You are on page 1of 53

‫املسؤولية املدنية يف قانون‬

‫اإللتزامات و العقود املغربي‬


‫الفصل التمهيدي ‪ :‬املبادئ العامة للمسؤولية‬
‫املدنية‬
‫الفصل األول ‪ :‬املسؤولية العقدية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬املسؤولية التقصريية‬


‫الفصل الثالث‪ :‬املسؤولية املدنية ن اخار‬
‫املنتجات املعيبة‬

‫تلخيص و جتميع‬
‫هشام ليوسفي‬
‫فوزي أكريم‬
‫المسؤولٌة المدنٌة‬
‫إعداد فوزي أكرٌم‬
‫اعتمادا على محاضرات الدكتور أٌت الحاج مرزوق‬
‫وكتاب نظرٌة اإللتزامات للمرحوم مأمون الكزبري‬
‫كلٌة الحقوق ‪ ،‬طنجة ‪2017 -‬‬
‫تقدٌم ‪:‬‬
‫ٌعتبر قانون االلتزامات والعقود المؽربً إرثا موروثا عن الحماٌة الفرنسٌة ‪ ،‬إذ تم وضعه فً فترة‬
‫حاسمة من تارٌخ المؽرب عندما كانت فرنسا فً أمس الحاجة إلى المؤسسات القانونٌة التً تعضد‬
‫بها سلطانها السٌاسً ‪ ،‬فقد تم وضع هذا القانون بظهٌر ‪ 21‬ؼشت ‪ 2121‬باالستناد إلى الفصل‬
‫األول من اتفاقٌة الحماٌة المبرمة بمدٌنة فاس فً ‪ 13‬مارس ‪ 2121‬فً عهد السلطان موالي‬
‫ٌوسؾ ‪ ،‬وقانون االلتزامات والعقود ٌكاد ٌكون صورة طبق األصل للمجلة التونسٌة لاللتزامات‬
‫والعقود التً تم وضعها من قبل الحماٌة الفرنسٌة بتونس سنة ‪ ،2131‬وتعتبر مزٌجا قانونٌا ألحكام‬
‫الفقه اإلسالمً والتشرٌعات األوربٌة ‪ ،‬وقد فرض هذا القانون قسرا فً بداٌة القرن العشرٌن‪،‬‬
‫إال أن المشرع المؽربً قد تقبله طوعا واحتضنه فً الفترة الموالٌة لالستقالل‪ ،‬وهذا ما ٌفهم من‬
‫قانون التوحٌد والتعرٌب والمؽربة‪ ،‬وكذا المرسوم الملكً الصادرٌن فً ‪ ، 2111‬وعلى الرؼم من‬
‫مرور قرابة قرن من الزمن على صدور هذا القانون والعمل به فً المؽرب ‪ ،‬فإنه لم ٌنله أي تؽٌٌر‬
‫جذري ٌذكر‪.‬‬
‫نص الفصل االول من قانون االلتزامات والعقود على أن " تنشأ االلتزامات عن االتفاقات‬
‫والتصرٌحات األخرى المعبرة عن اإلرادة‪ ،‬وعن أشباه العقود‪ ،‬وعن الجرابم وعن أشباه الجرابم "‪.‬‬
‫فمصادر االلتزام حسب التشرٌع المؽربً هً‪ -2 :‬االتفاقات (أو العقود) ‪ -1‬التصرٌحات المعبرة‬
‫عن اإلرادة (اإلرادة المنفردة) ‪ -1‬أشباه العقود ‪ -4‬الجرابم وأشباه الجرابم ‪ .‬وقد انتقد صنٌع‬
‫المشرع المؽربً من حٌث اعتداده بشبه العقد وشبه الجرم‪ ،‬مصدرٌن لاللتزام‪ ،‬وإؼفاله للقانون‬
‫الذي ٌمكن أن ٌكون سببا مباشرا لنشوء االلتزام ‪ ،‬وعلٌه فالتصنٌؾ األكثر دقة لمصادر االلتزام هو‬
‫تصنٌؾ الفقه والتشرٌعات المقارنة التً جعلت مصادر االلتزام خمسة أوال ‪ :‬العقد ‪ ،‬ثانٌا ‪ :‬اإلرادة‬
‫المنفردة ‪ ،‬ثالثا ‪ :‬اإلثراء بال سبب ‪ ،‬رابعا ‪ :‬العمل ؼٌر المشروع ‪ ،‬خامسا ‪ :‬القانون ‪.‬‬
‫هكذا نالحظ أن المسؤولٌة المدنٌة أو ما ٌطلق علٌه العمل ؼٌر المشروع هً من مصادر نشوء‬
‫االلتزام ‪ ،‬فإذا أخل أحد بالتزام ترتب على هذا اإلخالل مسؤولٌته المدنٌة‪ ،‬وهذه األخٌرة على‬
‫نوعٌن ‪ :‬مسؤولٌة عقدٌة ومسؤولٌة تقصٌرٌة ‪ ،‬فالمسؤولٌة العقدٌة هً جزاء اإلخالل بتنفٌذ العقد ‪،‬‬
‫وهً أثر من آثار العقد الذي تم اإلخالل به ‪ ،‬وهً مستمدة من العقد كمصدر من مصادر االلتزام ‪،‬‬
‫أما المسؤولٌة التقصٌرٌة فهً العمل ؼٌر المشروع ‪ ،‬وهو المصدر الرابع من مصادر االلتزام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قال تعالى " ال ٌسأل عما ٌفعل وهم ٌسألون " األنبٌاء ‪11‬‬

‫المسؤولٌة المدنٌة من أهم الموضوعات القانونٌة التً اهتم بها الفقه والقضاء منذ بداٌة القرن‬
‫العشرٌن نظرا للمخاطر التً ٌتسبب فٌها االنسان بفعله أو بفعل األشٌاء التً ٌسأل عنها خصوصا‬
‫مع التطور الحاصل فً وسابل النقل واالنتاج الصناعً ‪ ،‬و األصل فً المسؤولٌة المدنٌة هو‬
‫إرجاع الحالة التً كانت علٌه قبل وقوع الضرر أو الحصول على تعوٌض فً حالة تعذر ذلك ‪.‬‬
‫تعرٌف المسؤولٌة المدنٌة‬
‫ٌقصد بالمسؤولٌة تحمل الشخص لعواقب التقصٌر الصادر عنه أو االشٌاء واالشخاص التً ٌسأل‬
‫عنها ‪ ،‬فهً فً معناها المدنً المؤاخذة عن األخطاء التً تضر بالؽٌر وإلزام المتسبب بإرجاع‬
‫الحالة إلى ما كانت علٌه أو جبر الضرر عن طرٌق التعوٌض كما حدده القانون ‪.‬‬
‫أما الفقه االسالمً فقد تحدث عن المسؤولٌة المدنٌة وأطلق علٌها إسم الضمان ‪ ،‬وقد عرفه وهبة‬
‫الزحٌلً فً كتابه نظرٌة الضمان فً الفقه االسالمً بأنه إعطاء شًء مثل الشًء إن كان من‬
‫المثلٌات وقٌ مته إن كان من القٌمٌات ‪ ،‬وعلٌه فالضمان فً الفقه االسالمً ٌعنً ما تعنٌه المسؤولٌة‬
‫المدنٌة فً القانون المدنً وهو التزام بأداء تعوٌض مالً عند اإلضرار بالؽٌر ‪ ،‬شرٌطة أن ال‬
‫ٌصل هذا اإلضرار إلى مستوى االضرار بالحق العام ‪ ،‬حٌث تقوم هنا المسؤولٌة الجنابٌة وتتدخل‬
‫النٌابة العامة مطالبة بمعاقبة المسؤول ‪.‬‬
‫النظرٌة الشخصٌة‬
‫تؤسس هذه النظرٌة المسؤولٌة على فكرة الخطأ كأساس جوهري ال تقوم بدونه‪ ،‬فهً تهتم أساسا‬
‫بسلوك الشخص المسؤول وال نتصور قٌام المسؤولٌة بؽٌر خطأ ولكن بؽٌر تفرقة بٌن خطأ عمدي‬
‫أو ؼٌر عمدي ‪ٌ ،‬ستوي فً ذلك أن ٌكون هذا الخطأ واجب اإلثبات فً حالة المسؤولٌة عن العمل‬
‫الشخصً أو أن ٌكون خطأ مفروضا فً حالة المسؤولٌة عن فعل الؽٌر وعن األشٌاء ‪ ،‬إذ أن‬
‫أساس المسؤولٌة فً جمٌع هذه الحاالت هو الخطأ‪.‬‬

‫النظرٌة الموضوعٌة‬
‫أدى التقدم الصناعً فً نهاٌة القرن ‪ 21‬وكثرة المخترعات المٌكانٌكٌة وقٌام الصناعات الضخمة‬
‫وانتشار وسابل النقل اآللٌة إلى توسٌع نطاق المسؤولٌة على أساس اعتبارات العدالة والتضامن‬
‫االجتماعً ال على فكرة الخطأ ‪ ،‬فذهب فرٌق من الشراح وعلى رأسهم سالً و دٌموج إلى اعتبار‬
‫أن من ٌباشر نشاطا ٌتحمل نتٌجته وعلٌه أن ٌعوض الؽٌر الذي ٌلحقه ضرر منه ‪ ،‬ولو كان سلوكه‬
‫هذا ؼٌر مشوب بخطأ ما‪.‬‬

‫وعلٌه فمن ٌقوم بعمل ؼٌر مشروع ما فإنه ٌتحمل تبعاته ‪ ،‬وفً منطق هذه النظرٌة المادٌة أو‬
‫نظرٌة تحمل التبعة‪ ،‬فإنه من ؼٌر الجابز نفً المسؤولٌة بنفً الخطأ أو بنفً العالقة السببٌة‪.‬‬
‫فالمسؤولٌة تقوم على الضرر وحده حتى ولو كان السبب مبنٌا على قوة قاهرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أنواع المسؤولٌة‬
‫تنقسم المسؤولٌة إلى مسؤولٌة قانونٌة و مسؤولٌة أخالقٌة ‪ ،‬بٌنما تنقسم المسؤولٌة القانونٌة إلى‬
‫مسؤولٌة مدنٌة ومسؤولٌة جنابٌة ‪.‬‬
‫المسؤولٌة األخالقٌة‬
‫األخالق قواعد مثالٌة نابعة من المجتمع لمحاربة الشر و الدعوة إلى الخٌر ومكارم االخالق ‪،‬‬
‫وعند االخالل بقاعدة أخالقٌة تقوم المسؤولٌة االخالقٌة تبعا لذلك ‪ ،‬ودابرة االخالق أوسع من دابرة‬
‫القانون ‪ ،‬لذلك كانت المسؤولٌة االخالقٌة أوسع من المسؤولٌة القانونٌة ‪ ،‬لكن الجزاء المترتب‬
‫علٌها ال ٌكون عن طرٌق القضاء بل ٌكون عبارة عن استنكار المجتمع وتأنٌب الضمٌر ‪ ،‬وال‬
‫ٌشترط لقٌام المسؤولٌة األخالقٌة وقوع االضرار بالؽٌر ‪ ،‬بل ٌكفً أن ٌكون الفعل مشٌنا أو‬
‫مستنكرا من المجتمع ‪ ،‬ألن االخالق تعنى لٌس فقط بعالقة االنسان مع االنسان بل تتعداها إلى‬
‫عالقة االنسان باهلل وعالقته بنفسه ‪.‬‬

‫المسؤولٌة القانونٌة‬
‫تنقسم إلى مسؤولٌة جنابٌة ومسؤولٌة مدنٌة‬

‫المسؤولٌة الجنائٌة‬
‫تنشأ المسؤولٌة الجنابٌة عن كل فعل ٌشكل جرٌمة بنص القانون ‪ ،‬وتأتً هذه المسؤولٌة لحماٌة‬
‫المجتمع ‪ ،‬والقانون هو من ٌحدد الجرٌمة والعقوبة الخاصة بها ‪ ،‬هذه العقوبة ال تأتً على شكل‬
‫تعوٌض بل على شكل جزاء جنابً مؤلم فتمس الفرد فً حرٌته أو نفسه أو ماله من أجل ردعه و‬
‫حمله على االستقامة ‪ ،‬وأٌضا ردع اآلخرٌن ممن تسول لهم أنفسهم المس بسالمة المجتمع وأمنه ‪،‬‬
‫هذا الجزاء الجنابً ٌتخذ إما شكل عقوبة أو تدبٌر وقابً ‪ ،‬فالعقوبة تتحدد حسب ما إذا كانت‬
‫الجرٌمة جناٌة أو جنحة أو مخالفة ‪ ،‬ففً الجناٌة مثال العقوبة تكون إما سالبة للحرٌة أو إعداما أو‬
‫تجرٌدا من الحقوق الوطنٌة ‪ ،‬بٌنما فً الجنحة تكون العقوبة إما حبسا من شهر إلى ‪ 1‬سنوات‬
‫وؼرامة ال تقل عن ‪ 2133‬درهم أو هما معا ‪ ،‬بٌنما فً المخالفة ال تتجاوز مدة االعتقال شهرا‬
‫واحدا وؼرامة ال تتجاوز ‪ 2133‬درهم ‪ ،‬أما التدابٌر الوقابٌة فهً نوع من االجراءات تصدر بحكم‬
‫قضابً لتجنب خطورة تكمن فً نفسٌة الجانً ‪ ،‬لكن دون إٌداعه السجن حتى ال ٌحتك بمجرمٌن‬
‫أكثر حنكة وتخفٌفا من وطأة اكتظاظ السجون ‪.‬‬
‫شرطا المسؤولٌة الجنابٌة هما السلوك المادي المتسبب فً النتٌجة اإلجرامٌة ثم االسناد المعنوي‬
‫وٌقوم على أمرٌن هما التمٌٌز و حرٌة االختٌار ‪ ،‬بمعنى القدرة على االدراك والتمٌٌز ووجود أهلٌة‬
‫وهو أمر ال ٌتحقق إال ببلوغ سن ‪ 21‬سنة ‪ ،‬بٌنما ٌعتبر الحدث البالػ ما بٌن ‪ 21‬و ‪ 21‬ناقص أهلٌة‬
‫ومسؤوال مسؤولٌة جنابٌة لكن مسؤولٌة ناقصة ‪ ،‬أما ما دون ‪ 21‬سنة فهو ؼٌر مسؤول جنابٌا البتة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المسؤولٌة المدنٌة‬
‫هً االلتزام بإصالح الضرر الواقع على الؽٌر بفعل الملتزم أو بـفعل االشخاص أو االشٌاء أو‬
‫الحٌوانات التً ٌسأل عنها ‪.‬‬
‫المسؤولٌة المدنٌة هً مسؤولٌة قانونٌة ألنه ٌترتب عن قٌامها جزاءات ٌفرضها القانون وهً مدنٌة‬
‫ألنها ترمً إلى رفع الضرر الواقع على الؽٌر أو إزالته أو إصالحه أو منح مبلػ من المال‬
‫كتعوٌض و جبر للضرر ‪ ،‬وهً مبنٌة على التزام قانونً سابق مفاده عدم االضرار بالؽٌر ‪.‬‬
‫الجزاء المدنً‬
‫ٌترتب عند قٌام المسؤولٌة الجنابٌة الجزاء الجنابً وذكرنا أنه ٌأتً على شكل عقوبة مؤلمة تمس‬
‫الفرد فً حرٌته أو بدنه أو حٌاته أو ماله ‪ ،‬بٌنما الجزاء المدنً هو أكثر تنوعا من الجزاء الجنابً‬
‫لكنه ال ٌمس شخص المعنً بل هو ٌمس ماله فقط أو ٌلزمه بإعادة الحالة إلى ما كانت علٌه قبل‬
‫الضرر ‪ ،‬فهو جزاء إصالحً ‪ٌ ،‬ستهدؾ إصالح الضرر أو رفعه بالتنفٌذ العٌنً واالجبار على‬
‫تنفٌذ حكم القاعدة التً خالفها أو امتنع عن تطبٌقها كلما كان ممكنا من ؼٌر إرهاق المدٌن أو قهر‬
‫حرٌته الشخصٌة ‪.‬‬
‫الجزاء المدنً فً القانون الرومانً كان ٌختلط مع الجزاء الجنابً ‪ ،‬ولم ٌتم التمٌٌز بٌنهما إال فً‬
‫ظل القانون الفرنسً القدٌم ‪ ،‬الذي جعل المسؤولٌة المدنٌة فً شكل تعوٌض ال تشوبه فكرة العقوبة‬
‫عندما ٌقع إخالل بالتزام عقدي أو ضرر بأموال الؽٌر ‪ ،‬و لعل الفضل ٌرجع إلى الفقٌه دوما فً‬
‫التمٌٌز بٌن المسؤولٌة الجنابٌة والمدنٌة ‪ ،‬وهو ما علٌه االمر الٌوم حٌث أن الجزاء المدنً ال ٌطال‬
‫شخص المدٌن بل أمواله فقط ‪ ،‬تماشٌا مع توصٌات المواثٌق الدولٌة لحقوق االنسان ‪ ،‬لكن ما تزال‬
‫هناك بعض التشرٌعات التً تنص على حبس المدٌن إذا لم ٌنفذ التزاماته المدنٌة ومن بٌن هذه‬
‫التشرٌعات التشرٌع المؽربً الذي ٌنص على االكراه البدنً كوسٌلة إلجبار المدٌن على تنفٌذ‬
‫التزاماته المدنٌة ‪.‬‬

‫أنواع الجزاءات المدنٌة‬


‫أوال ‪ :‬الجزاءات المدنٌة المكفولة بعدالة خاصة‬
‫الدفع بعدم التنفٌذ ‪ :‬فالدابن فً االلتزام التبادلً ٌستطٌع أن ٌمتنع عن تنفٌذ التزامه طالما أن‬ ‫‪-‬‬
‫المدٌن لم ٌقم بتنفٌذ التزامه ‪ ،‬ؾ‪ 114‬من ق ل ع ‪.‬‬
‫حبس المال ‪ " :‬هو حٌازة الشًء المملوك للمدٌن وعدم التخلً عنه إال بعد وفاء ما هو مستحق‬ ‫‪-‬‬
‫للدابن ‪ ،‬وال ٌمكن أن ٌباشر إال فً األحوال الخاصة التً ٌقررها القانون " ؾ ‪ 112‬من ق ل ع ‪.‬‬
‫قطع جذور االشجار الممتدة ‪ :‬من أرض الجار ‪ ،‬ؾ‪ 211‬من ظهٌر التحفٌظ العقاري‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫ثانٌا ‪ :‬الجزاءات المدنٌة الماسة بالعقود‬
‫‪ -‬البطالن ‪ :‬جزاء ٌقرره القانون على عقد اختل فٌه ركن من أركان العقد ‪ ،‬كما لو كانت االهلٌة‬
‫منعدمة فً حالة ال صؽٌر ؼٌر الممٌز أو كان محل االلتزام شٌبا أو عمال مستحٌال ‪ ،‬أو كان السبب‬
‫ؼٌر مشروع أو ؼٌر موجود أصال ‪ ،‬أو العتبارات تتعلق بالنظام العام فٌقضى بـبطالن العقد بنص‬
‫القانون ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلبطال ‪ :‬جزاء ٌقرره القانون عند اختالل شرط من شروط صحة العقد ‪ ،‬كما لو كانت إرادة‬
‫أحد المتعاقدٌن ؼٌر سلٌمة ‪ ،‬أو بموجب نص قانونً ٌمنح حق االبطال ألحد المتعاقدٌن ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلجازة والتقادم ‪ :‬العقد الباطل عدم منذ البداٌة فال ٌلحقه تقادم وال إجازة ‪ ،‬أما العقد القابل‬
‫لإلبطال فهو ٌرتب جمٌع آثار العقد الصحٌح وٌكون ألحد األطراؾ الحق فً إبطاله وٌزول هذا‬
‫الحق بالنزول عنه وهذه هً االجازة أو ٌنقضً بانقضاء مدة معٌنة دون استعمال هذا الحق وهذا‬
‫هو التقادم ‪ ،‬فالعقد القابل لإلبطال إذن تلحقه االجازة وٌرد علٌه التقادم ‪ .‬واإلجازة هً عمل قانونً‬
‫ٌراد به تصحٌح العقد برفع العٌب الذي ٌلحقه ‪ ،‬و ٌتم بإرادة منفردة و ٌصدر من جانب من تقرر‬
‫لمصلحته البطالن النسبً ‪ ،‬وعلى ذلك فهً ال تحتاج إلى أن ٌقترن بها قبول وال ٌمكن الرجوع‬
‫فٌها على أساس أن القبول لم ٌصدر ‪ ،‬فباإلجازة ٌستقر هذا الوجود القانونً نهابٌا بعد أن كان‬
‫مهددا بالزوال وهً تختلؾ عن اإلقرار الذي هو عمل قانونً ٌصدر من شخص خارج عن العقد‬
‫كما فً حالة إقرار األصٌل للعقد الذي أبرمه ناببه خارج حدود نٌابته ومثله أٌضا بٌع ملك الؽٌر فال‬
‫ٌنفذ فً مواجهة المالك الحقٌقً إال بإقراره ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الجزاءات المدنٌة الواردة فً قانون المسطرة المدنٌة‬
‫‪ -‬الغرامة التهدٌدٌة ‪ :‬ؾ‪ " 441‬إذا رفض المنفذ علٌه أداء االلتزام بعمل أو خالؾ التزاما‬
‫باالمتناع عن عمل أثبت عون التنفٌذ ذلك فً محضره وأخبر الربٌس الذي ٌحكم بالؽرامة التهدٌدٌة‬
‫ما لم ٌكن سبق الحكم بها " هذه الؽرامة طرٌقة إلجبار المدٌن على الوفاء بالتزامه من ؼٌر‬
‫استعمال القوة الجبرٌة ‪.‬‬
‫‪ -‬الحجز على األموال ‪ :‬فهناك الحجز التحفظً ؾ‪ -411‬ؾ‪ 411‬وهو إجراء مؤقت ؼاٌته‬
‫التحفظ على أموال المدٌن بوضعها تحت ٌد القضاء حماٌة لمصلحة الدابن ‪ ،‬وهناك الحجز التنفٌذي‬
‫وهو إجراء ٌباشره الدابن بقصد استٌفاء حقه من أموال المدٌن أو من ثمنها بعد بٌعها بواسطة‬
‫السلطة القضابٌة ‪ ،‬وٌقع على المنقوالت المادٌة التً توجد بحوزة المنفذ علٌه والمملوكة له حٌث‬
‫ٌتم بٌعها بالمزاد العلنً القتضاء حق الدابن ‪ ،‬وهناك الحجز االرتهانً وٌقع طبقا للقواعد السابقة‬
‫فً الحجز التنفٌذي على المنقوالت و هو ٌبدأ حجزا تحفظٌا بأمر من الربٌس سواء كان بٌد الدابن‬
‫سند تنفٌذي أو لم ٌكن هذا السـند و ذلك ألن الحجز سٌحصل بدون إعالن أو تنبٌه إال إذا اختار‬
‫الدابن الذي بٌده سند تنفٌذي توقٌع الحجز التنفٌذي فانه ٌشترط فً هذه الحالة سبق التنبٌه و بدون‬
‫تصحٌح الحجز‪ ،‬جاء فً الفصل ‪ 414‬من ق‪.‬م‪.‬م " ٌمكن للمكري بصفته مالكا أو بأٌة صفة أخرى‬
‫لعقار أو أرض فالحٌة كال أو بعضا ٌعمل بإذن من القاضً على اٌقاع حجز إرتهانً لضمان‬
‫األكرٌة المستحقة و األمتعة و المنقـوالت و الثمار كابنة فً ذلك العقار المكري" وهناك الحجز‬
‫اإلستحقاقً ‪ ،‬فٌمكن لكل شخص ٌدعً حق ملكٌة أو حٌازة قانونٌة أو ضمان على شا منقول فً‬

‫‪5‬‬
‫حٌازة الؽٌر أن ٌعمل على وضع هذا الشًء تحت ٌد القضاء تجنبا لتلفه الفصل ‪ 133‬من ق‪ .‬م‪.‬م ‪،‬‬
‫و ٌعتبر هذا الحجز نوعا من المحجوزات التحفظٌة فهو ٌرمً إلى وضع مال معٌن تحت ٌد‬
‫القضاء لمنع حابز هذا المال من التصرؾ فٌه أو تجنبا لتلفه ‪ ،‬وٌجوز لصاحب الحق فً الحجز‬
‫اإلستحقاقً أن ٌوقعه ضد أي شخص ٌحوز الشًء ولو لم تربطه بالحاجز أٌة عالقة قانونٌة‬
‫كالمؽتصب مثال‪ ،‬و ٌقدم الطلب إلى السٌد ربٌس المحكمة االبتدابٌة مرفقا بقابمة المنقوالت التً‬
‫ٌدعً الطالب استحقاقها‪ ،‬و بعد ذلك ٌحال الكل على مصلحة التنفٌذ المدنً وتطبق نفس اإلجراءات‬
‫التً تطبق فً الحجز التنفٌذي إال أنه ٌقتصر على حجز المنقوالت المحجوزة بالقابمة ‪ ،‬وهناك‬
‫الحجز لدى الؽٌر طبقا للفصل ‪ 411‬من ق‪.‬م‪.‬م حٌث ٌمكن لكل دابن ذاتً أو اعتباري ٌتوفر على‬
‫دٌن ثابت إجراء حجز بٌن ٌدي الؽٌر بإذن من القاضً على مبالػ ومستندات لمدٌنه والتعرض‬
‫على تسلٌمها له ‪ ،‬و الحجز لدى الؽٌر ٌبدأ تحفظٌا وٌنتهً بعد ذلك حجزا تنفٌذٌا ٌؤدي إلى التنفٌذ‬
‫الجبري على مال المدٌن ‪.‬‬
‫البٌع بالمزاد العلنً ‪ :‬وٌبتدئ بـإٌداع طلب التنفٌذ إما بتحوٌل الحجز التحفظً على عقار‬ ‫‪-‬‬
‫إلى حجز تنفٌذي‪ ،‬أو بناء على تحوٌل إنذار عقاري إلى حجز عقاري‪ ،‬فٌقوم مأمور اإلجراء بتتبع‬
‫وتفعٌل مقتضٌات قانون المسطرة المدنٌة المؽربً‪ ،‬باإلضافة إلى قوانٌن أخرى خاصة حسب‬
‫الحاالت الواردة فً طلبات التنفٌذ الجبري‪.‬‬
‫االكراه البدنً ‪ :‬وهو استعمال القوة الجبرٌة للحصول على التنفٌذ حٌث ٌتم حبس المدٌن‬ ‫‪-‬‬
‫حتى ٌضطر إلى الوفاء بدٌنه ‪.‬‬

‫التمٌٌز بٌن أنواع المسؤولٌات‬

‫أوال ‪ :‬التمٌٌز بٌن المسؤولٌة األخالقٌة والمسؤولٌة القانونٌة‬


‫تترتب المسؤولٌة األخالقٌة عن مخالفة قواعد األخالق‪ ،‬فٌسأل االنسان أمام المجتمع و أمام هللا‬
‫وأمام ضمٌره‪ ،‬وال ٌترتب علٌها أي جزاء قانونً ‪ ،‬وال ٌشترط لقٌام هذه المسؤولٌة حدوث ضرر‬
‫للؽٌر‪ ،‬بل ٌكفً أن ٌنوي اإلنسان وٌتمنى شرا لؽٌره حتى تتحقق هذه المسؤولٌة ‪ ،‬بٌنما ٌترتب على‬
‫المسؤولٌة القانونٌة جزاء قانونً جراء مخالفة القانون وهً نوعان مسؤولٌة جنابٌة ومسؤولٌة‬
‫مدنٌة‪.‬‬
‫التمٌٌز بٌن المسؤولٌة األخالقٌة والمسؤولٌة المدنٌة‬
‫من حٌث النطاق ‪ :‬المسؤولٌة األدبٌة أوسع نطاقا من المسؤولٌة القانونٌة‪ ،‬فهً تتصل بعالقة‬
‫اإلنسان بربه‪ ،‬وبعالقته بنفسه‪ ،‬وبعالقته بؽٌره من الناس ‪ ،‬أما المسؤولٌة القانونٌة فتتصل بعالقة‬
‫اإلنسان مع ؼٌره من الناس فقط ‪.‬‬
‫من حٌث تحقق النتٌجة ‪ :‬المسؤولٌة األدبٌة تتحقق بمجرد وجود سوء النٌة ‪ ،‬وال تتطلب حصول‬
‫ضرر بالؽٌر بٌنما تتطلب المسؤولٌة القانونٌة حدوث الضرر ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫من حٌث الجزاء ‪ :‬الجزاء فً المسؤولٌة األدبٌة ذاتً ٌتجلى فً مسؤولٌة اإلنسان أمام هللا وأمام‬
‫ضمٌره وأمام استنكار الناس فهو جزاء معنوي ‪ ،‬بٌنما الجزاء فً المسؤولٌة القانونٌة هو جزاء‬
‫مادي ٌحدده القانون وتفرضه السلطة العامة جبرا ‪ ،‬نشٌر إلى أنه ال ٌمكن اإلفالت من العقاب فً‬
‫المسؤولٌة األدبٌة‪ ،‬حتى لو خالؾ اإلنسان قاعدة أخالقٌة فً الخفاء ‪ ،‬و ذلك ألنها تقوم على‬
‫الضمٌر‪ ،‬والفاعل فٌها هو الخصم والحكم ‪ ،‬فً حٌن أنه ٌمكن اإلفالت من العقاب فً المسؤولٌة‬
‫القانونٌة فً حال ما إذا خالؾ الشخص قاعدة فً السر‪ ،‬و ذلك ألن العقاب فً مثل هذه الحال‬
‫تفرضه السلطة العامة ‪ ،‬وإذا لم تعلم هذه السلطة بالمخالفة التً وقعت فال ٌمكن لها أن تتدخل‬
‫وتعاقب الفاعل ‪.‬‬
‫من حٌث المعٌار ‪ :‬تقوم المسؤولٌة االخالقٌة على معٌار شخصً وهو الضمٌر ‪ ،‬فٌكفً تمنً الشر‬
‫للؽٌر لقٌامها ‪ ،‬بٌنما تقوم المسؤولٌة القانونٌة على معٌار موضوعً وهو مسؤولٌة االنسان أمام‬
‫ؼٌره من الناس ‪.‬‬
‫من حٌث الغاٌة ‪ :‬المسؤولٌة االخالقٌة تروم تهذٌب النفس ونشر الفضٌلة واالخالق فً المجتمع‬
‫بٌنما المسؤولٌة القانونٌة ترمً إلى استقرار النظام وتحقٌق العدل و رد الحقوق ‪.‬‬
‫التمٌٌز بٌن المسؤولٌة المدنٌة والمسؤولٌة الجنائٌة‬
‫المسؤولٌة الجنابٌة تعنً تحمٌل الشخص تبعات افعاله الجنابٌة المجرمة بمقتضى نص فً القانون‬
‫كالقتل او السرقة او خٌانة االمانة ‪ ،‬وانطالقا من هذا المعنى فان المسؤولٌة الجنابٌة ترتبط ارتباطا‬
‫وثٌقا بالعقاب وال تنفصل عنه ‪ ،‬ونظرا لخطورة االفعال الجنابٌة و مساسها بالنظام العام فان‬
‫العقوبات التً حددها المشرع ؼالبا ما تكون صارمة تتراوح بٌن الؽرامات الزجرٌة والعقوبات‬
‫السالبة للحرٌة و قد تصل الى حد االعدام فً بعض الحاالت الخاصة ‪.‬‬

‫وعلى عكس المسؤولٌة الجنابٌة التً تترتب على ارتكاب المجرم ألفعال محظورة تضر بالمجتمع‬
‫فان المسؤولٌة المدنٌة لها نطاق ضٌق اذ انها تهدؾ الى حماٌة مصلحة خاصة ٌملك فٌها المضرور‬
‫امكانٌات واسعة للتنازل عن حقه فً التعوٌض ‪ ،‬ال فرق فً ذلك بٌن ان ٌكون الضرر ناتجا عن‬
‫االخالل بالتزام عقدي او التزام تقصٌري ‪ .‬فالمسؤولٌة المدنٌة اذ تعنً الزام المسؤول عن الضرر‬
‫باداء التعوٌض للطرؾ المضرور فً الحاالت التً تتوافر فٌها شروط هذه المسؤولٌة ‪ ،‬لذلك فهً‬
‫ال تحمل معنى الردع الذي تنطوي علٌه المسؤولٌة الجنابٌة و انما تفٌد معنى جبر الضرر الذي‬
‫تسبب فٌه الشخص المسؤول ‪.‬‬

‫من حٌث األساس القانونً ‪ :‬تنشأ المسؤولٌة الجنابٌة عن اقتراؾ المجرم لألفعال المحظورة‬
‫بمقتضى فصول القانون الجنابً اذ ان المبدأ هو انه ال جرٌمة وال عقوبة اال بنص ‪ ،‬اما بخصوص‬
‫المسؤولٌة المدنٌة فانها تترتب على االخالل بااللتزامات و الواجبات التً ٌفرضها مبدأ التعاٌش‬
‫االجتماعً سواء كان منصوصا علٌها فً العقد أو فً بنود قانونٌة او كانت مستخلصة من المبادئ‬
‫العامة التً تحتم مبدأ احترام حقوق الؽٌر وعدم االضرار بها ‪ ،‬من ذلك مثال االهمال المؤدي إلى‬
‫إتالؾ أشٌاء الؽٌر أو المنافسة ؼٌر المشروعة أو االخالل بالتزام عقدي ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫من حٌث الجزاء ‪ :‬نظرا لخطورة االفعال الجنابٌة فان الجزاء المترتب عنها ٌتمثل فً مجموعة من‬
‫العقوبات الصارمة كاالعدام و السجن والمصادرة والؽرامات والتجرٌد من الحقوق الوطنٌة‬
‫وؼٌرها من الجزاءات الجنابٌة التً تأخد طابعا زجرٌا ‪ ،‬اما الجزاء المدنً فهو ٌنحصر فً إرجاع‬
‫الحالة إلى ما كانت علٌه أو تعوٌض المضرور حسب المقدار الذي تراه المحكمة مناسبا لجبر‬
‫الضرر الذي احدثه الشخص المسؤول ‪.‬‬
‫من حٌث مخوالت الحق ‪ :‬باعتبار ان الدعوى الجنابٌة تقوم على انتهاك الحق العام ‪ ،‬فانه ال ٌحق‬
‫للطرؾ المضرور التنازل عن مقتضٌات الدعوى العمومٌة بمحض ارادته النها لٌست ملكا له و‬
‫انما هً حق خالص للمجتمع الذي تمثله النٌابة العامة ‪ ،‬وعلى العكس من ذلك فان للمضرور كامل‬
‫الحرٌة فً التنازل عن مطالبه المدنٌة لتعلق ذلك بمصلحته الشخصٌة ‪.‬‬
‫من حٌث االعتداد بعنصر النٌة ‪ :‬النٌة ركن من أركان المسؤولٌة الجنابٌة ‪ ،‬أما فً المسؤولٌة‬
‫المدنٌة فال ٌشترط فٌها عنصر النٌة ‪ ،‬فالضرر الناتج عنها ٌجب تعوٌضه سواء كان إهماال أو عمدا‬
‫رؼم أن القضاء ٌمٌل إلى زٌادة التعوٌض فً حالة العمد ‪.‬‬
‫من حٌث تبعٌة الدعوى المدنٌة للدعوى الجنائٌة ‪ :‬فـٌمكن للدعوى المتعلقة بالمطالبة المدنٌة ان‬
‫تكون تابعة للدعوى العمومٌة ولٌس العكس ‪ ،‬فاذا نتج عن الفعل الواحد دعوٌان احداهما جنابٌة‬
‫واالخرى مدنٌة كالضرب والجرح المسبب لعاهة بالمضرور ‪ ،‬فان هذا االخٌر له الحق فً رفع‬
‫دعوى المطالبة المدنٌة الى المحكمة الزجرٌة وذلك فً شكل دعوى مدنٌة تابعة للدعوى العمومٌة‬
‫كما ان له الخٌار فً رفعها بطرٌقة مستقلة الى المحكمة المدنٌة ‪.‬‬

‫من حٌث التقادم ‪ :‬فـلكل من دعوى المسؤولٌة الجنابٌة و دعوى المسؤولٌة المدنٌة تقادما مستقال‬
‫ٌختلؾ من حالة الخرى ‪ ،‬فالدعوى الجنابٌة تتقادم بمرور ‪ 21‬سنة من ٌوم اقتراؾ الفعل بالنسبة‬
‫للجناٌات و ‪ 4‬سنوات بالنجسبة للجنح وسنة للمخالفات ‪ ،‬اما بخصوص الدعاوى المدنٌة فان تقادمها‬
‫ٌختلؾ باختالؾ ما اذا كانت عقدٌة او تقصٌرٌة ‪.‬‬
‫من حٌث أطراف الدعوى ونوعٌتها ‪ :‬تختلؾ الدعوى العمومٌة عن الدعوى المدنٌة فً عدة نقط ‪:‬‬
‫من حٌث السبب ‪ :‬فسبب الدعوى العمومٌة هو الجرٌمة ‪ ،‬أي ارتكاب فعل مجرم بنص‬ ‫‪-‬‬
‫القانون الجنابً ‪ ،‬بٌنما سبب الدعوى المدنٌة هو الضرر ‪.‬‬
‫من حٌث الموضوع ‪ :‬فموضوع الدعوى العمومٌة هو حماٌة المجتمع عن طرٌق إٌقاع‬ ‫‪-‬‬
‫العقاب بالمجرم ‪ ،‬بٌنما موضوع الدعوى المدنٌة هو حماٌة مصلحة خاصة عن طرٌق تعوٌض‬
‫االضرار التً وقعت على هذه المصلحة الخاصة ‪.‬‬
‫من حٌث الحضوم ‪ :‬المدعً فً دعوى المسؤولٌة الجنابٌة هو النٌابة العامة التً تنوب عن‬ ‫‪-‬‬
‫المجتمع بٌنما فً دعوى المسؤولٌة المدنٌة فالمدعً هو المضرور أو من ٌمثله ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫اجتماع المسؤولٌة الجنائٌة والمسؤولٌة المدنٌة‬
‫قد توجد المسؤولٌة الجنابٌة دون المسؤولٌة المدنٌة وقد ٌحدث العكس ‪ ،‬لكن أحٌانا أخرى قد تجتمع‬
‫المسؤولٌتان ‪ ،‬كما فً حال الضرب أو القتل فتنشأ دعوى جنابٌة ودعوى مدنٌة تابعة ‪ ،‬و تؤثر‬
‫المسؤولٌة الجنابٌة على المسؤولٌة المدنٌة من عدة أوجه من بٌنها ‪:‬‬
‫من حٌث االختصاص القضائً ‪ٌ :‬جوز للمضرور أن ٌرفع دعواه إما أمام المحكمة المدنٌة وهنا ال‬
‫ٌمكن للمحكمة المدنٌة أن تبت فً الدعوى إال بعد أن تبت فٌها المحكمة الجنابٌة تبعا لمبدأ الجنابً‬
‫ٌعقل المدنً ‪ ،‬أو ٌرفع الدعوى المدنٌة التابعة أمام المحكمة الجنابٌة عن طرٌق االدعاء المدنً تبعا‬
‫للدعوى الجنابٌة التً تحركها النٌابة العامة ‪.‬‬
‫من حٌث قوة األمر المقضً به ‪ :‬فعندما تبت المحكمة الجنابٌة فً الدعوى ٌحوز هذا الحكم قوة‬
‫األمر المقضً به ‪ ،‬وعلى المحكمة المدنٌة أن تأخذ هذا الحكم بعٌن االعتبار ‪ ،‬لكنها ؼٌر ملزمة به‬
‫فهً ال تتقٌد بما حكمت به من براءة المتهم مثال بل هً تكٌؾ الوقابع تكٌٌفا آخر لؽرض الحكم‬
‫بالتعوٌض ‪ ،‬أما إذا حكمت المحكمة الجنابٌة ببراءة المتهم فال ٌحق للقاضً المدنً أن ٌحكم‬
‫بالتعوٌض ‪.‬‬
‫من حٌث وقف الدعوى ‪ :‬تأمر المحكمة المدنٌة بوقؾ الدعوى المدنٌة رٌثما ٌتم البت فً الدعوى‬
‫الجنابٌة ‪.‬‬
‫من حٌث التقادم ‪ :‬الدعوى المدنٌة ال تسقط بالتقادم ما دامت الدعوى الجنابٌة قابمة ‪.‬‬

‫المسؤولٌة التقصٌرٌة والمسؤولٌة العقدٌة‬


‫المسؤولٌة التزام ناشا عن تصرفات ‪ ،‬فإذا ما أخل أحد بالتزام ٌقع علٌه ترتب على هذا االخالل‬
‫مسؤولٌة مدنٌة ‪ ،‬فهً جزاء اإلخالل بالتزام سابق ٌترتب عنه تعوٌض عن الضرر الناجم عن‬
‫إخالل المسؤول بهذا االلتزام ‪ ،‬فإذا كان مصدر هذا االلتزام هو اإلرادة ‪ ،‬كانت المسؤولٌة المتولدة‬
‫عنه عقدٌة ‪ ،‬أما إذا كان مصدر هذا االلتزام هو القانون كانت المسؤولٌة المتولدة عنه مسؤولٌة‬
‫تقصٌرٌة ‪.‬‬

‫المسؤولٌة العقدٌة هً جزاء اإلخالل بااللتزامات الناشبة عن العقد ‪ ،‬أي عدم تنفٌذها أو التأخٌر فً‬
‫تنفٌذها وهً ال تقوم إال عند استحالة التنفٌذ العٌنً‪ ،‬ولم ٌكن من الممكن إجبار المدٌن على الوفاء‬
‫بالتزاماته العقدٌة عٌناً‪ ،‬فٌكون المدٌن مسؤوالً عن األضرار التً ٌسببها للدابن من جراء ذلك‪،‬‬
‫نتٌجة عدم الوفاء بااللتزامات الناشبة عن العقد كالتزام فنان بإقامة حفلة ‪ ،‬فٌتخلؾ عن تنفٌذ هذا‬
‫االلتزام العقدي وتمر المناسبة ‪ ،‬فٌصبح تنفٌذ االلتزام عٌنٌا ً مستحٌالً‪ ،‬فهنا وجب العدول إلى التنفٌذ‬
‫بمقابل أو بطرٌق التعوٌض بدفع مبلػ من النقود ‪ ،‬أو كمسؤولٌة المقاول عن التأخر فً إقامة البناء‬
‫الذي تعهد ببنابه عن المٌعاد المتفق علٌه‪ ،‬أو مسؤولٌة البابع عن عدم نقل ملكٌة المبٌع إلى‬
‫المشتري إذا كان ٌتصرؾ فٌه بعد البٌع ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وحٌث أن العقد شرٌعة المتعاقدٌن‪ ،‬فإن عدم الوفاء به ٌستوجب التعوٌض‪ ،‬وهذا ما عبر عنه‬
‫المشرع فً الفصل ‪( 111‬ق‪.‬ل‪.‬ع) إذ ٌقول " ٌستحق التعوٌض إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام‪،‬‬
‫وإما بسبب التأخر فً الوفاء‪ ،‬وذلك ولو لم ٌكن هناك أي سوء نٌة من جانب المدٌن‪".‬‬

‫أما المسؤولٌة التقصٌرٌة ‪ ،‬فهً التً تنشأ عن اإلخالل بالواجبات التً ٌفرضها القانون ‪ ،‬مثال ذلك‬
‫ضرورة إحترام حقوق الجوار‪ ،‬أوكمسؤولٌة سابق السٌارة الذي ٌقودها دون حٌطة فٌصٌب إنسانا‬
‫او ٌتلؾ ماال للؽٌر ‪ ،‬أو كاشتراط القانون عدم اإلضرار بالؽٌر‪ ،‬فكل من تسبب فً وقوع هذا‬
‫الضرر ٌلزم بأداء التعوٌض للطرؾ المضرور‪ .‬وقد قرر المشرع المؽربً هذه القاعدة فً الفصل‬
‫‪ 44‬من ق ل ع بقوله " كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بٌنة واختٌار‪ ،‬ومن ؼٌر أن ٌسمح به القانون‬
‫فأحدث ضررا مادٌا او معنوٌا للؽٌر ألتزم مرتكبٌه بتعوٌض هذا الضرر "‪.‬‬
‫التمٌٌز بٌن المسؤولٌة التقصٌرٌة والمسؤولٌة العقدٌة‬
‫بعض الفقه ٌرى أنه ال تمٌٌز بٌن المسؤولٌتٌن هؤالء هم أنصار نظرٌة وحدة المسؤولٌة بٌنما ٌرى‬
‫أخرون أن هناك اختالفا بٌنهما وهم أنصار مذهب ازدواج المسؤولٌة ‪.‬‬
‫فكرة ازدواج المسؤولٌة‬
‫ٌشكل أنصار نظرٌة ازدواجٌة المسؤولٌة االتجاه الحدٌث ‪ ،‬و هم ٌقولون بأن هناك فروقا هامة ما‬
‫بٌن المسؤولٌتٌن العقدٌة و التقصٌرٌة ‪ ،‬تقتضً وجوب التمٌٌز بٌنهما حتى ٌطبق على كل منهما ما‬
‫ٌخصه من أحكام ‪ .‬و ٌجملون هذه الفروق فً الوجوه التالٌة ‪:‬‬

‫من حٌث األهلٌة ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة تشترط أهلٌة الرشد فً أؼلب العقود ‪ ،‬أما فً المسؤولٌة‬
‫التقصٌرٌة فتكفً أهلٌة التمٌٌز ؾ‪. 11‬‬

‫من حٌث االثبات ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة ٌتحمل المدٌن عبء اثبات أنه قام بالتزامه العقدي بعد أن‬
‫ٌثبت الدابن وجود الحق ‪ ،‬أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فالدابن هو الذي ٌثبت أن المدٌن قد ارتكب‬
‫عمال ؼٌر مشروع‪.‬‬

‫من حٌث التقادم ‪ :‬تتقادم الدعوى فً المسؤولٌة التقصٌرٌة بمرور ‪ 21‬سنة ( الفصل ‪ 231‬من‬
‫قانون العقود وااللتزامات) اما المسؤولٌة العقدٌة فتتقادم مبدبٌا بمرور خمسة عشر سنة مع بعض‬
‫االستثناءات كقضاٌا عقد النقل الجوي حٌث ٌنص الفصل ‪ 113‬من المرسوم المنظم للطٌـــران‬
‫المدنـــــً والمــــؤرخ فــــً ‪ 4‬صفر ‪ 2111‬موافق ‪ٌ 23‬ولٌوز‪ ،2111‬على ان االجل سنتان‬
‫تبتدئ من الٌوم الذي وصلت فٌه الطابرة او الذي كان ٌجب ان تصل فٌه الى المكان المحدد لها‪.‬‬
‫أوفً النقل البحري فالدعاوي الناتجة عن عقدة كراء السفٌنة تنقضً بمرور سنة واحدة ( انظر‬
‫الفصل ‪ 111‬من القانون البحري)‬

‫من حٌث اإلعذار ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة ٌشترط اعذار المدٌن ما عدا فً حاالت استثنابٌة ‪،‬‬
‫بخالؾ المسؤولٌة التقصٌرٌة التً ال ٌشترط فٌها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫من حٌث التعوٌض ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة ال ٌكون التعوٌض إال عن الضرر المباشر متوقع‬
‫الحصول ‪ ،‬أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فٌكون التعوٌض عن أي ضرر مباشر سواء كان متوقعا‬
‫أم ؼٌر متوقع ‪.‬‬

‫من حٌث التضامن ‪ :‬ال تضامن فً المسؤولٌة العقدٌة ‪ ،‬إال إذا اتجهت إلٌه إرادة المتعاقدٌن صراحة‬
‫وقد أكد المشرع هذه القاعدة فً الفصل ‪( 214‬ق‪.‬ل‪.‬ع) الذي جاء فٌه‪ " :‬التضامن بٌن المدٌنٌن ال‬
‫ٌفترض‪ ،‬وٌلزم أن ٌنتج صراحة عن السند المنشا لاللتزام أو عن القانون‪ ،‬أو أن ٌكون النتٌجة‬
‫الحتمٌة لطبٌعة المعاملة "‪ .‬أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فإن التضامن ثابت بحكم القانون فً حال‬
‫تعدد المسؤولٌن‪.‬‬
‫من حٌث درجة الخطأ ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة إذا كان االلتزام بتحقٌق ؼاٌة تقوم المسؤولٌة عند‬
‫عدم تحقق النتٌجة وإذا كان االلتزام ببذل عناٌة فال تقوم المسؤولٌة عن الخطإ الٌسٌر ‪ ،‬بٌنما تقوم‬
‫المسؤولٌة التقصٌرٌة دابما سواء كان الخطأ جسٌما أو ٌسٌرا ‪.‬‬
‫من حٌث االعفاء من المسؤولٌة ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة ٌجوز االتفاق على اإلعفاء من المسؤولٌة‬
‫أو التخفٌؾ منها‪ ،‬وال ٌمكن االتفاق مسبقا على مخالفة قواعد المسؤولٌة التقصٌرٌة ألن لها عالقة‬
‫بالنظام العام‪.‬‬
‫من حٌث االختصاص القضائً ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة تختص المحاكم المدنٌة فٌها دابما بٌنما فً‬
‫المسؤولٌة التقصٌرٌة قد تنظر فٌها محاكم االستٌناؾ إذا كان الفعل ٌعتبر جرٌمة ‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للمسؤولٌة العقدٌة فالمحكمة المختصة هً محكمة المدعى علٌه ما لم ٌتفق المتعاقدان على محكمة‬
‫أخرى ‪ ،‬أو ما لم ٌ كن القانون قد عٌن االختصاص كما هو الشأن فً القانون التجاري ‪ ،‬بٌنما فً‬
‫المسؤولٌة التقصٌرٌة فهً محكمة المدعى علٌه كأصل عام ‪.‬‬
‫من حٌث القانون الواجب التطبٌق ‪ :‬فً المسؤولٌة العقدٌة اذا اختلؾ موطن المتعاقدٌن فالقانون‬
‫الواجب التطبٌق هو قانون الدولة التً تم فٌها إبرام العقد إال إذا اتفق الطرفان على قانون آخر ‪،‬‬
‫أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فالقانون الواجب التطبٌق هو قانون الدولة التً وقع فٌها الضرر ‪.‬‬
‫فكرة وحدة المسؤولٌة‬
‫من أهم المناصرٌن لهذه النظرٌة الفقٌه بالنٌول ‪ ،‬و هً تقوم على فكرة مفادها أن ال محل للتمٌٌز‬
‫بٌن المسؤولٌة العقدٌة و المسؤولٌة التقصٌرٌة ‪ ،‬فكلتاهما جزاء اللتزام سابق ‪ ،‬هذا الجزاء إما أن‬
‫ٌكون التزاما عقدٌا و إما أن ٌكون التزاما قانونٌا ‪ ،‬و فً كلتا الحالتٌن تتحقق المسؤولٌة لسبب واحد‬
‫هو اخالل المدٌن بهذا االلتزام ‪ ،‬فالمسؤولٌتان تتحدان فً السبب و النتٌجة ‪ ،‬فتكون طبٌعتهما واحدة‬
‫و ال مجال للتفرٌق بٌنهما‪.‬‬
‫وعلى الرؼم من مناصرة فرٌق من الفقهاء لوحدة المسؤولٌة المدنٌة‪ ،‬إال أن معظم التشرٌعات‬
‫المعاصرة أخذت بازدواجٌة المسؤولٌة‪ ،‬فجلعت من المسؤولٌة التقصٌرٌة مصدرا لاللتزام‪،‬‬
‫واعتبرت المسؤولٌة العقدٌة أثرا من آثار العقد الذي تم اإلخالل به‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املسؤولية العقدية‬

‫تعتبر المسؤولية العقدية جزءا ال يتجزأ من المسؤولية المدنية عموما‪ ،‬فكالهما يهدف إلى تعويض‬
‫الطرف المضرور عن األضرار والخسائر التي لحقت به سواء كان ذلك ناتجا عن اإلخالل ببنود العقد أو‬
‫التأخر في تنفيذه وهذا ما يسمى بالمسؤولية العقدية‪ ،‬أو كان نتيجة اإلخالل قانونية وهذا ما يطلق عليه‬
‫بالمسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫وإذا كانت المسؤولية التقصيرية مصدرا مستقال لإللتزا ‪ ،‬فإن المسؤولية العقدية ال تغدو أن تكون أثرا‬
‫من آثار اإلخالل باإللتزامات العقدية أو بتعبير آخر جزاء من جزاءات عد تنفيذ اإللتزا ‪.‬‬
‫ويتحدد مفهو المسؤولية العقدية في الحالة التي يخل فيها المتعاقد بإلتزاماته اتجاه الطرف اآلخر‪،‬‬
‫وتتحدد أرك ان المسؤولية العقدية في الخطأ والضرر وعالقة السببية الرابطة بينهما‪ ،‬وإذا كانت المسؤولية‬
‫التقصيرية ال يجوز اإلتفاق على تعديل أحكامها فإن المسؤولية العقدية يجوز اإلتفاق على مخالفة أحكامها‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬األركان الالزمة لقيام املسؤولية العقدية‬


‫األ ركان الالزمة لقيا المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرر والعالقة السببية بينهما لكن بالنظر إلى‬
‫طبيعة األسا الذي تقو عليه المسؤولية العقدية والمتمثل في االخالل بإلتزا ارادي فان عناصرها تنفرد‬
‫بأحكا ال تنطبق على عناصر وأركان المسؤولية التقصيرية خصوصا من حيث مفهو الخطأ العقدي وحجم‬
‫الضرر الواجب تعويضه‪ .‬لقيا المسؤولية العقدية يفترض وجود عقد صحيح واجب التنفيذ لكن المدين‬
‫باإللتزا لم يقم بالتنفيذ مما سبب دررا للدائن وبالتالي فعناصر المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرر‬
‫والعالقة السببية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اخلطأ العقدي‬

‫الخطأ الع قدي ما دا العقد هو نتاج توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني فان كل طرف فيه ملز‬
‫بتنفيذ ما ترتب عنه من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك عنه‬
‫من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك ان يكون عد التنفيذ‬
‫عمديا أو عن اهمال أو تقصير ‪،‬فالخطأ العقدي يتحقق حتى ولو كان عد قيا المدين باإللتزا ناشئا عن سبب‬
‫أجنبي و ان كانت رابطة السببية تنتفي لوجود السبب األجنبي فتنعد المسؤولية النعدا السببية ال النعدا‬
‫الخطأ ‪ ،‬ويتخذ الخطأ العقدي أكثر من مظهر قانوني فقد يكون نتيجة عد التنفيذ الكلي أو الجزئي لإللتزا وقد‬
‫يكون نتيجة التأخر في التنفيذ عن الميعاد كما قد يتحقق في حالة التنفيذ في غير المكان المتفق عليه أو ان يتم‬
‫التنفيذ و لكن دون اإللتزا بالمواصفات المنصوص عليها في اإلتفاق‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أنواع اخلطأ العقدي‬

‫‪ - 1‬اإللزاا بزحقيق غاية‬

‫يكون قد نفذ اإللتزا تنفيذا عينيا وعد تنفيذ هذه الغاية يقو مقا الخطأ العقدي الموجب للمسؤولية‬
‫حتى وإن كان بذل الجهد الكافي و المعتاد في تحقيق النتيجة لكن دون جدوى فعد تحقيق النتيجة يستوي‬
‫الخطأ العقدي ما لم يثبت المدين تدخل العامل األجنبي في عد تحقق النتيجة‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإللزاا ببذل عناية‬

‫هنا يكون محل إلتزا المدين ليس تحقيق غاية محددة وإنما ببذل الجهد الكافي والعناية الالزمة في‬
‫تحقيقها فقد تتحقق النتيجة وقد ال تتحقق والخطأ العقدي في هذا النوع من اإللتزامات ال يقو بعد تحقق الغاي ة‬
‫من اإللتزا وإنما يتحقق بعد بذل العناية الكافية لتحقيق هذا اإللتزا ألن الخطأ العقدي هنا يتحقق بالتقصير‬
‫واإلهمال وليس بعد تحقق النتيجة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إثبات اخلطأ العقدي‬

‫إثبات الخطأ العقدي يختلف عبئ إثبات الخطأ العقدي باختالف إلتزا المدين فإذا كان إلتزامه بتحقيق‬
‫نتيجة‪ ،‬وقع على عاتقه عبئ إثبات تحقق هذه النتيجة‪ ،‬أما الطرف الدائن فهم ملز بإثبات وجود عقد صحيح‬
‫مصدر إلتزا المدين وإثبات الضرر الحاصل له من جراء عد التنفيذ العيني‪.‬‬
‫أما إذا كان إلتزا المدين يدخل في زمرة اإللتزا ببذل عنأية انتقل عبئ اإلثبات إلى الدائن الذي يكون‬
‫ملزما بإثبات التقصير واإلهمال في جانب المدين فيجب عليه تقديم الدليل على نقص ما بذله المدين في تنفيذ‬
‫إلتزامه‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬املسؤولية العقدية عن فعل الغري‬

‫المسؤولية العقدية عن فعل الغير قد يقع من الناحية العملية أ ن يسخر المدين األ صلي غيره في تنفيذ‬
‫إلتزاماته التعاقدية فيكون مسؤوال عن أخطأئه اتجاه الدائن مسؤولية عقدية‪.‬‬
‫والمسؤولية العقدية عن فعل الغير أكثر من مظهر قانوني وأ هم ما تتمثل فيه هذه المظاهر جميعها هو‬
‫ما يسمى بالعقود من الباطن حيث نكون اما عقدين األول أصلي والثاني فرعي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الضرر‬

‫ال يكفي لقيا مسؤولية المدين العقدية أن يرتكب الخطأ العقدي المتمثل في عد التنفيذ العيني لإللتزا‬
‫وإنما يجب ان يسبب هذا الخطأ ضررا للطرف الدائن فالضرر يعتبر ركنا أساسيا لقيا المسؤولية العقدية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬أنواع الضرر‬

‫الضرر المادي ‪ :‬هو الضرر الذي يصيب الدائن في ماله أو سالمته الجسدية‬
‫الضرر المعنوي‪ :‬هو الضرر الذي يصيب الدائن في كرامته أو شرفه‪ .‬يستحق الدائن التعويض عن‬
‫الضرر المادي والمعنوي سواء كانت المسؤولية المدنية عقدية أو تقصيرية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط الضرر‬

‫أن يكون الضرر محققا أي أن الضرر يجب أن يكون قد وقع فعال واألصل أن التعويض ال يتم عن‬
‫هذا النوع من الضرر‪ ،‬لكن قد يقع التعويض عن الضرر المستقبل وهو الضرر الذي وقعت أسبابه لكن آثاره‬
‫تراخت إلى المستقبل لكنها مؤكدة الوقوع‪ ،‬أما إذا كان الضرر محتمال يستحق عنه الدائن التعويض لضعف‬
‫صلته العقدية يدخل تفويض من حيث المبدأ في إطار الضرر المحتمل الذي ال يعوض عنه‪.‬‬
‫أن يكون الضرر شخصيا بمعنى أن يصيب الضرر الطرف الدائن شخصيا سواء في جسمه أو ذمته‬
‫المالية أو في كرامته وإذا توفي المدين قبل حصوله على التعويض حل محله الورثة‪.‬‬
‫أن يكون الضرر مباشر و هو الضرر الذي يكون نتيجة طبيعية لعد الوفاء باإللتزا أو التأخر في‬
‫الوفاء به و يعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوخاه ببذل جهد معقول بمعنى ان‬
‫يكون هناك ارتباط وثيق بين الخطأ والضرر الحاصل‪.‬‬
‫أن يكون الضرر متوقعا وقت إبرا العقد وهو الضرر الذي ينتظر المتعاقدين حدوثه ووقوعه في حالة‬
‫عد تنفيذ المدين لإللتزا تنفيذا عينيا‪.‬‬
‫الوقت الذي ينظر إلى كون الضرر متوقعا هو وقت إبرا العقد ويقتصر التعويض في المسؤولية‬
‫العقدية على الضرر‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة السببية بني اخلطأ والضرر‬

‫عالقة السببية بين الخطأ والضرر هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية كما هو الشأن في‬
‫المسؤولية التقصيرية فإذا ارتكب المدين خطأ وحصل ضرر للدائن لكن دون أن يكون خطأ المدين هو السبب‬
‫في ضر ر الدائن انتقلت عالقة السببية وانتفت بالتبعية مسؤولية المدين‪ ،‬يفرض القانون على الدائن واجبا‬
‫مؤداه أال يركن إلى تقصير المدين ويستسلم للضر ر لناشئ له بل يحتم عليه الواجب أن يعمل على درء‬

‫‪14‬‬
‫الضرر عن نفسه ببذل الجهد ا لمعقول الذي تتطلبه ظروف الحال فإن أحجم عن بذل هذا الجهد كان مقصرا‬
‫وكان تقصيره هذا السبب الحقيقي لكل ضرر مترتب عن أحجامه‪.‬‬
‫ال يجوز ان يؤاخذ المدين بخطأ لم يقترفه أي ال يجوز ان يلتز بإصالح ضرر سببه غيره كذلك ال‬
‫يجوز مساءلة المدين عن ضرر سببه الدائن لنفسه بنفسه كما ال يجوز أن يتحمل الشخص مسؤولية ضرر‬
‫كان السبب فيه هو القوة القاهرة‪.‬‬
‫توافر عناصر المسؤولية العقدية يعطي الحق للطرف المضرور في الحصول على التعويض المناسب‬
‫لجبر الضرر المترتب عن إخالل المدين باإللتزا وهو إما تعويض اتفاقي حيث تتفق األطراف المتعاقدة على‬
‫مقدار معين من التعويض يستحقه الدائن في حالة إخالل المدين‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬حاالت انتفاء املسؤولية العقدية‬

‫المدين يعتبر غير مسؤول عن الضرر الحاصل للدائن جراء عد تنفيذ اإللتزا متى كان السبب في‬
‫ذلك ال يمكن أن يعزى إليه وإنما يعزى لسبب أجنبي عنه حال بينه وبين التنفيذ العيني لإللتزا ‪ ،‬يقصد بالسبب‬
‫األجنبي الذي ينفي مسؤولية المدين كل أمر أجنبي عن المدين ويلز لتحقيق السبب األجنبي توافر شرطين‬
‫أساسيين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن ال يكون للمدين يد في حصوله ولم يكم في وسعه تفاديه‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يؤدي السبب األجنبي إلى استحالة تنفيذ اإللتزا كليا أو جزئيا‪ ،‬ويلز هنا أن يكون من شان‬
‫السبب األجنبي ان يؤدي إلى استحالة أداء اإللتزا فال يكفي أ ن يكون من شانه أن يجعله أشد إرهاقا أو أشد‬
‫كلفة على المدين‪ ،‬و يحتوي السبب األجنبي القوة القاهرة والحادث الفجائي فعل أو خطأ الدائن ثم فعل أو‬
‫خطأ الغير‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬اإلتفاقات على تعديل احكام املسؤولية العقدية‬
‫يقصد بها اإلتفاق الذي بموجبه بتنازل أحد طرفيه على ما يستحقه من تعويض اتجاه الطرف االخر إذا‬
‫ما أصابه ضرر جراء إخالل هذا األخير بإلتزا معين يكون مفروضا عليه مثل هذه اإللتزامات تعد صحيحة‬
‫من الناحية القانونية ومعمول بها في مجال المسؤولية العقدية وإن كانت من الناحية الواقعية تعد وضعا مخالفا‬
‫لطبيعة األشياء‪.‬‬
‫وعلى خالف المسؤولية العقدية ال يجوز اإلتفاق على تعديل أحكا الم سؤولية التقصيرية الرتباط هذه‬
‫األحكا بالنظا العا ‪.‬‬
‫وبما أن العقد هو أسا المسؤولية العقدية والذي يقصد به توافر إرادتين على إحداث أثر قانوني‬
‫معين وهذه اإلرادة اذن هي التي أنشأت المسؤولية العقدية وبإمكانها تعديل قواعدها وأحكامها باتفاقات إرادية‬
‫يراعي فيها احترا القانون والنظا العا واآلداب العامة‪.‬‬
‫لكن هناك بعض االستثناءات وهو بطالن كل شرط أو اتفاق يعفي المدين من تدليسه ومن خطئه‬
‫الجسيم‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬صور اإلتفاقات املعدلة للمسؤولية‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اإلتفاقات املشددة للمسؤولية‬

‫تهدف هذه اإلتفاقات إلى جعل المسؤولية أقسى وأشد من تلك التي تقررها القواعد العامة وهي التي‬
‫نصادفها في عقود البيع العادية التي تقو على مبدأ المساومة و المنافسة من قبيل االشتراطات المشددة‬
‫لمسؤولية المدين أن يتم اإلتفاق على توسيع المسؤولية ليشمل حتى حاالت عد التنفيذ لتوفر السبب األجنبي‬
‫و هو عكس ما تقضي به القواعد العامة في هذا الصدد حيث تعفي المدين من المسؤولية و بالتالي من‬
‫التعويض في عقد البيع يمكن للمشترى أ ن يشترط على البائع ضمان أعمال ال تدخل في األصل ضمن‬
‫األحكا العامة للضمان كان يشترط عليه ضمان نزع الملكية للمنفعة العامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلتفاقات املخففة أو املعفية من املسؤولية‬

‫هو اإلتفاق عل ى تخفيف التعويض في مقدار الضرر الذي يصيب أحد المتعاقدين بسبب عد تنفيذ‬
‫المتعاقد االخر لإللتزامات المتولدة عن العقد قد ال يتوفق االمر عند اإلتفاق على التخفيف من المسؤولية بل قد‬
‫يتعداه إلى استبعادها بشكل نهائي لشروط اإل عفاء من المسؤولية عيوب كثيرة كحرمان الدائن من التعويض‬
‫من الضرر وتهديد استقرار المعامالت نظرا لخطورة هذه الشروط فان اإلتجاه الغالب في الفقه يربط صحة‬
‫اإلتفاقات بتوافر الشرطين اآلتيين‪:‬‬
‫أن يكون الدائن على علم تا بمضمون الشرط‬
‫بالصحة العامة للمواطنين‪.‬‬ ‫أال يكون من الشروط المعفية المسؤولية والضمان التي لها مسا‬
‫‪16‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬بعض حاالت عدم جواز اإلتفاق على تعديل احكام املسؤولية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬حالة الزدليس واخلطأ اجلسيم للمدين‬

‫سوء النية في تنفيذ العقد يسمى في االصطالح القانوني غشا وهو يقابل التدليس الذي رافق تكوين‬
‫العقد فكما يجب خلو العقد من التدليس عند انشائه كذلك يجب خلوه من الغش عند تنفيذه‪.‬‬
‫لذا ال يجوز التخفيف من المسؤولية العقدية إلى حد االعفاء من الفعل العمد أو ما يلحق بالفعل العمد‬
‫وهو الخطأ الجسيم‪ ،‬شرط اإلعفاء من المسؤولية يقع باطال إذا كان الغش أو الخطأ الجسيم صحيحا في التنفيذ‬
‫اإللتزا صادرا عن المدين شخصيا اما إذا صدر من اتباعه فان الشرط يعتبر صحيحا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية املنزج عن االضرار اليت تزسبب فيها منزوجاته‬

‫وينص الفصل ‪ 101‬ق ل ع على هذه الحالة والعلة من تقرير بطالن هذا الشرط في هذه الحاالت لما‬
‫فيه من مسا بالصحة والسالمة العامة للمواطنين بما فيه المتعاقدين وعلى المدين الذي يتمسك بشرط‬
‫االعفاء ان يثبت وجود هذا الشرط ويصعب في كثير من االحوال على المدين إثبات ان الدائن قبل شرط‬
‫االعفاء‪ .‬تقو صعوبات في مثل الحاالت لقبول شرط االعفاء احتمال ان يكون الدائن لم ير هذا الشرط فال‬
‫يعتبر قابال له وفقا لنظرية االرادة الباطنة‪ ،‬ان الشرط قد يعتبر شرط اذعان تعسفي للقاضي ان يبطله‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫املسؤولية التقصريية‬
‫العمل غير المشروع هو العمل الذي يقوم به الشخص عن عمد( الجريمة) أو من غير عمد (شبه‬
‫الجريمة) فيسبب ضررا للغير يترتب عليه إلتزام بإصالحه عن طريق التعويض‪.‬‬
‫و لقد عانا المشرع المغربي العمل غير المشروع أو المسؤولية التقصيرية في الفصول من ‪77‬‬
‫إلى ‪ 601‬من ق ل ع ‪،‬ولقد أخذ المشرع المغربي بالمسؤولية التقصيرية انطالقا من القانون المدني‬
‫الفرنسي فأقر نظرية المسؤولية التقصيرية المبنية على خطأ واجب اإلثبات‪ ،‬ثم تناول حاالت من‬
‫المسؤولية الموضوعية التي ال تستلزم إثبات الخطأ بل تقوم على خطأ مفروض وجوده‪.‬‬
‫وهذه الحاالت من المسؤولية الموضوعية هي حاال المسؤولية عن فعل الغير باستثناء حالة‬
‫مسؤولية المعلمين عن الضرر الحاصل من الطالب إذ تتوقف على إثبات الخطأ في جانب المعلم‪،‬‬
‫وحاالت المسؤولية الناشئة عن فعل األشياء الحية و الجامدة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ما ذكر عالج المشرع المغربي حاالت خاصة من المسؤولية التقصيرية هي‪:‬‬
‫مسؤولية موظفي الدولة و البلديات ‪.‬‬
‫مسؤولية القاضي الذي يخل بمقتضيات منصبه‪.‬‬
‫مسؤولية حائز الشيء‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املسؤولية عن العمل الشخصي‬
‫المسؤولية عن العمل الشخصي هي مسؤولية الشخص عن العمل الذي يصدر منه بنفسه‪ ،‬ومن‬
‫دون تدخل شخص آخر أو شيء أو حيوان‪ ،‬وهي األصل العام في المسؤولية‪ ،‬وتتميز بأنها تقوم على‬
‫خطأ واجب اإلثبات أي خطأ يجب على المتضرر أن يثبته في جانبه المسؤول‪.‬‬
‫و المسؤولية عن العمل الشخصي ال تقوم إال بتوافر ثالثة أركان أساسية وهي‪:‬‬
‫عالقة سببية بين الخطأ و الضرر‬ ‫الضرر‬ ‫الخطأ‬
‫و بتوافر هذه االركان تتحقق المسؤولية التقصيرية و تنتج آثارها‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اخلطأ‬

‫لم يعط الفقه تعريفا واحدا للخطأ ألن فكرة الخطأ فكرة غير مضبوطة الحدود‪ ،‬وقد عرفه الفقه‬
‫التقليدي بأنه عمل غير مشروع‪ ،‬وعرفه بالنيول بأنه إخالل بإلتزام سابق‪ ،‬وهذا اإللتزام قد يكون عمل‬
‫أو امتناع عن عمل‪ ،‬وعرفه سافيني بأنه إخالل بواجب قانوني و أخالقي هو عدم اإلضرار بالغير‪ ،‬وقد‬
‫عرف سليمان مرقس الخطأ بأنه إخالل بواجب قانوني مق ترن بإدراك المخل لنتائج أفعاله‪ ،‬ورغم أن‬
‫جل التشريعات المقارنة لم تعرف الخطأ إال أن المشرع المغربي عرف الخطأ في الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 77‬من ق ل ع التي ورد فيها‪ " :‬والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله وفعل ما كان يجب اإلمساك‬
‫عنه وذلك من غير قصد إلحداث الضرر"‪.‬‬

‫الفقرة األولـى‪ :‬أنواع اخلطأ‬

‫أوال ‪ :‬اخلطأ اإلرادي(اجلرم) و اخلطأ بإهمال(شبه اجلرم)‬

‫الخطأ إما إرادي يكون الخطأ عمدا ويسمى جرما‪ ،‬وإما يكون خطأ بإهمال ويسمى عندها شبه‬
‫جرم‪ ،‬فالخطأ العمد هو الذي يقع بقصد اإلضرار بالغير(الفصل ‪ 77‬من ق ل ع)‪.‬‬
‫أما الخطأ بإهمال فهو الذي يقع بدون قصد اإلضرار كأن يزلق أحد ويسقط على مال آخر فيتلفه‬
‫(الفصل ‪ 77‬من ق ل ع)‪.‬‬
‫وسواء كان الخطأ عمدا(إراديا) أو بإهمال فإن المسؤولية تترتب على مرتكبه في الحالتين و إن‬
‫كان القاضي يمل من الناحية العملية إلى الزيادة في التعويض في حالة الخطأ العمد عنه في حالة الخطأ‬
‫بإهمال‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اخلطأ اإلجيابي و اخلطأ السليب‬

‫الخطأ اإليجابي هو الذي يكون فيه فعل المخطئ عمال إيجابيا كما ورد في الفصل‪77‬من ق ل ع‬
‫هو الذي يقوم على فعال كان ينبغي اإلمتناع عنه كأن يصدم سائق السيارة أحد المارة فيصيبه بجروح‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫في حين أن الخطأ السلبي هو الذي يكون فعل المخطئ فيه عمال سلبيا أو حسب تعبير المشرع‬
‫في الفصل ‪ 77‬من ق ل ع هو الذي يقوم على ترك ما كان يجب عمله‪ ،‬كأن يهمل سائق السيارة إضاءة‬
‫مصباح سيارته ليال و يسبب حادث اصطدام بسيارة أخرى‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اخلطأ اجلسيم و اخلطأ اليسري‬

‫الخطأ الجسيم هو الذي ال يرتكبه إال شخص غبي كأن يسوق سائق السيارة ليال بسرعة فائقة و‬
‫دون إضاءة فيتسبب في حادث اصطدام‪.‬‬
‫الخطأ اليسير هو الذي يرتكبه شخص متوسط الفطنة و الذكاء كأن يعمل مالك صيانة حائط‬
‫حديقته فينهار الحائط ويتلف مزروعات الجار‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أركان اخلطأ‬

‫إن مفهوم الخطأ يقوم على ركنين أساسيين ‪:‬ركن مادي وهو الفعل الذي ينطوي على إخالل‬
‫بإلتزام قانوني ويسمى اصطالحا "بالتعدي"‪ ،‬وركن معنوي هو كون الفعل الذي ينطوي على إخالل‬
‫بإلتزام قد ارتكب ممن يدرك أن عمله ينطوي على اإلضرار بالغير ويسمى اصطالحا "اإلدراك أو‬
‫التمييز‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الركن املادي يف اخلطأ " التعدي"‬

‫التعدي هو اإلخالل بإلتزام قانوني ويمكن أن يتخذ هذا اإلخالل إحدى الصور الثالثة التالية‪:‬‬

‫‪ – 1‬خمالفة نص قانوني‪ :‬إذا كان القانون قد نص على إلتزام محدد فاإلخالل بهذا اإللتزام يعتبر‬
‫تعديا يوجب المسؤولية فهناك مثال يجرم القانون السرقة و الضرب وأخذ مال الغير‪.‬‬

‫‪ – 2‬خمالفة إلتزامات قانونية غري حمددة يف نصوص‪ :‬فهذه اإللتزامات تكون من قبيل الواجبات العامة‬
‫التي تفرض على اإلنسان احترام حقوق الغير و االمتناع عن إيذائه‪.‬‬

‫‪ – 3‬ممارسة احلق ممارسة تعسفية‪ :‬إذا مارس شخص حقه وحصل أن أدت مارسته حقه إلى‬
‫اإلضرار بالغير‪ ،‬فهل يسأل عن هذا الضرر؟ األصل ال ألن المسؤولية التقصيرية تتطلب أن يكون‬
‫الضرر نجم عن خطأ‪ ،‬والخطأ ال يتوفر في الحالة التي يستعمل فيها اإلنسان حقا له دون أن يتجاوز‬
‫الحدود المرسومة لهذا الحق(الفصل‪ 49‬ق ل ع)‪ ،‬ولكن على سبيل اإلستثناء يمكن أن يقع استعمال‬
‫الحق على نحو يكون فيه الشخص مخطئا وهذا ما يسمى بالتعسف في استعمال الحق‪ ،‬ويعتبر الشخص‬
‫متعسفا في استخدام حقه في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها صاحب الحق قليلة األهمية بحيث ال تتناسب مع‬
‫ما يصيب الغير من ضرر بسببها‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يقصد من وراء استعمال حقه سوى اإلضرار بالغير(الفقرة الثانية الفصل ‪ 49‬ق ل ع)‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬إذا كان صاحب الحق قد تجاوز في ممارسة حقه الحدود المألوفة الفصل ‪ 49‬ق ل ع)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن املعنوي "اإلدراك و التمييز"‬

‫يجب لقيام الخطأ أن يكون من ارتكب التعدي مدركا لهذا التعدي أي قادرا على التمييز بين‬
‫الخير والشر‪ ،‬والنفع والضرر‪ ،‬فيدرك أن تعديه يلحق ضررا بالغير‪ ،‬فالتمييز هو مناط المسؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،‬هذه المسؤولية تقوم إذا وجد التمييز وتنعدم إذا فقد‪ ،‬هذا ما نصت عليه الفصول ‪ 49‬و‪41‬‬
‫و‪ 47‬من ق ل ع على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ – 6‬فيما يتعلق بصغر السن‪ ،‬ال يسأل الصبي غير المميز مسؤولية تقصيرية ‪ ،‬أما من كان‬
‫مميزا أي بالغا ‪ 69‬سنة من عمره‪ ،‬فإنه يسأل مسؤولية تقصيرية كاملة‪.‬‬
‫‪ – 9‬المجنون ال يسأل عن العمل الشخصي مالم يثبت أن العمل الضار قد ارتكب وهو في حالة‬
‫إفاقة‪.‬‬
‫‪ – 9‬الصم و البكم وغيرهما من ذوي العاهات يسألون مبدئيا عن األضرار الناجمة عن أخطائهم‬
‫لتوافر اإلدراك عندهم ما لم يقم الدليل على أنهم ال يتمتعون بالدرجة الالزمة من التمييز لتقدير نتائج‬
‫أعمالهم الفصل ‪ 47‬ق ل ع‪.‬‬
‫‪ – 9‬ينعدم التمييز لغير الصغر الجنون كما في حالة مرض النوم و إصابة بالصرع و اإلدمان‬
‫على السُكرْ ‪ ،‬على أمه في مثل هذه الحاالت يشترط النتفاء مسؤولية الشخص أن ال يكون فقدان التمييز‬
‫راجعا إلى خطأ منه الفصل ‪ 49‬ق ل ع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬احلاالت اليت ال يكون فيها اخلطأ سببا للمسؤولية‬

‫ال يترتب على الخطأ اية مسؤولية ويتحقق ذلك في ثالث حاالت وهي‪:‬‬

‫‪ – 1‬إعطاء بيانات غري صحيحة عن حسن نية ودون علم بعدم صحتها‬

‫لقد نص على هذه الحالة الفصل ‪ 79‬ق ل ع بقوله "من يعطي بحسن نية ومن غير خطأ جسيم‬
‫أو تهور بالغ من جانبه‪ ،‬بيانات وهو يجهل عدم صحتها‪ ،‬ال يتحمل أي مسؤولية تجاه الشخص الذي‬
‫أعطيت له ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت له أو لمن تلقى البيانات مصلحة مشروعة في الحصول عليها‪.‬‬
‫‪ -‬إذا وجب عليه‪ ،‬بسبب معامالته أو بمقتضى التزام قانوني‪ ،‬أن ينقل البيانات التي وصلت إلى علمه‪.‬‬
‫‪ - 2‬جمرد النصيحة أو التوصية يف غري احلاالت اليت نص عليها الفصل ‪ 33‬ق ل ع‬
‫إن النصيحة أو التوصية إن أحدثت ضررا لمن أسديت له رتبت المسؤولية على من أسداها في‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬إذا ارتكب خطأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ونتج عن هذا الخطأ ضرر‬
‫للطرف اآلخر ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ضمن نتيجة المعاملة‪.‬‬
‫‪ - 3‬الدفاع الشرعي‬

‫نص الفصل ‪ 49‬من ق ل ع على أنه ال محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي‬
‫وأوضح أن حالة الدفاع الشرعي هي الحالة التي يجبر فيها شخص على العمل لدفع اعتداء حال غير‬
‫مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو لماله‪.‬‬
‫فمن يحدث ضرر للغ ير وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس الغير أو ماله‬
‫ال يكون مسؤوال عن الضرر الذي يلحق بالغير على أنه البد حتى يتحقق ذلك من توافر الشرطين‬
‫التاليين‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون هناك اعتداء حال ال سبيل إلى دفعه إال بإيقاع األذى بالمعتدي‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون اإلعتداء الم وجه للمدافع عمال غير مشروع فال يجوز دفعه بالمجرم الذي‬
‫يطارده شرطي للقبض عليه‪ ،‬فال يحث له مقاومة الشرطي بحجة الدفاع الشرعي‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إثبات اخلطأ‬
‫لكي يعلن عن مسؤولية الشخص عن فعله يجب إثبات أنه قد ارتكب خطأ‪ ،‬ويقع على عاتق‬
‫المطالب بالتعويض أي المضرور أو ذوي حقوقه عبء اإلثبات‪ ،‬ومن أجل ذلك يمكن اللجوء إلى كل‬
‫طرف اإلثبات‪.‬‬
‫فإذا أدى المتسبب في الضرر بأنه كان فاقدا لقوة اإلدراك وقت حدوث الخطأ منه فإن إثبات ذلك‬
‫يقع عليه ‪.‬‬
‫وفي كل األحوال يكون للقاضي تقدير قيمة الوسائل اإلثباتية المستعملة و األخذ بها أو رفضها‬
‫بحسب الظروف المحيطة وبسبب المناقشة التي تجري بين األطراف‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الضرر‬
‫الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية وهو ركن ضروري لقيام اإللتزام بالتعويض‪ ،‬فقد علق‬
‫المشرع المغربي في الفصلين ‪ 77‬و ‪ 77‬من ق ل ع ‪ ،‬تحقق مسؤولية مرتكب العمل الضار على وقوع‬
‫ضرر للغير‪.‬‬
‫فالضرر هو األذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له‪ ،‬وهذه‬
‫المصالح إما مادية أو معنوية‪ ،‬وعليه سوف نناقش في موضوع الضرر‪ :‬الضرر المادي اذي قد يصيب‬
‫اإلنسان إما في ذمته المالية أو في جسمه‪ ،‬و الضرر المعنوي و الذي ينتج عن إصابة الشخص في‬
‫كرامته نظرا للمس بشرفه أو سمعته ‪ ،‬على أن نتطرق للتمييز بين الضرر المستقبل و الضرر المحتمل‬
‫في نقطة ثالثة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أحكام الضرر املادي‬
‫الضرر المادي هنو كل ضرر يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له‬
‫فيسبب له خسارة مادية وهي نوعان ‪ :‬الضرر الجسمان ي وهو الذي يصيب الشخص في جسمه فيؤثر‬
‫على سالمته مما يكبده مصاريف العالج‪ ،‬و الضرر المالي هو الذي يمس بالحقوق ا لمالية للشخص‬
‫فيفقر ذمته المالية‪.‬‬
‫وال بد في الضرر المادي حتى يصلح أساسا للتعويض من الشرطين التاليين‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشرط األول‪ :‬جيب أن يصيب الضرر حقا أو مصلحة للمضرور‬
‫قد يصيب الضرر حق للمضرور كاإلعتداء على حياة الشخص أو اإلعتداء على سالمة الجسم‬
‫إذا كان من شأنه أن ينال من قدرة الشخص على الكسب أو يكبده نفقة في عالجه ‪ ،‬و اإلعتداء على‬
‫أموال الشخص كحرق منزله أو إتالف أثاثه وقد يصيب الضرر مجرد مصلحة مالية للمضرور‬
‫ويشت رط في المصلحة لتي تمس أن تكون مصلحة مشروعة و إال فال يجوز الحكم بالتعويض‪.‬‬
‫‪ - 2‬الشرط الثاني‪ :‬جيب أن يكون الضرر حمققا‬
‫الضرر يعتبر محققا إذا كان حاال أو وقع فعال كأن يكون المضرور قد مات أو أصابه جرح في‬
‫جسمه أو لحقه تلف في ماله‪ ،‬وكذلك يعتبر الضرر محققا إذا كان من قبيل الضرر المستقبل اي الضرر‬
‫الذي و إن لم يقع بعد إال أنه محقق الوقوع في المستقبل كأن يصيب شخص بإصابة تعطله عن العمل‬
‫في الحال و يكون من المؤكد أنها ستؤثر في قدرته على العمل في المستقبل‪.‬‬
‫فالتعويض في هذه الحالة يجب أن يشمل الضرر الحال و الضرر الذي سيقع في المستقبل‪ ،‬وقد‬
‫ال يكون بالمستطاع تقدير الضرر المستقبل في الحال ألنه يتوقف على أمر لم تتبين حقيقته بعد‪ ،‬ففي‬
‫هذه الحالة يجوز للقاضي إما أن يحكم بالتعويض عن الضرر الحال‪ ،‬ويحفظ للمضرور الحق في أن‬
‫يطالب بالتعويض عن الضرر المستقبل وإما أن يؤجل الحكم بالتعويض حتى يتبين مدى الضرر كله‬
‫الحال و المستقبل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أحكام الضرر املعنوي‬
‫الضرر المعنوي أو الضرر األدبي هو الذي يصيب اإلنسان من ناحية غير مالية فهو يصيب‬
‫الجسم من جراء جروح أو عاهات تسبب األلم في نفس المصاب‪ ،‬وهو قد يكون الشرف و اإلعتبار كما‬
‫في حالة هتك العرض أو القذف أو السب وقد يصيب شعور اإلنسان في عاطفته كما في حالة اإلعتداء‬
‫على األب أو األم أو الزوجة‪ ،‬وقد يحصل أن يكون الضرر المعنوي مقترنا بضرر مالي كاإلعتداء‬
‫بالضرب و الجرح و الذي قد ينتج عنه عجز في القدرة على الكسب‪.‬‬
‫إن الفقه و القضاء في فرنسا يجمعان اليوم على جواز التعويض عن الضرر المعنوي و قد أخذ‬
‫ق ل ع بهذا الحل بنص صريح حيث ورد في الفصلين ‪ 77‬و‪ 77‬من ق ل ع على أن كل شخص يسأل‬
‫عن الضرر المادي و المعنوي الذي يحدثه للغير ‪.‬‬
‫و البد في الضرر المعنوي من أن يكون محققا حتى يعطي الحق في التعويض شأنه في ذلك‬
‫شأن ا لضرر المادي أما الضرر المعنوي المحتمل فهو ال يكفي لمنح حق المطالبة بالتعويض‪.‬‬
‫هذا فكل شخص يصاب بضرر معنوي يثبت به الحق في التعويض عنه شرط أن يقيم الدليل على أن‬
‫مثل هذا الضرر قد أصابه‪ ،‬وإذا توفي المضرور ضررا معنويا بعد إقامة الدعوى بالمطالبة بالتعويض‬
‫‪23‬‬
‫فإن حقه في التعويض يعد جزءا من ذمته المالية و ينتقل إلى الورثة شأن سائر الحقوق الداخلة في هذه‬
‫الذمة المالية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الضرر املستقبل و الضرر احملتمل‬
‫الضرر المستقبل محقق الوقوع لذلك يجب التعويض عنه‪ ،‬أما الضرر المحتمل فهو غير محقق‬
‫الوقوع فقد يقع و قد ال يقع لذلك ال يصح التعويض عنه‪ ،‬وإنما يجب اإلنتظار إلى أن يقع ‪ ،‬كأن يرتكب‬
‫شخص عمال يؤدي إلى إتالف مزروعات جاره ويخشى معه أن تصبح األرض غير صالحة للزراعة‬
‫لعدة سنوات ففي هذه الحالة يكون الضرر المحقق الذي يجب التعويض عنه هو التلف الذي أصاب‬
‫المزروعات‪ ،‬أما عدم صالحية األرض للزراعة فالضرر محتمل ال يجب التعويض عنه إال إذا وقع‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة السببية‬
‫ال يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية أن يكون هناك خطأ من جهة وضرر من جهة أخرى بل البد‬
‫أن يكون الخطأ هو الذي أدى إلى وقوع الضرر أو بعبارة أخرى البد من قيام الرابطة السببية بين‬
‫الخطأ الذي ارتكبه المسؤول وبين الضرر الذي اصاب المضرور‪ ،‬وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة‬
‫تقديرية مطبقة في تعيين رابطة السببية بين الخطأ الضرر ويترتب على وجوب قيام هذه الرابطة‬
‫السببية أمرين‪ :‬أولهما الضرر المباشر وهو وحده الذي يجب التعويض عنه ألن هذا الضرر هو وحده‬
‫الذي تقوم بينه وبين الخطأ المسؤول‪ ،‬و ثانيهما انتفاء عالقة السببية في حاالت خاصة‪.‬‬
‫الفقرة األوىل ‪ :‬قيام عالقة السببية(الضرر املباشر)‬
‫ورد النص على الضرر الم باشر في افصل ‪ 919‬من ق ل ع المتعلق بآثار اإللتزام بوجه عام‪،‬‬
‫و سواء تعلق األمر بمسؤولية تقصيرية أو عقدية ‪ ،‬فقد نص هذا الفصل على وجوب اإلعتداد بالضرر‬
‫المباشر حيث قال في معرض حديثه عن الضرر أ ن الضرر هو ما يلحق الدائن ن خسارة حقيقية وما‬
‫فاته من كسب كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء باإللتزام ‪ ،‬و يضاف إلى ذلك أن الفصل ‪ 77‬و ‪77‬‬
‫من ق ل ع قررا مسؤولية مرتكب الفعل الضار إزاء المضرور‪ ،‬معلقا صراحة ترتب هذه المسؤولية‬
‫على كون الخطأ هو السبب المباشر في حصول الضرر‪.‬‬
‫ويقصد بالضرر المباشر ما كان نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه المسؤول و الذي لم يكن باستطاعة‬
‫المضرور أن يتفاداه ببذل جهد معقول‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انتفاء عالقة السببية‬
‫تنتفي عالقة السببية في ثالث حاالت وهي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬خطأ املضرور‬
‫قد يكون الضرر الذي لحق بالمضرور أو المتضرر نتيجة خطأ المضرور وحده ‪ ،‬وقد يكون‬
‫هذا الضرر نشأ عن خطأ المضرور من جهة و المدعى عليه في دعوى المسؤولية من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ - 1‬فرضية خطأ املضرور وحده‬
‫كما لو حاول شخص أن يركب القطار أثناء سيره فنزل قدمه فيسقط ويصاب بجروح ورضوض‬
‫ففي هذه الحالة ال مكان للمسؤولية التقصيرية إذ أن المضرور هو الذي ألحق الضرر بنفسه‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ - 2‬فرضية اخلطأ املشرتك‬
‫كما لو حصل ا صطدام بين سيارتين نتيجة خطأ سائقي السيارتين وهنا توزع المسؤولية حسب‬
‫جسامة الخطأ الذي صدر من كل منهما‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القوة القاهرة و احلادث الفجائي‬
‫حسب الفصل ‪ 49‬ق ل ع فال محل للمسؤولية المدنية إذا كان الضرر نتج عن حادث فجائي أو قوة‬
‫قاهرة لم يسبقهما أو يصحبهما فعل يؤاخذ به المدعى عليه‪.‬‬
‫‪ - 1‬شروط القوة القاهرة و احلادث الفجائي‬
‫يشترط في حادث معين كي يعتبر بمثابة قوة قاهرة أو حادث فجائي تنتفي معه المسؤولية‬
‫التقصيرية أن تتوفر فيه الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون الحادث أمرا ال يمكن توق عه فإذا أمكن توقعه فال يشكل قوة قاهرة أو حادث فجائي‬
‫حتى لو استحال دفعه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الحادث أجنبيا عن لمدعى عليه ال يد له فيه(عدم وجود خطأ من جانب المسؤول)‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الحادث مما يجعل تفاديه أمرا مستحيال ال يستطاع منعه‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون الحادث هو السبب المباشر للضرر‪.‬‬
‫‪ - 9‬أثر القوة القاهرة و احلادث الفجائي‬
‫إذا كانت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي السبب الوحيد في وقوع الضرر فإن عالقة السببية بين‬
‫الخطأ و الضرر تكون مفقودة و بالتالي ال تتحقق المسؤولية كما لو هبت عاصفة فقلبت السيارة على‬
‫أحد المارة فأصابته‪ ،‬وهذا ما أوضحه الفصل‪ 49‬ق ل ع اذ اشترط لعدم ترتب المسؤولية التقصيرية أن‬
‫يكون الضرر قد حصل بقوة قاهرة أو حادث فجائي لم يسبقها او يصحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه ‪،‬‬
‫أما إذا اشتركت القوة القاهرة أ الحادث الفجائي مع خطأ من المدعى عليه في إحداق الضرر كان‬
‫المدعى عليه مسؤوال مسؤولية ك املة ألن خطأه هو الذي يعتبر السبب المباشر في وقوع الضرر‪.‬‬
‫‪ - 3‬خطأ الغري‬
‫الغير هو كل شخص غير المتضرر وغير المدعى عليه ومن يتبعه أو يخضع لرقابته‪ ،‬فإذا أثبت‬
‫المدعى عليه في دعوى المسؤولية أن الضرر كان بسبب خطأ شخص من الغير وحده و أنه كان‬
‫يستحيل توقعه أو دفعه‪ ،‬ا نتفت المسؤولية عنه باعتبار أن الخطأ أجنبي عنه واعتبر الغير مسؤوال وحده‪.‬‬
‫لكن إذا كان بجانب خطأ الغير خطأ المدعى عليه‪ ،‬فإن كالهما إذا أدخال في الدعوى يعد مسؤوال عن‬
‫تعويض الضرر‪.‬‬
‫وفعل الغير ال يعتبر سببا أجنبيا عن المدعى عليه إال إذا كان ذلك الغير من غير االشخاص‬
‫الذين يسأل عنهم المدعى عليه فإذا كان تابعا له أو كان خاضعا لرقابته‪ ،‬فال يكون للخطأ الصادر عنه‬
‫اثر على مسؤولية المدعى عليه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬آثار املسؤولية عن العمل الشخصي‬
‫إذا توافرت أركان(شروط) المسؤولية عن العمل الشخصي التي هي الخطأ و الضرر و العالق ة‬
‫السببية ترتب على ذلك نشوء إلتزام على عاتق المسؤول بتعويض المضرور عما اصابه من ضرر‪.‬‬
‫فإذا لم يقم المسؤول بدفع التعويض رضاء ًا‪ ،‬فيمكن للمتضرر إجباره على ذلك عن طريق دعوى‬
‫المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫الفقرة األوىل ‪ :‬دعوى املسؤولية‬
‫سنتطرق في دعوى المسؤولية إلى أربعة مسائل‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬اإلختصاص‬
‫من حيث اإلختصاص النوعي تقام الدعوى أمام المحكمة اإلبتدائية‪ ،‬وفي حالة كان مبلغ‬
‫التعويض أقل من ‪ 9000‬درهم ترفع الدعوى أمام قضاء القرب ومن حيث اإلختصاص المكاني‪،‬‬
‫فلمضرور الخيار بين أن يرفع دعواه أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المسؤول‪ ،‬أو أن‬
‫يرفعها أمام المحكمة التي وقع بدائرتها العمل المسبب للضرر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األطراف يف الدعوى‬
‫إن المدعى عليه في دعوى المسؤولية التقصيرية هو الشخص المسؤول عن الضرر الالحق‬
‫بالمضرور‪ ،‬وإذا توفي هذا الشخص المسؤول فإن اإللتزام بالتعويض ينتقل إلى تركته حسب الفصل‬
‫‪ 609‬ق ل ع‪.‬‬
‫أما المدعي في دعوى المسؤولية التقصيرية فهو الشخص الذي اصابه الضرر‪ ،‬وقد يحصل أن‬
‫يكون الضرر اصاب عدة أشخاص فلكل واحد من هؤالء حق مستقل بالمطالبة بالتعويض عن الضرر‬
‫الذي لحق به‪.‬‬
‫و إذا كان المضرور فاقد األهلية أو ناقصها فالدعوى تقام من قبل نائبه الشرع ي أي من قبل‬
‫الولي أو الوصي أو المقدم بحسب األحوال‪.‬‬
‫وفي حالة وفاة المضرور ينتقل حقه بالتعويض إلى ورثته عندما يرفع المضرور الدعوى قبل‬
‫وفاته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلثبات‬
‫المسؤولية عن العمل الشخصي تتطلب أن يرتكب شخص خطأ وينشأ عن هذا الخطأ ضرر‬
‫لشخص آخر وتقوم عالقة السببية ب ين الضرر الذي لحق بالمضرور و الخطأ الذي ارتكبه المسؤول‬
‫فعلى من يرفع دعوى المسؤولية التقصيرية أن يثبت هذه األمور جميعها وبالتالي أن يقيم الدليل على‬
‫وجود الخطأ ‪،‬ثم وجوب الضرر ثم عالقة السببية بين الخطأ و الضرر‪ ،‬وبوسعه أن يقيم هذا الدليل‬
‫بجميع الطرق الثبوتية والسيما الشهادة و القرائن‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬تقادم دعوى املسؤولية‬
‫إن دعوى التعويض من جراء جرم أو شبه جرم تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ‬
‫إلى علم المتضرر ومن المسؤول عنه ‪ ،‬و تتقادم في جميع األحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت‬
‫حدوث الضرر‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعويض‬
‫إذا وقع عمل غير مشروع كان للمضرور حق في التعويض عم لحق به بهذا العمل من ضرر‪،‬‬
‫وقد أيد المشرع حق المضرور في التعويض في الفصلين ‪77‬و ‪ 77‬ق ل ع ‪ ،‬وقرر في الفصول من‬
‫‪ 47‬إلى ‪ 600‬من ق ل ع ‪ ،‬بعض األحكام الواجبة التطبيق في حقل التعويض وتتلخص هذه األحكام‬
‫بالقواعد التالية‪:‬‬
‫‪ – 6‬القاعدة األوىل ‪ :‬يجب أن يكون التعويض عن الضرر تعويضا كامال‪ ،‬بحيث يشمل الخسارة التي‬
‫لحقت المدعي و المصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها إلصالح نتائج الفعل‬
‫الذي ارتكب إضرارا به‪ ،‬وكذلك الكسب الذي فاته (الفقرة األولى من ال فصل ‪ 47‬ق ل ع)‪.‬‬
‫‪ – 9‬القاعدة الثانية ‪ :‬يجب على المحكمة عند تقديرها لألضرار أن تدخل في اعتبارها جسامة الخطأ‬
‫الصادر من المسؤول‪ ،‬وتراعي ما إذا كان الضرر الذي اصاب المضرور قد نجم نتيجة خطأ عادي أم‬
‫نتيجة تدليس من المسؤول (الفقرة الثانية من الفصل ‪ 47‬ق ل ع)‪.‬‬
‫‪ – 9‬القاعدة الثالثة ‪ :‬إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين يعملون متوافقين كان كل منهم مسؤوال‬
‫بالتضامن عن النتائج ال فرق بين من كان منهم محرض و شريكا أو فاعال اصليا (الفصل ‪ 44‬ق ل ع)‪.‬‬
‫‪ – 9‬القاعدة الرابعة ‪ :‬إذا تعدد المسؤولون عن الضرر و تعذر تحديد فاعله األصلي من بينهم أو تعذر‬
‫تحديد النسبة التي أسهموا بها في الضرر فإنه يحكم عليهم على وجه التضامن بالتعويض عن الضرر‬
‫(الفصل ‪ 600‬من ق ل ع)‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬اإلتفاق على اإلعفاء من املسؤولية التقصريية‬
‫قد تبرم اتفاقات بغية تعديل اآلثار المترتبة على المسؤولية التقصيرية فما هو حكم هذه‬
‫اإلتفاقات؟‬
‫يجب التمييز بين اإلتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية وبين اإلتفاقات التي تبرم مسبقا‪:‬‬
‫بالنسبة لإلتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية هي اتفاقات صحيحة وتنتج آثارها سواء كان من شأن‬
‫هذه اإلتفاقات اإلعفاء أو التخفيف أو التشديد ‪ ،‬فهكذا يصح للمضرور أن يتنازل عن حقه في التعويض‬
‫كما يصح أن يقبل بتعويض أقل‪ ،‬وكذلك يصح أن يلزم المسؤول نفسه بتعويض أبهظ إذ ليس في ذلك ما‬
‫يخالف النظام العام‪.‬‬
‫أما بخصوص اإلتفاقات التي تبرم قبل تحقق المسؤولية فهي ممنوعة قانونا ‪ ،‬وتعتبر عديمة‬
‫االثر سواء كانت هذه اإلتفاقات تتعلق بال مسؤولية الناجمة عن الجرم ‪ ،‬أم بالمسؤولية الناجمة عن شبه‬
‫الجرم وذلك ما ورد النص عليه في الفصلين ‪ 77‬و‪ 77‬ق ل ع‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬املسؤولية عن فعل الغري‬
‫األصل أن اإلنسان ال يسأل إال على عمله الشخصي‪ ،‬لكن يمكن على وجه اإلستثناء أن يرتب‬
‫القانون على الشخص مسؤولية عمل قام به غيره‪ ،‬وفي هذه الحالة ال تقوم المسؤولية إال بالنسبة‬
‫لألشخاص الذين عددهم القانون حصرا في الفصل ‪ 79‬فقرة أولى ‪ ،‬وعليه سنتطرق لما يلي في‬
‫موضوع المسؤولية عن فعل الغير‪.‬‬
‫‪ – 6‬المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على افتراض الخطأ الواجب اإلثبات (حالة‬
‫مسؤولية رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال و التالميذ)‪.‬‬
‫‪ – 9‬المسؤولية التقصيرية عن قعل الغير القائمة على افتراض اخطأ القابل إلثبات اعكس إذ‬
‫سنتناول حالة مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين ‪،‬ومسؤولية أرباب الحرف الصنائع‬
‫عن ت المذتهم‪ ،‬ومسؤولية متولي الرقابة على المجانين و المختلين عقليا‪.‬‬
‫‪ - 9‬المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على الخطأ المفترض غير القابل إلثبات العكس‬
‫(حالة مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على اخلطأ الواجب اإلثبات‬
‫(مسؤولية رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال والتالميذ)‪.‬‬
‫تدخل مسؤولية المعلمين و األساتذة عن األطفال و الشبان الذين هم في عهدتهم ضمن حاالت‬
‫المسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬وبالرغم من أن هذه المسؤولية تقترب من حيث شكلها العام بالمسؤوليات‬
‫الموضوعية‪ ،‬إال أنه يسري عليها ما يسري على المسؤولية الشخصية من أحكام خصوصا ما يتعلق‬
‫باإلثبات إذ أن المشرع أسس هذه المسؤولية على خطأ واجب اإلثبات من طرف المدعي وفق أحكام‬
‫الفصل ‪ 79‬مكرر من ق ل ع‪.‬‬
‫فما هو نطاق تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 79‬مكرر ق ل ع؟ وماهي األحكام الخاصة بمسؤولية‬
‫رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال و التالميذ بالمغرب؟‬
‫الفقرة األوىل ‪:‬شروط تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 38‬مكرر من ق ل ع‪.‬‬
‫من خالل قراءة الفصل ‪ 79‬مكرر ق ل ع المتعلق بمسؤولية رجال التعليم‪ ،‬يتضح لنا أن تطبيق‬
‫مقتضيات هذه المسؤولية يستلزم توافر شرطين‬
‫‪ – 6‬أن يوجد طفل أو شاب حتت إشراف معلم أو موظف تابع للشبيبة و الرياضة‬
‫مفاد هذا الشرط أن مسؤولية المعلمين و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األضرار التي يتسب‬
‫فيها األطفال و الشبان الذين هم في عهدتهم‪ ،‬تقتصر على الفترات التي يكون فيها هؤالء األطفال و‬
‫الشبان تحت إشرافهم‪ ،‬ويتعلق األمر بأوقات الدراسة و ممارسة التداريب الرياضية بما في ذلك فترة‬
‫االستراحة ‪ ،‬و أثناء القيام بالرحالت الجماعية للتالميذ خارج المؤسسة ‪ ،‬أما مصطلح معلمين فيشمل‬
‫شريحة المعلمين العاملين في إطار الوظيفة العمومية‪ ،‬أو التعليم الخصوصي‪ ،‬وليس هناك ما يمنع من‬
‫تطبيق قواعد المسؤولية على أساتذة التعليم الثانوي ألتحاد العلة‪ ،‬وهي إمكانية التحكم في سلوك التالميذ‬
‫لوجود نوع من االنضباط في متابعتهم للحصص الدراسية‪ ،‬أما بالنسبة ألساتذة التعليم الجامعي فإنهم ال‬
‫يخضعون لمقتضيات الفصل ‪ 79‬مكرر‪ ،‬وذلك النعدام عنصر الرقابة على طلبتهم‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ – 9‬أن يتسبب الطفل أو التلميذ أثناء فرتة الدراسة أو تلقي التمارين الرياضية إحلاق ضر بالغري‬
‫إن هذا النوع مكن المسؤولية ال يتحقق إال إذا تسبب الطفل أو التلميذ في حصول ضرر للغير‪،‬‬
‫وهنا يتعين أخذ مصطلح الغير بمفهومه الواسع فهو ال يقتصر على األشخاص األجانب الذين ال عالقة‬
‫لهم بالمؤسسة التعليمية أو الرياضية‪ ،‬و إنما يشمل باقي األشخاص اآلخرين الذين يوجدون في نفس‬
‫المؤسسة التي يوجد لها الطفل الذي تسبب في وقوع الفعل الضار بما في ذاك األطفال الذين يشاركونه‬
‫في تلقي الدروس و التمارين الرياضية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األحكام اخلاصة بـمسؤولية رجل التعليم‬
‫يمكن القول أن مسؤولية رجل التعليم عن األخطاء التي يتسبب فيها األطفال الذين هم في عهدته‬
‫تجد أساسها في الفصل ‪ 79‬مكرر ق ل ع‪ ،‬يستخلص منه ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬أسس المشرع المغربي مسؤولية رجل التعليم و مدربي الرياضة على خطا واجب اإلثبات‪،‬‬
‫ومعنى هذا أن الطرف المضرور عليه أن يقيم الدليل على نص الحراسة أو انعدام الرقابة في جانب‬
‫المعلم أو االستاذ الذي يتولى تربية و تهذيب الطفل الذي تسبب في وقوع الفعل الضار‪.‬‬
‫‪ – 2‬عندم ا يتعلق األمر بمسؤولية رجل التعليم في القطاع العمومي فإن الدولة تحل محله في‬
‫األداء‪ ،‬فالمضرور له الحق في رفع دعواه مباشرة ضد الدولة وذلك خالل فترة السنوات الثالث‬
‫الموالية الرتكاب الفعل الضار‪ ،‬وتعد مهلة ثالث سنوات السابقة مدة تقادم الدعوى وليس سقوط الحق‬
‫في المطالبة بالتعويض‪.‬‬
‫‪ –3‬يترتب على حلول الدولة محل رجل التعليم المنتمي للقطاع العام في األداء‪ ،‬إمكانية ممارسة‬
‫الدولة لحق الرجوع على هذا الموظف المسؤول عن وقوع الفعل الضار‪ ،‬ونظرا الرتباط رجل التعليم‬
‫بالدولة بمقتضى عالقة التوظيف العمومي‪ ،‬فإن دعوى رجوع الدولة على الشخص المسؤول يتعين‬
‫رفعها وفق قوعد المسؤولية اإلدارية‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على افرتاض اخلطأ القابل‬
‫إلثبات العكس‬
‫يندرج ضمن هذا الصنف من المسؤولية عن فعل الغير في إطار التشريع المغربي كل من‬
‫مسؤولية اآلباء و األمهات عن ا لمضار التي يتسبب فيها ابناؤهم القاصرون(الفقرة األولى)‪ ،‬وكذلك‬
‫مسؤولية ارباب الحرف و الصنائع عن أخطاء متعلميهم (الفقرة الثانية)‪ ،‬باإلضافة إلى مسؤولية من‬
‫يتولى رقابة المجانين و المختلين عقليا(الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين‬
‫تعد مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن‬
‫فعل الغير وقد أشار إليها المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 79‬ق ل ع‪.‬‬
‫‪ –1‬تعيني املسؤولني عن رقابة القصر‬
‫ورد في الفصل ‪ 79‬ق ل ع أن األب فاألم بعد موته يسأالن عن الضرر الذي يحدثه ابناؤهما القصر‬
‫المقيمين معهما‪ ،‬أما الوصي و غيره من االصول و األقارب كاألعمام و األخوات و العمات والخاالت‬
‫فال يسألون عن الضرر الذي يحدثه القاصر ولو كان مقيما معهم على أن الوصي أو القريب غير األب‬
‫‪29‬‬
‫أو األم الذي يقيم معه القاصر لئن كان ال يسأل على أساس الفصل ‪ 79‬ق ل ع فإنه يمكن مسائلته على‬
‫أساس المسؤولية الشخصية إذا كان الفعل الضار الذي صدر عن القاصر يعزى لخطأ ارتكبه الوصي‬
‫أو القريب الذي يقيم معه القاصر إنما ال بد في هذه الحالة إثبات الخطأ في جانب المسؤول وفقا لمبادئ‬
‫المسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫‪ - 2‬ارتباط مسؤولية اآلباء و األمهات بواليتهم على أبنائهم‬
‫إلن كان اآلباء و األمهات يسألون عن األعمال الضارة التي يرتكبها أوالدهم القصر المقيمين‬
‫معه فذلك للوالية التي يتمتع بها اآلباء و األمهات على أبنائهم و ما تستتبعه هذه الوالية من إلتزام بالقيام‬
‫برق ابة و تربية من هم في كنفهم من القصر‪ ،‬وارتباط مسؤولية اآلباء و األمهات بالوالية يقودنا إلى ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ – رتب المسؤولية مبدئيا على األب‪ ،‬ألنه هو صاحب الوالية في االصل‪ ،‬أما األم فال تتحمل‬
‫المسؤولية إال بعد موت األب‪ ،‬أو إذا حصل طالق أو تطليق و تقرر أن يكون الولد القاصر في حضانة‬
‫أمه‪.‬‬
‫ب – تزول مسؤولية األب و األم ببلوغ إبنهما سن الرشد‪ ،‬فإذا ارتكب عمال غير مشروع يتحمل‬
‫هو مسؤولية هذا العمل ال يمكن مسائلة االب و األم إال إذا أثبت المضرور ارتكابهما خطأ معين يبرر‬
‫هذه المسؤولية‪.‬‬
‫ج – ال تترتب مسؤولية األب و األم عن إبنهما القاصر إال إذا كان يعيش في كنفهما و يوجد‬
‫تحت رقابتهما‪ ،‬وهذا ما أورده المشرع عندما حصر في الفصل ‪ 79‬ق ل ع مسؤولية الوالدين في‬
‫الضرر الذي يحدثه القاصر المقيم معهما فليس المقصود هنا باإلقامة مع الوالدين السكنى معهم‪ ،‬فاألب‬
‫و األم يسأالن عن الضرر الذي يحد ثه إبنهما حتى لو طرداه من المسكن أو غادر المنزل‪ ،‬بل القصد هو‬
‫أن يكون في كنفهما أو تحت رقابتهما‪ ،‬ال تحت رقابة شخص آخر كمعلم المدرسة أو رب الحرفة ‪،‬‬
‫فالقاصر إذا ذهب إلى المدرسة انتقلت رقابته إلى معلمه‪ ،‬هذه الرقابة محصورة بالوقت الذي يكون فيه‬
‫القاصرون في المدرسة‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق فإنه لقيام هذا النوع من المسؤولية يجب توافر شروط ثالث‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون الولد قاصرا‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الولد ساكنا مع أبويه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يرتكب الولد فعال ضارا بالغير‬
‫‪ - 3‬دفع املسؤولية‬
‫إن مسؤولية األب أو األم تقوم على خطا مفترض بمقتضى قرينة قانونية‪ ،‬وهذه القرينة تقبل‬
‫النقض بالبينة المعاكسة‪ ،‬وفي هذا ينص المشرع في الفصل ‪ 79‬ق ل ع‪:‬‬
‫"وتقوم المسؤولية إال إذا اثبت األب أو األم أنهما لم يتمكنا من منع وقوع الفعل الذي أدى‬
‫إليها"‪.‬‬
‫فاألب و األم يستطيعان نفي الخطأ عن نفسيهما إذا ثبت أنهم اتخذا اإلحتياطات الالزمة للحيلولة‬
‫دون و قوع العمل الذي أضر بالغير‪ ،‬وكذلك يستطيعان دفع مسؤوليتهما بنفي العالقة السببية بين الخطأ‬
‫المفترض في جانبهما و العمل الضار الذي ارتكبه القاصر نتيجة سبب أجنبي رغم كل اإلحتياطات‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫كما لو أصيب الولد بعارض جنون مفاجئ فقدف أحد المارة بحجر وجرحه لترتب على ذلك انتفاء‬
‫عالقة السببية‪.‬‬
‫‪ – 4‬آثار املسؤولية‬
‫إذا اثبت المضرور توا فر شروط المسؤولية الثالث السابقة حق له أن يطالب بالتعويض عن‬
‫الضرر الالحق به من االب أ و األم مباشرة‪ ،‬وذلك من دون إ ثبات أنهما ارتكبا خطأ في المراقبة أو‬
‫التربية ألن هذا الخطأ مفترض في حقهما مبدئيا‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية أرباب احلرف و الصنائع عن تالمذتهم(متعلميهم)‪.‬‬
‫كما هو األمر بالنسبة لمسؤولية األبوان عن ابنائهم القاصرين فإن المشرع أسس مسؤولية‬
‫أرباب الحرف و الصنائع على األضرار التي يتسبب فيها متعلمي الحرفة أو الصنعة على خطأ‬
‫مفترض قابل إلثبات العكس‪ ،‬ينص الفصل ‪ 79‬ق ل ع في الفقرة الرابعة منه‪:‬‬
‫"أرباب الحرف يسألون عن الضرر الحاصل من المتعلمين عندهم خالل الوقت الذي يكونوا فيه‬
‫تحت رقابتهم"‪.‬‬
‫‪ – 1‬أساس املسؤولية‬
‫سار القه على اعتبار مسؤولية ارباب الحرف قائمة على خطا مفترض في جانب رب الحرفة‬
‫قوامها أنه لم يقم بمراقبة المتعلم المراقبة الواجبة و لم يوجهه التوجيه السليم‪ ،‬و بذلك يكون قد هيأ له‬
‫سبيل العمل غير المشروع‪ ،‬و من ثم فإنه بارتكاب المتعلم للعمل الضار بغيره يكون قرينة على أن‬
‫ريب الحرفة لم يقم بالمراقبة الالزمة‪ ،‬إال أن هذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس‪.‬‬
‫‪ – 2‬االشخاص املسؤولون‬
‫رب الحرفة هو الشخص الذي يزاول مهنة أو حرفة ويستخدم لمساعدته أطفاال(متعلمين)‪،‬‬
‫يعلمهم أصول الحرفة أو المهنة كالنجارة أو ا لحدادة ‪ ،‬ويختلف رب الحرفة و المتعلم عن المعلم و‬
‫التلميذ ‪ ،‬و عن المؤاجر و األجير في أن المعلم يمارس مهنة التعليم بصفة أصلية ‪،‬و المؤاجر ال يمارس‬
‫التعليم بينما رب الحرفة يمارس التعليم بصفة ثانوية‪.‬‬
‫وتمييز ارباب الحرف و المتعلمين عن غيرهم له من أهمية كبرى نظرا إلى ان كال منهم يخضع‬
‫لقواعد مسؤولية مختلفة عن تلك التي يخضع لها اآلخر‪.‬‬
‫و بذلك فإن على القاضي أن يتأكد من توا فر المقومات األساسية التي تطبع صفة رب الحرفة‪ ،‬و تلك‬
‫التي تطبع صفة المتعلم‪ ،‬وهو في ذلك يمكنه ا إلستناد إلى عقد التكوين المهني‪ ،‬كما يمكنه اإلستناد إلى‬
‫كل وسيلة من شأنها أن تحدد هذه الصفات الخاصة و أن جود العقد غير ملزم‪.‬‬
‫‪ – 3‬شروط املسؤولية‬
‫أ – الشرط األول ‪ :‬أن يكون املتعلم حتت رقابة رب احلرفة‬
‫يجب أن يكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة في الوقت الذي يحدث فيه الضرر‪ ،‬أما ما يعق‬
‫من المتعلم في غير هذا الوقت فال يكون رب الحرفة مسؤوال عنه ألن المسؤولية مرتبطة بالمراقبة‪.‬‬
‫ويكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة أثناء ساع ات العمل‪ ،‬كما تستمر هذه الرقابة خارج تلك‬
‫الساعات إذا مات مقيما عنده ويستغرق وقته كله‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫أما إذا لم يكن مقيما عنده فإنها تنقطع بانتهاء ساعات اعمل حيت تنتقل المسؤولية إلى أبيه فأمه‪.‬‬
‫ب – الشرط الثاني‪ :‬أن يرتكب املتعلم فعال ضاراُ‬
‫لقيام مسؤولية رب الحرفة يج ب أن يرتكب المتعلم خطأ يضر بالغير‪ ،‬لكن رب الحفة يتحمل ال‬
‫يتحمل المسؤولية إال إذا ارتكب تلك األفعال المتعلم غير المميز‪ ،‬هذه األفعال هي تلك اتي تخالف‬
‫إلتزامات فرضها المشرع على الكافة بغض النظر على سنهم‪ ،‬و التي يجب على رب الحرفة أن يحول‬
‫دون وقوعها‪.‬‬
‫على أنه إذا كان الفعل الضار المنسوب إلى المتعلم ناشئ عن سبب أجنبي فإن ذلك يبرر خطأ‬
‫المتعلم وينفي مسؤولية رب الحرفة‪ ،‬أما إذا كان الخطأ مشتركا وزعت المسؤولية‪.‬‬
‫‪ – 4‬آثار املسؤولية‬
‫إن آثار مسؤولية رب الحرفة عن عمل متعلميه هي نفسها آثار مسؤولية االب و األم عن عمل‬
‫الولد القاصر فيحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن اضرر الالحق به من رب الحرفة مباشرة دون‬
‫حاجة إلثبات خطأ في جانبه‪ ،‬و ليتخلص رب الحرفة من المسؤولية عليه أن يثبت أنه لم يرتكب خطأ‬
‫بإثبات أنه قام فعال برقابة كافية على متعلميه‪ ،‬وال يكون عليه أن يثبت أنه قام بواجب التربية ألن هذا‬
‫ليس من مسؤوليته‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬مسؤولية متولي الرقابة على اجملانني و املختلني عقليا‬
‫تنص الفقرة السادسة من الفصل ‪ 79‬ق ل ع على هذا النوع من المسؤولية و التي تقوم على‬
‫اساس خطأ مفترض قوامه التقصير في الرقابة‪ ،‬ولبيان هذا النوع من المسؤولية نحدد أوال االشخاص‬
‫المسؤولين ثم نعرض لشروط تحققها و آلثارها‪.‬‬
‫‪ – 1‬األشخاص املسؤولون‬
‫حسب الفقرة السادسة من الفصل ‪ 79‬ق ل ع فإن المسؤولية تقع على صنفين من األشخاص‪:‬‬
‫‪ -‬أشخاص عينهم القانون وهو األب و األم وغيرهم من األزواج و األقارب ويشمل هؤالء‬
‫األصول و الفروع و ا إلخوة و كل من له عالقة نسب بالمريض‪.‬‬
‫‪ -‬أشخاص معينون باتفاق وهو كل شخص أجنبي غير من ًذكر ‪،‬إذا تحمل مراقبة و رعاية‬
‫المريض عن طريق عقد‪ ،‬و الشخص األجنبي هذا قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا‬
‫اعتباريا كمصحة أو مؤسسة خصوصية‪ ،‬وال يكون شخصا معنويا عاما ألن هذا األخير‬
‫يخضع لقواعد مختلفة‪.‬‬
‫‪ - 2‬شروط املسؤولية‬
‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون الشخص الذي فرضت عليه الرقابة مجنونا أو مختال عقليا‪ ،‬أي أن يكون‬
‫شخصا فاقدا القدرة العقلية كليا أو جزئيا مما يجعله في حاجة إلى رقابة لمنعه من اإلضرار بالغير‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يرتكب المريض خطأ يتسبب في ضرر للغير‪ ،‬ويستوي هنا أن يكون المريض‬
‫وقت ارتكابه للخطأ في حالة جنون أو فقدان التمييز ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون المريض تحت رقابة شخص‪ :‬يعني ذلك أن يكون المجنون أو المختل‬
‫العقلي وقت ارتكابه للخطأ في كنف أحد أقاربه‪ ،‬أو تحت مسؤولية شخص مكلف برقابته و رعايته‪،‬‬
‫‪32‬‬
‫ويعتبر المريض تحت رقابة أحد أقربائه إذا كان مقيما معهم‪ ،‬فإذا كان يسكن مع عدد من أفراد أسرته‬
‫فإن المسؤولي ة ال تقوم في حقهم جميعا وإنما يسأل األب و األم عن عدمه‪ ،‬ثم الزوج وهكذا بحسب‬
‫درجة القرابة‪.‬‬
‫فإذا عهد بالرقابة ألجنبي عن طريق عقد زالت الرقابة عن أفراد االسرة المذكورين على شرط‬
‫أن يكون العقد الذي يتعهد بمقتضاه برعاية المريض عوضيا‪.‬‬
‫‪ – 3‬آثار املسؤولية‬
‫إذا تحققت الشروط المذكورة حق للمتضرر من فعل صادر عن المجنون أو مختل العقل أن‬
‫يطلب التعويض من الشخص المسؤول عن رقابة المجنون دون حاجة إلى إثبات خطأ المسؤول‪ ،‬وال‬
‫يستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إال إذا أثبت أنه لم يرتكب خطأ‪ ،‬و أنه كان يجهل‬
‫خطورة المرض‪ ،‬و أن الضرر يرجع لسبب أجنبي‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على اخلطأ‬
‫املفرت ض غري القابل إلثبات العكس(مسؤولية املتبوع عن أعمال تابعه)‬
‫تعد مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه الجرمية من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل‬
‫الغير‪ ،‬وقد عرض لها المشرع المغربي كغيره من التشريعات األخرى وخصها بأحكام مستقلة تعتبر‬
‫في مجملها في صالح الضحية فهي مبنية على الخطأ المفترض غير القابل إلثبات العكس‪.‬‬
‫وهكذا لم يترك للشخص المتبوع اية فرصة للتخلص من هذه المسؤولية في الفقرة الثالثة من‬
‫الفصل ‪ 79‬ق ل ع الذي جاء فيها‪:‬‬
‫" المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم‬
‫ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها"‪.‬‬
‫ولفهم مضمون هذه المسؤولية فإننا سنتناول أساسها‪ ،‬ثم الشروط الالزمة لتحققها ثم أخيرا سنبين‬
‫أهم اآلثار المترتبة عنها‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬األساس القانوني ملسؤولية املتبوع عن فعل التابع‬

‫لقد تعددت النظريات الفقهية التي قيل بها بخصوص تأصيل مسؤولية المتبوع عن فعل التابع‪،‬‬
‫فمن قال بأن أساس مسائلة المتبوع إنما يكمن في افتراض الخطأ‪ ،‬في الوقت الذي يرى اتجاه آخر على‬
‫أن هذه المسؤولية مبنية على نظرية تحل تبعة المخاطر‪ ،‬و هناك من أسس هذه المسؤولية على بعض‬
‫النظريات الشائعة في ميدان القانون المدني كنظرية الضمان نظرية النيابة و التمثيل القانوني ‪،‬‬
‫وسنتولى عرض هذه النظريات بشيء من التفصيل‪.‬‬
‫‪ – 1‬نظرية اخلطأ املفرتض‬

‫قد قال بهذه النظرية مجموعة من الفقهاء التقليديين في فرنسا إذ يرون أن مسؤولية المتبوع عن‬
‫فعل تابعه مؤسسة على خطأ مفترض في جانب الطرف المستفيد من هذه العالقة أال وهو المتبوع‪.‬‬
‫و يتمثل الخطأ المنسوب إليه في كونه لم يحسن اختيار تابعه األمر الذي حال بينه بين إحكام‬
‫الرقابة على تصرفات هذا التابع‪ ،‬و ب اعتبار أن الخطأ المنسوب للمخدوم لم يصدر عنه مباشرة ‪ ،‬لذلك‬
‫‪33‬‬
‫فإن مسؤوليته عن أخطاء خدمه تكون غير مباشرة ايضا‪ ،‬أما المسؤول المباشر عن الخطأ هو فهو‬
‫التابع‪ ،‬لذلك فإن الوضع العادي لألمور كان يفرض مسائلة التابع بدال من المتبوع إال أنه نظرا للمشاكل‬
‫التي قد تواجه ال ضحية بسبب صعوبة إثبات خطأ التابع أو كون هذا األخير معسرا ال مال له فإنه غالبا‬
‫ما يفضل الرجوع على المتبوع حتى يتجنب العقبات السابقة‪ ،‬غير أنها تعرضت إلنتقادات شديدة‪ ،‬ولعل‬
‫االنتقاد الجوهري الذي يجعلنا نستبعد فكرة الخطأ كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار التشريع المغربي‬
‫ساء كان الخطأ عاديا أو مفترضا هو أن المتبوع بإمكانه دحض المسؤولية بإثبات أنه قام بواجب‬
‫الرقابة و التوجيه الالزمين لتجنب الفعل الضار‪ ،‬االمر الذي يتنافى مع قصد المشرع المغربي عندما‬
‫جعل قرينة المسائلة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 79‬ق ل ع قرينة غير قابلة إلثبات‬
‫العكس‪.‬‬
‫‪ - 2‬نظرية حتمل املخاطر‬

‫وفقا لهذه النظرية فإن المتبوع باعتباره المستفيد من خدمات تابعيه وخدمه فإنه يتوجب عليه‬
‫بالمقابل تحمل تبعة المخاطر المحدثة من قال هؤالء األتباع‪ ،‬إذا كان لها ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة‬
‫إليهم‪ ،‬غير أن هذ ه النظرية لم يكتب لها النجاح على اعتبار أنها نشأت في ميدان حوادث الشغل وهو‬
‫يختلف اختالفا كثيرا عن األضرار الناشئة عن الحوادث المدنية األخرى‪.‬‬
‫‪ - 3‬نظرية الضمان‬

‫مفاد هذه النظرية أن المتبوع يعد بمثابة ضامن لنتائج األضرار التي يتسبب فيها أتباعه‬
‫خصوصا في حالة إ عسار هؤالء األتباع أو امتناعهم عن أداء ما بذمتهم ‪ ،‬فالضمان يحمل في طياته‬
‫معنى الكفالة أي المتبوع يعد كفيل لنشاط التابع و يحل محله في األداء‪.‬‬
‫‪ – 4‬نظرية النيابة أو التمثيل القانوني‬

‫وفقا لهذه النظرية فإن التابع ما هو في الواقع إال نائب قانوني عن المتبوع يعمل لحسابه و يتأمر‬
‫بأوامره‪ ،‬ويترتب على هذه العالقة أن خطأ للمتبوع نفسه إعماال لمبدأ كان معروفا لدى الكنسيين من أن‬
‫خطأ الخادم ما هو إال انعكاس لخطأ السيد‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الالزمة لقيام مسؤولية املتبوع‬

‫لقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع فإنه يتع ين أن يكون المتبوع مرتبطا بخدمه و تابعيه‬
‫بمقتضى عالقة التبعية ‪ ،‬و أن يتسبب التابع في ارتكاب الخطأ في حالة أداء وظيفته‪ ،‬و أن يتولد عن هذا‬
‫الفعل حصول ضرر للغير ‪ ،‬و سنكتفي بالشرطين األولين‪ ،‬أما الشرط الثالث فسنحيل إلى ما تطرقنا له‬
‫عند حديثنا عن الضرر في المسؤولية عن العمل الشخصي‪.‬‬
‫‪ – 1‬الشرط األول‪ :‬قيام عالقة التبعية‬

‫ال بد لترتب المسؤولية هنا من وجود عالقة التبعية بين شخصين بحيث يكون إحداهما خاضع‬
‫لآلخر‪ ،‬و يتحقق ذلك إذا كان للمتبوع على تابعه سلطة فعلية في الرقابة و التوجيه‪ ،‬وقد يكون شخص‬

‫‪34‬‬
‫تابع شخص و يوضع بإرادة ا لمتبوع تحت تصرف شخص آخر‪ ،‬عندئذ يوجد متبوعان‪ ،‬متبوع أصلي و‬
‫متبوع فرعي" فإن المتبوع تقع عليه مسؤولية أعمال ذلك التابع‪ ،‬و القاعدة أن المسؤولية بحق الرقابة و‬
‫لتوجيه بحيث يكون هذا الحق تكون المسؤولية و عليه يبقى المتبوع األصلي مسؤوال عن الخطأ الذي‬
‫يصدر من التابع اثناء قيامه بالعل لدى المتبوع العرضي‪.‬‬
‫و يصبح المتبوع العرضي مسؤوال عن خطأ التابع إذا تبين أن المتبوع األصلي قد تنازل عن‬
‫سلطته في الرقابة و التوجيه لمصلحة المتبوع العرضي‪.‬‬
‫‪ - 2‬الشرط الثاني‪ :‬صدور خطأ من التابع يضر بالغري يف حالة أداء وظيفته‬

‫ال يسأل المتبوع إال إذا كان التابع مسؤوال بأن أخطأ خطأ سبب ضررا للغير‪ ،‬أما إذا كان التابع‬
‫غير مسؤول فال مسؤولية كذلك على المتبوع‪ ،‬كما لو كان التابع في حالة دفاع شرعي‪.‬‬
‫وخطأ التابع الذي يسأل المتبوع عنه هو الخطأ الذي يرتكبه اثناء تأدية العمل الذي عهد إليه‬
‫المتبوع به‪ ،‬أو بسبب هذا العمل‪.‬‬
‫أ – اخلطأ أثناء تأدية الوظيفة‬

‫يقصد بالخطأ أثناء تأدية الوظيفة ما يرتكبه التابع من خطأ وهو يؤدي عمال من أعمال وظيفته‬
‫مثل خطأ السائق وهو يقود السيارة أثناء تأدية عمله فيدهس شخصا في الطريق‪ ،‬وخطأ الممرض الذي‬
‫يعطي المريض سما بدل الدواء‪ ،‬فهنا تقم مسؤولية المتبوع ألن الخطأ وقع أثناء تأدية التابع لوظيفته‪.‬‬
‫ب – اخلطأ بسبب الوظيفة‬

‫يكون خطأ التابع بسبب أداء وظيفته‪ ،‬إذا كان خطأ التابع لم يكن ممكنا لو ال وظيفته‪ ،‬فساعي البريد‬
‫الذي يسرق إحدى الرسائل ما كان عليه أن يفعل ذلك لوال أنها سلمت إليه لتوزيعها‪ ،‬فالخطأ هنا يقع‬
‫أثناء تأدية الوظيفة‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار مسؤولية املتبوع عن فعل التابع‬
‫عندما تتحقق عناصر المسؤولية المدنية للمتبوع عن أخطاء تابعيه بالشكل الذي أشرنا إليه سابقا‬
‫فإن الضحية يتوفر له أكثر من طريق للمطالبة بحقوقه المدنية‪ ،‬فله الحق في مقاضاة المتبوع وحده ‪،‬‬
‫كما له الحق في الرجوع على التابع ‪ ،‬أيضا باعتباره طرفا في النزاع‪ ،‬ليس هناك ما يمنع المضرور‬
‫من مطالبة التابع و المتبوع في دعوى واحدة لوجود التضامن بينهما‪.‬‬
‫‪ – 1‬رجوع الضحية على املتبوع‬
‫بالرغم من أن المتبوع في الواقع ما هو إال ضامن احتياطي لتبعا ت االفعال التي يتسبب فيها‬
‫أتباع ه الذين يعملون لحسابه‪ ،‬إال أن الضحية غالبا ما يفضل الرجوع على المتبوع ليسره أوال و ألن‬
‫المشرع قد جعله مسؤوال بقوة القانون ثانيا ‪ ،‬يحث ال يحق له دفع هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه إال‬
‫بإثبات السبب األجنبي كالقوة القاهرة و الحادث الفجائي‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪- 2‬رجوع الضحية على التابع‬
‫ليس هناك ما يمنع المضرور من الرجوع مباشرة على التابع ‪ ،‬إال ان المضرور سياجه‬
‫مجموعة من الصعوبات ابرزها أن الضحية يتوجب عليه إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية عن الفعل الشخصي المنصوص عليها في الفصلين ‪ 77‬و‪ 77‬ق ل ع‪.‬‬
‫وحتى على افتراض كسب المضرور لهذه الدعوى فإن إعسار التابع قد يحول دون تحقيق الغاية‬
‫المقصود من هذه الدعوى وهو الحصول على التعويض‪ ،‬لذلك فإن الحل األمثل للضحية هو رفع دعواه‬
‫على كل من التابع و المتبوع لوجود التضامن بينهما‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني استحقاق المضرور‬
‫لتعويضين عن الضرر الواحد ألن في ذلك نوع من اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫‪- 3‬رجوع المتبوع على التابع‬
‫لما كان المتبوع مجرد ضامن لنتائج الفعل الضار المرتكب من التابع‪ ،‬فإنه ليس هناك ما يمنع‬
‫المخدوم في الرجوع على خادمه في حدود التعويض الذي دفعه للمضرور‪ ،‬لكن عمليا فإن هذا الحق‬
‫يتجدد في حال تعسف التابع في اس تعمال الوظيفة المسندة إليه‪ ،‬أما إذا كان خطا التابع مألوفا و يدخل في‬
‫طبيعة المهنة التي يمارسها المتبوع ال يحق له الرجو ع على التابع ‪ ،‬وهذا الحكم ينطبق أيضا في حالة‬
‫أن الضرر كان بأمر من المتبوع‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬املسؤولية الناشئة عن فعل االشياء احلية و اجلامدة‬
‫خص المشرع المغربي المسؤولية الناشئة عن فعل االشياء الحية و الجامدة الفصول من ‪71‬‬
‫إلى ‪ 40‬من ق ل ع ‪ ،‬حيث تعرض لمسؤولية حارس الحيوان و لمسؤولية حارس األشياء ثم لمسؤولية‬
‫مالك البناء ‪:‬عن الضرر الذي يمكن أن يلحقه الحيوان أو الشيء أو البناء بالغير‪.‬‬
‫و هكذا سنتناول على التوالي‪:‬‬
‫مسؤولية حارس الحيوان‪.‬‬
‫مسؤولية حارس االشياء‬
‫مسؤولية مالك البناء‬
‫املطلب األول ‪ :‬مسؤولية حارس احليوان‬
‫نظم المشرع المغربي مسؤولية حارس الحيوان عن األضرار التي يسببها للغير في الفصلين ‪71‬‬
‫و‪ 77‬ق ل ع ‪ ،‬و بنى مسؤولية حارس الحيوان هو خطأ مفترض وهو اإلخالل بواجب الرقابة و عدم‬
‫اتخاذ اإلحتياطات الالزمة لمنع الحيوان من اإلضرار بالغير‪ ،‬و الخطأ المفترض في جانب حارس‬
‫الحيوان هو خطأ يقبل إثبات العكس‪ ،‬و على ذلك فيمكن للحارس أن يتحلل من المسؤولية بإثبات أنه لم‬
‫يخطئ و أنه اتخذ جميع اإلحتياطات الضرورية لمنع وقوع الضرر‪ ،‬و أن الضرر ناتج عن قوة قاهرة‬
‫أو خطأ المتضرر‪ ،‬الفصل ‪ 71‬ق ل ع ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أساس مسؤولية حارس احليوان‬
‫‪ – 1‬مسؤولية حارس احليوان تقوم على فكرة اخلطأ املفرتض‬
‫اختلفت اآلراء في تحديد اساس مسؤولية حارس الحيوان فمعظمهم قال أن أساس هذه المسؤولية‬
‫هو تحمل التبعة فصاحب الحيوان هو الذي يستفيد منه‪ ،‬فعليه إذن تقع تبعة ما يلحق من ضرر للغير‪،‬‬
‫وقال آخرون أن م سؤولية حارس الحيوان تقع على خطأ مفترض في جانب الحارس وهو خطأ في‬
‫الرقابة و التوجيه وهذا معمول به في الفقه السائد في اإلجتهاد‪.‬‬
‫‪ - 2‬دفع مسؤولية حارس احليوان‬
‫فضل المشرع المغربي أن ال يتشدد في مسؤولية حارس الحيوان و اعتبر قرينة الخطأ الذي‬
‫بنيت عليها هذه المسؤولية قرينة قابلة للبينة المعاكسة ذلك أن الفصل ‪ 71‬ق ل ع ‪ ،‬لم يقتصر على‬
‫السماح لحارس الحيوان بأن يدفع المسؤولية إذا هو أثبت أن الحادث الذي سبب الضرر نتج عن ظرف‬
‫طارئ أو قوة قاهرة أو من خطأ المضرور‪ ،‬بل أجاز له ان يتحلل من كل مسؤولية إذا هو اقام الدليل‬
‫على أنه اتخذ اإلحتياطات الالزمة لمنع الحيوان من إحداث الضرر ومراقبته‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫خطأ الغير يدخل في مفهوم القوة القاهرة و يصح أساس لدفع مسؤولية حارس الحيوان‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط مسؤولية حارس احليوان‬
‫‪ – 1‬الشرط األول ‪ :‬جيب أن يتوىل شخص حراسة احليوان‬
‫يقتضي اإللمام بهذا الشرط تحديد معنى كل من الحراسة و الحيوان‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أ – احلراسة‪ :‬القصد هنا السلطة الفعلية في الرقابة و التوجيه ‪ ،‬فحارس الحيوان الذي يتحمل‬
‫المسؤولية هو من يباشر بنفسه أو بواسطة تابعه سلطة فعلية في رقابة الحيوان و توجيهه‪ ،‬و في ضوء‬
‫هذا المعيار يمكننا تقرير القواعد التالية‪.‬‬
‫‪ -‬ليس الحارس ن يحوز الحيوان حيازة مادية ‪ ،‬ألن الحيازة شيء و الحراسة شيء آخر‪،‬‬
‫فالتابع كالسائس أو السائق له الحيازة المادية و لكنه ال يعتبر حارسا ألنه ال يملك السلطة الفعلية في‬
‫رقابة الحيوان وتوجيهه‪ ،‬ثم إن الفصل ‪ 71‬ق ل ع ‪،‬ترتب المسؤولية على الحارس حتى في الحالة التي‬
‫يكون فيها الحيوان قد ظل أو تشرد أي حت في الحالة التي يكون فيها الحارس فقد الحيازة المادية‬
‫للحيوان‪.‬‬
‫‪ -‬ليس الحارس من يتمتع بحيازة الحيوان حيازة قانونية فلو أن الحيوان سرق من مالكه فإن‬
‫الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه‪ ،‬ويصبح هو المسؤول عن األضرار التي يحدثها‬
‫للغير‪.‬‬
‫‪ -‬األصل أن مالك الحيوان هو الحارس ألنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الحيوان ‪ ،‬وعليه‬
‫إذا رفع المضرور الدعوى على المالك فال يكون عليه سوى أن يثبت أن المالك هو الحارس إذ يقوم هذا‬
‫اإلفتراض لص الحه‪ ،‬بل يترتب على المالك أن يثبت أنه لم يكن هو الحارس وقت وقوع الضرر و‬
‫يستطيع أن يثبت ذلك بجميع الطرق‪.‬‬
‫ب – احليوان‪ :‬لم يحدد الفصل ‪ 71‬ق ل ع الحيوانات التي يسأل حارسها عن الضرر الناشئ من‬
‫فعلها لذلك يجب أن يصدق هذا الفصل على أي نوع من الحيوان‪ ،‬ال فرق في ذلك بين الحيوان‬
‫المستأنس الحيوان المتوحش ‪،‬إنما يشترط أن يكون الحيوان مملوكا ألحد من الناس ‪ ،‬أو على األصح‬
‫أن يتولى شخص حراسته‪ ،‬أما الحيوانات التي توجد طليقة في عقار سواء كانت متوحشة أو غير‬
‫متوحشة فال يسأل مبداي مالك العقار أو مستأجره أو حائزه عن الضرر الذي تحدثه هذه الحيوانات إذا‬
‫لم يكن قد فعل شيئا لجلبها أو اإلحتفاظ بها في هذا العقار " الفصل ‪ 77‬فقرة أولى ق ل ع" ‪.‬‬
‫غير أن الفصل ‪ 77‬فقرة ثانية ق ل ع أوجب المسؤولية في حاتين‪:‬‬
‫‪ -‬إذا وجدت في العقار حضيرة أو غابة أو حديقة أو خاليا مخصصة لتربية أو لرعاية بعض‬
‫الحيوانات إما لغرض التجارة أو اإلستعمال المنزلي‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان العقار مخصص للصيد‪.‬‬
‫‪ – 2‬الشرط الثاني‪ :‬جيب أن حيدث احليوان بفعله ضررا للغري‬
‫أ – فعل احليوان‪ :‬يجب حتى تتحقق مسؤولية حارس الحيوان قد أتى فعال إيجابيا سبب إحداث‬
‫الضرر‪ ،‬أما إذا كان دور الحيوان سلبيا كأن ارتطم أحد بحيوان واقف ويصاب بضرر فإن حارس‬
‫الحيوان ال تجوز مسائلته ألن الضرر في مثل هذه الحالة ال يعتبر من فعل الحيوان و اشتراط فعل‬
‫إيجابي من الحيوان ال يعني أن يكون الحيوان قد اتصل اتصاال ماديا بالمضرور بل يكفي أن يكون‬
‫السبب اإليجابي هو إحداث الضرر فل أن حيوان مفترس أفلت زمامه من يد حارسه و خرج إلى‬
‫الطريق العام فذعر شخص من المارة فسقط وجرح من غير ان يلمسه الحيوان ‪،‬فإن المضرور يعتبر‬
‫حارس الحيوان مسؤوال عن الضرر الذي لحق به ألن هذا الضرر يعتبر من فعل الحيوان‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ب – ضرر الغري‪ :‬يسأل الحارس عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الحيوان الذي يكون تحت‬
‫حراسته كأن يدهس حيوان شخصا فيصيبه بجروح أو ينتقل إليه مرض معد من حيوان إلى أخر يملكه‬
‫الغير‪ ،‬و يقصد بالغير كل شخص أجنبي ما عدا الحارس‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار مسؤولية حارس احليوان‬
‫إذا توافر الشرطان السابقان حق للمتضرر المطالبة بالتعويض من المسؤول المفترض أن الخطأ‬
‫صدر عنه أي الحارس‪ ،‬وال يتحلل الحارس من مسؤوليته إال في حالتين‪:‬‬
‫‪ -‬إذا أثبت أنه لم يخطئ ببرهنته على انه اتخذ جميع اإلحتياطات الالزمة لحراسة الحيوان و‬
‫منعه من اإلضرار بالغير‪.‬‬
‫‪ -‬إذا اثبت أن الضرر الذي لحق المتضرر يرجع لقوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ‬
‫المتضرر‪.‬‬
‫فإذا صاحب خطـ المتضرر خطأ للحارس ‪ ،‬وزعت المسؤولية بينهما كما في الحالة التي يهمل‬
‫فيها الحارس ربط الكلب فيلحق بمستفزه و يعضه‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مسؤولية حارس الشيء‬
‫خص المشرع لمسؤولية حارس الشيء الفصل ‪ 77‬من ق ل ع ‪ ،‬و قد أراد بهذا النص األخذ بيد‬
‫المضرور بغية تخفيف عبء اإلثبات عنه‪ ،‬عندما يطالب بالتعويض عن األضرار التي تسببها له‬
‫اآلالت الميكانيكية و األدوات الخطيرة التي خلفها التطور الصناعي‪ ،‬فهذا النص يعفي المضرور من‬
‫إثبات خطأ حارس الشيء الذي أحدث الضرر باعتبار أن مسؤولية الحارس تقوم على خطأ مفترض‬
‫من جانبه في رقابة الشيء األمر الذي يبرز خاصة في حوادث السير حيث كان يصعب على المضرور‬
‫إثبات خطأ السائق و بالتالي ضياع حقوقه و قرينته الخطأ المفترض التي بنيت عليها مسؤولية حارس‬
‫الشيء‪ ،‬قرينة تقبل البينة المعاكسة‪ ،‬وعليه قسمنا موضوعنا الى ثالث فقرات‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أساس مسؤولية حارس الشيء‬
‫‪ – 1‬مسؤولية حارس الشيء قوامها اخلطـأ املفرتض‬
‫اختلفت اآلراء في تحديد أساس مسؤولية حارس االشياء فالبعض قال أن اساس هذه المسؤولية‬
‫هو تحمل التبعة‪ ،‬فمن يستفيد من الشيء عليه تحمل تبعة الضرر الذي يحدثه للغير بسبب هذا الشيء‪،‬‬
‫والبعض اآلخر أفتى مسؤولية حارس الشيء قوامها الخطأ المفترض في جانب الحارس وهو خطأ في‬
‫الرقابة و عدم بذل العناية الخاصة التي تتطلبها حراسة الشيء وهذا هو الرأي الذي تبناه القضاء في‬
‫المغرب‪.‬‬
‫‪ - 2‬دفع مسؤولية حارس الشيء‬
‫اعتبرت قرينة الخطأ الذي بنيت عليها هذه المسؤ ولية قرينة قابلة للبينة المعاكسة‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫لمسؤولية حارس الشيء ‪ ،‬فقد قرر اعتبار القرينة التي بنيت عليها قاطعة وال يجوز معها للمسؤول دفع‬
‫المسؤولية إال إذا أثبت الحارس أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر و أن هذا األخير يرجع إما‬
‫لظرف طارئ أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور ‪ ،‬ولما كان خطأ الغير يدخل في مفهوم الظرف الطارئ‬
‫و القوة القاهرة فإنه يصح أخذه بعين اإلعتبار في معرض دفع مسؤولية حارس الشيء ‪ ،‬ثم إن خطأ‬

‫‪39‬‬
‫المضرور ال يمكن اإلعتداد به في معرض دفع المسؤولية عن حارس الشيء إال إذا كان المضرور‬
‫ممن يتحمل بالمسؤولية التقصير ية لتمتعه باإلدراك و التمييز‪ ،‬أما إذا كان المضرور عديم التمييز‬
‫بجنون أو صغر السن ‪ ،‬فال يستطيع حارس الشيء التمسك بخطأ المضرور لتجنب المسؤولية بل البد‬
‫له من إقامة الدليل على أن الضرر يرجع لظرف طارئ أو قوة قاهرة ‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن البينة‬
‫التي يدلي بها حا رس الشيء لدفع المسؤولية عنه يعود تقديرها لقاضي الموضوع و ال رقابة عليه في‬
‫تكوين قناعته‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط مسؤولية حارس الشيء‬
‫‪ – 1‬الشرط األول ‪ :‬جيب أن يتوىل شخص حراسة الشيء‬
‫أ – احلراسة‪ :‬يقصد بالحراسة السلطة الفعلية في الرقابة و التجيه و التصرف ‪ ،‬فحارس الشيء‬
‫هومن له السلطة الفعلية في رقابته توجيهه‪ ،‬و في ضوء هذا المعيار يمكن تقرير القواعد التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ال يتحتم أن يكون الحارس من يتمتع بالحيازة القانونية فلو أن الشيء سرق من مالكه فإن‬
‫الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه‪.‬‬
‫‪ -‬األصل أن مالك الشيء هو الحارس ألنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الشيء عليه إذا‬
‫رفع المضرور الدعوى على المالك فال يكون عليه أن يثبت أن المالك هو الحارس إذ يقوم‬
‫اإلفتراض لصالحه‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر بائع الشيء قبل التسليم هو الحارس فال تنتقل الحراسة إلى المشتري إال بالتسليم‪.‬‬
‫‪ -‬تنتقل الحراسة من المالك إلى صاحب حق اإلنتفاع و المرتهن رهن حيازة كما تنتقل في‬
‫المنقول إلى المستأجر‪.‬‬
‫‪ -‬إذا انتقل الشيء إلى يد التابع فاألصل أن تبقى الحراسة للمالك ألنه هو الذي يملك السلطة‬
‫الفعلية في التوجيه و ال تصرف في أمر الشيء ‪ ،‬أما إذا خول المالك التابع حق التوجيه و‬
‫التصرف في أمر الشيء فالتابع يصبح هو الحارس وكذلك إذا استعمل التابع الشيء لمنفعته‬
‫الشخصية انتقلت الحراسة إليه‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر معلم القيادة هو الحارس للسيارة أما من يتعلم القيادة فال يعتبر حارسا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشيء‪ :‬ير اد بالشيء في هذا المقام كل شيء مادي غير حي شرط أن يكون رد بشأنه نص‬
‫خاص‪ ،‬وعليه تخرج من هذا النطاق األشياء غير المادية تقع تحت الحس‪ ،‬و تخرج أيضا المباني فيما‬
‫يتعلق باألضرار التي تنجم عن انهيار ها أو تهدمها الجزئي بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في‬
‫البناء‪ ،‬كم ا يخرج ما هو معتبر جزء من العقار كاألشجار و العقارات بالتخصيص فيما يتعلق‬
‫باألضرار التي تنجم عن سقوطها أو تهدمها الجزئي‪.‬‬
‫والشيء المقصود هنا يستوي أن يكون منقوال كالسيارة‪ ،‬أو عقارا كالمباني واألشجار‪ ،‬و ق ل ع‬
‫إذ قرر مسؤولية حارس الشيء عن األضرار التي يمكن أن يحدثها للغير لم يميز بين أن يكون الشيء‬
‫خطرا أم غير خطر‪ ،‬فمجرد كون الشيء أحدث ضررا للغير يدل على أنه شيئا خطرا في الظروف‬
‫التي حصل فيها الضرر و أن حراسته تتطلب عناية خاصة‪ ،‬هذا فضال على أن التمييز بين االشياء‬
‫الخطرة و غير الخطرة يصعب عمل يا تطبيقه ‪،‬فمثال فاص من الزهورليس خطرا لكنه يصبح خطرا إذا‬
‫وضع في شرفة طابق علوي و سقط على رأس أحد المارة‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ – 2‬الشرط الثاني ‪:‬جيب أن حيدث الشيء ضررا للغري‬
‫أ – فعل الشيء‪ :‬يعتبر الضرر ناشئا بفعل الشيء إذا كان الشيء قد تدخل تدخال إيجابيا تسبب في‬
‫إحداث الضرر و التدخل اإليجابي يقتضي أن يكون الشيء في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث‬
‫الضرر‪ ،‬أما إذا مات دور الشيء سلبيا كأن يرتطم شخص بسيارة واقفة و يصاب بسبب ذلك بجروح‬
‫هنا ال يكون الضرر من فعل الشيء‪.‬‬
‫ب – ضرر للغري‪ :‬يسال الحارس عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الشيء الذي هو تحت حراسته‬
‫كأن تدهس السيارة أحد المارة و تكسر ساقه‪ ،‬والغير المقصود هنا كل من غير الحارس فقد يكون الغير‬
‫أجنبيا عن الحارس‪ ،‬وقد يكون تابعا للحارس‪ ،‬وقد يكون مالك الشيء إذا كان الشيء في حراسة شخص‬
‫غير مالكه‪.‬‬
‫على أن شرطا أساسيا يجب أن يتوفر في الغير األجنبي عن الحارس حتى يستطيع مسائلة‬
‫الحارس على اساس قرينة الخطأ المنصوص عليها في الفصل ‪ 77‬ق ل ع ‪ ،‬هو أن يكون الضرر قد‬
‫لحق به دون ان يكون اشترك في استعمال الشيء‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن مسؤولية حارس الشيء‬
‫تنتقل من مسؤولية تقصيرية إلى مسؤولية عقدية إذا وجد تمت عقد بين المضرور و الحارس و كان‬
‫الضرر قد حصل بمناسبة تنفيذ هذا العقد‪ ،‬فالناقل يكون مسؤوال عن سالمة الركاب ف حالة الضرر‬
‫مسؤولية عقدية ل مسؤولية تقصيرية ‪ ،‬و تتقادم دعوى المسؤولية ب ‪ 69‬سنة حسب الفصل ‪ 977‬من‬
‫ق ل ع‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬آثار مسؤولية حارس الشيء‬
‫إذا توافر الشرطان تحققت مسؤولية الحارس وحق على المتضرر أن يطالب بالتعويض وذلك‬
‫سواء كان هذا المتضرر أجنبيا عن الحارس‪ ،‬أم كان تابعا له من الذين عهد ‘ليهم بحفظ الشيء أو‬
‫استخدامه‪ ،‬مادام أن ع ملهم لحسابه‪ ،‬بل إن المتضرر يمكنه مطالبة الحارس بالتعويض حتى لو كان هو‬
‫المالك ‪ ،‬في الحالة التي تكون حراسة الشيء بيد غير مالكه‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬مسؤولية مالك البناء‬

‫خص المشرع لمسؤولية مالك البناء عن األضرار الناجمة عن انهيار البناء أو تهدمه الجزئي‬
‫الفصلين ‪ 74‬و ‪ 40‬من ق ل ع‪.‬‬
‫و ينص الفصل ‪ 74‬في الفقرة األولى على أنه ‪:‬‬
‫" يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي‪ ،‬إذا وقع هذا أو ذاك‬
‫بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء‪ ،‬ويطبق نفس الحكم في حالة السقوط أو التهدم‬
‫الجزئي لما يعتبر جزءا من العقار‪ ،‬كاألشجار واآلالت المندمجة في البناء والتوابع األخرى المعتبرة‬
‫عقارات بالتخصيص‪ ،‬وتلزم المسؤولية صاحب حق السطحية‪ ،‬إذا كانت ملكية هذا الحق منفصلة عن‬
‫ملكية األرض"‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أساس املسؤولية عن تهدم البناء‬

‫من خالل قراءة نص الفصل ‪ 74‬ق ل ع يتبين أن هذه المسؤولية مبنية على خطأ مفترض في‬
‫جانب المالك أو من يتولى رعاية العقار‪ ،‬إال أن افتراض هذا الخطأ في صف المالك ال يعني أن‬
‫المضرور يعفى من كل إثبات‪ ،‬إذ يجب عليه أن يقيم الدليل على أن الضرر الذي اصابه كان نتيجة‬
‫لتهدم البناء كليا أو جزئيا‪ ،‬و أن هذا التهدم كان بسبب القدم أو نقصان الصيانة أو عيب في البناء‪ ،‬و‬
‫تحمل المضرور لهذا العبء في اإلثبات هو الذي جعل جانب مهما من الفقه المعاصر يتردد في قبول‬
‫فكرة الخطأ المفترض كأساس لهذه المسؤولية‪.‬‬
‫و يحق للمالك أن يدفع عنه هذه المسؤولية بإثبات أحد األمرين‪:‬‬
‫‪ -‬األمر األول‪ :‬أن يقدم الدليل على أن التهدم سواء كان كليا أو جزئيا لم يكن وليد العيب في‬
‫البناء أو نقصان في الصيانة بل ألسباب أخرى غير تلك المذكورة في الفصل ‪ 74‬ق ل ع ‪،‬‬
‫كأن يثبت أن التهدم كان نتيجة اندالع حريق‪.‬‬
‫‪ -‬األمر الثاني‪ :‬يتعلق باألحوال التي يقع فيها التهدم بسبب أجنبي كالزلزال أو انجراف التربة‬
‫وكل ما يدخل في إطار القوة القاهرة و الحادث الفجائي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط حتقق املسؤولية عن تهدم البناء‬

‫لتحقق مسؤولية مالك البناء عن تهدمه يلزم توفر شرطين أساسيين‪:‬‬


‫‪ – 1‬أن يكون الضرر ناشئ عن انهيار البناء أو تهدمه اجلزئي‬

‫لتقوم المسؤولية يجب أن يكون هناك ضرر ناشئ عن انهيار البناء أو تهدمه‪ ،‬و يشمل البناء‬
‫حسب الفصل ‪ 74‬من ق ل ع كل المنشئات المتصلة باألرض سواء كانت قائمة فوق سطح األرض أو‬
‫كانت قائمة في باطنها‪ ،‬أو الملحقات االخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص‪ ،‬أما اإلنهيار أو التهدم‬
‫فيقصد به سقوط المنشئات و يكفي انفصال حجر أو شيء مما يتكون البناء يعتبر المالك أو الحارس‬
‫لذلك العقار مسؤوال إذا ما نتج عن تهدمه ضرر للغير‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن يكون التهدم نتيجة القدم أو عجم الصيان أو عيب يف البناء‬

‫أما إذا كان اإلنهيار ناتجا عن انفجار أو حريق ‪ ،‬ال تقوم المسؤولية على اساس تهدم البناء و أنما‬
‫على اساس مسؤولية حارس الشيء إذا كان السقوط مباشرة بعد الحريق ‪ ،‬أما إذا تم بعد مدة غير‬
‫قصيرة فإن الضرر يعتبر نتيجة لتهدم البناء ولو كان سببه األصلي هو اإلنفجار أو الحريق‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التدابري الوقائية لدرء تهدم الناء‬

‫نص الفصل ‪ 40‬من ق ل ع بأنه يحق لمالك العقار الذي يخشى ألسباب معتبرة انهيار بناء‬
‫مجاور أو تهدمه الجزئي أن يطلب مالك البناء أو من يكون مسؤوال عنه وفق أحكام الفصل ‪ 74‬ق ل ع‬
‫اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع وقوع اإلنهيار‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أما عن طبيعة هذه التدابير الوقائية‪ ،‬تختلف باختالف نوعية الخطر الذي يهدد البناء فقد تكون‬
‫أعمال التدعيم و الترميم كافية إلصالح العيب الذي اشتكى منه المضرور‪.‬‬
‫إال أن هناك من الحاالت ما يستلزم هدم البناء و أعادة تشييده من جديد‪ ،‬و في كل األحوال فإنه‬
‫يتعين على المالك أن يبادر إلى تنفيذ هذه اإلجراءات الوقائية قبل وقوع الضرر أي في الفترات التي‬
‫يتسع فيها عامل الوقت لتدارك الخطر الذي يهدد البناء باإلنهيار الكلي أو الجزئي‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬آثار املسؤولية عن تهدم البناء‬

‫إذا توافرت الشروط السابق ذكرها ‪ ،‬حق للمتضرر أن يطالب بالتعويض وفقا ألحكام الفصل‬
‫‪ 74‬ق ل ع ‪ ،‬من دون إثبات خطأ في جانب المالك أو متعهد البناء و إنما يكفيه إصابته بالضرر ‪ ،‬وأن‬
‫ذلك الضرر نتيجة إل نهيار البناء أو تهدمه ‪ ،‬أي يكفيه أن يثبت الضرر و رابطة السببية بينه بين سبب‬
‫التهدم ‪ ،‬أي أن هناك افتراض لصالحه‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬املسؤولية املدنية‬
‫عن خماطر املنتجات املعيبة‬
‫أصدر المشرع المغربي مؤخرا مجموعة من القوانين ذهبت كلها في اتجاه حماية المتضرر‪ ،‬كقانون‬
‫حماية المستهلك‪ ،‬ومدونة االدوية والصيدلة‪ ،‬والقانون الخاص بالمسؤولية المدنية لمستغلي المنشئات‬
‫النووية ‪ ،‬وأخيرا القانون رقم ‪ 90.42‬المتمم لقانون اإللتزامات والعقود والمحدث لمسؤولية المنتج عن فعل‬
‫منتجاته المعيبة والذي يعد ترجمة حرفية لنصوص القانون الفرنسي رقم ‪ 28/982‬الصادر بتاريخ ‪ 92‬ماي‬
‫‪ ، 9228‬خاصة وأن المغرب كان مجبرا على إصدار هذا القانون لكونه وقع مع االتحاد األوروبي إتفاقية‬
‫الشريك المتقدم ‪ ،‬هاته اإلتفاقية التي ألزمته بمالئمة قوانينه مع التوجهات األو روبية وهو ما جاء في الورقة‬
‫التقديمية لهذا القانون من طرف وزارة التجارة الخارجية أمام اللجنة التشريعية بالمغرب‪.‬‬
‫أما بخصوص أ همية الموضوع فتتبين في المصاريف التي تنفقها الدولة على المتضررين من‬
‫المنتجات المعيبة خاصة عند حدوث أمراض خطيرة كالسرطان مثال‪ ،‬فعدم اإلحاطة بالمخاطر التي تحدثها‬
‫هاته المواد قد ال يؤدي إلى اإلضرار بالشخص فقط بل يتعداه الى اإلقتصاد الوطني برمته ‪ ،‬إضافة الى‬
‫حماية أرواح الناس من خطر هذه المنتجات‪.‬‬
‫إذا كانت المسؤولية المدنية ال تقوم في إطار قانون رقم ‪ 90.42‬إال بتوافر عنصر العيب‪.‬‬
‫إ ذن فما المقصود بالعيب في المنتوج سواء في القانون المغربي أو في التشريعات المقارنة ؟‬
‫وما هو االساس القانوني لمسؤولية المنتج ؟‬

‫املبحث األول املنتجات املعيبة يف ضوء القانون رقم ‪90-42‬‬


‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املنتج و املنتوج يف القانون ‪90.42‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬املنتج‬

‫يعرف الفصل ‪ 9‬من القانون ‪ 90.42‬المنتج على أنه‪:‬‬


‫"صانع منتوج كامل الصنع أو منتج مادة أولية أو صانع جزء يدخل في تكوين المنتوج أو كيله‬
‫المقيم بالمغرب أو كل شخص يتقدم على انه صانع بوضعه اسمه أو عالمته التجارية أو اية عالمة مميزة‬
‫اخرى على المنتوج أو الشخص الذي يقوم بتحويل المنتوج أو اعادة توضيبه‪.‬‬
‫المهنيون االخرون المتدخلون في سلسلة التسويق إذا كان من الممكن ان تؤثر انشطتهم على‬
‫سالمة المنتوج‪.‬‬
‫مستورد المنتوج إذا كان المنتج ال يوجد بالتراب الوطني أو إذا تعذر تحديد هوية المنتج‪".‬‬
‫‪44‬‬
‫و هناك مجموعة من اإللتزامات التي فرضها المشرع المغربي على منتجي و مستوردي المنتوجات‬
‫أو مقدمي الخدمات و التي خ صص لها الباب الخامس و ندكر منها مقتضيات الفصل ‪ 92‬من نفس القانون ‪.‬‬
‫و يتبين على ان المشرع المغربي وضع إلتزام عام بالسالمة كيفما كان المنتوج أو الخدمة إ ذ يمكن‬
‫من مراقبة كل المنتجات أو الخدمات التي تمس بسالمة المستعملين ‪.‬‬
‫و قد نظم مسؤولية المنتج في المواد من ‪ 9-941‬الى ‪ 90-941‬إذ انه من خالل هده المواد حاول‬
‫المشرع تجاوز الفراغ التشريعي في مجال مسؤولية المنتج ‪،‬وهذا الفراغ هو الذي دفع القضاء المغربي في‬
‫السابق الى االجتهاد في ضوء القواعد العامة ‪ ،‬و كذا في ضوء بعض القوانين الخاصة التي تالمس‬
‫الموضوع في بعض جزئياته و حاو ل من خالل قراراته رغم قلتها إرسا ء معالم المسؤولية بغرض تحقيق‬
‫األمن القضائي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬املنتوج‬

‫عرفه المشرع المغربي في القانون ‪ 90.42‬في الفصل ‪ 9‬على أنه‪:‬‬


‫"كل شيء مقدم أو معروض في إطار نشاط مهني أو تجاري بعوض أو بدونه سواء كان جديدا‬
‫أو مستعمال و سواء كان قابال لالستهالك أو غير قابل له أو كان محل تحويل أو توضيب أو لم يكن كحل‬
‫ذلك"‪.‬‬
‫و ذلك عكس ق ل ع الذي لم يعرف المنتوج بل كان يتحدث عن شيء دون أ ن يعطي تعريف له‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة لقانون حماية المستهلك عدد ‪ 99.48‬فرغم ذكره في عدة مواد مصطلح منتوج إال أنه هو اآلخر لم‬
‫يعرفه و هذا يوضح على أن القانون ‪ 90.42‬جاء أكثر توضيحا و دقة من سابقيه األمر الذي يظهر اهتمام‬
‫المشرع بالمنتوجات و الخدمات التي يتلقاها المستهلك المغربي‪.‬‬
‫و هنا فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ما هو النطاق القانوني للمنتوج في القانون ‪ 90.42‬؟‬
‫لإلجابة على هذا االشكال فالفصل ‪ 9- 941‬ق ل ع أجاب عليه بوضوح إذ جاء فيه‪:‬‬
‫" يراد بمصطلح "منتوج" كل شيء تم عرضه في السوق في إطار نشاط مهني أو تجاري أو‬
‫حرفي‪ ،‬بعوض أو بدون عوض‪ ،‬سواء كان جديدا أو مستعمال‪ ،‬وسواء كان قابال لالستهالك أو غير قابل‬
‫له‪ ،‬أو تم تحويله أو توضيبه وإن كان مدمجا في منقول أو عقار‪.‬‬
‫تعد منتوجات األرض وتربية الماشية واألسماك والقنص والصيد منتوجات‪.‬‬
‫تعتبر الكهرباء منتوجا كذلك"‬

‫‪45‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬مفهوم العيب و مظاهره‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬مفهوم العيب يف إطار القانون ‪90.42‬‬

‫تطرق المشرع المغربي للمنتوج المعيب من خالل الفصل ‪ 9- 941‬من ق ل ع بالقول‪ " :‬ينطوي‬
‫منتوج على عيب عندما ال يتوفر على السالمة التي من المعقول توخيها منه و ذلك اخذا بعين االعتبار كل‬
‫الظروف و ال سيما ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تقديم المنتوج‬
‫ب ‪ -‬اإلستعمال المرتقب من المنتوج‬
‫ج ‪ -‬وقت عرض المنتوج في السوق ‪....‬‬
‫فالعيب حسب تعبير هذا الفصل هو ذلك الذي يؤدي الى انعدام السالمة أي أنه يعرض سالمة‬
‫المستهلك أو المستعمل للخطر ‪.‬‬
‫و بالرجوع الى الفصل ‪ 5‬من قانون ‪ 90.42‬نجده يعرف المنتوج السليم بكونه ذلك المنتوج الذي ال‬
‫يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال العادية‪ ،‬أو التي كان من المعقول توقعها بما في ذلك مدة اإلستعمال‪،‬‬
‫وعند االقتضاء شروط التشغيل و التركيب و الحاجة الى الصيانة أو يشكل فقط أخطارا محدودة تتالءم مع‬
‫استعمال المنتوج‪ ،‬و تعتبر مقبولة في إطار التقيد بمستوى عال من الحماية لصحة و سالمة االشخاص أو‬
‫الحيوانات األليفة أو الممتلكات أو البيئة‪.‬‬
‫فالمالحظ هو أن العيب الذي نص عليه المشرع المغربي في الفصل ‪ 502‬من ق ل ع و المتعلق‬
‫بضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع ‪ ،‬ليس هو العيب المنصوص عليه في الفصل ‪ 9- 941‬من نفس‬
‫القانون و ال حتى في القانون رقم ‪ ، 90.42‬فالعيب في هذا األخير يتعلق بإخالل المنتج باإللتزام العام‬
‫بالسالمة الملقى على عاتقه ‪ ،‬فالعيب الذي يقيم مسؤولية المنتج ليس فقط هو ذلك الذي يصيب المنتوج في‬
‫ذاتيته و ينقص من قيمته و منفعته‪ ،‬بل هو ذلك الذي لم يوفر السالمة المتطلبة قانونا‪.‬‬
‫و اإللتزام العام بالس المة الملقى على عاتق المنتج هو إلتزام قانوني‪ ،‬يجد أساسه في مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 0‬من قانون ‪ 90.42‬التي جاء فيه "يلزم منتجو و مستوردو المنتوجات و كذا مقدمو الخدمات باال‬
‫يعرضوا في السوق اال المنتوجات أو الخدمات السليمة كما هي معرفة طبقا ألحكام هذا الباب"‬
‫فمفهوم العيب في المنتوج قد يتجاوز الجانب التقني المتمثل في ضمان أداء المنتوج لوظائفه بصورة‬
‫صريحة ‪ ،‬إ لى توفير الحماية الالزمة في أقصى صورها و هذا يعني أن كل تقصير في ضمان عدم إحداث‬
‫المنتوج للضرر قد يعتبر عيبا فيه ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مظاهر العيب‬

‫إن إثارة مسؤولية المنتج متوقفة على إثبات المضرور للضرر الذي لحقه من جراء المنتوج المعيب‬
‫و قد حاو ل المشرع المغربي توضيح بعض مظاهر هذا العيب سواء من خالل الفصل ‪ 9- 941‬ق ل ع أو‬
‫الفصل ‪ 5‬من القانون ‪ 90.42‬حيث افترض القانون الخطأ في جانب المنتج تيسيرا على المضرور إلثبات‬
‫الضرر و العالقة السببية بينه و بين العيب و فيما يلي بيان لبعض مظاهر هذا العيب‪.‬‬

‫‪ - 1‬العيب يف تصميم املنتوج‬

‫يتعلق هذا العيب أساسا في الخطأ الفني الناتج عن عدم مسايرة التصميم لما بلغه التقدم العلمي ‪ ،‬كعدم‬
‫إلتزام صانع الطائرة بتصميم منتوج آ من و صالح للمالحة الجوية وفقا لالستخدام العادي و المتوقع لها ‪،‬‬
‫ويلتزم المنتج ببذل العناية الالزمة بوصفه محترفا و يجب عليه بذل كل العناية و الحرص كغيره من‬
‫المحترفين في الظروف نفسها‪.‬‬
‫و تنصب العيوب في التصميم في عدم االستخدام الكافي للمواد التي صممت بها المنتجات بالدرجة‬
‫التي تحقق األمن و األمان لألشخاص و االموال‪.‬‬

‫‪ - 9‬العيب يف صناعة املنتوج‬

‫إن خطأ المنتج مرتبط أ ساسا بعملية تصنيع المنتوج بطريقة معيبة يجعله غاية في الخطورة لمن‬
‫يستخدمه كان يهمل الصانع اتخاذ جميع االحتياطات الواجبة لتفادي ظهور أية عيوب في صناعتها و ذلك‬
‫بسوء اختيار المواد الداخلة في التصنيع أو سواء في التركيب أو التجميع و بالتالي ال بد على المنتج‬
‫المحترف ان يقوم بتجريب منتجاته بالقدر الكافي قبل طرحها في األسواق أو إجراء الرقابة عليها من طرف‬
‫هيئة تابعة للشركة المنتجة أو هيئة خارجية تتكفل بعملية الفحص أو الرقابة التقنية ‪.‬‬

‫‪ - 3‬العيب يف التحذير‬

‫يلتزم المنتجون للمنتجات ذات الطبيعة المع قدة و التي تتطلب دقة كبيرة في استعمالها ان يصرح بهذه‬
‫الطبيعة الخطرة لها كما يلزم باإل فضاء بالمعلومات المتعلقة بكيفية استعم ال هذا المنتوج استعماال صحيحا‬
‫و التحذير مما قد ينتج عن استعماله من مخاطر أو اضرار و التحذير م ن عدم مراعاة احتياطات الحيازة‬
‫واإلستعمال وهذا اإللتزام بالتحذير هو إلتزام شخصي يجب على الصانع أو المنتج أو المحترف القيام به‬
‫بنفسه و ال يجوز ان يركن به للغير أو للموزع و إال عد مهمال ‪.‬‬

‫‪ - 0‬العيب يف مرحليت التسويق و التوزيع‬

‫و قد تضم هذه المرحلة التي يقوم بها كل متدخل من غير المنتج األصلي للمنتوج أخطاء تقوم على‬
‫أساسها مسؤولية هذا األخير و يتعلق األمر هنا بخطأ في التعبئة و التغليف‪ ،‬أو بتقصير في تخزين المنتوج‬
‫و المحافظة عليه وفق الشروط التي يتطلبها حفظه و تخزينه وكذا الخطأ في تسليم المنتوج عندما يتعلق‬
‫‪47‬‬
‫األمر بمنتوجات يتطلب تسليمها مراعاة قواعد التسليم و التي تقتضي اتخاذ كافة اإلحتياطات حتى ال يحدث‬
‫ضرر للشخص الذي تسلم هذه المنتجات‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬األساس القانوني ملسؤولية املنتح وعناصرها‬

‫املطلب األول‪ :‬أساس قيام املسؤولية و عناصرها‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬أساس قيام املسؤولية‬

‫إن البحث في األساس القانوني لمسؤولية المنتج ال زالت تمثل محور دراسات الباحثين و هي‬
‫تتأ رجح بين فكرتين اساسيتين و هما ‪:‬فكرة خطا المنتج وفكرة المخاطر أو تحمل التبعة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬فكرة خطأ املنتج‬

‫إن إثارة مسؤولية المنتج على أساس فكرة الخطأ تتوقف على إثبات المضرور لهذا الخطأ و نسبته‬
‫للمنتج أي انحرافه في سلوكه و عدم توخيه اليقظ ة و الحرص و التبصر الموازي لمثله من المهنيين في‬
‫مواجهة المدين الذي يفتقد بالضرورة للدراية الكافية ‪.‬‬
‫فالضابط الذي يتعين على المنتج عدم االنحراف عنه هو العناية التي تقتضيها أصول المهنة و التي‬
‫جرى القضاء الفرنسي على تقديرها بالسلوك المألوف من أواسط المنتجين علما و دراية و يقظة و بالتالي‬
‫فان السلوك المتبصر المتطلب في المنتج يمثل إلتزاما قانونيا يقع على عاتقه بعدم اإلخالل به أو الخروج‬
‫عن دائرته فالمفروض في المهني أو المنتج أ نه شخص مختص له معلومات كافية عن العمل و يحوز‬
‫وسائل تقنية ال يمت لكها االفراد العاديين‪.‬‬
‫لكن مسالة إثبات الخطأ و نسبته للمنتج في إطار هذه النظرية أضحت مسألة مستعصية بالنظر‬
‫للتطور الصناعي و التكنولوجي التي عرفته البشرية و الذي انعكس بالتالي على المنتوجات و الخدمات ‪.‬‬

‫‪ - 9‬فكرة املخاطر حتمل التبعة‬

‫أما فكرة المخاطر أو تحمل التبعة و التي ظهرت نتيجة قصور فكرة الخطأ‪ ،‬فمؤداها أن كل نشاط‬
‫يمكن أن ينتج ضررا يكون صاحبه مسؤوال عنه‪ ،‬إذا تسبب هذا النشاط في إيقاع ضرر بالغير‪ ،‬و لو كان‬
‫سلوكه غير مشوب باي خطأ ‪ ،‬بحيث ال تشترط أن يكون الضرر ناشئ عن انحراف في سلوك المنتج حتى‬
‫يلزم بالتعويض‪ ،‬و إنما يكفي أن يكون الضرر قد وقع نتيجة نشاطه ‪ ،‬و بالتالي فأساس هذه النظرية هو‬
‫الضرر و ال تقيم أي وزن للخطأ ‪ ،‬فالعبرة بالضرر الذي لحق الضحية و الذي يجب جبره ما لم يرجع ذلك‬
‫لخطأ المضرور نفسه ‪ ،‬و تكون المسؤولية في ظل هذه النظرية مسؤولية موضوعية تتجاهل تماما سلوك‬
‫الشخص الذي يتحمل تعويض الضرر الذي لحق الضحية ‪.‬‬
‫و لعل هذا هو المنحى الذي سار عليه المشرع المغربي في تقريره لمسؤولية المنتج على اساس فكرة‬
‫تحمل التبعة أو المخاطر ما دام اشترط على المضرور الستحقاق التعويض إثبات الضرر الذي لحقه من‬
‫‪48‬‬
‫المنتوج المعيب و ليس إثبات الخطأ في جانب المنتج‪ ،‬و هذا ما عبر عنه صراحة من خالل الفصل ‪2-941‬‬
‫من ق ل ع ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عناصر املسؤولية‬

‫عالج المشرع المغربي أساس مسؤولية المنتج و عناصرها في الفصل ‪ 2- 941‬من ق ل ع ‪ .‬حيث‬
‫نجده ينص على أنه "يجب على الضحية الستحقاق التعويض إثبات الضرر الذي لحقه من المنتوج‬
‫المعيب" فمتى ثبت ضرر للضحية نتيجة منتوج معيب إ ال و تقررت مسؤولية المنتج و استحق المضرور‬
‫التعويض ‪.‬‬
‫فالمالحظة األساسية هنا هو أن المشرع المغربي حافظ على عناص ر المسؤولية التقليدية الثالثة‬
‫وهي ‪ :‬الخطأ المتمثل في العيب و الضرر و العالقة السببية بينهما و سنتطرق لكل عنصر على حدة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ضرورة وجود عيب باملنتوج‬

‫إن مسؤولية المنتج تقوم بسبب وجود عيب في المنتوج و قد سبق تحديد ما المراد بالمنتوج المعيب‬
‫في إطار مقتضيات القانون ‪. 90- 42‬‬
‫فالعيب هنا ال يتعلق فقط بوجود خلل في المنتوج فقد ال ينطوي المنتوج على أي عيب‪ ،‬و لكن‬
‫مسؤولية المنتج تنعقد بمجرد أ ن تتعرض سالمة مستعمل المنتوج للخطر سواء تعلق األمر بالسالمة‬
‫الجسدية أو العقلية و هو ما عبر عنه المشرع المغربي بالمنتوج الخطير من خالل التعريفات التي أوردها‬
‫بالفصل ‪ 9‬من قانون ‪ ، 90- 42‬حيث اعتبر المنتوج ال خطير هو كل منتوج ال ينطبق عليه تعريف المنتوج‬
‫السليم المنصوص عليه في الفصل ‪ 5‬من هذا القسم ‪ ،‬و بالرجوع الى الفصل ‪ 5‬نجده يعتبر أن المنتوج‬
‫السليم هو الذي ال يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال و التركيب و الحاجة الى الصيانة‪ ،‬أو يشكل فقط‬
‫أخطار محدودة تتالءم مع استعم ال المنتوج و تعتبر مقبولة في إطار التقيد بمستوى عال من الحماية لصحة‬
‫و سالمة االشخاص و الحيوانات االليفة أو الممتلكات أو البيئة‪.‬‬

‫‪ - 9‬حصول الضرر‬

‫لم يحدد المشرع المغربي ما المقصود بالضرر في القانون ‪ 90- 42‬مما يتعين معه الرجوع الى‬
‫المقتضيات العامة لتحديد مضمونه و نطاقه ‪.‬‬
‫و بالرجوع ق ل ع نجده يعرف الضرر في الفصل ‪ 28‬بالباب المتعلق بالمسؤولية التقصيرية بالقول‬
‫" الضرر في الجرائم و اشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعال و المصروفات الضرورية التي‬
‫اضطر أو سيضطر الى انفاقها إل صالح نتائج الفعل الذي ارتكب اضرارا به و كذلك ما حرم منه من نفعه‬
‫في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل "‬

‫‪49‬‬
‫فالمنتج و حسب القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية يكون مسؤوال عن تعويض األضرار المادية‬
‫سواء أصابت المضرور في جسده ترتبت عنها إما وفاته أو أصابته بجروح أو عجز أو تشويه أو التي‬
‫أصابت امواله و ممتلكاته ‪ ،‬كما يكون مسؤوال عن تعويض األضرار المعنوية التي أصابت المضرور من‬
‫جراء اآلالم التي المت به‪ ،‬أو تلك التي أ صابت ذويه في حالة وفاته‪ ،‬و هذا ما عبر عنه المشرع المغربي‬
‫في الفصل ‪ 94- 941‬ق ل ع بالقول " يجب على الشخص المسؤول اصالح كل االضرار التي تعرضت لها‬
‫الضحية "‬

‫‪ - 3‬العالقة السببية بني العيب و الضرر‬

‫كما هو عليه االمر في كل صور المسؤولية يتعين على المضرور ان يثبت العالقة السببية بين الخطأ‬
‫‪ -‬و المتمثل في العيب ‪ -‬و الضرر ‪ ،‬و بذلك يتعين على المتضرر من المنتوج المعيب ان يثبت العالقة بين‬
‫الضرر الذي أ صابه و العيب الموجود بالمنتوج ‪ ،‬فعبء اإلثبات ملقى على عاتق الضحية المضرور‪ ،‬و هو‬
‫ما عبر عنه صراحة الفصل ‪ 2-941‬من قانون ق ل ع بعبارة "إثبات الضرر الذي لحقه من المنتوج‬
‫المعيب "‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تدرج مسؤولية املنتج واشرتاط االعفاء منها‬

‫الفقرة األوىل ‪ :‬تدرج مسؤولية املنتج‬

‫إذا كانت القاعدة العامة هي أن مسؤولية المنتج تعد كاملة عن األضرار التي وقعت للضحية بسبب‬
‫المنتوج المعيب ‪ ،‬فإن لهذه القاعدة بعض اإلستثناءات تجعل منها تتدرج من التمام الى النقصان‬
‫فاالنتفاء ‪ ،‬لذلك سنعرض كل مرحلة على حدة‪.‬‬

‫‪ - 1‬املسؤولية الكاملة للمنتج‬

‫تعتبر المسؤولية الكاملة هي األصل ‪ ،‬فمتى أثبت المتضرر حصول الضرر والعالقة السببية القائمة بينه‬
‫وبين العيب ‪ ،‬إال وكان المنتج متحمال للمسؤولية ومطالبا بإصالح كل األضرار التي تعرضت لها الضحية‬
‫حسب الفصل ‪ 941‬من ق ل ع ‪.‬‬
‫كما يعتبر المشرع المغربي أن المسؤولية تكون قائمة اتجاه الضحية حتى وإن وقع الضرر بسبب‬
‫وجود الغير الذي ساهم فيه بمقتضى الفصل ‪ 99- 941‬ق ل ع الذي ينص على‪" :‬انه ال تنقص مسؤولية‬
‫المنتج اتجاه الضحية بسبب وجود الغير الذي يساهم في وقوع الضرر" ليكون بذلك المشرع قد خالف‬
‫التوجه الذي استقر عليه الفقه والقضاء من خالل اعتبار فعل الغير سببا أجنبيا قادرا على إعفاء المدعى‬
‫عليه إعفاءا كامال من المسؤولية إذا كان هو السبب الوحيد في حصول الضرر‪ ،‬أو إعفاءا جزئيا إذا ساهم‬
‫إلى جانب عوامل أخرى يكون لها دورا في حصول الحادث وتحقق الضرر‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫وبهذا المقتضى يكون المشرع قد ميز بين خطا المتضرر وخطا الغير‪ ،‬حيث يعتبر األول مؤثرا على‬
‫مسؤولية المنتج كليا أو جزئيا بالمقابل لم يتبنى نفس النهج ازاء مساهمة الغير في احداث الضرر الالحق‬
‫بالضحية‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول ان قانون رقم ‪ 90.42‬أراد حماية الضحية ألن المنتج يمكنه الرجوع على الغير‬
‫الذي ساهم في وقوع الضرر ولكن بعد تعويضه له‪ ،‬هذا فضال على أن المشرع المغربي يعتبر ان المنتج‬
‫يكون مسؤوال عن العيب حتى وان صنع المنتوج في إطار احترام كل القواعد والمقاييس الموجودة ورغم‬
‫حصول المنتج على ترخيص إداري حسب تعبير الفصل ‪ 8- 941‬ق ل ع‪.‬‬

‫‪ - 9‬املسؤولية الناقصة للمنتج‬

‫تطرق المشرع المغربي لهذه الحالة من خالل الفصل ‪ 99- 941‬ق ل ع بالقول‪ ":‬يمكن ان تنقص‬
‫مسؤولية المنتج أو تلغى مع مراعاة كل الظروف إذا كان السبب ناتجا في آن واحد عن عيب في المنتوج‬
‫وخطا الضحية‪ ،‬أو شخص يكون الضحية مسؤوال عنه"‬
‫فمتى ثبت أن الضرر كان ناتجا عن عيب في المنتوج واقترن بخطأ الضحية المتضرر فإن مسؤولية‬
‫المنتج تتأثر إما بالنقصان أو االنتفاء وتستدعي هذه القاعدة فرضيتين وهما‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬أن يستغرق خطأ المتضرر عيب المنتوج وهنا تنتفي مسؤولية المنتج تماما ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يشترك خطأ المتض رر والعيب الوارد في المنتوج في إحداث الضرر وفيها تنقص‬
‫مسؤولي ة المنتج بمدى مساهمة الضحية في إحداث الضرر الالحق به ‪ ،‬وتخضع نسبيا لمساهمة كل‬
‫الطرفين ‪ ،‬كما تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يشطر المسؤولية بينهما‪.‬‬
‫وخالفا لهذه القاعدة فإن مسؤولية المنتج تنقص إذا كان خطأ الشخص الذي يكون الضحية مسؤوال‬
‫عنه أو تلغى حسب األحوال وتدخل هذه الحالة ضمن المسؤولية عن فعل الغير‪.‬‬

‫‪ - 3‬انتفاء مسؤولية املنتج‬

‫عالج المشرع هذه األسباب في الفصل ‪ 2- 941‬من ق ‪.‬ل ع لكن بشرط إثباتها ‪ ،‬وهي كالتالي ‪:‬‬
‫‪ - 9‬أنه لم يقم بعرض المنتوج في السوق ‪.‬‬
‫‪ - 9‬أن العيب ال ذي تسبب في الضرر لم يكن موجودا أثناء عرضه للمنتوج في السوق أي أنه ظهر‬
‫الحقا ‪.‬‬
‫‪ - 9‬أن المنتوج لم يتم صنعه بهدف البيع أو أي شكل آخر من أشكال التوزيع ألغراض تجارية ولم يتم‬
‫صنعه أو توزيعه في إطار نشاطه التجاري‪.‬‬
‫‪ - 0‬أن العيب راجع لمطابقة المنتوج للقواعد اإللزامية الصادرة عن السلطات العمومية‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنه لم يكن ممكنا اكتشاف العيب بالنظر إلى ما وصلت إليه حالة المعرفة العلمية والتقنية أثناء‬
‫عرض هذا المنتوج في السوق‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫هذا الى جانب الحادث الفجائي و القوة ال قاهرة التي سكت المشرع عن تنظيم أحكامها‪ ،‬وبالتالي فبقيت‬
‫خاضعة ألحكام ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اشرتاط االعفاء من مسؤولية املنتج‬

‫وعيا من المشرع المغربي بالشروط التعسفية التي قد يلجا المنتج الى تضمين العقد لها والتي تعفيه أو‬
‫تنقص من مسؤوليته مستغال بذلك سلطته االقتصادية ‪،‬نص في الفصل ‪ 99- 941‬على عدم إمكانية إعفاء‬
‫المنتجين مما يعني أ ن المشرع جعل المشرع التقليص منها معتبرا تلك الشروط باطلة ‪،‬إال أن هذا البطالن‬
‫يقتصر على الشروط فقط مع بقاء العقد صحيحا‪.‬‬
‫وفي الختام هناك أمر مهم ال يجب ان نغفله في هذا الموضوع هو أن الفصل ‪ 88‬ق ل ع فيه حماية أكثر‬
‫للمستهلك المتضرر رغم أن المسؤولية فيه مفترضة والحال أ نها في قانون ‪ 90.42‬مسؤولية بقوة القانون‬
‫لكن رغم ذلك فهناك اسباب عديدة تنتفي فيها مسؤولية المنتج ويبقى المتضرر فيها بدون حماية‪.‬‬

‫‪52‬‬

You might also like