبر ‪ 2011‬على أّنه "كّل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان‬
‫أو معنوي ا يلح ق عم دا بش خص م ا بقص د التحص يل من ه أو من غ يره على معلوم ات أو‬
‫اعتراف بفعل ارتكبه أو ُيشتبه في أّنه ارتكبه هو أو غيره‪ ،‬ويع ّد تعذيبا تخويف أو ازعاج‬
‫ش خص أو غ يره للحص ول على م ا ذك ر‪ ،‬وي دخل في نط اق التع ذيب األلم أو الع ذاب أو‬
‫التخوي ف أو االرغ ام الحاص ل ألّي س بب من األس باب ب دافع التمي يز العنص ري‪ ،‬وُيعت بر‬
‫مع ّذ با الموّظ ف العمومي أو شبهه اّل ذي يأمر أو يح ّر ض أو يوافق أو يسكت عن التعذيب‬
‫أثن اء مباش رته لوظيف ة أو بمناس بة مباش رته ل ه‪ .‬وال يعت بر تع ذيبا األلم الن اتج عن عقوب ات‬
‫قانونّية أو المترّتب عنها أو المالزم لها"‪.‬‬

‫لم يتوص ل الفق ه إلى تعري ف ش امل وج امع للج رائم ض د اإلنس انية‪ ،‬ب ل بقيت التع اريف‬
‫المتعلقة بها متسمة بالنسبية والظرفية نظرا لتركيزها على بعض العناصر دون أخرى‪.‬‬

‫وتتعدد تعاريف الجريمة ضد اإلنسانية في مواثيق ونظم المحاكم الجنائية الدولية ‪ ،‬النظام‬
‫األساس ي للمحكم ة العس كرية بنورم برج‪ -‬الق انون رقم ‪ 10‬لمجلس الرقاب ة على ألماني ا –‬
‫النظ ام األساس ي ببمحكم ة الدولي ة ليوغس الفيا س ابقا‪ -‬النظ ام األساس ي للمحكم ة الدولي ة‬
‫لرواندا‪ -‬النظام األساس للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫ع رفت الم ادة‪ 6‬من ميث اق نزرم برج مص طلح الج رائم ض د اإلنس انية بأن ه القت ل‬
‫العمد‪ ،‬اإلبادة‪ ،‬اإلسترقاق‪ ،‬اإلبعاد واألفعال الالإنسانية األخرى المرتكبة ضد أي مجموعة‬
‫من السكان المدنيين قبل الحرب أو أثنائها‪...‬‬

‫إضطهاد أية جماعة محدودة أو مجموع محدد من السكان ألسباب سياسية أو عرقية‬
‫أو قومي ة أو إثني ة أو ثقافي ة أو ديني ة أو متعلق ة بن وع الجنس اإلختف اء القس ري لألش خاص‬
‫جريمة الفصل العنصري األفعال الالإنسانية األخرى ذات الطابع المماثل تتسبب عمدا في‬
‫معاناة شديدة أو في أذي خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية‪.‬‬

‫أم ا فيم ا تتعل ق بمص طلحي المعامل ة القاس ية أو المهين ة فإن ه يق اس مفهومهم ا م ع‬
‫المع نى الواض ح للتع ذيب لكن بدرج ة أق ل خط ورة‪ ،‬حيث تش ترك في نفس األط راف من‬
‫حيث اإلرتكاب وتختلف في العقوبة‪.‬‬

‫نهى الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم عن التع ذيب لم ا روى عن ه من ان اهلل يع ذب ال ذين‬


‫يعذبون الناس في الدنيا وان اول من يدخل النار يوم القيامه الصواتون الذين يكون معهم‬
‫االص وات يض ربون به ا الن اس بين ي دي الظلم ه كم ا نهى الق ران الك ريم عن الح اق االذى‬
‫باالنسان بقوله تعالى في االيه ‪ 58‬من سوره االحزاب والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات‬
‫بغ ير م ا اكتس بوا فق د احتمل وا بهتان ا واثم ا مبين ا ولكن رغم ه ذا المن ع وذل ك لم تتوق ف‬
‫ممارسه التعذيب بل تواصلت انهيك الحرمه الجسديه والكرامه االنسانيه لتبلغ اشدها خالل‬
‫الحرب العالميه الثانيه التي ارتكبت فيها فضاء تقشعر لها االبدان فتظافرت الجهود الدوليه‬
‫في اط ار منظم ه االمم المتح ده من اج ل التص دي للتع ذيب وبعث الي ات لحماي ه الف رد ض د‬
‫االنتهاكات اذ كانت هذه المنظمه التي انشات في اعقاب الحرب تعمل منذ توقيع ميثاقها‬
‫في الس ادس والعش رون من جويلي ا ‪ 1945‬على االرتق اء بحق وق االنس ان وتس عى الى ان‬
‫تنقض االجيال المقبله من واليه الحرب التي مست بحقوق االنسان وكرامه الفرد بما في‬
‫ذل ك رج اال ونس اء واالمم كبيره ا وص غيرها ومس ت من ك ل الحق وق بكاف ه انواعه ا والن ه‬
‫تبين ان المعامله الالمسانيه والمهينه حاضره بشكل يجعل التعبئه من اجل مقاومتها نوعا‬
‫من الحمايه الذاتيه اعتمدت االمم المتحده االعليل العالمي لحقوق االنسان في ‪ 10‬ديسمبر‬
‫‪ 1948‬الذي تضمن جمله من الحقوق التي تعتبر مشتركه بين جميع الناس بمختلف الوانهم‬
‫وجنسيتهم ولغاتهم وكان اهم تلك الحقوق الحق في الكرامه االنسانيه ومنه الحق في عدم‬
‫التع رض للتع ذيب حيث نص نص الم اده الخامس ه من ه على ذل ك كم ا س بق ان بين والن‬
‫االعالن غ ير كي ف لوحده في تحقي ق اح د اهم االه داف ال تي بعثت من اجله ا منظم ه االمم‬
‫المتح ده والمتمثل ه في حماي ه حق وق االنس ان وخاص ه التص دي للتع ذيب تع ددت المواثي ق‬
‫والصكوك الدوليه التي تسعى لتحقيق هذه الغايه فوقع االتفاق بين الدول على اعتماد العهد‬
‫الدولي حقوق المدنيه والسياسيه في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1966‬الذي نص في مادته السابعه على‬
‫عدم جواز اخضع احد للتع ذيب واعتمدت الجمعيه العامه لالم ه المتحده االعالن الخاص‬
‫بحماي ه جمي ع االش خاص من التع رض للتع ذيب وغ يره من ظ روب المعامل ه او العقوب ه‬
‫القاسيه او االنسانيه او المهينه الذي حدد التدابير الواجب على الدول اتخاذها لمنع وقوع‬
‫التع ذيب وذل ك س نه ‪ 1975‬والن التع ذيب لم يتوق ف رغم المن اداه بحظ ره والن ه ق د ي ؤدي‬
‫الى اض رار جس يمه وال المتع رض ل ه انش ات الجمعي ه العام ه لالمم المتح ده س نه ‪1981‬‬
‫الصندوق التطوعي الخاص بضحايا التعذيب وهو صندوق دولي لتقديم المساعده االنسانيه‬
‫الى ضحايا التعذيب وعائالتهم‪.‬‬
‫وح تى تك ون مناهض ه التع ذيب والياته ا اك ثر ج دوى س واء من ناحي ه الدق ه في وض ع‬
‫االلتزامات المحموله على الدول واالبتعاد عن العموميه التي قد تصبغ بها القواعد القانونيه‬
‫الدولي ه خاص ه تل ك المتص له بحرم ه الف رد وكرامت ه او من ناحي ه الق وى الملزم ه لتل ك‬
‫النصوص اعتمدت االمم المتحده في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1984‬اتفاقيه مناهضه التعذيب وغيره‬
‫من ظ روب المعامل ه او العقوب ه القاس يه او الال االنس ان او المهم او المهين ه ودخلت ه ذه‬
‫االتفاقيه حيز التنفيذ في ‪ 26‬جوان ‪ 1987‬بعد ‪ 30‬يوما من تاريخ ايداع وثيقه المصادقه‬
‫ومن االتفاقي ات الدولي ه االخ رى المتض منه الحك ام التع ذيب ن ذكر اتفاقي ه حق وق االنس ان‬
‫المعتمده من الجمعيه العامه لالمم المتحده سنه ‪ 1989‬والتي دخلت حيز التنفيذ من اثنين‬
‫سبتمبر ‪ 1990‬وقد نصت هذه االتفاقيه في فصلها السابع والثالثون على عدم تعريف اي‬
‫طفل التعذيب او لغيره من الظروب اال المعامله او العقوبه القاسيه او االنسانيه او المهينه‬
‫كم ا ال زمت االتفاقي ه القض اء على جمي ع اش كال التمي يز لعنص ري ال دول االط راف في‬
‫ض مان ح ق االنس ان دون تمي يز بس بب الع رق او الل ون او االص ل الق ومي او االث ني في‬
‫المس اواه او ام ام الق انون وخاص ه حق ه في االمن على شخص ه ومن اي اداه ب دني س واء‬
‫صدر عن موظفين رسميين او عن اي جماعه فرديه او مؤسسه وقد اعتمدت ه ذه االتفاقي ه‬
‫س نه ‪ 1973‬كم ا اعتم دت االمم المتح ده ع ده ص كوك اخ رى تج ف الى مالحظ ه التع ذيب‬
‫ومن ذلك مدونه قواعد سلوك الموظفين المكلفين بانفيذ القوانين بقرار الجمعيه العامه عدد‬
‫‪ 34‬الم ؤرخ في ‪ 17‬ديس مبر ‪ 1979‬وك ذلك مجموع ه المب ادئ المتعلق ه بحماي ه جمي ع‬
‫االش خاص ال ذين سيتعرض ون الي ش كل من اش كال االحتج از او الس جن المعتم د ع ام‬
‫‪.1988‬‬

‫لم يح د المش رع التونس ي عن ه ذا المنحى حيث عم ل في عدي د المواض ع على تحقي ق‬


‫مناهضة التعذيب وذلك على التوالي إذ أقر بالفصل ‪ 101‬مكرر من المجلة الجزائية تجريم‬
‫التعذيب‪.‬‬
‫إال أن ه لم يتط رق التعري ف ال وارد بالفص ل ‪ 101‬مك رر من المجل ه الجزائي ة الى مف اهيم‬
‫العقوب ه القاس يه والمعامل ه االنس انيه والمعامل ه الص عبه ال تي ج اءت ص لب االتفاقي ه الدولي ه‬
‫لمنظاف ه التع ذيب وك ذلك حص ر المش رع في الفص ل الم ذكور أعاله ص دور التع ذيب عن‬
‫موظ ف العم ومي او ش بيهه فق ط بينم ا يمكن له ذه الجريم ه ان تص در عن اف راد خاص ه‬
‫كالجماعات االرهابيه مثال داعش او العصابات المنظمه كالمافيا وقد اكدت لجنه مناهضة‬
‫التعذيب التابعه لالمم المتحده في مالحظاتها الختاميه بشان التقرير الدوري الثالث لتونس‬
‫والتقري ر االض افي في ‪ 6‬م اي ‪ 2016‬في المالحظ ه الختامي ه جيم ت رحب اللجن ه ب ادراج‬
‫جريمه التعذيب في قانون العقوبات في عام ‪ 1999‬لكنها تشعر بالقلق اذ ال يزال تعريف‬
‫التعذيب الوارد في الفصل ‪ 101‬مكرر من قانون العقوبات بصفته المعدله في عام ‪2011‬‬
‫غير منسجم مع التعريف الوارد في اتفاقيه النه ال يشير الى العقاب بوصفه احد االغراض‬
‫المحظ وره في اللج وء الى اعم ال التع ذيب ويقص ر العنص ر المتعل ق ب التمييز على التمي يز‬
‫العنصري‪.2‬‬

‫ومن األثار المؤكدة إلهتمام المشرع التونسي بالتعذيب نجد القانون األساسي عدد ‪ 43‬لس نة‬
‫‪ 2013‬المؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر ‪ 2013‬المتعّلق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب يتح ّد ث‬
‫ص راحة بالفص ل األّو ل من ه عن "الهيئ ة الوطني ة للوقاي ة من التع ذيب وغ يره من ض روب‬
‫المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة"‪ ،‬وبذلك فإّن فكرة المعاملة أو العقوبة‬
‫القاسية أو الالإنسانية أو المهينة هي فكرة تدور في ذهن المشّر ع التونسي‪.‬‬

‫وبم ا أن مقاوم ة التع ذيب وغ يره من ض روب المعامل ة الالإنس انية تتطلب إج راءات قوي ة‬
‫وإ س تثنائية ب رزت العدي د من الق وانين و التنقيح ات ال تي مس ت جانب ا من الق انون اإلج رائي‬
‫التونس ي من ذل ك الق انون ع دد ‪ 5‬لس نة ‪ 2016‬ال ذي اع د نقل ة نوعي ة في سياس ة الدول ة‬
‫الجزائي ة لمناهض ة التع ذيب وذل ك من خالل دعم مراقب ة النياب ة العمومي ة ومن خالل ح ق‬
‫المحتف ظ ب ه لحض ور مح ام‪ ،‬عالوة على ذل ك نج د إج راءات التص دي للتع ذيب تتبل ور في‬

‫‪2‬‬
‫‪ .‬مالحظات وتوصيات لجنة مناهضة التع\يب التابعة لألمم المتحدة بخصوص التقرير الدوري الثالث ماي ‪2016‬‬
‫أحكام الدستور عندما نص على أنه ال يمكن إيقاف شخص أو اإلحتفاظ به إال في حاالت‬
‫التلبس أو بقرار قضائي‪ ،‬ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه‪.....‬‬

‫تبل غ أهمي ة موض وعنا أوجه ا من الناحي ة العملي ة‪ ،‬فبداي ة أعم ال المعامل ة الالإنس انية أو‬
‫القاسية أو المهينة تطرح مشكل تقدير نظرا لوسع ومرونة التعبير‪ ،‬كما أن اثبات التعذيب‬
‫ليس ب األمر الهين‪ ،‬إذ تق ع أعم ال التع ذيب ع ادة في غ رف مغلق ة بم ا يص عب إقام ة ال دليل‬
‫على مص در التع ذيب‪ ،‬وي زداد مخ اض االثب ات عس را إذا م ا تعل ق األم ر بتع ذيب معن وي‬
‫آثاره ليس لها تمظهر خارجي‪,‬‬

‫إن جرائم التعذيب وغيره من سوء المعاملة ليست بالجرائم العادية بل هي جرائم تقترف‬
‫في س ياق خ اص ومن خالل أفع ال على درج ة عالي ة من الخط ورة وب ذلك ف إن اإلش كالية‬
‫ال واجب طرحه ا التخ رج على النح و الت الي‪ :‬م اهي خصوص ية ج رائم التع ذيب والمعامل ة‬
‫الالإنسانية والقاسية والمهينة؟‬

‫تكتس ي ج رائم التع ذيب والمعامل ة الالإنس انية والمهين ة والقاس ية خصوص ية‬
‫من حيث المفهوم‪ -I-‬وكذلك من حيث نظام التصدي لها ‪.-II-‬‬

You might also like