You are on page 1of 37

‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الهيئـة الوطنية للمحامين بتونس‬


‫الفرع الجهوي بتونس‬

‫مح ــاضرة خـتم التـمرين‬

‫ال ــدعــوى الـم ـعـارض ــة‬

‫اعداد األستاذ‪ :‬م ـح ـمـد ال ـتــويـتـي‬

‫المشرف على التمرين‪ :‬األستاذة نعيمة الخياشي زميط‬

‫السنة القضائية‪2011 /2010 :‬‬

‫تــمـهـيـد‬

‫‪1‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫من المبادئ األساسية في الدعوى المدنية مبدأ ثبات ال نزاع الم دني ومع نى ذلك أن‬
‫الدعوى المدنية عندما ترفع إلى القضاء تكون متضمنة الدعاء مش فوع بطلب أو بطلب ات‬
‫تعرف اصطالحا بالطلب األصلي‪ ،‬ويتعين مبدئيا بقاء عناصر الطلب األصلي دون أي تعديل‬
‫إلى أن يفصل فيه فيعتبر الحكم بذلك فاصال في ذات العناصر التي تضمنها الطلب األص لي‬
‫دون غيرها‪.‬‬
‫ويفيد مبدأ ثبات النزاع الذي يسيطر على النزاع المدني عدم جواز استبدال أحد الخصوم‬
‫بغيره أو تغيير صفة أحد األطراف اإلجرائية أو تعديل عناصر الطلب القض ائي أو تق ديم‬
‫طلب جديد‪.‬‬
‫والمالحظ هو أنه على اثر افتتاح ال دعوى وتحديد الطلب األص لي في ال نزاع قـد‬
‫تـظـهـر الـحاجة إلى إدخال إضافة أو تغيير أو تعديل أو تنازل في أحد عناصر االدعاء‬
‫األصلي‪ ،‬وهو يمثل اسـتـثـنـاء لمـبـدأ الثبات المطلق للنزاع باعتبار أن ه ذا المب دأ‬
‫ور تحقيق‬ ‫يدخل النزاع المدني في جمود من شـأنـه أن يعرقـل فـي كثـيـر من الص‬
‫العدالة‪.‬‬
‫وبالتمعن في قانون المرافعات المدنية والتجارية التونسي نستشف أن المشرع قد كرس‬
‫مبدأ الثبات النس بي لل دعوى المدنية وذلك من خالل إق رار نـظـريـة الـدعـاوى‬
‫الـطـارئة‪ ،‬ضـمـن الـفـصـول ‪ 70‬و ‪ 226‬من م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت و غيرها‪.‬‬
‫وبالرجوع لمجلة المرافعات المدنية والتجارية نقف على تعداد لتلك الدعاوى ‪ ،‬فبالنس بة‬
‫للدعاوى الطارئة يسـتروح من خالل ما ورد بالفص ول‪ 225‬و ‪ 226‬و ‪ 227‬منها أنها‬
‫تتمثل في دعوى اإلدخال أو التداخل والدعوى اإلضافية أو الفرعية ودعوى المعارضة‪.‬‬

‫تقر‬ ‫والمالحظ أن التعداد الوارد ضمن الفصول المذكورة يتطابق مع التعريف الذي اس‬
‫عليه الفقه في خصوص الدعاوى الطارئة‪ ,‬إذ أجمع جل الفقهاء على أن الدعاوى الطارئة هي‬
‫الدعاوى المقدمة أثناء النظر في دعوى أصلية قائمة بين ط رفين وذلك من أح دهما أو من‬

‫‪2‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫شخص ثالث‪ ،‬والتي يكون الهدف منها إما توسيع موضوع الدعوى األصلية أو تض ييقه أو‬
‫التعديل في الدعوى أو في أطرافها ‪.1‬‬
‫وبناء على ما تقدم فان الدعاوى الطارئة تشمل زيادة عن الدعوى اإلض افية أو الفرعية‬
‫السابق التعرض لها دعوى المعارضة ودعوى اإلدخال أو التداخل‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد فإن الدعوى المعارضة‪ ,‬وهي موضوع محاضرتنا هذه‪ ,‬تندرج ض من‬
‫االستثناءات لمبدا ثبات النزاع المدني‪.‬‬
‫وقد عرف المشرع التونسي الدعوى المعارضة ض من الفصل ‪ 28‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت و اعت بر‬
‫بأنها تمثل دفعا و دعوى تتسم بالتبعية للدعوى األصلية في نفس الوقت‪ 2‬و هذا التعريف أجمع‬
‫ين األول‬ ‫عليه الفقه و فقه القضاء‪ .‬فهذه الدعوى ترفع من قبل المطلوب في األصل لغرض‬
‫يتمثل في رد الدعوى األصلية الموجهة عليه و الثاني في الحكم له بمنفعة خاصة‪.‬‬
‫ومن أهم خصوصيات ال دعوى المعارضة تبعيتها لل دعوى األص لية‪ ,‬وهو ما كرسه‬
‫المشرع ضمن الفصل ‪ 227‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت و تظهر هذه التبعية على مستوى نشأتها‪ .‬فهي مرتبطة‬
‫بنفس اآلجال المحددة لتقديم الطلبات النهائية في الدعوى األصلية و تظهر أيضا على مستوى‬
‫الموضوع‪ ,‬فقبولها مقيد بمدى تعلقها باالدعاء األصلي و أخيرا تظهر تبعية هذه الدعوى من‬
‫حيث المال فهي تتأثر بالحكم الصادر في الدعوى األصلية سواء كان ايجابيا أو سلبيا‪.‬‬

‫ات‬ ‫و قد تعرض المشرع التونسي للدعوى المعارضة منذ إصدار الئحة قانون المرافع‬
‫المدنية لسنة ‪ 1910‬في الفصول ‪ 12‬و ‪ 13‬و ‪ 76‬و ‪ ،77‬ثم أعاد تنـظـيـمها بـمـجلة‬
‫من م‪ .‬م‪.‬م ‪.‬ت‬ ‫المرافعات المدنية والتجارية الص ادرة س نة ‪ 1959‬ض من الفصل ‪28‬‬
‫الـمـنـقـح بـالـقـانـون عـدد ‪ 14‬لس نة ‪ 1980‬الم ؤرخ في ‪ 03‬أفريل ‪1980‬‬
‫نة ‪1986‬‬ ‫دد ‪ 87‬لس‬ ‫والفصل ‪ 29‬من نفس المجلة والمـنـقـح بـالـقـانون ع‬
‫‪ -11‬حول هذا التعريف انظر أحمد أبو الوفاء " أصول المرافعات المدنية والتجارية " ص ‪ 185‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ -2‬جاء بالفصل ‪ 64‬من قانون المرافعات المدنية الفرنسي أن الدعوى المعارضة هي" ال دعوى ال تي يه دف من ورائها‬
‫المدعى عليه الحصول على منفعة خاصة به تتجاوز مجرد رد ادعاء خصمه "‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الـمـؤرخ في ‪ 1‬سـبـتـمـبر ‪ 1986‬والمدرجين ضمن الـبـاب الـثـانـي مـن‬


‫الـجـزء األول تحت عنوان" في كيفية ضبط مرجع النظر ودرجة الحكم"‪.‬‬
‫كما تعرض المشرع إلى دعوى المعارضة من خالل الفص ول ‪ 227‬و ‪ 228‬من م ‪.‬م‪.‬‬
‫م‪ .‬ت الواردة ضمن الباب الثاني من الجزء الس ادس تحت عن وان" ال دعاوى العارضة‬
‫والفرعية والمقصود منها المعارضة"‪.‬‬
‫وفي هذا السياق ال بد من التساؤل عن سبب تعرض المش رع ل دعوى المعارضة في‬
‫موضعين مختلفين من المجلة‪.‬‬
‫إن التمعن في الفصول القانونية التي تناولت دعوى المعارضة والعن اوين ال واردة‬
‫ضمنها تلك الفصول تحمل في طـيـاتـها اإلجـابـة‪ ،‬إذ أن الـمـشـرع لـمـا‬
‫تـعـرض فـي الـموضع األول أي الفص لين ‪ 28‬و ‪ 29‬من م ‪.‬م‪ .‬م‪ .‬ت لل دعوى‬
‫حا‬ ‫المعارضة تحت عنوان" في كيفية ضبط مرجع النظر ودرجة الحكم" كان مقصده واض‬
‫ويتمثل في تحديد مدى تأثير دعوى المعارضة على االختصاص الحكمي وعلى درجة الحكم‪.‬‬
‫في حين أنه بالتمعن في الفصول الثالثة األخرى وهـي الـفـصـول ‪ 226‬و ‪ 227‬و‬
‫‪ 228‬من م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت الواردة تحت عنوان" ال دعاوى العارضة والفرعية والمقص ود منها‬
‫المعارضة" فان المشرع تعرض من خاللها إلى تحديد مفهوم دع وى المعارضة وش روط‬
‫ممارستها سواء من الناحية الشكلية أو الموضوعية ومآلها‪.‬‬

‫غير أن العبارات المستعملة من قبل المشرع في العناوين المندرجة ضمنها‪ ,‬يشوبها في‬
‫الظاهر بعض الغموض إن لم يكن تناقض‪ ,‬ألنه بقراءة العنوان المشار إليه نتبين أنه تض من‬
‫ما يلي" في الدعاوى العارضة والفرعية والمقصود منها المعارضة"‪.‬‬
‫في حين أن هذا العنوان تضمن ثالثة فصول وهي الفصول ‪ 226‬و ‪ 227‬و ‪ 228‬وقد‬
‫سبق أن تعرضنا لمحتوى الفصل ‪ 226‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت الذي يتضمن إقرار حق الط الب في‬
‫تقديم دعوى إضافية أو فرعية‪ ،‬والحال أن من يقرأ العنوان الم ذكور يتوقع أن يتن اول‬
‫تنتج‬ ‫المشرع دعوى المعارضة فقط دون غيرها من الدعاوى الطارئة لذلك يمكن أن نس‬

‫‪4‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫تين‬ ‫من خالل العنوان المشار إليه أن المشرع يعتبر الدعويين العارضة والفرعية مرادف‬
‫لدعوى المعارضة‪ ,‬غـيـر أن الـرجـوع لـلـفـصول ‪ 226‬و ‪ 227‬و ‪ 228‬من م‪.‬‬
‫م‪ .‬م‪ .‬ت يت بين أن المش رع يخص الط الب بال دعوى العارضة أو الـفـرعـيـة‬
‫دعوى‬ ‫ضـمـن الـفصل ‪ 226‬من م‪ .‬م‪ .‬م ‪.‬ت في حين يخص المطلوب بحق القيام ب‬
‫المعارضة ضمن الفصل ‪ ،227‬وبالتالي فان الدعوى العارضة أو الفرعية ليست مرادفة‬
‫لدعوى المعارضة وال يمكن أن يكون المقص ود منها دع وى المعارضة مثلما ورد في‬
‫العنوان‪.‬‬
‫وحيث أن قبول دعوى المعارضة الذي أصبح بديهيا في الوقت الحاضر لم يكن كذلك‬
‫في الماضي‪ ,‬فقد تشبث الرومان بمبدأ وحدة الدعوى ولم يقبلوا تبعا لذلك ب دعوى المعارضة‬
‫إال في فترة متأخرة وضيقوا نطاقها إلى حد كبير بفرض قيود شكلية عديدة لقبولها ‪.‬‬
‫كما أن الفقه الفرنسي القديم تمسك بدوره بهذه القي ود مت أثرا في ذلك بتمسك القض اة‬
‫أنفسهم بمبدأ وحدة الدعوى بالنظر الستيفاء أجورهم طبقا لعدد الدعاوى األصلية المنش ورة‬
‫وى‬ ‫لديهم ولم يكن من مصلحتهم تبعا لذلك قبول النظر في دعوى المعارضة في إطار دع‬
‫أصلية كما تمسك األشراف بتلك القيود حرصا على واليتهم القضائية في مناطقهم ‪.3‬‬

‫غير أن ما كان يشكل عائقا دون قبولها في الماضي أص بح هو نفسه س ببا لقبولها في‬
‫الحاضر ضرورة أنها تحقق ربحا في الوقت واقتصادا في نفقات التقاضي بتجميع ال دعاوى‬
‫القضائية ضمن خصومة واحدة‪.‬‬
‫والمالحظ أن تكريس دعوى المعارضة في الق وانين الحديثة يطلق التقاضي من دائ رة‬
‫القيود الشكلية ال تي بقيت إلى ت اريخ غ ير بعيد مفروضة عليه وي ؤدي إلى تحقيق عديد‬
‫اإليجابيات التي تمثل السبب الرئيسي إلقرار حق المدعى عليه فيها‪.‬‬
‫ومن هذا المنظور نوضح أن أهم ما يبرر تكريس دعوى المعارضة في القوانين الحديثة‬
‫هو حسن سير العدالة وتف ادي ص دور أحك ام متض اربة بين نفس الخص وم وفي نفس‬
‫الموضوع‪ .‬ف دعوى المعارضة ت تيح الفرصة للقاضي لإللم ام بجميع الج وانب الواقعية‬

‫‪- Regine Genin – Meric , op. cit, N° 6‬‬


‫‪3‬‬

‫‪5‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫والقانونية للنزاع المنشور أمامه‪ ،‬فيكون الحكم الصادر عنه أقرب للعدل واإلنصاف ضرورة‬
‫أن حق الدعوى لم يعد حكرا على المدعي الذي يبادر برفع دع واه إلى القض اء وإنما حقا‬
‫مخوال لكافة أطراف الدعوى إلنارة سبيل العدالة‪.‬‬
‫غير أن الفوائد العديدة لدعوى المعارضة ال يجب أن تحجب عنا ما يـتـخـلـلـها‬
‫مـن سـلـبـيات إذ أن إدخال طلبات عديدة أصلية ومعارضة في دعوى واحدة يتطلب‬
‫تحقيقا واسعا من شأنه أن يستغرق حيزا زمنيا أطول لفصل النزاع وهو أمر يتعارض مع‬
‫مبدأ سرعة الفصل‪.‬‬
‫ومن ناجية أخرى‪ ,‬تطرح ممارسة الدعوى المعارضة إشكاالت عديدة في التط بيق مما‬
‫أدى بالقضاء التونسي إلى التعامل معها في بعض األحي ان بما يطلق عليه بجري ان العمل‬
‫بدليل و أنه بالرجوع إلى فقه القضاء التونسي نالحظ مثال ع دم قبوله لل دعوى المعارضة‬
‫المتعلقة بغرم الضرر المتسبب عن النازلة‪ ,‬كعدم الحكم لفائدة المطلوب بأتع اب التقاضي و‬
‫أجرة المحاماة بالنسبة للقضاء االستعجالي بالرغم من عدم وجود نص قانوني يمنع ذلك‪.‬‬
‫و نستنتج من ذلك و أنه باإلضافة إلى القيود ال واردة بالفص ول القانونية على ممارسة‬
‫الدعوى المعارضة نجد قيودا قضائية و هو ما يكرس الطابع االستثنائي له ذه ال دعوى مما‬
‫يوجه دراستنا هذه نحو النظام القانوني للدعوى المعارضة حتى نتبين كيفية ممارستها‬

‫قضائيا بالطريقة األنجع‪ ,‬و هو ما يتطلب البحث في فصل أول في شروط قبول الدعوى‬
‫المعارضة و في فصل ثان آثار ممارسة هذه الدعوى‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الفصل األول‪ :‬شروط قبول الدعوى المعارضة‬


‫انطالقا من كون الدعوى المعارضة تمثل استثناء لمبدا ثب ات ال نزاع و تحويله من‬
‫ثبات مطلق إلى ثبات جزئي بما يؤدي إلى تعقيد الخص ومة و ت أخير الفصل فيها و تهديد‬
‫المدعي األصلي عند قيامه بدعوى‪ ،‬تدخل المشرع لتقييد حق ممارسة هذه الدعوى من خالل‬
‫إحاطتها بشروط شكلية ( المبحث األول) و أخرى موضوعية ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشروط الشكلية‬

‫‪7‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫إضافة إلى الشروط الشكلية العامة التي تتطلبها كل دعوى قض ائية و من ض منها‬
‫الدعوى المعارضة و المتمثلة في الصفة و المصلحة و األهلية المنصوص عليها بالفصل ‪19‬‬
‫من مجلة المرافعات المدنية و التجارية و التي ال نرى داعيا للتفصيل فيها‪ ,‬للتركيز من جهة‬
‫أخرى على دراسة الشروط الشكلية الخاصة بالدعوى المعارضة باعتبارها دعوى استثنائية‬
‫و هي شرط االرتباط بالدعوى األصلية (الفق رة األولى) باإلض افة إلى الش روط المتعلقة‬
‫بإجراءات تقديم هذه الدعوى ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شرط االرتباط‬

‫إن عدم تنصيص المشرع التونسي بصفة صريحة على وجوب توفر شرط االرتب اط‬
‫بين الدعوى المعارضة و الدعوى األصلية‪ ،‬ال يعني أن الفصول التي تناولت تنظيم الدعوى‬
‫المعارضة لم تتعرض إلى هذا الشرط‪.4‬‬
‫فاالرتباط بين دعوى المعارضة و الدعوى األصلية يشكل مسألة موضوعية باألساس‬
‫و هو ما يعني و أن مدى توفره من عدمه يقدر من قبل قضاة الموضوع‪.‬‬

‫و في هذا االتجاه فقد استقر فقه القضاء على ضرورة توفر شرط االرتب اط‪ ،‬ففي حالة غيابه‬
‫فعلى المحكمة أن تقضي برفض الدعوى المعارضة شكال و هذه المسألة تهم النظام الع ام و‬
‫تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫وقد أكد فقه القضاء على ضرورة توفر شرط االرتباط ضمن القرار التعقيبي الم دني‬
‫عدد ‪ 3149‬المؤرخ في ‪ 8‬جانفي ‪ 1981‬و الذي جاء بإح دى حيثياته بأنه "ال تقبل دع وى‬
‫المعارضة إذا كانت ترمي إلى تغيير طبيعة الدعوى األصلية"‪.5‬‬
‫كما جاء بقرار آخر بأن "المقصود من الدعوى المعارضة هو الدفاع لرد الدعوى األصلية و‬
‫هي الدعوى التي ال ترمي إلى تغيير طبيعة الدعوى األصلية و إنما هي على صلة وثيقة بها‬

‫‪ 4‬أنظر الفصلين ‪ 28‬و ‪ 227‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬


‫‪ 5‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 3149‬مؤرخ في ‪ 8‬جانفي ‪ 1981‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1981‬الجزء األول ص‪.12 .‬‬

‫‪8‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫و مرتبطة بها بصورة تجعل من المصلحة النظر فيهما أمام محكمة واح دة لكي تفصل فيهما‬
‫معا توفيرا للوقت و المصاريف"‪.6‬‬
‫و في نفس هذا اإلطار فقد أكد فقه القضاء على أن النظر أو البت في ال دعوى المعارضة ال‬
‫يستقيم إال بالبت في الدعوى األصلية فال يمكن تجاوز هذه األخيرة للنظر مباشرة في الدعوى‬
‫المعارضة‪.7‬‬
‫و بالرجوع إلى الحاالت الثالث التي خول فيها الفصل ‪ 228‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت للم دعى عليه‬
‫حق القيام بدعوى معارضة نجد بأن الحالة األولى وهي حالة رد الدعوى األص لية و الحالة‬
‫الثالثة المتمثلة في طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة تفترضان ضرورة ت وفر ش رط‬
‫االرتباط‪ :‬فبالنسبة لألولى فهي تنبعث من منطلق حق المدعى عليه في رد الدعوى األصلية‬
‫و بالتالي فمن الضروري أن يكون الدفاع متعلقا بالدعوى األص لية‪ ،‬و بالنس بة لل دعوى‬
‫المعارضة المتضمنة لطلب التعويض عن ض رر من ال دعوى األص لية فنالحظ أنه رغم‬
‫اختالف موضوعها عن موضوع الدعوى األصلية إال أن صلة االرتباط متوفرة‬

‫بوضوح من خالل السبب‪ ،‬إذ أن المدعى عليه لم يطلب التع ويض إال بس بب رفع‬
‫الدعوى األصلية عليه‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية المذكورة بالفصل ‪ 228‬المتمثلة في المقاصة القضائية فيمكن الق ول‬
‫بأن شرط االرتباط ال يكون متوفرا في كل حاالت الطلب المعارض المتضمن لطلب إج راء‬
‫المقاصة الحكمية‪.‬‬
‫و قد دأب فقه القضاء على قبول طلب المقاصة القضائية حتى إن لم تكن متعلقة بنفس‬
‫موضوع الدعوى األصلية و اكتفى في هذا اإلطار بوجوب وجود ارتباط بين األطراف‪.‬‬
‫و الهدف من ذلك التوصل إلى حسم النزاع برمته عن طريق تجميع الطلب ات و تركيزها في‬
‫عي‬ ‫دعوى واحدة و تجنب تعدد القضايا و تضييع وقت و جهد المتقاضي باإلضافة إلى الس‬

‫‪ 6‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 35401‬مؤرخ في ‪ 28‬سبتمبر ‪ 1992‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1992‬ص‪.48 .‬‬
‫‪ 7‬جاء باحدى الحيثيات بالقرار التعقيبي المدني عدد ‪ 50653‬المؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪ 1998‬بأن "تجاوز المحكمة البت‬
‫في الدعوى األصلية و نظرها مباشرة في الدعوى المعارضة و الحال أن الدعوى المعارضة تنشأ عن الدعوى األصلية و‬
‫تلحق بها يعيب الحكم و يوجب نقضه"‪ .‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1998‬الجزء األول ص‪.212 .‬‬

‫‪9‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫إلى تالفي الضرر الذي قد يلحق بالمدعى عليه عندما يقضى ضده بأداء ال دين مع أنه ك ان‬
‫بإمكانه الدفع بالمقاصة القضائية‪.‬‬
‫وبالتالي فإن شرط االرتباط و إن كان شرطا ضروريا لقبول دعوى المعارضة إال أنه‬
‫ال يكفي لوحده للتصريح بقبولها شكال و إنما يجب أن تقدم طبقا لص يغ و اج راءات معينة‬
‫( فقرة ثانية)‪.‬‬

‫ـ اجراءات تقديم دعوى المعارضة‬


‫الفقرة الثانية‪:‬‬

‫إن تقديم دعوى المعارضة مرهون بعدة ضوابط و شروط تنقسم إلى إجراءات تهم طريقة‬
‫تقديم الدعوى –أ‪ -‬و أخرى تتعلق بآجال تقديمها –ب‪.-‬‬

‫‪ -1‬طريقة تقديم دعوى المعارضة‪:‬‬


‫لم يتطرق المشرع التونسي بصفة دقيقة ضمن الفصول المنظمة لدعوى المعارضة الى الطريقة التي‬
‫تق دم بها تلك ال دعوى و اكتفى بما ورد بالفصل ‪ 227‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بالتأكيد على أن "حق القي ام ب دعوى‬
‫المعارضة مختص بالمطلوب و يمكن عرضها ما دامت القضية بصدد التحضير‪."...‬‬
‫ويستنتج من هذا الفصل بالرغم من عدم التنصيص صراحة على طريقة معينة لتقديم الطلبات المعارضة‪،‬‬
‫بأنها تقدم في شكل دعوى قضائية‪.‬‬
‫ات كتابية طبقا لما ورد‬ ‫و يقتضي ذلك تسجيل المطلوب قيامه بالدعوى المعارضة في شكل طلب‬
‫بالفصل ‪ 82‬من مجلة المرافعات المدنية و التجارية‪ .‬كما يج وز تق ديم دع وى المعارضة من ط رف‬
‫المطلوب مباشرة في جميع الدعاوى األصلية التي ال تك ون فيها إنابة المح امي وجوبية واما في ش كل‬
‫طلبات شفوية عمال بأحكام الفصل ‪ 49‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬و في هذه الصورة األخيرة فانه يتم تسجيل القيام بها‬

‫‪10‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫بمحضر الجلسة مع ذكر الطلبات المعارضة‪ ،‬أو في شكل طلب كتابي محرر من طرف المطلوب يضمنه‬
‫جوابه عن الدعوى األصلية و قيامه بدعوى معارضة مشفوعة بطلباته المعارضة‪.‬‬
‫كما يمكن في نفس هذا اإلطار للمطلوب أن ينيب عنه محاميا يتولى تق ديم جوابه عن ال دعوى‬
‫األصلية و تسجيل قيامه بدعوى معارضة و طلب قبول دعوى منوبه المعارضة شكال و أصال‪.‬‬
‫و في هذا االتجاه صدرت عدة قرارات تعقيبية تؤكد على أن دعوى المعارضة هي دعوى تت وفر فيها كل‬
‫مواصفات الدعوى القضائية‪ .‬و من ه ذا المنطلق و كما بينا ذلك س ابقا فانه يجب أوال تق ديمها ثم طلب‬
‫قبولها شكال و أخيرا طلب قبولها أصال‪.‬‬
‫و قد جاء في احدى هذه القرارات بأن "الدعوى المعارضة تكتسب كل مقومات الدعوى من شروط‬
‫شكلية و موضوعية و اثار و ان وصفها بالمعارضة او الفرعية ال يبرر السكوت عنها أو االشارة اليها من‬
‫طرف خفي بل البد من مناقشتها صراحة من قبل المحكمة و بيان موقفها بشأنها ص لب منط وق الحكم‬
‫قبوال أو ردا"‪.8‬‬
‫غير أنه في التطبيق نالحظ و أن المحاكم تتغاضى في بعض األحيان عن ه ذا الش رط المتعلق‬
‫بطريقة تقديم دعوى المعارضة و كمثال على ذلك نذكر دعاوى الطالق انشاء س واء من ال زوج أو من‬
‫الزوجة‪ ,‬اذ غالبا ما يقوم الم دعى عليه أو من ينوبه ‪ ,‬و بطلب منه في ه ذه الحالة ب دعوى معارضة‬
‫للمطالبة بما ناله من ضرر جراء طلب الطالق تعسفيا و بإرادة منفردة ب دعوى ب التعويض عما ناله من‬
‫ضرر معنوي أو مادي‪ ...‬لكن هذه الدعوى غالبا ما ال تقدم بالطريقة المذكورة أعاله بل يقع تقديمها‬

‫مباشرة و كأن المدعى عليه انقلب إلى مدعي و هو خطأ اجرائي يقتضي أن يقع رفض هذه الطلبات شكال‬
‫ألنها لم تقدم في إطار دعوى معارضة‪.‬‬
‫وهذه الممارسة للدعوى المعارضة تمثل استثناءا في التطبيق يع ود الى خطا ش كلي في القي ام‬
‫كلية البد فيها من االعالن‬ ‫بالدعوى المعارضة اذ أن ممارسة هذه الدعوى‪ ,‬و حتى تصح من الناحية الش‬
‫عنها مسبقا و المطالبة بقبولها شكال مثلما أسلفنا ثم المطالبة بقبولها أصال بعد تقديم الطلبات‪.‬‬
‫اضافة الى طريقة تقديم دعوى المعارضة و التي تكرس مفهوم الدعوى القضائية ف ان اج ال القي ام بها‬
‫تكرس هذا الجانب أيضا‪.‬‬

‫ب‪ -‬آجال تقديم دعوى المعارضة‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫قرار تعقيبي‪ P‬مدني عدد ‪ 6149‬مؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪ 2005‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 2005‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.175 .‬‬

‫‪11‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫نى أنها‬ ‫الدعوى المعارضة ال يمكن أن تنشأ لوال قيام الدعوى األصلية فهي دعوى عارضة بمع‬
‫تعرض على القضاء بمناسبة النظر في الدعوى األصلية أي أثناء سيرها‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فهذه الدعوى ال تبقى إال ببقاء الدعوى األصلية فعلى سبيل المثال كلما تبين أن الدعوى‬
‫األصلية مشوبة بخلل شكلي يتطلب رفضها فان دعوى المعارضة يكون لها نفس المال باعتبار أن الهدف‬
‫منها هو رد الدعوى األصلية‪.‬‬
‫و اعتبارا لصبغتها العرضية فانه يمكن تقديمها طوال الطور التحضيري للقضية و هو ما جاء به‬
‫الفصل ‪ 227‬م م م ت الذي ينص على ‪ " " :‬حق القي ام ب دعوى المعارضة مختص ب المطلوب ويمكن‬
‫عرضها ما دامت القضية بصدد التحضير وال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقصود منها ال دفاع ل رد‬
‫الدعوى األصلية أو المقاصة أو طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة"‪.‬‬
‫ويستنتج من الفصل المذكور أن تقديم دعوى المعارضة مرتبط بنفس اآلج ال المح ددة لتق ديم‬
‫الطلبات النهائية في الدعوى األصلية‪ .‬و بالتالي فال يمكن للمدعى عليه ع رض دع واه المعارضة ألول‬
‫مرة بالجلسة المعينة للمرافعة‪.‬‬
‫و السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو هل من حق المدعى عليه ممارسة دعوى المعارضة و هي‬
‫الزالت منشورة بالطور التحضيري في صورة تولي المدعي طلب طرح الدعوى األصلية؟‬
‫دعوى‬ ‫اإلجابة عن هذا السؤال يمكن استخالصها من فقه القضاء الذي اعتبر بأنه " بعدول الطالب عن ال‬
‫األصلية تفقد دعوى المعارضة كيانها‪ ."...‬قرار مدني عدد ‪ 25636‬مؤرخ في ‪.23/10/1990‬‬
‫و في هذا اإلطار نص الفصل ‪ 83‬و الفصل ‪ 21‬و الفصل ‪ 84‬م م م ت على ما يلي‪:‬‬

‫الفصل ‪ 21‬من م م م ت‪ " :‬مرجع النظر في القضايا يتح رر بمقتضى طبيعة ال دعوى ومق دار الم ال‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫ومقدار ما يحكم فيه نهائيا يحرر بنسبة المبلغ المطلوب‪.‬‬
‫والعبرة في ذلك بالطلبات األخيرة وذلك كله ما لم يظهر للمحكمة أن الط الب تعمد الزي ادة أو التنقيص‬
‫بقصد التأثير على قواعد االختصاص وفي هذه الصورة يجوز للمحكمة أن ترد القيمة إلى نصابها وتفصل‬
‫في االختصاص حسب القيمة الحقيقية لموضوع الدعوى‪".‬‬
‫وينص الفصل ‪ 83‬من م م م ت‪" :‬يستمر محامو األطراف على تبادل الملحوظ ات بينهم دون إج راءات‬
‫خاصة سوى إمضاء كل منهم على توصله بما قدمه له زميله وتق دم نسخ من تلك الملحوظ ات وك ذلك‬

‫‪12‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الوثائق لتضاف لملف القضية قبل تاريخ الجلسة المعينة للمرافعة بعشرة أيام بالنسبة لمح امي الم دعي‬
‫وثالثة أيام بالنسبة بالنسبة لمحامي المدعى عليه وال تقبل التقارير المقدمة بعد اآلجال المذكورة"‪.‬‬
‫وينص الفصل ‪ 84‬من م م م ت على أنه " يمكن للمدعي تغي ير ج زء من ال دعوى أو الزي ادة فيها أو‬
‫تحريرها في األجل المبين في الفصل قبله"‪.‬‬
‫وحيث إضافة إلى كل ما تقدم فان تقديم هذه الدعوى أثناء سير الدعوى األصلية مش روط بع دم‬
‫المساس بمبدأ المواجهة كضمان أساسي لحقوق الدفاع‪ ،‬فكال الطرفين يجب أن يكون بإمكانه االطالع على‬
‫الدعوى المرفوعة ضده و على أسانيدها و مناقشتها‪.‬‬
‫وتكريسا لمبدا ثبات النزاع أيضا و اعتبارا للطابع االستثنائي للدعوى المعارضة ح دد المش رع‬
‫باإلضافة إلى الشروط الشكلية الشروط الموضوعية ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الشروط الموضوعية‬

‫عدد المشرع صلب الفصل ‪ 227‬م م م ت حاالت ممارسة دعوى المعارضة على سبيل الحصر‬
‫إذ ورد به ‪" :‬حق القيام بدعوى المعارضة مختص بالمطلوب ويمكن عرضها ما دامت القض ية بص دد‬
‫التحضير وال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقصود منها الدفاع لرد ال دعوى األص لية أو المقاصة أو‬
‫طلب غرم الضرر المتسبب عن النازلة"‪.‬‬

‫من خالل الفصل المذكور يتبين تبني المشرع لثالث حاالت من الشروط الموض وعية‪ :‬الش رط‬
‫األول يتعلق برد الدعوى األصلية ( فقرة أولى) أما الثاني فيتمثل في المقاصة ( فق رة ثاني ة) و أخ يرا‬
‫الشرط المتعلق بغرم الضرر المتسبب عن النازلة ( فقرة ثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشرط المتعلق برد الدعوى‬


‫نص الفصل ‪ 28‬م م م ت على أن "دعوى المعارضة هي التي يق وم بها المطل وب للمدافعة عن‬
‫نفسه في دعوى موجهة عليه بقصد معارضة طالبه بما يطلبه منه‪."...‬‬

‫‪13‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫كما ورد بالفصل ‪ 227‬م م م ت أن "حق القيام بدعوى المعارضة مختص بالمطلوب و يمكن عرض ها ما‬
‫دامت القضية بصدد التحضير و ال تقبل هذه الدعوى إال إذا كان المقص ود منها ال دفاع ل رد ال دعوى‬
‫األصلية‪."...‬‬
‫و يستنتج من هذين الفصلين أن المشرع تبنى مفهومين مختلفين للشرط الموضوعي المتعلق ب رد‬
‫الدعوى األصلية األول ضيق – أ ‪ -‬و الثاني موسع – ب ‪.-‬‬

‫أ‪ -‬المفهوم الضيق لرد الدعوى األصلية‪:‬‬


‫تبنى المشرع من خالل الفصل ‪ 227‬مفهوما ضيقا لرد الدعوى ال يتجاوز حدود الدفاع في األصل‬
‫أساسه أنها ليست سوى معارضة المطلوب لما يدعيه القائم بالدعوى بما يثيره من دفوعات تتصل باألصل‬
‫تهدف إلى تقويض أساس دعواه و نسف أسانيدها أو تنسيب حقائقها بما يك ون معه الطلب المنش ود من‬
‫طرف المدعى عليه القضاء بعدم سماع الدعوى أو التوصل إلى النطق برفضها‪.9‬‬
‫و تنقسم الدفوع للدعوى األصلية الى دفوع شكلية و أخرى موضوعية‪.‬‬
‫*‪ /‬أما الدفع الشكلي فهو الذي يوجه الى اجراءات الدعوى بهدف استصدار حكم ينهي النزاع دون‬
‫الفصل في موضوعه أو بهدف تأخير الفصل فيه ان كان الخلل االجرائي قابال للتدارك أثناء سير الدعوى‪.‬‬
‫فالمدعى عليه في األصل يمكنه أن يقتصر في دفاعه على الدفع ببطالن االج راءات في اط ار‬
‫الدعوى المعارضة التي يرفعها ازاء المدعي في األصل كلما تبين أن عريضة ال دعوى تخللتها عي وب‬
‫شكلية دون ضرورة الخوض في األصل‪ .‬و مثال ذلك الدفع بعدم االختص اص أو بس قوط ال دعوى أو‬
‫بانعدام المصلحة‪...‬‬

‫و تنقسم االخالالت اإلجرائية إلى خروقات تهم النظام العام و في ه ذه الحالة فإنها تث ار في أي‬
‫مرحلة من مراحل الدعوى و ح تى التقاضي بل أن المحكمة يمكن لها أن تثيرها من تلق اء نفس ها‪ .‬أما‬
‫الدفوع الشكلية التي تهم مصالح الخص وم فانه يجب إثارتها قبل الخ وض في األصل و إال س قط حق‬
‫المدعى عليه في التمسك بها‪.10‬‬
‫*‪ /‬أما بخصوص الدفع الموضوعي فهو اإلجراء الذي يجيب به الخصم على طلب خصمه قصد‬
‫تفادي الحكم له في الموضوع فهو إلى أصل الحق المدعى به‪.‬‬
‫تزام‬ ‫وإن غاية الدفع الموضوعي هي إنكار أو إنهاء آثار االدعاء األصلي و بذلك فال يقضى ضده بأي ال‬
‫تجاه المدعي‪.‬‬

‫‪ 9‬محمد الحداد‪ ،‬الدفاع لرد الدعوى األصلية في الدعوى المعارضة‪ ،‬مجلة األخبار القانونية‪ ،‬مارس ‪ ،2010‬ص‪.14‬‬
‫‪ 10‬الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 14‬م م م ت‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫وتخضع الدفوع الموضوعية للقواعد الموضوعية التي تنظم الحق المتمسك به من قبل المدعي و‬
‫مثال ذلك قيام المدعي بقضية استحقاقية مستندا على الحوز فيعارضه المدعى عليه بعدم ت وفر ش روط‬
‫الحوز فيه‪.‬‬
‫و يجوز التمسك بالدفوع الموضوعية في أية مرحلة من مراحل الدعوى حتى ختم المرافعة‪.‬‬
‫و قد تأيد هذا االتجاه التض ييقي بفقه القض اء‪ ,‬فقد اعت برت محكمة التعقيب في قرارها ع دد ‪10502‬‬
‫المؤرخ في ‪ 21/11/1974‬أن "مناط قبول دعوى المعارضة من جانب الم دعى عليه هو أن يك ون من‬
‫شأنها رد الدعوى األصلية و زوال طلبات الم دعي و الحكم بع دم س ماع دع واه أو التنقيص منها أو‬
‫تعديلها"‪.11‬‬
‫و في نفس هذا السياق أقرت محكمة التعقيب "أن الدعوى األصلية من المك تري في ابط ال تنبيه‬
‫للخروج من مكرى تجاري ترمي من وراء ابطال التنبيه للبقاء في المحل و بذلك يج وز دفعها ب دعوى‬
‫يه الفصل ‪ 227‬من م م م ت لرفع‬ ‫حة التنبيه و هو ما يقتض‬ ‫معارضة من المالك في طلب الحكم بص‬
‫الدعوى األصلية‪ ,‬اال أن فرع الخروج يعارضه القيام بطلب غرامة الحرمان و بذلك فان الحكم و ان كان‬
‫صحيحا في إجابة الدعوى المعارضة بصحة التنبيه فانه ليس كذلك في فرع الخروج"‪.12‬‬
‫إال أنه يقابل هذا االتجاه التضييقي آخر يتبنى مفهوما موسعا يرى أنصاره أن المدافعة في الدعوى‬
‫المعارضة هي دفع و ادعاء في آن واحد‪.‬‬

‫ـ الموسع لرد الدعوى‪:‬‬


‫ب‪ -‬المفهوم‬
‫دعوى المعارضة بل‬ ‫ال يمكن االقتصار على ما ورد بالفصل ‪ 227‬الذي يعطي مفهوما ضيقا لل‬
‫البد من تحديد موقف المشرع بالنظر الى بقية الفصول التي خصصها لهذه الدعوى‪.‬‬
‫في هذا االطار ورد الفصل ‪ 28‬م م م ت الذي يظهر المفهوم الموسع لدعوى المعارضة اذ جاء به عب ارة‬
‫"للمدافعة عن نفسه" و هو ما يكرس دعوى المعارضة كدفع من جه ة‪ ،‬لكن نص أيضا أن القي ام به ذه‬
‫الدعوى يكون "بقصد معارضة طالبه بما يطلبه منه" ‪.‬‬
‫وهو ما يبين أن الدفاع في الموضوع ليس الغاية الوحيدة للمدعى عليه بل هو يتطلع للحصول على‬
‫منفعة خاصة تتجاوز مجرد رفض االدعاء األصلي من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ 11‬قرار تعقيبي‪ P‬مدني عدد ‪ 10502‬مؤرخ في ‪ 21/11/1974‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ 1974‬ج‪ 2‬ص ‪.111‬‬


‫‪ 12‬قرار تعقيبي‪ P‬مدني عدد ‪ 4155‬مؤرخ في ‪ 26/10/1981‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ 1981‬ص ‪.340‬‬

‫‪15‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫دفاع فقط لما تطلب‬ ‫فدعوى المعارضة تشكل إذا دفعا و ادعاء في نفس الوقت‪ ،‬فلو انحصر دورها في ال‬
‫األمر افرادها بنص قانوني خاص ألن مسألة الدفاع تعتبر من الحقوق البديهية لكل مطلوب‪.‬‬
‫وى معارضة و انما يمكنه‬ ‫كما أنه لو اقتصر دور المدعى عليه على الدفع فانه ال يكون ملزما بتقديم دع‬
‫لي دون‬ ‫ممارسة حقه في الدفاع في تقارير عادية يبين فيها ما له من أسانيد لدحض مزاعم المدعي األص‬
‫ابداء أي طلب اخر ضده‪.‬‬
‫أما اذا تجاوز موقف المدعى عليه مجرد الدفع البداء طلب لفائدته فانه يص بح ملزما بالقي ام‬
‫بدعوى معارضة‪ ,‬و على هذا األساس كان البد من التفرقة بين الدفع الموضوعي و دعوى المعارضة‪.‬‬
‫فاألول هو وسيلة دفاع بحتة في حين أن الثانية الهدف منها الى جانب رفض طلب المدعي‪ ،‬حماية حق‬
‫يدعيه أمام القضاء للحصول على حكم لفائدته ضد خصمه‪.‬‬
‫ول‬ ‫والى جانب كل ما سلف ذكره يمكن معرفة ارادة المشرع في هذا الخصوص من خالل فص‬
‫متفرقة يتدعم بها التحليل الوارد أعاله و يتضح بجالء أن دور المطلوب في الدعوى ال يمكن حسب رؤية‬
‫المشرع ان ينحصر في الدفاع و مثال ذلك ما جاء في مادة التسجيل‪ ,‬اذ أن المع ترض له طلب تس جيل‬
‫العقار عرضيا لفائدته‪.‬‬
‫و قد نص الفصل ‪ 333‬من م ح ع على أن المحكمة "تصرح بقبول مطلب التسجيل أو رفضه كال‬
‫أو بعضا لكن يمكنها االذن بتسجيل كامل العقار المحدود أو بعضه باسم المعترض أو المعترضين اذا طلب‬
‫هؤالء ذلك و كانت حقوقهم ثابتة"‪.‬‬
‫و في مادة األحوال الشخصية بين المشرع ص لب الفصل ‪ 31‬م أ ش أنه من حق أحد ال زوجين‬
‫بشرط ان يكون المتضرر من الطالق ان يطلب تعويضه عن المادي أو المعنوي بوصفه م دعى عليه في‬
‫اطار دعوى معارضة‪.‬‬

‫كما أن فقه القضاء في عدة قرارات تبنى هذا المفهوم من ضمنها القرار التعقي بي ع دد ‪4508‬‬
‫‪ 12/2004/‬و قد جاء فيه "تشكل الدعوى المعارضة دفعا و دع وى في اآلن نفسه فهي‬ ‫مؤرخ في ‪14‬‬
‫تمكن المطلوب من مناقشة أصل الدعوى و تخول له طلب الحصول على منفعة تتج اوز مج رد رفض‬
‫االدعاء األصلي‪.13‬‬
‫في األخير و كخالصة للتحليل بخصوص الشرط المتعلق برد ال دعوى و تطبيقاته في الق انون‬
‫التونسي نالحظ و أنه ال يمكن بأي حال من األحوال اعتماد المفهوم الضيق لهذا الشرط لألسباب المذكورة‬

‫‪ 13‬قرار تعقيبي‪ P‬مدني عدد ‪ 4508‬مؤرخ في ‪ 14/12/2004‬ن م ت لسنة ‪ 2004‬ص ‪ .257‬و في نفس هذا السياق جاء القرار التعقيبي عدد‬
‫‪ 45378‬بتاريخ ‪ 15/04/1997‬ن م ت القسم المدني ص ‪ 203‬و كذلك القرار التعقيبي‪ P‬عدد ‪ 75475‬بتاريخ ‪ 17/04/2000‬ن م ت القسم‬
‫المدني ص ‪ 170‬و أيضا القرار التعقيبي عدد ‪ 1040‬مؤرخ في ‪ 31/10/2005‬ن م ت لسنة ‪ 2005‬ص ‪...59‬‬

‫‪16‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫أعاله و لسياسة المشرع في هذا المجال و مقصده اإلجرائي الرامي إلى تجميع النزاع ات و جمع ش تات‬
‫المنازعة المتداخلة و تيسير الفصل فيها جملة واحدة تحقيقا للعدالة الشاملة‪.14‬‬
‫ادة‬ ‫اال أنه من جهة أخرى فان فقه القضاء نجده غالبا ما يتعامل بحذر مع هذه الدعوى و يميل ع‬
‫الى رفضها شكال كما يتجنب توسيع مناطها مثلما بينا ذلك أثناء دراستنا للمفهوم الضيق ل رد ال دعوى و‬
‫يعود ذلك باألساس الى محاولة (نعتبرها أحيانا مبالغا فيها) عدم تجاوز شرط ارتباط ال دعوى المعارضة‬
‫بالدعوى األصلية و شرط وحدة الموضوع بين الدعويين‪.‬‬
‫والى جانب الشرط المتعلق برد الدعوى نص المشرع ضمن الفصل ‪ 227‬م م م ت على المقاصة‬
‫من بين الحاالت التي يمكن من خاللها القيام بدعوى المعارضة ( الفقرة الثانية)‬

‫ـ الشرط المتعلق بالمقاصة‬


‫الفقرة الثانية‪:‬‬

‫عرف األستاذ محمد المالقي المقاصة بكونها ترمي الى انقضاء دي نين أو عالق تين‬
‫التزاميتين متعارضتين‪.‬‬
‫ووردت المقاصة كأحد الشروط الموضوعية الم ذكورة ض من الفص لين ‪ 28‬و ‪ 227‬م م م ت‪ ،‬اال أن‬
‫المشرع استعمل ضمن الفصل ‪ 28‬عبارة المقاصة الحكمية فيما اقتصر ضمن الفصل ‪ 227‬على عب ارة‬
‫المقاصة و هو ما يحيلنا الى التساؤل عن مقصد المشرع و المفه وم المعتمد للمقاصة ح تى تس تقيم من‬
‫خاللها الدعوى المعارضة‪.‬‬

‫لالجابة عن هذا التساؤل ال بد بداية من حصر أشكال المقاصة‪ ،‬و ال تي بينها المش رع التونسي‬
‫صلب الفصل ‪ 369‬م ا ع و نص على شكلين و هما المقاصة االتفاقية و المقاصة الحكمية‪.‬‬
‫والمالحظ أن الفصل ‪ 28‬من م م م ت و الذي يحصر الش رط المتعلق بالمقاصة في الحكمية منه ا‪ ,‬ورد‬
‫بمجلة المرافعات تحت عنوان "في كيفية ضبط مرجع النظر و درجة الحكم" مما يجعل من مج ال انطباقه‬
‫منحصر في تحديد تأثير دعوى المعارضة على درجة الحكم و دورها في تكييفه‪.‬‬
‫أما الفصل ‪ 227‬من م م م ت فقد جاء تحت عنوان "في ال دعاوى العارضة و الفرعية و المقص ود منها‬
‫المعارضة"بصفة عامة‪.‬‬

‫‪.J. Vincent et S. Guinchard, Procédure civile, 27 e éd., 2002, Précis, Dalloz, No 1151-1‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪17‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫وحيث أن هذا التمشي من شأنه أن يوحي لنا للوهلة األولى بانطباق الفصل األخير و أخذ العب ارة‬
‫على اطالقها‪ ،‬اال أنه اذا ما عدنا الى سياق الدعوى المعارضة ف ان تحليال منطقيا يظهر ب أن ال دعوى‬
‫المعارضة ال تقبل اال اذا كان القصد منها طلب المقاصة القضائية‪ ,‬ألن المقاصة القانونية لو توفرت جميع‬
‫شروطها ألجريت بصورة تلقائية بحكم القانون و بمجرد تالقي الدينين و لكان طلب المدعى عليه مقتصرا‬
‫على الدفع بالمقاصة القانونية في شكل دفع موضوعي دون القيام بدعوى معارضة‪.‬‬
‫كما ال يمكن أن تشمل دعوى المعارضة لطلب المقاصة المقاصة االختيارية ألنها لو كانت ممكنة‬
‫ألجراها مع الطالب بإرادته المنفردة و لما احتاج إلى القيام بدعوى معارضة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الشرط المتعلق بغرم الضرر المتسبب عن النازلة‬

‫مكن المشرع المطلوب من القي ام ب دعوى معارضة يطلب فيها التع ويض له عن‬
‫الضرر الذي لحقه من جراء قيام الطالب ضده لدى القضاء‪.‬‬
‫والمفارقة تكمن هنا في أن حق التقاضي هو حق مخول للطالب‪ ,‬ولكن وان كان هذا الحق من‬
‫الحقوق البديهية و المشروعة فقد أدخل عليه المشرع مثله مثل سائر الحقوق األخ رى كحق‬
‫الملكية و حق التعاقد قيدا هاما أال و هو عدم التعسف في استعماله‪.‬‬
‫وقد أقر فقه القضاء هذه النظرية أي نظرية التعسف في استعمال الحق في عدة قرارات‬
‫تعقيبية ن ذكر منها القرار التعقيبي عــــ‪ 1541‬ـــدد المؤرخ في ‪11 / 06 / 1976‬‬

‫‪16‬‬
‫واللــذين‬ ‫‪ ، 15‬والقرار التعقيبي عـ‪ 1185‬ـــدد المؤرخ في ‪/ 1978‬ـ ‪)89( 20/ 07‬‬
‫يتضح من خاللهما أن محكمة التعقيب تعلق قبول دعوى المعارضة في غرم الضــرر على‬
‫إثبات نية التنكيل بالمدعى عليه من وراء القيام ‪.‬‬

‫قرار تعقيبيـ مدني عــــ‪ 1541‬ـــدد المؤرخ في ‪ ، 11 / 06 / 1976‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪، 1976‬ج ‪، 3‬ص ‪. 9‬‬ ‫)‬ ‫‪15‬‬

‫قرار تعقيبيـ مدني عـــــ‪ 1185‬ــــدد المؤرخ في ‪ ، 20/ 07 / 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ ، 1978‬ج‪ ، 2‬ص ‪. 43‬‬ ‫)‬ ‫‪16‬‬

‫‪18‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫فالضرر المتسبب عن النازلة يشترط فيه أن يكون محققا ال محتمال احتم اال بعي دا أي‬
‫يعني أن يكون قد وقع فعال مثل أتعاب التقاضي و أجرة المحام اة أو محتمل الوق وع مثل‬
‫النقص في األرباح ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك البد من توفر شرط االرتباط بين الضرر و رفع الدعوى‪.‬‬
‫والمالحظ أيضا و أن التعويض الوارد بالفصل ‪ 227‬م م م ت ليس تعويضا موض وعيا‬
‫مبناه مجرد حصول الضرر إنما أساسه التعسف في استعمال حق التقاضي و الذي ال يت وفر‬
‫إال بتوفر سوء النية‪.‬‬
‫إن تقدير توفر شروط الضرر الموجب للتعويض يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للقاضــي‬
‫وخاصة منها شرط االرتباط ‪ ،‬على أنــه ال يســوغ التوسـع في الضـرر المســتوجب للتعــويض‬
‫حــتى ال يــؤول األمــر إلى عــزوف كــل من تضــررت حقوقــه من جــراء االعتــداء عليــه عن‬
‫استعمال حقه في التقاضي خشية مطالبته بالتعويض في صورة صدور حكم سلبي ضده ‪.‬‬
‫إن كــل الشــروط المتقدمــة يجب أن تتــوفر مقترنــة في الضــرر إلثباتــه ‪ ،‬غــير أن إثبــات‬
‫الضرر وحده ال يكفي إلقــرار حــق المــدعى عليــه في التعــويض ألن التعــويض في الصــورة‬
‫الواردة بالفصل ‪ 227‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ليس تعويضا موضوعيا مبنــاه مجــرد حصــول الضــرر ‪،‬‬
‫وإنما أساسه مثلما سبق بيانه التعسف في استعمال حق التقاضـي ‪ ،‬والـذي ال يتـوفر إال بتـوفر‬
‫سوء النية ‪ ،‬وبالتالي فإن عنصر فصد إلحاق الضرر المدعى عليه يجب أن يتــوفر في جــانب‬
‫المدعي ‪ ،‬وبناء عليه فإن التعويض المخول للمدعى عليه في نطاق الطلب المعارض مشروط‬

‫بضرورة إثباته من قبل المطلوب عمال بأحكـام الفصل‪ 227‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت والفصــل ‪ 420‬م ‪.‬إ ‪.‬‬
‫ع‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اثار ممارسة دعوى المعارضة‬

‫من المتعارف عليه أن المدعي هو الذي يتولى مبدئيا تحديد موضوع ادعاءاته من خالل عريضة‬
‫افتتاح الدعوى‪ .17‬لكن المدعى عليه ال يكتفي غالبا بالدفاع في األصل فقد يتخذ بدوره موقفا هجوميا من‬
‫خالل تقديمه طلبات تهدف الى اقرار حق لفائدته ضد خصمه‪.‬‬
‫وحيث ان الصبغة الطارئة لدعوى المعارضة يصعب معها مبدئيا تفعيل قواعد االختصاص‬
‫الحكمي الواردة بالفصل ‪ 21‬م م م ت (المبحث األول) و لكن مع ذلك فدعوى المعارضة بتغييرها‬

‫‪17‬‬
‫الفصل ‪ 70‬م م م ت‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫لمعطيات النزاع أو مقدار المال المطلوب فيه تدخل بعض االضطراب على النظام االجرائي المنطبق في‬
‫خصوص الدعوى األصلية ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اثار ممارسة دعوى المعارضة على االختصاص‬

‫البد من التطرق الى اثار ممارسة هذه الدعوى على االختصاص الحكمي و الذي ينظمه الفصل‬
‫‪ 21‬م م م ت ( الفقرة األولى) و كذلك على االختصاص الترابي و الذي يحدده الفصل ‪ 30‬من نفس المجلة‬
‫( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص الحكمي‬

‫هناك تصنيف ثنائي لالختصاص الحكمي األول يشمل المحكمة االبتدائية و محكمة الناحية و‬
‫الثاني المحاكم المتخصصة أو المختصة مثل دائرة الشغل و المحكمة العقارية و الدائرة التجارية و قاضي‬
‫التقاديم‪...‬‬

‫أ‪ -‬المحكمة المتعهدة محكمة مختصة‪:‬‬


‫المحكمة المتعهدة بالنظر في الدعوى األصلية تكون مبدئيا هي المختصة بالنظر في الدعوى‬
‫المعارضة عمال بالقاعدة الشهيرة "قاضي األصل هو قاضي الدفع"‪.‬‬

‫و يكون تأثير دعوى المعارضة على اختصاص المحكمة محددا طبقا لمعيار قيمة الطلب‪ .‬و بالرجوع‬
‫للفصل ‪ 29‬م م م ت فانه يؤكد على تأثير دعوى المعارضة على االختصاص الحكمي ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق و طالما أقر المشرع عدم اختصاص محكمة الناحية بالنظر في الدعويين‬
‫األصلية و المعارضة كلما تجاوز المقدار المطلوب في دعوى المعارضة حدود اختصاصها الحكمي‪ ,‬فان‬
‫االختصاص الحكمي في كليهما يؤول الى المحكمة االبتدائية تحقيقا لحسن سير العدالة وهو ما يؤدي الى‬
‫المزيد من التضييق لمجال اختصاص حاكم الناحية‪.‬‬
‫والمالحظ في هذه الحالة أن المدعى عليه قد يستغل هذا األمر من خالل تقديمه على سبيل المثال‬
‫لدعوى معارضة تتجاوز سبعة االف دينار الخراج النزاع عن أنظار قاضي الناحية و يصرح هذا األخير‬

‫‪21‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫بعدم اختصاصه مما يدفع بالمدعي الى نشر دعواه من جديد أمام المحكمة االبتدائية فيمتنع المدعى عليه‬
‫على اثر ذلك من تقديم دعوى معارضة فتصرح المحكمة االبتدائية بعدم اختصاصها كذلك و هو ما قد‬
‫يؤدي الى حلقة مفرغة‪.‬‬
‫لكن لتفادي ذلك أقر المشرع قيدين هامين ضمن نفس الفصل ‪ 29‬م م م ت بفقرته الثانية‪.‬‬
‫أما القيد األول فهو تكريس لالرتباط بخصوص غرم الضرر الناشئ عن الدعوى‪.‬‬

‫أما القيد الثاني الوارد بالفصل ‪ 29‬فمناطه أنه‪ ":‬إذا وقع القيام بدعوى المعارضة لدى قاضي‬
‫الناحية وكان مقدارها متجاوزا حد ما يحكم فيه فعلية إعالن عدم اختصاصه بالنظر في‬
‫‪ " .‬كل من الدعويين‬
‫و قد كرس المشرع أيضا هذه القاعدة بالفقرة الثالثة من الفصل ‪ 21‬م م م ت مما يؤكد الطبيعة االمرة‬
‫لقواعد االختصاص الحكمي‪.‬‬
‫والمالحظ اذا أن الدعوى المعارضة تؤثر على اختصاص المحكمة المتعهدة اذا ما نظرنا من زاوية معيار‬
‫قيمة الطلب‪ .‬اال أنه من جهة أخرى و على خالف ذلك اذا نظرنا الى المعيار المتمثل في طبيعة الدعوى‬
‫فان الدعوى المعارضة تصبح بدون تأثير على اختصاص المحكمة المتعهدة‪.‬‬
‫فالمحكمة المتخصصة تعتبر مبدئيا محكمة استثنائية أسند لها المشرع النظر في مسائل محددة و‬
‫بالتالي ال تكون لها والية النظر في مسائل أخرى‪ ,‬فال يحق لها البت في الطلبات المعارضة حتى و ان‬
‫كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدعوى األصلية المنشورة أمامها‪.‬‬
‫وحيث أن المحكمة المتخصصة تكون مختصة بالنظر في دعوى المعارضة اذا كان موضوعها و‬
‫الطلبات المضمنة بها متجاوزا لالختصاص الحصري الذي أسنده لها المشرع وال يعني ذلك مطلقا‬

‫أنها ال تصدر حكمها في دعوى المعارضة بل يعني فقط أنها ال تبت في أصل دعوى المعارضة و انما‬
‫يجب عليها البت فيها باصدار حكم يقضي بعدم اختصاصها الحكمي بالنظر في هذه الدعوى‪.‬‬
‫و كمثال على ذلك فان قاضي الشغل ال يمكنه أن يمد واليته للنظر في موضوع تجاري أو مدني يتعلق‬
‫بمقاصة‪.‬‬

‫ب‪ -‬المحكمة المتعهدة محكمة ذات اختصاص عام‪:‬‬


‫في هذه الحالة فان المبدأ ان دعوى المعارضة تتبع الدعوى األصلية طالما أن هذه األخيرة ال‬
‫تندرج ضمن االختصاص المطلق لمحكمة متخصصة و كمثال على ذلك فان دعوى النفقة هي مبدئيا من‬

‫‪22‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫اختصاص قاضي الناحية و لكن المشرع مكن المتقاضي من القيام بها لدى المحكمة االبتدائية في اطار‬
‫الدعوى األصلية المتعلقة بطلب الطالق لكن ذلك ال يحول دون منع القيام بها بصفة منفردة لدى المحكمة‬
‫االبتدائية‪.‬‬

‫ـ االختصاص الترابي‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬

‫إن المتأمل في الفصول ‪ 28‬و ‪ 29‬و ‪ 227‬و ‪ 228‬م م م ت التي تمثل االطار القانوني للدعوى‬
‫المعارضة يالحظ عدم تعرض المشرع الى مسألة االختصاص الترابي و مدى تأثير القيام بالدعوى‬
‫المعارضة عليها‪.‬‬
‫و على هذا األساس كان ال بد من الرجوع الى القواعد العامة التي تنظم مسألة االختصاص‬
‫الترابي و من ثمة البحث في مدى تأثر قواعد االختصاص الترابي بالقيام بدعوى معارضة‪.‬‬

‫أ‪ -‬الطبيعة القانونية لقواعد االختصاص الترابي‪:‬‬


‫بالرجوع الى الفصول ‪ 30‬و ‪ 36‬م م م ت نتبين و أن االختصاص الترابي مسألة تهم مصلحة‬
‫الخصوم و ال تهم النظام العام و ذلك على خالف قواعد االختصاص الحكمي‪.‬‬
‫و لكن و كاستثناء لهذا المبدا فان المشرع أقر بأن الدعاوى التي تكون الدولة طرفا فيها ال بد للقاضي أن‬
‫يثير مسألة االختصاص الترابي من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫في نفس هذا االطار يمكن االشارة الى الدعاوى المنصوص عليها ضمن الفصول ‪ 38‬و ‪ 32‬من م‬
‫م م ت و غيرها من االستثناءات‪.‬‬

‫ب‪ -‬مدى تأثير دعوى المعارضة على االختصاص الترابي‪:‬‬


‫في صورة تقديم المدعى عليه دعوى معارضة يكون فيها االختصاص الترابي مسندا الى محكمة‬
‫أخرى غير تلك المختصة بالنظر في الدعوى األصلية‪ ،‬فما هو تأثيرها على االختصاص الترابي؟‬
‫في هذه الصورة اذا لم يثر المدعي في األصل المسألة فليس هناك أي ااشكال ألن المحكمة ال‬
‫يمكن لها أن تثيرها من تلقاء نفسها لكن في صورة التمسك بها أو اسناد المشرع االختصاص الى محكمة‬
‫ترابية دون أخرى اعتمادا على معيار موقع العقار مثال أو لكونه وقع االتفاق في شأنها أن مقاضاة‬
‫المطلوب تقع بدائرة قضاء محكمة ابتدائية دون أخرى‪ .‬و مثال ذلك دعوى المعارضة لطلب المقاصة و‬
‫التي تكون محل اتفاق على اسناد النظر فيها لمحكمة غير المحكمة المتعهدة بالنزاع األصلي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫وفي هذه الحالة فإن المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى األصلية تختص بالنظر في دعوى‬
‫المعارضة و ذلك اعتمادا على مفهوم الصلة و االرتباط بين الدعويين‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬آثار ممارسة دعوى المعارضة على درجة الحكم‬

‫نتناول في هذا المبحث بيان مدى تأثير دعوى المعارضة على درجة الحكم في الخصومة وذلك‬
‫باالعتماد على ما تضمنته م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت من نصوص في هذا الخصوص حسب صيغتها الحالية والتي لم تتم‬
‫مراجعتها لحد اآلن مشتملة على درجة حكم ثنائية‪ :‬نهائية وابتدائية‪.‬‬
‫و يقتضي الفصل ‪ 21‬م‪.‬م‪ .‬م‪ .‬ت أنَ "مرجع النَظر في القضايا يتحرَر بمقتضى طبيعة الدعوى‬
‫و مقدار المال المطلوب فيها و مقدار ما يحكم فيه نهائيَا يحرَر بنسبة المبلغ المطلوب‪"...‬‬
‫يتبيَن من أحكام الفقرتين األولى و الثانية من الفصل ‪ 21‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت أنَ المعيار القيمي للطلبات يعتمد‬
‫على حدَ السواء في تحديد مرجع النظر الحكمي و في تحديد درجة الحكم‪ ،‬و ما من شكَ أن تحديد درجة‬
‫الحكم تكتسي أهمَية بالغة في تحديد وجه الطعن الخاضع له الحكم‪ ،‬إذ أن الحكم االبتدائي الدرجة يكون‬
‫خاضعا للطعن باالستئناف في حين أنَ الحكم النهائي الدرجة يكون خاضعا مباشرة للطعن بالتعقيب‪.‬‬

‫غير أنَ النزاع قد يشمل عالوة عن الدعوى األصليَة طلبا معارضا‪ ،‬فهل يعتدَ بقيمة الطلبين‬
‫مجتمعين أم يتمَ االعتماد على قيمة كلَ طلب منفرد لتحديد درجة الحكم و ما هو موقف المشرَع من هذه‬
‫المسألة؟‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنَ الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت ينصَ على أنَ دعوى المعارضة ال تضاف‪":‬للدعوى‬
‫األصلية فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم‪ ،‬لكن إذا كانت إحدى الدعويين تتجاوز مقدار ما يحكم فيها‬
‫نهائيَا فإنَ الحكم يكون ابتدائيا في الكلَ"‪.‬‬
‫وبالتمعَن فيما ورد بالفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت المشار إليه نستنتج أنَ المشرَع أقرَ قاعدة أساسية‬
‫لتحديد درجة الحكم في نزاع يشمل دعويين أصليًة و معارضة‪ ،‬تفيد القاعدة األولى عدم الجمع بين قيمة‬
‫الطلب األصلي و الطلب المعارض لتحديد درجة الحكم و من ثمَة فإنَ الدعوى األصليَة تعدَ هي المعيار‬
‫في تحديد درجة الحكم الصَادر في النزاع برمَته (فقرة أولى) ‪ ،‬وجعل لتلك القاعدة استثناء ( فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الدعوى األصليَة معيار لتحديد درجة الحكم‬

‫‪24‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫ينصَ المشرَع صراحة ضمن الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م ‪.‬م‪ .‬ت على ما يلي‪":‬وال تضاف تلك الدعوى‬
‫للدعوى األصليَة فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم"‪ ،‬و المقصود بتلك الدعوى هو دعوى المعارضة‪.‬‬
‫يتَضح من منطوق النص المذكور أنَ المشرَع اعتمد قاعدة أساسيَة في تحديد درجة الحكم في نزاع‬
‫متضمَن لدعوى أصليَة و أخرى معارضة تقتضي عدم الجمع بين قيمة الطلب األصلي والطلب المعارض‬
‫لتحديد درجة الحكم من ناحيَة‪ ،‬ومن أخرى أنَ درجة الحكم الصَادر في النزاع برمَته تحدَد استنادا إلى قيمة‬
‫الطلب األصلي‪.‬‬
‫وحيث وبما أنَ المشرَع اعتبر أنَ المعيار المعتمد في تحديد درجة الحكم هو الطلب األصلي فإنَه‬
‫ال بدَ من توضيح أنَ العبرة في الطلب األصلي هو الطلب األخير طبقا ألحكام الفقرة األخيرة من الفصل‬
‫‪ 21‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت‪.‬‬
‫وقد يبدو ما ورد بالفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت في خصوص تحديد درجة الحكم ظاهريَا غير متماشي‬
‫مع منطوق الفصل ‪ 26‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت الذي ينصَ على أنَه‪":‬إذا كانت الدعوى شاملة لعدَة فروع ناشئة عن‬
‫سبب واحد فإنَ تلك الفروع تضاف لتعيين مرجع النظر و درجة الحكم‪ ،‬إذ أنَ الفصل ‪ 26‬م‪.‬‬

‫م‪ .‬م‪ .‬ت أقرَ في فقرته األولى قاعدة جمع الطلبات األصليَة و الفرعيَة لتحديد درجة الحكم واشترط‬
‫ضرورة نشأتها عن سبب واحد و يعني ذلك ضرورة توفَر شرط االرتباط بين الطلبين من حيث السبب‪,‬‬
‫في حين أقرَ قاعدة عدم الجمع بين الطلبين ضمن الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت رغم أنَ االرتباط الذي اعتبره‬
‫المشرَع ضمن الفصل ‪ 26‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت شرطا ضروريَا للجمع بين الطلبات لتحديد درجة الحكم متوفَر‬
‫أيضا بالنسبة لصورة الفصل ‪ 28‬م م م ت‪ ,‬إذ أنَ دعوى المعارضة ال تقبل شكال إالَ إذا كانت مرتبطة‬
‫بالدعوى األصليَة سواء من حيث الموضوع أو األطراف أو السبب تبعا لما تمَ توضيحه في موضع سابق‪،‬‬
‫لذلك ال نرى موجبا لالختالف الموجود بين الفصلين ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت و‪ 26‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت في آثار قيمة‬
‫الطلبين على تحديد درجة الحكم و الحال أنَ شرط االرتباط متوفَر في كليهما‪.‬‬
‫وحيث نالحظ إنَ االختالف السَابق تبيانه إنَما هو ظاهــريَ فقط ضرورة أن َصورة الفصل ‪26‬‬
‫م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت مخـتـلفة تمـامـا عن صـورة الفصـل ‪28‬م‪ .‬م‪ .‬م ‪.‬ت‪.‬‬
‫إذ أنَ األوَل يتحدَث فيه المشرَع عن تحديد درجة الحكم في خصوص دعوى متضمَنة لطلبات أصليَة و‬
‫أخرى فرعيَة مرتبطة من حيث السبب سواء أن كانت معارضة أو أصليَة‪ ,‬ضرورة أنَ المشرَع استعمل‬
‫عبارة " الدعوى" بصفة مطلقة و من ثمَة جاز تطبيق أحكام الفصل ‪ 533‬م‪ .‬إ ‪.‬ع ‪ ،‬و مثال ذلك أن‬
‫تتضمَن الدعوى األصليَة طلبا أصليَا في فسخ عقد الكراء و طلبا فرعيَا في أداء معيَنات الكراء أو أن‬

‫‪25‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫تتضمَن دعوى المعارضة طلبا أصليَا في صحَة التنبيه و طلبا فرعيَا في الخروج من المحلَ و أقرَ في‬
‫خصوصها قاعدة جمع الطلبات األصليَة و الفرعية أو اإلضافيَة لتحديد درجة الحكم‪ ،18‬في حين أنَه أقرَ‬
‫قاعدة ثانيَة تتمثَل في عدم الجمع بين الطلبين األصلي و الفرعي في خصوص تحديد درجة الحكم إذا كانت‬
‫ناتجة عن أسباب متباينة و ذلك من خالل ما أورده في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 26‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت مؤكَدا أنَ‬
‫ل طلب يحكم فيه بانفراده ابتدائيا أو نهائيَا حسب قيمته الحقيقيَة‪ ،‬في حين أنَ الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت‬
‫كَ‬
‫يتحدَث فيه المشرَع عن تأثير قيمة أو طبيعة الطلبات المضمَنة بدعويين مختلفتين‪.‬‬
‫األولى الدعوى األصليَة التي رفعها الطَالب بما اشتملت عليها من طلبات أصليَة و فرعيَة و‬
‫الثانيَة الدعوى التي رفعها المطلوب بما تضمَنته من طلبات أصليَة و فرعيَة على تحديد درجة الحكم‪ ،‬و‬
‫أق َر في خصوصها قاعدة عدم الجمع بين الطلبات في كلَ من الدعويين األصليَة و المعارضة‪.‬‬

‫ومن المتعارف عليه و أنَ العبرة في تحديد درجة الحكم تتمثَل في قيمة الطلبات المضمَنة بالدعوى‬
‫األصليَة‪ ،‬و من ثمَة فإنَ دعوى المعارضة ال تؤثَر على الدعوى األصليَة من حيث تحديد درجة الحكم‬
‫طالما أنَ قيمة كلَ من الطلبين األصلي و المعارض منفردا لم يتجاوز حدود ما يحكم فيه ابتدائيا‪.‬‬
‫و بناء على ما تقدَم فإنَه يمكن القول أنَ دعوى المعارضة ال تؤثَر مبدئيا سلبا أو إيجابا على‬
‫درجة الحكم الصَادر في الدَعوى األصليَة وأنَ العبرة في تحديد درجة الحكم في النزاع برمته هو قيمة‬
‫الطلب موضوع الدعوى األصلية بصرف النظر عن قيمة الطلب المعارض‪.‬‬
‫وقد أيد فقه قضاء محكمة التعقيب هذا الموقف من خالل عديد القرارات نذكر منها القرار‬
‫التعقيبي المؤرخ في ‪ 22 / 01 / 1987‬والذي جاء فيه ما يلي ‪":‬اقتضى الفصل ‪ 28‬م م م ت أنَ‬
‫دعوى المعارضة ال تضاف للدعوى األصليَة فيما يخصَ تحرير مقدار درجة الحكم"‪.19‬‬
‫غير أن معيار قيمة الطلب يصبح غير كاف لتحديد درجة الحكم إذا تجاوز مقدار الطلب في إحدى‬
‫الدعويين األصلية أو المعارضة حدود ما يحكم فيه ابتدائيا وهو ما سنحاول توضيحه من خالل التعرض‬
‫إلى التأثير النسبي لدعوى المعارضة على تحديد درجة الحكم في الدعوى األصلية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫مؤرخ في‪ ،27 / 11 / 1987‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ ،‬عـ‪1‬ـدد جانفي ‪ ،1989‬و الذي جاء‬ ‫‪ 18‬قرار تعقيبيـ مدني صادر عن الدوائر المجتمعة تحت عـــ‪17278‬ــــدد َ‬
‫أولهما يتعلَق بطلب إبطال تنبيه تجاري و ثانيهما يتعلق بطلب تقدير غرامة الحرمان التي‬
‫َ‬ ‫في مبدئه ما يلي‪":‬إذا إشتملت عريضة الدعوى على فرعين َ‬
‫جراء عدم تجديد الكراء فإنَ الفرعين يكونان ناشئين عن سبب واحد وهو عقد الكراء ولذلك يظاف الفرعان لبعضهما بعضا‬‫المتسوغـ من َ‬
‫َ‬ ‫يستحقَهاـ‬
‫لتحديد مرجع النظر ودرجة الحكم "‪.‬‬
‫‪ 19‬كذلك قرار تعقيبي مدني عــ‪9675‬ـــدد مؤرخ في‪،08 / 11 / 1984‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ 1984‬ج ‪، II‬ص ‪ ، 82‬والذي جاء فيه ما يلي ‪":‬اقتضى الفصل ‪26‬‬
‫م م م ت إذا كانت الدعوى شاملة لعدة فروع ناشئة عن سبب واحد فإن تلك الفروع تضاف لتعيين مرجع النظر ودرجة الحكم وإذا كانتـ الفروع‬
‫ناتجة عن أسباب متباينة فإن كل واحد منها يحكم فيه بانفراده ابتدائيا أو نهائياـ بحسب قيمته الحقيقية كما اقتضى الفصل ‪ 14‬من نفس المجلة أنه يعد‬
‫اإلجراء باطال إذا نص القانون على إبطاله أو حصل بموجبه مساس بقواعد النظام العام أو أحكام اإلجراءات األساسية وعلى المحكمة أن تثيرهـ من‬
‫تلقاء نفسها "‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الفقرة الثانية‪ : #‬سحب مفعول مبدأ التقاضي على درجتين على الحكم النهائي‬

‫اقتضىـ الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت أنه إذا كان مقدار إحدى الــدعويين األصــلية أو المعارضــة يتجــاوز‬
‫مقدار ما يحكم فيه نهائيا فإن الحكم يكون ابتــدائيا في الكــل ‪ ،‬والمالحــظ من خالل مــا ورد بهــذا الفصــل أن‬
‫المشرع لم يفاضل بين الدعويين من حيث أنها أصلية أو معارضة لتحديد درجــة الحكم ‪ ,‬وإنمــا اســتند على‬
‫تجاوزـ إحداها حدود ما ينظر فيه نهائيا‪.‬‬

‫ويعنيـ ذلك أنه إذا كانت كالهما منفردة لم تتجاوز حدود مــا ينظــر فيــه نهائيــا‪ ,‬فإنــه ال يمكن جمــع‬
‫الطلبين األصلي والمعــارض لتحديــد درجــة الحكم وبالتــالي يبقى الحكم نهائيــا في الكــل عمال بقاعــدة عــدم‬
‫الجمع بين الطلبين لتحديد درجة الحكم‪.‬‬
‫أما إذا تجاوز قيمة أحد الطلبين سواء األصلي أو المعارض حدود ما ينظــر فيــه نهائيــا فــإن الحكم‬
‫يكون ابتدائيا في الكل‪ ,‬ومن ثمة فقد غلب المشرع دعــوى على أخــرى بخصــوص تحديــد درجــة الحكم في‬
‫اتجاه سحب مفعول قاعدة التقاضي على درجتين على كافة األحكام ‪ ،‬فإذا كــانت قيمــة الطلب األصــلي ممــا‬
‫يحكم فيه نهائيا حــال أن الطلب المعــارض ممــا يحكم فيــه ابتــدائيا فــإن الحكم يصــدر ابتــدائيا في الــدعويين‬
‫وتصبح تبعا لذلك دعوى المعارضة في هذه الحالة هي المعيار الوحيد لتحديد درجة الحكم‪.‬‬
‫وحيث إن األثر األساسيـ للقاعدة التي تضمنهاـ الفصل ‪28‬م ‪.‬م‪ .‬م‪ .‬ت يتمثل في تفعيل مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين بالنسبة للدعوى األصلية أو المعارضة التي تكون تبعا للمعيارـ القيمي أو النوعي م َما يحكم‬
‫‪20‬‬
‫فيها نهائيَا لو ت َم تقديمها منفردة‪.‬‬
‫وبالتاليـ فإنَ تخصيص النزاع المتض َمن لدعويين أصليَة و معارضة بنظام قانوني مميز يجمع‬
‫بين الدعويين في خصوص تحديد درجة الحكم في صورة التباين من حيث الدرجة بينهما يهدف أساسا إلى‬
‫حسن سير العدالة ‪ ،‬ضرورة أنَ إفراد ك َل دعوى في صورة التباين بنظام قانونيـ خاص من حيث درجة‬
‫الحكم من شأنه أن يحول دون استئناف الحكم النهائي الصادر في إحداها‪.‬‬

‫‪ 20‬قرار تعقيبي مدني عـــــ ‪16232‬ـــدد مؤرخ في ‪ ، 22 / 01 / 1987‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ ، 1987‬ص ‪. 98‬‬


‫قرارـ تعقيبي مدني عــــ ‪452‬ـــدد مؤرخ في ‪ ، 10 / 11 / 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ، 1977‬ج ‪ ، II‬ص ‪. 163‬‬

‫‪27‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫ومن ثمة دون انتقال النزاع برمته لدى الطور االستئنافيـ وهو ما يصعب معه إلمام القاضي‬
‫بجميع جوانب النزاع طالما أنَ أحد الدعويين تكون قد حسمت بحكم نهائي ال يقبل سوى الطعن بالتعقيب‬
‫وهو ما يفقد دعوى المعارضة جدواها‪ .‬عالوة على أنَ خضوعـ الحكم النهائي للطعن بالتعقيب من جهة و‬
‫خضوعـ الحكم االبتدائيـ للطعن باالستئنافـ من جهة أخرى في نفس النزاع من شأنه أن يطرح إشكاليَة‬
‫تضارب األحكام طالما أنَها ستصدر عن هيآت قضائيَة مختلفة‪.‬‬
‫و بناء عليه نالحظ أنَ دعوى المعارضة تؤثَرـ إيجابا على الدعوى األصليَة إذا كانت قيمتها‬
‫متجاوزة مقدار ما يحكم فيه نهائيَا بسحب الطعن باالستئنافـ ‪ ،‬كما أنَ الدعوى المعارضة بدورهاـ تتأثَر‬
‫إيجابا بالدعوى األصليَة إذا كانت قيمة الطلب المعارض تتجاوزـ مقدار ما يحكم فيه نهائيَا فيصبح تابعا‬
‫الكل و يكون خاضعا للطعن باالستئناف‪.‬‬
‫للطلب األصلي من حيث درجة الحكم و يصدر الحكم ابتدائيا في َ‬

‫الحل الذي تض َمنه الفصل ‪ 28‬م‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ت في فقرته األخيرة لم يعد متماشيا مع‬
‫َ‬ ‫و المالحظ أنَ‬
‫الواقع التشريعيـ الجديد‪ ,‬إذ أن المشرع حذف األحكام التي تصدرها المحاكم االبتدائية أو محاكم النواحي و‬
‫التي تكون نهائية الدرجة‪.‬‬
‫و يستروح مما تقدم أن االتجاه الجديد ينحو بخطوات متتابعة نحو تكريس مبدأ التقاضي على‬
‫درجتين مهما كانت قيمت الطلب و مهما كانت طبيعته‪ ،‬و أن هذا التكريس شمل المادة الجنائية منذ تنقيح‬
‫الفصل ‪ 124‬من مجلة اإلجراءات الجزائية ‪. 21‬‬
‫وحيث جاء صراحة صلب الفصل ‪ 39‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت حسب صيغته الوارد بها القانون عــــ‪ 59‬ــــدد‬
‫لسنة ‪1994‬على أن األحكام التي تصدرـ عن محاكم الناحية تكــون ابتدائيــة الدرجــة وبــذلك يكــون قــد أفــرغ‬
‫القاعدة الـواردة بـالفقرة األخـيرة من الفصـل ‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت من محتواهـا ومن بعـدها القـانوني طالمـا أن‬
‫جميع األحكام مبدئيا أصـبحت خاضــعة للطعن باالســتئنافـ باعتبـار حـذف مــا كــان أسـند من سـابق لحــاكم‬
‫الناحية من اختصاص في إصدار أحكــام نهائيــة الدرجــة غــير قابلــة للطعن باالســتئناف اعتمــادا على قيمــة‬
‫الطلب فيها‪.‬‬
‫إن تأكيد المشرع لكون جميع األحكام تصدر ابتدائية الدرجة ينصهر ضمن إرادته في تكريس‬
‫أوسع لمبدأ التقاضي على الدرجتين بالنسبة لجميع أصنافـ الدعاوى مهما كانت قيمة الطلب فيها ‪ ،‬على أن‬
‫هذا الموقف قد ينتج عنه إثقال كاهل المحاكم بقضايا بكون قيمة الطلب فيها زهيدا ‪ ،‬ولكن تحقيق حسن‬

‫الفصل ‪ 124‬جديد م‪ .‬إ ‪.‬ج المنقح بمقتضى القانون عدد ‪ 43‬لسنة ‪ 2000‬والمؤرخ في‬ ‫‪21‬‬

‫‪ 17 / 04 / 200‬ينص صراحة في فقرته األخيرة على ما يلي ‪ ":‬كما تنظر‪ .‬المحكمة‪ .‬االبتدائية‪.‬‬
‫المنتصبة‪ .‬بمقر محكمة‪ .‬استئناف ابتدائية‪ .‬في الجنايات"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫سير العدالة باعتباره الهدف األساسيـ الذي يصبو إليه المشرعـ يعلو عن اعتبارات الضغط المتزايد الذي‬
‫يواجه المرفق القضائي ‪.‬‬
‫لكن إذا كان تأثير دعوى المعارضة على تحديد مقدار درجة الحكم يكاد يصبح منعدما في إطار‬
‫الموقفـ التشريعي الجديد الرامي إلى تكريس مبدأ التقاضي على درجتين في جميع أصناف الدعاوى‬
‫المدنية منها والجنائية‪ ,‬فإن المتأمل في بعض النصوص يالحظ أنها ال زالت تنص على األحكام التي‬
‫تصدرـ نهائيا لدى محاكم الدرجة األولى بالنسبة لبعض الدعاوى ‪ ،‬وقد يكون وجودـ مثل هذه الحاالت هو‬
‫المبرر الوحيدـ في بقاء الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت دون تنقيح ‪ ،‬واألمثلة التي أبقى فيها‬
‫المشرع على الطابع النهائي لألحكام التي تصدرـ عن محاكم الدرجة األولى عديدة نذكر منها ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -1‬صورة الفصل ‪ 76‬من القانون عــــ‪ 28‬ـــدد لسنة ‪ 1994‬المؤرخ في ‪21 / 02 / 1994‬‬
‫المتعلق بنظام تعويض األضرارـ الناتجة عن حوادث الشغل واألمراض المهنية ‪ ،‬إذ جاء في الفقرة الثانية‬
‫منه ما يلي‪:‬‬
‫" ينظرـ قاضي الناحية نهائيا مهما كان مقدار الطلب في النزاعات المتعلقة بإسداء العالج‬
‫ومصاريفـ الدفن والغرامات اليومية وتحديد األجر وذلك في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ رفع‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫وينظرـ ابتدائيا في النزاعات المتعلقة بجرايات الوفاة والعجزـ الدائم من أجل حادث الشغل والمرض المهني‬
‫‪ " .‬في أجل ال يتجاوزـ الشهر من تاريخ تعهده بالنزاع‬

‫ومثال ذلك أن يتولى المتضرر من حادث شغل تقديم دعوى ضد الصندوقـ القومي للضمان‬
‫االجتماعي لطلب إلزامه بتسديدـ الغرامات المادية كتعويض عما أصابه من عجز دائم والتي تحتسب‬
‫انطالقاـ من تاريخ البرء النهائي ‪ ،‬فيطالبه المدعى عليه في إطار دعوى معارضة باسترجاعـ جزء من‬
‫الغرامات اليومية التي دفعت له خطأ باعتبار أن الغرامات اليومية تدفع للمتضرر إلى حد تاريخ البرء‬
‫النهائي وأنه تبين على إثر إجراء االختبارـ أن البرء النهائي قد حصل في تاريخ أسبق لتاريخ بقائه متمتعا‬
‫بالغرامات اليومية ‪.‬‬
‫وبناء عليه يطلب في إطار دعواه المعارضة استرجاعـ ما دفع من مبالغ مالية خطأ وبالتالي يكون‬
‫الحكم الصادر في الدعوى األصلية حكما ابتدائيا إذا ما كانت مرفوعة منفردة ويكون الحكم الصادرـ في‬
‫الدعوى المعارضة حكما نهائيا إذا قدمت بانفرادها ‪ ،‬غير أنه وطالماـ أصبحت القضية مشتملة على دعوى‬

‫‪29‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫أصلية وأخرىـ معارضة فإنه يتجه تطبيق الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ويتجه إصدارـ حكم‬
‫ابتدائي في الكل‪.‬‬
‫‪ -2‬صورة الفصل ‪ 113‬مكرر م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪ :‬ينص الفصل ‪ 113‬مكرر في فقرته الرابعة على أنه "‬
‫يقع البت في االعتراض بحكم غير قابل لالستئناف وذلك في أجل ال يتجاوزـ الثمانية أيام " ‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى األحكام الواردة بهذا الفصل يتضح أن االعتراض على قرار تسعيرة مصاريف وأجرة‬
‫االختبارـ يمكن أن يتم سواء من طرف الخبير أو من قبل أحد أطراف الدعوى الذي يكون مطالبا مبدئيا‬
‫بدفع أجرة االختبارـ ‪ ،‬ويجب أن يتولىـ المعترض استدعاء الطرف المقابل بواسطة عدل منفذ للحضورـ‬
‫بمكتب الحاكم الذي أصدر القرار في ميعاد أقصاه ثمانية أيام وإال سقط االعتراض‪.‬‬
‫وفيـ هذا اإلطار فإذا تولى الخبير االعتراض على قرار التسعيرة وطلب الترفيع في أجرته فإن‬
‫الطرفـ المقابل باعتباره هو المطالب باألداء يجوز له تقديم دعوى معارضة لطلب الحط من تلك األجرة ‪،‬‬
‫مع اإلشارة أن الحكم سواء في الدعوى األصلية أو في دعوى المعارضة سيكون نهائيا وبالتاليـ يبقى‬

‫الحكم برمته نهائيا ‪ ،‬وال تتصور وجودـ إمكانية لتطبيقـ ما ورد بالفقرة الثانية من الفصل‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫في هذا الخصوص باعتبار أن ما تضمنته من أحكام ال ينطبقـ سوى على صورة النزاع الذي يكون‬
‫متضمناـ لدعويين األولى يكون الحكم فيها ابتدائيا والثانية يكون الحكم فيها نهائيا‪.‬‬
‫على أنه إذا ما استثنيناـ صورة الفصل ‪ 430‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت المتعلقة بتسعيرـ المصاريف واألجور في‬
‫إطار دعوى التبتيت قد يتبادرـ إلى الذهن أنه يمكن للخبير أو للمطالب بدفع أجرة االختبارـ من الخصومـ أن‬
‫يتولى االعتراض على قرارـ التسعيرة في إطار الدعوى األصلية المأذون أثناءها بإجراء ذلك االختبار إال‬
‫أنه حسب اعتقادي ال يجوز القيام بدعوى معارضة في هذا الصدد باعتبار أن الخبير ليس طرفا في‬
‫الخصومة األصلية ومن ثمة فليست له صفة في القيام بدعوى معارضة والتي يجب أن توجه على المدعي‬
‫األصلي وال يمكن أن توجه على غيره من األشخاص الذين لم يشملهم النزاع األصلي ‪.‬‬
‫وبالتاليـ فإن صورة الفصل ‪ 113‬مكرر من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ال يمكن أن تندرج ضمن الصور التي يمكن‬
‫ان تشملها الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪ .‬وال يمكن أن يكون لدعوى المعارضة في هذا‬
‫المجال أي تأثير على درجة الحكم الصادرة في الدعوى األصلية المتعلقة باالعتراض على قرار تسعيرة‪.‬‬
‫‪ -3‬صورة الفصل‪ 441‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪ :‬ينص الفصل ‪ 441‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن " دائرة العقالت العقارية‬
‫التي يجب أن تجري أمامها البتة تختص وحدها بالنظر في جميع الدعاوى العارضة المنصوص عليها‬
‫بالفصول ‪ 433‬إلى ‪ 438‬و‪. 440‬‬
‫واألحكامـ الصادرة في تلك الدعاوى تكون غير قابلة لالستئناف ‪ ،".‬ويعني ذلك أن جميع األحكام‬
‫الصادرة في الدعاوى العارضة التي شملتها الفصول من ‪ 433‬إلى ‪ 438‬و ‪ 440‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت تكون نهائية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫‪ -4‬صورة الفصل ‪ 429‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪ :‬وهي تتعلق بقرار تسعير مصاريف إجراءات العقلة العقارية‬
‫وأجرة المحاماة ‪ ،‬إذ جاء في فقرته الثالثة ‪ " :‬وتبت المحكمة في االعتراض خالل الشهر بحكم غير قابل‬
‫لالستئناف"ـ ‪،‬ويعني ذلك أن الحكم الصادر في خصوص االعتراض على قرار تسعير المصاريف‬
‫واألجور يكون نهائيا وال يقبل الطعن إال بالتعقيب ‪.‬‬
‫‪ -5‬صورة الفصل ‪ 1‬من القانون عــــ ‪84‬ـــدد المؤرخ في ‪ 11 / 04 / 1958‬المتعلق بإحداث‬
‫خطة قاضيـ المنح العائلية ‪ ،‬إذ جاء فيه أن قاضي المنح العائلية ينظر في قضاياـ المنح العائلية المقدمة من‬
‫طرفـ مستحقيها باألصالة أو بالتبعية مهما كان مقدار الطلب فيها وأضاف أن الحكم الصادر فيها يكون‬
‫نهائيا إلى حدود خمسين ألف فرنكا وفيماـ زاد على ذلك فإنه يصدر ابتدائيا ‪.‬‬
‫ونستنتج من خالل ما سبق بيانه أن اتجاه المشرع وإن كان واضحاـ في حذف األحكام ذات الصبغة النهائية‬
‫تبعا لما أقره ضمن الفصلين ‪ 39‬و ‪ 40‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت فإنه أبقى على البعض منها في نصوص قانونية متفرقة‬

‫وذاك هـو الـتـبـريـر الـمـنــطـقـي الـوحـيــد لـمـحافـظـة الـمـشـرع عـلــى صـيـغـة الـفـقــرة األخـيــرة مـن‬
‫الفصل ‪ 28‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫الــخــــاتـــــمــــــــة‬

‫إن ما يتخلــل تحديــد الطبيعــة القانونيــة لــدعوى المعارضــة من صــعوباتـ ال يمكن أن يحجب عنــا صــبغتها‬
‫العرضية ‪ ،‬فال جدال حسب اعتقادنا من أنها دعوى طارئة الهدف منها الدفاع لرد االدعاء األصــلي ‪ ،‬وهي‬
‫بذلك تعد دعوى هجومية في مواجهة المدعي األصلي ‪ ،‬فالمــدعى عليــه ال يــرمي من خالل قيامــه بــدعوى‬
‫المعارضة إلى استصدار حكم يقضي برد دعوى المدعي فقــط بــل يســعى إلى أن يكــون الحكم الصــادر في‬
‫النزاع قاضياـ بمنفعة خاصة لفائدته‪.‬‬
‫وقدـ كرس المشرع التونسيـ من خالل الفصلين ‪ 28‬و ‪ 227‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت مبــدأ الثبــات النســبي للــنزاع من خالل‬
‫توسيع نطاقـ الخصومة بكيفية تتجاوزـ النطاق الذي رسم لها بعريضة افتتاح الــدعوى كلمــا تــوفرت رابطــة‬
‫كافية من جهة الموضوع أو السبب أو األطراف وذلك بغرض التوصل إلى حسم النزاع برمته عن طريــقـ‬
‫تجميع الطلبات في إطار قضية واحدة‪.‬‬
‫وان غاية المشرع من جمع شتات المنازعة المتداخلة والفصل فيهــا صــبرة واحــدة تتمثــل أساســا في تجنب‬
‫صدورـ أحكام متضاربة في دعاوى أصلية وعارضة ومعارضــة متصــلة ببعضــها اتصــاال وثيقــا ومن ثمــة‬
‫تحقيق العدالة الشاملة ‪،‬وحتى ال يجبر المدعى عليه على تكبد مصــاريفـ ونفقــات تقاضــي إضــافية بإمكانــه‬
‫تالفيهاـ بتقديم ادعائه في إطار الدعوى المعارضة ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫كما أن دعوى المعارضة التي يكون موضوعها طلب إجراء المقاصــة الحكميــة تحقــق للمطلــوب ربحــا في‬
‫الوقت وتجنبه خطر إعسار مدينه ‪.‬‬
‫غير أن ما أفرزه التطبيقـ القضائي من تكاثر في عدد الــدعاوى المعارضــة ال يجب أن يحجب عنــا تبعيتهــا‬
‫للدعوى األصلية ‪ ،‬ضرورة أنها ولئن انعقد اإلجماع حول أنهــا تمثــل عنصــرا أساســياـ من عناصــر الــنزاع‬
‫وتساهمـ في تحديد معالمــه ومن ثمــة تــؤثر تــأثيرا فــاعال على تحديــد وجــه الفصــل في الــنزاع ‪ ،‬فإنهــا تبقى‬
‫مرتبطة بالدعوى األصلية ارتباطاـ وثيقا سواء من حيث النشأة أو أثناء سير الدعوى أو من حيث مآلها ‪.‬‬
‫وفيـ هذا الخصوص ولئن يرى البعض أن دعوى المعارضــة يجب أن تحظى بنظــام قــانوني خــاص تتمتــع‬
‫من خالله بوجود مستقل عن الدعوى األصلية في صورة زوال هــذه األخـيرة ‪ ،‬فإننــا نعتقـد أنـه ال يجب أن‬
‫نغفل عن الهدف األساسيـ الذي جعل المشرعـ يقر بحق المدعى عليه في تقديم دعوى معارضــة أثنــاء ســير‬
‫الخصومة والمتمثل في تفتدي تضارب األحكـام وتحقيـق حسـن سـير العدالـة ‪ ،‬أمـا بقيـة األهـداف من ربح‬
‫الوقت والضغطـ على تكاليف التقاضي فهي تأتي في مرتبة ثانوية ‪.‬‬

‫وبناء على ذلك فإن المغاالة في تكريس استقاللية دعوى المعارضة عن الدعوى األصلية في صورة زوال‬
‫هذه األخيرة أو رفضهاـ لســبب من األســباب قــد يــؤدي إلى مخالفــة الهــدف الــذي من أجلـه شــرعت دعــوى‬
‫المعارضة ‪ ،‬والمتمثلة مثلما سبق بيانه في تفادي تضــارب األحكــام في مواضــيعـ مرتبطــة ارتباطـاـ وثيقــا ‪،‬‬
‫ضرورة أن الحكم الصادر بالطرح أو بالرفض وليس حكما قطعيا ‪.‬‬
‫ومن ثمة فإنــه من األرجح القــول بــأن دعــوى المعارضــة هي دعــوى هجوميــة كرســها المشــرع في إطــار‬
‫اإلجراءات االستثنائية والتي تبقى في تبعيــة دائمــة لإلجــراء األصــلي المتمثــل في اللجــوء إلى القضــاء من‬
‫خالل القيام بدعوى أصلية ‪ ،‬وبالتالي فإن دعوى المعارضة تضـمحل بــتراجع المـدعي األصـلي عن قيامــه‬
‫تكريساـ لقاعدة " الفرع يتبع األصل" ‪.‬‬
‫وعالوة على ما سبق فإن الحل الذي اعتمده المشرع ضمن الفصل ‪ 28‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت في خصوص تحديد درجة‬
‫الحكم الصادر في النزاع الذر يكون فيه أحـد الـدعويين ممـا يصـدرـ فيـه الحكم نهائيـا ‪ ،‬والـذي أقـر فيـه أن‬
‫الحكم في هذه الصورة يصدرـ ابتدائيا في الكــل فإنــه وإن كــان يتماشــى مــع أحكــام الفصــل ‪ 39‬قــديمـ المنقح‬
‫بالقانون عــــ ‪14‬ـــدد لسنة ‪ 1980‬المؤرخ في ‪/ 1980‬ـ ‪/ 04‬ـ ‪ 03‬الذي ينص في فقرتيه األولى والثانيــة‬
‫على أنه ‪ ":‬ينظر حاكم الناحية نهائيا في الدعاوى المدنية الشخصية والدعاوى المتعلقــة بــالمنقول ومطــالب‬
‫أداء الديون التجارية التي ال تتجاوزـ أهميتها خمس مائة دينـار ‪ ،‬ويحكم ابتــدائيا في نفس تلـك الـدعاوى إلى‬
‫نهاية ألف دينار "‪ ،‬فإنه لم يعد له مجال للتطــبيق في ظــل النظــام اإلجــرائي الجديــد المتعلــق بتحديــد درجــة‬
‫الحكم حيث ألغيت منــه صــيغة الحكم النهــائي ‪ ،‬أمــا في خصــوص مــا أشــرنا إليــه في تحليلنــا من وجــودـ‬

‫‪33‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫لنصوص قانونية ال زالت تعتمد على صيغة الحكم النهائي فإننا ال نعتقد أن تلـك الصـورـ المتفرقـة يمكن أن‬
‫توجد لها تطبيقات في المعنى الوارد به الفصل ‪ 28‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت في فقرته األخيرة ‪ ،‬وهــو مــا يســتوجب حســب‬
‫رأينا تدخل المشرع لتنقيحه‪.‬‬

‫الـمـخـطـط‬

‫تـــمــهيـد‬
‫الفصل األول‪ :‬شروط قبول الدعوى المعارضة‬
‫المبحث األول‪ :‬الشروط الشكلية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شرط االرتباط ‪*/‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اجراءات تقديم دعوى المعارضة ‪*/‬‬
‫طريقة تقديم دعوى المعارضة‬ ‫أ‪-‬‬
‫آجال تقديم دعوى المعارضة‬ ‫ب‪-‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الشروط الموضوعية‬


‫الفقرة األولى‪ :‬الشرط المتعلق برد الدعوى ‪*/‬‬

‫‪34‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫ـ الضيق لرد الدعوى األصلية‬


‫المفهوم‬ ‫أ‪-‬‬
‫المفهوم الموسع لرد الدعوى األصلية‬ ‫ب‪-‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشرط المتعلق بالمقاصة ‪*/‬‬
‫*‪ /‬الفقرة الثالثة‪ :‬الشرط المتعلق بغرم الضرر المتسبب عن النازلة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اثار ممارسة دعوى المعارضة‬

‫المبحث األول‪ :‬اثار ممارسة دعوى المعارضة على االختصاص‬


‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص الحكمي ‪*/‬‬
‫المحكمة المتعهدة محكمة مختصة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫المحكمة المتعهدة محكمة ذات اختصاص عام‬ ‫ب‪-‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاص الترابي ‪*/‬‬
‫أ‪ -‬الطبيعة القانونية لقواعد االختصاص الترابي‬
‫ب‪ -‬مدى تأثير دعوى المعارضة على االختصاص الترابي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار ممارسة دعوى المعارضة على درجة الحكم‬


‫الفقرة األولى‪ :‬الدعوى األصليَة معيار لتحديد درجة الحكم ‪*/‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬سحب مفعول مبدأ التقاضي على درجتين على الحكم النهائي ‪*/‬‬
‫الـــخـــاتمة‬

‫‪35‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫المراجع‬

‫مجلة المرافعات المدنية والتجارية ‪1/‬‬


‫قانون المرافعات المدنية الفرنسي‪2/‬‬
‫مجلة اإلجراءات الجزائية‪3/‬‬
‫نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1974‬الجزء ‪4/ 2‬‬
‫نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1981‬الجزء ‪5/ 1‬‬
‫نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪6/ 1992‬‬
‫‪.‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1998‬الجزء ‪7/ 1‬‬
‫‪.‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 2005‬الجزء ‪8/ 1‬‬
‫‪.‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1984‬الجزء ‪9/ 2‬‬
‫‪.‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪10/ 1987‬‬
‫‪.‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ 1977‬الجزء ‪11/ 2‬‬
‫‪.‬مجلة القانون والتشريع عدد‪ 1‬جانفي ‪12/ 1989‬‬
‫‪.‬مجلة األخبار القانونية مارس ‪13/ 2010‬‬
‫" أحمد أبو الوفاء " أصول المرافعات المدنية والتجارية ‪14/‬‬

‫‪36‬‬
‫الــــدعــــوى الـــــــــمـــعــــارضـــة‬

‫"محمد الحداد‪ "،‬الدفاع لرد الدعوى األصلية في الدعوى المعارضة ‪15/‬‬


‫‪Regine Genin – Meric , op. cit, N°16/ 6‬‬
‫‪J. Vincent et S. Guinchard, Procédure /17‬‬
‫‪civile, 27e éd., 2002, Précis, Dalloz, No‬‬
‫‪.1151-1‬‬

‫‪37‬‬

You might also like