Professional Documents
Culture Documents
تــمـهـيـد
1
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
من المبادئ األساسية في الدعوى المدنية مبدأ ثبات ال نزاع الم دني ومع نى ذلك أن
الدعوى المدنية عندما ترفع إلى القضاء تكون متضمنة الدعاء مش فوع بطلب أو بطلب ات
تعرف اصطالحا بالطلب األصلي ،ويتعين مبدئيا بقاء عناصر الطلب األصلي دون أي تعديل
إلى أن يفصل فيه فيعتبر الحكم بذلك فاصال في ذات العناصر التي تضمنها الطلب األص لي
دون غيرها.
ويفيد مبدأ ثبات النزاع الذي يسيطر على النزاع المدني عدم جواز استبدال أحد الخصوم
بغيره أو تغيير صفة أحد األطراف اإلجرائية أو تعديل عناصر الطلب القض ائي أو تق ديم
طلب جديد.
والمالحظ هو أنه على اثر افتتاح ال دعوى وتحديد الطلب األص لي في ال نزاع قـد
تـظـهـر الـحاجة إلى إدخال إضافة أو تغيير أو تعديل أو تنازل في أحد عناصر االدعاء
األصلي ،وهو يمثل اسـتـثـنـاء لمـبـدأ الثبات المطلق للنزاع باعتبار أن ه ذا المب دأ
ور تحقيق يدخل النزاع المدني في جمود من شـأنـه أن يعرقـل فـي كثـيـر من الص
العدالة.
وبالتمعن في قانون المرافعات المدنية والتجارية التونسي نستشف أن المشرع قد كرس
مبدأ الثبات النس بي لل دعوى المدنية وذلك من خالل إق رار نـظـريـة الـدعـاوى
الـطـارئة ،ضـمـن الـفـصـول 70و 226من م .م .م .ت و غيرها.
وبالرجوع لمجلة المرافعات المدنية والتجارية نقف على تعداد لتلك الدعاوى ،فبالنس بة
للدعاوى الطارئة يسـتروح من خالل ما ورد بالفص ول 225و 226و 227منها أنها
تتمثل في دعوى اإلدخال أو التداخل والدعوى اإلضافية أو الفرعية ودعوى المعارضة.
تقر والمالحظ أن التعداد الوارد ضمن الفصول المذكورة يتطابق مع التعريف الذي اس
عليه الفقه في خصوص الدعاوى الطارئة ,إذ أجمع جل الفقهاء على أن الدعاوى الطارئة هي
الدعاوى المقدمة أثناء النظر في دعوى أصلية قائمة بين ط رفين وذلك من أح دهما أو من
2
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
شخص ثالث ،والتي يكون الهدف منها إما توسيع موضوع الدعوى األصلية أو تض ييقه أو
التعديل في الدعوى أو في أطرافها .1
وبناء على ما تقدم فان الدعاوى الطارئة تشمل زيادة عن الدعوى اإلض افية أو الفرعية
السابق التعرض لها دعوى المعارضة ودعوى اإلدخال أو التداخل.
وفي هذا الصدد فإن الدعوى المعارضة ,وهي موضوع محاضرتنا هذه ,تندرج ض من
االستثناءات لمبدا ثبات النزاع المدني.
وقد عرف المشرع التونسي الدعوى المعارضة ض من الفصل 28م.م.م.ت و اعت بر
بأنها تمثل دفعا و دعوى تتسم بالتبعية للدعوى األصلية في نفس الوقت 2و هذا التعريف أجمع
ين األول عليه الفقه و فقه القضاء .فهذه الدعوى ترفع من قبل المطلوب في األصل لغرض
يتمثل في رد الدعوى األصلية الموجهة عليه و الثاني في الحكم له بمنفعة خاصة.
ومن أهم خصوصيات ال دعوى المعارضة تبعيتها لل دعوى األص لية ,وهو ما كرسه
المشرع ضمن الفصل 227م.م.م.ت و تظهر هذه التبعية على مستوى نشأتها .فهي مرتبطة
بنفس اآلجال المحددة لتقديم الطلبات النهائية في الدعوى األصلية و تظهر أيضا على مستوى
الموضوع ,فقبولها مقيد بمدى تعلقها باالدعاء األصلي و أخيرا تظهر تبعية هذه الدعوى من
حيث المال فهي تتأثر بالحكم الصادر في الدعوى األصلية سواء كان ايجابيا أو سلبيا.
ات و قد تعرض المشرع التونسي للدعوى المعارضة منذ إصدار الئحة قانون المرافع
المدنية لسنة 1910في الفصول 12و 13و 76و ،77ثم أعاد تنـظـيـمها بـمـجلة
من م .م.م .ت المرافعات المدنية والتجارية الص ادرة س نة 1959ض من الفصل 28
الـمـنـقـح بـالـقـانـون عـدد 14لس نة 1980الم ؤرخ في 03أفريل 1980
نة 1986 دد 87لس والفصل 29من نفس المجلة والمـنـقـح بـالـقـانون ع
-11حول هذا التعريف انظر أحمد أبو الوفاء " أصول المرافعات المدنية والتجارية " ص 185وما بعدها.
-2جاء بالفصل 64من قانون المرافعات المدنية الفرنسي أن الدعوى المعارضة هي" ال دعوى ال تي يه دف من ورائها
المدعى عليه الحصول على منفعة خاصة به تتجاوز مجرد رد ادعاء خصمه ".
3
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
غير أن العبارات المستعملة من قبل المشرع في العناوين المندرجة ضمنها ,يشوبها في
الظاهر بعض الغموض إن لم يكن تناقض ,ألنه بقراءة العنوان المشار إليه نتبين أنه تض من
ما يلي" في الدعاوى العارضة والفرعية والمقصود منها المعارضة".
في حين أن هذا العنوان تضمن ثالثة فصول وهي الفصول 226و 227و 228وقد
سبق أن تعرضنا لمحتوى الفصل 226م .م .م .ت الذي يتضمن إقرار حق الط الب في
تقديم دعوى إضافية أو فرعية ،والحال أن من يقرأ العنوان الم ذكور يتوقع أن يتن اول
تنتج المشرع دعوى المعارضة فقط دون غيرها من الدعاوى الطارئة لذلك يمكن أن نس
4
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
تين من خالل العنوان المشار إليه أن المشرع يعتبر الدعويين العارضة والفرعية مرادف
لدعوى المعارضة ,غـيـر أن الـرجـوع لـلـفـصول 226و 227و 228من م.
م .م .ت يت بين أن المش رع يخص الط الب بال دعوى العارضة أو الـفـرعـيـة
دعوى ضـمـن الـفصل 226من م .م .م .ت في حين يخص المطلوب بحق القيام ب
المعارضة ضمن الفصل ،227وبالتالي فان الدعوى العارضة أو الفرعية ليست مرادفة
لدعوى المعارضة وال يمكن أن يكون المقص ود منها دع وى المعارضة مثلما ورد في
العنوان.
وحيث أن قبول دعوى المعارضة الذي أصبح بديهيا في الوقت الحاضر لم يكن كذلك
في الماضي ,فقد تشبث الرومان بمبدأ وحدة الدعوى ولم يقبلوا تبعا لذلك ب دعوى المعارضة
إال في فترة متأخرة وضيقوا نطاقها إلى حد كبير بفرض قيود شكلية عديدة لقبولها .
كما أن الفقه الفرنسي القديم تمسك بدوره بهذه القي ود مت أثرا في ذلك بتمسك القض اة
أنفسهم بمبدأ وحدة الدعوى بالنظر الستيفاء أجورهم طبقا لعدد الدعاوى األصلية المنش ورة
وى لديهم ولم يكن من مصلحتهم تبعا لذلك قبول النظر في دعوى المعارضة في إطار دع
أصلية كما تمسك األشراف بتلك القيود حرصا على واليتهم القضائية في مناطقهم .3
غير أن ما كان يشكل عائقا دون قبولها في الماضي أص بح هو نفسه س ببا لقبولها في
الحاضر ضرورة أنها تحقق ربحا في الوقت واقتصادا في نفقات التقاضي بتجميع ال دعاوى
القضائية ضمن خصومة واحدة.
والمالحظ أن تكريس دعوى المعارضة في الق وانين الحديثة يطلق التقاضي من دائ رة
القيود الشكلية ال تي بقيت إلى ت اريخ غ ير بعيد مفروضة عليه وي ؤدي إلى تحقيق عديد
اإليجابيات التي تمثل السبب الرئيسي إلقرار حق المدعى عليه فيها.
ومن هذا المنظور نوضح أن أهم ما يبرر تكريس دعوى المعارضة في القوانين الحديثة
هو حسن سير العدالة وتف ادي ص دور أحك ام متض اربة بين نفس الخص وم وفي نفس
الموضوع .ف دعوى المعارضة ت تيح الفرصة للقاضي لإللم ام بجميع الج وانب الواقعية
5
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
والقانونية للنزاع المنشور أمامه ،فيكون الحكم الصادر عنه أقرب للعدل واإلنصاف ضرورة
أن حق الدعوى لم يعد حكرا على المدعي الذي يبادر برفع دع واه إلى القض اء وإنما حقا
مخوال لكافة أطراف الدعوى إلنارة سبيل العدالة.
غير أن الفوائد العديدة لدعوى المعارضة ال يجب أن تحجب عنا ما يـتـخـلـلـها
مـن سـلـبـيات إذ أن إدخال طلبات عديدة أصلية ومعارضة في دعوى واحدة يتطلب
تحقيقا واسعا من شأنه أن يستغرق حيزا زمنيا أطول لفصل النزاع وهو أمر يتعارض مع
مبدأ سرعة الفصل.
ومن ناجية أخرى ,تطرح ممارسة الدعوى المعارضة إشكاالت عديدة في التط بيق مما
أدى بالقضاء التونسي إلى التعامل معها في بعض األحي ان بما يطلق عليه بجري ان العمل
بدليل و أنه بالرجوع إلى فقه القضاء التونسي نالحظ مثال ع دم قبوله لل دعوى المعارضة
المتعلقة بغرم الضرر المتسبب عن النازلة ,كعدم الحكم لفائدة المطلوب بأتع اب التقاضي و
أجرة المحاماة بالنسبة للقضاء االستعجالي بالرغم من عدم وجود نص قانوني يمنع ذلك.
و نستنتج من ذلك و أنه باإلضافة إلى القيود ال واردة بالفص ول القانونية على ممارسة
الدعوى المعارضة نجد قيودا قضائية و هو ما يكرس الطابع االستثنائي له ذه ال دعوى مما
يوجه دراستنا هذه نحو النظام القانوني للدعوى المعارضة حتى نتبين كيفية ممارستها
قضائيا بالطريقة األنجع ,و هو ما يتطلب البحث في فصل أول في شروط قبول الدعوى
المعارضة و في فصل ثان آثار ممارسة هذه الدعوى.
6
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
7
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
إضافة إلى الشروط الشكلية العامة التي تتطلبها كل دعوى قض ائية و من ض منها
الدعوى المعارضة و المتمثلة في الصفة و المصلحة و األهلية المنصوص عليها بالفصل 19
من مجلة المرافعات المدنية و التجارية و التي ال نرى داعيا للتفصيل فيها ,للتركيز من جهة
أخرى على دراسة الشروط الشكلية الخاصة بالدعوى المعارضة باعتبارها دعوى استثنائية
و هي شرط االرتباط بالدعوى األصلية (الفق رة األولى) باإلض افة إلى الش روط المتعلقة
بإجراءات تقديم هذه الدعوى ( الفقرة الثانية).
إن عدم تنصيص المشرع التونسي بصفة صريحة على وجوب توفر شرط االرتب اط
بين الدعوى المعارضة و الدعوى األصلية ،ال يعني أن الفصول التي تناولت تنظيم الدعوى
المعارضة لم تتعرض إلى هذا الشرط.4
فاالرتباط بين دعوى المعارضة و الدعوى األصلية يشكل مسألة موضوعية باألساس
و هو ما يعني و أن مدى توفره من عدمه يقدر من قبل قضاة الموضوع.
و في هذا االتجاه فقد استقر فقه القضاء على ضرورة توفر شرط االرتب اط ،ففي حالة غيابه
فعلى المحكمة أن تقضي برفض الدعوى المعارضة شكال و هذه المسألة تهم النظام الع ام و
تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها.
وقد أكد فقه القضاء على ضرورة توفر شرط االرتباط ضمن القرار التعقيبي الم دني
عدد 3149المؤرخ في 8جانفي 1981و الذي جاء بإح دى حيثياته بأنه "ال تقبل دع وى
المعارضة إذا كانت ترمي إلى تغيير طبيعة الدعوى األصلية".5
كما جاء بقرار آخر بأن "المقصود من الدعوى المعارضة هو الدفاع لرد الدعوى األصلية و
هي الدعوى التي ال ترمي إلى تغيير طبيعة الدعوى األصلية و إنما هي على صلة وثيقة بها
8
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
و مرتبطة بها بصورة تجعل من المصلحة النظر فيهما أمام محكمة واح دة لكي تفصل فيهما
معا توفيرا للوقت و المصاريف".6
و في نفس هذا اإلطار فقد أكد فقه القضاء على أن النظر أو البت في ال دعوى المعارضة ال
يستقيم إال بالبت في الدعوى األصلية فال يمكن تجاوز هذه األخيرة للنظر مباشرة في الدعوى
المعارضة.7
و بالرجوع إلى الحاالت الثالث التي خول فيها الفصل 228م.م.م.ت للم دعى عليه
حق القيام بدعوى معارضة نجد بأن الحالة األولى وهي حالة رد الدعوى األص لية و الحالة
الثالثة المتمثلة في طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة تفترضان ضرورة ت وفر ش رط
االرتباط :فبالنسبة لألولى فهي تنبعث من منطلق حق المدعى عليه في رد الدعوى األصلية
و بالتالي فمن الضروري أن يكون الدفاع متعلقا بالدعوى األص لية ،و بالنس بة لل دعوى
المعارضة المتضمنة لطلب التعويض عن ض رر من ال دعوى األص لية فنالحظ أنه رغم
اختالف موضوعها عن موضوع الدعوى األصلية إال أن صلة االرتباط متوفرة
بوضوح من خالل السبب ،إذ أن المدعى عليه لم يطلب التع ويض إال بس بب رفع
الدعوى األصلية عليه.
أما الحالة الثانية المذكورة بالفصل 228المتمثلة في المقاصة القضائية فيمكن الق ول
بأن شرط االرتباط ال يكون متوفرا في كل حاالت الطلب المعارض المتضمن لطلب إج راء
المقاصة الحكمية.
و قد دأب فقه القضاء على قبول طلب المقاصة القضائية حتى إن لم تكن متعلقة بنفس
موضوع الدعوى األصلية و اكتفى في هذا اإلطار بوجوب وجود ارتباط بين األطراف.
و الهدف من ذلك التوصل إلى حسم النزاع برمته عن طريق تجميع الطلب ات و تركيزها في
عي دعوى واحدة و تجنب تعدد القضايا و تضييع وقت و جهد المتقاضي باإلضافة إلى الس
6قرار تعقيبي مدني عدد 35401مؤرخ في 28سبتمبر 1992نشرية محكمة التعقيب لسنة 1992ص.48 .
7جاء باحدى الحيثيات بالقرار التعقيبي المدني عدد 50653المؤرخ في 17مارس 1998بأن "تجاوز المحكمة البت
في الدعوى األصلية و نظرها مباشرة في الدعوى المعارضة و الحال أن الدعوى المعارضة تنشأ عن الدعوى األصلية و
تلحق بها يعيب الحكم و يوجب نقضه" .نشرية محكمة التعقيب لسنة 1998الجزء األول ص.212 .
9
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
إلى تالفي الضرر الذي قد يلحق بالمدعى عليه عندما يقضى ضده بأداء ال دين مع أنه ك ان
بإمكانه الدفع بالمقاصة القضائية.
وبالتالي فإن شرط االرتباط و إن كان شرطا ضروريا لقبول دعوى المعارضة إال أنه
ال يكفي لوحده للتصريح بقبولها شكال و إنما يجب أن تقدم طبقا لص يغ و اج راءات معينة
( فقرة ثانية).
إن تقديم دعوى المعارضة مرهون بعدة ضوابط و شروط تنقسم إلى إجراءات تهم طريقة
تقديم الدعوى –أ -و أخرى تتعلق بآجال تقديمها –ب.-
10
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
بمحضر الجلسة مع ذكر الطلبات المعارضة ،أو في شكل طلب كتابي محرر من طرف المطلوب يضمنه
جوابه عن الدعوى األصلية و قيامه بدعوى معارضة مشفوعة بطلباته المعارضة.
كما يمكن في نفس هذا اإلطار للمطلوب أن ينيب عنه محاميا يتولى تق ديم جوابه عن ال دعوى
األصلية و تسجيل قيامه بدعوى معارضة و طلب قبول دعوى منوبه المعارضة شكال و أصال.
و في هذا االتجاه صدرت عدة قرارات تعقيبية تؤكد على أن دعوى المعارضة هي دعوى تت وفر فيها كل
مواصفات الدعوى القضائية .و من ه ذا المنطلق و كما بينا ذلك س ابقا فانه يجب أوال تق ديمها ثم طلب
قبولها شكال و أخيرا طلب قبولها أصال.
و قد جاء في احدى هذه القرارات بأن "الدعوى المعارضة تكتسب كل مقومات الدعوى من شروط
شكلية و موضوعية و اثار و ان وصفها بالمعارضة او الفرعية ال يبرر السكوت عنها أو االشارة اليها من
طرف خفي بل البد من مناقشتها صراحة من قبل المحكمة و بيان موقفها بشأنها ص لب منط وق الحكم
قبوال أو ردا".8
غير أنه في التطبيق نالحظ و أن المحاكم تتغاضى في بعض األحيان عن ه ذا الش رط المتعلق
بطريقة تقديم دعوى المعارضة و كمثال على ذلك نذكر دعاوى الطالق انشاء س واء من ال زوج أو من
الزوجة ,اذ غالبا ما يقوم الم دعى عليه أو من ينوبه ,و بطلب منه في ه ذه الحالة ب دعوى معارضة
للمطالبة بما ناله من ضرر جراء طلب الطالق تعسفيا و بإرادة منفردة ب دعوى ب التعويض عما ناله من
ضرر معنوي أو مادي ...لكن هذه الدعوى غالبا ما ال تقدم بالطريقة المذكورة أعاله بل يقع تقديمها
مباشرة و كأن المدعى عليه انقلب إلى مدعي و هو خطأ اجرائي يقتضي أن يقع رفض هذه الطلبات شكال
ألنها لم تقدم في إطار دعوى معارضة.
وهذه الممارسة للدعوى المعارضة تمثل استثناءا في التطبيق يع ود الى خطا ش كلي في القي ام
كلية البد فيها من االعالن بالدعوى المعارضة اذ أن ممارسة هذه الدعوى ,و حتى تصح من الناحية الش
عنها مسبقا و المطالبة بقبولها شكال مثلما أسلفنا ثم المطالبة بقبولها أصال بعد تقديم الطلبات.
اضافة الى طريقة تقديم دعوى المعارضة و التي تكرس مفهوم الدعوى القضائية ف ان اج ال القي ام بها
تكرس هذا الجانب أيضا.
8
قرار تعقيبي Pمدني عدد 6149مؤرخ في 7مارس 2005نشرية محكمة التعقيب لسنة 2005الجزء األول ،ص.175 .
11
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
نى أنها الدعوى المعارضة ال يمكن أن تنشأ لوال قيام الدعوى األصلية فهي دعوى عارضة بمع
تعرض على القضاء بمناسبة النظر في الدعوى األصلية أي أثناء سيرها.
ومن هذا المنطلق فهذه الدعوى ال تبقى إال ببقاء الدعوى األصلية فعلى سبيل المثال كلما تبين أن الدعوى
األصلية مشوبة بخلل شكلي يتطلب رفضها فان دعوى المعارضة يكون لها نفس المال باعتبار أن الهدف
منها هو رد الدعوى األصلية.
و اعتبارا لصبغتها العرضية فانه يمكن تقديمها طوال الطور التحضيري للقضية و هو ما جاء به
الفصل 227م م م ت الذي ينص على " " :حق القي ام ب دعوى المعارضة مختص ب المطلوب ويمكن
عرضها ما دامت القضية بصدد التحضير وال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقصود منها ال دفاع ل رد
الدعوى األصلية أو المقاصة أو طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة".
ويستنتج من الفصل المذكور أن تقديم دعوى المعارضة مرتبط بنفس اآلج ال المح ددة لتق ديم
الطلبات النهائية في الدعوى األصلية .و بالتالي فال يمكن للمدعى عليه ع رض دع واه المعارضة ألول
مرة بالجلسة المعينة للمرافعة.
و السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو هل من حق المدعى عليه ممارسة دعوى المعارضة و هي
الزالت منشورة بالطور التحضيري في صورة تولي المدعي طلب طرح الدعوى األصلية؟
دعوى اإلجابة عن هذا السؤال يمكن استخالصها من فقه القضاء الذي اعتبر بأنه " بعدول الطالب عن ال
األصلية تفقد دعوى المعارضة كيانها ."...قرار مدني عدد 25636مؤرخ في .23/10/1990
و في هذا اإلطار نص الفصل 83و الفصل 21و الفصل 84م م م ت على ما يلي:
الفصل 21من م م م ت " :مرجع النظر في القضايا يتح رر بمقتضى طبيعة ال دعوى ومق دار الم ال
المطلوب.
ومقدار ما يحكم فيه نهائيا يحرر بنسبة المبلغ المطلوب.
والعبرة في ذلك بالطلبات األخيرة وذلك كله ما لم يظهر للمحكمة أن الط الب تعمد الزي ادة أو التنقيص
بقصد التأثير على قواعد االختصاص وفي هذه الصورة يجوز للمحكمة أن ترد القيمة إلى نصابها وتفصل
في االختصاص حسب القيمة الحقيقية لموضوع الدعوى".
وينص الفصل 83من م م م ت" :يستمر محامو األطراف على تبادل الملحوظ ات بينهم دون إج راءات
خاصة سوى إمضاء كل منهم على توصله بما قدمه له زميله وتق دم نسخ من تلك الملحوظ ات وك ذلك
12
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
الوثائق لتضاف لملف القضية قبل تاريخ الجلسة المعينة للمرافعة بعشرة أيام بالنسبة لمح امي الم دعي
وثالثة أيام بالنسبة بالنسبة لمحامي المدعى عليه وال تقبل التقارير المقدمة بعد اآلجال المذكورة".
وينص الفصل 84من م م م ت على أنه " يمكن للمدعي تغي ير ج زء من ال دعوى أو الزي ادة فيها أو
تحريرها في األجل المبين في الفصل قبله".
وحيث إضافة إلى كل ما تقدم فان تقديم هذه الدعوى أثناء سير الدعوى األصلية مش روط بع دم
المساس بمبدأ المواجهة كضمان أساسي لحقوق الدفاع ،فكال الطرفين يجب أن يكون بإمكانه االطالع على
الدعوى المرفوعة ضده و على أسانيدها و مناقشتها.
وتكريسا لمبدا ثبات النزاع أيضا و اعتبارا للطابع االستثنائي للدعوى المعارضة ح دد المش رع
باإلضافة إلى الشروط الشكلية الشروط الموضوعية ( المبحث الثاني).
عدد المشرع صلب الفصل 227م م م ت حاالت ممارسة دعوى المعارضة على سبيل الحصر
إذ ورد به " :حق القيام بدعوى المعارضة مختص بالمطلوب ويمكن عرضها ما دامت القض ية بص دد
التحضير وال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقصود منها الدفاع لرد ال دعوى األص لية أو المقاصة أو
طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة".
من خالل الفصل المذكور يتبين تبني المشرع لثالث حاالت من الشروط الموض وعية :الش رط
األول يتعلق برد الدعوى األصلية ( فقرة أولى) أما الثاني فيتمثل في المقاصة ( فق رة ثاني ة) و أخ يرا
الشرط المتعلق بغرم الضرر المتسبب عن النازلة ( فقرة ثالثة).
13
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
كما ورد بالفصل 227م م م ت أن "حق القيام بدعوى المعارضة مختص بالمطلوب و يمكن عرض ها ما
دامت القضية بصدد التحضير و ال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقص ود منها ال دفاع ل رد ال دعوى
األصلية."...
و يستنتج من هذين الفصلين أن المشرع تبنى مفهومين مختلفين للشرط الموضوعي المتعلق ب رد
الدعوى األصلية األول ضيق – أ -و الثاني موسع – ب .-
و تنقسم االخالالت اإلجرائية إلى خروقات تهم النظام العام و في ه ذه الحالة فإنها تث ار في أي
مرحلة من مراحل الدعوى و ح تى التقاضي بل أن المحكمة يمكن لها أن تثيرها من تلق اء نفس ها .أما
الدفوع الشكلية التي تهم مصالح الخص وم فانه يجب إثارتها قبل الخ وض في األصل و إال س قط حق
المدعى عليه في التمسك بها.10
* /أما بخصوص الدفع الموضوعي فهو اإلجراء الذي يجيب به الخصم على طلب خصمه قصد
تفادي الحكم له في الموضوع فهو إلى أصل الحق المدعى به.
تزام وإن غاية الدفع الموضوعي هي إنكار أو إنهاء آثار االدعاء األصلي و بذلك فال يقضى ضده بأي ال
تجاه المدعي.
9محمد الحداد ،الدفاع لرد الدعوى األصلية في الدعوى المعارضة ،مجلة األخبار القانونية ،مارس ،2010ص.14
10الفقرة األخيرة من الفصل 14م م م ت.
14
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
وتخضع الدفوع الموضوعية للقواعد الموضوعية التي تنظم الحق المتمسك به من قبل المدعي و
مثال ذلك قيام المدعي بقضية استحقاقية مستندا على الحوز فيعارضه المدعى عليه بعدم ت وفر ش روط
الحوز فيه.
و يجوز التمسك بالدفوع الموضوعية في أية مرحلة من مراحل الدعوى حتى ختم المرافعة.
و قد تأيد هذا االتجاه التض ييقي بفقه القض اء ,فقد اعت برت محكمة التعقيب في قرارها ع دد 10502
المؤرخ في 21/11/1974أن "مناط قبول دعوى المعارضة من جانب الم دعى عليه هو أن يك ون من
شأنها رد الدعوى األصلية و زوال طلبات الم دعي و الحكم بع دم س ماع دع واه أو التنقيص منها أو
تعديلها".11
و في نفس هذا السياق أقرت محكمة التعقيب "أن الدعوى األصلية من المك تري في ابط ال تنبيه
للخروج من مكرى تجاري ترمي من وراء ابطال التنبيه للبقاء في المحل و بذلك يج وز دفعها ب دعوى
يه الفصل 227من م م م ت لرفع حة التنبيه و هو ما يقتض معارضة من المالك في طلب الحكم بص
الدعوى األصلية ,اال أن فرع الخروج يعارضه القيام بطلب غرامة الحرمان و بذلك فان الحكم و ان كان
صحيحا في إجابة الدعوى المعارضة بصحة التنبيه فانه ليس كذلك في فرع الخروج".12
إال أنه يقابل هذا االتجاه التضييقي آخر يتبنى مفهوما موسعا يرى أنصاره أن المدافعة في الدعوى
المعارضة هي دفع و ادعاء في آن واحد.
15
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
دفاع فقط لما تطلب فدعوى المعارضة تشكل إذا دفعا و ادعاء في نفس الوقت ،فلو انحصر دورها في ال
األمر افرادها بنص قانوني خاص ألن مسألة الدفاع تعتبر من الحقوق البديهية لكل مطلوب.
وى معارضة و انما يمكنه كما أنه لو اقتصر دور المدعى عليه على الدفع فانه ال يكون ملزما بتقديم دع
لي دون ممارسة حقه في الدفاع في تقارير عادية يبين فيها ما له من أسانيد لدحض مزاعم المدعي األص
ابداء أي طلب اخر ضده.
أما اذا تجاوز موقف المدعى عليه مجرد الدفع البداء طلب لفائدته فانه يص بح ملزما بالقي ام
بدعوى معارضة ,و على هذا األساس كان البد من التفرقة بين الدفع الموضوعي و دعوى المعارضة.
فاألول هو وسيلة دفاع بحتة في حين أن الثانية الهدف منها الى جانب رفض طلب المدعي ،حماية حق
يدعيه أمام القضاء للحصول على حكم لفائدته ضد خصمه.
ول والى جانب كل ما سلف ذكره يمكن معرفة ارادة المشرع في هذا الخصوص من خالل فص
متفرقة يتدعم بها التحليل الوارد أعاله و يتضح بجالء أن دور المطلوب في الدعوى ال يمكن حسب رؤية
المشرع ان ينحصر في الدفاع و مثال ذلك ما جاء في مادة التسجيل ,اذ أن المع ترض له طلب تس جيل
العقار عرضيا لفائدته.
و قد نص الفصل 333من م ح ع على أن المحكمة "تصرح بقبول مطلب التسجيل أو رفضه كال
أو بعضا لكن يمكنها االذن بتسجيل كامل العقار المحدود أو بعضه باسم المعترض أو المعترضين اذا طلب
هؤالء ذلك و كانت حقوقهم ثابتة".
و في مادة األحوال الشخصية بين المشرع ص لب الفصل 31م أ ش أنه من حق أحد ال زوجين
بشرط ان يكون المتضرر من الطالق ان يطلب تعويضه عن المادي أو المعنوي بوصفه م دعى عليه في
اطار دعوى معارضة.
كما أن فقه القضاء في عدة قرارات تبنى هذا المفهوم من ضمنها القرار التعقي بي ع دد 4508
12/2004/و قد جاء فيه "تشكل الدعوى المعارضة دفعا و دع وى في اآلن نفسه فهي مؤرخ في 14
تمكن المطلوب من مناقشة أصل الدعوى و تخول له طلب الحصول على منفعة تتج اوز مج رد رفض
االدعاء األصلي.13
في األخير و كخالصة للتحليل بخصوص الشرط المتعلق برد ال دعوى و تطبيقاته في الق انون
التونسي نالحظ و أنه ال يمكن بأي حال من األحوال اعتماد المفهوم الضيق لهذا الشرط لألسباب المذكورة
13قرار تعقيبي Pمدني عدد 4508مؤرخ في 14/12/2004ن م ت لسنة 2004ص .257و في نفس هذا السياق جاء القرار التعقيبي عدد
45378بتاريخ 15/04/1997ن م ت القسم المدني ص 203و كذلك القرار التعقيبي Pعدد 75475بتاريخ 17/04/2000ن م ت القسم
المدني ص 170و أيضا القرار التعقيبي عدد 1040مؤرخ في 31/10/2005ن م ت لسنة 2005ص ...59
16
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
أعاله و لسياسة المشرع في هذا المجال و مقصده اإلجرائي الرامي إلى تجميع النزاع ات و جمع ش تات
المنازعة المتداخلة و تيسير الفصل فيها جملة واحدة تحقيقا للعدالة الشاملة.14
ادة اال أنه من جهة أخرى فان فقه القضاء نجده غالبا ما يتعامل بحذر مع هذه الدعوى و يميل ع
الى رفضها شكال كما يتجنب توسيع مناطها مثلما بينا ذلك أثناء دراستنا للمفهوم الضيق ل رد ال دعوى و
يعود ذلك باألساس الى محاولة (نعتبرها أحيانا مبالغا فيها) عدم تجاوز شرط ارتباط ال دعوى المعارضة
بالدعوى األصلية و شرط وحدة الموضوع بين الدعويين.
والى جانب الشرط المتعلق برد الدعوى نص المشرع ضمن الفصل 227م م م ت على المقاصة
من بين الحاالت التي يمكن من خاللها القيام بدعوى المعارضة ( الفقرة الثانية)
عرف األستاذ محمد المالقي المقاصة بكونها ترمي الى انقضاء دي نين أو عالق تين
التزاميتين متعارضتين.
ووردت المقاصة كأحد الشروط الموضوعية الم ذكورة ض من الفص لين 28و 227م م م ت ،اال أن
المشرع استعمل ضمن الفصل 28عبارة المقاصة الحكمية فيما اقتصر ضمن الفصل 227على عب ارة
المقاصة و هو ما يحيلنا الى التساؤل عن مقصد المشرع و المفه وم المعتمد للمقاصة ح تى تس تقيم من
خاللها الدعوى المعارضة.
لالجابة عن هذا التساؤل ال بد بداية من حصر أشكال المقاصة ،و ال تي بينها المش رع التونسي
صلب الفصل 369م ا ع و نص على شكلين و هما المقاصة االتفاقية و المقاصة الحكمية.
والمالحظ أن الفصل 28من م م م ت و الذي يحصر الش رط المتعلق بالمقاصة في الحكمية منه ا ,ورد
بمجلة المرافعات تحت عنوان "في كيفية ضبط مرجع النظر و درجة الحكم" مما يجعل من مج ال انطباقه
منحصر في تحديد تأثير دعوى المعارضة على درجة الحكم و دورها في تكييفه.
أما الفصل 227من م م م ت فقد جاء تحت عنوان "في ال دعاوى العارضة و الفرعية و المقص ود منها
المعارضة"بصفة عامة.
.J. Vincent et S. Guinchard, Procédure civile, 27 e éd., 2002, Précis, Dalloz, No 1151-1 14
17
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
وحيث أن هذا التمشي من شأنه أن يوحي لنا للوهلة األولى بانطباق الفصل األخير و أخذ العب ارة
على اطالقها ،اال أنه اذا ما عدنا الى سياق الدعوى المعارضة ف ان تحليال منطقيا يظهر ب أن ال دعوى
المعارضة ال تقبل اال اذا كان القصد منها طلب المقاصة القضائية ,ألن المقاصة القانونية لو توفرت جميع
شروطها ألجريت بصورة تلقائية بحكم القانون و بمجرد تالقي الدينين و لكان طلب المدعى عليه مقتصرا
على الدفع بالمقاصة القانونية في شكل دفع موضوعي دون القيام بدعوى معارضة.
كما ال يمكن أن تشمل دعوى المعارضة لطلب المقاصة المقاصة االختيارية ألنها لو كانت ممكنة
ألجراها مع الطالب بإرادته المنفردة و لما احتاج إلى القيام بدعوى معارضة.
مكن المشرع المطلوب من القي ام ب دعوى معارضة يطلب فيها التع ويض له عن
الضرر الذي لحقه من جراء قيام الطالب ضده لدى القضاء.
والمفارقة تكمن هنا في أن حق التقاضي هو حق مخول للطالب ,ولكن وان كان هذا الحق من
الحقوق البديهية و المشروعة فقد أدخل عليه المشرع مثله مثل سائر الحقوق األخ رى كحق
الملكية و حق التعاقد قيدا هاما أال و هو عدم التعسف في استعماله.
وقد أقر فقه القضاء هذه النظرية أي نظرية التعسف في استعمال الحق في عدة قرارات
تعقيبية ن ذكر منها القرار التعقيبي عــــ 1541ـــدد المؤرخ في 11 / 06 / 1976
16
واللــذين ، 15والقرار التعقيبي عـ 1185ـــدد المؤرخ في / 1978ـ )89( 20/ 07
يتضح من خاللهما أن محكمة التعقيب تعلق قبول دعوى المعارضة في غرم الضــرر على
إثبات نية التنكيل بالمدعى عليه من وراء القيام .
قرار تعقيبيـ مدني عــــ 1541ـــدد المؤرخ في ، 11 / 06 / 1976ن.م.ت ، 1976ج ، 3ص . 9 ) 15
قرار تعقيبيـ مدني عـــــ 1185ــــدد المؤرخ في ، 20/ 07 / 1978ن.م.ت ، 1978ج ، 2ص . 43 ) 16
18
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
فالضرر المتسبب عن النازلة يشترط فيه أن يكون محققا ال محتمال احتم اال بعي دا أي
يعني أن يكون قد وقع فعال مثل أتعاب التقاضي و أجرة المحام اة أو محتمل الوق وع مثل
النقص في األرباح .
باإلضافة إلى ذلك البد من توفر شرط االرتباط بين الضرر و رفع الدعوى.
والمالحظ أيضا و أن التعويض الوارد بالفصل 227م م م ت ليس تعويضا موض وعيا
مبناه مجرد حصول الضرر إنما أساسه التعسف في استعمال حق التقاضي و الذي ال يت وفر
إال بتوفر سوء النية.
إن تقدير توفر شروط الضرر الموجب للتعويض يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للقاضــي
وخاصة منها شرط االرتباط ،على أنــه ال يســوغ التوسـع في الضـرر المســتوجب للتعــويض
حــتى ال يــؤول األمــر إلى عــزوف كــل من تضــررت حقوقــه من جــراء االعتــداء عليــه عن
استعمال حقه في التقاضي خشية مطالبته بالتعويض في صورة صدور حكم سلبي ضده .
إن كــل الشــروط المتقدمــة يجب أن تتــوفر مقترنــة في الضــرر إلثباتــه ،غــير أن إثبــات
الضرر وحده ال يكفي إلقــرار حــق المــدعى عليــه في التعــويض ألن التعــويض في الصــورة
الواردة بالفصل 227من م.م.م.ت ليس تعويضا موضوعيا مبنــاه مجــرد حصــول الضــرر ،
وإنما أساسه مثلما سبق بيانه التعسف في استعمال حق التقاضـي ،والـذي ال يتـوفر إال بتـوفر
سوء النية ،وبالتالي فإن عنصر فصد إلحاق الضرر المدعى عليه يجب أن يتــوفر في جــانب
المدعي ،وبناء عليه فإن التعويض المخول للمدعى عليه في نطاق الطلب المعارض مشروط
بضرورة إثباته من قبل المطلوب عمال بأحكـام الفصل 227من م.م.م.ت والفصــل 420م .إ .
ع.
19
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
من المتعارف عليه أن المدعي هو الذي يتولى مبدئيا تحديد موضوع ادعاءاته من خالل عريضة
افتتاح الدعوى .17لكن المدعى عليه ال يكتفي غالبا بالدفاع في األصل فقد يتخذ بدوره موقفا هجوميا من
خالل تقديمه طلبات تهدف الى اقرار حق لفائدته ضد خصمه.
وحيث ان الصبغة الطارئة لدعوى المعارضة يصعب معها مبدئيا تفعيل قواعد االختصاص
الحكمي الواردة بالفصل 21م م م ت (المبحث األول) و لكن مع ذلك فدعوى المعارضة بتغييرها
17
الفصل 70م م م ت.
20
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
لمعطيات النزاع أو مقدار المال المطلوب فيه تدخل بعض االضطراب على النظام االجرائي المنطبق في
خصوص الدعوى األصلية ( المبحث الثاني).
البد من التطرق الى اثار ممارسة هذه الدعوى على االختصاص الحكمي و الذي ينظمه الفصل
21م م م ت ( الفقرة األولى) و كذلك على االختصاص الترابي و الذي يحدده الفصل 30من نفس المجلة
( الفقرة الثانية).
هناك تصنيف ثنائي لالختصاص الحكمي األول يشمل المحكمة االبتدائية و محكمة الناحية و
الثاني المحاكم المتخصصة أو المختصة مثل دائرة الشغل و المحكمة العقارية و الدائرة التجارية و قاضي
التقاديم...
و يكون تأثير دعوى المعارضة على اختصاص المحكمة محددا طبقا لمعيار قيمة الطلب .و بالرجوع
للفصل 29م م م ت فانه يؤكد على تأثير دعوى المعارضة على االختصاص الحكمي .
ومن هذا المنطلق و طالما أقر المشرع عدم اختصاص محكمة الناحية بالنظر في الدعويين
األصلية و المعارضة كلما تجاوز المقدار المطلوب في دعوى المعارضة حدود اختصاصها الحكمي ,فان
االختصاص الحكمي في كليهما يؤول الى المحكمة االبتدائية تحقيقا لحسن سير العدالة وهو ما يؤدي الى
المزيد من التضييق لمجال اختصاص حاكم الناحية.
والمالحظ في هذه الحالة أن المدعى عليه قد يستغل هذا األمر من خالل تقديمه على سبيل المثال
لدعوى معارضة تتجاوز سبعة االف دينار الخراج النزاع عن أنظار قاضي الناحية و يصرح هذا األخير
21
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
بعدم اختصاصه مما يدفع بالمدعي الى نشر دعواه من جديد أمام المحكمة االبتدائية فيمتنع المدعى عليه
على اثر ذلك من تقديم دعوى معارضة فتصرح المحكمة االبتدائية بعدم اختصاصها كذلك و هو ما قد
يؤدي الى حلقة مفرغة.
لكن لتفادي ذلك أقر المشرع قيدين هامين ضمن نفس الفصل 29م م م ت بفقرته الثانية.
أما القيد األول فهو تكريس لالرتباط بخصوص غرم الضرر الناشئ عن الدعوى.
أما القيد الثاني الوارد بالفصل 29فمناطه أنه ":إذا وقع القيام بدعوى المعارضة لدى قاضي
الناحية وكان مقدارها متجاوزا حد ما يحكم فيه فعلية إعالن عدم اختصاصه بالنظر في
" .كل من الدعويين
و قد كرس المشرع أيضا هذه القاعدة بالفقرة الثالثة من الفصل 21م م م ت مما يؤكد الطبيعة االمرة
لقواعد االختصاص الحكمي.
والمالحظ اذا أن الدعوى المعارضة تؤثر على اختصاص المحكمة المتعهدة اذا ما نظرنا من زاوية معيار
قيمة الطلب .اال أنه من جهة أخرى و على خالف ذلك اذا نظرنا الى المعيار المتمثل في طبيعة الدعوى
فان الدعوى المعارضة تصبح بدون تأثير على اختصاص المحكمة المتعهدة.
فالمحكمة المتخصصة تعتبر مبدئيا محكمة استثنائية أسند لها المشرع النظر في مسائل محددة و
بالتالي ال تكون لها والية النظر في مسائل أخرى ,فال يحق لها البت في الطلبات المعارضة حتى و ان
كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدعوى األصلية المنشورة أمامها.
وحيث أن المحكمة المتخصصة تكون مختصة بالنظر في دعوى المعارضة اذا كان موضوعها و
الطلبات المضمنة بها متجاوزا لالختصاص الحصري الذي أسنده لها المشرع وال يعني ذلك مطلقا
أنها ال تصدر حكمها في دعوى المعارضة بل يعني فقط أنها ال تبت في أصل دعوى المعارضة و انما
يجب عليها البت فيها باصدار حكم يقضي بعدم اختصاصها الحكمي بالنظر في هذه الدعوى.
و كمثال على ذلك فان قاضي الشغل ال يمكنه أن يمد واليته للنظر في موضوع تجاري أو مدني يتعلق
بمقاصة.
22
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
اختصاص قاضي الناحية و لكن المشرع مكن المتقاضي من القيام بها لدى المحكمة االبتدائية في اطار
الدعوى األصلية المتعلقة بطلب الطالق لكن ذلك ال يحول دون منع القيام بها بصفة منفردة لدى المحكمة
االبتدائية.
ـ االختصاص الترابي
الفقرة الثانية:
إن المتأمل في الفصول 28و 29و 227و 228م م م ت التي تمثل االطار القانوني للدعوى
المعارضة يالحظ عدم تعرض المشرع الى مسألة االختصاص الترابي و مدى تأثير القيام بالدعوى
المعارضة عليها.
و على هذا األساس كان ال بد من الرجوع الى القواعد العامة التي تنظم مسألة االختصاص
الترابي و من ثمة البحث في مدى تأثر قواعد االختصاص الترابي بالقيام بدعوى معارضة.
23
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
وفي هذه الحالة فإن المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى األصلية تختص بالنظر في دعوى
المعارضة و ذلك اعتمادا على مفهوم الصلة و االرتباط بين الدعويين.
نتناول في هذا المبحث بيان مدى تأثير دعوى المعارضة على درجة الحكم في الخصومة وذلك
باالعتماد على ما تضمنته م.م.م.ت من نصوص في هذا الخصوص حسب صيغتها الحالية والتي لم تتم
مراجعتها لحد اآلن مشتملة على درجة حكم ثنائية :نهائية وابتدائية.
و يقتضي الفصل 21م.م .م .ت أنَ "مرجع النَظر في القضايا يتحرَر بمقتضى طبيعة الدعوى
و مقدار المال المطلوب فيها و مقدار ما يحكم فيه نهائيَا يحرَر بنسبة المبلغ المطلوب"...
يتبيَن من أحكام الفقرتين األولى و الثانية من الفصل 21م .م .م .ت أنَ المعيار القيمي للطلبات يعتمد
على حدَ السواء في تحديد مرجع النظر الحكمي و في تحديد درجة الحكم ،و ما من شكَ أن تحديد درجة
الحكم تكتسي أهمَية بالغة في تحديد وجه الطعن الخاضع له الحكم ،إذ أن الحكم االبتدائي الدرجة يكون
خاضعا للطعن باالستئناف في حين أنَ الحكم النهائي الدرجة يكون خاضعا مباشرة للطعن بالتعقيب.
غير أنَ النزاع قد يشمل عالوة عن الدعوى األصليَة طلبا معارضا ،فهل يعتدَ بقيمة الطلبين
مجتمعين أم يتمَ االعتماد على قيمة كلَ طلب منفرد لتحديد درجة الحكم و ما هو موقف المشرَع من هذه
المسألة؟
تجدر اإلشارة إلى أنَ الفصل 28م .م .م .ت ينصَ على أنَ دعوى المعارضة ال تضاف":للدعوى
األصلية فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم ،لكن إذا كانت إحدى الدعويين تتجاوز مقدار ما يحكم فيها
نهائيَا فإنَ الحكم يكون ابتدائيا في الكلَ".
وبالتمعَن فيما ورد بالفصل 28م .م .م .ت المشار إليه نستنتج أنَ المشرَع أقرَ قاعدة أساسية
لتحديد درجة الحكم في نزاع يشمل دعويين أصليًة و معارضة ،تفيد القاعدة األولى عدم الجمع بين قيمة
الطلب األصلي و الطلب المعارض لتحديد درجة الحكم و من ثمَة فإنَ الدعوى األصليَة تعدَ هي المعيار
في تحديد درجة الحكم الصَادر في النزاع برمَته (فقرة أولى) ،وجعل لتلك القاعدة استثناء ( فقرة ثانية) .
24
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
ينصَ المشرَع صراحة ضمن الفصل 28م .م .م .ت على ما يلي":وال تضاف تلك الدعوى
للدعوى األصليَة فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم" ،و المقصود بتلك الدعوى هو دعوى المعارضة.
يتَضح من منطوق النص المذكور أنَ المشرَع اعتمد قاعدة أساسيَة في تحديد درجة الحكم في نزاع
متضمَن لدعوى أصليَة و أخرى معارضة تقتضي عدم الجمع بين قيمة الطلب األصلي والطلب المعارض
لتحديد درجة الحكم من ناحيَة ،ومن أخرى أنَ درجة الحكم الصَادر في النزاع برمَته تحدَد استنادا إلى قيمة
الطلب األصلي.
وحيث وبما أنَ المشرَع اعتبر أنَ المعيار المعتمد في تحديد درجة الحكم هو الطلب األصلي فإنَه
ال بدَ من توضيح أنَ العبرة في الطلب األصلي هو الطلب األخير طبقا ألحكام الفقرة األخيرة من الفصل
21م .م .م .ت.
وقد يبدو ما ورد بالفصل 28م .م .م .ت في خصوص تحديد درجة الحكم ظاهريَا غير متماشي
مع منطوق الفصل 26م .م .م .ت الذي ينصَ على أنَه":إذا كانت الدعوى شاملة لعدَة فروع ناشئة عن
سبب واحد فإنَ تلك الفروع تضاف لتعيين مرجع النظر و درجة الحكم ،إذ أنَ الفصل 26م.
م .م .ت أقرَ في فقرته األولى قاعدة جمع الطلبات األصليَة و الفرعيَة لتحديد درجة الحكم واشترط
ضرورة نشأتها عن سبب واحد و يعني ذلك ضرورة توفَر شرط االرتباط بين الطلبين من حيث السبب,
في حين أقرَ قاعدة عدم الجمع بين الطلبين ضمن الفصل 28م .م .م .ت رغم أنَ االرتباط الذي اعتبره
المشرَع ضمن الفصل 26م .م .م .ت شرطا ضروريَا للجمع بين الطلبات لتحديد درجة الحكم متوفَر
أيضا بالنسبة لصورة الفصل 28م م م ت ,إذ أنَ دعوى المعارضة ال تقبل شكال إالَ إذا كانت مرتبطة
بالدعوى األصليَة سواء من حيث الموضوع أو األطراف أو السبب تبعا لما تمَ توضيحه في موضع سابق،
لذلك ال نرى موجبا لالختالف الموجود بين الفصلين 28م .م .م .ت و 26م .م .م .ت في آثار قيمة
الطلبين على تحديد درجة الحكم و الحال أنَ شرط االرتباط متوفَر في كليهما.
وحيث نالحظ إنَ االختالف السَابق تبيانه إنَما هو ظاهــريَ فقط ضرورة أن َصورة الفصل 26
م .م .م .ت مخـتـلفة تمـامـا عن صـورة الفصـل 28م .م .م .ت.
إذ أنَ األوَل يتحدَث فيه المشرَع عن تحديد درجة الحكم في خصوص دعوى متضمَنة لطلبات أصليَة و
أخرى فرعيَة مرتبطة من حيث السبب سواء أن كانت معارضة أو أصليَة ,ضرورة أنَ المشرَع استعمل
عبارة " الدعوى" بصفة مطلقة و من ثمَة جاز تطبيق أحكام الفصل 533م .إ .ع ،و مثال ذلك أن
تتضمَن الدعوى األصليَة طلبا أصليَا في فسخ عقد الكراء و طلبا فرعيَا في أداء معيَنات الكراء أو أن
25
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
تتضمَن دعوى المعارضة طلبا أصليَا في صحَة التنبيه و طلبا فرعيَا في الخروج من المحلَ و أقرَ في
خصوصها قاعدة جمع الطلبات األصليَة و الفرعية أو اإلضافيَة لتحديد درجة الحكم ،18في حين أنَه أقرَ
قاعدة ثانيَة تتمثَل في عدم الجمع بين الطلبين األصلي و الفرعي في خصوص تحديد درجة الحكم إذا كانت
ناتجة عن أسباب متباينة و ذلك من خالل ما أورده في الفقرة الثانية من الفصل 26م .م .م .ت مؤكَدا أنَ
ل طلب يحكم فيه بانفراده ابتدائيا أو نهائيَا حسب قيمته الحقيقيَة ،في حين أنَ الفصل 28م .م .م .ت
كَ
يتحدَث فيه المشرَع عن تأثير قيمة أو طبيعة الطلبات المضمَنة بدعويين مختلفتين.
األولى الدعوى األصليَة التي رفعها الطَالب بما اشتملت عليها من طلبات أصليَة و فرعيَة و
الثانيَة الدعوى التي رفعها المطلوب بما تضمَنته من طلبات أصليَة و فرعيَة على تحديد درجة الحكم ،و
أق َر في خصوصها قاعدة عدم الجمع بين الطلبات في كلَ من الدعويين األصليَة و المعارضة.
ومن المتعارف عليه و أنَ العبرة في تحديد درجة الحكم تتمثَل في قيمة الطلبات المضمَنة بالدعوى
األصليَة ،و من ثمَة فإنَ دعوى المعارضة ال تؤثَر على الدعوى األصليَة من حيث تحديد درجة الحكم
طالما أنَ قيمة كلَ من الطلبين األصلي و المعارض منفردا لم يتجاوز حدود ما يحكم فيه ابتدائيا.
و بناء على ما تقدَم فإنَه يمكن القول أنَ دعوى المعارضة ال تؤثَر مبدئيا سلبا أو إيجابا على
درجة الحكم الصَادر في الدَعوى األصليَة وأنَ العبرة في تحديد درجة الحكم في النزاع برمته هو قيمة
الطلب موضوع الدعوى األصلية بصرف النظر عن قيمة الطلب المعارض.
وقد أيد فقه قضاء محكمة التعقيب هذا الموقف من خالل عديد القرارات نذكر منها القرار
التعقيبي المؤرخ في 22 / 01 / 1987والذي جاء فيه ما يلي ":اقتضى الفصل 28م م م ت أنَ
دعوى المعارضة ال تضاف للدعوى األصليَة فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم".19
غير أن معيار قيمة الطلب يصبح غير كاف لتحديد درجة الحكم إذا تجاوز مقدار الطلب في إحدى
الدعويين األصلية أو المعارضة حدود ما يحكم فيه ابتدائيا وهو ما سنحاول توضيحه من خالل التعرض
إلى التأثير النسبي لدعوى المعارضة على تحديد درجة الحكم في الدعوى األصلية (فقرة ثانية).
مؤرخ في ،27 / 11 / 1987م.ق.ت ،عـ1ـدد جانفي ،1989و الذي جاء 18قرار تعقيبيـ مدني صادر عن الدوائر المجتمعة تحت عـــ17278ــــدد َ
أولهما يتعلَق بطلب إبطال تنبيه تجاري و ثانيهما يتعلق بطلب تقدير غرامة الحرمان التي
َ في مبدئه ما يلي":إذا إشتملت عريضة الدعوى على فرعين َ
جراء عدم تجديد الكراء فإنَ الفرعين يكونان ناشئين عن سبب واحد وهو عقد الكراء ولذلك يظاف الفرعان لبعضهما بعضاالمتسوغـ من َ
َ يستحقَهاـ
لتحديد مرجع النظر ودرجة الحكم ".
19كذلك قرار تعقيبي مدني عــ9675ـــدد مؤرخ في،08 / 11 / 1984ن.م.ت 1984ج ، IIص ، 82والذي جاء فيه ما يلي ":اقتضى الفصل 26
م م م ت إذا كانت الدعوى شاملة لعدة فروع ناشئة عن سبب واحد فإن تلك الفروع تضاف لتعيين مرجع النظر ودرجة الحكم وإذا كانتـ الفروع
ناتجة عن أسباب متباينة فإن كل واحد منها يحكم فيه بانفراده ابتدائيا أو نهائياـ بحسب قيمته الحقيقية كما اقتضى الفصل 14من نفس المجلة أنه يعد
اإلجراء باطال إذا نص القانون على إبطاله أو حصل بموجبه مساس بقواعد النظام العام أو أحكام اإلجراءات األساسية وعلى المحكمة أن تثيرهـ من
تلقاء نفسها ".
26
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
الفقرة الثانية : #سحب مفعول مبدأ التقاضي على درجتين على الحكم النهائي
اقتضىـ الفصل 28م .م .م .ت أنه إذا كان مقدار إحدى الــدعويين األصــلية أو المعارضــة يتجــاوز
مقدار ما يحكم فيه نهائيا فإن الحكم يكون ابتــدائيا في الكــل ،والمالحــظ من خالل مــا ورد بهــذا الفصــل أن
المشرع لم يفاضل بين الدعويين من حيث أنها أصلية أو معارضة لتحديد درجــة الحكم ,وإنمــا اســتند على
تجاوزـ إحداها حدود ما ينظر فيه نهائيا.
ويعنيـ ذلك أنه إذا كانت كالهما منفردة لم تتجاوز حدود مــا ينظــر فيــه نهائيــا ,فإنــه ال يمكن جمــع
الطلبين األصلي والمعــارض لتحديــد درجــة الحكم وبالتــالي يبقى الحكم نهائيــا في الكــل عمال بقاعــدة عــدم
الجمع بين الطلبين لتحديد درجة الحكم.
أما إذا تجاوز قيمة أحد الطلبين سواء األصلي أو المعارض حدود ما ينظــر فيــه نهائيــا فــإن الحكم
يكون ابتدائيا في الكل ,ومن ثمة فقد غلب المشرع دعــوى على أخــرى بخصــوص تحديــد درجــة الحكم في
اتجاه سحب مفعول قاعدة التقاضي على درجتين على كافة األحكام ،فإذا كــانت قيمــة الطلب األصــلي ممــا
يحكم فيه نهائيا حــال أن الطلب المعــارض ممــا يحكم فيــه ابتــدائيا فــإن الحكم يصــدر ابتــدائيا في الــدعويين
وتصبح تبعا لذلك دعوى المعارضة في هذه الحالة هي المعيار الوحيد لتحديد درجة الحكم.
وحيث إن األثر األساسيـ للقاعدة التي تضمنهاـ الفصل 28م .م .م .ت يتمثل في تفعيل مبدأ التقاضي
على درجتين بالنسبة للدعوى األصلية أو المعارضة التي تكون تبعا للمعيارـ القيمي أو النوعي م َما يحكم
20
فيها نهائيَا لو ت َم تقديمها منفردة.
وبالتاليـ فإنَ تخصيص النزاع المتض َمن لدعويين أصليَة و معارضة بنظام قانوني مميز يجمع
بين الدعويين في خصوص تحديد درجة الحكم في صورة التباين من حيث الدرجة بينهما يهدف أساسا إلى
حسن سير العدالة ،ضرورة أنَ إفراد ك َل دعوى في صورة التباين بنظام قانونيـ خاص من حيث درجة
الحكم من شأنه أن يحول دون استئناف الحكم النهائي الصادر في إحداها.
27
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
ومن ثمة دون انتقال النزاع برمته لدى الطور االستئنافيـ وهو ما يصعب معه إلمام القاضي
بجميع جوانب النزاع طالما أنَ أحد الدعويين تكون قد حسمت بحكم نهائي ال يقبل سوى الطعن بالتعقيب
وهو ما يفقد دعوى المعارضة جدواها .عالوة على أنَ خضوعـ الحكم النهائي للطعن بالتعقيب من جهة و
خضوعـ الحكم االبتدائيـ للطعن باالستئنافـ من جهة أخرى في نفس النزاع من شأنه أن يطرح إشكاليَة
تضارب األحكام طالما أنَها ستصدر عن هيآت قضائيَة مختلفة.
و بناء عليه نالحظ أنَ دعوى المعارضة تؤثَرـ إيجابا على الدعوى األصليَة إذا كانت قيمتها
متجاوزة مقدار ما يحكم فيه نهائيَا بسحب الطعن باالستئنافـ ،كما أنَ الدعوى المعارضة بدورهاـ تتأثَر
إيجابا بالدعوى األصليَة إذا كانت قيمة الطلب المعارض تتجاوزـ مقدار ما يحكم فيه نهائيَا فيصبح تابعا
الكل و يكون خاضعا للطعن باالستئناف.
للطلب األصلي من حيث درجة الحكم و يصدر الحكم ابتدائيا في َ
الحل الذي تض َمنه الفصل 28م .م .م .ت في فقرته األخيرة لم يعد متماشيا مع
َ و المالحظ أنَ
الواقع التشريعيـ الجديد ,إذ أن المشرع حذف األحكام التي تصدرها المحاكم االبتدائية أو محاكم النواحي و
التي تكون نهائية الدرجة.
و يستروح مما تقدم أن االتجاه الجديد ينحو بخطوات متتابعة نحو تكريس مبدأ التقاضي على
درجتين مهما كانت قيمت الطلب و مهما كانت طبيعته ،و أن هذا التكريس شمل المادة الجنائية منذ تنقيح
الفصل 124من مجلة اإلجراءات الجزائية . 21
وحيث جاء صراحة صلب الفصل 39من م.م.م.ت حسب صيغته الوارد بها القانون عــــ 59ــــدد
لسنة 1994على أن األحكام التي تصدرـ عن محاكم الناحية تكــون ابتدائيــة الدرجــة وبــذلك يكــون قــد أفــرغ
القاعدة الـواردة بـالفقرة األخـيرة من الفصـل 28من م.م.م.ت من محتواهـا ومن بعـدها القـانوني طالمـا أن
جميع األحكام مبدئيا أصـبحت خاضــعة للطعن باالســتئنافـ باعتبـار حـذف مــا كــان أسـند من سـابق لحــاكم
الناحية من اختصاص في إصدار أحكــام نهائيــة الدرجــة غــير قابلــة للطعن باالســتئناف اعتمــادا على قيمــة
الطلب فيها.
إن تأكيد المشرع لكون جميع األحكام تصدر ابتدائية الدرجة ينصهر ضمن إرادته في تكريس
أوسع لمبدأ التقاضي على الدرجتين بالنسبة لجميع أصنافـ الدعاوى مهما كانت قيمة الطلب فيها ،على أن
هذا الموقف قد ينتج عنه إثقال كاهل المحاكم بقضايا بكون قيمة الطلب فيها زهيدا ،ولكن تحقيق حسن
الفصل 124جديد م .إ .ج المنقح بمقتضى القانون عدد 43لسنة 2000والمؤرخ في 21
17 / 04 / 200ينص صراحة في فقرته األخيرة على ما يلي ":كما تنظر .المحكمة .االبتدائية.
المنتصبة .بمقر محكمة .استئناف ابتدائية .في الجنايات".
28
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
سير العدالة باعتباره الهدف األساسيـ الذي يصبو إليه المشرعـ يعلو عن اعتبارات الضغط المتزايد الذي
يواجه المرفق القضائي .
لكن إذا كان تأثير دعوى المعارضة على تحديد مقدار درجة الحكم يكاد يصبح منعدما في إطار
الموقفـ التشريعي الجديد الرامي إلى تكريس مبدأ التقاضي على درجتين في جميع أصناف الدعاوى
المدنية منها والجنائية ,فإن المتأمل في بعض النصوص يالحظ أنها ال زالت تنص على األحكام التي
تصدرـ نهائيا لدى محاكم الدرجة األولى بالنسبة لبعض الدعاوى ،وقد يكون وجودـ مثل هذه الحاالت هو
المبرر الوحيدـ في بقاء الفقرة األخيرة من الفصل 28من م.م.م.ت دون تنقيح ،واألمثلة التي أبقى فيها
المشرع على الطابع النهائي لألحكام التي تصدرـ عن محاكم الدرجة األولى عديدة نذكر منها :
1
-1صورة الفصل 76من القانون عــــ 28ـــدد لسنة 1994المؤرخ في 21 / 02 / 1994
المتعلق بنظام تعويض األضرارـ الناتجة عن حوادث الشغل واألمراض المهنية ،إذ جاء في الفقرة الثانية
منه ما يلي:
" ينظرـ قاضي الناحية نهائيا مهما كان مقدار الطلب في النزاعات المتعلقة بإسداء العالج
ومصاريفـ الدفن والغرامات اليومية وتحديد األجر وذلك في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ رفع
الدعوى.
وينظرـ ابتدائيا في النزاعات المتعلقة بجرايات الوفاة والعجزـ الدائم من أجل حادث الشغل والمرض المهني
" .في أجل ال يتجاوزـ الشهر من تاريخ تعهده بالنزاع
ومثال ذلك أن يتولى المتضرر من حادث شغل تقديم دعوى ضد الصندوقـ القومي للضمان
االجتماعي لطلب إلزامه بتسديدـ الغرامات المادية كتعويض عما أصابه من عجز دائم والتي تحتسب
انطالقاـ من تاريخ البرء النهائي ،فيطالبه المدعى عليه في إطار دعوى معارضة باسترجاعـ جزء من
الغرامات اليومية التي دفعت له خطأ باعتبار أن الغرامات اليومية تدفع للمتضرر إلى حد تاريخ البرء
النهائي وأنه تبين على إثر إجراء االختبارـ أن البرء النهائي قد حصل في تاريخ أسبق لتاريخ بقائه متمتعا
بالغرامات اليومية .
وبناء عليه يطلب في إطار دعواه المعارضة استرجاعـ ما دفع من مبالغ مالية خطأ وبالتالي يكون
الحكم الصادر في الدعوى األصلية حكما ابتدائيا إذا ما كانت مرفوعة منفردة ويكون الحكم الصادرـ في
الدعوى المعارضة حكما نهائيا إذا قدمت بانفرادها ،غير أنه وطالماـ أصبحت القضية مشتملة على دعوى
29
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
أصلية وأخرىـ معارضة فإنه يتجه تطبيق الفقرة األخيرة من الفصل 28من م.م.م.ت ويتجه إصدارـ حكم
ابتدائي في الكل.
-2صورة الفصل 113مكرر م.م.م.ت :ينص الفصل 113مكرر في فقرته الرابعة على أنه "
يقع البت في االعتراض بحكم غير قابل لالستئناف وذلك في أجل ال يتجاوزـ الثمانية أيام " .
وبالرجوع إلى األحكام الواردة بهذا الفصل يتضح أن االعتراض على قرار تسعيرة مصاريف وأجرة
االختبارـ يمكن أن يتم سواء من طرف الخبير أو من قبل أحد أطراف الدعوى الذي يكون مطالبا مبدئيا
بدفع أجرة االختبارـ ،ويجب أن يتولىـ المعترض استدعاء الطرف المقابل بواسطة عدل منفذ للحضورـ
بمكتب الحاكم الذي أصدر القرار في ميعاد أقصاه ثمانية أيام وإال سقط االعتراض.
وفيـ هذا اإلطار فإذا تولى الخبير االعتراض على قرار التسعيرة وطلب الترفيع في أجرته فإن
الطرفـ المقابل باعتباره هو المطالب باألداء يجوز له تقديم دعوى معارضة لطلب الحط من تلك األجرة ،
مع اإلشارة أن الحكم سواء في الدعوى األصلية أو في دعوى المعارضة سيكون نهائيا وبالتاليـ يبقى
الحكم برمته نهائيا ،وال تتصور وجودـ إمكانية لتطبيقـ ما ورد بالفقرة الثانية من الفصل 28من م.م.م.ت
في هذا الخصوص باعتبار أن ما تضمنته من أحكام ال ينطبقـ سوى على صورة النزاع الذي يكون
متضمناـ لدعويين األولى يكون الحكم فيها ابتدائيا والثانية يكون الحكم فيها نهائيا.
على أنه إذا ما استثنيناـ صورة الفصل 430من م.م.م.ت المتعلقة بتسعيرـ المصاريف واألجور في
إطار دعوى التبتيت قد يتبادرـ إلى الذهن أنه يمكن للخبير أو للمطالب بدفع أجرة االختبارـ من الخصومـ أن
يتولى االعتراض على قرارـ التسعيرة في إطار الدعوى األصلية المأذون أثناءها بإجراء ذلك االختبار إال
أنه حسب اعتقادي ال يجوز القيام بدعوى معارضة في هذا الصدد باعتبار أن الخبير ليس طرفا في
الخصومة األصلية ومن ثمة فليست له صفة في القيام بدعوى معارضة والتي يجب أن توجه على المدعي
األصلي وال يمكن أن توجه على غيره من األشخاص الذين لم يشملهم النزاع األصلي .
وبالتاليـ فإن صورة الفصل 113مكرر من م.م.م.ت ال يمكن أن تندرج ضمن الصور التي يمكن
ان تشملها الفقرة األخيرة من الفصل 28من م.م.م.ت .وال يمكن أن يكون لدعوى المعارضة في هذا
المجال أي تأثير على درجة الحكم الصادرة في الدعوى األصلية المتعلقة باالعتراض على قرار تسعيرة.
-3صورة الفصل 441من م.م.م.ت :ينص الفصل 441من م.م.م.ت على أن " دائرة العقالت العقارية
التي يجب أن تجري أمامها البتة تختص وحدها بالنظر في جميع الدعاوى العارضة المنصوص عليها
بالفصول 433إلى 438و. 440
واألحكامـ الصادرة في تلك الدعاوى تكون غير قابلة لالستئناف ،".ويعني ذلك أن جميع األحكام
الصادرة في الدعاوى العارضة التي شملتها الفصول من 433إلى 438و 440م.م.م.ت تكون نهائية .
30
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
-4صورة الفصل 429م.م.م.ت :وهي تتعلق بقرار تسعير مصاريف إجراءات العقلة العقارية
وأجرة المحاماة ،إذ جاء في فقرته الثالثة " :وتبت المحكمة في االعتراض خالل الشهر بحكم غير قابل
لالستئناف"ـ ،ويعني ذلك أن الحكم الصادر في خصوص االعتراض على قرار تسعير المصاريف
واألجور يكون نهائيا وال يقبل الطعن إال بالتعقيب .
-5صورة الفصل 1من القانون عــــ 84ـــدد المؤرخ في 11 / 04 / 1958المتعلق بإحداث
خطة قاضيـ المنح العائلية ،إذ جاء فيه أن قاضي المنح العائلية ينظر في قضاياـ المنح العائلية المقدمة من
طرفـ مستحقيها باألصالة أو بالتبعية مهما كان مقدار الطلب فيها وأضاف أن الحكم الصادر فيها يكون
نهائيا إلى حدود خمسين ألف فرنكا وفيماـ زاد على ذلك فإنه يصدر ابتدائيا .
ونستنتج من خالل ما سبق بيانه أن اتجاه المشرع وإن كان واضحاـ في حذف األحكام ذات الصبغة النهائية
تبعا لما أقره ضمن الفصلين 39و 40م.م.م.ت فإنه أبقى على البعض منها في نصوص قانونية متفرقة
وذاك هـو الـتـبـريـر الـمـنــطـقـي الـوحـيــد لـمـحافـظـة الـمـشـرع عـلــى صـيـغـة الـفـقــرة األخـيــرة مـن
الفصل 28م.م.م.ت .
31
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
الــخــــاتـــــمــــــــة
إن ما يتخلــل تحديــد الطبيعــة القانونيــة لــدعوى المعارضــة من صــعوباتـ ال يمكن أن يحجب عنــا صــبغتها
العرضية ،فال جدال حسب اعتقادنا من أنها دعوى طارئة الهدف منها الدفاع لرد االدعاء األصــلي ،وهي
بذلك تعد دعوى هجومية في مواجهة المدعي األصلي ،فالمــدعى عليــه ال يــرمي من خالل قيامــه بــدعوى
المعارضة إلى استصدار حكم يقضي برد دعوى المدعي فقــط بــل يســعى إلى أن يكــون الحكم الصــادر في
النزاع قاضياـ بمنفعة خاصة لفائدته.
وقدـ كرس المشرع التونسيـ من خالل الفصلين 28و 227م.م.م.ت مبــدأ الثبــات النســبي للــنزاع من خالل
توسيع نطاقـ الخصومة بكيفية تتجاوزـ النطاق الذي رسم لها بعريضة افتتاح الــدعوى كلمــا تــوفرت رابطــة
كافية من جهة الموضوع أو السبب أو األطراف وذلك بغرض التوصل إلى حسم النزاع برمته عن طريــقـ
تجميع الطلبات في إطار قضية واحدة.
وان غاية المشرع من جمع شتات المنازعة المتداخلة والفصل فيهــا صــبرة واحــدة تتمثــل أساســا في تجنب
صدورـ أحكام متضاربة في دعاوى أصلية وعارضة ومعارضــة متصــلة ببعضــها اتصــاال وثيقــا ومن ثمــة
تحقيق العدالة الشاملة ،وحتى ال يجبر المدعى عليه على تكبد مصــاريفـ ونفقــات تقاضــي إضــافية بإمكانــه
تالفيهاـ بتقديم ادعائه في إطار الدعوى المعارضة .
32
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
كما أن دعوى المعارضة التي يكون موضوعها طلب إجراء المقاصــة الحكميــة تحقــق للمطلــوب ربحــا في
الوقت وتجنبه خطر إعسار مدينه .
غير أن ما أفرزه التطبيقـ القضائي من تكاثر في عدد الــدعاوى المعارضــة ال يجب أن يحجب عنــا تبعيتهــا
للدعوى األصلية ،ضرورة أنها ولئن انعقد اإلجماع حول أنهــا تمثــل عنصــرا أساســياـ من عناصــر الــنزاع
وتساهمـ في تحديد معالمــه ومن ثمــة تــؤثر تــأثيرا فــاعال على تحديــد وجــه الفصــل في الــنزاع ،فإنهــا تبقى
مرتبطة بالدعوى األصلية ارتباطاـ وثيقا سواء من حيث النشأة أو أثناء سير الدعوى أو من حيث مآلها .
وفيـ هذا الخصوص ولئن يرى البعض أن دعوى المعارضــة يجب أن تحظى بنظــام قــانوني خــاص تتمتــع
من خالله بوجود مستقل عن الدعوى األصلية في صورة زوال هــذه األخـيرة ،فإننــا نعتقـد أنـه ال يجب أن
نغفل عن الهدف األساسيـ الذي جعل المشرعـ يقر بحق المدعى عليه في تقديم دعوى معارضــة أثنــاء ســير
الخصومة والمتمثل في تفتدي تضارب األحكـام وتحقيـق حسـن سـير العدالـة ،أمـا بقيـة األهـداف من ربح
الوقت والضغطـ على تكاليف التقاضي فهي تأتي في مرتبة ثانوية .
وبناء على ذلك فإن المغاالة في تكريس استقاللية دعوى المعارضة عن الدعوى األصلية في صورة زوال
هذه األخيرة أو رفضهاـ لســبب من األســباب قــد يــؤدي إلى مخالفــة الهــدف الــذي من أجلـه شــرعت دعــوى
المعارضة ،والمتمثلة مثلما سبق بيانه في تفادي تضــارب األحكــام في مواضــيعـ مرتبطــة ارتباطـاـ وثيقــا ،
ضرورة أن الحكم الصادر بالطرح أو بالرفض وليس حكما قطعيا .
ومن ثمة فإنــه من األرجح القــول بــأن دعــوى المعارضــة هي دعــوى هجوميــة كرســها المشــرع في إطــار
اإلجراءات االستثنائية والتي تبقى في تبعيــة دائمــة لإلجــراء األصــلي المتمثــل في اللجــوء إلى القضــاء من
خالل القيام بدعوى أصلية ،وبالتالي فإن دعوى المعارضة تضـمحل بــتراجع المـدعي األصـلي عن قيامــه
تكريساـ لقاعدة " الفرع يتبع األصل" .
وعالوة على ما سبق فإن الحل الذي اعتمده المشرع ضمن الفصل 28م.م.م.ت في خصوص تحديد درجة
الحكم الصادر في النزاع الذر يكون فيه أحـد الـدعويين ممـا يصـدرـ فيـه الحكم نهائيـا ،والـذي أقـر فيـه أن
الحكم في هذه الصورة يصدرـ ابتدائيا في الكــل فإنــه وإن كــان يتماشــى مــع أحكــام الفصــل 39قــديمـ المنقح
بالقانون عــــ 14ـــدد لسنة 1980المؤرخ في / 1980ـ / 04ـ 03الذي ينص في فقرتيه األولى والثانيــة
على أنه ":ينظر حاكم الناحية نهائيا في الدعاوى المدنية الشخصية والدعاوى المتعلقــة بــالمنقول ومطــالب
أداء الديون التجارية التي ال تتجاوزـ أهميتها خمس مائة دينـار ،ويحكم ابتــدائيا في نفس تلـك الـدعاوى إلى
نهاية ألف دينار " ،فإنه لم يعد له مجال للتطــبيق في ظــل النظــام اإلجــرائي الجديــد المتعلــق بتحديــد درجــة
الحكم حيث ألغيت منــه صــيغة الحكم النهــائي ،أمــا في خصــوص مــا أشــرنا إليــه في تحليلنــا من وجــودـ
33
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
لنصوص قانونية ال زالت تعتمد على صيغة الحكم النهائي فإننا ال نعتقد أن تلـك الصـورـ المتفرقـة يمكن أن
توجد لها تطبيقات في المعنى الوارد به الفصل 28م.م.م.ت في فقرته األخيرة ،وهــو مــا يســتوجب حســب
رأينا تدخل المشرع لتنقيحه.
الـمـخـطـط
تـــمــهيـد
الفصل األول :شروط قبول الدعوى المعارضة
المبحث األول :الشروط الشكلية
الفقرة األولى :شرط االرتباط */
الفقرة الثانية :اجراءات تقديم دعوى المعارضة */
طريقة تقديم دعوى المعارضة أ-
آجال تقديم دعوى المعارضة ب-
34
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
35
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
المراجع
36
الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة
37