You are on page 1of 44

‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.

‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫يفرض املشرع بصفة عامة عقوبات مشددة نسبيا بالنسب جلرائم اإلعتداء على احلياة اخلاصة ‪،‬‬
‫و تتن وع ه ذه اجلزاءات م ا بني جنائي ة و مدني ة و س نعاجل ه ذا األم ر تباع ا يف مبح ثني ‪ ،‬يف األول‬
‫‪1‬‬
‫نتكلم عن اجلزاءات املدنية و يف الثاين عن اجلزاءات اجلنائية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحماية المدنية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫حترص التشريعات املدنية على أن توفر احلماية الفعالة للحق يف اخلصوصية ‪ ،‬فاحلماية احلقيقية‬
‫تكمن يف منع العالنية و اإلبقاء على اخلصوصية ‪ ،‬أما الدعوى اليت ترفع للمطالبة بالتعويض بعد‬
‫املساس باخلصوصية تساهم بالكشف عن حرمة احلياة اخلاصة ‪ ،‬كما أن املطالبة بالتعويض له أمهية‬
‫‪2‬‬
‫بالغة جلرب املتضرر من اإلعتداء الذي أصابه يف حياته اخلاصة‪.‬‬

‫و علي ه س نتعرض فيم ا يلي ألرك ان قي ام املس ؤولية املدني ة عن إنته اك احلق يف محاي ة احلي اة‬
‫الشخصية يف املطلب األول ‪ ،‬أما املطلب الثاين فقد خصصناه لآلثار املرتتبة على املسؤولية املدنية‬
‫باإلعتداء على احلق يف محاية احلياة الشخصية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان قيام المسؤولية عن انتهاك الحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫املس ؤولية بوج ه ع ام هي حتمي ل الش خص نت ائج فعل ه املتض من خمالف ة ال واجب امللقي على‬
‫‪3‬‬
‫عاتقه ‪ ،‬و من أهم أوجه املسؤولية هي املسؤولية املدنية‪.‬‬

‫‪ 1‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪489‬‬


‫‪ 2‬حجوج احمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ 33‬عمرو احمد عبد المنعم دبش ‪ "،‬أركان املسؤولية املدنية " ‪ ،‬جملة العلوم القانونية و االجتماعية ‪ ،‬اجمللد‪ ، 04‬العدد‪، 02‬‬
‫جامعة زيان عاشور‪،‬اجللفة ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2019 ،‬ص‪22‬‬
‫‪59‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وتعمل هذه األخرية على وقف الفعل غري املشروع و منع حدوث يف املستقبل و جتنب اللجوء إىل‬
‫التعويض‪ ،‬أي أنه يتجه إىل محاية احلق و املصلحة املعتربة قانونا عن طريق وضع هناية للفعل الضار‬
‫‪2‬‬
‫دون أن يعترب ذلك تعويضا‪ 1.‬وتطبيق ذلك جيد مداه يف جمال احلقوق اللصيقة بالشخصية‪.‬‬

‫و اجلدير بالذكر أن غالب حاالت املسؤولية اليت تنشأ عن املساس باخلصوصية تكون تقصريية‬
‫‪3‬‬
‫ألن منشأها خمالفة القانون‪.‬‬

‫و لقيام املسؤولية التقصريية وجب توفر ثالثة أركان وهي اخلطأ و الضرر و العالقة السببية ‪،‬‬
‫فاخلطأ هو اإلخالل بإلتزام أو إنتهاك حلرمة حق مكرس قانونا و شرعا ‪ ،‬أما الركن الثاين يتمثل يف‬
‫الض رر ف إذا مل يكن هن اك ض رر فال مس ؤولية مهم ا ك ان اخلط أ مؤك دا ‪ ،‬فالض رر ه و ال ذي تق وم‬
‫املس ؤولية من أج ل تعويض ه ‪ ،‬باإلض افة إىل العالق ة الس ببية فهي ال ركن الث الث‪ ،‬فال يكفي لقي ام‬
‫املسؤولية املدنية حصول ضرر لشخص و وقوع خطأ من شخص آخر ‪ ،‬بل البد أن يكون اخلطأ‬
‫‪4‬‬
‫السبب املباشر يف حدوث الضرر و إال انعدمت ملسؤولية‪.‬‬

‫و عليه سنتطرق إىل فعل االعتداء على احلق يف محاية احلياة اخلاصة يف الفرع األول ‪ ،‬مث عنصر‬
‫الضرر الناجم عن االعتداء على احلق يف احلياة اخلاصة يف الفرع الثاين ‪ ،‬و أخريا العالقة السببية يف‬
‫الفرع الثالث ‪.‬‬

‫‪ 11‬جعفر محمود المغربي ‪ ،‬حسني شاكر عساف ‪ ،‬املسؤولية املدنية عن االعتداء على احلق يف الصورة بواسطة اهلاتف‬
‫احملمول ‪ ،‬ط‪ ، 01‬دار الثقافة ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 2010،‬ص‪.153‬‬
‫‪2‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪154‬‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪249‬‬
‫‪ 44‬حركاني بالل ‪ ،‬أمزال أمال ‪ ،‬اخلطأ يف املسؤولية التقصريية و تطبيقاهتا ‪ ،‬قسم القانون اخلاص ‪ ،‬ختصص القانون اخلاص‬
‫الشامل ‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪،‬جامعة عبد الرمحن ‪ ،‬جباية ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2013 ،‬ص‪.02‬‬
‫‪60‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلعتداء على الحق في حماية الحياة الخاصة (الخطأ)‪.‬‬

‫إعطاء تعريف للخطأ ليس باألمر اهلني بسبب إختالف الفقهاء يف ذلك‪ ،‬و يزيد األمر عسرا‬
‫أن الق انون مل يض ع تعريف ا ل ذلك ‪ ،‬و إتف ق على تعري ف اخلطأ بأن ه اإلحنراف عن الس لوك املألوف‬
‫‪1‬‬
‫للشخص العادي يصدر عن متييز و إدراك‪.‬‬

‫و يتضح من التعريفات و التحليالت للخطأ أن مجيعها تدور حول إجتاهني األول و هو اإلجتاه‬
‫املوضوعي الذي ينظر إىل اخلطأ كفعل جمرد دون النظر إىل مرتكبه‪ ،‬و اإلجتاه الثاين الذي ينظر إىل‬
‫‪2‬‬
‫جانب الشخص يف اخلطأ جمردا عن الفعل‪.‬‬

‫فبالنس بة لإلجتاه األول جند أن الق انون اجلزائ ري حيمي حرم ة احلي اة اخلاص ة يف ح د ذاهتا و‬
‫بص رف النظ ر عن ال دوافع ال يت أدت باملدعى علي ه اإلعت داء على حرم ة احلي اة اخلاص ة للغ ري ‪ ،‬أي‬
‫‪3‬‬
‫حيث ال ميكن أن يوجد إعتداء عمدي أو سوء نية أو قصد يف جانب املعتدي‪.‬‬

‫فاملشرع اجلزائري مل يكتفي بقواعد املسؤولية املدنية العامة اليت أقرهتا املادة ‪ 124‬من القانون‬
‫املدين‪ ،‬بل أقر شكل خاص من احلماية بوقف اإلعتداء الذي يعفي املضرور من عناء إثبات الضرر‬
‫و اخلط أ و العالق ة الس ببية بينهم ا ‪ ،‬و متكن ه من اللج وء إىل القض اء مبج رد اإلعت داء على‬
‫‪5‬‬
‫خصوصياته‪ ،4‬فضال على أهنا توفر له اإلستعجال الالزم لوقف اإلعتداء‪.‬‬

‫‪ 1‬شلواح ميرة ‪ ،‬بشريي كهينة ‪ ،‬املسؤولية املدنية عن إنتهاك حق اخلصوصية يف اجملال الرقمي ‪ ،‬مدكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاسرت يف احلقوق‪ ،‬ختصص قانون خاص ‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة عبد الرمحن مرية ‪ ،‬جباية ‪ ، 2020،‬ص‬
‫‪.47-46‬‬
‫عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.440‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ 4‬األمر ‪ ، 58-75‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪ 5‬بن حيدة محمد ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 249‬‬
‫‪61‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غري أن ه ميكن التمييز بني التح ري و التلصص ال ذي ال ميكن أن يقع حتت طائلة املسؤولية إال‬
‫إذا كان عمديا ‪ ،‬و بني الفعل الذي مكنه من اإلطالع على خصوصيات الغري يعترب فعال خاطئا ‪،‬‬
‫فإن الشخص يسأل عنه طبقا للقواعد العامة يف املسؤولية املدنية و ليس على أساس اإلعتداء على‬
‫حرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬بينما اإلعتداء على حرمة احلياة اخلاصة عن طريق الكشف عن اخلصوصيات‬
‫‪1‬‬
‫فإن اخلطأ يتحقق من جمرد الكشف عن اخلصوصيات سواء كان عمديا أو غري عمدي‪.‬‬

‫فمثال كث ريا م ا يك ون اخلط أ إعت داء على الش رف والس معة ‪ ،‬فليس من الض روري أن يك ون‬
‫املعت دي س يء الني ة ‪ ،‬ب ل يكفي أن يك ون الفاع ل متس رعا ‪ ،‬و يف الرعون ة و التس رع إحنراف من‬
‫الس لوك املألوف للرج ل الع ادي ‪ ،‬فه دا خط أ ي وجب املس ؤولية ‪ ،‬كم ا أن اإلعت داء على الش رف‬
‫والس معة يك ون بط رق خمتلفة‪ 2‬و ذل ك حس ب املادة ‪ 182‬مك رر من ق‪.‬م‪.‬ج ‪3‬ال يت تنص‬
‫على ‪":‬يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة"‪.‬‬

‫فب الرجوع إىل نص املادة ‪ 125‬ق‪.‬م‪.‬ج‪4‬جندها تنص ص راحة على إش رتاط التمي يز كمب دأ ع ام‬
‫إلمك ان مس ائلة الش خص م دنيا حيث تنص على أن ه ‪ ":‬ال يس أل املتس بب يف الض رر ال دي حيدث ه‬
‫بفعله أو إمتناعه أو بإمهال منه أو عدم حيطته إال إذا كان مميزا "‪.‬‬

‫فال يكفي العتبار الشخص خمطئا أن حيصل منه إحنراف يف سلوكه عن سلوك الرجل العادي‬
‫‪5‬‬
‫بل البد أن يكون مدركا هذا اإلحنراف‪ ،‬وهذا اإلدراك ال يتسىن إال إذا كان ذلك الشخص مميزا‪.‬‬

‫‪ 1‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ 22‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪(:‬مصادر االلتزام) ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ :‬نظرية اإللتزام‬
‫بوجه عام ‪ ،‬ط‪ ، 03‬منشورات احلليب احلقوقية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 2000 ،‬ص‪.934‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ يف‪20‬يونيو‪ ،2005‬يتضمن القانون املدين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬رقم‪ ،44‬املعدل واملتمم ‪.‬‬
‫‪4‬األمر رقم ‪ ،58-75‬املتضمن القانون املدين‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪55‬الجمال مصطفى ‪ ،‬رمضان حممد أبو السعود ‪ ،‬نبيل إبراهيم سعد ‪ ،‬مصادر و أحكام اإللتزام دراسة مقارنة ‪ ،‬ط ‪، 01‬‬
‫منشورات احلليب احلقوقية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 2006 ،‬ص‪.309‬‬
‫‪62‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الضرر‬

‫الضرر هو ال ركن الث اين و األهم من أركان املسؤولية عموما ‪ ،‬فاملسؤولية تدور معه وجودا‬
‫‪1‬‬
‫وعدما ‪ ،‬إذ ال ميكن قيام املسؤولية مهما كان الفعل بدون ضرر‪.‬‬

‫لق د ع رف الفق ه الض رر على أن ه األذى ال ذي يص يب الش خص من ج راء املس اس حبق من‬
‫حقوقه أو مبصلحة مشروعة له سواء تعلق ذلك احلق أو تلك املصلحة بسالمة جسمه أو عاطفته أو‬
‫مباله أو حريته أو شرفه أوغري ذلك ‪ ،2‬أما تعريف الض رر يف مفهومه مبوضوعنا املساس باحلق يف‬
‫محاية احلياة اخلاصة يقصد به ‪ ":‬األذى املادي أو املعنوي الذي يصيب الشخص نتيجة التعدي على‬
‫‪3‬‬
‫حرمة حياته اخلاصة بالتجسس أو الكشف عن وقائع متصلة هبا" ‪.‬‬

‫فالض رر الناش ئ عن املس اس باخلصوص ية نوع ان ‪ :‬م ادي و معن وي ‪ ،‬الض رر املادي ه و ذل ك‬
‫الض رر ال دي حيدث مساس ا بش يء ذي قيم ة مالي ة كاالعت داء على ح ق من احلق وق املالي ة كح ق‬
‫‪4‬‬
‫امللكية مثال ‪ ،‬كحرق منزل الغري ‪ ،‬و قد يكون الضرر املادي ماسا مبصلحة مشروعة‪.‬‬

‫وقد يلحق كذلك باملضرور ضررا ماديا عند املساس بسمعته وكرامته وشرفه ‪ ،‬رغم أن هذه‬
‫احلقوق ليست مالية‪،‬فاحلط من مسعة التاجر مثال يؤدي إىل فقدان الزبائن ونقص املداخيل ‪ ،‬وبالتايل‬
‫‪5‬‬
‫يرتب خسارة مالية‪.‬‬

‫‪1‬صالح أحمد محمد اللهيبي ‪ ،‬املباشر و املتسبب يف املسؤولية التقصريية دراسة مقارنة ‪ ،‬ط‪ ، 01‬دار الثقافة ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‬
‫‪ ، 2004 ،‬ص‪65‬‬
‫‪ 22‬فياللي علي ‪ ،‬االلتزامات ‪(:‬الفعل املستحق للتعويض) ‪ ،‬ط‪ ، 03‬موفم للنشر ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2015 ،‬ص‪.276‬‬
‫‪ 3‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.270‬‬
‫‪ 44‬عصمت عبد المجيد بكر ‪ ،‬املسؤولية التقصريية يف القوانني املدنية العربية ‪ ،‬ط‪ ، 01‬مكتبة زين احلقوقية و األدبية ‪ ،‬بريوت‬
‫‪ ،‬لبنان ‪ ، 2016 ،‬ص‪.183‬‬
‫‪ 55‬فيالي علي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.281‬‬
‫‪63‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما الضرر األديب هو الضرر الذي ال يصيب الشخص يف ماله و إمنا يف عاطفته أو شعوره أو‬
‫كرامته أو شرفه ‪ ،‬و يشمل الضرر املعنوي أيضا الضرر املاس باحلقوق املعنوية لإلنسان أي احلقوق‬
‫املالصقة لشخصية اإلنسانية ‪ ،‬كحقه يف خصوصياته ‪ ،‬فكل إنتقاص أو تعطيل أو مساس به يشكل‬
‫ضررا معنويا قابال للتعويض‪ ،1‬فقد كرسه املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 182‬مكرر ق‪.‬م‪.‬ج اليت تنص‬
‫‪2‬‬
‫على ‪ ":‬يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة "‪.‬‬

‫و إش رتط فقه اء الق انون يف الض رر املادي و املعن وي أن يك ون حمقق ا أي أن ه ق د وق ع فعال أو‬
‫كان حمقق الوقوع يف املستقبل‪ ، 3‬كما يالحظ يف بعض احملاكم حتكم للمعتدي على حق يف احلياة‬
‫اخلاص ة ب التعويض رغم ع دم ت وافر الض رر كاإلعت داء عن طري ق إلتق اط ص ورة دون علم أو رض ا‬
‫ص احبها ‪ ،‬فأس اس دع وى التع ويض هن ا ه و التمس ك بوق وع الض رر و للقاض ي الس لطة التقديري ة‬
‫الق ول بت وافر الض رر أو عدم ه ‪ ،4‬حبيث ك رس املش رع اجلزائ ري على غ رار التش ريعات املقارن ة‬
‫األخ رى ه ذا احلق رمسيا و جعل ه مس اويا للض رر املادي من حيث التع ويض عنه‪ ، 5‬ه ذا م ا نص ت‬
‫علي ه املادة ‪ 03‬الفق رة ‪ 04‬من ق انون اإلج راءات اجلزائي ة على أن"‪ ...‬تقب ل دع وى املس ؤولية عن‬
‫كاف ة أوج ه الض رر س واء ك انت مادي ة أو جس مانية أو أدبي ة م ادامت نامجة عن الوق ائع موض وع‬
‫الدعوى اجلزائية"‪.6‬‬

‫‪ 1‬العوجي مصطفى ‪ ،‬القانون املدين ‪ ،‬اجلزء الثاين‪ :‬املسؤولية املدنية ‪ ،‬ط‪ ، 03‬منشورات احلليب احلقوقية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫‪ ، 2007‬ص‪.169‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ يف‪20‬يونيو‪ ،2005‬يتضمن القانون املدين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬رقم‪ ،44‬املعدل واملتمم ‪.‬‬
‫‪ 3‬عماد حمدى حجازى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.404‬‬
‫‪ 4‬يوسفات علي هاشم ‪" ،‬احلق يف احلياة اخلاصة و آليات التعويض عن املساس به يف التشريع اجلزائري "‪ ،‬جملة املفكر ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 17‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة أمحد دراية ‪ ،‬أدرار ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2018،‬ص‪.281‬‬
‫‪ 5‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.437‬‬
‫‪ 6‬األمر رقم ‪ ، 155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية‬

‫ال يكفي لقي ام املس ؤولية املدني ة حص ول ض رر لش خص ووق وع خط أ من ش خص آخ ر ‪ ،‬ب ل‬


‫البد أن يكون هذا اخلطأ هو السبب املباشر يف حدوث الضرر و إال إنعدمت املسؤولية‪ ، 1‬و عليه‬
‫فإن ه يش رتط لقي ام املس ؤولية املدني ة وج ود عالق ة س ببية مباش رة ‪ ،‬على أن تنتفي ه ذه األخ رية إذا‬
‫‪2‬‬
‫كان هناك سبب أجنيب ‪ ،‬كتوافر القوة القاهرة ‪ ،‬أو خطأ الغري‪ ،‬أو خطأ املضرور نفسه‪.‬‬

‫كما تثري عالقة السببية مجلة صعوبات عند إجتماع عدد من األسباب يف إحداث الضرر‪، 3‬‬
‫فالغرض هنا أن السبب واحد مل يتعدد و إمنا األضرار هي اليت تعاقبت نتيجة هذا السبب فصارت‬
‫‪4‬‬
‫أض رارا متع ددة‪ ،‬و الس ببية ال تت وافر إال بالنس بة ملا يعت رب ض ررا مباش را ‪.‬‬
‫فهن اك إمجاع على أن التش ريع اجلزائ ري ق د س اير التش ريعات العربي ة‪ ،‬و ه و ال ذي أخ د بنظري ة‬
‫السبب املنتج‪ ، 5‬حجته يف ذلك نص املادة ‪ 182‬ق‪.‬م‪.‬ج " إذا مل يكن التعويض مقدرا يف العقد ‪،‬‬
‫أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة و مافاته من‬
‫كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء باإللتزام أو للتأخر يف الوفاء به ‪ ،‬و يعترب‬
‫نتيجة طبيعية إذا مل يكن بإستطاعة الدائن أن يتوقاه ببدل جهد معقول ‪ ،6 "...‬فهذه املادة لورودها‬
‫يف باب آثار اإللتزام بوجه عام ‪ ،‬فإهنا تنطبق على كال املسؤوليتني العقدية و التقصريية‪.‬‬

‫‪1‬الجمال مصطفى‪ ،‬رمضان حممد أبو السعود‪ ،‬نبيل إبراهيم سعد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.351‬‬
‫‪ 2‬مفيدة خليل مخزوم الصويد‪ ،‬احلماية املدنية حلقوق املؤلف املالية‪،‬ط‪،01‬مركز الدراسات العربية‪،‬مصر‪ ، 2015،‬ص‪.155‬‬
‫‪3‬عصمت عبد المجيد بكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.267‬‬
‫‪4‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.285-284‬‬
‫‪ 5‬فياللي علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.316‬‬
‫‪ 6‬األمر ‪ ، 58-75‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الث اني‪:‬اآلث ار المترتب ة على المس ؤولية المدني ة باإلعت داء على الح ق في حماي ة الحي اة‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫تعرتضا و حنن بصدد قيام املسؤولية املدنية للصحفي عن إنتهاكه للحق يف محاية احلياة اخلاصة‬
‫من خالل وسائل اإلعالم فرضيتان ‪ ،‬تتمثل األوىل يف كون اإلعتداء على وشك الوقوع أو أنه قائم‬
‫‪ ،‬مما يفتح اجملال أمام املضرور لكي يطلب من القاضي املدين للمسائل املستعجلة إختاذ أحد التدابري‬
‫الوقائية الرامية إىل منع أو وقف االعتداء و املتمثلة على وجه اخلصوص يف احلجز و احلراسة ‪ ،‬أما‬
‫الفرضية الثانية فمؤداها أن االعتداء قد وقع و ال سبيل إىل منعه فال يكون أمام املعتدى عليه إال‬
‫‪1‬‬
‫املطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬وقف اإلعتداء على الحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫حرص القانون على أن ال يقف مكتوف األيدي أمام االعتداءات اليت قد يتعرض هلا احلق يف‬
‫حرمة احلياة اخلاصة ‪ ،‬و هذا من خالل إقامة دعوى التعويض عينا أو مبقابل وعليه ظهرت دعوى‬
‫‪2‬‬
‫وقف اإلعتداء من خالهلا ميكن للقاضي أن يوقف املساس باملصاحل اليت تتعلق بالشخص‪.‬‬

‫ويف ه ذا الص دد إرتأين ا دراس ة ه ذا الف رع و تقس يمه إىل إج راء وق ف نش ر املطبوع ات أو حظ ر‬
‫ت داوهلا‪،‬مث إج راء إدخ ال تع ديالت على املطبوع ات وح ذف أج زاء منه ا‪،‬مث وض عها حتت احلراس ة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫‪1‬بوعسرية عمر‪"،‬مميزات املسؤولية املدنية للصحفي عن اإلعتداء على احلق يف احلياة اخلاصة"‪ ،‬جملة القانون العام اجلزائري‬
‫واملقارن ‪ ،‬اجمللد ‪، 04‬العدد ‪ ، 01‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪،‬جامعة جياليل ليابس‪،‬سيدي بلعباس ‪ ، 2018 ،‬ص‪.182‬‬
‫‪ 2‬خنفسوسي عبد العزيز ‪" ،‬دور القواعد القانونية املدنية يف محاية احلق يف حرمة احلياة اخلاصة دراسة على ضوء التشريع‬
‫املقارن و اجلزائري" ‪،‬جملة منازعات األعمال ‪ ،‬العدد ‪ ، 20‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة الدكتور موالي الطاهر ‪،‬‬
‫سعيدة ‪ ، 2017 ،‬ص‪.24‬‬
‫‪66‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬إجراء حظر نشر المطبوعات أو وقف تداولها‪.‬‬

‫حظر التداول يعد مبثابة اإلجراء الذي مينع من نشأة الداء ووقف التداول بعد النشر يعترب مبثابة‬
‫استئصال الداء من جذوره‪ ،‬فإذا كان النشر عن طريق إحدى الصحف فاجلزاء يكون منع تداول‬
‫‪1‬‬
‫الصحيفة‪.‬‬

‫إن إدخال احلجز ووقف اإلعتداء حيتاج إىل احلرص ألنه يتضارب مع حرية الصحافة ‪ ،‬وإعطاء‬
‫القاض ي س لطة من ع ت داول اجلري دة ي ؤدي إىل مس اس حبري ة الص حافة ‪ ،‬وعلى ه ذا األس اس يرج ع‬
‫القاض ي إىل ه ذه اإلج راءات إذا ك انت احلال ة تت وافر فيه ا ش رط اإلس تعجال ‪ ، 2‬فيمكن للمعت دى‬
‫عليه اللجوء إىل التدابري التحفظية عن طريق اإلستعجايل ‪ ،‬و يتصور أن يكون ذلك عمليا يف إختاد‬
‫إجراءات احلجز ‪ ،‬أو حجز مادة موضوع اإلعتداء ‪ ،‬مثل حجز صحيفة أو كامريا مرتبطة حبرمة‬
‫‪3‬‬
‫احلياة اخلاصة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تعديل أو حذف أجزاء من المطبوعات ووضعها تحت الحراسة القضائية‪.‬‬

‫أ‪-‬تعديل أو حذف أجزاء من المطبوعات‪:‬‬

‫فيما خيص التشريع اجلزائري ‪ ،‬مل يرد أي نص صريح يعطي للقاضي سلطة األمر باحلذف أو‬
‫التعديل يف احلاالت اليت يكون فيها مساسا حبرمة احلياة اخلاصة ‪ ،‬وهذا سواء تعلق األمر مبقال أو‬

‫حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.09‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.10-09‬‬


‫‪3‬املادة ‪ 299‬من القانون رقم ‪ 09-08‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪،2008‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬ع ‪ ، 21‬الصادر يف ‪ 23‬أفريل ‪ ، 2008‬املعدل و املتمم‪ ،.‬تنص على‪ ":‬يف مجيع أحوال اإلستعجال أو إذا اقتضى‬
‫األمر الفصل يف إجراء يتعلق باحلراسة القضائية أو بأي تدبري حتفظي غري منظم بإجراءات خاصة‪ ،‬يتم عرض القضية بعريضة‬
‫افتتاحية أمام احملكمة الواقع يف دائرة اختصاصها اإلشكال أو التدبري املطلوب‪ ،‬وينادى عليها يف أقرب جلسة‪.‬‬
‫جيب الفصل يف الدعاوى اإلستعجالية يف أقرب اآلجال"‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غ ريه من املص نفات ‪ ،‬و بالت ايل من جيوز ل ه احلكم ب الوقف أو املن ع أو املص ادرة جيوز ل ه أن يتخ ذ‬
‫إجراء أقل خطورة ‪ ،‬و هو احلذف أو التعديل‪.1‬‬

‫ب‪-‬وضع المطبوعات تحت الحراسة القضائية ‪:‬‬

‫يعترب املشرع أن عبارة وقف اإلعتداء الواردة يف املادة ‪ 47‬ق‪.‬م‪.‬ج تشمل وضع املطبوعات أو‬
‫الشرائط أو كل وسيلة متضمنة مساسا باحلياة اخلاصة حتت احلراسة القضائية‪ ،‬فاملشرع اجلزائري‬
‫من خالل املادة ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬ج ترك للقاضي حرية إختاذ اإلجراءات املناسبة لوقف االعتداء على‬
‫احلياة اخلاصة أو منعه ‪ ،‬كما يعترب أيضا أن الوضع حتت احلراسة القضائية هو من أنسب اإلجراءات‬
‫التحفظية الكفيلة مبنع أو وقف التعدي على احلياة اخلاصة ‪ ،‬لكن املالحظ يف اجلزائر ندرة األحكام‬
‫القضائية الصادرة يف هذا اجملال ‪.2‬‬

‫ثالثا‪:‬حق الرد أو التصحيح ‪:‬‬

‫عرف ه املش رع اجلزائ ري بأن ه وس يلة قانوني ة حتمي األش خاص من األض رار النامجة عن الوق ائع‬
‫الغري الصحيحة ‪ ،‬و اإلهتامات الكاذبة اليت تنشرها وسائل اإلعالم ‪ ،‬و جيب أن يكون النشر جمانا‬
‫و هذا بالنسبة للوقائع اليت أوردهتا وسائل اإلعالم بصفة غري صحيحة‪. 3‬‬

‫كم ا جيب طبق ا لنص املادة ‪ 104‬من ق انون اإلعالم اجلزائ ري ‪ ،‬على املدير مس ؤول النش رية‬
‫إدراج ال رد أو التص حيح للمرس ل إلي ه يف الع دد املقب ل للدوري ة جمان ا ‪ ،‬وحس ب األش كال نفس ها‪،‬‬
‫وجيب أن ينشر الرد الوارد يف املوضوع املعرتض عليه يف النشرية اليومية يف أجل يومني و يف املكان‬
‫نفس ه و ب احلروف نفس ها دون إض افة أو ح ذف أو تص رف ‪ ،‬و فيم ا خيص النش ريات الدوري ة‬
‫األخرى جيب أن ينشر الرد يف العدد املوايل لتاريخ إستالم الطلب‪.‬‬

‫خنفوسي عبد العزيز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف حرمة احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.311-310‬‬
‫‪ 3‬أنظر املواد ‪ 100‬و ‪ 101‬م القانون العضوي رقم ‪ ، 05-12‬املؤرخ يف ‪ ،12/01/2012‬املتعلق باإلعالم‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،‬العدد‪ ،02‬املؤرخة يف ‪.15/01/2012‬‬
‫‪68‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعويض عن اإلعتداء على الحق في حماية الحياة الخاصة‪.‬‬

‫إن التعويض هو اهلدف األساسي الذي يسعى إليه اجملىن عليه من جراء اإلعتداء الذي حلق به‬
‫سواء كان ماديا أو معنويا‪ ،‬خاصة الضرر املعنوي‪ ،‬بإعتباره أشد األضرار خطورة و جسامته و ال‬
‫ميكن تعويضه باملال‪ ،‬فحىت و إن مت تعويضه فإنه ال يستويف حقه ألنه ضرر نفسي داخلي يصعب‬
‫تقديره‪ ،‬كالضرر املعنوي الناتج عن اإلعتداء على الشرف و اإلعتبار و الضرر املعنوي الناتج عن‬
‫‪1‬‬
‫السرقة العلمية ‪....‬إخل‪.‬‬

‫وعليه سندرس يف هذا الفرع‪،‬طرق التعويض عن الضرر وتقديره(أوال)‪ ،‬مث دعوى التعويض (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طرق التعويض عن الضرر و تقديره‪.‬‬

‫التعويض إما عينيا أو مبقابل (نقدي و غري نقدي) ‪ ،2‬و هذا ما سنحاول دراسته ‪.‬‬

‫أ –التعويض العيني‪:‬‬

‫يقصد بالتعويض العيين احلكم بإعادة احلالة إىل ما كانت عليها قبل أن يرتكب املسؤول الفعل‬
‫‪3‬‬
‫الذي أدى إىل وقوع الضرر ‪ ،‬وهو يؤدي إىل حمو الضرر و إزالته بدال من بقاء الضرر على حاله‪.‬‬

‫والقاضي ليس ملزما أن حيكم بالتنفيذ العيين‪ ،‬ولكن يتعني عليه أن يقضى به إذا كان ممكنا‪، 4‬‬
‫و ه ذا م ا نص ت علي ه املادة ‪ 132‬ق‪.‬م‪.‬ج يف فقرهتا الثاني ة‪ ":‬يق در التع ويض بالنق د على أن ه جيوز‬

‫‪ 1‬رواحن زوليخة ‪ ،‬مستاري عادل ‪" ،‬معايري تقدير التعويض عن الضرر املعنوي و أشكاله "‪ ،‬جملة املفكر ‪ ،‬ع ‪ ، 17‬كلية‬
‫احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة حممد خيضر ‪ ،‬بسكرة ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2018 ،‬ص‪.172‬‬
‫‪ 2‬عصمت عبد المجيد بكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫‪3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫‪ 4‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.1093‬‬
‫‪69‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للقاضي تبعا للظروف و بناءا على طلب املضرور‪ ،‬أن يأمر بإعادة احلال إىل ما كانت عليه‪ ،‬أو أن‬
‫‪1‬‬
‫حيكم و ذلك على سبيل التعويض ‪ ،‬بأداء بعض اإلعانات تتصل بالفعل الغري املشروع"‪.‬‬

‫و يكون التعويض العيين على أحد الصور التالية‪:‬‬

‫‪-‬اإللتزام بنشر الحكم الصادر باإلدانة‪:‬‬

‫إن املضرور قد يهدف أصال من وراء دعواه إىل احلصول على أمر بنشر احلكم بصفة أساسية‬
‫يف بعض احلاالت و يتضح حينما يطالب بتعويض رمزي غري كايف جلرب الضرر ‪ ،‬إذ أنه ليس اهلدف‬
‫احلقيقي من وراء رف ع ال دعوى ‪ ،‬فاملض رور يه دف يف ه ذه احلال ة إىل غ رض آخ ر أال و ه و نش ر‬
‫‪2‬‬
‫احلكم كوسيلة فعالة جلرب ضرره و إزالة آثاره‪.‬‬

‫و ب الرغم من أن ه ذا اإلج راء يع د مبثاب ة عقوب ة إال أن ه ميكن الس ماح ب ه أيض ا على س بيل‬
‫التعويض املدين ‪ ،‬و اإلذن بنشر حكم التعويض يعد أيضا إجراء تكميلي لتحقيق التوازن بني الضرر‬
‫و التعويض يف جمال جرائم النشر عامة‪ ، 3‬و بالرجوع إىل احلاالت اليت حددها املشرع و اليت يكون‬
‫احلكم باإلدانة فيها قابل للنشر أهنا تتعلق باملساس بسمعة األشخاص ‪ ،‬ويكون عندئذ نشر احلكم‬
‫‪4‬‬
‫باإلدانة مبثابة نوع من رد اإلعتبار للمضرور ‪.‬‬

‫‪-‬اإللتزام بسد المطالت و المناور‪:‬‬

‫هي ص ورة من ص ور التع ويض العي ين حلماي ة أس رار احلي اة اخلاص ة لألش خاص و إل زام اجلار‬
‫املعتدى بإعادة العقار إىل احلالة اليت كان عليها قبل وقوع االعتداء و الضرر ‪ ،‬و ذلك عن طريق‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ ، 58-75‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬حممدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫‪ 3‬زروقي محمد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫‪ 4‬فياللي علي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.401‬‬
‫‪70‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القيام مبا تفرضه احملكمة و الذي يتمثل يف القيام بإجراء تعديالت على العقار مصدر الضرر‪ ، 1‬كما‬
‫إذا بىن شخص حائطا يف ملكه ليسد على جاره الضوء و اهلواء تعسفا منه ‪ ،‬ففي هذه احلالة يكون‬
‫الباين مسؤوال و عليه بتعويض اجلار على ما أحدثه من ضرر له ‪ ،‬و جيوز أن يكون التعويض عينيا‬
‫‪2‬‬
‫هبدم احلائط على حساب الباين‪.‬‬

‫_ فرض غرامة تهديدية ‪:‬‬


‫إن الغرامة التهديدية ‪ ،‬رغم أهنا مبلغ مايل ‪ ،‬إال أهنا تعترب ضمن التعويض العيين ‪ ،‬وهي إكراه‬
‫م ايل حيكم ب ه القاض ي حلم ل املعت دي على حرم ة الغ ري اخلاص ة على تنفي ذ إلتزام ه عين ا خالل ف رتة‬
‫حمددة و يتحدد هدا املبلغ املايل إما بقدر ثابت ‪ ،‬و إما على أساس وحدة زمنية متضي بدون تنفيذ‬
‫هذا اإللتزام عينا كيوم أو أسبوع أو شهر‪.3‬‬

‫والب د ع دة ش روط للحكم بالغرام ة التهديدي ة وهي أن يك ون التع ويض العي ين ممكن ا ‪ ،‬و أن‬
‫يكون تدخل املدين الشخصي ضروري للتنفيذ ‪ ،‬و أن يطلب الدائن للمعتدى على حياته اخلاصة‬
‫احلكم بالغرامة التهديدية ‪.4‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 691‬و ‪ 709‬ف‪ ،01‬من األمر رقم ‪ ، 58-75‬املتضمن القانون املدين ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫تنص املادة ‪ 691‬على ‪ ":‬جيب على املالك أال يتعسف يف إستعمال حقه إىل حد يضر مبلك اجلار‪.‬‬
‫وليس للجار أن يرجع على جاره يف مضار اجلوار املألوفة غري أنه جيوز له أن يطلب إزالة هذه املضار إذا جتاوزت احلد املألوف‬
‫وعلى القاضي أن يراعي يف ذلك العرف‪،‬وطبيعة العقارات وموقع كل منهما بالنسبة إىل اآلخرين والغرض الذي خصصت له"‪.‬‬
‫و تنص املادة ‪ 709‬على ‪ ":‬ال جيوز للجار أن يكون له على جار له مطل مواجه على مسافة تقل عن مرتين ‪ ،‬و تقاس املسافة‬
‫من ظهر احلائط الدي يوجد له املطل أو من احلافة اخلارجية للشرفة ‪ ،‬أو من النتؤ‪.‬‬
‫و إذا كس ب أح د بالتق ادم احلق يف مط ل مواج ه ملل ك اجلار على مس افة تق ل عن م رتين ‪ ،‬فال جيوز هلدا اجلار أن يب ين على‬
‫مسافة تقل عن مرتين تقاس بالطريقة السابق بياهنا أعاله ‪ ،‬و ذلك على طول البناء الدي فتح فيه املطل "‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.1093‬‬
‫‪ 3‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.459‬‬
‫‪4‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪71‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بعد أن أوضحنا ماهية وحقيقة التعويض العيين ‪ ،‬إال أنه يف كثري من األحيان ال حيقق احلماية‬
‫الفعال ة للحي اة اخلاص ة ‪ ،‬هلذا ف إن التع ويض النق دي يق دم احلماي ة للمض رور يف ح االت ال حيميه ا‬
‫التعويض العيين‪ ،‬و هلذا سندرس للتعويض النقدي بإعتباره الوسيلة التالية بعد التعويض العيين‪.1‬‬

‫ب – التعويض النقدي ‪:‬‬


‫يقصد هبذا التعويض‪ ،‬التعويض ببدل وهو األصل يف تقدير التعويض عن العمل غري املشروع‪،2‬‬
‫وأن يكون مبلغا نقديا يدفعه املسؤول عن إحداث الضرر إىل املضرور بدال عما أحدثه لألخري من‬
‫ضرر سواء كان جسديا أم ماليا أم معنويا‪ ،3‬وعليه خيتلف تقدير التعويض النقدي حبسب طبيعة‬
‫الضرر نقدا يف احلاالت التالية ‪:‬‬

‫_ تقدير التعويض النقدي عن الضرر المادي ‪:‬‬


‫لتقدير التعويض عن الضرر املادي البد من توافر جمموعة من القواعد‪ ، 4‬أال وهي ‪:‬‬
‫_التعويض الكامل للضرر مهما كانت جسامة اخلطأ‪ ،‬و ال يكون إال بتوافر عنصرين مها ما‬
‫حلق ال دائن من خس ارة و م ا فات ه من كس ب ‪ ،‬حبيث ال جيوز تع ويض املض رور ب أكثر من الض رر‬
‫الذي أصابه و أقل منه‪.5‬‬

‫‪ 1‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسئولية املدنية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.568‬‬
‫‪ 2‬عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.295‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪296‬‬
‫‪ 4‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ 5‬املادة ‪ 182‬من األمر ‪ ، 58-75‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬تنص على‪ ":‬إذا مل يكن التعويض مقدرا يف‬
‫العقد ‪ ،‬أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره ‪ ،‬و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب ‪ ،‬بشرط‬
‫أن يكون هدا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء باإللتزام أو للتأخر يف الوفاء به ‪ ،‬و يعترب الضرر نتيجة طبيعية إذا مل يكن يف استطاعة‬
‫الدائن أن يتوقاه ببدل جهد معقول‪.‬‬
‫غري أنه إذا كان اإللتزام مصدره العقد ‪ ،‬فال يلتزم املدين الذي مل يرتكب غشا أو خطأ جسيما إال بتعويض الضرر الذي كان‬
‫ميكنه توقعه عادة وقت التعاقد "‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫_ وجوب اإلعتداء بالظروف املالبسة عند تقدير التعويض عن الضرر الناتج عن اإلعتداء على‬
‫حرمة احلياة اخلاصة‪. 1‬‬
‫_ تطبيقات للتعويض العادل‪.‬‬
‫و اجلدير بال ذكر أن ه إذا تعل ق األم ر بض رر م ادي فإن ه ال تث ور ص عوبة يف تق ديره يف غ الب‬
‫األحيان‪ ،‬إال أن تلك الصعوبة تربز عند تقدير الضرر املعنوي‪. 2‬‬

‫_ تقدير التعويض النقدي عن الضرر المعنوي ‪:‬‬

‫نص املش رع اجلزائ ري يف املادة ‪ 182‬مك رر ق‪.‬م‪.‬ج على ‪ ":‬يش مل التع ويض عن الض رر‬
‫املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة "‪.3‬‬

‫ف التعويض عن الض رر املعن وي ال يع ين حمو اآلالم هنائي ا ‪ ،‬و إمنا يك ون اهلدف من ه ترض ية‬
‫املضرور و مواساة له و ختفيفا آلالمه ‪ ، 4‬و تقديره ليس سهال ألنه يقوم على إعتبارات شخصية و‬
‫خيتل ف م داه من ش خص آلخ ر ‪ ،‬و بالت ايل ال توج د قاع دة حمددة لتق دير التع ويض املايل الالزم‬
‫اجلرب‪.5‬‬

‫‪1‬املادة ‪ ، 131‬املرجع نفسه ‪ ،‬تنص على ‪ ":‬يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي حلق املصاب طبقا ألحكام املادتني‬
‫‪ 182‬و ‪ 182‬مكرر مع مراعاة الظروف املالبسة ‪ ،‬فان مل يتيسر له وقت احلكم أن يقدر مدى التعويض بصفة هنائية ‪ ،‬فله أن‬
‫حيتفظ للمضرور باحلق يف أن يطالب خالل مدة معينة بالنظر من جديد يف التقدير "‪.‬‬
‫‪2‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.316‬‬
‫‪3‬القانون رقم ‪ 10-05‬ن المتضمن القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪4‬بريق رحمة‪،‬دالج محمد لخضر ‪ "،‬التعويض عن الضرر املعنوي يف نطاق املسؤولية املدنية و معايري تقديره"‪،‬جملة القانون و‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬اجمللد ‪،06‬العدد ‪ ،02‬جامعة باجي خمار ‪ ،‬عنابة ‪ ، 2020 ،‬ص‪.168‬‬
‫‪5‬محمدي بدر الدين ‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.316‬‬
‫‪73‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما خيضع تقدير التعويض عن الضرر املعنوي لسلطة قاضي املوضوع التقديرية‪ ،‬فله احلرية‬
‫املطلقة يف ذلك ‪ ، 1‬و هناك عدة ضوابط تؤخذ عند تقدير التعويض النقدي عن ضرر احلياة اخلاصة‬
‫‪ ،‬منها ‪ :‬مدى مسامهة اجملين عليه ‪ ،‬فإذا ثبت للمحكمة أن اجلاين و اجملين عليه مشرتكان يف تلك‬
‫األضرار فإن املسؤولية املدنية تتوزع حبسب جسامة اخلطأ املرتكب ‪ ، 2‬و هذا ما نصت عليه املادة‬
‫‪ 177‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنه ‪ ":‬جيوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ال حيكم بالتعويض إذا كان‬
‫ال دائن خبطئ ه ق د اش رتك يف إح داث الض رر أو زاد في ه "‪ ، 3‬و أيض ا جيب علي ه مراع اة م دى تغ ري‬
‫الضرر‪ ،‬حيث يتم احلكم بتعويض اجملين عليه و اإلحتفاظ له بتعويض تكميلي ملا قد يطرأ على تلك‬
‫األضرار من تغريات‪ ،‬باإلضافة إىل الوسيلة اليت نشرت عن طريقها اخلصوصيات ‪.4‬‬

‫كم ا جيب تع ويض ك ل من الض ررين يف حال ة إجتم اع الض رر املادي و الض رر املعن وي عن‬
‫الفعل الواحد‪،‬إذ أن كل منهما مستقل عن اآلخر‪ ،‬و تعويض أحدمها ال يغىن عن تعويض اآلخر‪.5‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعوى التعويض (دفع التعويض عن الضرر)‪.‬‬

‫تك ون محاي ة ح ق اخلصوص ية كب اقي احلق وق األخ رى ‪ ،‬عن طري ق ال دعوى القض ائية ‪ ،‬ال يت‬
‫يكون موضوعها وضع حد لإلعتداء على حق اخلصوصية ‪ ،‬و احملكمة املختصة بالنظر يف املنازعات‬
‫املتعلقة به ‪ ،‬و بكل احلقوق اللصيقة بالشخصية ‪ ،‬وهي احملكمة اليت يقع يف دائرة إختصاصها الفعل‬
‫الضار ‪ ،‬فكل حق البد أن حتميه دعوى ‪ ،‬ولكن بشرك أن تتوفر يف رافعها الشروط اليت يتطلبها‬
‫فيه القانون ‪ ،‬فالدعوى توفر احلماية اخلاصة بصورة فعالة ‪ ،‬فهي توفرها أوال يف صورة وقائية ملنع‬

‫‪ 1‬بريق رحمة ‪ ،‬محمد دالج لخضر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.170‬‬


‫‪ 2‬رواحنة زوليخة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ ، 58-75‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.485‬‬
‫‪ 5‬شلواح ميرة ‪ ،‬بشريي كهينة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪74‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو وقف اإلعتداء (وهذا ما سبق التطرق إليه )‪ ،‬و صورة الحقة على حدوث اإلعتداء و ذلك عن‬
‫طريق دعوى التعويض ‪.1‬‬

‫سنتعرض يف األول إىل حق املطالبة بالتعويض‪،‬مث إىل امللتزم بالتعويض‪،‬وأخريا لتقادم دعوى التعويض‪.‬‬

‫‪ _1‬الحق في المطالبة بالتعويض ‪:‬‬

‫إذا كان املعتدى على حقه يف احلياة اخلاصة راشدا فإنه يتوىل بنفسه حق الدفاع عن حقه أو‬
‫ين وب عن ه حمامي ا إىل غاي ة احلكم ب التعويض ‪ ،‬م ادام أن ه على قي د احلي اة ‪ ،‬أم ا يف حال ة وف اة املع ين‬
‫باألمر فان ذلك ال خيرج عن أحد االحتمالني ‪ ،‬فاذا كان املعتدى عليه باشر الدعوى و مات قبل‬
‫صدور احلكم له بالتعويض يف هذه احلالة يواصل الورثة متابعة السري يف الدعوى ‪ ،‬أما إذا ت ويف ومل‬
‫يرفع أصال دعوى املطالبة بالتعويض يكون حقه يف هذه احلالة قد زال ‪ ،‬و ما على ورثته سوى‬
‫الدفاع عن اإلكراه أو املطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصاهبم شخصيا‪.2‬‬

‫أما إذا كان املعتدى عليه قاصرا ‪ ،‬يتوىل الدفاع عن حقه يف احلياة اخلاصة املسؤول الشرعي‬
‫عنه ‪ ،‬وهو الويل على النفس أو املال جيوز لكل منهما مباشرة دعوى التعويض و املطالبة به ‪ ،‬أي‬
‫الويل الذي يتوىل محاية الشخص القاصر و رعايته ‪.3‬‬

‫‪ _2‬عبء اإللتزام بالتعويض ‪:‬‬

‫يقع اإللتزام بدفع هذا التعويض و عبؤه على عاتق املدعى عليه كقاعدة عامة ‪ ،‬و من مث فإن‬
‫حتديد املدعى عليه يف دعوى التعويض يساهم يف حتديد املسؤول عن هذا التعويض ‪ ،‬و الذي ترفع‬
‫عليه الدعوى مباشرة ‪ ،‬قد يكون املسؤول املعتدي شخصا طبيعيا أو معنويا‪.4‬‬

‫‪ 1‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.492‬‬


‫‪ 2‬شلواح ميرة ‪ ،‬بشريي كهينة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪4‬حجوج أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪75‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حيث نص ت املادة ‪ 115‬من ق انون اإلعالم اجلزائ ري على مس ؤولية مؤسس ة الص حيفة أو‬
‫النشرية أيضا إذا أدى النشر إىل اإلضرار باحلياة اخلاصة لألفراد‪.1‬‬
‫أم ا يف حال ة اإلعت داء على خصوص يات اإلنس ان عن طري ق موظ ف ع ام‪ ،‬إعتم ادا على س لطة‬
‫وظيفت ه فتق ع املسؤولية على الدول ة‪،‬وجيب أن تل تزم بتع ويض الش خص ال ذي مس ه الض رر تعويض ا‬
‫ك امال‪ ،‬وأس اس ه ذا اإلت زام ه و أن الدول ة متب وع يس أل عن فع ل تابع ه‪،‬فهي مس ؤولة عن فع ل‬
‫املوظ ف ‪،‬وش روط مس ؤولية املتب وع مت وافرة يف ه ذه احلال ة ‪،‬حيث أن اإلعت داء عمل غ ري مش روع‬
‫وإرتكب بسبب وظيفته ‪ ،‬فالوظيفة هي السبب يف إتيان الفعل غري املشروع‪،‬و يكفي توافر عالقة‬
‫الس ببية بني اخلط أ والوظيف ة‪،‬وق د يتحق ق ذل ك عن طري ق جتاوز ح دود الوظيف ة أو اإلس اءة يف‬
‫إستعماهلا أو إستغالهلا‪.2‬‬
‫‪ _3‬تقادم دعوى التعويض‪:‬‬
‫تتقادم الدعوى اليت يكون موضوعها املطالبة بالتعويض عن األضرار املدنية سواء نشأت عن‬
‫جرمية أو جنحة أو كانت دعوى مدني ة مستقلة ب ذاهتا‪ ، 3‬فق د أخض عها املش رع اجلزائ ري للتقادم‬
‫العادي وفقا للقواعد العامة يف القانون اجلنائي وهي ثالثة سنوات ألن اإلعتداء على احلق يف احلياة‬
‫اخلاص ة كيف ه املش رع بأن ه جنح ة و ليس جناي ة وفق ا للم ادة ‪ 08‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،4‬و يف الق انون‬
‫املدين هي ‪ 15‬س نة ‪ ،5‬س واء وقعت من موظ ف ع ام أو ش خص ع ادي ‪ ،‬و مل يس تثين منه ا س وى‬
‫احلاالت اليت أوردها املشرع يف املادة ‪ 08‬مكرر من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج ‪.6‬‬

‫‪1‬القانون العضوي رقم‪،05-12‬املتعلق باإلعالم‪،‬الصادر يف‪12/01/2012‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬ع‪،02‬املؤرخة يف‪.2012 /15/01‬‬


‫‪ 2‬عماد حمدى حجازى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.478‬‬
‫‪ 3‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.514‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 08‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬تنص على ‪ ":‬تتقادم الدعوى‬
‫العمومية يف مواد اجلنح مبرور ثالث سنوات كاملة‪ .‬و يتبع يف شأن التقادم األحكام املوضحة يف املادة ‪."7‬‬
‫‪ 5‬املادة ‪ 133‬من األمر رقم ‪ ، 58-75‬املتضمن القانون املدين ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬تنص على ‪ ":‬تسقط دعوى التعويض‬
‫بإنقضاء مخس عشرة (‪ )15‬سنة من يوم وقوع الفعل الضار"‪.‬‬
‫‪ 6‬املادة ‪ 08‬مكرر من األمر رقم ‪ ، 14-04‬املؤرخ يف ‪ ، 10/11/2004‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،‬ع ‪،71‬املؤرخ ة يف ‪،10/11/2004‬املع دل و املتمم‪.‬تنص على ‪ ":‬ال تنقض ي ال دعوى العمومي ة بالتق ادم يف‬
‫اجلنايات و اجلنح املوصوفة بأفعال إرهابية وختريبية وتلك املتعلقة باجلرمية املنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الرشوة أو إختالس‬
‫األموال العمومية‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال تتقادم الدعوى املدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن اجلنايات و اجلنح املنصوص عليها يف الفقرة أعاله"‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية الجنائية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫إن التط ور العلمي و التكنول وجي و م ا أف رزاه من تط ورات تتعل ق بوس ائل اإلتص ال احلديث ة‬
‫جعال احلياة اخلاصة لإلنسان يف خطر من تدخل هذه الوسائل و اليت ال يستطيع الفرد ضمان عدم‬
‫املساس به نظرا لصعوبة إكتشافها من جهة ‪ ،‬بل و حىت معرفة مكاهنا بالنظر إىل أشكاهلا املختلفة ‪،‬‬
‫باإلض افة إىل بعض اإلج راءات ال يت من ش أهنا املس اس حبرم ة احلي اة اخلاص ة ‪ ،‬و بالت ايل أص بحت‬
‫أنشطة وحريات الفرد وخصوصياته حمل رقابة وجتسس ‪ ،‬لذلك جند املشرع قد أحاط خصوصيات‬
‫األفراد باحلماية ‪.1‬‬

‫وعليه سنقوم بدراسة هذا املبحث يف مطلبني خنصص املطلب األول لدراسة اجلانب املوضوعي‬
‫للحماي ة من خالل معرف ة أهم األفع ال ال يت جرمها املش رع العق ايب ‪ ،‬أم ا املطلب الث اين سنخصص ه‬
‫للجانب اإلجرائي حلماية احلياة الشخصية ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحماية الموضوعية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫تعرض قانون العقوبات بالتجرمي ألهم األفعال اليت تشكل إعتداءا على حرمة احلياة اخلاصة ‪،‬‬
‫واليت سنتطرق إليها يف هذا املطلب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجرائم الواقعة على الصورة‬

‫إعترب املشرع صورة األشخاص من األمور اليت تدخل يف دائرة حياته اخلاصة‪ ،‬و قدر جدارهتا‬
‫حبماية القانون اجلنائي من احلصول عليها بغري رضاه سواء عن طريق إلتقاطها أو نقلها بأي جهاز‬
‫مهما كان نوعه‪ ،2‬و جيب لقيام هذه اجلرمية توافر ركنني املادي و املعنوي‪:‬‬
‫‪ 1‬ليلى طويل ‪ ،‬احلماية اجلنائية للحياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري ‪،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت ‪ ،‬ختصص‪ :‬قانون جنائي ‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة املسيلة ‪ ، 2013 ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ 2‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪78‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ _1‬الركن المادي ‪:‬‬

‫يتحق ق ه ذا ال ركن جلرمية احلص ول على الص ورة وفق ا لق انون العقوب ات اجلزائ ري يف املادة‬
‫السالفة الذكر ‪ 303‬مكرر‪ ، 1‬بإلتقاط أو تسجيل أو نقل صورة شخص قائم يف مكان خاص بغري‬
‫رضاه بإستخدام وسيلة أيا كان نوعها أو أية تقنية كانت ‪ ،‬فيلزم لقيامه توافر العناصر التالية ‪:‬‬

‫أ_ السلوك اإلجرامي ‪.‬‬


‫ب_وسيلة إرتكاب اجلرمية‪.‬‬
‫ج_ املكان اخلاص‪.‬‬
‫د_عدم رضا أو إذن الضحية ‪.‬‬

‫أ _ السلوك اإلجرامي ‪:‬‬

‫إن الق انون ال حيمي ح ق الف رد على ص ورته مطلق ا ‪ ،‬و إمنا حق ه على ص ورته كلم ا ك ان يف‬
‫مكان خاص ‪ ،‬و قد تقررت محاية حق الفرد على صورته من اإلنتقال و من النقل ‪ ،‬و على هذا‬
‫األساس فإن اجلرمية ال تقوم إال باإللتقاط أو النقل ‪ ،‬لكنها ال تقوم بالرؤية و لو إستعمل يف سبيل‬
‫حتقيقها منظارا‪. 2‬‬

‫فإلتق اط الص ورة يع ين تثبيته ا على املادة احلاس ة‪ ،‬وهن ا تق ع اجلرمية مبج رد إلتق اط الص ورة‬
‫(تثبيتها) ‪ ،‬أما إظهارها على املادة املخصصة ليس شرط لتمام اجلرمية ‪ ،‬أما إضفاء بعض التشويهات‬
‫على (النيجاتيف) ال أثر له يف قيام اجلرمية‪. le négatif.3‬‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪، 23-06‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪ 2‬محمد زكى أبو عامر ‪ ،‬قانون العقوبات القسم اخلاص‪،‬ط‪ ،01‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬مصر ‪ ، 2007،‬ص‪.636‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.637‬‬
‫‪79‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪.1‬‬
‫أما نقل الصورة يعين إرسال صورة الشخص عند إلتقاطها من مكان آلخر‬

‫أما التسجيل هو حفظ صورة الشخص على مادة معدة لذلك بوسيلة أيا كان نوعها ملشاهدهتا‬
‫أو إذاعتها فيما بعد‪.2‬‬

‫باإلضافة إىل صور اإلعتداء املذكورة سابقا أضاف املشرع بعض األشكال األخرى من خالل‬
‫املادة ‪ 303‬مك رر ‪ 01‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ 3‬بقوهلا‪... ":‬ك ل من إحتف ظ أو وض ع أو مسح ب أن توض ع يف‬
‫متناول اجلمهور أو الغري‪ ،".....‬فهذه األشكال تشكل سلوكا إجراميا‪.‬‬

‫فاملقصود باإلحتفاظ هو أن يبقى الشخص يف حوزته التسجيل أو مستند عن عمد منه بطريقة‬
‫غري مشروعة‪.4‬‬

‫أما النشر هو وضع صورة الشخص يف متناول اجلمهور‪.5‬‬

‫أما اإلستخدام يعين إستعمال اجلاين للصورة لتحقيق غرض سواء كان مشروع أو غري مشروع‪.6‬‬

‫ب_ وسيلة إرتكاب الجريمة‪:‬‬

‫‪ 1‬محفوظي ابتسام ‪ ،‬رداد يسرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.85‬‬


‫‪ 2‬مجادي نعيمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ ، 23-06‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬مجادي نعيمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.134‬‬
‫‪5‬شنة زواوي ‪"،‬احلماية القانونية حلق الشخص على صورته" ‪،‬دفاتر السياسة والقانون ‪،‬ع ‪ ،13‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة جياليل اليابس ‪ ،‬سيدي بلعباس ‪ ، 2015 ،‬ص‪.362‬‬
‫‪6‬جمادي نعيمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.134‬‬
‫‪80‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املش رع اجلزائ ري إس تعمل عب ارة "بأي ة تقني ة"‪ ،‬ففي ك ل األح وال اجلرمية تعت رب قائم ة مبج رد‬
‫اإلتي ان هبذا الس لوك أي ا ك انت الوس يلة املس تعملة ‪ ،‬و ه ذا حماول ة من املش رع ملواكب ة التط ورات‬
‫العلمي ة ‪ ،‬يس تثين مما س بق الرس ام ال ذي يرس م شخص ا بواس طة فرش اة ألن ه ذه األخ رية ال ت رتقي‬
‫لكي توصف بتقنية‪.1‬‬

‫ج_ المكان الخاص‪:‬‬

‫نص املشرع اجلزائري بصريح العبارة يف املادة ‪ 303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ 2‬على وجوب توفر‬
‫عنص ر املك ان اخلاص بص رف النظ ر عن األش خاص املوج ودين في ه‪ ،‬و تطبيق ا ل ذلك فالص ور ال يت‬
‫تلتق ط يف األم اكن العام ة و املفتوح ة للجمه ور‪ ،‬ال تك ون حمل متابع ة جزائي ة على أس اس إنته اك‬
‫خصوصية احلياة اخلاصة‪.‬‬

‫د_ عدم رضا الضحية‪:‬‬

‫و يشرتط أخريا أن يكون إلتقاط الصورة اخلاصة أو نقلها قد حدث بغري رضاء الضحية‪ ،‬أي‬
‫دون موافقته الصرحية أو الضمنية‪ ،‬مع مالحظة أن املشرع قد إفرتض رضاء صاحب الصورة إذا‬
‫إلتقطت له أو نقلت على مرأى و مسمع من احلاضرين يف اإلجتماع‪.3‬‬

‫‪ 1‬ادير كهينة ‪ ،‬لعنصر وردة ‪ ،‬احلماية اجلنائية حلق اإلنسان يف حياته اخلاصة يف القانون اجلزائري و املقارن ‪ ،‬مذكرة خترج‬
‫لني ل ش هادة املاس رت يف احلق وق ‪ ،‬ختص ص الق انون اجلن ائي و العل وم اجلنائي ة ‪ ،‬كلي ة احلق وق و العل وم السياس ية ‪ ،‬جامع ة عب د‬
‫الرمحان مرية ‪ ،‬جباية ‪ ، 2021 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ ، 23-06‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد زكى أبو عامر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.637‬‬
‫‪81‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ _2‬الركن المعنوي‪:‬‬

‫أشارت املادة ‪ 303‬من ق‪.‬ع‪.‬ج إىل القصد اجلنائي بإشرتاطها توافر العمد يف اجلرمية "كل من‬
‫تعم د"‪ ،‬فم ادام القص د اجلن ائي ه و العلم بعناص ر اجلرمية و إرادة ارتكاهبا‪ ،‬ف ان إنتف اء عنص ريه أو‬
‫أحدمها ينفي القصد‪.1‬‬

‫‪ _3‬الجزاء الجنائي‪:‬‬

‫يع اقب على جرمييت إلتق اط أو تس جيل أو نق ل ص ورة ش خص ب احلبس من ‪ 6‬أش هر إىل ‪3‬‬
‫س نوات و بغرام ة من ‪ 50.000‬دج إىل ‪ 300.000‬دج ‪ ،‬ويع اقب على الش روع يف إرتك اب‬
‫اجلنحة بالعقوبة املقررة للجرمية التامة ‪ ،‬و يضع صفح الضحية حدا للمتابعة اجلزائية‪.2‬‬

‫كما يعاقب بالعقوبات املنصوص عليها يف املادة السابقة كل من إحتفظ أو وضع أو مسح بأن‬
‫توضع يف متناول اجلمهور التسجيالت أو الصور أو الوثائق املتحصل عليها بأحد األفعال املنصوص‬
‫عليها يف املادة ‪ 303‬مكرر ‪01‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪.3‬‬

‫كما خول املشرع العقايب توقيع عقوبات تكميلية تضاف إىل العقوبات األصلية‪ ،‬و تتمثل هذه‬
‫العقوبات التكميلية يف إمكانية منع الشخص الطبيعي من ممارسة حق أو أكثر من احلقوق املنصوص‬
‫عليها يف املادة ‪ 9‬مكرر ‪ 1‬من ق‪.‬ع‪.‬ج ‪ 4‬ملدة ال تتجاوز ‪ 5‬سنوات‪ ،‬كما أجاز املشرع للقاضي‬

‫‪ 1‬شنة زواوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.364‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 303‬مكرر من األمر ‪ ، 23-06‬املتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 9‬مكرر ‪ 1‬من األمر رقم ‪ ، 23-06‬املتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬تنص على‪":‬يتمثل احلرمان من ممارسة‬
‫احلقوق الوطنية و املدنية و العائلية يف‪:‬‬
‫‪ 1‬العزل أو اإلقصاء من مجيع الوظائف و املناصب العمومية اليت هلا عالقة باجلرمية‪،‬‬
‫‪82‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بنش ر حكم اإلدان ة طبق ا للش روط املبين ة يف املادة ‪ 18‬من نفس الق انون‪ ،1‬و يتعني احلكم دائم ا‬
‫مبص ادرة األش ياء ال يت إس تعملت إلرتك اب اجلرمية ‪ ، 2‬كم ا ميكن أن ت أمر احملكم ة ب إجراء احلج ر‬
‫‪3‬‬
‫القانوين‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الجرائم الواقعة على المحادثات الخاصة‪.‬‬

‫خالل إستقراء نص املادة‪303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ ،‬ميكن حتديد أركان اجلرمية بدءا بالركن املادي‪.‬‬

‫‪ _1‬الركن المادي‪ :‬يتكون من‪:‬‬

‫أ_ الس لوك اإلج رامي‪ :‬ل ه ثالث ة ص ور تتمث ل يف إلتق اط أو تس جيل أو نق ل املكاملات أو‬
‫احملادثات اخلاصة ‪ ،‬و يقصد بالتسجيل‪ ،‬حفظ احلديث املسجل بغرض اإلستماع إليه بعد التسجيل‪،‬‬

‫‪ 2‬احلرمان من حق االنتخاب أو الرتشح و من محل أي وسام‪=،‬‬


‫= ‪ 3‬عدم األهلية ألن يكون مساعدا حملفا‪ ،‬أو خبريا‪ ،‬أو شاهدا على أي عقد‪،‬أو شاهدا أمام القضاء إال على سبيل اإلستدالل‪،‬‬
‫‪4‬احلرمان من احلق يف محل األسلحة‪،‬ويف التدريس‪،‬ويف إدارة مدرسة أو اخلدمة يف مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا‪،‬‬
‫‪ 5‬عدم األهلية ألن يكون وصيا أو قيما‪،‬‬
‫‪ 6‬سقوط حقوق الوالية كلها أو بعضها‪.‬‬
‫يف حالة احلكم بعقوبة جنائية‪ ،‬جيب على القاضي أن يأمر باحلرمان من حق أو أكثر من احلقوق املنصوص عليها أعاله ملدة‬
‫أقصاها عشر (‪ )10‬سنوات‪ ،‬تسري من يوم إنقضاء العقوبة األصلية أو اإلفراج عن احملكوم عليه"‪.‬‬
‫‪ 1‬املادة ‪ 18‬من األم ر ‪ ، 156-66‬املتض من ق انون العقوب ات ‪ ،‬مرجع س ابق ‪ ،‬تنص على‪":‬للمحكم ة عن د احلكم باإلدان ة أن‬
‫تأمر يف احلاالت اليت حيددها القانون بنشر احلكم بأكمله أو مستخرج منه يف جريدة أو أكثر يعينها‪ ،‬أو بتعليقه يف األماكن اليت‬
‫يبينها‪ ،‬وذلك كله على نفقة احملكوم عليه‪ ،‬على أال تتجاوز مصاريف النشر املبلغ الذي حيدده احلكم باإلدانة هلدا الغرض‪ ،‬و أال‬
‫تتجاوز مدة التعليق شهرا واحدا‪.‬‬
‫يعاقب باحلبس من ثالثة (‪ )3‬أشهر إىل سنتني (‪ )2‬وبغرامة من‪25.000‬دج إىل‪200.000‬دج كل من قام بإتالف أو إخفاء‬
‫أو متزيق املعلقات املوضوعة تطبيقا للفقرة السابقة كليا أو جزئيا‪،‬و يأمر احلكم من جديد بتنفيذ التعليق على نفقة الفاعل"‪.‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 303‬مكرر‪ 2‬من األمر رقم ‪ ، 23-06‬املتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 9‬مكرر‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬تنص على‪ ":‬يف حالة احلكم بعقوبة جنائية‪ ،‬تأمر احملكمة وجوبا باحلجر القانوين الذي يتمثل يف‬
‫حرمان احملكوم عليه من ممارسة حقوقه املالية أثناء تنفيذ العقوبة األصلية‪.‬‬
‫تتم إدارة أمواله طبقا لإلجراءات املقررة يف حالة احلجر القضائي"‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما نقل احلديث فهو إسرتاق السمع بواسطة جهاز‪ ،‬أما اإللتقاط فهو التنصت و الذي يقصد به‬
‫اإلستماع سرا بأية وسيلة إىل حديث بني شخصني أو أكثر‪.1‬‬

‫ب_ أن تكون هذه المكالمات أو المحادثات خاصة و سرية‪:‬‬

‫إن املشرع اجلزائري مل يشرتط أن تكون املكاملات أو احملادثات امللتقطة أو املسجلة أو املنقولة‬
‫قد متت يف مكان خاص‪ ،‬بل يكفي أن تكون املكاملات أو احملادثات خاصة أو سرية ولو وقعت يف‬
‫‪2‬‬
‫مكان عام‪.‬‬

‫ج_ وسيلة إرتكاب الجريمة‪:‬‬

‫إستعمل املشرع اجلزائري عبارة "أي تقنية كانت"‪ ،‬معناه قد ضيق يف جمال احلماية فيما خيص‬
‫احملادثات و املكاملات‪ ،‬على أساس أن ال تعترب اجلرمية قائمة إال بإستعانة اجلاين جبهاز تقين فين معني‪،‬‬
‫و بالتايل فالتنصت باإلذن مثال ال يعترب إعتداء على حرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬خبالف التشريع الفرنسي‬
‫فاحلماية فيه أمشل و أوسع‪.3‬‬

‫د_ رضا المجني عليه‪:‬‬

‫إن ال ركن املادي يف ه ذه اجلرمية حيت وي على عنص رين س لبيني مها‪ :‬ع دم رض اء ص احب‬
‫احلديث‪ ،‬وعدم وجود ترخيص من القانون بإلتقاط احلديث‪.4‬‬

‫‪ 1‬شنة زواوي ‪"،‬احلماية القانونية للحق يف حرمة احملادثات اهلاتفية"‪،‬دفاتر السياسة و القانون‪ ،‬ع ‪ ،19‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،2018،‬ص‪.660‬‬
‫‪ 2‬بشاتن صفية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.400‬‬
‫‪ 3‬عاقلي فضيلة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.243‬‬
‫‪ 4‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪84‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ _2‬الركن المعنوي‪:‬‬

‫يشرتط لقيام اجلرمية توافر القصد اجلنائي ألهنا من اجلرائم العمدية اليت ال يكفي لقيامها توافر‬
‫اخلطأ الغري العمدي‪ ،‬وذلك ما يتضح من خالل نص املادة ‪ 303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ ، 1‬مبوجب‬
‫هذه املادة يكون اإلعتداء على احلياة اخلاصة بطريقة عمدية‪.2‬‬

‫‪ _3‬الجزاء الجنائي‪:‬‬

‫ب الرجوع إىل املادة ‪ 303‬مك رر الفق رة‪ 1‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ 3‬جندها ق د ج رمت أفع ال إلتق اط أو‬
‫التسجيل و نقل احملادثات اخلاصة و قررت عقوبة أصلية ملرتكبها‪ ،‬بقوهلا‪ ":‬يعاقب باحلبس من ستة‬
‫(‪ )6‬أشهر إىل ثالث (‪ )3‬سنوات وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إىل ‪ 300.000‬دج‪ ،‬كل من تعمد‬
‫املساس حبرمة احلياة اخلاصة لألشخاص‪ ،‬بأية تقنية كانت وذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬بإلتقاط أو تسجيل أو نقل مكاملات أو أحاديث خاصة أو سرية‪ ،‬بغري إذن صاحبها أو رضاه‪"...‬‬

‫أما إذا كان املعتدي على حرمة احلياة اخلاصة لألشخاص موظفا عاما كانت العقوبة مشددة‪،‬‬
‫و ذلك وفقا لنص املادة ‪143‬من ق‪.‬ع‪.‬ج ‪.4‬‬

‫‪ 1‬األمر رقم‪ ،23-06‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬الموسوس عتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪322‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ ،23-06‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪4‬املادة ‪ 143‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬تنص على‪ ":‬فيما عدا احلاالت اليت يقرر‬
‫فيه ا الق انون عقوب ات يف اجلناي ات أو اجلنح ال يت يرتكبه ا املوظف ون العمومي ون أو الق ائمون بوظ ائف عمومي ة ف ان من يس اهم‬
‫منهم يف جنايات أو جنح أخرى مما يكلفون مبراقبتها أو ضبطها يعاقب على الوجه اآليت‪:‬‬
‫إذا كان األمر متعلقا جبنحة فتضاعف العقوبة املقررة لتلك اجلنح‪،‬‬
‫إذا كان األمر متعلقا جبناية فتكون العقوبة كما يلي‪:‬‬
‫السجن املؤقت من عشر سنوات إىل عشرين سنة إذا كانت عقوبة اجلناية املقررة على غريه من الفاعلني هي السجن املؤقت من‬
‫مخس إىل عشر سنوات‬
‫السجن املؤبد إذا كانت عقوبة اجلناية املقررة على غريه من الفاعلني هي‪:‬‬
‫السجن املؤقت من عشر سنوات إىل عشرين سنة‪،‬‬
‫‪85‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما جند أن املشرع العقايب قرر عقوبة تكميلية على كل من إعتدى على حرمة احلياة اخلاصة‬
‫لألش خاص منص وص عليه ا يف املادة ‪ 303‬مك رر‪ 2‬من ق‪.‬ع‪.‬ج ‪ .1‬و األم ر بنش ر حكم اإلدان ة‬
‫مبوجب املادة ‪ 18‬من نفس القانون السابقة الذكر‪.2‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الجرائم الواقعة على حرمة المراسالت‬

‫تتعرض املراسالت إىل كثري من األفعال اليت من شأهنا املساس بسريتها سواء عن طريق فتحها‬
‫أو إختالسها أو إفشائها‪ ،‬بصرف النظر عن صفة اجلاين سواء كان موظفا عاما أو شخصا عاديا‪.3‬‬

‫‪ _1‬جريمة إنتهاك حرمة المراسالت من طرف الموظف العمومي‪:‬‬

‫العقوبة تكون أشد إذا صدر اإلعتداء من موظفي الدولة‪ ،‬و هذا ما نصت عليه املادة ‪137‬‬
‫من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ 4‬بقوهلا‪ ":‬كل موظف أو عون من أعوان الدولة أو مستخدم أو مندوب عن مصلحة‬
‫الربي د يق وم بفض أو إختالس أو إتالف رس ائل مس لمة إىل الربي د أو يس هل فض ها أو إختالس أو‬
‫إتالفه ا ب احلبس من ثالث ة (‪ )3‬أش هر إىل مخس (‪ )5‬س نوات وبغرام ة من ‪ 30.000‬دج إىل‬
‫‪ 500.000‬دج ‪ ،‬و يعاقب بالعقوبة نفسها كل مستخدم أو مندوب يف مصلحة الربق خيتلس أو‬
‫يتل ف برقي ة أو يش يع حمتواه ا ‪ ،‬ويع اقب اجلاين فض ال عن ذل ك باحلرم ان من كاف ة الوظ ائف أو‬
‫اخلدمات العمومية من مخس إىل عشر سنوات"‪.‬‬

‫‪ _2‬جريمة إنتهاك حرمة المراسالت من طرف الشخص العادي‪:‬‬

‫و تطبق العقوبة نفسها دون تغليظها فيما عدا احلاالت السابق بياهنا"‪.‬‬
‫‪ 1‬األمر رقم ‪ ،23-06‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬طويل ليلى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نصت عليها املادة ‪ 303‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ ": 1‬كل من يفض أو يتلف رسائل أو مراسالت موجهة‬
‫إىل الغ ري و ذل ك بس وء ني ة و يف غ ري احلاالت املنص وص عليه ا يف املادة ‪ 137‬يع اقب ب احلبس من‬
‫ش هر (‪ )1‬إىل س نة (‪ )1‬و بغرام ة من ‪ 25.000‬دج إىل ‪ 100.000‬دج أو بإح دى ه اتني‬
‫العقوبتني فقط"‪.‬‬

‫‪ _3‬أركان الجريمة‪:‬‬

‫أ_ الركن المادي‪:‬‬

‫وعليه سنتطرق إىل تلك األفعال اليت يتحقق هبا وقوع اجلرمية‪:‬‬

‫_ الفتح‪ :‬يعين إزالة العائق املادي الذي يضعه املرسل حمافظة على السر‪ ،‬و يستوي يف ذلك أن‬
‫يكون الفتح بطريقة ظاهرة كقطع املظروف‪ ،‬أو بطريقة غري ظاهرة كإستعمال وسائل حديثة مثل‬
‫متركز شعاع قوي من األشعة حتت احلمراء خالل الرسائل املعلقة و تصويرها فيها‪.2‬‬

‫اإلتالف‪ :‬يع ين من ع وص ول الربقي ة إىل املرس ل إلي ه س واء ك ان بإلقائه ا أو تس ليمها إىل ش خص‬
‫آخر‪،‬ووصفت إتالف الرسالة أو الربقية الذي يؤدي إىل عدم وصوهلا إىل املرسل إليه بأنه إخفاء هلا‪.3‬‬

‫_ اإلختالس‪ :‬يتحق ق اإلختالس إذا إجتهت ني ة املوظ ف أو غ ريه إىل متل ك الرس الة أو الربقي ة‬
‫وإعتبارها مملوكة له‪.4‬‬

‫‪ 1‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229-228‬‬
‫‪ 3‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪ 4‬طويل ليلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91-90‬‬
‫‪87‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫_ اإلفشاء‪ :‬يقصد باإلفشاء إطالع الغري على مضمون الرسالة أو الربقية بأي طريقة كانت‪.1‬‬

‫ب_ الركن المعنوي‪:‬‬

‫إن املش رع يتطلب ت وافر القص د يف كاف ة ج رائم املس اس باحلي اة اخلاص ة‪ ،‬مبا فيه ا حرم ة‬
‫املراسالت‪ ،‬وأن يكون ذلك بتوافر علم اجلاين‪.2‬‬

‫ج_ الجزاء الجنائي‪:‬‬

‫ختتلف العقوبة يف هذه اجلنحة حبسب ما إذا إقرتفها شخص عادي أو موظف عام‪:‬‬

‫الشخص العادي‪ :‬العقوبة املقررة هي ما جاء يف املادة ‪303‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪...":3‬احلبس من شهر‬


‫واح د إىل س نة و غرام ة من ‪ 25.000‬دج إىل ‪ 100.000‬دج ‪،‬أو بإح دى ه اتني العقوب تني‬
‫فقط"‪.‬‬

‫املوظف العام‪ :‬يعاقب باحلبس من ثالثة أشهر إىل مخس سنوات و غرامة من ‪ 300.000‬دج‬
‫إىل ‪ 500.000‬دج ‪ ،‬باإلضافة إىل عقوبة تكميلية تتمثل يف حرمان املوظف مرتكب هذه اجلنحة‬
‫من كافة الوظائف أو اخلدمات العمومية ملدة ترتاوح بني مخس و عشر سنوات‪. 4‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬جريمة اإلعتداء على حرمة المسكن‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ 2‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ ، 137‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال تق وم جرمية إنته اك حرم ة املس كن إال إذا ت وافرت جمموع ة من األرك ان تض منتها نص وص‬
‫معظم التش ريعات املقارن ة و التش ريع اجلزائ ري ال ذي جيس ده ق انون العقوب ات ‪ ،‬ف الركن املادي‬
‫يتجلى يف فعل الدخول إىل مسكن الغري دون رضاه‪.1‬‬

‫و ه ذا م ا سندرس ه أوال‪ ،‬مث حمل اجلرمية وه و املس كن املنتهك ة حرمت ه‪ ،‬مث ال ركن املعن وي‪،‬‬
‫وأخريا اجلزاء اجلنائي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة إنتهاك حرمة المسكن من طرف الشخص العادي‪.‬‬

‫تنص املادة ‪ 295‬من ق‪.‬ع‪.‬ج على‪ ":‬ك ل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن‬
‫يعاقب باحلبس من سنة إىل مخس سنوات و بغرامة من ‪ 1.000‬دج إىل ‪ 10.000‬دج‪.‬‬

‫و إذا إرتكب اجلنحة بالتهديد أو بالعنف تكون العقوبة باحلبس من مخس سنوات على األقل‬
‫‪2‬‬
‫إىل عشر سنوات على األكثر وبغرامة من ‪ 5.000‬دج إىل ‪ 20.000‬دج"‬

‫بإستقراء نص هذه املادة جند أن جرمية إنتهاك حرمة املسكن ال تقوم إال بتوافر األركان التالية‪:‬‬

‫‪ _1‬الركن المادي‪:‬‬

‫‪ 1‬س المي فض يلة‪ ،‬محاي ة حرم ة املس كن يف التش ريع اجلزائ ري‪ ،‬م ذكرة خترج لني ل ش هادة ماس رت يف الق انون‪،‬ختص ص‪ :‬عق ود‬
‫ومسؤولية ‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬جامعة أكلي حمند اوحلاج‪ ،‬البويرة‪ ، 2013 ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ ، 156-66‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يعترب فعل الدخول إىل املسكن ركن من أركان اجلرمية إذا مت بأحد الوسائل التالية ‪ :‬الدخول‬
‫فجأة ‪ ،‬الدخول خدعة ‪ ،‬والدخول باإلقتحام‪.1‬‬

‫إن ال دخول احلاص ل برض اء ص احب احلق ال تق وم ب ه اجلرمية‪ ،‬إذ جيب ع دم رض اء ص احب‬
‫الشأن لقيام اجلرمية‪.2‬‬

‫‪ _2‬الركن المعنوي‪:‬‬

‫هذه اجلرمية عمدية ال تتحقق إال بتوافر القصد اجلنائي ‪ ،‬فمن فر هاربا من حيوان و دخل إىل‬
‫أحد املساكن فجأة فإن القصد اجلنائي ال يتوافر ‪ ،‬وعنصر العلم كما لو وجد الشخص نفسه خطأ‬
‫يف حديقة منزل الغري فإن القصد اجلنائي كذلك ال يتوافر‪ ،‬كما ال يشرتط أن يكون الدخول فجأة‬
‫أو خدعة أو باإلقتحام بقصد إرتكاب جرمية معينة بل تتحقق اجلرمية مبجرد الدخول‪.3‬‬

‫‪ _3‬العقوبة المقررة لجريمة إنتهاك حرمة المسكن‪:‬‬

‫قرر املشرع ملن يرتكب هده اجلنحة من األشخاص العاديني وفقا للمادة ‪ 295‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪،‬‬
‫عقوبة احلبس من سنة إىل مخس سنوات‪ ،‬و غرامة مالية من ‪ 20.000‬دج إىل ‪ 100.000‬دج ‪،‬‬
‫كم ا ق رر تش ديد ه ذه العقوب ة إذا ك ان إقتح ام مس كن الغ ري مص حوبا بالتهدي د أو العن ف‪ ،‬وفق ا‬
‫للفقرة الثانية من نفس املادة لتصل إىل احلبس مدة مخس سنوات على األقل إىل عشر سنوات على‬

‫‪1‬ضيف فضيل ‪ ،‬حلاق عيسى ‪"،‬احلماية اجلنائية للمسكن االجتماعي يف قانون العقوبات اجلزائري"‪ ،‬جملة الدراسات القانونية‪،‬‬
‫اجللد ‪ ، 06‬العدد ‪ ،02‬جامعة حيىي فارس ‪ ،‬املدية ‪ ،‬اجلزائر‪ ،2020 ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬محمد زكى أبو عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.627‬‬
‫‪3‬بن حيدة محمد ‪ ،‬احلق يف اخلصوصية يف التشريع اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪90‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األك ثر ‪ ،‬و بالغرام ة نفس ها ال واردة يف الفق رة األوىل من ه ذه املادة‪ ،1‬ه ذا فيم ا خيص العقوب ات‬
‫األصلية ‪ ،‬كما ميكن للقاضي أن حيكم بعقوبات تكميلية و ذلك حبسب ما يراه مناسبا‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة إنتهاك حرمة المسكن من طرف الموظف العام‪.‬‬

‫نص ت عليه ا املادة ‪ 135‬من ق‪.‬ع‪.‬ج بقوهلا‪ ":‬ك ل موظ ف يف الس لك اإلداري أو القض ائي‬
‫وك ل ض ابط ش رطة و ك ل قائ د أو أح د رج ال الق وة العمومي ة دخ ل بص فته املذكورة م نزل أح د‬
‫املواطنني بغري رضاه‪.3"...‬‬

‫يستفاد من نص املادة ‪ 135‬من ق‪.‬ع‪.‬ج أعاله أن هذه اجلرمية تقوم على أربعة أركان‪ 4‬وهي‪:‬‬

‫‪ _1‬دخول منزل أو حمل مسكون أو معد للسكن‪.‬‬


‫‪ _2‬أن يكون مرتكب الفعل موظفا أو من يف حكمه‪.‬‬
‫‪ _3‬أن يقع الدخول بغري رضا صاحب املسكن‪.‬‬
‫‪ _4‬أن يقع الدخول يف غري احلاالت املقررة يف القانون و بغري اإلجراءات املنصوص عليها فيه‪.‬‬

‫الجزاء الجنائي‪:‬‬

‫_ حال ة اجلرمية البس يطة‪ :‬أق رت املادة ‪ 135‬عقوب ة احلبس من ش هرين إىل س نة و غرام ة من‬
‫‪ 500‬دج إىل ‪ 3.000‬دج‪.5‬‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬بشاتن صفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.414‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ ، 156-66‬المتضمن قانون العقوبات ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬مباركي كريمة‪ ،‬مشرس يسمينة‪ ،‬احلماية اجلزائية للمسكن ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف احلقوق ‪ ،‬ختصص القانون اخلاص‬
‫و العلوم اجلنائية‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة عبد الرمحان مرية ‪ ،‬جباية ‪ ،2015،‬ص‪.36‬‬
‫‪ 5‬األمر رقم ‪ ،156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫_ حالة اجلرمية املشددة‪ :‬شددت املادة ‪ 107‬من ق‪.‬ع‪.‬ج مقدار العقوبة إذا أدى اإلنتهاك إىل‬
‫اإلعتداء على احلريات الشخصية و شددت العقوبة من مخس سنوات إىل عشر سنوات‪ ،‬و بذلك‬
‫غري وصف اجلرمية من جنحة إىل جناية‪.1‬‬

‫ويف األخري جيب اإلشارة إىل أن حرمة املسكن ليست الصورة املثالية للحياة الشخصية و مثال‬
‫ذلك إذا مت اإلعتداء على مسكن مهجور فذلك ال يعد إعتداء على احلياة الشخصية أما إذا كان‬
‫املنزل مسكونا فهنا يسمى إعتداء على حرمة احلياة الشخصية لصاحب املسكن‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية اإلجرائية للحق في حماية الحياة الشخصية‬

‫يقتضي مبدأ إفرتاض براءة املتهم معاملته على أساس أنه بريء ‪ ،‬دون النظر إىل جسامة اجلرمية‬
‫أو كيفية وقوعها أو مرتكبها ‪ ،‬كما جيب أن ميكن املتهم من الدفاع عن نفسه و جيب أن ال متس‬
‫اإلجراءات اجلنائية حرية اإلنسان إال بالقدر األدىن و الضروري‪.2‬‬

‫كم ا أث ار ال دليل املتحص ل علي ه من إس تخدام األس اليب العلمي ة املتط ورة إختالف ا بني فقه اء‬
‫القانون ‪ ،‬فسنحاول معرفة موقف املشرع اجلزائري من حكم الدليل املستمد من تسجيل املكاملات‬
‫و إلتقاط الصور‪.3‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الضمانات الممنوحة للمتهم لحماية حرمة حياته الخاصة‪.‬‬

‫كث رية هي الض مانات ال يت كفله ا الق انون للمتهم خالل مراح ل س ريورة ال دعوى العمومي ة‪،‬‬
‫فللمتهم حقوق و ضمانات يف مراحل املالحقة و التفتيش و التحقيق و احملاكمة‪ ،‬وقد تكون هذه‬

‫‪ 1‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬إدريس عب د الجواد عبد اهلل بريك ‪ ،‬احلبس االحتي اطي و محاي ة احلرية الفردي ة يف ض وء آخ ر تع ديالت ق وانني اإلجراءات‬
‫اجلنائية دراسة مقارنة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،‬ليبيا ‪ ،2008،‬ص‪.44-43‬‬
‫‪ 3‬صبرينة بن سعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.237‬‬
‫‪92‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احلقوق موضوعية كاحلق يف الطعن يف احلكم و احلق يف حرمة جسمه و عدم اللجوء للتعذيب أو‬
‫وسائل القهر البدين يف مواجهته‪ ،‬كما قد تكون هذه احلقوق و الضمانات إجرائية‪.1‬‬

‫فالض مانات اإلجرائي ة أي املكفول ة للمتهم مبناس بة مباش رة إج راءات ال دعوى يف مواجهت ه‬
‫متنوعة‪ ،‬و لكل منها تطبيقات عديدة‪ ،‬فاملشرع حيمي احلق من خالل تكريسه يف صور شىت‪ ،‬و قد‬
‫أضفى القضاء على هذه احلقوق و الضمانات محايته‪ ،‬فلم يرتدد يف إبطال اإلجراءات اليت هتدرها‬
‫أو تنتقص منها‪.2‬‬

‫نع رض من خالل ه دا املطلب إىل القي ود و الض مانات ال واردة على إج راءات التف تيش‬
‫وإجراءات اإلستجواب‪ ،3‬و ذلك من خالل الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قيود وضمانات حق المتهم في حرمة حياته الخاصة أثناء إجراء التفتيش‪.‬‬

‫قد يستدعي التحقيق اإلبتدائي يف بعض اجلرائم إنتقال قاضي التحقيق إىل مكان ما و تفتيشه‬
‫قص د العث ور على أش ياء مفي دة إلكتش اف احلقيق ة ‪ ،‬و ق د يك ون حمل التف تيش جس م الش خص‬
‫ويسمى حينئذ تفتيش األشخاص‪ ،‬كما قد يتمثل يف تفتيش منزل املتهم و يسمى تفتيش األماكن ‪،‬‬
‫بيد أنه يقابل هذه الضرورة احلق يف حرمة احلياة اخلاصة‪ ، 4‬وقد أشار إليها الدستور اجلزائري يف‬
‫املادة ‪ 539‬بقوهلا‪ ":‬تض من الدول ة ع دم إنته اك حرم ة اإلنس ان ‪ ، "...‬و املادة ‪ 48‬من الدس تور‬
‫بقوهلا‪ ":‬تض من الدول ة ع دم إنته اك حرم ة املس كن‪ ،‬فال تف تيش إال مبقتض ى الق انون‪ ،‬ويف إط ار‬
‫إحرتامه إال بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية املختصة"‪.6‬‬
‫‪ 1‬سليمان عبد المنعم ‪ ،‬أصول اإلجراءات اجلنائية‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪.331‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪ 3‬كروش عقيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ 4‬شيتور جلول ‪ ،‬ضمانات عدم املساس باحلرية الفردية‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الفجر ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ، 2006 ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ 5‬األمر رقم ‪ ،442-20‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 6‬األمر رقم ‪ ،442-20‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪..‬‬
‫‪93‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ف التفتيش ه و البحث و اإلستقص اء‪ ،‬وه و عب ارة عن اإلطالع على حمل منح ل ه الق انون حرم ة‬
‫خاص ة بإعتب اره من خصوص يات الش خص‪ ،1‬تق وم ب ه س لطة خمتص ة عن بين ة اجلرمية وقعت فعال‬
‫‪2‬‬
‫وتوافرت قرائن قوية تدل على وجودها بغض النظر عن إرادة صاحبه‬

‫فيما خيص تفتيش األشخاص فلضباط الشرطة القضائية تفتيش املشتبه فيه يف األحوال اليت جيوز‬
‫فيه ا حج زه حتت النظ ر‪ ،‬و ك ذلك البحث عن أدل ة اجلرمية ال يت هي حبوزت ه أو جتري ده من س الح‬
‫‪3‬‬
‫مثال‪...‬‬

‫كما يرد بشأن تفتيش األشخاص إحرتاما جلنس املتهم‪ ،‬تفتيش األنثى مبعرفة األنثى و الذكر‬
‫مبعرفة الذكر‪ ،‬فال ميكن أن يتم تفتيش املسجون إال من قبل أشخاص من نفس جنسهم"‪.4‬‬

‫أما فيما خيص تفتيش املسكن فيجب أن يكون حبضور الشخص الذي يتخذ لديه هذا اإلجراء‬
‫و برضاه و بتصريح مكتوب خبط صاحب الشأن‪ ،‬و شاغل املكان قد يكون مالكه أو منتفع به أو‬
‫مقيم فيه أو حائزه‪ ،‬و إذا وقع تفتيش مسكن جيب حضور املشتبه فيه‪ ،‬و إذا تعذر ذلك جيب أن‬
‫يعني ه ذا األخ ري ممث ل ل ه و إذا إمتن ع يس تدعي ض ابط الش رطة القض ائية ش اهدين غ ري م وظفني‬
‫خاضعني لسلطته‪.5‬‬

‫‪ 1‬مروك نصر الدين ‪ ،‬حماضرات يف اإلثبات اجلنائي ‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬النظرية العامة لإلثبات اجلنائي‪ ،‬دار هومه‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.337‬‬
‫‪ 2‬حسين طاهري‪ ،‬اختصاصات النيابة العامة أثناء مرحلة االستدالالت‪(:‬دور النيابة العامة أثناء مرحلة االستدالالت‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2015 ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.338‬‬
‫‪ 4‬حجوج أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ 5‬املادة ‪ 45‬الفقرة ‪ ،1‬من األمر رقم ‪ ،155-66‬المتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما نصت املادة ‪ 47‬فقرة ‪ 1‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ 1‬أنه‪ ":‬ال جيوز البدء يف تفتيش املساكن ومعاينتها‬
‫قبل الساعة (‪ )5‬اخلامسة صباحا و ال بعد الساعة الثامنة (‪ )8‬مساءا‪ ،‬إال إذا طلب صاحب املسكن‬
‫ذلك أو وجهت نداءات من الداخل أو يف األحوال اإلستثنائية املقررة قانونا‪."...‬‬

‫و س بب التف تيش ه و اهتام موج ه إىل ش خص يقيم يف املنزل املراد تفتيش ه بارتك اب جناي ة أو‬
‫جنحة أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز ألشياء تتعلق باجلرمية‪.2‬‬

‫كما جيب أن يتضمن اإلذن بالتفتيش بيان وصف اجلرم موضوع البحث عن الدليل و عنوان‬
‫األماكن مع بيان موقعها على وجه الدقة‪ ،‬ومن أهم هذه الضمانات أن تنجز هذه العمليات حتت‬
‫اإلشراف املباشر للقاضي الذي أذن هبا و الذي ميكنه عند اإلقتضاء اإلنتقال إىل عني املكان‪.3‬‬

‫فق د أض حت حص انة ال دفاع ش رطا أساس يا ح ىت يك ون البحث عن ال دليل مش روعا‪ ،‬فيمكن‬


‫الق ول أن تف تيش مكتب حمامي ال يتم إال من قب ل قاض ي التحقي ق و حبض ور نقيب احملامني أو‬
‫مندوبيه أو بعد إستدعائهما‪ ،‬وينبغي أن يراعي يف هذا التفتيش اإلجراءات الالزمة لضمان إحرتام‬
‫السر املهين‪ ،‬و رتب القانون جزاء البطالن على إجراء التفتيش الذي يتم باملخالفة هلذه األحكام‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمانات المتهم لحرمة حياته الخاصة أثناء إجراء التحقيق‪.‬‬

‫‪1‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬حسين طاهري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ 3‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪ 4‬ص الح غش ير‪ "،‬احلماي ة اجلنائي ة حلقوق املتهم خالل إجراء التفتيش"‪ ،‬اجملل ة األكادميية للبح وث القانونية و السياسية‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ ،05‬العدد ‪ ،02‬جامعة باجي خمتار‪ ،‬عنابة‪.622 ،2021 ،‬‬
‫‪95‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعت رب إج راءات التحقي ق من إختص اص قاض ي التحقي ق و ال س يما إج راء اإلس تجواب على‬
‫أساس أنه األهم و أخطر بقية اإلجراءات‪ ،1‬وإستثناءا لذلك ففي بعض األحوال يتعذر على قاضي‬
‫التحقي ق إس تجواب املتهمني ‪ ،‬و ه ذا م ا نص ت علي ه املادة ‪ 112‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ، 2‬كم ا يق رر‬
‫الق انون ح ق املتهم يف ال دفاع عن نفس ه و ه ذا احلق مض مون دس توريا يف املادة ‪ 3175‬ال يت تنص‬
‫على‪ ":‬احلق يف ال دفاع مع رتف ب ه‪ ،‬احلق يف ال دفاع مض مون يف القض ايا اجلزائي ة"‪ ،‬و ال يتحق ق إال‬
‫بتمكني املتهم من اإلستعانة مبحامي للدفاع عنه و معرفة اجلهة اجلزائية املختصة‪ ،‬وصفة اخلصم‪، 4‬‬
‫وحق ه يف أن ي ديل أقوال ه حبري ة و تش مل ع دم ج واز حتلي ف املتهم اليمني القانوني ة‪ ،‬و محايت ه من‬
‫اإلكراه و حقه يف الصمت‪.5‬‬

‫كم ا أن ح ق املتهم يف تق دمي الطلب ات و اب داء ال دفوع مبا يس تتبعه ذل ك من اتص اله مبحامي ه‪،‬‬
‫ميكن املتهم من تبديد التهم املنسوبة إليه و الرد على ما هنالك من أدلة ضده و نفيها‪ ،‬وهذا احلق‬
‫مقرر للمتهم يف كافة مراحل الدعوى العمومية‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص مرحلة التحقيق اإلبتدائي‪،‬‬
‫وال ش ك أن إعم ال ه ذا احلق يس تتبع اإلع رتاف للمتهم حبق ه يف اإلتص ال مبحامي ه و التش اور مع ه‬
‫إلعداد دفاعه و لو كان حمبوسا حبسا إحتياطيا‪ ،‬و الواقع أن متكني املتهم من اإلتصال مبحاميه ميثل‬
‫ضمانة فعلية هامة لتجسيد و إعمال حقه يف الدفاع و تقدمي الطلبات و إبداء الدفوع ‪،6‬باإلضافة‬

‫‪1‬حجوج أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48‬‬


‫‪2‬املادة ‪ 112‬من األم ر رقم ‪ ،155-66‬المتض من ق انون اإلج راءات الجزائية‪ ،‬مرج ع س ابق‪ ،‬تنص على‪ ":‬جيب أن‬
‫يستجوب يف احلال كل من سيق أمام قاضي التحقيق تنفيدا ألمر إحضار‪ ،‬مبساعدة حماميه‪ ،‬فإذا تعذر إستجوابه على الفور‪ ،‬قدم‬
‫أمام وكيل اجلمهورية الذي يطلب من القاضي املكلف بالتحقيق و يف حالة غيابه فمن أي قاض آخر من قضاة هيئة القضاء‬
‫أن يقوم بإستجواب املتهم يف احلال و إال أخلي سبيله"‪.‬‬
‫‪3‬األمر رقم ‪ ،442-20‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪4‬عب د اهلل أوهايبية‪ ،‬ش رح ق انون اإلج راءات اجلزائي ة اجلزائ ري‪ ،‬اجلزء الث اين‪ :‬يف التحقي ق النه ائي(احملاكم ة)‪ ،‬ط‪ ،2‬دار هوم ه‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2019 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪5‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ 6‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.337‬‬
‫‪96‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إىل حقه يف معرفة اجلهة اجلزائية املختصة‪ ،‬وصفة اخلصم‪ ، 1‬وحقه يف أن يديل أقواله حبرية و تشمل‬
‫عدم جواز حتليف املتهم اليمني القانونية‪ ،‬و محايته من اإلكراه أي حترمي تعذيب املتهم إلكراه على‬
‫إب داء أق وال معينة‪ ،2‬وحق ه يف الص مت أو اإلنك ار أو اإلع رتاف باجلرمية‪ ،‬ويرج ع ذل ك إىل أن ه من‬
‫املسلمات عدم إلزام إنسان بأن يقدم دليال ضد نفسه سواء دليل مادي أو قويل مع مراعاة أنه إذا‬
‫فضل املتهم اإلدالء بأقواله أو إلتزام الصمت‪ ،‬جيب أن يكون يف مأمن من كل تأثري خارجي عليه‪،‬‬
‫هذا راجع إىل أن كل تأثري يؤدي إىل إهدار حرية املتهم يف الدفاع عن نفسه‪ ،‬عالوة على أن كل‬
‫عنف أو هتديد أو وعد أو وعيد يعيب إرادة املتهم‪ ،‬فضال عن أنه إذا إلتزم الصمت فمن الصعب‬
‫إجباره على قول احلقيقة‪ ،‬ومن مث كل تأثري يقع على املتهم يؤثر على إرادته يؤدي إىل بطالن مجيع‬
‫اإلجراءات املرتتبة عليه‪ ، 3‬كما ألزم املشرع اجلزائري قاضي التحقيق بضرورة تنبيه املتهم إىل حقه‬
‫يف السكوت قبل إجراء التحقيق معه‪ ،‬و بأنه حر يف اإلدالء بأقواله بكل حرية و له احلق يف اإلجابة‬
‫كما له احلق يف السكوت‪ ،‬وذلك حىت يكون بدراية حبقوقه و ليصون ما ميكنه احملافظة عليه من‬
‫أس رار‪ ،‬فالبعض جيه ل أن الق انون يق رر له ه ذا احلق فيض طر إىل الكالم خوف ا من أن يفس ر صمته‬
‫قرينة ضده‪.4‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حكم الدليل المستمد من تسجيل المكالمات و التقاط الصور‪.‬‬

‫كفلت الدس اتري احلري ة الشخص ية مبا فيه ا حري ة و س رية املراس الت الربيدي ة والس لكية‬
‫والالس لكية‪ ،‬فال جيوز مراقبته ا أو تفتيش ها أو مص ادرهتا إال يف حال ة الض رورة على أن يتم وف ق‬

‫‪1‬عبد اهلل أوهايبي ة‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ :‬يف التحقيق النهائي(احملاكمة)‪ ،‬ط‪ ،2‬دار هومه‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2019 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪2‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ 3‬إدريس عبد الجواد عبد اهلل بريك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ 4‬بن حيدة محمد ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪97‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الضوابط اليت حددها القانون‪، 1‬وتتمثل إجراءات التحري احلديثة يف إعرتاض املراسالت وتسجيل‬
‫األصوات و إلتقاط الصور بناءا على إذن من وكيل اجلمهورية أو قاضي التحقيق ‪ ،‬وهي إجراءات‬
‫خاصة ببعض اجلرائم على سبيل احلصر‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬حكم الدليل المستمد من مراقبة المحادثات و المكالمات الخاصة‪.‬‬

‫القاعدة العامة منصوص عليها يف املادة ‪ 303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج اليت جترم إلتقاط أو تسجيل‬
‫أو نقل املكاملات أو أحاديث خاصة أو سرية بغري إذن صاحبها‪.3‬‬

‫أما بالرجوع إىل املادتني ‪ 68‬و‪ 69‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ 4‬اليت تقضي بإختاذ أي إجراء يراه القاضي‬
‫أو وكي ل الدول ة الزم ا إلظه ار احلقيق ة ه ذا من جه ة‪ ،‬ومن جه ة فاملادة ‪ 65‬مك رر‪ 5‬من‬
‫ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ 5‬تقض ي بإمكاني ة مراقب ة و إع رتاض املراس الت ال يت تتم عن طري ق وس ائل اإلتص ال‬
‫الس لكية والالس لكية يف ج رائم حمددة على س بيل احلص ر‪ ،‬وهي‪ :‬ج رائم املخ درات‪ ،‬و اجلرمية‬
‫املنظم ة‪ ،‬وج رائم تب ييض األم وال‪ ،‬و ج رائم متوي ل اإلره اب‪ ،‬و اجلرائم املتعلق ة بالتش ريع اخلاص‬
‫بالصرف‪ ،‬وكذا جرائم الفساد‪ ،‬و عليه فالدليل الناجم عن طريق املراقبة أو التسجيل طبقا ملا تقدم‬
‫يعت رب مش روعا‪ ،‬و اجلرائم املعني ة ب إجراء إع رتاض املراس الت و احملادث ات تتص ف ب اخلطورة على‬
‫الدولة و اجملتمع على حد سواء وجب تغليب املصلحة العامة يف مكافحتها على املصلحة الشخصية‬
‫يف محاية احلياة اخلاصة‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين طاهري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ 2‬جميلة محلق‪"،‬إعرتاض املراسالت‪ ،‬تسجيل األصوات و إلتقاط الصور يف قانون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري"‪ ،‬التواصل يف‬
‫االقتصاد و اإلدارة و القانون ‪ ،‬عدد‪ ،42‬كلية احلقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة باجي خمتار‪ ،‬عنابة‪ ،2015 ،‬ص‪178‬‬
‫‪3‬القانون رقم ‪ ،23-06‬املتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ ،155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 5‬األمر رقم ‪ ،155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و اعتبارا خلطورة إجراء إلتقاط املكاملات‪ ،‬فإن املش رع نص على أن مباشرة ه ذه العملية تتم‬
‫حتت س لطة ومراقب ة قاض ي التحقي ق أو وكي ل اجلمهوري ة حس ب اجله ة املص درة لق رار اع رتاض‬
‫املكاملات‪ ،‬هذا القرار الذي البد له أن حيدد‪ ،‬بشكل دقيق وواضح‪ ،‬كل العناصر احملددة و املعرفة‬
‫باملكاملة أو املراس لة املراد إلتقاطه ا وتس جيلها و أخ ذ نس خ منه ا أو حجزه ا‪ ،‬واجلرمية املربرة إلختاذ‬
‫هذا اإلجراء اخلطري و املدة الزمنية املطلوبة‪ ،‬وهي املدة اليت اليت ال جيوز أن تتجاوز أربعة أشهر قابلة‬
‫للتجديد دون حتديد لآلجال األقصى لإلعرتاض‪.1‬‬

‫كم ا تبقى مس ألة م دى حجي ة األدل ة املس تمدة من مراقب ة احملادث ات و املكاملات اخلاص ة يف‬
‫اإلثب ات اجلن ائي ختض ع للمب ادئ العام ة لإلثب ات و منه ا أساس ا حري ة اإلثب ات و مب دأ اإلقتن اع‬
‫الشخص ي للقاض ي‪ ،‬و أن األدل ة املس تمدة من إج راء إع رتاض املكاملات اخلاص ة ق د تتوص ل إىل م ا‬
‫يؤكد وقوع اجلرمية‪ ،‬إال أنه قد يوجد يف الدعوى ما جيعل القاضي يقتنع‪ ،‬ولو إحتماال يدعو إىل‬
‫الش ك ب أن شخص ا آخ ر ق د ارتكب اجلرمية‪ ،‬و ه و م ا ي دعو القاض ي بإعط اء س لطة تق دير األدل ة‬
‫املس تمدة من بني ه ذه اإلج راءات‪ ،‬األم ر ال ذي يفس ح القاض ي إمكاني ة ط رح ه ذه األدل ة رغم‬
‫‪2‬‬
‫قطعيتها من الناحية العلمية و العملية‬

‫على ضوء األحكام السابقة الواردة يف قانون اإلجراءات اجلزائية ميكن القول أن كل دليل ناتج‬
‫عن مراقب ة و تس جيل املكاملات اهلاتفي ة خ ارج الش روط القانوني ة يق ع ب اطال إعم اال ملب دأ إس تبعاد‬
‫طرق اإلثبات املتحصل عليها بطرق غري مشروعة‪ ،‬بل و يقع حتت طائلة العقوبات املنصوص عليها‬
‫يف املادة ‪ 303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج‪.3‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 65‬مكرر ‪ 07‬فقرة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ ،155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫املادة ‪، 212‬املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬األمر رقم‪ ،23-06‬املتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪99‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى مشروعية الدليل الناجم من إلتقاط الصور‪.‬‬

‫إن الق انون اجلزائ ري ق د من ع بص ريح العب ارة التص وير يف مك ان خ اص يف املادة ‪ 303‬مك رر‬
‫الفق رة ‪ 3‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪ 1‬ألن ه يع د إعت داء على حرم ة احلي اة اخلاص ة‪ ،‬ف إن التص وير خفي ة يف مك ان‬
‫خاص قد يكون جمرما ولو قام به رجال الضبطية القضائية يف جمال البحث و التحري عن اجلرائم‬
‫عن طريق التصوير الفوتوغرايف أو السينماتوغرايف ‪،‬وال يغري من األمر شيئا أن تكون األجهزة قد‬
‫وضعت على بعد من مكان عام ألن هذا اإلج راء مقرتن قانونا بإذن قضائي مسبق و مسبب يف‬
‫جرائم حمددة‪ ، 2‬و الدليل املستمد من هذا التصوير يكون باطال و يتعلق البطالن بالنظام العام‪ ،‬لذا‬
‫جيوز التمسك به يف أية حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬وتقضي به احملكمة من تلقاء نفسها‪ ،3‬أما إذا‬
‫تعلق احلال باجلرائم املنصوص عليها يف املادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬من ق‪.‬ا‪.‬ج‪.‬ج‪ 4‬املذكورة سابقا فإنه جيوز‬
‫لوكي ل اجلمهوري ة أن ي أذن بوض ع الرتتيب ات التقني ة إللتق اط ص ور ش خص أو ع دة أش خاص‬
‫يتواجدون يف مكان خاص (إستثناء للقاعدة العامة) ‪ ،‬أما التصوير يف مكان عام ال يشكل إنتهاكا‬
‫حلرم ة احلي اة اخلاص ة ألن ه ذا التس جيل يتم بواس طة التص وير الض وئي ال يك ون إال ب ديال علمي ا‬
‫لوصفها باحلروف أي كتابتها‪ ،5‬و مل يشري القانون اجلنائي إىل جترمي التصوير يف مكان عام يف جل‬
‫الق وانني املقارن ة على إعتب ار أن ه فع ل مب اح و إج راء مش روع و بالت ايل يس تطيع رج ال الض بطية‬
‫القض ائية القي ام هبذا التص وير دون إذن القض اء‪ ،‬ويرج ع ذل ك أن ه ال يش كل مساس ا حبرم ة احلي اة‬
‫‪ 1‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ 3‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم‪ ،155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 5‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪100‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشخصية ملن يتم تصويره وال يرقى إىل درجة التجرمي‪ ،‬كما ميكن تقدمي ذلك التصوير كدليل أمام‬
‫‪1‬‬
‫اجلهات القضائية املختصة‬

‫‪ 1‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.78-77‬‬


‫‪101‬‬
‫صور الحماية القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ملخص الفصل الثاني‪:‬‬

‫تتجسد الضمانات الوقائية اليت رصدها املشرع اجلزائري لكفالة احلق يف محاية احلياة الشخصية‬
‫مبنع وقوع اإلعتداء من خالل حتديد مسافات املطالت واملناور محاية من مضار اجلوار غري األلوفة‬
‫مبا مين ع التجس س على األف راد واإلطالع على خصوص ياهتم‪ ،‬كم ا أن تقيي د إلج راءات التف تيش‬
‫بضوابط زمنية ومكانية هو محاية لسكينتهم وضمانا حلريتهم اخلاصة وتكريسه للحق يف السكوت‬
‫أثناء مرحلة التحقيق هو آلية للحفاظ على أسرار الفرد ومكنونه الشخصي‪.‬‬

‫كما كفل حق الرد لكفالة األفراد لدرء خماطر النشر بنفس الوسيلة والشكل اليت مت هبا اإلعتداء‪.‬‬

‫ومل يق ف املش رع عن د ه ذا احلد ب ل حص ر جترمي املس اس ب احلق يف احلي اة الشخص ية مبوجب‬


‫قانون العقوبات على الصور واحملادثات الشخصية‪ ،‬يف حني كفل املظاهر األخرى مبوجب نصوص‬
‫قانونية متفرقة‪ ،‬وهو ما يفرض اإلملام بكافة القوانني حىت يتسىن إدراك احلماية اليت أقرها‪.‬‬

‫‪102‬‬

You might also like