You are on page 1of 79

‫أهدي معيل املتواضع هذا اىل لك من ‪:‬‬

‫وادلي احلبيب اذلي ما انفك يوما عن بذل أقىص طاقاته و اماكانته يف‬
‫سبيل ولويج ابب العمل و صعودي سمل املعرفة بغية وصويل أعىل درجاهتا‬
‫والرتبع عىل منربها و أرجو أن أكون قد وفقت يف حتقيق جزء من أحالمه‬
‫الراقية و مساعهيا ‪.‬‬
‫وادليت العزيزة اليت سهرت يف سبيل راحتنا و هيأت لنا لك س بل النجاح ‪.‬‬
‫أخيت مرمي اليت رافقتين يف مسرييت ادلراس ية و مل تدخر هجدا يف سبيل‬
‫مساعديت و ارشادي منذ اليوم الول اذلي وطئت فيه قديم هذه اللكية‪.‬‬
‫صديقيت رابب و رفيقيت يف ادلراسة و احلياة اليت مل تبخل عليا يوما جبود‬
‫عطاءها و حهبا و مل تبخل عليا مبساعدة يوما ‪.‬‬
‫أخواي أمحد و خادل الذلان ما انكفا يوما عن تشجيعي عىل بلوغي أهدايف‬
‫ومبتغااي ادلرايس‪.‬‬
‫لك صديقايت و زمياليت و أساتذيت اذلين رافقوين يف مسرييت ادلراس ية‬
‫وجعلوا من وصويل اىل نبع النجاح أمجل و أيرس ‪.‬‬
‫أقول للجميع شكرا‬
‫و ما توفيقي إال باهلل رب العالمين‬
‫أتقدم بالشكر إلى أستاذي‬

‫'' فتحي الحامدي ''‬


‫لتفضله باإلشراف على هذا العمل‬

‫كما أتقدم بالشكر إلى أعضاء اللجنة الكرام الذين تفضلوا بالموافقة‬
‫على مناقشة موضوع هذا العمل‬

‫كما ال يفوتني كذلك أن أشكر أساتذتي الذين ساهموا في تكويني‬


‫طيلة فترة دراستي الجامعية ‪...‬‬
‫المخطط‪:‬‬
‫المقدمة‬

‫العنوان األول ‪ :‬أركان قيام حالة الدفاع الشرعي‬

‫المبحث األول ‪ :‬شروط الدفاع الشرعي‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬موانع إعتماد الدفاع الشرعي‬

‫العنوان الثاني ‪ :‬آثار القيام بفعل الدفاع الشرعي‬

‫المبحث األول ‪ :‬سلطة المحكمة في تقدير حالة الدفاع الشرعي‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬سلطة المحكمة في ترتيب العقوبة‬

‫الخاتمة‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫المقدمة‬

‫‪1‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫إن الجريمة هي إحدى الظواهر اإلجتماعية التي حتى و إن لم تكن قدرا محتوما في حياة‬
‫الفرد فإنها حتما قدر محتوم في حياة المجموعات و الشعوب و حيث أن الجريمة إجتماعيا‬
‫تعتبر إعتداء على المصلحة العامة و النظام العام و المجتمع المدني ككل أكثر منها إعتداء على‬
‫الفرد لهذا تخول القوانين مباشرة الدعوى العمومية بإسم الدولة و المجتمع وبواسطة النيابة‬
‫العمومية ‪ ،‬فالدولة هي التي تحمي أموال و أرواح الناس و توكل مهمة العقاب للسلطة ال للفرد‬
‫‪ ،‬إال انه و في هذا اإلطار و حين عجز السلطة و الدولة عن حماية الفرد في لحظة قد يتعرض‬
‫فيها لخطر سينجر فيها عن تخلي هذا الفرد عن مهمة حماية نفسه أو ماله و إيكالها للدولة‪ ،‬إلى‬
‫وقوع جرائم تعجز الدولة في حد ذاتها عن تالفي أضرارها الحاصلة و تعد على حقوق يصعب‬
‫أو يستحيل إرجاعها و "حيث تتفق اإلنسانية جمعاء على انه عند حلول خطر يهدد النفس‬
‫البشرية سواء أكان ذلك الخطر موجها لإلعتداء على النفس أوعلى المال ‪ ،‬على ضرورة تحرك‬
‫السلوك المادي و النفسي لوقف ذلك الخطر المتوقع أو دفعه من أجل المحافظة على الحياة أو‬
‫حماية المال من الهالك‪ .‬و يبذل الفرد في سبيل تحقيق ذلك أقصى ما في وسعه من جهد‪ ،‬إما‬
‫بذاته و إما بما خصصه لذلك من أجهزة آلية للدفاع عن نفسه و اله"‪.1‬‬

‫و لذلك فإن "حق الدفاع الشرعي يعتبر ضمن الحقوق العامة لإلنسان التي تكلفها الشرائع‬
‫و القوانين لما يحققه من غاية إجتماعية فاإلعتداء على اإلنسان في أي صورة كانت سواء على‬
‫‪2‬‬
‫جسده أو ماله هو مخالفة لقواعد القانون و األخالق يحوي بين طياته عدم اإلعتراف بالحق"‬

‫و يعني مصطلح الدفاع رد و منع و دافع عنه حامى و إنتصر له و دافع عنه األذى أبعده‬
‫ونحاه و الدفاع عن النفس حالة من يضطر إلى اإلقدام على فعل لحماية نفسه و حق الدفاع عن‬
‫النفس يعني الحق في حماية النفس من العنف أو التهديد بأية قوة أو وسيلة ضرورية أما بالنسبة‬
‫لمصطلح الشرعي فهو إسم مذكر منسوب إلى شرع فهو يعني ما إستعمله الشارع أو المشرع‬

‫النظرية العامة لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي ‪ :‬محمد نعيم فرحات_الناشر دار النهضة العربية ‪ 1981‬المطبعة العربية الحديثة صفحة ‪51‬‬
‫المرجع السابق صفحة ‪72‬‬

‫‪2‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫في معنى خاص ‪ ،‬و الدفاع الشرعي هو حق يعطيه القانون للشخص بحيث يبيح له اإللتجاء‬
‫‪3‬‬
‫إلى قدر من القوة لمنع خطر اإلعتداء على نفسه و ماله أو على نفس الغير و ماله‪.‬‬

‫أعتبر الدفاع الشرعي من أقدم أسباب اإلباحة التي عرفتها القوانين الجنائية عبر العصور‬
‫حيث يرى أن قدمه قدم ظهور العقد اإلجتماعي حيث أن هذا العقد يعتبر أول من بدأ بتنظيم‬
‫حياة الشعوب مما جعلهم يتخلون عن حالة الفوضى و ينضوون تحت حاكم و سلطة سياسية و‬
‫قوانين و هي في المقابل ستمنع عن الفرد أي تعد قد يطرأ على حقوقه و هذا العقد ذاته من يبيح‬
‫و يعطي مشروعية لمن تعرض إلعتداء ال يسع السلطة وليدة العقد أن ترده عنه بسبب الظرف‬
‫اإلستثنائي لهذا اإلعتداء فالمتعرض إلعتداء يذود عن نفسه خوفا على حقوقه التي إن لم يقم‬
‫بالدفاع عنها ضاعت و هذا ما يفضي إليه المنطق كذلك ‪ ،‬فالدفاع الشرعي فعل يستند قبل كل‬
‫شيء إلى غريزة الطبيعة و منطق األمور في حد ذاتها‪.‬‬

‫لقد إختلف شراح القانون الجزائي حول تحديد طبيعة مسألة الدفاع الشرعي حيث يرى‬
‫بعضهم أن مسألة الدفاع الشرعي يدخل ضمن موانع المسؤولية الجزائية فإعتبرت هذه النظرية‬
‫أن الفعل في حالة الدفاع الشرعي يبدأ بداية األمر مجرما و يسري عليه كل حكم يسري على‬
‫الجريمة العادية إلى أن يثبت صاحبه أنه كان في حالة عذر و أن حقه في الفعل المرتكب تولد‬
‫في تلك اللحظة فهو جدير باإلعفاء من المسؤولية عن الفعل عندها فقط للمحكمة أن تحكم بإنعدام‬
‫المسؤولية و يتمكن من التمتع بقرينة تعفي الفاعل من المسؤولية الجزائية المنجرة عن الفعل‬
‫الذي إرتكبه‪.‬‬

‫و يرى البعض اآلخر أن موضوع الدفاع الشرعي يدخل ضمن أسباب اإلباحة حيث‬
‫يعتبر أصحاب هذه النظرية أن الفعل في حالة الدفاع الشرعي ينشأ مباحا من أوله و ذلك بالعودة‬
‫إلى الظرف الخاص الذي يتعرض له المدافع و يضطره للذود عن نفسه و الفعل الذي ينشأ‬
‫مباحا ال يمكن أن يحمل صاحبه مسؤولية إلستناد الفعل في حد ذاته إلى حق يقره المنطق و‬
‫تقننه التشريعات فهذه اإلباحة إذن "من شأنها إزالة صفة التجريم عن أفعال سبق أن جرمتها‬

‫‪3‬‬ ‫موقع معجم المعاني الوسيط تاريخ اإلطالع ‪2017/6/ 21‬‬

‫‪3‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫قواعد التجريم‪ ،‬و هي عبار عن ظروف مادية إذا ما أضيفت إلى الفعل المجرم تسحب عنه‬
‫‪4‬‬
‫الصفة اإلجرامية و يصبح بعد أن كان غير مشروعا مشروعا أو مبررا أو مباحا"‬

‫لم يرد رأي واضح بالنسبة لهذه المسألة لدى شراح القانون التونسي فالفصلين ‪ 39‬و‪40‬‬
‫من المجلة الجزائية اللذان ينصان على أحكام الدفاع الشرعي وردا ضمن الباب الرابع الخاص‬
‫بالمسؤولية الجزائية و تحديدا في القسم األول في عدم المؤاخذة بالجرائم لكن ترى مجموعة‬
‫أن عبارات هذين الفصل تخرجهما عن موانع المسؤولية الجزائية و تجعل موضع ترتيب‬
‫المشرع لهما خاطئا فبقية فصول هذا القسم التي تستهل بعبارة " ال يعاقب " تظهر جليا أن‬
‫مقصد المشرع في هذه الحالة هو أن الفعل المرتكب مجرم في األصل إال أنه وإلعتبارلت‬
‫أخرج الفاعل في هذه الجريمة عن دائرة العقاب مع بقاء الفعل مجرما ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لهذين الفصلين اللذان يبدوان مختلفين عن بقية الفصول من هذا القسم حيث‬
‫يستهالن بعبارة "ال جريمة " فالواضح و الجلي من هذه العبارة و إختالفها عن مستهل بقية‬
‫الفصول ‪ ،‬أن المشرع يقر بأن الفعل في حالة هذين الفصلين ال ينشأ مجرما من أصله فهو‬
‫مباحا منذ نشأته ‪ ،‬حيث يعد إستثناء لبقية الفصول التي ال تنفي صفة التجريم عن الفعل إنما‬
‫تعفي مرتكبها من أي مسؤولية جزائية عن فعله‪ ،‬و بالتالي يرى الرأي الغالب لدى شراح‬
‫القانون التونسي أن الدفاع الشرعي ال ينضوي تحت موانع المسؤولية الجزائية إنما يدخل ضمن‬
‫أسباب اإلباحة ‪.‬‬

‫و في األخير فإن كلتا النظريتين تتفقان على أن المدافع في حالة الدفاع الشرعي حال‬
‫إحترامه لشروط و ضوابط الدفاع الشرعي يعفى من أي مسؤولية أو عقاب قد ينجر عن فعله‬
‫و يعتبر بذلك معذورا ‪.‬‬

‫إن أهم ما يمكن أن يميز أحكام الدفاع الشرعي تطبيقا هي أنها أحكام منطقية موجهة إلى‬
‫إعتبار الظرف اإلستثنائي للخطر الموجب للدفاع الشرعي فتمكن المدافع من الذود عن حقوق‬
‫و مكتسبات إنسانية شرع ية سينجر عن تركها بيد المهاجم خسائر ال يمكن تالفيها بعد تمام‬

‫حق الدفاع الشرعي (دراسة مقارنة) مذكرة لنيل شهادة الليسانس في الحقوق من إعداد و تقديم فوزي األجهوري جامعة قسنطينة معهد الحقوق و‬
‫العلوم اإلدارية ‪ :‬السنة الجامعية ‪ 1990/1989‬دورة جوان ‪ 1990‬صفحة ‪14‬‬

‫‪4‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫اإلعتداء و حصول ضرره حتى باللجوء إلى السلطة العامة فما قد ينقضي في هذه الحالة ال‬
‫يمكن أن يعود لذلك خولت التشريعات حق الذود عنها في حدود و بشروط دون أن تخول له‬
‫حق اإلنتقام أو الرد عن الفعل تشفيا ‪.‬‬

‫و في هذا اإلطار و تحت ضوء هذه اللمحات حول مسألة الدفاع الشرعي حتما سيقارع‬
‫أذهاننا تساؤل حول طبيعة النظام القانوني للدفاع الشرعي ‪ ،‬فماهو النظام القانوني للدفاع‬
‫الشرعي ؟‬

‫تتميز مسألة الدفاع الشرعي على غرار كل المساءل القانونية الخاصة بنظام الجزاء‬
‫المترتب عن الجرائم بنظام قانوني دقيق و صارم و للتمكن منال لتطرق لهذا الموضوع وتبيان‬
‫النظام القانوني للدفاع الشرعي سنقوم بتحليل أركان قيام حالة الدفاع الشرعي كعنصر أساسي‬
‫أول و طرح آثار القيام بفعل الدفاع الشرعي كعنصر أساسي ثان ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫العنوان األول‪:‬‬
‫أركان قيام حالة الدفاع الشرعي‬

‫قضت عبارات الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية بأنه " ال جريمة على من دفع صائال‬
‫عرض حياته أو حياة أحد أقاربه لخطر حتمي و لم تمكنه النجاة منه بوجه آخر" و قد إعتمد‬
‫‪5‬‬
‫المشرع عبارة صائل ضمن تركيبة الفصل و الصولة هي جمع صوالت و الصولة هي السطو‬

‫موقع معجم المعاني الوسيط تاريخ اإلطالع ‪20175 -5-30‬‬

‫‪6‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و الصؤول من الرجال هو الذي يضرب الناس و يتطاول عليهم‪ 6‬فالصائل هو اإلعتداء المسلط‬
‫دون وجه حق و قد أباح المشرع لمن تعرض لصولة و إعتداء ظالم أن يدافع عن نفسه بما‬
‫يقتضيه درء اإل عتداء دون أن يكون مسؤوال قانونا عن أفعاله أي تم إعفاءه من أي مسؤولية‬
‫جزائية ‪ .‬و للدفاع الشرعي ركنين أساسيين المتمثلين في شروط الدفاع الشرعي "أ" و موانع‬
‫إعتماد الدفاع الشرعي "ب"‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬شروط الدفاع الشرعي‬


‫تنقسم شروط الدفاع الشرعي إلى شروط يجب أن تتوفر في فعل الهجوم و شروط أخرى‬
‫يجب أن تتوفر في فعل الدفاع‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط الهجوم‬


‫يجب علينا في هذا السياق أن نتطرق قبل كل شيء إلى ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬صور الخطر‬

‫يكتسي اإلعتداء المسلط على المتمتع بقرينة الدفاع الشرعي مجموعة من الصور‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإلعتداء السلبي ‪:‬‬

‫من المتعارف عن اإلعتداء أن يتخذ طابعا إيجابيا كالهجوم على أحدهم و محاولة قتله أو‬
‫ضربه ‪.‬‬

‫هنا يكتسي الدفاع ضد المعتدي طابع اإلباحة و تنعدم المسؤولية الجزائية للمدافع ‪.‬‬

‫مع ذلك يمكن أن يكتسي اإلعتداء طابع سلبي و اإلعتداء السلبي هو اإلمتناع خالفا للفعل‬
‫اإليجاب ي و هو سلوك إرادي كاإلعتداء اإليجابي يتحدد الفرق بينهما في أن اإلرادة تكون دافعا‬
‫للحركة في اإلعتداء اإليجابي و مانعا له في اإلعتداء السلبي مثال ذلك الذي يمتنع عن تقييد‬

‫‪6‬‬ ‫معجم لسان العرب إلبن منظور المجلد ‪ 11‬دار الفكر ‪ 1990‬صفحة ‪388‬‬

‫‪7‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫كلبه أو أي حيوان يخشى منه لمنع أذاه عن أحدهم لهذا يجوز إكراهه على ذلك ويمكن اعتبار‬
‫ذلك دفاعا شرعيا ‪.‬‬

‫و يمكن أن نستنتج ذلك بالقياس على أحكام قانون ‪ 3‬جوان ‪ 1966‬الذي يعاقب بموجبه‬
‫المشرع التونسي كل من كان قادرا على إغاثة شخص في خطر و امتنع عن ذلك سواء فرضت‬
‫قواعد مهنته مساعدة الغير أو ال‪ .‬فالقانون هنا يعاقب رغم أن الفعل سلبي وليس إيجابي و هذا‬
‫دليل على أن الفعل السلبي الذي يترتب عنه أضرار هو فعل محضور و مادام الفعل يعتبر‬
‫إعتداء غير شرعي يجوز الدفاع ضده ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلعتداء الوهمي‬

‫المبدأ أن يكون اإلعتداء المسلط على المدافع حقيقيا لكن مع ذلك يمكن أن يكون هذا‬
‫اإلعتداء وهميا كأن يتوهم المدافع حلول إعتداء ‪ " 7‬متى كانت الظروف و المالبسات تلقي في‬
‫روع المدافع أن هناك إعتداء جديا و حقيقيا موجها إليه " ‪.‬‬

‫وقد رأى مجموعة من الفقهاء أن القول باإلعتداء الوهمي كاف لقيام حالة الدفاع الشرعي‬
‫إذا إنبنى تصور هذا اإلعتداء على أسباب معقولة و هو التوجه الذي تبناه فقه القضاء المصري‬
‫و ذهب رأي آخر إلى عدم إعتباره من مكونات الدفاع الشرعي وذهب رأي ثالث إلى تقديم‬
‫توجه وسط بينهما يرى أن تقدير حالة الخط الوهمي ‪ " 8‬ال يمكن أن يكون إال بإعتبار كل واقعة‬
‫و حسب الظروف بيد أنه يمكن التعميم و القول بأن من يظن أنه موضوع هجوم أن يحتمي‬
‫بالسلطة ألن له الوقت الكافي لذلك " ‪.‬‬

‫ج‪ -‬اإلعتداء غير العمدي‬

‫‪ 7‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪44‬‬
‫‪ 8‬حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪33‬‬

‫‪8‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫من المتعارف أن يكون اإلعتداء عمديا أي توفر عنصر القصد و يستوي كذلك أن يكون‬
‫اإلعتداء غير عمديا و هنا يجوز الدفاع ضده إذا اإلعتداء الذي يخشى منه إعتداء يعاقب عليه‬
‫قانونا مثال ذلك إلحاق أضرار بدنية بالمعتدى عليه قد تشكل خشية على حياته أما إذا كان‬
‫اإلعتداء يتش كل من فعل غير عمدي ال يعاقب عليه قانونا كإتالف مال فال يجوز الدفاع ضده‬
‫ألنه ال يعتبر فعل محضور قانونا ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬خصائص الخطر‬

‫للتمسك بقرينة الدفاع الشرعي و التمتع بظرف اإلعفاء من المسؤولية الجزائية يجب أن‬
‫تتوفر في الخطر خاصيتين في الخطر ‪:‬‬

‫أ‪ -‬خطر حتمي‬

‫لقد تعرض المشرع التونسي إلى خاصية الحتمية بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية كشرط‬
‫أساسي لقيام حالة الدفاع الشرعي و قد إستعمل عبارة " الخطر الحاتم " في الفصل ‪ 39‬المذكور‬
‫للداللة على حلول الخطر و حتمية وقوعه ‪ " 9‬و هو ما يعطي هذه العبارة مفهوما زمنيا مرتبطا‬
‫بظروف و مالبسات قيام حالة الخطر " وبناء على ذلك ال يمكن إعتبار حالة الدفاع الشرعي‬
‫إال إذا كان اإلعتداء يشكل خطر حتميا يعرض حياة المدافع أو مكاسبه أو مكاسب غيره إلى‬
‫الخطر أو التلف دون إمكانية اللجوء إلى السلطة الحاكمة مما يضعه أمام ضرورة الدفاع أما‬
‫إن كان بإمكانه اإلستغاثة أو اللجوء إلى السلطة الحاكمة مع ذلك فضل المقاومة أو عقاب‬
‫المعتدي بنفسه فعندها لم يعد بإمكانه التمسك بالدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫بالتالي و بالقراءة العكسية للفصل ‪ 39‬من لمجلة الجزائية فإن عدم التعرض لخطر حاتم‬
‫ينفي صفة الدفاع الشرعي عن المدافع و هو الموقف الذي تبنته محكمة التعقيب في ‪ 10‬قرارها‬
‫التعقيبي الجزائي عدد ‪ 14709‬المؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1987‬الذي إعتبرت فيه " أن أحكام‬

‫‪ 9‬محاضرات األستاذة هدى طالب علي المادة ‪ :‬قانون جزائي عام سنة ثانية إجازة أساسية قانون خاص كلية الحقوق و العلوم السياسية سوسة السنة‬
‫الجامعية ‪2014 - 2013‬‬
‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 14709‬مؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1987‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي ‪ 1987‬صفحة ‪10 147‬‬

‫‪9‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الدفاع الشرعي تستلزم الوقوع في الخطر الحاتم لذلك فإن تجريد المعتدي من سالحه قبل إحتدام‬
‫الخصام ينفي صفة الدفاع الشرعي "‬

‫وتبنت محكمة التعقيب التونسية ذات الموقف في مناسبة أخرى في ‪ 11‬قرارها التعقيبي‬
‫الجزائي عدد ‪ 21690‬المؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪ 2008‬الذي إعتبرت فيه أنه " طالما لم يثبت وقوع‬
‫الخطر الحاتم فإن ردة الفعل العنيفة بوسيلة خطرة عرضت حياة المعتدي إلى خطر تكزن غير‬
‫مالئمة و صولة الصائل مما يجعل فعل الدفاع غير مشمول بأحكام الفصل ‪ 39‬من المجلة‬
‫الجزائية ‪.‬‬

‫لكن تطبيق هذا الشرط على المدافع في حالة الدفاع الشرعي يدفعنا ضرورة إلى تفصيل‬
‫الوضعيات المختلفة للخطر ‪.‬‬

‫• الخطر الوشيك‬

‫لم يشترط المشرع لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون اإلعتداء قد بدأ حقا بل يكفي من‬
‫أجل ذلك أن يكون الخطر على وشك الحلول ألنه لو تأخر الدفاع في هذه الحالة لحصل الضرر‬
‫فشرط الحلول ال يعني فقط حلول اإلعتداء بل يكفي لقيام فعل الدفاع حلول الخطر دون إمكانية‬
‫اللجوء إلى السلطة الحاكمة قبل وقوع الضرر و من الضروري هنا أن يكون الفعل المدافع‬
‫ضده فعل يخشى منه وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي مثال ذلك من‬
‫أخرج مسدسا فارغا و هم بتعبئته بالرصاص‪.‬‬

‫و يدخل كذلك تحت طائلة الخطر الوشيك اإلعتداء الذي بدأ و إعتقد المدافع أنه سيتواصل‬
‫إذا لم يقم بفعل الدفاع مثال ذلك من هجم على أحدهم و أسقطه أرضا ثم ذهب إلحضار عصا‬
‫غليظة موجودة في ذات مكان اإلعتداء ‪.‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 21690‬مؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪ 2008‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي ‪ 2008‬صفحة ‪29311‬‬

‫‪10‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫• الخطر المستقبلي‬

‫يعتبر الخطر مستقبليا إذا لم يكن الخطر حاال في الحين كالتهديد بالقتل في المستقبل مثال‬
‫و ال يدخل الخطر المستقبلي تحت طائلة الدفاع الشرعي و ال يعتبر مبررا له ألن المهدد بالخطر‬
‫في هذه الحالة بإمكانه أن يحتمي برجال السلطة كما أن الخطر المستقبلي هو خطر إحتمالي‬
‫أي من المحتمل وقوعه كما من المحتمل عدم وقوعه ‪.‬‬

‫لكن هذا الحل يضعنا أمام إشكال في بعض الوضعيات فمثال من كان محبوسا في مكان‬
‫ما و علم بأنه هناك من ينوي قتله أو البحار الذي يتواجد في سفينة في البحر و علم أن البحارة‬
‫ينوون قتله في هاذين الحالتين يستحيل على المهدد بالخطر المستقبلي أن يحتمي برجال السلطة‬
‫و اإلحتياطات التي قد يتخذها المدافع جائزة و لو ترتب عنها جرح أو موت أحدهم ‪.‬‬

‫و يدخل كذلك تحت طائلة الدفاع الشرعي ضد الخطر المستقبلي الذي يضع فخا أو‬
‫أجهزة حماية من شأنها أن تحدث أضرار بالمعتدي على بيت أو بستان و إقتحم لص المكان‬
‫فأحدثت به أجهزة الحماية أو الفخ أضرار ‪.‬‬

‫• إنتهاء الخطر‬

‫ال يمكن اإلستفادة من عذر الدفاع الشرعي و الدخول تحت قرينته إذا تم فعل الدفاع بعد‬
‫إنقضاء الخطر و زواله و يعود ذلك إلى ‪ " 12‬أن الدفاع الشرعي يتميز عن مجرد الجزاء أو‬
‫إصالح الضرر ألنه يهدف إلى الحيلولة دون إتمام مخالفة القانون و يقتضي ذلك أن يكون‬
‫الخطر الزال قائما يحدق بالغير أما إذا تم و إنتهى فإن أي رد فعل ضد مصدر الخطر يكون‬
‫نوعا من الجزاء يقرره الفرد بنفسه ضد المعتدي أو نوعا من اإلنتقام و هو ما يخالف القانون"‪.‬‬

‫و يمكن تقسيم حالة إنتهاء الخطر إلى وضعيتين تكون األولى بزوال الخطر بعد عدول‬
‫الجاني عن إرتكاب فعلته أو الحيلولة دون إرتكاب فعلته بفعل فاعل كتجريده من سالحه مثال‬

‫الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986 12‬صفحة ‪49‬‬

‫‪11‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و قد إعتبرت محكمة التعقيب في ‪ 13‬قرارها التعقيبي الجزائي عدد ‪ 14709‬المؤرخ في ‪28‬‬


‫أكتوبر ‪ 1987‬أن " تجريد المعتدي من سالحه قبل إحتدام الخصام ينفي صفة الدفاع الدفاع‬
‫الشرعي " ‪.‬‬

‫أما الحالة الثانية فتكون بعد حدوث الضرر و اإلنتهاء منه فالقيام هنا بالدفاع ضد المعتدي‬
‫ال فائدة منه في دفع الضرر ألنه حصل و رد الفعل هنا ضد المعتدي ال يعدو أن يكون إنتقاما‬
‫فالدفاع الشرعي شرع لمنع حدوث اإلعتداء أو اإلستمرار فيه و لم يشرع لإلنتقام أو القصاص‬
‫من المعتدي ألن ذلك من مشموالت السلطة ‪.‬‬

‫و يتم تقدير وقت زوال الخطر حسب السلطة التقديرية للقاضي عن طريق مقاييس‬
‫موضوعية أما إذا تم الدفاع بعد زوال الخطر لتوهم المدافع إستمرار الخطر فيعتبر عند ذلك‬
‫غلط و تتم مساءلته عن الجريمة بوصفها غير عمدية أو تنتفي مسؤوليته تماما إذا إنبنى توهمه‬
‫على أسباب على أسباب معقولة و يبقى تقدير كل ذلك موكل إلى سلطة القاضي ‪.‬‬

‫ب‪ -‬خطر غير مشروع‬

‫لكي يتمتع المدافع بقرينة الدفاع الشرعي و يدخل تحت طائلة اإلعفاء من المسؤولية‬
‫الجزائية يجب أن يكتسي الهجوم طابع الالمشروعية و الالمبرر ألنه لو كان الهجوم مشروعا‬
‫لكان الدفاع ضده غير مشروع و غير مبرر بل و البد من اإلنصياع له ‪.‬‬

‫• الدفاع ضد الفعل المباح‬

‫ال يجوز لمن صدر نحوه فعل مباح أن يقوم بفعل الدفاع و إن قام بذلك فال يمكن لهذا‬
‫الفعل أن يكتسب قرينة الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 14709‬مؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1987‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي ‪ 1987‬صفحة ‪14713‬‬

‫‪12‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫فال يجوز الدفاع ضد عون األمن عند القيام بمهامه في حدودها و ال يجوز للسارق كذلك‬
‫أن يستعمل فعل الدفاع الشرعي ضد ساكن المنزل الذي يهاجمه دفاعا عن ممتلكاته وال يجوز‬
‫الدفاع الشرعي لمقاومة الطبيب الذي يجري عملية جراحية ‪.‬‬

‫و ال يمكن كذلك أن يدخل تحت قرينة الدفاع الشرعي اإلبن الذي يقوم بمقاومة و صد‬
‫تعنيف األب له المقصود منه تأديبه ألن فعل األب هنا هو فعل مباح قانونا فبمقتضى "الفصل‬
‫‪ 319‬من المجلة الجزائية يتمتع األب بحق تأديب إبنه بالضرب أو بإستعمال أي عنف آخر معه‬
‫و لكن إذا ما تجاوز األب الحد المعقول في القيام‬ ‫‪14‬‬
‫ال يؤدي إلى ضرر بدني معتبر أو دائم "‬
‫بتأديب إبنه يمكن لإلبن الذود عن نفسه و دفع الهجوم و يعتبر ذلك دفاعا شرعيا و هذا ما ذهب‬
‫إليه فقه القضاء من خالل " القرار التعقيبي عدد ‪ 516‬الصادر في ‪ 7‬أوت ‪ ( 1961‬مجلة‬
‫القضاء و التشريع عدد ‪ 3‬مارس ‪ )1962‬الذي يؤخذ منه خصوصا بأن الهجوم الذي للوالد‬
‫على إبنه ال يمكن أن يتعدى العنف الخفيف" ‪.15‬‬

‫لكن يطرح هذا العنصر إشكاال بخصوص وضعيتين تتمثل األولى في صورة إنقالب‬
‫دور البادئ بالهجوم و صيرورته معتد عليه و الثانية في حالة عثور الزوج على زوجته مع‬
‫عشيقها فيهب دفاعا عن شرفه فيدافعان عن نفسيهما و يقتالنه‪.‬‬

‫بالنسبة للصورة األ ولى للصورة األولى و هي صورة إنقالب دور البادئ باإلعتداء‬
‫فيصير معتدا عليه ففي هذه الحالة يمكن له أن يتمسك بقرينة الدفاع الشرعي إذا ما تجاوز‬
‫المدافع حدود ما يلزم للدفاع عن نفسه ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للصورة الثانية و هي عثور الزوج على زوجته مع عشيقها فيهب للدفاع عن‬
‫ش رفه فيدافعان عن نفسيهما و يقتالنه فلقد إجتمعت اآلراء على أن فعل الزوج في هذه الحالة‬
‫ليس فعال مباحا ألنه ال حق له في القصاص منهما بل يعتبر ذلك من مشموالت السلطة لذلك ال‬
‫يكتسي فعله صفة اإلباحة و إنما فقط تمنحه ظرف تخفيف و إذا ما إكتسى الفعل صفة الهجوم‬

‫القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪ 2006‬صفحة ‪6114‬‬
‫‪ 15‬حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪32‬‬

‫‪13‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫غير ال شرعي تسنى الدفاع ضده دفاعا شرعيا لكن ذلك سيفضي إلى نتيجة غير عادلة إستنكرها‬
‫العديد من النقاد فالزانيين في هذه الحالة سيتمتعان بقرينة الدفاع الشرعي و يعفيان من‬
‫المسؤولية الجزائية عن القتل كذلك سيفلتان من العقاب من أجل جريمة الزنا ألن الزوج الهالك‬
‫وحده من له الحق في إثارة دعوى الزنا ‪.‬‬

‫• فعل غير المسؤول‬

‫هو غير المسؤول قانونا أي الذي يرتكب فعال محضورا لكن من غير الممكن مساءلته‬
‫لسبب من األسباب التي أوردها القانون مثال ذلك الصغير غير المميز أو المكره أو المجنون‬
‫فإذا صدر من أحد هؤالء فعل يخشى منه الموت جاز الدفاع ضده ‪ .‬و ذلك يعود إلى حق المهدد‬
‫بالخطر في الدفاع عن نفسه درء للضرر الذي يمكن أي يصيبه و إنعدام حق الدولة في عقاب‬
‫هذه الفئة ال ينفي حق المهدد بالخطر في الدفاع عن نفسه ألن العقاب شيء وحماية النفس من‬
‫ضرر حاتم يمكن أن يصيبه شيء آخر ‪.‬‬

‫• هجوم الحيوان‬

‫كل من ت عرض لهجوم حيوان يهدد حياته او سالمته الجسدية إلى خطر يجوز له الدفاع‬
‫ضده لدفع الخطر و لو كان ذلك بقتله و ال يسأل عن ذلك جزائيا ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موضوع الخطر‬

‫ورد صلب الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية تعداد قائمة حصرية في األشخاص الذين‬
‫يجوز الدفاع ضدهم تحت قرينة الدفاع الشرعي و هم ‪ :‬أوال دفاع الشخص عن نفسه و قد‬
‫صادق عليه جميع المفسرين و نص عليه بكل صراحة الفصل المذكورأعاله ‪.‬‬

‫و ثانيا دفاع الشخص عن أقاربه و لقد حصر المشرع التونسي الدفاع الشرعي على الغير‬
‫و ضبطه بالفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية و هم على سبيل الحصر األقارب من‬
‫طبقة األصول و الفروع و اإلخوة و األخوات و الزوج و الزوجة و من زاد على ذلك يعتبر‬
‫غير و إذا كان الدفاع عن النفس أو األقارب المذكورين في النص يعد شرعيا بموجب القانون‬

‫‪14‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫فإن الدفاع عن غير هؤوالء المذكورين ال يمكن أن يعتبر دفاعا شرعيا بل يخضع في تقديره‬
‫إلى سلطة القاضي و هذا ما يمكن أن نتبينه من صياغة الفقرة الثانية من الفصل ‪ 39‬من المجلة‬
‫الجزائية الذي ينص على أنه ‪ " :‬إذا كان الشخص المعرض للخطر من غير هؤوالء األقارب‬
‫فللقاضي اإلجتهاد في تقدير درجة المسؤولية " فمثال من يقوم بالتصدي لهجوم إستهدف خاله‬
‫أو عمه أو خطيبته ال تعتبر حالة دفاع شرعي بل تخضع إلى تقدير القاضي و يعتمد القاضي‬
‫في تقدير ما إذا كان الدفاع عن هؤوالء شرعيا أو ال و تقدير درجة المسؤولية المعايير التي‬
‫يراها مناسبة كعالقة األطراف ببعضها البعض و الظروف المحيطة بالواقعة و األشخاص ‪.‬‬

‫و خالفا للمشرع التونسي خول المشرع الفرنسي الدفاع عن الغير دون ضبط و ال حصر‬
‫‪ ،‬و‪ 16‬يبدو أن المشرع التونسي قد تأثر عن وضعه للفصل ‪ 39‬من القانون الجنائي بالفصل‬
‫‪ 314‬من مجموعة القوانين التونسية الصادرة سنة ‪ 1861‬الذي نص على أن الدفاع الشرعي‬
‫ال يقبل إال لدرء الخطر عن النفس و األهل بل لقد زاد الفصل ‪ 39‬في تضييق النطاق إذ عدل‬
‫عن إستعمال كلمة األهل باألقارب المذكورين أعاله ‪.‬‬

‫لكن نجد أن هذا الحل متناقض تماما مع ‪ 17‬أحكام القانون عدد ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 3‬جوان‬
‫‪ 1966‬و خاصة الفصل األول منه و المتضمن ما يلي " يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام‬
‫و بخطية قدرها عشرة آال ف دينار كل من أمسك عمدا عن منع فعل موصوف جناية أو جنحة‬
‫واقعة على جسم الشخص و كان قادرا على منعه بفعله الحالي دون خشية خطر على نفسه أو‬
‫على الغير" و نرى المشرع متناقض فمن جهة ال يمنح من يدافع من غير المذكورين بالقائمة‬
‫الحصرية للفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية الحق في اإلحتماء بقرينة الدفاع الشرعي و من جهة‬
‫يلزم التدخ ل لدفع الضرر عن أي إنسان معرض لخطر و وضع عقابا لمن يمتنع عن ذلك دون‬
‫موجب ‪.‬‬

‫حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪3316‬‬
‫‪23917‬‬ ‫القانون الجزائي التونسي القسم العام مصطفى بن جعفر الطبعة األولى ‪ :‬اإليداع القانوني أكتوبر ‪ 2009‬صفحة‬

‫‪15‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ 18‬و من البديهي أن تدخل المرء لدفع ضرر عن غيره يتولد عنه في غالب األحيان‬
‫جريمة و من المنطقي درء المسؤولية عن مرتكبها مادام المشرع هو الذي ألزم المواطن بالقيام‬
‫بذلك الدور و هكذا يبدو لنا و أن الفقرة الثانية من الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية ال يتالءم مع‬
‫بقية الن صوص في القانون الجزائي التونسي‪ .‬و قد وقع المناداة بإلغائها و تعميم حق الدفاع عن‬
‫الغير إال أنه ظهرت تيارات معارضة لهاته النظرية أنها قد تفسح المجال لإلنتقام من الغير مع‬
‫ذلك فإن هذا النقد ال يكتسي وجاهة إذ أن للدفاع الشرعي جملة من الشروط الدقيقة و الصارمة‬
‫تعاقب المتعسف و تنفي عنه صفة الدفاع الشرعي و تمنح القاضي سلطة في تقدير حالة الدفاع‬
‫الشرعي فإذا تجاوز المدافع حدود حق الدفاع أعتبرت جريمة و جاز عقابه‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬محل الخطر‬

‫نظم المشرع التونسي المصالح التي يجوز الذود عنها في حالة الدفاع الشرعي صلب‬
‫الفصلين ‪ 39‬و ‪ 40‬من المجلة الجزائية و قد حددها تحديدا حصريا فشرع للمعتدى عليه إذا‬
‫هدد خطر حياته أو مكاسبه و ممتلكاته أو حياة الغير و مكاسبه و ممتلكاته ‪.‬‬

‫أ‪ -‬الجرائم التي تهدد النفس‬

‫خص المشرع الدفاع عن النفس بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية حين نص بفقرته األولى‬
‫على أنه " ال جريمة على من دفع صائال صير حياته أو حياة أحد أقاربه معرضا لخطر حتمي‬
‫" فأباح المشرع بذلك الدفاع الشرعي ضد كل فعل يهدد حياة المستهدف و أعفاه من أي مسؤولية‬
‫جزائية إذ من حق من تسلط عليه إعتداء صير حياته في خطر ‪ 19‬صد اإلعتداء المسلط عليه‬
‫من طرف الغير‪ ،‬و لو أدى ذلك إلى إستعمال العنف و إحداث أضرار ببدن المعتدى عليه‪.‬‬
‫فالدفاع يكون شرعيا إذا كانت الغاية منه المحافظة على حياة المعتدى عليه ‪20‬و يعود هذا‬

‫‪ 18‬حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪33‬‬
‫‪11119‬‬ ‫المجلة الجزائية معلق عليها تعليق األستاذ عبادة الكافي مطابع سنابكت ‪ - 2014‬الطبعة الثانية تونس ‪ 2016‬صفحة‬
‫‪ 20‬حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪33‬‬

‫‪16‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫اإلعفاء إلى أن أعزما يحق للمرء الذود عنه هو حياته قبل كل شيء بما جبل عليه اإلنسان من‬
‫حب الذات و قوة غريزة البقاء ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجرائم التي تهدد المال‬

‫ورد حق الدفاع الشرعي عن المال في القانون التونسي صلب الفصل ‪ 40‬من المجلة‬
‫الجزائية إذ ورد هذا الفصل متضمنا قرينة الدفاع الشرعي في الذود عن المكاسب والممتلكات‬
‫فأعفى المدافع من المسؤولية الجزائية و نفى صفة التجريم عن أفعاله و ذلك في ظروف خاصة‬
‫و على سبيل الحصر و هي أن يكون اإلعتداء المسلط على الملك يتمثل في تسور أو خلع أو‬
‫ثقب أ و سرقة أو نهب بإستعمال القوة و فعل دفاع متمثل في ضرب أو قتل أو جرح ‪.‬‬

‫و يعتبر الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية صورة خاصة للدفاع الشرعي ال تخضع للشروط‬
‫العامة المضمنة بالفصل ‪ 39‬من نفس المجلة ‪ ،‬فالمشرع أباح في هذا الفصل فعل الدفاع في‬
‫حالتين إثنين بغض النظر عن الشروط العامة الواردة بالفصل ‪ 39‬و هما ‪:‬‬

‫‪ " 21‬الصورة األولى ‪ :‬يقع فيها التصدي إلى اإلعتداء الواقع ليال على البيوت المسكونة‬
‫و توابعها مثال صورة سارق تسلق جدار البيت ليال فيمكن لصاحب المنزل أن يدافع عن نفسه‬
‫بإطالق النار على المشبوه فيه و يكون منتفعا بقرينة شرعية في الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫الصورة الثانية ‪ :‬التي يقع فيها التصدي لمرتكبي السرقة و سلب األموال بالقوة معنى‬
‫ذلك أنه إذا وقع الدفع ضد سارق إستعمل القوة إلقتراف جريمته فيعتبر دفاع شرعي ولو أدى‬
‫هذا األمر إلى إلحاق ضرر جسيم أو قتل المعتدي ‪.‬‬

‫‪ -‬ما يجب إيضاحه بدء هو ان القتل أو الضرب أو الجرح في الصورة األولى يصبح‬
‫مجرما لو وقع لنفس الغرض أي الدفاع عن األمالك لكن وقع نهارا ‪.‬‬

‫محاضرات األستاذ توفيق بن مريم المادة ‪ :‬قانون جزائي عام سنة ثانية إجازة تطبيقية قانون خاص كلية الحقوق و العلوم السياسية سوسة السنة‬
‫الجامعية ‪201521 - 2014‬‬

‫‪17‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ -‬أما بالنسبة للصورة الثانية و التي خصها المشرع بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 40‬من‬
‫المجلة الجزائية التي تشرع مقاومة مرتكبي السلب بالقوة و لم تحدد زمانا أو مكانا معينين‬
‫فيستوي أن يحدث هذا الدفاع و لو تمت محاولة السرقة في النهار شرط أن تتوفر إلنطباق هذه‬
‫الفقرة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ "- 22‬وقوع عملية السرقة أو السطو من طرف عدة أشخاص‬

‫‪ -‬وقوع هذه العملية بإستعمال القوة "‬

‫‪ -‬أن يكون الفعل الواقع من المدافع و الذي قد يحدث جرحا أو قتال هو فعل للمقاومة ‪.‬‬

‫ج‪ -‬الجرائم التي تهدد الشرف‬

‫يدخل في المفهوم القديم للدفاع عن الشرف حالتين تكون األولى إذا تعرض المدافع بذاته‬
‫إلى فعل من الغير يهدد بهتك عرضه و شرفه و تكون الثانية في حال ضبط الزوج زوجته‬
‫بحالة تلبس مع عشيقها فيهب دفاعا ن شرفه و هذه الحالة من حاالت الدفاع كانت مباحة قديما‬
‫و تعتبر من حاالت الدف اع الشرعي و من أسباب اإلعفاء من المسؤولية الجزائية إال أن جل‬
‫التشريعات الوضعية اليوم أخرجت هذه الحالة عن حاالت الدفاع الشرعي وأوكلت مهمة عقاب‬
‫الزوجة الزانية و عشيقها إلى السلطة و في حال قام الزوج بالذود بنفسه عن شرفه ينزل ما قام‬
‫به منزلة التجريم بما يسمى ج ريمة قتل الزوجة المتلبسة بالزنا و ال يمكنه اإلستفادة من عذر‬
‫الدفاع الشرعي فقط من الممكن منحه ظرف تخفيف لما سمي بعذر اإلثارة الناتجة عن المفاجأة‬
‫بالزنا و لم يتبقى اليوم حسب المفهوم الحديث للدفاع عن الشرف سوى الحاالت التي بمقتضاها‬
‫يتعرض المدافع في حد ذاته إلى فعل يهدد بهتك عرضه و شرفه الشخصي ‪.‬‬

‫و بالعودة إلى الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية الذي وسع فيه المشرع نسبيا من دائرة‬
‫األشخاص الذين يكون الدفاع عنهم شرعيا فإنه ضيق في دائرة المصالح التي يجوز الدفاع‬
‫عنها فأخذ النص بظاهر العبرات يجعل من الدفاع الشرعي ال يشمل غيرالدفاع عن الحياة إال‬

‫المجلة الجزائية معلق عليها تعليق األستاذ عبادة الكافي مطابع سنابكت ‪ - 2014‬الطبعة الثانية تونس ‪ 2016‬صفحة ‪116‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪18‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫أن هذا التأويل الضيق لعبارة الحياة ال يستوي و غير مقبول ألن المصالح التي تستحق الدفاع‬
‫عنها ليست فقط البقاء على قيد الحياة هي كذلك " سالمة الجسم و العرض و المال و هذا هو‬
‫الحل الذي إعتمده فقه القضاء الفرنسي على أساس الفصل ‪ 328‬من المجلة الجنائية الفرنسية‬
‫الصادرة سنة ‪ 1810‬الذي يقترب نصه كثيرا من نص الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية التونسية‪،‬‬
‫فقد قرر فقه القضاء و الفقه الفرنسيين على أساس الفصل ‪ 328‬المذكور أن الضرر الذي يجوز‬
‫التصدي له في نطاق الدفاع الشرعي هو الذي يهدد المعتدى عليه بالموت أو الذي يمكن أن‬
‫‪23‬‬
‫يمس بجسمه أو بعرضه أو بماله "‬

‫فوسع فقه القضاء الفرنسي في مفهوم الحياة و جعله يشمل أكثر من مجرد الدفاع عن‬
‫النفس من الموت و لقد إتجهت عديد التشريعات ذات المنحى فتوسعت في مجال المصالح التي‬
‫يجوز الذود عنها و نزلتها منزلة الحياة كالمشرع المصري و المشرع المغربي والمشرع‬
‫الجزائري و لقد ذهب فقه القضاء التونسي إلى ذات التوجه و إعتبر الدفاع عن العرض من‬
‫قبيل الدفاع الشرعي و ذلك في القرار التعقيبي الجزائي عدد ‪ 789‬المؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪1945‬‬
‫‪24‬‬
‫حين إعتبر أن " الدفاع عن العرض كالدفاع عن الحياة و يعفي مرتكبه من العقاب "‬

‫إال أنه تم تعديل هذا الموقف و التراجع عنه حيث إعتبرت محكمة التعقيب في قرارات‬
‫لها الحقة أن "اإلعتداء على العرض و الشرف ال يعتبر إعتداء على الحياة و بالتالي ال يدخل‬
‫في نطاق الدفاع الشرعي فإعتبرت محكمة التعقيب في قرارها التعقيبي الجزائي عدد ‪2454‬‬
‫المؤرخ في ‪ 24‬ماي ‪ 1978‬أن الدفاع عن الشرف ال يعد من الدفاع الشرعي المنصوص‬
‫عليه بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية "‪ 25‬و في قرارها التعقيبي الجزائي عدد ‪ 4519‬المؤرخ‬
‫في ‪ 16‬جويلية ‪ 1980‬أن القانون التونسي ال يعتبر من قبيل الدفاع الشرعي الدفاع عن‬
‫العرض ‪ .26‬و ما يمكن قوله في هذا اإلطار أننا نعيب على فقه القضاء هذا التأويل الضيق‬
‫والحرفي للفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية الذي يتنافى مع مقصد المشرع الذي ال يمكن أن‬

‫القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪ 2006‬صفحة ‪63‬‬ ‫‪23‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 789‬المؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪ 1945‬وارد بالمجلة الجنائية بتعليق األستاذ بلقاسم القروي الشابي طبع و نشر المطبعة‬
‫الرسمية للجمهورية التونسية ‪ 1992‬صفحة ‪2624‬‬
‫قرار تعقيبي جزائي عدد‪ 2454‬مؤرخ في ‪ 24‬ماي ‪ 1978‬نشرية محكمة التعقيب ‪1978‬القسم الجزائي صفحة ‪242‬‬
‫‪25‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4519‬مؤرخ في ‪ 16‬جويلية ‪ 1980‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي ‪198026‬‬

‫‪19‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫يقصي حق الفرد في الدفاع عن عرضه خاصة و أنه يجرم اإلعتداءات بالفواحش التي تفضي‬
‫إلى المساس بالعرض و الشرف ‪.‬‬

‫على أساس ما تقدم يمكن أن نؤكد على أن التأويل الواسع لكلمة حياة الواردة بالفصل ‪39‬‬
‫الذي يسمح بجعل الدفاع عن العرض شرعيا هو الذي يتماشى مع مقصد المشرع و مع ما‬
‫أراده هذا األخير عند وضعه لنص هذا الفصل للمحافظة على مصلحة الفرد و المجتمع‪ ،‬وذلك‬
‫بدون أن يكون هذا التأويل متعارضا مع مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات نظرا لكون هذا المبدأ‬
‫ال يفرض التأويل الضيق لنصوص القانون الجزائي إال حماية للحريات الفردية و منعا للتعسف‬
‫‪27‬‬
‫المؤدي إلى التوسع في التجريم‪".‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شروط الدفاع‬


‫لكي يكون فعل الدفاع مباحا و مبررا في حالة الدفاع الشرعي يجب أن تتوفر فيه جملة‬
‫من الشروط على غرار شروط الهجوم حيث أورد المشرع في الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية‬
‫أنه " ال جريمة على من دفع صائال عرض حياته أو حياة احد أقاربه إلى خطر " المشرع هنا‬
‫لم يذكر طريقة محددة لفعل الدفاع و إكتفى فقط بعبارة " من دفع" و دفع الصائل قد يكون‬
‫بوسائل شتى ال حصر لها فالمشرع ترك المجال مفتوحا أمام المدافع في إختيار الطريقة‬
‫المتناسبة و صولة الصائل و الكافية لصده شرط عدم التجاوز ‪.‬‬

‫أما بالسبة للفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية نجد أن المشرع افترض أن يكون فعل الدفاع‬
‫عن طريق القتل أو الجرح أو الضرب لكن ذلك ال يعني أن فعل الدفاع في حالة الفصل ‪ 40‬من‬
‫المجلة الجزائية محضور إذا تم بطرق أخرى ‪.‬‬

‫و يمكن لفعل الدفا ع أن يكون إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا أي باإلمتناع مثال ذلك من‬
‫يحتمي بدرع تؤدي إلى تحطيم األداة المستعملة في الضرب أو من يمتنع عن ربط حيوانه الذي‬
‫هاجم المعتدي دفاعا عن نفسه ‪ .‬أما بالنسبة للوسائل التي تعمل تلقائيا كالفخاخ التي توضع لصد‬

‫القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪ 2006‬صفحة ‪6427‬‬

‫‪20‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫مرتكبي عمليات النه ب و السرقة فيشترط أن يكون األذى الذي تحدثه داخال في حدود الدفاع‬
‫الشرعي و متناسبا مع الخطر ‪.‬‬

‫و لعدم ورود صراحة شروط معينة في فعل الدفاع بالفصلين ‪ 39‬و ‪ 40‬من المجلة‬
‫الجزائية ضبط الفقه شرطين أ ساسيين ألزم توفرهما لكي يكتسي فعل الدفاع طابع المشروعية‬
‫و هما ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬ضرورة الدفاع‬

‫و ما نعنيه هنا بالضرورة هو حالة اإلضطرارية أي إضطرار المدافع للقيام بفعل الدفاع‬
‫موضوع الحكم و إستحالة دفع الضرر عن نفسه بغيرها من الوسائل‪ .‬أما التعرض لمضايقات‬
‫ال يعني حتما حصول ضرر‪ ،‬و التصدي إليها بالضرب أو بإستعمال الغاز المشل للحركة أو‬
‫الصاعق الكهربائي فإنه ال يبرر التمسك بالدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫و يطرح في هذا السياق إشكالين يتعلق األول بإمكانية لجوء المتعرض لإلعتداء إلى‬
‫السلطة العامة مع ذلك فضل الدفاع عن نفسه بنفسه فهنا ال يمكن للمدافع أن يستفيد من قرينة‬
‫الدفاع الشرعي ألن الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية نص صراحة أنه " لم يمكنه النجاة منه‬
‫بوجه آخر " و يتعلق الثاني بإمكانية هروب المدافع من المعتدي فهل يحول ذلك دون إستفادته‬
‫من قرينة الدفاع الشرعي ؟‬

‫"القاعدة أن للمهدد بالخطر الصمود و مواجهة الهجوم بأفعال الدفاع المالئمة و لكن هناك‬
‫من ذلك مثال الرياضي البارع الذي يتعرض‬ ‫‪28‬‬
‫حاالت يتعين على المهد بالخطر أن يهرب "‬
‫لهجوم من قبل شخص أعرج يحمل سالحا فيتصدى له و يشبعه ضربا مخافة أن يقال فر من‬
‫أعرج أو في حال مثال كان المهاجم مجنونا أو عاجزا كالسكران الذي ال يقدر على المشي جيدا‬
‫حتى أو الطفل الصغير و هذا ما إعتبرته محكمة التعقيب في قرارها التعقيبي الجزائي عدد‬
‫‪ 1525‬المؤرخ في ‪ 20‬أفريل ‪ 1977‬و الذي إعتبرت فيه أنه " إذا كان رد الفعل من قبل‬

‫‪ 28‬محاضرات األستاذة هدى طالب علي قانون جزائي عام سنة ثانية إجازة أساسية قانون خاص كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة السنة‬
‫الجامعية ‪2014 - 2013‬‬

‫‪21‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫المتعرض لإلعتداء بالقتل مبالغا فيه و كان بإمكانه تفاديه بوسيلة أخرى كالفرار أو بعنف أقل‬
‫إال أنه ينبغي لفت اإلنتباه إلى أنه بإستثناء الحاالت المذكورة‬ ‫‪29‬‬
‫ال يعتبر بحالة دفاع شرعي "‬
‫أعاله كالمجنون و السكران و الطفل و األعرج فإنه إن كان المعتدي شخصا مدركا و بكامل‬
‫قواه البدنية ومتسلطا فإنه حتى و إن أمكن الفرار منه " فإن الدفاع يبقى حق و واجب يجعل‬
‫الفعل مباحا ومبررا لكونه من قبل الدفاع الشرعي‪ ،‬و لكن بشرط عدم اإلفراط في رد الفعل‬
‫‪30‬‬
‫ألن الدفاع الضروري ال يكون شرعيا إال إذا كان متناسبا"‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تناسب الدفاع مع جسامة الخطر‬

‫ال يكفي توفر شرط ضرورة الدفاع إلعتبار الدفاع شرعيا بل يجب كذلك توفر شرط‬
‫التناسب بين فعل الدفاع و جسامة الخطر لكن تعترضنا هنا صعوبة تكمن في تحديد معيار لهذا‬
‫التناسب فاإلقرار بوجود تناسب من عدمه يحتاج إلى دقة بالغة نظرا لتنوع اإلعتبارات‬
‫والظروف التي تحيط بكل قضية لذلك يخضع إثبات تناسب فعل الدفاع مع جسامة الخطر‬
‫المهدد إلى السلطة التقديرية المطلقة للقاضي الذي يعتمد في ذلك حجم الخطر و درجة عنفه ثم‬
‫المقارنة و اإلستنتاج فإذا تجاوز الدفاع جسامة الخطر إنتفت صفة الدفاع الشرعي و ما يمكن‬
‫إعتباره في هذه الحالة هو إسعاف المتهم بظروف التخفيف إلعتقاده بأنه كان في حالة دفاع‬
‫شرعي و هذا ما أكده فقه القضاء حيث رأى أن " الدفاع على معنى الفصل ‪ 39‬من المجلة‬
‫‪31‬‬
‫الجزائية ال يكون شرعيا إال إذا تناسب مع نوع و جسامة الخطر الذي يهدد المعتدى عليه "‬
‫و لتوفر التناسب يجب أن يتوفر توازن بين الوسائل المستعملة أو الضرر الحاصل و خطر‬
‫الهجوم ‪.‬‬

‫لكن يستوي كذلك عدم تماثل الوسيلة المستعملة في الدفاع مع الضرر الحاصل و يكون‬
‫الضرر أحيانا أشد و اخطر بكثير من ذلك و يعتبر ذلك دفاعا شرعيا في حالت معينة تقرها‬
‫السلطة التقديرية للقاضي مثال لو تسلط إعتداء على المدافع من قبل شخصان و إلتقط هذا األخير‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1525‬مؤرخ في ‪ 20‬افريل ‪ 1977‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1977‬صفحة ‪19429‬‬
‫صفحة‪30‬‬ ‫القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪2006‬‬
‫‪ 31‬تبين المحكمة الجنائية بتونس في حكمها المؤرخ في ‪ 10‬جوان ‪ 1995‬أنه " يجب ان تكون الطريقة المستعملة لرد الصائل متناسبة مع نوع‬
‫التعدي و جسامته (م ق ت ‪ 1995‬عدد ‪ 6‬ص ‪ 154‬أنظر كذلك ت ج عدد ‪ 1525‬مؤرخ في ‪ 20‬أفريل ‪.1977‬‬

‫‪22‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫قضيبا معدنيا و لوح به في الهواء إلخافتهما فأصاب أحدهما فقتله عد ذلك دفاعا شرعيا و أعتبر‬
‫ما قام به المدافع متناسب مع فعل اإلعتداء‪.‬‬

‫و يطرح إشكال آخر على الصعيد العملي فالشخص الذي يتعرض إلعتداء سيحاول‬
‫التصدي إلى الهجوم الواقع عليه و الذي يعرضه لخطر حتمي بأي وسيلة كانت و لن يتمحص‬
‫فيما إذا كانت وسيلته في التصدي ستسبب خطر للمهاجم ال يتناسب و فعل الهجوم لذلك أوكل‬
‫المشرع مهمة تقدير التناسب إلى قضاة الموضوع و يبقى البحث عن شرط التناسب أسهل فيما‬
‫يخص حاالت الهجوم الواقعة باأليادي المجردة فإلتقاط سكين أو إستعمال سالح ناري ضد‬
‫مهاجم أعزل ذي بنية جسدية متقاربة و بنية الشخص الذي وقع عليه الهجوم يبين جليا إنتفاء‬
‫التناسب بين جسامة الخطر و فعل الدفاع ‪.‬‬

‫و من الصور التي لم يتعرض لها فقه القضاء التونسي سوء تقدير الهجوم فهل يعتبر‬
‫دفاعا شرعيا فع ل األب الذي يشاهد شخصا بصدد إطالق النار على إبنه فيقوم األب بقتله‬
‫ويتبين في األخير أن األمر ال يعدوا أن يكون مزاحا ؟‬

‫إعتبرت محكمة التعقيب ذلك دفاعا شرعيا في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 5‬جوان ‪1984‬‬
‫‪32‬‬
‫حيث قامت بتقدير الواقعة تقديرا شخصيا ‪.‬‬

‫كذلك ينبغي لنا التطرق إلى صورة وضع نوع من القنابل و المفرقعات و الكمائن في‬
‫حدود الممتلكات لتنفجر تلك القنابل عند دخول أجنبي و قد تعرض فقه القضاء الفرنسي إلى‬
‫هذه الوضعية في قضية شهيرة و قد "إعتبرت محكمة التعقيب أن الهجوم في هذه الحالة غير‬
‫مضبوط و مبين حتى يتسنى درءه بطريقة معينة و لزوم تناسب الهجوم مع الدفاع ضروري‬
‫‪33‬‬
‫حتى ال يكون الدفاع ذريعة إلرتكاب الجرائم ألتفه األسباب‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫القانون الجزائي التونسي القسم العام مصطفى بن جعفر الطبعة األولى ‪ :‬اإليداع القانوني أكتوبر ‪ 2009‬صفحة ‪241‬‬

‫حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي ‪ 1976‬صفحة ‪3433‬‬

‫‪23‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و ما يمكننا أن نستنتجه و ندركه في األخير أن " النظر في تناسب الدفاع مع اإلعتداء‬


‫يتطلب إذن و ي كل حالة من الحاالت الوقوف عند كل ظروف الواقعة و مالبساته و عدم‬
‫‪34‬‬
‫اإلكتفاء بمقارنة الوسائل المستعملة أو األضرار الحاصلة بصفة مجردة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬موانع إعتماد الدفاع الشرعي‬


‫الفرع األول‪ :‬حظر الدفاع ضد مأموري الضبط‬
‫يقتصر منع المشرع القيام بفعل الدفاع الشرعي على مأموري الضبط دون سواهم من‬
‫الموظفين العموميين ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف مأموري الضبط‬

‫" مأموري الضبط هم طائفة من الموظفين العموميين المنوط بهم إستخدام القوة الجبرية‬
‫‪35‬‬
‫لتنفيذ األوامر و القوانين "‬

‫و مأموري الضبط حسب القانون التونسي هم رجال الضابطة العدلية و رجال الضابطة‬
‫اإلدارية و يدخل في هذا الصنف كل من رجال الشرطة و رجال الحرس الوطني و رجال‬
‫الجيش الوطني و أعوان الديوانة الوطنية و أعوان السجون و اإلصالح و حكام التحقيق ووكالء‬
‫الجمهورية و مساعديهم و كل موظف يضفي عليه القانون صفة الضبطية‪.‬‬

‫و قد ورد بالفصل ‪ 10‬مجلة اإلجراءات الجزائية " يباشر وظائف الضابطة العدلية‬
‫تحت إشراف الوكيل العام للجمهورية و المدعين العموميين لدى محاكم اإلستئناف‪ ،‬كل في‬
‫حدود منطقته ‪ ،‬من سيأتي ذكرهم ‪:‬‬

‫القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪ 2006‬صفحة ‪6834‬‬
‫‪ 35‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪92‬‬

‫‪24‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ )1‬وكالء الجمهورية و مساعدوهم‬

‫‪ )2‬حكام النواحي‬

‫‪ )3‬محافظو الشرطة و ضباطها و رؤساء مراكزه‬

‫‪ )4‬ضباط الحرس الوطني و ضباط صفه و رؤساء مراكزه‬

‫‪ )5‬مشائخ التراب‬

‫‪ ) 6‬أعوان اإلدارات الذين منحوا بمقتضى قوانين خاصة السلطة الالزمة للبحث عن‬
‫بعض الجرائم أو تحرير التقارير فيها‬

‫‪ )7‬حكام التحقيق في األحوال المبينة بهذا القانون‪".‬‬

‫و ورد بالفصل ‪ 16‬من المجلة العسكرية " يمارس وظائف الظابطة العدلية العسكرية ‪:‬‬

‫‪ )1‬المدعي العام و معاونوه و قضاة التحقيق‬

‫‪ )2‬الضباط الذين يعينهم لهذه الغاية رئيس أركان الجيش العامة أو من يقوم مقامه أو قائد‬
‫الدرك العام و ضباط صف الشرطة الجيش و الدرك‬

‫‪ ) 3‬آمرو المناطق و الوحدات و المفارز و المخافر كل في دائرة إختصاصه بالنسبة‬


‫لمرؤوسيه و الجرائم العسكرية المرتكبة ضمن منطقته "‪.‬‬

‫و يدخل كذلك أعوان اإلدارات ضمن مأموري الضابطة العدلية إذ " نص المشرع بعدة‬
‫نصوص خاصة على أن أعوان اإلدارة لهم صفة الضابطة العدلية في حدود الجرائم الخاصة‬
‫باإلدارة المعنية‪ ،‬و كذلك الصورة بالنسبة إلى أعوان إدارة القمارق و أعوان إدارة الجباية و‬
‫أعوان البنك المركزي و مراقبي التأمين و أعوان إدارة اإلقتصاد في تنظيم التجارة و حماية‬
‫المستهلك و أعوان إدارة الفالحة في حماية الغابات و األراضي الفالحية و النباتات و الصيد‬
‫البحري و أعوان إدارة تكنولوجيا اإلتصاالت في تنظيم اإلتصاالت و التجارة اإللكترونية‬

‫‪25‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫وحماية المعطيات الشخصية و أعوان إدارة الشؤون إلجتماعية في تنظيم عالقة الشغل‬
‫والضمان اإلجتماعي و التعويض عن األضرار الناتجة عن حوادث الشغل و األمراض المهنية‬
‫و أعوان إدارة النقل في تنظيم النقل البري و الجوي و البحري و أعوان إدارة البيئة وأعوان‬
‫إدارة التجهيز في حماية التهيئة العمرانية و أعوان إدارة الثقافة في حماية التراث األثري و‬
‫التاريخي و حماية الملكية األدبية و تنظيم قطاع الفيديو و أعوان إدارة السياحة في تنظيم‬
‫‪36‬‬
‫السياحة و أعولن إدارة الصحة في تنظيم قطاع الصحة "‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمأموري الضبط اإلداري فيضم أوال محافظي الشرطة و ضباطها و رؤساء‬
‫مركزهم و ضباط الحرس الوطني و ضباط صفه و رؤساء مراكزهم‬

‫و يضم كذلك أعوان الديوانة الذين حددهم القانون األساسي الخاص بهم و هم ‪ :‬المتفقد‬
‫المساعد و مالزم الديوانة و رئيس مكتب الديوانة و رئيس فرقة ‪.‬‬

‫و يدخل كذلك في مأموري الضبط اإلداري أعوان السجون و اإلصالح الذين ينص عليهم‬
‫القانون ‪.‬‬

‫و ي كتسب كذلك صفة مأموري الضبط كل من نص عليه القانون بمقتضى نصوص‬


‫متفرقة و يجوز في غير هذه الحاالت الدفاع ألنه من لم يكتسب صفة عون الضابطة العدلية أو‬
‫اإلدارية و أتى بفعل إعتداء جاز الدفاع ضده ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المبدأ عدم جوازالدفاع ضد مأموري الضبط‬

‫األصل في األمر عدم جواز إعتماد الدفاع الشرعي ضد مأموري الضبط إذ أنهم يباشرون‬
‫مهامهم المنوطة بعهدتهم بمقتضى نص قانوني أو إذن من السلطة مما يضفي على أفعالهم صفة‬
‫المشروعية إذ ورد بالفصل ‪ 42‬من المجلة الجزائية " ال عقاب على من إرتكب فعال بمقتضى‬

‫دروس في اإلجراءات الجزائية د‪.‬علي كحلون مجمع األطرش للكتاب المختص الطبعة األولى تونس ‪ 2009‬صفحة‪14936 -148-197‬‬

‫‪26‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫نص قانوني أو إذن من السلطة التي لها النظر" و هذا ما يحيلنا في األصل إلى واجب اإلنصياع‬
‫و الطاعة ممن وقع عليه الفعل حتى و إن تجاوز هذا الموظف حدود وظيفته شرط أن يكون‬
‫حسن النية أي معتقدا في مشروعية فعله سواء إنبنى حسن النية على أسباب معقولة أم ال ‪.‬‬

‫أ‪ -‬تجاوز حدود الوظيفة‬

‫يكون تجاوز حدود الوظيفة من قبل مأموري الضبط في حالتين و هي إما إعتقاد مأموري‬
‫الضبط أن الفعل الذي يقوم به من إختصاصه‪ ،‬او أن يقوم بتنفيذ أمر رئيس إعتقد أنه مطابق‬
‫للقانون ‪.‬‬

‫بالنسبة للحالة األولى فتكون حين يعتقد مأمور الضبط أنه يقوم بفعل من إختصاصه بينما‬
‫يخرج إختصاصه عن ذ لك و يكون خروجه وليد عدم الدقة في معرفة حدوده كأن يأمر عضو‬
‫النيابة بالقبض على شخص في جريمة ال يجيز القانون القبض فيها‪ ،‬لكن ال يمكن أن تعتبر‬
‫الحالة تجاوز حدود وظيفي إذا كان عمل الموظف من نوع آخر كأن يأمر عضو النيابة بتوقيع‬
‫عقاب ففي هذه الحالة إستبدل الموظف إختصاصه و ال يمكنه القول بأنه تجاوز حدود مهامه ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحالة الثانية التي يقوم فيها مأموري الضبط بتنفيذ أمر رئيس إعتقد أنه مطابق‬
‫للقانون و تكون هذه الوضعية إذا صدر األمر من رئيس له سلطة توجيه األوامر لكن يكون‬
‫األمر المقضي به غير مطابق للقانون أو يتجاوزه و ظن الموظف أن هذا األمر قانوني و يجب‬
‫عليه تنفيذه من ذلك مثال أن يقوم مأمور الضبط بالقبض على أحدهم بناء على أمر باطل ‪ ،‬ففي‬
‫هاتين الحالتين الواردتين أعاله و رغم تجاوز مأموري الضبط حدود وظائفهم إال أنه ال يجوز‬
‫الدفاع الشرعي ضدهم من قبل الخ اضع لألمر حتى بعلمه أن ما يقوم به مأمور الضبط فيه‬
‫تجاوز لحدود مهامهم و في حال قام المعني باألمر بالدفاع ضدهم ال يمكنه أن يحتج بقرينة‬
‫الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫ب‪ -‬حسن النية‬

‫‪27‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و يقصد بحسن النية في هذا السياق " أن يكون مأمور الضبط معتقدا مشروعية عمله و‬
‫‪37‬‬
‫أنه داخل نطاق إختصاص وظيفته "‬

‫كالقبض على شخص ظن خطأ أنه المجرم أو تفتيش المنزل الخطأ لتشابه في البيانات‬
‫بينه و بين المنزل الوارد صلب أمر التفتيش ‪ ،‬فال يجوز كذلك في هذه الحالة الدفاع ضد‬
‫مأموري الضبط و أي فعل صادر من صاحب المنزل الذي وقع تفتيشه أو من الشخص الذي‬
‫تم القبض عليه خطأ ال يدخل في الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اإلستثناء جواز الدفاع الشرعي ضد مأموري الضبط‬

‫إستثناء للمبدأ الذي يحجر مقاومة مأموري الضبط و يخرج ذلك من حدود الدفاع الشرعي‬
‫‪ ،‬تكتسي مقاومة مأموري الضبط صفة الدفاع الشرعي و يجوز الدفاع ضدهم وعدم اإلنصياع‬
‫ألوامرهم في حاالت خاصة كاآلتي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬تجاوز حدود الوظيفة عن سوء نية‬

‫و يكون ذلك في حال تجاوز مأمور الضبط حدود وظيفته عن سوء نية و يمكن إدراك‬
‫سوء نية مأمور الضبط من خالل الوقائع المحيطة بالفعل أو التدابير المتخذة ‪.‬‬

‫مثال ذلك البض على شخص و دفعه لتحقيق مصالح شخصية أو القيام بتعذيب المتهم‬
‫ففي هذه الحالة يخرج عمل مأمور الضبط عن نطاق المشروعي و يظهر جليا سوء نية مأمور‬
‫الضبط و يمكن للمدافع القيام بالدفاع ضده و يعتبر دفاعه شرعيا ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الخروج عن حدود الوظيفة‬

‫يجوز القيام بالدفاع ضد مأموري الضبط و يعتبر ذلك دفاعا شرعيا إذا خرج مأمور‬
‫الضبط عن حدود وظيفته خروجا جليا بإستبدال إختصاصه بإختصاص آخر مختلف ينتفي معه‬

‫‪ 37‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪94‬‬

‫‪28‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫إحتمال الشبهة أو الغلط على عكس حالة الحظر التي تقتضي تجاوز يسير منبني على عدم‬
‫الدقة في معرفة حدود عمله ‪.‬‬

‫ج‪ -‬إذا خيف حدوث موت أو جراح بليغة‬

‫يبيح المشرع الدفاع الشرعي و يستثني من حاالت المنع الواردة ضد مأموري الضبط‬
‫الحاالت التي ينشأ عنها خوف من موت أو جراح بليغة قد تنتج عن فعل مأموري الضبط فإذا‬
‫كانت أعمالهم يمكن أن ينشأ عنها موت أو جروح بالغة إعتبر الدفاع دهم دفاعا شرعيا ‪.‬‬

‫و يمكن تعريف الجراح البالغة بكونها " هي التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة أو التي تخلف‬
‫‪38‬‬
‫عاهة مستديمة أو عجز خطير " ‪.‬‬

‫وال يمكن للقانون أن يلزم األفراد بتحمل إعتداء قد ينتج عنه موت أو جرح جروح بليغة‬
‫من أجل طاعة مأموري الضبط طاعة عمياء ال خروج عنها حتى و إن بني الفعل في بدايته‬
‫على أسس قان ونية و أمر شرعي من السلطة فإن هذا األمر حتما سيتحول ليكتسي طابع‬
‫الالمشروعية إذا بلغ درجة من الخطورة قد تخلف أضرارا فادحة أو مستدامة بالخاضع لألمر‬
‫قد يخشى منه موت أو جراح بالغة ‪.‬‬

‫من الحتمي أن القانون يحثنا على طاعة و اإللتزام بأمر السلطة لكن إذا كان هذا اإللتزام‬
‫ستنجر عنه نتائج يخشى منها خول المشرع حق الدفاع الشرعي ليس لعقاب الفاعل بل لتجنب‬
‫نتائج يخشى في حال تحققها عدم القدرة على إصالح الضرر بعد حصوله‪.‬‬

‫كذلك ينبغي اإلشارة إلى أنه ال يشترط لقيام فعل الدفاع في هذه الحالة أن يكون الضرر‬
‫قد بدأ حقا ليدافع المعتدى عليه خشية تواصل اإلعتداء و لمنع تفاقم الضرر‪ ،‬بل يكفي لقيام حالة‬
‫الدفاع الشرعي أن ينشأ تخوف من ذلك شرط أن يكون هذا التخوف مبني على أسباب معقولة‬
‫و هو ما يوكل في تقديره إلى السلطة التقديرية لقضاة الموضوع ‪.‬‬

‫‪ 38‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪95‬‬

‫‪29‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حظر الدفاع بالقتل إال في أحوال محددة‬


‫بمقتضى الفصلين ‪ 39‬و ‪ 40‬من المجلة الجزائية أباح المشرع فعل الدفاع الشرعي للدفاع‬
‫عن بعض المصالح األساسية لإلنسان و التي تكون مهددة بخطر حاتم و قد فرض المشرع أن‬
‫يكون فعل الدفاع متناسبا و بالقدر الكافي لدفع الهجوم الذي يتعرض له القائم بفعل الدفاع لكن‬
‫ماذا لو كان هذا الهجوم ال يمكن درءه إال بقتل المعتدي ؟‬

‫لق د حدد المشرع صلب الفصلين المذكورين أعاله الحاالت التي يجوز فيها الدفاع بالقتل‬
‫على سبيل الحصر‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أحوال الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية‬

‫لقد ورد بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية أنه " ال جريمة على من دفع صائال عرض‬
‫حياته أو حياة أحد أقاربه لخطر حتمي و لم تمكنه النجاة منه بوجه آخر "‪.‬‬

‫إن الحاالت التي ال تعرض حياة المعتدى عليه إلى خطر الموت أو الجراح البليغة‪ ،‬بمعنى‬
‫لو تسلط إعتداء ال يدخل ضمن األحوال المذكورة التي أباح فيها المشرع الدفاع أي أن تكون‬
‫الجريمة المسلطة على المعتدى عليه ال تدخل ضمن الجرائم التي أباح المشرع الدفاع ضدها‬
‫بالقتل أعتبر المدافع متجاوزا لحدود الدفاع الشرعي حتى لو كان القتل الوسيلة الوحيدة لدرء‬
‫اإلعتداء مثال ذلك اإلعتداء باللكم بنية الضرب دون نية القتل أو تخليف جراح بليغة أو تسليط‬
‫إعتداء على المعتدى عليه الذي ينوي سرقة شيء أو نية كسر يد المعتدي للحيلولة دون اإلعتداء‬
‫عليه بالضرب قصد تنفيذ أمر معين ال يتخوف منه على حياة المعتدى عليه أو أحد أقاربه‬
‫المذكورين ضمن قائمة الفصل ‪ ، 39‬ال يجوز فيها دفع صولة الصائل بالقتل حتى لو كان القتل‬
‫الوسيلة الوحيدة لدفع هذا اإلعتداء ‪.‬‬

‫مثال ذلك دخل لص نهارا إلى ب يت فتعرض له المالك فإنهال عليه اللص بهراوة قصد‬
‫كسر ساقه فقام المالك بإطالق النار على اللص فقتله يعتبر ذلك تجاوزا لحد الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫بإستثناء هذه الحاالت أعتبر فعل الدفاع دفاعا شرعيا إذا كانت صولة الصائل تتمثل في‬
‫فعل يتخوف منه موت أو جراح بليغة ‪ .‬و قد سبق أن عرفنا الجراح البليغة بكونها " هي التي‬
‫‪39‬‬
‫يمكن أن تؤدي إلى الوفاة أو إلى تخلف عاهة مستديمة أو عجز خطير"‬

‫إستنادا إلى ذلك فإن الخطر الذي عبر عنه المشرع بصولة صائل الذي يعرض حياة‬
‫المعتدى عليه أو أحد أقاربه المذكورين لخطر حتمي جاز الدفاع ضده بالقتل و ينسحب نفس‬
‫احكم إذا كانت صولة الصائل تهدد بإحداث جراح بليغة التي نزلها الفقهاء منزلة القتل لخطورة‬
‫الفعل الذي يهدد بجراح بليغة إذ أنها من الممكن أن تخلف الموت أو عاهة مستدامة أو عجز‬
‫خطير‪.‬‬

‫و يمكن تقدير ما إذا كان الخطر يهدد بفعل من األفعال المذكورة أعاله المتمثلة في الموت‬
‫أو جراح بليغة‪ ،‬أم ال باإلعتماد على ظروف و مالبسات اإلعتداء و تخضع حتما إلى السلطة‬
‫التقديرية لقضاة الموضوع ‪.‬‬

‫كذلك الشأن بالنسبة للمعتدى عليه الذي بإمكانه تقدير نوع الخطر و ما إذا كان من قبيل‬
‫التهديد بالموت أو جراح بليغة أم أنه ال يصل ذلك الحد‪ ،‬حسب الظروف المحيطة بالواقعة‬
‫ومالبساتها‪.‬‬

‫صحيح أن المشرع أباح في هاذين الحالتين أي حالة التهديد بالموت أو بجراح بليغة ‪،‬‬
‫الدفاع ضد المعتدي بقتله إال أن ذلك ال يجب أن يخرج عن شرط التناسب أي أ‪،‬ه " ال يعني أن‬
‫الدفاع الشرعي بالقتل جائز دون قيود كلما توفرت إحدى هاتين الحالتين بل البد من توافر‬
‫التناسب العام بادئ األمر بأن تكون الجريمة التي سيلجأ إليها متناسبة مع اإلعتداء الذي تعرض‬
‫له أي يجب أن يثبت أن القتل كان الوسيلة الوحيدة للمدافع لرد اإلعتداء في الظروف التي مر‬
‫‪40‬‬
‫بها "‬

‫‪ 39‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪95‬‬
‫‪ 40‬الموسوعة الجنائية الحديثة الكتاب األول القصد الجنائي و المساهمة و المسؤولية الجنائية و الشروع و الدفاع الشرعي و عالقة السببية أحمد أبو‬
‫الروس المكتب الجامعي الحديث األزاريطة اإلسكندرية صفحة ‪137-136‬‬

‫‪31‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫كذلك و حسب شروط الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية إلباحة القتل في هذه الحاالت‬
‫واإلستفادة من قرينة الدفاع الشرعي يجب أن يثبت المعتدى عليه أنه لم تمكنه النجاة منه بوجه‬
‫آخر من ذلك مثال كان بإمكان المعتدى عليه اإلستنجاد بالسلطة العامة إال أنه فضل الدفاع بنفسه‬
‫و قام بقتل المعتدي فإن وجدت هذه الوضعية و حتى بتوفر كل الظروف السابقة ال يمكن‬
‫للمعتدى عليه أن يستفيد من قرينة إباحة الدفاع بالقتل في الدفاع الشرعي و يعتبر خارجا عن‬
‫حدود الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحوال الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية‬

‫يعتبر الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية في القانون التونسي حالة خاصة للدفاع الشرعي‬
‫ال تخضع للشروط العامة الواردة بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية ‪.‬‬

‫و قد ورد بهذا الفصل أنه ‪ " :‬ال جريمة ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب واقعا ليال لدفع تسور أو خلع مسيجات أو ثقب‬
‫جدران أو مدخل مسكن أو محالت تابعة له ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إذا كان الفعل واقع لمقاومة مرتكبي سرقة أو سلب بالقوة "‪.‬‬

‫فأباح المشرع الدفاع بالقتل في هذه الحالة التي تعتبر خاصة مثله مثل الدفاع ضد فعل‬
‫يهدد بالجرح أو بالضرب و لم يشترط المشرع إثبات لزوم أحد هذه األفعال دون سواه أي لم‬
‫يشترط إثبات التناسب بين فعل الدفاع القائم و جسامة الخطر المهدد مثال ذلك لو تسلق أحدهم‬
‫جدار منزل ليال يمكن لصاحب المنزل أن يدافع عن نفسه بإطالق النار و قتل المشبوه فيه‬
‫ويكون منتفعا بقرينة الدفاع الشرعي و ال يسأل عن فعله و لو كان بإمكانه الدفاع بطريقة أخف‬
‫كفعل الجرح أو الضرب ‪.‬‬

‫و قد أباح المشرع بمقتضى هذا الفصل فعل الدفاع بالقتل مثله مثل الحالتين اإلستثنائيتين‬
‫للفصل ‪ 39‬من القاعدة العامة للدفاع الشرعي التي تمنع الدفاع بالقتل ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و نتطبق هذه اإلباحة في صورتين إثنين و هما الصورتين الواردتين حصرا بالفصل ‪40‬‬
‫من المجلة الجزائية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الصورة األولى ‪ :‬الحاالت التي يقع فيها التصدي إلى اإلعتداء الواقع ليال على البيوت‬
‫المسكونة و توابعها ‪.‬‬

‫و هنا إبتداء علينا توضيح مفهوم المسكن أو المحل المسكون حسب التشريع التونسي‬
‫وهو الذي عرفه المشرع التونسي صلب الفصل ‪ 267‬من المجلة الجزائية بأنه " كل بناء أو‬
‫مركب أو خيمة أو مكان مسيج معد للسكنى ‪"...‬‬

‫و قد ألحق المشرع صلب الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية بالمسكن المحالت التابعة له و‬
‫المسيجات و أنزلها نفس المنزلة من جواز الدفاع عنها بالقتل على إعتبار و كأنها مسكن ‪.‬‬

‫و تتمثل حسب الفصل ‪ 268‬من المجلة الجزائية المحالت التابعة للمسكن في "الصحون‬
‫و محالت تربية الطيور و اإلصطبالت و المباني المالصقة ألحد المحالت المبينة بالفصل‬
‫المتقدم و لو كان لها سياج خصوصي فالسياج العام للمحل أو بحرمه العام تعتبر من المحالت‬
‫المسكونة "‬

‫و تعتبر مسيجات حسب الفصل ‪ 269‬من المجلة الجزائية كل " معاطن أو مرابض أو‬
‫أماكن مسيجة كل أر ض محوطة بخفير أو مواثيق أو بمشبك من القصب أو غيره أو بألواح أو‬
‫بتخوم من نبات حي أ و يابس أو بحائط كيفما كانت مواد تركيبه و كيفما كان ارتفاع وعمق و‬
‫حالة قدم أو تهدم تلك األنواع من المسيجات و لو لم تكن لها أبواب تغلق بمفاتيح أو بغيرها أو‬
‫كانت األبواب ذات فرج أو مفتوحة عادة ‪.‬‬

‫و المعاطن أ و المرابض غير القارة المعدة لوضع الحيوانات باألراضي بأي كيفية كان‬
‫صنعها تعبر أيضا مسيجات ‪".‬‬

‫و يبدوا ان المشرع قد إعتمد مفهوما واسعا للمسكن و ملحاقته سعيا منه لحماية حرمة‬
‫المسكن و حرمة ممتلكات األفراد إذ عادة ما يضع الشخص ممتلكاته في تلك األماكن‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫• تسلط اإلعتداء ليال‬

‫و قد إشترط المشرع في هذه الصورة أن يكون اإلعتداء ليال كشرط أساسي حتى يعتبر‬
‫فعل الدفاع من قبيل الدفاع الشرعي لكن لم تقدم المجلة الجزائية تعريفا لليل و بالرجوع إلى‬
‫مجلة المرافعات المدنية و التجارية نجد أن المشرع أورد صلبها تعريف لليل يتمثل في تعريف‬
‫فلكي ينحصر في الحيز الزمني من اليوم الفاصل بين غروب الشمس و شروقها لكن هذا‬
‫التعريف ال يتماشى مع التعريف المفترض في المادة الجزائية إذ أن ظرفية الليل في المادة‬
‫الجزائية يعتبر ظرفا خاصا و مسموحا فيه بقتل من يعتدي على مساكن الغير وأمالكهم لما‬
‫تعنيه هذه الفترة من ظالم و هدوء و سكينة حيث يكون أغلب الناس في تلك الفترة قد إلتحقوا‬
‫بمنازلهم يلتمسون فيها راحتهم و يقضونه عادة في النوم ‪ ،‬فدخول اللص المسكن ليال يجعله‬
‫يستتر بعنصر الظالم و يكون في مأمن من مشاهدة المارة و يصعب على الضحية اإلستنجاد‬
‫بغيره لصد إعتداء السارق ‪.‬‬

‫و إستنادا إلى ذلك ال يمكن إعتماد تعريف الليل الوارد صلب مجلة المرافعات المدنية و‬
‫التجارية و يبقى تقدير ما إذا كانت وقائع القضية تعتبر وقت في الليل أو نفيها موكال للسلطة‬
‫التقديرية لقاضي الموضوع و إستنادا إلى ذلك إذا كان اإلعتداء المسلط الذي وقع ضده الدفاع‬
‫واقعا في النهار أو أعتبر واقعا في النهار تنتفي شروط الفقرة األولى من الفصل ‪ 40‬من المجلة‬
‫الجزائية و أعتبر فعل القتل عن نطاق الدفاع الشرعي و عن إباحة الدفاع بالقتل ‪.‬‬

‫و من الوجيه هنا طرح تساؤل حول ما إذا تسلطت ذات األفعال على مسكن جبلي أو‬
‫ريفي معزول عن العمران فالظروف هنا تتشابه و األكيد أن إباحة المشرع لفعل القتل على‬
‫معنى هذا الفصل مبني على الظرف الذي يحيط بساكن المنزل ليال و هو العزلة و صعوبة‬
‫إستنجاده بالناس و هو ذات ظرف المسكن المعزول و لو وقع اإلعتداء عليه نهار‪ ،‬فهل بإمكان‬
‫من وض ع في هذا الظرف أن يستفيد من قرينة الدفاع الشرعي على معنى الفصل ‪ 40‬من المجلة‬
‫الجزائية ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫"هذه الحالة في إعتقادي تبقى خاضعة لتقدير قضاة األصل الذين بإمكانهم إعتبار مثل‬
‫‪41‬‬
‫هذه الحالة من حاالت التبرير الواردة ضمن الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية "‪.‬‬

‫• المدافع يجهل نية المعتدي‬

‫حتى تتوفر أسباب إباحة فعل الدفاع بالقتل و ينتفع المدافع بقرينة الدفاع الشرعي يجب‬
‫أن يكون المدافع كذلك يجهل نية الداخل عن طريق التسور أو الخلع إذ أن الحكمة من إباحة‬
‫القتل العمد في هذه الحالة " هي خطورة الفعل من حيث جسامة األضرار التي يمكن أن تنشأ‬
‫‪42‬‬
‫عنها و ال شك أن هذه الحكمة تنتفي حينما يتحدد الغرض من الدخول و يعلم به المدافع "‪.‬‬

‫فإن علم المدافع نية الداخل عليه أن يقدر دفاعه حسب نية هذا الداخل فإن كان صاحب‬
‫المنزل يعلم أن الداخل ال ينوي جريمة و مع ذلك قام بقتله مثال ذلك من قام بقتل متسلق‬
‫المسي جات ليال الذي لم يكن ينوي القيام بإعتداء إنما قام بذلك لكونه على موعد مع إبنة صاحب‬
‫المنزل و قام هذا األخير بقتله عقابا له‪.‬‬

‫فالمشرع أعفى بمقتضى الفقرة األ ولى من هذا الفصل المدافع من إثبات أركان الدفاع‬
‫الشرعي و إكتفى بتحديد األفعال التي تبرر هذه الحالة و زمان وقوعها لكن تبقى هذه القرينة‬
‫غير مطلقة إذ بإمكان النيابة دحضها بإثبات عكسها كما ذكرنا في وضعية متسلق المسيجات‬
‫من أجل موعد ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الصورة الثانية ‪ :‬الحاالت التي يقع فيها التصدي لمرتكبي سرقة أو سلب األموال‬
‫بالقوة‬

‫‪ 41‬المجلة الجزائية معلق عليها تعليق األستاذ عبادة الكافي مطابع سنابكت ‪ - 2014‬الطبعة الثانية تونس ‪ 2016‬صفحة ‪111‬‬
‫الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986 42‬صفحة ‪99‬‬

‫‪35‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و يشترط إلباحة فعل القتل في هذه الصورة شرطين إثنين يتمثالن في ‪:‬‬

‫‪ -‬وقوع عملية السلب أو السرقة من طرف عدة أشخاص‪.‬‬

‫‪ -‬أن تتم هذه العملية بإستعمال القوة‪.‬‬

‫و لم يشترط المشرع في هذه الصورة زمانا معينا ليكتسي فعل الدفاع بالقتل طابع اإلباحة‬
‫على عكس الصورة األولى التي إشترط فيها المشرع قيام فعل الدفاع بالقتل ليال ‪.‬‬

‫و لكن ظهرت في اآلونة األخيرة أصوات ناقدة للفقرة الثانية من الفصل ‪ 40‬من المجلة‬
‫الجزائية حيث إرتئ الناقدون أن هذا النص خارج إطاره التاريخي فبالعودة للظروف التاريخية‬
‫لسن هذا النص ندرك أن الفصل ‪ 40‬المذكور هو ترجمة حرفية للفصل ‪ 320‬قديم من المجلة‬
‫الجنائية الفرنسية التي وضعت سنة ‪ 1810‬لتفهمنا غرض المشرع الفرنسي من وضع الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 320‬الذي كان يرمي من وراءها إلى التصدي إلى قطاع الطرق ‪« les‬‬
‫» ‪ brigands‬و التي كانت جرائمهم سائدة في ذلك العصر و قد إستعمل المشرع الفرنسي‬
‫كلمة » ‪ « pillage‬أي ما معناه السلب لوصف أفعالهم ‪ ،‬و استعملت نفس الكلمة " السلب "‬
‫في الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية التونسية‪. 43‬‬

‫فهذا النص إذا سن في ظروف و حالة إجتماعية مغايرة للحالة اإلجتماعية و األمنية‬
‫السائدة اليوم في تونس مما يخرج هذا النص عن إطاره التاريخي و يجعله مصدر قلق وحيرة‬
‫للقاضي الجزائي الذي يضطر أحيانا بمقتضاه إلى إعفاء من تولى قتل من حاولوا سرقة هاتفه‬
‫الجوال بإستعمال القوة من المسؤولية الجزائية ‪.‬‬

‫و ترى هذه النظرية النقدية أن إباحة مثل هذه التصرفات سيفتح الباب أمام كل أنواع‬
‫التجاوزات لكن عموما إتجهت المحاكم في مثل هذه المواقف إلى عدم إعتبار حالة التبرير إال‬
‫نادرا مما يجعل هذا النص من أقل النصوص تطبيقا في المجلة الجزائية ‪.‬‬

‫المجلة الجزائية معلق عليها تعليق األستاذ عبادة الكافي مطابع سنابكت ‪ - 2014‬الطبعة الثانية تونس ‪ 2016‬صفحة ‪117‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪36‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪37‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫العنوان الثاني ‪:‬‬


‫آثار القيام بفعل الدفاع الشرعي‬

‫‪38‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫المبحث األول ‪ :‬سلطة المحكمة في تقدير حالة الدفاع‬


‫الشرعي‬
‫أوكل تقدير حالة الدفاع الشرعي و تقدير الوقائع المؤدية لقيام حالة الدفاع الشرعي إلى‬
‫محكمة الموضوع التي وحدها لها أن تقر بوجود حالة الدفاع الشرعي من عدمه دون إمكانية‬
‫إيكال ذلك إلى محكمة القانون التي يقتصر دورها على مراقبة تطبيق القانون‪ ،‬و ما دام إقرار‬
‫مح كمة الموضوع بوجود الدفاع الشرعي من عدمه معلال فإن رقابة محكمة القانون على هذا‬
‫التقدير تنتفي ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬إثبات حالة الدفاع الشرعي‬


‫الفقرة األولى‪ :‬تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي‬

‫يعتبر الدفاع الشرعي إستعمال القوة الالزمة لرد اإلعتداء أو الصائل في حال حلول خطر‬
‫و يوكل تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي من إنتفاءه إلى محكمة الموضوع ‪.‬‬

‫و يكون ذلك حسب وقائع و مالبسات الحادثة و " يجب لقيام حالة الدفاع الشرعي أن‬
‫يكون تقدير المتهم لفعل اإلعتداء الذي إستوجب عنده الدفاع مبنيا على أسباب معقولة من شأنها‬
‫أن تبرر ما وقع منه‪ ،‬و من حق المحكمة أن تراقب هذا التقدير لترى ما إذا كان مقبوال سوغه‬
‫‪44‬‬
‫البداهة بالنظر إلى ظروف الحادث و عناصره المختلفة "‬

‫كما تقوم محكمة الموضوع بعد إستخالص الوقائع بإستخالص الصورة الصحيحة‬
‫للواقعة و إعتمادا على تلك الصورة تقوم بتقدير وجود حالة الدفاع الشرعي من إنتفاءها‪ ،‬إذ‬
‫تقوم المحكمة بعد جمعها األدلة و العناصر المطروحة أمامها بإستخالص الصورة الصحيحة‬
‫للواقعة حسب ما يؤدي إليه إقتناعها و لها أن تقوم بطرح ما يخالف إقتناعها من الصور األخرى‬

‫دراسة علمية في أسباب اإلباحة و موانع العقاب ممدوح عزمي ‪ 2000‬دار الفكر الجامعي ‪ 30‬شارع سوتير‪ -‬األزاريطة صفحة ‪15744‬‬

‫‪39‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫التي أفضى ت قديرها إلى عدم صحتها و ذلك باإلستناد إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق و لها‬
‫إثباتات موجودة في األوراق ‪.‬‬

‫و تقوم المحكمة في هذا اإلطار بتقدير القوة الالزمة لرد اإلعتداء و ما إذا كانت هذه‬
‫القوة تدخل في حدود الدفاع الشرعي أم تتجاوزه ‪ ،‬إال أنها إذا أثبتت في حكمها ما يؤكد أن‬
‫المدافع لم يتجاوز حدود الدفاع الشرعي ثم إستخلصت نتيجة تخالف ما أثبتته أي نتيجة تقر‬
‫بتجاوز المتهم لحدود الدفاع الشرعي فعندئذ و في خضم هذا التناقض بين األدلة و تطبيق‬
‫لقانون و بين الحقيقة و الحكم يمكن لمحكمة القانون أن تتدخل لتصحح هذا اإلستخالص بما‬
‫يتطابق مع األدلة المثبة و حقيقة الحادثة و تحكم بما يقتضيه المنطق و القانون‪.‬‬

‫و يجب كذلك في إطار تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي من قبل المحكمة أن يقع األخذ‬
‫بعين اإلعتبار الحالة النفسية للمتهم وقت إرتكاب الجريمة و كذلك األخذ بالظروف‬
‫والمالبسات المحيطة به ‪ ،‬فحكم المحكمة يجب أن يتجه وجهة شخصية يراعي فيها مختلف‬
‫الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان إذ من غير الصواب أن تتم محاسبته‬
‫على إعتبار أنه كان شخص ذو تفكير هادئ عند القيام بفعل الدفاع و إرتكاب الجريمة و ال‬
‫يستوي أن يقع الحكم مستقال و بعيدا عن جميع المالبسات التي أحاطت به وقت الحادثة ‪،‬‬
‫فالحالة النفسية التي تخالج ذات الشخص الذي يفاجأ باإلعتداء و تجعله في ظروف حرجة دقيقة‬
‫تتطلب منه معالجة الموقف بسرعة و على الفور للتمكن من الخروج من المأزق وتفادي الخطر‬
‫الذي يهدده ال يصح معها محاسبته على أساس التفكير الهادئ و المطمئن المتزن الذي من‬
‫الصعب أن يتمتع به شخص أحاطت به مثل هذه الظروف و المالبسات ‪.‬‬

‫و هنا ينبغي علينا اإلشارة إلى أن الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة المعتدي إنما لرد‬
‫العدوان فمن كان رد فعله القائم ضد االمعتدي ال يعدوا كونه عقابا للمعتدي و تم إثبات ذلك‬
‫باألدلة و البراهين القاطعة كأن يقوم المعتدى عليه بقتل المعتدي بعد أن وقع اإلعتداء و إنتهى‬
‫منه أو قام بذلك بعد زوال حالة الخطر عد فعله خارجا عن الدفاعى الشرعي ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرف الموكول له عبئ اإلثبات‬

‫أ‪ -‬إثبات الدفاع الشرعي في الحاالت العادية ‪:‬‬

‫تقول القاعدة بأنه من يتمسك بالدفاع الشرعي عليه أن يقيم الدليل على إدعاءه و يكون‬
‫ذلك بشتى الوسائل كاإلقرار أو شهادة الشهود أو إستخالص أدلة أو براهين ‪.‬‬

‫ثار جدل حول من عليه أن يقوم بإثبات قيام الدفاع الشرعي و على عاتق من تقع هذه‬
‫المسؤولية فهل ذلك من مهام النيابة العمومية و يبقى المتهم في هذه الحالة متمتع بقرينة البراءة‬
‫حتى و إن لم يقم بإثبات براءته إلى أن تثبت النيابة عكس ذلك أم أن هذا األمر يقع على عاتق‬
‫المتهم الذي يعتبر مدانا إلى أن يثبت هو بنفسه عكس ذلك ؟‬

‫و قد أفضى هذا الجدل إلى ظهور عدة آراء يمكن تقسيمها إلى إتجاهين إثنين ‪:‬‬

‫• اإلتجاه األول ‪:‬‬

‫ذهب هذا اإلتجاه إلى أن عبء اإلثبات ال يقع على عاتق المتهم فقد ذهب رأي في هذا‬
‫اإلتجاه إلى أن عبء اإلثبات يقع على عاتق اإلدعاء العام بوصفه سلطة اإلتهام في الدعوى‬
‫الجنائية و أنه علي ه إثبات توافر الجريمة و أركانها و عدم مشروعية الفعل اإلجرامي الذي‬
‫إنجرت عنه الجريمة‪ ،‬و المتهم في هذه الحالة يتمتع بقرينة البراءة و ال يتحمل عبء إثبات هذه‬
‫الجريمة أو نفيها و هناك من رأى أن هذا العبء الملقى على النيابة العامة في إثبات توفر‬
‫أركان الجريمة من ع دمها يقتصر فقط على الحاالت التي يتمتع فيها المتهم بتوافر حق الدفاع‬
‫الشرعي و على اإلدعاء العام أن يثبت إنتفاء هذا الحق و إال سلم بقيامه ‪.‬‬

‫و ذهب رأي آخر في هذا اإلتجاه إلى أن هذا العبء ملقى على القاضي الذي يجب عليه‬
‫من تلقاء نفسه أن يتحرى عن توافر الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و إستندت آراء هذا اإلتجاه إلى قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم ف" المتهم بريء حتى‬
‫تثبت إدانته" و بناء على ذلك على النيابة العامة إثبات عدم توفر أحد أسباب اإلباحة التي تؤدي‬
‫إلى نفي الجريمة ‪.‬‬

‫" إال انه يؤخذ من هذه اآلراء أن منطقها يؤدي إلى القول بأن هناك قرينة تفيد بأن المتهم‬
‫كان في حالة دفاع شرعي و على اإلدعاء العام أو القاضي حسب األحوال نفي هذه القرينة و‬
‫‪45‬‬
‫إثبات عكسها و هذا أمر مغالى فيه ‪".‬‬

‫• اإلتجاه الثاني ‪:‬‬

‫ذهب الرأي الغالب لدى الفقهاء إلى أن واجب اإلدعاء العام ينتهي عند حد إثبات الجريمة‬
‫بينما يقع على عاتق المتهم إثبات الوقائع التي تنفي وجود الجريمة بينما يقع على عاتق المتهم‬
‫إثبات الوقائع التي تنفي وجود الجريمة و ينسحب ذات األمر على الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫و هذا التوجه هو التوجه الذي توخاه فقه القضاء الفرنسي الذي قضى بأنه على المتهم‬
‫إثبات توافر الشروط القانونية للدفاع الشرعي حيث رأت محكمة التعقيب الفرنسية أن عبء‬
‫إثبات أي سبب من أسباب اإلباحة يقع على عاتق المتهم ‪.‬‬

‫ب‪ -‬إثبات الدفاع الشرعي في الحاالت الممتازة ‪:‬‬

‫تتمثل هذه الحاالت الممتازة في حالتي الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية و الذي سبق وأن‬
‫ذكرن ا بانه حالة خاصة للدفاع الشرعي ال يخضع للشروط العامة للدفاع الشرعي الواردة‬
‫بالفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية‪.‬‬

‫و قد أورد المشرع في هذا الفصل على عكس الفصل ‪ 39‬قرينة قانونية على توافر شروط‬
‫الدفاع الشرعي مما يعفي المتهم من اإلثبات و يجعل المدافع يمتاز بمركز أقوى من موقع‬
‫المعتدي عليه ‪.‬‬

‫موقع منتدى المحاكم و المجالس القضائية تاريخ اإلطالع ‪ 9‬جوان ‪201745‬‬

‫‪42‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫من الوجيه هنا طرح تساؤل حول نوع هذه القرينة هل هي قرينة مطلقة أم أنها قرينة‬
‫بسيطة تقبل دحضها بإثبات عكسها ؟‬

‫يبدوا من خالل عبارات النص أن القرينة التي أوردها المشرع صلب الفصل ‪ 40‬من‬
‫المجلة الجزائية هي قرينة قاطعة إذ يكفي أن يستعمل المدافع حقه في الدفاع الشرعي ضمن‬
‫األ حوال و الشروط المنصوص عليها بالفصل ليستفيد من قرينة الدفاع الشرعي و يتخلص من‬
‫كل مساءلة قانونية و يعفى من أي إثبات فالمشرع أعفى بمقتضى الفقرة األولى من هذا الفصل‬
‫المدافع من إثبات أركان الدفاع الشرعي و إكتفى بتحديد األفعال التي تبرر هذه الحالة و زمان‬
‫وقوعها فليس عليه أن يبين توفر شروط ذلك الفعل فيما يتعلق بشرطي التناسب واللزوم حيث‬
‫أصبح ذلك الفعل مباحا ‪.‬‬

‫لكن القول بان هذه القرينة قرينة مطلقة يؤدي بالسلطات إلى عدم اإلستمرار في إجراءات‬
‫التحقيق و حفظ الملف نهائيا لعدم وجود جريمة أصال إنتفاء الركن الشرعي لها وبهذا يتخلص‬
‫من كل مساءلة ألن الفعل الذي قام به من األفعال المباحة و هذا األمر الذي ال يمكن قبوله‬
‫منطقيا و ال من الناحية القانونية ألن فعل اإلعتداء بالقتل ليس من الجرائم البسيطة كما يمكن‬
‫أن يتخذ البعض هذه القرينة إن تم إعتبارها قاطعة كمطية للقيام بجرائمهم و كغطاء لطمس‬
‫نيتهم المبيتة و عزمهم على القتل و إفالتهم من العقاب حتى مع علمهم بإنعدام خطورة متسلق‬
‫السياج على حياتهم و أموالهم و حتى أن فعل متسلق السياج ليال ليس فيها أي نية في اإلعتداء‬
‫إنما كان لغرض آخر ‪.‬‬

‫بالعودة إلى ال محاكم الفرنسية و إلى ما إستقر عليه فقه القضاء الفرنسي حول الفصل‬
‫‪ 329‬من المجلة الجزائية الفرنسية الذي يقابل الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية التونسية والذي‬
‫إستمد منه المشرع التونسي أحكام هذا الفصل نجد أن فقه القضاء الفرنسي إعتبر هذه القرينة‬
‫قرينة بسيطة يمكن نفيه ا عندما يتبين أن المتهم كان على علم يقيني بعدم وجود خطر يتهدده و‬
‫قد مر فقه القضاء الفرنسي لإلستقرار على هذا الرأي بطورين ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫• الطور األول ‪ :‬إعتبار هذه القرينة مطلقة‬

‫إعتبر فقه القضاء الفرنسي في هذا الطور أن هذه القرينة قاطعة الدليل و أن األحكام التي‬
‫تدل على إعتبار هذه القرينة قاطعة ال تقبل العكس و قد صدرت جملة من األحكام في هذا‬
‫اإلطار عن القاضي الجزائي الفرنسي تؤكد هذا التوجه من ذلك قضيتين شهيرتين تتمثل األولى‬
‫في قضية السيدة "جوفوس" التي قتلت أحد جيرانها الذي يحضر أثناء الليل بعد تسلقه سور‬
‫حديقة قصرها لوضع " رسالة غرام" أسفل شباك إبنتها‪.‬‬

‫و تتمثل القضية الثانية في قضية السيد "بوشرون" الذي أتهم هو و إبنه بقتل عشيق إبنته‬
‫الذي كان يعلم مسبقا بوجود تلك العالقة و إنتظره في منزله و عند تسلقه سور الحديقة في‬
‫الظالم قتله ‪ ،‬و قد أقرت إبنته أنه كان يعلم بذلك و أنه دخل لمقابلتها ‪.‬‬

‫و قد صدر حكم محكمة الجنايات ببراءة كل من السيدة "جوفوس" و السيد "بوشرون"‬


‫و ذلك إستنادا إلى الفصل ‪ 329‬من المجلة الجزائية الفرنسية الذي يقابل في صياغته الفصل‬
‫‪ 40‬من المجلة الجزائية التونسية و هي الحاالت الممتازة للدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫و قد علق الفقه على أن هذه األحكام بأن ظروف إرتكاب األفعال هي التي أملت تلك‬
‫األحكام و تعتبر بذلك دليال قاطعا على تبني فقه القضاء الفرنسي لفكرة القرينة القانونية القاطعة‬
‫‪.‬‬

‫• الطور الثاني ‪ :‬إعتبار هذه القرينة بسيطة‬

‫في هذه المرحلة قام فقه القضاء الفرنسي بتغيير إعتباره لطبيعة القرينة القانونية لهذا‬
‫النص حيث بات يعتبرها قرينة بسيطة يمكن نفيها بإثبات عكسها و ذلك بعد إدانة محكمة‬
‫الجنايات بباريس ألحد األشخاص ألنه قام بجرح شخصا فاجأه في مكتبه ليال و كان اإلثنين‬
‫على موعد مع بعضيهما و بات من الجلي بعد هذا الحكم أن فقه القضاء الفرنسي بات يعتبر‬
‫هذه القرينة قرينة بسيطة تقبل دحضها بإثبات عكسها ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و هذا الرأي الذي يعتبر قرينة الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية هو ذات التوجه الذي توخاه‬
‫فقه القضاء التونسي تباعا حيث رأى فقه القضاء التونسي أن إعتبار هذه القرينة متوقفا على‬
‫علم المدافع بنية الداخل من عدمها و ما إذا كانت نيته في حال حصل لصاحب المنزل علم بها‬
‫تنصب إلى فعل إعتداء على أنفس أو أموال أم أنها ال تدخل ضمن هذه األفعال فإذا كان صاحب‬
‫المنزل يعلم أن نية متسلق جدران منزله ليال ال ينوي جريمة إنما قام بذلك لكونه على موعد‬
‫مع إبنة صاحب المنزل مع ذلك قام بقتله فإن ذلك ال يدخله تحت قرينة الدفاع الشرعي و تنتفي‬
‫بذلك هذه القرينة و ينقلب فعله من أصل اإلباحة إلى التجريم ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار الحكم بتوافر الدفاع الشرعي‬

‫تنقسم هذه اآلثار إلى آثار على الصعيد الجزائي و آثار على الصعيد المدني ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اآلثار على الصعيد الجزائي‬

‫إستهل المشرع كل من الفصل ‪ 39‬و الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية بعبارة " ال جريمة‬
‫" مما يعني أن "الدفاع الشرعي يدخل على الفعل المجرم فيصيره فعال مباحا و ينزع عنه‬
‫‪46‬‬
‫الطابع اإلجرامي "‬

‫و رغم أن أحكام هذين الفصلين وردا تحت الباب الرابع في المسؤولية الجزائية وتحديدا‬
‫في القسم األول منه و عنوانه " في عدم المؤاخذة بالجرائم " فقد إرتأت بعض اآلراء أن آثار‬
‫الدفاع الشرعي " ال تنصب على المسؤولية الجزائية و إنما تتعلق بالركن الشرعي للجريمة‬
‫فتلغيه و تعيد الفعل إلى أصل اإلباحة و هو ما تدل عليه بصفة ال لبس فيها عبارة "ال جريمة"‬
‫الواردة في مطلع هاذين الفصلين ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫و هذا األثر اإلباحي للدفاع الشرعي هو الذي يميزه عن موانع المسؤولية ‪".‬‬

‫‪ 46‬موقع ‪ :Facebook‬صفحة مكتب المحامي األستاذ منير بن صالحة مقال نشر في ‪ 6‬جانفي ‪ 2016‬تاريخ اإلطالع ‪2017/5/31‬‬
‫موقع رجال القانون ‪ Forum des juristes 47‬مقال نشر في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2010‬تاريخ اإلطالع ‪2017/5/31‬‬

‫‪45‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و ترى بعض اآلراء األخرى أن آثار الدفاع الشرعي ال تصب في أسباب اإلباحة إنما‬
‫هو سبب من أسباب موانع المسؤولية الجزائية حيث يدخل ظرف الدفاع على الفاعل في الدفاع‬
‫الشرعي فيعفيه من المسؤولية عن فعله و يجعل من الظرف الخاص للدفاع الشرعي عذرا و‬
‫سببا من أسباب اإلعفاء من المسؤولية الجزائية ‪.‬‬

‫لكن في كلتا الحالتين فإن هذين النظرتين تتفقان على أن المدافع في حالة الدفاع الشرعي‬
‫حال إحترامه لشروط و ضوابط الدفاع الشرعي يعفى من أي عقاب قد ينجر عنه فعله هذا فهو‬
‫معذور ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اآلثار على الصعيد المدني‬

‫بما أن الدفاع الشرعي في حال إلتزام المدافع بشروطه و ضوابطه يعفي صاحبه من أي‬
‫عقوبة على المستوى الجزائي فمن المنطقي أن تكون لهذا الحكم إنعكاسات على الصعيد المدني‬
‫تباعا فلقد قام المشرع التونسي بمقتضى القانون المدني بإعفاء المدافع في حالة الدفاع الشرعي‬
‫من كل مسؤولية قد تنتج عن دفاعه شرط أن يكتسي هذا الدفاع الصبغة الشرعية فيؤدي ذلك‬
‫إلى إسقاط المسؤولية المدنية فال يمكننا الحديث عن الخطأ المؤسس للمسؤولية مادام المدافع لم‬
‫يصدر منه أي خطأ فالخطأ هنا خطأ المعتدي و كل ما قام به المدافع هو الدفاع عن نفسه ‪.‬‬

‫و ذلك ما نص عليه الفصل ‪ 104‬من مجلة اإللتزامات و العقود صراحة حيث قضى‬
‫المشرع صلب هذا الفصل بأنه " ال ضمان على من أضطر إلى الدفاع الشرعي كما ال ضمان‬
‫بمضرة حصلت بأمر طارئ أو قوة قاهرة إذا لم يكن هناك خطأ ينسب للمدعى عليه قبل وقوع‬
‫الحادثة أو في أثناءها‪.‬‬

‫و الدفاع الشرعي هو حالة من إلتجأ إلى دفع صولة صائل أراد التعدي على النفس أو‬
‫المال سواء كان ذلك للمدافع أو لغيره "‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬ضوابط التمسك بالدفاع الشرعي‬


‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات التمسك بالدفاع الشرعي من قبل المتهم‬

‫للمدافع أن يتمسك أمام محكمة الموضوع بأنه كان في حالة دفاع شرعي لكن عليه أن‬
‫يتقيد بجملة من اإلجراءات الدقيقة و الضرورية التي إن تخلف عن تقديمها‪ ،‬المتهم أو لسان‬
‫دفاعه ‪،‬أو تأخر ال يمكن للمحكمة أن تنظر إلى دفعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي أثناء إرتكابه‬
‫للجريمة بعين اإلعتبار ‪.‬‬

‫و تتمثل هذه اإلجراءات في ‪:‬‬

‫‪ -‬يجب على المتهم أو لسان دفاعه أن يتمسك بوجود الدفاع الشرعي ويثيره على وجه‬
‫ثابت إما في أوراق الدعوى أو في نفس الحكم أو في المذكرات المقدمة ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يقدم هذا التمسك و مستنداته إلى المحكمة قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬من الممكن الدفع بوجود الدفاع الشرعي ألول مرة أمام محكمة اإلستئناف ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن إثارة التمسك بالدفاع الشرعي ألول مرة أمام محكمة التعقيب إال في حاالت‬
‫إستثنائية خاصة سنقوم بذكرها الحقا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحكمة في النظر في الدفاع الشرعي‬

‫يرتبط الدفاع الشرعي بالنظام العام لذلك تجوز إثارته في أية مرحلة من مراحل الدعوى‬
‫‪:‬‬

‫أ‪ -‬نظر محكمة الموضوع في وجود الدفاع الشرعي‬

‫يعتبر الدفاع الشرعي من الدفوعات الموضوعية التي يوكل تقديرها لمحاكم الموضوع‬
‫و هو ما إعتبره فقه القضاء التونسي في قراره التعقيبي الجزائي عدد ‪ 31312‬المؤرخ في ‪29‬‬

‫‪47‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫ماي ‪ 1991‬الذي نصت فيه محكمة التعقيب على أنه " الدفاع الشرعي مسألة مادية موكلة‬
‫‪48‬‬
‫إلجتهاد محاكم األصل حسبما إستقر عليه فقه محكمة التعقيب ‪".‬‬

‫يجب على محكمة الموضوع التعرض للدفاع الشرعي في أسباب حكمها في الحاالت‬
‫التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا قدم المتهم دفعا صريحا بتوافر الدفاع الشرعي و أثير أمام محكمة الموضوع كان‬
‫عليها أن تتعرض لذلك إما بالقبول فتحكم بالبراءة أو تحكم بعقوبة الجنحة إذا رأت أنه هناك‬
‫تجاوز لحدود الدفاع الشرعي‪ ،‬أو ترفضه و تحكم بالعقوبة المقررة للجريمة بعيدا عن الدفاع‬
‫الشرعي و يجب في هذا اإلطار أن يكون كامل الحكم مبررا ومعلال بأسباب منطقية وكافية‬
‫للوصول إلى ذلك الحكم ‪.‬‬

‫أما إذا قامت المحكمة بإغفال الرد على الدفع بالدفاع الشرعي أو تجاهلته أو قامت بالرد‬
‫بأسباب غير كافية أو غير مقبولة فإن حكمها في هذه الحالة يكون معيبا ‪.‬‬

‫فعدم رد الحكم صراحة على تمسك المتهم بحق الدفاع الشرعي قصور فمتى كان من‬
‫الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن لسان دفاع المتهم قد تمسك بأن المتهم قد كان في حالة‬
‫دفاع شرعي مستندا في ذلك إلى وقائع ذكرها مع ذلك إدانته المحكمة دون أن ترد على هذا‬
‫الدفع مما يجعل من هذا الحكم قاصرا‪.‬‬

‫إذًا الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة أن‬
‫تناقشها في حكمها و ترد عليها إذ أنه من شأن هذا الدفع لو صح أن يؤثر في مسؤولية المتهم‬
‫و إذا كان الحكم قد قضى بإدانة المتهم دون أن يتعرض لهذا الدفع أو يرد عليه بما يفنده يجعل‬
‫الحكم مشوبا بما يعيبه ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا لم يقدم المتهم دفعا صريحا بالدفاع الشرعي و كانت وقائع الدعوى تفضي إلى‬
‫وجوده فعندئذ على محكمة الموضوع أن تبحث من تلقاء نفسها في مالبسات القضية وظروف‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 31312‬مؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1991‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1991‬صفحة ‪10848‬‬

‫‪48‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الحادثة عن وجود حالة الدفاع الشرعي من عدمه فتثبته في الحكم أو تنفيه و لو لم يقدم المتهم‬
‫دفعا به‪.‬‬

‫فإذا قامت المحكمة بإستخالص ما يرشح قيام حالة الدفاع الشرعي من وقائع الدعوى‬
‫تعين عليها التعرض إلحتمال أن المتهم قام بالجريمة في إطار الدفاع الشرعي و عليها كذلك‬
‫أن تقول كلمتها في هذا األمر و تجاهلها لهذا األمر و عدم قيامها باألمر الالزم يجعل حكمها‬
‫قاصرا و معيبا ‪.‬‬

‫و بالتالي نستنتج في هذا اإلطار أن عدم تحدث المحكمة من تلقاء نفسها عن حالة الدفاع‬
‫الشرعي التي ترشح له وقائع الدعوى بما يثبتها أو ينفيها يعيب الحكم ‪.‬‬

‫‪ -3‬إذا وقع كذلك التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي أمام محكمة الموضوع بألفاظ ضمنية‬
‫إذ يجوز التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي سواء كان ذلك بلفظ صريح أو بألفاظ ضمنية ضمن‬
‫الدفوعات التي يقدمها محامي المتهم للمحكمة و تجاهل المحكمة للدفع بتوافر الدفاع الشرعي‬
‫و إن كان ضم نيا و الحكم على المتهم باإلدانة دون التعرض لهذا الدفع و الرد عليه بالقبول أو‬
‫بالرفض يجعل الحكم معيبا ‪.‬‬

‫أما إذا لم تتوفر إحدى هذه الحاالت فليس على محكمة الموضوع أن تتكلم عن الدفاع‬
‫الشرعي ‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظر محكمة الموضوع في تجاوز حدود الدفاع الشرعي‬

‫‪ -‬يمكن للم تهم أن يدفع من تلقاء نفسه بتجاوزه لحدود الدفاع الشرعي الذي يكون عذرا‬
‫مخففا للحكم و يكون هذا الدفع بذات شروط الدفع بتوافر الدفاع الشرعي و يستوي أن يكون‬
‫كذلك دفعا صريحا أو ضمنيا فتقوم المحكمة إما بقبول هذا الدفع أو ترفضه فتحكم بإنتفاءه ‪.‬‬

‫بالنسبة للحالة األولى أي إذا قامت المحكمة بقبول هذا الدفع فإنها ستنفي عن المتهم جريمة‬
‫القتل العمد و ستعفيه من العقوبة المقررة لهذه الجريمة و بدال من ذلك ستحكم عليه بعقوبة‬
‫مخففة ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫أما بالنسبة للحالة الثانية و هي رفض المحكمة لدفع المتهم بتجاوزه لحدود الدفاع الشرعي‬
‫و حكمها بإنتفاءه فستقوم عندئذ بالحكم على المتهم بالعقوبة المقررة لجريمة القتل العمد بعيدا‬
‫عن الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫و يمكن كذلك للمحكمة في هذا الدفع أن تحكم بما هو مخالف لهاتين الحالتين فتحكم ببراءة‬
‫المتهم إذا تبين لها من خالل وقائع و مالبسات الحادثة أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي‬
‫أثناء إرتكابه للجريمة و قام بف عل الدفاع دون أن يتجاوز حدود الدفاع الشرعي لكنه في خطأ‬
‫منه قام بالدفع بتجاوز حدود الدفاع الشرعي ظنا منه أنه قام بتجاوز حدود الدفاع المباحة له ‪.‬‬

‫‪ -‬كما يستوي أن تقوم المحكمة بإثارة تجاوز حدود الدفاع الشرعي من تلقاء نفسها إذا‬
‫كانت وقائع و مالبسات الحادثة ترجح بوجود حق الدفاع الشرعي مع تجاوزه من قبل المتهم‬
‫أثناء قيامه بفعل الدفاع ‪.‬‬

‫و في هذا السياق ينبغي لنا أن نشير إلى أن إثارة تجاوز حدود الدفاع الشرعي و الدفع به‬
‫ال يستوي إال بعد نشوء حق الدفاع الشرعي و قيامه إذ أن إثارة تجاوز حدود الدفاع الشرعي‬
‫مردودة إلى البحث في ذلك الذي يرجح قيام حق الدفاع الشرعي و نشأته أما إن كانت وقائع و‬
‫صورة الحادثة ال تقيم هذا الحق فإنه ال يمكن للمتهم أو للمحكمة في هذه الحالة أن يتحدثا عن‬
‫تجاوز حدود الدفاع الشرعي أو الدفع به أو إثارته ‪.‬‬

‫ج‪ -‬إثارة الدفاع الشرعي أمام محكمة التعقيب‬


‫• الحديث عن الدفاع الشرعي أمام محكمة التعقيب‬

‫يمكن للمتهم أن يثير الدفاع الشرعي و يتمسك به أمام محكمة التعقيب شرط أن يكون قد‬
‫سبق و أثار هذا الدفع في الطور اإلبتدائي أو اإلستئنافي أي شرط أن يكون قد دفع به أمام‬
‫محكمة الموضوع ‪.‬‬

‫و يشترط كذلك لقبول إثارة الدفاع الشرعي أمام محكمة التعقيب أن يكون حكم محكمة‬
‫الموضوع في توافره من عدمه يشوبه خلل أو قصور و يكون ذلك في الحاالت التالية ‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ -‬إذا قامت المحكمة بإغفال الرد على الدفع بالدفاع الشرعي أو تجاهلته أو قامت بالرد‬
‫بأسباب غير كافية أو غير مقبولة ‪.‬‬

‫‪ -‬إذا قامت المحكمة بإثارة الدفاع الشرعي من تلقاء نفسها و إستخلصت من وقائع الدعوى‬
‫ما يرشح قيامه مع ذلك قامت بتجاهل األمر و حكمت باإلدانة دون التعرض للدفاع الشرعي‬
‫في أسباب حكمها ‪.‬‬

‫‪ -‬إذا تجاهلت المحكمة تمسك المتهم بالدفاع الشرعي بألفاظ ضمنية و حكمت باإلدانة‬
‫دون التعرض إليه أو الرد عليه بالقبول أو بالرفض ‪.‬‬

‫و ال يصح مناقشة الدفاع الشرعي أمام محكمة التعقيب في غير هذه الحاالت ‪.‬‬

‫و قد تعرضت محكمة التعقيب لهذا األمر و ذلك في قرارها التعقيبي الجزائي عدد‬
‫‪ 11451‬المؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1975‬حيث رأت فيه أن" الدفاع الشرعي مسألة موضوعية‬
‫يرجع تقديرها لمحكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التعقيب طالما كان إعتمادها أو‬
‫‪49‬‬
‫عدم إعتمادها له معلال قانونا بما له أصل ثابت في األوراق "‬

‫فمحكمة التعقيب هنا إرتأت أن تقدير الدفاع الشرعي يرجع إلى محكمة الموضوع دون‬
‫رقابة عليها مادام إعتمادها أو عدم إعتمادها له معلال بما له أصل ثابت في األوراق و بالتالي‬
‫و بالقراءة العكسية لقرار محكمة التعقيب إن كان إعتماد محكمة األصل للدفاع الشرعي أو عدم‬
‫إعتمادها له غير معلال قانونا بما له أصل ثابت في أوراق الحكم جاز إثارة الدفاع الشرعي أمام‬
‫محكمة التعقيب و إيكال أمر النظر فيه إليها ‪.‬‬

‫• التمسك بالدفاع الشرعي ألول مرة أمام محكمة التعقيب‬

‫‪ -‬المبدأ ‪:‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11451‬مؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1975‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1975‬الصفحة عدد ‪18149‬‬

‫‪51‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫ال يمكن التمسك بالدفاع الشرعي ألول مرة أمام محكمة التعقيب فاألصل في الدفاع‬
‫الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع و ال تجوز‬
‫إثارتها للمرة األولى لدى محكمة النقض ‪.‬‬

‫إذ أن النظر من قبل المحكمة المختصة في توفر حالة الدفاع الشرعي من عدمه يستوجب‬
‫النظر في وقائع و مالبسات القضية و تحليلها تحليال دقيقا و إستخالص الصورة الصحيحة‬
‫للواقعة التي من خاللها يتبين للمحكمة توافر الدفاع من إنتفاءه فتحكم بوجوده أو بعدمه و كل‬
‫ذلك يعتبر نظرا في الوقائع و هو من مشموالت محكمة الموضوع ‪.‬‬

‫و قد نص الفصل ‪ 181‬من مجلة المرافعات المدنية و التجارية الذي يتنزل ضمن " القسم‬
‫الثاني في الخصوم لدى محكمة التعقيب" من "الباب الرابع في التعقيب " على أنه ‪:‬‬

‫" القرار الذي يصدر بقبول ذلك الطعن يقتصر على تصحيح الخطأ القانوني بدون إحالة‬
‫و ال يمكن أن يمس بحقوق الخصوم المكتسبة بالحكم المطعون فيه ‪" ...‬‬

‫يبين هذا الفصل أن إختصاص نظر محكمة التعقيب يقتصر على تصحيح الخطأ القانوني‬
‫أي الخطأ الذي من الممكن أن ترتكبه محكمة الموضوع أثناء تطبيقها للقانون بعد إستخالصها‬
‫الصورة الصحيحة للواقعة و إعتماد خاطئ لعنصر القانون فتقوم محكمة التعقيب بتصحيحه ‪.‬‬

‫و هو ما ذهب إليه فقه القضاء التونسي في عدة مناسبات و ذلك أوال في قراره التعقيبي‬
‫الجزائي عدد ‪ 6292‬المؤرخ في ‪ 7‬جويلية ‪ 1969‬الذي رأت فيه محكمة التعقيب أن " الدفاع‬
‫الشرعي يعتبر من الحاالت الواقعة الموكول تقديرها لحاكم الموضوع بعد إثارته لديهم وإقامة‬
‫الدليل على توفر أركانه حتى يتسنى للقاضي فحص تلك األدلة و تقرير إنتفاع بها أو طرحها‬
‫و يعلل قراره بما يمكن محكمة التعقيب من إجراء مراقبتها على صحة تطبيق القانون و هذا‬
‫‪50‬‬
‫الدفع ال يثار من أول وهلة أمام محكمة التعقيب "‬

‫قرار تعقيبي جنائي عدد ‪ 6292‬مؤرخ في ‪ 7‬جويلية ‪ 1969‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1969‬صفحة ‪18150‬‬

‫‪52‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و قراره التعقيبي الجزائي عدد ‪ 11451‬المؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1975‬حيث رأت‬


‫المحكمة أن " التمسك بالدفاع الشرعي ألول مرة لدى محكمة التعقيب متعين الرد لعدم مناقشته‬
‫‪51‬‬
‫من طرف محكمة الموضوع "‬

‫كذلك في قراره التعقيبي الجزائي عدد ‪ 31312‬المؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1991‬حيث رأت‬


‫‪52‬‬
‫محكمة التعقيب أنه " ال يمكن التمسك بالدفاع الشرعي أول مرة لدى محكمة التعقيب ‪".‬‬

‫‪ -‬اإلستثناء ‪:‬‬

‫إستثناء للمبدأ المذكور أعاله يجوز التمسك بالدفاع الشرعي ألول مرة أمام محكمة‬
‫التعقيب في حالة واحدة و بشروط خاصة فإلن كان " األصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع‬
‫الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع و ال تجوز إثارتها ألول مرة لدى‬
‫محكمة التعقيب إال أنه إذا كانت الوقائع الثابتة في الحكم باإلدانة دالة بذاتها على تحقق حالة‬
‫الدفاع الشرعي ‪ ،‬كما عرفه القانون ‪ ،‬فإن محكمة النقض يكون لها أن تتدخل على أساس ما‬
‫‪53‬‬
‫لها من الحق في تكييف الواقعة ‪ ،‬كما هي ثابتة بالحكم على الوجه الصحيح ‪".‬‬

‫و معنى ذلك أنه إذا لم يقم المتهم بإثارة الدفاع الشرعي أمام محكمة الموضوع و كانت‬
‫وقائع القضية دالة بذاتها على وجوده و تحدثت عنه مع ذلك لم تقم المحكمة بأخذه بعين اإلعتبار‬
‫مع علمها بوجوده و حكمت باإلدانة على المتهم جاز للمتهم أو لسان دفاعه إثارة هذا الدفع‬
‫ألول مرة أمام محكمة التعقيب ‪.‬‬

‫و بالتالي يجوز مناقشة الدفاع الشرعي في هذه الحالة أمام محكمة التعقيب على غرار‬
‫الثالث حاالت التي تعرضنا لها سابقا و تعتبر هذه الحالة الوحيدة التي يجوز فيها إثارة الدفاع‬
‫الشرعي أمام محكمة التعقيب للمرة األولى عكس الحاالت الثالث األخرى المذكورة أعاله‪.‬‬

‫د‪ -‬هل يلزم أن يكون المتهم معترفا بالتهمة ؟‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11451‬مؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1975‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1975‬الصفحة عدد ‪18151‬‬
‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 31312‬مؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1991‬نشرية محكمة التعقيب القسم الجزائي سنة ‪ 1991‬صفحة ‪10852‬‬
‫‪ 53‬دراسة علمية في أسباب اإلباحة و موانع العقاب ممدوح عزمي ‪ 2000‬دار الفكر الجامعي ‪ 30‬شارع سوتير‪ -‬األزاريطة صفحة‪174‬‬

‫‪53‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫لم يتعرض فقه القضاء التونسي إلى هذه المسألة إال أن فقه القضاء المصري إستقر على‬
‫رأي في هذه المسألة تعرض له على مرحلتين ‪:‬‬

‫• مرحلة أولى ‪:‬‬

‫إتجهت محكمة النقض المصرية في مرحلة أولى إلى وجوب إعتراف المتهم بجريمته‬
‫للتمسك بالدفاع الشرعي حيث رأت " أن تمسك المتهم بحالة الدفاع الشرعي يوجب إعترافه‬
‫بما وقع منه و إال كانت المحكمة غير ملزمة بالرد عليه و يجب للتمسك بقيام حالة الدفاع‬
‫الشرعي و مطالبة المحكمة بالرد عليه في حكمها أن يكون التمسك صريحا مقرونا بالتسليم من‬
‫جانب المتهم بوقوع الفعل منه و بأن وقوعه إنما كان لدفع فعل يخشى منه على النفس أو المال‬
‫فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المتهم قد أنكر الفعل المسند إليه و أن محاميه‬
‫لم يقل بوقوعه منه بل أسس دفاعه على أنه لم يرتكب الحادثة و كل ما قاله لينفي عنه أي إعتداء‬
‫‪ ،‬فهذا ليس فيه تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي و إذن فالمحكمة مع إيرادها الواقعة حسبما‬
‫إستخلصه من التحقيقات و خلوصها مما أوردته إلى المتهم لم تكن ملزمة بالتحدث عن قيام تلك‬
‫‪54‬‬
‫الحالة ‪".‬‬

‫• مرحلة ثانية ‪:‬‬

‫في هذه المرحلة قامت محكمة النقض بتعديل موقفها فأصبحت ال تشترط ألخذ المحكمة‬
‫بقيام حالة الدفاع الشرعي إعتراف المتهم بالجريمة حيث أوردت أنه " و إن كان ال يشترط‬
‫إلعتبار المتهم في حالة دفاع أن يكون قد إعترف بالواقعة و أن يتمسك في دفاعه أمام محكمة‬
‫‪55‬‬
‫الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه وقت مقارفته للحادث‪".‬‬

‫" فالمبدأ األساسي الذي أخذ به التشريع المصري هو مبدأ حرية القاضي في تكوين‬
‫عقيدته من أي دليل كان تتعارض مع إيجاب إعتراف المتهم بالواقعة حتى يمكنه من أن يستفيد‬
‫من الدفع باإلباحة المترتبة على توافر حالة الدفاع الشرعي أوبعذر تجاوز حق هذا الدفاع ‪.‬‬

‫المرجع السابق صفحة ‪16754‬‬


‫المرجع السابق صفحة ‪16855‬‬

‫‪54‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫كما أن القاضي مطالب بأن يطبق على الواقعة وصفها القانوني الصحيح الذي تكشف‬
‫‪56‬‬
‫عنه األوراق‪ ،‬و الذي إقتنع به دون غيره ‪".‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬سلطة المحكمة في ترتيب العقوبة‬


‫تصبح للمحكمة سلطة في ترتيب العقوبة على المدافع في حالة الدفاع الشرعي و يخرج‬
‫فعله عن نطاق اإلباحة ليدخل في دائرة التجريم و ذلك في حال تجاوزه لحدود الدفاع الشرعي‬
‫‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تحديد التجاوز لحدود الدفاع الشرعي‬


‫يرى الفقهاء أن تجاوز حدود الدفاع الشرعي هو إنتفاء التناسب بين جسامة فعل الدفاع و‬
‫الخطر الذي يهدد المعتدى عليه بمعنى إستعمال قدر من القوة يزيد على ما كان كافيا لدرء‬
‫الخطر و أكثر مما تقتضيه ضرورة دفع اإلعتداء و بالتالي فإن تجاوز حدود الدفاع الشرعي‬
‫يستلزم بالضرورة قيام حالة الدفاع الشرعي بتوافر شروطها و بالتالي ليس المقصود من‬
‫التجاوز إنتفاء شرط من شروط الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫" فتخلف شرط من شروط فعل اإلعتداء المستوجبة لقيام حالة الدفاع الشرعي ينفي وجود‬
‫حق الدفاع الشرعي قانوناً‪ ،‬فإذا كان الخطر مشروعا ً أو كان مستقبالً فال نكون بصدد حق‬
‫الدفاع الشرعي وإنما في محيط التجريم‪ ،‬كذلك إذا لم يكن الدفاع الزما ً ولم يكن موجها ً لمصدر‬
‫الخطر‪ ،‬فإن سبب اإلباحة ال يقوم قانونا ‪"57‬‬

‫و التناسب هو الشرط الذي يجب أن يباشر الدفاع في في نطاقه و تخلف هذا التناسب بين‬
‫جسامة الخطر و الدفاع يعني الدخول في نطاق التجاوز لحدود الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫‪ 56‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه _ عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق ‪ -‬إسكندرية‪ ،‬مطبعة أطلس‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1986‬صفحة ‪134‬‬

‫موقع إستشارات قانونية مجانية – محاماة نت تاريخ اإلطالع ‪201757 /6/10‬‬

‫‪55‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عناصر التجاوز‬

‫يقوم التجاوز قانونا على عنصرين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬العنصر المادي ‪:‬‬

‫يتمثل هذا العنصر في اإلضرار بمصلحة المعتدي بقدر يفوق الخطر الذي يتهدد المعتدى‬
‫عليه و هنا ينبغي اإلشارة إلى أن جعل الحساب أمرا في فاصال في موضوع التجاوز ال يستوي‬
‫فال يمكن أن نتصور أن المدافع الذي يتعرض إلى خطر يهدد سالمته أو ماله قد يقوم بعد‬
‫الضربات التي يوجهها إلى المعتدي أثناء رده اإلعتداء فهي فقط ممكنة التقدير من ناحية المدى‬
‫و ال يمكن حسابها من ناحية الكم و العدد ‪.‬‬

‫ب‪ -‬العنصر المعنوي ‪:‬‬

‫يتمثل هذا العنصر في الناحية الن فسية للمدافع و التي تتمثل في حسن النية حيث تقتضي‬
‫النية الحسنة أن ال يكون المدافع قد تعمد إحداث الضرر الذي تبين انه أشد مما يستلزمه الدفاع‬
‫مع نوع الخطر المهدد و بالتالي يقتضي هذا العنصر أن يكون المتجاوز يظن أنه ال يزال في‬
‫حدود الدفاع الشرعي و أن فعله ال يزال متانسبا مع القدر الالزم من القوة لدفع خطر اإلعتداء‬
‫و تقتضي سالمة نية المدافع عدم توافر نية قتل المعتدي ألن هذه النية تنفي إمكانية إستفادة‬
‫المعتدي من عذر تجاوز حدود الدفاع الشرعي أما إن كان اإلعتداء المسلط من الجسامة حيث‬
‫ال يمكن دفعه إال بالقتل فإن اإلباحة التامة تكون متوافرة و ال يمكن إعتبار المدافع متجاوزا‬
‫لحدود الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬صور التجاوز ‪:‬‬

‫و تتمثل هذه الصور في تجاوز عمدي و آخر غير عمدي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التجاوز العمدي ‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫قد يكون تجاوز المدافع في حالة الدفاع الشرعي تجاوزا عمديا أي ناتجا عن إرادة عمدية‬
‫من المدافع في تجاوز حدود الدفاع الذي يقتضيه الخطر الذي يهدده مدركا جسامة الخطر‬
‫مفضال اللجوء إلى قوة تزيد على ما كان كافيا لدرء الخطر و في هذه الحالة يعتبر فعل المتجاوز‬
‫جريمة عمدية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬التجاوز غير العمدي ‪:‬‬

‫و يكون ذلك نتيجة خطأ غير عمدي من المدافع في تقدير درجة جسامة العدوان فيرد‬
‫عليه بقدر من القوة يزيد عن القدر الالزم لدفع الخطر فيعتبر المدافع هنا متجاوزا لحدود الدفاع‬
‫الشرعي و يعتبر مسئوال عن فعله مسؤولية عمدية لكن أخف درجة من مسؤولية المتجاوز‬
‫لحدود الدفاع الشرعي تجاوزا عمديا‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييم درجة التجاوز‬

‫إختلف الفقهاء حول المعيار الذي يجب أن يعتمد في تقييم درجة التجاوز لحدود الدفاع‬
‫الشرعي فمنهم من رأى أن ذلك يكون بالمقارنة بين أضرار الدفاع و أضرار اإلعتداء و منهم‬
‫من رأى أن ذلك يكون بالمقابلة بين وسائل الدفاع و وساءل اإلعتداء ‪.‬‬

‫أ‪ -‬المقارنة بين أضرار الدفاع و أضرار اإلعتداء ‪:‬‬

‫ذهب جانب من الفقه إلى أن تحقق معنى التجاوز ال يمكن تبيانه من خالل المقارنة الضرر‬
‫الذي تم درءه و الضرر الذي حدث للمعتدي نتيجة هذا الرد و إنما يكون ذلك بمقارنة الضرر‬
‫الذي أحدثه المدافع في سبيل الدفاع و ما كان في وسعه أن يحدث من أضرار أخرى لدفع‬
‫اإلعتداء دون تعد لحدود الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫"و إشترط البعض منهم أن تكون القوة المادية المستخدمة دفاعا عن النفس أو المال‬
‫متناسبة في مداها على جسامة اإلعتداء فكلما زادت هذه الجسامة زادت القوة المادية الالزمة‬

‫‪57‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫لدفعه و العكس بالعكس فإذا أثبت أن المدافع كان بوسعه رد اإلعتداء بضرر أخف من الذي‬
‫تحقق بالفعل عد إخالال بمبدأ التناسب بين الضررين مما يحقق معنى التجاوز لحدود حق الدفاع‬
‫‪58‬‬
‫‪".‬‬

‫ب‪ -‬المقابلة بين وسائل الدفاع و وسائل اإلعتداء ‪:‬‬

‫ذهب جانب آخر من الفقه إلى القول بأن معنى التجاوز ال يمكن تقديره بالنظر إلى التناسب‬
‫بين اإلعتداء و الدفاع مجردا و إنما يجب لتحقيق التدبير الصحيح لمعنى التجاوز النظر في‬
‫التناسب بين الوسيلة التي كانت في متناول المعتدى عليه و بين الوسيلة التي إستخدمت بالفعل‬
‫و يصبح من غير الوجيه الحديث عن التجاوز إذا ثبت أن الوسيلة المستعملة كانت في ظرف‬
‫إستعمالها أنسب الوسائل لرد اإلعتداء أو كانت الوسيلة الوحيدة في متناول المدافع ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬التمييز بين الجريمة التجاوزية و الجريمة العادية‬

‫تختلف حالة التجاوز في الدفاع الشرعي عن الجريمة العادية حيث أنه حالة التجاوز تكون‬
‫بعد قيام حالة الدفاع الشرعي و تختلف حالة التجاوز كثيرا عن حالة تخلف الظرف اإلباحي ‪،‬‬
‫" فالواقعة المادية المرتكبة في الصورة الثانية تشكل جريمة عادية من غير أن يكون لتوفر‬
‫‪59‬‬
‫بعض الشروط التي أنشأت الحق أثر فعال على تلك الواقعة "‬

‫فالجريمة العادية في هذا اإلطار هي التي تتولد عن فعل الدفاع الذي يقوم به المتعرض‬
‫للخطر بعد زوال حالة الخطر أو بعد إنتهاء اإلعتداء و زوال خطره ‪.‬‬

‫لذلك خولت عدة تشاريع جنائية للقضاة أو ألزمتهم بتخفيف العقوبة في حالة التجاوز في‬
‫الدفاع الشرعي دون حالة تخلف الفعل المباح أي حالة الجريمة العادية ذلك أن هذه الجريمة‬
‫تبقى محكومة إبتداء و إ نتهاء بالقاعدة التجريمية مما يعني عدم إباحة فعل اإلعتداء و عدم قيام‬

‫موقع إستشارات قانونية مجانية – محاماة نت تاريخ اإلطالع ‪201758 /6/10‬‬


‫‪ 59‬التجاوز في الدفاع الشرعي‪ :‬مذكرة لإلحرازعلى شهادة الدراسات المعمقة في العلوم القانونية األساسية إعداد الطالبة ريم الشابي السنة الجامعية‬
‫‪ 1997/1966‬صفحة ‪82‬‬

‫‪58‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الحق في الدفاع و ال تستوي مع فعل التجاوز في الدفاع فسلوك الشخص حين إنتهاء حالة‬
‫الدفاع الشرعي لزوال الخطر لهروب المعتدي مثال يشكل جريمة عادية مكتملة األركان ‪.‬‬

‫أما إعتماد قوة تزيد عن القدر الضروري الذي يتطلبه الدفاع فيعد جريمة تجاوزية مكتملة‬
‫األركان ففي الجريمة العادية يبدأ السلوك و ينتهي بالالمشروعي أما في تجاوز حدود الدفاع‬
‫الشرع ي فإن السلوك يبدأ مشروعا و ينتهي بالالمشروعية بالخروج عن تلك الحدود ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبة المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي‬


‫الفقرة األولى‪ :‬حكم التجاوز من القواعد العامة ‪:‬‬

‫تقضي القواعد العامة بأن إنتفاء التناسب بين فعل الدفاع و فعل الهجوم يفضي بالضرورة‬
‫إلى إنتفاء شرط الدفاع الشرعي و بذلك ال يكون لإلباحة في هذه الحالة محل وأعتبر فعل الدفاع‬
‫فعال غير مشروع ‪.‬‬

‫و بالتالي فإن حكم القواعد العامة في تجاوز حدود الدفاع الشرعي تخرج المتجاوز في‬
‫الدفاع من نطاق اإلباحة و تدخله في نطاق التجريم و المسؤولية الكاملة عن الفعل العمدي وال‬
‫يكون لقرينة الدفاع الشرعي في هذا محل و يعتبر المتجاوز في هده الحالة حكم فعله كحكم أي‬
‫فعل عمدي و إرادي مجرم من نفس طبيعة فعله و يستويان في الحكم ‪.‬‬

‫مثال ذلك من قام بتجاوز حدود الدفاع الشرعي أثناء مهاجمة أحد األشخاص له فنجم عن‬
‫تجاوزه هذا لحدود الدفاع موت الضحية أعتبر فعله كفعل من قتل عمدا أحد األشخاص و‬
‫يأخذان نفس الحكم ‪.‬‬

‫لكن هذا الحكم منطقا ال يستوي فمن نتج عن خروجه لحدود الدفاع الشرعي موت المعتدي‬
‫ال يستوي مع من تسبب في إزهاق روح أحدهم عمدا بادئا باإلعتداء و نابعا إعتداءه عن إرادة‬
‫حرة لذلك ال نجد تأييدا لهذا الحكم في القانون ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية إستفادة المتجاوز في الدفاع الشرعي من الظروف‬


‫القضائية المخففة‬

‫لم يرد في القانون التونسي أي نص يخص عقوبة المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي ونظرا‬
‫لخصوصية جريمة التجاوز في الدفاع الشرعي إلعتبار إرتكابها في ظروف مختلفة عن‬
‫الجرائم العادية يجب تبعا لذلك من أن يكون العقاب في هذه الصورة مختلفا عن العقاب في‬
‫صورة الجرائم العادية بالتالي يمكن للمتجاوز أن يستفيد من ظروف التخفيف في العقاب ‪.‬‬

‫و يتم التخفيف من العقاب و من صرامة القاعدة القانونية بإعتماد عدة تقنيات و آليات‬
‫تمكن من تخفيف عقوبة الجاني إذا ما إجتمعت العوامل لذل ك و قد يبدوا هذا التخفيف من حدة‬
‫القانون غير منطقي في بعض حاالت التجاوز التي ينتج عنها جرائم ذات خطورة بالغة قد‬
‫يوحي بخطورة الفاعل إال أننا بهذه النظرة قد نكون تسببنا في طمس حقيقة المتجاوز الذي بات‬
‫مصنفا مجرما بينما جريمته ليست إال وليدة الظرف القاهر و اإلستفزاز الذي تعرض له مما‬
‫يتعين معه إعتبار كل هذه العوامل عند تسليط العقوبة ‪.‬‬

‫و يشكل تخفيف العقاب التوجه المنطقي في وضعية إقرار مسؤولية المتجاوز في دفاعه‬
‫الشرعي و قد توجهت عديد التشريعات الجنائية المقارنة هذا التوجه حيث متعت المتجاوز‬
‫بميزة ظرف تخفيف العقاب و ذلك للطابع الحساس الذي تتمتع به هذه الوضعية الذي يعكس‬
‫مبررات تلطيف العقوبة و يبرز النظرة الخاصة التي تكنها هذه التشريعات للمتجاوز أثناء‬
‫تصديه للخطر‪.‬‬

‫إذ أن الظرف الذي يغلب عليه طابع الخوف و اإلثارة يصعب على المتعرض لإلعتداء‬
‫حينها أن يضبط نفسه نظرا للموقف الصعب و اإل نفعاالت النفسية التي قد تنتابه حينها مما‬
‫يصعب معه كبح جماح ثوة المتعرض للهجوم فيضطر بمقتضى ذلك لرد فعل يحول دون تنفيذ‬
‫العمل العدواني الذي سيحقق به أضرار حالة في حال لم يقم بمنعه ‪ ،‬مما يحيلنا إلى أن كل هذه‬
‫اإلعتبارات تستدعي منا بالضرورة التخفيف من عقوبة المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫و لم يفرق فقه القضاء التونسي بين المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي عن حسن نية‬
‫والمتجاوز لها عن سوء نية عكس العديد من التشريعات التي فرقت بين هاتين الحالتين وأفردت‬
‫لكل منهما عقوبة فمثال يرى المشرع المصري أن التجاوز المقترن بالعمد يخرج صاحبه عن‬
‫دائرة أحكام المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي و يطبق عليه أحكام الجريمة العادية و ال ينتفع‬
‫بظروف التخفيف على معنى التجاوز لحدود الدفاع الشرعي إال المتجاوز لها عن حسن نية ‪،‬‬
‫بينما عمد فقه القضاء التونسي إلى ترك تقدير عقوبة المتجاوز لحدود الدفاع سواء كان ذلك‬
‫عن حسن أو سوء نية إلى كامل سلطة القاضي الذي يمكن له أن يعدل في درجة تخفيف العقوبة‬
‫لكل صنف من هذا التجاوز و ذلك بالرجوع إلى ظروف و مالبسات الحادثة ‪.‬‬

‫أ‪ -‬على مستوى العقوبة ‪:‬‬

‫" تمثل تقنية ظروف التخفيف نوعا من التعديل القضائي للصرامة المجردة للقواعد‬
‫القانونية الجنائية و يمكن إعتبارها نتيجة ما أحاط بسلوك المدافع من أمور قد أثرت فيه بطريقة‬
‫أو بأخرى و غالبا ما تكزن هذه الظروف سابقة أو مزامنة للجريمة و لكنها و في كل األحوال‬
‫‪60‬‬
‫تكون في عالقة سببية معها "‬

‫و تعتمد غالبية التشريعات الجنائية على السلطة التقديرية لقضاة األصل في تقدير وجود‬
‫هذه الظروف التي تستدعي تخفيف العقوبة و تترك أمر تقديرها إلجتهاد قضاة األصل شرط‬
‫تعليلهم ألحكامهم ‪.‬‬

‫و يكون ذلك بالرجوع إلى الفصل ‪ 53‬من المجلة الجزائية الذي يتحدث عن ظروف‬
‫التخفيف كالتالي ‪ ":‬إذا إقتضت أحوال الفعل الواقع ألجله التتبع ظهور ما يحمل على تخفيف‬
‫العقاب و كان القانون غير مانع من ذلك فللمجلس مع بيان تلك األحوال بحكمه أن يحط العقاب‬
‫إلى ما دون أدناه القانوني ‪".‬‬

‫‪60‬‬ ‫التجاوز في الدفاع الشرعي‪ :‬مذكرة لإلحرازعلى شهادة الدراسات المعمقة في العلوم القانونية الساسية إعداد الطالبة ريم الشابي السنة الجامعية‬
‫‪ 1997 /1996‬صفحة ‪161‬‬

‫‪61‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫نتبين من خالل ع بارات الفقرة األولى من هذا الفصل مبرر التخفيف يستمد من ظروف‬
‫الفعل في حد ذات ه ال من ظروف الفاعل لكن فقه القضاء دأب منذ أمد بعيد على إعتبار األخذ‬
‫بأحوال الفاعل أيضا ضمن هذا الفصل لتبرير تخفيف العقوبة المقررة ضده ‪.‬‬

‫و قد إتجه فقه القضاء التونسي كذلك إلى تسمية بعض ظروف التخفيف األخرى التي‬
‫يمكن أخذها بعين اإلعتبار في الحط من العقوبة المقررة ضد المجرم كحداثة سن المتهم وحسن‬
‫سيرته الماضية و درجة الجسامة المادية للفعل اإلجرامي و درجة مسؤولية الفاعل والبواعث‬
‫التي دفعته إلرتكاب الجريمة‪.‬‬

‫" و تجدر اإلشارة إلى أن فقه القضاء التونسي مستقر على تطبيق القواعد الواردة بالفصل‬
‫‪ 53‬بحذافرها و بالتالي فإن ظروف التخفيف ال تعدو أن تكون سوى مجرد أداة لتعديل العقوبة‬
‫و التي يتم ضبطها على أساس درجة الفداحة القانونية التي ينسبها النص للجريمة مع أخذ مدى‬
‫‪61‬‬
‫خطورة الجاني "‬

‫و بالتالي ليس على القاضي أن يغفل عن أن التجاوز في الدفاع الشرعي يفترض‬


‫بالضرورة توفر شروط الدفاع الشرعي و هذا التجاوز ينجم عادة عن الوضعية الصعبة‬
‫والحرجة التي غالبا ما يجد نفسه فيها المتعرض إلعتداء و الذي يرد الفعل و يبدأ إعتداءه أوال‬
‫قبل تحقق إعتداء الثاني فنجد هنا خطأ مشترك من قبل الطرفين ‪.‬‬

‫و لقد ذهب جانب من الفقه إلى إعتبار أن هذا التخفيف يجب أن يكون إلزاميا بإستثناء‬
‫الحاالت التي يكون فيها الدفاع الشرعي ستارا إلرتكاب جرائم أخرى مع سبق اإلصرار ويمكن‬
‫للقضاة أن يميزو هذه الحالة األخيرة من سواها حسب وقائع و مالبسات الحادثة وإجتهادهم‬
‫الشخصي ‪.‬‬

‫إن إعمال ظروف التخفيف في جريمة تجاوز حدود الدفاع الشرعي ال يغير من نوع‬
‫الجريمة فالتجاوز الذي يأخذ صورة القتل العمد يبقى من الناحية القانونية جناية و يخضع‬

‫المرجع السابق صفحة ‪16261‬‬

‫‪62‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫للقواعد العامة المتعلقة بهذا الصنف من الجرائم فمثال يخضع إلى إجراء تحقيق وجوبي من‬
‫قبل قاضي التحقيق و ذلك طبق الفصل ‪ 47‬من المجلة الجزائية كما ال تسقط الدعوى العمومية‬
‫في هذه الجريمة إال بمرور عشرة أعوام كاملة طبق الفصل ‪ 5‬من المجلة الجزائية و يبدأ‬
‫اإلحتساب من يوم إقتراف الجريمة‪.‬‬

‫إذا نستنج أن إعمال ظروف التخفيف يستبعد المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي من‬
‫الخضوع للعقوبات األصلية الصارمة المقررة لوصف كل جريمة على حدا حسب القواعد‬
‫العامة للجرائم و ذلك نظرا لخصوصية هذه الجريمة ‪.‬‬

‫و يطرح تساءل في هذا اإلطار حول إمكانية تمتع المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي بنظام‬
‫وقف التنفيذ ؟‬

‫مبدئيا منح هذه الميزة ال يتعارض مع مرتكب هذه الجريمة حتى و إن كان وصف جريمته‬
‫جناية فبالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 53‬من المجلة الجنائية في فقرته ‪ 12‬نجد أنه ينص على ‪:‬‬
‫" إذا صدر الحكم في جنحة أو إذا إذا صدر الحكم بالسجن في جريمة فإن المحاكم العدلية و‬
‫مجالس اإلستئن اف يمكن لها في جميع الصور التي ال يعترض فيها القانون أن تأمر بالحكم‬
‫نفسه مع تعليل قضاءها بتأجيل تنفيذ العقوبة إذا لم يصدر الحكم سابقا على المتهم بالسجن في‬
‫جريمة أو جنحة و مع ذلك فإن التأجيل ال يمكن منحه في النوازل إال إذا كان أدنى العقوبة‬
‫المحكوم بها مع تطبيق ظروف التخفيف ال يتجاوز العامين سجنا ‪".‬‬

‫و بالتالي يمكن تمتيع المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي بنظام وقف تنفيذ القوبة إذا توافرت‬
‫في الحكم المقضي به في حقه من أجل هذه الجريمة الشروط الواردة بالفصل أعاله و إذا توفر‬
‫في المجرم شرط أن يكون إبتدائيا ال عائدا أي أن ال يكون قد سبق الحكم عليه من أجل جنحة‬
‫أو جناية ‪.‬‬

‫و يترتب عن ذلك أن المتمتع بنظام وقف تنفيذ العقوبة يجب أن يمتنع عن إرتكاب أي‬
‫جنحة أو جناية خالل فترة التجربة التي هي ‪ 5‬سنوات تحتسب بداية من تاريخ الحكم حسب‬
‫الفقرة ‪ 13‬من نفس الفصل و إال حرم من هذه الميزة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫ب‪ -‬على المستوى المدني ‪:‬‬

‫لقد قام المشرع التونسي بمقتضى القانون المدني بإعفاء المدافع في حالة الدفاع الشرعي‬
‫من كل مسؤولية قد تنتج عن دفاعه شرط أن يكتسي هذا الدفاع الصبغة الشرعية فال يمكننا في‬
‫هذا الحالة أن نتحدث عن الخطأ المؤسس للمسؤولية بإعتبار أن الدفاع الشرعي حق خوله‬
‫المشرع للمدافع و لقد ورد صلب الفصل ‪ 104‬من مجلة اإللتزامات و العقود ما يلي ‪ " :‬ال‬
‫ضمان على من أضطر إلى الدفاع الواجب كما ال ضمان لمضرة حصلت بأمر طارئ أو قوة‬
‫قاهرة إذا لم يكن هناك خطأ ينسب للمدعى عليه قبل وقوع الحادثة أو أثناءها‪".‬‬

‫فالفصل ‪ 104‬أقر هذا اإلعفاء من المسؤولية المدنية الناتجة عن فعل الدفاع إال أن ذلك‬
‫يبقى رهين إلتزام المدافع بحدود دفاعه أما إذا ما تجاوز حدود دفاعه سواء كان هذا التجاوز‬
‫عمدي أم نتيجة إهمال فإن هذا اإلعفاء ينتفي في حال ما تسبب للمعتدي في ضرر أكثر بكثير‬
‫مما كان الزما لرد اإلعتداء‪.‬‬

‫" و كنتيجة لفقدان الصبغة الشرعية و ظهور الخطأ المدني فإن المتضرر ستتاح له‬
‫إمكانية المطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقته نتيجة إعتداء المدافع المتجاوز فيه ‪ ،‬أما‬
‫إذا كانت النتيجة وليدة نية مسبقة من قبل المدافع فيقع اللجوء لتطبيق مقتضيات الفصل ‪ 82‬من‬
‫مجلة اإللتزامات و العقو د و الذي ينص على المبدأ األساسي في وجوب التعويض ‪ :‬من تسبب‬
‫في ضرر غيره عمدا منه و إختيارا بال وجه قانوني سواء أكان الضرر حسيا أو معنويا فعليه‬
‫‪62‬‬
‫جبر الضرر الناشئ عن فعله إذا ثبت أن ذلك الفعل هو الموجب للضرر مباشرة‪".‬‬

‫إذا فالمتجاوز لحدود الدفاع الشرعي مجبر على تحمل مسؤليته على المستوى المدني مما‬
‫يتوجب عليه تعويض أي ضرر قد ينتج عن تجاوزه سواء كان الضرر حسيا أو معنويا و‬
‫تختلف درجة مسؤوليته حسب ما إذا كان تجاوزه لحدود الدفاع الشرعي عمدا أو نتيجة خطأ و‬
‫لكن ما يجدر اإلشارة إليه هنا هو أن هذا المتجاوز يمكنه أن يتمتع بظروف التخفيف حتى على‬
‫مستوى المسؤولية المدنية ذلك أن لجريمة تجاوز حدود الدفاع الشرعي عذر خاص يميزها‬

‫المرجع السابق صفحة ‪14662‬‬

‫‪64‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫عن بقية جرائم العدوان و نظرا لتأثير الحكم الجزائي في الحكم المدني فإن التخفيف من حدة‬
‫المسؤولية عن الفعل على مستوى العقوبة الجزائية له تأثير في تخفيف المسؤولية المدنية سواء‬
‫أكان تجاوز حدود الدفاع الشرعي من قبل المتجاوز ناتجا عن خطأ أو كان عمدا و يعود‬
‫إنسحاب ظرف التخفيف من المسؤولية عن الفعل حتى بوجود فعل عمدي إلى الظرف الخاص‬
‫الذي يحيط بالمدافع في حالة الدفاع الشرعي و توفر كذلك الخطأ المشترك عن النتيجة الحاصلة‬
‫و هو خطأ مشترك بين المتجاوز و المعتدي ‪.‬‬

‫إذا يمكن القول في هذا اإلطار أن جريمة التجاوز لحدود الدفاع الشرعي تختلف عن‬
‫جرائم العدوان من حيث األصل و كذلك من حيث الجزاء و رغم أن هذه الجريمة تستوجب‬
‫توقيع جزاء سواء كان مدني أو جزائي إال أن التجاوز يعتبر ظرفا خاصا يستوجب التخفيف و‬
‫يمكن أن نتبين ذلك من خال عدم بلوغ الجزاء حسب األحكام القضائية المعمول بها إلى الحد‬
‫األقصى المقرر للجريمة المرتكبة أصال سواء كان ذلك من ناحية العقوبة الجزائية أو التعويض‬
‫المدني ‪.‬‬

‫و تختلف التشاريع فيما بينها في درجة تخفيف الجزاء عن هذه الجريمة الخاصة و ذلك‬
‫وفقا لمختلف الظروف الموضوعية و الشخصية و المالزمة لحالة التجاوز مما يجعل تمتع‬
‫مرتكبها بها كظرف من ظروف التخفيف يعود أساسا إلى مالبسات و ظروف الحادثة وتكييف‬
‫قضاة األصل لها حسب مالبسات كل حالة منها على حدة ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫عد الدفاع الشرعي في كل التشريعات القانونية المتواترة عبر العصور كسبا يُحق للفرد‬
‫الذود عن نفسه من أي إعتداء ظالم و دون وجه حق قد يتسلط عليه و يتميز النظام القانوني‬
‫للدفاع الشرعي في القوانين الوضعية الحديثة بالدقة و الصرامة حيث يوجب دقة و تقيدا أثناء‬
‫القيام بالفعل الدفاعي الموجه نحو درء العدوان المسلط حيث أن اإلفراط في ردة الفعل قد‬
‫تخرج المدافع من دائرة الشرعية الدفاعية والفعل ا المعذور إلى دائرة التجاوز والفعل المجرم‬
‫لذلك أوجبت هذه التشريعات الحذر أثناء القيام بالفعل الدفاعي و التقيد بالرد الضروري دون‬
‫المبالغة أو التشفي و هو ما يمكن أن نلحظه في التطبيق القضائي التونسي حسب القرارات‬
‫المتوفرة حيث نجد أنه قل ما أعتبرت هذه القرارات وجود دفاع شرعي وذلك لدقة و صرامة‬
‫النظام القانوني المنطبق والذي نجد له من حيث األصل تبريرا منطقيا يكمن في رغبة المشرع‬
‫في تالف ي التعديات و منع التشفيات التي قد تكتسي طابعا شرعيا تحت مطية قرينة الدفاع‬
‫الشرعي و اإلنتقامات التي حتما ستفضي إلى الدخول في حالة من الفوضى التي تحوي في‬
‫طياتها إعالن عن قصر القانون و غياب السلطة ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫المراجع‬

‫‪68‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫• المراجع العامة ‪:‬‬


‫‪ -‬دروس في اإلجراءات الجزائية ‪ :‬دكتور علي كحلون مجمع األطرش للكتاب‬
‫المختص الطبعة األولى تونس ‪. 2009‬‬
‫‪ -‬القانون الجزائي التونسي القسم العام مصطفى بن جعفر الطبعة األولى ‪ :‬اإليداع‬
‫القانوني ‪. 2009‬‬
‫‪ -‬القانون الجنائي العام فرج القصير مركز النشر الجامعي تونس ‪. 2006‬‬
‫‪ -‬محاضرات األستاذ توفيق بن مريم المادة ‪ :‬قانون جزائي عام سنة ثانية إجازة تطبيقية‬
‫قانون خاص كلية الحقوق و العلوم السياسية سوسة السنة الجامعية ‪2015 – 2014‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬محاضرات األستاذة هدى طالب علي المادة ‪ :‬قانون جزائي عام سنة ثانية إجازة‬
‫أساسية قانون خاص كلية الحقوق و العلوم السياسة سوسة السنة الجامعية ‪– 2013‬‬
‫‪. 2014‬‬

‫• المراجع الخاصة ‪:‬‬


‫‪ -‬الدفاع الشرعي في ضوء القضاء و الفقه ‪ :‬عبد الحميد الشورابي دار المطبوعات‬
‫الجامعية أمام كلية الحقوق_إسكندرية ‪ /‬مطبعة األطلس القاهرة ‪. 1986‬‬

‫‪69‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ -‬الموسوعة الجنائية الحديثة الكتاب األول‪ :‬القصد الجنائي و المساهمة و المسؤولية‬


‫الجنائية و الشروع و الدفاع الشرعي و عالقة السببية أحمد أبو الروس المكتب‬
‫الجامعي الحديث األزاريطة _اإلسكندرية ‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية العامة لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي ‪ :‬محمد نعيم فرحات _ الناشر‬
‫دار النهضة العربية ‪ 1981‬المطبعة العربية الحديثة ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة علمية في أسباب اإلباحة و موانع العقاب ممدوح عزمي ‪ 2000‬دار الفكر‬
‫الجامعي ‪ 30‬شارع سوتير األزاريطة ‪.‬‬

‫• المذكرات ‪:‬‬
‫‪ -‬حق الدفاع الشر عي (دراسة مقارنة) ‪ :‬مذكرة لنيل شهادة الليسانس في الحقوق من‬
‫إعداد و تقديم فوزي األجهوري _جامعة القسنطينية معهد الحقوق و العلوم اإلدارية‪:‬‬
‫السنة الجامعية ‪ 1990 - 1989‬دورة جوان ‪.1990‬‬
‫‪ -‬التجاوز في الدفاع الشرعي ‪ :‬مذكرة لإلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم‬
‫القانونية األساسية إعداد الطالبة ريم الشابي السنة الجامعية ‪.1997 - 1996‬‬

‫• المقاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬حق الدفاع الشرعي بقلم األستاذ فوزي بلعيد المحامي مجلة القضاء و التشريع ماي‬
‫‪.1976‬‬
‫مقال حول إثبات الدفاع الشرعي موقع منتدى المحاكم و المجالس القضائية تاريخ‬ ‫‪-‬‬
‫اإلطالع‪ 31 :‬ماي ‪. 2017‬‬
‫‪ -‬مقال حول آثار الدفاع الشرعي موقع ‪ : facebook‬صفحة المحامي األستاذ منير بن‬
‫صالحة مقال نشر في ‪ 6‬جانفي ‪ 2016‬تاريخ اإلطالع ‪ 31‬ماي ‪. 2017‬‬
‫‪ -‬مقال حول آثار الدفاع الشرعي موقع رجال القانون ‪ : forum des juristes‬مقال‬
‫نشر في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2010‬تاريخ اإلطالع ‪ 31‬ماي ‪. 2017‬‬

‫‪70‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ -‬مقال حول تجاوز حدود الدفاع الشرعي موقع إستشارات قانونية مجانية_محاماة نت‬
‫تاريخ اإلطالع ‪ 10‬جوان ‪. 2017‬‬

‫• المجالت القانونية ‪:‬‬


‫‪ -‬المجلة الجزائية‬
‫‪ -‬مجلة اإلجراءات الجزائية‬
‫‪ -‬مجلة اإللتزامات و العقود‬
‫‪ -‬مجلة المرافعات المدنية و التجارية‬
‫‪ -‬المجلة العسكرية‬
‫‪ -‬المجلة الجزائية معلق عليها تعليق األستاذ عبادة الكافي مطابع سنابكت‬
‫‪_2014‬الطبعة الثانية تونس ‪. 2016‬‬
‫‪ -‬المجلة الجنائية معلق عليها تعليق األستاذ بلقاسم القروي الشابي طبع و نشر المطبعة‬
‫الرسمية للجمهورية التونسية ‪. 1992‬‬
‫‪ -‬مجلة القضاء و التشريع‬

‫• القوانين المستقلة ‪:‬‬


‫‪ -‬قانون عدد ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪. 1966‬‬

‫• القرارات القضائية ‪:‬‬


‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 14709‬مؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1987‬نشرية محكمة‬
‫التعقيب القسم الجزائي لسنة ‪ 1987‬صفحة ‪. 147‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 21690‬مؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪ 2008‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 2008‬صفحة ‪. 293‬‬

‫‪71‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 789‬مؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪ 1945‬وارد بالمجلة الجنائية‬


‫بتعليق األستاذ بلقاسم القروي الشابي طبع و نشر المطبعة الرسمية للجمهورية‬
‫التونسية ‪. 1992‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2454‬مؤرخ في ‪ 24‬ماي ‪ 1978‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 1978‬صفحة ‪. 242‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4519‬مؤرخ في ‪ 16‬جويلية ‪ 1980‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪. 1980‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1525‬مؤرخ في ‪20‬أفريل ‪ 1977‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 1977‬صفحة ‪. 194‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي مؤرخ في ‪ 10‬جوان ‪ 1955‬مجلة القضاء و التشريع لسنة‬
‫‪ 1955‬عدد ‪ 6‬صفحة ‪. 154‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1525‬مؤرخ في ‪ 20‬أفريل ‪ 1977‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 1977‬صفحة ‪. 194‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 31312‬مؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1991‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 1991‬صفحة ‪. 108‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11451‬مؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1975‬نشرية محكمة‬
‫التعقيب القسم الجزائي لسنة ‪ 1975‬صفحة ‪. 181‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6292‬مؤرخ في ‪ 7‬جويلية ‪ 1969‬نشرية محكمة التعقيب‬
‫القسم الجزائي لسنة ‪ 1969‬صفحة ‪. 181‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 516‬مؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ 1961‬مجلة القضاء و التشريع عدد‬
‫‪ 3‬مارس ‪. 1962‬‬

‫• المعاجم ‪:‬‬
‫‪ -‬معجم لسان العرب إلبن منظور المجلد ‪ 11‬دار الفكر ‪. 1990‬‬
‫‪ -‬معجم المعاني الوسيط موقع على الواب ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫المالحق‬

‫‪73‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫الفهرس‬

‫المقدمة ‪1.....................................................................................................‬‬
‫العنوان األول‪ :‬أركان قيام حالة الدفاع الشرعي ‪6........................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬شروط الدفاع الشرعي ‪7............................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط الهجوم ‪7......................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬صور الخطر ‪7.........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬اإلعتداء السلبي ‪7................................................................................. :‬‬
‫ب‪ -‬اإلعتداء الوهمي ‪8................................................................................‬‬
‫ج‪ -‬اإلعتداء غير العمدي‪9...........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬خصائص الخطر ‪9.....................................................................‬‬
‫أ‪ -‬خطر حتمي ‪9........................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬خطر غير مشروع ‪12...........................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موضوع الخطر ‪14....................................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬محل الخطر ‪16........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬الجرائم التي تهدد النفس ‪16.......................................................................‬‬
‫ب‪ -‬الجرائم التي تهدد المال ‪17......................................................................‬‬
‫ج‪ -‬الجرائم التي تهدد الشرف‪18....................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط الدفاع ‪20......................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬ضرورة الدفاع ‪21.....................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تناسب الدفاع مع جسامة الخطر ‪22.................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬موانع إعتماد الدفاع الشرعي ‪24...................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حظر الدفاع ضد مأموري الضبط ‪24.............................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعريف مأموري الضبط ‪24..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المبدأ عدم جوازالدفاع ضد مأموري الضبط ‪26...................................‬‬
‫أ‪ -‬تجاوز حدود الوظيفة‪27...........................................................................‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫ب‪ -‬حسن النية‪27......................................................................................‬‬


‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اإلستثناء جواز الدفاع الشرعي ضد مأموري الضبط ‪28.......................‬‬
‫أ‪ -‬تجاوز حدود الوظيفة عن سوء نية ‪28..........................................................‬‬
‫ب‪ -‬الخروج عن حدود الوظيفة ‪28.................................................................‬‬
‫ج‪ -‬إذا خيف حدوث موت أو جراح بليغة‪29......................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬حظر الدفاع بالقتل إال في أحوال محددة ‪30.....................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬أحوال الفصل ‪ 39‬من المجلة الجزائية ‪30.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحوال الفصل ‪ 40‬من المجلة الجزائية ‪32..........................................‬‬
‫أ‪ -‬الصورة األولى ‪ :‬الحاالت التي يقع فيها التصدي إلى اإلعتداء الواقع ليال على البيوت‬
‫المسكونة و توابعها ‪33.............................................................................. .‬‬
‫ب‪ -‬الصورة الثانية ‪ :‬الحاالت التي يقع فيها التصدي لمرتكبي سرقة أو سلب األموال‬
‫بالقوة‪35.................................................................................................‬‬
‫العنوان الثاني ‪ :‬آثار القيام بفعل الدفاع الشرعي ‪38...................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬سلطة المحكمة في تقدير حالة الدفاع الشرعي ‪39...............................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬إثبات حالة الدفاع الشرعي ‪39.....................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي ‪39...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرف الموكول له عبئ اإلثبات ‪41.................................................‬‬
‫أ‪ -‬إثبات الدفاع الشرعي في الحاالت العادية ‪41............................................... :‬‬
‫ب‪ -‬إثبات الدفاع الشرعي في الحاالت الممتازة ‪42............................................ :‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار الحكم بتوافر الدفاع الشرعي ‪45.................................................‬‬
‫أ‪ -‬اآلثار على الصعيد الجزائي ‪45..................................................................‬‬
‫ب‪ -‬اآلثار على الصعيد المدني ‪46..................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬ضوابط التمسك بالدفاع الشرعي ‪47..............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات التمسك بالدفاع الشرعي من قبل المتهم ‪47............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحكمة في النظر في الدفاع الشرعي ‪47.....................................‬‬
‫أ‪ -‬نظر محكمة الموضوع في وجود الدفاع الشرعي ‪47........................................‬‬
‫ب‪ -‬نظر محكمة الموضوع في تجاوز حدود الدفاع الشرعي ‪49.............................‬‬
‫الدف اع الشرعي‬

‫ج‪ -‬إثارة الدفاع الشرعي أمام محكمة التعقيب ‪50................................................‬‬


‫د‪ -‬هل يلزم أن يكون المتهم معترفا بالتهمة ؟ ‪53.................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬سلطة المحكمة في ترتيب العقوبة ‪55.............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تحديد التجاوز لحدود الدفاع الشرعي‪55..........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عناصر التجاوز ‪56....................................................................‬‬
‫أ‪ -‬العنصر المادي ‪56............................................................................... :‬‬
‫ب‪ -‬العنصر المعنوي ‪56........................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬صور التجاوز ‪56..................................................................... :‬‬
‫أ‪ -‬التجاوز العمدي ‪56............................................................................... :‬‬
‫ب‪ -‬التجاوز غير العمدي ‪57....................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييم درجة التجاوز ‪57.................................................................‬‬
‫أ‪ -‬المقارنة بين أضرار الدفاع و أضرار اإلعتداء ‪57......................................... :‬‬
‫ب‪ -‬المقابلة بين وسائل الدفاع و وسائل اإلعتداء ‪58.......................................... :‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬التمييز بين الجريمة التجاوزية و الجريمة العادية ‪58............................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبة المتجاوز لحدود الدفاع الشرعي ‪59......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حكم التجاوز من القواعد العامة ‪59................................................ :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية إستفادة المتجاوز في الدفاع الشرعي من الظروف القضائية‬
‫المخففة ‪60.................................................................................................‬‬
‫أ‪ -‬على مستوى العقوبة ‪61......................................................................... :‬‬
‫ب‪ -‬على المستوى المدني ‪64...................................................................... :‬‬
‫الخاتمة ‪66.................................................................................................. :‬‬
‫المراجع ‪68...................................................................................................‬‬
‫المالحق ‪73...................................................................................................‬‬
‫الفهرس‬

You might also like