You are on page 1of 73

‫الدكتور مرزوق أيت الحاج‬

‫أستاذ بكلية الحقوق طنجة‬

‫محاضرات في‬
‫المسؤولية المدنية‬
‫المس ؤولية عبارة ع ن التزام يترت ب عل ى الشخ ص بضمان‬
‫تصرفاته ‪ ...‬وهي الحالة التي يؤاخذ فيها الشخص عن عمل‬
‫قام ب ه ‪ ،‬وه ي تتنوع بتنوع القاعدة الت ي أخ ل به ا ذل ك‬
‫الشخص‪ ،‬فإذا كانت تلك القاعدة قانونية فاإلخالل بها يستتبع‬
‫مس ؤولية قانوني ة ‪ ،‬وإذا كان ت تل ك القاعدة أخالقي ة‬
‫فالمسؤولية تكون أدبية ‪.‬‬
‫تعت بر المس ؤولية المدني ة م ن أعق د فروع القانون المدن ي وأكثره ا‬
‫ص عوبة ‪ ،‬وق د زادت أنزعته ا ف ي الفترة األخيرة بدرج ة ملحوظ ة‬
‫نتيج ة امتداد العمران والحال ة االقتص ادية الت ي يعان ي منه ا الناس‬
‫والتضخم المستمر وما صاحب كل ذلك من مشاكل جمة ‪ ،‬هذا فضال‬
‫ع ن ص دور قواني ن التأمي ن اإلجباري‪ ،‬والذي جع ل للمضرور حق ا‬
‫مباشرا قبل شركة التأمين فأصبح حصوله على حكم التعويض أمرا‬
‫يسيرا وتنفيذه قبل شركة التأمين مسألة سهلة ‪ ،‬بعد أن كان يالقى‬
‫ف ي س بيل ذل ك م ن المص اعب والمشاك ل م ا يثق ل كاهل ه‪ ،‬وكان م ن‬
‫نتيجة ذلك أن كثرت قضايا المسؤولية وزادت زيادة رهيبة‪.‬‬
‫تمث ل المس ؤولية الشخص ية القاعدة العام ة ف ي مجال المس ؤولية‬
‫المدني ة ‪ ،‬بم ا تشتم ل علي ه م ن مبادئ واجب ة التط بيق ‪ ،‬فيم ا عدا‬
‫األحكام الخاصة بالمسؤولية عن فعل الغير والمسؤولية الشيئية ‪،‬‬
‫ويلزم بالتال ي لقيام المس ؤولية المدني ة تحق ق الخط أ والضرر‬
‫والعالق ة الس ببية بي ن الخط أ والضرر ‪ ،‬حي ث يلزم بالتعوي ض ك ل‬
‫شخ ص ص در عن ه خط أ س بب ضررا للغي ر(المادة ‪ 77‬م ن قانون‬
‫االلتزامات والعقود المغرب ي ‪ ،‬والمادة ‪ 163‬م ن القانون المدن ي‬
‫المصري ‪ ،‬والمادة ‪ 1382‬و ‪ 1383‬من القانون المدني الفرنسي)‪.‬‬
‫وتتأس س المس ؤولية المدني ة بالتال ي عل ى الخط أ ‪ ،‬ويق ع عل ى‬
‫المضرور ‪ ،‬حس ب األص ل ‪ ،‬عب ء اإلثبات انحراف المدع ى علي ه‬
‫ع ن س لوك الشخ ص المعتاد ‪ ،‬ف ي ضوء الظروف الخارجي ة‬
‫المحيطة ‪.‬‬
‫المس ؤولية بوج ه عام ه ي المؤاخذة أ و المحاس بة أ و المجازاة‬
‫عل ى فع ل أ و س لوك معي ن ‪ .‬فه ي جزاء مخالف ة واج ب م ن‬
‫الواجبات االجتماعية ‪ ،‬بيد أن هذه األخيرة تنقسم إلى واجبات‬
‫قانوني ة ‪ ،‬وأخرى غي ر قانوني ة أدبي ة أ و ديني ة ‪ ،‬وبوج ه عام‬
‫أخالقي ة ‪ ،‬فإ ن كان الواج ب مجرد واج ب أخالق ي ‪ ،‬أدب ي أ و‬
‫دين ي ‪ ،‬كان ت المس ؤولية الناجم ة ع ن مخالفت ه ‪ ،‬مس ؤولية‬
‫أخالقي ة أ و أدبية‪ .‬وإ ن كان هذا الواج ب قانوني ا‪ ،‬كان ت‬
‫المسؤولية الناجمة عن مخالفته مسؤولية قانونية‪.‬‬
‫• المسؤولية القانونية تشتمل على نوعين من المسؤولية هما‪:‬‬
‫المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية ‪.‬‬
‫• والمسؤولية المدنية إما أن تنشأ عن اإلخالل بالتزام عقدي ‪،‬‬
‫وتسمى في هذه الحالة بالمسؤولية العقدية ‪ ،‬أو قد تنشأ عن‬
‫فعل يحدث ضررا للغير وهذه هي المسؤولية التقصيرية ‪ ،‬أو‬
‫(المس ؤولية ع ن العم ل غي ر المشروع )‪ ،‬أ و كم ا يس ميها‬
‫الفقهاء المسلمون الفعل الضار‪.‬‬
‫• كم ا تنبغ ي اإلشارة أ ن المس ؤولية س واء كان ت عقدي ة أ و‬
‫تقص يرية ال تتحق ق إال بتوفره ا عل ى ثالث ة أركان جوهري ة ‪:‬‬
‫الخطأ ‪ ،‬والضرر ‪ ،‬والعالقة السببية‪.‬‬
‫• كما تقوم فكرة المسؤولية المدنية بنوعيها تعاقدية وتقصيرية‬
‫عل ى فكرة إص الح الضرر غي ر المشروع ‪ ،‬فالجزاء فيهم ا‬
‫جميعا عبارة عن تعويض هذا الضرر أو إزالة أثره على قدر‬
‫اإلمكان ‪.‬‬
‫• فال تقوم المس ؤولية المدني ة إذا انتف ى الضرر بص رف النظ ر‬
‫ع ن جس امة الخط أ الذي اقترف ه الفاع ل ‪...‬وضرورة تواف ر‬
‫الضرر هي التي تميز المسؤولية المدنية من جهة عن كل من‬
‫المسؤولية الخلقية والمسؤولية الجنائية من جهة أخرى‬
‫• سنقسم دراستنا للمسؤولية المدنية إلى ثالثة فصول‬

‫• الفصل األول ‪ :‬مبادئ عامة في المسؤولية المدنية‬


‫• الفصل الثاني‪ :‬المسؤولية التقصيرية (العمل غير المشروع)‬
‫• الفصل الثالث‪ :‬المسؤولية العقدية (جزاء القوة الملزمة للعقد)‬
‫الفصل األول‪ :‬مبادئ في المسؤولية المدنية‬

‫• المبحث األول ‪ :‬المسؤولية وأنواعها‬


‫• المطلب األول ‪:‬التعريف بالمسؤولية‬
‫المسؤولية المدنية هي االلتزام الذي يقع على اإلنسان بتعويض‬ ‫•‬
‫الضرر الذي ألحق ه باآلخري ن بفعل ه أ و بفع ل األشخاص أ و‬
‫األشياء التي يسال عنها‪.‬‬
‫ويعرف فقهاء الشريع ة "الضمان" بأن ه عبارة ع ن إعطاء مث ل‬ ‫•‬
‫الشيء إن كان من المثليات أو قيمته إن كان من القيميات‪.‬‬
‫واالصطالح الشائع لدى فقهاء الشريعة اإلسالمية هو اصطالح‬ ‫•‬
‫"الضمان" فهم يقولون ‪ :‬ضمان العقد وضمان الفعل ‪.‬‬
‫أم ا الفقهاء الفرنس يون فإنه م يتكلمون ع ن "المس ؤولية العقدي ة"‬ ‫•‬
‫أكث ر م ن كالمه م ع ن المس ؤولية التقص يرية الت ي يع برون عنه ا‬
‫في كثير من األحيان "بالجريمة المدنية أو شبه الجريمة‪.‬‬
‫• وعل ى مس توى تحدي د مص طلح المس ؤولية م ن الناحي ة اللغوي ة‬
‫نقول‪:‬جاء في اللسان‪ :‬أن المسؤولية تعني التبعية‬
‫• والمس ؤولية بهذا المعن ى عوض التبعي ة وه و األص ح ‪،‬أل ن‬
‫المسؤولية اصطالح قانوني ‪،‬و معناها‪ :‬كون اإلنسان مؤاخذا أو‬
‫مسؤوال عن أعماله أو أفعاله‬
‫وتجد نظرية الضمان مشروعيتها في آيات عديدة من القرآن الكريم‬
‫وأحادي ث م ن الس نة النبوي ة‪ ،‬فم ن الكتاب قول ه تعال ى ‪ " :‬فم ن‬
‫اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " سورة البقرة‬
‫اآلي ة ‪ ،194‬وقول ه تعال ى ‪ " :‬فإ ن عاقبت م فعاقبوا بمثل م ا عوقبتم‬
‫به " سورة النحل اآلية ‪.126‬‬
‫وإذا كانت كلمة المسؤولية يقابلها في الشريعة اإلسالمية كلمة الضمان التي تعني لغة‬
‫االلتزام‪ ،‬تقول ضمن ت المال وبالمال ضمان ا فأن ا ضام ن وضـمين أ ي التزمت ه ‪،‬‬
‫وضمنته المال ألزمته إياه‪.‬‬
‫وعلى هذا فالضمان التزام بتعويض مالي عن الضرر للغير‪.‬هذا التعريف بالرغم من‬
‫دقت ه يبق ى قاص را لكون ه ال يتالء م م ع النظري ة الشامل ة للمس ئوليتين‪ :‬المدني ة‬
‫والجنائي ة والذي يقتض ي التزام بتعوي ض الغي ر – أ ي المضرور ‪ -‬عم ا لحق ه ع ن‬
‫تل ف المال أ و ضياع المناف ع أ و ع ن الضرر الجزئ ي أ و الكل ي الحادث بالنف س‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫• والضمان يعن ي التعوي ض المدن ي المح ض‪ ،‬والضمان نوعان‪ :‬ضمان العق د وهذه‬
‫المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬وضمان الفع ل وهذه ه ي المس ؤولية التقص يرية ف ي خص وص‬
‫المال وهي التي تعنينا هنا والضمان على هذا النحو أي ضمان الفعل ال يكون إال‬
‫في الجرائم التي تقع على المال‪.‬‬
‫• وال توجد قاعدة عامة في الفقه اإلسالمي تقضي بأن كل عمل غير مشروع يلحق‬
‫ضررا بالمال يوجب التعويض فيكون مصدرا اللتزام‬
‫المسؤولية في معناها العام تعني إخالل الشخص بالتزام قانوني سابق‪ ،‬أو‬
‫بعبارة أخرى اقتراف فع ل يوج ب مؤاخذة فاعل ه‪ ،‬وه ي بهذا المعن ى‬
‫العام تحتل مكانا مرموقا في نطاق القانون‪ ،‬فهي محوره في كثير من‬
‫نواحي ه‪ ،‬وه ي الميدان الفس يح الذي يحت ك في ه الخص وم بص راعاتهم‬
‫ومنازعاته م أمام المحاك م ‪ ،‬ث م إنه ا تبع ا للتطورات االقتص ادية‬
‫واالجتماعي ة كثيرا م ا يص يبها التطور والتجدي د عل ى م ر األحقاب‬
‫نظرا لم ا يس تحدث فيه ا م ن نظريات مختلف ة وأراء متعددة‪ ،‬فهناك‬
‫النظري ة التقليدي ة الت ي تجع ل الخط أ أس اس المس ؤولية‪ ،‬وإل ى جانيه ا‬
‫نظريات أخرى تترك الخط أ جانب ا وال تعت بره شيئ ا أس اسيا ف ي تقدي ر‬
‫المسؤولية كما هو الشأن في نظرية تحمل التبعية التي تأخذ بمبدأ الغنم‬
‫بالغرم‪ ،‬والت ي تأثرت به ا بع ض األوس اط الفقهي ة‪ ،‬والقضائي ة‪،‬‬
‫وأوردتها كثير من التشريعات في مجاالت معينة‪.‬‬
‫• والمس ئولية إم ا قانوني ة أ و أخالقي ة‪ ،‬هذه األخيرة تخرج م ن‬
‫نطاق القانون ذل ك أ ن مجاله ا ينحص ر ف ي عالق ة اإلنس ان‬
‫بضميره‪ ،‬ويق ع الحدي ث عنه ا كلم ا أحدث اإلنس ان أمرا مخالف ا‬
‫لقواعد األخالق‪.‬‬
‫• أم ا المس ئولية القانوني ة‪ ،‬فم ن ص ورها المس ؤولية المدني ة الت ي‬
‫تفترض أ ن شخص ا لحق ه ضرر ف ي الجس م أ و المال أ و ف ي‬
‫الشرف‪...‬كم ا تفترض أ ن هذا الضرر كان بس بب واقع ة تتص ل‬
‫بشخ ص آخ ر عل ى نح و م ا‪ ،‬فيلزم القانون هذا الشخ ص‬
‫بتعويض المضرور عما لحقه من ضرر‪،‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬أنواع المسؤولية‬

‫تتنوع المس ؤولية تبع ا لدرج ة وخطورة الضرر المترت ب عنه ا ‪،‬‬
‫وتبع ا لذل ك يختل ف الجزاء الذي يوق ع ف ي ح ق الفاع ل الذي‬
‫اقترفها إلى مسؤولية أخالقية ومسؤولية قانونية‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬المسؤولية األخالقية‬
‫• األخالق مجموع ة م ن القواع د المثالي ة الت ي توص ل إليه ا المجتم ع لدع م الخي ر‬
‫والحرص علي ه ‪،‬وقم ع الش ر ومحاربت ه ‪،‬وم ن األخالق بر الوالدي ن‪،‬اإلحس ان‬
‫بالفقراء الوفاء بالعه د‪ ،‬تجن ب الكذب ‪،‬عدم االعتداء عل ى الناس ‪...‬الخ ‪،‬ويتعي ن‬
‫عل ى األفراد االمتثال له ا حت ى ول و تعارض ت م ع رغباته م ونزواته م‬
‫الفردية ‪،‬فاألخالق هي أساس القانون‬
‫• عندما نقول المسؤولية األخالقية فهذا يعني أن اإلخالل وقع بمضمون ومبادئ‬
‫القاعدة األخالقي ة ‪ ،‬ومعلوم أ ن القواع د األخالقي ة تل ك القواع د الت ي تحدد‬
‫واجبات الشخ ص نح و نفس ه ‪ ،‬كم ا ت بين وواجبات الشخ ص نح و غيره ‪ ،‬وم ا‬
‫يجب أن يحرص عليه من فضائل و ما يجب عليه أن يتجنبه من رذائل‪.‬‬
‫• أ و ه ي مجموع ة م ن األحكام المتعلق ة بتهذي ب النف س وإص الح شأنه ا و تف ي‬
‫بتبيان الفضائل التي يجب على المرء أن يتمثلها في سلوكه و معامالته كما تبين‬
‫الرذائل التي يجب على اإلنسان تجنبها‪.‬‬
‫• أم ا قواع د المعامالت فه ي القواع د الت ي تتناول تنظي م س لوك وعالقات‬
‫األشخاص في المجتمع وتختلف األديان في تصديها لتنظيم هذه العالقات‪،‬‬
‫فمنها م ا ال يتعرض لها إال في أضي ق نطاق كما فعل ت الديان ة المسيحية‪،‬‬
‫فلم تعن إال بمسألة هامة لها أثرها البالغ في نظام األسرة وكيان المجتمع‬
‫وه ي مس ألة الزواج و الطالق وفيم ا عدا ذل ك اقتص رت عل ى تنظي م‬
‫العالقات ذات الص بغة اإلنس انية كعالقات التراح م و التآل ف والمس اعدة‬
‫ويرجع ذلك إلى الظروف التي نشأت فيها المسيحية‪.‬‬
‫• أم ا أحكام الدي ن اإلس المي فيتمي ز بالعموم و البقاء و الخلود ال م ن حي ث‬
‫المكان و ال م ن حي ث الزمان ‪ ،‬فالنظام اإلس المي ه و نظام شام ل لشؤون‬
‫الحياة في مختلف ميادين النشاط اإلنساني‪ ،‬فهو يتسم من حيث الموضوع‬
‫القانون ي بالعمومي ة والشمول وق د تناول قواع د القانون العام والخاص‬
‫بكافة فروعها‪.‬‬
‫• المس ؤولية األخالقي ة ه ي الحال ة الت ي يوج د فيه ا الشخ ص مخالف ا‬
‫لقاعدة من قواعد األخالق‪ .‬ومن المعلوم أن دائرة األخالق واسعة‪،‬‬
‫ألنه ا تشم ل س لوك اإلنس ان نح و خالق ه ونح و نفس ه ونح و غيره‪.‬‬
‫وألنها تأمر بالخير في ذاته وتنظر إلى نوايا اإلنسان فتنفره على ما‬
‫يتجه منها نحو الخير وتؤاخذه على ما يحيد منها عن هذا السبيل‬
‫• وال يشترط لقيام هذه المسؤولية حدوث ضرر للغير ‪ ،‬بل يكفي فقط‬
‫أ ن يتمن ى اإلنس ان لغيره شرا حت ى يتحق ق قيام هذه المس ؤولية‪.‬‬
‫والمعيار هن ا معيار شخص ي فق د يرتك ب فرد فعال يؤاخذه علي ه‬
‫ضميره بعد ارتكابه وتتحقق مسؤوليته األدبية‪ ،‬وقد يرتكب شخص‬
‫آخ ر نف س الفع ل دون أ ن يرت ب ف ي نفس ه هذا األث ر نظرا لضع ف‬
‫ضميره أو النعدامه ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬المسؤولية القانونية‬

‫المسؤولية القانونية نوعان‪ :‬مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية‪.‬‬


‫لذا ال بد من تقسيم مادة هذا الفرع إلى فقرتين ‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية الجنائية‬
‫المسؤولية الجنائية عبارة عن التزام قانوني بتحمل التبعية ‪،‬أي التزام‬
‫جزئي ‪ ،‬وهي في نفس الوقت التزام تبعي ‪،‬حيث أنها ال تنشأ بصفة‬
‫أساسية مستقلة بذاتها تنشأ دائما بالتبعية اللتزام قانوني آخر ‪،‬هو‬
‫االلتزام األص لي ‪ ،‬وذل ك لحمايت ه م ن عدم التنفي ذ ولضمان الوفاء‬
‫االختياري به‪.‬‬
‫وتنش أ المس ؤولية الجزائي ة ع ن ك ل فع ل يشك ل جريم ة بن ص‬
‫القانون ‪،‬وتأت ي لحماي ة المجتم ع ض د ك ل م ن يخ ل بأمن ه‬
‫واس تقراره ‪ ،‬ويقدر لك ل جريم ة عقوب ة تتناس ب وخطورته ا عل ى‬
‫المجتمع ‪،‬وتهدف العقوبة إلى زجر الجاني ( الفاعل ) وردع غيره‬
‫المس ؤولية الجنائي ة ه ي تل ك المس ؤولية الت ي تق ع عل ى م ن‬
‫يقترف عمال يض ر المجتم ع بأس ره ‪ ،‬إ ذ ال ب د لقيام المجتم ع‬
‫واس تقراره وس المته م ن أ ن يمك ن م ن الدفاع ع ن نفس ه ض د‬
‫أوالئك الذين يهددون األمن والنظام اللذين يرتكز عليهما هذا‬
‫المجتم ع ‪ ،‬والطريق ة المثل ى لمن ع اقتراف مث ل هذه األفعال‬
‫الضارة وردع اآلخري ن ع ن اإلتيان بمثله ا ه ي إنزال العقاب‬
‫بالفاعل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬المسؤولية المدنية‬
‫تعت بر المس ؤولية المدني ة ص ورة م ن ص ور المس ؤولية القانوني ة‪،‬‬
‫مضمونه ا التزام المس ؤول بتعوي ض األضرار الحادث ة للغي ر‪،‬‬
‫فه ي مس ؤولية قانوني ة‪ ،‬ألنه ا ترت ب أثرا محددا ه و اإللزام‬
‫بالتعوي ض الذي يكف ل تنفيذه بالجزاءات القانوني ة‪ ،‬وه ي‬
‫مسؤولية مدنية ألنها تهدف إلى رفع الضرر الذي يحدث للغير‬
‫عن طريق إزالته أو إصالحه أو منح مبلغ من المال تعويضا‬
‫عن ه‪ ،‬وهناك م ن يرى بأ ن المس ؤولية المدني ة ه ي االلتزام‬
‫بإص الح الضرر النات ج ع ن الخط أ الذي يعت بر مص درها‬
‫المباشر أو غير المباشر‬
‫• المس ؤولية مرك ز قانون ي يس بغه القانون عل ى الشخ ص عندم ا يخ ل‬
‫بالتزام قانون ي أ و عقدي بدون ح ق بقوة القانون ‪ ،‬يس توي أ ن يكون‬
‫هذا اإلخالل إيجابي ا كاالعتداء عل ى مال أ و نف س ‪ ،‬أ و س لبيا كاالمتناع‬
‫عن تنفيذ هذا االلتزام أو أن يكون عمديا أو تقصيريا‪.‬‬
‫• وعلي ه فالمس ؤولية إنم ا تنش أ ع ن إخالل بالتزام س ابق ‪ ،‬فه ي تجتم ع‬
‫على تقصير وضرر وعالقة سببية بين التقصير والضرر ‪ ،‬وقد يختلف‬
‫نوعها بعد ذلك باختالف مصدر هذا االلتزام السابق‪.‬‬
‫• وم ن ث م يمك ن القول أ ن فكرة المس ؤولية تثي ر فكرة الخط أ وفكرة‬
‫الجزاء فهي تفترض وقوع خطأ يتمثل في مجاوزة مرتكبه‪ ،‬أو بعابرة‬
‫أخرى ارتكاب فعل يوجب مؤاخذة فاعله ‪ ،‬وهي بهذا المعنى العام تمثل‬
‫مكانا مرموقا في نطاق القانون ‪ ،‬فهي محوره في الكثير من نواحيه‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬الجزاء المدني‬
‫يعت بر هذا الجزاء أكث ر تنوع ا وتداوال مقارن ة بالجزاء الجنائ ي‪،‬‬
‫يتقرر عن د االعتداء عل ى ح ق خاص أ و المنازع ة في ه‪ ،‬وه و‬
‫جزاء إصالحي يستهدف إصالح أو رفع الضرر المترتب على‬
‫االعتداء عل ى الح ق بالتنفي ذ العين ي واإلجبار عل ى تنفي ذ حك م‬
‫القاعدة التي خالفها أو امتنع عن تطبيقها كلما كان ممكنا من‬
‫غير إرهاق للمدين أو قهر لحريته الشخصية‪.‬‬
‫من الجزاءات المدنية المكفولة بعدالة خاصة‬

‫• ‪ - 1‬الدفع بعدم التنفيذ‬


‫• إ ن المتعاق د الذي ل م ينف ذ التزام ه بع د‪ ،‬ه و الذي يلج أ إل ى هذا‬
‫اإلجراء وذل ك ف ي االلتزام التبادل ي‪ ،‬فيمتن ع الدائ ن مؤقت ا ع ن‬
‫تنفي ذ التزام ه‪ ،‬طالم ا أ ن المدي ن ل م ينف ذ عل ى أم ل أ ن ينف ذ هذا‬
‫األخي ر التزام ه‪ ،‬هذا االمتناع المؤق ت ع ن التنفي ذ يت م بص ورة‬
‫دف ع يمارس ه الدائ ن ض د المدي ن عندم ا يطالب ه هذا األخي ر‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬ويسمى هذا االمتناع عن التنفيذ بالدفع بعدم التنفيذ‬
‫‪:‬حقحبسا لما ل‪2-‬‬
‫ق د بي ن المشرع المغرب ي تعريف الح ق ف ي الحب س وأحكام ه‪ ،‬في‬
‫الفص ـول مـن ‪ 291‬إل ى ‪ 305‬مـن قانون االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫كم ا أورد ف ي الفص ـل ‪ 291‬ق ل ع تعريف ا لح ق الحب س المال‬
‫بأن ه ‪ " :‬ه و ح ق حيازة الشي ء المملوك للمدي ن وعدم التخل ي‬
‫عن ه إال بع د وفاء م ا ه و مس تحق للدائ ن ‪ ,‬و ال يمك ن أ ن يباش ر‬
‫إال في األحوال الخاصة التي يقررها القانون”‪.‬‬
‫‪:‬حقق طع جذور أشجار ا لجار ‪3-‬‬

‫ينص الفصل ‪ 135‬من ظهير ‪ 19‬رجب ‪ 1933‬المتعل ق بالتشريع‬


‫المطبق على العقارات المحفظة على أنه ‪ " :‬يمكن لمن امتدت‬
‫ل ه أغص ان أشجار جاره أ ن يرغ م هذا األخي ر عل ى قطعه ا‬
‫وتكون له الثمار التي تسقط منها طبيعيا إذا كانت الجذور هي‬
‫التي تمتد إلى ملكه فيكون له الحق في قطعها بنفسه"‬
‫الجزاءات المدنية الماسة بالعقود‬
‫‪ :‬ا لبطالن ‪1-‬‬

‫هو الجزاء الذي يقرره القانون إما على عدم توفر ركن من أركان‬
‫العق د كم ا ل و كان أح د المتعاقدي ن ص غيرا غي ر ممي ز‪ ،‬أ و كان‬
‫مح ل االلتزام التعاقدي عمال مس تحيال‪ ،‬أ و كان االلتزام يفتق ر‬
‫إل ى س بب يحم ل علي ه‪ ،‬وإم ا بموج ب ن ص قانون ي يقض ي ف ي‬
‫حالة خاصة والعتبارات تتعل ق بالنظام العام‪ ،‬ببطالن تصرف‬
‫ما رغم توفر سائر أركان انعقاده‪.‬‬
‫‪ :‬ا إلبطا ل‪2-‬‬

‫ه و الجزاء الذي يرتب ه القانون إم ا عل ى االختالل بشرط م ن‬


‫شروط ص حة العق د‪ ،‬كم ا ل و كان ت إرادة اح د المتعاقدي ن غي ر‬
‫سليمة لتعيبها بعيب من عيوب الرضى‪ ،‬أو كان أحد المتعاقدين‬
‫ناق ص األهلي ة‪ ،‬وإم ا بموج ب ن ص قانون ي يمن ح ح ق اإلبطال‬
‫ألحد المتعاقدين في بعض الحاالت‪.‬‬
‫‪ :‬ا إلجازة وا لتقادم ‪3-‬‬
‫مقارنة بين العق د الباطل والعق د القاب ل لإلبطال من حيث اإلجازة‬
‫والتقادم فالعق د الباط ل ال وجود ل ه من ذ البداي ة‪ ،‬فال يتص ور أ ن‬
‫تلحق ه اإلجازة أ و التقادم‪ ،‬أم ا العق د القاب ل لإلبطال فه و ف ي‬
‫مرحلته األولى يرتب جميع آثاره كالعقد الصحيح وإنما يكون‬
‫ألحد المتعاقدين الحق في إبطاله ويزول هذا الحق بالنزول عنه‬
‫وهذه هي اإلجازة أو بانقضاء مدة معينة دون أن يستعمل وهذا‬
‫ه و التقادم فالعق د القاب ل لإلبطال إذن خالف ا للعق د الباط ل تلحق ه‬
‫اإلجازة ويرد عليه التقادم‪.‬‬
‫التعويض القضائي‬

‫‪ -‬يضمن لصاحب الحق الوصول إلى هدفه‪.‬‬


‫‪ -‬إذا وق ع اعتداء عل ى الح ق ‪ ،‬كان لص احب الح ق المعتدى علي ه‬
‫االلتجاء إل ى القضاء ع ن طري ق رف ع الدعوى‪ ،‬فالح ق الذي ال‬
‫تحميه دعوى ال يستحق أن يحمل هذا الوصف‪.‬‬
‫‪ -‬واألصل في التعويض أن يكون تعويضا نقديا‪ ،‬ذلك أن التعويض‬
‫بمعناه الواس ع إم ا أ ن يكون تعويض ا عيني ا‪ ،‬وهذا ه و التنفي ذ‬
‫العين ي‪ ،‬وإم ا يكون تعويض ا بمقاب ل‪ ,‬والتعوي ض بمقاب ل إم ا أ ن‬
‫يكون تعويضا غير نقدي أو تعويضا نقديا‬
‫الجزاءات المدنية الماسة باألموال‬
‫أوال ‪:‬الغرامة التهديدية‬

‫نظم المشرع المغربي الغرامة التهديدية في الفصل ‪ 448‬من ق م‬


‫م حيث نص هذا الفصل على أنه " إذا رفض المنفذ عليه أداء‬
‫االلتزام بعم ل أ و خال ف التزام باالمتناع ع ن عم ل أثب ت عون‬
‫التنفي ذ ذل ك ف ي محضره واخ بر الرئي س الذي يحك م بالغرام ة‬
‫التهديدية‪ ,‬ما لم يكن سبق الحكم بها "‬
‫ثانيا‪:‬الحجز على األموال‬
‫‪ :‬أ ‪ -‬الحجز التحفظي‬
‫نظ م المشرع المغرب ي مس طرة الحج ز التحفظ ي ف ي الفرع األول‬
‫من الباب الرابع من القسم التاسع من ق م م وذلك في الفصول‬
‫من ‪ 452‬إلى ‪ 458‬وهو إجراء وقتي غايته التحفظ على مال أو‬
‫ح ق للمدي ن وذل ك بوضع ه تح ت ي د القضاء حماي ة لمص لحة‬
‫الدائ ن الحاج ز الت ي ق د تكون مهددة بقيام المدي ن بتص رفات‬
‫تنقص من الضمان العام المخول للدائنين‬
‫ب‪-‬الحجز التنفيذي‬
‫• يعتبر الحج ز التنفيذي إجراء يباشره الدائن بقصد استيفاء حقه‬
‫م ن أموال المدي ن أ و م ن ثمنه ا بع د بيعه ا بواس طة الس لطة‬
‫القضائية‪ .‬وهو قد يقع على المنقوالت المادية التي توجد بحوزة‬
‫المنف ذ علي ه والمملوك ة ل ه حي ث يت م بيعه ا بالمزاد العلن ي‬
‫القتضاء حق الحاجز من ثمنها ‪.‬‬
‫ج ‪-‬الحجز االرتهاني‬

‫هذا النوع م ن الحج ز ينص ب عل ى المنقوالت ال غي ر ‪ ،‬والمشرع‬


‫أق ر لك ل مؤج ر عقار ضمانات خاص ة انفرد به ا عل ى س ائر‬
‫الدائني ن فل ه ح ق االمتياز عل ى منقوالت المس تأجر ول ه ح ق‬
‫الحبس على المنقوالت وهذا كله عن طريق الحجز االرتهاني‬
‫الذي يقوم بحماية ضمان األكرية للمؤجر‬
‫‪ :‬د ‪-‬الحجز االستحقاقي‬

‫يهدف هذا الحجز إلى المحافظة على المنقوالت موضوع الحجز‪،‬‬


‫والحجز االستحقاقي نظمه المشرع من الفصول من ‪ 500‬إلى‬
‫‪ 503‬من قانون م م‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬البيع بالمزاد العلني‬
‫لم ا كان بي ع أموال المحجوز علي ه بالمزاد العلن ي ينص ب عل ى‬
‫إحدى الحقوق المضمونة دستوريا لألشخاص وهو حق التملك‬
‫كان م ن الالزم أ ن يس بقه مجموع ة م ن اإلجراءات ن ص عليه ا‬
‫المشرع المغربي في ق م م والتي تتمثل في اإلعالن عن البيع‬
‫وتحديد المكان والزمان الذي سيتم فيه إلى جانب توقيع البيع‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬التمييز بين أنواع المسؤولية‬
‫المطلب األول‪ :‬التمييز بين المسؤولية األخالقية والمسؤولية القانونية‬

‫تتفق قواعد القانون مع قواعد األخالق في أن كالهما يمثل قواعدا‬


‫للسلوك تهدف إلى تنظيم العيش في الجماعة وتوفير االستقرار‬
‫واألم ن ‪ ،‬كتحري م القت ل وكاف ة ص ور اإليذاء البدن ي‬
‫واألدب ي ‪،‬والس رقة والوفاء بااللتزامات التعاقدي ة وغيره ا م ن‬
‫األفعال المجرم ة الت ي تع د إقرارا لم ا تقض ي ب ه األخالق ‪،‬‬
‫وكذل ك األفعال المخل ة بالحياء واآلداب العام ة ‪،‬وكذل ك ك ل م ا‬
‫ينتج عن العالقات األسرية‪.‬‬
‫االختالف بين المسؤولية األخالقية والمسؤولية القانونية‬
‫‪ :‬من حيث النطاق‬

‫نطاق المسؤولية األدبية أوسع من نطاق المسؤولية القانونية ألن‬


‫القاعدة األخالقي ة يدخ ل فيه ا واج ب الفرد نح و نفس ه كالص دق‬
‫والبر‪،‬وواجبه نحو غيره كفعل الخير وتقديم يد المساعدة ‪ ،‬كما‬
‫أنها تعنى بالنوايا واإلحساسات ‪،‬أما دائرة القانون فال تشمل إال‬
‫عالقة الفرد بغيره‬
‫‪ :‬من حيث الغاية‬
‫• إن قواعد األخالق تعنى بتهذيب اإلنسان وكماله ‪،‬وبالتالي فهي‬
‫تهت م بالنواي ا والبواع ث الداخلي ة ول و ل م تقترن بس لوك‬
‫خارج ي ‪،‬وهدفه ا نش ر الفضيل ة وتحقي ق العدال ة ‪،‬وم ن ث م فه ي‬
‫تراعي ما يجب أن يكون عليه الناس قصد تطهير النفس ‪،‬وهي‬
‫تس عى دائم ا أ ن تس مو به م إل ى الكمال والمثالي ة ‪ ،‬أم ا قواع د‬
‫القانون فال تهت م بالنواي ا والبواع ث الداخلي ة ‪،‬وإنم ا تهت م أس اسا‬
‫بالحكم على السلوك الخارجي لألفراد‪.‬‬
‫• وه ي بذل ك تس عى إل ى اس تقرار النظام ف ي المجتم ع وتحقي ق‬
‫العدل والمساواة بين الناس ‪.‬‬
‫‪:‬من حيث المعيار‬

‫إن المسؤولية األدبية تقوم على أساس معيار شخصي يكفي لقيام‬
‫هذه المس ؤولية أ ن يتمن ى اإلنس ان لغيره شرا‪،‬أم ا المس ؤولية‬
‫القانوني ة فتقوم عل ى أس اس معيار موضوع ي ‪،‬وه ي مس ؤولية‬
‫اإلنسان أمام غيره‪.‬‬
‫‪ :‬من حيث الجزاء‬
‫يقتصر الجزاء في نطاق األخالق على تأنيب الضمير ‪ ،‬واستنكار‬
‫المجتمع ‪ ،‬ومن تم فهو جزاء معنوي ‪ ،‬بينما الجزاء في القانون‬
‫يتمثل في الجزاء المادي الذي تفرضه السلطة العامة ‪،‬إال أنه ال‬
‫يمن ع م ن أ ن القانون يعتم د أس اسا عل ى األخالق ‪،‬ومرج ع ذل ك‬
‫أ ن القانون ال يهت م إال بتنظي م م ا يتص ل بالقي م األخالقي ة‬
‫األس اسية والت ي ال غن ى ف ي كفال ة احترامه ا للجزاء األدب ي‬
‫المتمثل في االستنكار‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التمييز بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية‬

‫• المسؤولية الجنائية هي تل ك المسؤولية التي تقع على م ن يقترف عمال‬


‫يض ر المجتم ع بأس ره ‪ ،‬إ ذ ال ب د لقيام المجتم ع واس تقراره وس المته م ن‬
‫أن يمكن من الدفاع عن نفسه ضد أوالئك الذين يهددون األمن والنظام‬
‫اللذين يرتكز عليهما هذا المجتمع ‪ ،‬والطريقة المثلى لمنع اقتراف مثل‬
‫هذه األفعال الضارة وردع اآلخري ن ع ن اإلتيان بمثله ا ه ي إنزال‬
‫العقاب بالفاعل ‪.‬‬
‫• أما المسؤولية المدنية فإنها بعيدة عن فكرة العقاب في عصرنا هذا على‬
‫األق ل ‪ ،‬إ ذ أنه ا أص بحت تكتف ي بمحاول ة إزال ة الضرر الذي لح ق‬
‫المصاب أو المضرور ‪ .‬وهي لم تصل إلى هذا االستقالل أو االنفصال‬
‫عن المسؤولية الجنائية إال بعد تطور طويل‪.‬‬
‫تتميز المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجنائية في نواح متعددة نذكر‬
‫‪:‬منها ما يلي‬
‫أوال‪:‬من حيث األساس القانوني‬
‫• أس اس المس ؤولية الجنائي ة ه و الضرر الذي أص اب المجتم ع ‪ ،‬أم ا المس ؤولية‬
‫المدنية فأساسها الضرر الذي لحق فردا من األفراد أو عددا محددا منهم‪.‬‬
‫• وحص ر األفعال المعت برة جرائ م‪ ،‬والت ي تؤدي إل ى قيام المس ؤولية الجنائي ة‪ ،‬وكذا‬
‫عدم رب ط قيام هذه المس ؤولية بضرورة حدوث ضرر للغي ر‪ ،‬يؤدي إل ى اختالف‬
‫نطاق كل من المسؤوليتين المدنية والجنائية‪ ،‬فهناك جرائم يعاقب مرتكبها دون أن‬
‫ينت ج ع ن فعل ه ضرر ألح د‪ ،‬كالتشرد وحم ل الس الح‪ ،‬والشروع ف ي الجرائ م الت ي‬
‫يعاقب على الشروع فيها‪ ،‬ومجرد االتفاق على ارتكاب بعض الجرائم‪ ،‬ومخالفات‬
‫المرور‪ ،‬ولذا ال مجال فيها لغير المسؤولية الجنائية‪ ،‬وهناك أفعال تؤدي إلى شغل‬
‫المس ؤولية المدني ة وإلزام مرتكبه ا بالتعوي ض دون أ ن تكون جرائ م‪ ،‬ودون أ ن‬
‫تؤدي بالتالي إلى نشوء المسؤولية الجنائية‪ ،‬كاإلهمال المؤدي إلى إتالف األشياء‬
‫المملوك ة للغي ر‪ ،‬والمنافس ة غي ر المشروع ة‪ ،‬أ و اإلخالل بالتزام ناش ئ بمقتض ى‬
‫عقد أو أي مصدر من مصادر االلتزام‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬من حيث نوعية الجزاء‬

‫جزاء المس ؤولية المدني ة (تعوي ض) ‪ ،‬وه و عادة مبل غ م ن النقود‬


‫يلزم ب ه م ن أحدث ضررا للغي ر ‪ ،‬أم ا المس ؤولية الجنائي ة‬
‫فجزاؤها (عقوبة) ينزلها المجتمع بالجاني أو الفاعل‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬من حيث مخوالت الحق‬

‫والعم ل الجرم ي ال يجوز في ه الص لح وال النزول أل ن المس ؤولية‬


‫الجنائي ة ح ق المجتم ع‪ ،‬أم ا العم ل غي ر المشروع فيجوز في ه‬
‫‪.‬الصلح والنزول ‪ ،‬ألن المسؤولية التقصيرية هي حق للفرد‬
‫رابعا‪:‬من حيث نوعية الجزاء‬
‫• ولم ا كان الجزاء ف ي المس ؤولية الجنائي ة (عقوب ة) تنزل بالجان ي‪،‬‬
‫لهذا كان م ن الواج ب أ ن تحدد مقدم ا األفعال الت ي يعتبره ا القانون‬
‫جرائ م يعاق ب عليه ا ‪،‬إ ذ أ ن م ن القواع د األس اسية ف ي ك ل دس اتير‬
‫العالم المتمدن وقوانينه قاعدة أن ال جريمة وال عقوبة إال بنص‪.‬‬
‫• أما بالنسبة للمسؤولية المدنية فإنها تنهض في جميع الحاالت التي‬
‫نواج ه فيه ا عمال ضارا غي ر مشروع نج م عن ه ضرر بالغي ر‪ ،‬أي ا‬
‫كان ت ص فة هذا العم ل أ و ص ورته فال حاج ة ف ي هذا النوع م ن‬
‫المسؤولية إلى نصوص تبين األعمال غير المشروعة عمال عمال‪.‬‬
‫خامسا‪:‬من حيث االعتداد بعنصر النية‬
‫النية ركن من أركان المسؤولية الجنائية ومن هنا تقترب المسؤولية الجنائية من‬
‫المسؤولية الخلقية أو األدبية ‪،‬ولكن الفارق بينهما من هذه الناحية يكمن في أنه‬
‫إذا كانت النية وحدها تكفي في المسؤولية الخلقية فإنها ال تكفي في المسؤولية‬
‫الجنائي ة ‪ ،‬إ ذ ينبغ ي لقيام هذه المس ؤولية أ ن يكون لهذه الني ة مظه ر خارج ي‬
‫يص ل إل ى ح د معي ن م ن الجس امة فالتص ميم واألعمال التحضيري ة ال عقاب‬
‫عليها ‪ ،‬والشروع قد يعاقب عيه ولكن في بعض الجرائم دون بعضها اآلخر‪ ،‬أما‬
‫الفعل التام فيعاقب عليه في الجرائم كلها‪.‬‬
‫أم ا بالنس بة للمس ؤولية المدني ة فال تشترط الني ة فيه ا ‪ ،‬فإ ن أكث ر م ا يكون الخط أ‬
‫المدن ي إهماال أ و تقص يرا ال عمدا‪ ،‬وس واء أكان العم ل غي ر المشروع عمدا أ م‬
‫غير عمد فإن الضرر الذي ينشأ عنه يجب أن يعوض تعويضا كامال دون تفريق‬
‫بي ن إهمال وعم د ‪ ،‬وإ ن كان القضاء يمي ل ميال طبيعي ا إل ى زيادة التعوي ض ف ي‬
‫الفعل العمد وإلى قياس التعويض بجسامة الخطأ في الفعل غير العمد‪.‬‬
‫سادسا ‪:‬من حيث أطراف الدعوى ونوعيتها‬

‫المدعي في المسؤولية الجنائية هو المجتمع الذي نزل الضرر به‬


‫ممثال ف ي االدعاء العام أ و النياب ة العام ة (عل ى اختالف ف ي‬
‫التسمية)‪ ،‬أما المدعي في المسؤولية المدنية فهو هذا الشخص‬
‫المضرور أو من يمثله‪.‬‬
‫سابعا‪:‬من حيث تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية‬

‫تتأثر المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية‪ ،‬ألن هذه المسؤولية‬


‫األخيرة أقوى م ن المس ؤولية المدني ة‪ ،‬وأش د أثرا‪ ،‬وهكذا تتب ع‬
‫المسؤولية المدنية المسؤولية الجنائية وال عكس‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬النتائج المترتبة عن اجتماع المسؤولية المدنية والجنائية‬

‫تتجلى مظاهر تأثير المسؤولية الجنائية في المسؤولية المدنية في اآلتي‪:‬‬


‫أوال‪ :‬من حيث االختصاص القضائي‬
‫• إ ن الدعوى الناشئ ة ع ن المس ؤولية الجنائي ة ه ي دعوى‬
‫جزائي ة‪ ،‬تملكه ا الدول ة ع ن المجتم ع‪ ،‬وتباشره ا الهيئ ة الت ي‬
‫تنوب ع ن المجتم ع‪ ،‬كالنياب ة العام ة‪ ،‬وتخت ص به ا المحاك م‬
‫الجنائية دون سواها‪.‬‬
‫• أم ا الدعوى الناشئ ة ع ن المس ؤولية المدني ة فه ي دعوى‬
‫خاص ة يملكه ا المضرور وحده‪ ،‬وتخت ص به ا ف ي األص ل‬
‫المحاك م المدنية‪ .‬ويترت ب عل ى ذل ك أ ن الدعوى الجزائي ة ال‬
‫يجوز النزول عنه ا بع د رفعه ا‪ ،‬وال يجوز التص الح ف ي شأنه ا‪،‬‬
‫أما الدعوى المدنية فيجوز فيها ذلك‪.‬‬
‫ثـــانيا‪ :‬من حيث قوة األمر المقضي فيه‬
‫• حينما تفصل المحكمة الجنائية في الدعوى وتبت فيها‪ ،‬يحوز‬
‫هذا الحك م قوة األم ر المقض ي في ه وحجيت ه‪ ،‬وعل ى المحكم ة‬
‫المدني ة حينئ ذ أ ن تأخ ذ هذا الحك م الجنائ ي بعي ن االعتبار م ن‬
‫حيث ثبوت الوقائع وعدم ثبوتها‪.‬‬
‫• أما من حيث التكيف القانوني للوقائع‪ ،‬فإن المحكمة المدنية‬
‫ال تتقيد بما توصلت إليه المحكمة الجنائية إذا حكمت المحكمة‬
‫ببراء ة المتهم‪ .‬حي ث يجوز للمحكم ة المدني ة أ ن تكي ف هذه‬
‫الوقائع تكيفا آخر لغرض الحكم بالتعويض‪.‬‬
‫• إ ن ص دور الحك م الجزائ ي ببراء ة المته م يكون بأح د الحالتي ن‬
‫التاليين‪:‬‬
‫• ‪ -1‬إما أن يصدر الحكم ببراءة المتهم لعدم نسبة الفعل إليه‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحالة ال يحق للقاضي المدني أن يحكم بالتعويض‪ .‬ألن الحكم‬
‫بالتعويض معناه وقوع الفعل من المتهم‪ ،‬مما سيؤدي إلى ظهور‬
‫التناقض بين الحكم المدني والحكم الجزائي‪.‬‬
‫• ‪ -2‬وإما أن يصدر الحكم الجزائي ببراءة المتهم‪ ،‬ألن الفعل الواقع‬
‫من ه ال يعت بر جريم ة جنائي ة‪ ،‬أ و لوجود مان ع م ن موان ع العقاب‪.‬‬
‫وهنا يحق للقاضي المدني رغم ذلك أن يحكم بالتعويض‪ ،‬ألنه ال‬
‫يوجد تعارض بين هذين الحكمين (الجزائي والمدني)‪.‬‬
‫ثالثـا‪ :‬من حيث وقف الدعوى‬
‫إذا ترت ب عل ى العم ل الواح د المس ؤوليتان الجنائي ة والمدني ة‪،‬‬
‫ورفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية‪ ،‬فرفع الدعوى‬
‫الجنائي ة أمام المحكم ة الجنائي ة يق ف س ير الدعوى المدني ة‪،‬‬
‫وعلى المحكمة المدنية أن تأمر بوقف الدعوى حتى يبت في‬
‫الدعوى الجنائية‪ .‬وال يجوز عن د إذا الرجوع ع ن الطري ق‬
‫المدن ي ورف ع الدعوى المدني ة م ن جدي د أمام المحكم ة‬
‫الجنائية‪ .‬وم ن ث م نرى أ ن الدعوى الجنائي ة تق ف الدعوى‬
‫المدنية‬
‫رابعــا‪ :‬من حيث التقادم‬
‫الدعوى المدني ة ال تس قط بالتقادم م ا دام ت الدعوى الجنائي ة‬
‫قائم ة ل م تس قط‪ ،‬فإذا كان ت دعوى المس ؤولية التقص يرية‬
‫تسقط بانقضاء خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه‬
‫إل ى عل م الفري ق المتضرر الضرر وم ن ه و المس ؤول عنه‪.‬‬
‫وتتقادم ف ي جمي ع األحوال بمض ي عشري ن س نة تبتدئ م ن‬
‫وقت حدوث الضرر‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية‬
‫المطلب األول‪ :‬تحديد نطاق كل من المسؤولية العقدية والتقصيرية‬

‫تنش أ المس ؤولية العقدي ة جزاء عل ى اإلخالل بالتزام عقدي‪ ،‬أم ا‬


‫المس ؤولية التقص يرية فه ي جزاء اإلخالل بواج ب قانون ي‪ ،‬وهناك‬
‫فرق بي ن االلتزام بمعناه الفن ي والواج ب القانون ي‪ ،‬فااللتزام ه و‬
‫رابط ة قانوني ة بي ن شخص ين هم ا الدائ ن والمدي ن‪ ،‬وف ي المواد‬
‫التعاقدي ة لي س هناك ش ك ف ي وجود الدائ ن والمدي ن‪ ،‬أم ا ف ي النطاق‬
‫التقصيري فليس هناك التزام سابق قبل وقوع العمل الغير المشروع‪،‬‬
‫وإنم ا ه و واج ب قانون ي يق ع عل ى عات ق الكاف ة‪ ،‬وه و واج ب عدم‬
‫اإلضرار بالغي ر‪ ،‬فإذا حدث اإلخالل بهذا الواج ب نش أ االلتزام‪ ،‬أ ي‬
‫تحول الواجب القانوني العام إلى التزام طرفاه دائن ومدين‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية‬
‫الفرع األول‪ :‬فكرة ازدواج المسؤولية المدنية‬

‫يظهر التمييز بين المسؤوليتين –العقدية والتقصيرية‪ -‬من خالل‬


‫القواعد التالية‪:‬‬
‫‪:‬فمن حيث األهلية‬
‫• تس تلزم المس ؤولية العقدي ة تواف ر أهلي ة األداء الت ي يس تلزمها القانون‬
‫الموضوع ي الذي يحك م التص رف‪ ،‬ألن ه يرتك ز عل ى اإلرادة‪ .‬أم ا المس ؤولية‬
‫التقص يرية فيكف ي مجرد التميي ز‪ ،‬ب ل أن ه يمك ن مس ائلة غي ر الممي ز ع ن‬
‫التعوي ض إذا ل م يوج د مس ؤول عن ه‪ ،‬أ و تعذر الحص ول م ن المس ؤول ع ن‬
‫التعويض‪.‬‬
‫• وهذا م ا أشار إلي ه المشرع ف ي الفص ل ‪ 96‬م ن قانون االلتزامات والعقود‬
‫المغربي حيث نص على أن القاصر عديم التمييز ال يسأل مدنيا عن الضرر‬
‫الحاص ل بفعله‪ .‬ويطب ق نف س الحك م عل ى فاق د العق ل ‪ ،‬بالنس بة إل ى األفعال‬
‫الحاص لة ف ي حال ة جنونه‪ .‬وبالعك س م ن ذل ك يس أل القاص ر ع ن الضرر‬
‫الحاصل بفعله إذا كان له من التمييز الدرجة الالزمة لتقدير نتائج أعماله"‪.‬‬
‫‪:‬من حيث درجة الخطأ‬
‫فف ي المس ؤولية العقدي ة إذا كان االلتزام بتحقي ق غاي ة كمس ؤولية‬
‫الناقل باألجر‪ ،‬تتوافر المسؤولية عند عدم تحقق النتيجة‪ ،‬ولو لم‬
‫يثبت بجانبه أي خطأ مادام لم يثبت السبب األجنبي‪ ،‬وإذا كان‬
‫االلتزام ببذل عناي ة‪ ،‬كمس ؤولية الط بيب‪ ،‬فإ ن الخط أ يقاس‬
‫بمعيار الرج ل العادي‪ ،‬فال تقوم المس ؤولية ع ن الخط أ اليس ير‬
‫الذي ال يمكن تجنبه‪ ،‬أما المسؤولية التقصيرية فهي تقوم دائما‬
‫على الخطأ مهما كان يسيرا أو تافها‪ ،‬والخطأ التافه هو الذي ال‬
‫يقترفه الشخص الحازم المتوسط‪ ،‬فمعيار الخطأ في المسؤولية‬
‫التقصيرية ثابت ال يتغير‪.‬‬
‫‪:‬من حيث اإلعذار‬

‫ف ي المس ؤولية العقدي ة يشترط إعذار المدي ن إال ف ي حاالت‬


‫استثنائية‪ .‬وهذا ما أكده الفصل ‪( 255‬ق‪.‬ل‪.‬ع) على أن "المدين‬
‫يص بح ف ي حال ة مط ل بمجرد حلول األج ل المقرر ف ي الس ند‬
‫المنشئ لاللتزام‪ ،‬فإن لم يعين لاللتزام أجل لم يعتبر المدين في‬
‫حال ة مط ل إال بع د أ ن يوج ه إلي ه أ و إل ى نائب ه القانون ي إنذار‬
‫صريح بوفاء الدين ‪"...‬الخ‪.‬‬
‫‪.‬من حيث عبء اإلثبات‬
‫فف ي المس ؤولية العقدي ة ال يكل ف مدع ي التعوي ض بإثبات خط أ‬
‫خص مه‪ ،‬وإنم ا يكتف ي من ه بإثبات الرابط ة العقدي ة بم ا ينطوي‬
‫عل ى إثبات قيام االلتزام فينتق ل عل ى عات ق المس ؤول إثبات‬
‫الوفاء‪ ،‬أ و أ ن عدم الوفاء يرج ع إل ى س بب أجن بي‪ ،‬أم ا ف ي‬
‫المس ؤولية التقص يرية فيق ع عل ى عات ق المضرور إثبات الخطأ‬
‫والضرر الذي ينسب إلى المسؤول أنه أحدثه به‪.‬‬
‫‪ :‬من حيث القانون الواجب التطبيق‬
‫• تختل ف القواع د الت ي يقرره ا القانون الدول ي الخاص بالنس بة لتحدي د القانون‬
‫الواج ب التط بيق ‪ ،‬باختالف م ا إذا كن ا ف ي ص دد عالق ة تعاقدي ة ‪ ،‬أ و كن ا ف ي‬
‫صدد فعل ضار ‪.‬‬
‫• فإذا م ا نش أ نزاع يتص ل بتنفي ذ التزام تعاقدي ‪ ،‬وكان هذا النزاع ينطوي عل ى‬
‫عنصر أجنبي ‪ ،‬فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي يقع فيها‬
‫الموطن المشترك للمتعاقدين ‪ ،‬هذا إذا اتحد موطنهما ‪ ،‬أما إذا اختلف موطن‬
‫ك ل منهم ا فإ ن القانون الواج ب التط بيق ه و قانون الدول ة الت ي ت م فيه ا إ برام‬
‫العقد ‪ ،‬إال إذا اتفق الطرفان أو تبين من الظروف أن قانونا آخر يراد تطبيقه ‪.‬‬
‫• أما بالنسبة لدعوى المسؤولية التقصيرية فإن القانون الواجب التطبيق بشأنها‬
‫في مثل هذه الحاالت هو قانون الدولة التي فيها الواقعة المنشئة لاللتزام ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬فكرة وحدة المسؤولية‬

‫قد نازع أنص ار نظري ة الوحدة في الحجج والفروق التي جاء بها‬
‫أصحاب النظرية التقليدية‪.‬‬
‫عل ى الرغ م م ن الفروق الس الفة الت ي يزع م أنص ار فكرة ازدواج‬
‫المسؤولية المدنية قيامها بين المسؤولية العقدية وبين المسؤولية‬
‫التقصيرية ‪ ،‬ذهب فريق آخر من الفقهاء إلى وحدة المسؤولية‬
‫المدني ة ‪ ،‬وقالوا إن ه لي س هناك ف ي الواق ع إال مس ؤولية مدني ة‬
‫واحدة ه ي المس ؤولية التقص يرية الت ي تنش أ ع ن العم ل غي ر‬
‫المشروع وليس ت المس ؤولية العقدي ة إال ص ورة خاص ة أ و‬
‫تطبيق ا خاص ا لهذه المس ؤولية العام ة اتخ ذ فيه ا الفع ل الضار‬
‫صورة ( اإلخالل بالتزام تعاقدي )‪ ،‬ومن هنا كانت شروط هذه‬
‫الص ورة الخاص ة للمس ؤولية المدني ة ‪ ،‬وأحكامه ا كذل ك نف س‬
‫شروط وأحكام المسؤولية األم وهي المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

You might also like