You are on page 1of 52

‫المبحث األول ‪ :‬االتجاهات الفقهية في تأصيل المسؤولية المدنية الناجمة عن استعمال األدوات الطبية‬

‫ان التطور الذي شهده الطب من مختلف جوانبه ساهم و بنسبة كبيرة في انقاذ العديد من االفراد داخل‬
‫المجتمعات ‪ ،‬لكنه ساهم أيضا في تعرض المرضى الى حوادث وبأضرار متفاوتة ‪ ،‬فلقد تم انشاء أدوات طبية‬
‫يدوي ة ك انت أو أالت و أجه زة تتمت ع ب القوة الذاتي ة فب الرغم من مس اعدتها للط بيب في وص وله الى الغاي ة‬
‫المطلوب ة أال و هي ش فاء الم ريض اال ان ه أحيان ا م ا تس بب اض رار من الممكن ان ت ؤدي الى تف اقم حال ة‬
‫المريض و أحيانا الى الوفاة ‪ ،‬حيث ان هذه االضرار و اإلصابات التي يتعرض لها المرضى المتضررين في‬
‫غ الب األحي ان تبقى مجهول ة المص در ح تى أم ام األطب اء المختص ين ذو الخ برة الواس عة في اس تعمال ه ذه‬
‫األجهزة و األالت الطبية أو حتى المصنعين لها‪ . 1‬فتترتب على الطبيب مسؤولية مدنية اختلف أهل القانون‬
‫في تأصيلها فمنهم من ينسب أساسها الى الخطأ المفترض بينما أنصار هذا االتجاه اختلفوا كذلك في تأصيل‬
‫هذا الخطأ فمنهم من أنسب ركن الخطأ الى الخطأ في الحراسة أو بما يعرف بالخطأ الثابت و منهم من أرجعه‬
‫الى الخطأ في الرقابة ‪ ،‬فخالفا عن هذا الرأي ثمة رأي اخر يرجع أساس هذه المسؤولية المدنية الناشئة عن‬
‫استعمال األدوات الطبية الى تحمل التبعة و المخاطر و التي يقصد بها ما يتعرض له المرضى من إصابات‬
‫جراء استعمال األجهزة الطبية تأسيسا على قاعدتين قاعدة " الغرم بالغنم " و قاعدة االخطار المستحدثة ‪ ،‬ان‬
‫االتج اهين س الفي ال ذكر ين درجا ض من النظري ة التقليدي ة في إرس اء ه ذه المس ؤولية بينم ا ظه ر أتج اه ح ديث‬
‫يخالف االتجاهين السابقين و هذا بذهابه الى تأسيس هذه المسؤولية على فكرة الضمان أو االستقرار ‪ ،‬و رأي‬
‫أخ ر ض من االتج اه الح ديث و ه ذا ب دوره ذهب أيض ا الى فك رة الض رر دون الخطأ‪ . 2‬بن اءا على م ا س بق‬
‫تطرقنا في مبحثنا هذا الى أساس المسؤولية المدنية عن استخدام األدوات الطبية استنادا الى النظرية التقليدية‬
‫من حجج اراء و االنتقادات التي واجهتها ( المطلب األول ) ‪ ،‬إضافة الى اآلراء المندرجة تحت حجج االتجاه‬
‫الحديث ( المطلب الثاني ) ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النظريات الشخصية في تأسيس المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية‬

‫ان الغاي ة من االجته ادات القض ائية و الفقهي ة في المج ال الط بي م اهي اال محاول ة في إيج اد ط رق لحماي ة‬
‫المرض ى من اإلص ابات و االض رار ال تي يتع رض له ا المرض ى ج راء اس تعمال األجه زة و األدوات الطبي ة‬
‫سواء في مرحلة العالج او مرحلة التشخيص او حتى في مرحلة الجراحة ‪ ،‬و هذا بتفسيرهم للفقرة األولى من‬
‫نص الم ادة ‪ 1384‬من الق انون الم دني الفرنس ي وتنص على أن ‪ « :‬الم رء مس ؤول ليس فق ط عن الض رر‬
‫الذي يسببه بفعله ‪ ،‬وإ نما أيضا عن الضرر الناجم عن أفعال األشخاص الذين يكون المرء مسؤوال عنهم أو‬
‫عن أشياء يخضع المرء لسيطرته »‪ ، 3‬التي تقابل المادتين ‪ 178‬من القانون المدني المصري و‪ 231‬من القانون‬

‫‪ 1‬محمد رايس‪ ،‬نطاق وأحكام المسؤولية المدنية لألطباء واثباتها‪ ،‬دار هومه للطباعة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2012 ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪ 2‬زينة قدرة لطيف‪ ،‬المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية‪ ،‬دار المركز العربي‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2021 ،‬ص‬
‫‪.88‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Code civil : Chapitre II : Des délits et des quasi-délits, Article 1384,‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/codes/article_lc/LEGIARTI000006438840/2009-06-02/, 08/04/2023, à 00 :52.‬‬

‫‪1‬‬
‫المدني العراقي و المادة ‪ 138‬من القانون المدني الجزائري ‪ ،‬فلقد جاء تفسيرهم بنسب هذه المسؤولية في‬
‫حالة وجود عقد تطبيب بين الطبيب و المريض الى الفقرة األولى من المادة ‪ 1384‬التي تعالج النظرية العامة‬
‫للمس ؤولية عن األش ياء ‪ ،‬و ه ذا بتأسيس هم ه ذه الم ادة على فك رة الخط أ المف ترض افتراض ا قانوني ا ال يقب ل‬
‫إثبات العكس مع إعف اء المضرور من عبئ إثب ات الخط أ و نقل هذا العبء الى عاتق المس ؤول ‪ ،‬و ه ذا من‬
‫أج ل ض مان اس تحقاق الم ريض المتض رر حق ه من التع ويض‪ ، 1‬ف البرغم من اتف اق بعض الفقه اء م ع فك رة‬
‫الخطأ اال أنهم اختلفوا في تأصيل هذا الخطأ المفترض و هذا ما جاءت به المادة ‪ 231‬من القانون المدني‬
‫العراقي التي تقوم هي كذلك على فكرة الخطأ المفترض و لكن افتراضا بسيطا قابل ألثبات العكس‪ ، 2‬إضافة‬
‫اال انه بالرغم من توافق انصار هذا االتجاه على فكرة الخطــأ اال انهم اختلفوا أيضا في نوع هذا الخطأ و قد‬
‫الق ه ذا االش كال اهتمام ات كب يرة من القض اة و الفقه اء ‪ ،‬ف البعض منهم ينس ب الخط أ الم ذكور في الفق رة‬
‫األولى من نص الم ادة ‪ 1384‬من الق انون الم دني الى الخط أ في رقاب ة الش يئ مح ل الحراس ة بينم ا البعض‬
‫االخر ينسب الخطأ الى الخطأ في الحراسة و هذا كما ذكرنا سابقا ‪ ،‬لقد تطرقنا الى تقسيم هذا المطلب الى‬
‫ف رعين‪ ،‬تناولن ا في الف رع األول فك رة الخط أ في الرقاب ة كأس اس للمس ؤولية ‪ ،‬بينم ا في الف رع الث اني تناولن ا‬
‫فكرة الخطأ في الحراسة ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬فكرة الخطأ المفترض كأساس للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية‬

‫تنص الم ادة ‪ 138‬من الق انون الم دني الجزائ ري على ‪ " :‬ك ل من ت ولى حراس ة ش يء و ك انت ل ه ق درة‬
‫االستعمال و التسيير ‪ ،‬و الرقابة ‪ ،‬يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي أحدثه ذلك الشيء ‪.‬‬

‫و يعفى من ه ذه المس ؤولية الح ارس للش يء إذا أثبت أن ذل ك الض رر ح دث بس بب لم يكن يتوقع ه مث ل عم ل‬
‫الض حية ‪ ،‬أو عم ل الغ ير ‪ ،‬أو الحال ة الطارئ ة ‪ ،‬أو الق وة الق اهرة ‪ "3.‬نالح ظ من خالل نص ه ذه الم ادة أن‬
‫المشرع الجزائري لم يذكر بصريح العبارة مصطلح " الخطأ " سواء كان مفترضا أو غير مفترض ‪ ،‬لكن هذا‬
‫لم يمنع االجتهاد القضائي من االستناد على فكرة الخطأ المفترض ‪.‬‬

‫ففي حالة تصفح قرارات المحكمة العليا فيما يخص مسؤولية حارس الشيء منذ االستقالل الى اآلن ‪ ،‬يتبين‬
‫لن ا االتج اه الغ ير مس تقيم في تأص يل ه ذه المس ؤولية فأحيان ا م ا تنس ب ه ذه المس ؤولية الى الخط أ المف ترض و‬
‫أحيانا ما تنسبها الى المسؤولية المفترضة و تارت ما تأسسها على قوة القانون ‪ ،‬فقد أسست المحكمة العليا‬
‫مس ؤولية ح ارس الش يء غ ير الحي على أس اس الخط أ و في ه ذا الص دد فق د ق الت في ق رار م ؤرخ في‬
‫‪ ": 1982/03/17‬أن ه من المب ادئ المس تقر عليه ا أن خط أ ح ارس الش يء غ ير الحي مف ترض م تى نتج عن ه‬
‫ض رر ‪ ،‬و ال يعفى من مس ؤولية التع ويض الم دني و ل و حكم ببرائت ه جزائي ا ‪ ،‬اال اذا أثبت أن الض رر ك ان‬

‫‪ 1‬اسعد العبيد الجميلي ‪ ،‬الخطأ في المسؤولية الطبية المدنية ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬العراق ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 2011 ،‬ص ص ‪. 387 386‬‬
‫‪ 2‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 138‬من األمر رقم ‪ 75‬ـ ‪ 58‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبرـ سنة ‪ 1975‬المعدل و المتمم بالقانون رقم ‪ 07‬ـ ‪ 05‬المؤرخ في مايو سنة ‪ ، 2007‬ص‬
‫‪. 32‬‬

‫‪2‬‬
‫بسبب الضحية أو الغير أو حصل نتيجة ظروف طارئة أو قوة قاهرة عمال بالمادة ‪ 138‬من القانون المدني‬
‫الجزائري "‪ 1.‬فرغم تخلي القضاء الفرنسي عن فكرة الخطأ كأساس لمسؤولية الحارس منذ سنة ‪ ، 1930‬اال‬
‫أن االجتهاد القضائي الجزائري ال زال يعتد بفكرة الخطأ في الرقابة‪. 2‬‬

‫و تأسيسا على هذا نتطرق الى مفهوم الخطأ المفترض { أوالً } ‪ ،‬ثم الى األساس الذي نسب اليه أنصار هذه‬
‫الفكرة نظرية الخطأ ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم الخطأ المفترض ‪:‬‬

‫‪ _ 1‬مفهوم الخطأ التقصيري لغة و اصطالحا ‪:‬‬

‫الخطأ لغة ‪ :‬الخطأ لغة هو ضد الصواب ‪ ،‬ضد الواجب لذلك يقال أن الخطأ اذا سلك سبيال‬
‫مخالفا للمسلك الصحيح عمدا أو غير عمد كما تعرض الفقهاء لتعريف الخطأ بقولهم ‪ ":‬ما ليس لإلنسان فيه‬
‫‪3‬‬
‫قصد ‪ ،‬فانتفاء قصد الشيء لفاعله موجب لوصفه مخطأ "‬

‫_الخط أ اص طالحا ‪ :‬لق د اختلفت التعريف ات في ش ان الخط أ اص طالحا فق د عرف ه " األص وليون " بأن ه‬
‫كل ما يصدر عن المكلف من قول أو فعل خال من ارادته ‪ ،‬و غير مقترن بقصد ‪ ،‬بينما عند " شراح القانون‬
‫" تكون الجريمة غير عمدية اذا وقعت نتيجة إجرامية بسبب خطأ الفاعل و يعتبر متوافرا سواء توقع الفاعل‬
‫نتيجة فعله أو امتناعه و حسب أنه في اإلمكان اجتنابها أو توقعها ‪ ،‬و كان ذلك في استطاعته أو من واجبه أو‬
‫هو الفعل الحاصل دون وجه حق الغير‪. 4‬‬

‫‪ _2‬مفهوم الخطأ التقصيري قانونيا ‪:‬‬

‫لم يحدد المشرع الجزائري تعريف الخطأ لما فيه من الدقة و الصعوبة ‪ ،‬و لكن الرأي الراجح فقها و‬
‫اء أن الخط أ " ه و االنح راف عن س لوك الرج ل المعت اد م ع ادراك الش خص ل ذلك ‪ ،‬و بعب ارة أخ رى هي‬
‫قض ً‬
‫االخالل بااللتزام القانوني الذي يفرض على كل شخص عدم االضرار بالغير و أن يراعي في سلوكه الحيطة‬
‫و التبص ر ح تى ال يض ر بغ يره ‪ ،‬و ه ذا االل تزام ه و ال تزام بب ذل عناي ة و ليس بتحقي ق نتيج ة و بالت الي اذا‬
‫انحرف عن هذا السلوك أعتبر مخطئا و استلزم ذلك قيام مسؤوليته "‪. 5‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أساس نظرية الخطأ المفترض في قيام المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية‬

‫‪( 1‬كهينة‪)2013 ،‬‬


‫‪( 2‬فياللي‪)2015 ،‬‬
‫‪ 3‬صالح فايز العدوان ‪ ،‬المسؤولية المدنية عن اآلالت و األشياء الخطرة ‪ ،‬رسالة استكمالية لدرجة الماجيستار في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪،‬‬
‫األردن عمان ‪ ،‬كانون الثاني ‪ ، 2019 ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 5‬محمد المهدي بكراوي ‪ ،‬مليكة جامعي ‪ ،‬االتجاهات الحديثة في نظرية المسؤولية المدنية ‪ ،‬جامعة أدرار ‪ ،‬الجزائر ‪ 23 ،‬ماي ‪، 2013‬ص ‪. 27‬‬

‫‪3‬‬
‫لقد كان الفقه التقليدي يرى بأن أساس المسؤولية الناشئة عن األشياء تقوم على الخطأ واجب االثبات‬
‫و هذا اس تنادا لألحك ام العام ة للمسؤولية للمدني ة في " ق انون ن ابوليون " ‪ ،‬لكن مع تزاي د عدد الض حايا و هذا‬
‫بسبب التطور الذي شهدته مختلف القطاعات الصناعية و التكنولوجيا إضافة الى صعوبة إثبات خطأ المسؤول‬
‫‪ ،‬أدى الى محاولة الفقه و رجال القضاء إيجاد طريقة أخرى أكثر فعالية في التصدي لإلصابات الناتجة عن‬
‫ه ذا التط ور و خاص ة في المج ال الط بي ‪ ،‬حيث تم إعتم اد و جه ة نظ ر جدي دة في ش رح الفق رة األولى من‬
‫الم ادة ‪ 1384‬من الق انون الم دني الفرنس ي و ال تي ك ان مفاده ا األس اس الق انوني ال تي تق وم علي ه المس ؤولية‬
‫المدنية عن فعل األشياء هو الخطأ المفترض إفتراضا قانونيا ال يقبل إثبات العكس ‪ ،‬و بهذا أعفي الضحايا و‬
‫المرض ى المتض ررين من األدوات الطبي ة من ع بئ إثب ات خط أ الط بيب المس ؤول و أص بح من الس هل عليهم‬
‫المطالبة بمسؤولية الحارس عن فعل الشيء‪ ، 1‬لقد جاءت المادة ‪ 131‬المعدلة بالمرسوم اإلشتراعي رقم ‪51‬‬
‫الص ادر في ‪ 5‬تش رين الث اني س نة ‪ 1932‬مؤي دة لفك رة الخط أ المف ترض حيث نص ت على أن الح ارس يك ون‬
‫مسؤول عن األشياء الجامدة منقولة كانت أو غير منقولة و هذا من ناحية اإلصابات و االضرار التي تسببها‬
‫للغير سواء كانت تحت مراقبة الحارس الفعلية و بإرادته أو خارج سيطرته ‪ ،‬حيث أن الحارس ال يكفي أن‬
‫ينفي عن عاتقه الخطأ بل البد أن يثبت السبب األجنبي سواء كان عبارة عن خطأ من المضرور نفسه أو كان‬
‫ق وة ق اهرة ال ي د للمس ؤول فيها‪ ، 2‬ان أنص ار ه ذه النظري ة التقليدي ة ق اموا بتفس ير خط أ المس ؤول على أن ه‬
‫تقصير الحارس في رقابة الشيء محل حراسته فلوال إهماله لهذا الواجب لما ألحق هذا الشيء ضررا بالغير ‪،‬‬
‫ف إذا تع رض الغ ير الى ضرر جراء فع ل الش يء أف ترض أن هذا الح ارس لم يقم بواجب الرقابة‪ ، 3‬و تأسيسا‬
‫على هذا إتجه أصحاب هذا الرأي و بناءا على فكرة الخطأ المفترض إلى محاولة تخفيف عبء إثبات الخطأ‬
‫الذي يقع على عاتق المضرور و مقابال لهذا توسيع الواجبات على كاهل المسؤول عن الفعل الضار ‪ ،‬كما‬
‫ج اء في مذكرة المشروع التمهيدي للق انون المدني المص ري في حكم الم ادة ‪ 247‬و الم ادة ‪ 178‬المقابل ة لها‬
‫من ذات الق انون حيث تم اإلش ارة إلى الت دخل اإليج ابي لألدوات و األجه زة الطبي ة لقي ام مس ؤولية الط بيب او‬
‫الج راح أثن اء قي امهم بمه امهم الطبي ة‪ ،‬و ه ذا م ا نص علي ه أص حاب فك رة الخط أ بأن ه يكفي للم دعي إثب ات‬
‫الضرر في المسؤولية عن األشياء دون الحاجة إلى إثبات كل من الخطأ و الضرر و العالقة السببية كما ورد‬
‫من قبل في المسؤولية التقصيرية ‪ ،‬و بهذا تقوم مسؤولية الطبيب المسؤول دون إثبات المدعي للخطأ ‪ ،‬كونه‬
‫مفترض ا ‪ ،‬في المقاب ل ي ترتب على الط بيب أو الج راح المس ؤول أن يثبت الس بب األجن بي أو أن يثبت خط أ‬
‫المض رور لينفي عن ه س بب و ق وع الض رر‪ ، 4‬كم ا اعت بر أنص ار فك رة الخط أ المف ترض ان المس ؤولية عن‬
‫األشياء هي مسؤولية تبادلية ال مجتمعة و يقصد بها مسائلة الطبيب المسؤول دون مسائلة طاقمه الطبي و هذا‬
‫نسبة الى السلطة التي يتمتع بها الطبيب المسؤول عن طاقمه من تسيير و مراقبة سواء للطاقمه الطبي من إذا‬

‫علي فياللي ‪ ،‬االلتزامات الفعل المستحق للتعويض ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬موفم للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2015 ،‬ص ‪. 215‬‬ ‫‪1‬‬

‫موريس نخله ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 219‬‬ ‫‪2‬‬

‫علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 216‬‬ ‫‪3‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 91 90‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫ك ان الممرض ين ذات كف اءة مهني ة كافي ة لمزاول ة مهن ة الطب أو من ناحي ة ج ودة األجه زة و األدوات الطبي ة‬
‫لتجنب تع ريض المرض ى إلص ابات غ ير مرغ وب فيه ا أو إس اءة ح التهم المرض ية ‪ ،‬إض افة الى إف تراض‬
‫أنصار هذا الرأي خطأ الشخص المميز فقط و هذا على عكس الصغير الغير مميز و المجنون حيث ال يمكن‬
‫إفتراض أخطائهم‪.1‬‬

‫‪_1‬فكرة الخطأ في القانون المدني المصري ‪:‬‬

‫أن الفق ه المص ري ك ان من مؤي دي فك رة الخط أ المف ترض كأس اس للمس ؤولية عن حراس ة األش ياء حيث‬
‫إعتبروا أن هذا الخطأ خطأ مفترض إفتراضا قانونيا ال يقبل إثبات العكس و هذا ما جاء في نص المادة ‪178‬‬
‫مدني ‪ ،‬فقد صرحت محكمة النقض المصرية في آخر حكم لها في ‪ 1991/05/15‬بأن ‪ ... :‬مناط المسؤولية‬
‫عن األش ياء قب ل ح ارس الش يء وفق ا لنص الم ادة ‪ 178‬من الق انون الم دني و على م ا ج رى ب ه قض اء ه ذه‬
‫المحكمة هو ثبوت فعل الشيء و إحداث الضرر ‪ ،‬فإذا ثبت ذلك أضحى الخطأ مفترض في حق الحارس ‪،‬‬
‫بحيث ال يدرؤه اال أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي ال يد له فيه ‪ ، 2 "...‬و بهذا نالحظ أن محكمة‬
‫النقض ذهبت في تطبيقها لنص المادة ‪ 178‬من القانون المدني المصري الى قيام مسؤولية الحارس سرعان‬
‫م ا يثبت فع ل الش يء مح ل الحراس ة معرض ا الغ ير الى أض رار و إص ابات متفاوت ة فتتحق ق فك رة الخط أ‬
‫المفترض على عاتق الحارس المسؤول عن الشيء ‪ ،‬حيث أننا نالحظ أيضا في هذا الحكم أن محكمة النقض‬
‫أعفت المض رور تمام ا من عبء إثب ات خط أ المس ؤول في المقاب ل نقلت ه ذا العبء الى ع اتق المس ؤول في‬
‫نفيه بإثبات السبب األجنبي من قوة قاهرة أو خطأ المضرور نفسه ‪.‬‬

‫فه ذا ه و فح وى ه ذه النظري ة ‪ ،‬بمع نى أن ه م تى أح دث ه ذا الش يء ض ررا للغ ير ف ان المتض رر يس تحق‬


‫تعويضا عما تعرض له من إصابات و أضرار دون أن يلزم هذا األخير بإثبات خطأ الحارس‪. 3‬‬

‫‪ _ 2‬فكرة الخطأ في القانون المدني العراقي ‪:‬‬

‫إضافة الى القانون المدني العراقي الذي هو كذلك اتفق مع القانون المدني المصري على اعتماد فكرة الخطأ‬
‫المفترض كأساس للمسؤولية عن حراسة الشيء و هذا بإشارتهم الى سطلة التصرف التي يتمتع بها حارس‬
‫الش يء ‪ ،‬فتق وم مس ؤولية ك ل من ط رأ من ه تقص ير من ك ان تحت تص رفه أجه زة ميكانيكي ة و أدوات تس تلزم‬
‫حيطة و عناية خاصة و هذا من أجل الوقاية من تأثيراتها السلبية‪ ، 4‬فإن األدوات و األجهزة الطبية هي من‬
‫الآلالت المصنفة في خانة األشياء الخطرة فهي تستلزم إلستعمالها السليم الحيطة و الحذر أي أنه يجب على‬
‫الطبيب أن يكون ذو خبرة كافية ‪ ،‬إضافة أنه من الالزم معاينة هذه األجهزة من قبل مختصين في المجال ‪.‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 92‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 96‬‬ ‫‪2‬‬

‫المسؤولية عن األشياء في القانون المدني الجزائري ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬ ‫‪3‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 93‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫لقد جاء فيه أيضا ‪ ،‬أنه لكي يعفي المسؤول عن عاتقه المسؤولية البد عليه من تهديم رابطة السببية بين‬
‫الخطأ و الضرر الناتج عنه ‪ ،‬لكن في حالة ما اذا استطاع المسؤول نفي المسؤولية عليه فإن تبعة االضرار‬
‫يتحملها المضرور ال المسؤول فال ينال تعويضا‪ ، 1‬حيث أننا نالحظ طبقا لما سبق أن الطبيب المسؤول في‬
‫حالة ما تعرض أحد مرضاه الى ضرر جراء األجهزة و األدوات الطبية المستعملة ‪ ،‬ال يستطيع أن ينفي عن‬
‫نفسه المسؤولية المترتبة عليه حتى لو استطاع نفي الخطأ عنه و هذا استنادا لفكرة الخطأ المفترض ‪ ،‬أي البد‬
‫عليه أن يثبت السبب األجنبي الذي ال يد له فيه و إال لن يستطيع إسقاط المسؤولية عن عاتقه ‪.‬‬

‫‪ _3‬االنتقادات التي واجهت نظرية الخطأ المفترض ‪:‬‬

‫لقد القت فكرة الخطأ رجحانا كبيرا و خاصة في فرنسا خالل الفترة الواقعة ما بين عامي ‪ 1869‬حتى سنة‬
‫‪ ، 19302‬اال أنها تعرضت ألنتقادات كثيرة و هذا من أنصار فكرة الخطأ في الحراسة ‪ ،‬فمن بين االنتقادات‬
‫ال تي تعرض ت له ا أن ه بم ا أن المس ؤولية تق وم على فك رة الخط أ المف ترض فمن الط بيعي أن يعفى المس ؤول‬
‫بإنتف اء الخط أ اال أن االجته اد القض ائي لم يس مح ب ذلك‪ ، 3‬و له ذا ص رح نق اد فك رة الخط أ المف ترض ب أن‬
‫المسؤولية القائمة على الخطأ المفترض هي في األصل مسؤولية بدون خطأ ‪ ،‬و هذا بسبب التناقض الكلي اذ‬
‫ال يمكن للمس ؤول نفي مس ؤوليته ح تى و ل و نفي عن ه الخط أ ‪ ،‬ففي حال ة م ا تم التع رض لض رر بس بب عيب‬
‫مجهول في الجهاز المستعمل ‪ ،‬و يتم إثبات عدم خطأ الطبيب فتقوم مسؤوليته حتى بإنتفاء الخطأ ‪ ،‬فهل يوجد‬
‫خط أ هنا‪ 4‬؟ إض افة الى جع ل أنص ار ه ذه النظري ة قرين ة الخط أ قرين ة قاطع ة و ه ذا م ا يخ الف ك ون الق رائن‬
‫القانونية القاطعة ال تكون اال بنص تشريعي‪ ، 5‬نالحظ ان االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ المفترض‬
‫واقعية الى حد كبير فكيف ال تنفى المسؤولية بإنتفاء أساسها ؟ ففي هذه الحالة ان هذا األساس الذي زعم به‬
‫أنصار هذا الرأي ال وجود له من األصل ‪.‬‬

‫لق د أص درت محكم ة النقض الفرنس ية في ‪ 1930/02/13‬من دوائره ا المجتمع ة مص طلح" اف تراض‬
‫المس ؤولية " ‪ ،‬و ه ذا من أج ل تف ادي النق د ال ذي تعرض ت ل ه فك رة الخط أ المف ترض ‪ ،‬اال أنه ا لم تس لم ه ذه‬
‫الفكرة أيضا من النقد ‪ ،‬فلقد عرضت عليها تساؤالت عديدة نذكر منها ‪:‬‬

‫ماذا كانت تقصد محكمة النقض من مصطلح " إفتراص المسؤولية " ؟‬ ‫‪‬‬
‫فهل كانت تقصد الرابطة السببية بين الخطأ و الضرر ؟‬ ‫‪‬‬
‫أم كانت تقصد سحب ركن الخطأ من العالقة السببية ؟‬ ‫‪‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 94‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 3‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 219‬‬


‫‪ 4‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 98‬‬
‫‪ 5‬المسؤولية عن األشياء في القانون المدني الجزائري ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬

‫‪6‬‬
‫لق د تم اإلجاب ة عن هات ه األس ئلة ‪ ،‬و ه ذا قرين ة الرابط ة الس ببية هي في الحقيق ة قرين ة بس يطة في جمي ع‬
‫حاالته ا ‪ ،‬بحيث أن ه يب اح إثب ات عكس ها و به ذا ال يتغ ير في االم ر ش يئا ‪ ،‬أم ا بنس بة لس حب ركن الخط أ من‬
‫المسؤولية ‪ ،‬فإن االجتهاد الفرنسي الزال بفكرة الخطأ كأساس للمسؤولية فهذا االحتمال مستبعد كليا ‪،‬‬

‫فض ال عن ذل ك ان الخط أ ه و واقع ة قانوني ة أي أن ه من الممكن افتراض ه ‪ ،‬على عكس المس ؤولية هي نتيج ة‬
‫قانوني ة فمن غ ير الممكن أن يتم افتراض ها ‪ ،‬و به ذا ال يمكن اف تراض مس ؤولية الم دعى علي ه فإم ا أن يك ون‬
‫مسؤوال أو غير مسؤول‪.1‬‬

‫و تأسيسا على ما سبق اتجه الفقهاء الى فكرة ال تبتعد عن فكرة الخطأ اال و هي فكرة الخطأ في الحراسة‬
‫{‪. } La Faute Dans La Garde‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الخطأ في الحراسة كأساس للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية‬

‫ان االنتق ادات ال تي تعرض ت له ا فك رة الخط أ المف ترض أدت الى ظه ور فك رة الخط أ في الحراس ة‬
‫كأس اس ق انوني للمس ؤولية الناش ئة عن األش ياء ‪ ،‬حيث أن فح وى ه ذه الفك رة يق وم على أن ه يق ع على ح ارس‬
‫الش يء ال تزام ق انوني و ال ذي يتمث ل في الحراس ة الفعلي ة للش يء حيث أن االخالل به ذا االل تزام يعت بر افالت‬
‫الشيء من الحراسة الفعلية للحارس أي ما يقصد به خطأ في الحراسة‪.2‬‬

‫حيث أن ه ذا الخط أ مفترض ا افتراض ا ال يقب ل اثب ات العكس فيتطلب على المس ؤول أن يثبت الس بب األجن بي‬
‫ل دفع عن ه المس ؤولية فق د أك د أنص ار هذه النظري ة أن هذا الخط أ هو خط أ ث ابت و به ذا ال يمكن التخلص من‬
‫المسؤولية بنفي الخطأ بل البد من اثبات السبب األجنبي الذي ال يد له فيه ‪ .3‬و هذا ألن هذا االلتزام هو التزام‬
‫بتحقيق نتيجة و ليس ببذل عناية فال يملك الحارس وسيلة لدفع المسؤولية اال بدفع السبب األجنبي‪.4‬‬

‫استنادا على نتطرق الى مفهوم مختصرلألخطأ في الحراس ة { أوال } ‪ ،‬ثم الى األساس الذي تقوم عليه هذه‬
‫النظرية { ثانيا } ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم الخطأ في الحراسة ‪:‬‬

‫‪ _1‬مفهوم الحراسة ‪:‬‬

‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 99‬‬


‫‪ 2‬المسؤولية عن األشياء في القانون المدني الجزائري ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬
‫‪ 3‬محمد خالد عودة ‪ ،‬مسؤولية حارس األشياء و اآلالت الميكانيكية بين الخطأ و الضرر في القانون المني الفلسطيني _دراسة تحليلية_ ‪ ،‬مجلة األبحاث‬
‫القانونية و السياسية ‪ ،‬المجلد ‪ ، 03‬العدد ‪ ، 2021 ، 02‬ص ‪. 55‬‬
‫‪ 4‬مونة مقالتي ‪ ،‬األسس الجديدة للمسؤولية المدنية ‪ ،‬محاضرات ألقيت و قدمت الى طلبة السنة أولى دكتوراه ‪ ، LMD‬جامعة ‪ 08‬ماي ‪ ، 1945‬قالمة ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ، 2020_ 2019‬ص ‪. 20‬‬

‫‪7‬‬
‫ع رف المش رع الحراس ة في الفق رة األولى من الم ادة ‪ 138‬م دني على أنه ا ق درة الش خص على‬
‫استعمال و تسيير و رقابة الشيء‪ .1‬و هذا عل عكس المشرع الفرنسي الذي لم يتطرق الى تعريف مصطلح‬
‫الحراسة مشيرا فقط الى السلطات التي يتميز بها حارس الشيء هذا ما جعل االجتهادات القضائية الفرنسية‬
‫تعمل عل تفسير هذه المصطلحات ‪ ،‬فقد مرت بعدة تعريفات بعد ما اعتبرت هذه الحراسة قانونية ثم حراسة‬
‫مادية أصبحت في األخير عبارة عن الحراسة المعنوية أو الفعلية‪.2‬‬

‫‪_2‬مفهوم الخطأ في الحراسة ‪:‬‬

‫بعد التطرق الى مفهوم الحراسة ‪ ،‬فان الخطأ في الحراسة هو عبارة عن فقد السلطة على الش يء ‪ ،‬أي أن‬
‫الحارس يفقد سلطة التسيير و المراقبة و االستعمال ‪ ،‬خارجا عن ارادته ‪،‬‬

‫و هذا ما يقصد به افالت زمام الشيء من يده حارسه ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أساس نظرية الخطأ في الحراسة‬

‫إن االل تزام ال ذي ج اءت ب ه ك ل من الم ادتين ‪ 1/1384‬و الم ادة ‪ 1385‬من الق انون الم دني الفرنس ي ك ان‬
‫يقص د ب ه الحراس ة الفعلي ة للش يء أي الحراس ة المادي ة ‪ ،‬و به ذا ع دم افالت الش يء مح ل الحراس ة ك ون ه ذا‬
‫االلتزام لم يقصد به منع األشياء من االضرار بالغير ‪ ،‬بل يستلزم على الحارس أن يحافظ على الشيء تحت‬
‫سيطرته المادية ‪ ،‬فبمجرد أن يتعرض الغير لضرر بفعل هذا الشيئ فانه ال شك ان الح ارس أخل بإلتزامه‬
‫فيترتب علي ه حينئ ذ تعويض المض رور عن م ا أص ابه‪ ،‬اذن الخط أ في الحراس ة يتحقق كلم ا أفلت الش يء من‬
‫الرقابة المادية و التسيير المادي للشخص المكلف به قانونا‪ ، 3‬فبمجرد أن يثبت المضرور أن هذا الشيء محل‬
‫الحراسة قد أفلت من الحراسة المادية للحراس ُيثبت خطأ الحارس‪.4‬‬

‫فقد جاء التقنين المدني الجديد بالنص المطلوب ‪ ،‬معيرا فيه التطورات االقتصادية و الصناعات الناشئة ‪ ،‬فلم‬
‫يعمم المس ؤولية القائم ة على األس اس المف ترض لتش مل الش يء بص فة مطلق ة ‪ ،‬ب ل قص رها على األش ياء ال تي‬
‫تتطلب عناية خاصة من اآلالت الميكانيكية و هي مرحلة من مراحل التطور التي مر بها القضاء الفرنسي ‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 178‬من هذا التقنين على ما يأتي ‪ " :‬كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية‬
‫خاص ة أو حراس ة آالت ميكانيكي ة يك ون مس ئوال عم ا تحدث ه ه ذه األش ياء من ض رر ‪ ،‬م ا لم يثبت أن وق وع‬
‫الضرر كان بسبب أجنبي ال يد له فيه ‪ ،‬هذا مع عدم االخالل بما يرد في ذلك من أحكام خاصة "‪. 5‬‬

‫‪ 1‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 193‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 194‬‬
‫‪ 3‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 217‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 5‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام _مصادر االلتزام_ ‪ ،‬المجلد الثاني ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬بيروت_ لبنان ‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪ ، 2000 ،‬ص ‪. 1227‬‬

‫‪8‬‬
‫بالعودة للمادة ‪ 1384/1‬فلقد أكد أنصار هذا الرأي االلتزام المحدد على الحارس هو التزام بتحقيق نتيجة ‪،‬‬
‫حيث أن مضمون هذا االلتزام هو منع الشيء من الغير بضرر ‪ ،‬فالخطأ هنا هو ترك الحارس الشيء الذي‬
‫بحوزت ه أن يفلت من الحراس ة الفعلي ة إض افة الى فق دان الس يطرة علي ه ‪ ،‬في ترتب حينئ ذ إخالل ب االلتزام‬
‫المنصوص عليه في المادة المذكورة أعاله ؛ دون الخلط بين فقد الحراسة المادية و بين نقلها للغير ‪ ،‬الن فقد‬
‫الحراس ة المادي ة ه و افالت الش يء من الح ارس دون ارادت ه بينم ا نق ل الحراس ة للغ ير فه و نقله ا ب إرادة‬
‫الحارس ‪ ،‬لقد جاء الفقيه "‪ "Mazeaud‬بان فقدان التوجيه المادي على الشيء محل الحراسة أي فقدان الرقابة‬
‫المادية ال يعفي الحارس من المسؤولية المترتبة عليه بحيث أنه يفقد التوجيه المعنوي على الشيء المتمثل في‬
‫س لطة االم ر علي ه ‪ ،‬ك ون ه ذه الس لطة هي ال تي على أساس ها فرض ت المس ؤولية فالح ارس يظ ل ملتزم ا‬
‫بالحراسة حتى لو كان الشيء محل الحراسة ال يطيع حارسه‪.1‬‬

‫لقد تم تأييد فكرة الخطأ في الحراسة في كل من القانون المدني المصري و العراقي ‪ ،‬حيث جاء الدكتور"‬
‫سليمان وقس " بأنه بمجرد حدوث الضرر فان الخطأ في الحراسة هو خطأ ثابت و القرينة التي ُيقوم عليها‬
‫هذه الفكرة هي افتراض رابطة السببية بين الخطأ في الحراسة و الضرر الواقع مع استبعاد السبب األجنبي‬
‫في وق وع الض رر ‪ ،‬في المقاب ل يجب على المض رور اثب ات أن الش يء أفلت من زم ام حارس ه ؛ ام ا الق انون‬
‫العراقي فلقد خالف فكرة عدم القابلية لنفي الخطأ و هذا ما جاءت به المادة ‪ 231‬حيث تأذن لحارس الشيء‬
‫أن يدفع عنه المسؤولية و هذا بنفي الخطأ عنه‪. 2‬‬

‫لقد واجهت فكرة الخطأ في الحراسة هي أيضا مجموعة من االنتقادات فمن اهم األسئلة التي طرحت عليها‬
‫هو هل هذا االلتزام له وجود قانوني أم له وجود واقعي ؟ و َلم لَ ْم يكن هذا االلتزام التزام ببذل عناية و ليس‬
‫بتحقيق نتيجة ؟‬

‫ان االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ الثابت نصت على أنه ال يمكن التسليم بهذا االلتزام ألنه ليترتب‬
‫على الشخص التزام ما ال بد أن تكون له القدرة الكافية لتحمله و بهذا عند اخالله بااللتزام ينتج عنه الخطأ ‪،‬‬
‫أما بالنسبة لطبيعة االلتزام الذي تم ادراجه ضمن التزام بتحقيق نتيجة فانه من غير الواقع ان الحارس يوفق‬
‫دائم ا في تحقي ق نتيج ة أال و ه و من ع الش يء من اإلفالت و إص ابة الغ ير بض رر ألن ه ذا االل تزام ال يمكن‬
‫تحقيقه في جميع الحاالت حيث أنه في بعض األحيان ينفذ الحارس التزامه بطريقة صحيحة مع الحيطة الكافية‬
‫و عناية خاصة اال انه ما يطرأ عليه سبب يؤدي الى االخالل بهذا االلتزام‪.3‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 100 99‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 101‬‬ ‫‪2‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 102 101‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪9‬‬
‫لق د أج اب " جول د م ان " ه و ك ذلك على هذا التس اؤل و ه ذا بقول ه أن ه ذا االلتزام هو ال تزام بب ذل عناي ة‬
‫حيث ان الح ارس من الممكن أن يتخ ذ جمي ع االحتياطي ات الالزم ة من أج ل تف ادي افالت زم ام الش يء من‬
‫رقابته و حراسته الفعلية اال أنه يفلت مسببا أضرارا للغير‪. 4‬‬

‫اذا طبقنا هذا النقد على أرض الواقع نجد أن " جولد مان " قد أصاب في رأيه ‪ ،‬ألنه من الممكن أن يخرج‬
‫الش يء من س يطرت حارس ه ب الرغم من اتخ اذه لجمي ع اإلج راءات االزم ة من معاين ة األجه زة و تعقيمه ا و‬
‫فحصها من قبل مختصين اال انه و بمساعدة عوامل طبيعية يفلت هذا الشيء من زمام الحارس مسببا أضرارا‬
‫و إصابات للغير ‪.‬‬

‫و من ناحي ة أخ رى ان اختي ار الخط أ مقياس ا لتع يين الح ارس أعطى الح اس مض مونا ذاتي ا ال يتالءم م ع‬
‫طبيع ة م ع طبيع ة مس ؤولية الح ارس الش يئية من جه ة ‪ ،‬و من جه ة أخ رى أض فى على الخط أ لون ا نظري ا‬
‫موضوعيا ال يأتلف مع المضمون الذاتي لفكرة الخطأ ‪ ،‬فلقد حدد األستاذان ‪Henri et Mazeaud‬‬

‫الفكرة العامة للخطأ و هذا بالقول بأن الخطأ ‪ " :‬انحراف في المسلك الذي ال يأتيه الشخص المتبصر الذي هو‬
‫في نفس الظروف الخارجية المحيطة بالمدعى عليه " و بهذا فان فكرة الخطأ في الحراسة تختلف تماما عما‬
‫جاء في التعريف السابق للخطأ ‪ ،‬كما أضاف الدكتور " محمد لبيب شنب " أن فكرة الخطأ الثابت هي نظريه‬
‫قاصرة ألنه في حالة ما اذا ساهم المضرور في استعمال هذا الشيء دون مقابل فانه سيمنع من حق التمسك‬
‫بالحماية و هذا بسبب مساهمته في الخطأ ‪ ،‬فلقد انتهى القضاة و الفقه باسنادهم هذه الفكرة الى قواعد االخالق‬
‫فقط‪. 2‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النظريات الموضوعية للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية‬

‫ان االنتقادات التي تعرضت لها النظريات التقليدية القائمة على فكرة الخطأ { الخطأ المفترض ‪ ،‬الخطأ في‬
‫الحراسة } أدت باالجتهادات القضائية و الفقهية الى محاولة إعادة تفسير الفقرة األولى من نص المادة ‪1384‬‬
‫من الق انون الم دني الفرنس ي ‪ ،‬و ه ذا باالس تغناء عن ركن الخط أ من ض من أرك ان المس ؤولية المدني ة‪ ،‬حيث‬
‫تمثلت ه ذه النظري ات في ثالث نظري ات أساس ية ‪ :‬نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر و ال تي ج اءت ك رد على‬
‫االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ في الحراسة ‪ ،‬إضافة الى نظرية الضمان و االستقرار التي تسعى‬
‫الى حماي ة المض رور كه دف أساس ي له ا ‪ ،‬حيث تعرض ت ه ذه األخ يرة الى انتق ادات أدت الى ظه ور نظري ة‬
‫ثالث ة تمثلت في فك رة الض رر { ‪ } Le Dommage‬ال ذي يص يب المض رور ‪ ،‬لق د قس منا ه ذا المطلب ثالث‬
‫ف روع تناولن ا في الف رع األول نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر بينم ا الف رع الث اني تناولن ا نظري ة الض مان و‬
‫االستقرار و أخيرا الفرع الثالث تطرقنا فيه الى نظرية الضرر ‪.‬‬

‫‪ 4‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ 2‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 103‬‬

‫‪10‬‬
‫الف‪22‬رع األول ‪ :‬نظري‪22‬ة تحم‪22‬ل التبع‪22‬ة و االخط‪22‬ار كأس‪22‬اس للمس‪22‬ؤولية المدني‪22‬ة الناجم‪22‬ة عن اس‪22‬تخدام األدوات‬
‫الطبية‬

‫لق د س عى الفقه اء في البحث عن أس س جدي دة تس تند اليه ا أحك ام مسؤولية الح ارس و هذا بس بب عجز‬
‫فكرة الخطأ في تفسيرها فتم اقتراح نظرية تحمل التبعة و المخاطر و التي يقصد بها المخاطر المتسببة في‬
‫االضرار ‪ ،‬مس تبعدة تمام ا ركن الخط أ فال تع يره أي اعتب ار ‪ ،‬ان من بين الم ذاهب الفلس فية التي ك انت وراء‬
‫ظه ور نظري ة التبع ة الم ذهب العلمي الوض عي ال ذي اعتنقت ه المدرس ة اإليطالي ة في مج ال العل وم المس ؤولية‬
‫المدنية فان غرضها هو تعويض الضرر و ليس مجازات الفعل و لذا يتعين استبعاد الخطأ كأساس للمسؤولية‬
‫و االكتف اء بالض رر لقيامه ا ‪ ،‬إض افة الى الم ذهب الم ادي ال ذي اعتم ده الفق ه األلم اني و مف اده أن الع برة في‬
‫الق انون بالمظ اهر الخارجي ة و يقص د به ا اإلرادة الظ اهرة و أن حق وق و واجب ات األف راد تمث ل عناص ر في‬
‫الذمة المالية فال يمكن عندئذ تأسيس المسؤولية على الخطأ كونه عنصر نفسي و لما كان التعويض باعتباره‬
‫واجبا فهو عالقة بين ذمتين ماليتين افتقرت أحدهما بفعل صاحب الذمة المالية الثانية فيؤسس التعويض على‬
‫عنصر االفتقار ‪ ،‬بينما المذهب التاريخي الذي أنصاره أنه لما كان القانون وليد البيئة ينمو و يتطور بتطور‬
‫البيئة و من ثم فال يعقل التمسك بتطبيق قاعدة قانونية وضعت في ظروف معينة في حالت تغير هذه الظ روف‬
‫تغيرا جذريا ‪ ،‬فال يمكن االستمرار في تطبيق المسؤولية المدنية على أساس الخطأ التي تم وضعها في بداية‬
‫القرن ‪ 19‬حيث كان المجتمع يتميز باقتصاد زراعي و صناعة حرفية فكانت الحوادث جد نادرة و هذا عكس‬
‫الوضع بعد الثورة الصناعية‪." 1‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم نظرية تحمل التبعة و االخطار ‪:‬‬

‫لقد جاء مؤيدي نظرية المخاطر أن كل نشاط يمكن أن ينتج ضررا فيكون صاحب هذا النشاط مسؤوال‬
‫عما ينتجه في حالة ما اذا تسبب هذا األخير في إيقاع ضرر بالغير و لو كان سلوكه مجرد من الخطأ ففي‬
‫ه ذه الحال ة ف ان المس ؤولية ال تتص ل تمام ا بفك رة الخط أ فبمج رد تحق ق عنص ري الض رر و العالق ة الس ببية‬
‫يترتب التعويض‪ ، 2‬حيث حاول انصار هذه النظرية مواجهة القواعد التقليدية التي باتت ال تنسجم مع واقع‬

‫‪ 1‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ص ‪. 156 158 220‬‬


‫‪ 2‬نورة جبارة ‪ ،‬مسطرة إجرائية ‪ ،‬مختارات من أشغال الملتقى الوطني حول ‪ :‬مستقبل المسؤولية المدنية ‪ ،‬الجزء األول ‪ 28 ،‬جانفي ‪ ، 2020‬جامعة‬
‫محمد بوقرة _بومرداس_ كلية الحقوق و العلو السياسية قسم القانون الخاص ‪ ،‬ص ‪ . 12‬أنظر الرابط ?‪https://www.google.co.in/url‬‬
‫‪sa=t&source=web&rct=j&url=http://dlibrary.univ-boumerdes.dz:8080/bitstream/‬‬
‫‪123456789/6997/1/%25D9%2586%25D8%25B8%25D8%25B1%25D9%258A‬‬
‫‪%25D8%25A9%2520%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25AE‬‬
‫‪%25D8%25A7%25D8%25B7%25D8%25B1%2520%25D9%2588%25D8%25AA%25D8%25A3%25D8%25AB%25D9%258A‬‬
‫‪%25D8%25B1%25D9%2587%25D8%25A7%2520%25D8%25B9%25D9%2584%25D9%2589%2520%25D8%25A7%25D9‬‬
‫‪%2584%25D9%2585%25D8%25B3%25D8%25A4%25D9%2588%25D9%2584%25D9%258A‬‬
‫‪%25D8%25A9%2520%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25AF%25D9%2586%25D9%258A‬‬
‫‪%25D8%25A9.pdf&ved=2ahUKEwiPoan-rcX-‬‬
‫‪.AhWRFMAKHaUYD40QFnoECBAQBg&usg=AOvVaw3i8HFJef3j2bcVb6SRSm4E‬‬

‫‪11‬‬
‫الحوادث و المخاطر التي شهدت تصاعدا و تعقيدا ‪ ،‬فيضل التطور المذهل الذي عرفته المجتمعات الحديثة‬
‫بفضل ادراج التكنولوجيا و اآللة في النشاط اإلنساني و قد عبر األستاذ المعروف "جسران" عن ذلك بقوله ‪" :‬‬
‫أن مشكلة المسؤولية المدنية التي ستواجهها في الوقت الحاضر أكبر ممن يتصور فقهاء روما أو الفقهاء ال ذين‬
‫وضعوا قانونا المدني ‪ ،‬فازدحام الحياة العصرية و تشابكها و تعقدها و ازدياد المخاطر و األخطار بشكل لم‬
‫يكن ل ه نض ير من قب ل ‪ ،‬كش ف القن اع عن ع دم كفاي ة النظري ة التقليدي ة القديم ة ال تي وض عت لمجتم ع تس وده‬
‫الروح الفردية الرأسمالية و في زمن كانت الحياة االجتماعية فيه أقل رقيا و تقدما "‪، 1‬‬

‫كم ا أض اف هذا األخير مستندا على نص الفق رة األولى من الم ادة ‪ 1384‬مدني فرنسي ‪ ،‬حيث يرى ب أن‬
‫ه ذه الفق رة من مدون ة ن ابليون ال تي لم ت ذكر الخط أ كش رط الزم لقي ام المس ؤولية عن الض رر الح ادث بفع ل‬
‫األشياء التي تكون في حراسته فيسأل عن الضرر فقط دون اإلشارة الى ركن الخطأ ‪ ،‬و بهذا يلخص الفقيه‬
‫‪ Josserand‬صاحب هذه النظرية الى القول بأن القانون المدني الفرنسي يقر ضمنيا بفكرة تحمل التبعة و‬
‫األخطار‪. 2‬‬

‫اذ ال يمكن تص ور مس ؤولية من دون ض رر و عالق ة س ببية ‪ ،‬على عكس من ذل ك يمكن تص ور قيامه ا‬
‫من دون خطأ‪. 3‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أساس نظرية تحمل التبعة و االخطار ‪:‬‬

‫كم ا س بق و ذكرن ا أن أس اس نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر ين درج ض من النظري ات الموض وعية ال تي‬
‫ظه رت في مج ال الق انون حيث تق وم ه ذه الفك رة على عنص رين أساس ين يتمثال في نفي ركن الخط أ حيث ال‬
‫يعتبر ركن مشترط لقيام هذه المسؤولية فتم استبعاده و هذا عكس ما تطرقنا له في فكرة الخطأ ‪ ،‬إضافة الى‬
‫تحدي د الش خص المس ؤول الى المس تفيد و ه و الش خص المنتف ع من اس تعمال األش ياء الخاص ة و الخط رة ال تي‬
‫أفض ت الى ت رتب مخ اطر االنتف اع { ‪ ،} Risque Profit‬بينم ا الش خص المس ؤول الث اني ه و الش خص ال ذي‬
‫يستخدم أو يعتمد على آالت من شأنها أن تولد مخاطر و التي تعرف بالمخاطر المستحدثة { ‪Risque crée‬‬
‫أخب روا بهذه‬
‫} ‪ ،‬و ينسحب هذا على الخبير و الفقيه في عالم القانون { ‪ } Labbe‬الذي كان من األوائل من َ‬
‫الفكرة بالرغم من أنه كان حرصا على فكرة الخطأ الى غاية سنة ‪،1890‬‬

‫فأص بح ينتس ب الى فك رة تحم ل التبع ة حيث أنس ب منبت ه ذه المس ؤولية الى من ط رأ عن فعل ه مخ اطر‬
‫مستحدثة تأثر بها الغير فيستلزم حينئذ على المسؤول أن يتولى تحمل تبعتها و هذا بتعويضه للضرر ‪ ،‬حيث‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ص ‪. 13 12‬‬


‫‪ 2‬عمر بن الزوبير ‪ ،‬التوجه الموضوعي للمسؤولية المدنية ‪ ،‬أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القانون ‪ ،‬جامعة الجزائر كلية الحقوق سعيد حمدين ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 2017 2016‬ص ‪. 349‬‬
‫‪ 3‬عبد المقصود محمد شعيب محمد ‪ ،‬المسؤولية الموضوعية من حيث األساس و التطبيق ‪ ،‬كليات الخليج _ المملكة العربية السعودية ‪ ،‬م‪2021/1442‬ه ‪،‬‬
‫ص ‪ . 11‬أنضر الرابط ‪https://www.google.co.in/url?sa=t&source=web&rct=j&url=https://jdl.journals.ekb.eg/‬‬
‫‪article_209799_ea0ac68d44b0e8745acd5d3832390082.pdf&ved=2ahUKEwiPoan-rcX-‬‬
‫‪. AhWRFMAKHaUYD40QFnoECBMQAQ&usg=AOvVaw3u92HvMdY4HUsJQkt5lSlw‬‬

‫‪12‬‬
‫ق ال ‪ " :‬ان من ي دخل في المجتم ع لفائدت ه الشخص ية ش يئا من ش أنه أن يض اعف المخ اطر ال تي يتع رض له ا‬
‫الناس ‪ ،‬يتعين عليه أن يستغني عن فائدة هذا الشيء ‪ ،‬أو يعوض اآلخرين عما يصيبهم من انفجار هذا الشيء‬
‫أو انكساره " ‪.1‬‬

‫ان أنصار هذا الرأي أكدوا أن حارس الشيء يجب أن يسأل عن الضرر المسبب من طرف هذا الشيء‬
‫محل حراسته و هذا دون االهتمام ما اذا كان الحارس ارتكب خطأ أم ال و ذلك ألنه استفاد من استعمال هذا‬
‫الشيء فترتب عن هذا االستعمال مخاطرة مستفاد هو منها الن هذه المخاطر يجب أن يقابلها غنم و ربح‪. 2‬‬

‫لقد جاء أصحاب هذا الرأي بأنه اذا تمت مطالبة الضحايا بإقامة الدليل عل خطأ الطبيب يعد ارهاقا لهم و‬
‫ض ياعا لحق وقهم خصوص ا أن ه هنال ك العدي د من الح وادث الغامض ة ال تي يستعس ر اثب ات خط أ المس ؤول فيه ا‬
‫حتى لو تم االستعانة بذو خبرة فنية و بهذا نكون قد ضحينا بمصالح الطبقة الضعيفة لمصلحة الطبقة القوية و‬
‫هذا منافي ألس اس العدال ة التي نس عى له ا ‪ ،‬ف اذا وق ع ح ادث من ِمن المف ترض أن يتحم ل التبع ة ه ل يتحملها‬
‫الطرف المتضرر{ المرضى } الذي كان له تدخل سلبي في الحادث ؟ أم يتحملها الطرف المسؤول { الطبيب‬
‫أو الج راح ‪ }...‬ال ذي ك ان ل ه ت دخل إيج ابي في الح ادث و ق د ك ان ذا فائ دة تع ود علي ه فيجب علي ه حينئ ذ أن‬
‫يدفع ثمن هذا الضرر ‪ ،‬أما في حالة لم يكن مستفيد فقد كان ينبغي عليه أال يأتيه‪. 3‬‬

‫عالوة على ذلك استغنى الفقيه " ‪ " Salleilles‬عن فكرة الخطأ استنادا للمادة ‪ 1384/1‬من القانون المدني‬
‫الفرنسي مشير الى أنه يكفي لقيام مسؤولية المدعى عليه أن يثبت المدعي رابطة السببية بين الضرر و الفعل‬
‫الناتج عن المسؤول ‪ ،‬ان المسؤولية ضمن فكرة تحمل التبعة تعتد باألثر الظاهري ‪-‬الخارجي‪ -‬أي ما يترتب‬
‫عنه ا و به ذا فهي مس ؤولية موض وعية ش يئية ال ذاتي ة و المس ؤول عنه ا ه و الش خص المس تفيد أو المنتف ع ‪،‬‬
‫فاس تنادا له ذه الفك رة ف ان الض رر ال ذي يص يب الم ريض ج راء عيب في جه از األش عة ح تى ل و انتفى خط أ‬
‫االخصائي فان انتفاء خطأه ال يؤثر على قيام مسؤوليته‪.4‬‬

‫انقس م أنص ار ه ذه النظري ة الى قس مين ؛ منهم من ي رى أن ه ذه الفك رة تق وم على أس اس الغ رم ب الغنم‬
‫{ ‪ } Risque-Profit‬و التي يسأل فيها حارس الشيء عن األضرار التي تسبب فيها للغير جراء استخدامه‬
‫لشيء كان هو منتفع منه ‪ ،‬و قسم آخر يرى بأنه يتحمل الحارس مسؤولية الشيء الذي في حراسته و هذا‬
‫ج راء اس تخدامه في نش اطاته ‪ ،‬حيث يس تحدث عن د اس تعماله ه ذا الش يء أخط ارا فيتعين علي ه تحم ل النت ائج‬
‫المترتبة عن هذه األخطار‪.5‬‬

‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 106 105‬‬


‫‪ 2‬موريس نخله ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 222‬‬
‫‪ 3‬مختار قوادري ‪ ،‬تراجع فكرة الخطأ الطبي في القانون المدني المقارن ‪ ،‬دفاتر السياسة و القانون ‪ ،‬العدد الثالث عشر ‪ ،‬جامعة سعيدة ‪ ،‬جوان ‪، 2015‬‬
‫ص ‪ { . 342‬بالرغم من أن فكرة التبعة من المذاهب المادية اال أن البعض من أنصارها هجر فكرة الخطأ من أجل تحقيق العدالة المثالية فليس بمعنىـ أنهم‬
‫ماديو النزعة و ينظرون الى العالقات على أنها عالقات مادية }‬
‫‪ 4‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ص ‪. 108 107 106‬‬
‫‪ 5‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 221 220‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ :1‬أنصار فكرة الغرم بالغنم "‪: "Risque-Profit‬‬

‫ي رى الق ائلين به ذه النظري ة أن ه ليس من الع دل أن يتف ع البعض على حس اب البعض اآلخ ر أي أن يس تأثر‬
‫شخص بثمرات األشياء المملوكة له و يترك مخاطرها لغيره ‪ ،‬و أن األخذ بنظرية تحمل التبعة و االخطار‬
‫في مجال المسؤولية عن األشياء من شأنه تحقيق توازن في العالقات داخل المجتمع و في هذا الصدد يقول‬
‫الفقي ه ‪ Esmein‬في تعليق ه على حكم محكم ة النقض الفرنس ية الص ادر في ‪: 1898 / 04 / 12‬‬
‫{ ‪ ...‬أن أي شخص يستخدم من الوسائل ما يمكن ان ينشأ عنها خطر و ذلك لغرض الوصول إلى هدف ما‬
‫سواء ك ان ذل ك بنفس ه أم عن طريق األخ رين ‪ ،‬فعلي ه أن يتحم ل عبء المسؤولية الناش ئة عن األض رار التي‬
‫يتسبب في وقوعها ‪ ،‬و ذلك في مقابل الفوائد التي يجنيها من المشروع الذي يعمل لحسابه ‪ ،‬سواء كانت هذه‬
‫الفوائ د زهي دة أم كب يرة ‪ ،‬كم ا يق ع علي ه عبء إص الح االض رار ال تي تص يب الع املين لدي ه و ل و لم يكن ثم ة‬
‫خطأ ينسب إليه و لو أنه اتخذ االحتياطات االزمة لمنع وقوع الضرر إال إذا كان الضرر ناشئا بفعل المصاب‬
‫أو الغير ‪ ، 1}...‬فيتحمل اذا الشخص المسؤول االخطار الناتجة عن االستعانة بهذا الشيء و مقابل ما الفوائد‬
‫الذي يجنيها منه ‪ ،‬فتطبيقا لقواع العدالة فإن لكل امرئ ثمرة عمله‪، 2‬‬

‫كما ذكرنا سابقا ‪ ،‬فان أنصار هذه الفكرة يعتبرون كل من كانت له فائدة من استعمال هذا الشيء كان عليه‬
‫أن يتحمل ما يترتب عن هذا الشيء محل الحراسة من أضرار ‪ ،‬فالطبيب أو الجراح أو أي ما كان تخصصه‬
‫فهو يستعمل األدوات و األجهزة الطبية لتسهل عليه سواء تشخيص المرض أو اعمال عملية جراحية أو حتى‬
‫في الح االت االس تعجالية و ه ذا خاص ة في وقتن ا الح الي ال ذي ال يك اد أن ينج ز الط بيب عمل ه من دونه ا ‪،‬‬
‫فبالرغم من تطورها الذي سهل عمل الطبيب اال أنها تسبب أضرارا لمرضاه فيتعين هنا على الطبيب تحمل‬
‫تبعة ما تسببه هذه األدوات ‪.‬‬

‫و تأسيس ا له ذا ‪ ،‬نص أص حاب ه ذه النظري ة أن متب وع الط بيب ال يس أل عن االض رار ال تي تس ببها ه ذه‬
‫األدوات و هذا ألنه ال يستعملها لحسابه الخاص و بهذا ال يعد حارسا بل هو يستعملها لحساب متبوعه ‪ ،‬كذلك‬
‫في حالة نيابة الطبيب سواء كانت هذه النيابة قانونية أو اتفاقية فقط فالنائب هنا ال يحاسب عن استعماله لهاته‬
‫األدوات ألن تص رفاته ت رد الى األص يل ‪ ،‬اال في ح الت تحق ق العلم ل دى الن اس بغي اب الط بيب لف ترة طويل ة‬
‫كدراسته في الخارج مثال فتكون المسؤولية هنا على الطبيب النائب و هذا كون الطبيب األصيل ال ترد اليه‬
‫ه؛‬ ‫ا نائب‬ ‫تي يجريه‬ ‫ة ال‬ ‫ات الجراحي‬ ‫ر العملي‬ ‫وله على أج‬ ‫دم حص‬ ‫ة كع‬ ‫أي منفع‬
‫فبهذا تقوم مسؤولية األطباء { أخصائي االشعة ‪ ،‬أخصائي التحاليل ‪ ،‬الجراح ‪ }...‬عن االضرار التي يحدثها‬
‫تابعوهم بالمرضى أثناء مزاولة مهنتهم‪. 3‬‬

‫‪ 1‬عمر بن الزوبير ‪ :‬الرسالة السابقة ‪ ،‬ص ‪. 350‬‬


‫‪ 2‬دنية ثابت ‪ :‬التوجه الموضوعي للمشرع الجزائري في المسؤولية المدنية ‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في الحقوق ‪ ،‬جامعة محمد بوضياف _المسيلة_‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ ، 2022 2021 ،‬ص ‪ . 28‬أنظر الرابط‬
‫‪. https://eu.docworkspace.com/d/sANrG0H3u9buKAdbGhtewpxQ‬‬
‫‪ 3‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 109 108‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ :2‬أنصار فكرة األخطار المستحدثة "‪: "Risque-crée‬‬

‫ي رى أنص ار ه ذا االتج اه أن الح ارس ال ذي يس تعمل أش ياء ك انت تحت حراس ته الفعلي ة في نش اطاته‬
‫فتستحدث بدورها اخطارا للغير كاإلصابات التي يتعرض لها المرضى مثال بسبب أدوات طبية خاصة‬

‫كون هذه األخيرة هي عبارة عن أشياء خطرة لها قوة ذاتية قد تمكنها من اإلفالت من سيطرت حارسها عند‬
‫استعمالها حيث أن هذه النظرية اقتصرت على هذا النوع من األشياء ‪ ،‬و هذا ما أخد به المشرع المصري في‬
‫المادة ‪ 187‬مدني اذ تقتصر المسؤولية عن فعل األشياء على األضرار التي تتسبب فيها ‪ ..." :‬أشياء تتطلب‬
‫حراستها عناية خاصة أو حراسة آالت ميكانيكية ‪ ، "...‬و عكس هذا فإن المادة ‪ 138‬مدني جزائري ال تأخد‬
‫‪1‬‬
‫بهذا التمييز و ال تفرق بين األشياء الخطرة و تلك التي ال تنطوي على أي خطر‪.‬‬

‫يقصد بنظرية تحمل تبعة الخطر المستحدث كل من وضع شيئا خطرا في االستعمال ‪ ،‬فمن استعمل ش يئا و‬
‫كان على دراية بأن له أخطارا عند استخدامه فهو يكون قد استحث اخطارا في الوقت ذاته في جانب الغير ‪،‬‬
‫و هذا االستحداث ال يعد خطأ و بهذا فان التعويض هو عبارة عن جبر للضرر و ليس عقابا ‪،‬‬

‫فأحيانا ما يتعرض من كان برفقة المريض ألضرار بالرغم من عدم تعرضهم للعالج و هذا على سبيل المثال‬
‫األجه زة ذات األش عة ال تي تس تخدم في مج ال الط بي الن ووي ‪ ،‬فمن بين األش خاص األك ثر عرض ت للخط ر‬
‫المرأة الحامل فهذه األشعة تأثر على الجنين سلبيا فقد تعرضه للتشوهات ‪ ،‬و هذا ما أدى الى إقامة مسؤولية‬
‫المش روع الن ووي { ال دولي و الوط ني } على أس اس مب دأ الموض وعية متخ ذين الض رر كأس اس ق انوني م ع‬
‫إعفاء المضرور من إقامة الدليل على خطأ المدعى عليه ‪ ،‬كون هذا النوع من المشاريع يستحدث نشاطات‬
‫في قمة الخطورة و بهذا يستلزم على المسؤولية النووية بالتعويض لجبر الضرر‪. 2‬‬

‫أما القانون المدني المصري لقد جاء مستبعدا لفكرة تحمل التبعة و المخاطر سواء في نطاق المسؤولية الناش ئة‬
‫عن األشياء وصوال الى القواعد العامة في المسؤولية و هذا ألنه أقام مسؤولية الحارس بسبب الضرر الناتج‬
‫عن تدخل األشياء محل الحراسة دون اشتراط ما اذا أغنم الحارس من استعماله هذا الشيء أم ال ‪ ،‬ما لم يتم‬
‫اثبات السبب األجنبي‪.3‬‬

‫ثالثا ‪ :‬االنتقادات التي واجهت فكرة تحمل التبعة و االخطار‬

‫لقد تعرضت فكرة تحمل التبعة كغيرها من النظريات الى انتقادات بالرغم من أنها القت تأييدا من العديد من‬
‫فقه اء الق انون ‪ ،‬فب الرجوع لنص الم ادة ‪ 138‬م دني جزائ ري تنص على " ك ل من ت ولى حراس ة ش يء ‪"...‬‬
‫فقوامها القانوني اذن الحراسة و هذا عكس ما جاء في فكرة التبعة التي ترجع مسؤولية الحارس الى المنفعة‬

‫علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 221‬‬ ‫‪1‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 110 109‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪15‬‬
‫االقتص ادية أو الى األخط ار‪ ، 1‬حيث أنن ا نالح ظ أن ه ذه النظري ة عممت ك ل النش اطات ال تي تنتج عنه ا‬
‫االض رار بأنه ا نش اطات منتف ع منه ا ‪ ،‬حيث أن ه من الممكن ع دم االنتف اع من ه ذه النش اطات ‪ ،‬فتنتج عنه ا‬
‫أضرار تصيب الغير اذا تأسيسا على هذه النظرية أنه من الممكن أن يدفع المسؤول المسؤولية عنه اذا أثبت‬
‫عدم انتفاعه من النشاط الممارس و هذا مخالفا لمبدأ العدالة الذي يلجأ رجال القانون لتحقيقه ‪.‬‬

‫إضافة أن هذه النظرية تقتصر فقط على األشياء التي تتطلب عناية خاصة دون األشياء البسيطة أي أنه في‬
‫حال ة م ا ذا ك ان الش يء مح ل الحراس ة خ ارج خان ة األش ياء ال تي تتطلب عناي ة خاص ة فال تج د ه ذه النظري ة‬
‫م بررا للمس ؤولية‪ 2‬ه ذا على عكس م ا ج اء ب ه المش رع الجزائ ري ال ذي لم يح دد األش ياء ال تي تق وم عليه ا‬
‫المسؤولية ‪ ،‬بل جعل مفهوم مصطلح الشيء شامال ‪.‬‬

‫ان هذه النظرية تأدي ال محا َل الى نتيجة اجتماعية خطيرة ‪ ،‬و هي أنها تقتل روح المبادرة في االنسان ‪ ،‬مما‬
‫تجع ل االف راد ينف رون عن النش اطات االقتص ادية حيث أنهم يكون ون بص دد م واجهتهم ألم رين ‪ :‬ام ا أن يق وم‬
‫المسؤول بتأمين كل ما يملكه ‪ ،‬و اما أن يمتنع من أي نشاط من شأنه أن ينتج عنه أضرار ‪ ،‬فيتراجع األطباء‬
‫فاس تخدام م ا تط ور من أجه زة ال تي من ش أنها أن تس اعد في اس عاف و انق اذ العدي د من المرض ى خاص ة‬
‫األجهزة التي تحتاج لحارس ذو كفاءة و خبرة كافية‪. 3‬‬

‫لقد تم االعتماد على هذه النظرية في الكثير من القواعد العضوية من بينها القضاء الفرنسي ‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫موقف القضاء الجزائري في تبني فكرة تحمل التبعة بعد االستقالل حيث على ما يبدو أنه لم يأخذ بها و هذا‬
‫م ا ج اء ب ه الدكتور علي علي س ليمان بقول ه ‪ ":‬ف إني لم أع ثر على أي حكم ل ه ي دل على األخذ به ا ‪ ،‬و أعتقد‬
‫_فيما أعلم_ أنه لم يعتنق هذه النظرية "‪.4‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬فكرة الضمان كأساس للمسؤولية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية‬

‫بعد االنتقادات التي تعرضت لها فكرة تحمل التبعة ظهرت نظرية جديدة المتمثلة في نظرية الضمان ‪،‬‬

‫تقوم هذه النظرية على أنه من أهم حقوق االنسان حق التمتع بالصحة و السالمة من االضرار و اإلصابات‬
‫التي من الممكن أن يتعرض لها جراء ممارسة البعض حقوقهم ‪ ،‬فمن رواد هذه النظرية الفقيه"‪"stark‬‬

‫الذي قال بأن كل من نظرية تحمل االخطار و نظرية الخطأ المفترض لم يهتموا الى بالشخص المسؤول و‬
‫هذا بمقارنة سلوكه في فكرة الخطأ و معرفة الغاية من نشاطه من ناحية االنتفاع في فكرة تحمل االخطار‪،‬‬

‫فلجأ الفقيه سابق الذكر الى نظرية الضمان و هذا من أجل معالجة موضوع المسؤولية من ناحية المضرور‪،‬‬

‫‪ 1‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ 2‬محمد خالد عودة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬
‫‪ 3‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ، 221‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 118‬‬
‫‪ 4‬مختار قوادري ‪ ،‬تراجع فكرة الخطأ الطبي في القانون المدني المقارن ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة سعيدة ‪ ،‬العدد الثالث عشر ‪ ، 2015 ،‬ص‬
‫‪. 345‬‬

‫‪16‬‬
‫حيث سلط الضوء على ما يتمتع به االنسان من حقوق ‪ ،‬و خاصة حق السالمة الجسدية التي اذا تعرضت الى‬
‫أض رار من الص عب م داراتها ‪ ،‬فمن أهم حق وق المرض ى ع دم التع رض الى أض رار خ ارج االض رار ال تي‬
‫دفعتهم للعالج ‪ ،‬في المقاب ل من االلتزام ات ال تي ال ب د أن يعيره ا األطب اء أهمي ة أك بر هي ع دم تع رض‬
‫المرضى الى أضرار سواء من ناحية تفاقم المرض أو في ظهور مرض آخر بسبب اإلهمال و ال مسؤولية‪،‬‬

‫ف ان وظيف ة ه ذه النظري ة حي تحقي ق العدال ة للمض رور على ض رر أص ابه ال ذنب ل ه في ه بعي دا عن س لوك‬
‫المسؤول و الغاية من استعماله هذه األدوات‪. 1‬‬

‫استنادا الى تطرقنا الى مفهوم فكرة الضمان {أوال} ‪ ،‬ثم الى األساس الذي تقوم علية هذه النظرية {ثانيا}‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم فكرة الضمان ‪:‬‬

‫نظري ة الض مان هي نظري ة تق وم على المفاض لة بين حقين هم ا ح ق المتض رر في االمن من س المته‬
‫الجسدية و المالية و األدبية يقابلها حق المسؤول من الحرية في العمل و ممارسة النشاطات اإلنسانية المتنوعة‬
‫بشرط أن يراعي الممارس القانون و قواعد الحيطة‪. 2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أساس نظرية الضمان ‪:‬‬

‫تقيم هذه النظرية المسؤولية الناشئة عن األشياء على أساس الضمان ال على أساس الخطأ و هذا ما جاء‬
‫ب ه أنص ارها بق ولهم أن لك ل انس ان ح ق في أن يح ترم الغير س المته الجس دية و س المة ذمت ه المالي ة ‪ ،‬ف اذا تم‬
‫المساس بهذه الحقوق فانه يكون قد أخل بفكرة الضمان و يكون مسؤوال عما أحدثه من ضرر بغض النظر‬
‫عما اذا كان مخطأ أم ال‪ . 3‬نالحظ أن هذه النظرية جاءت معاكسة للنظريات الشخصية و هذا ألنها ال تعير‬
‫أي اهتمام ما اذا كان المسؤول مخطأ أم ال‪ ،‬وال تقارنه بسلوك الشخص العادي ‪ ،‬فلن يتم مقارنة الطبيب مع‬
‫خبير في المجال الطبي و لن يتم التحقيق معه ما اذا كان فعله خاطئا أم ال‪.‬‬

‫فاذا أصيب أحد المرضى خالل قيامه بعملية جراحية سواء تضرر بسبب االستعمال الخطأ لألدوات الطبية أو‬
‫كان بسبب عيب في األجهزة الطبية أو حتى كان بسبب اهمال الطبيب المسؤول ‪ ،‬فان لقيام المسؤولية على‬
‫عاتق هذا األخير تستلزم فقط تحقق الضرر دون االهتمام بما سبق ذكره ‪.‬‬

‫فمن المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية هي حرية العمل و النشاط مع الحق في السالمة ‪ ،‬حيث جاء في‬
‫مب دأ حري ة العم ل و النش اط أن هن اك من النش اطات ال تي تتطلب تع ويض في ح الت م ا ت رتب عنه ا ض رر و‬
‫هنالك نشاطات حتى و نتجت عنها أضرار فال تستلزم تعويض المضرور ‪ ،‬و هذا من تنازع الحقوق المدنية‬
‫مثل النقد األدبي و ممارسة الرياضة العنيفة كالمالكمة ‪ ،‬إضافة الى مبدأ الحق في السالمة و الذي يقصد به‬
‫‪ 1‬يمينة براج ‪ ،‬التوجه الموضوعي للمسؤولية المدنية ‪ ،‬مجلة القانون العام الجزائري و المقارن ‪ ،‬المجلد السابع ‪ ،‬العدد ‪ ، 13/11/2021 ، 02‬ص‬
‫‪ ، 206‬زينة قدرة لطيف المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 119‬‬
‫‪ 2‬يمينة براج ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 207‬‬
‫‪ 3‬المسؤولية عن األشياء في القانون المدني الجزائري ‪ ،‬ص ‪. 19‬‬

‫‪17‬‬
‫الح ق في االمن بص فة عام ة ‪ ،‬فالس المة الجس دية و المادي ة للش خص تع د بمثاب ة الح د األدنى من الس المة و‬
‫االستقرار الذي يجب على المجتمع ضمانه‪. 1‬‬

‫و تأسيس ا على ه ذا و تطبيق ا على المس ؤولية الناش ئة عن األش ياء ‪ ،‬ف ان االل تزام بض مان الس المة ال ذي تم‬
‫اعتماده من طرف القضاء و الفقه في المسؤولية العقدية غير قاصر على عقود معينة فقط بل من الضروري‬
‫أن يتم تطبيق ه على ك ل من يس تخدم ش يئا معين ا طبق ا للم ادة ‪ ، 1384/1‬ف اذا ك انت الحق وق المدني ة في حال ة‬
‫تن ازع من حيث النش اطات ال تي ال تتطلب تع ويض من المس ؤول ‪ ،‬ف ان المس ؤولية عن األش ياء ال ب د و أن‬
‫تكون الحماية فيها حماية مطلقة ‪ ،‬و هذا لخطورة االضرار المتمثلة في االضرار الجسدية و المالية‪. 2‬‬

‫ان األدوات الطبي ة من األش ياء ال تي الب د و ض مان التع ويض عن أض رارها و اإلص ابات ال تي تعرض ها‬
‫للمرضى فهي تمس بحق السالمة الجسدية التي من أجله يلجأ المرضى للعالج ‪ ،‬كما تمس أيضا الذمة المالية‬
‫للم ريض و ه ذا من مص اريف العالج و غيره ا ‪ ،‬و له ذا ف ان مس ؤولية الط بيب عن االض رار ال تي تح دثها‬
‫األدوات و األجه زة الطبي ة ال تي يس تعين به ا في مراح ل العالج المختلف ة م ا هي اال ج زاء االعت داء على ح ق‬
‫المريض في الضمان‪. 3‬‬

‫ثالثا ‪ :‬االنتقادات التي واجهت نظرية الضمان‬

‫بالرغم من التأييد التي القته نظرية الضمان من جانب الفقه اال أنها تعرضت الى انتقادات تمثلت في ‪:‬‬

‫نالحظ أن نظرية الضمان ال تختلف كثيرا عن نظرية تحمل التبعة ‪ ،‬كون كالهما يستبعد ركن الخطأ ‪،‬‬

‫و ه ذا بتب نيهم ركن الض رر كأس اس له ذه المس ؤولية ‪ ،‬حيث اختلفت عنه ا في قي اس ه ذا الض رر ‪ ،‬ففك رة‬
‫الضمان تقيس الضرر على الحق المتضرر ‪ ،‬بينما فكرة تحمل التبعة تقيس الضرر على مدى انتفاع المسؤول‬
‫من الشيء المستعمل ‪ ،‬و ال على النظريات السابقة ألن األساس واحد و هو المساس بحق االمن‪.‬‬

‫تأسيسا على هذا فان هذه النظرية جاءت مثلها مثل النظريات السابقة عاجزة عن تبرير كل الحلول التي‬
‫توصل اليها االجتهاد القضائي ‪ ،‬و بهذا ال يمكن أن تكون أساسا للمسؤولية المدنية الناجمة عن األشياء‪. 4‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬الضرر كأساس للمسؤولية المدنية الناجمة عن استعمال األدوات الطبية‬
‫‪ 1‬يمينة براج ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 208‬‬
‫‪ 2‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪. 122 ،‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 4‬علي فياللي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪18‬‬
‫ُأعتم دت ه ذه النظري ة الحديث ة كأس اس للمس ؤولية الموض وعية ‪ ،‬و ال تي يكفي لقيامه ا ت وفر ركن الض رر و‬
‫العالق ة الس ببية مس تبعدين تمام اً ركن الخط أ من أرك ان ه ذه المس ؤولية و ه ذا مباش رة بين الض رر و النش اط‬
‫الطبي‪، 1‬‬

‫و تتمثل شروط هذه المسؤولية في أن ال يكون هناك ضرر عقدي كون "العقد شريعة المتعاقدين" و بهذا ال‬
‫يمكن تطبيق المسؤولية الموضوعية اذا كان يربط الطبيب و المريض عقد طبي بل يتم اللجوء الى االحكام‬
‫العامة للعقد إضافة الى ركن الخطأ الذي ال بد أ‪ ،‬يكون خطأ مفترض اً ال يلتزم المريض بإثباته و هذا ضماناً‬
‫لسالمته ‪ ،‬و من الشروط األساسية في المسؤولية الموضوعية هي الضرر شديد الخطورة ‪ ،‬فمن البديهي أن‬
‫م ا يص يب جس م االنس ان ه و ض رر ش ديد الخط ورة فاهلل أنعم علين ا بالص حة و أنعم علين ا ب آالت طبيع ة من‬
‫المستحيل أن يستطيع االنسان أن يعوضها بآالته الصناعية و لهذا فان المساس بجسم االنسان كبتر األعضاء‬
‫أو التع رض للفيروس ات بس بب ع دم تعقيم اآلالت الطبي ة و األدوات المس تعملة يعت بر من األض رار ش ديدة‬
‫الخطورة فهي يئما تؤدي الى شوه جسماني أو الى وفاة المريض ‪ ،‬وبهذا فالمسؤولية الموضوعية هي عبارة‬
‫عن تط ور للمس ؤولية التقص يرية مكتفي ة بالض رر و العالق ة الس ببية دون الخط أ و ه ذا تيس يراً للمض رور في‬
‫استحقاقه للتعويض من المسؤول‪. 2‬‬

‫و به ذا تم تط بيق المس ؤولية الموض وعية في المج ال الط بي خاص ة في المس ؤولية عن األش ياء و ه ذا م ا‬
‫سنتطرق له في هذا العنصر ‪:‬‬

‫ب الرجوع الى نص الم ادة ‪ 138‬من الق انون الم دني الجزائ ري ‪ ،‬نالح ظ أن المش رع ص رح بص يح العب ارة‬
‫مص طلح الض رر دون مص طلح الخط أ مم ا ي دل على تب ني ركن الض رر كأس اس للمس ؤولية المدني ة عن فع ل‬
‫األش ياء ‪ ،‬إض افة الى تب ني المش رع الجزائ ري ه ذه المس ؤولية في الم ادة ‪ 140‬مك رر‪ 31‬لألحك ام العام ة‬
‫للمسؤولية المدنية و هذا بصفة غير صريحة ‪ ،‬دون التطرق الى أحكام هذه المسؤولية في المجال الطبي على‬
‫عكس ما جاء به قانون الصحة العامة الفرنسي ‪.‬‬

‫فلقد كانت المسؤولية الطبية تخضع لألحكام العامة للمسؤولية المدنية كأصل عام تستلزم اثبات خطأ المسؤول‬
‫لكن بس بب التط ور الط بي خاص ة في ج انب اآلالت و األجه زة التقني ة الطبي ة ش وهد أخط اء فادح ة و أض رار‬
‫متفاوت ة اس تلزم لج وء الى قواع د جدي دة تس هل على الم ريض اثب ات خط أ الط بيب عن فع ل األش ياء و تش دد‬
‫المسؤولية على الطبيب عن فعل هذه األشياء فكثرت هذه اآلالت جعلت األطباء يتهاونون في استعمالها دون‬
‫الترك يز مم ا ق د تس ببه من أض رار حيث أن ه ال ب د قب ل اس تعمال ه ذه اآلالت اكتس اب الخ برة الكافي ة من عن د‬
‫مختصين أو من مصنعي األجهزة و األدوات الطبية من أجل مفاداة األضرار التي تقع بسببها ‪.‬‬

‫‪ 1‬راضية عيمور ‪ ،‬بد القادر يخلف ‪ ،‬المسؤولية المدنية الطبية في ظل التوجهات الفقهية و القضائية ‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة عمار‬
‫ثليجي األغواط ‪ ،‬العدد ‪ ، 2016 ، 04‬ص ‪. 333‬‬
‫‪ 2‬محمد شعيبـ محمد عبد المقصود ‪ ،‬المسؤولية الموضوعية من حيث األساس و التطبيق ‪ ،‬كليات الخليج المملكة العربية السعودية ‪ ، 2021 ،‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 140‬مكرر‪ ": 1‬إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني و لم تكن للمتضرر يد فيه ‪ ،‬تتكفل الدولة بالتعويضـ عن هذا الضرر"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫من المعروف أن المريض يواجه صعوبة في اثبات الخطأ الشخصي للطبيب ‪ ،‬فإلثبات خطأه عن فعل األشياء‬
‫سيواجه صعوبة أكبر ‪ ،‬فكثرت أعضاء الطاقم الطبي و األدوات و األجهزة المختلفة أدت الى صعوبة اثبات‬
‫‪1‬‬
‫خطأ الطبيب‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬شروط المسؤولية المدنية عن األدوات الطبية و تحققها في مراحل العالج الطبية‬

‫بسبب التطور الهائل الذي شهده مجال الطب سواء من الناحية المعرفية و الفنية أو من ناحية األجهزة‬
‫و األدوات الطبي ة خل ف العدي د من المش اكل في موض وع المس ؤولية المدني ة خاص ة نقص اإلط ارات القانوني ة‬
‫المنظم ة له ذا الن وع من المس ؤولية مم ا ي ؤدي الى ص عوبة تكييفه ا وك ذلك ص عوبة تق دير التع ويض للفئ ة‬
‫المتضررة من المرضى إضافة الى صعوبة اثبات األخطاء الطبية‪ ، 2‬فانه من المعروف في المجال الطبي أنه‬
‫من الممكن أن تتحق ق ك ل من المس ؤولية المدني ة العقدي ة كأص ل في المع امالت الطبي ة ‪ ،‬م ع إمكاني ة تحق ق‬
‫المس ؤولية التقص يرية و ه ذا كاس تثناء عن المس ؤولية العقدي ة ‪ ،‬و ه ذا تأسيس ا على ش روط خاص ة ‪ ،‬فب العودة‬
‫للمس ؤولية العقدي ة ال تي تق وم ب اإلخالل ب االلتزام العق دي المتف ق علي ه مح ل العق د ‪ ،‬س واء في ع دم التنفي ذ أو‬
‫االخالل بهذا التنفيذ ‪ ،‬فتتحقق المسؤولية بتوفر كافة أركانها من خطأ و ضرر و عالقة سببية كما هو األمر‬
‫في المس ؤولية التقص يرية ‪ ،‬ال تي تختل ف عن المس ؤولية العقدي ة في طبيع ة االل تزام ‪ ،‬و ه ذا ألن المس ؤولية‬
‫التقصيرية ناتجة عن االخالل بالتزام فرضه القانون ‪ ،‬فتتحقق هذه المسؤولية الناشئة عن األدوات و األجهزة‬
‫الطبي ة في مختل ف مراح ل العالج و ال تي س نتطرق له ا ب التركيز على ك ل مرحل ة في المطلب األول ‪ ،‬بينم ا‬
‫سنتناول شروط تحقق هذه المسؤولية في المطلب الثاني ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية‬

‫تختلف و تتعدد مراحل العالج في الطب البشري ‪ ،‬حيث لكل مرحلة تتميز بأطباء مختصين و تستلزم‬
‫االس تعانة ب أدوات و أجه زة متنوع ة ك ل حس ب تخصص ها و الغ رض من اس تعمالها ‪ ،‬فمن المراح ل العالجي ة‬
‫ال تي س نتطرق لمعالجته ا في ه ذا المطلب ‪ :‬مرحل ة التش خيص ال تي تقس يمها ب دورها الى ثالث عناص ر من‬
‫األهم التطرق اليها المتمثلة في ‪ :‬التشخيص بأجهزة الفحص السريري و هو التشخيص البسيط ‪ ،‬التشخيص‬
‫ب أجهزة التص وير الش عاعي و ال ذي يتطلب الحيط ة الالزم ة و الخ برة الكافي ة قب ل اللج وء الى اس تعماله ‪ ،‬و‬
‫التش خيص بواس طة التحالي ل المخبري ة ال تي هي ك ذلك تتطلب الدق ة و الترك يز الجي د في العم ل ‪ ،‬منقلين الى‬
‫الفرع الثاني الذي عالجنا فيه تحقق المسؤولية في مراحل عالج أخرى و التي تعددت في ‪ :‬تحقق المسؤولية‬
‫في مرحلة العالج ‪ ،‬تحقق المسؤولية في مرحلة التخدير و التي ترتبت عنها العديد من الحوادث األخيرة التي‬
‫‪ 1‬عبد القادر يخلف ‪ ،‬نحول المسؤولية الموضوعية عن األضرار الطبية دراسة مقارنة ‪ ،‬حوليات جامعة الجزائر ‪ ،‬جامعة عمار ثليجي األغواط ‪ ،‬العدد ‪31‬‬
‫‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 2‬فاطمة الزهرة قدواري ‪ ،‬قواعد المسؤولية المترتبة عن األخطاء الطبية ‪ ،‬مجلة الحقوق و الحريات ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة ‪ ،‬المجلد ‪ ، 11‬العدد ‪ ، 2023 ، 1‬ص ‪. 939‬‬

‫‪20‬‬
‫أدت بالمرضى الى الوفاة ‪ ،‬و آخر مرحلة أال و هي مرحلة العمل الجراحي التي ال بد و التطرق اليه و هذا‬
‫بسبب الحوادث العديدة التي تقع بسبب سوء استعمال األدوات و األجهزة الجراحية‬

‫الفرع األول ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية في مرحلة التشخيص‬

‫كما ذكرنا سابقاً تنولنا في هذا العنصر ثالث مراحل لتشخيص و هي كاآلتي ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬التشخيص بأجهزة الفحص السريري ‪:‬‬

‫نتط رق أوال الى مفه وم التش خيص حيث عرف ه الفق ه ‪ " :‬التش خيص ه و البحث و التحق ق من ن وع الم رض‬
‫الذي يعاني منه المريض ‪ ،‬و يقوم بتشخيصه الطبيب سواء كان ممارساً أو متخصصاً "‪.1‬‬

‫فمرحلة التشخيص هي المرحلة االبتدائي ة للعالج ‪ ،‬عن طريقها يتسنى للطبيب معرفة االعراض التي يعاني‬
‫منها المريض ‪ ،‬مع الوصول الى الحلول االزمة و الطرق العالجية التي من الممكن أن تساعد في العالج‬

‫فمرحلة التشخيص من المفروض أن يتوصل الطبيب عن طريقها الى ماهية المرض سواء كان طبيبا عاما أو‬
‫مختص اً مع مراعات حدود اختصاصاته الفنية و التقنية و هذا لعدم تعرض المريض ألخطاء في التشخيص‬
‫من شأنها أن تؤدي بالمريض الى مخاطر مرضية أخرى ‪ ،‬و هذا ما جاء في المادة ‪ 17‬من مدونة أخالقيات‬
‫الطب ال تي تنص على م ا يلي ‪ " :‬يجب أن يمتن ع الط بيب أو ج راح األس نان عن تع ريض الم ريض لخط ر ال‬
‫مبرر له خالل فحوصه الطبية أو عالجه "‪. 2‬‬

‫ففي مرحل ة التش خيص يس تعين الط بيب بكاف ة األدوات الطبي ة ال تي يض عها العلم في خدمت ه و خدم ة‬
‫المرضى ‪ ،‬لكن بالتكلم على التشخيص السريري فالطبيب هنا يستعمل أدوات جد بسيطة التي من الممكن _‬
‫في غالب األحيان_ أن ال تسبب أضرار للمرضى مثال السماعات و غيرها من األدوات اليدوية البسيطة‬

‫مما يتعذر الكشف عن المرض و لهذا ال بد من اإلستعانة بأدوات و أجهزة طبية أكثر دقة و التي سنتطرق‬
‫لها في العناصر التالية ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬التشخيص بالتصوير الشعاعي ‪:‬‬

‫يلجأ األطباء عادة الى األشعة السينية البسيطة و هذا من أجل الكشف عن األمراض التي تصيب العظام‬
‫أي أنها تساعد في الكشف عن األماكن الخارجية القريبة ‪ ،‬كون هذه األجهزة من غير الممكن أن تصل الى‬
‫األماكن الداخلية في جسم االنسان كالكلى و غيرها من الـأجزاء الداخلية في جسم االنسان‪، 3‬‬

‫‪ 1‬مريم بوشري ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬جامعة خنشلة ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ، 2015 ،‬ص ‪. 158‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 17‬من المرسوم التنفيذي المتضمن مدونة أخالقيات الطب ‪ ،‬رقم ‪ 276_92‬مؤرخ في ‪ 5‬محرم عام ‪ 1413‬الموافق ل ‪ 6‬يوليو سنة ‪،1992‬‬
‫تاريخ الجريدة الرسمية ‪ 7‬محرم ‪ 1413‬الموافق ل ‪ 8‬يوليو ‪ ، 1992‬العدد ‪ ، 52‬ص ‪. 1420‬‬
‫‪ 3‬التصوير باألشعة السينية البسيطة { التصوير الشعاعي البسيط } ‪ ،‬أدلة ‪ ، MSD ، 2023_05_09 ، 00:43‬أنظر الرابط‬
‫‪https://www.msdmanuals.com/ar/home/%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D9%8A‬‬
‫‪%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%AE‬‬

‫‪21‬‬
‫ف برغم من التس هيالت ال تي تق دمها لألطب اء من أج ل الكش ف عن االم راض الى أن الش عاع الخ اص به ا من‬
‫الممكن أن يسبب أضرار خطيرة و هذا بسبب كثرة التعرض ألالشعاعات كونها تسبب العديد من االمراض‬
‫منها االمراض الجلدية و السرطان _ عافانا اللّ ه و إياكم _ كما ال بد من حجب بطن المرأة الحامل في حالة‬
‫اس تعمل عليه ا الجه از ‪ ،‬و من التطبيق ات القض ائية للتش خيص بالتص وير الش عاعي ‪ ... " :‬فق د قض ت محكم ة‬
‫‪ Seine 1899‬بمس ؤولية الط بيب ال ذي يع رض الم ريض لألش عة لف ترة أط ول مم ا ينبغي مؤدي اً ذل ك الى‬
‫اإلضرار به ‪ ،‬كما قضت محكمة ‪ Aix‬بمسؤولية طبيب وقعت منه عدة أخطاء فنية منها استعمال أنبوبة رغوة‬
‫و لوح منحرف ترتب عليها مضاعفة مقدار التعرض لألشعة الى ما جاوز الحد وزاد من خطر الحروق التي‬
‫أصيب بها المريض‪. " 1‬‬

‫فلخط ورة ه ذا الن وع من األجه زة ال ب د من األخ ذ برض ا الم ريض و اطالع ه على المعلوم ات و إيجابي ات و‬
‫سلبيات هذا الجهاز ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬التشخيص بواسطة التحاليل المخبرية ‪:‬‬

‫يقصد بالتحاليل الطبي ة ‪ ... " :‬من الوسائل المهمة للكشف عن األمراض و العلل التي تصيب اإلنسان و قد‬
‫يس تعين به ا الط بيب المع الج في مرحل ة الفحص التكميلي و ال تي يق وم فيه ا الط بيب المع الج ب إجراء فح وص‬
‫دقيق ة و عميق ة تس تخدم فيه ا أجه زة حديث ة و متط ورة لبي ان حال ة الم ريض و تح دد علت ه و من أمثل ة ه ذه‬
‫الفحوص ات التص وير المجه ري "‪ 2‬؛ و به ذا تعت بر التحالي ل الطبي ة كج زء أساس ي في تش خيص الم رض فهي‬
‫نادراً ما تخطأ في نتائجها و هذا ما جعل اللجوء اليها في تشخيص األمراض التي من الممكن أن يتم الكشف‬
‫عنها عن طريق التحاليل الطبية ‪ ،‬فهي تقوم بالتحديد الدقيق لألمراض من دون الشك ‪ ،‬لكن رغم هذا األهمية‬
‫ال تي تتمت ع به ا التحالي ل الطبي ة اال أن خط أ ص غير ج داً من الممكن أن يه دد حي اة الم ريض ‪ ،‬و ه ذا بس بب‬
‫الفيروسات التي من الممكن أن يتعرض لها جهاز التحاليل بسبب سوء التعقيم و إعادة استعمال نفس األدوات‬
‫ال تي من المف روض أنه ا مخص ص الس تعمال واح د ‪ ،‬فه ذا اإلهم ال و الته اون في التعقيم ي ؤدي ال مح ال الى‬
‫تغير نتيجة التحاليل و بهذا يقع الخطأ في التشخيص ‪ ،‬و الخطأ في التشخيص يؤدي الى الوصف الخطأ في‬
‫وصف العالج و االدوية مما يؤدي في األخير الى تعرض المريض الى أخطار ال تحمد عقباها ‪ ،‬و لهذا من‬
‫الض روري ج داً أن يهتم المس ؤولون عن تعقيم أجه زة التحالي ل بالدوري ة االزم ة للتعقيم دون اهم ال المحي ط‬
‫الذين يمارسون فيه نشاط التحليل المخبري ‪.‬‬

‫‪%D8%A7%D8%B5%D9%91%D9%8E%D8%A9/%D9%81%D9%8F%D8%AD%D9%88%D8%B5%D8%A7%D8%AA%D9%8F-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%91%D9%8E%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%B1%D9%90-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9/%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%89-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A8%D9%84%D9%8A%D9%91%D9%8E%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%A1-‬‬
‫‪. %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AA‬‬
‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 149‬‬
‫‪ 2‬أحمد أورحان أحمد ‪ ،‬هادي محمد عبد هّللا ‪ ،‬المسؤولية التقصيرية الناشئة عن أخطاء مراكز التحاليل الطبية ‪ ،‬مجلة قه الى زانست العلمية ‪ ،‬الجامعة‬
‫اللبنانية الفرنسية _أربيل_ ‪ ،‬المجلد ‪ ، 05‬العدد ‪ ، 2020 ، 04‬ص ‪. 776‬‬

‫‪22‬‬
‫لقد تم االتفاق بشأن االلتزام الناشئ عن التحاليل الطبية و المتمثل في التزام بتحقيق نتيجة ‪ ،‬لكن في حالة‬
‫م ا اذا ك انت التحالي ل الطبي ة تس توجب دقي ة خاص ة بحيث يص عب الكش ف عن طريقه ا فهن ا اختل ف القض اء ‪،‬‬
‫فقضاء جاء بأن االلتزام هنا يبقا التزام بتحقيق نتيجة محدد بسالمة و دقة التحاليل من تحليل الدم و غيرها من‬
‫ً‬
‫التحالي ل الطبي ة ‪ ،‬و على الط بيب اثب ات الس بب األجن بي من أج ل دف ع ه ذه المس ؤولية ‪ ،‬لكن محكم ة النقض‬
‫الفرنسية ذهبت عكس ذلك حيث قالت أن محل التزام الطبيب في الحاالت التي تستوجب فيها التحاليل الطبية‬
‫دق ة خاص ة ه و ال تزام بب ذل عناي ة و ليس ب التزام بتحقي ق نتيج ة ‪ ،‬حيث حكم ة محكم ة النقض الفرنس ية بع دم‬
‫مسؤولية الطبيب الذي توصل الى أن الورم المراد تحليله هو ورم سرطاني و هذا خالفا عن الحقيقة‪. 1‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية الناشئة عن األدوات الطبية في مراحل العالج األخرى ‪:‬‬

‫بعد التطرق الى مرحلة التشخيص و مختلف الطرق الشائعة في التشخيص ‪ ،‬فلقد تطرقنا في هذا العنصر الى‬
‫بقية مراحل العالج التي تكثر فيها الحوادث بسبب األدوات الطبية و األجهزة المستعملة في العالج ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية في مرحلة العالج ‪:‬‬

‫يقص د ب العالج ‪ " :‬مجموع ة األعم ال ال تي يتخ ذها الط بيب للتخفي ف من الم رض و حماي ة الم ريض من ه ‪ .‬و‬
‫تستند أعمال الطبيب العالجية إلى حق مقرر لممارسة مهنة الطب ‪ ،‬و يكون الطبيب قد ارتكب خطأ في حالة‬
‫عدم حصوله على رضا المريض "‪. 2‬‬

‫اس تنادا للتعري ف الس ابق ف العالج ه و المرحل ة ال تي تلي مرحل ة التش خيص ‪ ،‬فبع د أن يتم التع رف عن‬
‫المرض و أسبابه ‪ ،‬يقوم الطبيب بوصف عالج معين مطابقاً لمرض المريض بغية الشفاء منه ‪،‬‬

‫فبرغم من الحرية التي يتمتع بها الطبيب في اختيار العالج المقدم للمريض إال أنها ليست حرية مطلقة ‪ ،‬حيث‬
‫أن الطبيب ملتزم باحترام هذه الحرية وفق قواعد و أحكام خاصة تناولتها مدونة أخالقيات الطب ‪،‬‬

‫فالجهة القضائية ال تتدخل في الجانب العلمي لمهنة الطب و هذا ليس لسبب عدم اهتمامه و لكن القضاء يرى‬
‫أن مناقش ة الش ق العلمي في المج ال الط بي خروج اً عن االط ار الق انوني ‪ ،‬فمهن ة الطب هي ك ذلك من المهن‬
‫الحرة التي تتميز بوجود المبادرة الشخصية‪. 3‬‬

‫كما ذكرنا سابقا فان المشرع الجزائري حدد حرية الطبيب في اختياره للعالج و هذا ما جاء في نص المادة‬
‫‪ " : 31‬ال يجوز للطبيب و جراح األسنان أن يقترح على مرضاه أو المقربين اليهم عالج اً أو طريقة وهمية‬
‫أو غير مؤكدة بما فيه الكفاية كعالج شاف أو ال خطر فيه ‪ ،‬و تمنع عليه كل ممارسات الشعوذة‪" 4‬‬
‫‪ 1‬أحمد حسن عباس الحياري ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيبـ في القطاع الخاص ‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪ ،‬د‪.‬ن‪.‬ط ‪. 52 ، 2005 ،‬‬
‫‪ 2‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 173‬‬
‫‪ 3‬شيماء رمول ‪ ،‬هزار ياحي ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب في التشريع الجزائري ‪ ،‬تخصص قانون أعمال ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي ‪، 2021_2020 ،‬‬
‫ص ‪. 12‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 31‬من مدونة أخالقيات الطب ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫نالحظ من نص المادة السابق أن المشرح حدد حرية الطبيب في العالج بعدم اقتراح طرق جديدة في العالج‬
‫من غير الطرق المتداولة و هذا أن جسم االنسان ليس بحقل تجارب حيث ال بد من تقديسه و معرفة كل من‬
‫إيجابيات و سلبيات العالج المقدم مع اطالعها على المرض المعالج اذا له الحرية في القبول و الرفض كما‬
‫جاء في نص المادة ‪ 44‬من نفس المدونة السابقة التي تنص على التالي ‪ " :‬يخضع كل عمل طبي ‪ ،‬يكون فيه‬
‫خطر جدي على المريض ‪ ،‬لموافقة المريض موافقة حرة و متبصرة أو لموافقة األشخاص المخولين منه أو‬
‫من الق انون ‪ ،‬و على أو ج راح األس نان أن يق دم العالج الض روري اذا ك ان الم ريض في خط ر أو غ ير ق ادر‬
‫على االدالء بموافقته "‪.1‬‬

‫فمثاالً عن األدوات التي من الممكن أن تسبب ضرراً في مرحلة العالج اإلبر التي تس تعمل بص فة كثيرة في‬
‫العالج س واء في تخفي ف اآلالم ‪ ،‬أخ د ال دم من أج ل التحالي ل الطبي ة ‪ ،‬عملي ات التجمي ل ‪ ،‬و في االعم ال‬
‫الجراحي ة من أج ل التخ دير ‪ ،‬حيث تتم يز ه ذه اإلبر بهشاش ة رفيع ة جداً اذ أن االس تعمال الخط أ من ش أنه أن‬
‫يعرض ها للكس ر و بالت الي ينج ر عن ه ذا الكس ر آالم ح ادة و ض رر خط ير اذا تم دخ ول ه ذا الج زء المنكس ر‬
‫داخل جسم المريض فيؤدي ال محال الى التدخل الفوري نحو العمل الجراحي ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية في مرحلة التخدير ‪:‬‬

‫يقصد بالتخدير ‪ " :‬العلم الذي يدرس كيفية تعطيل اإلحساس باآلالم ‪ ،‬إن التخدير يعطل اإلدراك و الشعور في‬
‫جزء من الجسم البشري ‪ ،‬أو الجسم كله ‪ ،‬و هو يتم عموماً بقصد التدخل الجراحي ‪ ،‬و المتكون من المهدئات‬
‫{ المنومات } ‪ ،‬المسكنات و األدوية التي تسبب ارتخاء العضالت "‪.2‬‬

‫من خالل التعريف السابق نالحظ أن الغرض من التخدير هو إيقاف اإلحساس باآلالم لمدة معينة من الزمن و‬
‫هذا قبل المباشرة في الجراحة بفترة زمنية قصيرة امتداداً الى ما بعد الجراحة لمدة ال بأس بها من الزمن ‪ ،‬و‬
‫ه ذا راج ع لآلالم الح ادة الناتج ة عن العم ل الج راحي فمن المس تحيل أن تتم العملي ة الجراحي ة من دون تخ دير‬
‫الجسم كلياً أو جزء فقط منه و هذا راجع الى الحاجة من التخدير وفق اً للعملية الجراحية ‪ ،‬فتستعمل في عملية‬
‫التخ دير أجه زة متع ددة ال تي من المف روض أن تك ون ذات ج ودة عالي ة م ع ض مان ع دم تع رض المرض ى‬
‫للضرر ‪ ،‬حيث تعمل هذه األجهزة بتوصيل أدوية التخدير المتكونة من منومات و مهدئات كما ذكرنا سابقا‬
‫مرفق ة بغ از األكس يجين ‪ ،‬و إخ راج في المقاب ل غ از ث اني أكس يد الكرب ون و ه ذا لم وازاة التنفس الط بيعي‬
‫للمريض ‪.‬‬

‫فتختلف أجهزة التخدير منها من يتكون من العديد من األجهزة ضمن جهاز واحد ‪ ،‬و منها من ينفرد بنسفه‬
‫ك اإلبر مثالً ال تي يتم وخزه ا في أم اكن معين ة على حس ب الحاج ة من بينه ا اب ر التخ دير ال تي تتم به ا عملي ة‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 44‬من مدونة أخالقيات الطب ‪.‬‬


‫‪ 2‬عفاف تلمساني ‪ ،‬الحماية القانونية للطفل من مخاطر التخدير في المجال الطبي ‪ ،‬دفاتر مخبر حقوق الطفل ‪ ،‬المجلد ‪ ، 09‬العدد األول ‪ ، 2018 ،‬ص‬
‫ص ‪. 231 230‬‬

‫‪24‬‬
‫التخدير عن طريق الوخز في النخاع الذي يتميز بكونه نقطة حساسة جداً في جسم المريض حيث من الممكن‬
‫أن تتع رض اإلب رة الى االنكس ار فت ؤدي ال مح ال الى العج ز ال دائم للم ريض ‪ ،‬و من الح وادث ال تي نش اهدها‬
‫يومياً داخل المستشفيات من توقف قلب المريض جراء التخدير الكلي للجسم الذي يعد في غاية الخطورة ‪ ،‬أو‬
‫العجز ال ذي في أغلبي ة األحي ان يكون دائم اً هذا كل ه بس بب سوء اس تعمال أجه زة و أدوات التخ دير أو بس بب‬
‫عيب في هذه األجهزة‬

‫لق د ك ان من قب ل الط بيب الج راح ه و ال ذي يت ولى عملي ة التخ دير ‪ ،‬لكن م ع التط ور الحاص ل في العل وم‬
‫الفنية و التقنية تم تخصيص طبيب تخدير خاص يتكفل بعملية التخدير من البداية أي من التشخيص الى نهاية‬
‫العملية الجراحية مع إبقاء الرقابة على المريض ‪.‬‬

‫ان ط بيب التخدير هو ك ذلك من التزامات ه أن زي ارة الط بيب قب ل الوصول الى مرحل ة الجراح ة أي م ا يقصد‬
‫الزامية تشخيص المريض المقبل الى الجراحة ‪ ،‬حيث يقوم طبيب التخدير بمسائلة المريض العديد من األسئلة‬
‫ال تي من ش أنها أن تن ير طري ق الط بيب في تنقي ة الس بيل الص حيح في عملي ة التخ دير ‪ ،‬فيتط رق الى آخ ر‬
‫التط ورات ال تي ش هدتها حال ة الم ريض الص حية فمن الممكن أن يكتش ف ط بيب التخ دير م الم يكتش فه الط بيب‬
‫الجراح ‪ ، 1‬فمن بين التطبيقات القضائية التي جاءت بهذا الشأن ‪ " :‬محكمة استئناف باريس في ‪19_07_04‬‬
‫‪ 32‬بتحمي ل الط بيب الج راح مس ؤولية إص ابة الم ريض بح روق بس بب حافظ ات الم اء الس اخن ال تي وض عت‬
‫ب القرب من ه ‪ ،‬و قب ل أن يس تفيق من ت أثير المخ در ‪ ،‬و ق ررت أن ه على الجراح يين و األطب اء أن يالحظ وا‬
‫المريض بأنفسهم طالما أنه لم يفق من تأثير المخدر ‪ ،‬اذ هو يصبح بسبب عدم ادراكه و فقدان وعيه تحت‬
‫إشرافهم و مراقبتهم وحدهم "‪.2‬‬

‫يقع على طبيب التخدير التزام بتحقيق نتيجة و هو عدم استعمال أجهزة تخدير دون التأكد من سالمة و عدم‬
‫االضرار بالمريض ‪ ،‬فال تسقط عن الطبيب المسؤولية القائمة بشأنه حتى و لو كان عيب اآللة راجع لمنتجها‬
‫{ المصنع } ‪ ،‬اال اذا أثبت أن الضرر وقع بسبب أجنبي ال يد لو فيه ‪،‬‬

‫فبرجوع لمسؤولية حارس الشيء ‪ ،‬فمسؤوليته تقوم متى توفرت فيه السلطة الفعلية على الشيء‬

‫و علي ه يك ون الط بيب التخ دير مس ؤوال في حال ة م ا اذا ك ان يس تعمل أجه زة التخ دير لحس ابه الخ اص أم ا في‬
‫حالة ما اذا ك ان تابع لمستشفيات العمومية فط بيب التخدير هن ا ال يعد مسؤوال ب ل المستش فى هو من يتحمل‬
‫تبع ة االضرار الناتج ة عن اس تعمال أجهزة التخ دير ‪ ،‬م ع إمكاني ة المستش فى ب الرجوع س واء على الط بيب أو‬
‫المصنع } ‪ ،‬أما بالنسبة لطبيب التخدير التابع للعيادات و المستشفيات الخاصة من‬‫على المنتج لهذه األجهزة { ُ‬
‫الممكن الرج وع علي ه ب التعويض في حال ة وف اة الم ريض و ه ذا تطبيق ا لقواع د المس ؤولية العقدي ة من ط رف‬
‫‪ 1‬زياد علي محمد الكايد ‪ ،‬المسؤولية القانونية لطبيب التخدير ‪ ،‬مجلة المفكر ‪ ،‬جامعة شقراء _ المملكة العربية السعودية ‪ ،‬د‪.‬ن‪.‬م ‪ ،‬العدد الرابع عشر ‪ ،‬ص‬
‫‪. 17‬‬
‫‪ 2‬عز الدين حروزي ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب أخصائي الجراحة في القانون الجزائري المقارن ‪ ،‬دار هومه للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪ ، 2009‬ص ‪. 136‬‬

‫‪25‬‬
‫ورث ة الم ريض ‪ ،‬أم ا في حال ة مطالب ة الورث ة بتعويض هم شخص يا عن الض رر ال ذي أص ابهم بس بب فق دانهم‬
‫المريض يتم المطالبة بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية لحارس الشيء و هذا النتفاء رابطة العقدية‬
‫بينهم‪ ، 1‬و تأسيسا على هذا يتم لجوء الى نص المادة ‪ 138‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬مدى تحقق المسؤولية في مرحلة العمل الجراحي ‪:‬‬

‫مرحلة الجراحة هي المرحلة األشد خطورة على جسم االنسان و هذا ما تتطلبه من فطنة و تبصر و يقصد‬
‫بالعمل الجراحي ‪ " :‬إجراء جراحي بقصد إصالح عاهة أو رتق تمزق أو عصب ‪ ،‬أو بقصد افراغ صديد أو‬
‫سائل مرضي آخر ‪ ،‬و الستئصال عضو مريض أو شاذ "‪.2‬‬

‫فالعم ل الج راحي من األعم ال ش ديدة الدق ة ال تي يل تزم فيه ا الط بيب الج راح و كاف ة طاقم ه الط بي ب الحرص‬
‫الشديد من ارتكاب أي خطأ من الممكن أن يؤدي بحياة المريض ‪ ،‬فهو يستعمل أدوات و أجهزة طبية مختلفة‬
‫اء طبي ة و أض رار هي المش رط ‪ ،‬قط ع الش اش ‪ ،...‬و‬
‫و من األدوات المس ببة في الكث ير من األحي ان اخط ً‬
‫غيرها من األدوات الدقيقة التي من الممكن أن تترك داخل جسم المريض فتسبب آالم مستدعية في ذلك عملية‬
‫جراحية أخرى من أجل إستخراجها حيث أن هذه األخيرة بائت بالفشل في أغلب األحيان مما يؤدي الى فقدان‬
‫المريض ‪.‬‬

‫كم ا نعلم أن ه من الممكن أن تق وم مس ؤولية الط بيب المدني ة س واء على األس اس التقص يري أو على األس اس‬
‫العق دي ‪ ،‬فلق د اختل ف القض اء في تأس يس المس ؤولية الناش ئة عن األدوات و األجه زة الطبي ة المس تعملة في‬
‫الجراحة ‪ ،‬حيث تم االستقرار على أنه في حالة توفر عقد مع الطبيب الجراح أي الطبيب التابع للمستشفيات و‬
‫العيادات الخاصة ‪ ،‬تقوم مسؤوليته عل أساس االخالل بالتزام عقدي مضمونه االخالل بالتزام ضمان سالمة‬
‫الم ريض من جمي ع االض رار الخارجي ة ‪ ،‬أم ا في حال ة م ا اذا ك ان الط بيب الج راح ت ابع للمستش فيات العام ة‬
‫فتق وم مس ؤوليته عن األدوات الطبي ة الجراحي ة على أس اس االخالل ب التزام فرض ه الق انون المتمث ل في ع دم‬
‫االضرار بالغير مطبقين المادة ‪ 138‬من القانون المدني المسؤولية عن حراسة الشيء ‪ ،‬بعيدا عن المسؤولية‬
‫العقدية‪. 3‬‬

‫بعد ما تطرقنا الى ما مدى تحقق لمسؤولية المدنية عن األدوات الطبية في مختلف مراحل العالج في المطلب‬
‫األول ‪ ،‬سنتطرق اآلن في المطلب الثاني الى شروط قيام هذه المسؤولية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط قيام المسؤولية المدنية للطبيب عن استخدام األدوات الطبية ‪.‬‬

‫زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 198‬‬ ‫‪1‬‬

‫عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 34‬‬ ‫‪2‬‬

‫عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪26‬‬
‫واء ك انت مس ؤولية عقدي ة أو مس ؤولية تقص يرية ال ب د من‬
‫من المع روف أن ه لقي ام المس ؤولية المدني ة س ً‬
‫توافر شروطها المتمثلة في األركان من الخطأ ‪ ،‬الضرر و العالقة السببية و هذا لقيامها ‪ ،‬و هذا ما تتضمنه‬
‫المسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬ان المسؤولية الناجمة عن األدوات الطبية تتضمن العديد من االفتراضات و هذا‬
‫من ناحي ة وق وع الخط أ حيث نتس اءل ه ل ننس ب الخط أ الى الط بيب المس ؤول عن اس تعمال ه ذه األدوات أم‬
‫ننسبه الى المستشفى أو العيادة الخاصة التي قامت بتوفير هذه األدوات أم ننسبه الى الممرض الذي يهتم سواء‬
‫بتحضير األدوات قبل اجراء العملية الجراحية أو بتعقيمها ‪ ،‬قسمنا هذا المطلب الى ثالث فروع حيث تناولنا‬
‫في الفرع األول ركن الخطأ الطبي ‪ ،‬الفرع الثاني تناولنا ركن الضرر ‪ ،‬و أخيرا تطرقنا الى العالقة السببية‬
‫في الفرع الثالث ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الخطأ الطبي‬

‫سنتطرق في هذا العنصر الى مفهوم الخطأ الطبي { أوال ً} ‪ ،‬ثم الى طبيعة الخطأ الطبي { ثاني اً } ‪ ،‬ختام اً‬
‫بدرجة الخطأ الموجب لقيام هذه المسؤولية { ثالثاً } ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬مفهوم الخطأ الطبي ‪:‬‬

‫لقد اختلفت التعريفات و المفاهيم بشأن الخطأ الطبي ‪ ،‬حيث أننا أدرجنا التعريف الراجح ‪ " :‬ان الخطأ‬
‫الط بي ه و ك ل مخالف ة أو خ روج للط بيب في س لوكه عن القواع د و األص ول الطبي ة ال تي يقض ي به ا العلم و‬
‫المتعارف عليها نظريا و عمليا وقت تنفيذ العمل الطبي ‪ ،‬أو اخالله بواجبات الحيطة و الحذر و اليقظة التي‬
‫يفرضها القانون متى ترتب على الفعل نتائج جسيمة ‪ ،‬في حين كان بمقدوره وواجبا عليه أن يتخذ في تص رفه‬
‫اليقظ ة و التبص ر ح تى ال يض ار الم ريض"‪ . 1‬ف البرجوع للمش رع الجزائ ري لم يض ع تعري ف خ اص بالخط أ‬
‫الط بي حيث اكتفى بتحدي د االلتزام ات الواجب ة على ع اتق األطب اء من رؤس اء األطب اء الى الط اقم الط بي و‬
‫مساعديه ‪.‬‬

‫ب التكلم على الخطأ الط بي ال بد و اإلش ارة الى الخط أ المهني الذي يعتبر الخط أ الطبي أحد أوج ه الخطأ‬
‫المهني و يقصد به ‪ " :‬كل خطأ يتعلق بمهنة الشخص أثناء مزاولته إياها ‪ ،‬متمثال في انحرافه أو خروجه في‬
‫القواع د و األم ور المس تقلة له ذه المهن ة "‪ . 2‬نالح ظ من التعريف ات س ابقة ال ذكر أن الخط أ الط بي ه و اخالل‬
‫الط بيب بالتزام ه أثن اء مزاولت ه لمهنت ه س واء ك ان ه ذا االل تزام المخ ل ب ه ال تزام بب ذل عناي ة و ه و األص ل أو‬
‫التزام بتحقيق نتيجة و هو االستثناء ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬طبيعة الخطأ الطبي ‪:‬‬

‫ينقسم الخطأ الطبي من حيث طبيعته الى خطأ عادي و خطأ فني ‪:‬‬
‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 241‬‬
‫‪ 2‬شيماء رمول ‪ ،‬هزار ياحي ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب في التشريع الجزائري ‪ ،‬قانون أعمال ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي ‪، 2021_2020 ،‬‬
‫ص ‪. 07‬‬

‫‪27‬‬
‫‪_1‬الخطأ العادي ‪:‬‬

‫تم تعريف الخطأ العادي بأنه ‪ " :‬هو الخطأ الخارج عن المهنة التي يمارسها الشخص الذي نسب اليه الخطأ و‬
‫ه و االخالل ب االلتزام المف روض على الن اس كاف ة باتخ اذ الحيط ة و العناي ة االزم ة عن د القي ام بس لوك معين‬
‫لتفادي ما قد يؤدي اليه هذا السلوك من نتيجة ضارة و غير مشروعة "‪.1‬‬

‫بمفهوم أن الخطأ من الممكن أن يرتكبه الغير من غير الطبيب كما من الممكن أن يرتكبه الطبيب و الجراح‬
‫حيث جاء أن الخطأ العادي للطبيب من الممكن أن يتمثل في حالة ما اذا زاول الطبيب مهنته و هو في حالة‬
‫سكر أو عدم احترام قواعد النظافة االزمة ‪ ،‬أو ترك أدوات طبية داخل جسم المريض كالقطن و غيرها من‬
‫األدوات الجراحية المستعملة‪. 2‬‬

‫‪_2‬الخطأ الفني ‪:‬‬

‫تم تعريف الخطأ الفني بأنه ‪ " :‬هو السلوك الفني المألوف من شخص وسط من نفس المهنة تحمله و كفايته و‬
‫يقظته في نفس الظروف التي أحاطت بالمهني فيما يقتضي بدل العناية الفنية التي تتطلبها األصول المستقرة‬
‫للمهنة "‪ . 3‬ومن أمثلة ذلك ‪ " :‬خطأ الطبيب في تشخيص حالة مريض على أنها قرحة في المعدة مع أنها في‬
‫الحقيقة سرطان ‪ .‬فهنا يتعين على الطبيب أن‬

‫تبص ر و على أس اس من العلم و الفن بأص ول المهن ة و ليس برعون ة و‬


‫يش خص داء الم ريض بك ل حكم ة و ُّ‬
‫طيش و عدم التسلح بالمعلومات الضرورية التي تساعده في تكوين رأيه على النحو الصحيح "‪ . 4‬فالخطأ في‬
‫التشخيص مثال خطأ فني من الممكن أن يؤدي بالمريض الى أضرار متفاوتة ‪ ،‬فاإلساءة في التشخيص تأدي‬
‫الى اإلس اءة في العالج و اإلس اءة في العالج ت أدي الى الخط أ في تحري ر الوص فات الطبي ة فتظه ر أم راض‬
‫أخرى من غير السبب الذي لجأ من أجله المريض الى الطبيب لعالجه‪.‬‬

‫نالحظ أنه تم نسب الخطأ عن استخدام األدوات الطبية الى الخطأ العادي ‪ ،‬اال أن الخطأ في استعمال هذه‬
‫األدوات _في غالب األحيان_ يؤدي الى أخطاء فنية ‪ ،‬فالخطأ الذي يؤدي بحياة المريض للوفاة من المستحيل‬
‫أن يكون خطًأ عادياً و كمثال عن هذا اإلبر الخاصة بالسيدا _‪_ Hépatite A _Hépatite B‬‬

‫{عافان ا اللّ ه و إي اكم} و هي من الح وادث المتع ددة في المستش فيات ال تي اذا أس يء اس تخدامها من الممكن أن‬
‫تسبب أضرار خطيرة للمريض و خاصة أنها متصلة اتصاال مباشرا بالدم ‪ ،‬فمحاولة مدارات هذا الخطأ هي‬
‫محاولة خطرة في حذ ذاتها و هذا ألن جسم المريض يكون أكثر عرضت للتضرر و هذا بسبب نقص المناعة‬
‫و غيرها من األسباب ‪ ،‬و لهذا فان األخطاء الناتجة عن األدوات الطبية هي أخطاء فنية ال عادية ‪.‬‬
‫‪ 1‬محمد لمين موالي ‪ ،‬أنواع الخطأ الطبي و صوره في المسؤولية المدنية للطبيب الممارس في القطاع الخاص ‪ ،‬مجلة القانون و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي بلعباس ‪ ،‬العدد األول ‪ ، 2015 ،‬ص ‪. 161‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬مريم بوشري ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬جامعة خنشلة ‪ ،‬العدد ‪ ، 2015 ، 04‬ص ‪. 157‬‬
‫‪ 4‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 246‬‬

‫‪28‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬درجة الخطأ الموجب للمسؤولية ‪:‬‬

‫بع د التط رق الى طبيع ة الخط أ الط بي ‪ ،‬يط رح اإلش كال بخص وص درج ة الخط أ ال ذي ُيق وم المس ؤولية فه ل‬
‫تقتصر على الخطأ الجسيم فقط ؟ أم تمتد هذه المسؤولية الى الخطأ اليسير أيضا ؟‬

‫‪_1‬الخطأ الجسيم ‪:‬‬

‫يقصد بالخطأ الجسيم قانونا ‪ " :‬أنه ذلك الخطأ الغير عمدي و الذي ال تتوفر فيه نية اإلضرار بالغير" ‪ ،‬لكن‬
‫بسبب جسامة هذا الخطأ لجأ فقهاء الرومان الى تشبيه هذا الخطأ بالخطأ العمدي و الخطأ التدليسي و حتى‬
‫بالغش و هذا من نواحي معينة ‪ ،‬فالخطأ الجسيم بصفة عامة هو ‪ " :‬ذلك الخطأ الذي ال يص در إال من أق ل‬
‫الناس تبصراً "‪. 1‬‬

‫‪_2‬الخطأ اليسير‪:‬‬

‫لقد جاء الخطأ اليسير على عكس الخطأ الجسيم { الخطأ التافه } فتطبيقا على األخطاء الطبية أنه من الممكن‬
‫أن يكون خطأ الطبيب يسيرا فال يستوجب مسائلته و ال تعويضه للمضرور ‪.‬‬

‫لق د ج اءت العدي د من النظري ات بفك رة الخط أ الجس يم و الخط أ اليس ير في تق ييم األخط اء الطبي ة ال تي ُيس تلزم‬
‫تعويضها و التي ال ُيستلزم تعويضها ‪ ،‬لكنها واجهت صدا كبيراً ‪ ،‬و هذا ألن الخطأ الطبي ال يتدرج و من‬
‫غير الممكن أن يكون هناك خطًأ عاديا و خطًأ فنيا ‪ ،‬فكل األخطاء الطبية هي أخطاء فنية تقنية متى تحققت‬
‫ترتب عنها مسؤولية و بالتالي يترتب عن هذه المسؤولية تعويضاً ‪.‬‬

‫اء على ه ذا فخط أ الط بيب خط أ واح داً تتم مس ائلته عن ه س واء ك ان ه ذا الخط أ يس يراً أو جس يماً ألن ك ل‬
‫و بن ً‬
‫األخطاء التي يتعرض لها جسم اإلنسان هي أخطاء جسيمة و هذا لمدى خطورة المساس بهذا األخير ‪،‬‬

‫حيث أنه من الممكن أن يكون الخطأ يسيراً لكنه يعرض المريض الى أضرار في جدة الخطورة و مثال عن‬
‫هذا " ‪.‬‬

‫‪_3‬معيار الخطأ الطبي ‪:‬‬

‫لتحديد المعيار الذي يتم عليه قياس الخطأ ال بد و التطرق في األول الى طبيعة االلتزامات الواقعة على‬
‫عاتق الطبيب ‪ ،‬فااللتزام الواقع على عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية كأصل عام حيث ال يضمن الطبيب‬
‫الوصول إلى أي نتيجة كانت ‪ ،‬فهو ال يلتزم بما يحصل للمريض من تطورات طبيعية للمرض خارجة عن‬
‫عمله الفني ‪ ،‬كذلك ال يلتزم بأن ال يزداد هذا المرض سوءاً ‪ ،‬كما أنه ال يلتزم بأن ال يموت المريض الذي‬
‫هو قائم على رعايته‪ ، 2‬و كاستثناء عن األصل العام فلطبيب التزام بتحقيق نتيجة المتمثل في سالمة المريض‬

‫محمد لمين موالي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 164‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد رايس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 10 9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪29‬‬
‫س واء على أس اس االل تزام الم برم في العق د أو ب النظر الى نص الق انون ‪ ،‬فمن االلتزام ات ال تي يل تزم فيه ا‬
‫الطبيب بتحقيق نتيجة هي نقل الدم الذي يجب أن يكون مطابقا لزمرة دمه و أن يكون سليما خاليا من العيوب‬
‫‪ ،‬إضافة الى التحاليل الطبية العادية التي هي أيضا ال بد أن تكون نتيجتها دقيقة خالية من األخطاء‬

‫فتترب على الطبيب المسؤولية بمجرد تحقق الضرر للمريض و ال يستطيع أن يدفع الطبيب هذه المسؤولية‬
‫اال بإثب ات الس بب األجن بي ال ذي ال ي د ل ه في ه ‪ ،‬و يس تثنى من التحالي ل الطبي ة التحالي ل الطبي ة الدقيق ة و مث ال‬
‫عنها التحاليل الخاصة بمرض السرطان { عافانا اللّه و إياكم } التي ال توجد فيه أصول علمية دقيقة‪، 1‬‬

‫الى جوار هذا التزام الطبيب بحسن االستعمال لألدوات الطبية التي تتطلب عناية خاصة و معرفة ال بد و أن‬
‫تك ون كافي ة الس تعمالها ‪ ،‬إن تط ور ه ذه اآلالت و األجه زة س اهم و بش كل كب ير في المس اعدة الى الوص ول‬
‫لنتيجة معينة سواء المساعدة في الفحص أو التشخيص ‪ ،‬سواء في الجراحة التي من غير الممكن أن تتم دون‬
‫هذه األدوات ‪ ،‬لكن هذه األخيرة تترتب عنها _في غالب األحيان_ أضرار متفاوتة تؤدي بالمريض سواء الى‬
‫تفاقم المرض أو ظهور أعراض أمراض جديدة و أحيانا الى الوفاة ‪ ،‬فالبد على الطبيب أن يتأكد من سالمة‬
‫ه ذه األدوات س واء من ناحي ة التص نيع أو من ناحي ة التعقيم و نظافته ا من األم راض المعدي ة ‪ ،‬فالمس ؤولية‬
‫القائم ة بس بب ه ذه األدوات ال يعفى منه ا الط بيب المس ؤول ح تى ول و ك ان العيب فيه ا راج ع للمنتج اذا تس قط‬
‫عنه المسؤولية بإثبات السبب األجنبي فقط الذي ال يد فيه‪.‬‬

‫إض افة الى تركيب ات األعض اء الص ناعية و عملي ات التجمي ل ف المرض يلج أ هن ا للحص ول على نتيج ة معين ة‬
‫سواء تركيب عضو فقده المريض من قبل أو تحسينه عن طريق عمليات التجميل ‪.‬‬

‫أ_ المعيار الشخصي{ الواقعي الذاتي } للخطأ الطبي ‪:‬‬

‫يقصد بالمعيار الشخصي ‪ " :‬التزام الطبيب بما اعتاد على بذله من يقظة و تبصر " ‪ ،‬فهذا المعيار يعمل على‬
‫البحث في حال ة الط بيب الم رتكب للخط أ ‪ ،‬حيث أن ه اذا تم التأك د من ه ذا الفع ل الض ار ك ان من الممكن أن‬
‫يتف اداه الط بيب أعت بر مخطئ اً ‪ ،‬و العكس ص حيح اذا تم التأك د من ه ذا الفع ل الض ار ك ان س يقع ال مح ال ف ان‬
‫الطبيب هنا ال يعتبر مخطئاً‪. 2‬‬

‫ب_ المعيار الموضوعي { المجرد } للخطأ الطبي ‪:‬‬

‫حي }‬
‫يقصد بالمعيار الموضوعي ‪ " :‬تقدير سلوك الطبيب بالقياس على سلوك طبيب آخر { ذي ضمير ًّ‬

‫‪ pdf (kau.edu.sa).36183_64817‬ص ‪. 15‬‬ ‫‪1‬‬

‫بلعيد بوخرس ‪ ،‬الخطأ المدني للطبيب أثناء التدخل الطبي ‪ ،‬المجلة النقدية ‪ ،‬جامعة مولود مهري تيزي وزو ‪ ،‬ص ‪. 359‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪30‬‬
‫حلى حد قول { ‪ ، 1} Leigal‬نالحظ من هذا التعريف أنه لمعرفة ما اذا كان الطبيب مخطئا في فعله أم ال من‬
‫الض روري مقارنت ه بط بيب من نفس مجال ه و اختصاص ه س واء ط بيب ع ام أو ط بيب خ اص مستخلص ين من‬
‫هذه المقارنة صحة الفعل الذي قام به الطبيب ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الضرر الطبي ‪:‬‬

‫بع د تطرقن ا للخط أ الط بي و توقفن ا على أهم النق اط ‪ ،‬فق د تناولن ا في الف رع الث اني من ه ذا المطلب " ركن‬
‫الضرر " ‪ ،‬الذي يعد العنصر األهم في هذه المسؤولية و هذا إلمكانية تحقق هذا المسؤولية فقط بتوفره اذ من‬
‫الممكن أن تتحقق دون ركن الخطأ اتباعيا لفكرة تحمل التبعة و فكرة الضمان أي النظرية المادية بصفة عامة‬
‫‪.‬‬

‫‪ _1‬مفهوم الضرر الطبي ‪ " :‬يعرف الضرر بأنه ‪ " :‬األذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من‬
‫حقوقه ‪ ،‬أو مصلحة مشروعة له ‪ ،‬سواء تعلق ذلك الحق أو تلك المصلحة بسالمة جسمه أو عاطفته أو بماله‬
‫أو حريت ه أو ش رفه أو غ ير ذل ك أو ه و األذى ال ذي يص يب الش خص من ج راء المس اس بح ق من حقوق ه أو‬
‫مصلحة مشروعة "‪.2‬‬

‫فالض رر الط بي في تعريف ه ال يخ رج عن التع اريف آنف ة ال ذكر ‪ ،‬فق د ع رف أيض ا على أن ه ‪ " :‬م ا يص يب‬
‫الم ريض من ج راء الخط أ الط بي س واء ك ان ذل ك مساس اً بس المة جس مه من إص ابته بخس ارة مادي ة أو الح اق‬
‫آالم معنوية بنفسه نتيجة ما لحقه من خسارة "‪. 3‬‬

‫حيث تكمن أهمية ركن الضرر فمساعدة القاضي في تقدير التعويض االزم للمضرور ‪.‬‬

‫‪ _2‬شروط الضرر الطبي ‪:‬‬

‫بعد تطرقنا لمفهوم الضرر الطبي ‪ ،‬سنتطرق الى شروطه األساسية لتحققه ‪:‬‬

‫أ_ أن يكون الضرر محققاً ‪:‬‬

‫يشترط في الضرر الطبي أن يكون محقق الوقوع ‪ ،‬لهذا سواء أن يكون حاالً أو مؤكداً الحدوث في المستقبل‬
‫أي أن ال يك ون محتمالً مفترض اً ‪ ،‬و ه ذا ألن ه من الممكن أن يق ع الض رر مس تقبال بش رط أن يك ون مؤك داً ال‬
‫مفترض و مثال عن هذا ‪ " :‬الضرر المستقبل للحروق الناجمة عن تعريض جسم المريض لألشعة التي تبدو‬

‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 285 284‬‬


‫‪ 2‬أمبارك الصادقي ‪ ،‬عبد الحليم بوقرين ‪ ،‬مسؤولية جراح التجميل المدنية و الجزائية ‪ ،‬مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة عمار‬
‫الثليجي االغواط ‪ ،‬المجلد ‪ ، 04‬العدد ‪ ، 2019 ، 02‬ص ص ‪. 925 924‬‬
‫‪ 3‬مسعود بو عبد هللا ‪ ،‬كيفية تقدير القاضي للمسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬مجلة المعالم للدراسات القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس ‪ ،‬العدد الثالث ‪،‬‬
‫‪ ، 2018‬ص ‪. 136‬‬

‫‪31‬‬
‫هينة ‪ ،‬ثم يتمخض عنها ضرر جسيم في المستقبل ‪ ،‬و هو سيقع حتما بصفة أكيدة " ‪ .1‬أما بالنسبة للتعويض‬
‫فال يعوض اال الضرر الطبي المحقق الوقوع و هذا ما جاءت به االحكام القضائية ‪.‬‬

‫ب_ أن يكون الضرر مباشراً و شخصياً ‪:‬‬

‫أي أن يص يب الش خص المط الب ب التعويض س واء ك ان طبيعي اً أو معنوي اً ‪ ،‬م ع الح ق ألوالده و ورثت ه و من‬
‫يعيلهم المطالبة بالتعويض من الطبيب الذي تسبب في الضرر لمعيلهم أو فقدانه ‪ ،‬إضافة أنه البد من أن يكون‬
‫هذا الضرر الشخصي مباشراً أي يكون نتيجة مباشرة عن خطأ الطبيب المعالج و من يكون تحت تبعيته‪. 2‬‬

‫ج_ أن ينصب الضرر على أو مصلحة مشروعة ‪:‬‬

‫اذ أنه من غير الممكن مسائلة المسؤول عن ضرر لم يمس حق ثابت يحميه القانون ‪ ،‬و الذي يتمثل هنا في‬
‫عدم تعرض المريض للضرر أو ضمان سالمة صحته الجسدية و النفسية‪، 3‬‬

‫فالطبيب ملتزم بتحقيق نتيجة في هذا الحق الثابت للطبيب اذ أنه ال بد عليه من حماية المريض من االضرار‬
‫الناتجة عن األدوات الطبيبة و خاصة األدوات االشعاعية التي تعتبر من أخطر األجهزة المعاصرة فأضرارها‬
‫من الممكن أن تكون محققة الوقوع حاالً كما يمكن أن تكون مؤكدة الوقوع مستقبال ‪.‬‬

‫‪ _3‬صور الضرر الطبي العقدي ‪:‬‬

‫ينقسم الضرر الطبي الى نوعين ‪ :‬الضرر المادي الذي بدوره ينقسم الى الضرر الجسدي و الضرر المالي‪ ،‬و‬
‫الضرر المعنوي أو ما يقصد به بالضرر األدبي ‪.‬‬

‫أ_ الضرر المادي ‪:‬‬

‫يعرف الضرر المادي بأنه ‪ " :‬الضرر الذي يصيب اإلنسان في جسده أو ماله أو إخالل بمصلحة ذات قيمة‬
‫مالية "‪ .4‬فالمريض يتعرض الى أضرار مادية تمسه بأعضاء جسمه من تشويه أو بتر و العديد من الحوادث‬
‫الخطيرة كما تصيب هذه االضرار الذمة المالية للمريض و هذا بسبب تكبد مصاريف عالج األضرار التي‬
‫تعرض لها أي غير العالج الذي تقدم من أجله الى المستشفى أو العيادة ‪.‬‬

‫الضرر الجسدي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1‬صبرينة آيت ساحل ‪ ،‬ججيقة آيت ساحل ‪ ،‬الضرر الطبي ‪ ،‬القانون الخاص الشامل ‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية ‪ ، 2013_2012 ،‬ص ص ‪20‬‬
‫‪. 21‬‬
‫‪ 2‬وائل تيسير محمد عساف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 99‬‬
‫‪ 3‬شيماء رمول ‪ ،‬هزار ياحي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 27‬‬

‫‪32‬‬
‫الضرر الجسدي هو الض رر الذي يص يب المريض في جس مه أي المس اس بحق المريض في سالمة جسمه‬
‫فمن الممكن أن يص اب بإص ابة جس دية ت ؤدي ب المريض الى الوف اة أو من الممكن أن ت ؤدي الى ب تر أح د‬
‫أعضاءه الجسدية‪.1‬‬

‫الضرر المالي ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫يقصد بالضرر المالي ‪ ،‬الضرر الذي يصيب الذمة المالية للمريض فبعد تعرض المريض لألضرار الجسدية‬
‫سيلجأ للعالج منها فتكلفه تكاليف عالج أخرى و هذا على حسب قيمة الضرر المتعرض له ‪.‬‬

‫ب_ الضرر المعنوي ‪:‬‬

‫أو م ا يقص د ب ه الض رر األدبي و ه و ك ل ض رر يص يب الم ريض في نفس يته و مش اعره ‪ ،‬فمن الممكن أن‬
‫ي ؤدي ب المريض الى المعالج ة في المص حات النفس ية خاص ة بس بب األخط اء الجس يمة مث ل ب تر األعض اء و‬
‫تش ويه الجس م و الوج ه ‪ ،‬كم ا الح ق لذوي ه في التع ويض عن الض رر المعن وي ال ذي يص يبهم ح ال فق دانهم‬
‫المريض ‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬العالقة السببية بين الخطأ و الضرر ‪:‬‬

‫تع رف العالق ة الس ببية في ه ذا المج ال بأنه ا ‪ " :‬تواج د عالق ة مباش رة م ا بين الخط أ ال ذي ارتكب ه الط بيب‬
‫المسؤول و الضرر الذي أصاب المريض أو المضرور " ‪ ،‬أو هي ‪ " :‬أن يكون خطأ الطبيب هو السبب الذي‬
‫‪2‬‬
‫أدى الى وقوع الضرر بالمريض "‬

‫ان تحديد قيام العالقة السببية في المجال الطبي من عدمها يعد مسألة دقيقة بالنسبة للقاضي الذي يكون مطالب‬
‫بأن ينسب الضرر ألسبابه ‪ ،‬فمن الصعب على القاضي أن يحدد السبب المنتج لهذا الضرر و هذا ألنه هذا‬
‫‪3‬‬
‫الضرر من الممكن أن يقع بسبب العديد من العوامل و األسباب ليس لسبب واحد فقط‬

‫و هذا ما جاء في نص المادة ‪ 182‬من القانون المدني الجزائري ‪ ... " :‬بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية‬
‫لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به و يعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعته الدائن أن‬
‫‪4‬‬
‫يتوفاه ببذل جهد معقول "‬

‫لكن في الكث ير من األحي ان أن يق ع الض رر نتيج ة العدي د من العوام ل مش تركة مم ا يتطلب التط رق الى‬
‫األسس أو المعايير التي ال بد و االعتماد عليها لتحقق رابطة السببية ‪ ،‬فتتمثل هذه المعايير في ‪:‬‬

‫‪ 1‬صبرينة آيت ساحل ‪ ،‬ججيقة آيت ساحل ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ 2‬عبد الهادي بحار ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬قانون طبي ‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس ‪ ، 2018_2017 ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 182‬من القانون رقم ‪ 05_07‬المؤرخ في ‪ 13‬مايو سنة ‪. 2007‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ _1‬نظرية تعدد األسباب ‪:‬‬

‫يقصد بتعدد األسباب أن يتكافأ األسباب لتحقق نتيجة واحدة و ال يمكن للمسؤولية أن تقوم دون سبب من هذه‬
‫األس باب ‪ ،‬فتقوم هذه النظري ة على أن ه من الضروري تع يين الس بب الحقيقي المؤدي الى وق وع هذا الضرر‬
‫حيث ال يمكن اختيار سبب دون سبب فقط لتعددهم بل ال بد و الجمع بين كافة األسباب التي أدت الى وقوع‬
‫الضرر و هذا ما اتفق عليه كافة الفالسفة ‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب األخذ بكافة األسباب مهما كانت أهميتها و‬
‫قربها أو بعدها عن تحقق الضرر‪ . 1‬و يعاب على هذه النظرية أنها تؤدي الى مسائلة العديد من األشخاص‬
‫دون مراع ات االس تثناءات كالس بب األجن بي و الق وة الق اهرة ‪ ،‬إض افة الى االعت داء بأس باب من الممكن أن‬
‫تكون غير فعالة في تحقق الضرر ‪.‬‬

‫‪ _2‬نظرية السبب األقرب ‪:‬‬

‫تعتد هذه النظرية بسبب واحد فقط يكون هو السبب األقرب الى حدوث الضرر دون األسباب األخرى ‪ ،‬حيث‬
‫أنه ا تلج أ للس بب ال ذي يعت بر الض رر نتيج ة الحال ة أو المباش رة ل ه ‪ ،‬كم ا تس مح باختي ار بعض األس باب دون‬
‫األخ ذ به ا جميع اً ‪ ،‬و ه ذا م ا تتم يز ب ه ه ذه النظري ة لكنهت هي ب دورها تعرض ت للنقض ‪ ،‬و ه ذا بأنه ا من‬
‫الممكن أن تستبعد بعض األسباب التي يكون لها دوراً فعاالً في تحقق الضرر‪. 2‬‬

‫‪ _3‬نظرية السبب المنتج ‪:‬‬

‫من معارضي نظرية تعدد األسباب الفقيه األلماني ‪ Von kries‬الذي رد عليها بنظرية السبب الفعال أو السبب‬
‫المنتج ‪ ،‬مص رحاً أن ه من غ ير الممكن الجم ع بين جمي ع األس باب لتحق ق الض رر ب ل من الض روري انتق اء‬
‫السبب الفعال الذي أدى الى وقوع الضرر ‪ ،‬أي بانتفائه تنتفي العالقة السببية ‪ ،‬فرغم االنتقادات التي تعرضت‬
‫لها هذه النظرية اال أنها ال قت انحياز كبير من العديد من الفقهاء فتم اعتمادها من طرف القضاء الفرنسي و‬
‫القانون المصري‪. 3‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬اآلثار الناتجة عن المسؤولية المدنية عن األدوات الطبية‬

‫‪ 1‬شيماء عتروس ‪ ،‬أحكام الخطأ الطبي الجراحي في إطار المسؤولية المدنية ‪ ،‬قانون أعمال ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي ‪ ، 2020_2019 ،‬ص ‪. 18‬‬
‫‪ 2‬خالد علي جابر المري ‪ ،‬المسؤولية المدنية للفريق الطبي بين الشريعة اإلسالمية و القانون الكويتيـ ‪ ،‬القانون الخاص ‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪، 2013 ،‬‬
‫ص ‪. 65‬‬
‫‪ 3‬مسعود بو عبد هللا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 142 141‬‬

‫‪34‬‬
‫بعد تحقق شروط المسؤولية المدنية يترتب عنها جزاء مدني ‪ ،‬و يقصد بهذا األخير ‪ " :‬هو جزاء ذو طابع‬
‫إصالحي يرمي الى جبر الضرر الذي لحق المضرور ‪ ،‬فقد يكون جبراً عينياً ‪ ،‬فيلزم المدين بمختلف الطرق‬
‫القانوني ة بتنفي ذ م ا أل تزم ب ه ‪ ،‬أو الحكم علي ه ب دفع التعويض ات "‪ ، 1‬فبتحق ق المس ؤولية المدني ة الطبي ة عن‬
‫األض رار الناتج ة عن األجه زة و األدوات الطبي ة ي ترتب على المس ؤول تع ويض الم ريض عم ا أص ابه من‬
‫ضرر سواء كان ذللك بسبب خطأ في استعمال اآللة الطبية أو بسبب عيب يشوب هذه األخيرة ‪ ،‬حيث يتقدم‬
‫المريض المتضرر الى المحاكم المختصة في المطالبة بالتعويض في صورة الدعوى المدنية التي لتحريكها و‬
‫اس تفادة الم ريض المتض رر منه ا ال ب د من اس تفاء كاف ة ش روطها ‪ ،‬فاله دف منه ا ه و تحص ل الم ريض على‬
‫التعويض س واء ك ان الضرر المتع رض ل ه ض ررا جس مانياً ‪ ،‬مالي اً أو أدبي اً أو أن يس تفيد ذوي ه أو ورثت ه من‬
‫ابتداء من مفهومها ‪ ،‬شروطها ‪ ،‬و‬
‫ً‬ ‫التعويض اثر وفاته ‪ ،‬تطرقن ا في هذا الفصل الى الدعوى المدنية الطبية‬
‫أطرافه ا ‪ ،‬إض افة الى االختص اص القض ائي في نظ ر دع وى المس ؤولية { المبحث األول } ‪ ،‬فبع د التع رض‬
‫ألحك ام ال دعوى المدني ة و تحققه ا أم ام المح اكم المختص ة ال ب د و التط رق الى أحك ام التع ويض من مف اهيم ‪،‬‬
‫أنواع ه و كيفي ة تق دير القاض ي للتع ويض عن المس ؤولية المدني ة الطبي ة اختتام اً بعق د الت أمين في المس ؤولية‬
‫المدنية الطبية ‪ .‬انطالقاً مما سبق نطرح األسئلة اآلتية ‪:‬‬

‫_ ماذا يقصد بالدعوى المدنية و فيما تتمثل شروطها ؟‬

‫_ من هم أطراف دعوى المسؤولية المدنية لألدوات الطبية ؟‬

‫_ فيما تتمثل دفوع و طلبات كال من الطرفين ؟‬

‫_ كيف يتم تحديد اختصاص المحاكم المختصة في النظر في الدعوى المدنية الطبية ؟‬

‫_ ماذا يقصد بالتعويض ؟ و ماهي أنواعه ؟‬

‫_ الى أي مدى يكون المدعى عليه مؤمن من المسؤولية المدنية الطبية ؟‬

‫المبحث األول ‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية عن االضرار الناجمة الستخدام األدوات الطبية‬

‫المطلب األول ‪ :‬شروط مباشرة دعوى المسؤولية المدنية‬

‫علي فياللي ‪ ،‬مقدمة في القانون ‪ ،‬موفم للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2010 ،‬ص ‪. 86‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪35‬‬
‫يقصد بالدعوى المدني ة ‪ " :‬الطلب المقدم الى المحكمة المختصة للحكم لصاحب الحق بالتعويض "‪ ، 1‬و‬
‫به ذا فال دعوى المدني ة هي الس بيل التي يلج أ ل ه الم ريض المتضرر من أج ل اس تحقاقه للتع ويض عن الض رر‬
‫ال ذي أص ابه من ط رف المس ؤول س واء تحققت المس ؤولية على ع اتق الط بيب أو المستش فى ‪ ،‬و لكي يس تفيد‬
‫المريض من مباشرة الدعوى ال بد من تحقق شروطها و المتمثلة في ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المدعي‬

‫ان المدعي في المسؤولية المدنية عن األدوات الطبية هو المريض المتضرر من استعمال هذه األدوات التي‬
‫يستعين بها الطبيب أو الجراح في قيامه بالعمل الطبي ‪ ،‬و هذا سواء نقص معرفة الطبيب بهذه األدوات أو‬
‫أن ه تم اس تعمالها زي ادة عن الل زوم ‪ ،‬فيتع رض الم ريض الى أض رار خط يرة من ش أنها أن ت ؤدي بحيات ه ففي‬
‫هذه الحالة األخيرة ينتقل حق التعويض الى ذويه و ورثته أو الى خلفه العام بصفة عامة ‪.‬‬

‫و يش ترط في الم دعي الم ريض أن تت وافر في ه بعض الش روط وفق ا لنص الم ادة ‪ 13‬من ق انون اإلج راءات‬
‫المدنية و اإلدارية ‪ " :‬ال يجوز ألي شخص التقاضي مالم تكن له صفة ‪ ،‬و له مصلحة قائمة أو محتملة يقرها‬
‫‪2‬‬
‫القانون ‪"...‬‬

‫نالحظ من نص المادة سابقة الذكر أنه ليتمكن المضرور من مباشرة الدعوى ال بد و أن تتوفر فيه الصفة ‪،‬‬
‫المصلحة و األهلية ‪ ،‬فاذا انتف شرط االهلية ينتقل حق التقاضي الى ولي أو وصي المريض و يكون تمام‬
‫األهلية ببلوغ ‪ 19‬سنة كاملة متمتعاً بكامل قواه العقلية و هذا ما جاء في نص المادة ‪ 40‬من القانون المدني‪.3‬‬

‫أما بنسبة لموضوع الدعوى هنا ‪ ،‬هو مطالبة المريض المتضرر من استعمال األدوات و األجهزة الطبية من‬
‫أش عة و أدوات جراحي ة و غيره ا من األدوات المتط ورة و ال ذي يق ع على ع اتق المس ؤول من دف ع ه ذا‬
‫التع ويض ‪ ،‬حيث أن ه ذا الض رر المتع رض ل ه من الممكن أن يص يب الم ريض مباش رة و من الممكن أن‬
‫يتع رض ل ه ذوي الم ريض في حال ة وف اة ه ذا األخ ير‪ ، 4‬و يطل ق علي ه اس م الض رر المرت د ال ذي يص يب‬
‫المريض و ينتقل الى ذويه فينتقل معه الحق في التعويض ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المدعى عليه‬

‫‪ 1‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 433‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 09_08‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1924‬الموافق ل ‪ 15‬فبراير سنة ‪ ، 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية ‪ ،‬ص‬
‫‪.4‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر تيزي ‪ ،‬الفعل المستحق للتعويض كمصدر من مصادر اإللتزام ‪ ،‬مطبوعة خاصة بمحاضرات في القانون المدني ‪ ،‬جامعة جياللي ليابس ‪،‬‬
‫‪ ، 2020_ 2019‬ص ‪. 55‬‬
‫‪ 4‬زينة قدرة لطيف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 438‬‬

‫‪36‬‬
‫الم دعى علي ه ه و الش خص المس ؤول عن الفع ل الض ار أي المتس بب في الض رر س واء ك ان شخص اً طبيعي اً‬
‫كالطبيب أو مساعديه أو كان شخصاً معنوياً كالمستشفيات العامة أو الخاصة ‪ ،‬فيكون يا إما مسؤول عن فعله‬
‫الشخصي أو عن فعل التابعين له أو عن فعل الشيء محل حراسته ‪ ،‬فالمدعي هنا بصفة عامة هو الطبيب‬
‫المستعمل لألدوات و األجهزة الطبية ‪ ،‬فلتع يين المدعى عليه نواج ه العديد من الح االت و التي قمنا بترتيبها‬
‫كالتالي ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬المؤسسات العمومية االستشفائية كطرف في الدعوى { المدعى عليه }‬

‫ع رفت المستش فيات العام ة في الم ادة ‪ 02‬من المرس وم التنفي ذي ‪ 140 _ 07‬ب أن‪ " :‬المؤسس ة العمومي ة‬
‫االستش فائية هي مؤسس ة عمومي ة ذات ط ابع إداري تتمت ع بالشخص ية المعنوي ة و االس تقالل الم الي و توض ع‬
‫تحت وص اية ال والي"‪ . 1‬نالح ظ من نص الم ادة أن المؤسس ات العمومي ة االستش فائية تخض ع للق انون اإلداري‬
‫فهي تتبع في إدارتها الى مديريات الصحة و الى وصاية وزارة الصحة‪ ، 2‬يخضع األطباء العاملين الى نظام‬
‫المؤسس ات االستش فائية الى نظ ام ذو ط ابع إداري و ه ذا بس بب العالق ة م ا بين الط بيب و المستش فى الع ام‬
‫المتمثل ة في عالق ة تنظيمي ة الئحية‪ Réglementaire‬و ليس ت عالق ة تعاقدي ة ‪ ،‬ف ان الضرر الن اتج عن خطأ‬
‫الطبيب بسبب األجهزة و األدوات الطبية بسبب نظافتها أي أن األدوات المستعملة غير معقمة ‪ ،‬فان المؤسسة‬
‫العمومية االستش فائية هي التي تتحم ل المسؤولية عن الط بيب المسؤول و هذا تأسيس ا على مسؤولية المتبوع‬
‫عن تابعه ‪ ،‬كون أن الطبيب التابع للمستشفى العام يعد تابعاً لهذا األخير و بهذا تتحمل عنه هذه المسؤولية ‪ ،‬و‬
‫من المع روف لقي ام المسؤولية الغ ير عقدي ة له ذه األجه زة ال ب د و اإلش ارة الى المس ؤولية الش يئية ال تي ترتب‬
‫حراس ة الش يء الم ادة ‪138‬من الق انون الم دني الجزائ ري تطبيق ا لألجه زة الطبي ة ‪ ،‬حيث يش ترط لقي ام ه ذه‬
‫األخيرة أن يتولى شخص حراسة األجهزة التي تتطلب حراستها عناية خاصة ‪ ،‬فقد يكون هذا الحارس شخصاً‬
‫طبيعي اً ك الطبيب كم ا أن يك ون شخص اً معنوي ا كالمستش فى الع ام و به ذا فالمستش فى الع ام يعت بر المال ك له ذه‬
‫األجه زة فبت الي ب رغم من أن الط بيب ه و المس تعمل له ذه األجه زة و من الممكن أن تنتق ل ل ه الحراس ة اال أن‬
‫هذا األخير ال يعتبر حارساً لها و بهذا يبقى الحارس الوحيد عن هذه األجهزة هو المالك لها { المستشفى العام‬
‫} ‪ ،‬حتى و إن كانت للطبيب السيطرة الفعلية لألدوات الطبية ‪ ،‬فالطبيب يعمل لصالح متبوعه ‪ ،‬فينتفى ركن‬
‫الحراسة المعنوية للطبيب‪، 3‬‬

‫و ه ذا بت وفر ش روط مس ؤولية المتب وع عن تابع ه المتمثل ة في اثب ات الض حية وج ود عالق ة تبعي ة بين الت ابع‬
‫المتسبب في الضرر و المتبوع المسؤول عن جبر هذا الضرر الذي ترتب عن فعل التابع حالة تأديته الوظيفة‬
‫أو بسببها ‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 140_07‬المؤرخ في ‪ 2‬جمادى األولى عام ‪ 1428‬الموافق ل ‪ 19‬مايو سنة ‪ ، 2007‬يتضمن إنشاء المؤسسات‬
‫العمومية االستشفائية و المؤسسات العمومية للصحة الجوارية و تنظيمها و سيرها ‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬العدد ‪ ، 33‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ 2‬نبيل آيت شعالل ‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب في المستشفياتـ العامة ‪ ،‬مجلة القانون و المجتمع ‪ ،‬جامعة سطيف ‪ ، 2‬المجلد ‪ ، 09‬العدد ‪ ، 02‬سنة ‪2021‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 325‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه ‪. 336 ،‬‬

‫‪37‬‬
‫و تأسيسا على هذا بعد أن يستفيد المريض المتضرر من التعويض الذي تتحمله إدارة المستشفى العام فان لهذا‬
‫األخير الحق بالرجوع على الطبيب صاحب الفعل المستحق للتعويض في حالة ما اذا كان هذا الفعل قد سبب‬
‫ضررا جسيماً و هذا بالمعيار التحديدي الوارد في نص المادة ‪ 137‬التي تنص على ‪ " :‬للمتبوع حق الرجوع‬
‫على تابع ه في حال ة ارتكاب ه خط أ جس يماً " ‪ .‬فيح ق للمستش فى الرج وع على الط بيب المس ؤول إم ا ب دعوى‬
‫الحلول أو عن طريق التنفيذ اإلداري‪. 1‬‬

‫أما بالنسبة للممرض ‪ ،‬فان هذا األخير يتلقى األوامر من الطبيب المسؤول‪ ،‬و بهذا يعد الطبيب متبوع عرضياً‬
‫من المساعد الذي صدر عنه الخطأ فان مفاد هذه العرضية هو أن الطبيب مسؤول برقابة مساعديه و توجيههم‬
‫أثن اء م زاولتهم للمهن ة ‪ ،‬فبمج رد أن تتفي ه ذه الرقاب ة تع ود تبعي ة المس اعدين الى المستش فى الع ام باعتب اره‬
‫المتبوع األصلي‪.2‬‬

‫اضافة الى الطبيب الجراح الذي يعتبر هو اآلخر تابع الى المستشفى العام ‪ ،‬فتترتب مسؤولية هذا األخير عن‬
‫سوء استعمال األدوات الطبية و ما تسبب من اضرار الناتجة عن الطبيب الجراح ‪ ،‬فتتحقق مسؤولية التابع و‬
‫المتبوع المؤدية الى تحقق المسؤولية الشيئية ‪ ،‬كما أن أخصائي الجراحة لمباشرته لعمله الجراحي ال بد من‬
‫استعانته بطاقم الطبي الذي يتمثل في العديد من المختصين الذين يتم تعيينهم عن طريق إدارة المستشفى العام‬
‫فليس للطبيب الجراح السلطة في اختيار طاقمه الطبي ‪ ،‬مع هذا تترتب عليه مسؤولية المتبوع عن تابعه في‬
‫حالة ما سبب أحد معاونيه ضررا للمريض جراء االستعانة باألجهزة الطبية أو األدوات الجراحية ‪ ،‬باعتباره‬
‫‪3‬‬
‫المشرف أثناء مباشرة الفعل الجراحي ‪ ،‬فهو الذي يصدر األوامر الى مساعديه‬

‫ثانياً ‪ :‬المؤسسات االستشفائية الخاصة كطرف في الدعوى { المدعى عليه }‬

‫ع رفت الم ادة ‪02/1‬من المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 321_07‬المؤسس ات االستش فائية الخاص ة ب أن ‪ " :‬المؤسس ة‬
‫االستشفائية الخاصة هي مؤسسة عالج و استشفاء تمارس فيها أنشطة الطب و الجراحة بما فيها طب النساء‬
‫و التولي د و أنش طة االستكش اف ‪ ، 4"...‬فمن بين االلتزام ات المح ددة في الق انون س ابق ال ذكر ف ان العي ادة‬
‫الخاصة تلتزم أيضا بتوفير و تقديم كل سبل الراحة للمرضى من حسن إيواء و حسن المراقبة و المعاملة من‬
‫ط رف األطب اء و المس اعدين و ه ذا مراع اة لح التهم النفس ية ‪ ،‬و من االلتزام ات الواقع ة على ع اتق العي ادات‬
‫الخاصة تجهيز اإلمكانيات المناسبة و األجهزة و األدوات االزمة مع ضرورة التأكد من صالحيتها و هذا قبل‬
‫التدخل الجراحي‪ ، 5‬تربط العيادة و الطبيب عالقة تعاقدية يخضع فيها الطبيب الى نظام األجير فيتلقى على‬
‫‪ 1‬عبد الكريم بلعرابي ‪ ،‬محمد سعداوي ‪ ،‬ملتقى وطني حول المسؤولية الطبية ‪ ،‬معهد العلوم القانونية و اإلدارية جامعة مولود معمري ‪ ،‬تيزي وزو ‪،‬‬
‫‪ ، 2008‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ 2‬نبيل آيت شعالل ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 332‬‬
‫‪ 3‬صبرينة منار ‪ ،‬مدى مسؤولية الطبيب الجراح عن أخطاء مساعديه في المستشفيات العامة ‪ ،‬مجلة أبحاث قانونية و سياسية ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ 1‬بن يوسف‬
‫بن خدة ‪ ،‬المجلد ‪ ، 07‬العدد ‪ ، 2022 ، 01‬ص ‪. 1392‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 321_07‬مؤرخ في ‪ 10‬شوال عام ‪ 1428‬الموافق ‪ 22‬أكتوبر سنة ‪ ، 2007‬يتضمن تنظيمـ المؤسسات‬
‫االستشفائية الخاصة و سيرها ‪ ،‬ج ر عدد ‪ ، 67‬ص ‪. 11‬‬
‫‪ 5‬خالد عنقر ‪ ،‬مسؤولية طبيب العيادة الخاصة عن أخطاء استعمال األدوات و األجهزة الطبية من الناحية القانونية ‪ ،‬المجلة الجزائرية للحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة مستغانم ‪ ،‬العدد األول ‪ ، 2016 ،‬ص ‪. 151‬‬

‫‪38‬‬
‫أعمال ه الطبي ة اتعاب اً و ه ذا م ا ج اء في نص الم ادة ‪ 27‬من مدون ة أخالقي ات الطب ‪ ،‬فتق وم عالق ة الط بيب‬
‫بالعي ادة الخاص ة على عالق ة التبعي ة ‪ ،‬و ه ذا أن الط بيب ت ابع له ذه المؤسس ة فيطب ق م ا ج اء في نص الم ادة‬
‫‪ 136‬من الق انون الم دني الجزائ ري ال تي تقابله ا الم ادة ‪ 5_1384‬من الق انون الم دني الفرنس ي ‪ ،‬و يطب ق م ا‬
‫سبق ذكره على الطبيب الجراح و المخدر و القابلة‪. 1‬‬

‫تجم ع الط بيب و الم ريض عالق ة تعاقدي ة محله ا العق د االستش فائي ‪ Contrat d'hospitalisation‬و ه و عق د‬
‫مدني و ليس بعقد تجاري ‪ ،‬فبعد اجراء الكشف على المريض من قبل الطبيب المختص يتم إدخاله للعيادة من‬
‫أجل مباشرة العالج فتترتب التزامات الطبيب مباشرةً وفق اً ما جاءت به أصول المهنة و هذا مالم ينص العقد‬
‫المتفق عليه في غير ذلك فاذا أخل هذا األخير بالتزام ضمان سالمة المريض من األجهزة و األدوات الطبية‬
‫المس تعملة يتمكن الم ريض المض رور من الرج وع على الط بيب على أس اس المس ؤولية العقدي ة ‪ ،‬و ه ذا أن‬
‫هن اك ج انب من الفق ه من يكي ف ه ذه العق ود بأنه ا " اش تراط لمص لح الغ ير " أي أن الط بيب الت ابع للعي ادات‬
‫الخاص ة م ا ه و اال متعه د يل تزم بتق ديم خ دمات طبي ة لمس تفيدون { المرض ى } الالج ئين للجه ة المش ترطة‬
‫المتمثل ة في إدارة المستش فى الخ اص حيث أن ه ذا االش تراط حص ل لمص لحة فئ ة غ ير معي نين وقت اب رام‬
‫العقد ‪ ،‬و هذا ألن هذه الفئة { المرضى } قابلون للتعين وقت التنفيذ ‪ ،‬و تأسيس اً على هذا فان للمستفيد الحق‬
‫في دع وى مباش رة وفق اً للعق د الم برم يس تعملها في مواجه ة المتعه د ليطالب ه ب التعويض ‪ ،‬و على ه ذا ف ان‬
‫مسؤولية الطبيب عن األدوات و األجهزة الطبية تكون مسؤولية عقدية‪. 2‬‬

‫و على هذا فاذا تحققت المسؤولية على عاتق العيادة الخاصة و قامت بتعويض المريض ‪ ،‬فلها الحق بالرجوع‬
‫على الطبيب المسؤول بمسؤولية التابع ‪.‬‬

‫أما الطبيب الجراح فإن عالقته بالعيادة الخاصة أو المستشفيات الخاصة هي أيض اً ما هي اال عالقة تابع‬
‫لمتبوع ه ‪ ،‬تابع ة هي ك ذلك الى نص الم ادة ‪ 136‬من الق انون الم دني ‪ ،‬في نص ها على مس ؤولية المتب وع‬
‫{ العيادة الخاصة } و هذا عن الضرر المترتب عن تابعه { الطبيب الجراح } بفعله الغير المشروع ‪ ،‬و هذا‬
‫دون تفرقة ما اذا كان هذا الفعل الغير مشروع خطًأ فني اً أو غير فني مادام أن الغاية من أخصائي الجراحة‬
‫ه و االس تفادة من عمل ه الف ني في مج ال الجراح ة ‪ ،‬فب الرجوع الى أحك ام المرس وم ‪ 276_92‬المتض من‬
‫أخالقيات مهنة الطب حيث أن المشرع نص على وجوب تحرير عقد كتابي عند التعاقد بين أخصائي الجراحة‬
‫‪5‬‬
‫و العيادة المتعاقد معها و هذا ما جاءت به المواد ‪. 884 ، 873‬‬

‫‪ 1‬خيرة بن سويسي ‪ ،‬النظام القانوني للمؤسسات االستشفائية الصحية الخاصة ‪ ،‬مجلة البحوث القانونية و السياسية ‪ ،‬جامعة سعيدة ‪ ،‬العدد الثالث ‪، 2014 ،‬‬
‫ص ‪. 290‬‬
‫‪ 2‬خالد عنقر ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 152 151‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 87‬من المرسوم رقم ‪ 276_96‬المتضمن أخالقيات الطب تنص على ‪ " :‬يجب أن تكون الممارسة المعتادة للطب أو جراحة األسنان ‪ ،‬مهما كان‬
‫شكلها ‪ ،‬في مؤسسة أو مجموعة أو عيادة أو أي مؤسسة أخرى ‪ ،‬خاضعة في كل الحاالت لعقد كتابي‪. "...‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 88‬من المرسوم نفسه ‪ " :‬ال تطبق تدابير المادة السالفة على األطباء و جراحي االسنان ‪ ،‬العاملين ضمن هياكل تخضع لسلطة الوزارة المكلفة‬
‫بالصحة "‪.‬‬
‫‪ 5‬عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪. 102 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫تشترك األطراف سابقة الذكر في الخضوع الى كل من ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫القانون ‪ 03_09‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير سنة ‪ 2009‬المتضمن حماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬حيث جاءت‬
‫المادة ‪ 09‬من هذا القانون ‪ " :‬يجب بأن تكون المنتوجات الموضوعة لالستهالك مضمونة و تتوفر على‬
‫األمن ب النظر الى االس تعمال المش روع المنتظ ر منه ا ‪ ،‬و أن ال تلح ق ض رراً بص حة المس تهلك و أمن ه و‬
‫مصالحه ‪ ،‬و ذلك ضمن الشروط العادية لالستعمال أو الشروط األخرى الممكن توقعها من قبل المتدخلين‬
‫"‪ ، 1‬حيث عرف نفس القانون المستهلك في المادة ‪ 03/1‬بأن ه ‪ " :‬كل شخص طبيعي أو معنوي ‪ ،‬يقتني‬
‫بمقابل أو مجانا ‪ ،‬سلعة أو خدمة موجهة لالستعمال النهائي من أجل تلبية حاجته الشخصية أو تلبية حاجة‬
‫شخص آخر أو حيوان تتكفل به ‪ "...‬نالحظ من استقراء النصوص السابقة بأن المستهلك من الممكن أن‬
‫يكون شخص طبيعي أو شخص معنوي فان المستهلك محل دراستنا من الممكن أن يتمثل في المستشفى‬
‫الع ام أو المستش فى الخ اص كش خص معن وي ‪ ،‬أن من الممكن أن يك ون الم ريض أو الط بيب كش خص‬
‫ط بيعي ‪ ،‬ففي حال ة ت رتب مس ؤولية على أح د األش خاص الس ابق ذك رهم ‪ ،‬يمكن للمتحم ل للمس ؤولية‬
‫المنتج أي ُمصنع هذه اآلالت و األدوات الطبية وفقاً لنص المادة ‪ 140/1‬مكرر من القانون‬
‫بالرجوع على ُ‬
‫الم دني ال تي تنص على ‪ " :‬يك ون المنتج مس ؤول عن الض رر الن اتج عن عيب في منتوج ه ح تى ول و لم‬
‫تربطه بالمضرور عالقة تعاقدية‪ ."...‬حيث يستفيد كل مستهلك من ضمان عيوب هذه األجهزة و هذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 13‬من المرسوم ‪ " : 03_09‬يستفيد كل مقتن ألي منتوج سواء كان جهازا أو أداة أو‬
‫آلة أو عتاداً أو مركبة أو أي مادة تجهيزية من الضمان بقوة القانون ‪ .‬يجب على كل متدخل خالل فترة‬
‫الضمان المحددة ‪ ،‬في حالة ظهور عيب بالمنتوج ‪ ،‬استبداله أو ارجاع ثمنه ‪ ،‬أو تصليح المنتوج أو تعديل‬
‫الخدم ة على نفقت ه ‪ ، "...‬يالح ظ من نص هذه الم ادة أن ك ل مستهلك ألجه زة أو أدوات أي ك ان نوع ا ل ه‬
‫الح ق في الرجوع على المت دخل في حال ة م ا اذا تم مواجه ة عي وب في ه ذا المنت وج ‪ ،‬و ه ذا على أساس‬
‫المنتج للمستهلك ‪ ،‬و هذا ما جاء به أيض اً المرسوم التنفيذي رقم ‪ 266_90‬المؤرخ‬
‫الضمان الذي يضمنه ُ‬
‫في ‪ 15‬س بتمبر ‪ 1990‬المتعل ق بض مان المنتوج ات و الخ دمات عمالً بالق انون رقم ‪ 02_85‬الم ؤرخ في‬
‫‪ 07‬ف براير س نة ‪ 1989‬حيث نص ة الم ادة ‪ " : 032‬يجب على المح ترف أن يض من س المة المنت وج ال ذي‬
‫يقدمه من أي خطر ينطوي عليه ‪ .‬و يسري مفعول هذا الضمان لدى تسليم المنتوج " ‪.‬‬

‫إض افة الى الق انون رقم ‪ 03_83‬الم ؤرخ في ‪ 05‬ف براير س نة ‪ 1983‬المتض من حماي ة البيئة‪ ، 3‬حيث‬
‫نصت ‪ 102‬منه على ‪ " :‬يهدف هذا الفصل الى تحديد المبادئ العامة للحماية من األخطار التي يمكن أن‬
‫تنجم عن اإلش عاعات األيوني ة ‪ .‬و يطب ق على ك ل نش اط يقتض ي حماي ة الس كان و البيئ ة ‪ ...‬و اس تعمالها‬

‫‪ 1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 03_09‬المؤرخ في ‪ 29‬صفر عام ‪ 1430‬الموافق ‪ 25‬فبراير سنة ‪ ، 2009‬يتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش ‪ ،‬ج ر العدد‬
‫‪ ، 15‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ 2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 266_90‬المؤرخ في‬
‫‪ 3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 03_83‬المؤرخ في ‪ 22‬ربيع الثاني عام ‪ 1403‬الموافق ‪ 5‬فبراير سنة ‪ ، 1983‬يتعلق بحماية البيئة ‪ ،‬ج ر العدد ‪ ، 6‬ص‬
‫‪. 395‬‬

‫‪40‬‬
‫ألغ راض تجاري ة أو ص ناعية أو علمي ة أو طبي ة أو غيره ا ‪ ، "...‬حيث تطب ق ه ذه الم ادة على كاف ة‬
‫النشاطات أو المهن التي تستعين في عملها ألجهزة و أدوات ذات صبغة اشعاعية ‪ ،‬حيث يقصد باألشعة‬
‫األيونية ‪ " :‬يشير اسم االشعاع المؤين الى انتقال الطاقة على شكل الموجات الكهرومغناطيسية أو جزيئات‬
‫ذرية _ثانوية بحيث تكون الطاقة كافية لتسبب تأين المادة ‪ ،‬فال يعمل أي انسان كان بالمواد المشعة و ال‬
‫يش غل المنش آت المش عة اال ب الترخيص من قب ل المس ؤول في ال وزارة لحماي ة البيئ ة عن رقاب ة العم ل م ع‬
‫المواد المشعة و فرض القانون و األنظمة في هذا المجال "‪.1‬‬

‫فال يتم مباش رة ه ذه النش طات الى ب ترخيص أو تأهي ل حيث ج اء في نص الم ادة ‪ 104‬من نفس المرس وم‬
‫السابق بأنه ‪ " :‬تخضع ممارسات النشاطات المشار اليها في المادة ‪ 102‬من هذا القانون لنظام إعفاء أو‬
‫ترخيص أو تأهيل "‪.2‬‬

‫شركة التأمين ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ان مجال الطب من المجاالت التي من الضروري ايصالها بنظام التأمين و هذا لكثرة األخطاء الطبية و‬
‫الحوادث التي يتعرض لها المرضى ‪ ،‬فقد جاء المشرع الجزائري بضرورة تأمين األخطاء الطبية و هذا‬
‫م ا نص ت علي ه الم ادة ‪ 167‬من األم ر ‪ 07_95‬الم ؤرخ في ‪ " : 19973_01_25‬يجب على المؤسس ات‬
‫الصحية المدنية و كل أعضاء السلك الطبي و الشبه الطبي و الصيدالني الممارسين لحسابهم الخاص أن‬
‫يكتتب وا تأمين اً لتغطي ة مس ؤوليتهم المدني ة المهني ة تج اه مرض اهم و تج اه الغ ير " ‪ ،‬فالب د من المؤسس ات‬
‫االستش فائية الخاص ة من اكتت اب عق ود تأميني ة و ه ذا حماي ة له ا و حماي ة المرض ى من أج ل ض مان‬
‫استحقاقهم للتعويض في حالت ما طرأ عليهم أي ضرر ‪ ،‬و بهذا يتيح للمضرور لالستفادة من رفع دعوى‬
‫الم ؤمن { شركة التأمين } التي تؤمن للمؤمن له { المؤسسات االستشفائية الخاصة }‬
‫بصفة مباشرة على ُ‬
‫الم ؤمن و المريض المتضرر هذا‬
‫التعويض عن الخطر المؤمن منه ‪ ،‬فال يشترط أن يكون هناك عقد بين ُ‬
‫الم ؤمن له‬
‫الم ؤمن و ُ‬
‫ألن هذه الدعوى تستند الى القانون ال عقد التأمين أي يشترط تحرير عقد كتابي بين ُ‬
‫فقط‪ ، 4‬و هذا ما نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 189‬من القانون المدني ‪ " :‬لكل دائن ولو‬
‫لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا الدين ‪ ،‬اال ما كان منها خاصا بشخص أو غير‬
‫قاب ل للحج ز و ال يك ون اس تعمال ال دائن لحق وق مدين ه مقب وال إال إذا أثبت أن الم دين أمس ك عن اس تعمال‬
‫هذه الحقوق ‪ .‬و أن هذا اإلمساك من شأنه أن يسبب عسره ‪ ،‬أو أن يزيد فيه ‪ .‬و ال يجب على الدائن أن‬
‫يكل ف مدين ه بمطالب ة حق ه غ ير أن ه الب د أن يدخل ه في الخص ام "‪ .‬ان إمكاني ة حل ول ش ركة الت أمين مح ل‬
‫المؤسسات االستشفائية الخاصة بصفة حلول اتفاقي ‪ ،‬سواء كان الخطأ الطبي خطأ في التشخيص ‪ ،‬في‬

‫‪ 1‬االشعاع المؤين ‪ ، Govi.il ،‬اإلشعاع المؤين | الوزارة لحماية البيئة (‪)www.gov.il‬‬


‫‪ 2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 03_83‬المتضمن حماية البيئة ‪ ،‬ص ‪. 396‬‬
‫‪ 3‬أمر رقم ‪ 07_95‬المؤرخ في ‪ 23‬شعبان عام ‪ 1415‬الموافق ‪ 25‬يناير سنة ‪ ، 1995‬يتعلق بالتأميناتـ ‪ ،‬ج ر العدد ‪. 13‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر تيزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 57‬‬

‫‪41‬‬
‫العالج ‪ ،‬في األضرار الناتجة عن األدوات و األجهزة الطبية ‪ ،‬أو في األخطاء الجراحية ‪ ،‬فشركة التأمين‬
‫تقوم بتأمين كافة األخطار الطبية المحتملة‪. 1‬‬

‫إضافة الى أنه بالرغم بم ا جاء في نص الم ادة ‪ 13‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلداري ة من صياغة‬
‫الدعوى بصورة فردية اال أنا المشرع لم يمنع تقييد الدعوى بصورة جماعية بشرط أن يشتركا المدعى‬
‫عليهم في نفس الدفوع و الموضوع‪ 2‬و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 38‬من ذات القانون ‪ " :‬في حالة تعدد‬
‫المدعى عليهم ‪ 3"...‬و بهذا فاذا ترتبت مسؤولية عقدية على الطبيب مع المؤسسة االستشفائية الخاصة ‪،‬‬
‫أو م ع طاقم ه الط بي ال يك ون هن اك تض امن في المس ؤولية المترتب ة أو التع ويض اس تناداً للم ادة ‪ 73‬من‬
‫مدونة أخالقيات الطب ‪ " :‬عندما يتعاون عدد من الزمالء عل فحص مريض بعينه أو معالجته ‪ ،‬فإن كال‬
‫منهم يتحم ل مس ؤوليته الشخص ية "‪ .‬أم ا اذا ت رتبت مس ؤولية تقص يرية على الط بيب م ع المؤسس ة‬
‫االستشفائية العامة أو مع طاقمه الطبي فإنه يكون هناك تضامن في المسؤولية و في التعويض عن هذه‬
‫المسؤولية نسبة لنص المادة ‪ 126‬من القانون المدني حيث جاءت بأنه ‪ " :‬إذا تعدد المسؤولون عن فعل‬
‫ض ار ك انوا متض امنين في التزام اتهم بتع ويض الض رر ‪ ،‬و تك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي إال إذا‬
‫عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام ب التعويض" إض افة لنص الم ادة ‪ 236‬من نفس الق انون ‪،‬‬
‫فاس تنادا على ه ذا ففي حال ة تع دد المس ؤولين عن الفع ل الض ار‪ ،‬يس تفيد المس ؤولون من التض امن في‬
‫المس ؤولية التقص يرية و به ذا التض امن في التع ويض ‪ ،‬م ع إمكاني ة تحدي د القاض ي لمس ؤول واح د يتحم ل‬
‫تبعة التعويض إذ يمكن لهذا األخير الرجوع على المسؤولون اآلخرون بالتعويض‪. 4‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬إجراءات مباشرة دعوى المسؤولية المدنية‬

‫لكي يباش ر الم دعي ال دعوى المدني ة ال ب د علي ه و من الض روري إتب اع اإلج راءات الالزم ة س واء‬
‫اإلجراءات الشكلية أو اإلجراءات الموضوعية الذي إذا شابها عيب ما يفتح المجال للمدعى عليه المطالبة‬
‫بإبطال هذه الدعوى ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬موضوع الدعوى‬

‫يدور موضوع هذه الدعوى حول محاولة المريض المتضرر من استعمال األدوات و األجهزة الطبية في‬
‫المتعرض له ‪ ،‬حيث أن السبب في مباشرة هذه الدعوى على الطبيب‬ ‫المطالبة بالتعويض جراء الضرر ُ‬
‫أو المؤسس ة االستش فائية ه و إخالل ه ذا األخ ير بمص لحة مش روعة المتمثل ة في ع دم اإلض رار بس المة‬
‫‪ 1‬طيب إبراهيم ويس ‪ ،‬ممارسة دعوى المسؤولية المدنية في إطار العالقة مع المستشفيات الخاصة ‪ ،‬مجلة القانون العام الجزائري و المقارن ‪ ،‬مخبر النشاط‬
‫العقاري جامعة سيدي بلعباس ‪ ،‬العدد ‪ ، 2017 ، 05‬ص ‪. 126‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمن بربارة ‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية { قانون رقم ‪ 09_08‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ } 2008‬دار بغدادي للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع ‪ ،‬الطبعة الثانية مزيدة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2009 ،‬ص ‪. 37‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ " : 38‬في حالة تعدد المدعى عليهم ‪ ،‬يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مواطن أحدهم " ‪ ،‬من القانون‬
‫‪ 09_08‬السابق ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ 4‬موسى نقار ‪ ،‬كمال كيحل ‪ ،‬المسؤولية العقدية للطبيب ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية ‪ ،‬مخبر القانون و المجتمع جامعة أدرار ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬المجلد ‪ ، 6‬العدد ‪، 2‬‬
‫‪ ، 2019‬ص ‪. 144‬‬

‫‪42‬‬
‫المريض‪ ، 1‬و لمباشرة هذه الدعوى ال بد من افتتاح الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة حيث تنص‬
‫الم ادة ‪ 15‬من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة على ‪ " :‬يجب أن تتض من عريض ة افتت اح ال دعوى ‪،‬‬
‫تحت طائلة عدم قبولها شكالً ‪ ،‬البيانات اآلتية ‪:‬‬

‫الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعوى ‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫اسم و لقب المدعي و موطنه ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اسم و لقب و موطن المدعى عليه ‪ ،‬فإن لم يكن له موطن معلوم ‪ ،‬فآخر موطن له ‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلش ارة الى تس مية و طبيع ة الش خص المعن وي ‪ ،‬و مق ره االجتم اعي و ص فة ممثل ه الق انوني أو‬ ‫‪.4‬‬
‫االتفاقي‪،‬‬
‫عرض موجزاً للوقائع و الطلبات و الوسائل التي تؤسس عليها الدعوى ‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫اإلشارة عند االقتضاء الى السندات و الوثائق المؤيدة للدعوى ‪" .‬‬ ‫‪.6‬‬

‫و به ذا تتمث ل البيان ات الض رورية الفتت اح عريض ة ال دعوى في خمس بيان ات ‪ :‬تحدي د الجه ة القض ائية و هي‬
‫عنصر متصل باالختصاص سواء االختصاص النوعي أو اإلقليمي ‪ ،‬فيلتزم المدعي بتحديد الجهة القضائية‬
‫المختص ة بال دعوى إقليمي اً و تليه ا نوعي اً ‪ ،‬م ع ض رورة ارف اق عريض ة افتت اح ال دعوى بمعلوم ات خاص ة‬
‫بالخصوم المطالبين بالتعويض ‪ ،‬ضرورة تحديد موضوع هذه الدعوى باإلشارة الى المراد من هذه ال دعوى و‬
‫هذا بسرد موجز لوقائع الدعوى ختاما بطلبات المدعي من الخصوم ‪ ،‬و هذا بتزويدها بوسائل تؤسس عليها‬
‫من مبررات و مرجعيات قانونية مع اإلشارة اذا اقتضى األمر الى دالئل و مستندات أو قرائن قانونية و هذا‬
‫لتقوية موقف المدعي‪. 2‬‬

‫ثانياً ‪ :‬دفوع الطرف المدعى عليه على ادعاءات المريض المدعي‬

‫بعد ما تمت مباشرة الدعوى المدنية أمام الجهة القضائية المختصة عن طريق عريضة افتتاح الدعوى التي‬
‫تتكون من عناصر أساسية ال بد و من الضروري توفرها و هذا من أجل قبولها من طرف الجهة المختصة ‪،‬‬
‫تقابله ا في المواجه ة دف وع الط رف الم دعى علي ه أي دف وع الخص وم ال ذي من مص لحته اب داء دف وع من أج ل‬
‫إبط ال ال دعوى المدني ة ‪ ،‬و ه ذا بتعريض ها لجمل ة من االنتق ادات الش كلية و الموض وعية ال تي من ش أنها أن‬
‫تساعد على سقوط عريضة الدعوى ‪ ،‬فينقسم هذا الدفع الى دفع إجرائي و موضوعي ‪ ،‬و يقصد باألول بال دفع‬
‫بطل العيوب اإلجرائية كعدم اختصاص الجهة القضائية التي تم الرفع أمامها أو بسقوط الدعوى أو انقضائها ‪،‬‬
‫أم ا ال دفع الموض وعي ه و مواجه ة و نق د ال دعوى موض وعياً ك القول بانقض اء االل تزام كالتق ادم أو بطالن‬
‫العقد‪. 3‬‬

‫عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 200‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحمان بربارة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 49 48‬‬ ‫‪2‬‬

‫عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 200‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
‫و بهذا يتقدم الطبيب المسؤول { أو المؤسسة االستشفائية العامة ‪ ،‬الخاصة } بدفوع إجرائية كما ذكرنا سابقاً و‬
‫دفوع موضوعية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬االختص اص القض ائي في النظ ر في دعوى المسؤولية المدني ة الناش ئة عن اس تعمال األدوات‬
‫الطبية‬

‫يقص د باالختص اص ‪ " :‬من المس ائل الجوهري ة في س ير ال دعوى القض ائية و يقص د ب ه والي ة القض اء‬
‫بالفصل في القضايا المطروحة أمامه وفقا لمعايير النوع و الموقع اإلقليمي "‪ ، 1‬و قيل فيه أيضا ‪ " :‬هو سلطة‬
‫الحكم بمقتض ى الق انون في خص ومة معين ة منش ورة أم ام المح اكم ‪ ،‬و فق دان ه ذه الس لطة ي ؤدي الى ع دم‬
‫االختصاص بمعنى زوال تأهيل المحكمة للنظر في الخصومة ‪ ،‬و زوال قدرتها في ممارسة واليتها القضائية‬
‫"‪ ، 2‬فلتحريك الدعوى المدنية من شروطها تحديد الجهة القضائية المختصة التي ترفع فيها الدعوى حيث أنه‬
‫في ح الت م ا غ اب ه ذا الش رط ت رفض ال دعوى ش كلياً ‪ ،‬فالمحكم ة المختص ة هي ال تي تتمكن من الفص ل في‬
‫ال دعوى دون غيره ا و ه ذا وفق اً لنص وص و قواع د الق انون المنظم ة لالختص اص القض ائي‪ ،3‬س واء‬
‫االختص اص الن وعي أو االختص اص المحلي و ه ذا م ا س نتطرق الي ه في ه ذا المطلب ‪ ،‬حيث ينقس م‬
‫االختص اص القض ائي الى اختص اص ن وعي { الف رع األول } ال ذي ب دوره ينقس م الى اختص اص القض اء‬
‫العادي المدني و الى اختصاص القضاء اإلداري ‪ ،‬و الى االختصاص المحلي أو اإلقليمي { الفرع الثاني} ‪،‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬االختصاص النوعي‬

‫بعد ما يسبب الطبيب أو المؤسسة االستشفائية ضرراً للمريض ‪ ،‬و يتم مباشرة تحريك الدعوى التي تتضمن‬
‫شروط خاصة لتحقق صحتها ‪ ،‬و من أهم الشروط تحديد الجهة القضائية المختصة كما ذكرنا سابقاً ‪ ،‬فال بد‬
‫من المدعي تحديد الجهة القضائية المختصة تحديداً صحيحاً و خاص اً على أساس المدعى عليه ‪ ،‬أن المريض‬
‫يح دد االختص اص القض ائي على حس ب الط بيب المس ؤول ‪ ،‬ف اذا ك ان ه ذا األخير ت ابع للقط اع الص حي الع ام‬
‫فللمريض التوجه الى االختصاص اإلداري و هذا نسبة الى طبيعة نظام المؤسسات االستشفائية العمومية فكما‬
‫أشرنا سابقاً بأن عالقة الطبيب بالمستشفى عالقة ذو طبيعة الئحية ‪ Réglementaire‬فيعتبر الطبيب موظف‬
‫لص الح المستش فى و المرض ى ‪ ،‬بينم ا م ا اذا ك ان ه ذا الط بيب ت ابع للمستش فيات الخاص ة { العي ادات الخاص ة‬
‫سابقاً } فان الطبيب المسؤول يتابع من القضاء العادي المدني ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬اختصاص القضاء العادي المدني‬

‫‪ 1‬عبد الرحمن بربارة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 74‬‬


‫‪ 2‬محمد رايس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 261‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫"ب النظر الى احك ام الم ادة األولى من ق انون اإلج راءات المدني ة ف ان المح اكم هي الجه ات القض ائية الخاص ة‬
‫بالق انون الع ام ‪ ،‬و هي تفص ل في جمي ع القض ايا المدني ة ‪ ،‬إض افة الى نص الم ادة الثالث ة و الخامس ة من نفس‬
‫القانون فان االحكام الصادرة من هذه الجهات تكون قابلة لإلستئناف أمام المجالس القضائية "‪ 1‬إضافة الى ما‬
‫ج اء في نص الم ادة ‪ 32‬من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة ‪ " :‬المحكم ة هي الجه ة القض ائية ذات‬
‫االختص اص الع ام و تتش كل من أقس ام ‪ .‬يمكن أيض ا أن تتش كل من أقط اب متخصص ة ‪ .‬تفص ل المحكم ة في‬
‫جميع القضايا ‪ ،‬السيما المدنية و التجارية و البحرية و االجتماعية و العقارية و قضايا شؤون األسرة و التي‬
‫تختص بها إقليميا ‪ .‬تتم جدولة القضايا أمام األقسام حسب طبيعة النزاع ‪ .‬غير أنه في المحاكم التي لم تنشأ‬
‫فيها األقسام ‪ .‬يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستثناء القضايا االجتماعية ‪ .‬في حالة‬
‫جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ‪ ،‬يحال الملف الى القسم المعني عن طريق أمانة الض بط‬
‫‪ ،‬بع د اخب ار رئيس المحكم ة مس بقا ‪ ، 2"...‬ف ان الم ريض يرف ع دع واه عن من ي راه مس ؤول الت ابع للقط اع‬
‫الخاص لجهة القضاء المدني ‪.‬‬

‫ان المشرع الجزائري لم يحدد بصريح العبارة الطبيعة القانونية للمؤسسات االستشفائية الخاصة التي تستوجب‬
‫ان تتمت ع به ا ‪ ،‬و انم ا ت رك الخي ار للمس تثمرين و الخ واص في المج ال حري ة انش اء ه ذه العي ادات في الق الب‬
‫القانوني المراد به ‪ ،‬أي أنه يتمتع منشئ هذه العيادة بحرية اقمتها في شكل مؤسسة مدنية أو مؤسسة تجاري ة ‪،‬‬
‫و ه ذا م ا نص ت علي ه الفق رة الثاني ة من الم ادة ‪ 09‬من ق انون حماي ة الص حة ال تي تنص على ‪ " :‬يمكن ك ذلك‬
‫انشاء هياكل إقامة تدعم الهياكل الصحية و يحكمها المبدأ التجاري ‪ ،‬و يمكن أن تكون هذه الهياكل عمومية أو‬
‫خاص ة تح دد مهامه ا و تنظيمه ا و س يرها عن طري ق التنظيم " ‪ .‬إض افة ال نص الم ادة ‪ 208‬مك رر من نفس‬
‫الق انون ال تي تنص على ‪ " :‬ان المؤسس ات االستش فائية الخاص ة يمكن اس تغاللها من قب ل ‪_ :‬المؤسس ات ذات‬
‫الشخص الوحيد و ذات المسؤولية المحدودة ‪ _ .‬الشركات ذات المسؤولية المحدودة ‪_ .‬شركات المساهمة ‪.‬‬
‫_التعاض ديات و الجمعي ات ‪ 3"...‬و به ذا ف ان المش رع لم يح دد الطبيع ة القانوني ة للمستش فيات الخاص ة ‪ ،‬لكن‬
‫ال دعوى ال تي ترف ع عن ه ذه األخ يرة أو عن الط بيب أو الج راح الت ابع له ا فهي ترف ع اتج اه القض اء الع ادي‬
‫المدني نسبة لطبيعة عالقة الطبيب بالمستشفى‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬اختصاص القضاء اإلداري‬

‫تنص الم ادة ‪ 800‬من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة على ‪ " :‬المح اكم اإلداري ة هي جه ات الوالي ة‬
‫العامة في المنازعات اإلدارية ‪ .‬تختص في الفصل في أول درجة ‪ ،‬بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا ‪،‬‬
‫ال تي تك ون الدول ة أو الوالي ة أو البلدي ة أو اح دى المؤسس ات العمومي ة ذات الص بغة اإلداري ة طرف ا فيه ا "‪.‬‬
‫اس تنادا على نص ه ذه الم ادة ف ان ك ل دع وى تك ون الدول ة طرف ا فيه ا فهي ترف ع اتج اه القض اء اإلداري ‪،‬‬

‫‪ 1‬عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 201‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 09_08‬المتضمن لقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية السابق ‪ ،‬ص ‪. 06‬‬
‫‪ 3‬خيرة بن سويسي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 282‬‬

‫‪45‬‬
‫فالمؤسس ة االستش فائية العمومي ة هي مؤسس ة تابع ة للدول ة ذات نظ ام اداري و يعت بر األطب اء و الممرض ين‬
‫العاملين فيها موظفين خاضعين لنفس النظام ‪ ،‬فقد قررت محكمة التنازع في فرنسا بأن الدعوى التي يرفعها‬
‫المريض المتضرر أو ذويه ضد الطبيب أو الجراح المسؤول عن الضرر التابع للمؤسسات االستشفائية العامة‬
‫لخط أه في أداء عمل ه الط بي ‪ ،‬ال يختص فيه ا القض اء الع ادي الم دني و انم ا القض اء اإلداري ‪ ،‬و بالت الي‬
‫فيختص القض اء اإلداري في جمي ع ال دعاوى المرفوع ة ض د األطب اء و الج راحين و الممرض ين الع املين في‬
‫القطاع العام بسبب أخطائهم المرتكبة أثناء قيامهم بأعمالهم الطبية ‪ ،‬بشرط أن ال ينفصل هذا الخطأ الخدمة‬
‫الصحية المطالب بها‪. 1‬‬

‫ان الهدف من جعل القضاء اإلداري هو الجهة المختصة عن الدعاوى المرفوعة ضد األطباء التابعين للقطاع‬
‫الع ام‪ ،‬تحمي ل اإلدارة عبء تغطي ة األخط ار الص ادرة عن تابعيه ا أثن اء م زاولتهم للمهن ة داخ ل المؤسس ات ‪،‬‬
‫فيس تفيد الم ريض المتض رر أو ذوي ه من س يرورة إدارة القط اع الع ام في التع ويض و به ذا يض من الم دعي‬
‫‪2‬‬
‫استحقاقه للتعويض‬

‫و كما ذكرنا سابقا ‪ ،‬يمكن للمستشفى الرجوع على الطبيب أو الجراح صاحب الخطأ بدعوى الحلول و هذا‬
‫في حالة ما اذا قامت إدارة المستشفى بتعويض المريض و هذا على أساس خطأه الشخصي ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬تنازع اختصاص الجهات القضائية { القضاء العادي المدني _ القضاء اإلداري }‬

‫برغم من وضوح االختصاص النوعي لتحريك الدعوى في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪ ،‬اال أن‬
‫ه ذا ال يمن ع من مواجه ة بعض اإلش كاالت في اختص اص الجه ة القض ائية المختص ة ‪ ،‬فل و ال ه ذا التن ازع‬
‫المحتمل لما تم انشاء محكمة خاصة بالتنازع‪ 3‬مع قابلية الجهات المختصة _ اإلدارية _ المدنية _ الى التن ازع‬
‫كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬استناداً للقانون العضوي رقم ‪ 03_98‬المتعلق باختصاصات محكمة التنازع‪ 4‬عرفتها المادة‬
‫‪ " : 03‬تختص محكم ة التن ازع في الفص ل في منازع ات االختص اص بين الجه ات القض ائية الخاض عة للنظام‬
‫القضائي العادي و الجهات القضائية الخاضعة لنظام القضائي اإلداري حسب الشروط المحددة في القانون ‪.‬‬
‫ال يمكن محكم ة التن ازع الت دخل في منازع ات االختص اص بين الجه ات القض ائية الخاض عة لنفس النظ ام " ‪،‬‬
‫إضافة للمادة ‪ 15‬من نفس القانون ‪ " :‬ال ترفع أمام محكمة التنازع اال المواضيع المتعلقة بتنازع االختصاص‬
‫" ‪ ،‬ك ذلك الم ادة ‪ 16‬ال تي ج اءت بس بب التن ازع ‪ " :‬يك ون تنازع ا في االختص اص عن دما تقض ي جهت ان‬
‫قض ائيتان إح داهما خاض عة للنظ ام القض ائي الع ادي و األخ رى خاض عة للنظ ام القض ائي اإلداري ‪،‬‬
‫باختصاص هما أو بع دم اختصاص هما للفص ل في نفس ال نزاع ‪ .‬يقص د بنفس ال نزاع عن دما يتقاض ى األط راف‬

‫‪ 1‬جمال محي الدين ‪ ،‬آثار المسؤولية الطبية ‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية و االقتصادية ‪ ،‬المركز الجزائري لتمنراست ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬العدد ‪، 07‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪ ،‬ص ‪. 76 75 ،‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد رايس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 269‬‬
‫‪ 4‬القانون العضوي رقم ‪ 03_98‬مؤرخ في ‪ 8‬صفر عام ‪ 1419‬الموافق ‪ 3‬يونيوـ سنة ‪ ، 1998‬يتعلق باختصاصات محكمة التنازع و تنظيمهاـ و عملها ‪،‬‬
‫ج ر العدد ‪. 39‬‬

‫‪46‬‬
‫بنفس الص فة أم ام جه ة إداري ة و أخ رى قض ائية ‪ ،‬و يك ون الطلب مبني اً على نفس الس بب و نفس الموض وع‬
‫المط روح أم ام القاض ي " ‪ .‬نالح ظ من الم واد س ابقي ال ذكر أن محكم ة التن ازع مختص ة في الفص ل بين‬
‫النزاع ات الواقع ة بين الجه ات القض ائية ذات النظ ام اإلداري و ذات النظ ام الم دني و ه ذا ح ول نفس القض ية‬
‫لنفس األطراف و نفس السبب ‪ ،‬و هذا سواء بالقضاء بنفس االختصاص المتمثل في التنازع اإليجابي أو بعدم‬
‫االختصاص المتمثل في التنازع السلبي ‪ ،‬ففي الصورة األولى يتم التنازع بين جهتين قضائيتين مختلفتين في‬
‫النظام حول قضية واحدة لنفس األطراف و نفس السبب ‪ ،‬بينما في الصورة الثانية _ التنازع السلبي _ هو‬
‫ادعاء أحد الجهتين القضائيتين بعدم االختصاص مما يؤدي الى التنازع السلبي فهو عكس التنازع اإليجابي‬
‫ك ون ه ذا التن ازع ق ائم لص الح الط رفين { اإلدارة و الم دعي } فلك ل ط رف ح ق الرج وع الى محكم ة التن ازع‬
‫التي تقوم بدورها إللغاء أحد الحكمين‪ 1‬و من شروطه ‪:‬‬

‫_ "يجب أن يك ون الحكم بع د االختص اص بال دعوى من أح د الجه ات القض ائية الق ائم على أس اس االعتق اد‬
‫باختصاص الجهة القض ائية األخرى كما يجب أن ترفع الدعوى أم ام الجهتين القضائيتين اإلدارية و العادية‬
‫فتحكم ك ل منهم ا بع دم االختص اص في ال دعوى م ع ض رورة انص اب الحكم بع دم االختص اص من جه ات‬
‫القضاء اإلداري و جهات القضاء العادي منصب على نفس النزاع و الدعوى "‪. 2‬‬

‫فقد تنازعت الجهات القضائية حول دعوى المسؤولية المدنية الطبية ‪" ،‬فقد جاء في حكم صادر عن محكمة‬
‫التنازع الفرنسية في ‪ 25/03/1957‬حيث حاولت محاكم القضاء العادي بسط سلطتها على المنازعات التي‬
‫تح دث بين األطب اء الت ابعين للقط اع الع ام و المرض ى و ه ذا على أس اس االس تقاللية ال تي تتم يز به ا األعم ال‬
‫الطبية فهم غير خاضعين للرقابة من قبل اإلدارة عن نشاطاتهم الطبية و بالتالي فهم غير تابعون لإلدارة في‬
‫ممارس ة نش اطهم الف ني وفق ا للم ادة ‪ ، 3" 1384‬لكن االم ر لم يتوق ف هن ا حيث تم الت دخل من ط رف محكم ة‬
‫التنازع التي أصدرت حكم بأن األطباء التابعين للقطاع الخاص يخضعون للمحكمة اإلدارية و هذا نسبت الى‬
‫العالق ة االئحي ة بينهم و بين المرض ى و ه ذا دون األخط اء الشخص ية ال تي تك ون منفص لة عن نش اط المرف ق‬
‫العمومي ‪ ،‬فقد قضى القضاء اإلداري بعد هذا القرار الى االخذ بمبدأ المسؤولية بدون خطأ في قيام مسؤولية‬
‫المستشفيات العامة وهذا لزيادة فرصة المرضى في استحقاق التعويض ‪ ،‬بالرجوع الى القانون الجزائري ‪،‬‬
‫ف ان دع وى المس ؤولية الناش ئة عن األطب اء الت ابعين للمؤسس ات االستش فائية العام ة تخض ع للمح اكم اإلداري ة‬
‫بتط بيق قواع د المس ؤولية التقص يرية و بالتحدي د مس ؤولية المتب وع عن تابع ه باعتب ار أن األطب اء عب ارة عن‬
‫موظفين تابعين للمستشفى العام ‪ ،‬فيتحمل هذا األخير عبء التعويض عن أخطاء تابعيه‪. 4‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االختصاص اإلقليمي‬

‫‪ 1‬فضيلة واضح ‪ ،‬زاهية مجكود ‪ ،‬التنظيم القضائي الجزائري ‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪ ،‬تخصص قانون الخاص الشامل ‪ ،‬جامعة‬
‫عبد الرحمان ميرة ‪ ،‬بجاية ‪ ، 2016 ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد رايس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 272‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 275‬‬

‫‪47‬‬
‫يقصد باالختصاص اإلقليمي ‪ " :‬والية الجهة القضائية بالنظر في الدعاوى المرفوعة أمامها استناداً الى معيار‬
‫جغ رافي يخض ع للتقس يم القض ائي "‪ ، 1‬فاالختص اص اإلقليمي اس تنادا له ذا التعري ف الموق ع الجغ رافي للجه ة‬
‫القض ائية المختص ة في النظ ر في ال دعوى المرفوع ة ‪ ،‬فق د ج اء في نص الم ادة ‪ 37‬من ق انون اإلج راءات‬
‫المدنية و اإلدارية‪ ":‬يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى‬
‫عليه ‪ ،‬وان لم يكن له موطن معروف ‪ ،‬فيعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ‪،‬‬
‫ما لم ينص القانون على خالف ذلك " ‪ ،‬نالحظ من نص هذه المادة أن االختصاص اإلقليمي للدعوى المدنية‬
‫يعود الى موطن المدعى عيله أو محل اقامته الحالية ‪ ،‬ففي حالة ما اذا تعذر تحديد محل اقامته الحالية فيعود‬
‫االختصاص الى الجهة القضائية آلخر موطن له ‪ ،‬كما جاء في الفقرة ‪ 05‬من المادة ‪ 40‬من نفس القانون ‪" :‬‬
‫في المواد المتعلقة بالخدمات الطبية ‪ ،‬أمام المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها تقديم العالج " ‪ ،‬و تأسيس اً‬
‫على ه ذا ف ان الم ريض المتض رر يرف ع دع واه م دنياً أم ام القس م الم دني للمحكم ة الواق ع في دائرته ا مك ان‬
‫العالج ‪ ،‬و يرف ع دع واه إداري اً أم ام الغرف ة اإلداري ة للمجلس الواق ع في دائرت ه القط اع الص حي العم ومي‬
‫{ المؤسس ات االستش فائية العام ة } مك ان مباش رة العالج أي مك ان المؤسس ة االستش فائية ‪ ،‬أم ا بالنس بة‬
‫للمؤسس ات االستش فائية الخاص ة ف يرفع دع واه أم ام القس م الم دني للمحكم ة في دائ رة العي ادة الخاص ة هي‬
‫كذلك‪. 2‬‬

‫كأصل عام ترفع الدعوى في الجهة القضائية الواقعة في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه ‪ ،‬و كاستثناء‬
‫عن ه ذه القاع دة العام ة في حال ة تع دد الم دعى عليهم ك الطبيب و طاقم ه الط بي أو ك الطبيب و المؤسس ة‬
‫االستش فائية الت ابع له ا _ عام ة أو خاص ة _ فيع ود االختي ار الى الم دعي _ الم ريض المتض رر أو ذوي ه _‬
‫لموطن أحد المدعى عليهم و هذا لتفادي تعارض األحكام و كثرة النفقات ‪ ،‬حيث نحصل هذه النقطة في نص‬
‫الم ادة ‪ 38‬من نفس الق انون ‪ " :‬في حال ة تع دد الم دعى عليهم ‪ ،‬ي ؤول االختص اص اإلقليمي للجه ة القض ائية‬
‫التي يقع فيها في دائرة اختصاصها موطن أحدهم "‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬اإلثبات في دعوى المسؤولية المدنية الطبية‬

‫تكمن أهمية اإلثبات في أنه في حال ما لم يستطع الموجب لإلثبات أال و هو المدعي في أن يثبت مسؤولية‬
‫الم دعى علي ه و اظه ار حقيق ة م ا أص ابه و اقن اع القاض ي بال دالئل و الق رائن المادي ة أي إزال ة الش كوك ح ول‬
‫االدعاءات المدلى بها ‪ ،‬فان دعوى النزاع المعروضة على الجهة القضائية المختصة ستتوج بالرفض ‪ ،‬ففي‬
‫حال ة ع دم االقتن اع بم ا ادلى ب ه الم دعي ‪ ،‬فان ه س يتم اللج وء الى تط بيق الفق رة األولى من الم ادة ‪ 112‬من‬
‫الق انون الم دني الجزائ ري ال تي تنص على ‪ " :‬ي ؤول الش ك في مص لحة الم دين ‪ "...‬حيث أن الم دين هن ا ه و‬
‫الطبيب و بهذا فان الشك الذي لم يقطعه اليقين ‪ ،‬يفيد المدعى عليه‪ ، 3‬ان اإلثبات في مجال المسؤولية الطبية‬

‫عبد الرحمان بربارة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 83‬‬ ‫‪1‬‬

‫عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 205‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد رايس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 285‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪48‬‬
‫من أص عب المج االت التي يتع ذر فيه ا اثب ات الخط أ الط بي خاص ة في األخط اء الطبي ة الفني ة التي يستص عب‬
‫على القاضي في تقدير ما اذا ارتكب الطبيب خطًأ أو أنه قام بواجب ه االزم و الذي كما هو معروف كأصل‬
‫عام أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية ال أكثر فالطبيب غير ملزم بشفاء المريض أي أن الطبيب يستعين‬
‫بخبرته الطبية من أجل الوصول الى غاية معينة و هي تقديم المساعدة للمريض بغية الشفاء ‪ ،‬الى أن الطبيب‬
‫ي ترتب علي ه ال تزام بتحقي ق نتيج ة و ه و ض مان س المة الم ريض س واء ك انت طبيع ة العالق ة بين الم ريض و‬
‫الط بيب أو المؤسس ة االستش فائية ذات ط ابع عق دي فيخ ل المس ؤول به ذا االل تزام تعاق دي ت ابع للعق د ‪ ،‬أو ذات‬
‫طابع تقصيري مخالً بالتزام قانوني مناطه عدم االضرار بالغير ‪ ،‬ففي كال الحالتين ان التزام ضمان سالمة‬
‫المريض هو التزام بتحقيق نتيجة البد من تحققها ‪.‬‬

‫فضمان سالمة المريض يتمثل في عدم تعرضه ألضرار خارج المرض الذي لجأ للطبيب من أجل عالجه ‪،‬‬
‫فمن بين االضرار التي يتعرض لها المرضى في غالب األحيان هي االضرار الناتجة عن األدوات و األجهزة‬
‫الطبية ‪ ،‬سواء بسبب سوء االستعمال و نقص الخبرة عنها كما ذكرنا سابقاً ‪ ،‬و بهذا فان التزام ضمان سالمة‬
‫المريض من األضرار الناتجة عن استعمال األدوات و األجهزة الطبية هو التزام مفترض ال يشترط فيه اثبات‬
‫الخط أ فبمج رد أن يتع رض الم ريض للض رر بس بب ه ذه األدوات و األجه زة الطبي ة ف ان المس ؤولية المدني ة‬
‫تترتب تلقائي اً على المسؤول عن الضرر ‪ ،‬في المقابل يكفي على المريض أن يثبت االلتزام القائم بينه و بين‬
‫الط بيب و ع دم تحق ق النتيج ة المرج وة م ع الض رر الق ائم ‪ ،‬فال يس تطيع الط بيب المس ؤول أو المؤسس ة‬
‫االستشفائية التابع لها الطبيب أن يدفع بهذه المسؤولية إال عن طريق اثبات السبب األجنبي المتمثل في القوة‬
‫القاهرة أو خطأ المريض‪. 1‬‬

‫ان ال تزام الط بيب ح ول ه ذه األجه زة ال تزام بتحقي ق نتيج ة كم ا ذكرن ا و به ذا ال يعفى الط بيب من المس ؤولية‬
‫المترتبة عليه حتى و لو عاد الضرر الى سبب في عيب يعتري الجهاز أو األداة الطبية و من الصعب كشفه‬
‫أو كان بسبب طبيعة تركيبتها و صنعها " فقد حكمة احدى المحاكم الفرنسية بمسؤولية عن وفاة المريض أثناء‬
‫الجراحة نتيجة لتسرب الغار من جهاز التخدير و اشتعاله بسبب شرارة تطايرت من الجهاز"‪. 2‬‬

‫كم ا أن للقاض ي دور في اإلثب ات حيث أن ل ه الق درة في تق دير الخط أ و اثبات ه و ه ذا فيم ا يتعل ق االم ر‬
‫باألخط اء الطبي ة الظ اهرة و كأمثل ة عن ه ذا ع دم تق ديم الط بيب اب ر البنج في العالج ات الالزم ة ‪ ،‬ع دم تعقيم‬
‫األدوات الطبية المستعملة في الجراحة أو في حالة نسيان أدوات صغيرة كالمشرط أو الضمادة الطبية داخل‬
‫جسم االنسان‪ ، 3‬حيث أن هذه األخطاء تعتبر أخطاء ظاهرية في غنى عن األدلة و القرائن من المريض ‪ ،‬و‬
‫هذا على عكس األخطاء الطبية الفنية التي من الضروري أن يستعين القاضي بخبير في ذات االختصاص و‬

‫‪ 1‬عز الدين حروزي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 208‬‬


‫‪ 2‬فتيحة عبيد ‪ ،‬االثباتـ في نطاق المسؤولية المدنية الطبية ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستار في الحقوق تخصص عقود و مسؤولية ‪ ،‬جامعة أحمد درارية ‪،‬‬
‫أدرار ‪ ، 2015_2014 ،‬ص ‪. 31‬‬
‫‪ 3‬فتيحة عبيد ‪ ،‬صعوبة االثباتـ في المسؤولية المدنية الطبية بين خصوصية العمل الطبي و محاولة التخفيف منها ‪ ،‬مجلة صوت القانون ‪ ،‬مخبر الدراسات‬
‫القانونية ‪ ،‬المجلد ‪ ، 07‬العدد ‪ ، 2021 ، 03‬ص ‪. 1390‬‬

‫‪49‬‬
‫الرتب ة و الخ برة و ه ذا م ا يس مى ب الخبرة الطبي ة إلثب ات م ا اذا أن الط بيب المس ؤول ق د انح رف عن الس لوك‬
‫العادي للطبيب أم ال‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬جزاء المسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات و األجهزة الطبية‬

‫المطلب األول ‪ :‬التعويض عن المسؤولية المدنية الناشئة عن األدوات و األجهزة الطبية‬

‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم التعويض و صوره‬

‫أوالً ‪ :‬تعريف التعويض‬

‫ان التعويض هو اآللية القانونية التي يعتمد عليها القاضي في جبر الضرر فالمشرع الجزائري لم يضع نص‬
‫يحدد فيه مفهوم التعويض و انما وضع أحكام تحدد طريقة التعويض و صوره و كيفية تقدير التعويض ضمن‬
‫نصوص مدرجة في القانون المدني ‪ ،‬فقد عرف التعويض في المسؤولية المدنية الطبية بأنه ثمرتها التي تقدم‬
‫للمريض المتضرر أو ذويه مقابل ما أصابه من ضرر‪ ، 1‬فان المريض يتعرض ألضرار مختلفة و متفاوتة‬
‫حيث يمكن أن تمس ه في ذمت ه المالي ة أو أن يتع رض له ا نفس ياً ‪ ،‬فيق ع على الط بيب المس ؤول أو المؤسس ة‬
‫االستشفائية عبء تعويض المتضرر ‪.‬‬

‫اذ يتم تقدير قيمة هذا التعويض من طرف القاضي و هذا على أساس جسامة الضرر بعد تحقق كل من أركان‬
‫المسؤولية المدنية للطبيب و بعد قبول الدعوى التي تم ايداعها أمام الجهة القضائية المختصة ‪ ،‬فال رقابة على‬
‫القاضي في تقديره لنسبة التعويض بغض النظر عن الوسائل التي يتبعها في تقديره لهذا األخير‪. 2‬‬

‫‪ 1‬ايمان كروادة ‪ ،‬النظام القانوني للمسؤولية المدنية للطبيب ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر ‪ ،‬تخصص قانون طبي ‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس ‪ ،‬مستغانم ‪،‬‬
‫‪ ، 2020 ، 2019‬ص ‪. 57‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪50‬‬
51
52

You might also like