Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثاني:
يفرض املشرع بصفة عامة عقوبات مشددة نسبيا بالنسب جلرائم اإلعتداء على احلياة اخلاصة ،
و تتن وع ه ذه اجلزاءات م ا بني جنائي ة و مدني ة و س نعاجل ه ذا األم ر تباع ا يف مبح ثني ،يف األول
1
نتكلم عن اجلزاءات املدنية و يف الثاين عن اجلزاءات اجلنائية.
حترص التشريعات املدنية على أن توفر احلماية الفعالة للحق يف اخلصوصية ،فاحلماية احلقيقية
تكمن يف منع العالنية و اإلبقاء على اخلصوصية ،أما الدعوى اليت ترفع للمطالبة بالتعويض بعد
املساس باخلصوصية تساهم بالكشف عن حرمة احلياة اخلاصة ،كما أن املطالبة بالتعويض له أمهية
2
بالغة جلرب املتضرر من اإلعتداء الذي أصابه يف حياته اخلاصة.
و علي ه س نتعرض فيم ا يلي ألرك ان قي ام املس ؤولية املدني ة عن إنته اك احلق يف محاي ة احلي اة
الشخصية يف املطلب األول ،أما املطلب الثاين فقد خصصناه لآلثار املرتتبة على املسؤولية املدنية
باإلعتداء على احلق يف محاية احلياة الشخصية.
المطلب األول :أركان قيام المسؤولية عن انتهاك الحق في حماية الحياة الشخصية.
املس ؤولية بوج ه ع ام هي حتمي ل الش خص نت ائج فعل ه املتض من خمالف ة ال واجب امللقي على
3
عاتقه ،و من أهم أوجه املسؤولية هي املسؤولية املدنية.
وتعمل هذه األخرية على وقف الفعل غري املشروع و منع حدوث يف املستقبل و جتنب اللجوء إىل
التعويض ،أي أنه يتجه إىل محاية احلق و املصلحة املعتربة قانونا عن طريق وضع هناية للفعل الضار
2
دون أن يعترب ذلك تعويضا 1.وتطبيق ذلك جيد مداه يف جمال احلقوق اللصيقة بالشخصية.
و اجلدير بالذكر أن غالب حاالت املسؤولية اليت تنشأ عن املساس باخلصوصية تكون تقصريية
3
ألن منشأها خمالفة القانون.
و لقيام املسؤولية التقصريية وجب توفر ثالثة أركان وهي اخلطأ و الضرر و العالقة السببية ،
فاخلطأ هو اإلخالل بإلتزام أو إنتهاك حلرمة حق مكرس قانونا و شرعا ،أما الركن الثاين يتمثل يف
الض رر ف إذا مل يكن هن اك ض رر فال مس ؤولية مهم ا ك ان اخلط أ مؤك دا ،فالض رر ه و ال ذي تق وم
املس ؤولية من أج ل تعويض ه ،باإلض افة إىل العالق ة الس ببية فهي ال ركن الث الث ،فال يكفي لقي ام
املسؤولية املدنية حصول ضرر لشخص و وقوع خطأ من شخص آخر ،بل البد أن يكون اخلطأ
4
السبب املباشر يف حدوث الضرر و إال انعدمت ملسؤولية.
و عليه سنتطرق إىل فعل االعتداء على احلق يف محاية احلياة اخلاصة يف الفرع األول ،مث عنصر
الضرر الناجم عن االعتداء على احلق يف احلياة اخلاصة يف الفرع الثاين ،و أخريا العالقة السببية يف
الفرع الثالث .
11جعفر محمود المغربي ،حسني شاكر عساف ،املسؤولية املدنية عن االعتداء على احلق يف الصورة بواسطة اهلاتف
احملمول ،ط ، 01دار الثقافة ،عمان ،األردن ، 2010،ص.153
2املرجع نفسه ،ص154
.
3محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص249
44حركاني بالل ،أمزال أمال ،اخلطأ يف املسؤولية التقصريية و تطبيقاهتا ،قسم القانون اخلاص ،ختصص القانون اخلاص
الشامل ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة عبد الرمحن ،جباية ،اجلزائر ، 2013 ،ص.02
60
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
إعطاء تعريف للخطأ ليس باألمر اهلني بسبب إختالف الفقهاء يف ذلك ،و يزيد األمر عسرا
أن الق انون مل يض ع تعريف ا ل ذلك ،و إتف ق على تعري ف اخلطأ بأن ه اإلحنراف عن الس لوك املألوف
1
للشخص العادي يصدر عن متييز و إدراك.
و يتضح من التعريفات و التحليالت للخطأ أن مجيعها تدور حول إجتاهني األول و هو اإلجتاه
املوضوعي الذي ينظر إىل اخلطأ كفعل جمرد دون النظر إىل مرتكبه ،و اإلجتاه الثاين الذي ينظر إىل
2
جانب الشخص يف اخلطأ جمردا عن الفعل.
فبالنس بة لإلجتاه األول جند أن الق انون اجلزائ ري حيمي حرم ة احلي اة اخلاص ة يف ح د ذاهتا و
بص رف النظ ر عن ال دوافع ال يت أدت باملدعى علي ه اإلعت داء على حرم ة احلي اة اخلاص ة للغ ري ،أي
3
حيث ال ميكن أن يوجد إعتداء عمدي أو سوء نية أو قصد يف جانب املعتدي.
فاملشرع اجلزائري مل يكتفي بقواعد املسؤولية املدنية العامة اليت أقرهتا املادة 124من القانون
املدين ،بل أقر شكل خاص من احلماية بوقف اإلعتداء الذي يعفي املضرور من عناء إثبات الضرر
و اخلط أ و العالق ة الس ببية بينهم ا ،و متكن ه من اللج وء إىل القض اء مبج رد اإلعت داء على
5
خصوصياته ،4فضال على أهنا توفر له اإلستعجال الالزم لوقف اإلعتداء.
1شلواح ميرة ،بشريي كهينة ،املسؤولية املدنية عن إنتهاك حق اخلصوصية يف اجملال الرقمي ،مدكرة مقدمة لنيل شهادة
املاسرت يف احلقوق ،ختصص قانون خاص ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة عبد الرمحن مرية ،جباية ، 2020،ص
.47-46
عصام أحمد البهجى ،محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية ،مرجع سابق ،ص.440 2
غري أن ه ميكن التمييز بني التح ري و التلصص ال ذي ال ميكن أن يقع حتت طائلة املسؤولية إال
إذا كان عمديا ،و بني الفعل الذي مكنه من اإلطالع على خصوصيات الغري يعترب فعال خاطئا ،
فإن الشخص يسأل عنه طبقا للقواعد العامة يف املسؤولية املدنية و ليس على أساس اإلعتداء على
حرمة احلياة اخلاصة ،بينما اإلعتداء على حرمة احلياة اخلاصة عن طريق الكشف عن اخلصوصيات
1
فإن اخلطأ يتحقق من جمرد الكشف عن اخلصوصيات سواء كان عمديا أو غري عمدي.
فمثال كث ريا م ا يك ون اخلط أ إعت داء على الش رف والس معة ،فليس من الض روري أن يك ون
املعت دي س يء الني ة ،ب ل يكفي أن يك ون الفاع ل متس رعا ،و يف الرعون ة و التس رع إحنراف من
الس لوك املألوف للرج ل الع ادي ،فه دا خط أ ي وجب املس ؤولية ،كم ا أن اإلعت داء على الش رف
والس معة يك ون بط رق خمتلفة 2و ذل ك حس ب املادة 182مك رر من ق.م.ج 3ال يت تنص
على ":يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة".
فب الرجوع إىل نص املادة 125ق.م.ج4جندها تنص ص راحة على إش رتاط التمي يز كمب دأ ع ام
إلمك ان مس ائلة الش خص م دنيا حيث تنص على أن ه ":ال يس أل املتس بب يف الض رر ال دي حيدث ه
بفعله أو إمتناعه أو بإمهال منه أو عدم حيطته إال إذا كان مميزا ".
فال يكفي العتبار الشخص خمطئا أن حيصل منه إحنراف يف سلوكه عن سلوك الرجل العادي
5
بل البد أن يكون مدركا هذا اإلحنراف ،وهذا اإلدراك ال يتسىن إال إذا كان ذلك الشخص مميزا.
الضرر هو ال ركن الث اين و األهم من أركان املسؤولية عموما ،فاملسؤولية تدور معه وجودا
1
وعدما ،إذ ال ميكن قيام املسؤولية مهما كان الفعل بدون ضرر.
لق د ع رف الفق ه الض رر على أن ه األذى ال ذي يص يب الش خص من ج راء املس اس حبق من
حقوقه أو مبصلحة مشروعة له سواء تعلق ذلك احلق أو تلك املصلحة بسالمة جسمه أو عاطفته أو
مباله أو حريته أو شرفه أوغري ذلك ،2أما تعريف الض رر يف مفهومه مبوضوعنا املساس باحلق يف
محاية احلياة اخلاصة يقصد به ":األذى املادي أو املعنوي الذي يصيب الشخص نتيجة التعدي على
3
حرمة حياته اخلاصة بالتجسس أو الكشف عن وقائع متصلة هبا" .
فالض رر الناش ئ عن املس اس باخلصوص ية نوع ان :م ادي و معن وي ،الض رر املادي ه و ذل ك
الض رر ال دي حيدث مساس ا بش يء ذي قيم ة مالي ة كاالعت داء على ح ق من احلق وق املالي ة كح ق
4
امللكية مثال ،كحرق منزل الغري ،و قد يكون الضرر املادي ماسا مبصلحة مشروعة.
وقد يلحق كذلك باملضرور ضررا ماديا عند املساس بسمعته وكرامته وشرفه ،رغم أن هذه
احلقوق ليست مالية،فاحلط من مسعة التاجر مثال يؤدي إىل فقدان الزبائن ونقص املداخيل ،وبالتايل
5
يرتب خسارة مالية.
1صالح أحمد محمد اللهيبي ،املباشر و املتسبب يف املسؤولية التقصريية دراسة مقارنة ،ط ، 01دار الثقافة ،عمان ،األردن
، 2004 ،ص65
22فياللي علي ،االلتزامات (:الفعل املستحق للتعويض) ،ط ، 03موفم للنشر ،اجلزائر ، 2015 ،ص.276
3محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص.270
44عصمت عبد المجيد بكر ،املسؤولية التقصريية يف القوانني املدنية العربية ،ط ، 01مكتبة زين احلقوقية و األدبية ،بريوت
،لبنان ، 2016 ،ص.183
55فيالي علي ،مرجع سابق ،ص.281
63
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
أما الضرر األديب هو الضرر الذي ال يصيب الشخص يف ماله و إمنا يف عاطفته أو شعوره أو
كرامته أو شرفه ،و يشمل الضرر املعنوي أيضا الضرر املاس باحلقوق املعنوية لإلنسان أي احلقوق
املالصقة لشخصية اإلنسانية ،كحقه يف خصوصياته ،فكل إنتقاص أو تعطيل أو مساس به يشكل
ضررا معنويا قابال للتعويض ،1فقد كرسه املشرع اجلزائري يف املادة 182مكرر ق.م.ج اليت تنص
2
على ":يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة ".
و إش رتط فقه اء الق انون يف الض رر املادي و املعن وي أن يك ون حمقق ا أي أن ه ق د وق ع فعال أو
كان حمقق الوقوع يف املستقبل ، 3كما يالحظ يف بعض احملاكم حتكم للمعتدي على حق يف احلياة
اخلاص ة ب التعويض رغم ع دم ت وافر الض رر كاإلعت داء عن طري ق إلتق اط ص ورة دون علم أو رض ا
ص احبها ،فأس اس دع وى التع ويض هن ا ه و التمس ك بوق وع الض رر و للقاض ي الس لطة التقديري ة
الق ول بت وافر الض رر أو عدم ه ،4حبيث ك رس املش رع اجلزائ ري على غ رار التش ريعات املقارن ة
األخ رى ه ذا احلق رمسيا و جعل ه مس اويا للض رر املادي من حيث التع ويض عنه ، 5ه ذا م ا نص ت
علي ه املادة 03الفق رة 04من ق انون اإلج راءات اجلزائي ة على أن" ...تقب ل دع وى املس ؤولية عن
كاف ة أوج ه الض رر س واء ك انت مادي ة أو جس مانية أو أدبي ة م ادامت نامجة عن الوق ائع موض وع
الدعوى اجلزائية".6
1العوجي مصطفى ،القانون املدين ،اجلزء الثاين :املسؤولية املدنية ،ط ، 03منشورات احلليب احلقوقية ،بريوت ،لبنان ،
، 2007ص.169
2القانون رقم 10-05املؤرخ يف20يونيو ،2005يتضمن القانون املدين ،ج.ر.ج.ج ،رقم ،44املعدل واملتمم .
3عماد حمدى حجازى ،مرجع سابق ،ص.404
4يوسفات علي هاشم " ،احلق يف احلياة اخلاصة و آليات التعويض عن املساس به يف التشريع اجلزائري " ،جملة املفكر ،العدد
، 17كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة أمحد دراية ،أدرار ،اجلزائر ، 2018،ص.281
5بشاتن صفية ،مرجع سابق ،ص.437
6األمر رقم ، 155-66املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ،مرجع سابق.
64
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
كما تثري عالقة السببية مجلة صعوبات عند إجتماع عدد من األسباب يف إحداث الضرر، 3
فالغرض هنا أن السبب واحد مل يتعدد و إمنا األضرار هي اليت تعاقبت نتيجة هذا السبب فصارت
4
أض رارا متع ددة ،و الس ببية ال تت وافر إال بالنس بة ملا يعت رب ض ررا مباش را .
فهن اك إمجاع على أن التش ريع اجلزائ ري ق د س اير التش ريعات العربي ة ،و ه و ال ذي أخ د بنظري ة
السبب املنتج ، 5حجته يف ذلك نص املادة 182ق.م.ج " إذا مل يكن التعويض مقدرا يف العقد ،
أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة و مافاته من
كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء باإللتزام أو للتأخر يف الوفاء به ،و يعترب
نتيجة طبيعية إذا مل يكن بإستطاعة الدائن أن يتوقاه ببدل جهد معقول ،6 "...فهذه املادة لورودها
يف باب آثار اإللتزام بوجه عام ،فإهنا تنطبق على كال املسؤوليتني العقدية و التقصريية.
1الجمال مصطفى ،رمضان حممد أبو السعود ،نبيل إبراهيم سعد ،مرجع سابق ،ص.351
2مفيدة خليل مخزوم الصويد ،احلماية املدنية حلقوق املؤلف املالية،ط،01مركز الدراسات العربية،مصر ، 2015،ص.155
3عصمت عبد المجيد بكر ،مرجع سابق ،ص.267
4محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص.285-284
5فياللي علي ،مرجع سابق ،ص.316
6األمر ، 58-75المتضمن القانون المدني ،مرجع سابق .
65
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
المطلب الث اني:اآلث ار المترتب ة على المس ؤولية المدني ة باإلعت داء على الح ق في حماي ة الحي اة
الشخصية.
تعرتضا و حنن بصدد قيام املسؤولية املدنية للصحفي عن إنتهاكه للحق يف محاية احلياة اخلاصة
من خالل وسائل اإلعالم فرضيتان ،تتمثل األوىل يف كون اإلعتداء على وشك الوقوع أو أنه قائم
،مما يفتح اجملال أمام املضرور لكي يطلب من القاضي املدين للمسائل املستعجلة إختاذ أحد التدابري
الوقائية الرامية إىل منع أو وقف االعتداء و املتمثلة على وجه اخلصوص يف احلجز و احلراسة ،أما
الفرضية الثانية فمؤداها أن االعتداء قد وقع و ال سبيل إىل منعه فال يكون أمام املعتدى عليه إال
1
املطالبة بالتعويض.
حرص القانون على أن ال يقف مكتوف األيدي أمام االعتداءات اليت قد يتعرض هلا احلق يف
حرمة احلياة اخلاصة ،و هذا من خالل إقامة دعوى التعويض عينا أو مبقابل وعليه ظهرت دعوى
2
وقف اإلعتداء من خالهلا ميكن للقاضي أن يوقف املساس باملصاحل اليت تتعلق بالشخص.
ويف ه ذا الص دد إرتأين ا دراس ة ه ذا الف رع و تقس يمه إىل إج راء وق ف نش ر املطبوع ات أو حظ ر
ت داوهلا،مث إج راء إدخ ال تع ديالت على املطبوع ات وح ذف أج زاء منه ا،مث وض عها حتت احلراس ة
القضائية.
1بوعسرية عمر"،مميزات املسؤولية املدنية للصحفي عن اإلعتداء على احلق يف احلياة اخلاصة" ،جملة القانون العام اجلزائري
واملقارن ،اجمللد ، 04العدد ، 01كلية احلقوق والعلوم السياسية،جامعة جياليل ليابس،سيدي بلعباس ، 2018 ،ص.182
2خنفسوسي عبد العزيز " ،دور القواعد القانونية املدنية يف محاية احلق يف حرمة احلياة اخلاصة دراسة على ضوء التشريع
املقارن و اجلزائري" ،جملة منازعات األعمال ،العدد ، 20كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة الدكتور موالي الطاهر ،
سعيدة ، 2017 ،ص.24
66
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
حظر التداول يعد مبثابة اإلجراء الذي مينع من نشأة الداء ووقف التداول بعد النشر يعترب مبثابة
استئصال الداء من جذوره ،فإذا كان النشر عن طريق إحدى الصحف فاجلزاء يكون منع تداول
1
الصحيفة.
إن إدخال احلجز ووقف اإلعتداء حيتاج إىل احلرص ألنه يتضارب مع حرية الصحافة ،وإعطاء
القاض ي س لطة من ع ت داول اجلري دة ي ؤدي إىل مس اس حبري ة الص حافة ،وعلى ه ذا األس اس يرج ع
القاض ي إىل ه ذه اإلج راءات إذا ك انت احلال ة تت وافر فيه ا ش رط اإلس تعجال ، 2فيمكن للمعت دى
عليه اللجوء إىل التدابري التحفظية عن طريق اإلستعجايل ،و يتصور أن يكون ذلك عمليا يف إختاد
إجراءات احلجز ،أو حجز مادة موضوع اإلعتداء ،مثل حجز صحيفة أو كامريا مرتبطة حبرمة
3
احلياة اخلاصة.
فيما خيص التشريع اجلزائري ،مل يرد أي نص صريح يعطي للقاضي سلطة األمر باحلذف أو
التعديل يف احلاالت اليت يكون فيها مساسا حبرمة احلياة اخلاصة ،وهذا سواء تعلق األمر مبقال أو
غ ريه من املص نفات ،و بالت ايل من جيوز ل ه احلكم ب الوقف أو املن ع أو املص ادرة جيوز ل ه أن يتخ ذ
إجراء أقل خطورة ،و هو احلذف أو التعديل.1
يعترب املشرع أن عبارة وقف اإلعتداء الواردة يف املادة 47ق.م.ج تشمل وضع املطبوعات أو
الشرائط أو كل وسيلة متضمنة مساسا باحلياة اخلاصة حتت احلراسة القضائية ،فاملشرع اجلزائري
من خالل املادة 47من ق.م.ج ترك للقاضي حرية إختاذ اإلجراءات املناسبة لوقف االعتداء على
احلياة اخلاصة أو منعه ،كما يعترب أيضا أن الوضع حتت احلراسة القضائية هو من أنسب اإلجراءات
التحفظية الكفيلة مبنع أو وقف التعدي على احلياة اخلاصة ،لكن املالحظ يف اجلزائر ندرة األحكام
القضائية الصادرة يف هذا اجملال .2
عرف ه املش رع اجلزائ ري بأن ه وس يلة قانوني ة حتمي األش خاص من األض رار النامجة عن الوق ائع
الغري الصحيحة ،و اإلهتامات الكاذبة اليت تنشرها وسائل اإلعالم ،و جيب أن يكون النشر جمانا
و هذا بالنسبة للوقائع اليت أوردهتا وسائل اإلعالم بصفة غري صحيحة. 3
كم ا جيب طبق ا لنص املادة 104من ق انون اإلعالم اجلزائ ري ،على املدير مس ؤول النش رية
إدراج ال رد أو التص حيح للمرس ل إلي ه يف الع دد املقب ل للدوري ة جمان ا ،وحس ب األش كال نفس ها،
وجيب أن ينشر الرد الوارد يف املوضوع املعرتض عليه يف النشرية اليومية يف أجل يومني و يف املكان
نفس ه و ب احلروف نفس ها دون إض افة أو ح ذف أو تص رف ،و فيم ا خيص النش ريات الدوري ة
األخرى جيب أن ينشر الرد يف العدد املوايل لتاريخ إستالم الطلب.
2محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف حرمة احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص.311-310
3أنظر املواد 100و 101م القانون العضوي رقم ، 05-12املؤرخ يف ،12/01/2012املتعلق باإلعالم،
ج.ر.ج.ج ،العدد ،02املؤرخة يف .15/01/2012
68
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
إن التعويض هو اهلدف األساسي الذي يسعى إليه اجملىن عليه من جراء اإلعتداء الذي حلق به
سواء كان ماديا أو معنويا ،خاصة الضرر املعنوي ،بإعتباره أشد األضرار خطورة و جسامته و ال
ميكن تعويضه باملال ،فحىت و إن مت تعويضه فإنه ال يستويف حقه ألنه ضرر نفسي داخلي يصعب
تقديره ،كالضرر املعنوي الناتج عن اإلعتداء على الشرف و اإلعتبار و الضرر املعنوي الناتج عن
1
السرقة العلمية ....إخل.
وعليه سندرس يف هذا الفرع،طرق التعويض عن الضرر وتقديره(أوال) ،مث دعوى التعويض (ثانيا).
التعويض إما عينيا أو مبقابل (نقدي و غري نقدي) ،2و هذا ما سنحاول دراسته .
أ –التعويض العيني:
يقصد بالتعويض العيين احلكم بإعادة احلالة إىل ما كانت عليها قبل أن يرتكب املسؤول الفعل
3
الذي أدى إىل وقوع الضرر ،وهو يؤدي إىل حمو الضرر و إزالته بدال من بقاء الضرر على حاله.
والقاضي ليس ملزما أن حيكم بالتنفيذ العيين ،ولكن يتعني عليه أن يقضى به إذا كان ممكنا، 4
و ه ذا م ا نص ت علي ه املادة 132ق.م.ج يف فقرهتا الثاني ة ":يق در التع ويض بالنق د على أن ه جيوز
1رواحن زوليخة ،مستاري عادل " ،معايري تقدير التعويض عن الضرر املعنوي و أشكاله " ،جملة املفكر ،ع ، 17كلية
احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة حممد خيضر ،بسكرة ،اجلزائر ، 2018 ،ص.172
2عصمت عبد المجيد بكر ،مرجع سابق ،ص.290
3املرجع نفسه ،ص.290
4عبد الرزاق أحمد السنهوري ،مرجع سابق ،ص.1093
69
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
للقاضي تبعا للظروف و بناءا على طلب املضرور ،أن يأمر بإعادة احلال إىل ما كانت عليه ،أو أن
1
حيكم و ذلك على سبيل التعويض ،بأداء بعض اإلعانات تتصل بالفعل الغري املشروع".
إن املضرور قد يهدف أصال من وراء دعواه إىل احلصول على أمر بنشر احلكم بصفة أساسية
يف بعض احلاالت و يتضح حينما يطالب بتعويض رمزي غري كايف جلرب الضرر ،إذ أنه ليس اهلدف
احلقيقي من وراء رف ع ال دعوى ،فاملض رور يه دف يف ه ذه احلال ة إىل غ رض آخ ر أال و ه و نش ر
2
احلكم كوسيلة فعالة جلرب ضرره و إزالة آثاره.
و ب الرغم من أن ه ذا اإلج راء يع د مبثاب ة عقوب ة إال أن ه ميكن الس ماح ب ه أيض ا على س بيل
التعويض املدين ،و اإلذن بنشر حكم التعويض يعد أيضا إجراء تكميلي لتحقيق التوازن بني الضرر
و التعويض يف جمال جرائم النشر عامة ، 3و بالرجوع إىل احلاالت اليت حددها املشرع و اليت يكون
احلكم باإلدانة فيها قابل للنشر أهنا تتعلق باملساس بسمعة األشخاص ،ويكون عندئذ نشر احلكم
4
باإلدانة مبثابة نوع من رد اإلعتبار للمضرور .
هي ص ورة من ص ور التع ويض العي ين حلماي ة أس رار احلي اة اخلاص ة لألش خاص و إل زام اجلار
املعتدى بإعادة العقار إىل احلالة اليت كان عليها قبل وقوع االعتداء و الضرر ،و ذلك عن طريق
القيام مبا تفرضه احملكمة و الذي يتمثل يف القيام بإجراء تعديالت على العقار مصدر الضرر ، 1كما
إذا بىن شخص حائطا يف ملكه ليسد على جاره الضوء و اهلواء تعسفا منه ،ففي هذه احلالة يكون
الباين مسؤوال و عليه بتعويض اجلار على ما أحدثه من ضرر له ،و جيوز أن يكون التعويض عينيا
2
هبدم احلائط على حساب الباين.
والب د ع دة ش روط للحكم بالغرام ة التهديدي ة وهي أن يك ون التع ويض العي ين ممكن ا ،و أن
يكون تدخل املدين الشخصي ضروري للتنفيذ ،و أن يطلب الدائن للمعتدى على حياته اخلاصة
احلكم بالغرامة التهديدية .4
1املادة 691و 709ف ،01من األمر رقم ، 58-75املتضمن القانون املدين ،مرجع سابق.
تنص املادة 691على ":جيب على املالك أال يتعسف يف إستعمال حقه إىل حد يضر مبلك اجلار.
وليس للجار أن يرجع على جاره يف مضار اجلوار املألوفة غري أنه جيوز له أن يطلب إزالة هذه املضار إذا جتاوزت احلد املألوف
وعلى القاضي أن يراعي يف ذلك العرف،وطبيعة العقارات وموقع كل منهما بالنسبة إىل اآلخرين والغرض الذي خصصت له".
و تنص املادة 709على ":ال جيوز للجار أن يكون له على جار له مطل مواجه على مسافة تقل عن مرتين ،و تقاس املسافة
من ظهر احلائط الدي يوجد له املطل أو من احلافة اخلارجية للشرفة ،أو من النتؤ.
و إذا كس ب أح د بالتق ادم احلق يف مط ل مواج ه ملل ك اجلار على مس افة تق ل عن م رتين ،فال جيوز هلدا اجلار أن يب ين على
مسافة تقل عن مرتين تقاس بالطريقة السابق بياهنا أعاله ،و ذلك على طول البناء الدي فتح فيه املطل ".
2عبد الرزاق أحمد السنهوري ،مرجع سابق ،ص.1093
3بشاتن صفية ،مرجع سابق ،ص.459
4حجوج أحمد ،مرجع سابق ،ص.18
71
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
بعد أن أوضحنا ماهية وحقيقة التعويض العيين ،إال أنه يف كثري من األحيان ال حيقق احلماية
الفعال ة للحي اة اخلاص ة ،هلذا ف إن التع ويض النق دي يق دم احلماي ة للمض رور يف ح االت ال حيميه ا
التعويض العيين ،و هلذا سندرس للتعويض النقدي بإعتباره الوسيلة التالية بعد التعويض العيين.1
1عصام أحمد البهجى ،محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسئولية املدنية ،مرجع سابق ،ص.568
2عصمت عبد المجيد بكر ،مرجع سابق ،ص.295
3املرجع نفسه ،ص296
4حجوج أحمد ،مرجع سابق ،ص.19
5املادة 182من األمر ، 58-75المتضمن القانون المدني ،مرجع سابق ،تنص على ":إذا مل يكن التعويض مقدرا يف
العقد ،أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره ،و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب ،بشرط
أن يكون هدا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء باإللتزام أو للتأخر يف الوفاء به ،و يعترب الضرر نتيجة طبيعية إذا مل يكن يف استطاعة
الدائن أن يتوقاه ببدل جهد معقول.
غري أنه إذا كان اإللتزام مصدره العقد ،فال يلتزم املدين الذي مل يرتكب غشا أو خطأ جسيما إال بتعويض الضرر الذي كان
ميكنه توقعه عادة وقت التعاقد ".
72
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
_ وجوب اإلعتداء بالظروف املالبسة عند تقدير التعويض عن الضرر الناتج عن اإلعتداء على
حرمة احلياة اخلاصة. 1
_ تطبيقات للتعويض العادل.
و اجلدير بال ذكر أن ه إذا تعل ق األم ر بض رر م ادي فإن ه ال تث ور ص عوبة يف تق ديره يف غ الب
األحيان ،إال أن تلك الصعوبة تربز عند تقدير الضرر املعنوي. 2
نص املش رع اجلزائ ري يف املادة 182مك رر ق.م.ج على ":يش مل التع ويض عن الض رر
املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة ".3
ف التعويض عن الض رر املعن وي ال يع ين حمو اآلالم هنائي ا ،و إمنا يك ون اهلدف من ه ترض ية
املضرور و مواساة له و ختفيفا آلالمه ، 4و تقديره ليس سهال ألنه يقوم على إعتبارات شخصية و
خيتل ف م داه من ش خص آلخ ر ،و بالت ايل ال توج د قاع دة حمددة لتق دير التع ويض املايل الالزم
اجلرب.5
1املادة ، 131املرجع نفسه ،تنص على ":يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي حلق املصاب طبقا ألحكام املادتني
182و 182مكرر مع مراعاة الظروف املالبسة ،فان مل يتيسر له وقت احلكم أن يقدر مدى التعويض بصفة هنائية ،فله أن
حيتفظ للمضرور باحلق يف أن يطالب خالل مدة معينة بالنظر من جديد يف التقدير ".
2محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص.316
3القانون رقم 10-05ن المتضمن القانون المدني ،مرجع سابق .
4بريق رحمة،دالج محمد لخضر "،التعويض عن الضرر املعنوي يف نطاق املسؤولية املدنية و معايري تقديره"،جملة القانون و
العلوم السياسية ،اجمللد ،06العدد ،02جامعة باجي خمار ،عنابة ، 2020 ،ص.168
5محمدي بدر الدين ،املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ،مرجع سابق ،ص.316
73
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
كما خيضع تقدير التعويض عن الضرر املعنوي لسلطة قاضي املوضوع التقديرية ،فله احلرية
املطلقة يف ذلك ، 1و هناك عدة ضوابط تؤخذ عند تقدير التعويض النقدي عن ضرر احلياة اخلاصة
،منها :مدى مسامهة اجملين عليه ،فإذا ثبت للمحكمة أن اجلاين و اجملين عليه مشرتكان يف تلك
األضرار فإن املسؤولية املدنية تتوزع حبسب جسامة اخلطأ املرتكب ، 2و هذا ما نصت عليه املادة
177ق.م.ج على أنه ":جيوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ال حيكم بالتعويض إذا كان
ال دائن خبطئ ه ق د اش رتك يف إح داث الض رر أو زاد في ه " ، 3و أيض ا جيب علي ه مراع اة م دى تغ ري
الضرر ،حيث يتم احلكم بتعويض اجملين عليه و اإلحتفاظ له بتعويض تكميلي ملا قد يطرأ على تلك
األضرار من تغريات ،باإلضافة إىل الوسيلة اليت نشرت عن طريقها اخلصوصيات .4
كم ا جيب تع ويض ك ل من الض ررين يف حال ة إجتم اع الض رر املادي و الض رر املعن وي عن
الفعل الواحد،إذ أن كل منهما مستقل عن اآلخر ،و تعويض أحدمها ال يغىن عن تعويض اآلخر.5
تك ون محاي ة ح ق اخلصوص ية كب اقي احلق وق األخ رى ،عن طري ق ال دعوى القض ائية ،ال يت
يكون موضوعها وضع حد لإلعتداء على حق اخلصوصية ،و احملكمة املختصة بالنظر يف املنازعات
املتعلقة به ،و بكل احلقوق اللصيقة بالشخصية ،وهي احملكمة اليت يقع يف دائرة إختصاصها الفعل
الضار ،فكل حق البد أن حتميه دعوى ،ولكن بشرك أن تتوفر يف رافعها الشروط اليت يتطلبها
فيه القانون ،فالدعوى توفر احلماية اخلاصة بصورة فعالة ،فهي توفرها أوال يف صورة وقائية ملنع
أو وقف اإلعتداء (وهذا ما سبق التطرق إليه ) ،و صورة الحقة على حدوث اإلعتداء و ذلك عن
طريق دعوى التعويض .1
سنتعرض يف األول إىل حق املطالبة بالتعويض،مث إىل امللتزم بالتعويض،وأخريا لتقادم دعوى التعويض.
إذا كان املعتدى على حقه يف احلياة اخلاصة راشدا فإنه يتوىل بنفسه حق الدفاع عن حقه أو
ين وب عن ه حمامي ا إىل غاي ة احلكم ب التعويض ،م ادام أن ه على قي د احلي اة ،أم ا يف حال ة وف اة املع ين
باألمر فان ذلك ال خيرج عن أحد االحتمالني ،فاذا كان املعتدى عليه باشر الدعوى و مات قبل
صدور احلكم له بالتعويض يف هذه احلالة يواصل الورثة متابعة السري يف الدعوى ،أما إذا ت ويف ومل
يرفع أصال دعوى املطالبة بالتعويض يكون حقه يف هذه احلالة قد زال ،و ما على ورثته سوى
الدفاع عن اإلكراه أو املطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصاهبم شخصيا.2
أما إذا كان املعتدى عليه قاصرا ،يتوىل الدفاع عن حقه يف احلياة اخلاصة املسؤول الشرعي
عنه ،وهو الويل على النفس أو املال جيوز لكل منهما مباشرة دعوى التعويض و املطالبة به ،أي
الويل الذي يتوىل محاية الشخص القاصر و رعايته .3
يقع اإللتزام بدفع هذا التعويض و عبؤه على عاتق املدعى عليه كقاعدة عامة ،و من مث فإن
حتديد املدعى عليه يف دعوى التعويض يساهم يف حتديد املسؤول عن هذا التعويض ،و الذي ترفع
عليه الدعوى مباشرة ،قد يكون املسؤول املعتدي شخصا طبيعيا أو معنويا.4
حيث نص ت املادة 115من ق انون اإلعالم اجلزائ ري على مس ؤولية مؤسس ة الص حيفة أو
النشرية أيضا إذا أدى النشر إىل اإلضرار باحلياة اخلاصة لألفراد.1
أم ا يف حال ة اإلعت داء على خصوص يات اإلنس ان عن طري ق موظ ف ع ام ،إعتم ادا على س لطة
وظيفت ه فتق ع املسؤولية على الدول ة،وجيب أن تل تزم بتع ويض الش خص ال ذي مس ه الض رر تعويض ا
ك امال ،وأس اس ه ذا اإلت زام ه و أن الدول ة متب وع يس أل عن فع ل تابع ه،فهي مس ؤولة عن فع ل
املوظ ف ،وش روط مس ؤولية املتب وع مت وافرة يف ه ذه احلال ة ،حيث أن اإلعت داء عمل غ ري مش روع
وإرتكب بسبب وظيفته ،فالوظيفة هي السبب يف إتيان الفعل غري املشروع،و يكفي توافر عالقة
الس ببية بني اخلط أ والوظيف ة،وق د يتحق ق ذل ك عن طري ق جتاوز ح دود الوظيف ة أو اإلس اءة يف
إستعماهلا أو إستغالهلا.2
_3تقادم دعوى التعويض:
تتقادم الدعوى اليت يكون موضوعها املطالبة بالتعويض عن األضرار املدنية سواء نشأت عن
جرمية أو جنحة أو كانت دعوى مدني ة مستقلة ب ذاهتا ، 3فق د أخض عها املش رع اجلزائ ري للتقادم
العادي وفقا للقواعد العامة يف القانون اجلنائي وهي ثالثة سنوات ألن اإلعتداء على احلق يف احلياة
اخلاص ة كيف ه املش رع بأن ه جنح ة و ليس جناي ة وفق ا للم ادة 08من ق.إ.ج.ج ،4و يف الق انون
املدين هي 15س نة ،5س واء وقعت من موظ ف ع ام أو ش خص ع ادي ،و مل يس تثين منه ا س وى
احلاالت اليت أوردها املشرع يف املادة 08مكرر من ق.إ.ج.ج .6
ال تتقادم الدعوى املدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن اجلنايات و اجلنح املنصوص عليها يف الفقرة أعاله".
77
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
إن التط ور العلمي و التكنول وجي و م ا أف رزاه من تط ورات تتعل ق بوس ائل اإلتص ال احلديث ة
جعال احلياة اخلاصة لإلنسان يف خطر من تدخل هذه الوسائل و اليت ال يستطيع الفرد ضمان عدم
املساس به نظرا لصعوبة إكتشافها من جهة ،بل و حىت معرفة مكاهنا بالنظر إىل أشكاهلا املختلفة ،
باإلض افة إىل بعض اإلج راءات ال يت من ش أهنا املس اس حبرم ة احلي اة اخلاص ة ،و بالت ايل أص بحت
أنشطة وحريات الفرد وخصوصياته حمل رقابة وجتسس ،لذلك جند املشرع قد أحاط خصوصيات
األفراد باحلماية .1
وعليه سنقوم بدراسة هذا املبحث يف مطلبني خنصص املطلب األول لدراسة اجلانب املوضوعي
للحماي ة من خالل معرف ة أهم األفع ال ال يت جرمها املش رع العق ايب ،أم ا املطلب الث اين سنخصص ه
للجانب اإلجرائي حلماية احلياة الشخصية .
تعرض قانون العقوبات بالتجرمي ألهم األفعال اليت تشكل إعتداءا على حرمة احلياة اخلاصة ،
واليت سنتطرق إليها يف هذا املطلب.
إعترب املشرع صورة األشخاص من األمور اليت تدخل يف دائرة حياته اخلاصة ،و قدر جدارهتا
حبماية القانون اجلنائي من احلصول عليها بغري رضاه سواء عن طريق إلتقاطها أو نقلها بأي جهاز
مهما كان نوعه ،2و جيب لقيام هذه اجلرمية توافر ركنني املادي و املعنوي:
1ليلى طويل ،احلماية اجلنائية للحياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري ،مذكرة لنيل شهادة املاسرت ،ختصص :قانون جنائي ،كلية
احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة املسيلة ، 2013 ،ص.45
2خلف اهلل زهرة ،مرجع سابق ،ص.90
78
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
يتحق ق ه ذا ال ركن جلرمية احلص ول على الص ورة وفق ا لق انون العقوب ات اجلزائ ري يف املادة
السالفة الذكر 303مكرر ، 1بإلتقاط أو تسجيل أو نقل صورة شخص قائم يف مكان خاص بغري
رضاه بإستخدام وسيلة أيا كان نوعها أو أية تقنية كانت ،فيلزم لقيامه توافر العناصر التالية :
إن الق انون ال حيمي ح ق الف رد على ص ورته مطلق ا ،و إمنا حق ه على ص ورته كلم ا ك ان يف
مكان خاص ،و قد تقررت محاية حق الفرد على صورته من اإلنتقال و من النقل ،و على هذا
األساس فإن اجلرمية ال تقوم إال باإللتقاط أو النقل ،لكنها ال تقوم بالرؤية و لو إستعمل يف سبيل
حتقيقها منظارا. 2
فإلتق اط الص ورة يع ين تثبيته ا على املادة احلاس ة ،وهن ا تق ع اجلرمية مبج رد إلتق اط الص ورة
(تثبيتها) ،أما إظهارها على املادة املخصصة ليس شرط لتمام اجلرمية ،أما إضفاء بعض التشويهات
على (النيجاتيف) ال أثر له يف قيام اجلرمية. le négatif.3
أما التسجيل هو حفظ صورة الشخص على مادة معدة لذلك بوسيلة أيا كان نوعها ملشاهدهتا
أو إذاعتها فيما بعد.2
باإلضافة إىل صور اإلعتداء املذكورة سابقا أضاف املشرع بعض األشكال األخرى من خالل
املادة 303مك رر 01من ق.ع.ج 3بقوهلا... ":ك ل من إحتف ظ أو وض ع أو مسح ب أن توض ع يف
متناول اجلمهور أو الغري ،".....فهذه األشكال تشكل سلوكا إجراميا.
فاملقصود باإلحتفاظ هو أن يبقى الشخص يف حوزته التسجيل أو مستند عن عمد منه بطريقة
غري مشروعة.4
أما اإلستخدام يعين إستعمال اجلاين للصورة لتحقيق غرض سواء كان مشروع أو غري مشروع.6
املش رع اجلزائ ري إس تعمل عب ارة "بأي ة تقني ة" ،ففي ك ل األح وال اجلرمية تعت رب قائم ة مبج رد
اإلتي ان هبذا الس لوك أي ا ك انت الوس يلة املس تعملة ،و ه ذا حماول ة من املش رع ملواكب ة التط ورات
العلمي ة ،يس تثين مما س بق الرس ام ال ذي يرس م شخص ا بواس طة فرش اة ألن ه ذه األخ رية ال ت رتقي
لكي توصف بتقنية.1
نص املشرع اجلزائري بصريح العبارة يف املادة 303مكرر من ق.ع.ج 2على وجوب توفر
عنص ر املك ان اخلاص بص رف النظ ر عن األش خاص املوج ودين في ه ،و تطبيق ا ل ذلك فالص ور ال يت
تلتق ط يف األم اكن العام ة و املفتوح ة للجمه ور ،ال تك ون حمل متابع ة جزائي ة على أس اس إنته اك
خصوصية احلياة اخلاصة.
و يشرتط أخريا أن يكون إلتقاط الصورة اخلاصة أو نقلها قد حدث بغري رضاء الضحية ،أي
دون موافقته الصرحية أو الضمنية ،مع مالحظة أن املشرع قد إفرتض رضاء صاحب الصورة إذا
إلتقطت له أو نقلت على مرأى و مسمع من احلاضرين يف اإلجتماع.3
1ادير كهينة ،لعنصر وردة ،احلماية اجلنائية حلق اإلنسان يف حياته اخلاصة يف القانون اجلزائري و املقارن ،مذكرة خترج
لني ل ش هادة املاس رت يف احلق وق ،ختص ص الق انون اجلن ائي و العل وم اجلنائي ة ،كلي ة احلق وق و العل وم السياس ية ،جامع ة عب د
الرمحان مرية ،جباية ، 2021 ،ص.11
2القانون رقم ، 23-06المتضمن قانون العقوبات ،مرجع سابق.
3محمد زكى أبو عامر ،مرجع سابق ،ص.637
81
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
_2الركن المعنوي:
أشارت املادة 303من ق.ع.ج إىل القصد اجلنائي بإشرتاطها توافر العمد يف اجلرمية "كل من
تعم د" ،فم ادام القص د اجلن ائي ه و العلم بعناص ر اجلرمية و إرادة ارتكاهبا ،ف ان إنتف اء عنص ريه أو
أحدمها ينفي القصد.1
_3الجزاء الجنائي:
يع اقب على جرمييت إلتق اط أو تس جيل أو نق ل ص ورة ش خص ب احلبس من 6أش هر إىل 3
س نوات و بغرام ة من 50.000دج إىل 300.000دج ،ويع اقب على الش روع يف إرتك اب
اجلنحة بالعقوبة املقررة للجرمية التامة ،و يضع صفح الضحية حدا للمتابعة اجلزائية.2
كما يعاقب بالعقوبات املنصوص عليها يف املادة السابقة كل من إحتفظ أو وضع أو مسح بأن
توضع يف متناول اجلمهور التسجيالت أو الصور أو الوثائق املتحصل عليها بأحد األفعال املنصوص
عليها يف املادة 303مكرر 01من ق.ع.ج.3
كما خول املشرع العقايب توقيع عقوبات تكميلية تضاف إىل العقوبات األصلية ،و تتمثل هذه
العقوبات التكميلية يف إمكانية منع الشخص الطبيعي من ممارسة حق أو أكثر من احلقوق املنصوص
عليها يف املادة 9مكرر 1من ق.ع.ج 4ملدة ال تتجاوز 5سنوات ،كما أجاز املشرع للقاضي
بنش ر حكم اإلدان ة طبق ا للش روط املبين ة يف املادة 18من نفس الق انون ،1و يتعني احلكم دائم ا
مبص ادرة األش ياء ال يت إس تعملت إلرتك اب اجلرمية ، 2كم ا ميكن أن ت أمر احملكم ة ب إجراء احلج ر
3
القانوين
خالل إستقراء نص املادة303مكرر من ق.ع.ج ،ميكن حتديد أركان اجلرمية بدءا بالركن املادي.
أ_ الس لوك اإلج رامي :ل ه ثالث ة ص ور تتمث ل يف إلتق اط أو تس جيل أو نق ل املكاملات أو
احملادثات اخلاصة ،و يقصد بالتسجيل ،حفظ احلديث املسجل بغرض اإلستماع إليه بعد التسجيل،
أما نقل احلديث فهو إسرتاق السمع بواسطة جهاز ،أما اإللتقاط فهو التنصت و الذي يقصد به
اإلستماع سرا بأية وسيلة إىل حديث بني شخصني أو أكثر.1
إن املشرع اجلزائري مل يشرتط أن تكون املكاملات أو احملادثات امللتقطة أو املسجلة أو املنقولة
قد متت يف مكان خاص ،بل يكفي أن تكون املكاملات أو احملادثات خاصة أو سرية ولو وقعت يف
2
مكان عام.
إستعمل املشرع اجلزائري عبارة "أي تقنية كانت" ،معناه قد ضيق يف جمال احلماية فيما خيص
احملادثات و املكاملات ،على أساس أن ال تعترب اجلرمية قائمة إال بإستعانة اجلاين جبهاز تقين فين معني،
و بالتايل فالتنصت باإلذن مثال ال يعترب إعتداء على حرمة احلياة اخلاصة ،خبالف التشريع الفرنسي
فاحلماية فيه أمشل و أوسع.3
إن ال ركن املادي يف ه ذه اجلرمية حيت وي على عنص رين س لبيني مها :ع دم رض اء ص احب
احلديث ،وعدم وجود ترخيص من القانون بإلتقاط احلديث.4
1شنة زواوي "،احلماية القانونية للحق يف حرمة احملادثات اهلاتفية"،دفاتر السياسة و القانون ،ع ،19كلية احلقوق والعلوم
السياسية ،جامعة جياليل ليابس ،سيدي بلعباس ،2018،ص.660
2بشاتن صفية ،مرجع سابق ،ص.400
3عاقلي فضيلة ،مرجع سابق ،ص.243
4علي أحمد عبد الزعبي ،مرجع سابق ،ص.234
84
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
_2الركن المعنوي:
يشرتط لقيام اجلرمية توافر القصد اجلنائي ألهنا من اجلرائم العمدية اليت ال يكفي لقيامها توافر
اخلطأ الغري العمدي ،وذلك ما يتضح من خالل نص املادة 303مكرر من ق.ع.ج ، 1مبوجب
هذه املادة يكون اإلعتداء على احلياة اخلاصة بطريقة عمدية.2
_3الجزاء الجنائي:
ب الرجوع إىل املادة 303مك رر الفق رة 1من ق.ع.ج 3جندها ق د ج رمت أفع ال إلتق اط أو
التسجيل و نقل احملادثات اخلاصة و قررت عقوبة أصلية ملرتكبها ،بقوهلا ":يعاقب باحلبس من ستة
( )6أشهر إىل ثالث ( )3سنوات وبغرامة من 50.000دج إىل 300.000دج ،كل من تعمد
املساس حبرمة احلياة اخلاصة لألشخاص ،بأية تقنية كانت وذلك:
-1بإلتقاط أو تسجيل أو نقل مكاملات أو أحاديث خاصة أو سرية ،بغري إذن صاحبها أو رضاه"...
أما إذا كان املعتدي على حرمة احلياة اخلاصة لألشخاص موظفا عاما كانت العقوبة مشددة،
و ذلك وفقا لنص املادة 143من ق.ع.ج .4
كما جند أن املشرع العقايب قرر عقوبة تكميلية على كل من إعتدى على حرمة احلياة اخلاصة
لألش خاص منص وص عليه ا يف املادة 303مك رر 2من ق.ع.ج .1و األم ر بنش ر حكم اإلدان ة
مبوجب املادة 18من نفس القانون السابقة الذكر.2
تتعرض املراسالت إىل كثري من األفعال اليت من شأهنا املساس بسريتها سواء عن طريق فتحها
أو إختالسها أو إفشائها ،بصرف النظر عن صفة اجلاين سواء كان موظفا عاما أو شخصا عاديا.3
العقوبة تكون أشد إذا صدر اإلعتداء من موظفي الدولة ،و هذا ما نصت عليه املادة 137
من ق.ع.ج 4بقوهلا ":كل موظف أو عون من أعوان الدولة أو مستخدم أو مندوب عن مصلحة
الربي د يق وم بفض أو إختالس أو إتالف رس ائل مس لمة إىل الربي د أو يس هل فض ها أو إختالس أو
إتالفه ا ب احلبس من ثالث ة ( )3أش هر إىل مخس ( )5س نوات وبغرام ة من 30.000دج إىل
500.000دج ،و يعاقب بالعقوبة نفسها كل مستخدم أو مندوب يف مصلحة الربق خيتلس أو
يتل ف برقي ة أو يش يع حمتواه ا ،ويع اقب اجلاين فض ال عن ذل ك باحلرم ان من كاف ة الوظ ائف أو
اخلدمات العمومية من مخس إىل عشر سنوات".
و تطبق العقوبة نفسها دون تغليظها فيما عدا احلاالت السابق بياهنا".
1األمر رقم ،23-06المتضمن قانون العقوبات ،مرجع سابق.
2األمر رقم ،156-66المتضمن قانون العقوبات ،مرجع سابق.
3طويل ليلى ،مرجع سابق ،ص.87
4األمر رقم ،156-66المتضمن قانون العقوبات ،مرجع سابق.
86
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
نصت عليها املادة 303من ق.ع.ج ": 1كل من يفض أو يتلف رسائل أو مراسالت موجهة
إىل الغ ري و ذل ك بس وء ني ة و يف غ ري احلاالت املنص وص عليه ا يف املادة 137يع اقب ب احلبس من
ش هر ( )1إىل س نة ( )1و بغرام ة من 25.000دج إىل 100.000دج أو بإح دى ه اتني
العقوبتني فقط".
_3أركان الجريمة:
وعليه سنتطرق إىل تلك األفعال اليت يتحقق هبا وقوع اجلرمية:
_ الفتح :يعين إزالة العائق املادي الذي يضعه املرسل حمافظة على السر ،و يستوي يف ذلك أن
يكون الفتح بطريقة ظاهرة كقطع املظروف ،أو بطريقة غري ظاهرة كإستعمال وسائل حديثة مثل
متركز شعاع قوي من األشعة حتت احلمراء خالل الرسائل املعلقة و تصويرها فيها.2
اإلتالف :يع ين من ع وص ول الربقي ة إىل املرس ل إلي ه س واء ك ان بإلقائه ا أو تس ليمها إىل ش خص
آخر،ووصفت إتالف الرسالة أو الربقية الذي يؤدي إىل عدم وصوهلا إىل املرسل إليه بأنه إخفاء هلا.3
_ اإلختالس :يتحق ق اإلختالس إذا إجتهت ني ة املوظ ف أو غ ريه إىل متل ك الرس الة أو الربقي ة
وإعتبارها مملوكة له.4
1املرجع نفسه.
2علي أحمد عبد الزعبي ،مرجع سابق ،ص.229-228
3مرجع نفسه ،ص.231
4طويل ليلى ،مرجع سابق ،ص.91-90
87
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
_ اإلفشاء :يقصد باإلفشاء إطالع الغري على مضمون الرسالة أو الربقية بأي طريقة كانت.1
إن املش رع يتطلب ت وافر القص د يف كاف ة ج رائم املس اس باحلي اة اخلاص ة ،مبا فيه ا حرم ة
املراسالت ،وأن يكون ذلك بتوافر علم اجلاين.2
ختتلف العقوبة يف هذه اجلنحة حبسب ما إذا إقرتفها شخص عادي أو موظف عام:
املوظف العام :يعاقب باحلبس من ثالثة أشهر إىل مخس سنوات و غرامة من 300.000دج
إىل 500.000دج ،باإلضافة إىل عقوبة تكميلية تتمثل يف حرمان املوظف مرتكب هذه اجلنحة
من كافة الوظائف أو اخلدمات العمومية ملدة ترتاوح بني مخس و عشر سنوات. 4
ال تق وم جرمية إنته اك حرم ة املس كن إال إذا ت وافرت جمموع ة من األرك ان تض منتها نص وص
معظم التش ريعات املقارن ة و التش ريع اجلزائ ري ال ذي جيس ده ق انون العقوب ات ،ف الركن املادي
يتجلى يف فعل الدخول إىل مسكن الغري دون رضاه.1
و ه ذا م ا سندرس ه أوال ،مث حمل اجلرمية وه و املس كن املنتهك ة حرمت ه ،مث ال ركن املعن وي،
وأخريا اجلزاء اجلنائي.
تنص املادة 295من ق.ع.ج على ":ك ل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن
يعاقب باحلبس من سنة إىل مخس سنوات و بغرامة من 1.000دج إىل 10.000دج.
و إذا إرتكب اجلنحة بالتهديد أو بالعنف تكون العقوبة باحلبس من مخس سنوات على األقل
2
إىل عشر سنوات على األكثر وبغرامة من 5.000دج إىل 20.000دج"
بإستقراء نص هذه املادة جند أن جرمية إنتهاك حرمة املسكن ال تقوم إال بتوافر األركان التالية:
_1الركن المادي:
1س المي فض يلة ،محاي ة حرم ة املس كن يف التش ريع اجلزائ ري ،م ذكرة خترج لني ل ش هادة ماس رت يف الق انون،ختص ص :عق ود
ومسؤولية ،كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة أكلي حمند اوحلاج ،البويرة ، 2013 ،ص.47
2األمر رقم ، 156-66المتضمن قانون العقوبات ،مرجع سابق.
89
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
يعترب فعل الدخول إىل املسكن ركن من أركان اجلرمية إذا مت بأحد الوسائل التالية :الدخول
فجأة ،الدخول خدعة ،والدخول باإلقتحام.1
إن ال دخول احلاص ل برض اء ص احب احلق ال تق وم ب ه اجلرمية ،إذ جيب ع دم رض اء ص احب
الشأن لقيام اجلرمية.2
_2الركن المعنوي:
هذه اجلرمية عمدية ال تتحقق إال بتوافر القصد اجلنائي ،فمن فر هاربا من حيوان و دخل إىل
أحد املساكن فجأة فإن القصد اجلنائي ال يتوافر ،وعنصر العلم كما لو وجد الشخص نفسه خطأ
يف حديقة منزل الغري فإن القصد اجلنائي كذلك ال يتوافر ،كما ال يشرتط أن يكون الدخول فجأة
أو خدعة أو باإلقتحام بقصد إرتكاب جرمية معينة بل تتحقق اجلرمية مبجرد الدخول.3
قرر املشرع ملن يرتكب هده اجلنحة من األشخاص العاديني وفقا للمادة 295من ق.ع.ج،
عقوبة احلبس من سنة إىل مخس سنوات ،و غرامة مالية من 20.000دج إىل 100.000دج ،
كم ا ق رر تش ديد ه ذه العقوب ة إذا ك ان إقتح ام مس كن الغ ري مص حوبا بالتهدي د أو العن ف ،وفق ا
للفقرة الثانية من نفس املادة لتصل إىل احلبس مدة مخس سنوات على األقل إىل عشر سنوات على
1ضيف فضيل ،حلاق عيسى "،احلماية اجلنائية للمسكن االجتماعي يف قانون العقوبات اجلزائري" ،جملة الدراسات القانونية،
اجللد ، 06العدد ،02جامعة حيىي فارس ،املدية ،اجلزائر ،2020 ،ص .70
2محمد زكى أبو عامر ،مرجع سابق ،ص.627
3بن حيدة محمد ،احلق يف اخلصوصية يف التشريع اجلزائري ،مرجع سابق ،ص.94
90
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
األك ثر ،و بالغرام ة نفس ها ال واردة يف الفق رة األوىل من ه ذه املادة ،1ه ذا فيم ا خيص العقوب ات
األصلية ،كما ميكن للقاضي أن حيكم بعقوبات تكميلية و ذلك حبسب ما يراه مناسبا.2
نص ت عليه ا املادة 135من ق.ع.ج بقوهلا ":ك ل موظ ف يف الس لك اإلداري أو القض ائي
وك ل ض ابط ش رطة و ك ل قائ د أو أح د رج ال الق وة العمومي ة دخ ل بص فته املذكورة م نزل أح د
املواطنني بغري رضاه.3"...
يستفاد من نص املادة 135من ق.ع.ج أعاله أن هذه اجلرمية تقوم على أربعة أركان 4وهي:
الجزاء الجنائي:
_ حال ة اجلرمية البس يطة :أق رت املادة 135عقوب ة احلبس من ش هرين إىل س نة و غرام ة من
500دج إىل 3.000دج.5
_ حالة اجلرمية املشددة :شددت املادة 107من ق.ع.ج مقدار العقوبة إذا أدى اإلنتهاك إىل
اإلعتداء على احلريات الشخصية و شددت العقوبة من مخس سنوات إىل عشر سنوات ،و بذلك
غري وصف اجلرمية من جنحة إىل جناية.1
ويف األخري جيب اإلشارة إىل أن حرمة املسكن ليست الصورة املثالية للحياة الشخصية و مثال
ذلك إذا مت اإلعتداء على مسكن مهجور فذلك ال يعد إعتداء على احلياة الشخصية أما إذا كان
املنزل مسكونا فهنا يسمى إعتداء على حرمة احلياة الشخصية لصاحب املسكن.
يقتضي مبدأ إفرتاض براءة املتهم معاملته على أساس أنه بريء ،دون النظر إىل جسامة اجلرمية
أو كيفية وقوعها أو مرتكبها ،كما جيب أن ميكن املتهم من الدفاع عن نفسه و جيب أن ال متس
اإلجراءات اجلنائية حرية اإلنسان إال بالقدر األدىن و الضروري.2
كم ا أث ار ال دليل املتحص ل علي ه من إس تخدام األس اليب العلمي ة املتط ورة إختالف ا بني فقه اء
القانون ،فسنحاول معرفة موقف املشرع اجلزائري من حكم الدليل املستمد من تسجيل املكاملات
و إلتقاط الصور.3
كث رية هي الض مانات ال يت كفله ا الق انون للمتهم خالل مراح ل س ريورة ال دعوى العمومي ة،
فللمتهم حقوق و ضمانات يف مراحل املالحقة و التفتيش و التحقيق و احملاكمة ،وقد تكون هذه
1املرجع نفسه.
2إدريس عب د الجواد عبد اهلل بريك ،احلبس االحتي اطي و محاي ة احلرية الفردي ة يف ض وء آخ ر تع ديالت ق وانني اإلجراءات
اجلنائية دراسة مقارنة ،دار اجلامعة اجلديدة ،ليبيا ،2008،ص.44-43
3صبرينة بن سعيد ،مرجع سابق ،ص.237
92
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
احلقوق موضوعية كاحلق يف الطعن يف احلكم و احلق يف حرمة جسمه و عدم اللجوء للتعذيب أو
وسائل القهر البدين يف مواجهته ،كما قد تكون هذه احلقوق و الضمانات إجرائية.1
فالض مانات اإلجرائي ة أي املكفول ة للمتهم مبناس بة مباش رة إج راءات ال دعوى يف مواجهت ه
متنوعة ،و لكل منها تطبيقات عديدة ،فاملشرع حيمي احلق من خالل تكريسه يف صور شىت ،و قد
أضفى القضاء على هذه احلقوق و الضمانات محايته ،فلم يرتدد يف إبطال اإلجراءات اليت هتدرها
أو تنتقص منها.2
نع رض من خالل ه دا املطلب إىل القي ود و الض مانات ال واردة على إج راءات التف تيش
وإجراءات اإلستجواب ،3و ذلك من خالل الفرعني التاليني :
أوال :قيود وضمانات حق المتهم في حرمة حياته الخاصة أثناء إجراء التفتيش.
قد يستدعي التحقيق اإلبتدائي يف بعض اجلرائم إنتقال قاضي التحقيق إىل مكان ما و تفتيشه
قص د العث ور على أش ياء مفي دة إلكتش اف احلقيق ة ،و ق د يك ون حمل التف تيش جس م الش خص
ويسمى حينئذ تفتيش األشخاص ،كما قد يتمثل يف تفتيش منزل املتهم و يسمى تفتيش األماكن ،
بيد أنه يقابل هذه الضرورة احلق يف حرمة احلياة اخلاصة ، 4وقد أشار إليها الدستور اجلزائري يف
املادة 539بقوهلا ":تض من الدول ة ع دم إنته اك حرم ة اإلنس ان ، "...و املادة 48من الدس تور
بقوهلا ":تض من الدول ة ع دم إنته اك حرم ة املس كن ،فال تف تيش إال مبقتض ى الق انون ،ويف إط ار
إحرتامه إال بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية املختصة".6
1سليمان عبد المنعم ،أصول اإلجراءات اجلنائية ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،2008 ،ص.331
2املرجع نفسه ،ص.331
3كروش عقيلة ،مرجع سابق ،ص.48
4شيتور جلول ،ضمانات عدم املساس باحلرية الفردية ،ط ، 1دار الفجر ،القاهرة ،مصر ، 2006 ،ص.170
5األمر رقم ،442-20المتضمن التعديل الدستوري ،مرجع سابق.
6األمر رقم ،442-20المتضمن التعديل الدستوري ،مرجع سابق..
93
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
ف التفتيش ه و البحث و اإلستقص اء ،وه و عب ارة عن اإلطالع على حمل منح ل ه الق انون حرم ة
خاص ة بإعتب اره من خصوص يات الش خص ،1تق وم ب ه س لطة خمتص ة عن بين ة اجلرمية وقعت فعال
2
وتوافرت قرائن قوية تدل على وجودها بغض النظر عن إرادة صاحبه
فيما خيص تفتيش األشخاص فلضباط الشرطة القضائية تفتيش املشتبه فيه يف األحوال اليت جيوز
فيه ا حج زه حتت النظ ر ،و ك ذلك البحث عن أدل ة اجلرمية ال يت هي حبوزت ه أو جتري ده من س الح
3
مثال...
كما يرد بشأن تفتيش األشخاص إحرتاما جلنس املتهم ،تفتيش األنثى مبعرفة األنثى و الذكر
مبعرفة الذكر ،فال ميكن أن يتم تفتيش املسجون إال من قبل أشخاص من نفس جنسهم".4
أما فيما خيص تفتيش املسكن فيجب أن يكون حبضور الشخص الذي يتخذ لديه هذا اإلجراء
و برضاه و بتصريح مكتوب خبط صاحب الشأن ،و شاغل املكان قد يكون مالكه أو منتفع به أو
مقيم فيه أو حائزه ،و إذا وقع تفتيش مسكن جيب حضور املشتبه فيه ،و إذا تعذر ذلك جيب أن
يعني ه ذا األخ ري ممث ل ل ه و إذا إمتن ع يس تدعي ض ابط الش رطة القض ائية ش اهدين غ ري م وظفني
خاضعني لسلطته.5
1مروك نصر الدين ،حماضرات يف اإلثبات اجلنائي ،اجلزء األول :النظرية العامة لإلثبات اجلنائي ،دار هومه ،اجلزائر،
،2003ص.337
2حسين طاهري ،اختصاصات النيابة العامة أثناء مرحلة االستدالالت(:دور النيابة العامة أثناء مرحلة االستدالالت ،دراسة
مقارنة) ،ط ،1دار اخللدونية ،اجلزائر ،2015 ،ص.41
3املرجع نفسه ،ص.338
4حجوج أحمد ،مرجع سابق ،ص.47
5املادة 45الفقرة ،1من األمر رقم ،155-66المتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ،مرجع سابق.
94
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
كما نصت املادة 47فقرة 1من ق.إ.ج.ج 1أنه ":ال جيوز البدء يف تفتيش املساكن ومعاينتها
قبل الساعة ( )5اخلامسة صباحا و ال بعد الساعة الثامنة ( )8مساءا ،إال إذا طلب صاحب املسكن
ذلك أو وجهت نداءات من الداخل أو يف األحوال اإلستثنائية املقررة قانونا."...
و س بب التف تيش ه و اهتام موج ه إىل ش خص يقيم يف املنزل املراد تفتيش ه بارتك اب جناي ة أو
جنحة أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز ألشياء تتعلق باجلرمية.2
كما جيب أن يتضمن اإلذن بالتفتيش بيان وصف اجلرم موضوع البحث عن الدليل و عنوان
األماكن مع بيان موقعها على وجه الدقة ،ومن أهم هذه الضمانات أن تنجز هذه العمليات حتت
اإلشراف املباشر للقاضي الذي أذن هبا و الذي ميكنه عند اإلقتضاء اإلنتقال إىل عني املكان.3
1املرجع نفسه.
2حسين طاهري ،مرجع سابق ،ص.47
3عاقلي فضيلة ،مرجع سابق ،ص.209
4ص الح غش ير "،احلماي ة اجلنائي ة حلقوق املتهم خالل إجراء التفتيش" ،اجملل ة األكادميية للبح وث القانونية و السياسية ،اجمللد
،05العدد ،02جامعة باجي خمتار ،عنابة.622 ،2021 ،
95
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
تعت رب إج راءات التحقي ق من إختص اص قاض ي التحقي ق و ال س يما إج راء اإلس تجواب على
أساس أنه األهم و أخطر بقية اإلجراءات ،1وإستثناءا لذلك ففي بعض األحوال يتعذر على قاضي
التحقي ق إس تجواب املتهمني ،و ه ذا م ا نص ت علي ه املادة 112من ق.إ.ج.ج ، 2كم ا يق رر
الق انون ح ق املتهم يف ال دفاع عن نفس ه و ه ذا احلق مض مون دس توريا يف املادة 3175ال يت تنص
على ":احلق يف ال دفاع مع رتف ب ه ،احلق يف ال دفاع مض مون يف القض ايا اجلزائي ة" ،و ال يتحق ق إال
بتمكني املتهم من اإلستعانة مبحامي للدفاع عنه و معرفة اجلهة اجلزائية املختصة ،وصفة اخلصم، 4
وحق ه يف أن ي ديل أقوال ه حبري ة و تش مل ع دم ج واز حتلي ف املتهم اليمني القانوني ة ،و محايت ه من
اإلكراه و حقه يف الصمت.5
كم ا أن ح ق املتهم يف تق دمي الطلب ات و اب داء ال دفوع مبا يس تتبعه ذل ك من اتص اله مبحامي ه،
ميكن املتهم من تبديد التهم املنسوبة إليه و الرد على ما هنالك من أدلة ضده و نفيها ،وهذا احلق
مقرر للمتهم يف كافة مراحل الدعوى العمومية ،وعلى وجه اخلصوص مرحلة التحقيق اإلبتدائي،
وال ش ك أن إعم ال ه ذا احلق يس تتبع اإلع رتاف للمتهم حبق ه يف اإلتص ال مبحامي ه و التش اور مع ه
إلعداد دفاعه و لو كان حمبوسا حبسا إحتياطيا ،و الواقع أن متكني املتهم من اإلتصال مبحاميه ميثل
ضمانة فعلية هامة لتجسيد و إعمال حقه يف الدفاع و تقدمي الطلبات و إبداء الدفوع ،6باإلضافة
إىل حقه يف معرفة اجلهة اجلزائية املختصة ،وصفة اخلصم ، 1وحقه يف أن يديل أقواله حبرية و تشمل
عدم جواز حتليف املتهم اليمني القانونية ،و محايته من اإلكراه أي حترمي تعذيب املتهم إلكراه على
إب داء أق وال معينة ،2وحق ه يف الص مت أو اإلنك ار أو اإلع رتاف باجلرمية ،ويرج ع ذل ك إىل أن ه من
املسلمات عدم إلزام إنسان بأن يقدم دليال ضد نفسه سواء دليل مادي أو قويل مع مراعاة أنه إذا
فضل املتهم اإلدالء بأقواله أو إلتزام الصمت ،جيب أن يكون يف مأمن من كل تأثري خارجي عليه،
هذا راجع إىل أن كل تأثري يؤدي إىل إهدار حرية املتهم يف الدفاع عن نفسه ،عالوة على أن كل
عنف أو هتديد أو وعد أو وعيد يعيب إرادة املتهم ،فضال عن أنه إذا إلتزم الصمت فمن الصعب
إجباره على قول احلقيقة ،ومن مث كل تأثري يقع على املتهم يؤثر على إرادته يؤدي إىل بطالن مجيع
اإلجراءات املرتتبة عليه ، 3كما ألزم املشرع اجلزائري قاضي التحقيق بضرورة تنبيه املتهم إىل حقه
يف السكوت قبل إجراء التحقيق معه ،و بأنه حر يف اإلدالء بأقواله بكل حرية و له احلق يف اإلجابة
كما له احلق يف السكوت ،وذلك حىت يكون بدراية حبقوقه و ليصون ما ميكنه احملافظة عليه من
أس رار ،فالبعض جيه ل أن الق انون يق رر له ه ذا احلق فيض طر إىل الكالم خوف ا من أن يفس ر صمته
قرينة ضده.4
كفلت الدس اتري احلري ة الشخص ية مبا فيه ا حري ة و س رية املراس الت الربيدي ة والس لكية
والالس لكية ،فال جيوز مراقبته ا أو تفتيش ها أو مص ادرهتا إال يف حال ة الض رورة على أن يتم وف ق
1عبد اهلل أوهايبي ة ،شرح قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري ،اجلزء الثاين :يف التحقيق النهائي(احملاكمة) ،ط ،2دار هومه،
اجلزائر ،2019 ،ص.31
2عاقلي فضيلة ،مرجع سابق ،ص.213
3إدريس عبد الجواد عبد اهلل بريك ،مرجع سابق ،ص.179
4بن حيدة محمد ،محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري ،مرجع سابق ،ص.187
97
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
الضوابط اليت حددها القانون، 1وتتمثل إجراءات التحري احلديثة يف إعرتاض املراسالت وتسجيل
األصوات و إلتقاط الصور بناءا على إذن من وكيل اجلمهورية أو قاضي التحقيق ،وهي إجراءات
خاصة ببعض اجلرائم على سبيل احلصر.2
القاعدة العامة منصوص عليها يف املادة 303مكرر من ق.ع.ج اليت جترم إلتقاط أو تسجيل
أو نقل املكاملات أو أحاديث خاصة أو سرية بغري إذن صاحبها.3
أما بالرجوع إىل املادتني 68و 69من ق.إ.ج.ج 4اليت تقضي بإختاذ أي إجراء يراه القاضي
أو وكي ل الدول ة الزم ا إلظه ار احلقيق ة ه ذا من جه ة ،ومن جه ة فاملادة 65مك رر 5من
ق.إ.ج.ج 5تقض ي بإمكاني ة مراقب ة و إع رتاض املراس الت ال يت تتم عن طري ق وس ائل اإلتص ال
الس لكية والالس لكية يف ج رائم حمددة على س بيل احلص ر ،وهي :ج رائم املخ درات ،و اجلرمية
املنظم ة ،وج رائم تب ييض األم وال ،و ج رائم متوي ل اإلره اب ،و اجلرائم املتعلق ة بالتش ريع اخلاص
بالصرف ،وكذا جرائم الفساد ،و عليه فالدليل الناجم عن طريق املراقبة أو التسجيل طبقا ملا تقدم
يعت رب مش روعا ،و اجلرائم املعني ة ب إجراء إع رتاض املراس الت و احملادث ات تتص ف ب اخلطورة على
الدولة و اجملتمع على حد سواء وجب تغليب املصلحة العامة يف مكافحتها على املصلحة الشخصية
يف محاية احلياة اخلاصة.
و اعتبارا خلطورة إجراء إلتقاط املكاملات ،فإن املش رع نص على أن مباشرة ه ذه العملية تتم
حتت س لطة ومراقب ة قاض ي التحقي ق أو وكي ل اجلمهوري ة حس ب اجله ة املص درة لق رار اع رتاض
املكاملات ،هذا القرار الذي البد له أن حيدد ،بشكل دقيق وواضح ،كل العناصر احملددة و املعرفة
باملكاملة أو املراس لة املراد إلتقاطه ا وتس جيلها و أخ ذ نس خ منه ا أو حجزه ا ،واجلرمية املربرة إلختاذ
هذا اإلجراء اخلطري و املدة الزمنية املطلوبة ،وهي املدة اليت اليت ال جيوز أن تتجاوز أربعة أشهر قابلة
للتجديد دون حتديد لآلجال األقصى لإلعرتاض.1
كم ا تبقى مس ألة م دى حجي ة األدل ة املس تمدة من مراقب ة احملادث ات و املكاملات اخلاص ة يف
اإلثب ات اجلن ائي ختض ع للمب ادئ العام ة لإلثب ات و منه ا أساس ا حري ة اإلثب ات و مب دأ اإلقتن اع
الشخص ي للقاض ي ،و أن األدل ة املس تمدة من إج راء إع رتاض املكاملات اخلاص ة ق د تتوص ل إىل م ا
يؤكد وقوع اجلرمية ،إال أنه قد يوجد يف الدعوى ما جيعل القاضي يقتنع ،ولو إحتماال يدعو إىل
الش ك ب أن شخص ا آخ ر ق د ارتكب اجلرمية ،و ه و م ا ي دعو القاض ي بإعط اء س لطة تق دير األدل ة
املس تمدة من بني ه ذه اإلج راءات ،األم ر ال ذي يفس ح القاض ي إمكاني ة ط رح ه ذه األدل ة رغم
2
قطعيتها من الناحية العلمية و العملية
على ضوء األحكام السابقة الواردة يف قانون اإلجراءات اجلزائية ميكن القول أن كل دليل ناتج
عن مراقب ة و تس جيل املكاملات اهلاتفي ة خ ارج الش روط القانوني ة يق ع ب اطال إعم اال ملب دأ إس تبعاد
طرق اإلثبات املتحصل عليها بطرق غري مشروعة ،بل و يقع حتت طائلة العقوبات املنصوص عليها
يف املادة 303مكرر من ق.ع.ج.3
1املادة 65مكرر 07فقرة 02من األمر رقم ،155-66املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ،مرجع سابق.
املادة ، 212املرجع السابق. 2
إن الق انون اجلزائ ري ق د من ع بص ريح العب ارة التص وير يف مك ان خ اص يف املادة 303مك رر
الفق رة 3من ق.ع.ج 1ألن ه يع د إعت داء على حرم ة احلي اة اخلاص ة ،ف إن التص وير خفي ة يف مك ان
خاص قد يكون جمرما ولو قام به رجال الضبطية القضائية يف جمال البحث و التحري عن اجلرائم
عن طريق التصوير الفوتوغرايف أو السينماتوغرايف ،وال يغري من األمر شيئا أن تكون األجهزة قد
وضعت على بعد من مكان عام ألن هذا اإلج راء مقرتن قانونا بإذن قضائي مسبق و مسبب يف
جرائم حمددة ، 2و الدليل املستمد من هذا التصوير يكون باطال و يتعلق البطالن بالنظام العام ،لذا
جيوز التمسك به يف أية حالة كانت عليها الدعوى ،وتقضي به احملكمة من تلقاء نفسها ،3أما إذا
تعلق احلال باجلرائم املنصوص عليها يف املادة 65مكرر 5من ق.ا.ج.ج 4املذكورة سابقا فإنه جيوز
لوكي ل اجلمهوري ة أن ي أذن بوض ع الرتتيب ات التقني ة إللتق اط ص ور ش خص أو ع دة أش خاص
يتواجدون يف مكان خاص (إستثناء للقاعدة العامة) ،أما التصوير يف مكان عام ال يشكل إنتهاكا
حلرم ة احلي اة اخلاص ة ألن ه ذا التس جيل يتم بواس طة التص وير الض وئي ال يك ون إال ب ديال علمي ا
لوصفها باحلروف أي كتابتها ،5و مل يشري القانون اجلنائي إىل جترمي التصوير يف مكان عام يف جل
الق وانني املقارن ة على إعتب ار أن ه فع ل مب اح و إج راء مش روع و بالت ايل يس تطيع رج ال الض بطية
القض ائية القي ام هبذا التص وير دون إذن القض اء ،ويرج ع ذل ك أن ه ال يش كل مساس ا حبرم ة احلي اة
1املرجع نفسه.
2خلف اهلل زهرة ،مرجع سابق ،ص.77
3عاقلي فضيلة ،مرجع سابق ،ص.187
4األمر رقم ،155-66املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ،مرجع سابق.
5عاقلي فضيلة ،مرجع سابق ،ص.191
100
صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية. الفصل الثاني:
الشخصية ملن يتم تصويره وال يرقى إىل درجة التجرمي ،كما ميكن تقدمي ذلك التصوير كدليل أمام
1
اجلهات القضائية املختصة
تتجسد الضمانات الوقائية اليت رصدها املشرع اجلزائري لكفالة احلق يف محاية احلياة الشخصية
مبنع وقوع اإلعتداء من خالل حتديد مسافات املطالت واملناور محاية من مضار اجلوار غري األلوفة
مبا مين ع التجس س على األف راد واإلطالع على خصوص ياهتم ،كم ا أن تقيي د إلج راءات التف تيش
بضوابط زمنية ومكانية هو محاية لسكينتهم وضمانا حلريتهم اخلاصة وتكريسه للحق يف السكوت
أثناء مرحلة التحقيق هو آلية للحفاظ على أسرار الفرد ومكنونه الشخصي.
كما كفل حق الرد لكفالة األفراد لدرء خماطر النشر بنفس الوسيلة والشكل اليت مت هبا اإلعتداء.
102