Professional Documents
Culture Documents
تلخيص و جتميع
هشام ليوسفي
فوزي أكريم
المسؤولٌة المدنٌة
إعداد فوزي أكرٌم
اعتمادا على محاضرات الدكتور أٌت الحاج مرزوق
وكتاب نظرٌة اإللتزامات للمرحوم مأمون الكزبري
كلٌة الحقوق ،طنجة 2017 -
تقدٌم :
ٌعتبر قانون االلتزامات والعقود المؽربً إرثا موروثا عن الحماٌة الفرنسٌة ،إذ تم وضعه فً فترة
حاسمة من تارٌخ المؽرب عندما كانت فرنسا فً أمس الحاجة إلى المؤسسات القانونٌة التً تعضد
بها سلطانها السٌاسً ،فقد تم وضع هذا القانون بظهٌر 21ؼشت 2121باالستناد إلى الفصل
األول من اتفاقٌة الحماٌة المبرمة بمدٌنة فاس فً 13مارس 2121فً عهد السلطان موالي
ٌوسؾ ،وقانون االلتزامات والعقود ٌكاد ٌكون صورة طبق األصل للمجلة التونسٌة لاللتزامات
والعقود التً تم وضعها من قبل الحماٌة الفرنسٌة بتونس سنة ،2131وتعتبر مزٌجا قانونٌا ألحكام
الفقه اإلسالمً والتشرٌعات األوربٌة ،وقد فرض هذا القانون قسرا فً بداٌة القرن العشرٌن،
إال أن المشرع المؽربً قد تقبله طوعا واحتضنه فً الفترة الموالٌة لالستقالل ،وهذا ما ٌفهم من
قانون التوحٌد والتعرٌب والمؽربة ،وكذا المرسوم الملكً الصادرٌن فً ، 2111وعلى الرؼم من
مرور قرابة قرن من الزمن على صدور هذا القانون والعمل به فً المؽرب ،فإنه لم ٌنله أي تؽٌٌر
جذري ٌذكر.
نص الفصل االول من قانون االلتزامات والعقود على أن " تنشأ االلتزامات عن االتفاقات
والتصرٌحات األخرى المعبرة عن اإلرادة ،وعن أشباه العقود ،وعن الجرابم وعن أشباه الجرابم ".
فمصادر االلتزام حسب التشرٌع المؽربً هً -2 :االتفاقات (أو العقود) -1التصرٌحات المعبرة
عن اإلرادة (اإلرادة المنفردة) -1أشباه العقود -4الجرابم وأشباه الجرابم .وقد انتقد صنٌع
المشرع المؽربً من حٌث اعتداده بشبه العقد وشبه الجرم ،مصدرٌن لاللتزام ،وإؼفاله للقانون
الذي ٌمكن أن ٌكون سببا مباشرا لنشوء االلتزام ،وعلٌه فالتصنٌؾ األكثر دقة لمصادر االلتزام هو
تصنٌؾ الفقه والتشرٌعات المقارنة التً جعلت مصادر االلتزام خمسة أوال :العقد ،ثانٌا :اإلرادة
المنفردة ،ثالثا :اإلثراء بال سبب ،رابعا :العمل ؼٌر المشروع ،خامسا :القانون .
هكذا نالحظ أن المسؤولٌة المدنٌة أو ما ٌطلق علٌه العمل ؼٌر المشروع هً من مصادر نشوء
االلتزام ،فإذا أخل أحد بالتزام ترتب على هذا اإلخالل مسؤولٌته المدنٌة ،وهذه األخٌرة على
نوعٌن :مسؤولٌة عقدٌة ومسؤولٌة تقصٌرٌة ،فالمسؤولٌة العقدٌة هً جزاء اإلخالل بتنفٌذ العقد ،
وهً أثر من آثار العقد الذي تم اإلخالل به ،وهً مستمدة من العقد كمصدر من مصادر االلتزام ،
أما المسؤولٌة التقصٌرٌة فهً العمل ؼٌر المشروع ،وهو المصدر الرابع من مصادر االلتزام.
1
قال تعالى " ال ٌسأل عما ٌفعل وهم ٌسألون " األنبٌاء 11
المسؤولٌة المدنٌة من أهم الموضوعات القانونٌة التً اهتم بها الفقه والقضاء منذ بداٌة القرن
العشرٌن نظرا للمخاطر التً ٌتسبب فٌها االنسان بفعله أو بفعل األشٌاء التً ٌسأل عنها خصوصا
مع التطور الحاصل فً وسابل النقل واالنتاج الصناعً ،و األصل فً المسؤولٌة المدنٌة هو
إرجاع الحالة التً كانت علٌه قبل وقوع الضرر أو الحصول على تعوٌض فً حالة تعذر ذلك .
تعرٌف المسؤولٌة المدنٌة
ٌقصد بالمسؤولٌة تحمل الشخص لعواقب التقصٌر الصادر عنه أو االشٌاء واالشخاص التً ٌسأل
عنها ،فهً فً معناها المدنً المؤاخذة عن األخطاء التً تضر بالؽٌر وإلزام المتسبب بإرجاع
الحالة إلى ما كانت علٌه أو جبر الضرر عن طرٌق التعوٌض كما حدده القانون .
أما الفقه االسالمً فقد تحدث عن المسؤولٌة المدنٌة وأطلق علٌها إسم الضمان ،وقد عرفه وهبة
الزحٌلً فً كتابه نظرٌة الضمان فً الفقه االسالمً بأنه إعطاء شًء مثل الشًء إن كان من
المثلٌات وقٌ مته إن كان من القٌمٌات ،وعلٌه فالضمان فً الفقه االسالمً ٌعنً ما تعنٌه المسؤولٌة
المدنٌة فً القانون المدنً وهو التزام بأداء تعوٌض مالً عند اإلضرار بالؽٌر ،شرٌطة أن ال
ٌصل هذا اإلضرار إلى مستوى االضرار بالحق العام ،حٌث تقوم هنا المسؤولٌة الجنابٌة وتتدخل
النٌابة العامة مطالبة بمعاقبة المسؤول .
النظرٌة الشخصٌة
تؤسس هذه النظرٌة المسؤولٌة على فكرة الخطأ كأساس جوهري ال تقوم بدونه ،فهً تهتم أساسا
بسلوك الشخص المسؤول وال نتصور قٌام المسؤولٌة بؽٌر خطأ ولكن بؽٌر تفرقة بٌن خطأ عمدي
أو ؼٌر عمدي ٌ ،ستوي فً ذلك أن ٌكون هذا الخطأ واجب اإلثبات فً حالة المسؤولٌة عن العمل
الشخصً أو أن ٌكون خطأ مفروضا فً حالة المسؤولٌة عن فعل الؽٌر وعن األشٌاء ،إذ أن
أساس المسؤولٌة فً جمٌع هذه الحاالت هو الخطأ.
النظرٌة الموضوعٌة
أدى التقدم الصناعً فً نهاٌة القرن 21وكثرة المخترعات المٌكانٌكٌة وقٌام الصناعات الضخمة
وانتشار وسابل النقل اآللٌة إلى توسٌع نطاق المسؤولٌة على أساس اعتبارات العدالة والتضامن
االجتماعً ال على فكرة الخطأ ،فذهب فرٌق من الشراح وعلى رأسهم سالً و دٌموج إلى اعتبار
أن من ٌباشر نشاطا ٌتحمل نتٌجته وعلٌه أن ٌعوض الؽٌر الذي ٌلحقه ضرر منه ،ولو كان سلوكه
هذا ؼٌر مشوب بخطأ ما.
وعلٌه فمن ٌقوم بعمل ؼٌر مشروع ما فإنه ٌتحمل تبعاته ،وفً منطق هذه النظرٌة المادٌة أو
نظرٌة تحمل التبعة ،فإنه من ؼٌر الجابز نفً المسؤولٌة بنفً الخطأ أو بنفً العالقة السببٌة.
فالمسؤولٌة تقوم على الضرر وحده حتى ولو كان السبب مبنٌا على قوة قاهرة.
2
أنواع المسؤولٌة
تنقسم المسؤولٌة إلى مسؤولٌة قانونٌة و مسؤولٌة أخالقٌة ،بٌنما تنقسم المسؤولٌة القانونٌة إلى
مسؤولٌة مدنٌة ومسؤولٌة جنابٌة .
المسؤولٌة األخالقٌة
األخالق قواعد مثالٌة نابعة من المجتمع لمحاربة الشر و الدعوة إلى الخٌر ومكارم االخالق ،
وعند االخالل بقاعدة أخالقٌة تقوم المسؤولٌة االخالقٌة تبعا لذلك ،ودابرة االخالق أوسع من دابرة
القانون ،لذلك كانت المسؤولٌة االخالقٌة أوسع من المسؤولٌة القانونٌة ،لكن الجزاء المترتب
علٌها ال ٌكون عن طرٌق القضاء بل ٌكون عبارة عن استنكار المجتمع وتأنٌب الضمٌر ،وال
ٌشترط لقٌام المسؤولٌة األخالقٌة وقوع االضرار بالؽٌر ،بل ٌكفً أن ٌكون الفعل مشٌنا أو
مستنكرا من المجتمع ،ألن االخالق تعنى لٌس فقط بعالقة االنسان مع االنسان بل تتعداها إلى
عالقة االنسان باهلل وعالقته بنفسه .
المسؤولٌة القانونٌة
تنقسم إلى مسؤولٌة جنابٌة ومسؤولٌة مدنٌة
المسؤولٌة الجنائٌة
تنشأ المسؤولٌة الجنابٌة عن كل فعل ٌشكل جرٌمة بنص القانون ،وتأتً هذه المسؤولٌة لحماٌة
المجتمع ،والقانون هو من ٌحدد الجرٌمة والعقوبة الخاصة بها ،هذه العقوبة ال تأتً على شكل
تعوٌض بل على شكل جزاء جنابً مؤلم فتمس الفرد فً حرٌته أو نفسه أو ماله من أجل ردعه و
حمله على االستقامة ،وأٌضا ردع اآلخرٌن ممن تسول لهم أنفسهم المس بسالمة المجتمع وأمنه ،
هذا الجزاء الجنابً ٌتخذ إما شكل عقوبة أو تدبٌر وقابً ،فالعقوبة تتحدد حسب ما إذا كانت
الجرٌمة جناٌة أو جنحة أو مخالفة ،ففً الجناٌة مثال العقوبة تكون إما سالبة للحرٌة أو إعداما أو
تجرٌدا من الحقوق الوطنٌة ،بٌنما فً الجنحة تكون العقوبة إما حبسا من شهر إلى 1سنوات
وؼرامة ال تقل عن 2133درهم أو هما معا ،بٌنما فً المخالفة ال تتجاوز مدة االعتقال شهرا
واحدا وؼرامة ال تتجاوز 2133درهم ،أما التدابٌر الوقابٌة فهً نوع من االجراءات تصدر بحكم
قضابً لتجنب خطورة تكمن فً نفسٌة الجانً ،لكن دون إٌداعه السجن حتى ال ٌحتك بمجرمٌن
أكثر حنكة وتخفٌفا من وطأة اكتظاظ السجون .
شرطا المسؤولٌة الجنابٌة هما السلوك المادي المتسبب فً النتٌجة اإلجرامٌة ثم االسناد المعنوي
وٌقوم على أمرٌن هما التمٌٌز و حرٌة االختٌار ،بمعنى القدرة على االدراك والتمٌٌز ووجود أهلٌة
وهو أمر ال ٌتحقق إال ببلوغ سن 21سنة ،بٌنما ٌعتبر الحدث البالػ ما بٌن 21و 21ناقص أهلٌة
ومسؤوال مسؤولٌة جنابٌة لكن مسؤولٌة ناقصة ،أما ما دون 21سنة فهو ؼٌر مسؤول جنابٌا البتة.
3
المسؤولٌة المدنٌة
هً االلتزام بإصالح الضرر الواقع على الؽٌر بفعل الملتزم أو بـفعل االشخاص أو االشٌاء أو
الحٌوانات التً ٌسأل عنها .
المسؤولٌة المدنٌة هً مسؤولٌة قانونٌة ألنه ٌترتب عن قٌامها جزاءات ٌفرضها القانون وهً مدنٌة
ألنها ترمً إلى رفع الضرر الواقع على الؽٌر أو إزالته أو إصالحه أو منح مبلػ من المال
كتعوٌض و جبر للضرر ،وهً مبنٌة على التزام قانونً سابق مفاده عدم االضرار بالؽٌر .
الجزاء المدنً
ٌترتب عند قٌام المسؤولٌة الجنابٌة الجزاء الجنابً وذكرنا أنه ٌأتً على شكل عقوبة مؤلمة تمس
الفرد فً حرٌته أو بدنه أو حٌاته أو ماله ،بٌنما الجزاء المدنً هو أكثر تنوعا من الجزاء الجنابً
لكنه ال ٌمس شخص المعنً بل هو ٌمس ماله فقط أو ٌلزمه بإعادة الحالة إلى ما كانت علٌه قبل
الضرر ،فهو جزاء إصالحً ٌ ،ستهدؾ إصالح الضرر أو رفعه بالتنفٌذ العٌنً واالجبار على
تنفٌذ حكم القاعدة التً خالفها أو امتنع عن تطبٌقها كلما كان ممكنا من ؼٌر إرهاق المدٌن أو قهر
حرٌته الشخصٌة .
الجزاء المدنً فً القانون الرومانً كان ٌختلط مع الجزاء الجنابً ،ولم ٌتم التمٌٌز بٌنهما إال فً
ظل القانون الفرنسً القدٌم ،الذي جعل المسؤولٌة المدنٌة فً شكل تعوٌض ال تشوبه فكرة العقوبة
عندما ٌقع إخالل بالتزام عقدي أو ضرر بأموال الؽٌر ،و لعل الفضل ٌرجع إلى الفقٌه دوما فً
التمٌٌز بٌن المسؤولٌة الجنابٌة والمدنٌة ،وهو ما علٌه االمر الٌوم حٌث أن الجزاء المدنً ال ٌطال
شخص المدٌن بل أمواله فقط ،تماشٌا مع توصٌات المواثٌق الدولٌة لحقوق االنسان ،لكن ما تزال
هناك بعض التشرٌعات التً تنص على حبس المدٌن إذا لم ٌنفذ التزاماته المدنٌة ومن بٌن هذه
التشرٌعات التشرٌع المؽربً الذي ٌنص على االكراه البدنً كوسٌلة إلجبار المدٌن على تنفٌذ
التزاماته المدنٌة .
4
ثانٌا :الجزاءات المدنٌة الماسة بالعقود
-البطالن :جزاء ٌقرره القانون على عقد اختل فٌه ركن من أركان العقد ،كما لو كانت االهلٌة
منعدمة فً حالة ال صؽٌر ؼٌر الممٌز أو كان محل االلتزام شٌبا أو عمال مستحٌال ،أو كان السبب
ؼٌر مشروع أو ؼٌر موجود أصال ،أو العتبارات تتعلق بالنظام العام فٌقضى بـبطالن العقد بنص
القانون .
-اإلبطال :جزاء ٌقرره القانون عند اختالل شرط من شروط صحة العقد ،كما لو كانت إرادة
أحد المتعاقدٌن ؼٌر سلٌمة ،أو بموجب نص قانونً ٌمنح حق االبطال ألحد المتعاقدٌن .
-اإلجازة والتقادم :العقد الباطل عدم منذ البداٌة فال ٌلحقه تقادم وال إجازة ،أما العقد القابل
لإلبطال فهو ٌرتب جمٌع آثار العقد الصحٌح وٌكون ألحد األطراؾ الحق فً إبطاله وٌزول هذا
الحق بالنزول عنه وهذه هً االجازة أو ٌنقضً بانقضاء مدة معٌنة دون استعمال هذا الحق وهذا
هو التقادم ،فالعقد القابل لإلبطال إذن تلحقه االجازة وٌرد علٌه التقادم .واإلجازة هً عمل قانونً
ٌراد به تصحٌح العقد برفع العٌب الذي ٌلحقه ،و ٌتم بإرادة منفردة و ٌصدر من جانب من تقرر
لمصلحته البطالن النسبً ،وعلى ذلك فهً ال تحتاج إلى أن ٌقترن بها قبول وال ٌمكن الرجوع
فٌها على أساس أن القبول لم ٌصدر ،فباإلجازة ٌستقر هذا الوجود القانونً نهابٌا بعد أن كان
مهددا بالزوال وهً تختلؾ عن اإلقرار الذي هو عمل قانونً ٌصدر من شخص خارج عن العقد
كما فً حالة إقرار األصٌل للعقد الذي أبرمه ناببه خارج حدود نٌابته ومثله أٌضا بٌع ملك الؽٌر فال
ٌنفذ فً مواجهة المالك الحقٌقً إال بإقراره .
ثالثا :الجزاءات المدنٌة الواردة فً قانون المسطرة المدنٌة
-الغرامة التهدٌدٌة :ؾ " 441إذا رفض المنفذ علٌه أداء االلتزام بعمل أو خالؾ التزاما
باالمتناع عن عمل أثبت عون التنفٌذ ذلك فً محضره وأخبر الربٌس الذي ٌحكم بالؽرامة التهدٌدٌة
ما لم ٌكن سبق الحكم بها " هذه الؽرامة طرٌقة إلجبار المدٌن على الوفاء بالتزامه من ؼٌر
استعمال القوة الجبرٌة .
-الحجز على األموال :فهناك الحجز التحفظً ؾ -411ؾ 411وهو إجراء مؤقت ؼاٌته
التحفظ على أموال المدٌن بوضعها تحت ٌد القضاء حماٌة لمصلحة الدابن ،وهناك الحجز التنفٌذي
وهو إجراء ٌباشره الدابن بقصد استٌفاء حقه من أموال المدٌن أو من ثمنها بعد بٌعها بواسطة
السلطة القضابٌة ،وٌقع على المنقوالت المادٌة التً توجد بحوزة المنفذ علٌه والمملوكة له حٌث
ٌتم بٌعها بالمزاد العلنً القتضاء حق الدابن ،وهناك الحجز االرتهانً وٌقع طبقا للقواعد السابقة
فً الحجز التنفٌذي على المنقوالت و هو ٌبدأ حجزا تحفظٌا بأمر من الربٌس سواء كان بٌد الدابن
سند تنفٌذي أو لم ٌكن هذا السـند و ذلك ألن الحجز سٌحصل بدون إعالن أو تنبٌه إال إذا اختار
الدابن الذي بٌده سند تنفٌذي توقٌع الحجز التنفٌذي فانه ٌشترط فً هذه الحالة سبق التنبٌه و بدون
تصحٌح الحجز ،جاء فً الفصل 414من ق.م.م " ٌمكن للمكري بصفته مالكا أو بأٌة صفة أخرى
لعقار أو أرض فالحٌة كال أو بعضا ٌعمل بإذن من القاضً على اٌقاع حجز إرتهانً لضمان
األكرٌة المستحقة و األمتعة و المنقـوالت و الثمار كابنة فً ذلك العقار المكري" وهناك الحجز
اإلستحقاقً ،فٌمكن لكل شخص ٌدعً حق ملكٌة أو حٌازة قانونٌة أو ضمان على شا منقول فً
5
حٌازة الؽٌر أن ٌعمل على وضع هذا الشًء تحت ٌد القضاء تجنبا لتلفه الفصل 133من ق .م.م ،
و ٌعتبر هذا الحجز نوعا من المحجوزات التحفظٌة فهو ٌرمً إلى وضع مال معٌن تحت ٌد
القضاء لمنع حابز هذا المال من التصرؾ فٌه أو تجنبا لتلفه ،وٌجوز لصاحب الحق فً الحجز
اإلستحقاقً أن ٌوقعه ضد أي شخص ٌحوز الشًء ولو لم تربطه بالحاجز أٌة عالقة قانونٌة
كالمؽتصب مثال ،و ٌقدم الطلب إلى السٌد ربٌس المحكمة االبتدابٌة مرفقا بقابمة المنقوالت التً
ٌدعً الطالب استحقاقها ،و بعد ذلك ٌحال الكل على مصلحة التنفٌذ المدنً وتطبق نفس اإلجراءات
التً تطبق فً الحجز التنفٌذي إال أنه ٌقتصر على حجز المنقوالت المحجوزة بالقابمة ،وهناك
الحجز لدى الؽٌر طبقا للفصل 411من ق.م.م حٌث ٌمكن لكل دابن ذاتً أو اعتباري ٌتوفر على
دٌن ثابت إجراء حجز بٌن ٌدي الؽٌر بإذن من القاضً على مبالػ ومستندات لمدٌنه والتعرض
على تسلٌمها له ،و الحجز لدى الؽٌر ٌبدأ تحفظٌا وٌنتهً بعد ذلك حجزا تنفٌذٌا ٌؤدي إلى التنفٌذ
الجبري على مال المدٌن .
البٌع بالمزاد العلنً :وٌبتدئ بـإٌداع طلب التنفٌذ إما بتحوٌل الحجز التحفظً على عقار -
إلى حجز تنفٌذي ،أو بناء على تحوٌل إنذار عقاري إلى حجز عقاري ،فٌقوم مأمور اإلجراء بتتبع
وتفعٌل مقتضٌات قانون المسطرة المدنٌة المؽربً ،باإلضافة إلى قوانٌن أخرى خاصة حسب
الحاالت الواردة فً طلبات التنفٌذ الجبري.
االكراه البدنً :وهو استعمال القوة الجبرٌة للحصول على التنفٌذ حٌث ٌتم حبس المدٌن -
حتى ٌضطر إلى الوفاء بدٌنه .
6
من حٌث الجزاء :الجزاء فً المسؤولٌة األدبٌة ذاتً ٌتجلى فً مسؤولٌة اإلنسان أمام هللا وأمام
ضمٌره وأمام استنكار الناس فهو جزاء معنوي ،بٌنما الجزاء فً المسؤولٌة القانونٌة هو جزاء
مادي ٌحدده القانون وتفرضه السلطة العامة جبرا ،نشٌر إلى أنه ال ٌمكن اإلفالت من العقاب فً
المسؤولٌة األدبٌة ،حتى لو خالؾ اإلنسان قاعدة أخالقٌة فً الخفاء ،و ذلك ألنها تقوم على
الضمٌر ،والفاعل فٌها هو الخصم والحكم ،فً حٌن أنه ٌمكن اإلفالت من العقاب فً المسؤولٌة
القانونٌة فً حال ما إذا خالؾ الشخص قاعدة فً السر ،و ذلك ألن العقاب فً مثل هذه الحال
تفرضه السلطة العامة ،وإذا لم تعلم هذه السلطة بالمخالفة التً وقعت فال ٌمكن لها أن تتدخل
وتعاقب الفاعل .
من حٌث المعٌار :تقوم المسؤولٌة االخالقٌة على معٌار شخصً وهو الضمٌر ،فٌكفً تمنً الشر
للؽٌر لقٌامها ،بٌنما تقوم المسؤولٌة القانونٌة على معٌار موضوعً وهو مسؤولٌة االنسان أمام
ؼٌره من الناس .
من حٌث الغاٌة :المسؤولٌة االخالقٌة تروم تهذٌب النفس ونشر الفضٌلة واالخالق فً المجتمع
بٌنما المسؤولٌة القانونٌة ترمً إلى استقرار النظام وتحقٌق العدل و رد الحقوق .
التمٌٌز بٌن المسؤولٌة المدنٌة والمسؤولٌة الجنائٌة
المسؤولٌة الجنابٌة تعنً تحمٌل الشخص تبعات افعاله الجنابٌة المجرمة بمقتضى نص فً القانون
كالقتل او السرقة او خٌانة االمانة ،وانطالقا من هذا المعنى فان المسؤولٌة الجنابٌة ترتبط ارتباطا
وثٌقا بالعقاب وال تنفصل عنه ،ونظرا لخطورة االفعال الجنابٌة و مساسها بالنظام العام فان
العقوبات التً حددها المشرع ؼالبا ما تكون صارمة تتراوح بٌن الؽرامات الزجرٌة والعقوبات
السالبة للحرٌة و قد تصل الى حد االعدام فً بعض الحاالت الخاصة .
وعلى عكس المسؤولٌة الجنابٌة التً تترتب على ارتكاب المجرم ألفعال محظورة تضر بالمجتمع
فان المسؤولٌة المدنٌة لها نطاق ضٌق اذ انها تهدؾ الى حماٌة مصلحة خاصة ٌملك فٌها المضرور
امكانٌات واسعة للتنازل عن حقه فً التعوٌض ،ال فرق فً ذلك بٌن ان ٌكون الضرر ناتجا عن
االخالل بالتزام عقدي او التزام تقصٌري .فالمسؤولٌة المدنٌة اذ تعنً الزام المسؤول عن الضرر
باداء التعوٌض للطرؾ المضرور فً الحاالت التً تتوافر فٌها شروط هذه المسؤولٌة ،لذلك فهً
ال تحمل معنى الردع الذي تنطوي علٌه المسؤولٌة الجنابٌة و انما تفٌد معنى جبر الضرر الذي
تسبب فٌه الشخص المسؤول .
من حٌث األساس القانونً :تنشأ المسؤولٌة الجنابٌة عن اقتراؾ المجرم لألفعال المحظورة
بمقتضى فصول القانون الجنابً اذ ان المبدأ هو انه ال جرٌمة وال عقوبة اال بنص ،اما بخصوص
المسؤولٌة المدنٌة فانها تترتب على االخالل بااللتزامات و الواجبات التً ٌفرضها مبدأ التعاٌش
االجتماعً سواء كان منصوصا علٌها فً العقد أو فً بنود قانونٌة او كانت مستخلصة من المبادئ
العامة التً تحتم مبدأ احترام حقوق الؽٌر وعدم االضرار بها ،من ذلك مثال االهمال المؤدي إلى
إتالؾ أشٌاء الؽٌر أو المنافسة ؼٌر المشروعة أو االخالل بالتزام عقدي .
7
من حٌث الجزاء :نظرا لخطورة االفعال الجنابٌة فان الجزاء المترتب عنها ٌتمثل فً مجموعة من
العقوبات الصارمة كاالعدام و السجن والمصادرة والؽرامات والتجرٌد من الحقوق الوطنٌة
وؼٌرها من الجزاءات الجنابٌة التً تأخد طابعا زجرٌا ،اما الجزاء المدنً فهو ٌنحصر فً إرجاع
الحالة إلى ما كانت علٌه أو تعوٌض المضرور حسب المقدار الذي تراه المحكمة مناسبا لجبر
الضرر الذي احدثه الشخص المسؤول .
من حٌث مخوالت الحق :باعتبار ان الدعوى الجنابٌة تقوم على انتهاك الحق العام ،فانه ال ٌحق
للطرؾ المضرور التنازل عن مقتضٌات الدعوى العمومٌة بمحض ارادته النها لٌست ملكا له و
انما هً حق خالص للمجتمع الذي تمثله النٌابة العامة ،وعلى العكس من ذلك فان للمضرور كامل
الحرٌة فً التنازل عن مطالبه المدنٌة لتعلق ذلك بمصلحته الشخصٌة .
من حٌث االعتداد بعنصر النٌة :النٌة ركن من أركان المسؤولٌة الجنابٌة ،أما فً المسؤولٌة
المدنٌة فال ٌشترط فٌها عنصر النٌة ،فالضرر الناتج عنها ٌجب تعوٌضه سواء كان إهماال أو عمدا
رؼم أن القضاء ٌمٌل إلى زٌادة التعوٌض فً حالة العمد .
من حٌث تبعٌة الدعوى المدنٌة للدعوى الجنائٌة :فـٌمكن للدعوى المتعلقة بالمطالبة المدنٌة ان
تكون تابعة للدعوى العمومٌة ولٌس العكس ،فاذا نتج عن الفعل الواحد دعوٌان احداهما جنابٌة
واالخرى مدنٌة كالضرب والجرح المسبب لعاهة بالمضرور ،فان هذا االخٌر له الحق فً رفع
دعوى المطالبة المدنٌة الى المحكمة الزجرٌة وذلك فً شكل دعوى مدنٌة تابعة للدعوى العمومٌة
كما ان له الخٌار فً رفعها بطرٌقة مستقلة الى المحكمة المدنٌة .
من حٌث التقادم :فـلكل من دعوى المسؤولٌة الجنابٌة و دعوى المسؤولٌة المدنٌة تقادما مستقال
ٌختلؾ من حالة الخرى ،فالدعوى الجنابٌة تتقادم بمرور 21سنة من ٌوم اقتراؾ الفعل بالنسبة
للجناٌات و 4سنوات بالنجسبة للجنح وسنة للمخالفات ،اما بخصوص الدعاوى المدنٌة فان تقادمها
ٌختلؾ باختالؾ ما اذا كانت عقدٌة او تقصٌرٌة .
من حٌث أطراف الدعوى ونوعٌتها :تختلؾ الدعوى العمومٌة عن الدعوى المدنٌة فً عدة نقط :
من حٌث السبب :فسبب الدعوى العمومٌة هو الجرٌمة ،أي ارتكاب فعل مجرم بنص -
القانون الجنابً ،بٌنما سبب الدعوى المدنٌة هو الضرر .
من حٌث الموضوع :فموضوع الدعوى العمومٌة هو حماٌة المجتمع عن طرٌق إٌقاع -
العقاب بالمجرم ،بٌنما موضوع الدعوى المدنٌة هو حماٌة مصلحة خاصة عن طرٌق تعوٌض
االضرار التً وقعت على هذه المصلحة الخاصة .
من حٌث الحضوم :المدعً فً دعوى المسؤولٌة الجنابٌة هو النٌابة العامة التً تنوب عن -
المجتمع بٌنما فً دعوى المسؤولٌة المدنٌة فالمدعً هو المضرور أو من ٌمثله .
8
اجتماع المسؤولٌة الجنائٌة والمسؤولٌة المدنٌة
قد توجد المسؤولٌة الجنابٌة دون المسؤولٌة المدنٌة وقد ٌحدث العكس ،لكن أحٌانا أخرى قد تجتمع
المسؤولٌتان ،كما فً حال الضرب أو القتل فتنشأ دعوى جنابٌة ودعوى مدنٌة تابعة ،و تؤثر
المسؤولٌة الجنابٌة على المسؤولٌة المدنٌة من عدة أوجه من بٌنها :
من حٌث االختصاص القضائً ٌ :جوز للمضرور أن ٌرفع دعواه إما أمام المحكمة المدنٌة وهنا ال
ٌمكن للمحكمة المدنٌة أن تبت فً الدعوى إال بعد أن تبت فٌها المحكمة الجنابٌة تبعا لمبدأ الجنابً
ٌعقل المدنً ،أو ٌرفع الدعوى المدنٌة التابعة أمام المحكمة الجنابٌة عن طرٌق االدعاء المدنً تبعا
للدعوى الجنابٌة التً تحركها النٌابة العامة .
من حٌث قوة األمر المقضً به :فعندما تبت المحكمة الجنابٌة فً الدعوى ٌحوز هذا الحكم قوة
األمر المقضً به ،وعلى المحكمة المدنٌة أن تأخذ هذا الحكم بعٌن االعتبار ،لكنها ؼٌر ملزمة به
فهً ال تتقٌد بما حكمت به من براءة المتهم مثال بل هً تكٌؾ الوقابع تكٌٌفا آخر لؽرض الحكم
بالتعوٌض ،أما إذا حكمت المحكمة الجنابٌة ببراءة المتهم فال ٌحق للقاضً المدنً أن ٌحكم
بالتعوٌض .
من حٌث وقف الدعوى :تأمر المحكمة المدنٌة بوقؾ الدعوى المدنٌة رٌثما ٌتم البت فً الدعوى
الجنابٌة .
من حٌث التقادم :الدعوى المدنٌة ال تسقط بالتقادم ما دامت الدعوى الجنابٌة قابمة .
المسؤولٌة العقدٌة هً جزاء اإلخالل بااللتزامات الناشبة عن العقد ،أي عدم تنفٌذها أو التأخٌر فً
تنفٌذها وهً ال تقوم إال عند استحالة التنفٌذ العٌنً ،ولم ٌكن من الممكن إجبار المدٌن على الوفاء
بالتزاماته العقدٌة عٌناً ،فٌكون المدٌن مسؤوالً عن األضرار التً ٌسببها للدابن من جراء ذلك،
نتٌجة عدم الوفاء بااللتزامات الناشبة عن العقد كالتزام فنان بإقامة حفلة ،فٌتخلؾ عن تنفٌذ هذا
االلتزام العقدي وتمر المناسبة ،فٌصبح تنفٌذ االلتزام عٌنٌا ً مستحٌالً ،فهنا وجب العدول إلى التنفٌذ
بمقابل أو بطرٌق التعوٌض بدفع مبلػ من النقود ،أو كمسؤولٌة المقاول عن التأخر فً إقامة البناء
الذي تعهد ببنابه عن المٌعاد المتفق علٌه ،أو مسؤولٌة البابع عن عدم نقل ملكٌة المبٌع إلى
المشتري إذا كان ٌتصرؾ فٌه بعد البٌع .
9
وحٌث أن العقد شرٌعة المتعاقدٌن ،فإن عدم الوفاء به ٌستوجب التعوٌض ،وهذا ما عبر عنه
المشرع فً الفصل ( 111ق.ل.ع) إذ ٌقول " ٌستحق التعوٌض إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام،
وإما بسبب التأخر فً الوفاء ،وذلك ولو لم ٌكن هناك أي سوء نٌة من جانب المدٌن".
أما المسؤولٌة التقصٌرٌة ،فهً التً تنشأ عن اإلخالل بالواجبات التً ٌفرضها القانون ،مثال ذلك
ضرورة إحترام حقوق الجوار ،أوكمسؤولٌة سابق السٌارة الذي ٌقودها دون حٌطة فٌصٌب إنسانا
او ٌتلؾ ماال للؽٌر ،أو كاشتراط القانون عدم اإلضرار بالؽٌر ،فكل من تسبب فً وقوع هذا
الضرر ٌلزم بأداء التعوٌض للطرؾ المضرور .وقد قرر المشرع المؽربً هذه القاعدة فً الفصل
44من ق ل ع بقوله " كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بٌنة واختٌار ،ومن ؼٌر أن ٌسمح به القانون
فأحدث ضررا مادٌا او معنوٌا للؽٌر ألتزم مرتكبٌه بتعوٌض هذا الضرر ".
التمٌٌز بٌن المسؤولٌة التقصٌرٌة والمسؤولٌة العقدٌة
بعض الفقه ٌرى أنه ال تمٌٌز بٌن المسؤولٌتٌن هؤالء هم أنصار نظرٌة وحدة المسؤولٌة بٌنما ٌرى
أخرون أن هناك اختالفا بٌنهما وهم أنصار مذهب ازدواج المسؤولٌة .
فكرة ازدواج المسؤولٌة
ٌشكل أنصار نظرٌة ازدواجٌة المسؤولٌة االتجاه الحدٌث ،و هم ٌقولون بأن هناك فروقا هامة ما
بٌن المسؤولٌتٌن العقدٌة و التقصٌرٌة ،تقتضً وجوب التمٌٌز بٌنهما حتى ٌطبق على كل منهما ما
ٌخصه من أحكام .و ٌجملون هذه الفروق فً الوجوه التالٌة :
من حٌث األهلٌة :فً المسؤولٌة العقدٌة تشترط أهلٌة الرشد فً أؼلب العقود ،أما فً المسؤولٌة
التقصٌرٌة فتكفً أهلٌة التمٌٌز ؾ. 11
من حٌث االثبات :فً المسؤولٌة العقدٌة ٌتحمل المدٌن عبء اثبات أنه قام بالتزامه العقدي بعد أن
ٌثبت الدابن وجود الحق ،أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فالدابن هو الذي ٌثبت أن المدٌن قد ارتكب
عمال ؼٌر مشروع.
من حٌث التقادم :تتقادم الدعوى فً المسؤولٌة التقصٌرٌة بمرور 21سنة ( الفصل 231من
قانون العقود وااللتزامات) اما المسؤولٌة العقدٌة فتتقادم مبدبٌا بمرور خمسة عشر سنة مع بعض
االستثناءات كقضاٌا عقد النقل الجوي حٌث ٌنص الفصل 113من المرسوم المنظم للطٌـــران
المدنـــــً والمــــؤرخ فــــً 4صفر 2111موافق ٌ 23ولٌوز ،2111على ان االجل سنتان
تبتدئ من الٌوم الذي وصلت فٌه الطابرة او الذي كان ٌجب ان تصل فٌه الى المكان المحدد لها.
أوفً النقل البحري فالدعاوي الناتجة عن عقدة كراء السفٌنة تنقضً بمرور سنة واحدة ( انظر
الفصل 111من القانون البحري)
من حٌث اإلعذار :فً المسؤولٌة العقدٌة ٌشترط اعذار المدٌن ما عدا فً حاالت استثنابٌة ،
بخالؾ المسؤولٌة التقصٌرٌة التً ال ٌشترط فٌها.
10
من حٌث التعوٌض :فً المسؤولٌة العقدٌة ال ٌكون التعوٌض إال عن الضرر المباشر متوقع
الحصول ،أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فٌكون التعوٌض عن أي ضرر مباشر سواء كان متوقعا
أم ؼٌر متوقع .
من حٌث التضامن :ال تضامن فً المسؤولٌة العقدٌة ،إال إذا اتجهت إلٌه إرادة المتعاقدٌن صراحة
وقد أكد المشرع هذه القاعدة فً الفصل ( 214ق.ل.ع) الذي جاء فٌه " :التضامن بٌن المدٌنٌن ال
ٌفترض ،وٌلزم أن ٌنتج صراحة عن السند المنشا لاللتزام أو عن القانون ،أو أن ٌكون النتٌجة
الحتمٌة لطبٌعة المعاملة " .أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فإن التضامن ثابت بحكم القانون فً حال
تعدد المسؤولٌن.
من حٌث درجة الخطأ :فً المسؤولٌة العقدٌة إذا كان االلتزام بتحقٌق ؼاٌة تقوم المسؤولٌة عند
عدم تحقق النتٌجة وإذا كان االلتزام ببذل عناٌة فال تقوم المسؤولٌة عن الخطإ الٌسٌر ،بٌنما تقوم
المسؤولٌة التقصٌرٌة دابما سواء كان الخطأ جسٌما أو ٌسٌرا .
من حٌث االعفاء من المسؤولٌة :فً المسؤولٌة العقدٌة ٌجوز االتفاق على اإلعفاء من المسؤولٌة
أو التخفٌؾ منها ،وال ٌمكن االتفاق مسبقا على مخالفة قواعد المسؤولٌة التقصٌرٌة ألن لها عالقة
بالنظام العام.
من حٌث االختصاص القضائً :فً المسؤولٌة العقدٌة تختص المحاكم المدنٌة فٌها دابما بٌنما فً
المسؤولٌة التقصٌرٌة قد تنظر فٌها محاكم االستٌناؾ إذا كان الفعل ٌعتبر جرٌمة ،وبالنسبة
للمسؤولٌة العقدٌة فالمحكمة المختصة هً محكمة المدعى علٌه ما لم ٌتفق المتعاقدان على محكمة
أخرى ،أو ما لم ٌ كن القانون قد عٌن االختصاص كما هو الشأن فً القانون التجاري ،بٌنما فً
المسؤولٌة التقصٌرٌة فهً محكمة المدعى علٌه كأصل عام .
من حٌث القانون الواجب التطبٌق :فً المسؤولٌة العقدٌة اذا اختلؾ موطن المتعاقدٌن فالقانون
الواجب التطبٌق هو قانون الدولة التً تم فٌها إبرام العقد إال إذا اتفق الطرفان على قانون آخر ،
أما فً المسؤولٌة التقصٌرٌة فالقانون الواجب التطبٌق هو قانون الدولة التً وقع فٌها الضرر .
فكرة وحدة المسؤولٌة
من أهم المناصرٌن لهذه النظرٌة الفقٌه بالنٌول ،و هً تقوم على فكرة مفادها أن ال محل للتمٌٌز
بٌن المسؤولٌة العقدٌة و المسؤولٌة التقصٌرٌة ،فكلتاهما جزاء اللتزام سابق ،هذا الجزاء إما أن
ٌكون التزاما عقدٌا و إما أن ٌكون التزاما قانونٌا ،و فً كلتا الحالتٌن تتحقق المسؤولٌة لسبب واحد
هو اخالل المدٌن بهذا االلتزام ،فالمسؤولٌتان تتحدان فً السبب و النتٌجة ،فتكون طبٌعتهما واحدة
و ال مجال للتفرٌق بٌنهما.
وعلى الرؼم من مناصرة فرٌق من الفقهاء لوحدة المسؤولٌة المدنٌة ،إال أن معظم التشرٌعات
المعاصرة أخذت بازدواجٌة المسؤولٌة ،فجلعت من المسؤولٌة التقصٌرٌة مصدرا لاللتزام،
واعتبرت المسؤولٌة العقدٌة أثرا من آثار العقد الذي تم اإلخالل به.
11
الفصل األول :املسؤولية العقدية
تعتبر المسؤولية العقدية جزءا ال يتجزأ من المسؤولية المدنية عموما ،فكالهما يهدف إلى تعويض
الطرف المضرور عن األضرار والخسائر التي لحقت به سواء كان ذلك ناتجا عن اإلخالل ببنود العقد أو
التأخر في تنفيذه وهذا ما يسمى بالمسؤولية العقدية ،أو كان نتيجة اإلخالل قانونية وهذا ما يطلق عليه
بالمسؤولية التقصيرية.
وإذا كانت المسؤولية التقصيرية مصدرا مستقال لإللتزا ،فإن المسؤولية العقدية ال تغدو أن تكون أثرا
من آثار اإلخالل باإللتزامات العقدية أو بتعبير آخر جزاء من جزاءات عد تنفيذ اإللتزا .
ويتحدد مفهو المسؤولية العقدية في الحالة التي يخل فيها المتعاقد بإلتزاماته اتجاه الطرف اآلخر،
وتتحدد أرك ان المسؤولية العقدية في الخطأ والضرر وعالقة السببية الرابطة بينهما ،وإذا كانت المسؤولية
التقصيرية ال يجوز اإلتفاق على تعديل أحكامها فإن المسؤولية العقدية يجوز اإلتفاق على مخالفة أحكامها.
الخطأ الع قدي ما دا العقد هو نتاج توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني فان كل طرف فيه ملز
بتنفيذ ما ترتب عنه من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك عنه
من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك ان يكون عد التنفيذ
عمديا أو عن اهمال أو تقصير ،فالخطأ العقدي يتحقق حتى ولو كان عد قيا المدين باإللتزا ناشئا عن سبب
أجنبي و ان كانت رابطة السببية تنتفي لوجود السبب األجنبي فتنعد المسؤولية النعدا السببية ال النعدا
الخطأ ،ويتخذ الخطأ العقدي أكثر من مظهر قانوني فقد يكون نتيجة عد التنفيذ الكلي أو الجزئي لإللتزا وقد
يكون نتيجة التأخر في التنفيذ عن الميعاد كما قد يتحقق في حالة التنفيذ في غير المكان المتفق عليه أو ان يتم
التنفيذ و لكن دون اإللتزا بالمواصفات المنصوص عليها في اإلتفاق.
12
الفقرة األوىل :أنواع اخلطأ العقدي
يكون قد نفذ اإللتزا تنفيذا عينيا وعد تنفيذ هذه الغاية يقو مقا الخطأ العقدي الموجب للمسؤولية
حتى وإن كان بذل الجهد الكافي و المعتاد في تحقيق النتيجة لكن دون جدوى فعد تحقيق النتيجة يستوي
الخطأ العقدي ما لم يثبت المدين تدخل العامل األجنبي في عد تحقق النتيجة.
هنا يكون محل إلتزا المدين ليس تحقيق غاية محددة وإنما ببذل الجهد الكافي والعناية الالزمة في
تحقيقها فقد تتحقق النتيجة وقد ال تتحقق والخطأ العقدي في هذا النوع من اإللتزامات ال يقو بعد تحقق الغاي ة
من اإللتزا وإنما يتحقق بعد بذل العناية الكافية لتحقيق هذا اإللتزا ألن الخطأ العقدي هنا يتحقق بالتقصير
واإلهمال وليس بعد تحقق النتيجة.
إثبات الخطأ العقدي يختلف عبئ إثبات الخطأ العقدي باختالف إلتزا المدين فإذا كان إلتزامه بتحقيق
نتيجة ،وقع على عاتقه عبئ إثبات تحقق هذه النتيجة ،أما الطرف الدائن فهم ملز بإثبات وجود عقد صحيح
مصدر إلتزا المدين وإثبات الضرر الحاصل له من جراء عد التنفيذ العيني.
أما إذا كان إلتزا المدين يدخل في زمرة اإللتزا ببذل عنأية انتقل عبئ اإلثبات إلى الدائن الذي يكون
ملزما بإثبات التقصير واإلهمال في جانب المدين فيجب عليه تقديم الدليل على نقص ما بذله المدين في تنفيذ
إلتزامه.
المسؤولية العقدية عن فعل الغير قد يقع من الناحية العملية أ ن يسخر المدين األ صلي غيره في تنفيذ
إلتزاماته التعاقدية فيكون مسؤوال عن أخطأئه اتجاه الدائن مسؤولية عقدية.
والمسؤولية العقدية عن فعل الغير أكثر من مظهر قانوني وأ هم ما تتمثل فيه هذه المظاهر جميعها هو
ما يسمى بالعقود من الباطن حيث نكون اما عقدين األول أصلي والثاني فرعي.
13
املطلب الثاني :الضرر
ال يكفي لقيا مسؤولية المدين العقدية أن يرتكب الخطأ العقدي المتمثل في عد التنفيذ العيني لإللتزا
وإنما يجب ان يسبب هذا الخطأ ضررا للطرف الدائن فالضرر يعتبر ركنا أساسيا لقيا المسؤولية العقدية.
الضرر المادي :هو الضرر الذي يصيب الدائن في ماله أو سالمته الجسدية
الضرر المعنوي :هو الضرر الذي يصيب الدائن في كرامته أو شرفه .يستحق الدائن التعويض عن
الضرر المادي والمعنوي سواء كانت المسؤولية المدنية عقدية أو تقصيرية.
أن يكون الضرر محققا أي أن الضرر يجب أن يكون قد وقع فعال واألصل أن التعويض ال يتم عن
هذا النوع من الضرر ،لكن قد يقع التعويض عن الضرر المستقبل وهو الضرر الذي وقعت أسبابه لكن آثاره
تراخت إلى المستقبل لكنها مؤكدة الوقوع ،أما إذا كان الضرر محتمال يستحق عنه الدائن التعويض لضعف
صلته العقدية يدخل تفويض من حيث المبدأ في إطار الضرر المحتمل الذي ال يعوض عنه.
أن يكون الضرر شخصيا بمعنى أن يصيب الضرر الطرف الدائن شخصيا سواء في جسمه أو ذمته
المالية أو في كرامته وإذا توفي المدين قبل حصوله على التعويض حل محله الورثة.
أن يكون الضرر مباشر و هو الضرر الذي يكون نتيجة طبيعية لعد الوفاء باإللتزا أو التأخر في
الوفاء به و يعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوخاه ببذل جهد معقول بمعنى ان
يكون هناك ارتباط وثيق بين الخطأ والضرر الحاصل.
أن يكون الضرر متوقعا وقت إبرا العقد وهو الضرر الذي ينتظر المتعاقدين حدوثه ووقوعه في حالة
عد تنفيذ المدين لإللتزا تنفيذا عينيا.
الوقت الذي ينظر إلى كون الضرر متوقعا هو وقت إبرا العقد ويقتصر التعويض في المسؤولية
العقدية على الضرر.
عالقة السببية بين الخطأ والضرر هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية كما هو الشأن في
المسؤولية التقصيرية فإذا ارتكب المدين خطأ وحصل ضرر للدائن لكن دون أن يكون خطأ المدين هو السبب
في ضر ر الدائن انتقلت عالقة السببية وانتفت بالتبعية مسؤولية المدين ،يفرض القانون على الدائن واجبا
مؤداه أال يركن إلى تقصير المدين ويستسلم للضر ر لناشئ له بل يحتم عليه الواجب أن يعمل على درء
14
الضرر عن نفسه ببذل الجهد ا لمعقول الذي تتطلبه ظروف الحال فإن أحجم عن بذل هذا الجهد كان مقصرا
وكان تقصيره هذا السبب الحقيقي لكل ضرر مترتب عن أحجامه.
ال يجوز ان يؤاخذ المدين بخطأ لم يقترفه أي ال يجوز ان يلتز بإصالح ضرر سببه غيره كذلك ال
يجوز مساءلة المدين عن ضرر سببه الدائن لنفسه بنفسه كما ال يجوز أن يتحمل الشخص مسؤولية ضرر
كان السبب فيه هو القوة القاهرة.
توافر عناصر المسؤولية العقدية يعطي الحق للطرف المضرور في الحصول على التعويض المناسب
لجبر الضرر المترتب عن إخالل المدين باإللتزا وهو إما تعويض اتفاقي حيث تتفق األطراف المتعاقدة على
مقدار معين من التعويض يستحقه الدائن في حالة إخالل المدين.
المدين يعتبر غير مسؤول عن الضرر الحاصل للدائن جراء عد تنفيذ اإللتزا متى كان السبب في
ذلك ال يمكن أن يعزى إليه وإنما يعزى لسبب أجنبي عنه حال بينه وبين التنفيذ العيني لإللتزا ،يقصد بالسبب
األجنبي الذي ينفي مسؤولية المدين كل أمر أجنبي عن المدين ويلز لتحقيق السبب األجنبي توافر شرطين
أساسيين :
- 1أن ال يكون للمدين يد في حصوله ولم يكم في وسعه تفاديه.
- 2أن يؤدي السبب األجنبي إلى استحالة تنفيذ اإللتزا كليا أو جزئيا ،ويلز هنا أن يكون من شان
السبب األجنبي ان يؤدي إلى استحالة أداء اإللتزا فال يكفي أ ن يكون من شانه أن يجعله أشد إرهاقا أو أشد
كلفة على المدين ،و يحتوي السبب األجنبي القوة القاهرة والحادث الفجائي فعل أو خطأ الدائن ثم فعل أو
خطأ الغير.
15
املبحث الثاني :اإلتفاقات على تعديل احكام املسؤولية العقدية
يقصد بها اإلتفاق الذي بموجبه بتنازل أحد طرفيه على ما يستحقه من تعويض اتجاه الطرف االخر إذا
ما أصابه ضرر جراء إخالل هذا األخير بإلتزا معين يكون مفروضا عليه مثل هذه اإللتزامات تعد صحيحة
من الناحية القانونية ومعمول بها في مجال المسؤولية العقدية وإن كانت من الناحية الواقعية تعد وضعا مخالفا
لطبيعة األشياء.
وعلى خالف المسؤولية العقدية ال يجوز اإلتفاق على تعديل أحكا الم سؤولية التقصيرية الرتباط هذه
األحكا بالنظا العا .
وبما أن العقد هو أسا المسؤولية العقدية والذي يقصد به توافر إرادتين على إحداث أثر قانوني
معين وهذه اإلرادة اذن هي التي أنشأت المسؤولية العقدية وبإمكانها تعديل قواعدها وأحكامها باتفاقات إرادية
يراعي فيها احترا القانون والنظا العا واآلداب العامة.
لكن هناك بعض االستثناءات وهو بطالن كل شرط أو اتفاق يعفي المدين من تدليسه ومن خطئه
الجسيم.
تهدف هذه اإلتفاقات إلى جعل المسؤولية أقسى وأشد من تلك التي تقررها القواعد العامة وهي التي
نصادفها في عقود البيع العادية التي تقو على مبدأ المساومة و المنافسة من قبيل االشتراطات المشددة
لمسؤولية المدين أن يتم اإلتفاق على توسيع المسؤولية ليشمل حتى حاالت عد التنفيذ لتوفر السبب األجنبي
و هو عكس ما تقضي به القواعد العامة في هذا الصدد حيث تعفي المدين من المسؤولية و بالتالي من
التعويض في عقد البيع يمكن للمشترى أ ن يشترط على البائع ضمان أعمال ال تدخل في األصل ضمن
األحكا العامة للضمان كان يشترط عليه ضمان نزع الملكية للمنفعة العامة.
هو اإلتفاق عل ى تخفيف التعويض في مقدار الضرر الذي يصيب أحد المتعاقدين بسبب عد تنفيذ
المتعاقد االخر لإللتزامات المتولدة عن العقد قد ال يتوفق االمر عند اإلتفاق على التخفيف من المسؤولية بل قد
يتعداه إلى استبعادها بشكل نهائي لشروط اإل عفاء من المسؤولية عيوب كثيرة كحرمان الدائن من التعويض
من الضرر وتهديد استقرار المعامالت نظرا لخطورة هذه الشروط فان اإلتجاه الغالب في الفقه يربط صحة
اإلتفاقات بتوافر الشرطين اآلتيين:
أن يكون الدائن على علم تا بمضمون الشرط
بالصحة العامة للمواطنين. أال يكون من الشروط المعفية المسؤولية والضمان التي لها مسا
16
املطلب الثاني :بعض حاالت عدم جواز اإلتفاق على تعديل احكام املسؤولية.
سوء النية في تنفيذ العقد يسمى في االصطالح القانوني غشا وهو يقابل التدليس الذي رافق تكوين
العقد فكما يجب خلو العقد من التدليس عند انشائه كذلك يجب خلوه من الغش عند تنفيذه.
لذا ال يجوز التخفيف من المسؤولية العقدية إلى حد االعفاء من الفعل العمد أو ما يلحق بالفعل العمد
وهو الخطأ الجسيم ،شرط اإلعفاء من المسؤولية يقع باطال إذا كان الغش أو الخطأ الجسيم صحيحا في التنفيذ
اإللتزا صادرا عن المدين شخصيا اما إذا صدر من اتباعه فان الشرط يعتبر صحيحا.
وينص الفصل 101ق ل ع على هذه الحالة والعلة من تقرير بطالن هذا الشرط في هذه الحاالت لما
فيه من مسا بالصحة والسالمة العامة للمواطنين بما فيه المتعاقدين وعلى المدين الذي يتمسك بشرط
االعفاء ان يثبت وجود هذا الشرط ويصعب في كثير من االحوال على المدين إثبات ان الدائن قبل شرط
االعفاء .تقو صعوبات في مثل الحاالت لقبول شرط االعفاء احتمال ان يكون الدائن لم ير هذا الشرط فال
يعتبر قابال له وفقا لنظرية االرادة الباطنة ،ان الشرط قد يعتبر شرط اذعان تعسفي للقاضي ان يبطله.
17
الفصل الثاني
املسؤولية التقصريية
العمل غير المشروع هو العمل الذي يقوم به الشخص عن عمد( الجريمة) أو من غير عمد (شبه
الجريمة) فيسبب ضررا للغير يترتب عليه إلتزام بإصالحه عن طريق التعويض.
و لقد عانا المشرع المغربي العمل غير المشروع أو المسؤولية التقصيرية في الفصول من 77
إلى 601من ق ل ع ،ولقد أخذ المشرع المغربي بالمسؤولية التقصيرية انطالقا من القانون المدني
الفرنسي فأقر نظرية المسؤولية التقصيرية المبنية على خطأ واجب اإلثبات ،ثم تناول حاالت من
المسؤولية الموضوعية التي ال تستلزم إثبات الخطأ بل تقوم على خطأ مفروض وجوده.
وهذه الحاالت من المسؤولية الموضوعية هي حاال المسؤولية عن فعل الغير باستثناء حالة
مسؤولية المعلمين عن الضرر الحاصل من الطالب إذ تتوقف على إثبات الخطأ في جانب المعلم،
وحاالت المسؤولية الناشئة عن فعل األشياء الحية و الجامدة.
وباإلضافة إلى ما ذكر عالج المشرع المغربي حاالت خاصة من المسؤولية التقصيرية هي:
مسؤولية موظفي الدولة و البلديات .
مسؤولية القاضي الذي يخل بمقتضيات منصبه.
مسؤولية حائز الشيء.
18
املبحث األول :املسؤولية عن العمل الشخصي
المسؤولية عن العمل الشخصي هي مسؤولية الشخص عن العمل الذي يصدر منه بنفسه ،ومن
دون تدخل شخص آخر أو شيء أو حيوان ،وهي األصل العام في المسؤولية ،وتتميز بأنها تقوم على
خطأ واجب اإلثبات أي خطأ يجب على المتضرر أن يثبته في جانبه المسؤول.
و المسؤولية عن العمل الشخصي ال تقوم إال بتوافر ثالثة أركان أساسية وهي:
عالقة سببية بين الخطأ و الضرر الضرر الخطأ
و بتوافر هذه االركان تتحقق المسؤولية التقصيرية و تنتج آثارها.
لم يعط الفقه تعريفا واحدا للخطأ ألن فكرة الخطأ فكرة غير مضبوطة الحدود ،وقد عرفه الفقه
التقليدي بأنه عمل غير مشروع ،وعرفه بالنيول بأنه إخالل بإلتزام سابق ،وهذا اإللتزام قد يكون عمل
أو امتناع عن عمل ،وعرفه سافيني بأنه إخالل بواجب قانوني و أخالقي هو عدم اإلضرار بالغير ،وقد
عرف سليمان مرقس الخطأ بأنه إخالل بواجب قانوني مق ترن بإدراك المخل لنتائج أفعاله ،ورغم أن
جل التشريعات المقارنة لم تعرف الخطأ إال أن المشرع المغربي عرف الخطأ في الفقرة الثانية من
الفصل 77من ق ل ع التي ورد فيها " :والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله وفعل ما كان يجب اإلمساك
عنه وذلك من غير قصد إلحداث الضرر".
الخطأ إما إرادي يكون الخطأ عمدا ويسمى جرما ،وإما يكون خطأ بإهمال ويسمى عندها شبه
جرم ،فالخطأ العمد هو الذي يقع بقصد اإلضرار بالغير(الفصل 77من ق ل ع).
أما الخطأ بإهمال فهو الذي يقع بدون قصد اإلضرار كأن يزلق أحد ويسقط على مال آخر فيتلفه
(الفصل 77من ق ل ع).
وسواء كان الخطأ عمدا(إراديا) أو بإهمال فإن المسؤولية تترتب على مرتكبه في الحالتين و إن
كان القاضي يمل من الناحية العملية إلى الزيادة في التعويض في حالة الخطأ العمد عنه في حالة الخطأ
بإهمال.
الخطأ اإليجابي هو الذي يكون فيه فعل المخطئ عمال إيجابيا كما ورد في الفصل77من ق ل ع
هو الذي يقوم على فعال كان ينبغي اإلمتناع عنه كأن يصدم سائق السيارة أحد المارة فيصيبه بجروح.
19
في حين أن الخطأ السلبي هو الذي يكون فعل المخطئ فيه عمال سلبيا أو حسب تعبير المشرع
في الفصل 77من ق ل ع هو الذي يقوم على ترك ما كان يجب عمله ،كأن يهمل سائق السيارة إضاءة
مصباح سيارته ليال و يسبب حادث اصطدام بسيارة أخرى.
الخطأ الجسيم هو الذي ال يرتكبه إال شخص غبي كأن يسوق سائق السيارة ليال بسرعة فائقة و
دون إضاءة فيتسبب في حادث اصطدام.
الخطأ اليسير هو الذي يرتكبه شخص متوسط الفطنة و الذكاء كأن يعمل مالك صيانة حائط
حديقته فينهار الحائط ويتلف مزروعات الجار.
إن مفهوم الخطأ يقوم على ركنين أساسيين :ركن مادي وهو الفعل الذي ينطوي على إخالل
بإلتزام قانوني ويسمى اصطالحا "بالتعدي" ،وركن معنوي هو كون الفعل الذي ينطوي على إخالل
بإلتزام قد ارتكب ممن يدرك أن عمله ينطوي على اإلضرار بالغير ويسمى اصطالحا "اإلدراك أو
التمييز.
التعدي هو اإلخالل بإلتزام قانوني ويمكن أن يتخذ هذا اإلخالل إحدى الصور الثالثة التالية:
– 1خمالفة نص قانوني :إذا كان القانون قد نص على إلتزام محدد فاإلخالل بهذا اإللتزام يعتبر
تعديا يوجب المسؤولية فهناك مثال يجرم القانون السرقة و الضرب وأخذ مال الغير.
– 2خمالفة إلتزامات قانونية غري حمددة يف نصوص :فهذه اإللتزامات تكون من قبيل الواجبات العامة
التي تفرض على اإلنسان احترام حقوق الغير و االمتناع عن إيذائه.
– 3ممارسة احلق ممارسة تعسفية :إذا مارس شخص حقه وحصل أن أدت مارسته حقه إلى
اإلضرار بالغير ،فهل يسأل عن هذا الضرر؟ األصل ال ألن المسؤولية التقصيرية تتطلب أن يكون
الضرر نجم عن خطأ ،والخطأ ال يتوفر في الحالة التي يستعمل فيها اإلنسان حقا له دون أن يتجاوز
الحدود المرسومة لهذا الحق(الفصل 49ق ل ع) ،ولكن على سبيل اإلستثناء يمكن أن يقع استعمال
الحق على نحو يكون فيه الشخص مخطئا وهذا ما يسمى بالتعسف في استعمال الحق ،ويعتبر الشخص
متعسفا في استخدام حقه في الحاالت التالية:
-إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها صاحب الحق قليلة األهمية بحيث ال تتناسب مع
ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
-إذا لم يقصد من وراء استعمال حقه سوى اإلضرار بالغير(الفقرة الثانية الفصل 49ق ل ع).
20
-إذا كان صاحب الحق قد تجاوز في ممارسة حقه الحدود المألوفة الفصل 49ق ل ع).
يجب لقيام الخطأ أن يكون من ارتكب التعدي مدركا لهذا التعدي أي قادرا على التمييز بين
الخير والشر ،والنفع والضرر ،فيدرك أن تعديه يلحق ضررا بالغير ،فالتمييز هو مناط المسؤولية
التقصيرية ،هذه المسؤولية تقوم إذا وجد التمييز وتنعدم إذا فقد ،هذا ما نصت عليه الفصول 49و41
و 47من ق ل ع على النحو التالي:
– 6فيما يتعلق بصغر السن ،ال يسأل الصبي غير المميز مسؤولية تقصيرية ،أما من كان
مميزا أي بالغا 69سنة من عمره ،فإنه يسأل مسؤولية تقصيرية كاملة.
– 9المجنون ال يسأل عن العمل الشخصي مالم يثبت أن العمل الضار قد ارتكب وهو في حالة
إفاقة.
– 9الصم و البكم وغيرهما من ذوي العاهات يسألون مبدئيا عن األضرار الناجمة عن أخطائهم
لتوافر اإلدراك عندهم ما لم يقم الدليل على أنهم ال يتمتعون بالدرجة الالزمة من التمييز لتقدير نتائج
أعمالهم الفصل 47ق ل ع.
– 9ينعدم التمييز لغير الصغر الجنون كما في حالة مرض النوم و إصابة بالصرع و اإلدمان
على السُكرْ ،على أمه في مثل هذه الحاالت يشترط النتفاء مسؤولية الشخص أن ال يكون فقدان التمييز
راجعا إلى خطأ منه الفصل 49ق ل ع.
ال يترتب على الخطأ اية مسؤولية ويتحقق ذلك في ثالث حاالت وهي:
– 1إعطاء بيانات غري صحيحة عن حسن نية ودون علم بعدم صحتها
لقد نص على هذه الحالة الفصل 79ق ل ع بقوله "من يعطي بحسن نية ومن غير خطأ جسيم
أو تهور بالغ من جانبه ،بيانات وهو يجهل عدم صحتها ،ال يتحمل أي مسؤولية تجاه الشخص الذي
أعطيت له :
-إذا كانت له أو لمن تلقى البيانات مصلحة مشروعة في الحصول عليها.
-إذا وجب عليه ،بسبب معامالته أو بمقتضى التزام قانوني ،أن ينقل البيانات التي وصلت إلى علمه.
- 2جمرد النصيحة أو التوصية يف غري احلاالت اليت نص عليها الفصل 33ق ل ع
إن النصيحة أو التوصية إن أحدثت ضررا لمن أسديت له رتبت المسؤولية على من أسداها في
الحاالت التالية:
-إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف اآلخر.
-إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته.
21
-إذا ارتكب خطأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ونتج عن هذا الخطأ ضرر
للطرف اآلخر .
-إذا ضمن نتيجة المعاملة.
- 3الدفاع الشرعي
نص الفصل 49من ق ل ع على أنه ال محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي
وأوضح أن حالة الدفاع الشرعي هي الحالة التي يجبر فيها شخص على العمل لدفع اعتداء حال غير
مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو لماله.
فمن يحدث ضرر للغ ير وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس الغير أو ماله
ال يكون مسؤوال عن الضرر الذي يلحق بالغير على أنه البد حتى يتحقق ذلك من توافر الشرطين
التاليين:
-يجب أن يكون هناك اعتداء حال ال سبيل إلى دفعه إال بإيقاع األذى بالمعتدي.
-يجب أن يكون اإلعتداء الم وجه للمدافع عمال غير مشروع فال يجوز دفعه بالمجرم الذي
يطارده شرطي للقبض عليه ،فال يحث له مقاومة الشرطي بحجة الدفاع الشرعي.
الفقرة الثالثة :إثبات اخلطأ
لكي يعلن عن مسؤولية الشخص عن فعله يجب إثبات أنه قد ارتكب خطأ ،ويقع على عاتق
المطالب بالتعويض أي المضرور أو ذوي حقوقه عبء اإلثبات ،ومن أجل ذلك يمكن اللجوء إلى كل
طرف اإلثبات.
فإذا أدى المتسبب في الضرر بأنه كان فاقدا لقوة اإلدراك وقت حدوث الخطأ منه فإن إثبات ذلك
يقع عليه .
وفي كل األحوال يكون للقاضي تقدير قيمة الوسائل اإلثباتية المستعملة و األخذ بها أو رفضها
بحسب الظروف المحيطة وبسبب المناقشة التي تجري بين األطراف.
املطلب الثاني :الضرر
الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية وهو ركن ضروري لقيام اإللتزام بالتعويض ،فقد علق
المشرع المغربي في الفصلين 77و 77من ق ل ع ،تحقق مسؤولية مرتكب العمل الضار على وقوع
ضرر للغير.
فالضرر هو األذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له ،وهذه
المصالح إما مادية أو معنوية ،وعليه سوف نناقش في موضوع الضرر :الضرر المادي اذي قد يصيب
اإلنسان إما في ذمته المالية أو في جسمه ،و الضرر المعنوي و الذي ينتج عن إصابة الشخص في
كرامته نظرا للمس بشرفه أو سمعته ،على أن نتطرق للتمييز بين الضرر المستقبل و الضرر المحتمل
في نقطة ثالثة.
22
الفقرة األوىل :أحكام الضرر املادي
الضرر المادي هنو كل ضرر يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له
فيسبب له خسارة مادية وهي نوعان :الضرر الجسمان ي وهو الذي يصيب الشخص في جسمه فيؤثر
على سالمته مما يكبده مصاريف العالج ،و الضرر المالي هو الذي يمس بالحقوق ا لمالية للشخص
فيفقر ذمته المالية.
وال بد في الضرر المادي حتى يصلح أساسا للتعويض من الشرطين التاليين:
- 1الشرط األول :جيب أن يصيب الضرر حقا أو مصلحة للمضرور
قد يصيب الضرر حق للمضرور كاإلعتداء على حياة الشخص أو اإلعتداء على سالمة الجسم
إذا كان من شأنه أن ينال من قدرة الشخص على الكسب أو يكبده نفقة في عالجه ،و اإلعتداء على
أموال الشخص كحرق منزله أو إتالف أثاثه وقد يصيب الضرر مجرد مصلحة مالية للمضرور
ويشت رط في المصلحة لتي تمس أن تكون مصلحة مشروعة و إال فال يجوز الحكم بالتعويض.
- 2الشرط الثاني :جيب أن يكون الضرر حمققا
الضرر يعتبر محققا إذا كان حاال أو وقع فعال كأن يكون المضرور قد مات أو أصابه جرح في
جسمه أو لحقه تلف في ماله ،وكذلك يعتبر الضرر محققا إذا كان من قبيل الضرر المستقبل اي الضرر
الذي و إن لم يقع بعد إال أنه محقق الوقوع في المستقبل كأن يصيب شخص بإصابة تعطله عن العمل
في الحال و يكون من المؤكد أنها ستؤثر في قدرته على العمل في المستقبل.
فالتعويض في هذه الحالة يجب أن يشمل الضرر الحال و الضرر الذي سيقع في المستقبل ،وقد
ال يكون بالمستطاع تقدير الضرر المستقبل في الحال ألنه يتوقف على أمر لم تتبين حقيقته بعد ،ففي
هذه الحالة يجوز للقاضي إما أن يحكم بالتعويض عن الضرر الحال ،ويحفظ للمضرور الحق في أن
يطالب بالتعويض عن الضرر المستقبل وإما أن يؤجل الحكم بالتعويض حتى يتبين مدى الضرر كله
الحال و المستقبل.
الفقرة الثانية :أحكام الضرر املعنوي
الضرر المعنوي أو الضرر األدبي هو الذي يصيب اإلنسان من ناحية غير مالية فهو يصيب
الجسم من جراء جروح أو عاهات تسبب األلم في نفس المصاب ،وهو قد يكون الشرف و اإلعتبار كما
في حالة هتك العرض أو القذف أو السب وقد يصيب شعور اإلنسان في عاطفته كما في حالة اإلعتداء
على األب أو األم أو الزوجة ،وقد يحصل أن يكون الضرر المعنوي مقترنا بضرر مالي كاإلعتداء
بالضرب و الجرح و الذي قد ينتج عنه عجز في القدرة على الكسب.
إن الفقه و القضاء في فرنسا يجمعان اليوم على جواز التعويض عن الضرر المعنوي و قد أخذ
ق ل ع بهذا الحل بنص صريح حيث ورد في الفصلين 77و 77من ق ل ع على أن كل شخص يسأل
عن الضرر المادي و المعنوي الذي يحدثه للغير .
و البد في الضرر المعنوي من أن يكون محققا حتى يعطي الحق في التعويض شأنه في ذلك
شأن ا لضرر المادي أما الضرر المعنوي المحتمل فهو ال يكفي لمنح حق المطالبة بالتعويض.
هذا فكل شخص يصاب بضرر معنوي يثبت به الحق في التعويض عنه شرط أن يقيم الدليل على أن
مثل هذا الضرر قد أصابه ،وإذا توفي المضرور ضررا معنويا بعد إقامة الدعوى بالمطالبة بالتعويض
23
فإن حقه في التعويض يعد جزءا من ذمته المالية و ينتقل إلى الورثة شأن سائر الحقوق الداخلة في هذه
الذمة المالية.
الفقرة الثالثة :الضرر املستقبل و الضرر احملتمل
الضرر المستقبل محقق الوقوع لذلك يجب التعويض عنه ،أما الضرر المحتمل فهو غير محقق
الوقوع فقد يقع و قد ال يقع لذلك ال يصح التعويض عنه ،وإنما يجب اإلنتظار إلى أن يقع ،كأن يرتكب
شخص عمال يؤدي إلى إتالف مزروعات جاره ويخشى معه أن تصبح األرض غير صالحة للزراعة
لعدة سنوات ففي هذه الحالة يكون الضرر المحقق الذي يجب التعويض عنه هو التلف الذي أصاب
المزروعات ،أما عدم صالحية األرض للزراعة فالضرر محتمل ال يجب التعويض عنه إال إذا وقع.
املطلب الثالث :عالقة السببية
ال يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية أن يكون هناك خطأ من جهة وضرر من جهة أخرى بل البد
أن يكون الخطأ هو الذي أدى إلى وقوع الضرر أو بعبارة أخرى البد من قيام الرابطة السببية بين
الخطأ الذي ارتكبه المسؤول وبين الضرر الذي اصاب المضرور ،وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة
تقديرية مطبقة في تعيين رابطة السببية بين الخطأ الضرر ويترتب على وجوب قيام هذه الرابطة
السببية أمرين :أولهما الضرر المباشر وهو وحده الذي يجب التعويض عنه ألن هذا الضرر هو وحده
الذي تقوم بينه وبين الخطأ المسؤول ،و ثانيهما انتفاء عالقة السببية في حاالت خاصة.
الفقرة األوىل :قيام عالقة السببية(الضرر املباشر)
ورد النص على الضرر الم باشر في افصل 919من ق ل ع المتعلق بآثار اإللتزام بوجه عام،
و سواء تعلق األمر بمسؤولية تقصيرية أو عقدية ،فقد نص هذا الفصل على وجوب اإلعتداد بالضرر
المباشر حيث قال في معرض حديثه عن الضرر أ ن الضرر هو ما يلحق الدائن ن خسارة حقيقية وما
فاته من كسب كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء باإللتزام ،و يضاف إلى ذلك أن الفصل 77و 77
من ق ل ع قررا مسؤولية مرتكب الفعل الضار إزاء المضرور ،معلقا صراحة ترتب هذه المسؤولية
على كون الخطأ هو السبب المباشر في حصول الضرر.
ويقصد بالضرر المباشر ما كان نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه المسؤول و الذي لم يكن باستطاعة
المضرور أن يتفاداه ببذل جهد معقول.
الفقرة الثانية :انتفاء عالقة السببية
تنتفي عالقة السببية في ثالث حاالت وهي:
أوال :خطأ املضرور
قد يكون الضرر الذي لحق بالمضرور أو المتضرر نتيجة خطأ المضرور وحده ،وقد يكون
هذا الضرر نشأ عن خطأ المضرور من جهة و المدعى عليه في دعوى المسؤولية من جهة ثانية.
- 1فرضية خطأ املضرور وحده
كما لو حاول شخص أن يركب القطار أثناء سيره فنزل قدمه فيسقط ويصاب بجروح ورضوض
ففي هذه الحالة ال مكان للمسؤولية التقصيرية إذ أن المضرور هو الذي ألحق الضرر بنفسه.
24
- 2فرضية اخلطأ املشرتك
كما لو حصل ا صطدام بين سيارتين نتيجة خطأ سائقي السيارتين وهنا توزع المسؤولية حسب
جسامة الخطأ الذي صدر من كل منهما.
ثانيا :القوة القاهرة و احلادث الفجائي
حسب الفصل 49ق ل ع فال محل للمسؤولية المدنية إذا كان الضرر نتج عن حادث فجائي أو قوة
قاهرة لم يسبقهما أو يصحبهما فعل يؤاخذ به المدعى عليه.
- 1شروط القوة القاهرة و احلادث الفجائي
يشترط في حادث معين كي يعتبر بمثابة قوة قاهرة أو حادث فجائي تنتفي معه المسؤولية
التقصيرية أن تتوفر فيه الشروط التالية:
-أن يكون الحادث أمرا ال يمكن توق عه فإذا أمكن توقعه فال يشكل قوة قاهرة أو حادث فجائي
حتى لو استحال دفعه.
-أن يكون الحادث أجنبيا عن لمدعى عليه ال يد له فيه(عدم وجود خطأ من جانب المسؤول).
-أن يكون الحادث مما يجعل تفاديه أمرا مستحيال ال يستطاع منعه.
-يجب أن يكون الحادث هو السبب المباشر للضرر.
- 9أثر القوة القاهرة و احلادث الفجائي
إذا كانت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي السبب الوحيد في وقوع الضرر فإن عالقة السببية بين
الخطأ و الضرر تكون مفقودة و بالتالي ال تتحقق المسؤولية كما لو هبت عاصفة فقلبت السيارة على
أحد المارة فأصابته ،وهذا ما أوضحه الفصل 49ق ل ع اذ اشترط لعدم ترتب المسؤولية التقصيرية أن
يكون الضرر قد حصل بقوة قاهرة أو حادث فجائي لم يسبقها او يصحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه ،
أما إذا اشتركت القوة القاهرة أ الحادث الفجائي مع خطأ من المدعى عليه في إحداق الضرر كان
المدعى عليه مسؤوال مسؤولية ك املة ألن خطأه هو الذي يعتبر السبب المباشر في وقوع الضرر.
- 3خطأ الغري
الغير هو كل شخص غير المتضرر وغير المدعى عليه ومن يتبعه أو يخضع لرقابته ،فإذا أثبت
المدعى عليه في دعوى المسؤولية أن الضرر كان بسبب خطأ شخص من الغير وحده و أنه كان
يستحيل توقعه أو دفعه ،ا نتفت المسؤولية عنه باعتبار أن الخطأ أجنبي عنه واعتبر الغير مسؤوال وحده.
لكن إذا كان بجانب خطأ الغير خطأ المدعى عليه ،فإن كالهما إذا أدخال في الدعوى يعد مسؤوال عن
تعويض الضرر.
وفعل الغير ال يعتبر سببا أجنبيا عن المدعى عليه إال إذا كان ذلك الغير من غير االشخاص
الذين يسأل عنهم المدعى عليه فإذا كان تابعا له أو كان خاضعا لرقابته ،فال يكون للخطأ الصادر عنه
اثر على مسؤولية المدعى عليه.
25
املطلب الرابع :آثار املسؤولية عن العمل الشخصي
إذا توافرت أركان(شروط) المسؤولية عن العمل الشخصي التي هي الخطأ و الضرر و العالق ة
السببية ترتب على ذلك نشوء إلتزام على عاتق المسؤول بتعويض المضرور عما اصابه من ضرر.
فإذا لم يقم المسؤول بدفع التعويض رضاء ًا ،فيمكن للمتضرر إجباره على ذلك عن طريق دعوى
المسؤولية المدنية.
الفقرة األوىل :دعوى املسؤولية
سنتطرق في دعوى المسؤولية إلى أربعة مسائل:
أوال :اإلختصاص
من حيث اإلختصاص النوعي تقام الدعوى أمام المحكمة اإلبتدائية ،وفي حالة كان مبلغ
التعويض أقل من 9000درهم ترفع الدعوى أمام قضاء القرب ومن حيث اإلختصاص المكاني،
فلمضرور الخيار بين أن يرفع دعواه أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المسؤول ،أو أن
يرفعها أمام المحكمة التي وقع بدائرتها العمل المسبب للضرر.
ثانيا :األطراف يف الدعوى
إن المدعى عليه في دعوى المسؤولية التقصيرية هو الشخص المسؤول عن الضرر الالحق
بالمضرور ،وإذا توفي هذا الشخص المسؤول فإن اإللتزام بالتعويض ينتقل إلى تركته حسب الفصل
609ق ل ع.
أما المدعي في دعوى المسؤولية التقصيرية فهو الشخص الذي اصابه الضرر ،وقد يحصل أن
يكون الضرر اصاب عدة أشخاص فلكل واحد من هؤالء حق مستقل بالمطالبة بالتعويض عن الضرر
الذي لحق به.
و إذا كان المضرور فاقد األهلية أو ناقصها فالدعوى تقام من قبل نائبه الشرع ي أي من قبل
الولي أو الوصي أو المقدم بحسب األحوال.
وفي حالة وفاة المضرور ينتقل حقه بالتعويض إلى ورثته عندما يرفع المضرور الدعوى قبل
وفاته.
ثالثا :اإلثبات
المسؤولية عن العمل الشخصي تتطلب أن يرتكب شخص خطأ وينشأ عن هذا الخطأ ضرر
لشخص آخر وتقوم عالقة السببية ب ين الضرر الذي لحق بالمضرور و الخطأ الذي ارتكبه المسؤول
فعلى من يرفع دعوى المسؤولية التقصيرية أن يثبت هذه األمور جميعها وبالتالي أن يقيم الدليل على
وجود الخطأ ،ثم وجوب الضرر ثم عالقة السببية بين الخطأ و الضرر ،وبوسعه أن يقيم هذا الدليل
بجميع الطرق الثبوتية والسيما الشهادة و القرائن.
رابعا :تقادم دعوى املسؤولية
إن دعوى التعويض من جراء جرم أو شبه جرم تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ
إلى علم المتضرر ومن المسؤول عنه ،و تتقادم في جميع األحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت
حدوث الضرر.
26
الفقرة الثانية :التعويض
إذا وقع عمل غير مشروع كان للمضرور حق في التعويض عم لحق به بهذا العمل من ضرر،
وقد أيد المشرع حق المضرور في التعويض في الفصلين 77و 77ق ل ع ،وقرر في الفصول من
47إلى 600من ق ل ع ،بعض األحكام الواجبة التطبيق في حقل التعويض وتتلخص هذه األحكام
بالقواعد التالية:
– 6القاعدة األوىل :يجب أن يكون التعويض عن الضرر تعويضا كامال ،بحيث يشمل الخسارة التي
لحقت المدعي و المصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها إلصالح نتائج الفعل
الذي ارتكب إضرارا به ،وكذلك الكسب الذي فاته (الفقرة األولى من ال فصل 47ق ل ع).
– 9القاعدة الثانية :يجب على المحكمة عند تقديرها لألضرار أن تدخل في اعتبارها جسامة الخطأ
الصادر من المسؤول ،وتراعي ما إذا كان الضرر الذي اصاب المضرور قد نجم نتيجة خطأ عادي أم
نتيجة تدليس من المسؤول (الفقرة الثانية من الفصل 47ق ل ع).
– 9القاعدة الثالثة :إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين يعملون متوافقين كان كل منهم مسؤوال
بالتضامن عن النتائج ال فرق بين من كان منهم محرض و شريكا أو فاعال اصليا (الفصل 44ق ل ع).
– 9القاعدة الرابعة :إذا تعدد المسؤولون عن الضرر و تعذر تحديد فاعله األصلي من بينهم أو تعذر
تحديد النسبة التي أسهموا بها في الضرر فإنه يحكم عليهم على وجه التضامن بالتعويض عن الضرر
(الفصل 600من ق ل ع).
الفقرة الثالثة :اإلتفاق على اإلعفاء من املسؤولية التقصريية
قد تبرم اتفاقات بغية تعديل اآلثار المترتبة على المسؤولية التقصيرية فما هو حكم هذه
اإلتفاقات؟
يجب التمييز بين اإلتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية وبين اإلتفاقات التي تبرم مسبقا:
بالنسبة لإلتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية هي اتفاقات صحيحة وتنتج آثارها سواء كان من شأن
هذه اإلتفاقات اإلعفاء أو التخفيف أو التشديد ،فهكذا يصح للمضرور أن يتنازل عن حقه في التعويض
كما يصح أن يقبل بتعويض أقل ،وكذلك يصح أن يلزم المسؤول نفسه بتعويض أبهظ إذ ليس في ذلك ما
يخالف النظام العام.
أما بخصوص اإلتفاقات التي تبرم قبل تحقق المسؤولية فهي ممنوعة قانونا ،وتعتبر عديمة
االثر سواء كانت هذه اإلتفاقات تتعلق بال مسؤولية الناجمة عن الجرم ،أم بالمسؤولية الناجمة عن شبه
الجرم وذلك ما ورد النص عليه في الفصلين 77و 77ق ل ع.
27
املبحث الثاني :املسؤولية عن فعل الغري
األصل أن اإلنسان ال يسأل إال على عمله الشخصي ،لكن يمكن على وجه اإلستثناء أن يرتب
القانون على الشخص مسؤولية عمل قام به غيره ،وفي هذه الحالة ال تقوم المسؤولية إال بالنسبة
لألشخاص الذين عددهم القانون حصرا في الفصل 79فقرة أولى ،وعليه سنتطرق لما يلي في
موضوع المسؤولية عن فعل الغير.
– 6المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على افتراض الخطأ الواجب اإلثبات (حالة
مسؤولية رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال و التالميذ).
– 9المسؤولية التقصيرية عن قعل الغير القائمة على افتراض اخطأ القابل إلثبات اعكس إذ
سنتناول حالة مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين ،ومسؤولية أرباب الحرف الصنائع
عن ت المذتهم ،ومسؤولية متولي الرقابة على المجانين و المختلين عقليا.
- 9المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على الخطأ المفترض غير القابل إلثبات العكس
(حالة مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه).
املطلب األول :املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على اخلطأ الواجب اإلثبات
(مسؤولية رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال والتالميذ).
تدخل مسؤولية المعلمين و األساتذة عن األطفال و الشبان الذين هم في عهدتهم ضمن حاالت
المسؤولية عن فعل الغير ،وبالرغم من أن هذه المسؤولية تقترب من حيث شكلها العام بالمسؤوليات
الموضوعية ،إال أنه يسري عليها ما يسري على المسؤولية الشخصية من أحكام خصوصا ما يتعلق
باإلثبات إذ أن المشرع أسس هذه المسؤولية على خطأ واجب اإلثبات من طرف المدعي وفق أحكام
الفصل 79مكرر من ق ل ع.
فما هو نطاق تطبيق مقتضيات الفصل 79مكرر ق ل ع؟ وماهي األحكام الخاصة بمسؤولية
رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األطفال و التالميذ بالمغرب؟
الفقرة األوىل :شروط تطبيق مقتضيات الفصل 38مكرر من ق ل ع.
من خالل قراءة الفصل 79مكرر ق ل ع المتعلق بمسؤولية رجال التعليم ،يتضح لنا أن تطبيق
مقتضيات هذه المسؤولية يستلزم توافر شرطين
– 6أن يوجد طفل أو شاب حتت إشراف معلم أو موظف تابع للشبيبة و الرياضة
مفاد هذا الشرط أن مسؤولية المعلمين و موظفي الشبيبة و الرياضة عن األضرار التي يتسب
فيها األطفال و الشبان الذين هم في عهدتهم ،تقتصر على الفترات التي يكون فيها هؤالء األطفال و
الشبان تحت إشرافهم ،ويتعلق األمر بأوقات الدراسة و ممارسة التداريب الرياضية بما في ذلك فترة
االستراحة ،و أثناء القيام بالرحالت الجماعية للتالميذ خارج المؤسسة ،أما مصطلح معلمين فيشمل
شريحة المعلمين العاملين في إطار الوظيفة العمومية ،أو التعليم الخصوصي ،وليس هناك ما يمنع من
تطبيق قواعد المسؤولية على أساتذة التعليم الثانوي ألتحاد العلة ،وهي إمكانية التحكم في سلوك التالميذ
لوجود نوع من االنضباط في متابعتهم للحصص الدراسية ،أما بالنسبة ألساتذة التعليم الجامعي فإنهم ال
يخضعون لمقتضيات الفصل 79مكرر ،وذلك النعدام عنصر الرقابة على طلبتهم.
28
– 9أن يتسبب الطفل أو التلميذ أثناء فرتة الدراسة أو تلقي التمارين الرياضية إحلاق ضر بالغري
إن هذا النوع مكن المسؤولية ال يتحقق إال إذا تسبب الطفل أو التلميذ في حصول ضرر للغير،
وهنا يتعين أخذ مصطلح الغير بمفهومه الواسع فهو ال يقتصر على األشخاص األجانب الذين ال عالقة
لهم بالمؤسسة التعليمية أو الرياضية ،و إنما يشمل باقي األشخاص اآلخرين الذين يوجدون في نفس
المؤسسة التي يوجد لها الطفل الذي تسبب في وقوع الفعل الضار بما في ذاك األطفال الذين يشاركونه
في تلقي الدروس و التمارين الرياضية.
الفقرة الثانية :األحكام اخلاصة بـمسؤولية رجل التعليم
يمكن القول أن مسؤولية رجل التعليم عن األخطاء التي يتسبب فيها األطفال الذين هم في عهدته
تجد أساسها في الفصل 79مكرر ق ل ع ،يستخلص منه ما يلي:
– 1أسس المشرع المغربي مسؤولية رجل التعليم و مدربي الرياضة على خطا واجب اإلثبات،
ومعنى هذا أن الطرف المضرور عليه أن يقيم الدليل على نص الحراسة أو انعدام الرقابة في جانب
المعلم أو االستاذ الذي يتولى تربية و تهذيب الطفل الذي تسبب في وقوع الفعل الضار.
– 2عندم ا يتعلق األمر بمسؤولية رجل التعليم في القطاع العمومي فإن الدولة تحل محله في
األداء ،فالمضرور له الحق في رفع دعواه مباشرة ضد الدولة وذلك خالل فترة السنوات الثالث
الموالية الرتكاب الفعل الضار ،وتعد مهلة ثالث سنوات السابقة مدة تقادم الدعوى وليس سقوط الحق
في المطالبة بالتعويض.
–3يترتب على حلول الدولة محل رجل التعليم المنتمي للقطاع العام في األداء ،إمكانية ممارسة
الدولة لحق الرجوع على هذا الموظف المسؤول عن وقوع الفعل الضار ،ونظرا الرتباط رجل التعليم
بالدولة بمقتضى عالقة التوظيف العمومي ،فإن دعوى رجوع الدولة على الشخص المسؤول يتعين
رفعها وفق قوعد المسؤولية اإلدارية.
املطلب الثاني :املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على افرتاض اخلطأ القابل
إلثبات العكس
يندرج ضمن هذا الصنف من المسؤولية عن فعل الغير في إطار التشريع المغربي كل من
مسؤولية اآلباء و األمهات عن ا لمضار التي يتسبب فيها ابناؤهم القاصرون(الفقرة األولى) ،وكذلك
مسؤولية ارباب الحرف و الصنائع عن أخطاء متعلميهم (الفقرة الثانية) ،باإلضافة إلى مسؤولية من
يتولى رقابة المجانين و المختلين عقليا(الفقرة الثالثة).
الفقرة األوىل :مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين
تعد مسؤولية اآلباء و األمهات عن أبنائهم القاصرين من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن
فعل الغير وقد أشار إليها المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 79ق ل ع.
–1تعيني املسؤولني عن رقابة القصر
ورد في الفصل 79ق ل ع أن األب فاألم بعد موته يسأالن عن الضرر الذي يحدثه ابناؤهما القصر
المقيمين معهما ،أما الوصي و غيره من االصول و األقارب كاألعمام و األخوات و العمات والخاالت
فال يسألون عن الضرر الذي يحدثه القاصر ولو كان مقيما معهم على أن الوصي أو القريب غير األب
29
أو األم الذي يقيم معه القاصر لئن كان ال يسأل على أساس الفصل 79ق ل ع فإنه يمكن مسائلته على
أساس المسؤولية الشخصية إذا كان الفعل الضار الذي صدر عن القاصر يعزى لخطأ ارتكبه الوصي
أو القريب الذي يقيم معه القاصر إنما ال بد في هذه الحالة إثبات الخطأ في جانب المسؤول وفقا لمبادئ
المسؤولية التقصيرية.
- 2ارتباط مسؤولية اآلباء و األمهات بواليتهم على أبنائهم
إلن كان اآلباء و األمهات يسألون عن األعمال الضارة التي يرتكبها أوالدهم القصر المقيمين
معه فذلك للوالية التي يتمتع بها اآلباء و األمهات على أبنائهم و ما تستتبعه هذه الوالية من إلتزام بالقيام
برق ابة و تربية من هم في كنفهم من القصر ،وارتباط مسؤولية اآلباء و األمهات بالوالية يقودنا إلى ما
يلي:
أ – رتب المسؤولية مبدئيا على األب ،ألنه هو صاحب الوالية في االصل ،أما األم فال تتحمل
المسؤولية إال بعد موت األب ،أو إذا حصل طالق أو تطليق و تقرر أن يكون الولد القاصر في حضانة
أمه.
ب – تزول مسؤولية األب و األم ببلوغ إبنهما سن الرشد ،فإذا ارتكب عمال غير مشروع يتحمل
هو مسؤولية هذا العمل ال يمكن مسائلة االب و األم إال إذا أثبت المضرور ارتكابهما خطأ معين يبرر
هذه المسؤولية.
ج – ال تترتب مسؤولية األب و األم عن إبنهما القاصر إال إذا كان يعيش في كنفهما و يوجد
تحت رقابتهما ،وهذا ما أورده المشرع عندما حصر في الفصل 79ق ل ع مسؤولية الوالدين في
الضرر الذي يحدثه القاصر المقيم معهما فليس المقصود هنا باإلقامة مع الوالدين السكنى معهم ،فاألب
و األم يسأالن عن الضرر الذي يحد ثه إبنهما حتى لو طرداه من المسكن أو غادر المنزل ،بل القصد هو
أن يكون في كنفهما أو تحت رقابتهما ،ال تحت رقابة شخص آخر كمعلم المدرسة أو رب الحرفة ،
فالقاصر إذا ذهب إلى المدرسة انتقلت رقابته إلى معلمه ،هذه الرقابة محصورة بالوقت الذي يكون فيه
القاصرون في المدرسة.
وانطالقا مما سبق فإنه لقيام هذا النوع من المسؤولية يجب توافر شروط ثالث:
-أن يكون الولد قاصرا.
-أن يكون الولد ساكنا مع أبويه.
-أن يرتكب الولد فعال ضارا بالغير
- 3دفع املسؤولية
إن مسؤولية األب أو األم تقوم على خطا مفترض بمقتضى قرينة قانونية ،وهذه القرينة تقبل
النقض بالبينة المعاكسة ،وفي هذا ينص المشرع في الفصل 79ق ل ع:
"وتقوم المسؤولية إال إذا اثبت األب أو األم أنهما لم يتمكنا من منع وقوع الفعل الذي أدى
إليها".
فاألب و األم يستطيعان نفي الخطأ عن نفسيهما إذا ثبت أنهم اتخذا اإلحتياطات الالزمة للحيلولة
دون و قوع العمل الذي أضر بالغير ،وكذلك يستطيعان دفع مسؤوليتهما بنفي العالقة السببية بين الخطأ
المفترض في جانبهما و العمل الضار الذي ارتكبه القاصر نتيجة سبب أجنبي رغم كل اإلحتياطات،
30
كما لو أصيب الولد بعارض جنون مفاجئ فقدف أحد المارة بحجر وجرحه لترتب على ذلك انتفاء
عالقة السببية.
– 4آثار املسؤولية
إذا اثبت المضرور توا فر شروط المسؤولية الثالث السابقة حق له أن يطالب بالتعويض عن
الضرر الالحق به من االب أ و األم مباشرة ،وذلك من دون إ ثبات أنهما ارتكبا خطأ في المراقبة أو
التربية ألن هذا الخطأ مفترض في حقهما مبدئيا.
الفقرة الثانية :مسؤولية أرباب احلرف و الصنائع عن تالمذتهم(متعلميهم).
كما هو األمر بالنسبة لمسؤولية األبوان عن ابنائهم القاصرين فإن المشرع أسس مسؤولية
أرباب الحرف و الصنائع على األضرار التي يتسبب فيها متعلمي الحرفة أو الصنعة على خطأ
مفترض قابل إلثبات العكس ،ينص الفصل 79ق ل ع في الفقرة الرابعة منه:
"أرباب الحرف يسألون عن الضرر الحاصل من المتعلمين عندهم خالل الوقت الذي يكونوا فيه
تحت رقابتهم".
– 1أساس املسؤولية
سار القه على اعتبار مسؤولية ارباب الحرف قائمة على خطا مفترض في جانب رب الحرفة
قوامها أنه لم يقم بمراقبة المتعلم المراقبة الواجبة و لم يوجهه التوجيه السليم ،و بذلك يكون قد هيأ له
سبيل العمل غير المشروع ،و من ثم فإنه بارتكاب المتعلم للعمل الضار بغيره يكون قرينة على أن
ريب الحرفة لم يقم بالمراقبة الالزمة ،إال أن هذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس.
– 2االشخاص املسؤولون
رب الحرفة هو الشخص الذي يزاول مهنة أو حرفة ويستخدم لمساعدته أطفاال(متعلمين)،
يعلمهم أصول الحرفة أو المهنة كالنجارة أو ا لحدادة ،ويختلف رب الحرفة و المتعلم عن المعلم و
التلميذ ،و عن المؤاجر و األجير في أن المعلم يمارس مهنة التعليم بصفة أصلية ،و المؤاجر ال يمارس
التعليم بينما رب الحرفة يمارس التعليم بصفة ثانوية.
وتمييز ارباب الحرف و المتعلمين عن غيرهم له من أهمية كبرى نظرا إلى ان كال منهم يخضع
لقواعد مسؤولية مختلفة عن تلك التي يخضع لها اآلخر.
و بذلك فإن على القاضي أن يتأكد من توا فر المقومات األساسية التي تطبع صفة رب الحرفة ،و تلك
التي تطبع صفة المتعلم ،وهو في ذلك يمكنه ا إلستناد إلى عقد التكوين المهني ،كما يمكنه اإلستناد إلى
كل وسيلة من شأنها أن تحدد هذه الصفات الخاصة و أن جود العقد غير ملزم.
– 3شروط املسؤولية
أ – الشرط األول :أن يكون املتعلم حتت رقابة رب احلرفة
يجب أن يكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة في الوقت الذي يحدث فيه الضرر ،أما ما يعق
من المتعلم في غير هذا الوقت فال يكون رب الحرفة مسؤوال عنه ألن المسؤولية مرتبطة بالمراقبة.
ويكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة أثناء ساع ات العمل ،كما تستمر هذه الرقابة خارج تلك
الساعات إذا مات مقيما عنده ويستغرق وقته كله.
31
أما إذا لم يكن مقيما عنده فإنها تنقطع بانتهاء ساعات اعمل حيت تنتقل المسؤولية إلى أبيه فأمه.
ب – الشرط الثاني :أن يرتكب املتعلم فعال ضاراُ
لقيام مسؤولية رب الحرفة يج ب أن يرتكب المتعلم خطأ يضر بالغير ،لكن رب الحفة يتحمل ال
يتحمل المسؤولية إال إذا ارتكب تلك األفعال المتعلم غير المميز ،هذه األفعال هي تلك اتي تخالف
إلتزامات فرضها المشرع على الكافة بغض النظر على سنهم ،و التي يجب على رب الحرفة أن يحول
دون وقوعها.
على أنه إذا كان الفعل الضار المنسوب إلى المتعلم ناشئ عن سبب أجنبي فإن ذلك يبرر خطأ
المتعلم وينفي مسؤولية رب الحرفة ،أما إذا كان الخطأ مشتركا وزعت المسؤولية.
– 4آثار املسؤولية
إن آثار مسؤولية رب الحرفة عن عمل متعلميه هي نفسها آثار مسؤولية االب و األم عن عمل
الولد القاصر فيحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن اضرر الالحق به من رب الحرفة مباشرة دون
حاجة إلثبات خطأ في جانبه ،و ليتخلص رب الحرفة من المسؤولية عليه أن يثبت أنه لم يرتكب خطأ
بإثبات أنه قام فعال برقابة كافية على متعلميه ،وال يكون عليه أن يثبت أنه قام بواجب التربية ألن هذا
ليس من مسؤوليته.
الفقرة الثالثة :مسؤولية متولي الرقابة على اجملانني و املختلني عقليا
تنص الفقرة السادسة من الفصل 79ق ل ع على هذا النوع من المسؤولية و التي تقوم على
اساس خطأ مفترض قوامه التقصير في الرقابة ،ولبيان هذا النوع من المسؤولية نحدد أوال االشخاص
المسؤولين ثم نعرض لشروط تحققها و آلثارها.
– 1األشخاص املسؤولون
حسب الفقرة السادسة من الفصل 79ق ل ع فإن المسؤولية تقع على صنفين من األشخاص:
-أشخاص عينهم القانون وهو األب و األم وغيرهم من األزواج و األقارب ويشمل هؤالء
األصول و الفروع و ا إلخوة و كل من له عالقة نسب بالمريض.
-أشخاص معينون باتفاق وهو كل شخص أجنبي غير من ًذكر ،إذا تحمل مراقبة و رعاية
المريض عن طريق عقد ،و الشخص األجنبي هذا قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا
اعتباريا كمصحة أو مؤسسة خصوصية ،وال يكون شخصا معنويا عاما ألن هذا األخير
يخضع لقواعد مختلفة.
- 2شروط املسؤولية
الشرط األول :أن يكون الشخص الذي فرضت عليه الرقابة مجنونا أو مختال عقليا ،أي أن يكون
شخصا فاقدا القدرة العقلية كليا أو جزئيا مما يجعله في حاجة إلى رقابة لمنعه من اإلضرار بالغير.
الشرط الثاني :أن يرتكب المريض خطأ يتسبب في ضرر للغير ،ويستوي هنا أن يكون المريض
وقت ارتكابه للخطأ في حالة جنون أو فقدان التمييز .
الشرط الثالث :أن يكون المريض تحت رقابة شخص :يعني ذلك أن يكون المجنون أو المختل
العقلي وقت ارتكابه للخطأ في كنف أحد أقاربه ،أو تحت مسؤولية شخص مكلف برقابته و رعايته،
32
ويعتبر المريض تحت رقابة أحد أقربائه إذا كان مقيما معهم ،فإذا كان يسكن مع عدد من أفراد أسرته
فإن المسؤولي ة ال تقوم في حقهم جميعا وإنما يسأل األب و األم عن عدمه ،ثم الزوج وهكذا بحسب
درجة القرابة.
فإذا عهد بالرقابة ألجنبي عن طريق عقد زالت الرقابة عن أفراد االسرة المذكورين على شرط
أن يكون العقد الذي يتعهد بمقتضاه برعاية المريض عوضيا.
– 3آثار املسؤولية
إذا تحققت الشروط المذكورة حق للمتضرر من فعل صادر عن المجنون أو مختل العقل أن
يطلب التعويض من الشخص المسؤول عن رقابة المجنون دون حاجة إلى إثبات خطأ المسؤول ،وال
يستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إال إذا أثبت أنه لم يرتكب خطأ ،و أنه كان يجهل
خطورة المرض ،و أن الضرر يرجع لسبب أجنبي.
املطلب الثالث :املسؤولية التقصريية عن فعل الغري القائمة على اخلطأ
املفرت ض غري القابل إلثبات العكس(مسؤولية املتبوع عن أعمال تابعه)
تعد مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه الجرمية من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل
الغير ،وقد عرض لها المشرع المغربي كغيره من التشريعات األخرى وخصها بأحكام مستقلة تعتبر
في مجملها في صالح الضحية فهي مبنية على الخطأ المفترض غير القابل إلثبات العكس.
وهكذا لم يترك للشخص المتبوع اية فرصة للتخلص من هذه المسؤولية في الفقرة الثالثة من
الفصل 79ق ل ع الذي جاء فيها:
" المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم
ومأموروهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها".
ولفهم مضمون هذه المسؤولية فإننا سنتناول أساسها ،ثم الشروط الالزمة لتحققها ثم أخيرا سنبين
أهم اآلثار المترتبة عنها.
الفقرة األوىل :األساس القانوني ملسؤولية املتبوع عن فعل التابع
لقد تعددت النظريات الفقهية التي قيل بها بخصوص تأصيل مسؤولية المتبوع عن فعل التابع،
فمن قال بأن أساس مسائلة المتبوع إنما يكمن في افتراض الخطأ ،في الوقت الذي يرى اتجاه آخر على
أن هذه المسؤولية مبنية على نظرية تحل تبعة المخاطر ،و هناك من أسس هذه المسؤولية على بعض
النظريات الشائعة في ميدان القانون المدني كنظرية الضمان نظرية النيابة و التمثيل القانوني ،
وسنتولى عرض هذه النظريات بشيء من التفصيل.
– 1نظرية اخلطأ املفرتض
قد قال بهذه النظرية مجموعة من الفقهاء التقليديين في فرنسا إذ يرون أن مسؤولية المتبوع عن
فعل تابعه مؤسسة على خطأ مفترض في جانب الطرف المستفيد من هذه العالقة أال وهو المتبوع.
و يتمثل الخطأ المنسوب إليه في كونه لم يحسن اختيار تابعه األمر الذي حال بينه بين إحكام
الرقابة على تصرفات هذا التابع ،و ب اعتبار أن الخطأ المنسوب للمخدوم لم يصدر عنه مباشرة ،لذلك
33
فإن مسؤوليته عن أخطاء خدمه تكون غير مباشرة ايضا ،أما المسؤول المباشر عن الخطأ هو فهو
التابع ،لذلك فإن الوضع العادي لألمور كان يفرض مسائلة التابع بدال من المتبوع إال أنه نظرا للمشاكل
التي قد تواجه ال ضحية بسبب صعوبة إثبات خطأ التابع أو كون هذا األخير معسرا ال مال له فإنه غالبا
ما يفضل الرجوع على المتبوع حتى يتجنب العقبات السابقة ،غير أنها تعرضت إلنتقادات شديدة ،ولعل
االنتقاد الجوهري الذي يجعلنا نستبعد فكرة الخطأ كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار التشريع المغربي
ساء كان الخطأ عاديا أو مفترضا هو أن المتبوع بإمكانه دحض المسؤولية بإثبات أنه قام بواجب
الرقابة و التوجيه الالزمين لتجنب الفعل الضار ،االمر الذي يتنافى مع قصد المشرع المغربي عندما
جعل قرينة المسائلة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 79ق ل ع قرينة غير قابلة إلثبات
العكس.
- 2نظرية حتمل املخاطر
وفقا لهذه النظرية فإن المتبوع باعتباره المستفيد من خدمات تابعيه وخدمه فإنه يتوجب عليه
بالمقابل تحمل تبعة المخاطر المحدثة من قال هؤالء األتباع ،إذا كان لها ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة
إليهم ،غير أن هذ ه النظرية لم يكتب لها النجاح على اعتبار أنها نشأت في ميدان حوادث الشغل وهو
يختلف اختالفا كثيرا عن األضرار الناشئة عن الحوادث المدنية األخرى.
- 3نظرية الضمان
مفاد هذه النظرية أن المتبوع يعد بمثابة ضامن لنتائج األضرار التي يتسبب فيها أتباعه
خصوصا في حالة إ عسار هؤالء األتباع أو امتناعهم عن أداء ما بذمتهم ،فالضمان يحمل في طياته
معنى الكفالة أي المتبوع يعد كفيل لنشاط التابع و يحل محله في األداء.
– 4نظرية النيابة أو التمثيل القانوني
وفقا لهذه النظرية فإن التابع ما هو في الواقع إال نائب قانوني عن المتبوع يعمل لحسابه و يتأمر
بأوامره ،ويترتب على هذه العالقة أن خطأ للمتبوع نفسه إعماال لمبدأ كان معروفا لدى الكنسيين من أن
خطأ الخادم ما هو إال انعكاس لخطأ السيد.
الفقرة الثانية :الشروط الالزمة لقيام مسؤولية املتبوع
لقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع فإنه يتع ين أن يكون المتبوع مرتبطا بخدمه و تابعيه
بمقتضى عالقة التبعية ،و أن يتسبب التابع في ارتكاب الخطأ في حالة أداء وظيفته ،و أن يتولد عن هذا
الفعل حصول ضرر للغير ،و سنكتفي بالشرطين األولين ،أما الشرط الثالث فسنحيل إلى ما تطرقنا له
عند حديثنا عن الضرر في المسؤولية عن العمل الشخصي.
– 1الشرط األول :قيام عالقة التبعية
ال بد لترتب المسؤولية هنا من وجود عالقة التبعية بين شخصين بحيث يكون إحداهما خاضع
لآلخر ،و يتحقق ذلك إذا كان للمتبوع على تابعه سلطة فعلية في الرقابة و التوجيه ،وقد يكون شخص
34
تابع شخص و يوضع بإرادة ا لمتبوع تحت تصرف شخص آخر ،عندئذ يوجد متبوعان ،متبوع أصلي و
متبوع فرعي" فإن المتبوع تقع عليه مسؤولية أعمال ذلك التابع ،و القاعدة أن المسؤولية بحق الرقابة و
لتوجيه بحيث يكون هذا الحق تكون المسؤولية و عليه يبقى المتبوع األصلي مسؤوال عن الخطأ الذي
يصدر من التابع اثناء قيامه بالعل لدى المتبوع العرضي.
و يصبح المتبوع العرضي مسؤوال عن خطأ التابع إذا تبين أن المتبوع األصلي قد تنازل عن
سلطته في الرقابة و التوجيه لمصلحة المتبوع العرضي.
- 2الشرط الثاني :صدور خطأ من التابع يضر بالغري يف حالة أداء وظيفته
ال يسأل المتبوع إال إذا كان التابع مسؤوال بأن أخطأ خطأ سبب ضررا للغير ،أما إذا كان التابع
غير مسؤول فال مسؤولية كذلك على المتبوع ،كما لو كان التابع في حالة دفاع شرعي.
وخطأ التابع الذي يسأل المتبوع عنه هو الخطأ الذي يرتكبه اثناء تأدية العمل الذي عهد إليه
المتبوع به ،أو بسبب هذا العمل.
أ – اخلطأ أثناء تأدية الوظيفة
يقصد بالخطأ أثناء تأدية الوظيفة ما يرتكبه التابع من خطأ وهو يؤدي عمال من أعمال وظيفته
مثل خطأ السائق وهو يقود السيارة أثناء تأدية عمله فيدهس شخصا في الطريق ،وخطأ الممرض الذي
يعطي المريض سما بدل الدواء ،فهنا تقم مسؤولية المتبوع ألن الخطأ وقع أثناء تأدية التابع لوظيفته.
ب – اخلطأ بسبب الوظيفة
يكون خطأ التابع بسبب أداء وظيفته ،إذا كان خطأ التابع لم يكن ممكنا لو ال وظيفته ،فساعي البريد
الذي يسرق إحدى الرسائل ما كان عليه أن يفعل ذلك لوال أنها سلمت إليه لتوزيعها ،فالخطأ هنا يقع
أثناء تأدية الوظيفة.
الفقرة الثالثة :آثار مسؤولية املتبوع عن فعل التابع
عندما تتحقق عناصر المسؤولية المدنية للمتبوع عن أخطاء تابعيه بالشكل الذي أشرنا إليه سابقا
فإن الضحية يتوفر له أكثر من طريق للمطالبة بحقوقه المدنية ،فله الحق في مقاضاة المتبوع وحده ،
كما له الحق في الرجوع على التابع ،أيضا باعتباره طرفا في النزاع ،ليس هناك ما يمنع المضرور
من مطالبة التابع و المتبوع في دعوى واحدة لوجود التضامن بينهما.
– 1رجوع الضحية على املتبوع
بالرغم من أن المتبوع في الواقع ما هو إال ضامن احتياطي لتبعا ت االفعال التي يتسبب فيها
أتباع ه الذين يعملون لحسابه ،إال أن الضحية غالبا ما يفضل الرجوع على المتبوع ليسره أوال و ألن
المشرع قد جعله مسؤوال بقوة القانون ثانيا ،يحث ال يحق له دفع هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه إال
بإثبات السبب األجنبي كالقوة القاهرة و الحادث الفجائي.
35
- 2رجوع الضحية على التابع
ليس هناك ما يمنع المضرور من الرجوع مباشرة على التابع ،إال ان المضرور سياجه
مجموعة من الصعوبات ابرزها أن الضحية يتوجب عليه إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية
التقصيرية عن الفعل الشخصي المنصوص عليها في الفصلين 77و 77ق ل ع.
وحتى على افتراض كسب المضرور لهذه الدعوى فإن إعسار التابع قد يحول دون تحقيق الغاية
المقصود من هذه الدعوى وهو الحصول على التعويض ،لذلك فإن الحل األمثل للضحية هو رفع دعواه
على كل من التابع و المتبوع لوجود التضامن بينهما ،إال أن ذلك ال يعني استحقاق المضرور
لتعويضين عن الضرر الواحد ألن في ذلك نوع من اإلثراء بال سبب.
- 3رجوع المتبوع على التابع
لما كان المتبوع مجرد ضامن لنتائج الفعل الضار المرتكب من التابع ،فإنه ليس هناك ما يمنع
المخدوم في الرجوع على خادمه في حدود التعويض الذي دفعه للمضرور ،لكن عمليا فإن هذا الحق
يتجدد في حال تعسف التابع في اس تعمال الوظيفة المسندة إليه ،أما إذا كان خطا التابع مألوفا و يدخل في
طبيعة المهنة التي يمارسها المتبوع ال يحق له الرجو ع على التابع ،وهذا الحكم ينطبق أيضا في حالة
أن الضرر كان بأمر من المتبوع.
36
املبحث الثالث :املسؤولية الناشئة عن فعل االشياء احلية و اجلامدة
خص المشرع المغربي المسؤولية الناشئة عن فعل االشياء الحية و الجامدة الفصول من 71
إلى 40من ق ل ع ،حيث تعرض لمسؤولية حارس الحيوان و لمسؤولية حارس األشياء ثم لمسؤولية
مالك البناء :عن الضرر الذي يمكن أن يلحقه الحيوان أو الشيء أو البناء بالغير.
و هكذا سنتناول على التوالي:
مسؤولية حارس الحيوان.
مسؤولية حارس االشياء
مسؤولية مالك البناء
املطلب األول :مسؤولية حارس احليوان
نظم المشرع المغربي مسؤولية حارس الحيوان عن األضرار التي يسببها للغير في الفصلين 71
و 77ق ل ع ،و بنى مسؤولية حارس الحيوان هو خطأ مفترض وهو اإلخالل بواجب الرقابة و عدم
اتخاذ اإلحتياطات الالزمة لمنع الحيوان من اإلضرار بالغير ،و الخطأ المفترض في جانب حارس
الحيوان هو خطأ يقبل إثبات العكس ،و على ذلك فيمكن للحارس أن يتحلل من المسؤولية بإثبات أنه لم
يخطئ و أنه اتخذ جميع اإلحتياطات الضرورية لمنع وقوع الضرر ،و أن الضرر ناتج عن قوة قاهرة
أو خطأ المتضرر ،الفصل 71ق ل ع .
الفقرة األوىل :أساس مسؤولية حارس احليوان
– 1مسؤولية حارس احليوان تقوم على فكرة اخلطأ املفرتض
اختلفت اآلراء في تحديد اساس مسؤولية حارس الحيوان فمعظمهم قال أن أساس هذه المسؤولية
هو تحمل التبعة فصاحب الحيوان هو الذي يستفيد منه ،فعليه إذن تقع تبعة ما يلحق من ضرر للغير،
وقال آخرون أن م سؤولية حارس الحيوان تقع على خطأ مفترض في جانب الحارس وهو خطأ في
الرقابة و التوجيه وهذا معمول به في الفقه السائد في اإلجتهاد.
- 2دفع مسؤولية حارس احليوان
فضل المشرع المغربي أن ال يتشدد في مسؤولية حارس الحيوان و اعتبر قرينة الخطأ الذي
بنيت عليها هذه المسؤولية قرينة قابلة للبينة المعاكسة ذلك أن الفصل 71ق ل ع ،لم يقتصر على
السماح لحارس الحيوان بأن يدفع المسؤولية إذا هو أثبت أن الحادث الذي سبب الضرر نتج عن ظرف
طارئ أو قوة قاهرة أو من خطأ المضرور ،بل أجاز له ان يتحلل من كل مسؤولية إذا هو اقام الدليل
على أنه اتخذ اإلحتياطات الالزمة لمنع الحيوان من إحداث الضرر ومراقبته ،و تجدر اإلشارة إلى أن
خطأ الغير يدخل في مفهوم القوة القاهرة و يصح أساس لدفع مسؤولية حارس الحيوان.
الفقرة الثانية :شروط مسؤولية حارس احليوان
– 1الشرط األول :جيب أن يتوىل شخص حراسة احليوان
يقتضي اإللمام بهذا الشرط تحديد معنى كل من الحراسة و الحيوان.
37
أ – احلراسة :القصد هنا السلطة الفعلية في الرقابة و التوجيه ،فحارس الحيوان الذي يتحمل
المسؤولية هو من يباشر بنفسه أو بواسطة تابعه سلطة فعلية في رقابة الحيوان و توجيهه ،و في ضوء
هذا المعيار يمكننا تقرير القواعد التالية.
-ليس الحارس ن يحوز الحيوان حيازة مادية ،ألن الحيازة شيء و الحراسة شيء آخر،
فالتابع كالسائس أو السائق له الحيازة المادية و لكنه ال يعتبر حارسا ألنه ال يملك السلطة الفعلية في
رقابة الحيوان وتوجيهه ،ثم إن الفصل 71ق ل ع ،ترتب المسؤولية على الحارس حتى في الحالة التي
يكون فيها الحيوان قد ظل أو تشرد أي حت في الحالة التي يكون فيها الحارس فقد الحيازة المادية
للحيوان.
-ليس الحارس من يتمتع بحيازة الحيوان حيازة قانونية فلو أن الحيوان سرق من مالكه فإن
الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه ،ويصبح هو المسؤول عن األضرار التي يحدثها
للغير.
-األصل أن مالك الحيوان هو الحارس ألنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الحيوان ،وعليه
إذا رفع المضرور الدعوى على المالك فال يكون عليه سوى أن يثبت أن المالك هو الحارس إذ يقوم هذا
اإلفتراض لص الحه ،بل يترتب على المالك أن يثبت أنه لم يكن هو الحارس وقت وقوع الضرر و
يستطيع أن يثبت ذلك بجميع الطرق.
ب – احليوان :لم يحدد الفصل 71ق ل ع الحيوانات التي يسأل حارسها عن الضرر الناشئ من
فعلها لذلك يجب أن يصدق هذا الفصل على أي نوع من الحيوان ،ال فرق في ذلك بين الحيوان
المستأنس الحيوان المتوحش ،إنما يشترط أن يكون الحيوان مملوكا ألحد من الناس ،أو على األصح
أن يتولى شخص حراسته ،أما الحيوانات التي توجد طليقة في عقار سواء كانت متوحشة أو غير
متوحشة فال يسأل مبداي مالك العقار أو مستأجره أو حائزه عن الضرر الذي تحدثه هذه الحيوانات إذا
لم يكن قد فعل شيئا لجلبها أو اإلحتفاظ بها في هذا العقار " الفصل 77فقرة أولى ق ل ع" .
غير أن الفصل 77فقرة ثانية ق ل ع أوجب المسؤولية في حاتين:
-إذا وجدت في العقار حضيرة أو غابة أو حديقة أو خاليا مخصصة لتربية أو لرعاية بعض
الحيوانات إما لغرض التجارة أو اإلستعمال المنزلي.
-إذا كان العقار مخصص للصيد.
– 2الشرط الثاني :جيب أن حيدث احليوان بفعله ضررا للغري
أ – فعل احليوان :يجب حتى تتحقق مسؤولية حارس الحيوان قد أتى فعال إيجابيا سبب إحداث
الضرر ،أما إذا كان دور الحيوان سلبيا كأن ارتطم أحد بحيوان واقف ويصاب بضرر فإن حارس
الحيوان ال تجوز مسائلته ألن الضرر في مثل هذه الحالة ال يعتبر من فعل الحيوان و اشتراط فعل
إيجابي من الحيوان ال يعني أن يكون الحيوان قد اتصل اتصاال ماديا بالمضرور بل يكفي أن يكون
السبب اإليجابي هو إحداث الضرر فل أن حيوان مفترس أفلت زمامه من يد حارسه و خرج إلى
الطريق العام فذعر شخص من المارة فسقط وجرح من غير ان يلمسه الحيوان ،فإن المضرور يعتبر
حارس الحيوان مسؤوال عن الضرر الذي لحق به ألن هذا الضرر يعتبر من فعل الحيوان.
38
ب – ضرر الغري :يسأل الحارس عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الحيوان الذي يكون تحت
حراسته كأن يدهس حيوان شخصا فيصيبه بجروح أو ينتقل إليه مرض معد من حيوان إلى أخر يملكه
الغير ،و يقصد بالغير كل شخص أجنبي ما عدا الحارس.
الفقرة الثانية :آثار مسؤولية حارس احليوان
إذا توافر الشرطان السابقان حق للمتضرر المطالبة بالتعويض من المسؤول المفترض أن الخطأ
صدر عنه أي الحارس ،وال يتحلل الحارس من مسؤوليته إال في حالتين:
-إذا أثبت أنه لم يخطئ ببرهنته على انه اتخذ جميع اإلحتياطات الالزمة لحراسة الحيوان و
منعه من اإلضرار بالغير.
-إذا اثبت أن الضرر الذي لحق المتضرر يرجع لقوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ
المتضرر.
فإذا صاحب خطـ المتضرر خطأ للحارس ،وزعت المسؤولية بينهما كما في الحالة التي يهمل
فيها الحارس ربط الكلب فيلحق بمستفزه و يعضه.
املطلب الثاني :مسؤولية حارس الشيء
خص المشرع لمسؤولية حارس الشيء الفصل 77من ق ل ع ،و قد أراد بهذا النص األخذ بيد
المضرور بغية تخفيف عبء اإلثبات عنه ،عندما يطالب بالتعويض عن األضرار التي تسببها له
اآلالت الميكانيكية و األدوات الخطيرة التي خلفها التطور الصناعي ،فهذا النص يعفي المضرور من
إثبات خطأ حارس الشيء الذي أحدث الضرر باعتبار أن مسؤولية الحارس تقوم على خطأ مفترض
من جانبه في رقابة الشيء األمر الذي يبرز خاصة في حوادث السير حيث كان يصعب على المضرور
إثبات خطأ السائق و بالتالي ضياع حقوقه و قرينته الخطأ المفترض التي بنيت عليها مسؤولية حارس
الشيء ،قرينة تقبل البينة المعاكسة ،وعليه قسمنا موضوعنا الى ثالث فقرات.
الفقرة األوىل :أساس مسؤولية حارس الشيء
– 1مسؤولية حارس الشيء قوامها اخلطـأ املفرتض
اختلفت اآلراء في تحديد أساس مسؤولية حارس االشياء فالبعض قال أن اساس هذه المسؤولية
هو تحمل التبعة ،فمن يستفيد من الشيء عليه تحمل تبعة الضرر الذي يحدثه للغير بسبب هذا الشيء،
والبعض اآلخر أفتى مسؤولية حارس الشيء قوامها الخطأ المفترض في جانب الحارس وهو خطأ في
الرقابة و عدم بذل العناية الخاصة التي تتطلبها حراسة الشيء وهذا هو الرأي الذي تبناه القضاء في
المغرب.
- 2دفع مسؤولية حارس الشيء
اعتبرت قرينة الخطأ الذي بنيت عليها هذه المسؤ ولية قرينة قابلة للبينة المعاكسة ،أما بالنسبة
لمسؤولية حارس الشيء ،فقد قرر اعتبار القرينة التي بنيت عليها قاطعة وال يجوز معها للمسؤول دفع
المسؤولية إال إذا أثبت الحارس أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر و أن هذا األخير يرجع إما
لظرف طارئ أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور ،ولما كان خطأ الغير يدخل في مفهوم الظرف الطارئ
و القوة القاهرة فإنه يصح أخذه بعين اإلعتبار في معرض دفع مسؤولية حارس الشيء ،ثم إن خطأ
39
المضرور ال يمكن اإلعتداد به في معرض دفع المسؤولية عن حارس الشيء إال إذا كان المضرور
ممن يتحمل بالمسؤولية التقصير ية لتمتعه باإلدراك و التمييز ،أما إذا كان المضرور عديم التمييز
بجنون أو صغر السن ،فال يستطيع حارس الشيء التمسك بخطأ المضرور لتجنب المسؤولية بل البد
له من إقامة الدليل على أن الضرر يرجع لظرف طارئ أو قوة قاهرة ،و تجدر اإلشارة إلى أن البينة
التي يدلي بها حا رس الشيء لدفع المسؤولية عنه يعود تقديرها لقاضي الموضوع و ال رقابة عليه في
تكوين قناعته.
الفقرة الثانية :شروط مسؤولية حارس الشيء
– 1الشرط األول :جيب أن يتوىل شخص حراسة الشيء
أ – احلراسة :يقصد بالحراسة السلطة الفعلية في الرقابة و التجيه و التصرف ،فحارس الشيء
هومن له السلطة الفعلية في رقابته توجيهه ،و في ضوء هذا المعيار يمكن تقرير القواعد التالية:
-ال يتحتم أن يكون الحارس من يتمتع بالحيازة القانونية فلو أن الشيء سرق من مالكه فإن
الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه.
-األصل أن مالك الشيء هو الحارس ألنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الشيء عليه إذا
رفع المضرور الدعوى على المالك فال يكون عليه أن يثبت أن المالك هو الحارس إذ يقوم
اإلفتراض لصالحه.
-يعتبر بائع الشيء قبل التسليم هو الحارس فال تنتقل الحراسة إلى المشتري إال بالتسليم.
-تنتقل الحراسة من المالك إلى صاحب حق اإلنتفاع و المرتهن رهن حيازة كما تنتقل في
المنقول إلى المستأجر.
-إذا انتقل الشيء إلى يد التابع فاألصل أن تبقى الحراسة للمالك ألنه هو الذي يملك السلطة
الفعلية في التوجيه و ال تصرف في أمر الشيء ،أما إذا خول المالك التابع حق التوجيه و
التصرف في أمر الشيء فالتابع يصبح هو الحارس وكذلك إذا استعمل التابع الشيء لمنفعته
الشخصية انتقلت الحراسة إليه.
-يعتبر معلم القيادة هو الحارس للسيارة أما من يتعلم القيادة فال يعتبر حارسا.
ب -الشيء :ير اد بالشيء في هذا المقام كل شيء مادي غير حي شرط أن يكون رد بشأنه نص
خاص ،وعليه تخرج من هذا النطاق األشياء غير المادية تقع تحت الحس ،و تخرج أيضا المباني فيما
يتعلق باألضرار التي تنجم عن انهيار ها أو تهدمها الجزئي بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في
البناء ،كم ا يخرج ما هو معتبر جزء من العقار كاألشجار و العقارات بالتخصيص فيما يتعلق
باألضرار التي تنجم عن سقوطها أو تهدمها الجزئي.
والشيء المقصود هنا يستوي أن يكون منقوال كالسيارة ،أو عقارا كالمباني واألشجار ،و ق ل ع
إذ قرر مسؤولية حارس الشيء عن األضرار التي يمكن أن يحدثها للغير لم يميز بين أن يكون الشيء
خطرا أم غير خطر ،فمجرد كون الشيء أحدث ضررا للغير يدل على أنه شيئا خطرا في الظروف
التي حصل فيها الضرر و أن حراسته تتطلب عناية خاصة ،هذا فضال على أن التمييز بين االشياء
الخطرة و غير الخطرة يصعب عمل يا تطبيقه ،فمثال فاص من الزهورليس خطرا لكنه يصبح خطرا إذا
وضع في شرفة طابق علوي و سقط على رأس أحد المارة.
40
– 2الشرط الثاني :جيب أن حيدث الشيء ضررا للغري
أ – فعل الشيء :يعتبر الضرر ناشئا بفعل الشيء إذا كان الشيء قد تدخل تدخال إيجابيا تسبب في
إحداث الضرر و التدخل اإليجابي يقتضي أن يكون الشيء في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث
الضرر ،أما إذا مات دور الشيء سلبيا كأن يرتطم شخص بسيارة واقفة و يصاب بسبب ذلك بجروح
هنا ال يكون الضرر من فعل الشيء.
ب – ضرر للغري :يسال الحارس عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الشيء الذي هو تحت حراسته
كأن تدهس السيارة أحد المارة و تكسر ساقه ،والغير المقصود هنا كل من غير الحارس فقد يكون الغير
أجنبيا عن الحارس ،وقد يكون تابعا للحارس ،وقد يكون مالك الشيء إذا كان الشيء في حراسة شخص
غير مالكه.
على أن شرطا أساسيا يجب أن يتوفر في الغير األجنبي عن الحارس حتى يستطيع مسائلة
الحارس على اساس قرينة الخطأ المنصوص عليها في الفصل 77ق ل ع ،هو أن يكون الضرر قد
لحق به دون ان يكون اشترك في استعمال الشيء ،و تجدر اإلشارة إلى أن مسؤولية حارس الشيء
تنتقل من مسؤولية تقصيرية إلى مسؤولية عقدية إذا وجد تمت عقد بين المضرور و الحارس و كان
الضرر قد حصل بمناسبة تنفيذ هذا العقد ،فالناقل يكون مسؤوال عن سالمة الركاب ف حالة الضرر
مسؤولية عقدية ل مسؤولية تقصيرية ،و تتقادم دعوى المسؤولية ب 69سنة حسب الفصل 977من
ق ل ع.
الفقرة الثالثة :آثار مسؤولية حارس الشيء
إذا توافر الشرطان تحققت مسؤولية الحارس وحق على المتضرر أن يطالب بالتعويض وذلك
سواء كان هذا المتضرر أجنبيا عن الحارس ،أم كان تابعا له من الذين عهد ‘ليهم بحفظ الشيء أو
استخدامه ،مادام أن ع ملهم لحسابه ،بل إن المتضرر يمكنه مطالبة الحارس بالتعويض حتى لو كان هو
المالك ،في الحالة التي تكون حراسة الشيء بيد غير مالكه.
املطلب الثالث :مسؤولية مالك البناء
خص المشرع لمسؤولية مالك البناء عن األضرار الناجمة عن انهيار البناء أو تهدمه الجزئي
الفصلين 74و 40من ق ل ع.
و ينص الفصل 74في الفقرة األولى على أنه :
" يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي ،إذا وقع هذا أو ذاك
بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء ،ويطبق نفس الحكم في حالة السقوط أو التهدم
الجزئي لما يعتبر جزءا من العقار ،كاألشجار واآلالت المندمجة في البناء والتوابع األخرى المعتبرة
عقارات بالتخصيص ،وتلزم المسؤولية صاحب حق السطحية ،إذا كانت ملكية هذا الحق منفصلة عن
ملكية األرض".
41
الفقرة األوىل :أساس املسؤولية عن تهدم البناء
من خالل قراءة نص الفصل 74ق ل ع يتبين أن هذه المسؤولية مبنية على خطأ مفترض في
جانب المالك أو من يتولى رعاية العقار ،إال أن افتراض هذا الخطأ في صف المالك ال يعني أن
المضرور يعفى من كل إثبات ،إذ يجب عليه أن يقيم الدليل على أن الضرر الذي اصابه كان نتيجة
لتهدم البناء كليا أو جزئيا ،و أن هذا التهدم كان بسبب القدم أو نقصان الصيانة أو عيب في البناء ،و
تحمل المضرور لهذا العبء في اإلثبات هو الذي جعل جانب مهما من الفقه المعاصر يتردد في قبول
فكرة الخطأ المفترض كأساس لهذه المسؤولية.
و يحق للمالك أن يدفع عنه هذه المسؤولية بإثبات أحد األمرين:
-األمر األول :أن يقدم الدليل على أن التهدم سواء كان كليا أو جزئيا لم يكن وليد العيب في
البناء أو نقصان في الصيانة بل ألسباب أخرى غير تلك المذكورة في الفصل 74ق ل ع ،
كأن يثبت أن التهدم كان نتيجة اندالع حريق.
-األمر الثاني :يتعلق باألحوال التي يقع فيها التهدم بسبب أجنبي كالزلزال أو انجراف التربة
وكل ما يدخل في إطار القوة القاهرة و الحادث الفجائي.
الفقرة الثانية :شروط حتقق املسؤولية عن تهدم البناء
لتقوم المسؤولية يجب أن يكون هناك ضرر ناشئ عن انهيار البناء أو تهدمه ،و يشمل البناء
حسب الفصل 74من ق ل ع كل المنشئات المتصلة باألرض سواء كانت قائمة فوق سطح األرض أو
كانت قائمة في باطنها ،أو الملحقات االخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص ،أما اإلنهيار أو التهدم
فيقصد به سقوط المنشئات و يكفي انفصال حجر أو شيء مما يتكون البناء يعتبر المالك أو الحارس
لذلك العقار مسؤوال إذا ما نتج عن تهدمه ضرر للغير.
– 2أن يكون التهدم نتيجة القدم أو عجم الصيان أو عيب يف البناء
أما إذا كان اإلنهيار ناتجا عن انفجار أو حريق ،ال تقوم المسؤولية على اساس تهدم البناء و أنما
على اساس مسؤولية حارس الشيء إذا كان السقوط مباشرة بعد الحريق ،أما إذا تم بعد مدة غير
قصيرة فإن الضرر يعتبر نتيجة لتهدم البناء ولو كان سببه األصلي هو اإلنفجار أو الحريق.
الفقرة الثالثة :التدابري الوقائية لدرء تهدم الناء
نص الفصل 40من ق ل ع بأنه يحق لمالك العقار الذي يخشى ألسباب معتبرة انهيار بناء
مجاور أو تهدمه الجزئي أن يطلب مالك البناء أو من يكون مسؤوال عنه وفق أحكام الفصل 74ق ل ع
اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع وقوع اإلنهيار.
42
أما عن طبيعة هذه التدابير الوقائية ،تختلف باختالف نوعية الخطر الذي يهدد البناء فقد تكون
أعمال التدعيم و الترميم كافية إلصالح العيب الذي اشتكى منه المضرور.
إال أن هناك من الحاالت ما يستلزم هدم البناء و أعادة تشييده من جديد ،و في كل األحوال فإنه
يتعين على المالك أن يبادر إلى تنفيذ هذه اإلجراءات الوقائية قبل وقوع الضرر أي في الفترات التي
يتسع فيها عامل الوقت لتدارك الخطر الذي يهدد البناء باإلنهيار الكلي أو الجزئي.
الفقرة الرابعة :آثار املسؤولية عن تهدم البناء
إذا توافرت الشروط السابق ذكرها ،حق للمتضرر أن يطالب بالتعويض وفقا ألحكام الفصل
74ق ل ع ،من دون إثبات خطأ في جانب المالك أو متعهد البناء و إنما يكفيه إصابته بالضرر ،وأن
ذلك الضرر نتيجة إل نهيار البناء أو تهدمه ،أي يكفيه أن يثبت الضرر و رابطة السببية بينه بين سبب
التهدم ،أي أن هناك افتراض لصالحه.
43
الفصل الثالث :املسؤولية املدنية
عن خماطر املنتجات املعيبة
أصدر المشرع المغربي مؤخرا مجموعة من القوانين ذهبت كلها في اتجاه حماية المتضرر ،كقانون
حماية المستهلك ،ومدونة االدوية والصيدلة ،والقانون الخاص بالمسؤولية المدنية لمستغلي المنشئات
النووية ،وأخيرا القانون رقم 90.42المتمم لقانون اإللتزامات والعقود والمحدث لمسؤولية المنتج عن فعل
منتجاته المعيبة والذي يعد ترجمة حرفية لنصوص القانون الفرنسي رقم 28/982الصادر بتاريخ 92ماي
، 9228خاصة وأن المغرب كان مجبرا على إصدار هذا القانون لكونه وقع مع االتحاد األوروبي إتفاقية
الشريك المتقدم ،هاته اإلتفاقية التي ألزمته بمالئمة قوانينه مع التوجهات األو روبية وهو ما جاء في الورقة
التقديمية لهذا القانون من طرف وزارة التجارة الخارجية أمام اللجنة التشريعية بالمغرب.
أما بخصوص أ همية الموضوع فتتبين في المصاريف التي تنفقها الدولة على المتضررين من
المنتجات المعيبة خاصة عند حدوث أمراض خطيرة كالسرطان مثال ،فعدم اإلحاطة بالمخاطر التي تحدثها
هاته المواد قد ال يؤدي إلى اإلضرار بالشخص فقط بل يتعداه الى اإلقتصاد الوطني برمته ،إضافة الى
حماية أرواح الناس من خطر هذه المنتجات.
إذا كانت المسؤولية المدنية ال تقوم في إطار قانون رقم 90.42إال بتوافر عنصر العيب.
إ ذن فما المقصود بالعيب في المنتوج سواء في القانون المغربي أو في التشريعات المقارنة ؟
وما هو االساس القانوني لمسؤولية المنتج ؟
45
املطلب الثاني :مفهوم العيب و مظاهره
تطرق المشرع المغربي للمنتوج المعيب من خالل الفصل 9- 941من ق ل ع بالقول " :ينطوي
منتوج على عيب عندما ال يتوفر على السالمة التي من المعقول توخيها منه و ذلك اخذا بعين االعتبار كل
الظروف و ال سيما :
أ -تقديم المنتوج
ب -اإلستعمال المرتقب من المنتوج
ج -وقت عرض المنتوج في السوق ....
فالعيب حسب تعبير هذا الفصل هو ذلك الذي يؤدي الى انعدام السالمة أي أنه يعرض سالمة
المستهلك أو المستعمل للخطر .
و بالرجوع الى الفصل 5من قانون 90.42نجده يعرف المنتوج السليم بكونه ذلك المنتوج الذي ال
يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال العادية ،أو التي كان من المعقول توقعها بما في ذلك مدة اإلستعمال،
وعند االقتضاء شروط التشغيل و التركيب و الحاجة الى الصيانة أو يشكل فقط أخطارا محدودة تتالءم مع
استعمال المنتوج ،و تعتبر مقبولة في إطار التقيد بمستوى عال من الحماية لصحة و سالمة االشخاص أو
الحيوانات األليفة أو الممتلكات أو البيئة.
فالمالحظ هو أن العيب الذي نص عليه المشرع المغربي في الفصل 502من ق ل ع و المتعلق
بضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع ،ليس هو العيب المنصوص عليه في الفصل 9- 941من نفس
القانون و ال حتى في القانون رقم ، 90.42فالعيب في هذا األخير يتعلق بإخالل المنتج باإللتزام العام
بالسالمة الملقى على عاتقه ،فالعيب الذي يقيم مسؤولية المنتج ليس فقط هو ذلك الذي يصيب المنتوج في
ذاتيته و ينقص من قيمته و منفعته ،بل هو ذلك الذي لم يوفر السالمة المتطلبة قانونا.
و اإللتزام العام بالس المة الملقى على عاتق المنتج هو إلتزام قانوني ،يجد أساسه في مقتضيات
الفصل 0من قانون 90.42التي جاء فيه "يلزم منتجو و مستوردو المنتوجات و كذا مقدمو الخدمات باال
يعرضوا في السوق اال المنتوجات أو الخدمات السليمة كما هي معرفة طبقا ألحكام هذا الباب"
فمفهوم العيب في المنتوج قد يتجاوز الجانب التقني المتمثل في ضمان أداء المنتوج لوظائفه بصورة
صريحة ،إ لى توفير الحماية الالزمة في أقصى صورها و هذا يعني أن كل تقصير في ضمان عدم إحداث
المنتوج للضرر قد يعتبر عيبا فيه .
46
الفقرة الثانية :مظاهر العيب
إن إثارة مسؤولية المنتج متوقفة على إثبات المضرور للضرر الذي لحقه من جراء المنتوج المعيب
و قد حاو ل المشرع المغربي توضيح بعض مظاهر هذا العيب سواء من خالل الفصل 9- 941ق ل ع أو
الفصل 5من القانون 90.42حيث افترض القانون الخطأ في جانب المنتج تيسيرا على المضرور إلثبات
الضرر و العالقة السببية بينه و بين العيب و فيما يلي بيان لبعض مظاهر هذا العيب.
يتعلق هذا العيب أساسا في الخطأ الفني الناتج عن عدم مسايرة التصميم لما بلغه التقدم العلمي ،كعدم
إلتزام صانع الطائرة بتصميم منتوج آ من و صالح للمالحة الجوية وفقا لالستخدام العادي و المتوقع لها ،
ويلتزم المنتج ببذل العناية الالزمة بوصفه محترفا و يجب عليه بذل كل العناية و الحرص كغيره من
المحترفين في الظروف نفسها.
و تنصب العيوب في التصميم في عدم االستخدام الكافي للمواد التي صممت بها المنتجات بالدرجة
التي تحقق األمن و األمان لألشخاص و االموال.
إن خطأ المنتج مرتبط أ ساسا بعملية تصنيع المنتوج بطريقة معيبة يجعله غاية في الخطورة لمن
يستخدمه كان يهمل الصانع اتخاذ جميع االحتياطات الواجبة لتفادي ظهور أية عيوب في صناعتها و ذلك
بسوء اختيار المواد الداخلة في التصنيع أو سواء في التركيب أو التجميع و بالتالي ال بد على المنتج
المحترف ان يقوم بتجريب منتجاته بالقدر الكافي قبل طرحها في األسواق أو إجراء الرقابة عليها من طرف
هيئة تابعة للشركة المنتجة أو هيئة خارجية تتكفل بعملية الفحص أو الرقابة التقنية .
- 3العيب يف التحذير
يلتزم المنتجون للمنتجات ذات الطبيعة المع قدة و التي تتطلب دقة كبيرة في استعمالها ان يصرح بهذه
الطبيعة الخطرة لها كما يلزم باإل فضاء بالمعلومات المتعلقة بكيفية استعم ال هذا المنتوج استعماال صحيحا
و التحذير مما قد ينتج عن استعماله من مخاطر أو اضرار و التحذير م ن عدم مراعاة احتياطات الحيازة
واإلستعمال وهذا اإللتزام بالتحذير هو إلتزام شخصي يجب على الصانع أو المنتج أو المحترف القيام به
بنفسه و ال يجوز ان يركن به للغير أو للموزع و إال عد مهمال .
و قد تضم هذه المرحلة التي يقوم بها كل متدخل من غير المنتج األصلي للمنتوج أخطاء تقوم على
أساسها مسؤولية هذا األخير و يتعلق األمر هنا بخطأ في التعبئة و التغليف ،أو بتقصير في تخزين المنتوج
و المحافظة عليه وفق الشروط التي يتطلبها حفظه و تخزينه وكذا الخطأ في تسليم المنتوج عندما يتعلق
47
األمر بمنتوجات يتطلب تسليمها مراعاة قواعد التسليم و التي تقتضي اتخاذ كافة اإلحتياطات حتى ال يحدث
ضرر للشخص الذي تسلم هذه المنتجات.
إن البحث في األساس القانوني لمسؤولية المنتج ال زالت تمثل محور دراسات الباحثين و هي
تتأ رجح بين فكرتين اساسيتين و هما :فكرة خطا المنتج وفكرة المخاطر أو تحمل التبعة .
إن إثارة مسؤولية المنتج على أساس فكرة الخطأ تتوقف على إثبات المضرور لهذا الخطأ و نسبته
للمنتج أي انحرافه في سلوكه و عدم توخيه اليقظ ة و الحرص و التبصر الموازي لمثله من المهنيين في
مواجهة المدين الذي يفتقد بالضرورة للدراية الكافية .
فالضابط الذي يتعين على المنتج عدم االنحراف عنه هو العناية التي تقتضيها أصول المهنة و التي
جرى القضاء الفرنسي على تقديرها بالسلوك المألوف من أواسط المنتجين علما و دراية و يقظة و بالتالي
فان السلوك المتبصر المتطلب في المنتج يمثل إلتزاما قانونيا يقع على عاتقه بعدم اإلخالل به أو الخروج
عن دائرته فالمفروض في المهني أو المنتج أ نه شخص مختص له معلومات كافية عن العمل و يحوز
وسائل تقنية ال يمت لكها االفراد العاديين.
لكن مسالة إثبات الخطأ و نسبته للمنتج في إطار هذه النظرية أضحت مسألة مستعصية بالنظر
للتطور الصناعي و التكنولوجي التي عرفته البشرية و الذي انعكس بالتالي على المنتوجات و الخدمات .
أما فكرة المخاطر أو تحمل التبعة و التي ظهرت نتيجة قصور فكرة الخطأ ،فمؤداها أن كل نشاط
يمكن أن ينتج ضررا يكون صاحبه مسؤوال عنه ،إذا تسبب هذا النشاط في إيقاع ضرر بالغير ،و لو كان
سلوكه غير مشوب باي خطأ ،بحيث ال تشترط أن يكون الضرر ناشئ عن انحراف في سلوك المنتج حتى
يلزم بالتعويض ،و إنما يكفي أن يكون الضرر قد وقع نتيجة نشاطه ،و بالتالي فأساس هذه النظرية هو
الضرر و ال تقيم أي وزن للخطأ ،فالعبرة بالضرر الذي لحق الضحية و الذي يجب جبره ما لم يرجع ذلك
لخطأ المضرور نفسه ،و تكون المسؤولية في ظل هذه النظرية مسؤولية موضوعية تتجاهل تماما سلوك
الشخص الذي يتحمل تعويض الضرر الذي لحق الضحية .
و لعل هذا هو المنحى الذي سار عليه المشرع المغربي في تقريره لمسؤولية المنتج على اساس فكرة
تحمل التبعة أو المخاطر ما دام اشترط على المضرور الستحقاق التعويض إثبات الضرر الذي لحقه من
48
المنتوج المعيب و ليس إثبات الخطأ في جانب المنتج ،و هذا ما عبر عنه صراحة من خالل الفصل 2-941
من ق ل ع .
عالج المشرع المغربي أساس مسؤولية المنتج و عناصرها في الفصل 2- 941من ق ل ع .حيث
نجده ينص على أنه "يجب على الضحية الستحقاق التعويض إثبات الضرر الذي لحقه من المنتوج
المعيب" فمتى ثبت ضرر للضحية نتيجة منتوج معيب إ ال و تقررت مسؤولية المنتج و استحق المضرور
التعويض .
فالمالحظة األساسية هنا هو أن المشرع المغربي حافظ على عناص ر المسؤولية التقليدية الثالثة
وهي :الخطأ المتمثل في العيب و الضرر و العالقة السببية بينهما و سنتطرق لكل عنصر على حدة .
إن مسؤولية المنتج تقوم بسبب وجود عيب في المنتوج و قد سبق تحديد ما المراد بالمنتوج المعيب
في إطار مقتضيات القانون . 90- 42
فالعيب هنا ال يتعلق فقط بوجود خلل في المنتوج فقد ال ينطوي المنتوج على أي عيب ،و لكن
مسؤولية المنتج تنعقد بمجرد أ ن تتعرض سالمة مستعمل المنتوج للخطر سواء تعلق األمر بالسالمة
الجسدية أو العقلية و هو ما عبر عنه المشرع المغربي بالمنتوج الخطير من خالل التعريفات التي أوردها
بالفصل 9من قانون ، 90- 42حيث اعتبر المنتوج ال خطير هو كل منتوج ال ينطبق عليه تعريف المنتوج
السليم المنصوص عليه في الفصل 5من هذا القسم ،و بالرجوع الى الفصل 5نجده يعتبر أن المنتوج
السليم هو الذي ال يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال و التركيب و الحاجة الى الصيانة ،أو يشكل فقط
أخطار محدودة تتالءم مع استعم ال المنتوج و تعتبر مقبولة في إطار التقيد بمستوى عال من الحماية لصحة
و سالمة االشخاص و الحيوانات االليفة أو الممتلكات أو البيئة.
- 9حصول الضرر
لم يحدد المشرع المغربي ما المقصود بالضرر في القانون 90- 42مما يتعين معه الرجوع الى
المقتضيات العامة لتحديد مضمونه و نطاقه .
و بالرجوع ق ل ع نجده يعرف الضرر في الفصل 28بالباب المتعلق بالمسؤولية التقصيرية بالقول
" الضرر في الجرائم و اشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعال و المصروفات الضرورية التي
اضطر أو سيضطر الى انفاقها إل صالح نتائج الفعل الذي ارتكب اضرارا به و كذلك ما حرم منه من نفعه
في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل "
49
فالمنتج و حسب القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية يكون مسؤوال عن تعويض األضرار المادية
سواء أصابت المضرور في جسده ترتبت عنها إما وفاته أو أصابته بجروح أو عجز أو تشويه أو التي
أصابت امواله و ممتلكاته ،كما يكون مسؤوال عن تعويض األضرار المعنوية التي أصابت المضرور من
جراء اآلالم التي المت به ،أو تلك التي أ صابت ذويه في حالة وفاته ،و هذا ما عبر عنه المشرع المغربي
في الفصل 94- 941ق ل ع بالقول " يجب على الشخص المسؤول اصالح كل االضرار التي تعرضت لها
الضحية "
كما هو عليه االمر في كل صور المسؤولية يتعين على المضرور ان يثبت العالقة السببية بين الخطأ
-و المتمثل في العيب -و الضرر ،و بذلك يتعين على المتضرر من المنتوج المعيب ان يثبت العالقة بين
الضرر الذي أ صابه و العيب الموجود بالمنتوج ،فعبء اإلثبات ملقى على عاتق الضحية المضرور ،و هو
ما عبر عنه صراحة الفصل 2-941من قانون ق ل ع بعبارة "إثبات الضرر الذي لحقه من المنتوج
المعيب "
إذا كانت القاعدة العامة هي أن مسؤولية المنتج تعد كاملة عن األضرار التي وقعت للضحية بسبب
المنتوج المعيب ،فإن لهذه القاعدة بعض اإلستثناءات تجعل منها تتدرج من التمام الى النقصان
فاالنتفاء ،لذلك سنعرض كل مرحلة على حدة.
تعتبر المسؤولية الكاملة هي األصل ،فمتى أثبت المتضرر حصول الضرر والعالقة السببية القائمة بينه
وبين العيب ،إال وكان المنتج متحمال للمسؤولية ومطالبا بإصالح كل األضرار التي تعرضت لها الضحية
حسب الفصل 941من ق ل ع .
كما يعتبر المشرع المغربي أن المسؤولية تكون قائمة اتجاه الضحية حتى وإن وقع الضرر بسبب
وجود الغير الذي ساهم فيه بمقتضى الفصل 99- 941ق ل ع الذي ينص على" :انه ال تنقص مسؤولية
المنتج اتجاه الضحية بسبب وجود الغير الذي يساهم في وقوع الضرر" ليكون بذلك المشرع قد خالف
التوجه الذي استقر عليه الفقه والقضاء من خالل اعتبار فعل الغير سببا أجنبيا قادرا على إعفاء المدعى
عليه إعفاءا كامال من المسؤولية إذا كان هو السبب الوحيد في حصول الضرر ،أو إعفاءا جزئيا إذا ساهم
إلى جانب عوامل أخرى يكون لها دورا في حصول الحادث وتحقق الضرر.
50
وبهذا المقتضى يكون المشرع قد ميز بين خطا المتضرر وخطا الغير ،حيث يعتبر األول مؤثرا على
مسؤولية المنتج كليا أو جزئيا بالمقابل لم يتبنى نفس النهج ازاء مساهمة الغير في احداث الضرر الالحق
بالضحية.
وعليه يمكن القول ان قانون رقم 90.42أراد حماية الضحية ألن المنتج يمكنه الرجوع على الغير
الذي ساهم في وقوع الضرر ولكن بعد تعويضه له ،هذا فضال على أن المشرع المغربي يعتبر ان المنتج
يكون مسؤوال عن العيب حتى وان صنع المنتوج في إطار احترام كل القواعد والمقاييس الموجودة ورغم
حصول المنتج على ترخيص إداري حسب تعبير الفصل 8- 941ق ل ع.
تطرق المشرع المغربي لهذه الحالة من خالل الفصل 99- 941ق ل ع بالقول ":يمكن ان تنقص
مسؤولية المنتج أو تلغى مع مراعاة كل الظروف إذا كان السبب ناتجا في آن واحد عن عيب في المنتوج
وخطا الضحية ،أو شخص يكون الضحية مسؤوال عنه"
فمتى ثبت أن الضرر كان ناتجا عن عيب في المنتوج واقترن بخطأ الضحية المتضرر فإن مسؤولية
المنتج تتأثر إما بالنقصان أو االنتفاء وتستدعي هذه القاعدة فرضيتين وهما:
األولى :أن يستغرق خطأ المتضرر عيب المنتوج وهنا تنتفي مسؤولية المنتج تماما .
الثانية :أن يشترك خطأ المتض رر والعيب الوارد في المنتوج في إحداث الضرر وفيها تنقص
مسؤولي ة المنتج بمدى مساهمة الضحية في إحداث الضرر الالحق به ،وتخضع نسبيا لمساهمة كل
الطرفين ،كما تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يشطر المسؤولية بينهما.
وخالفا لهذه القاعدة فإن مسؤولية المنتج تنقص إذا كان خطأ الشخص الذي يكون الضحية مسؤوال
عنه أو تلغى حسب األحوال وتدخل هذه الحالة ضمن المسؤولية عن فعل الغير.
عالج المشرع هذه األسباب في الفصل 2- 941من ق .ل ع لكن بشرط إثباتها ،وهي كالتالي :
- 9أنه لم يقم بعرض المنتوج في السوق .
- 9أن العيب ال ذي تسبب في الضرر لم يكن موجودا أثناء عرضه للمنتوج في السوق أي أنه ظهر
الحقا .
- 9أن المنتوج لم يتم صنعه بهدف البيع أو أي شكل آخر من أشكال التوزيع ألغراض تجارية ولم يتم
صنعه أو توزيعه في إطار نشاطه التجاري.
- 0أن العيب راجع لمطابقة المنتوج للقواعد اإللزامية الصادرة عن السلطات العمومية.
- 5أنه لم يكن ممكنا اكتشاف العيب بالنظر إلى ما وصلت إليه حالة المعرفة العلمية والتقنية أثناء
عرض هذا المنتوج في السوق.
51
هذا الى جانب الحادث الفجائي و القوة ال قاهرة التي سكت المشرع عن تنظيم أحكامها ،وبالتالي فبقيت
خاضعة ألحكام ق .ل .ع.
وعيا من المشرع المغربي بالشروط التعسفية التي قد يلجا المنتج الى تضمين العقد لها والتي تعفيه أو
تنقص من مسؤوليته مستغال بذلك سلطته االقتصادية ،نص في الفصل 99- 941على عدم إمكانية إعفاء
المنتجين مما يعني أ ن المشرع جعل المشرع التقليص منها معتبرا تلك الشروط باطلة ،إال أن هذا البطالن
يقتصر على الشروط فقط مع بقاء العقد صحيحا.
وفي الختام هناك أمر مهم ال يجب ان نغفله في هذا الموضوع هو أن الفصل 88ق ل ع فيه حماية أكثر
للمستهلك المتضرر رغم أن المسؤولية فيه مفترضة والحال أ نها في قانون 90.42مسؤولية بقوة القانون
لكن رغم ذلك فهناك اسباب عديدة تنتفي فيها مسؤولية المنتج ويبقى المتضرر فيها بدون حماية.
52