You are on page 1of 58

‫الفصل الثاني‬

‫التجاوزات في الحصانة الدبلوماسية وأثارها القانونية‬


‫أم ا في الفص ل الث اني فتطرقن ا إلى لب الموض وع حيث قس منه إلى مبح ثين حيث في المبحث‬
‫األول ذكرنا تعريف التعسف و مظاهره و أنواعه أما في المبحث الثاني اآلثار القانونية المترتبة‬
‫عنه ‪.‬‬

‫المبحث االول‬

‫قس منه إلى مطل بين عرفن ا التعس ف و مظ اهره أنواع ه في المطلب األول إم ا في المطلب الث اني‬
‫فتطرقنا إلي االثار القانونية المترتبة عن استخدم التعسف في الحصانة الدبلوماسية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التعسف في الحصانة الدبلوماسية ‪:‬‬


‫أوال ‪ :‬تعريف التعسف في اللغة ‪:‬‬
‫بناء على صدفة‪ ،‬أو نزوة أو اندفاع‪ ،‬عوض اً عن‬
‫التعسف‪  ‬بالحالة التي ُيحدد بها الشيء ً‬
‫عرف‪ّ  ‬‬‫ُي ّ‬
‫الضرورة‪ ،‬أو المنطق‪ ،‬أو المبدأ‬
‫ال تتماثل القرارات التعسفية بالضرورة مع تلك‪ ‬العشوائية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬خالل أزمة‪ ‬حظر‬
‫المرقّمة بعدد فردي إذا حملت‬
‫النفط ‪ُ ،1973‬س مح لألمريكيين بشراء البنزين حصراً في األيام ُ‬
‫لوح ة رخص تهم رقم اً فردي اً‪ ،‬وفي األي ام ذات الع دد ال زوجي‪ ،‬بالمقاب ل‪ ،‬إذا ك ان رقم لوح ة‬
‫رخصتهم زوجي اً‪ ،‬وبالتالي كان هذا النظام محدداً بعناية وغير عشوائي‪ ،‬ومع ذلك كان تقسيم‬
‫بأهلي ة الشخص القتناء البنزين‪ ،‬ومن‬
‫الناس تعسفياً‪ ،‬ألن أرقام لوحات الرخصات ال تتعلق بتات اً ّ‬
‫منهجي ةً‬
‫ّ‬ ‫األمثل ة األخ رى‪ ،‬ت رتيب طاّل ب الم دارس هجائي اً وف ق أس ماء ع ائالتهم‪ ،‬فهي ليس ت‬
‫عشوائية ولكنها تعسفية‪ ،‬على األقل في األمور التي ال تتعلق باسم العائلة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعريف التعسف في القانون‬
‫يع ود مص طلح «تعس في» (باإلنكليزي ة‪ )Arbitrary :‬للكلم ة الالتيني ة (‪ ،)arbitrarius‬وهي‬
‫ا‪،‬ويع د الحكم الق انوني التعس في‬
‫المص در من (‪ )arbiter‬أي الش خص الموك ل ب الحكم في أم ر م ُ‬
‫قراراً مبني اً على تقدير القاضي نفسه‪ ،‬وليس مفروض اً في القانون‪ ،‬وتنص دساتير بعض الدول‬
‫على من ع التعس ف‪ ،‬إذ تتج اوز الم ادة ‪ 9‬من‪ ‬دس تور سويس را‪ ‬نظري اً ح تى بعض الق رارات‬
‫الديمقراطية منعاً لإلجراءات الحكومية التعسفية‪.‬‬
‫كما ألغت محكمة‪ ‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ‬العليا قوانين لم تمتلك أساساً منطقياً برأيها‪ ،‬وتقترح‬
‫دراس ة حديث ة عن نظ ام اللج وء األم ريكي أن التعس فية في ص نع الق رار ق د تك ون س بب وج ود‬
‫فوارق الكبيرة في النتائج بين المح ّكمين المختلفين‪ ،‬وهي ظاهرة تُعرف بروليت الالجئين‪.‬‬
‫وتع ِّرف الم ادة ‪ 330‬من ق انون العقوب ات الروس ي التعس ف كجريم ةً مح ددةً‪ ،‬لكنه ا أبقت ه ذا‬
‫التعريف واسع المجال بحيث يشمل أي إجراء يناقض األوامر التي يفرضها القانون‪.‬‬

‫تعريف التعسف في الفلسفة ‪:‬‬


‫تتعلق األفعال التعسفية كثيراً‪ ‬بالغائية؛ أي دراسة الغاية‪ ،‬فاألفعال التي تفتقر للهدف تكون تعسفية‬
‫بالض رورة‪ ،‬ودون وج ود ح د فاص ل للقي اس‪ ،‬ال توج د مع ايير مطبق ة على الخي ارات‪ ،‬وبالت الي‬
‫تُعت بر جمي ع الق رارات سواس ية‪ ،‬م ع العلم أن المنهجي ات ال تي تُع د تعس فية أو عش وائية ب المفهوم‬
‫صنف كخيارات تعسفية بالمعنى الفلسفي إذا كانت قد اتُّخذت‬
‫المعياري لما هو «تعسفي»‪ ،‬قد ال تُ ّ‬
‫تحقيق اً له دف أك بر‪ ،‬كالحف اظ على النظ ام في الم دارس وتجنب االزدح ام في محط ات الوق ود‪،‬‬
‫تعقيباً على األمثلة المذكورة أعاله‪.‬‬
‫تعتقد الفلسفة‪ ‬العدمية‪ ‬بعدم وجود أي هدف للكون‪ ،‬وأن جميع الخيارات في الحقيقة تعسفية‪ ،‬إذا‬
‫ال يمتلك الكون أية قيمة‪ ،‬وفقاً لهذه الفلسفة‪ ،‬وبالتالي ال يحمل أي معنى بالضرورة‪ ،‬وألن الكون‬
‫بجميع مكوناته ال ينطوي على هدف أسمى ليصنع منه البشر أهدافاً فرعية‪ ،‬تُعتبر جميع جوانب‬
‫الحياة البشرية وتجاربها تعسفية بالمطلق‪ ،‬فال يوجد قرارات‪ ،‬أو أفكار أو ممارسات صحيحة أو‬
‫خاطئة‪ ،‬ومهما كان خيار الفرد‪ ،‬فإنه فارغ وعديم الجدوى مثل حال جميع الخي ارات األخرى‬
‫التي كان ليتخذها‪.‬‬
‫وأن ال‬
‫تعتقد أصناف عديدة من‪ ‬اإللوهية؛ أي االعتقاد بإله أو آلهة‪ ،‬بوجود هدف ما لكل شيء‪ّ ،‬‬
‫ش يء تعس فّي في الحقيق ة‪ ،‬فتش ير ه ذه الفلس فات إلى أن اإلل ه خل ق الك ون لس بب مح دد‪ ،‬ومن ثم‬
‫ينطلق كل حدث من هذا المبدأ‪ ،‬وال يمكن أن تفلت حتى األحداث التي تبدو عشوائية من يد اإلله‬
‫الحج ة تكمن في التصميم‪ ،‬وهي المحاجة بوجود‬
‫وغايته‪ ،‬ويتعلق هذا االعتقاد بطريقة ما بمبدأ ّ‬
‫اإلله نظراً إلمكانية العثور على هدف في الكون‪.‬‬
‫ويتعلق التعسف أيض اً باألخالقيات‪ ،‬وهي فلسفة صنع القرار‪ ،‬فحتى إن امتلك األفراد هدفاً‪ ،‬قد‬
‫تنص العقالني ة على أن المعرف ة ت أتي‬
‫تعس فية‪ ،‬بالمقاب ل ّ‬
‫يخت ارون تحقيق ه بط رق يمكن أن تُعت بر ّ‬
‫بالحس ابات واالس تنباطات الفكري ة‪ ،‬ويطب ق العدي د من العقالن يين (وليس كلهم) ه ذا المب دأ على‬
‫األخالق أيض اً‪ ،‬إذ ينبغي أن تُتّخ ذ جمي ع الق رارات بالعق ل والمنط ق‪ ،‬وليس ب النزوة أو م ا ق د‬
‫"يشعر" الفرد بصحته‪ ،‬وقد تُقبل العشوائية في حاالت نادرة كجزء من مهمة فرعية لتحقيق هدف‬
‫أك بر‪ ،‬ولكن ليس بش كل ع ام‪ .‬أم ا في علم العالم ات؛ أو النظري ة العام ة للعالم ات وأنظمته ا‬
‫قدم سوسور مفهوم التعسف الذي ال يوجد بموجبه أي ارتباط ضروري بين العالمة‬
‫وعملياتها‪ّ ،‬‬
‫المادي ة (ال ّدال) والكي ان ال ذي تش ير إلي ه على أن ه معناه ا (الم دلول) كمفه وم ذه ني أو كينون ة‬
‫ّ‬
‫حقيقية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الجرائم البسيطة التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي ‪:‬‬


‫يمكن التمييز بين الجرائم البسيطة والجرائم الخطرة التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي بالنظر‬
‫إلى الدافع من وراء ارتكابها ‪ .‬وتكون الجريمة بسيطة إذا كان حدوثها بدافع آخر غير المساس‬
‫‪ .‬وق د تكمن الص عوبة في التمي يز بين الج رائم الخط رة وغ ير‬ ‫(‪)1‬‬
‫بكي ان الدول ة وس المة أمنها‬
‫الخط رة(‪ ،)2‬في اختالف نظ رة ال دول في تش ريعاتها الجزائي ة إزاء م ا يع د خط را منه ا وم ا يع د‬

‫محمد فاضل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.302‬‬ ‫‪1‬‬

‫علي حسين الشامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.548‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪ .‬والقاعدة‬ ‫(‪)3‬‬
‫بسيطا فقد تكون بعض الجرائم الخطيرة في دولة ما وغير خطيرة في دولة أخرى‬
‫المتبعة هي عدم جواز إخضاع المبعوث الدبلوماسي لالختصاص القضائي للدولة المضيفة ضد‬
‫الجرائم البسيطة التي يرتكبها سواء بصفته الرسمية أو الخاصة‪.‬‬
‫وتشمل الحصانة هنا جميع الجرائم الواقعة على األشخاص ‪ ،‬كالجرائم المتعلقة بحياة اإلنسان‬
‫‪ ،‬وج رائم‬ ‫(‪)4‬‬
‫وس المة بدن ه ‪ ،‬مث ل القت ل ألعم دي والض رب المفض ي إلى القت ل ‪ ،‬والقت ل الخ اطئ‬
‫الج رح والض رب واإلي ذاء المعتم د ‪ ،‬وج رائم اإلجه اض والزن ا ‪ ،‬والج رائم االقتص ادية مث ل ‪:‬‬
‫‪ ،‬والجرائم الماسة بحرية اإلنسان وكرامته ‪ ،‬مهما تكن صفة المجني‬ ‫(‪)5‬‬
‫جرائم التحويل الخارجي‬
‫عليه ‪ ،‬سواء كان شخصا عاديا من مواطني الدولة المضيفة ‪ ،‬أم كان موظفا تم االعتداء عليه‬
‫أثن اء ممارس ته لمهام ه أو ك ان أجنبي ا أو ك ان ممن يتمتع ون بالحص انة القض ائية ‪ ،‬ك أن يك ون‬
‫المعتدي عليه مبعوثا دبلوماسيا ‪.‬‬
‫وتبع ا ل ذلك ف ان الدول ة المس تقبلة ال تس تطيع أن تلج ا إلى إج راءات عقابي ة بش ان المبع وث‬
‫الدبلوماسي الذي يرتكب جريمة على إقليمها ‪ ،‬إال انه يجوز لوزارة الخارجية استدعاء المبعوث‬
‫الدبلوماس ي أو اح د أعض اء الس فارة إلى دي وان ال وزارة وإ ش عاره بع دم تك رار ذل ك إذا ك انت‬
‫الجريمة المقترفة من الجرائم البسيطة‪ .‬أما إذا كانت الجريمة المرتكبة من الجرائم الخطرة فانه‬
‫يجوز للدولة اعتباره شخصا غير مرغوب فيه وطرده من البالد‪.‬‬
‫وإ ذا ك انت الحص انة القض ائية الجزائي ة ال تي يتمت ع به ا المبع وث الدبلوماس ي ض رورية ألداء‬
‫مهامه بكل حرية ‪ ،‬فان هناك مع األسف الشديد من الدبلوماسيين من يسيئون استعمال الحصانة‬
‫من اجل تحقيق أغراض شخصية أو القيام بأعمال تهدد امن الدولة المضيفة ‪ ،‬وهذا يتنافى مع‬
‫الغ رض ال ذي من اجل ه منحت لهم الحص انة القض ائية ‪ .‬وك ان األج در بواض عي اتفاقي ة فيين ا أن‬
‫يدركوا ذلك ويحددوا بعض االستثناءات ‪ ،‬ومن بينها على سبيل المثال ‪:‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 196‬‬ ‫‪3‬‬

‫احمد فاضل‪ ،‬الجرائم الواقعة على األشخاص‪ ،‬مطبعة جامعة دمشق‪ ، 1963 ،‬ص‪. 51-50‬‬ ‫‪4‬‬

‫سهيل الفتالوي ‪ ،‬القانون الدبلوماسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 329-328‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪ -1‬الجرائم الخطرة ‪ ،‬كجرائم القتل الجماعي والمتاجرة بالمخدرات نظرا لما لهذه الجرائم من‬
‫اثر مروع على المواطنين ‪.‬‬
‫‪ -2‬الجرائم التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي ضد مبعوث دبلوماسي آخر إذا لجا األخير إلى‬
‫محاكم الدولة المستقبلة وطلب منها إجراء التعقيبات القانونية بحق الجاني ‪.‬‬
‫‪ -3‬الجرائم التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي في المناطق الممنوع عليه دخولها ‪.‬‬
‫‪ -4‬ج رائم القت ل ألعم دي ال تي يرتكبه ا المبع وث الدبلوماس ي خالل ف ترة عمل ه في الدول ة‬
‫المستقبلة ‪.‬‬
‫وان ك انت الحص انة القض ائية للمبع وث الدبلوماس ي ق د نص ت عليه ا االتفاقي ات الدولي ة ‪ ،‬فق د‬
‫نصت المادة ‪ 12‬من نظام معهد القانون الدولي لعام ‪ 1895‬على حصانة المبعوث المطلقة في‬
‫هذا المجال ‪ ،‬بيد أنها أكدت خضوعه لقانون الدولة التي أوفدته في كال ارتكابه جناي ة في الدول ة‬
‫(‪)6‬‬
‫المستقبلة‬
‫ونص ت الم ادة ‪ 12‬من الالئح ة الخاص ة بالحص انات واالمتي ازات الدبلوماس ية ال تي اقره ا‬
‫اجتم اع كمبري دج ع ام ‪ 1895‬على ان ه ‪" :‬تتم يز الحص انة القض ائية ح تى فبحال ة خ رق خط ير‬
‫للنظام واألمن العام‪ "...‬وكذلك المادة ‪ 19‬من اتفاقية هافانا لعام ‪ 1928‬التي جاء فيها ما يلي ‪:‬‬
‫يعفى الموظفون الدبلوماسيون إعفاء كامال من الخضوع للقضاء المدني أو الجزائي في الدولة‬
‫المستقبلة ‪ ...‬وال تجوز مقاضاتهم أو محاكمتهم إال من قبل محاكم دولتهم نفسها ‪ ،‬وكذلك نصت‬
‫المادة ‪ 27‬من مشروع لجنة القانون العدلي الخاص باالمتيازات والحصانات الدبلوماسية الصادر‬
‫عن األمم المتح دة ال ذي ج اء في ه أن "للمبع وث الدبلوماس ي حص انة إزاء القض اء الجن ائي في‬
‫الدولة الموفد إليها" ‪.‬‬
‫وأخ يرا نص ت الم ادة ‪ 31‬من اتفاقي ة فبين ا للعالق ات الدبلوماس ية لع ام ‪ 1961‬على أن ‪" :‬يتمت ع‬
‫المبعوث الدبلوماسي بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة المعتمد لديها‪. "...‬‬

‫غازي حسن صباريني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 156‬‬ ‫‪6‬‬


‫في تحليل مقارب يتبين مما سبق أن هناك توافقا ناما بين مصادر الحصانة الجزائية للمبعوث‬
‫الدبلوماسي (في الشقين العرفي واالتفاقي) على إعفاء المبعوث الدبلوماسي من الخضوع للقضاء‬
‫اإلقليمي في دولة القبول مهما يكن نوع الجرم المرتكب سواء كان بصفته الرسمية أو الخاصة‬
‫لم ا ي برر أن حص انة المبع وث الدبلوماس ي مطلق ة في ه ذا المج ال ‪ .‬على أن ع دم خض وع‬
‫المبع وث الدبلوماس ي لقض اء الدول ة المس تقبلة ال يع ني أن يتم ادى المبع وث في اخ تراق قوانينه ا‬
‫الداخلية والسعي في خرابها بل يوجب عليه احترام قوانينها وأنظمتها ‪ .‬وقد كرست هذا المبدأ‬
‫المادة ‪ 41‬من اتفاقية فيينا للعالق ات الدبلوماسية بقوله ا ‪..." :‬دون اإلخالل بالمزايا والحصانات‬
‫المق ررة على األش خاص ال ذين يس تفيدون من ه ذه المزاي ا والحص انات واجب اح ترام ق وانين‬
‫ولوائح الدولة المعتمدة لديها‪. "...‬‬
‫وتق وم الدول ة المس تقبلة في ح ال مخالف ة المبع وث الدبلوماس ي عم دا الق وانين الجنائي ة للدول ة‬
‫المس تقبلة بتبلي غ ذل ك لحكومت ه عن طري ق وزارة خارجيته ا ‪ ،‬ه ذا في األح وال ال تي يك ون فيه ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫الجاني هو رئيس البعثة‬
‫أما إذا كان الجاني احد أعضاء البعثة فإنها تتصل برئيس البعثة وتطلب منه رفع الحصانة‬
‫عن ه أو اس تدعاءه أو س حبه ‪ ،‬وتج در اإلش ارة هن ا إلى ان ه ألص حاب الح ق أو المج ني عليهم أن‬
‫يتق دموا بش كوى أم ام وزارة الخارجي ة في دولتهم ح تى تتمكن من اتخ اذ اإلج راءات الالزم ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫بالطرق الدبلوماسية‬
‫وتتح رك الحص انة القض ائية الجزائي ة مهم ا تكن ق وة الج رم في ه ذا الس ياق ‪ ،‬ويع رض الفقي ه‬
‫ش ارل روس و ثالث ة مواق ف إزاء القت ل غ ير العم دي ال ذي ق ام ب ه س فير النمس ا في بلغ راد ض د‬
‫السفير الفرنسي في بلغراد ‪ ،‬فقد اكتفت بلغراد بإدانة دولة النمسا دون مالحقات جزائية ‪ ،‬وهذه‬
‫المواقف تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -1‬الفعل المدني المرتبط بالفعل الجزائي وعملية إصالحه وهو القتل أو الجرح الالإرادي الذي‬
‫يسببه المبعوث الدبلوماسي ‪ ،‬وتبقى الصالحية للقضاء المحلي ‪.‬‬
‫‪ -2‬اس تمرار الحص انة القض ائية في حال ة الج رم المش هود ح تى وان ك ان القت ل إرادي ا باس تثناء‬
‫حالة تجارة المخدرات ‪ ،‬ففي حالة الجرم المتلبس به ليس أمام الدولة المعتمد لديها إال أن تطلب‬
‫من الدول ة الموف دة التن ازل عن حص انة موظفيه ا الدبلوماس يين ا وان تطلب إليه ا مقاض اتهم أمم‬
‫محاكمهم‬
‫‪ -3‬عدم تطبيق الحصانة القضائية الجزائية على جرائم الحرب ‪ ،‬وقد استند روسو في ذلك إلى‬
‫حكم المحكمة العسكرية الدولية للشرق األوسط ضد الجنرال اوشيم ‪ Oshima‬سفير اليابان في‬
‫بروكسل في عام ‪. 1948‬‬
‫وتتعدد المخالفات والجرائم التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي فضال عن جريمة القت ل العم دي‬
‫أو غير العمدي ‪ ،‬وستناول أهم المخالفات التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي ‪:‬‬

‫عائشة راتب ‪ ،‬التنظيم الدبلوماسي والقنصلي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1998 ،‬ص‪. 160-159‬‬ ‫‪7‬‬

‫غازي حسن صباريني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 166‬‬ ‫‪8‬‬


‫أوال ‪ :‬مخالفة األنظمة العامة وتعليمات المرور ‪:‬‬
‫تضم األنظمة والتعليمات اإلدارية مجموعة من القواعد التي تهدف إلى المحافظة على النظام‬
‫والس المة العام ة داخ ل الدول ة ‪ ،‬كاألحك ام الخاص ة بالبن اء ال تي تف رض ش روطا معين ة إلنش اء‬
‫المباني وهدمها تأمينا للسالمة العامة ومراعاة للتنسيق داخل المدن واألحكام الخاصة بالصحة‬
‫العامة والقيود التي تفرضها الدولة للمحافظة على األمن المدني كخطر ارتياد مناطق معينة أو‬
‫خط ر التج وال في أوق ات مح ددة ‪ ،‬ومث ل ه ذه األحك ام والقي ود ال تي تفرض ها الدول ة هي أحك ام‬
‫تص ب في الص الح الع ام ل ذلك يجب تطبيقه ا دون اس تثناء أي م واطن محلي ا ك ان أم أجنبي ا على‬
‫أراض يها ‪ ،‬ويل تزم به ا المبعوث ون الدبلوماس يون كغ يرهم ‪ ،‬م ا يمنعهم من انته اك ه ذه األنظم ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫والتعليمات‬
‫وهذه األنظمة والتعليمات وضعت من اجل حماية المجتمع وضمان أمنه واستقراره والمبعوث‬
‫الدبلوماسي هو من المستفيدين منها غبر أن مخالفة هذه األنظمة والتعليمات ال تعني أن المبعوث‬
‫الدبلوماس ي إذا م ا خالفه ا يتج رد من الحص انة القض ائية ‪ ،‬عن دما يخ الف ه ذه التعليم ات يتمت ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫بالحصانة القضائية‬
‫إن اغلب المخالفات التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي في الدول هي تلك المتعلقة بانتهاك أنظمة‬
‫المرور في الدول المضيفة كالسياقة في حالة السكر والقيادة بسرعة فائقة أو بدون رخصة قيادة‬
‫أو بدون وثيقة تامين ‪ ،‬فهذه المخالفات ينتج عنها جرائم كثيرة كالدهس مثال وما ينشا عنه من‬
‫أضرار مدنية تلحق بالمجني عليه ‪ ،‬وأصبحت هذه الجرائم تقلق الدول كثيرا في وقتنا الحاضر‬
‫بالنظر لزيادة عدد وسائل النقل وما تسببه من خطر على أرواح المواطنين ومن إخالل بالنظام‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)11‬‬
‫والطمأنينة والسالمة العامة‬
‫وإ ذا كانت اغلب الدول ال تخضع المبعوث الدبلوماسي األجنبي الختصاص محاكمها المحلي ة‬ ‫ـ‬

‫مخالفات المرور التي يرتكبها على إقليمها ‪ ،‬فإنها في الوقت ذاته ال تتركه يتمادى في مخالفاته‬

‫علي صادق ابو هيف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 178‬‬ ‫‪9‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 197-196‬‬ ‫‪10‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬القانون الدبلوماسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 279‬‬ ‫‪11‬‬
‫كيفم ا يش اء ‪ ،‬وإ نم ا له ا أن تأخ ذ من الوس ائل م ا يكف ل اح ترام أنظم ة وتعليم ات الم رور ال تي‬
‫تص درها وتق وم ك ل ال دول بعم ل م ا من ش انه االل تزام بقواع د الم رور ‪ ،‬وتع د الوالي ات المتح دة‬
‫األمريكي ة من أك ثر ال دول تش ددا في محاس بة المبع وثين الدبلوماس يين على مخ الفتهم ألنظم ة‬
‫وقواعد المرور فقد أصدرت عام ‪ 1978‬تعليمات موجهة إلى البعث ات الدبلوماسية ميزت فيها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫بين ثالثة أنواع من المخالفات‬
‫أ‪ -‬المخالفات المرور البسيطة ‪ :‬وهي تلك االنتهاكات كثيرة الوقوع التي تتضمن عقوبات نقدية‬
‫فوري ة ‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة لبس للمبع وث الدبلوماس ي أن يتمس ك بالحص انة القض ائية في االمتن اع‬
‫عن دفعها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مخالفات المرور ال<<تي تتطلب إص<<دار م<<ذكرة ‪ :‬وهي تتض من انته اك قواع د الم رور وأيض ا‬
‫دفع غرامة نقدية إلى المكتب المركزي ‪ ،‬وترسل هذه المذكرة إلى البعثة الدبلوماسية التي ينتمي‬
‫إليها المبعوث الدبلوماسي المخالف ‪ ،‬وللبعثة أن تقرر دفع هذه الغرامة أوال ‪.‬‬
‫ج‪ -‬مخالفات المرور الخطيرة ‪ :‬وهي مخالفات تتطلب إجراءات قانونية مشددة ك التوقيف مثال ‪،‬‬
‫وال تتخذ مثل هذه اإلجراءات بحق المبعوث الدبلوماسي ‪.‬‬
‫وفي حين ذهب بعض ال دول إلى توجي ه م ذكرات إلى البعث ات الدبلوماس ية األجنبي ة تطلب منه ا‬
‫ضرورة حث أعضائها على احترام تعليمات المرور وعدم مخالفتها ‪ ،‬أوجبت دول أخرى على‬
‫المبع وث الدبلوماس ي أن يحم ل رخص ة لقي ادة الس يارة أثن اء اس تعمالها ‪ ،‬وله ا أن تس حب تل ك‬
‫اإلج ازة عن د االقتض اء ‪ ،‬وخاص ة عن د تك رار المخالف ة ‪ ،‬في حين ت رفض بعض ال دول منح‬
‫المبعوث الدبلوماسي حق امتالك أو قيادة سيارة معينة ‪ ،‬ما لم يقم بتأمينها ضد الحوادث الناشئة‬
‫عنها دون اإلخالل بحق هذه الدول من المطالبة من بعثته بان تتخذ اإلجراءات التأديبية ضده أو‬
‫استدعاءه إلى دي وان وزارة الخارجية وتنبيهه إلى عدم تكرار ذلك ‪ ،‬وفي هذا السياق استدعت‬
‫وزارة الخارجي ة العراقي ة الش خص الث اني في الس فارة الهنغاري ة لمخالف ة اح د المبع وثين‬
‫الدبلوماس يين قواع د الم رور في ع ام ‪ 1978‬وأحي ط علم ا بالمخالف ة فأب دى اعت ذاره وأك د إلي ه‬
‫سيعرض األمر على السفير التخاذ ما يلزم بحق الدبلوماسي المخالف ‪.‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الحصانة القضائية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 309‬‬ ‫‪12‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حوادث المرور ‪:‬‬
‫تعد حوادث السيارات من أكثر المشاكل التي يتعرض لها المبعوثون الدبلوماسيون لما تسببه‬
‫من إصابات تلحق األذى بالمواطنين وتؤدي إلى وفاة العديد منهم أو إصابتهم بإعاقات أو جروح‬
‫أو غير ذلك ‪.‬‬
‫وق د س اهمت ش ركات الت امين اإلل زامي المف روض على الس يارات بتغطي ة المس ؤولية المدني ة‬
‫الناش ئة عن ح وادث الس يارات ‪ ،‬ف إذا م ا الح ق المبع وث الدبلوماس ي الض رر بم واطن فله ذا‬
‫المواطن الحق في مالحقة شركات التامين والحصول على تعويض مناسب منها والمتضرر ح ق‬
‫إقامة‬
‫الدعوى على شركات التامين مباشرة ‪.‬‬
‫غ ير إن المش كلة تظه ر في حال ة ع دم ت امين المبع وث الدبلوماس ي على س يارته ‪ ،‬ففي ه ذه‬
‫الحالة ال توجد طريقة إلجباره على دفع التعويض للمتضررين عن حوادث تلك السيارات ‪ ،‬ذلك‬
‫أن الحصانة القضائية الجزائية تحول دون المطالبة بالتعويض وال فان بعض الدول اشترطت أن‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)13‬‬
‫ي ؤمن المبع وث الدبلوماس ي على س يارته كش رط لمنح ه رخص ة امتالك الس يارة أو قيادتها‬
‫في عام ‪ 1974‬صدمت سيارة الملحق الثقافي لسفارة بنما في واشنطن طبيبا أمريكيا أمضى في‬
‫المستش فى ‪ 19‬ش هرا تحت العالج ولم يس تطع الحص ول على أي تع ويض ‪ ،‬وك ذلك ص دمت‬
‫س يارة س فارة الس نغال في واش نطن ع ام ‪ 1976‬اح د عم ال الط رق األمريكي ة وت وفي من اث ر‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫الصدمة ولم يستطع الحصول على أي تعويض الن السيارة لم تكن مؤمنة‬
‫وه ذا الوض ع أدى إلى حرم ان أع داد كب يرة من المتض ررين من حق وقهم خاص ة م ع تزاي د ه ذه‬
‫الحاالت في العديد من الدول وهو ما أدى إلى مشاكل كثيرة بين المواطنين ‪ ،‬أصحاب الحقوق‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الحصانة الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 198‬‬ ‫‪13‬‬

‫كاظم حسن الربيعي ‪ ،‬تاثير التامين االلزامي في المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية‬ ‫‪14‬‬

‫الحقوق ‪ ،‬جامعة بغداد ‪ ، 1976 ،‬ص‪. 494‬‬


‫وبين المبع وثين الدبلوماس يين ‪ ،‬ل ذلك لج أت س فارات بعض ال دول إلى تع ويض المتضررين عن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫تلك الضرار إلصابتهم من قبل مبعوثيها عن طريق منحهم مبالغ معينة ترضية لهم‬
‫والتس اؤل ال ذي يط رح في ه ذا المج ال ي دور ح ول الحص انة القض ائية ال تي يتمت ع به ا المبع وث‬
‫الدبلوماسي ‪ ،‬فهل الحصانة تمتد لغاية إعفائه من المسؤولية المدنية ؟‬
‫أن التامين اإللزامي يغطي المسؤولية المدنية في غالبية الدول زان الحصانة القضائية التي يتمتع‬

‫بها المبعوث الدبلوماسي ال تعفيه من المسؤولية المدنية ‪ ،‬فقد أجاز التعامل الدولي للمتضررين‬
‫مالحقة شركات التامين من اجل الحصول على تعويض مناسب عن األضرار التي إصابته من‬
‫جراء حوادث المرور الن شركات التامين لبس لها صفة تمثيلية ‪ ،‬ومن هنا يجب ان تستفيد من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)16‬‬
‫الحصانة التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي‬
‫حيث‬ ‫(‪)17‬‬
‫لق د تم تط بيق ه ذه القاع دة في ك ل من فرنس ا والوالي ات المتح دة األمريكي ة وبلجيكا‬
‫س مح للمتض رر بإقام ة ال دعوى المباش رة على ش ركات الت امين ‪ ،‬وإ ذا لم ي ؤمن المبع وث‬
‫الدبلوماسي على الضرار المدنية الناشئة عن حوادث المرور ‪ ،‬أو أن عقد التامين تضمن شرطا‬
‫يعفي ش ركة الت امين من دف ع تع ويض بس بب م ا يتمت ع ب ه من حص انة قض ائية أو أن ش ركات‬
‫التامين ال تدفع التعويض في حالة صدور خطا أو إهمال من قبل المتسبب ‪ ،‬فان ذلك ال يبرر‬
‫للمبع وث الته رب نهائي ا من المس ؤولية المدني ة وإ نم ا يمكن للمتض رر أن يس لك الط رق المق ررة‬
‫قانون ا الس تفتاء حق ه ‪ ،‬وق د ي برر بعض الكت اب أس اس ح ق المتض رر بالحص ول على تع ويض‬
‫مناسب في هذه الحالة إال أن الحصانة القضائية ال تضمن رفع المسؤولية المدنية عن مرتكبي‬
‫مث ل ه ذه الح وادث ب ل أن ك ل م ا في ه ذه الحص انة ه و االمتن اع عن إج راء محاكم ة المبع وث‬
‫الدبلوماسي في محاكم الدولة المضيفة‬

‫جمال بركات ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 195‬‬ ‫‪15‬‬

‫انظر ‪ :‬المواد من ‪ 01‬الى ‪ 13‬االتفاقية ‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫جاء في مضمون قرار محكمة بروكسل التجارية الصادر عام ‪ 1971‬ما يلي "ان الشركة بقبولها التامين قد رضيت بقيام‬ ‫‪17‬‬

‫مسؤوليتها المدنية وتنازلت عن االدعاء بالحصانة التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي واال ما الفائدة من التامين الذي يدريه‬
‫المبعوث الدبلوماسي" ‪.‬‬
‫وبصفة عامة وفي كثير من األحيان تلجا دولة المبعوث الدبلوماسي إلى دفع تعويض مدني‬
‫للمتض رر كهدي ة لتغطي ة النفق ات ال تي ص رفها من ج راء الح ادث ‪ ،‬وتق وم ب ذلك بغ رض الحف اظ‬
‫على سمعة المبع وث الدبلوماس ي وع دم التش هير ب ه ولبس من ب اب اإلل زام ‪ ،‬وق د ح دث في ع ام‬
‫‪ 1978‬أن تس بب اح د الدبلوماس يين اليوغس الف بقت ل ش خص بع د أن ص دمه بس يارة ورغم أن‬
‫الدبلوماسي كان يقود سيارته بسرعة إال اله لم تتخذ ضده أي إجراءات سوى أن دولته قدمت‬
‫تعويض ا مناس با لورث ة المج ني علي ه ‪ ،‬وفي ع ام ‪ 1967‬دهس اح د المبع وثين الدبلوماس يين في‬
‫سفارة جمهورية‬
‫إفريقي ا الوس طى في بغ داد طفال وام رأتين ‪ ،‬وق دم الس فير أس فه عن الح ادث ثم ق دم هدي ة ل ذوي‬
‫‪ ،‬وكذلك في عام ‪ 1957‬تسبب السفير اليوغسالفي في األمم المتحدة بقتل‬ ‫(‪)18‬‬
‫المجني عليهم‬
‫شخص بسيارته ورغم أن السفير دفع بالحصانة القضائية إال أن حكومته دفعت تعويضا مناسبا‬
‫لورثة المجني عليه ‪.‬‬
‫أما بالنسبة التفاقية فيينا لعام ‪ 1961‬واتفاقية البعثات الخاصة لعام ‪ 1969‬فإننا ال نجد أي نص‬
‫يلزم المبعوث الدبلوماسي بتامين على سيارته لتغطية المسؤولية المدنية الناشئة عن تلك‬
‫الح وادث ‪ ،‬وله ذا فإنن ا نج د أن ك ل اإلج راءات األخ رى المتخ ذة بحق ه ‪ ،‬كإخض اعه للت امين‬
‫اإللزامي وعدم السماح له بقيادة أي سيارة ما لم يدفع قسط التامين تسند إلى نص المادة ‪ 41‬من‬
‫اتفاقي ة فيين ا لع ام ‪ 1961‬ال تي ت وجب على المبع وث الدبلوماس ي اح ترام ق وانين الدول ة المعتم د‬
‫لديها وأنظمتها من اجل تالفي مثل هذه المشكلة القانونية ‪.‬‬
‫ولكن هذا الخضوع التلقائي من الممثل على نحو ما سلف ال يبرر مقاضاته جزائيا ‪ ،‬وإ ضافة‬
‫إلى ذل ك ف ان المح اكم ال تس تطيع الحكم مباش رة على ش ركات الت امين دون ت دخل المبع وث‬
‫الدبلوماسي شخصيا في الدعوى وسماع أقواله الن األخطاء التي ترتكب أثناء حوادث المرور‬
‫هي أخطاء شخصية وطالما أن المبعوث الدبلوماسي يتمتع بالحصانة القضائية فان المحكمة ال‬
‫تس تطيع الحكم على ش ركة الت امين لع دم مث ول الش خص المس ؤول أمامه ا وه و المبع وث‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الحصانة الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 198‬‬ ‫‪18‬‬
‫الدبلوماسي الذي ال يمكن إدخاله قسرا حتى كطرف في الخصام وبالتالي نجد ان هناك اختالفا‬
‫بين الدول في هذا الموضوع ‪ ،‬فمنها ما يتسم بالموضوعية ومنها ما هو غير موضوعي ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة عن التعسف في الحصانة الدبلوماسية‬


‫بع د أن تطرقن ا في الفص ل األول إلى أهم المه ام والحص انات ال تي يتمت ع به ا المبع وث‬
‫الدبلوماس ي وف ق اتفاقي ة فيين ا لع ام ‪ 1961‬للعالق ات الدبلوماس ية ‪ ،‬وبع د أن عالجن ا االنتهاك ات‬
‫والجرائم المتكررة من قبل الدبلوماسيين في الدول المضيفة فان مراقبة الواقع الدولي المعاصر‬
‫تدلل على انه يسير باتجاه عدم ترك المبعوث الدبلوماسي حرا في ارتكاب التجاوزات في الدولة‬
‫المض يفة وه ذا األم ر يح دو بن ا إلى التس اؤل ‪ :‬ه ل هن اك من إج راءات قانوني ة نص ت عليه ا‬
‫االتفاقية لردع المبعوثين الدبلوماسيين عن تجاوزاتهم ؟‬
‫وه ذه الظ اهرة قديم ة ظه رت بوادره ا ل دى الدبلوماس يين من ذ الق دم واتخ ذت أبع ادا واس عة‬
‫وصلت إلى درجة المساس باألمن القومي للدولة المضيفة ‪ ،‬فال يمر يوم إال ونسمع عبر وسائل‬
‫اإلعالم عن قي ام المبع وثين الدبلوماس يين بالتجس س مم ا ي ؤدي إلى ت وتر العالق ات بين بعض‬
‫الدول ‪.‬‬
‫سنحاول اإلجابة عن التساؤل السابق من خالل هذا المبحث بعد أن نقسمه إلى مطلبين‬
‫المطلب األول ‪ :‬اإلج راءات القانوني ة الممكن ة في ض وء اتفاقي ة فيين ا لع ام ‪ . 1961‬والمطلب‬
‫الثاني مقاضاة المبعوث الدبلوماسي ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اإلجراءات القانونية الممكنة في ضوء اتفاقية فيينا لعام ‪: 1961‬‬
‫إن اتفاقي ة فيين ا لع ام ‪ 1961‬تتض من في الواق ع بعض النص وص الص ريحة بالنس بة للح االت‬
‫التي يقوم فيها أعضاء الهيئات الدبلوماسية بتجاوز مهامهم تحت غطاء االمتيازات والحصانات‬
‫الدبلوماسية مثل ارتكابهم جريمة التجسس أو عند قيامهم بارتكاب بعض الجرائم األخرى كالقتل‬
‫وتجارة المخدرات أو جريمة تبييض األموال ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫إن عالج ه ذه التج اوزات وفق ا لنص وص اتفاقي ة فيين ا تكمن في اإلعالن ب ان الدبلوماس ي‬
‫شخص غير مرغوب فيه (‪ )persona non grata‬أو ضمن صفة غير مقبول لكل عضو آخر‬
‫أو بواسطة قطع العالقات الدبلوماسية التي تشكل صالحية تقديرية ‪.‬‬ ‫(‪)19‬‬
‫في البعثة‬
‫وحس ب رأي محكم ة الع دل الدولي ة ف ان ‪" :‬قواع د الق انون ال دولي تش كل نطاق ا كافي ا بنفس ه لل ذي‬
‫يتبص ر في االس تعمال الس يئ ال ذي يق وم ب ه أعض اء البعث ة للحص انات واالمتي ازات وتحدي د‬
‫الوسائل‬

‫التي تملكها الدولة المعتمد لديها لوقف مثل هذه التجاوزات ‪ ،‬وان هذه الوسائل بطبيعتها تبدو‬
‫فعالة(‪ )20‬وبالتالي تنتهي المهام الدبلوماسية التي كان مكلفا بها في الدولة المستقبلة ‪.‬‬

‫عن دما ت رى‬ ‫أوال ‪ :‬اإلعالن< ب<<ان المبع<<وث الدبلوماس<<ي ش<<خص غ<<ير مرغ<<وب في<<ه‬
‫الدول ة المعتم د ل ديها ب ان بعض المالحظ ات الشخص ية عن أي عض و من أعض اء البعث ة‬
‫الدبلوماسية ‪ ،‬فان بإمكانها أن تعلن بأنه شخص غير مرغوب فيه ‪ ،‬وهذه القاعدة العرفية نصت‬
‫عليها الفقرة األولى من المادة ‪ 09‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية ‪.‬‬

‫راجع المادة ‪ 09‬من اتفاقية فيينا لعام ‪. 1961‬‬ ‫‪19‬‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 412‬‬ ‫‪20‬‬


‫والدولة المضيفة ليست ملزمة بذكر األسباب التي دفعتها لإلعالن بان المبعوث الدبلوماسي‬
‫غير مرغوب فيه والمبررات األكثر تكرارا والتي يمكن أثارتها في محيط العالقات الدبلوماسية‬
‫هي بدون شك حاالت التجسس السياسي والعسكري واالقتصادي على الدولة المضيفة ‪.‬‬
‫ويمكن القول أن اإلعالن عن المبعوث الدبلوماسي بأنه شخص غير مرغوب فيه هو الحالة‬
‫المعت ادة النته اء مهم ة المبع وث الدبلوماس ي ب إرادة الدول ة الموف د إليه ا ‪ ،‬إذ أن المبع وث‬
‫الدبلوماسي يجب أن يكون مقبوال من قبل الدولة الموفد إليها قبل مباشرة مهام وظيفته على أن‬
‫غ ير أن المبع وث‬ ‫(‪)21‬‬
‫يظ ل مرغوب ا في ه ط وال م دة بقائ ه على إقليمه ا لمباش رة ه ذه المه ام‬
‫الدبلوماسي قد يبدو بنظر الحكومة الموفد إليها خطرا على سالمتها فتعتبره عندئذ شخصا غير‬
‫مرغوبا فيه وتطلب منه مغادرة البالد فورا ‪.‬‬
‫والواقع أن تصرف المبعوث الدبلوماسي على وجه يمس امن الدولة الموفد إليها يعطي لهذه‬
‫الدول ة الح ق في اتخ اذ م ا ت راه من إج راءات ل دفع األخط ار ال تي ته دد أمنه ا ‪ ،‬ولع ل من ه ذه‬
‫اإلجراءات أن تلجا إلى وسيلة اإلعالن المذكور وبعبارة أخرى لجوء الدولة إلى طرد المبعوث‬
‫الدبلوماسي مباشرة ‪.‬‬
‫ويالح ظ أن ط رد المبع وثين الدبلوماس يين يتن افى م ع قواع د اللياق ة والحص انة وم ع م ا يتمت ع ب ه‬
‫المبع وث الدبلوماس ي من حص انات وامتي ازات تص ون شخص ه من االهان ات ‪ ،‬ل ذلك يق ع على‬
‫حكوم ة الدول ة الموف دة أن تب ادر في مث ل ه ذه األح وال إلى س حب ممثله ا أو اس تدعائه في ح ال‬
‫اطالعها على ما يوجب ذلك فال تجعله عرضة لالهانة كما تعرض نفسها هي إلى ما ال‬
‫(‪)22‬‬
‫يحمد عقباه‬
‫وكما اشرنا سابقا فانه عندما ترى الدولة الموفد إليها بان لديها بعض المالحظات الشخصية‬
‫حول أي عضو في الطاقم الدبلوماسي ‪ ،‬يمكنها أن تعلن بأنه شخص غير مرغوب فيه وان كان‬
‫من أعض اء البعث ة الدبلوماس ية أو اعتب اره شخص ا غ ير مقب ول وان ك ان موظف ا آخ ر أي اح د‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫أعضاء الطاقم اإلداري‬
‫‪ 21‬عاطف فهد المغاريز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 176‬‬
‫سموحي فوق العادة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 162‬‬ ‫‪22‬‬

‫ناظم عبد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 413‬‬ ‫‪23‬‬
‫وال غرابة في أن يكون القرار النهائي في جميع هذه األمور للدولة الموفد إليها استنادا إلى‬
‫مقتض يات أمنه ا الق ومي ‪ ،‬ول ذلك قي ل ‪ :‬أن األس اس الق انوني لط رد الدبلوماس يين في ه ذه الحال ة‬
‫‪ .‬وواقع العمل الدولي يزخر بأمثلة عديدة‬ ‫(‪)24‬‬
‫هو حق الدولة الموفد إليها في حماية أمنها القومي‬
‫في ط رد الدبلوماس يين ل ذلك س وف نتط رق إلى األس باب أو الم بررات ال تي أدت إلى اعتب ار‬
‫المبع وث شخص ا غ ير مرغ وب في ه ومن ثم إلى الس وابق الدولي ة ح ول اإلعالن ب ان المبع وث‬
‫الدبلوماسي أصبح شخصا غير مرغوب فيه ‪.‬‬

‫أ‪ -‬أسباب اإلعالن بان المبعوث شخص غير مرغوب فيه ‪:‬‬
‫إن أسباب اعتبار الدبلوماسي شخصا غير مرغوب فيه كثيرة ومتنوعة ‪ ،‬فقد تكون تصريحا‬
‫أو موقفا غير ودي تجاه الدولة الموفدة إليها أو مباشرة نشاط عدائي تجاه سلطانها بتج اوز ح دود‬
‫اختصاص ه أو تدخل ه في الش ؤون الداخلي ة للدول ة المس تقبلة ‪ ،‬وحينه ا تطلب الدول ة المس تقبلة من‬
‫الحكوم ة الموف دة اس تدعاء ممثله ا الدبلوماس ي أو نقل ه إلى مرك ز آخ ر أو إنه اء خدمات ه حس ب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫ظروف كل حالة حفاظا على العالقات بين البلدين‬
‫ويمكن الق ول ب ان األس باب ال تي تق ود الدول ة المس تقبلة إلى اعتب ار المبع وث الدبلوماس ي غ ير‬
‫مرغوب فيه كثيرة ومتنوعة ومتطورة في محيط العالق ات الدبلوماسية وخصوصا إذا كان من‬
‫ش انها المس اس ب أمن الدول ة المس تقبلة كمخالف ات قوانينه ا أو حم ل الس الح أو تع اطي الكح ول أو‬
‫الس رقة أو المخالف ات المروري ة أو أي ة انتهاك ات جدي ة للق انون الج اني فض ال عن النش اطات‬
‫الهدام ة والتص رفات اإلرهابي ة وج رائم االحتي ال وال تزوير وممارس ة التج ارة غ ير المش روعة‬
‫وممارسة االختطاف والتهديد واالغتيال من قبل الدبلوماسيين ضد رعاياهم ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫وح تى يتبل ور الح ديث عن وس يلة اإلعالن ب ان المبع وث الدبلوماس ي أص بح شخص ا غ ير‬
‫مرغوب فيه البد من االستشهاد بالسوابق الدولية في هذا الشأن ‪.‬‬

‫ب‪ -‬السوابق الدولية لإلعالن بان المبعوث شخص غير مرغوب فيه ‪:‬‬

‫‪ 24‬فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 111‬‬


‫‪ 25‬شفيق عبد الرزاق السمرائي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 216‬‬
‫ال يخفي ب ان وس يلة اإلعالن ب ان المبع وث الدبلوماس ي أص بح شخص ا غ ير مرغ وب في ه‬
‫‪ persona non grata‬هي من الوسائل واإلجراءات التي يجب اإلقدام عليها بكل حذر ‪ ،‬فإذا‬
‫كان اللجوء إلى هذا اإلجراء غير مرتكز على مبرر وجيه فانه يعرض الدولة التي أقدمت عليه‬
‫للمسؤولية الدولية ويلزمها بالتعويض ا والى معاملتها بالمثل ا والى قطع العالقات الدبلوماسية ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫والى كل ذلك معا‬
‫وت اريخ العالق ات الدبلوماس ية يزخ ر بالعدي د من األمثل ة والس وابق الدولي ة ح ول لج وء ال دول‬
‫إلى وسيلة اإلعالن بان المبعوث الدبلوماسي أصبح شخصا غير مرغوب فيه لسبب خاص هو‬
‫حماية أمنها ‪ ،‬فهناك العديد من األسئلة التي عكرت صفو العالقات الدبلوماسية بين الدول حتى‬
‫وصل األمر أحيانا إلى طلب استدعاء الدبلوماسي المعني أو طرده ‪ ،‬وهذه بعض األمثلة ‪:‬‬
‫‪ -‬قيام الكونغو عام ‪ 1963‬بإعالن شخص غير مرغوب فيه لحوالي ‪ 130‬شخصا من أعضاء‬
‫السفارة في ليبرفيل ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)27‬‬
‫‪ -‬قيام بريطانيا عام ‪ 1971‬باستبعاد ‪ 105‬أشخاص من موظفي السفارة السوفيتية بلندن‬
‫‪ -‬ق رار الحكوم ة المص رية في ع ام ‪ 1976‬بط رد الس فير اللي بي في الق اهرة لقيام ه بتوزي ع‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)28‬‬
‫منشورات عدائية ضد النظام المصري‬
‫‪ -‬اختط اف المع ارض النيج يري الس يد ديك و من بيت ه في لن دن ع ام ‪ 1948‬وإ بالغ الس لطات‬
‫البريطاني ة ب األمر ‪ ،‬فق د الح ظ موظف و الجم ارك في المط ار انبع اث رائح ة دواء من اح د‬
‫الص ناديق الدبلوماس ية والخاص ة بالس فارة النيجيري ة ‪ ،‬وعن د فتح الص ندوق بحض ور من دوب‬
‫السفارة وجد بداخله السيد ديكو وهو في حالة فقدان الوعي ‪ ،‬فتم إسعافه على الفور ‪ ،‬وبعدلك‬
‫تق رر اعتب ار اث نين من الدبلوماس يين ال نيجريين شخص ين غ ير مرغ وب فيهم ا وتم طردهم ا من‬
‫البالد ‪.‬‬

‫عاطف فهد المغاريز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 162‬‬ ‫‪26‬‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 106‬‬ ‫‪27‬‬

‫ابراهيم البصراوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 296‬‬ ‫‪28‬‬


‫‪ -‬أعلنت واش نطن في ع ام ‪ 2001‬ب ان ‪ 50‬دبلوماس يا روس يا أص بحوا أشخاص ا غ ير مرغ وب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)29‬‬
‫فيهم وقامت بطردهم‬
‫‪ -‬أعلنت الحكوم ة الروس ية ع ام ‪ 2001‬عم ط رد أربع ة دبلوماس يين أمريك يين بتهم ة التجس س‬
‫فض ال عن ف رض عقوب ات إض افية لم تح ددها ردا على قي ام واش نطن بط رد ع دد كب ير من‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)30‬‬
‫الدبلوماسيين الروس‬
‫وإ ذا تأملنا مليا هذه األمور وجدنا إن الطرد ليس عالجا ناجعا أو رادعا للحد من التصرفات‬
‫غ ير المش روعة ال تي يق وم به ا المبعوث ون الدبلوماس يون في إقليم الدول ة المض يفة ‪ ،‬فان ه ب الرغم‬
‫من العدد الهائل من الممثلين الذين تم اعتبارهم أشخاصا غير مرغوب فيهم إال أن ذلك اإلجراء‬
‫القانوني لم يوقف ظاهرة اإلجرام الدبلوماسي ‪ ،‬ومن بينها ظاهرة التجسس ‪ ،‬بل أدى إلى تأزم‬
‫العالقات بين الدول ‪ ،‬وإ ضافة إلى ذلك فكثيرا ما نجد أن الشخص غير المرغوب فيه في الدولة‬
‫المضيفة يمكن أن تعينه دولته سفيرا لدى دولة أخرى ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي ‪:‬‬


‫تنتهي مهام المبعوث الدبلوماسي ألسباب ترجع إلى الدولة المعتمدة وأسباب أخرى ترجع إلى‬
‫الدول ة المعتم د ل ديها ‪ ،‬كم ا أن العالق ات الدبلوماس ية ق د تنتهي بش كل م ؤقت ‪ ،‬وق د تنتهي بش كل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)31‬‬
‫دائم‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فان مهام المبعوث الدبلوماسي مؤقتة وليست دائمة بشكل مطلق ‪ ،‬أنها‬
‫تنتهي إم ا ألس باب طبيعي ة مث ل وف اة المبع وث الدبلوماس ي أو انته اء م دة تفويض ه من الدول ة‬
‫المعتمدة أو لبلوغه سن التقاعد وفقا لقانون دولته التي أوفدته أو العتباره شخصا غير مرغوب‬
‫في ه من ج انب الدول ة المعتم دة ل ديها آو ل رفض ه ذه الدول ة األخ يرة قبول ه عض وا في البعث ة‬
‫الدبلوماس ية للدول ة الموف دة اث ر تس ميته له ا ‪ ،‬وت ترتب في ك ل الح االت أث ار قانوني ة على انته اء‬

‫عاطف فهد المغاريز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 185‬‬ ‫‪29‬‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 133‬‬ ‫‪30‬‬

‫منتصر سعيد حمودة ‪ ،‬القانون الدبلوماسي ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 2010 ،‬ص‪. 205‬‬ ‫‪31‬‬
‫مهم ة المبع وث الدبلوماس ي وخاص ة م ا يتعل ق منه ا بالحص انات واالمتي ازات واإلعف اءات‬
‫(‪)32‬‬
‫الدبلوماسية‬

‫أ‪ -‬أسباب انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي‬


‫تتعدد أسباب انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي طبقا للعرف الدولي الذي قننته اتفاقية فيينا‬
‫للعالقات الدبلوماسية لعام ‪ 1961‬في موادها ‪ 44-43‬وتتمثل في األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬قي ام الدول ة الموف دة بإنه اء مهم ة مبعوثه ا الدبلوماس ي عن طري ق اس تدعائه وذل ك عن دما تق وم‬
‫هذه الدولة الموفدة بإخطار الدولة المعتمد لديها بان مهام المبعوث الدبلوماسي قد انتهت ‪ ،‬وقد‬
‫انتهى ويتم ه ذا األخط ار عن طري ق إج راءات رس مية بين وزارتي الخارجي ة في ه اتين‬
‫ال دولتين ‪ ،‬وإ ذا ك ان رئيس البعث ة ال ذي أنهيت مه ام وظائف ه الدبلوماس ية ه و الس فير أو ال وزير‬
‫المفوض ‪ ،‬فعليه أن يسلم صورة رسمية من هذا اإلخطار إلى رئيس الدولة المعتمد لديها ‪ ،‬أما‬
‫إذا كان الدبلوماسي المنتهية واليته هو القائم باألعمال فيسلم صورة رسمية من هذا األخطار إلى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)33‬‬
‫وزير خارجية هذه الدولة‬
‫وتلج ا الدول ة الموف دة له ذا اإلج راء ألس باب ع دة مث ل بل وغ ه ذا المبع وث الدبلوماس ي س ن‬
‫التقاعد القانونية طبقا لقوانينها الداخلية أو الستبدال هذا المبعوث باخ راو لترقية هذا المبعوث‬
‫إلى وظيف ة أعلى داخ ل دولت ه أو خارجه ا في دول ة أخ رى ‪ ،‬أم ا إذا ك انت الترقي ة لوظيف ة أعلى‬
‫داخل البعثة الدبلوماسية ذاتها مثل الترقية من وزير مفوض أو قائم باألعمال إلى سفير ‪ ،‬فعلى‬
‫المبع وث الدبلوماس ي أن يق دم أوراق اعتم اد جدي دة بالوظيف ة الجدي دة إلى رئيس الدول ة المعتم د‬
‫لديها ووزارة خارجيتها أو أي وزارة أخرى تحددها هذه الدولة ‪.‬‬
‫وتلج ا ه ذه الدول ة الموف دة إلى ه ذا اإلج راء (اس تدعاء المبع وث الدبلوماس ي) إذا طلبت منه ا‬
‫الدولة المعتمد لديها ذلك باعتبار أن هذا المبعوث صار شخصا غير مرغوب فيه من جانب هذه‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫منتصر سعيد حمودة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 207‬‬ ‫‪32‬‬

‫منتصر سعيد حمودة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 208‬‬ ‫‪33‬‬


‫وأيض ا تلج ا ه ذه الدول ة المعتم دة الموف دة إلى اإلج راء بس حب المبع وث الدبلوماس ي بش كل‬
‫مؤقت وذلك احتجاجا على سلوك الدولة المعتمد لديها في قضية أو موضوع ما ‪ ،‬وهذا ما فعلته‬
‫مصر عندما قامت بسحب واستدعاء سفيرها في إسرائيل السيد محمد بسيوني وذلك احتجاجا‬
‫منها على‬
‫الممارس ات االس رائلية ض د الش عب الفلس طيني ‪ ،‬المخالف ة للق انون ال دولي الع ام والق انون ال دولي‬
‫(‪)34‬‬
‫اإلنساني وحقوق اإلنسان‬
‫‪ -‬ومن األس باب أيض ا قي ام الدول ة المعتم د ل ديها بط رد المبع وث الدبلوماس ي ال ذي قامت ب إبالغ‬
‫دولت ه الموف دة ل ه بأن ه ش خص غ ير مقب ول وغ ير مرغ وب في ه ثم لم تقم ه ذه الدول ة األخ يرة‬
‫باستدعائه وإ نهاء مهمته الدبلوماسية في الدولة المعتمد لديها ‪.‬‬
‫وس بق الق ول ب ان الدول ة المعتم د ل ديها ال تل تزم بكش ف أس باب اعتب ار المبع وث الدبلوماس ي‬
‫شخصا غير مرغوب فيه الن ذلك من مظاهر سيادتها واستقاللها وأحد شؤونها الداخلية التي ال‬
‫يجوز للغير التدخل فيها وفقا للفقرة (ب) من المادة ‪ 43‬من اتفاقية فيينا لعام ‪. 1961‬‬
‫‪ -‬وفاة المبعوث الدبلوماسي او استقالته او إقالته او بلوغه سن التقاعد او طلبه اللجوء السياسي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)35‬‬
‫او إعالنه عدم الوالء للنظام الحاكم في دولته الموفدة اليه‬
‫‪ -‬وف اة رئيس الدول ة او تغي يره في اي من ال دولتين الموف دة او الموف د اليه ا ‪ ،‬وه ذا التغي ير ق د‬
‫يكون السباب سليمة مثل عدم نجاح الرئيس الحالي في االنتخابات الرئاسية او تقديم هذا ال رئيس‬
‫استقالته او عجزه عن أداء مقتضيات رئاسة الدولة لظروف صحية ‪ ،‬وقد يكون التغيير السباب‬
‫قهرية مثل حدوث انقالب او ثورة مسلحة عارمة أطاحت الرئيس ونظام حكمه ‪.‬‬
‫‪ -‬زوال الشخصية القانونية الدولية الي من الدولتين المعتمدة او المعتمد لديها لكليهما معا وذلك‬
‫يح دث بان دماج ه ذه الدول ة في اتح اد م ع دول ة او دول اخ رى ت ذوب مع ه شخص يتها القانوني ة‬
‫الدولي ة او بخض وع ه ذه الدول ة بالكام ل لالحتالل الح ربي واالس تعمار من ج انب دول ة اخ رى‬
‫بشكل ينعدم معه وجود سلطة سياسية حاكمة في هذه الدولة المحتلة ‪.‬‬

‫منتصر سعيد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 209‬‬ ‫‪34‬‬

‫ثامر محمد كامل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 124‬‬ ‫‪35‬‬


‫‪ -‬ترقي ة المبع وث لدرج ة وظيفي ة اعلى من ال تي ك ان عليه ا ‪ ،‬حيث تنتهي مه ام وظيفت ه‬
‫الدبلوماس ية االولى ‪ ،‬ويق دم اوراق اعتم اد جدي دة للوظيف ة الم رقى له ا بحيث يم ارس مه ام ه ذه‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)36‬‬
‫الوظيفة الجديدة تاركا مهام وظيفته الدبلوماسية القديمة‬

‫‪ -2‬اثار انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي ‪:‬‬


‫تختلف اثار انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي باختالف اسباب هذا االنتهاء وذلك على النحو‬
‫(‪)37‬‬
‫االتي ‪:‬‬
‫* اذا ك ان س بب االنته اء ه و قي ام الدول ة الموف دة باس تدعاء المبع وث الدبلوماس ي الي س بب من‬
‫االسباب السالفة الذكر ‪ ،‬فيجب على هذه الدولة ان توفد مبعوثا دبلوماسيا اخر بدال من المبعوث‬
‫الدبلوماس ي المنتهي ة مهام ه وخاص ة ان ك ان ه ذا المبع وث ه و رئيس البعث ة وذل ك حرص ا على‬
‫عدم تعكير صفو العالقات الدبلوماسية بين الدولتين صاحبتي الشأن ‪.‬‬
‫* اذا كان سبب انتهاء المهام الدبلوماسية للدبلوماسي هو وفاته فيجب في هذه الحالة ترك مدة‬
‫زمني ة كافي ة يك ون فيه ا اف راد اس رته مش مولين بالحص انات والمزاي ا الدبلوماس ية ح تى يغ ادروا‬
‫اقليم الدول ة المعتم د ل ديها ‪ ،‬م ا لم يكون وا من المقيمين اقام ة دائم ة في ه ذه الدول ة ‪ ،‬ففي ه ذه‬
‫الحالة تسقط عنهم الحصانات والمزايا واالعفاءات الدبلوماسية كونها كانت ممنوحة لهم بصفة‬
‫تبعي ة للممث ل الدبلوماس ي ‪ ،‬ام ا وق د انتهت حيات ه فتنتهي ب ذلك الحص انات والمزاي ا الممنوح ة‬
‫الفراد اسرته تبعا له ‪.‬‬
‫* اذا كان سبب انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي راجعا الى وفاة او تغيير رئيس الدولة في اي‬
‫من الدولتين (الموفدة والموفد اليها) فيجب في هذه الحالة وخاصة في ظل نظ ام الحكم الملكي ان‬
‫يقدم المبعوث الدبلوماسي اوراق اعتماد جديدة وخاصة اذا كان هو رئيس البعثة من درجة سفير‬
‫او وزي ر مف وض الن رئيس الدول ة في ال دولتين ه و ال ذي فوض ه ويعتم د اوراق ه الدبلوماس ية‬
‫بصفة شخصية ‪ ،‬اما في نظام الحكم الجمهوري فال يلزم الدبلوماسي بتقديم اوراق اعتماد جديدة‬
‫ب ل يكتفي فق ط بتب ادل التهنئ ة بين حكوم تي ال دولتين (المعتم دة والمعتم د ل ديها) بانتخ اب رئيس‬

‫يوسف حسن يوسف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 174‬‬ ‫‪36‬‬

‫منتصر سعيد حمودة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 212‬‬ ‫‪37‬‬


‫جدي د ألي من ال دولتين ‪ ،‬وإ ذا ت أخرت الدول ة الموف دة في ارس ال أوراق اعتم اد جدي دة لبعثته ا‬
‫الدبلوماسية لفترة طويلة اعتبر ذلك عدم اعتراف بنظام الحكم الجديد في الدولة المعتمد لديها ‪.‬‬
‫* اذا كان سبب انتهاء المهام الدبلوماسية للدبلوماسي راجعا الى قيام الدولة المعتمد لديها بطرده‬
‫فيجب على الدولة المعتمدة ارسال مبعوث دبلوماسي جديد بدال منه ‪.‬‬
‫* اذا ك ان س بب انته اء المه ام الدبلوماس ية للمبع وث الدبلوماس ي راجع ا الى ترقيت ه لوظيف ة‬
‫دبلوماس ية اعلى مث ل الترقي ة من درج ة ق ائم باالعم ال الى وزي ر مف وض او من درج ة وزي ر‬
‫مفوض الى درجة‬
‫سفير ‪ ،‬فهنا يجب على هذا المبعوث ان يقدم اوراق اعتماد جديدة للوظيفة المرقى اليها ‪ ،‬وتتبع‬
‫في شانها نفس االجراءات المتبعة عند ارساله مبعوثا دبلوماسيا الول مرة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مقاضاة المبعوث الدبلوماسي ‪:‬‬


‫سبق وان اوض حنا عند حديثنا عن الطبيع ة القانوني ة للحصانة القضائية الجزائي ة ال تي يتمت ع‬
‫به ا المبع وث الدبلوماس ي ان حص انته تش كل اس تثناء من قواع د االختص اص القض ائي للدول ة‬
‫المضيفة وانها ال تشكل اعفاء من المسؤولية الجنائية التي تظل قائمة عن افعاله ‪ ،‬وهذا ما اكدته‬
‫اتفاقية فيينا لعام ‪ 1961‬في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 31‬عندما نصت على ان ‪" :‬تمتع المبعوث‬
‫الدبلوماسي بالحصانة القضائية في الدولة المعتمد لديها ال يعفيه من قضاء الدولة المعتمدة" وهذا‬
‫ما نصت عليه ايضا التشريعات الداخلية لكثير من الدول منها مثال قانون العقوبات اللبناني الذي‬
‫ينص في المادة ‪ 21‬على ان ‪" :‬تطب ق الوالية القضائية على الموظفين اللبن انيين ال ذين يرتكبون‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)38‬‬
‫ج رائمهم خ ارج االراضي اللبناني ة اثن اء ممارس تهم وظ ائفهم او في مع رض ممارس تهم لها‬
‫والشيئ نفسه اكده قانون العقوبات العراقي الذي نص على تطبيق قانون العقوبات العراقي على‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫الجرائم التي يرتكبها العراقيون خارج حدود االراضي العراقية‬

‫فاضل محمد زكي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 209‬‬ ‫‪38‬‬

‫انظر ‪ :‬المادة ‪ 12‬من قانون العقوبات العراقي رقم ‪ ، 111‬عام ‪ ، 1969‬وكذلك المادة ‪ 11‬من القانون العقوبات االردني ‪ ،‬رقم ‪16‬‬ ‫‪39‬‬

‫لعام ‪. 1960‬‬
‫يالح ظ مم ا تق دم ان ه يج وز للدول ة المض يفة ال تي ارتكب المبع وث الدبلوماس ي ج رائم ف وق‬
‫اقليمه ا ان تطلب من الدول ة الموف دة مقاض اة المبع وث الدبلوماس ي وه ذا يع ني امكاني ة مس اءلة‬
‫الدبلوماسي قضائيا طبقا للنصوص التي اشرنا اليها سابقا ‪ ،‬والذي يحث في الغالب هو تقاعس‬
‫الدولة الموفدة واهمالها في مقاضاة مبعوثها الدبلوماسي خاصة عندما تكون متواطئة معه ‪ ،‬لذا‬
‫س وف نتط رق الى كيفي ة محاكم ة المبع وث الدبلوماس ي في دولت ه ‪ ،‬وك ذلك الى التن ازل عن‬
‫الحصانة ‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬محاكمة المبعوث الدبلوماسي امام محاكم دولته ‪:‬‬


‫ان فك رة تمت ع المبع وث الدبلوماس ي بالحص انة الجزائي ة المطلق ة ال تع ني بتات ا ان ه ال يخض ع‬
‫الي قضاء اخر ‪ ،‬وال تعني ايضا عدم احترام تعليمات وقوانين الدولة المضيفة عند اعتدائه على‬
‫حقوق الغير ناقضا بذلك تعهداته وواجباته ‪.‬‬
‫فمن المؤك د ان اح ترم ق وانين ونظم وتقالي د الدول ة المس تقبلة ي اتي في مقدم ة الواجب ات‬
‫المفروضة عليه مقابل الضمانات المقررة له في سبيل المحافظة على استقالله بحيث ال يجوز له‬
‫ان يفعل كل ما يحلو له ‪ ،‬بل عليه ان يراعي في تصرفاته حدود ما تسمح به القوانين واللوائح‬
‫وه ذا م ا اكدت ه الم ادة ‪ 41‬من‬ ‫(‪)40‬‬
‫والع ادات المرعي ة في الدول ة ال تي يم ارس فيه ا مه ام وظيفته‬
‫اتفاقية فيينا لعام ‪. 1961‬‬
‫وعليه ‪ ،‬فان عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي للقضاء االقليمي في الدولة الموفد اليها ال يعني‬
‫افالت ه من س لطان الق انون وامتن اع محاكمت ه او مقاض اته عن اعمال ه وتص رفاته ‪ ،‬فه و يظ ل‬
‫خاضعا لقانون دولته وسلطتها القضائية ‪ ،‬ويمكن مساءلته امام محاكمها عما يتمتع على قضاء‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)41‬‬
‫البلد الموفد اليه النظر فيه نتيجة لحصانته القضائية‬
‫ف اذا اق ترف المبع وث الدبلوماس ي اي ج رم في الدول ة المض يفة فال يج وز ان يقاض ى ام ام‬
‫محاكمها المحلية اذ ان حكومة بالده سوف تقوم باستدعائه ومحاكمته امام محاكم دولته لوضع‬
‫ح د لالنتهاك ات ال تي يرتكبه ا ‪ ،‬ولتوض يح ذل ك س وف نتن اول الط رق ال واجب اتباعه ا لحم ل‬

‫عاطف فهد المغاريز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 209‬‬ ‫‪40‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 212‬‬ ‫‪41‬‬
‫المبع وث الدبلوماس ي على اح ترام واجبات ه عن طري ق اقام ة ال دعوى على المبع وث الدبلوماس ي‬
‫في دولته ‪ ،‬وكذا الممارسة الدولية ازاء محاكمته امام محاكم دولته ‪.‬‬

‫أ‪ -‬اقامة الدعوى على المبعوث الدبلوماسي امام محاكم دولته ‪:‬‬
‫من الث ابت ان الق انون لم يوض ع اال لحماي ة المجتم ع وض مان اس تقراره وليس ت من مهم ة‬
‫الق انون الوط ني وض ع القواع د الالزم ة لمعالج ة م ا يح دث من انتهاك ات في الخ ارج ‪ ،‬حيث‬
‫يختص تشريع كل دولة في وضع الوسائل التي تضمن احترام سيادة القوانين الصادرة عنها ‪،‬‬
‫ويترتب على هذه القاعدة ان المحاكم الوطنية ال تختص بصورة عامة بالنظر في النازعات ال تي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)42‬‬
‫تنشا خارج اقليم دولتها‬
‫لق د نص ت الم ادة ‪ 12‬من ق رارات معه د الق انون ال دولي لع ام ‪ 1895‬على ان ه ‪" :‬مب دئيا ال‬
‫يخضع المبعوث الدبلوماسي للقضاء المدني والجاني اال امام محاكم دولته ‪ ،‬وعلى المدعي ان‬
‫يلج ا الى عاص مة دول ة المبع وث الدبلوماس ي اال اذا دف ع المبع وث ب ان مح ل اقامت ه في مدين ة‬
‫اخرى وقدم دليال على ذلك‪. "...‬‬
‫ونص ت الم ادة ‪ 19‬من اتفاقي ة هافان ا لع ام ‪ 1928‬على ان ه ‪" :‬ال يج وز مقاض اة او محاكم ة‬
‫الموظفين الدبلوماسيين اال من قبل محاكم دولتهم نفسها" وهذا ما اكدته الفقرة الرابعة من المادة‬
‫‪ 31‬من اتفاقية فيينا لعام ‪. 1961‬‬
‫وبن اء على ذل ك ف ان مح اكم دول ة المبع وث الدبلوماس ي تختص ب النظر في القض ايا المدني ة‬
‫والجزائي ة ال تي تنش ا على اقليم الدول ة المعتم د ل ديها وليس له ا ح ق ال دفع بع دم االختص اص‬
‫المكاني للدعوى الن اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لعام ‪ 1961‬اجازت ذلك ‪ ،‬واقامة الدعوى‬
‫على المبع وث ال تتطلب التن ازل عن حص انته الن ه ال يتمت ع به ا في دولت ه او ال حاج ة الخ ذ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)43‬‬
‫موافقة وزير الخارجية على محاكمته‬
‫وق د ح اول الفقي ه فليب كابي ه (‪ )Philippe Cahier‬التع رف على الط رق ال تي يمكن اللج وء‬
‫اليها‬

‫علي صادق ابو هيف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 177‬‬ ‫‪42‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 211‬‬ ‫‪43‬‬
‫لمساءلة المبعوث الدبلوماسي عن الجرائم والمخالفات التي يرتكبها فوق اقليم الدولة المضيفة ‪،‬‬
‫(‪)44‬‬
‫فأجملها بالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬اللجوء الى الطريق الدبلوماسي وذلك بواسطة تقديم طلب برفع الحصانة القضائية حيث يتقدم‬
‫الش خص المتض رر بالش كوى الى وزارة الخارجي ة ال تي تطلب من رئيس البعث ة او حكومت ه من‬
‫اجل متابعته قضائيا ‪ ،‬وفي حالة عدم االستجابة للطلب تطلب وزارة الخارجية من الدولة الموفدة‬
‫رفع الحصانة عن دبلوماسيها وهي حرة في ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬اللجوء الى اتخاذ اجراء يتمثل في التنازل عن الحصانة الذي يختلف حسب راي فيليب كابيه‬
‫(‪ )Philippe Cahier‬عن رفع الحصانة على اساس ان التنازل عن الحصانة يتم بمجرد موافقة‬
‫الدبلوماس ي المث ول ام ام المح اكم ‪ ،‬ام ا رف ع الحص انة فه و من ط رف الدول ة الموف دة لص الح او‬
‫لغ ير ص الح الدبلوماس ي ‪ ،‬وس واء واف ق ه ذا االخ ير على ذل ك او لم يواف ق ‪ ،‬باعتب ار ان‬
‫الحصانات مقررة لصالح دولته وليس لصالحه ‪.‬‬
‫‪ -‬اللجوء الى محاكم الدولة الموفدة لمقاضاة المبعوث الدبلوماسي وهذا ما اقرته اتفاقية فيينا لعام‬
‫‪. 1961‬‬
‫‪ -‬اللجوء الى محاكم تحكيم تجنبا لمثول المبعوث الدبلوماسي امام القضاء المحلي ‪.‬‬
‫وبالعودة الى ما تضمنته اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية نالحظ انها لم تعتمد س وى وسيلتين‬
‫من ه ذه الوس ائل ال تي اتين ا على ذكره ا وتتمث ل الوس يلة ال ولى في اللج وء الى مح اكم الدول ة‬
‫المعتم دة لمقاض اة المبع وث الدبلوماس ي وهي الوس يلة ال تي اك دتها الفق رة الرابع ة من الم ادة ‪31‬‬
‫وتقتضي الوسيلة الثانية بامكانية التنازل عن الحصانة القضائية وهي التي اكدتها الفقرة ‪ 01‬من‬
‫المادة ‪ 32‬من االتفاقية ذاتها ‪.‬‬
‫وهنا نجد ان اتفاقية فيينا استبعدت وسيلة تعيين محكمة تحكيم وكذلك مبدا رفع الحص انة ‪ ،‬اال‬
‫ان ه حس ب االتفاقي ة يمكن اللج وء الى الطري ق الدبلوماس ي الخط ار البعث ة الدبلوماس ية بالش كوى‬

‫‪44‬‬
‫‪philippe cahier , le droit diplomatique contemporain , librairie Droz , Genève , 1962 , p125 .‬‬
‫عن طريق وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها وذلك قبل اللجوء الى طلب التنازل عن الحصانة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)45‬‬
‫او اللجوء الى حكم الدولة الموفدة لمقاضاة المبعوث الدبلوماسي عن طريق تقديم شكوى‬

‫ب‪ -‬الممارسة الدولية ازاء محاكمة المبعوث الدبلوماسي امام محاكم دولته‬
‫اذا رجعنا الى الممارسة الدولية ‪ ،‬وجدنا الدولة نادرا ما تلجا الى محاكمة المبعوثين المعتمدين‬
‫ل ديها اذا لم تقم الدول ة الموف دة برف ع الحص انة عن مبعوثيه ا او قي ام المبع وث الدبلوماس ي نفس ه‬
‫بالتن ازل عن الحص انة شخص يا او موافق ة دولت ه على ذل ك اذا ك ان ال يش كل اي مس اس بس معة‬
‫المبعوث الدبلوماسي وكذا بسمعة دولته ‪.‬‬
‫ولكن التساؤل الذي نطرحه في هذا المقام هو ‪ :‬هل فعال تقوم الدول بعد عودة مبعوثيها من‬
‫الخارج برفع الحصانة عنهم ومحاكمتهم ؟‬
‫ان االجاب ة عن ه ذا التس اؤل ص عبة ج دا الن ه ن ادرا م ا نج د ال دول تلج ا الى اتخ اذ ه ذه‬
‫االج راءات خاص ة اذا ك انت الج رائم المرتكب ة من قب ل المبع وث تمس ب امن الدول ة المض يفة ‪،‬‬
‫كالتجس س مثال ‪ ،‬الن المبع وث الدبلوماس ي غالب ا م ا ي رتكب ه ذه االفع ال ب التواطؤ م ع دولت ه ‪،‬‬
‫وبالتالي فتطبيق الفقرة الرابعة من المادة ‪ 31‬من اتفاقية فيينا لعام ‪ 1961‬غير ممكن ونادرا ما‬
‫نجد له مجاال اال في بعض القضايا الخطيرة ‪ ،‬حيث يقوم فيها السفير بجمع ادلة القضية واعادة‬
‫المبع وث الدبلوماس ي المتهم الى دولت ه ليح اكم ام ام محاكمه ا ‪ ،‬ومن امثل ة ذل ك اته ام الس كرتير‬
‫االول بس فارة ه ايتي في الوالي ات المتح دة االمريكي ة بقت ل مستش ار الس فارة في واش نطن فتم‬
‫اعادته الى دولته وحوكم امام محاكمها بناءا على اتفاق بين الدولتين ‪.‬‬
‫وفي ع ام ‪ 1960‬ق امت الوالي ات المتح دة االمريكي ة بمحاكم ة س بعة ح راس بح ريين ك انوا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)46‬‬
‫يعملون بسفارتها في لندن الرتكابهم جرائم اثناء عملهم في الخارج‬
‫وفي عام ‪ 1987‬ادانت المحكمة الجنائية في فيينا سفير النمسا في يوغسالفيا الذي تسبب في‬
‫مقتل السفير عن طريق الخطا خالل نزهة صيد ‪.‬‬

‫سهيل حسين الفتالوي ‪ ،‬الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي في القانون العراقي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 519‬‬ ‫‪45‬‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 179‬‬ ‫‪46‬‬


‫واخذت المحاكم االمريكية بمبدا توسيع اختصاصها في هذا المجال فقررت النظر في دعوى‬
‫القتل المرتكبة من قبل القائم باعمال السفارة االمريكية في غينيا االستوائية ازاء عضو اخر في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)47‬‬
‫البعثة في مبنى السفارة ‪ ،‬واكدت اختصاصها في ذلك‬
‫واخذت به ايضا محكمة االستئناف في بروكسل عندما وجدت نفسها امام مشاكل متعلقة باحد‬
‫الدبلوماسيين الذي وقع كمبيالت خالل عمله في النمسا ‪ ،‬اذ اكدت انه يمكن محاكمة الدبلوماسي‬
‫اال في بلجيكا وحسب القانون البلجيكي ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التنازل عن الحصانة ‪:‬‬


‫ال يخضع المبعوث الدبلوماسي كقاعدة عامة لسلطة قضاء الدولة المضيفة وهو بهذه الصفة‬
‫يتمت ع بحص انة قض ائية مطلق ة في المس ائل ‪ ،‬س واء ك انت اثن اء ممارس ته لوظائف ه او خارجه ا ‪،‬‬
‫ونج د ان ه ذه الحص انات واالمتي ازات الدبلوماس ية تس ند الى المفه وم ال وظيفي لض مان االداء‬
‫الفعال لوظائف البعثة وتجنبا للصعوبات التي يجدها المتضرر في حال اللجوء الى قضاء الدولة‬
‫الموف دة اتج ه الفق ه واالجته اد الى اق رار نب دا التن ازل عن الحص انة القض ائية كامكاني ة وليس‬
‫كواجب يفرض على الدول ‪.‬‬
‫لقد طرح موضوع التنازل عن الحصانة القضائية عدة نساؤالت بين االوساط الفقهية ‪ ،‬كما‬
‫ان الممارس ة الدولي ة ك ان له ا موق ف فيم ا يخص ه ذا الموض وع ‪ ،‬وح تى نق ف على حقيق ة ه ذه‬
‫المواقف ودراستها سوف نتطرق الى موقف الفقه الدولي من التنازل عن الحصانة وما يجري‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫عليه العمل الدولي في هذا الموضوع‬

‫أ‪ -‬موقف فقه القانون الدولي من عملية التنازل عن الحصانة الدبلوماسية ‪:‬‬
‫ان اهم التس اؤالت الفقهي ة ال تي اث يرت في ه ذا الموض وع يكمن في تحدي د من هي الجه ة‬
‫المختصة بالتنازل ‪ :‬هي الدولة المعتمدة ؟ او رئيس البعثة ؟ او المعني باالمر ؟‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 313‬‬ ‫‪47‬‬

‫شادية رحاب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 212‬‬ ‫‪48‬‬


‫والتساؤل الثاني يتناول موضوع "الشكل" الذي يصدر به التنازل وما اذا كان التنازل يجب ان‬
‫يكون صريحا او ضمنيا ؟‬
‫اما التساؤل الثالث في هذا االطار فهو ‪ :‬هل التنازل واجب يقع على عاتق الدولة الموفدة ام‬
‫هو مجرد امكانية ؟ وكل ذلك اضافة الى تساؤالت اخرى متعلقة بحالة المبعوث الدبلوماسي في‬
‫ال نزاع اذا م ا ك ان م دعيا او م دعى علي ه ‪ ،‬وك ذلك م ا اذا ك ان ه ذا التن ازل ل ه عالق ة باالعم ال‬
‫الرس مية فق ط ام ان نتائج ه تمت د لتط ال اعمال ه غ ير الرس مية م ع اف تراض اص يل ان الحص انة‬
‫القضائية الجزائية التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي مطلقة ؟‬
‫ان الفقه الدولي متفق على ان المبعوث الدبلوماسي عندما يكون مدعى عليه في الدعوى ال‬
‫يملك الحق في التنازل عن حصانته القضائية كما ال يستطيع ايضا المثول امام المحاكم المحلية‬
‫دون الحصول على موافقة الدولة الموفدة ‪ ،‬ومن مؤيدي هذه الفكرة الفقيهان فوشي‬
‫(‪ )Fauchille‬وفيليب كابيه (‪ ، )Philippe Cahier‬ولقد تم االعتماد على هذا الراي من طرف‬
‫محكم ة اس تئناف ب اريس في حكم اله اي ص در ع ام ‪ 1909‬ق الت في ه ان ه ‪" :‬ليس من ح ق‬
‫المبع وثين الدبلوماس يين ان يس تخدموا الحص انة القض ائية ‪ ،‬اي ان يتمس كوا به ا ا وان يتن ازلوا‬
‫(‪)49‬‬
‫عنها اال وفقا لوجهات نظر حكوماتهم ‪ ،‬وبناءا على اذن منها‬
‫كما اخذت المحاكم البريطانية بالتجاه ذاته فرات محكمة ‪ Chancery Division‬في قرارها‬
‫الص ادر ع ام ‪ 1913‬ب ان مف وض الس فارة ال يمكن ه التن ازل عن حص انته ب دون موافق ة الحكوم ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)50‬‬
‫البوليفية او مفوضيها‬
‫واقرت المحكمة الفيدرالية في بيونس ايرس المبدا ذاته عام ‪ 1888‬واقرت مثل ذلك المحكمة‬
‫العلي ا في بولوني ا في قراره ا الص ادر ع ام ‪ 1925‬ومحكم ة لوكس مبورغ في قراراته ا الص ادرة‬
‫عامي ‪ 1956‬و ‪ 1957‬والمحكمة العليا في الشيلي في قرارها الصادر عام ‪ 1956‬وتم تطبيق‬
‫القاع دة ذاته ا من قب ل ال دائرة السياس ية الفدرالي ة السويس رية ‪ ،‬اض افة الى ف نزويال وهوالن دا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)51‬‬
‫والواليات المتحدة‬
‫شادية رحاب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 213‬‬ ‫‪49‬‬

‫فادي مالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 613‬‬ ‫‪50‬‬

‫شادية رحاب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 213‬‬ ‫‪51‬‬


‫واذا ك ان ال ب د من الحص ول على االذن من حكوم ة المبع وث الدبلوماس ي لحص ول التن ازل‬
‫عن الحص انة الدبلوماسية فهل يشترط ان يكون هذا التنازل صريحا او ضمنيا ؟ وبمعنى اخر‬
‫ه ل يكفي مثول المبع وث الدبلوماس ي أم ام المحاكم المحلية للقول ان ه حصل على موافقة دولت ه‬
‫الض منية ؟ ام الب د من الموافق ة الص ريحة من دولت ه لكي يص بح التن ازل عن الحص انة القض ائية‬
‫صالحا ؟‬
‫في الواق ع فمن اج ل ان يص بح التن ازل ش رعيا ف ان ش رطا اخ ر يجب ان يتم تنفي ذه وه و ان‬
‫يكون التنازل صريحا وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 32‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة‬
‫‪ 1961‬في فقرتها الثانية عندما نصت على ان ‪" :‬التنازل يجب ان يكون صريحا" ‪.‬‬
‫ان االس تاذ ديب اج (‪ )Depage‬في دراس ته االساس ية للق انون الخ اص الص ادر ع ام ‪ 1942‬ق د‬
‫حدد معنى الصراحة تحديدا دقيقا ورائعا فقال ان االرادة الصريحة هي االرادة التي يتم التعبير‬
‫عنها بشكل مباشر ‪ ،‬وال يقتضي البرهان ‪ ،‬ويمكن ان تكون تحريرية او شفهية ‪ ،‬وهذا الشرط‬
‫ال يجيب بالضبط عما طرحته االحكام القضائية الفرنسية والبلجيكية بهذا الصدد قبل ان تدخل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)52‬‬
‫اتفاقية فيينا حيز التنفيذ‬
‫ففي فرنس ا نج د ان الموق ف الث ابت للقض اء الفرنس ي ذهب الى ان التن ازل يجب ان يك ون‬
‫مؤك دا وقانوني ا ‪ ،‬وه ذا التعب ير قد تم االخ ذ ب ه في العدي د من القض ايا ال تي نظ رت فيه ا المح اكم‬
‫الفرنس ية وخصوص ا محكم ة التمي يز في قراره ا الص ادر س نة ‪ ، 1954‬ونش ير الى ان التن ازل‬
‫المؤك د والق انوني ليس مس اويا للتن ازل الص ريح ‪ ،‬فالتن ازل الض مني يمكن في الواق ع ان يك ون‬
‫تنازال مؤكدا ‪.‬‬
‫ونفس الش يئ اعتمدت ه محكم ة الص لح في بروكس ل عن دما اعلنت في الع ام ‪ 1929‬في قض ية‬
‫‪ Hier Change at Concerts‬انه ‪" :‬من اجل ان يكون التنازل شرعيا فانه ليس بالضرورة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)53‬‬
‫ان يكون صريحا" ‪ ،‬وطلبت انذاك بان يكون التنازل مؤكدا‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 299‬‬ ‫‪52‬‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 299‬‬ ‫‪53‬‬
‫وفي الواق ع ف ان ص عوبات التفس ير ال تي نتجت من المص طلحات المس تخدمة من قب ل محكم ة‬
‫التمي يز الفرنس ية (تن ازل مؤك د وق انوني) ق د اختفت م ع التص ديق على اتفاقي ة فيين ا ال تي نص ت‬
‫بشكل واضح على التنازل الصريح ‪ Reconciation Expresse‬في المادة ‪ 32‬منها ‪.‬‬
‫وبهذا تكون اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية قد اكدت ان الدولة المعتمدة هي صاحبة الحق‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)54‬‬
‫في التن ازل عن الحص انة القض ائية بمحض ارادته ا ورض اها وليس المبع وث الدبلوماسي‬
‫كم ا اك دت االتفاقي ة ايض ا على ان ه ذا التن ازل عن الحص انة القض ائية في حال ة موافق ة الدول ة‬
‫المعتم دة يجب ان يك ون ص ريحا في جمي ع االح وال ‪ ،‬وبعب ارة ادق ف ان االتفاقي ة اك دت على‬
‫التن ازل الص ريح وليس الض مني في جمي ع المس ائل الجنائي ة والمدني ة على الس واء ‪ ،‬وفي جمي ع‬
‫االحوال والظروف اي عندما يكون المبعوث الدبلوماسي مدعى عليه او مدعيا ‪.‬‬
‫وعلى هذا المنوال يصبح موضوع التنازل عن الحصانة امرا متعلقا بالدولة حتى ولو كان‬
‫المبع وث الدبلوماس ي ه و المدعي ‪ ،‬وهذا الن ه عن دما يتقدم اح د المبع وثين الدبلوماسيين بدعوى‬
‫ض د الغ ير ‪ ،‬جزائي ة ك انت ام مدني ة ‪ ،‬فمن الممكن ج دا ان يخس ر ال دعوى وتنقلب ض ده فيس يئ‬
‫ذل ك الي ه والى س معة دولت ه ‪ ،‬وله ذا يخض ع لت دابير واج راءات خاص ة في الح االت المنص وص‬
‫عليها في المادة ‪ 31‬حيث ال يتمتع بحصانة قضائية مدنية ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يقول فيليب كابيه (‪ )Philippe Cahier‬انه من االفضل منذ البداية ان يطلب‬
‫المبعوث الدبلوماسي من دولته الموافقة المسبقة حتى ال يعرض نفسه لعقوبات من قبل دولته ‪.‬‬
‫ونش ير الى ان التن ازل عن حص انة الدبلوماس ي الجنائي ة او عن حص انته ض د االعتق ال او‬
‫االحتج از ‪ ،‬ام ر ال يح دث اال ن ادرا ‪ ،‬واذا ح دث فان ه يك ون ع ادة بالنس بة للج رائم البس يطة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)55‬‬
‫كحوادث المرور غير الجسيمة‬
‫واذا تم التنازل بطريقة صحيحة فانه ينظر في موضوع الدعوى بصفة كاملة وشاملة بمعنى‬
‫ان ه ال يج وز ال دفع بالحص انة ام ام جمي ع المح اكم ال تي تنظ ر او تفص ل في تل ك القض ية على‬
‫مختلف مستوياتها ‪.‬‬

‫حسين الشامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 567‬‬ ‫‪54‬‬

‫احمد ابو الوفاء ‪ ،‬قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2003 ،‬ص‪. 17‬‬ ‫‪55‬‬
‫وبمع نى اخ ر فان ه "ال يح ق للمبع وث الدبلوماس ي او الش خص المتمت ع بالحص انة القض ائية‬
‫بموجب المادة ‪ 37‬من اتفاقية فيننا في حالة رفع اي دعوى االحتجاج بالحصانة القضائية بالنسبة‬
‫الي طلب عارض يتصل مباشرة بالطلب االصلي الن التنازل يبقى منتجا اثره خالل المراحل‬
‫(‪)56‬‬
‫المختلفة لسريان الدعوى‬

‫ب‪ -‬التنازل عن الحصانة في الولقع الدولي المعاصر ‪:‬‬


‫الب د من االش ارة من ذ البداي ة الى ان س لوك ال دول لم يس تقر بخص وص من يمل ك التن ازل عن‬
‫الحص انة الدبلوماس ية ‪ ،‬وفيم ا اذا ك ان التن ازل يجب ان يك ون ص ادرا عن الس لطة المركزي ة في‬
‫الدول ة المعتم دة او عن رئيس الحكوم ة او عن وزي ر الخارجي ة ام يكتفي بتن ازل رئيس البعث ة‬
‫الدبلوماسية او اي عضو فيها يقوم مقامه ‪.‬‬
‫ان االمر هنا يتوقف على الظروف الخاصة بكل حالة وعلى القواعد القانونية المطبقة داخل‬
‫ك ل دول ة ‪،‬وفي حال ة ع دم وج ود قواع د قانوني ة مكتوب ة تعتم د النت ائج على الس لوك الث ابت في‬
‫(‪)57‬‬
‫ممارستها‬
‫واذا رجعن ا الى الممارس ة الدولي ة نج د ان مواق ف الدول ة متباين ة من مس الة التن ازل عن‬
‫الحص انة القض ائية ‪ ،‬فه ل يجب ان يك ون ص ريحا او ض منيا ؟ ان فئ ة من ال دول اعت برت ان‬
‫مس الة الحص ول على اذن ص ريح من الدول ة المعتم دة هي مس الة داخلي ة بين الدول ة المعتم دة‬
‫ومبعوثيه ا وليس للمح اكم المحلي ة ح ق اللج وء الى اثب ات مث ل ه الموافق ة الص ريحة معت برة ان‬
‫مجرد مثول المبعوث الدبلوماسي امام المحاكم المحلية يتضمن تلقائيا قبول دولته التنازل على‬
‫حص انته القض ائية في حين نج د ان فئ ة من ال دول االخ رى اتجهت الى اق رار مب دا الموافق ة‬
‫الصريحة من الدولة المعتمدة سواء كان ذلك في المسائل الجنائية ام المدنية ‪ ،‬ويشترط ان تكون‬
‫هذه الموافقة صادرة بصورة‬
‫مباش رة عن الدول ة المعتم دة او عن رئيس البعث ة بص فته ممثال له ا ‪ ،‬وفي ه ذا ال وقت فق ط يمكن‬
‫محاكمة او مقاضاة المبعوث الدبلوماسي امام المحكمة المحلية دون االعتماد على اي سبب اخر‬

‫حسين الشامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 567‬‬ ‫‪56‬‬

‫احمد ابو الوفاء ‪ ،‬قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 170‬‬ ‫‪57‬‬
‫والتنازل يمكن ان يكون موضوعا بالنسبة الى الحصانة المدنية وكذلك بالنسبة الى الحصانة‬
‫‪ ،‬ففي سنة ‪ 1906‬وعلى اثر حادثة قتل حصلت في بلجيكا قام القائم باالعمال التابع‬ ‫(‪)58‬‬
‫الجنائية‬
‫للسفارة الشيلية بالتنازل عن حصانة ابنه القضائية الذي اقدم على قتل خطيب اخته (ابن وزير‬
‫الداخلي ة الش يلي) ال ذي يش غل في نفس ال وقت منص ب الس كرتير في الس فارة الش يلية ‪ ،‬وقب ل ان‬
‫‪ ،‬وتاك د‬ ‫(‪)59‬‬
‫تق وم الس لطات البلجيكي ة بتوقي ف الج اني انتظ رت االذن من حكوم ة الدول ة المعتم دة‬
‫هذا االتجاه في المسائل المدنية ايضا ‪ ،‬فقد اعلنت المحكمة العليا في الشيلي في عام ‪ 1956‬انه‬
‫يجب الحصول على الرضى الصريح من الدولة المعتمدة في المسائل المدنية حتى يكون تنازل‬
‫المبعوث الدبلوماسي عن حصانته صالحا ‪.‬‬
‫وتاكيدا لهذا المسلك ال يخلو الواقع من تنازل صريح في المسائل الجنائية كما هو الشان في‬
‫قضية ‪ ، Artizi‬وهو دبلوماسي من االرغواي تم توقيفه في الواليات المتحدة االمريكية النتهاكه‬
‫القوانين الفدرالية في تجارة المخدرات ‪ ،‬وعلى الرغم من كونه ليس معتمدا في الواليات المتحدة‬
‫وال ه و في حال ة م رور ‪ ،‬اال ان حكوم ة االرغ واي ق ررت اس قاط حص انته لم ا في ذل ك من‬
‫الضرورة ‪ ،‬واحيلت الدعوى الى المحكمة االمريكية(‪. )60‬‬
‫وق ام رئيس بعث ة بلغاري ا في كوبنه اجن س نة ‪ 1969‬بس حب الحص انة من اح د اعض اء بعثت ه‬
‫بسبب استراكه في هجوم مسلح ضد المصارف في العاصمة الدانماركية ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1989‬اعتقلت السلطات االمريكية في فلوريدا احد اعضاء الطاقم االداري والفني‬
‫في سفارة بلجيكا في واشنطن بعد اعترافه بارتكاب جريمتي قتل ‪ ،‬وقد طلبت وزارة الخارجية‬
‫رف ع الحص انة ف وافقت الحكوم ة البلجيكي ة على الطل بين ‪ ،‬االول المتعل ق ب اجراءات التحقي ق ‪،‬‬
‫والثاني الخاص بسير الدعوى ‪.‬‬
‫وال ش ك في ان الدول ة الموف دة ال تتخلى عن الحص انة بالنس بة الح د مبعوثيه ا اال اذا ك انت‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)61‬‬
‫لديها اسباب جدية تبرر ذلك وهو ما يؤكده القضاء‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 293‬‬ ‫‪58‬‬

‫علي حسين الشامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 565‬‬ ‫‪59‬‬

‫ناظم عبد الواحد الجاسور ‪ ،‬اسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 294‬‬ ‫‪60‬‬

‫كمال بياع خلف‪،‬الحصانة القضائية للمبعوثين الدبلوماسيين‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬كلية الحقوق ‪،‬القاهرة ‪ ، 1998 ،‬ص‪. 339-336‬‬ ‫‪61‬‬
‫نالح ظ مم ا تق دم ان التن ازل عن الحص انة ه و الطري ق المرض ي قانون ا ‪ ،‬الن ه يتالئم م ع‬
‫االختصاص القضائي الطبيعي ‪ ،‬ومن الصعوبة بمكان الحصول على هذا التنازل خصوصا في‬
‫القضايا الجنائية ‪ ،‬العتقاد الدول ان تعرض مبعوثيها للعقاب يسيئ الى سمعتها ويشكل في نفس‬
‫الوقت مساسا بسيادتها ‪.‬‬
‫ويتبين على ارض الواقع ان مواقف بعض الدول جدية بشان التنازل عن الحصانة القضائية‬
‫في ح االت المخالف ات الجنائي ة الخط يرة ‪ ،‬فتج د مثال ان وزارة الخارجي ة االمريكي ة غالب ا م ا‬
‫تطالب برفع الحصانة ‪ ،‬ونجد ان بلجيكا اتخذت الموقف نفسه في حالة تعود الى سنة ‪، 1986‬‬
‫في حين نج د ان وزارة الخارجي ة البريطاني ة طلبت اس تدعاء الممث ل الدبلوماس ي الس وري حين‬
‫رفض رئيس البعثة رفع الحصانة ‪.‬‬
‫ويتض ح ايض ا ان رف ع الحص انة يمكن ان يك ون مص حوبا بطلب االس تبعاد من ط رف الدول ة‬
‫المعتم دة ح تى يح اكم الدبلوماس ي في دولت ه االص لية ‪ ،‬وه ذا طبع ا س وف يط رح مش اكل اخ رى‬
‫الن ه في غ الب االحي ان يبقى ه ؤالء الدبلوماس يين ب دون محاكم ة ‪،‬وفي ه ذا خ رق لمب دا العدال ة‬
‫واالنصاف وانتهاك الحكام ميثاق حقوق االنسان التي ننعهد بوجوب احترام هذا المبدا ‪ ،‬ويشكل‬
‫هذا العمل ايضا خرقا واتهاكا لميثاق حقوق االنسان الذي تتعهد باحترامه كل دولة معتمدة ‪.‬‬
‫ونحن نعتقد ان رفع الحصانة بالتنازل عنها يشكل وسيلة ردع لمواجهة كل انواع المخالفات‬
‫التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي انتظارا الى حين اعادة الصياغة لبعض نصوص اتفاقية فيينا‬
‫لس نة ‪ 1961‬ال تي لم تع د تس تجيب للمتغ يرات الحاص لة في المجتم ع ال دولي في حق ل العالق ات‬
‫الدولية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬االثار المتعلقة بالعالقات بين الدولتين ‪:‬‬


‫عن دما تت ازم االوض اع الدبلوماس ية ويع بر اح د االط راف عن اس تيائه من تص رف االخ ر ‪،‬‬
‫ويعتبره مساسا بكرامة الدولة او تهديدا لسالمتعا ومصالحها او مناقضا لالعراف الدبلوماسية ‪،‬‬
‫فان االمر يؤدي الى توتر العالقات بينهما ومن ثم الى قرار قطع عالقاتها الدبلوماسية ‪ ،‬كما ان‬
‫االنذار او التحذير الذي توجهه دولة الى اخرى وتطلب من خالله ازالة االسباب التي تؤدي الى‬
‫تهديد امنها وسالمتها وتحديد وقت معين لذلك ‪ ،‬يعتبر من اسباب قطع العالق ات الدبلوماسية ‪،‬‬
‫وعلى الدولة االخرى بالمقابل اتخاذ موقف حاسم او مناسب لذلك التهديد ‪ ،‬فاما ان تصر على‬
‫سياستها واما ان تقبل بحل معين لتخفيف حدة التوتر وفقا لظروف الحادث ‪ ،‬هذا مع التنبيه الى‬
‫ان القطع يؤدي الى احداث اثار قانونية سنشرحها في المطلبين االتيين ‪ :‬المطلب االول ‪ :‬قطع‬
‫العالق ات الدبلوماسية بين الدولتين المضيفة والمس تقبلة ‪ ،‬المطلب الثاني ‪ :‬االثار القانوني ة لفطع‬
‫العالقات الدبلوماسية ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬قطع العالقات الدبلوماسية بين الدولتين الموفدة والمضيفة ‪:‬‬
‫س بق ان ذكرن ا ان الدول ة تلج ا الى اتخ اذ اج راءات تعلن فيه ا ان شخص ا غ ير مرغ وب في ه‬
‫وذل ك لوض ع ح د للج رائم والمخالف ات المختلف ة ال تي يرتكبه ا المبع وث الدبلوماس ي ‪ ،‬وان ه ذه‬
‫االجراءات قد ال تكون فعالة ورادعة ‪ ،‬وبذلك تبقى مشكلة انتهاك المبعوث الدبلوماسي لحصانته‬
‫قائم ة وربم ا في ازدي اد مس تمر ‪ ،‬االم ر ال ذي ق د ي دفع الدول ة المض يفة التخ اذ اج راءات اك ثر‬
‫صرامة وخطورة فتعتمد الى قطع عالقاتها الدبلوماسية مع الدولة الموفدة ‪ ،‬هذا القرار يعتبر من‬
‫القرارات الخطيرة جدا التي ال يلجا اليها في الغالب اال في حالة تردي االوضاع ‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫اذا سبب الدبلوماسيون اضرارا للدولة المضيفة في مجال امنها القومي ‪ ،‬ففي هذه الحالة تعتمد‬
‫ال ة ه ذا االج راء بالمقاب ل وتط رد جمي ع اعض اء البعث ة الدبلوماس ية ‪ ،‬وه و م ا يع د نوع ا من‬
‫العقوبات الجماعية التي تستهدف جميع اعضاء البعثة ‪.‬‬
‫وعلى ص عيد الممارس ة الدولي ة له ذا االج راء نج د ان ال دول ن ادرا م ا تلج ا الي ه ون ذكر على‬
‫سبيل المثال ان كال من الواليات المتحدة االمريكية وروسيا لم تلجا الى اتخاذ هذا االجراء رغم‬
‫‪ ،‬اال ان هناك دوال اخرى تلجا الى اتخاذ هذا االجراء عندما ترى انه‬ ‫(‪)62‬‬
‫كثرة عمليات التجسس‬
‫الوسيلة الوحيدة لردع تجاوزات الدبلوماسيين ‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬ماهية قطع العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫يعد قطع العالقات الدبلوماسية اخطر مظهر من مظاهر توتر العالقات بين الدول نظرا الى‬
‫ما يحدثه من استحالة التفاوض والتحاور في بينها جراء انسداد القنوات الدبلوماسية ‪ ،‬سواء كان‬
‫عبد الرحمان حرش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 03‬‬ ‫‪62‬‬
‫ذل ك بع د ط رد الدبلوماس يين ام بع د اغالق الس فارات ام غ ير ذل ك من اوج ه الت وتر ‪ ،‬وكث يرا م ا‬
‫يلتبس الفهم في تحديد معنى قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬ولهذا فان تحديد ماهية قطع العالقات‬
‫الدبلوماس ية يجت اج حتم ا الى اس تقرار اراء كت اب الق انون ال دولي ‪ ،‬وايض ا يحت اج الى معرف ة‬
‫االساس القانوني الذي يقوم عليه وكذلك يحتاج الى معرفة طبيعته القانونية ‪.‬‬

‫أ‪ -‬تعريف قطع العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫‪ ،‬وقطع العالقات الدبلوماسية‬ ‫(‪)63‬‬
‫القطع في اللغة يعني الجز والفصل والهجر والبطال والجزم‬
‫ال يختل ف كث يرا عن ه ذا المع نى ‪ ،‬غ ير ان ه ذا المص طلح كغ يره من المص طلحات الدبلوماس ية‬
‫والسياس ية ومص طلحات الق انون ال دولي يحت اج الى وقف ة للتع رف الى تعاريف ه وتحليله ا ح تى‬
‫نستطيع في النهاية التوصل الى افضل تعريف ‪ ،‬وهذا نرى انه من المستحسن استعراض اراء‬
‫بعض الباحثين في القانون الدولي من االساتذة العرب ثم اراء بعض الباحثين العربيين ‪.‬‬
‫فم ا هي اب رز التعريف ات ح ول قط ع العالق ات الدبلوماس ية ل دى بعض الب احثين الغرب يين في‬
‫القانون الدولي العام ؟‬
‫‪ -1‬عرفت السيدة باستيد ‪ S.Bastid‬قطع العالقات الدبلوماسية بانه قرار تتخذه دولة ما بان ال‬
‫يكون لديها ممثلون دبلوماسيون لدى حكومة اودولة اخرى ‪ ،‬وبعدم استعدادها الستقبال ممثلي‬
‫ه ذه االخ يرة ‪ ،‬ويالح ظ ان ه ذا التعري ف ج اء تعريف ا اجرائي ا اكنفى بتحدي د اج راءات القط ع ‪،‬‬
‫واعت بر ق رار القط ع تعب يرا عن ع دم رغب ة الدول ة في ايف اء مبع وثين له ا الى دول ة م ا او في‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)64‬‬
‫استقبال مبعوثين من هذه الدولة لديها‬
‫‪ -2‬وعرف االستاذ لوسيان سيفز ‪ Sefz‬قطع العالقات بانه "عمل انفرادي يعبر عن اختصاص‬
‫تق ديري لل دول ‪ ،‬وتختل ف معاني ه واش كاله وفق ا الس باب االط راف المعني ة ونيته ا ‪ ،‬وذك ر ان‬
‫ت ترتب على ه ذا العم ل انته اء مهم ة البعث ة الدبلوماس ية الدائم ة وبعض االث ار القانوني ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)65‬‬
‫المحددة‬

‫المنجد في اللغة واالعالم ‪ ،‬دار المشرق ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1987 ،‬ص‪. 638‬‬ ‫‪63‬‬

‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1991 ،‬ص‪. 21‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪65‬‬
‫‪L.Sefz , le rupture des relations diplomatiques edition A.Pedone , paris , 1966 , p361‬‬
‫ويالح ظ ان ه ذا التعري ف اس تطاع ان يح دد طبيع ة القط ع باعتب اره ق رارا انفرادي ا وتق ديريا‬
‫تتخذه الدولة بمقتضى سيادتها ‪.‬‬
‫‪ -3‬وع رف االس تاذ ج ان روزيت و ‪ J.Roseto‬القط ع بان ه تص رف خط ير تنهي الدول ة ب ه مه ام‬
‫بعثتها الموجودة في اقليم دولة معينة مما يؤدي الى جعل االخيرة تسحب بعثتها في اقليم الدولة‬
‫‪ ،‬ويالحظ ان هذا التعريف قد وضح الناحية االجرائية من قرار القطع دون ان يهمل‬ ‫(‪)66‬‬
‫االولى‬
‫وضع البعثات الدبلوماسية في حالة القطع ‪ ،‬وما يسري عليها من اثار ‪.‬‬
‫‪ -4‬وعرف األستاذان بابني وكورتيز ‪ Papini et Cortèse‬القطع بانه عمل تقديري ومنفرد‬
‫الج انب ‪ ،‬للدول ة ذات الس يادة ال تي تق رر القط ع م تى ب دا له ا ذل ك مناس با ‪ ،‬وفي غ الب االح وال‬
‫‪،‬‬ ‫(‪)67‬‬
‫عن دما يب دو له ا من الض روري االع تراض على محاول ة الوص ول الى بعض التفاقي ات‬
‫ويالحظ ان هذا التعريف واضح وال يختلف كثيرا عن التعريفات التي اتينا على ذكرها ‪.‬‬
‫وعندما نستعرض مواقف غالبية المفكرين الغربيين من هذه المسالة نجد انهم يجمعون على‬
‫ان قطع العالقات الدبلوماسية قرار سيادي انفرادي تتخذه الدولة انطالقا من سيادتها الوطنية ‪،‬‬
‫ويكون الغرض منه وضع نهاية لتعاملها الدبلوماسي مع دولة او دول اخرى ‪.‬‬
‫وما هي االن ابرز التعريفات حول قطع العالقات الدبلوماسية لدى اشهر الباحثين العرب في‬
‫القانون الدولي العام ؟‬
‫انن ا في الحقيق ة ال نج د اختالف ات كب يرة في ه ذا الص دد بين اراء الكت اب الغرب يين والع رب ‪،‬‬
‫وسنكتفي بايراد بعض التعريفات العربية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ع رف علي ص ادق اب و هي ف القط ع "بان ه اخط ر مظ اهر س وء العالق ات بين ال دول ‪ ،‬الن‬
‫مؤداه انهاء الصالت الودية التي كانت قائمة بينها واحتمال اللجوء الى وسائل االكراه او اعمال‬
‫العنف لحسم النزاع الذي ادى الى اتخاذ هذا االجراء الخطير" ‪.‬‬

‫هادي نعيم المالكي ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬مكتبة السنهوري ‪ ،‬بغداد ‪ ، 2011 ،‬ص‪. 12‬‬ ‫‪66‬‬

‫علي صادق ابو هيف ‪ ،‬القانون الدبلوماسي ‪ ،‬منشاة المعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 1987 ،‬ص‪. 120‬‬ ‫‪67‬‬
‫‪ -2‬وعرف محمد سامي عبد الحميد القطع بانه "اجراء خطير ال تتخذه الدولة اال السباب قوية‬
‫تبرره ‪ ،‬وال تلجا الدولة التخاذ هذا القرار اال في حاالت معينة ‪ ،‬لكنه على رغم ذلك يعد عمال‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)68‬‬
‫انفراديا تكون الدولة السيادة الكاملة في اتخاذه من دون حاجة الى تقديم تبريرات او اسباب‬
‫‪ -3‬وعرف احمد ابو الوفا القطع بانه "تعبير انفرادي عن ارادة دولة ما في وضع حد لوسيلة‬
‫االتص ال العادي ة بينه ا وبين دول ة اخ رى وذل ك باس تدعاء البعث ة الدبلوماس ية المعتم دة ل دى ك ل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)69‬‬
‫منهما والذي تترتب عليه اثار قانونية معينة‬
‫‪ -4‬وراى عب د اهلل االش عل ان القط ع ه و "اعلى ص ور انهي ار العالق ات الودي ة بين دول تين وه و‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)70‬‬
‫يختلف عن انهاء العالقات او وقفها المؤقت‬
‫ونالح ظ مم ا تق دم ان الفقه اء الع رب لم يح ددوا بدق ة مع نى قط ع العالق ات الدبلوماس ية ‪ ،‬ب ل‬
‫ركزوا على مدى خطورة هذا القطع بالنسبة الى حسن العالقات بين الدول وامنها واستقرارها ‪،‬‬
‫ومع ذلك فان التعريفات السابقة رغم بعض التباين الذي شابها تحدد االطار العام لقطع العالقات‬
‫الدبلوماس ية ‪ ،‬وتعت بر ان القط ع ه و ق رار س يادي وانف رادي وتق ديري تتخ ذه دول ة م ا تج اه دول ة‬
‫اخرى تضع به حدا للعالقة الدبلوماسية بينهما ‪ ،‬ويترجم القرار بسحب البعثة الدبلوماسية وعدم‬
‫االستعداد الستقبال اية بعثة دبلوماسية ‪ ،‬فهو بذلك يعد اخطر مظهر من مظاهر توتر العالقات‬
‫بين الدول ‪ ،‬وينذر بحدوث نزاع قد يتطور الى نزاع مسلح ‪.‬‬

‫ب‪ -‬االساس القانوني لحق قطع العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫تنص المادة الثانية من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لعام ‪ 1961‬على ان اقامة العالقات‬
‫الدبلوماس ية بين ال دول وايف اد بعث ات دبلوماس ية دائم ة يتم بتراض ي الط رفين ‪ ،‬واذا ك انت اقام ة‬
‫العالقات الدبلوماسية تتم باتفاق سابق بين الدولتين ‪ ،‬فهل يكون قطع العالقات الدبلوماسية كذلك‬
‫(‪)71‬‬
‫بالتفاق ايضا بين الدولتين ؟‬

‫محمد سامي عبد الحميد ومحمد السعيد الدقاق وابراهيم خليفة ‪ ،‬القانون الدولي العام ‪ ،‬المطبوعات الجامعية ‪ ،‬االسكندرية ‪، 2003 ،‬‬ ‫‪68‬‬

‫ص‪. 43‬‬
‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 21‬‬ ‫‪69‬‬

‫عبد اهلل االشعل ‪ ،‬المركز القانوني لبعثات رعاية المصالح ‪ ،‬مجلة الحقوق الكويتية ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ، 1984 ،‬ص‪.140-129‬‬ ‫‪70‬‬

‫خليل حسين ‪ ،‬التنظيم الدبلوماسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 511‬‬ ‫‪71‬‬


‫ان االساس القانوني لقطع العالقات الدبلوماسية ياخذ ابعادا مختلفة ولكنه يفتصر على وجهين‬
‫فقط هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬اساس حق الدولة في قطع العالقات الدبلوماسية ‪ :‬ليس ثمة اي نص قانوني ص ريح يعطي‬
‫الحق للدولة في قطع عالقاتها الدبلوماسية مع دولة اخرى ‪ ،‬فهذا االمر متروك لتقدير الدولة ‪،‬‬
‫اذ يع د ق رار القط ع ق رارا س ياديا يع ود الى اقتن اع الدول ة وتق ديراتها للوض ع ‪ ،‬مث ل حماي ة امنه ا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)72‬‬
‫القومي ‪ ،‬وعليه فان القطع يعد صميم االختصاص الخاص للدولة‬
‫وتقرر الدول قطع عالقاتها الدبلوماسية عادة عند حدوث توتر في عالقاتها مع دولة ما بس بب‬
‫نزاع حدودي او قيام حرب بينهما او بسبب انتهاك احدى الدولتين حقوق االنسان هذا من جهة‬
‫ومن جهة اخرى فقد تستعمل الدول هذا الحق من اجل االحتجاج او الضغط على دولة ما من‬
‫(‪)73‬‬
‫اجل انتهاجها سلوكا معينا او من اجل تبنيها عن القيام بعمل اخر‬
‫والجدير بالذكر ان ميثاق منظمة االمم المتحدة قد اقر بامكانية استخدام قطع العالقات كوسيلة‬
‫للضغط على الدول المعتدية ‪ ،‬وقد ورد ذلك في المادة ‪ 41‬التي جاء فيها ان " لمجلس االمن ان‬
‫يق رر م ا يجب اتخ اذه من الت دابير ال تي ال تتطلب اس تخدام الق وة المس لحة لتنفي ذ قرارات ه ول ه ان‬
‫يطلب الى اعضاء االمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ‪ ،‬ويجوز ان يكون من بينها وقف الصالت‬
‫االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالسلكية وغيرها من‬
‫وسائل المواصالت وفقا جزئيا او كليا ‪ ،‬وكذلك قطع العالقات الدبلوماسية" ‪.‬‬
‫فهذه المادة تشكل اساس االستخدام الجماعي للقطع ‪ ،‬اما بالنسبة الى االستخدام الفردي لقطع‬
‫العالقات الدبلوماسية فانه يعود الى تقدير كل دولة ‪.‬‬
‫ويمكن ان يالح ظ ض منا قب ول اتفاقي ات فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية والقنص لية وك ذلك اتفاقي ة‬
‫البعثات الخاصة بهذا الحق المقرر لصالح الدولة ‪ ،‬ويفهم ذلك القبول من خالل معالجتها االثار‬
‫الناجمة عن القطع واعتباره عمال مشروعا ال ممنوعا ‪ ،‬فقد جاء في المادة ‪ 45‬من اتفاقية فيينا‬

‫سموحي فوق العادة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 228‬‬ ‫‪72‬‬

‫عبد اهلل االشعل ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 140-129‬‬ ‫‪73‬‬


‫للعالقات الدبلوماسية لعام ‪ 1961‬انه " تراعى في حالة قطع العالقات الدبلوماسية بين دول تين او‬
‫االستدعاء المؤقت او الدائم الحدى البعثات االحكام التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب على الدولة المعتمد لديها حتى في حالة وجود نزاع مسلح احترام وحماية دار البعثة ‪،‬‬
‫وكذلك اموالها ومحفوظاتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬يجوز للدولة المعتمدة ان تعهد بحراسة دار البعثة وكذلك اموالها ومحفوظاتها الى دولة ثالثة‬
‫تقبل بها الدولة المعتمد لديها ‪.‬‬
‫‪ -3‬يجوز للدولة المعتمدة ان تعهد بحماية مصالحها ومصالح مواطنيها الى دولة ثالثة تقبل بها‬
‫الدولة المعتمد لديها ‪.‬‬
‫اما الفقرة الثالثة من المادة ‪ 02‬من اتفاقية فيينا للعالقات القنصلية لعام ‪ 1963‬فقد جاء فيها‬
‫ان قطع العالقات الدبلوماسية ال يؤدي الى قطع العالقات القنصلية حتما وبصورة الية ‪.‬‬
‫وورد في الفقرة الثانية من المادة ‪ 46‬من اتفاقية البعثات الخاصة لعام ‪ 1969‬انه في حالة انتف اء‬
‫او قطع العالقات الدبلوماسية او القنصلية بين الدولة الموفدة والدولة المستقبلة وانتهاء وظائف‬
‫البعث ة الخاص ة يج وز للدول ة الموف دة ح تى اذا وج د ن زاع مس لح ان تعه د بحراس ة ام وال البعث ة‬
‫الخاصة ومحفوظاتها الى دولة ثالثة تقبل الدولة المستقبلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ش<<كل ق<<رار قط<<ع العالق<<ات الدبلوماس<<ية ‪ :‬يتخ ذ ق رار القط ع اش كاال وص ورا متع ددة اذ ال‬
‫وجود لشكلية معينة يفرض اتباعها في اصداره ‪ ،‬فقد ياتي شفويا او كتابيا او صريحا او ضمنيا‬
‫‪ ،‬وقد يكون مسببا او غير مسبب ‪ ،‬ومعنى هذا ان هناك مجاال واسعا لراي الدولة وتقديرها في‬
‫اتخاذ القرار ‪ ،‬وهذا امر عادي الرتباط القانون الدولي عموما بسيادة الدولة وال وجود الرادة‬
‫اخرى تعلوها غير ان ما دأب عليه العمل الدولي بهذا الشان هو ان يتخذ القرار شكال رسميا ‪،‬‬
‫‪ ،‬وع ادة م ا يتم‬ ‫(‪)74‬‬
‫اي يك ون مكتوب ا ويتم توجيه ه الى الدول ة المعتم د ل ديها وتبليغه ا فح واه‬
‫استدعاء سفير الدولة المراد قطع العالقات معها الى وزارة الخارجية الخطاره بقرار القطع ‪،‬‬

‫عبد الحميد ومحمد سعيد والدقاق وابراهيم خليفة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 42‬‬ ‫‪74‬‬
‫‪ ،‬وبعدها تتولى ادارة المراس م‬ ‫(‪)75‬‬
‫فيحظى باستقبال قصير المدة يكفي لتالوة وتسليم مذكرة القطع‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)76‬‬
‫التفاهم مع رئيس البعثة والتنسيق معه في ما يلي‬
‫‪ -‬تاريخ سفر البعثة واعضائها ووسيلة المواصالت المستخدمة ‪.‬‬
‫‪ -‬اسم الدولة الثالثة التي ستقوم برعاية المصالح ‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد اسماء االعضاء الباقين في مقرات البعثة ‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هنا هو رءيس البعثة يسارع مباشرة عقب تبليغ القرار الى ارسال المذكرة‬
‫‪ ،‬وهن اك‬ ‫(‪)77‬‬
‫المس لمة ل ه الى وزارة خارجي ة بالده ليتلقى منه ا التعليم ات الجدي دة ح ول الوضع‬
‫بعض العناصر يمكن ان يتمكرها في مذكرة القطع مثل سبب القطع (وهذا غير واجب على اي‬
‫دول ة) او ذك ر اس ماء االش خاص المعن يين بمغ ادرة البالد وع دم المك وث فيه ا ح تى كمس اعدين‬
‫لبعث ة رعاي ة المص الح واعالن قط ع العالق ات الدبلوماس ية بش كل ص ريح ورس مي ‪ ،‬ه ذه هي‬
‫الصورة الغالبة في العمل الدولي ‪ ،‬غير انه قد يحدث في حاالت معينة ان يكون القطع ضمنيا ‪.‬‬
‫ج‪ -‬طبيع <<ة قط <<ع العالق <<ات الدبلوماس <<ية ‪ :‬لق د نص ت الم ادة الثاني ة من اتفاقي ة فيين ا للعالق ات‬
‫الدبلوماسية لعام ‪ 1961‬بان اقامة العالقات الدبلوماسية بين الدول يتم على اساس التراضي بين‬
‫ال دولتين ‪ ،‬وه ذا م ا نص ت علي ه ايض ا الم ادة الثاني ة من اتفاقي ة هافان ا لع ام ‪ ، 1915‬وعلي ه ف اذا‬
‫كان الرضا شرطا الزما في اقامة العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬فما هو دور الرضا في عملية انهاء‬
‫هذه العالقة ؟ لالجابة عن هذا السؤال سوف نتطرق الى السمات الرئيسية لهذا العمل القانوني‬
‫القاطع وتكييفه ‪:‬‬
‫‪ -1‬قط<ع العالق<ات عم<ل انف<رادي ‪ :‬من المتف ق علي ه ان قط ع العالق ات الدبلوماس ية يعج تص رفا‬
‫قانونيا منفرد الجانب ‪ ،‬ذلك انع يعتمد على التعبير عن االرادة الصادرة عم دولة واحدة ‪ ،‬وهو‬
‫‪ ،‬والسبب هو ان ارادة الدولة وحدها هي‬ ‫(‪)78‬‬
‫تعبير عن االرادة مستقل عن غيره من التعبيرات‬

‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 27-27‬‬ ‫‪75‬‬

‫عبد القادر سالمة ‪ ،‬التمثيل الدبلوماسي والقنصلي المعاصر والدبلوماسية في االسالم ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1997 ،‬ص‪55‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪.‬‬
‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 51‬‬ ‫‪77‬‬

‫هادي نعيم المالكي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 154‬‬ ‫‪78‬‬


‫ال تي تح دد ض رورة القي ام ب ه او عدم ه ‪ ،‬ومن المع روف ان العم ل االنف رادي يح دث اث ارا ال‬
‫تتوقف على قبول الدولة ودون انتضار رد فعلها عليه ‪ ،‬فقطع العالقات الدبلوماسية تتولى اثاره‬
‫على هذه الشاكلة ‪ ،‬حيث يكون راي الدولة المعتمد لديها غير ذي اهمية ‪ ،‬سواء تلقته بالقبول او‬
‫الرفض السيما اذا ما تعلق االمر باالمن القومي للدولة ‪ ،‬وقرار القطع هو قرار يرجع اساسا‬
‫الى المصلحة الخاصة للدولة فال معقب عليه كون هذه المسالة تدخل ضمن االختصاص الخاص‬
‫(‪)79‬‬
‫لكل دولة‬
‫ويمكن القول ان لكل دولة الحق في قطع عالقاتها الدبلوماسية مع دولة اخرى دون الحاجة‬
‫الى استطالع راي الدولة المعينة بقرار القطع ‪ ،‬وهذا ما يجعل قرار القطع يبدو دائما عمال غ ير‬
‫ودي وال يتفق ابدا مع قواعد المجاملة ‪ ،‬لكنه ال يتعدى اطاره ليصبح عمال غير مشروع مهما‬
‫كانت ظروف اتخاذه ‪ ،‬وقد اكد ذلك قرار محكمة العدل الدولية عندما ذكر انه ال تلزم اية دولة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)80‬‬
‫بان تحفظ بعالقات دبلوماسية او قنصلية مع دولة اخرى‬
‫وهناك دول كثيرة قطعت عالقاتها الدبلوماسية مع دول اخرى نتيجة تصرف انفرادي ‪ ،‬ومن‬
‫االمثلة على ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬قط ع ت ونس عالقاته ا الدبلوماس ية م ع س وريا بت اريخ ‪ 07/05/1968‬بس بب اتهامه ا البعث ة‬
‫الدبلوماسية السورية بتحريض المواطنين التونسيين على القيام باعمال ثورية ‪.‬‬
‫‪ -‬قطع فنزويال عالقاتها الدبلوماسية مع االرغواي بتاريخ ‪ 05/05/1976‬على تاثير انتهاك‬
‫شرطة االرغواي حرمة سفارتها‬
‫‪ -‬قطع الواليات المتحدة عالقاتها الدبلوماسية مع ايران بتاريخ ‪ 08/04/1980‬على فعل اقتحام‬
‫السفارة االمريكية في طهران عام ‪ 1979‬واحتجاز ‪ 90‬امريكيا ‪.‬‬
‫‪ -‬قطع كوبا عالقاتها الدبلوماسية مع اسبانيا بتاريخ ‪ 20/01/1960‬اثر اتهامها السفير االس باني‬
‫في هافانا بالقيام بنشاط ثوري ضد امن كوبا ‪.‬‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 121‬‬ ‫‪79‬‬

‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 57‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪ -‬قط ع الس لفادور عالقاته ا الدبلوماس ية م ع كوب ا اث ر اته ام الس لفادور س فير كوب ا بت اريخ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)81‬‬
‫‪ 01/03/1960‬بالتجسس وعقد لقاءات سرية مع الشيوعيين‬
‫‪ - 2‬عمل سيادي ‪ :‬من هذا الجانب يتبين الوجه السياسي لقطع العالقات الدبلوماسية والناشئ عن‬
‫صفته السيادية ‪ ،‬فالدول تتمتع بالحرية في قطع عالقاتها الدبلوماسية مع الدول االخرى ‪ ،‬والفقه‬
‫والتعام ل ال دوليان متفق ان على ان القط ع ه و عم ل ح ر وس يادي ‪ ،‬فح ق التمثي ل االيج ابي ه و‬
‫مظهر من مظاهر سيادة الدولة والعمل المعاكس والذي يشكل قطع العالقات الدبلوماسية يتعلق‬
‫ايضا باالختصاص السيادي للدولة ‪ ،‬فقطع العالقات الدبلوماسية يعد من الوسائل التي تدخل في‬
‫نط اق االختص اص الوطني لكل دول ة وانه من الناحي ة القانونية ال معقب عليه ا في القرار التي‬
‫‪ ،‬فق رار القط ع يع د من الق رارات الص ادرة عن ارادة الدول ة وح دها‬ ‫(‪)82‬‬
‫تتخ ذه في ه ذا الش ان‬
‫ومنطلق ه الوحي د ه و الس لطة التقديري ة للدول ة فق ط وف ق االس باب ال تي تراه ا هي مقنع ة التخ اذه‬
‫ومن دون اشراك اي طرف حتى الدولة المعنية بقرار القطع ‪ ،‬فهو اوال واخيرا عمل من صميم‬
‫(‪)83‬‬
‫سيادة هذه الدولة‬
‫ومن الوقائع المهمة في هذا الصدد الواقعة التي عرضها االتحاد السوفياتي على عصبة االمم‬
‫ع امي ‪ 1936-1935‬عن د اته ام االورغ واي لبعث ة االتح اد الس وفياتي في العاص مة مونتيفي ديو‬
‫بانه ا اص بحت مرك زا للنش اطات التخريبي ة واق دام االورغ واي على قط ع عالقاته ا الدبلوماس ية‬
‫نتيجة لذلك مع االتحاد السوفيتي وكانت وجهة نظر الحكومة السوفيتية في تاويل ذلك ان قطع‬
‫العالقات‬
‫الدبلوماسية يعد اخالال بنص المادة ‪ 12‬فقرة ‪ 01‬من ميثاق العصبة ‪.‬‬
‫وفي تلك الحادثة رد ممثل حكومة االورغواي على الممثل السوفيتي وقال بان ه اذا كان االمن‬
‫الداخلي لدولة ما مهددا فمن حق هذه الدولة اتخاذ كل الوسائل التي ترضي ضرورتها لصيانة‬
‫امنه ا وطمانينته ا العام ة ‪ ،‬وان ه ليس عليه ا ان تستش ير في ذل ك غ ير ض ميرها الخ الص وان‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 115-105‬‬ ‫‪81‬‬

‫هادي نعيم المالكي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 29‬‬ ‫‪82‬‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.121‬‬ ‫‪83‬‬


‫م بررات قط ع العالق ات الدبلوماس ية تق ع في نط اق المس ائل ال تي هي من ص ميم االختص اص‬
‫الوطني لكل دولة وال يحق الحد في مناقشتها فيها ‪.‬‬
‫وابدت محكمة العدل الدولية رايها في هذا الموقف فاشارت الى ان الدولة المعتمد لديها تملك‬
‫سلطة تقديرية في ان تقطع عالقاتها الدبلوماسية مع الدولة المعتمدة وان تطلب االغالق الفوري‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)84‬‬
‫للبعثة الدائمة‬
‫ولكن ق د يك ون هن اك س لطة تقي د من س يادة الدول ة وس لطتها التقديري ة في اتخ اذ ق رار القط ع‬
‫باعتب اره عمال ق د يش كل تهدي دا للس لم واالمن ال دوليين واعتب ار اتخ اذه تج اوزا للم ادة ‪ 33‬من‬
‫ميث اق االمم المتح دة ال تي تحت ك على الدول ة ايج اد ح ل لنزاعاته ا ب الطرق الس لمية الم ذكورة في‬
‫هذه الم ادة من مفاوضات وتحقيق وتدقيق ووساطة ومساع حمي دة او تحكيم دولي او لجوء الى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)85‬‬
‫محكمة العدل الدولية‬
‫ويالح ظ على ه ذه الوس ائل انه ا تحت اج الى اجتم اع رغب ة الط رفين في ح ل ال نزاع ‪ ،‬االم ر‬
‫الذي يتعذر حدوثه في حالة القطع ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اسباب قطع العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫تبع ا لجمي ع االراء ‪ ،‬ليس هن اك حص ر الس باب قط ع العالق ات الدبلوماس ية ‪ ،‬كم ا ال توج د‬
‫قواعد قانونية تحدد هذه االسباب التي استنادا اليها تقوم دولة ما بقطع عالقاتها مع دولة اخرى ‪.‬‬
‫والحقيق ة ان هن اك اس بابا عدي دة لقط ع العالق ات الدبلوماس ية كتل ك المتعلق ة باالعم ال غ ير‬
‫المش روعة ال تي ترتكبه ا الدول ة او بعثته ا او اعض اء البعث ة ‪ ،‬ون ذكر منه ا تل ك االعم ال ال تي‬
‫تخ الف الواجب ات الدبلوماس ية ال تي نص ت عليه ا الم ادة ‪ 41‬من اتف اقيى فيين ا للعالق ات‬
‫الدبلوماس ية ‪ ،‬وه ذا ع دا التص رفات او االعم ال ال تي تخ ل بنظ ام الحص انات واالمتي ازات‬
‫الدبلوماسية ‪.‬‬

‫احمد ابو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.59‬‬ ‫‪84‬‬

‫محمد االخضر كرام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 42-41‬‬ ‫‪85‬‬


‫وهن اك اس باب متعلق ة ب الحرب او بتغي ير نظ ام الحكم عن طري ق االنقالب او الث ورة او‬
‫بموض وع االع تراف او عدم ه بالحكوم ة الجدي دة ‪ ،‬وهن اك اس باب اخ رى متعلق ة بحال ة االنتق ام‬
‫والثار والضغط‬
‫واالحتجاج ‪ ،‬والمعاملة بالمثل او بالعقوبة الحماعية ‪ ،‬كما ان هناك اسبابا تتعلق باالعتداء على‬
‫االشخاص او الرعايا او االموال او بانتهاك معاهدة او التزام دولي ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫على ان هذه االسباب او الحاالت ال تخرج كونها اسبابا سياسية او قانونية يصعب احيانا الفصل‬
‫بينها حين يكون السبب الكامن وراء القطع يحمل طابعين هما ‪ :‬طابعا سياسيا من جهة وطابع‬
‫قاونيا من جهة اخرى ‪.‬‬

‫أ‪ -‬االسباب القانونية لقطع العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫تتضمن هذه المجموعة خمس فئات من قطع العالقات الدبلوماسية بين الدولتين ‪ ،‬وهي باتهاك‬
‫حق ذاتي او موضوعي ‪ ،‬غير ان معظم قئات القطع تاتي من رد فعل على انتهاك حق ذاتي ‪،‬‬
‫‪:‬‬ ‫(‪)86‬‬
‫وهذه الفئات الخمس هي‬
‫* الفئ<<ة االولى ‪( :‬تتعل ق باالهان ة المباش رة لبل د م ا بن اء على تص رفات وس لوك اعض اء البعث ة‬
‫الدبلوماسية المخالفة لالعراف والقوانين)‬
‫ففي هذه الحالة تعتبر الدولة المعتمد لديها ان هؤالء الدبلوماسيين هم اشخاص غير مرغوب‬
‫فيهم ‪ ،‬وتطلب اس تدعائهم وذل ك بم وجب الم ادة ‪ 09‬من اتفاقي ة فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية ‪،‬‬
‫وعليهم ان يغ ادروا بك ا اح ترام ولياق ة حس ب م ا نص ت علي ه المادت ان ‪39‬و‪ ، 44‬وفي ح ال لم‬
‫تح ترم الدول ة ه ذه القواع د الش كلية والص ريحة ولج ات الى الط رد ف ان ذل ك يمكن ان ي ؤدي الى‬
‫اهان ة دول ة المبع وث الدبلوماس ي ‪ ،‬وبالت الي يك ون رد الفع ل المناس ب بقط ع العالق ات كعم ل‬
‫انتق امي ‪ ،‬والمث ال على ذل ك حادث ة الق اء قنبل ة على البعث ة الس وفياتية المعتم دة في ت ال ابيب من‬
‫قبل متظاهرين في عام ‪ 1953‬وقد ادى ذلك الى قطع العالقات بين الدولتين وهذه الحادثة يمكن‬
‫اعتبارها ليس اهانة فقط بل كذلك اعتداء على االشخاص واالموال ‪.‬‬
‫الفئة الثانية ‪( :‬تتعلق باالعتداء على االشخاص واالموال)‬
‫حسين الشامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.360‬‬ ‫‪86‬‬
‫والمثل على ذلك هو قطع فرنسا العالقات الدبلوماسية مع الواليات المتحدة االمريكية في عام‬
‫‪ 1834‬كرد على قرار الكونغرس االمريكي بالقاء الحجز على االموال الفرنسية من اجل اجبار‬
‫فرنسا على احترام كعاهدة جاي ‪ ، Jay‬وكذلك قطع فينزويال عالقاتها مع كوبا في عام ‪1960‬‬
‫بس بب االعت داء على حي اة رئيس ها بيت انكور ‪Bètancourt‬واته ام الحكوم ة الكوبي ة بت دبير‬
‫االعتداء ‪.‬‬
‫الفئ<<ة الثالث<<ة ‪( :‬تتعل ق بمخالف ة مب دا ع دم الت دخل في الش ؤون الداخلي ة لبل د م ا مث ل التجس س‬
‫والتخريب)‬
‫وهدا على ما يبدو ‪ ،‬يمثل عقوبة رادعة توقعها الدول المتضررة بقطع عالقاتها مع الدول‬
‫المس يئة طبق ا لم ا نص علي ع ميث اق االمم المتح دة في الفق ة الس ابعة من الم ادة الثاني ة ال تي تنص‬
‫على انه ليس في هذا الميثاق ما يسوغ لالمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون الداخلية التي تكون‬
‫اساسا من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ‪ ...‬ومع ذلك فان هذا المبدا ال يخل بتطبيق القمع‬
‫الواردة في الفصل السابع ‪.‬‬
‫الفئة الرابعة ‪( :‬تتعلق بانتهاك معاهدة او اتفاقية دولية)‬
‫فالواليات المتحدة االمريكية قطعت عالقاتها مع البانيا في ‪ 08/11/1946‬بسبب رفض هذه‬
‫االخيرة تاكيد صالحية المعاهدات والتفاقية القائمة مع امريكا هام ‪. 1937‬‬
‫الفئة الخامسة ‪( :‬تتعلق بانتهاك حرمة اراضي االقليم)‬
‫ففي ‪ 03/05/1965‬قطعت كمبوديا عالقاتها مع االمم المتحدة بسبب قصف الطيران الحربي‬
‫لهذه االخيرة لقريتين حدوديتين كمبوديتين ‪.‬‬

‫ب‪ -‬االسباب السياسية لقطع< العالقات الدبلوماسية ‪:‬‬


‫يمكن حصر االسباب السياسية لقطع العالقات الدبلوماسية في خمس فئات تتداخل احيانا مع‬
‫مجموع ة من االس باب القانوني ة بطريق ة يص عب الفص ل بينه ا ‪ ،‬ولكن ومهم ا تكن اهمي ة ه ذا‬
‫التصنيف لفئات االسباب ودوافعها يجب ان تكون هذه االسباب اسبابا واضحة وصريحة ‪ ،‬وان‬
‫تظهر الدولة نيتها في هذا القطع ‪ ،‬وهذه الفئات الخمس هي ‪:‬‬
‫الفئة االولى ‪( :‬تتعلق باسباب الهيبة المجروحة او المهانة)‬
‫فكمبودي ا قطعت عالقاته ا م ع الوالي ات المتح دة االمريكي ة ع ام ‪ 1965‬متذرع ة ليس بانته اك‬
‫حرمة االقليم فقط ‪ ،‬بل ايضا بشرف الوطن ‪ ،‬وذلك بعدما تعرضت والدة الرئيس لالهانة والقدح‬
‫والذم في مقال ظهر في احدى المجالت الكبرى ‪ ،‬وقطعت االكوادور عالقاتها الدبلوماسية مع‬
‫نيك اراغوا في ع ام ‪ 1985‬احتجاج ا على اتهامه ا من قب ل رئيس نيك اراغوا بانه ا اداة في ي د‬
‫الوالي ات المتح دة االمريكي ة ‪ ،‬معت برة ذل ك اهان ة غ ير مقبول ة لكرام ة وس يادة واس تقالل‬
‫االكوادور ‪.‬‬
‫الفئة الثانية (تتعلق بخالف اساسي في النهج السياسي او االيديولوجي)‬
‫والمثل على ذلك قطع الجمهورية العربية المتحدة عالقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع حكومة‬
‫البرتغ ال في ع ام ‪ 1963‬نظ را الس تمرار حكوم ة البرتغ ال في سياس تها االس تعمارية وع دم‬
‫اس تجابتها لق رارات االمم المتح دة المتعلق ة بانه اء االس تعمار والتوق ف عن ممارس ة القم ع‬
‫‪ ،‬وكذلك قيام فنزويال‬ ‫(‪)87‬‬
‫واالرهاب ضد الشعوب االفريقية المكافحة ضد االستعمار البرتغالي‬
‫بقطع عالقاتها مع كل االنظمة الناشئة عن طريق انقالب عسكري في امريكا الالتينية ‪.‬‬
‫الفئ<<ة الثالث<<ة ‪( :‬تتعل ق بالت دخل في الش ؤون الداخلي ة او م ا يع رف بش ؤون االمن الق ومي لدول ة‬
‫معينة)‬
‫ان امن الدولة يحظى عادة باولوية خاصة ‪ ،‬وان قضايا االمن القومي تحكم سياسة الدولة في‬
‫شتى اوجه نشاطاتها الخارجية والداخلية على حد سواء ‪ ،‬وتحظى ايضا بهذه االولوية ‪ ،‬في حين‬
‫ان اداته ا لتجس يد ه ذا المفه وم االم ني في السياس ة الخارجي ة ليس ت المواجه ة ب القوة العس كرية‬
‫فحسب بل ايضا بطرق توصف بانها سلمية او دبلوماسية ‪.‬‬
‫فمعي ار امن الدول ة او الت دخل في الش ؤون الداخلي ة للدول ة تع د علمال اساس يا من عوام ل‬
‫القطع ‪ ،‬وقد يتخذ العبث باالمن القومي صورا متعددة مثل التجسس والتامر والتخريب ‪.‬‬

‫عائشة راتب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪87‬‬


‫والش واهد الملموس ة على التج اء ال دول الى قط ع العالق ات م ع الغ ير حم ايى لالمن الق ومي‬
‫‪ ،‬والن االعالقات الدبلوماسية تعد المظهر الذي يس مح باختراق االمن‬ ‫(‪)88‬‬
‫لدولة معينة كثيرة جدا‬
‫الق ومي ‪ ،‬ف ان عام ل الت دخل في الش ؤون الداخلي ة او في ش ؤون االمن الق ومي ق د يش كل قاع دة‬
‫يكون للدولة بموجبها ذريعة لقطع عالقاتها الدبلوماسية مه دولة اخرى ‪.‬‬

‫الفئة الرابعة‪( :‬تتعلق بالمصالح الحيوية أو القومية للدول)‬


‫تظهر‪ ،‬عادةً‪ ،‬حاالت قطع تتعلق بالمصالح الحيوية‪ ،‬و ذلك عندما تكون الدول مقسمة إلى‬
‫قس مين‪ ،‬كل واحد ي دعي تمثيل األمة وحده‪ ،‬مثلم ا كان حال فيتن ام في السابق و حال كوريا و‬
‫الصين اليوم‪ .‬و قد طبقت الدول العربية قاعدة المصلحة الحيوية أو القومية‪ ،‬عندما كانت تقطع‬
‫عالقاتها مع كل دولة تعرف بإسرائيل‪ .‬و يدخل ضمن هذه الفئة حالة قطع العالقات الدبلوماسية‬
‫بين نيجري ا و فرنس ا في نهاي ة ع ام ‪ 1960‬بسبب تفجير فرنس ا للقنبل ة النووي ة في الص حراء‪ ،‬و‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)89‬‬
‫المخاطر التي تحملها الغازات و اإلشعاعية على سكان المنطقة‬

‫الفئة الخامسة‪ ( <:‬تتعلق بشخص المبعوث الدبلوماسي نفسه)‬


‫الواقع إن للمبعوث الدبلوماسي‪ ،‬حسب نص المادة ‪ 41‬من اتفاقية فيينا لعام ‪ ،1961‬وظائف‬
‫خاص ة يباش رها‪ ،‬ف إذا م ا خ رج عن احك ام ه ذه الم ادة و ق ام بأعم ال ف ير مش روعة ل دى الدول ة‬
‫المضيفة‪ ،‬كالتآمر ضد أمنها و سالمة أراضيها أو التدخل في شؤونها الداخلية أو استخدام مقر‬
‫البعث ة الدبلوماس ية في غ ير األغ راض المخصص ة له ا‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة وفق اً لنص الم ادة ‪09‬‬
‫االتفاقية اآلنفة الذكر‪:‬‬
‫"يحق للدولة المضيفة أن تعتبره شخصاً غير مرغوب فيه" ‪ .‬و مثالنا على هذه الحالة قطع غانا‬
‫عالقتها الدبلوماسية مع ليبيا بتاريخ ‪ 17/11/1980‬على إثر اتهام أعضاء بعثة السفارة الليبية‬
‫القيام بأعمال تتنافى مع مهماتهم الدبلوماسية المشروعة‬

‫فادي المالح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.120‬‬ ‫‪88‬‬

‫علي حسين الشامي ‪ ،‬مرجع ذاته ‪ ،‬صفحة ذاتها‬ ‫‪89‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬األثار القانونية لقطع العالقات الدبلوماسية بين دولتين‬
‫إن إنهاء العالقة الدبلوماسية (بعد إعالن قرار القطع) يؤدي حتم اً إلى تغيير النظام القانوني‬
‫ال ذي يحكم تص رفات ك ل دول ة تج اه األخ رى‪ ،‬و ي ؤثر ب ذلك في تعام ل ك ل دول ة م ع البعث ة‬
‫الدبلوماس ية المعتم دة ل ديها‪ ،،‬كم ا ي ؤثر‪ ،‬من ج انب ت ان‪ ،‬في المعاه دات ال تي ترب ط ك ل دول ة‬
‫بأخرى‪ ،‬فإذا كان التغيير في واقع العالقة يشمل سوء معاملة البعثة و المبعوثين‪ ،‬أو التهرب من‬
‫االلتزامات التي تفرضها المعاهدات على كل دولة‪ ،‬أو عدم االعتراف تلك الدولة األخرى‪ ،‬فإنه‬
‫من الناحي ة القانوني ة ال يع دو أن يك ون تغي يراً للنص وص القانوني ة ال تي تحكم ه ذه العالق ة‪ ،‬من‬
‫النظام القانوني العادي إلى نظام القانوني استثنائي‪ ،‬تحدده نصوص أخرى‪ .‬غير أن األمر قد ال‬
‫يتجاوز نطاق نصوص القانون الدولي‪ ،‬و خصوص اً نصوص اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‬
‫بناء‬
‫لعام ‪ ،1961‬التي تمثل الحد األدنى الواجب احترامه في الحاالت العادية و غير العادية‪ ،‬و ً‬
‫على ذلك سوف نقسم هذا المطلب إلى فكرتين هما‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أثر قطع العالقات الدبلوماسية في البعثة الدبلوماسية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أثر قطع العالقات الدبلوماسية في العالقات بين الدولتين‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أثر القطع< في البعثة الدبلوماسية و أعضائها‪:‬‬


‫عن دما تنقط ع العالق ات الدبلوماس ية‪ ،‬يتوق ف نش اط البعث ة‪ ،‬و يتم إقفاله ا و يغ ادر أعض اؤها‬

‫اإلقليم‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬ما هو أثر القطع في البعثة الدبلوماسية و أعضاؤها؟ و هل يتوقف نهائي اً‬
‫نظام الحصانات و االمتيازات الدبلوماسية‪ ،‬على الرغم من توقف الوظائف الدبلوماسية و إغالق‬
‫البعثة؟ الإلجابة عن ذلك سوف نعالج أثر القطع في الممثلين الدبلوماسيين‪ ،‬و من ثم أثر القطع‬
‫في البعثة الدبلوماسية‪.‬‬

‫‪-1‬أثر القطع في الممثلين الدبلوماسيين‪:‬‬


‫يحكم المبع وثين الدبلوماس يين نظ ام ق انوني ينظم ط رق تع يينهم ووظ ائفهم و حص اناتهم و‬
‫امتي ازاتهم‪ .‬و تح دد اتفاقي ة فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية لع ام ‪ 1961‬الح د األدنى من ه‪ ،‬و ت ترك‬
‫ال دول المج ال واس عاً لتب ادل التس هيالت على أس اس المجامل ة الدولي ة ‪ ...‬و ه ذا النظ ام يش هد‬
‫تحوالً وتبدالً في حالة لقطع العالقات الدبلوماسية‪.‬‬
‫إن أول أثر ينجم عن قرار قطع العالقات الدبلوماسية‪ ،‬هو انتهاء مهام المبعوثين الدبلوماسيين‪،‬‬
‫و إعالن إغالق دار البعثة لتوقف العالقات التي كانت تشرف على تسييرها هذه البعثة‪ ،‬فهل هذا‬
‫يعني أيضاً فقدان للدبلوماسيين في حالة القطع كل الحقوق والحصانات التي كانوا يتمتعون بها‬
‫في الحالة العادية؟‬
‫من المؤك د أن الوض ع س يتغير ‪ ،‬لكن الدبلوماس ي‪ ،‬قانون اً‪ ،‬ال يفق د ش يئاً من حص انته و‬
‫امتيازات ه ح تى و إن ك ان س بب القط ع ن زاع مس لح ‪ ،‬وفق اً لم ا قررت ه اتفاقي ة فيين ا للعالق ات‬
‫الدبلوماس ية لع ام ‪ 1961‬في مادته ا ‪ . 39‬فق د ج اء في الفق رة ‪ 02‬من ه ذه الم دة م ا يلي‪" :‬تنتهي‬
‫امتيازات و حصانات كل شخص انتهت مهمته بمغادرة البالد‪ ،‬أو بعد انقضاء فترة معقولة من‬
‫الزمن تمنح لهذا الغرض ‪ .‬لكنها تظل قائمة إلى ذلك الوقت‪ ،‬حتى في حالة وجود نزاع مسلح ‪.‬‬
‫و تس تمر الحص انة م ع ذل ك بالنس بة إلى األعم ال ال تي يقوم به ا ه ذا الش خص أثن اء أداء وظيفت ه‬
‫بوصفه أحد أفراد البعثة"‪.‬‬
‫و اس تناداً إلى ه ذه الم ادة يمكن الق ول ب أن الحص انات و االمتي ازات ال تنتهي بانته اء مهم ة‬
‫المبع وث الدبلوماس ي في الدول ة ال تي ك ان يم ارس فيه ا عمل ه‪ .‬وم ا يج ري علي ه العم ل ه و أن‬
‫الدولة التي بادرت إلى قطع العالقات الدبلوماسية تقوم بتحديد فترة معقولة تمنح من قبلها ‪ ،‬كي‬
‫‪90‬‬
‫يغادر خاللها اعضاء البعثة أراضيها‪ .‬فقد تكون هذه الفترة أسبوعين أو اسبوعاً أو ثالثة أيام‪.‬‬
‫و أكدت اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪ ،‬في المادة ‪ ، 44‬و على ضرورة احترام المبعوثين‬
‫الدبلوماس يين إلى حين مغ ادرتهم ‪ .‬و في س بيل ذل ك على الدول ة المعتم د ل ديها أن تض من لهم‬
‫كل سبل المواصالت‪ .‬فقد نصت هذه المادة على أنه‪" :‬يجب على الدولة ‪ ،‬حتى في حالة وجود‬
‫ن زاع مس لح ‪ ،‬منح التس هيالت الالزم ة لتمكين األج انب المتمتعين باالمتي ازات و الحص انات ‪،‬و‬
‫تمكين أفراد أسرهم‪ ،‬أي اً تكن جنسيتهم‪ ،‬من مغادرة إقليمها في أقرب وقت ممكن‪ .‬و يجب عليها‬

‫‪ -190‬سموحي فوق العادة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.329‬‬


‫بص فة خاص ة‪ ،‬و عن د االقتض اء‪ ،‬أن تض ع تحت تص رفهم و س ائل النق ل الالزم ة لنقلهم و نق ل‬
‫أموالهم"‪.‬‬
‫و نس تنتج مم ا س بق أن نظ ام الحص انات و االمتي ازات الدبلوماس ية ال ينتهي في حال ة قط ع‬
‫العالق ات الدبلوماس ية بين ال دول‪ ،‬ب ل يس تمر ح تى في حال ة نش وب ن زاع مس لح‪ ،‬لكي يس تطيع‬
‫الموظف ون الدبلوماس يون من تص فية أعم الهم و مغ ادرتهم البالد‪ ،‬ألن ه ذا األم ر محك وم ببن ود‬
‫واضحة في اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لعام‪.1960‬‬
‫‪ -2‬أثر القطع في البعثة الدبلوماسية‪:‬‬
‫ج اء في الم ادة االولى من اتفاقي ة فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية لع ام ‪ 1960‬أن المقصود بتعب ير‬
‫دار البعث ة ه و المب اني و أج راء األبني ة و األراض ي الملحق ة به ا‪ ،‬بغض النظ ر عن مالكه ا‪ ،‬و‬
‫المستخدمة في اعراض البعثة بما فيها المنزل رئيس البعثة‪ .‬لذلك فدار البعثة تحظى بمعاملة‬
‫خاصة و حصانات و امتيازات مكفولة لها بحكم القانون‪ .‬غير أن السؤال الدي يطرح في هذا‬
‫الصدد هو ‪ :‬ما مدى أثر قطع العالقات الدبلوماسية في البعثة؟‬
‫إن إغالق مق ر البعث ة اس تعداداً للمغ ادرة ه و أم ر يتب ع مباش رة إعالن قط ع العالق ات‬
‫الدبلوماس ية‪ ،‬و لكن تبقى الدول ة المعتم د ل ديها ملزم ة بحماي ة دار البعث ة و ك ل ملحقاته ا رغم‬
‫القط ع‪ ،‬و ه ذا تطبيق اً لم ا ورد في الم ادة ‪ 45‬من اتفاقي ة فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية‪ .‬فق د نصت‬
‫الفقرة األولى منها على أن‪" :‬في حالة قطع العالقات الدبلوماسية بين دولتين ‪ ،‬أو في حالة البعثة‬
‫‪ ،‬نهائي اً أو بص فة مؤقت ة ‪ ،‬ف إن على المعتم د ل ديها أن تح ترم و تحمي‪ ،‬ح تى في حال ة ال نزاع‬
‫المسلح‪ ،‬األمكنة الخاصة بالبعثة و األموال الموجودة فيها‪ ،‬و كذا محفوظات‬
‫البعثة‪ .‬و للدولة المعتمد أن تعهد بحراسة األمكنة الخاصة بالبعثة مع محتوياتها إلى دولة ثالثة‬
‫ترتضيها الدولة المعتمد لديها‪ .‬و للدولة المعتمدة أن تعهد برعاية مصالحها و مصالح رعاياها‬
‫إلى دولة ثالثة ترتضيها الدولة المعتمد لديها"‬
‫إال أن ه حص لت ‪ ،‬ب الرغم من وج ود ه ذه الض مانات‪ ،‬انتهاك ات عدي دة له ذا النص‪ ،‬إن على‬
‫ص عيد المب اني و حرمته ا‪ ،‬أو على ص عيد المراس الت و س يرتها‪ ،‬و لع ل أب رز األمثل ة في ه ذا‬
‫المجال ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬استيالء السلطات الفرنسية عام ‪ ،1904‬عقب قطع العالقات بين فرنسا و الفاتيكان و مغادرة‬
‫القاصد الرسولي البالد‪ ،‬على الوثائق الموجودة في دار البعثة‪.‬‬
‫‪ -‬استيالء السلطات السوفياتية على السفارة البريطانية في عام ‪.1918‬‬
‫و يع ود ع دم ال تزام ال دول بم ا نص ت علي ه اتفاقي ة فيين ا للعالق ات الدبلوماس ية ع ام ‪ ،1961‬فيم ا‬
‫خص حرمة دار البعثة و محفوظاتها إلى عدة اعتبارات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬الخطر الذي يهدد أمن الدولة المستقبلة‪.‬‬
‫‪ -‬ع دم وج ود نص في االتفاقي ة يح ول دون اس تعمال تل ك المحفوظ ات و الوث ائق ك دليل على‬
‫مؤامرة محاكمة ضد األمن القومي للدولة المستضيفة ‪.‬‬
‫و رغم ه ذه األمثل ة ف إن الحص انات لم يج ر احترامه ا دائم اً‪ ،‬فق د ح دث في الماض ي بعض‬
‫االنتهاكات بشأنها‪ .‬واكن في الوقت الحاضر أصبحت هذه االعتداءات نادرة‪ .‬و التعامل الدولي‬
‫يؤك د ه ذا األم ر‪ .‬و في الواق ع ف إن التق نين ال ذي أرس ته في ه ذا الص دد اتفاقي ة فين ا للعالق ات‬
‫الدبلوماسية قد ساهم في تعزيز هذه الحصانات غلى حد كبير‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أثر قطع العالقات الدبلوماسية في العالقة بين الدولتين‬


‫ق د يتس اءل البعض عن مص ير االتفاقي ات و المعاه دات بين ال دولتين الل تين تقوم ان بقط ع‬
‫العالق ات الدبلوماس ية بينهم ا‪,‬فه ل ت زول ه ذه االتفاقي ات و تنتهي‪ ،‬أم أنه ا ت دوم و تبقى؟ و كي ف‬
‫يكون بقاؤها بين الدولتين في حال تغيرت طبيعة العالقات بينهما من عالقات سلمية وودية غلى‬
‫عالقات عدائية و غير ودية؟ لعل أكثر األمور ارتباط اً بقطع العالقات الدبلوماسية هي العالقة‬
‫القنصلية من جهة و االرتباطات الناشئة عن المعاهدات الدولية من جهة ثانية‪.‬‬
‫و لذا سوف نتطرق لمدى تأثير القطع على العالقات القنصلية و على المعاهدات الدولية‬

‫أثر قطع العالقات الدبلوماسية في العالقات القنصلية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫رغم ما يبدو من تقارب و تشابه بين العالقة القنصلية و العالقة الدبلوماسية ‪ ،‬إال انهما عالقتان‬
‫مختلفتان‪ .‬فالعالقة الدبلوماسية تنظم عالقة الدولتين كشخصين من أشخاص القانون الدولي‪ ,‬أما‬
‫العالق القنص لية فهي تختص بمعامل ة الرعاي ا و ت دبير ش ؤونهم ‪ ،‬أي أنه ا تختص باألش خاص‬
‫‪91‬‬
‫الطبيعيين من حيث الوثائق الني يحتاجون إليها و الوسائل التي تشغلهم‬
‫و رغم ه ذا االختالف ف إن هن اك ت داخالً بين الموظف تين بس بب بغض الغم وض ال ذي يع ود إلى‬
‫الت داخل في االختص اص ‪ ،‬و بس بب أن العنص ر الي يق وم ب المتهمين ه و عنص ر واح د في ك ل‬
‫الدول ‪ ،‬وهم رجال الدبلوماسيين‪ ،92‬و تيسير العالقات القنصلية ما هو إال جزء من مهام البعثات‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬و هذا ما يثبت إمكانية تيسير الشؤون القنصلية من طرف المبعوثين الدبلوماسيين‪.‬‬
‫و هذا الترابط يجعلنا نتساءل‪ :‬هل يؤدي قطع العالقات الدبلوماسية إلى قطع العالقات القنصلية؟‬
‫أو ما مدى تأثير قطع العالقات الدبلوماسية في العالقات القنصلية؟‬

‫اق د ورد في الم ادة الثاني ة من اتفاقي ة فيين ا للعالق ات القنص لية لع ام ‪ 1963‬ان االتف اق على‬
‫انشاء العالقة القنصلية يتوقف على االتفاق متبادل بين الدولتين المعتمدة و المعتمد لديها‪ ،‬و هو‬
‫األمر نفسه بالنسبة للعالقات الدبلوماسية ‪ .‬غير أن المادة أضافت فقرة الثانية بأن االتفاق على‬
‫انشا عالقات دبلوماسية يتضمن قبوالً ضمنياً بإنشاء عالقات قنصلية‪ ،‬ما لم ينص على خالف‬
‫ذل ك ‪ .‬و ه ذه الفق رة الرابط ة بين العملين الدبلوماس ي و القنص لي تح دد رابط ة التبعي ة بين‬
‫العالقات الدبلوماسية و القنصلية ‪ ،‬فهل هذا يعني أن قطع األولى يعني قطع الثانية حكماً؟‬

‫لق د أش ارت الفق رة الثالث ة من الم ادة ذاته ا إلى ه ذا األم ر فنص ت على أن ‪" :‬قط ع العالق ات‬
‫الدبلوماسية ال يستلزم حكماً قطع العالقات القنصلية"‪ .‬و هذا أمر مبرر‪ ،‬فالعالقة القنصلية تصبح‬
‫أكثر أهمية عند قطع العالقات الدبلوماسية‪ ،‬ألنها تغدو وسيلة االتصال الوحيدة بين الدولتين و‬
‫مح ط حماي ة رعاي ا ال دولتين‪ .93‬و ق د يش كل ذل ك ب ذرة لبداي ة المس اعي نح و التف اوض إلع ادة‬

‫‪ -191‬علي صادق أبو هيف ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪281‬‬


‫‪ - 292‬راجع دراسة محمد عمر المدني‪ ،‬الحدود الكاملة بين العمل الدبلوماسي و القنصلي‪ ،‬في مجلة الدبلوماسي‪ ،‬معهد الدراسات‬
‫الدبلوماسية ‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬الرياض‪،1986 ،‬ص‪36‬‬
‫‪ 93‬احمد أبو الوفا ‪ ،‬قطع العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪155‬‬
‫العالقات الدبلوماسية إلى حالتها السابقة و التخفيف من حدة التوتر الذي يشوب عالقة الدولتين‪.‬‬
‫و قد يعود السبب في عدم التالزم بين قطع العالقات الدبلوماسية و قطع العالقات القنصلية‪ ،‬إلى‬
‫أن هذه األخيرة ذات طبيعة اقتصادية و تجارية و بعيدة عن السياسة‪ ،94‬هذه السياسة التي طالما‬
‫كانت سببا في الفرقة و الصراع ‪ ،‬بعكس التجارة و االقتصاد اللذين كانا دائما في طليعة أسباب‬
‫التكث ل و الوح دة‪ .‬وال أدل على ذل ك من قيام ة االتح اد األوروبي و انطالق ه نح و أف اق واع دة‬
‫بسبب القاعدة االقتصادية المشتركة التي قام عليها‪ ،‬على عكس االتحادات و التكتالت التي ق امت‬
‫على أساس أيديولوجيا سياسية‪ ،‬و لم تعمر طويال‪.‬‬

‫و لكن ق د يح دث ان يش مل القط ع العالق تين الدبلوماس ية و القنص لية مع اً‪ ،‬و خصوص اً عن دما‬
‫يك ون س بب القط ع ت وتر ش ديد في العالق ة بين ال دولتين‪ ،‬و ه و م ا ح دث في ع ام ‪ 1940‬عن دما‬
‫قطعت العالقات الدبلوماسية بين إيطاليا و المغرب و سحبت كل البعثات القنصلية المتبادلة بين‬
‫الدولتين‪ .‬و هذا ما حدث أيض اً إثر العدوان الثالثي على مصر في عام ‪ 1956‬و قطع عالقاتها‬
‫م ع بريطاني ا‪ .‬و في مث ل ه ذه الح االت يص در ق رار قط ع في ش كل إعالن رس مي يص در عن‬
‫‪.‬‬ ‫‪95‬‬
‫حكومة الدولة المعتمدة‬

‫أما القاعدة العامة التي أرستها اتفاقية للعالقات القنصلية لعام ‪ 1963‬في مادتها‪ 02‬الفقرة‪03‬‬
‫فهي س ائدة في التعام ل ال دولي ‪ .‬ففي الع ام ‪ ،1965‬قطعت العالق ات الدبلوماس ية بين فرنس ا و‬
‫فيتن ام الجنوبي ة و لكن العالق ات القنص لية بقيت قائم ة‪ ,‬و ه ذا م ا حص ل ك ذلك بين الس ودان و‬
‫الوالي ات المتح دة في ‪ 1987‬عقب قط ع العالق ات الدبلوماس ية بينهم و االتف اق على اإلبق اء على‬
‫القس م القنص لي في الس فارة األمريكي ة في الس ودان ‪ .‬و قط ع العالق ات بين مص ر و ألماني ا س نة‬
‫‪ 1965‬رافقه اتفاق الدولتين على استمرار العالقات القنصلية‪ .96‬و في العام ‪ 1987‬قام االتحاد‬
‫السوفيتي بإرسال وفد قنصلي إلى اسرائيل برغم قطع العالقات الدبلوماسية بينهما‪.‬‬

‫‪ 94‬عاصم جابر ‪ ،‬الوظيفة القنصلية و الدبلوماسية في القانون و الممارسة ‪ ،‬منشورات عويدات بيروت‪ ،1986‬ص‪.425‬‬
‫‪ 95‬عاصم جابر‪ ،‬مرجع ذاته ص ‪426‬‬
‫عاصم }ابر ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪159‬‬ ‫‪96‬‬
‫و عموم اً ف إن ق رار قط ع العالق ات الدبلوماس ية إلحاق ه بقط ع العالق ات الدبلوماس ية إلحاق ه بقط ع‬
‫العالقات القنصلية هو أمر مرده غلى إرادة الدول‪ ،‬فإن شاءت أبقت عاى هذا الترابط في القطع‬
‫بين العملين‪ ،‬و إن شاءت فصلت بينهما‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أخيراً إلى ان للقطع بعض األثار على العالقة القنصلية‪ ،‬أهمها إثنان‬

‫أ‪ -‬إبالغ بترتيب األسبقية‪:‬‬

‫ففي حال ة قط ع العالق ات الدبلوماس ية يق وم رئيس المرك ز القنص لي وفق اً للم ادة ‪ 21‬من اتفاقي ة‬
‫فيينا للعالقات القنصلية لعام ‪ 1963‬بإبالغ ترتيب األسبقية فقد نصت تلك المادة على أن‪ ":‬على‬
‫البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة ‪ ،‬أو عند عدم وجودها في الدواة المضيفة‪ ،‬على رئيس البعثة‬
‫القنص لية‪ ،‬إبالغ ت رتيب األس بقية بين األعض اء القنص ليين في لببعث ة القنص لية ‪ ،‬وك ل م ا يط رأ‬
‫علي ه من تع ديالت ‪ ،‬إلى وزارة خارجي ة للدول ة الموف دة إليه ا‪ ،‬أو إلى الس لطات ال تي تعينه ا ه ذه‬
‫الوزارة"‬

‫ب‪ -‬حصانة المقرات القنصلية‬

‫ففي حالة قطع العالقات الدبلوماسية البد من أن يؤخد اإلذن من رئيس البعثة القنصلية‪ ،‬بدالً‬
‫من رئيس البعثة الدبلوماسية‪ ،‬من أجل الدخول إلى مقر البعثة في الحاالت الطارئة‪ ،‬فقد نصت‬
‫الم ادة ‪ 31‬في فق رة ‪ 02‬على أن ه‪" :‬ال يج وز لس لطات الدول ة الموف د غليه ا ان ت دخل غلى ج زء‬
‫المخص ص من مب اني القنص لية ألعم ال البعث ة القنص لية إال بموافق ة عندح دوث حري ق أو أي‬
‫كارثة أخرى تستدعي اتخاد تدابير وقائية سريعة"‪.‬‬

‫‪ -2‬أثر قطع العالقات الدبلوماسية في المعاهدات الدولية‪:‬‬

‫إن ت دهور العالق ة بين دول تين و توتره ا و بلوغه ا ح د قط ع العالق ات الدبلوماس ية ق د يب دو‪،‬‬
‫للوهلة االولى‪ ،‬متناقص اً مع جميع االتفاقيات التي تربط بين الدولتين بسبب النقطاع العالقات‬
‫الودي ة بينهم ا‪ .‬ولكن الواق ع العملي يش ير إلى عكس ذل ك‪ ،‬فقط ع العالق ات الدبلوماس ية ال يع ني‬
‫تهربها من قيام‬
‫عدم احترام احكام القانون الدولي العام‪ ،‬وإ ال كان القطع مشجعاً تعلّق عليه الدول ّ‬
‫بالتزاماتها الدولية‪ ،‬و كان ذريعة سهلة لكل دولة ترغب في التخلي عن التزاماتها الدولية‪.‬‬

‫إن هن اك أس اليب مح ددة اإلنه اء المعاه دات الدولي ة‪ ،‬فال تنقض ي المعاه دة الولي ة ‪ ،‬إال إذا‬
‫اتجهت اإلدارة المشتركة ألطرافها نحو وضع حد لها‪ ،‬سواء بتحديد أجل تنتهي بحلوله‪ ،‬أو إذا‬
‫ع بر األط راف عنه ا باتف اق الح ق بين األط راف ينص ص راخة على انهائه ا‪ ،‬و ق د يتم اإللغ اء‬

‫ب التعبير ض مناً عن ذل ك ب إبرام االتفاقي ة جدي دة يتع ارض تنفي ذها م ع االتفاقي ة االولى‪ .‬و ترتيب اً‬
‫على ذلك فليس األي دولة الحق في إنهاء المعاهدة بصورة منفردة إال في حاالت الفسخ المترتب‬
‫على مخالفة الطرف األخر و إخالله بالتزاماته المنصوص عليها في المعاهدة‪.97‬‬

‫و خالص ة الق ول‪ ،‬ف إن قط ع العالق ات الدبلوماس ية ال ي ؤدي إلى إنه اء أو انقض اء أي معاه دة‬
‫دولي ة‪ .‬إنه ا تظ ل س ارية و ناف ذة تطبيق اً لنص م ادة ‪ 63‬من اتفاقي ة فيين ا لق انون المعاه دات لع ام‬
‫‪ 1969‬ال تي نص ت على أن‪ ":‬قط ع العالق ات الدبلوماس ية بين أط راف معاه دة دولي ة م ا ال يؤثر‬
‫في العالقات الدبلوماسية أو القنصلية ضرورياً لتطبيق المعاهدة"‪.‬‬

‫وما يلحظ على أن هذه انها المادة جاءت بقاعدة و استثناء‪:‬‬

‫القاع<<دة هي أن قط ع العالق ات الدبلوماس ية ال ي ؤثر في المعاه دات الدولي ة من حيث بقاؤه ا أو‬
‫ال تزام ال دول بتنفي ذها‪ ،‬و ه و مب دأ اس تقر علي ه التعام ل ال دولي من ذ زمن بعي د‪ .‬و ي برر ال دكتور‬
‫أحمد أبو الوفا هذه القاعدة استناداً إلى‪:‬‬

‫‪ -‬مب دأ الوف اء بالعه د‪ ،‬فال ب د من أن تمض ي ال دول المتعاق دة في تنفي ذ التزاماته ا الناتج ة من‬
‫المعاهدة برغم كل الظروف‪.‬‬

‫‪ -‬منع التهرب و التملّص من االلتزامات الدولية تطبيقاً لمبدأ حسن النية‪.‬‬

‫‪ 97‬احمد مرعي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫أما االستثناء فيشمل نوع اً معين اً من المعاهدات التي ال غنى عن تطبيقاته ا في وجود عالقات‬
‫بين ال دولتين ‪ ،‬كم ا ه و الح ال بالنس بة التفاقي ة ثنائي ة بش أن حص انات و امتي ازات المبع وثين‬
‫الدبلوماس يين‪ ،‬إذ يمكن إيق اف تط بيق ه ذه المعاه دة طالم ا لم يع د هن اك على اقليم ك ل من‬
‫الدولتين أي مبعوث و كذلك الشأن بالنسبة إلى كل المعاهدات لتي تحتاج غلى العالقات حسنة‬
‫بن الدولتين ‪ ،‬مثل معاهدات التحالف‪.‬‬

‫و لع ل األم ر ال يبقى عن د ه ذا الح د‪ ،‬فال دول ‪ ،‬و هي في حال ة قط ع‪ ،‬ال تكتفي بالمحافظ ة على‬
‫المعاهدات المبرمة سلفاًن بل تقوم بإبرام معاهدات في ظل القطع لحل النزاع الدائر بينها‪.‬و هذا‬
‫وخصوص اً إذا وص ل‬ ‫م ا أباحت ه الم ادة ‪ 74‬من اتفاقي ة فيين ا لق انون المعاه دات لس نة ‪،1969‬‬
‫النزاع غلى حالة الحربو كانت االتفاقية كلها ذات طبيعة عسكرية‪،‬و من األمثلة نذكر االتفاقات‬
‫التي‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫تم االنته اء من اع داد ه ده الدراس ة لتعس ف في اس تعمال الحص انة الدبلوماس ية وفق ا التفاقي ة‬
‫فيينا لعام ‪ 1961‬للعالقات الدبلوماسية‬

‫وقد تبين لنا خالل هده الدراسة ان الحص انة الدبلوماسية هي مجموعة من االمتيازات التي‬
‫يحصل عليها المبعوث الدبلوماسي من اجل اتمام مهامه باكمل وجه دون المساس بكرامته او‬
‫سمعته اة االساءة اليها فهو بمثابة رسول من شعبه الى شعوب اخرى وعليه ان يصونها ة‬
‫ان يكون على مستوى من المسؤولية التي اوكلت اليه من قبل الدولة‬

‫غير ان لهدا المبعوث الدبلوماسي تجاوزات لمهامه تعرض طرفا اخر الى ضرر وفي نهاية‬
‫ه ده الدراس ة الب د لن ا من اي راد اهم النت ائج والتوص يات المتعلق ة بمختل ف الج وانب ال تي‬
‫عالجنها في موضوعنا ويمكن ايراد هده النتائج على النحو التالي‬

‫‪ -‬للدولة سلطة في تقدير ما ادا كان السلوك المبعوث الدبلوماسي يشكل خطرا على امنها‬

‫‪ -‬في حال قيام المبعوث الدبلوماسي بارتكاب افعال تهدد امن و سالمة الدولة المعتمد لديها فان‬
‫الدول ة المض يفة في ه ده الحال ة ت دير ظهره ا لحص انة الممث ل وتفض ل امنه ا و س المتها على‬
‫حصانته‬

‫‪ -‬ان تمت ع المبع وث الدبلوماس ي بالحص انة القض ائية الجزائي ة ي ؤدي الي ض ياع حق وق‬
‫المتضررين‬

‫‪ -‬اش تهر الممثلين الدبلوماس يين باالنظم ة المروري ة ادى الى ارتف اع كب ير في الح وادث وال ذي‬
‫يؤدي حتى الى اوهاق ارواح االبرياء ‪.‬‬

‫‪ -‬من االس اءات الخط يرة ال تي يرتكبه ا النبع وث الدبلوماس ي هي ته ريب المخ ذرات اض افة الى‬
‫جرائم الخطف والتجسس ‪.‬‬

You might also like