Professional Documents
Culture Documents
ان التطور الذي شهده الطب من مختلف جوانبه ساهم و بنسبة كبيرة في انقاذ العديد من االفراد داخل
المجتمعات ،لكنه ساهم أيضا في تعرض المرضى الى حوادث وبأضرار متفاوتة ،فلقد تم انشاء أدوات طبية
يدوي ة ك انت أو أالت و أجه زة تتمت ع ب القوة الذاتي ة فب الرغم من مس اعدتها للط بيب في وص وله الى الغاي ة
المطلوب ة أال و هي ش فاء الم ريض اال ان ه أحيان ا م ا تس بب اض رار من الممكن ان ت ؤدي الى تف اقم حال ة
المريض و أحيانا الى الوفاة ،حيث ان هذه االضرار و اإلصابات التي يتعرض لها المرضى المتضررين في
غ الب األحي ان تبقى مجهول ة المص در ح تى أم ام األطب اء المختص ين ذو الخ برة الواس عة في اس تعمال ه ذه
األجهزة و األالت الطبية أو حتى المصنعين لها . 1فتترتب على الطبيب مسؤولية مدنية اختلف أهل القانون
في تأصيلها فمنهم من ينسب أساسها الى الخطأ المفترض بينما أنصار هذا االتجاه اختلفوا كذلك في تأصيل
هذا الخطأ فمنهم من أنسب ركن الخطأ الى الخطأ في الحراسة أو بما يعرف بالخطأ الثابت و منهم من أرجعه
الى الخطأ في الرقابة ،فخالفا عن هذا الرأي ثمة رأي اخر يرجع أساس هذه المسؤولية المدنية الناشئة عن
استعمال األدوات الطبية الى تحمل التبعة و المخاطر و التي يقصد بها ما يتعرض له المرضى من إصابات
جراء استعمال األجهزة الطبية تأسيسا على قاعدتين قاعدة " الغرم بالغنم " و قاعدة االخطار المستحدثة ،ان
االتج اهين س الفي ال ذكر ين درجا ض من النظري ة التقليدي ة في إرس اء ه ذه المس ؤولية بينم ا ظه ر أتج اه ح ديث
يخالف االتجاهين السابقين و هذا بذهابه الى تأسيس هذه المسؤولية على فكرة الضمان أو االستقرار ،و رأي
أخ ر ض من االتج اه الح ديث و ه ذا ب دوره ذهب أيض ا الى فك رة الض رر دون الخطأ . 2بن اءا على م ا س بق
تطرقنا في مبحثنا هذا الى أساس المسؤولية المدنية عن استخدام األدوات الطبية استنادا الى النظرية التقليدية
من حجج اراء و االنتقادات التي واجهتها ( المطلب األول ) ،إضافة الى اآلراء المندرجة تحت حجج االتجاه
الحديث ( المطلب الثاني ) .
المطلب األول :النظريات الشخصية في تأسيس المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية
ان الغاي ة من االجته ادات القض ائية و الفقهي ة في المج ال الط بي م اهي اال محاول ة في إيج اد ط رق لحماي ة
المرض ى من اإلص ابات و االض رار ال تي يتع رض له ا المرض ى ج راء اس تعمال األجه زة و األدوات الطبي ة
سواء في مرحلة العالج او مرحلة التشخيص او حتى في مرحلة الجراحة ،و هذا بتفسيرهم للفقرة األولى من
نص الم ادة 1384من الق انون الم دني الفرنس ي وتنص على أن « :الم رء مس ؤول ليس فق ط عن الض رر
الذي يسببه بفعله ،وإ نما أيضا عن الضرر الناجم عن أفعال األشخاص الذين يكون المرء مسؤوال عنهم أو
عن أشياء يخضع المرء لسيطرته » ، 3التي تقابل المادتين 178من القانون المدني المصري و 231من القانون
1محمد رايس ،نطاق وأحكام المسؤولية المدنية لألطباء واثباتها ،دار هومه للطباعة ،الجزائر ،الطبعة الثانية ،2012 ،ص .141
2زينة قدرة لطيف ،المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية ،دار المركز العربي ،جمهورية مصر العربية ،الطبعة األولى ،2021 ،ص
.88
3
Code civil : Chapitre II : Des délits et des quasi-délits, Article 1384,
https://www.legifrance.gouv.fr/codes/article_lc/LEGIARTI000006438840/2009-06-02/, 08/04/2023, à 00 :52.
1
المدني العراقي و المادة 138من القانون المدني الجزائري ،فلقد جاء تفسيرهم بنسب هذه المسؤولية في
حالة وجود عقد تطبيب بين الطبيب و المريض الى الفقرة األولى من المادة 1384التي تعالج النظرية العامة
للمس ؤولية عن األش ياء ،و ه ذا بتأسيس هم ه ذه الم ادة على فك رة الخط أ المف ترض افتراض ا قانوني ا ال يقب ل
إثبات العكس مع إعف اء المضرور من عبئ إثب ات الخط أ و نقل هذا العبء الى عاتق المس ؤول ،و ه ذا من
أج ل ض مان اس تحقاق الم ريض المتض رر حق ه من التع ويض ، 1ف البرغم من اتف اق بعض الفقه اء م ع فك رة
الخطأ اال أنهم اختلفوا في تأصيل هذا الخطأ المفترض و هذا ما جاءت به المادة 231من القانون المدني
العراقي التي تقوم هي كذلك على فكرة الخطأ المفترض و لكن افتراضا بسيطا قابل ألثبات العكس ، 2إضافة
اال انه بالرغم من توافق انصار هذا االتجاه على فكرة الخطــأ اال انهم اختلفوا أيضا في نوع هذا الخطأ و قد
الق ه ذا االش كال اهتمام ات كب يرة من القض اة و الفقه اء ،ف البعض منهم ينس ب الخط أ الم ذكور في الفق رة
األولى من نص الم ادة 1384من الق انون الم دني الى الخط أ في رقاب ة الش يئ مح ل الحراس ة بينم ا البعض
االخر ينسب الخطأ الى الخطأ في الحراسة و هذا كما ذكرنا سابقا ،لقد تطرقنا الى تقسيم هذا المطلب الى
ف رعين ،تناولن ا في الف رع األول فك رة الخط أ في الرقاب ة كأس اس للمس ؤولية ،بينم ا في الف رع الث اني تناولن ا
فكرة الخطأ في الحراسة .
الفرع األول :فكرة الخطأ المفترض كأساس للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية
تنص الم ادة 138من الق انون الم دني الجزائ ري على " :ك ل من ت ولى حراس ة ش يء و ك انت ل ه ق درة
االستعمال و التسيير ،و الرقابة ،يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي أحدثه ذلك الشيء .
و يعفى من ه ذه المس ؤولية الح ارس للش يء إذا أثبت أن ذل ك الض رر ح دث بس بب لم يكن يتوقع ه مث ل عم ل
الض حية ،أو عم ل الغ ير ،أو الحال ة الطارئ ة ،أو الق وة الق اهرة "3.نالح ظ من خالل نص ه ذه الم ادة أن
المشرع الجزائري لم يذكر بصريح العبارة مصطلح " الخطأ " سواء كان مفترضا أو غير مفترض ،لكن هذا
لم يمنع االجتهاد القضائي من االستناد على فكرة الخطأ المفترض .
ففي حالة تصفح قرارات المحكمة العليا فيما يخص مسؤولية حارس الشيء منذ االستقالل الى اآلن ،يتبين
لن ا االتج اه الغ ير مس تقيم في تأص يل ه ذه المس ؤولية فأحيان ا م ا تنس ب ه ذه المس ؤولية الى الخط أ المف ترض و
أحيانا ما تنسبها الى المسؤولية المفترضة و تارت ما تأسسها على قوة القانون ،فقد أسست المحكمة العليا
مس ؤولية ح ارس الش يء غ ير الحي على أس اس الخط أ و في ه ذا الص دد فق د ق الت في ق رار م ؤرخ في
": 1982/03/17أن ه من المب ادئ المس تقر عليه ا أن خط أ ح ارس الش يء غ ير الحي مف ترض م تى نتج عن ه
ض رر ،و ال يعفى من مس ؤولية التع ويض الم دني و ل و حكم ببرائت ه جزائي ا ،اال اذا أثبت أن الض رر ك ان
1اسعد العبيد الجميلي ،الخطأ في المسؤولية الطبية المدنية ،دار الثقافة ،العراق ،الطبعة الثانية ، 2011 ،ص ص . 387 386
2المصدر نفسه .
3المادة 138من األمر رقم 75ـ 58المؤرخ في 26سبتمبرـ سنة 1975المعدل و المتمم بالقانون رقم 07ـ 05المؤرخ في مايو سنة ، 2007ص
. 32
2
بسبب الضحية أو الغير أو حصل نتيجة ظروف طارئة أو قوة قاهرة عمال بالمادة 138من القانون المدني
الجزائري " 1.فرغم تخلي القضاء الفرنسي عن فكرة الخطأ كأساس لمسؤولية الحارس منذ سنة ، 1930اال
أن االجتهاد القضائي الجزائري ال زال يعتد بفكرة الخطأ في الرقابة. 2
و تأسيسا على هذا نتطرق الى مفهوم الخطأ المفترض { أوالً } ،ثم الى األساس الذي نسب اليه أنصار هذه
الفكرة نظرية الخطأ .
الخطأ لغة :الخطأ لغة هو ضد الصواب ،ضد الواجب لذلك يقال أن الخطأ اذا سلك سبيال
مخالفا للمسلك الصحيح عمدا أو غير عمد كما تعرض الفقهاء لتعريف الخطأ بقولهم ":ما ليس لإلنسان فيه
3
قصد ،فانتفاء قصد الشيء لفاعله موجب لوصفه مخطأ "
_الخط أ اص طالحا :لق د اختلفت التعريف ات في ش ان الخط أ اص طالحا فق د عرف ه " األص وليون " بأن ه
كل ما يصدر عن المكلف من قول أو فعل خال من ارادته ،و غير مقترن بقصد ،بينما عند " شراح القانون
" تكون الجريمة غير عمدية اذا وقعت نتيجة إجرامية بسبب خطأ الفاعل و يعتبر متوافرا سواء توقع الفاعل
نتيجة فعله أو امتناعه و حسب أنه في اإلمكان اجتنابها أو توقعها ،و كان ذلك في استطاعته أو من واجبه أو
هو الفعل الحاصل دون وجه حق الغير. 4
لم يحدد المشرع الجزائري تعريف الخطأ لما فيه من الدقة و الصعوبة ،و لكن الرأي الراجح فقها و
اء أن الخط أ " ه و االنح راف عن س لوك الرج ل المعت اد م ع ادراك الش خص ل ذلك ،و بعب ارة أخ رى هي
قض ً
االخالل بااللتزام القانوني الذي يفرض على كل شخص عدم االضرار بالغير و أن يراعي في سلوكه الحيطة
و التبص ر ح تى ال يض ر بغ يره ،و ه ذا االل تزام ه و ال تزام بب ذل عناي ة و ليس بتحقي ق نتيج ة و بالت الي اذا
انحرف عن هذا السلوك أعتبر مخطئا و استلزم ذلك قيام مسؤوليته ". 5
ثانيا :أساس نظرية الخطأ المفترض في قيام المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام األدوات الطبية
3
لقد كان الفقه التقليدي يرى بأن أساس المسؤولية الناشئة عن األشياء تقوم على الخطأ واجب االثبات
و هذا اس تنادا لألحك ام العام ة للمسؤولية للمدني ة في " ق انون ن ابوليون " ،لكن مع تزاي د عدد الض حايا و هذا
بسبب التطور الذي شهدته مختلف القطاعات الصناعية و التكنولوجيا إضافة الى صعوبة إثبات خطأ المسؤول
،أدى الى محاولة الفقه و رجال القضاء إيجاد طريقة أخرى أكثر فعالية في التصدي لإلصابات الناتجة عن
ه ذا التط ور و خاص ة في المج ال الط بي ،حيث تم إعتم اد و جه ة نظ ر جدي دة في ش رح الفق رة األولى من
الم ادة 1384من الق انون الم دني الفرنس ي و ال تي ك ان مفاده ا األس اس الق انوني ال تي تق وم علي ه المس ؤولية
المدنية عن فعل األشياء هو الخطأ المفترض إفتراضا قانونيا ال يقبل إثبات العكس ،و بهذا أعفي الضحايا و
المرض ى المتض ررين من األدوات الطبي ة من ع بئ إثب ات خط أ الط بيب المس ؤول و أص بح من الس هل عليهم
المطالبة بمسؤولية الحارس عن فعل الشيء ، 1لقد جاءت المادة 131المعدلة بالمرسوم اإلشتراعي رقم 51
الص ادر في 5تش رين الث اني س نة 1932مؤي دة لفك رة الخط أ المف ترض حيث نص ت على أن الح ارس يك ون
مسؤول عن األشياء الجامدة منقولة كانت أو غير منقولة و هذا من ناحية اإلصابات و االضرار التي تسببها
للغير سواء كانت تحت مراقبة الحارس الفعلية و بإرادته أو خارج سيطرته ،حيث أن الحارس ال يكفي أن
ينفي عن عاتقه الخطأ بل البد أن يثبت السبب األجنبي سواء كان عبارة عن خطأ من المضرور نفسه أو كان
ق وة ق اهرة ال ي د للمس ؤول فيها ، 2ان أنص ار ه ذه النظري ة التقليدي ة ق اموا بتفس ير خط أ المس ؤول على أن ه
تقصير الحارس في رقابة الشيء محل حراسته فلوال إهماله لهذا الواجب لما ألحق هذا الشيء ضررا بالغير ،
ف إذا تع رض الغ ير الى ضرر جراء فع ل الش يء أف ترض أن هذا الح ارس لم يقم بواجب الرقابة ، 3و تأسيسا
على هذا إتجه أصحاب هذا الرأي و بناءا على فكرة الخطأ المفترض إلى محاولة تخفيف عبء إثبات الخطأ
الذي يقع على عاتق المضرور و مقابال لهذا توسيع الواجبات على كاهل المسؤول عن الفعل الضار ،كما
ج اء في مذكرة المشروع التمهيدي للق انون المدني المص ري في حكم الم ادة 247و الم ادة 178المقابل ة لها
من ذات الق انون حيث تم اإلش ارة إلى الت دخل اإليج ابي لألدوات و األجه زة الطبي ة لقي ام مس ؤولية الط بيب او
الج راح أثن اء قي امهم بمه امهم الطبي ة ،و ه ذا م ا نص علي ه أص حاب فك رة الخط أ بأن ه يكفي للم دعي إثب ات
الضرر في المسؤولية عن األشياء دون الحاجة إلى إثبات كل من الخطأ و الضرر و العالقة السببية كما ورد
من قبل في المسؤولية التقصيرية ،و بهذا تقوم مسؤولية الطبيب المسؤول دون إثبات المدعي للخطأ ،كونه
مفترض ا ،في المقاب ل ي ترتب على الط بيب أو الج راح المس ؤول أن يثبت الس بب األجن بي أو أن يثبت خط أ
المض رور لينفي عن ه س بب و ق وع الض رر ، 4كم ا اعت بر أنص ار فك رة الخط أ المف ترض ان المس ؤولية عن
األشياء هي مسؤولية تبادلية ال مجتمعة و يقصد بها مسائلة الطبيب المسؤول دون مسائلة طاقمه الطبي و هذا
نسبة الى السلطة التي يتمتع بها الطبيب المسؤول عن طاقمه من تسيير و مراقبة سواء للطاقمه الطبي من إذا
علي فياللي ،االلتزامات الفعل المستحق للتعويض ،الطبعة الثالثة ،موفم للنشر ،الجزائر ، 2015 ،ص . 215 1
4
ك ان الممرض ين ذات كف اءة مهني ة كافي ة لمزاول ة مهن ة الطب أو من ناحي ة ج ودة األجه زة و األدوات الطبي ة
لتجنب تع ريض المرض ى إلص ابات غ ير مرغ وب فيه ا أو إس اءة ح التهم المرض ية ،إض افة الى إف تراض
أنصار هذا الرأي خطأ الشخص المميز فقط و هذا على عكس الصغير الغير مميز و المجنون حيث ال يمكن
إفتراض أخطائهم.1
أن الفق ه المص ري ك ان من مؤي دي فك رة الخط أ المف ترض كأس اس للمس ؤولية عن حراس ة األش ياء حيث
إعتبروا أن هذا الخطأ خطأ مفترض إفتراضا قانونيا ال يقبل إثبات العكس و هذا ما جاء في نص المادة 178
مدني ،فقد صرحت محكمة النقض المصرية في آخر حكم لها في 1991/05/15بأن ... :مناط المسؤولية
عن األش ياء قب ل ح ارس الش يء وفق ا لنص الم ادة 178من الق انون الم دني و على م ا ج رى ب ه قض اء ه ذه
المحكمة هو ثبوت فعل الشيء و إحداث الضرر ،فإذا ثبت ذلك أضحى الخطأ مفترض في حق الحارس ،
بحيث ال يدرؤه اال أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي ال يد له فيه ، 2 "...و بهذا نالحظ أن محكمة
النقض ذهبت في تطبيقها لنص المادة 178من القانون المدني المصري الى قيام مسؤولية الحارس سرعان
م ا يثبت فع ل الش يء مح ل الحراس ة معرض ا الغ ير الى أض رار و إص ابات متفاوت ة فتتحق ق فك رة الخط أ
المفترض على عاتق الحارس المسؤول عن الشيء ،حيث أننا نالحظ أيضا في هذا الحكم أن محكمة النقض
أعفت المض رور تمام ا من عبء إثب ات خط أ المس ؤول في المقاب ل نقلت ه ذا العبء الى ع اتق المس ؤول في
نفيه بإثبات السبب األجنبي من قوة قاهرة أو خطأ المضرور نفسه .
إضافة الى القانون المدني العراقي الذي هو كذلك اتفق مع القانون المدني المصري على اعتماد فكرة الخطأ
المفترض كأساس للمسؤولية عن حراسة الشيء و هذا بإشارتهم الى سطلة التصرف التي يتمتع بها حارس
الش يء ،فتق وم مس ؤولية ك ل من ط رأ من ه تقص ير من ك ان تحت تص رفه أجه زة ميكانيكي ة و أدوات تس تلزم
حيطة و عناية خاصة و هذا من أجل الوقاية من تأثيراتها السلبية ، 4فإن األدوات و األجهزة الطبية هي من
الآلالت المصنفة في خانة األشياء الخطرة فهي تستلزم إلستعمالها السليم الحيطة و الحذر أي أنه يجب على
الطبيب أن يكون ذو خبرة كافية ،إضافة أنه من الالزم معاينة هذه األجهزة من قبل مختصين في المجال .
5
لقد جاء فيه أيضا ،أنه لكي يعفي المسؤول عن عاتقه المسؤولية البد عليه من تهديم رابطة السببية بين
الخطأ و الضرر الناتج عنه ،لكن في حالة ما اذا استطاع المسؤول نفي المسؤولية عليه فإن تبعة االضرار
يتحملها المضرور ال المسؤول فال ينال تعويضا ، 1حيث أننا نالحظ طبقا لما سبق أن الطبيب المسؤول في
حالة ما تعرض أحد مرضاه الى ضرر جراء األجهزة و األدوات الطبية المستعملة ،ال يستطيع أن ينفي عن
نفسه المسؤولية المترتبة عليه حتى لو استطاع نفي الخطأ عنه و هذا استنادا لفكرة الخطأ المفترض ،أي البد
عليه أن يثبت السبب األجنبي الذي ال يد له فيه و إال لن يستطيع إسقاط المسؤولية عن عاتقه .
لقد القت فكرة الخطأ رجحانا كبيرا و خاصة في فرنسا خالل الفترة الواقعة ما بين عامي 1869حتى سنة
، 19302اال أنها تعرضت ألنتقادات كثيرة و هذا من أنصار فكرة الخطأ في الحراسة ،فمن بين االنتقادات
ال تي تعرض ت له ا أن ه بم ا أن المس ؤولية تق وم على فك رة الخط أ المف ترض فمن الط بيعي أن يعفى المس ؤول
بإنتف اء الخط أ اال أن االجته اد القض ائي لم يس مح ب ذلك ، 3و له ذا ص رح نق اد فك رة الخط أ المف ترض ب أن
المسؤولية القائمة على الخطأ المفترض هي في األصل مسؤولية بدون خطأ ،و هذا بسبب التناقض الكلي اذ
ال يمكن للمس ؤول نفي مس ؤوليته ح تى و ل و نفي عن ه الخط أ ،ففي حال ة م ا تم التع رض لض رر بس بب عيب
مجهول في الجهاز المستعمل ،و يتم إثبات عدم خطأ الطبيب فتقوم مسؤوليته حتى بإنتفاء الخطأ ،فهل يوجد
خط أ هنا 4؟ إض افة الى جع ل أنص ار ه ذه النظري ة قرين ة الخط أ قرين ة قاطع ة و ه ذا م ا يخ الف ك ون الق رائن
القانونية القاطعة ال تكون اال بنص تشريعي ، 5نالحظ ان االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ المفترض
واقعية الى حد كبير فكيف ال تنفى المسؤولية بإنتفاء أساسها ؟ ففي هذه الحالة ان هذا األساس الذي زعم به
أنصار هذا الرأي ال وجود له من األصل .
لق د أص درت محكم ة النقض الفرنس ية في 1930/02/13من دوائره ا المجتمع ة مص طلح" اف تراض
المس ؤولية " ،و ه ذا من أج ل تف ادي النق د ال ذي تعرض ت ل ه فك رة الخط أ المف ترض ،اال أنه ا لم تس لم ه ذه
الفكرة أيضا من النقد ،فلقد عرضت عليها تساؤالت عديدة نذكر منها :
ماذا كانت تقصد محكمة النقض من مصطلح " إفتراص المسؤولية " ؟
فهل كانت تقصد الرابطة السببية بين الخطأ و الضرر ؟
أم كانت تقصد سحب ركن الخطأ من العالقة السببية ؟
2
6
لق د تم اإلجاب ة عن هات ه األس ئلة ،و ه ذا قرين ة الرابط ة الس ببية هي في الحقيق ة قرين ة بس يطة في جمي ع
حاالته ا ،بحيث أن ه يب اح إثب ات عكس ها و به ذا ال يتغ ير في االم ر ش يئا ،أم ا بنس بة لس حب ركن الخط أ من
المسؤولية ،فإن االجتهاد الفرنسي الزال بفكرة الخطأ كأساس للمسؤولية فهذا االحتمال مستبعد كليا ،
فض ال عن ذل ك ان الخط أ ه و واقع ة قانوني ة أي أن ه من الممكن افتراض ه ،على عكس المس ؤولية هي نتيج ة
قانوني ة فمن غ ير الممكن أن يتم افتراض ها ،و به ذا ال يمكن اف تراض مس ؤولية الم دعى علي ه فإم ا أن يك ون
مسؤوال أو غير مسؤول.1
و تأسيسا على ما سبق اتجه الفقهاء الى فكرة ال تبتعد عن فكرة الخطأ اال و هي فكرة الخطأ في الحراسة
{. } La Faute Dans La Garde
الفرع الثاني :الخطأ في الحراسة كأساس للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية
ان االنتق ادات ال تي تعرض ت له ا فك رة الخط أ المف ترض أدت الى ظه ور فك رة الخط أ في الحراس ة
كأس اس ق انوني للمس ؤولية الناش ئة عن األش ياء ،حيث أن فح وى ه ذه الفك رة يق وم على أن ه يق ع على ح ارس
الش يء ال تزام ق انوني و ال ذي يتمث ل في الحراس ة الفعلي ة للش يء حيث أن االخالل به ذا االل تزام يعت بر افالت
الشيء من الحراسة الفعلية للحارس أي ما يقصد به خطأ في الحراسة.2
حيث أن ه ذا الخط أ مفترض ا افتراض ا ال يقب ل اثب ات العكس فيتطلب على المس ؤول أن يثبت الس بب األجن بي
ل دفع عن ه المس ؤولية فق د أك د أنص ار هذه النظري ة أن هذا الخط أ هو خط أ ث ابت و به ذا ال يمكن التخلص من
المسؤولية بنفي الخطأ بل البد من اثبات السبب األجنبي الذي ال يد له فيه .3و هذا ألن هذا االلتزام هو التزام
بتحقيق نتيجة و ليس ببذل عناية فال يملك الحارس وسيلة لدفع المسؤولية اال بدفع السبب األجنبي.4
استنادا على نتطرق الى مفهوم مختصرلألخطأ في الحراس ة { أوال } ،ثم الى األساس الذي تقوم عليه هذه
النظرية { ثانيا } .
7
ع رف المش رع الحراس ة في الفق رة األولى من الم ادة 138م دني على أنه ا ق درة الش خص على
استعمال و تسيير و رقابة الشيء .1و هذا عل عكس المشرع الفرنسي الذي لم يتطرق الى تعريف مصطلح
الحراسة مشيرا فقط الى السلطات التي يتميز بها حارس الشيء هذا ما جعل االجتهادات القضائية الفرنسية
تعمل عل تفسير هذه المصطلحات ،فقد مرت بعدة تعريفات بعد ما اعتبرت هذه الحراسة قانونية ثم حراسة
مادية أصبحت في األخير عبارة عن الحراسة المعنوية أو الفعلية.2
بعد التطرق الى مفهوم الحراسة ،فان الخطأ في الحراسة هو عبارة عن فقد السلطة على الش يء ،أي أن
الحارس يفقد سلطة التسيير و المراقبة و االستعمال ،خارجا عن ارادته ،
إن االل تزام ال ذي ج اءت ب ه ك ل من الم ادتين 1/1384و الم ادة 1385من الق انون الم دني الفرنس ي ك ان
يقص د ب ه الحراس ة الفعلي ة للش يء أي الحراس ة المادي ة ،و به ذا ع دم افالت الش يء مح ل الحراس ة ك ون ه ذا
االلتزام لم يقصد به منع األشياء من االضرار بالغير ،بل يستلزم على الحارس أن يحافظ على الشيء تحت
سيطرته المادية ،فبمجرد أن يتعرض الغير لضرر بفعل هذا الشيئ فانه ال شك ان الح ارس أخل بإلتزامه
فيترتب علي ه حينئ ذ تعويض المض رور عن م ا أص ابه ،اذن الخط أ في الحراس ة يتحقق كلم ا أفلت الش يء من
الرقابة المادية و التسيير المادي للشخص المكلف به قانونا ، 3فبمجرد أن يثبت المضرور أن هذا الشيء محل
الحراسة قد أفلت من الحراسة المادية للحراس ُيثبت خطأ الحارس.4
فقد جاء التقنين المدني الجديد بالنص المطلوب ،معيرا فيه التطورات االقتصادية و الصناعات الناشئة ،فلم
يعمم المس ؤولية القائم ة على األس اس المف ترض لتش مل الش يء بص فة مطلق ة ،ب ل قص رها على األش ياء ال تي
تتطلب عناية خاصة من اآلالت الميكانيكية و هي مرحلة من مراحل التطور التي مر بها القضاء الفرنسي ،
حيث نصت المادة 178من هذا التقنين على ما يأتي " :كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية
خاص ة أو حراس ة آالت ميكانيكي ة يك ون مس ئوال عم ا تحدث ه ه ذه األش ياء من ض رر ،م ا لم يثبت أن وق وع
الضرر كان بسبب أجنبي ال يد له فيه ،هذا مع عدم االخالل بما يرد في ذلك من أحكام خاصة ". 5
8
بالعودة للمادة 1384/1فلقد أكد أنصار هذا الرأي االلتزام المحدد على الحارس هو التزام بتحقيق نتيجة ،
حيث أن مضمون هذا االلتزام هو منع الشيء من الغير بضرر ،فالخطأ هنا هو ترك الحارس الشيء الذي
بحوزت ه أن يفلت من الحراس ة الفعلي ة إض افة الى فق دان الس يطرة علي ه ،في ترتب حينئ ذ إخالل ب االلتزام
المنصوص عليه في المادة المذكورة أعاله ؛ دون الخلط بين فقد الحراسة المادية و بين نقلها للغير ،الن فقد
الحراس ة المادي ة ه و افالت الش يء من الح ارس دون ارادت ه بينم ا نق ل الحراس ة للغ ير فه و نقله ا ب إرادة
الحارس ،لقد جاء الفقيه " "Mazeaudبان فقدان التوجيه المادي على الشيء محل الحراسة أي فقدان الرقابة
المادية ال يعفي الحارس من المسؤولية المترتبة عليه بحيث أنه يفقد التوجيه المعنوي على الشيء المتمثل في
س لطة االم ر علي ه ،ك ون ه ذه الس لطة هي ال تي على أساس ها فرض ت المس ؤولية فالح ارس يظ ل ملتزم ا
بالحراسة حتى لو كان الشيء محل الحراسة ال يطيع حارسه.1
لقد تم تأييد فكرة الخطأ في الحراسة في كل من القانون المدني المصري و العراقي ،حيث جاء الدكتور"
سليمان وقس " بأنه بمجرد حدوث الضرر فان الخطأ في الحراسة هو خطأ ثابت و القرينة التي ُيقوم عليها
هذه الفكرة هي افتراض رابطة السببية بين الخطأ في الحراسة و الضرر الواقع مع استبعاد السبب األجنبي
في وق وع الض رر ،في المقاب ل يجب على المض رور اثب ات أن الش يء أفلت من زم ام حارس ه ؛ ام ا الق انون
العراقي فلقد خالف فكرة عدم القابلية لنفي الخطأ و هذا ما جاءت به المادة 231حيث تأذن لحارس الشيء
أن يدفع عنه المسؤولية و هذا بنفي الخطأ عنه. 2
لقد واجهت فكرة الخطأ في الحراسة هي أيضا مجموعة من االنتقادات فمن اهم األسئلة التي طرحت عليها
هو هل هذا االلتزام له وجود قانوني أم له وجود واقعي ؟ و َلم لَ ْم يكن هذا االلتزام التزام ببذل عناية و ليس
بتحقيق نتيجة ؟
ان االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ الثابت نصت على أنه ال يمكن التسليم بهذا االلتزام ألنه ليترتب
على الشخص التزام ما ال بد أن تكون له القدرة الكافية لتحمله و بهذا عند اخالله بااللتزام ينتج عنه الخطأ ،
أما بالنسبة لطبيعة االلتزام الذي تم ادراجه ضمن التزام بتحقيق نتيجة فانه من غير الواقع ان الحارس يوفق
دائم ا في تحقي ق نتيج ة أال و ه و من ع الش يء من اإلفالت و إص ابة الغ ير بض رر ألن ه ذا االل تزام ال يمكن
تحقيقه في جميع الحاالت حيث أنه في بعض األحيان ينفذ الحارس التزامه بطريقة صحيحة مع الحيطة الكافية
و عناية خاصة اال انه ما يطرأ عليه سبب يؤدي الى االخالل بهذا االلتزام.3
9
لق د أج اب " جول د م ان " ه و ك ذلك على هذا التس اؤل و ه ذا بقول ه أن ه ذا االلتزام هو ال تزام بب ذل عناي ة
حيث ان الح ارس من الممكن أن يتخ ذ جمي ع االحتياطي ات الالزم ة من أج ل تف ادي افالت زم ام الش يء من
رقابته و حراسته الفعلية اال أنه يفلت مسببا أضرارا للغير. 4
اذا طبقنا هذا النقد على أرض الواقع نجد أن " جولد مان " قد أصاب في رأيه ،ألنه من الممكن أن يخرج
الش يء من س يطرت حارس ه ب الرغم من اتخ اذه لجمي ع اإلج راءات االزم ة من معاين ة األجه زة و تعقيمه ا و
فحصها من قبل مختصين اال انه و بمساعدة عوامل طبيعية يفلت هذا الشيء من زمام الحارس مسببا أضرارا
و إصابات للغير .
و من ناحي ة أخ رى ان اختي ار الخط أ مقياس ا لتع يين الح ارس أعطى الح اس مض مونا ذاتي ا ال يتالءم م ع
طبيع ة م ع طبيع ة مس ؤولية الح ارس الش يئية من جه ة ،و من جه ة أخ رى أض فى على الخط أ لون ا نظري ا
موضوعيا ال يأتلف مع المضمون الذاتي لفكرة الخطأ ،فلقد حدد األستاذان Henri et Mazeaud
الفكرة العامة للخطأ و هذا بالقول بأن الخطأ " :انحراف في المسلك الذي ال يأتيه الشخص المتبصر الذي هو
في نفس الظروف الخارجية المحيطة بالمدعى عليه " و بهذا فان فكرة الخطأ في الحراسة تختلف تماما عما
جاء في التعريف السابق للخطأ ،كما أضاف الدكتور " محمد لبيب شنب " أن فكرة الخطأ الثابت هي نظريه
قاصرة ألنه في حالة ما اذا ساهم المضرور في استعمال هذا الشيء دون مقابل فانه سيمنع من حق التمسك
بالحماية و هذا بسبب مساهمته في الخطأ ،فلقد انتهى القضاة و الفقه باسنادهم هذه الفكرة الى قواعد االخالق
فقط. 2
المطلب الثاني :النظريات الموضوعية للمسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية
ان االنتقادات التي تعرضت لها النظريات التقليدية القائمة على فكرة الخطأ { الخطأ المفترض ،الخطأ في
الحراسة } أدت باالجتهادات القضائية و الفقهية الى محاولة إعادة تفسير الفقرة األولى من نص المادة 1384
من الق انون الم دني الفرنس ي ،و ه ذا باالس تغناء عن ركن الخط أ من ض من أرك ان المس ؤولية المدني ة ،حيث
تمثلت ه ذه النظري ات في ثالث نظري ات أساس ية :نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر و ال تي ج اءت ك رد على
االنتقادات التي تعرضت لها فكرة الخطأ في الحراسة ،إضافة الى نظرية الضمان و االستقرار التي تسعى
الى حماي ة المض رور كه دف أساس ي له ا ،حيث تعرض ت ه ذه األخ يرة الى انتق ادات أدت الى ظه ور نظري ة
ثالث ة تمثلت في فك رة الض رر { } Le Dommageال ذي يص يب المض رور ،لق د قس منا ه ذا المطلب ثالث
ف روع تناولن ا في الف رع األول نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر بينم ا الف رع الث اني تناولن ا نظري ة الض مان و
االستقرار و أخيرا الفرع الثالث تطرقنا فيه الى نظرية الضرر .
10
الف22رع األول :نظري22ة تحم22ل التبع22ة و االخط22ار كأس22اس للمس22ؤولية المدني22ة الناجم22ة عن اس22تخدام األدوات
الطبية
لق د س عى الفقه اء في البحث عن أس س جدي دة تس تند اليه ا أحك ام مسؤولية الح ارس و هذا بس بب عجز
فكرة الخطأ في تفسيرها فتم اقتراح نظرية تحمل التبعة و المخاطر و التي يقصد بها المخاطر المتسببة في
االضرار ،مس تبعدة تمام ا ركن الخط أ فال تع يره أي اعتب ار ،ان من بين الم ذاهب الفلس فية التي ك انت وراء
ظه ور نظري ة التبع ة الم ذهب العلمي الوض عي ال ذي اعتنقت ه المدرس ة اإليطالي ة في مج ال العل وم المس ؤولية
المدنية فان غرضها هو تعويض الضرر و ليس مجازات الفعل و لذا يتعين استبعاد الخطأ كأساس للمسؤولية
و االكتف اء بالض رر لقيامه ا ،إض افة الى الم ذهب الم ادي ال ذي اعتم ده الفق ه األلم اني و مف اده أن الع برة في
الق انون بالمظ اهر الخارجي ة و يقص د به ا اإلرادة الظ اهرة و أن حق وق و واجب ات األف راد تمث ل عناص ر في
الذمة المالية فال يمكن عندئذ تأسيس المسؤولية على الخطأ كونه عنصر نفسي و لما كان التعويض باعتباره
واجبا فهو عالقة بين ذمتين ماليتين افتقرت أحدهما بفعل صاحب الذمة المالية الثانية فيؤسس التعويض على
عنصر االفتقار ،بينما المذهب التاريخي الذي أنصاره أنه لما كان القانون وليد البيئة ينمو و يتطور بتطور
البيئة و من ثم فال يعقل التمسك بتطبيق قاعدة قانونية وضعت في ظروف معينة في حالت تغير هذه الظ روف
تغيرا جذريا ،فال يمكن االستمرار في تطبيق المسؤولية المدنية على أساس الخطأ التي تم وضعها في بداية
القرن 19حيث كان المجتمع يتميز باقتصاد زراعي و صناعة حرفية فكانت الحوادث جد نادرة و هذا عكس
الوضع بعد الثورة الصناعية." 1
لقد جاء مؤيدي نظرية المخاطر أن كل نشاط يمكن أن ينتج ضررا فيكون صاحب هذا النشاط مسؤوال
عما ينتجه في حالة ما اذا تسبب هذا األخير في إيقاع ضرر بالغير و لو كان سلوكه مجرد من الخطأ ففي
ه ذه الحال ة ف ان المس ؤولية ال تتص ل تمام ا بفك رة الخط أ فبمج رد تحق ق عنص ري الض رر و العالق ة الس ببية
يترتب التعويض ، 2حيث حاول انصار هذه النظرية مواجهة القواعد التقليدية التي باتت ال تنسجم مع واقع
11
الحوادث و المخاطر التي شهدت تصاعدا و تعقيدا ،فيضل التطور المذهل الذي عرفته المجتمعات الحديثة
بفضل ادراج التكنولوجيا و اآللة في النشاط اإلنساني و قد عبر األستاذ المعروف "جسران" عن ذلك بقوله " :
أن مشكلة المسؤولية المدنية التي ستواجهها في الوقت الحاضر أكبر ممن يتصور فقهاء روما أو الفقهاء ال ذين
وضعوا قانونا المدني ،فازدحام الحياة العصرية و تشابكها و تعقدها و ازدياد المخاطر و األخطار بشكل لم
يكن ل ه نض ير من قب ل ،كش ف القن اع عن ع دم كفاي ة النظري ة التقليدي ة القديم ة ال تي وض عت لمجتم ع تس وده
الروح الفردية الرأسمالية و في زمن كانت الحياة االجتماعية فيه أقل رقيا و تقدما "، 1
كم ا أض اف هذا األخير مستندا على نص الفق رة األولى من الم ادة 1384مدني فرنسي ،حيث يرى ب أن
ه ذه الفق رة من مدون ة ن ابليون ال تي لم ت ذكر الخط أ كش رط الزم لقي ام المس ؤولية عن الض رر الح ادث بفع ل
األشياء التي تكون في حراسته فيسأل عن الضرر فقط دون اإلشارة الى ركن الخطأ ،و بهذا يلخص الفقيه
Josserandصاحب هذه النظرية الى القول بأن القانون المدني الفرنسي يقر ضمنيا بفكرة تحمل التبعة و
األخطار. 2
اذ ال يمكن تص ور مس ؤولية من دون ض رر و عالق ة س ببية ،على عكس من ذل ك يمكن تص ور قيامه ا
من دون خطأ. 3
كم ا س بق و ذكرن ا أن أس اس نظري ة تحم ل التبع ة و المخ اطر ين درج ض من النظري ات الموض وعية ال تي
ظه رت في مج ال الق انون حيث تق وم ه ذه الفك رة على عنص رين أساس ين يتمثال في نفي ركن الخط أ حيث ال
يعتبر ركن مشترط لقيام هذه المسؤولية فتم استبعاده و هذا عكس ما تطرقنا له في فكرة الخطأ ،إضافة الى
تحدي د الش خص المس ؤول الى المس تفيد و ه و الش خص المنتف ع من اس تعمال األش ياء الخاص ة و الخط رة ال تي
أفض ت الى ت رتب مخ اطر االنتف اع { ،} Risque Profitبينم ا الش خص المس ؤول الث اني ه و الش خص ال ذي
يستخدم أو يعتمد على آالت من شأنها أن تولد مخاطر و التي تعرف بالمخاطر المستحدثة { Risque crée
أخب روا بهذه
} ،و ينسحب هذا على الخبير و الفقيه في عالم القانون { } Labbeالذي كان من األوائل من َ
الفكرة بالرغم من أنه كان حرصا على فكرة الخطأ الى غاية سنة ،1890
فأص بح ينتس ب الى فك رة تحم ل التبع ة حيث أنس ب منبت ه ذه المس ؤولية الى من ط رأ عن فعل ه مخ اطر
مستحدثة تأثر بها الغير فيستلزم حينئذ على المسؤول أن يتولى تحمل تبعتها و هذا بتعويضه للضرر ،حيث
12
ق ال " :ان من ي دخل في المجتم ع لفائدت ه الشخص ية ش يئا من ش أنه أن يض اعف المخ اطر ال تي يتع رض له ا
الناس ،يتعين عليه أن يستغني عن فائدة هذا الشيء ،أو يعوض اآلخرين عما يصيبهم من انفجار هذا الشيء
أو انكساره " .1
ان أنصار هذا الرأي أكدوا أن حارس الشيء يجب أن يسأل عن الضرر المسبب من طرف هذا الشيء
محل حراسته و هذا دون االهتمام ما اذا كان الحارس ارتكب خطأ أم ال و ذلك ألنه استفاد من استعمال هذا
الشيء فترتب عن هذا االستعمال مخاطرة مستفاد هو منها الن هذه المخاطر يجب أن يقابلها غنم و ربح. 2
لقد جاء أصحاب هذا الرأي بأنه اذا تمت مطالبة الضحايا بإقامة الدليل عل خطأ الطبيب يعد ارهاقا لهم و
ض ياعا لحق وقهم خصوص ا أن ه هنال ك العدي د من الح وادث الغامض ة ال تي يستعس ر اثب ات خط أ المس ؤول فيه ا
حتى لو تم االستعانة بذو خبرة فنية و بهذا نكون قد ضحينا بمصالح الطبقة الضعيفة لمصلحة الطبقة القوية و
هذا منافي ألس اس العدال ة التي نس عى له ا ،ف اذا وق ع ح ادث من ِمن المف ترض أن يتحم ل التبع ة ه ل يتحملها
الطرف المتضرر{ المرضى } الذي كان له تدخل سلبي في الحادث ؟ أم يتحملها الطرف المسؤول { الطبيب
أو الج راح }...ال ذي ك ان ل ه ت دخل إيج ابي في الح ادث و ق د ك ان ذا فائ دة تع ود علي ه فيجب علي ه حينئ ذ أن
يدفع ثمن هذا الضرر ،أما في حالة لم يكن مستفيد فقد كان ينبغي عليه أال يأتيه. 3
عالوة على ذلك استغنى الفقيه " " Salleillesعن فكرة الخطأ استنادا للمادة 1384/1من القانون المدني
الفرنسي مشير الى أنه يكفي لقيام مسؤولية المدعى عليه أن يثبت المدعي رابطة السببية بين الضرر و الفعل
الناتج عن المسؤول ،ان المسؤولية ضمن فكرة تحمل التبعة تعتد باألثر الظاهري -الخارجي -أي ما يترتب
عنه ا و به ذا فهي مس ؤولية موض وعية ش يئية ال ذاتي ة و المس ؤول عنه ا ه و الش خص المس تفيد أو المنتف ع ،
فاس تنادا له ذه الفك رة ف ان الض رر ال ذي يص يب الم ريض ج راء عيب في جه از األش عة ح تى ل و انتفى خط أ
االخصائي فان انتفاء خطأه ال يؤثر على قيام مسؤوليته.4
انقس م أنص ار ه ذه النظري ة الى قس مين ؛ منهم من ي رى أن ه ذه الفك رة تق وم على أس اس الغ رم ب الغنم
{ } Risque-Profitو التي يسأل فيها حارس الشيء عن األضرار التي تسبب فيها للغير جراء استخدامه
لشيء كان هو منتفع منه ،و قسم آخر يرى بأنه يتحمل الحارس مسؤولية الشيء الذي في حراسته و هذا
ج راء اس تخدامه في نش اطاته ،حيث يس تحدث عن د اس تعماله ه ذا الش يء أخط ارا فيتعين علي ه تحم ل النت ائج
المترتبة عن هذه األخطار.5
13
:1أنصار فكرة الغرم بالغنم ": "Risque-Profit
ي رى الق ائلين به ذه النظري ة أن ه ليس من الع دل أن يتف ع البعض على حس اب البعض اآلخ ر أي أن يس تأثر
شخص بثمرات األشياء المملوكة له و يترك مخاطرها لغيره ،و أن األخذ بنظرية تحمل التبعة و االخطار
في مجال المسؤولية عن األشياء من شأنه تحقيق توازن في العالقات داخل المجتمع و في هذا الصدد يقول
الفقي ه Esmeinفي تعليق ه على حكم محكم ة النقض الفرنس ية الص ادر في : 1898 / 04 / 12
{ ...أن أي شخص يستخدم من الوسائل ما يمكن ان ينشأ عنها خطر و ذلك لغرض الوصول إلى هدف ما
سواء ك ان ذل ك بنفس ه أم عن طريق األخ رين ،فعلي ه أن يتحم ل عبء المسؤولية الناش ئة عن األض رار التي
يتسبب في وقوعها ،و ذلك في مقابل الفوائد التي يجنيها من المشروع الذي يعمل لحسابه ،سواء كانت هذه
الفوائ د زهي دة أم كب يرة ،كم ا يق ع علي ه عبء إص الح االض رار ال تي تص يب الع املين لدي ه و ل و لم يكن ثم ة
خطأ ينسب إليه و لو أنه اتخذ االحتياطات االزمة لمنع وقوع الضرر إال إذا كان الضرر ناشئا بفعل المصاب
أو الغير ، 1}...فيتحمل اذا الشخص المسؤول االخطار الناتجة عن االستعانة بهذا الشيء و مقابل ما الفوائد
الذي يجنيها منه ،فتطبيقا لقواع العدالة فإن لكل امرئ ثمرة عمله، 2
كما ذكرنا سابقا ،فان أنصار هذه الفكرة يعتبرون كل من كانت له فائدة من استعمال هذا الشيء كان عليه
أن يتحمل ما يترتب عن هذا الشيء محل الحراسة من أضرار ،فالطبيب أو الجراح أو أي ما كان تخصصه
فهو يستعمل األدوات و األجهزة الطبية لتسهل عليه سواء تشخيص المرض أو اعمال عملية جراحية أو حتى
في الح االت االس تعجالية و ه ذا خاص ة في وقتن ا الح الي ال ذي ال يك اد أن ينج ز الط بيب عمل ه من دونه ا ،
فبالرغم من تطورها الذي سهل عمل الطبيب اال أنها تسبب أضرارا لمرضاه فيتعين هنا على الطبيب تحمل
تبعة ما تسببه هذه األدوات .
و تأسيس ا له ذا ،نص أص حاب ه ذه النظري ة أن متب وع الط بيب ال يس أل عن االض رار ال تي تس ببها ه ذه
األدوات و هذا ألنه ال يستعملها لحسابه الخاص و بهذا ال يعد حارسا بل هو يستعملها لحساب متبوعه ،كذلك
في حالة نيابة الطبيب سواء كانت هذه النيابة قانونية أو اتفاقية فقط فالنائب هنا ال يحاسب عن استعماله لهاته
األدوات ألن تص رفاته ت رد الى األص يل ،اال في ح الت تحق ق العلم ل دى الن اس بغي اب الط بيب لف ترة طويل ة
كدراسته في الخارج مثال فتكون المسؤولية هنا على الطبيب النائب و هذا كون الطبيب األصيل ال ترد اليه
ه؛ ا نائب تي يجريه ة ال ات الجراحي ر العملي وله على أج دم حص ة كع أي منفع
فبهذا تقوم مسؤولية األطباء { أخصائي االشعة ،أخصائي التحاليل ،الجراح }...عن االضرار التي يحدثها
تابعوهم بالمرضى أثناء مزاولة مهنتهم. 3
14
:2أنصار فكرة األخطار المستحدثة ": "Risque-crée
ي رى أنص ار ه ذا االتج اه أن الح ارس ال ذي يس تعمل أش ياء ك انت تحت حراس ته الفعلي ة في نش اطاته
فتستحدث بدورها اخطارا للغير كاإلصابات التي يتعرض لها المرضى مثال بسبب أدوات طبية خاصة
كون هذه األخيرة هي عبارة عن أشياء خطرة لها قوة ذاتية قد تمكنها من اإلفالت من سيطرت حارسها عند
استعمالها حيث أن هذه النظرية اقتصرت على هذا النوع من األشياء ،و هذا ما أخد به المشرع المصري في
المادة 187مدني اذ تقتصر المسؤولية عن فعل األشياء على األضرار التي تتسبب فيها ..." :أشياء تتطلب
حراستها عناية خاصة أو حراسة آالت ميكانيكية ، "...و عكس هذا فإن المادة 138مدني جزائري ال تأخد
1
بهذا التمييز و ال تفرق بين األشياء الخطرة و تلك التي ال تنطوي على أي خطر.
يقصد بنظرية تحمل تبعة الخطر المستحدث كل من وضع شيئا خطرا في االستعمال ،فمن استعمل ش يئا و
كان على دراية بأن له أخطارا عند استخدامه فهو يكون قد استحث اخطارا في الوقت ذاته في جانب الغير ،
و هذا االستحداث ال يعد خطأ و بهذا فان التعويض هو عبارة عن جبر للضرر و ليس عقابا ،
فأحيانا ما يتعرض من كان برفقة المريض ألضرار بالرغم من عدم تعرضهم للعالج و هذا على سبيل المثال
األجه زة ذات األش عة ال تي تس تخدم في مج ال الط بي الن ووي ،فمن بين األش خاص األك ثر عرض ت للخط ر
المرأة الحامل فهذه األشعة تأثر على الجنين سلبيا فقد تعرضه للتشوهات ،و هذا ما أدى الى إقامة مسؤولية
المش روع الن ووي { ال دولي و الوط ني } على أس اس مب دأ الموض وعية متخ ذين الض رر كأس اس ق انوني م ع
إعفاء المضرور من إقامة الدليل على خطأ المدعى عليه ،كون هذا النوع من المشاريع يستحدث نشاطات
في قمة الخطورة و بهذا يستلزم على المسؤولية النووية بالتعويض لجبر الضرر. 2
أما القانون المدني المصري لقد جاء مستبعدا لفكرة تحمل التبعة و المخاطر سواء في نطاق المسؤولية الناش ئة
عن األشياء وصوال الى القواعد العامة في المسؤولية و هذا ألنه أقام مسؤولية الحارس بسبب الضرر الناتج
عن تدخل األشياء محل الحراسة دون اشتراط ما اذا أغنم الحارس من استعماله هذا الشيء أم ال ،ما لم يتم
اثبات السبب األجنبي.3
لقد تعرضت فكرة تحمل التبعة كغيرها من النظريات الى انتقادات بالرغم من أنها القت تأييدا من العديد من
فقه اء الق انون ،فب الرجوع لنص الم ادة 138م دني جزائ ري تنص على " ك ل من ت ولى حراس ة ش يء "...
فقوامها القانوني اذن الحراسة و هذا عكس ما جاء في فكرة التبعة التي ترجع مسؤولية الحارس الى المنفعة
15
االقتص ادية أو الى األخط ار ، 1حيث أنن ا نالح ظ أن ه ذه النظري ة عممت ك ل النش اطات ال تي تنتج عنه ا
االض رار بأنه ا نش اطات منتف ع منه ا ،حيث أن ه من الممكن ع دم االنتف اع من ه ذه النش اطات ،فتنتج عنه ا
أضرار تصيب الغير اذا تأسيسا على هذه النظرية أنه من الممكن أن يدفع المسؤول المسؤولية عنه اذا أثبت
عدم انتفاعه من النشاط الممارس و هذا مخالفا لمبدأ العدالة الذي يلجأ رجال القانون لتحقيقه .
إضافة أن هذه النظرية تقتصر فقط على األشياء التي تتطلب عناية خاصة دون األشياء البسيطة أي أنه في
حال ة م ا ذا ك ان الش يء مح ل الحراس ة خ ارج خان ة األش ياء ال تي تتطلب عناي ة خاص ة فال تج د ه ذه النظري ة
م بررا للمس ؤولية 2ه ذا على عكس م ا ج اء ب ه المش رع الجزائ ري ال ذي لم يح دد األش ياء ال تي تق وم عليه ا
المسؤولية ،بل جعل مفهوم مصطلح الشيء شامال .
ان هذه النظرية تأدي ال محا َل الى نتيجة اجتماعية خطيرة ،و هي أنها تقتل روح المبادرة في االنسان ،مما
تجع ل االف راد ينف رون عن النش اطات االقتص ادية حيث أنهم يكون ون بص دد م واجهتهم ألم رين :ام ا أن يق وم
المسؤول بتأمين كل ما يملكه ،و اما أن يمتنع من أي نشاط من شأنه أن ينتج عنه أضرار ،فيتراجع األطباء
فاس تخدام م ا تط ور من أجه زة ال تي من ش أنها أن تس اعد في اس عاف و انق اذ العدي د من المرض ى خاص ة
األجهزة التي تحتاج لحارس ذو كفاءة و خبرة كافية. 3
لقد تم االعتماد على هذه النظرية في الكثير من القواعد العضوية من بينها القضاء الفرنسي ،أما بالنسبة
موقف القضاء الجزائري في تبني فكرة تحمل التبعة بعد االستقالل حيث على ما يبدو أنه لم يأخذ بها و هذا
م ا ج اء ب ه الدكتور علي علي س ليمان بقول ه ":ف إني لم أع ثر على أي حكم ل ه ي دل على األخذ به ا ،و أعتقد
_فيما أعلم_ أنه لم يعتنق هذه النظرية ".4
الفرع الثاني :فكرة الضمان كأساس للمسؤولية الناشئة عن استعمال األدوات الطبية
بعد االنتقادات التي تعرضت لها فكرة تحمل التبعة ظهرت نظرية جديدة المتمثلة في نظرية الضمان ،
تقوم هذه النظرية على أنه من أهم حقوق االنسان حق التمتع بالصحة و السالمة من االضرار و اإلصابات
التي من الممكن أن يتعرض لها جراء ممارسة البعض حقوقهم ،فمن رواد هذه النظرية الفقيه""stark
الذي قال بأن كل من نظرية تحمل االخطار و نظرية الخطأ المفترض لم يهتموا الى بالشخص المسؤول و
هذا بمقارنة سلوكه في فكرة الخطأ و معرفة الغاية من نشاطه من ناحية االنتفاع في فكرة تحمل االخطار،
فلجأ الفقيه سابق الذكر الى نظرية الضمان و هذا من أجل معالجة موضوع المسؤولية من ناحية المضرور،
16
حيث سلط الضوء على ما يتمتع به االنسان من حقوق ،و خاصة حق السالمة الجسدية التي اذا تعرضت الى
أض رار من الص عب م داراتها ،فمن أهم حق وق المرض ى ع دم التع رض الى أض رار خ ارج االض رار ال تي
دفعتهم للعالج ،في المقاب ل من االلتزام ات ال تي ال ب د أن يعيره ا األطب اء أهمي ة أك بر هي ع دم تع رض
المرضى الى أضرار سواء من ناحية تفاقم المرض أو في ظهور مرض آخر بسبب اإلهمال و ال مسؤولية،
ف ان وظيف ة ه ذه النظري ة حي تحقي ق العدال ة للمض رور على ض رر أص ابه ال ذنب ل ه في ه بعي دا عن س لوك
المسؤول و الغاية من استعماله هذه األدوات. 1
استنادا الى تطرقنا الى مفهوم فكرة الضمان {أوال} ،ثم الى األساس الذي تقوم علية هذه النظرية {ثانيا}.
نظري ة الض مان هي نظري ة تق وم على المفاض لة بين حقين هم ا ح ق المتض رر في االمن من س المته
الجسدية و المالية و األدبية يقابلها حق المسؤول من الحرية في العمل و ممارسة النشاطات اإلنسانية المتنوعة
بشرط أن يراعي الممارس القانون و قواعد الحيطة. 2
تقيم هذه النظرية المسؤولية الناشئة عن األشياء على أساس الضمان ال على أساس الخطأ و هذا ما جاء
ب ه أنص ارها بق ولهم أن لك ل انس ان ح ق في أن يح ترم الغير س المته الجس دية و س المة ذمت ه المالي ة ،ف اذا تم
المساس بهذه الحقوق فانه يكون قد أخل بفكرة الضمان و يكون مسؤوال عما أحدثه من ضرر بغض النظر
عما اذا كان مخطأ أم ال . 3نالحظ أن هذه النظرية جاءت معاكسة للنظريات الشخصية و هذا ألنها ال تعير
أي اهتمام ما اذا كان المسؤول مخطأ أم ال ،وال تقارنه بسلوك الشخص العادي ،فلن يتم مقارنة الطبيب مع
خبير في المجال الطبي و لن يتم التحقيق معه ما اذا كان فعله خاطئا أم ال.
فاذا أصيب أحد المرضى خالل قيامه بعملية جراحية سواء تضرر بسبب االستعمال الخطأ لألدوات الطبية أو
كان بسبب عيب في األجهزة الطبية أو حتى كان بسبب اهمال الطبيب المسؤول ،فان لقيام المسؤولية على
عاتق هذا األخير تستلزم فقط تحقق الضرر دون االهتمام بما سبق ذكره .
فمن المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية هي حرية العمل و النشاط مع الحق في السالمة ،حيث جاء في
مب دأ حري ة العم ل و النش اط أن هن اك من النش اطات ال تي تتطلب تع ويض في ح الت م ا ت رتب عنه ا ض رر و
هنالك نشاطات حتى و نتجت عنها أضرار فال تستلزم تعويض المضرور ،و هذا من تنازع الحقوق المدنية
مثل النقد األدبي و ممارسة الرياضة العنيفة كالمالكمة ،إضافة الى مبدأ الحق في السالمة و الذي يقصد به
1يمينة براج ،التوجه الموضوعي للمسؤولية المدنية ،مجلة القانون العام الجزائري و المقارن ،المجلد السابع ،العدد ، 13/11/2021 ، 02ص
، 206زينة قدرة لطيف المرجع السابق ،ص . 119
2يمينة براج ،المرجع السابق ،ص . 207
3المسؤولية عن األشياء في القانون المدني الجزائري ،ص . 19
17
الح ق في االمن بص فة عام ة ،فالس المة الجس دية و المادي ة للش خص تع د بمثاب ة الح د األدنى من الس المة و
االستقرار الذي يجب على المجتمع ضمانه. 1
و تأسيس ا على ه ذا و تطبيق ا على المس ؤولية الناش ئة عن األش ياء ،ف ان االل تزام بض مان الس المة ال ذي تم
اعتماده من طرف القضاء و الفقه في المسؤولية العقدية غير قاصر على عقود معينة فقط بل من الضروري
أن يتم تطبيق ه على ك ل من يس تخدم ش يئا معين ا طبق ا للم ادة ، 1384/1ف اذا ك انت الحق وق المدني ة في حال ة
تن ازع من حيث النش اطات ال تي ال تتطلب تع ويض من المس ؤول ،ف ان المس ؤولية عن األش ياء ال ب د و أن
تكون الحماية فيها حماية مطلقة ،و هذا لخطورة االضرار المتمثلة في االضرار الجسدية و المالية. 2
ان األدوات الطبي ة من األش ياء ال تي الب د و ض مان التع ويض عن أض رارها و اإلص ابات ال تي تعرض ها
للمرضى فهي تمس بحق السالمة الجسدية التي من أجله يلجأ المرضى للعالج ،كما تمس أيضا الذمة المالية
للم ريض و ه ذا من مص اريف العالج و غيره ا ،و له ذا ف ان مس ؤولية الط بيب عن االض رار ال تي تح دثها
األدوات و األجه زة الطبي ة ال تي يس تعين به ا في مراح ل العالج المختلف ة م ا هي اال ج زاء االعت داء على ح ق
المريض في الضمان. 3
بالرغم من التأييد التي القته نظرية الضمان من جانب الفقه اال أنها تعرضت الى انتقادات تمثلت في :
نالحظ أن نظرية الضمان ال تختلف كثيرا عن نظرية تحمل التبعة ،كون كالهما يستبعد ركن الخطأ ،
و ه ذا بتب نيهم ركن الض رر كأس اس له ذه المس ؤولية ،حيث اختلفت عنه ا في قي اس ه ذا الض رر ،ففك رة
الضمان تقيس الضرر على الحق المتضرر ،بينما فكرة تحمل التبعة تقيس الضرر على مدى انتفاع المسؤول
من الشيء المستعمل ،و ال على النظريات السابقة ألن األساس واحد و هو المساس بحق االمن.
تأسيسا على هذا فان هذه النظرية جاءت مثلها مثل النظريات السابقة عاجزة عن تبرير كل الحلول التي
توصل اليها االجتهاد القضائي ،و بهذا ال يمكن أن تكون أساسا للمسؤولية المدنية الناجمة عن األشياء. 4
الفرع الثالث :الضرر كأساس للمسؤولية المدنية الناجمة عن استعمال األدوات الطبية
1يمينة براج ،المرجع السابق ،ص . 208
2زينة قدرة لطيف ،المرجع السابق . 122 ،
3المرجع نفسه .
4علي فياللي ،المرجع السابق ،ص .222
18
ُأعتم دت ه ذه النظري ة الحديث ة كأس اس للمس ؤولية الموض وعية ،و ال تي يكفي لقيامه ا ت وفر ركن الض رر و
العالق ة الس ببية مس تبعدين تمام اً ركن الخط أ من أرك ان ه ذه المس ؤولية و ه ذا مباش رة بين الض رر و النش اط
الطبي، 1
و تتمثل شروط هذه المسؤولية في أن ال يكون هناك ضرر عقدي كون "العقد شريعة المتعاقدين" و بهذا ال
يمكن تطبيق المسؤولية الموضوعية اذا كان يربط الطبيب و المريض عقد طبي بل يتم اللجوء الى االحكام
العامة للعقد إضافة الى ركن الخطأ الذي ال بد أ ،يكون خطأ مفترض اً ال يلتزم المريض بإثباته و هذا ضماناً
لسالمته ،و من الشروط األساسية في المسؤولية الموضوعية هي الضرر شديد الخطورة ،فمن البديهي أن
م ا يص يب جس م االنس ان ه و ض رر ش ديد الخط ورة فاهلل أنعم علين ا بالص حة و أنعم علين ا ب آالت طبيع ة من
المستحيل أن يستطيع االنسان أن يعوضها بآالته الصناعية و لهذا فان المساس بجسم االنسان كبتر األعضاء
أو التع رض للفيروس ات بس بب ع دم تعقيم اآلالت الطبي ة و األدوات المس تعملة يعت بر من األض رار ش ديدة
الخطورة فهي يئما تؤدي الى شوه جسماني أو الى وفاة المريض ،وبهذا فالمسؤولية الموضوعية هي عبارة
عن تط ور للمس ؤولية التقص يرية مكتفي ة بالض رر و العالق ة الس ببية دون الخط أ و ه ذا تيس يراً للمض رور في
استحقاقه للتعويض من المسؤول. 2
و به ذا تم تط بيق المس ؤولية الموض وعية في المج ال الط بي خاص ة في المس ؤولية عن األش ياء و ه ذا م ا
سنتطرق له في هذا العنصر :
ب الرجوع الى نص الم ادة 138من الق انون الم دني الجزائ ري ،نالح ظ أن المش رع ص رح بص يح العب ارة
مص طلح الض رر دون مص طلح الخط أ مم ا ي دل على تب ني ركن الض رر كأس اس للمس ؤولية المدني ة عن فع ل
األش ياء ،إض افة الى تب ني المش رع الجزائ ري ه ذه المس ؤولية في الم ادة 140مك رر 31لألحك ام العام ة
للمسؤولية المدنية و هذا بصفة غير صريحة ،دون التطرق الى أحكام هذه المسؤولية في المجال الطبي على
عكس ما جاء به قانون الصحة العامة الفرنسي .
فلقد كانت المسؤولية الطبية تخضع لألحكام العامة للمسؤولية المدنية كأصل عام تستلزم اثبات خطأ المسؤول
لكن بس بب التط ور الط بي خاص ة في ج انب اآلالت و األجه زة التقني ة الطبي ة ش وهد أخط اء فادح ة و أض رار
متفاوت ة اس تلزم لج وء الى قواع د جدي دة تس هل على الم ريض اثب ات خط أ الط بيب عن فع ل األش ياء و تش دد
المسؤولية على الطبيب عن فعل هذه األشياء فكثرت هذه اآلالت جعلت األطباء يتهاونون في استعمالها دون
الترك يز مم ا ق د تس ببه من أض رار حيث أن ه ال ب د قب ل اس تعمال ه ذه اآلالت اكتس اب الخ برة الكافي ة من عن د
مختصين أو من مصنعي األجهزة و األدوات الطبية من أجل مفاداة األضرار التي تقع بسببها .
1راضية عيمور ،بد القادر يخلف ،المسؤولية المدنية الطبية في ظل التوجهات الفقهية و القضائية ،مجلة الدراسات القانونية و السياسية ،جامعة عمار
ثليجي األغواط ،العدد ، 2016 ، 04ص . 333
2محمد شعيبـ محمد عبد المقصود ،المسؤولية الموضوعية من حيث األساس و التطبيق ،كليات الخليج المملكة العربية السعودية ، 2021 ،ص . 10
3المادة 140مكرر ": 1إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني و لم تكن للمتضرر يد فيه ،تتكفل الدولة بالتعويضـ عن هذا الضرر".
19
من المعروف أن المريض يواجه صعوبة في اثبات الخطأ الشخصي للطبيب ،فإلثبات خطأه عن فعل األشياء
سيواجه صعوبة أكبر ،فكثرت أعضاء الطاقم الطبي و األدوات و األجهزة المختلفة أدت الى صعوبة اثبات
1
خطأ الطبيب
المبحث الثاني :شروط المسؤولية المدنية عن األدوات الطبية و تحققها في مراحل العالج الطبية
بسبب التطور الهائل الذي شهده مجال الطب سواء من الناحية المعرفية و الفنية أو من ناحية األجهزة
و األدوات الطبي ة خل ف العدي د من المش اكل في موض وع المس ؤولية المدني ة خاص ة نقص اإلط ارات القانوني ة
المنظم ة له ذا الن وع من المس ؤولية مم ا ي ؤدي الى ص عوبة تكييفه ا وك ذلك ص عوبة تق دير التع ويض للفئ ة
المتضررة من المرضى إضافة الى صعوبة اثبات األخطاء الطبية ، 2فانه من المعروف في المجال الطبي أنه
من الممكن أن تتحق ق ك ل من المس ؤولية المدني ة العقدي ة كأص ل في المع امالت الطبي ة ،م ع إمكاني ة تحق ق
المس ؤولية التقص يرية و ه ذا كاس تثناء عن المس ؤولية العقدي ة ،و ه ذا تأسيس ا على ش روط خاص ة ،فب العودة
للمس ؤولية العقدي ة ال تي تق وم ب اإلخالل ب االلتزام العق دي المتف ق علي ه مح ل العق د ،س واء في ع دم التنفي ذ أو
االخالل بهذا التنفيذ ،فتتحقق المسؤولية بتوفر كافة أركانها من خطأ و ضرر و عالقة سببية كما هو األمر
في المس ؤولية التقص يرية ،ال تي تختل ف عن المس ؤولية العقدي ة في طبيع ة االل تزام ،و ه ذا ألن المس ؤولية
التقصيرية ناتجة عن االخالل بالتزام فرضه القانون ،فتتحقق هذه المسؤولية الناشئة عن األدوات و األجهزة
الطبي ة في مختل ف مراح ل العالج و ال تي س نتطرق له ا ب التركيز على ك ل مرحل ة في المطلب األول ،بينم ا
سنتناول شروط تحقق هذه المسؤولية في المطلب الثاني .
تختلف و تتعدد مراحل العالج في الطب البشري ،حيث لكل مرحلة تتميز بأطباء مختصين و تستلزم
االس تعانة ب أدوات و أجه زة متنوع ة ك ل حس ب تخصص ها و الغ رض من اس تعمالها ،فمن المراح ل العالجي ة
ال تي س نتطرق لمعالجته ا في ه ذا المطلب :مرحل ة التش خيص ال تي تقس يمها ب دورها الى ثالث عناص ر من
األهم التطرق اليها المتمثلة في :التشخيص بأجهزة الفحص السريري و هو التشخيص البسيط ،التشخيص
ب أجهزة التص وير الش عاعي و ال ذي يتطلب الحيط ة الالزم ة و الخ برة الكافي ة قب ل اللج وء الى اس تعماله ،و
التش خيص بواس طة التحالي ل المخبري ة ال تي هي ك ذلك تتطلب الدق ة و الترك يز الجي د في العم ل ،منقلين الى
الفرع الثاني الذي عالجنا فيه تحقق المسؤولية في مراحل عالج أخرى و التي تعددت في :تحقق المسؤولية
في مرحلة العالج ،تحقق المسؤولية في مرحلة التخدير و التي ترتبت عنها العديد من الحوادث األخيرة التي
1عبد القادر يخلف ،نحول المسؤولية الموضوعية عن األضرار الطبية دراسة مقارنة ،حوليات جامعة الجزائر ،جامعة عمار ثليجي األغواط ،العدد 31
،الجزء الثالث ،ص . 41
2فاطمة الزهرة قدواري ،قواعد المسؤولية المترتبة عن األخطاء الطبية ،مجلة الحقوق و الحريات ،كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة محمد خيضر
بسكرة ،المجلد ، 11العدد ، 2023 ، 1ص . 939
20
أدت بالمرضى الى الوفاة ،و آخر مرحلة أال و هي مرحلة العمل الجراحي التي ال بد و التطرق اليه و هذا
بسبب الحوادث العديدة التي تقع بسبب سوء استعمال األدوات و األجهزة الجراحية
كما ذكرنا سابقاً تنولنا في هذا العنصر ثالث مراحل لتشخيص و هي كاآلتي :
نتط رق أوال الى مفه وم التش خيص حيث عرف ه الفق ه " :التش خيص ه و البحث و التحق ق من ن وع الم رض
الذي يعاني منه المريض ،و يقوم بتشخيصه الطبيب سواء كان ممارساً أو متخصصاً ".1
فمرحلة التشخيص هي المرحلة االبتدائي ة للعالج ،عن طريقها يتسنى للطبيب معرفة االعراض التي يعاني
منها المريض ،مع الوصول الى الحلول االزمة و الطرق العالجية التي من الممكن أن تساعد في العالج
فمرحلة التشخيص من المفروض أن يتوصل الطبيب عن طريقها الى ماهية المرض سواء كان طبيبا عاما أو
مختص اً مع مراعات حدود اختصاصاته الفنية و التقنية و هذا لعدم تعرض المريض ألخطاء في التشخيص
من شأنها أن تؤدي بالمريض الى مخاطر مرضية أخرى ،و هذا ما جاء في المادة 17من مدونة أخالقيات
الطب ال تي تنص على م ا يلي " :يجب أن يمتن ع الط بيب أو ج راح األس نان عن تع ريض الم ريض لخط ر ال
مبرر له خالل فحوصه الطبية أو عالجه ". 2
ففي مرحل ة التش خيص يس تعين الط بيب بكاف ة األدوات الطبي ة ال تي يض عها العلم في خدمت ه و خدم ة
المرضى ،لكن بالتكلم على التشخيص السريري فالطبيب هنا يستعمل أدوات جد بسيطة التي من الممكن _
في غالب األحيان_ أن ال تسبب أضرار للمرضى مثال السماعات و غيرها من األدوات اليدوية البسيطة
مما يتعذر الكشف عن المرض و لهذا ال بد من اإلستعانة بأدوات و أجهزة طبية أكثر دقة و التي سنتطرق
لها في العناصر التالية .
يلجأ األطباء عادة الى األشعة السينية البسيطة و هذا من أجل الكشف عن األمراض التي تصيب العظام
أي أنها تساعد في الكشف عن األماكن الخارجية القريبة ،كون هذه األجهزة من غير الممكن أن تصل الى
األماكن الداخلية في جسم االنسان كالكلى و غيرها من الـأجزاء الداخلية في جسم االنسان، 3
1مريم بوشري ،المسؤولية المدنية للطبيب ،جامعة خنشلة ،العدد الرابع ، 2015 ،ص . 158
2المادة 17من المرسوم التنفيذي المتضمن مدونة أخالقيات الطب ،رقم 276_92مؤرخ في 5محرم عام 1413الموافق ل 6يوليو سنة ،1992
تاريخ الجريدة الرسمية 7محرم 1413الموافق ل 8يوليو ، 1992العدد ، 52ص . 1420
3التصوير باألشعة السينية البسيطة { التصوير الشعاعي البسيط } ،أدلة ، MSD ، 2023_05_09 ، 00:43أنظر الرابط
https://www.msdmanuals.com/ar/home/%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D9%8A
%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%AE
21
ف برغم من التس هيالت ال تي تق دمها لألطب اء من أج ل الكش ف عن االم راض الى أن الش عاع الخ اص به ا من
الممكن أن يسبب أضرار خطيرة و هذا بسبب كثرة التعرض ألالشعاعات كونها تسبب العديد من االمراض
منها االمراض الجلدية و السرطان _ عافانا اللّ ه و إياكم _ كما ال بد من حجب بطن المرأة الحامل في حالة
اس تعمل عليه ا الجه از ،و من التطبيق ات القض ائية للتش خيص بالتص وير الش عاعي ... " :فق د قض ت محكم ة
Seine 1899بمس ؤولية الط بيب ال ذي يع رض الم ريض لألش عة لف ترة أط ول مم ا ينبغي مؤدي اً ذل ك الى
اإلضرار به ،كما قضت محكمة Aixبمسؤولية طبيب وقعت منه عدة أخطاء فنية منها استعمال أنبوبة رغوة
و لوح منحرف ترتب عليها مضاعفة مقدار التعرض لألشعة الى ما جاوز الحد وزاد من خطر الحروق التي
أصيب بها المريض. " 1
فلخط ورة ه ذا الن وع من األجه زة ال ب د من األخ ذ برض ا الم ريض و اطالع ه على المعلوم ات و إيجابي ات و
سلبيات هذا الجهاز .
يقصد بالتحاليل الطبي ة ... " :من الوسائل المهمة للكشف عن األمراض و العلل التي تصيب اإلنسان و قد
يس تعين به ا الط بيب المع الج في مرحل ة الفحص التكميلي و ال تي يق وم فيه ا الط بيب المع الج ب إجراء فح وص
دقيق ة و عميق ة تس تخدم فيه ا أجه زة حديث ة و متط ورة لبي ان حال ة الم ريض و تح دد علت ه و من أمثل ة ه ذه
الفحوص ات التص وير المجه ري " 2؛ و به ذا تعت بر التحالي ل الطبي ة كج زء أساس ي في تش خيص الم رض فهي
نادراً ما تخطأ في نتائجها و هذا ما جعل اللجوء اليها في تشخيص األمراض التي من الممكن أن يتم الكشف
عنها عن طريق التحاليل الطبية ،فهي تقوم بالتحديد الدقيق لألمراض من دون الشك ،لكن رغم هذا األهمية
ال تي تتمت ع به ا التحالي ل الطبي ة اال أن خط أ ص غير ج داً من الممكن أن يه دد حي اة الم ريض ،و ه ذا بس بب
الفيروسات التي من الممكن أن يتعرض لها جهاز التحاليل بسبب سوء التعقيم و إعادة استعمال نفس األدوات
ال تي من المف روض أنه ا مخص ص الس تعمال واح د ،فه ذا اإلهم ال و الته اون في التعقيم ي ؤدي ال مح ال الى
تغير نتيجة التحاليل و بهذا يقع الخطأ في التشخيص ،و الخطأ في التشخيص يؤدي الى الوصف الخطأ في
وصف العالج و االدوية مما يؤدي في األخير الى تعرض المريض الى أخطار ال تحمد عقباها ،و لهذا من
الض روري ج داً أن يهتم المس ؤولون عن تعقيم أجه زة التحالي ل بالدوري ة االزم ة للتعقيم دون اهم ال المحي ط
الذين يمارسون فيه نشاط التحليل المخبري .
%D8%A7%D8%B5%D9%91%D9%8E%D8%A9/%D9%81%D9%8F%D8%AD%D9%88%D8%B5%D8%A7%D8%AA%D9%8F-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%91%D9%8E%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%B1%D9%90-
%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9/%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%89-
%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A8%D9%84%D9%8A%D9%91%D9%8E%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%A1-
. %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AA
1زينة قدرة لطيف ،المرجع السابق ،ص . 149
2أحمد أورحان أحمد ،هادي محمد عبد هّللا ،المسؤولية التقصيرية الناشئة عن أخطاء مراكز التحاليل الطبية ،مجلة قه الى زانست العلمية ،الجامعة
اللبنانية الفرنسية _أربيل_ ،المجلد ، 05العدد ، 2020 ، 04ص . 776
22
لقد تم االتفاق بشأن االلتزام الناشئ عن التحاليل الطبية و المتمثل في التزام بتحقيق نتيجة ،لكن في حالة
م ا اذا ك انت التحالي ل الطبي ة تس توجب دقي ة خاص ة بحيث يص عب الكش ف عن طريقه ا فهن ا اختل ف القض اء ،
فقضاء جاء بأن االلتزام هنا يبقا التزام بتحقيق نتيجة محدد بسالمة و دقة التحاليل من تحليل الدم و غيرها من
ً
التحالي ل الطبي ة ،و على الط بيب اثب ات الس بب األجن بي من أج ل دف ع ه ذه المس ؤولية ،لكن محكم ة النقض
الفرنسية ذهبت عكس ذلك حيث قالت أن محل التزام الطبيب في الحاالت التي تستوجب فيها التحاليل الطبية
دق ة خاص ة ه و ال تزام بب ذل عناي ة و ليس ب التزام بتحقي ق نتيج ة ،حيث حكم ة محكم ة النقض الفرنس ية بع دم
مسؤولية الطبيب الذي توصل الى أن الورم المراد تحليله هو ورم سرطاني و هذا خالفا عن الحقيقة. 1
الفرع الثاني :مدى تحقق المسؤولية الناشئة عن األدوات الطبية في مراحل العالج األخرى :
بعد التطرق الى مرحلة التشخيص و مختلف الطرق الشائعة في التشخيص ،فلقد تطرقنا في هذا العنصر الى
بقية مراحل العالج التي تكثر فيها الحوادث بسبب األدوات الطبية و األجهزة المستعملة في العالج .
يقص د ب العالج " :مجموع ة األعم ال ال تي يتخ ذها الط بيب للتخفي ف من الم رض و حماي ة الم ريض من ه .و
تستند أعمال الطبيب العالجية إلى حق مقرر لممارسة مهنة الطب ،و يكون الطبيب قد ارتكب خطأ في حالة
عدم حصوله على رضا المريض ". 2
اس تنادا للتعري ف الس ابق ف العالج ه و المرحل ة ال تي تلي مرحل ة التش خيص ،فبع د أن يتم التع رف عن
المرض و أسبابه ،يقوم الطبيب بوصف عالج معين مطابقاً لمرض المريض بغية الشفاء منه ،
فبرغم من الحرية التي يتمتع بها الطبيب في اختيار العالج المقدم للمريض إال أنها ليست حرية مطلقة ،حيث
أن الطبيب ملتزم باحترام هذه الحرية وفق قواعد و أحكام خاصة تناولتها مدونة أخالقيات الطب ،
فالجهة القضائية ال تتدخل في الجانب العلمي لمهنة الطب و هذا ليس لسبب عدم اهتمامه و لكن القضاء يرى
أن مناقش ة الش ق العلمي في المج ال الط بي خروج اً عن االط ار الق انوني ،فمهن ة الطب هي ك ذلك من المهن
الحرة التي تتميز بوجود المبادرة الشخصية. 3
كما ذكرنا سابقا فان المشرع الجزائري حدد حرية الطبيب في اختياره للعالج و هذا ما جاء في نص المادة
" : 31ال يجوز للطبيب و جراح األسنان أن يقترح على مرضاه أو المقربين اليهم عالج اً أو طريقة وهمية
أو غير مؤكدة بما فيه الكفاية كعالج شاف أو ال خطر فيه ،و تمنع عليه كل ممارسات الشعوذة" 4
1أحمد حسن عباس الحياري ،المسؤولية المدنية للطبيبـ في القطاع الخاص ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،د.ن.ط . 52 ، 2005 ،
2زينة قدرة لطيف ،المرجع السابق ،ص . 173
3شيماء رمول ،هزار ياحي ،المسؤولية المدنية للطبيب في التشريع الجزائري ،تخصص قانون أعمال ،جامعة العربي بن مهيدي ، 2021_2020 ،
ص . 12
4المادة 31من مدونة أخالقيات الطب .
23
نالحظ من نص المادة السابق أن المشرح حدد حرية الطبيب في العالج بعدم اقتراح طرق جديدة في العالج
من غير الطرق المتداولة و هذا أن جسم االنسان ليس بحقل تجارب حيث ال بد من تقديسه و معرفة كل من
إيجابيات و سلبيات العالج المقدم مع اطالعها على المرض المعالج اذا له الحرية في القبول و الرفض كما
جاء في نص المادة 44من نفس المدونة السابقة التي تنص على التالي " :يخضع كل عمل طبي ،يكون فيه
خطر جدي على المريض ،لموافقة المريض موافقة حرة و متبصرة أو لموافقة األشخاص المخولين منه أو
من الق انون ،و على أو ج راح األس نان أن يق دم العالج الض روري اذا ك ان الم ريض في خط ر أو غ ير ق ادر
على االدالء بموافقته ".1
فمثاالً عن األدوات التي من الممكن أن تسبب ضرراً في مرحلة العالج اإلبر التي تس تعمل بص فة كثيرة في
العالج س واء في تخفي ف اآلالم ،أخ د ال دم من أج ل التحالي ل الطبي ة ،عملي ات التجمي ل ،و في االعم ال
الجراحي ة من أج ل التخ دير ،حيث تتم يز ه ذه اإلبر بهشاش ة رفيع ة جداً اذ أن االس تعمال الخط أ من ش أنه أن
يعرض ها للكس ر و بالت الي ينج ر عن ه ذا الكس ر آالم ح ادة و ض رر خط ير اذا تم دخ ول ه ذا الج زء المنكس ر
داخل جسم المريض فيؤدي ال محال الى التدخل الفوري نحو العمل الجراحي .
يقصد بالتخدير " :العلم الذي يدرس كيفية تعطيل اإلحساس باآلالم ،إن التخدير يعطل اإلدراك و الشعور في
جزء من الجسم البشري ،أو الجسم كله ،و هو يتم عموماً بقصد التدخل الجراحي ،و المتكون من المهدئات
{ المنومات } ،المسكنات و األدوية التي تسبب ارتخاء العضالت ".2
من خالل التعريف السابق نالحظ أن الغرض من التخدير هو إيقاف اإلحساس باآلالم لمدة معينة من الزمن و
هذا قبل المباشرة في الجراحة بفترة زمنية قصيرة امتداداً الى ما بعد الجراحة لمدة ال بأس بها من الزمن ،و
ه ذا راج ع لآلالم الح ادة الناتج ة عن العم ل الج راحي فمن المس تحيل أن تتم العملي ة الجراحي ة من دون تخ دير
الجسم كلياً أو جزء فقط منه و هذا راجع الى الحاجة من التخدير وفق اً للعملية الجراحية ،فتستعمل في عملية
التخ دير أجه زة متع ددة ال تي من المف روض أن تك ون ذات ج ودة عالي ة م ع ض مان ع دم تع رض المرض ى
للضرر ،حيث تعمل هذه األجهزة بتوصيل أدوية التخدير المتكونة من منومات و مهدئات كما ذكرنا سابقا
مرفق ة بغ از األكس يجين ،و إخ راج في المقاب ل غ از ث اني أكس يد الكرب ون و ه ذا لم وازاة التنفس الط بيعي
للمريض .
فتختلف أجهزة التخدير منها من يتكون من العديد من األجهزة ضمن جهاز واحد ،و منها من ينفرد بنسفه
ك اإلبر مثالً ال تي يتم وخزه ا في أم اكن معين ة على حس ب الحاج ة من بينه ا اب ر التخ دير ال تي تتم به ا عملي ة
24
التخدير عن طريق الوخز في النخاع الذي يتميز بكونه نقطة حساسة جداً في جسم المريض حيث من الممكن
أن تتع رض اإلب رة الى االنكس ار فت ؤدي ال مح ال الى العج ز ال دائم للم ريض ،و من الح وادث ال تي نش اهدها
يومياً داخل المستشفيات من توقف قلب المريض جراء التخدير الكلي للجسم الذي يعد في غاية الخطورة ،أو
العجز ال ذي في أغلبي ة األحي ان يكون دائم اً هذا كل ه بس بب سوء اس تعمال أجه زة و أدوات التخ دير أو بس بب
عيب في هذه األجهزة
لق د ك ان من قب ل الط بيب الج راح ه و ال ذي يت ولى عملي ة التخ دير ،لكن م ع التط ور الحاص ل في العل وم
الفنية و التقنية تم تخصيص طبيب تخدير خاص يتكفل بعملية التخدير من البداية أي من التشخيص الى نهاية
العملية الجراحية مع إبقاء الرقابة على المريض .
ان ط بيب التخدير هو ك ذلك من التزامات ه أن زي ارة الط بيب قب ل الوصول الى مرحل ة الجراح ة أي م ا يقصد
الزامية تشخيص المريض المقبل الى الجراحة ،حيث يقوم طبيب التخدير بمسائلة المريض العديد من األسئلة
ال تي من ش أنها أن تن ير طري ق الط بيب في تنقي ة الس بيل الص حيح في عملي ة التخ دير ،فيتط رق الى آخ ر
التط ورات ال تي ش هدتها حال ة الم ريض الص حية فمن الممكن أن يكتش ف ط بيب التخ دير م الم يكتش فه الط بيب
الجراح ، 1فمن بين التطبيقات القضائية التي جاءت بهذا الشأن " :محكمة استئناف باريس في 19_07_04
32بتحمي ل الط بيب الج راح مس ؤولية إص ابة الم ريض بح روق بس بب حافظ ات الم اء الس اخن ال تي وض عت
ب القرب من ه ،و قب ل أن يس تفيق من ت أثير المخ در ،و ق ررت أن ه على الجراح يين و األطب اء أن يالحظ وا
المريض بأنفسهم طالما أنه لم يفق من تأثير المخدر ،اذ هو يصبح بسبب عدم ادراكه و فقدان وعيه تحت
إشرافهم و مراقبتهم وحدهم ".2
يقع على طبيب التخدير التزام بتحقيق نتيجة و هو عدم استعمال أجهزة تخدير دون التأكد من سالمة و عدم
االضرار بالمريض ،فال تسقط عن الطبيب المسؤولية القائمة بشأنه حتى و لو كان عيب اآللة راجع لمنتجها
{ المصنع } ،اال اذا أثبت أن الضرر وقع بسبب أجنبي ال يد لو فيه ،
فبرجوع لمسؤولية حارس الشيء ،فمسؤوليته تقوم متى توفرت فيه السلطة الفعلية على الشيء
و علي ه يك ون الط بيب التخ دير مس ؤوال في حال ة م ا اذا ك ان يس تعمل أجه زة التخ دير لحس ابه الخ اص أم ا في
حالة ما اذا ك ان تابع لمستشفيات العمومية فط بيب التخدير هن ا ال يعد مسؤوال ب ل المستش فى هو من يتحمل
تبع ة االضرار الناتج ة عن اس تعمال أجهزة التخ دير ،م ع إمكاني ة المستش فى ب الرجوع س واء على الط بيب أو
المصنع } ،أما بالنسبة لطبيب التخدير التابع للعيادات و المستشفيات الخاصة منعلى المنتج لهذه األجهزة { ُ
الممكن الرج وع علي ه ب التعويض في حال ة وف اة الم ريض و ه ذا تطبيق ا لقواع د المس ؤولية العقدي ة من ط رف
1زياد علي محمد الكايد ،المسؤولية القانونية لطبيب التخدير ،مجلة المفكر ،جامعة شقراء _ المملكة العربية السعودية ،د.ن.م ،العدد الرابع عشر ،ص
. 17
2عز الدين حروزي ،المسؤولية المدنية للطبيب أخصائي الجراحة في القانون الجزائري المقارن ،دار هومه للطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر ،
، 2009ص . 136
25
ورث ة الم ريض ،أم ا في حال ة مطالب ة الورث ة بتعويض هم شخص يا عن الض رر ال ذي أص ابهم بس بب فق دانهم
المريض يتم المطالبة بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية لحارس الشيء و هذا النتفاء رابطة العقدية
بينهم ، 1و تأسيسا على هذا يتم لجوء الى نص المادة 138من القانون المدني الجزائري .
مرحلة الجراحة هي المرحلة األشد خطورة على جسم االنسان و هذا ما تتطلبه من فطنة و تبصر و يقصد
بالعمل الجراحي " :إجراء جراحي بقصد إصالح عاهة أو رتق تمزق أو عصب ،أو بقصد افراغ صديد أو
سائل مرضي آخر ،و الستئصال عضو مريض أو شاذ ".2
فالعم ل الج راحي من األعم ال ش ديدة الدق ة ال تي يل تزم فيه ا الط بيب الج راح و كاف ة طاقم ه الط بي ب الحرص
الشديد من ارتكاب أي خطأ من الممكن أن يؤدي بحياة المريض ،فهو يستعمل أدوات و أجهزة طبية مختلفة
اء طبي ة و أض رار هي المش رط ،قط ع الش اش ،...و
و من األدوات المس ببة في الكث ير من األحي ان اخط ً
غيرها من األدوات الدقيقة التي من الممكن أن تترك داخل جسم المريض فتسبب آالم مستدعية في ذلك عملية
جراحية أخرى من أجل إستخراجها حيث أن هذه األخيرة بائت بالفشل في أغلب األحيان مما يؤدي الى فقدان
المريض .
كم ا نعلم أن ه من الممكن أن تق وم مس ؤولية الط بيب المدني ة س واء على األس اس التقص يري أو على األس اس
العق دي ،فلق د اختل ف القض اء في تأس يس المس ؤولية الناش ئة عن األدوات و األجه زة الطبي ة المس تعملة في
الجراحة ،حيث تم االستقرار على أنه في حالة توفر عقد مع الطبيب الجراح أي الطبيب التابع للمستشفيات و
العيادات الخاصة ،تقوم مسؤوليته عل أساس االخالل بالتزام عقدي مضمونه االخالل بالتزام ضمان سالمة
الم ريض من جمي ع االض رار الخارجي ة ،أم ا في حال ة م ا اذا ك ان الط بيب الج راح ت ابع للمستش فيات العام ة
فتق وم مس ؤوليته عن األدوات الطبي ة الجراحي ة على أس اس االخالل ب التزام فرض ه الق انون المتمث ل في ع دم
االضرار بالغير مطبقين المادة 138من القانون المدني المسؤولية عن حراسة الشيء ،بعيدا عن المسؤولية
العقدية. 3
بعد ما تطرقنا الى ما مدى تحقق لمسؤولية المدنية عن األدوات الطبية في مختلف مراحل العالج في المطلب
األول ،سنتطرق اآلن في المطلب الثاني الى شروط قيام هذه المسؤولية .
المطلب الثاني :شروط قيام المسؤولية المدنية للطبيب عن استخدام األدوات الطبية .
26
واء ك انت مس ؤولية عقدي ة أو مس ؤولية تقص يرية ال ب د من
من المع روف أن ه لقي ام المس ؤولية المدني ة س ً
توافر شروطها المتمثلة في األركان من الخطأ ،الضرر و العالقة السببية و هذا لقيامها ،و هذا ما تتضمنه
المسؤولية المدنية للطبيب ،ان المسؤولية الناجمة عن األدوات الطبية تتضمن العديد من االفتراضات و هذا
من ناحي ة وق وع الخط أ حيث نتس اءل ه ل ننس ب الخط أ الى الط بيب المس ؤول عن اس تعمال ه ذه األدوات أم
ننسبه الى المستشفى أو العيادة الخاصة التي قامت بتوفير هذه األدوات أم ننسبه الى الممرض الذي يهتم سواء
بتحضير األدوات قبل اجراء العملية الجراحية أو بتعقيمها ،قسمنا هذا المطلب الى ثالث فروع حيث تناولنا
في الفرع األول ركن الخطأ الطبي ،الفرع الثاني تناولنا ركن الضرر ،و أخيرا تطرقنا الى العالقة السببية
في الفرع الثالث .
سنتطرق في هذا العنصر الى مفهوم الخطأ الطبي { أوال ً} ،ثم الى طبيعة الخطأ الطبي { ثاني اً } ،ختام اً
بدرجة الخطأ الموجب لقيام هذه المسؤولية { ثالثاً } .
لقد اختلفت التعريفات و المفاهيم بشأن الخطأ الطبي ،حيث أننا أدرجنا التعريف الراجح " :ان الخطأ
الط بي ه و ك ل مخالف ة أو خ روج للط بيب في س لوكه عن القواع د و األص ول الطبي ة ال تي يقض ي به ا العلم و
المتعارف عليها نظريا و عمليا وقت تنفيذ العمل الطبي ،أو اخالله بواجبات الحيطة و الحذر و اليقظة التي
يفرضها القانون متى ترتب على الفعل نتائج جسيمة ،في حين كان بمقدوره وواجبا عليه أن يتخذ في تص رفه
اليقظ ة و التبص ر ح تى ال يض ار الم ريض" . 1ف البرجوع للمش رع الجزائ ري لم يض ع تعري ف خ اص بالخط أ
الط بي حيث اكتفى بتحدي د االلتزام ات الواجب ة على ع اتق األطب اء من رؤس اء األطب اء الى الط اقم الط بي و
مساعديه .
ب التكلم على الخطأ الط بي ال بد و اإلش ارة الى الخط أ المهني الذي يعتبر الخط أ الطبي أحد أوج ه الخطأ
المهني و يقصد به " :كل خطأ يتعلق بمهنة الشخص أثناء مزاولته إياها ،متمثال في انحرافه أو خروجه في
القواع د و األم ور المس تقلة له ذه المهن ة " . 2نالح ظ من التعريف ات س ابقة ال ذكر أن الخط أ الط بي ه و اخالل
الط بيب بالتزام ه أثن اء مزاولت ه لمهنت ه س واء ك ان ه ذا االل تزام المخ ل ب ه ال تزام بب ذل عناي ة و ه و األص ل أو
التزام بتحقيق نتيجة و هو االستثناء .
ينقسم الخطأ الطبي من حيث طبيعته الى خطأ عادي و خطأ فني :
1زينة قدرة لطيف ،المرجع السابق ،ص . 241
2شيماء رمول ،هزار ياحي ،المسؤولية المدنية للطبيب في التشريع الجزائري ،قانون أعمال ،جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي ، 2021_2020 ،
ص . 07
27
_1الخطأ العادي :
تم تعريف الخطأ العادي بأنه " :هو الخطأ الخارج عن المهنة التي يمارسها الشخص الذي نسب اليه الخطأ و
ه و االخالل ب االلتزام المف روض على الن اس كاف ة باتخ اذ الحيط ة و العناي ة االزم ة عن د القي ام بس لوك معين
لتفادي ما قد يؤدي اليه هذا السلوك من نتيجة ضارة و غير مشروعة ".1
بمفهوم أن الخطأ من الممكن أن يرتكبه الغير من غير الطبيب كما من الممكن أن يرتكبه الطبيب و الجراح
حيث جاء أن الخطأ العادي للطبيب من الممكن أن يتمثل في حالة ما اذا زاول الطبيب مهنته و هو في حالة
سكر أو عدم احترام قواعد النظافة االزمة ،أو ترك أدوات طبية داخل جسم المريض كالقطن و غيرها من
األدوات الجراحية المستعملة. 2
تم تعريف الخطأ الفني بأنه " :هو السلوك الفني المألوف من شخص وسط من نفس المهنة تحمله و كفايته و
يقظته في نفس الظروف التي أحاطت بالمهني فيما يقتضي بدل العناية الفنية التي تتطلبها األصول المستقرة
للمهنة " . 3ومن أمثلة ذلك " :خطأ الطبيب في تشخيص حالة مريض على أنها قرحة في المعدة مع أنها في
الحقيقة سرطان .فهنا يتعين على الطبيب أن
نالحظ أنه تم نسب الخطأ عن استخدام األدوات الطبية الى الخطأ العادي ،اال أن الخطأ في استعمال هذه
األدوات _في غالب األحيان_ يؤدي الى أخطاء فنية ،فالخطأ الذي يؤدي بحياة المريض للوفاة من المستحيل
أن يكون خطًأ عادياً و كمثال عن هذا اإلبر الخاصة بالسيدا __ Hépatite A _Hépatite B
{عافان ا اللّ ه و إي اكم} و هي من الح وادث المتع ددة في المستش فيات ال تي اذا أس يء اس تخدامها من الممكن أن
تسبب أضرار خطيرة للمريض و خاصة أنها متصلة اتصاال مباشرا بالدم ،فمحاولة مدارات هذا الخطأ هي
محاولة خطرة في حذ ذاتها و هذا ألن جسم المريض يكون أكثر عرضت للتضرر و هذا بسبب نقص المناعة
و غيرها من األسباب ،و لهذا فان األخطاء الناتجة عن األدوات الطبية هي أخطاء فنية ال عادية .
1محمد لمين موالي ،أنواع الخطأ الطبي و صوره في المسؤولية المدنية للطبيب الممارس في القطاع الخاص ،مجلة القانون و العلوم السياسية ،جامعة
سيدي بلعباس ،العدد األول ، 2015 ،ص . 161
2المرجع نفسه .
3مريم بوشري ،المسؤولية المدنية للطبيب ،جامعة خنشلة ،العدد ، 2015 ، 04ص . 157
4زينة قدرة لطيف ،المرجع السابق ،ص . 246
28
ثالثاً :درجة الخطأ الموجب للمسؤولية :
بع د التط رق الى طبيع ة الخط أ الط بي ،يط رح اإلش كال بخص وص درج ة الخط أ ال ذي ُيق وم المس ؤولية فه ل
تقتصر على الخطأ الجسيم فقط ؟ أم تمتد هذه المسؤولية الى الخطأ اليسير أيضا ؟
يقصد بالخطأ الجسيم قانونا " :أنه ذلك الخطأ الغير عمدي و الذي ال تتوفر فيه نية اإلضرار بالغير" ،لكن
بسبب جسامة هذا الخطأ لجأ فقهاء الرومان الى تشبيه هذا الخطأ بالخطأ العمدي و الخطأ التدليسي و حتى
بالغش و هذا من نواحي معينة ،فالخطأ الجسيم بصفة عامة هو " :ذلك الخطأ الذي ال يص در إال من أق ل
الناس تبصراً ". 1
_2الخطأ اليسير:
لقد جاء الخطأ اليسير على عكس الخطأ الجسيم { الخطأ التافه } فتطبيقا على األخطاء الطبية أنه من الممكن
أن يكون خطأ الطبيب يسيرا فال يستوجب مسائلته و ال تعويضه للمضرور .
لق د ج اءت العدي د من النظري ات بفك رة الخط أ الجس يم و الخط أ اليس ير في تق ييم األخط اء الطبي ة ال تي ُيس تلزم
تعويضها و التي ال ُيستلزم تعويضها ،لكنها واجهت صدا كبيراً ،و هذا ألن الخطأ الطبي ال يتدرج و من
غير الممكن أن يكون هناك خطًأ عاديا و خطًأ فنيا ،فكل األخطاء الطبية هي أخطاء فنية تقنية متى تحققت
ترتب عنها مسؤولية و بالتالي يترتب عن هذه المسؤولية تعويضاً .
اء على ه ذا فخط أ الط بيب خط أ واح داً تتم مس ائلته عن ه س واء ك ان ه ذا الخط أ يس يراً أو جس يماً ألن ك ل
و بن ً
األخطاء التي يتعرض لها جسم اإلنسان هي أخطاء جسيمة و هذا لمدى خطورة المساس بهذا األخير ،
حيث أنه من الممكن أن يكون الخطأ يسيراً لكنه يعرض المريض الى أضرار في جدة الخطورة و مثال عن
هذا " .
لتحديد المعيار الذي يتم عليه قياس الخطأ ال بد و التطرق في األول الى طبيعة االلتزامات الواقعة على
عاتق الطبيب ،فااللتزام الواقع على عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية كأصل عام حيث ال يضمن الطبيب
الوصول إلى أي نتيجة كانت ،فهو ال يلتزم بما يحصل للمريض من تطورات طبيعية للمرض خارجة عن
عمله الفني ،كذلك ال يلتزم بأن ال يزداد هذا المرض سوءاً ،كما أنه ال يلتزم بأن ال يموت المريض الذي
هو قائم على رعايته ، 2و كاستثناء عن األصل العام فلطبيب التزام بتحقيق نتيجة المتمثل في سالمة المريض
29
س واء على أس اس االل تزام الم برم في العق د أو ب النظر الى نص الق انون ،فمن االلتزام ات ال تي يل تزم فيه ا
الطبيب بتحقيق نتيجة هي نقل الدم الذي يجب أن يكون مطابقا لزمرة دمه و أن يكون سليما خاليا من العيوب
،إضافة الى التحاليل الطبية العادية التي هي أيضا ال بد أن تكون نتيجتها دقيقة خالية من األخطاء
فتترب على الطبيب المسؤولية بمجرد تحقق الضرر للمريض و ال يستطيع أن يدفع الطبيب هذه المسؤولية
اال بإثب ات الس بب األجن بي ال ذي ال ي د ل ه في ه ،و يس تثنى من التحالي ل الطبي ة التحالي ل الطبي ة الدقيق ة و مث ال
عنها التحاليل الخاصة بمرض السرطان { عافانا اللّه و إياكم } التي ال توجد فيه أصول علمية دقيقة، 1
الى جوار هذا التزام الطبيب بحسن االستعمال لألدوات الطبية التي تتطلب عناية خاصة و معرفة ال بد و أن
تك ون كافي ة الس تعمالها ،إن تط ور ه ذه اآلالت و األجه زة س اهم و بش كل كب ير في المس اعدة الى الوص ول
لنتيجة معينة سواء المساعدة في الفحص أو التشخيص ،سواء في الجراحة التي من غير الممكن أن تتم دون
هذه األدوات ،لكن هذه األخيرة تترتب عنها _في غالب األحيان_ أضرار متفاوتة تؤدي بالمريض سواء الى
تفاقم المرض أو ظهور أعراض أمراض جديدة و أحيانا الى الوفاة ،فالبد على الطبيب أن يتأكد من سالمة
ه ذه األدوات س واء من ناحي ة التص نيع أو من ناحي ة التعقيم و نظافته ا من األم راض المعدي ة ،فالمس ؤولية
القائم ة بس بب ه ذه األدوات ال يعفى منه ا الط بيب المس ؤول ح تى ول و ك ان العيب فيه ا راج ع للمنتج اذا تس قط
عنه المسؤولية بإثبات السبب األجنبي فقط الذي ال يد فيه.
إض افة الى تركيب ات األعض اء الص ناعية و عملي ات التجمي ل ف المرض يلج أ هن ا للحص ول على نتيج ة معين ة
سواء تركيب عضو فقده المريض من قبل أو تحسينه عن طريق عمليات التجميل .
يقصد بالمعيار الشخصي " :التزام الطبيب بما اعتاد على بذله من يقظة و تبصر " ،فهذا المعيار يعمل على
البحث في حال ة الط بيب الم رتكب للخط أ ،حيث أن ه اذا تم التأك د من ه ذا الفع ل الض ار ك ان من الممكن أن
يتف اداه الط بيب أعت بر مخطئ اً ،و العكس ص حيح اذا تم التأك د من ه ذا الفع ل الض ار ك ان س يقع ال مح ال ف ان
الطبيب هنا ال يعتبر مخطئاً. 2
حي }
يقصد بالمعيار الموضوعي " :تقدير سلوك الطبيب بالقياس على سلوك طبيب آخر { ذي ضمير ًّ
بلعيد بوخرس ،الخطأ المدني للطبيب أثناء التدخل الطبي ،المجلة النقدية ،جامعة مولود مهري تيزي وزو ،ص . 359 2
30
حلى حد قول { ، 1} Leigalنالحظ من هذا التعريف أنه لمعرفة ما اذا كان الطبيب مخطئا في فعله أم ال من
الض روري مقارنت ه بط بيب من نفس مجال ه و اختصاص ه س واء ط بيب ع ام أو ط بيب خ اص مستخلص ين من
هذه المقارنة صحة الفعل الذي قام به الطبيب .
بع د تطرقن ا للخط أ الط بي و توقفن ا على أهم النق اط ،فق د تناولن ا في الف رع الث اني من ه ذا المطلب " ركن
الضرر " ،الذي يعد العنصر األهم في هذه المسؤولية و هذا إلمكانية تحقق هذا المسؤولية فقط بتوفره اذ من
الممكن أن تتحقق دون ركن الخطأ اتباعيا لفكرة تحمل التبعة و فكرة الضمان أي النظرية المادية بصفة عامة
.
_1مفهوم الضرر الطبي " :يعرف الضرر بأنه " :األذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من
حقوقه ،أو مصلحة مشروعة له ،سواء تعلق ذلك الحق أو تلك المصلحة بسالمة جسمه أو عاطفته أو بماله
أو حريت ه أو ش رفه أو غ ير ذل ك أو ه و األذى ال ذي يص يب الش خص من ج راء المس اس بح ق من حقوق ه أو
مصلحة مشروعة ".2
فالض رر الط بي في تعريف ه ال يخ رج عن التع اريف آنف ة ال ذكر ،فق د ع رف أيض ا على أن ه " :م ا يص يب
الم ريض من ج راء الخط أ الط بي س واء ك ان ذل ك مساس اً بس المة جس مه من إص ابته بخس ارة مادي ة أو الح اق
آالم معنوية بنفسه نتيجة ما لحقه من خسارة ". 3
حيث تكمن أهمية ركن الضرر فمساعدة القاضي في تقدير التعويض االزم للمضرور .
بعد تطرقنا لمفهوم الضرر الطبي ،سنتطرق الى شروطه األساسية لتحققه :
يشترط في الضرر الطبي أن يكون محقق الوقوع ،لهذا سواء أن يكون حاالً أو مؤكداً الحدوث في المستقبل
أي أن ال يك ون محتمالً مفترض اً ،و ه ذا ألن ه من الممكن أن يق ع الض رر مس تقبال بش رط أن يك ون مؤك داً ال
مفترض و مثال عن هذا " :الضرر المستقبل للحروق الناجمة عن تعريض جسم المريض لألشعة التي تبدو
31
هينة ،ثم يتمخض عنها ضرر جسيم في المستقبل ،و هو سيقع حتما بصفة أكيدة " .1أما بالنسبة للتعويض
فال يعوض اال الضرر الطبي المحقق الوقوع و هذا ما جاءت به االحكام القضائية .
أي أن يص يب الش خص المط الب ب التعويض س واء ك ان طبيعي اً أو معنوي اً ،م ع الح ق ألوالده و ورثت ه و من
يعيلهم المطالبة بالتعويض من الطبيب الذي تسبب في الضرر لمعيلهم أو فقدانه ،إضافة أنه البد من أن يكون
هذا الضرر الشخصي مباشراً أي يكون نتيجة مباشرة عن خطأ الطبيب المعالج و من يكون تحت تبعيته. 2
اذ أنه من غير الممكن مسائلة المسؤول عن ضرر لم يمس حق ثابت يحميه القانون ،و الذي يتمثل هنا في
عدم تعرض المريض للضرر أو ضمان سالمة صحته الجسدية و النفسية، 3
فالطبيب ملتزم بتحقيق نتيجة في هذا الحق الثابت للطبيب اذ أنه ال بد عليه من حماية المريض من االضرار
الناتجة عن األدوات الطبيبة و خاصة األدوات االشعاعية التي تعتبر من أخطر األجهزة المعاصرة فأضرارها
من الممكن أن تكون محققة الوقوع حاالً كما يمكن أن تكون مؤكدة الوقوع مستقبال .
ينقسم الضرر الطبي الى نوعين :الضرر المادي الذي بدوره ينقسم الى الضرر الجسدي و الضرر المالي ،و
الضرر المعنوي أو ما يقصد به بالضرر األدبي .
يعرف الضرر المادي بأنه " :الضرر الذي يصيب اإلنسان في جسده أو ماله أو إخالل بمصلحة ذات قيمة
مالية " .4فالمريض يتعرض الى أضرار مادية تمسه بأعضاء جسمه من تشويه أو بتر و العديد من الحوادث
الخطيرة كما تصيب هذه االضرار الذمة المالية للمريض و هذا بسبب تكبد مصاريف عالج األضرار التي
تعرض لها أي غير العالج الذي تقدم من أجله الى المستشفى أو العيادة .
1صبرينة آيت ساحل ،ججيقة آيت ساحل ،الضرر الطبي ،القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية ، 2013_2012 ،ص ص 20
. 21
2وائل تيسير محمد عساف ،المرجع السابق ،ص . 99
3شيماء رمول ،هزار ياحي ،المرجع السابق ،ص . 26
4المرجع نفسه ،ص . 27
32
الضرر الجسدي هو الض رر الذي يص يب المريض في جس مه أي المس اس بحق المريض في سالمة جسمه
فمن الممكن أن يص اب بإص ابة جس دية ت ؤدي ب المريض الى الوف اة أو من الممكن أن ت ؤدي الى ب تر أح د
أعضاءه الجسدية.1
أو م ا يقص د ب ه الض رر األدبي و ه و ك ل ض رر يص يب الم ريض في نفس يته و مش اعره ،فمن الممكن أن
ي ؤدي ب المريض الى المعالج ة في المص حات النفس ية خاص ة بس بب األخط اء الجس يمة مث ل ب تر األعض اء و
تش ويه الجس م و الوج ه ،كم ا الح ق لذوي ه في التع ويض عن الض رر المعن وي ال ذي يص يبهم ح ال فق دانهم
المريض .
تع رف العالق ة الس ببية في ه ذا المج ال بأنه ا " :تواج د عالق ة مباش رة م ا بين الخط أ ال ذي ارتكب ه الط بيب
المسؤول و الضرر الذي أصاب المريض أو المضرور " ،أو هي " :أن يكون خطأ الطبيب هو السبب الذي
2
أدى الى وقوع الضرر بالمريض "
ان تحديد قيام العالقة السببية في المجال الطبي من عدمها يعد مسألة دقيقة بالنسبة للقاضي الذي يكون مطالب
بأن ينسب الضرر ألسبابه ،فمن الصعب على القاضي أن يحدد السبب المنتج لهذا الضرر و هذا ألنه هذا
3
الضرر من الممكن أن يقع بسبب العديد من العوامل و األسباب ليس لسبب واحد فقط
و هذا ما جاء في نص المادة 182من القانون المدني الجزائري ... " :بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية
لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به و يعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعته الدائن أن
4
يتوفاه ببذل جهد معقول "
لكن في الكث ير من األحي ان أن يق ع الض رر نتيج ة العدي د من العوام ل مش تركة مم ا يتطلب التط رق الى
األسس أو المعايير التي ال بد و االعتماد عليها لتحقق رابطة السببية ،فتتمثل هذه المعايير في :
1صبرينة آيت ساحل ،ججيقة آيت ساحل ،المرجع السابق ،ص . 27
2عبد الهادي بحار ،المسؤولية المدنية للطبيب ،قانون طبي ،جامعة عبد الحميد بن باديس ، 2018_2017 ،ص . 27
3المرجع نفسه .
4المادة 182من القانون رقم 05_07المؤرخ في 13مايو سنة . 2007
33
_1نظرية تعدد األسباب :
يقصد بتعدد األسباب أن يتكافأ األسباب لتحقق نتيجة واحدة و ال يمكن للمسؤولية أن تقوم دون سبب من هذه
األس باب ،فتقوم هذه النظري ة على أن ه من الضروري تع يين الس بب الحقيقي المؤدي الى وق وع هذا الضرر
حيث ال يمكن اختيار سبب دون سبب فقط لتعددهم بل ال بد و الجمع بين كافة األسباب التي أدت الى وقوع
الضرر و هذا ما اتفق عليه كافة الفالسفة ،ففي هذه الحالة يجب األخذ بكافة األسباب مهما كانت أهميتها و
قربها أو بعدها عن تحقق الضرر . 1و يعاب على هذه النظرية أنها تؤدي الى مسائلة العديد من األشخاص
دون مراع ات االس تثناءات كالس بب األجن بي و الق وة الق اهرة ،إض افة الى االعت داء بأس باب من الممكن أن
تكون غير فعالة في تحقق الضرر .
تعتد هذه النظرية بسبب واحد فقط يكون هو السبب األقرب الى حدوث الضرر دون األسباب األخرى ،حيث
أنه ا تلج أ للس بب ال ذي يعت بر الض رر نتيج ة الحال ة أو المباش رة ل ه ،كم ا تس مح باختي ار بعض األس باب دون
األخ ذ به ا جميع اً ،و ه ذا م ا تتم يز ب ه ه ذه النظري ة لكنهت هي ب دورها تعرض ت للنقض ،و ه ذا بأنه ا من
الممكن أن تستبعد بعض األسباب التي يكون لها دوراً فعاالً في تحقق الضرر. 2
من معارضي نظرية تعدد األسباب الفقيه األلماني Von kriesالذي رد عليها بنظرية السبب الفعال أو السبب
المنتج ،مص رحاً أن ه من غ ير الممكن الجم ع بين جمي ع األس باب لتحق ق الض رر ب ل من الض روري انتق اء
السبب الفعال الذي أدى الى وقوع الضرر ،أي بانتفائه تنتفي العالقة السببية ،فرغم االنتقادات التي تعرضت
لها هذه النظرية اال أنها ال قت انحياز كبير من العديد من الفقهاء فتم اعتمادها من طرف القضاء الفرنسي و
القانون المصري. 3
1شيماء عتروس ،أحكام الخطأ الطبي الجراحي في إطار المسؤولية المدنية ،قانون أعمال ،جامعة العربي بن مهيدي ، 2020_2019 ،ص . 18
2خالد علي جابر المري ،المسؤولية المدنية للفريق الطبي بين الشريعة اإلسالمية و القانون الكويتيـ ،القانون الخاص ،جامعة الشرق األوسط ، 2013 ،
ص . 65
3مسعود بو عبد هللا ،المرجع السابق ،ص ص . 142 141
34
بعد تحقق شروط المسؤولية المدنية يترتب عنها جزاء مدني ،و يقصد بهذا األخير " :هو جزاء ذو طابع
إصالحي يرمي الى جبر الضرر الذي لحق المضرور ،فقد يكون جبراً عينياً ،فيلزم المدين بمختلف الطرق
القانوني ة بتنفي ذ م ا أل تزم ب ه ،أو الحكم علي ه ب دفع التعويض ات " ، 1فبتحق ق المس ؤولية المدني ة الطبي ة عن
األض رار الناتج ة عن األجه زة و األدوات الطبي ة ي ترتب على المس ؤول تع ويض الم ريض عم ا أص ابه من
ضرر سواء كان ذللك بسبب خطأ في استعمال اآللة الطبية أو بسبب عيب يشوب هذه األخيرة ،حيث يتقدم
المريض المتضرر الى المحاكم المختصة في المطالبة بالتعويض في صورة الدعوى المدنية التي لتحريكها و
اس تفادة الم ريض المتض رر منه ا ال ب د من اس تفاء كاف ة ش روطها ،فاله دف منه ا ه و تحص ل الم ريض على
التعويض س واء ك ان الضرر المتع رض ل ه ض ررا جس مانياً ،مالي اً أو أدبي اً أو أن يس تفيد ذوي ه أو ورثت ه من
ابتداء من مفهومها ،شروطها ،و
ً التعويض اثر وفاته ،تطرقن ا في هذا الفصل الى الدعوى المدنية الطبية
أطرافه ا ،إض افة الى االختص اص القض ائي في نظ ر دع وى المس ؤولية { المبحث األول } ،فبع د التع رض
ألحك ام ال دعوى المدني ة و تحققه ا أم ام المح اكم المختص ة ال ب د و التط رق الى أحك ام التع ويض من مف اهيم ،
أنواع ه و كيفي ة تق دير القاض ي للتع ويض عن المس ؤولية المدني ة الطبي ة اختتام اً بعق د الت أمين في المس ؤولية
المدنية الطبية .انطالقاً مما سبق نطرح األسئلة اآلتية :
_ كيف يتم تحديد اختصاص المحاكم المختصة في النظر في الدعوى المدنية الطبية ؟
المبحث األول :دعوى المسؤولية المدنية عن االضرار الناجمة الستخدام األدوات الطبية
علي فياللي ،مقدمة في القانون ،موفم للنشر ،الجزائر ، 2010 ،ص . 86 1
35
يقصد بالدعوى المدني ة " :الطلب المقدم الى المحكمة المختصة للحكم لصاحب الحق بالتعويض " ، 1و
به ذا فال دعوى المدني ة هي الس بيل التي يلج أ ل ه الم ريض المتضرر من أج ل اس تحقاقه للتع ويض عن الض رر
ال ذي أص ابه من ط رف المس ؤول س واء تحققت المس ؤولية على ع اتق الط بيب أو المستش فى ،و لكي يس تفيد
المريض من مباشرة الدعوى ال بد من تحقق شروطها و المتمثلة في :
ان المدعي في المسؤولية المدنية عن األدوات الطبية هو المريض المتضرر من استعمال هذه األدوات التي
يستعين بها الطبيب أو الجراح في قيامه بالعمل الطبي ،و هذا سواء نقص معرفة الطبيب بهذه األدوات أو
أن ه تم اس تعمالها زي ادة عن الل زوم ،فيتع رض الم ريض الى أض رار خط يرة من ش أنها أن ت ؤدي بحيات ه ففي
هذه الحالة األخيرة ينتقل حق التعويض الى ذويه و ورثته أو الى خلفه العام بصفة عامة .
و يش ترط في الم دعي الم ريض أن تت وافر في ه بعض الش روط وفق ا لنص الم ادة 13من ق انون اإلج راءات
المدنية و اإلدارية " :ال يجوز ألي شخص التقاضي مالم تكن له صفة ،و له مصلحة قائمة أو محتملة يقرها
2
القانون "...
نالحظ من نص المادة سابقة الذكر أنه ليتمكن المضرور من مباشرة الدعوى ال بد و أن تتوفر فيه الصفة ،
المصلحة و األهلية ،فاذا انتف شرط االهلية ينتقل حق التقاضي الى ولي أو وصي المريض و يكون تمام
األهلية ببلوغ 19سنة كاملة متمتعاً بكامل قواه العقلية و هذا ما جاء في نص المادة 40من القانون المدني.3
أما بنسبة لموضوع الدعوى هنا ،هو مطالبة المريض المتضرر من استعمال األدوات و األجهزة الطبية من
أش عة و أدوات جراحي ة و غيره ا من األدوات المتط ورة و ال ذي يق ع على ع اتق المس ؤول من دف ع ه ذا
التع ويض ،حيث أن ه ذا الض رر المتع رض ل ه من الممكن أن يص يب الم ريض مباش رة و من الممكن أن
يتع رض ل ه ذوي الم ريض في حال ة وف اة ه ذا األخ ير ، 4و يطل ق علي ه اس م الض رر المرت د ال ذي يص يب
المريض و ينتقل الى ذويه فينتقل معه الحق في التعويض .
36
الم دعى علي ه ه و الش خص المس ؤول عن الفع ل الض ار أي المتس بب في الض رر س واء ك ان شخص اً طبيعي اً
كالطبيب أو مساعديه أو كان شخصاً معنوياً كالمستشفيات العامة أو الخاصة ،فيكون يا إما مسؤول عن فعله
الشخصي أو عن فعل التابعين له أو عن فعل الشيء محل حراسته ،فالمدعي هنا بصفة عامة هو الطبيب
المستعمل لألدوات و األجهزة الطبية ،فلتع يين المدعى عليه نواج ه العديد من الح االت و التي قمنا بترتيبها
كالتالي :
ع رفت المستش فيات العام ة في الم ادة 02من المرس وم التنفي ذي 140 _ 07ب أن " :المؤسس ة العمومي ة
االستش فائية هي مؤسس ة عمومي ة ذات ط ابع إداري تتمت ع بالشخص ية المعنوي ة و االس تقالل الم الي و توض ع
تحت وص اية ال والي" . 1نالح ظ من نص الم ادة أن المؤسس ات العمومي ة االستش فائية تخض ع للق انون اإلداري
فهي تتبع في إدارتها الى مديريات الصحة و الى وصاية وزارة الصحة ، 2يخضع األطباء العاملين الى نظام
المؤسس ات االستش فائية الى نظ ام ذو ط ابع إداري و ه ذا بس بب العالق ة م ا بين الط بيب و المستش فى الع ام
المتمثل ة في عالق ة تنظيمي ة الئحية Réglementaireو ليس ت عالق ة تعاقدي ة ،ف ان الضرر الن اتج عن خطأ
الطبيب بسبب األجهزة و األدوات الطبية بسبب نظافتها أي أن األدوات المستعملة غير معقمة ،فان المؤسسة
العمومية االستش فائية هي التي تتحم ل المسؤولية عن الط بيب المسؤول و هذا تأسيس ا على مسؤولية المتبوع
عن تابعه ،كون أن الطبيب التابع للمستشفى العام يعد تابعاً لهذا األخير و بهذا تتحمل عنه هذه المسؤولية ،و
من المع روف لقي ام المسؤولية الغ ير عقدي ة له ذه األجه زة ال ب د و اإلش ارة الى المس ؤولية الش يئية ال تي ترتب
حراس ة الش يء الم ادة 138من الق انون الم دني الجزائ ري تطبيق ا لألجه زة الطبي ة ،حيث يش ترط لقي ام ه ذه
األخيرة أن يتولى شخص حراسة األجهزة التي تتطلب حراستها عناية خاصة ،فقد يكون هذا الحارس شخصاً
طبيعي اً ك الطبيب كم ا أن يك ون شخص اً معنوي ا كالمستش فى الع ام و به ذا فالمستش فى الع ام يعت بر المال ك له ذه
األجه زة فبت الي ب رغم من أن الط بيب ه و المس تعمل له ذه األجه زة و من الممكن أن تنتق ل ل ه الحراس ة اال أن
هذا األخير ال يعتبر حارساً لها و بهذا يبقى الحارس الوحيد عن هذه األجهزة هو المالك لها { المستشفى العام
} ،حتى و إن كانت للطبيب السيطرة الفعلية لألدوات الطبية ،فالطبيب يعمل لصالح متبوعه ،فينتفى ركن
الحراسة المعنوية للطبيب، 3
و ه ذا بت وفر ش روط مس ؤولية المتب وع عن تابع ه المتمثل ة في اثب ات الض حية وج ود عالق ة تبعي ة بين الت ابع
المتسبب في الضرر و المتبوع المسؤول عن جبر هذا الضرر الذي ترتب عن فعل التابع حالة تأديته الوظيفة
أو بسببها .
1المادة 02من المرسوم التنفيذي رقم 140_07المؤرخ في 2جمادى األولى عام 1428الموافق ل 19مايو سنة ، 2007يتضمن إنشاء المؤسسات
العمومية االستشفائية و المؤسسات العمومية للصحة الجوارية و تنظيمها و سيرها ،ج.ر ،العدد ، 33ص . 10
2نبيل آيت شعالل ،المسؤولية المدنية للطبيب في المستشفياتـ العامة ،مجلة القانون و المجتمع ،جامعة سطيف ، 2المجلد ، 09العدد ، 02سنة 2021
،ص . 325
3المرجع نفسه . 336 ،
37
و تأسيسا على هذا بعد أن يستفيد المريض المتضرر من التعويض الذي تتحمله إدارة المستشفى العام فان لهذا
األخير الحق بالرجوع على الطبيب صاحب الفعل المستحق للتعويض في حالة ما اذا كان هذا الفعل قد سبب
ضررا جسيماً و هذا بالمعيار التحديدي الوارد في نص المادة 137التي تنص على " :للمتبوع حق الرجوع
على تابع ه في حال ة ارتكاب ه خط أ جس يماً " .فيح ق للمستش فى الرج وع على الط بيب المس ؤول إم ا ب دعوى
الحلول أو عن طريق التنفيذ اإلداري. 1
أما بالنسبة للممرض ،فان هذا األخير يتلقى األوامر من الطبيب المسؤول ،و بهذا يعد الطبيب متبوع عرضياً
من المساعد الذي صدر عنه الخطأ فان مفاد هذه العرضية هو أن الطبيب مسؤول برقابة مساعديه و توجيههم
أثن اء م زاولتهم للمهن ة ،فبمج رد أن تتفي ه ذه الرقاب ة تع ود تبعي ة المس اعدين الى المستش فى الع ام باعتب اره
المتبوع األصلي.2
اضافة الى الطبيب الجراح الذي يعتبر هو اآلخر تابع الى المستشفى العام ،فتترتب مسؤولية هذا األخير عن
سوء استعمال األدوات الطبية و ما تسبب من اضرار الناتجة عن الطبيب الجراح ،فتتحقق مسؤولية التابع و
المتبوع المؤدية الى تحقق المسؤولية الشيئية ،كما أن أخصائي الجراحة لمباشرته لعمله الجراحي ال بد من
استعانته بطاقم الطبي الذي يتمثل في العديد من المختصين الذين يتم تعيينهم عن طريق إدارة المستشفى العام
فليس للطبيب الجراح السلطة في اختيار طاقمه الطبي ،مع هذا تترتب عليه مسؤولية المتبوع عن تابعه في
حالة ما سبب أحد معاونيه ضررا للمريض جراء االستعانة باألجهزة الطبية أو األدوات الجراحية ،باعتباره
3
المشرف أثناء مباشرة الفعل الجراحي ،فهو الذي يصدر األوامر الى مساعديه
ع رفت الم ادة 02/1من المرس وم التنفي ذي رقم 321_07المؤسس ات االستش فائية الخاص ة ب أن " :المؤسس ة
االستشفائية الخاصة هي مؤسسة عالج و استشفاء تمارس فيها أنشطة الطب و الجراحة بما فيها طب النساء
و التولي د و أنش طة االستكش اف ، 4"...فمن بين االلتزام ات المح ددة في الق انون س ابق ال ذكر ف ان العي ادة
الخاصة تلتزم أيضا بتوفير و تقديم كل سبل الراحة للمرضى من حسن إيواء و حسن المراقبة و المعاملة من
ط رف األطب اء و المس اعدين و ه ذا مراع اة لح التهم النفس ية ،و من االلتزام ات الواقع ة على ع اتق العي ادات
الخاصة تجهيز اإلمكانيات المناسبة و األجهزة و األدوات االزمة مع ضرورة التأكد من صالحيتها و هذا قبل
التدخل الجراحي ، 5تربط العيادة و الطبيب عالقة تعاقدية يخضع فيها الطبيب الى نظام األجير فيتلقى على
1عبد الكريم بلعرابي ،محمد سعداوي ،ملتقى وطني حول المسؤولية الطبية ،معهد العلوم القانونية و اإلدارية جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،
، 2008ص . 15
2نبيل آيت شعالل ،المرجع السابق ،ص . 332
3صبرينة منار ،مدى مسؤولية الطبيب الجراح عن أخطاء مساعديه في المستشفيات العامة ،مجلة أبحاث قانونية و سياسية ،جامعة الجزائر 1بن يوسف
بن خدة ،المجلد ، 07العدد ، 2022 ، 01ص . 1392
4المادة 02من المرسوم التنفيذي رقم 321_07مؤرخ في 10شوال عام 1428الموافق 22أكتوبر سنة ، 2007يتضمن تنظيمـ المؤسسات
االستشفائية الخاصة و سيرها ،ج ر عدد ، 67ص . 11
5خالد عنقر ،مسؤولية طبيب العيادة الخاصة عن أخطاء استعمال األدوات و األجهزة الطبية من الناحية القانونية ،المجلة الجزائرية للحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة مستغانم ،العدد األول ، 2016 ،ص . 151
38
أعمال ه الطبي ة اتعاب اً و ه ذا م ا ج اء في نص الم ادة 27من مدون ة أخالقي ات الطب ،فتق وم عالق ة الط بيب
بالعي ادة الخاص ة على عالق ة التبعي ة ،و ه ذا أن الط بيب ت ابع له ذه المؤسس ة فيطب ق م ا ج اء في نص الم ادة
136من الق انون الم دني الجزائ ري ال تي تقابله ا الم ادة 5_1384من الق انون الم دني الفرنس ي ،و يطب ق م ا
سبق ذكره على الطبيب الجراح و المخدر و القابلة. 1
تجم ع الط بيب و الم ريض عالق ة تعاقدي ة محله ا العق د االستش فائي Contrat d'hospitalisationو ه و عق د
مدني و ليس بعقد تجاري ،فبعد اجراء الكشف على المريض من قبل الطبيب المختص يتم إدخاله للعيادة من
أجل مباشرة العالج فتترتب التزامات الطبيب مباشرةً وفق اً ما جاءت به أصول المهنة و هذا مالم ينص العقد
المتفق عليه في غير ذلك فاذا أخل هذا األخير بالتزام ضمان سالمة المريض من األجهزة و األدوات الطبية
المس تعملة يتمكن الم ريض المض رور من الرج وع على الط بيب على أس اس المس ؤولية العقدي ة ،و ه ذا أن
هن اك ج انب من الفق ه من يكي ف ه ذه العق ود بأنه ا " اش تراط لمص لح الغ ير " أي أن الط بيب الت ابع للعي ادات
الخاص ة م ا ه و اال متعه د يل تزم بتق ديم خ دمات طبي ة لمس تفيدون { المرض ى } الالج ئين للجه ة المش ترطة
المتمثل ة في إدارة المستش فى الخ اص حيث أن ه ذا االش تراط حص ل لمص لحة فئ ة غ ير معي نين وقت اب رام
العقد ،و هذا ألن هذه الفئة { المرضى } قابلون للتعين وقت التنفيذ ،و تأسيس اً على هذا فان للمستفيد الحق
في دع وى مباش رة وفق اً للعق د الم برم يس تعملها في مواجه ة المتعه د ليطالب ه ب التعويض ،و على ه ذا ف ان
مسؤولية الطبيب عن األدوات و األجهزة الطبية تكون مسؤولية عقدية. 2
و على هذا فاذا تحققت المسؤولية على عاتق العيادة الخاصة و قامت بتعويض المريض ،فلها الحق بالرجوع
على الطبيب المسؤول بمسؤولية التابع .
أما الطبيب الجراح فإن عالقته بالعيادة الخاصة أو المستشفيات الخاصة هي أيض اً ما هي اال عالقة تابع
لمتبوع ه ،تابع ة هي ك ذلك الى نص الم ادة 136من الق انون الم دني ،في نص ها على مس ؤولية المتب وع
{ العيادة الخاصة } و هذا عن الضرر المترتب عن تابعه { الطبيب الجراح } بفعله الغير المشروع ،و هذا
دون تفرقة ما اذا كان هذا الفعل الغير مشروع خطًأ فني اً أو غير فني مادام أن الغاية من أخصائي الجراحة
ه و االس تفادة من عمل ه الف ني في مج ال الجراح ة ،فب الرجوع الى أحك ام المرس وم 276_92المتض من
أخالقيات مهنة الطب حيث أن المشرع نص على وجوب تحرير عقد كتابي عند التعاقد بين أخصائي الجراحة
5
و العيادة المتعاقد معها و هذا ما جاءت به المواد . 884 ، 873
1خيرة بن سويسي ،النظام القانوني للمؤسسات االستشفائية الصحية الخاصة ،مجلة البحوث القانونية و السياسية ،جامعة سعيدة ،العدد الثالث ، 2014 ،
ص . 290
2خالد عنقر ،المرجع السابق ،ص ص . 152 151
3المادة 87من المرسوم رقم 276_96المتضمن أخالقيات الطب تنص على " :يجب أن تكون الممارسة المعتادة للطب أو جراحة األسنان ،مهما كان
شكلها ،في مؤسسة أو مجموعة أو عيادة أو أي مؤسسة أخرى ،خاضعة في كل الحاالت لعقد كتابي. "...
4المادة 88من المرسوم نفسه " :ال تطبق تدابير المادة السالفة على األطباء و جراحي االسنان ،العاملين ضمن هياكل تخضع لسلطة الوزارة المكلفة
بالصحة ".
5عز الدين حروزي ،المرجع السابق . 102 ،
39
تشترك األطراف سابقة الذكر في الخضوع الى كل من :
القانون 03_09المؤرخ في 25فبراير سنة 2009المتضمن حماية المستهلك و قمع الغش ،حيث جاءت
المادة 09من هذا القانون " :يجب بأن تكون المنتوجات الموضوعة لالستهالك مضمونة و تتوفر على
األمن ب النظر الى االس تعمال المش روع المنتظ ر منه ا ،و أن ال تلح ق ض رراً بص حة المس تهلك و أمن ه و
مصالحه ،و ذلك ضمن الشروط العادية لالستعمال أو الشروط األخرى الممكن توقعها من قبل المتدخلين
" ، 1حيث عرف نفس القانون المستهلك في المادة 03/1بأن ه " :كل شخص طبيعي أو معنوي ،يقتني
بمقابل أو مجانا ،سلعة أو خدمة موجهة لالستعمال النهائي من أجل تلبية حاجته الشخصية أو تلبية حاجة
شخص آخر أو حيوان تتكفل به "...نالحظ من استقراء النصوص السابقة بأن المستهلك من الممكن أن
يكون شخص طبيعي أو شخص معنوي فان المستهلك محل دراستنا من الممكن أن يتمثل في المستشفى
الع ام أو المستش فى الخ اص كش خص معن وي ،أن من الممكن أن يك ون الم ريض أو الط بيب كش خص
ط بيعي ،ففي حال ة ت رتب مس ؤولية على أح د األش خاص الس ابق ذك رهم ،يمكن للمتحم ل للمس ؤولية
المنتج أي ُمصنع هذه اآلالت و األدوات الطبية وفقاً لنص المادة 140/1مكرر من القانون
بالرجوع على ُ
الم دني ال تي تنص على " :يك ون المنتج مس ؤول عن الض رر الن اتج عن عيب في منتوج ه ح تى ول و لم
تربطه بالمضرور عالقة تعاقدية ."...حيث يستفيد كل مستهلك من ضمان عيوب هذه األجهزة و هذا ما
نصت عليه المادة 13من المرسوم " : 03_09يستفيد كل مقتن ألي منتوج سواء كان جهازا أو أداة أو
آلة أو عتاداً أو مركبة أو أي مادة تجهيزية من الضمان بقوة القانون .يجب على كل متدخل خالل فترة
الضمان المحددة ،في حالة ظهور عيب بالمنتوج ،استبداله أو ارجاع ثمنه ،أو تصليح المنتوج أو تعديل
الخدم ة على نفقت ه ، "...يالح ظ من نص هذه الم ادة أن ك ل مستهلك ألجه زة أو أدوات أي ك ان نوع ا ل ه
الح ق في الرجوع على المت دخل في حال ة م ا اذا تم مواجه ة عي وب في ه ذا المنت وج ،و ه ذا على أساس
المنتج للمستهلك ،و هذا ما جاء به أيض اً المرسوم التنفيذي رقم 266_90المؤرخ
الضمان الذي يضمنه ُ
في 15س بتمبر 1990المتعل ق بض مان المنتوج ات و الخ دمات عمالً بالق انون رقم 02_85الم ؤرخ في
07ف براير س نة 1989حيث نص ة الم ادة " : 032يجب على المح ترف أن يض من س المة المنت وج ال ذي
يقدمه من أي خطر ينطوي عليه .و يسري مفعول هذا الضمان لدى تسليم المنتوج " .
إض افة الى الق انون رقم 03_83الم ؤرخ في 05ف براير س نة 1983المتض من حماي ة البيئة ، 3حيث
نصت 102منه على " :يهدف هذا الفصل الى تحديد المبادئ العامة للحماية من األخطار التي يمكن أن
تنجم عن اإلش عاعات األيوني ة .و يطب ق على ك ل نش اط يقتض ي حماي ة الس كان و البيئ ة ...و اس تعمالها
1المرسوم التنفيذي رقم 03_09المؤرخ في 29صفر عام 1430الموافق 25فبراير سنة ، 2009يتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش ،ج ر العدد
، 15ص . 15
2المرسوم التنفيذي رقم 266_90المؤرخ في
3المرسوم التنفيذي رقم 03_83المؤرخ في 22ربيع الثاني عام 1403الموافق 5فبراير سنة ، 1983يتعلق بحماية البيئة ،ج ر العدد ، 6ص
. 395
40
ألغ راض تجاري ة أو ص ناعية أو علمي ة أو طبي ة أو غيره ا ، "...حيث تطب ق ه ذه الم ادة على كاف ة
النشاطات أو المهن التي تستعين في عملها ألجهزة و أدوات ذات صبغة اشعاعية ،حيث يقصد باألشعة
األيونية " :يشير اسم االشعاع المؤين الى انتقال الطاقة على شكل الموجات الكهرومغناطيسية أو جزيئات
ذرية _ثانوية بحيث تكون الطاقة كافية لتسبب تأين المادة ،فال يعمل أي انسان كان بالمواد المشعة و ال
يش غل المنش آت المش عة اال ب الترخيص من قب ل المس ؤول في ال وزارة لحماي ة البيئ ة عن رقاب ة العم ل م ع
المواد المشعة و فرض القانون و األنظمة في هذا المجال ".1
فال يتم مباش رة ه ذه النش طات الى ب ترخيص أو تأهي ل حيث ج اء في نص الم ادة 104من نفس المرس وم
السابق بأنه " :تخضع ممارسات النشاطات المشار اليها في المادة 102من هذا القانون لنظام إعفاء أو
ترخيص أو تأهيل ".2
ان مجال الطب من المجاالت التي من الضروري ايصالها بنظام التأمين و هذا لكثرة األخطاء الطبية و
الحوادث التي يتعرض لها المرضى ،فقد جاء المشرع الجزائري بضرورة تأمين األخطاء الطبية و هذا
م ا نص ت علي ه الم ادة 167من األم ر 07_95الم ؤرخ في " : 19973_01_25يجب على المؤسس ات
الصحية المدنية و كل أعضاء السلك الطبي و الشبه الطبي و الصيدالني الممارسين لحسابهم الخاص أن
يكتتب وا تأمين اً لتغطي ة مس ؤوليتهم المدني ة المهني ة تج اه مرض اهم و تج اه الغ ير " ،فالب د من المؤسس ات
االستش فائية الخاص ة من اكتت اب عق ود تأميني ة و ه ذا حماي ة له ا و حماي ة المرض ى من أج ل ض مان
استحقاقهم للتعويض في حالت ما طرأ عليهم أي ضرر ،و بهذا يتيح للمضرور لالستفادة من رفع دعوى
الم ؤمن { شركة التأمين } التي تؤمن للمؤمن له { المؤسسات االستشفائية الخاصة }
بصفة مباشرة على ُ
الم ؤمن و المريض المتضرر هذا
التعويض عن الخطر المؤمن منه ،فال يشترط أن يكون هناك عقد بين ُ
الم ؤمن له
الم ؤمن و ُ
ألن هذه الدعوى تستند الى القانون ال عقد التأمين أي يشترط تحرير عقد كتابي بين ُ
فقط ، 4و هذا ما نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة 189من القانون المدني " :لكل دائن ولو
لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا الدين ،اال ما كان منها خاصا بشخص أو غير
قاب ل للحج ز و ال يك ون اس تعمال ال دائن لحق وق مدين ه مقب وال إال إذا أثبت أن الم دين أمس ك عن اس تعمال
هذه الحقوق .و أن هذا اإلمساك من شأنه أن يسبب عسره ،أو أن يزيد فيه .و ال يجب على الدائن أن
يكل ف مدين ه بمطالب ة حق ه غ ير أن ه الب د أن يدخل ه في الخص ام " .ان إمكاني ة حل ول ش ركة الت أمين مح ل
المؤسسات االستشفائية الخاصة بصفة حلول اتفاقي ،سواء كان الخطأ الطبي خطأ في التشخيص ،في
41
العالج ،في األضرار الناتجة عن األدوات و األجهزة الطبية ،أو في األخطاء الجراحية ،فشركة التأمين
تقوم بتأمين كافة األخطار الطبية المحتملة. 1
إضافة الى أنه بالرغم بم ا جاء في نص الم ادة 13من قانون اإلجراءات المدنية و اإلداري ة من صياغة
الدعوى بصورة فردية اال أنا المشرع لم يمنع تقييد الدعوى بصورة جماعية بشرط أن يشتركا المدعى
عليهم في نفس الدفوع و الموضوع 2و هذا ما نصت عليه المادة 38من ذات القانون " :في حالة تعدد
المدعى عليهم 3"...و بهذا فاذا ترتبت مسؤولية عقدية على الطبيب مع المؤسسة االستشفائية الخاصة ،
أو م ع طاقم ه الط بي ال يك ون هن اك تض امن في المس ؤولية المترتب ة أو التع ويض اس تناداً للم ادة 73من
مدونة أخالقيات الطب " :عندما يتعاون عدد من الزمالء عل فحص مريض بعينه أو معالجته ،فإن كال
منهم يتحم ل مس ؤوليته الشخص ية " .أم ا اذا ت رتبت مس ؤولية تقص يرية على الط بيب م ع المؤسس ة
االستشفائية العامة أو مع طاقمه الطبي فإنه يكون هناك تضامن في المسؤولية و في التعويض عن هذه
المسؤولية نسبة لنص المادة 126من القانون المدني حيث جاءت بأنه " :إذا تعدد المسؤولون عن فعل
ض ار ك انوا متض امنين في التزام اتهم بتع ويض الض رر ،و تك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي إال إذا
عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام ب التعويض" إض افة لنص الم ادة 236من نفس الق انون ،
فاس تنادا على ه ذا ففي حال ة تع دد المس ؤولين عن الفع ل الض ار ،يس تفيد المس ؤولون من التض امن في
المس ؤولية التقص يرية و به ذا التض امن في التع ويض ،م ع إمكاني ة تحدي د القاض ي لمس ؤول واح د يتحم ل
تبعة التعويض إذ يمكن لهذا األخير الرجوع على المسؤولون اآلخرون بالتعويض. 4
لكي يباش ر الم دعي ال دعوى المدني ة ال ب د علي ه و من الض روري إتب اع اإلج راءات الالزم ة س واء
اإلجراءات الشكلية أو اإلجراءات الموضوعية الذي إذا شابها عيب ما يفتح المجال للمدعى عليه المطالبة
بإبطال هذه الدعوى .
يدور موضوع هذه الدعوى حول محاولة المريض المتضرر من استعمال األدوات و األجهزة الطبية في
المتعرض له ،حيث أن السبب في مباشرة هذه الدعوى على الطبيب المطالبة بالتعويض جراء الضرر ُ
أو المؤسس ة االستش فائية ه و إخالل ه ذا األخ ير بمص لحة مش روعة المتمثل ة في ع دم اإلض رار بس المة
1طيب إبراهيم ويس ،ممارسة دعوى المسؤولية المدنية في إطار العالقة مع المستشفيات الخاصة ،مجلة القانون العام الجزائري و المقارن ،مخبر النشاط
العقاري جامعة سيدي بلعباس ،العدد ، 2017 ، 05ص . 126
2عبد الرحمن بربارة ،شرح قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية { قانون رقم 09_08مؤرخ في 23فيفري } 2008دار بغدادي للطباعة و النشر و
التوزيع ،الطبعة الثانية مزيدة ،الجزائر ، 2009 ،ص . 37
3المادة " : 38في حالة تعدد المدعى عليهم ،يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مواطن أحدهم " ،من القانون
09_08السابق ،ص . 7
4موسى نقار ،كمال كيحل ،المسؤولية العقدية للطبيب ،مجلة العلوم اإلنسانية ،مخبر القانون و المجتمع جامعة أدرار ،الجزائر ،المجلد ، 6العدد ، 2
، 2019ص . 144
42
المريض ، 1و لمباشرة هذه الدعوى ال بد من افتتاح الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة حيث تنص
الم ادة 15من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة على " :يجب أن تتض من عريض ة افتت اح ال دعوى ،
تحت طائلة عدم قبولها شكالً ،البيانات اآلتية :
و به ذا تتمث ل البيان ات الض رورية الفتت اح عريض ة ال دعوى في خمس بيان ات :تحدي د الجه ة القض ائية و هي
عنصر متصل باالختصاص سواء االختصاص النوعي أو اإلقليمي ،فيلتزم المدعي بتحديد الجهة القضائية
المختص ة بال دعوى إقليمي اً و تليه ا نوعي اً ،م ع ض رورة ارف اق عريض ة افتت اح ال دعوى بمعلوم ات خاص ة
بالخصوم المطالبين بالتعويض ،ضرورة تحديد موضوع هذه الدعوى باإلشارة الى المراد من هذه ال دعوى و
هذا بسرد موجز لوقائع الدعوى ختاما بطلبات المدعي من الخصوم ،و هذا بتزويدها بوسائل تؤسس عليها
من مبررات و مرجعيات قانونية مع اإلشارة اذا اقتضى األمر الى دالئل و مستندات أو قرائن قانونية و هذا
لتقوية موقف المدعي. 2
بعد ما تمت مباشرة الدعوى المدنية أمام الجهة القضائية المختصة عن طريق عريضة افتتاح الدعوى التي
تتكون من عناصر أساسية ال بد و من الضروري توفرها و هذا من أجل قبولها من طرف الجهة المختصة ،
تقابله ا في المواجه ة دف وع الط رف الم دعى علي ه أي دف وع الخص وم ال ذي من مص لحته اب داء دف وع من أج ل
إبط ال ال دعوى المدني ة ،و ه ذا بتعريض ها لجمل ة من االنتق ادات الش كلية و الموض وعية ال تي من ش أنها أن
تساعد على سقوط عريضة الدعوى ،فينقسم هذا الدفع الى دفع إجرائي و موضوعي ،و يقصد باألول بال دفع
بطل العيوب اإلجرائية كعدم اختصاص الجهة القضائية التي تم الرفع أمامها أو بسقوط الدعوى أو انقضائها ،
أم ا ال دفع الموض وعي ه و مواجه ة و نق د ال دعوى موض وعياً ك القول بانقض اء االل تزام كالتق ادم أو بطالن
العقد. 3
43
و بهذا يتقدم الطبيب المسؤول { أو المؤسسة االستشفائية العامة ،الخاصة } بدفوع إجرائية كما ذكرنا سابقاً و
دفوع موضوعية .
المطلب الثاني :االختص اص القض ائي في النظ ر في دعوى المسؤولية المدني ة الناش ئة عن اس تعمال األدوات
الطبية
يقص د باالختص اص " :من المس ائل الجوهري ة في س ير ال دعوى القض ائية و يقص د ب ه والي ة القض اء
بالفصل في القضايا المطروحة أمامه وفقا لمعايير النوع و الموقع اإلقليمي " ، 1و قيل فيه أيضا " :هو سلطة
الحكم بمقتض ى الق انون في خص ومة معين ة منش ورة أم ام المح اكم ،و فق دان ه ذه الس لطة ي ؤدي الى ع دم
االختصاص بمعنى زوال تأهيل المحكمة للنظر في الخصومة ،و زوال قدرتها في ممارسة واليتها القضائية
" ، 2فلتحريك الدعوى المدنية من شروطها تحديد الجهة القضائية المختصة التي ترفع فيها الدعوى حيث أنه
في ح الت م ا غ اب ه ذا الش رط ت رفض ال دعوى ش كلياً ،فالمحكم ة المختص ة هي ال تي تتمكن من الفص ل في
ال دعوى دون غيره ا و ه ذا وفق اً لنص وص و قواع د الق انون المنظم ة لالختص اص القض ائي ،3س واء
االختص اص الن وعي أو االختص اص المحلي و ه ذا م ا س نتطرق الي ه في ه ذا المطلب ،حيث ينقس م
االختص اص القض ائي الى اختص اص ن وعي { الف رع األول } ال ذي ب دوره ينقس م الى اختص اص القض اء
العادي المدني و الى اختصاص القضاء اإلداري ،و الى االختصاص المحلي أو اإلقليمي { الفرع الثاني} ،
بعد ما يسبب الطبيب أو المؤسسة االستشفائية ضرراً للمريض ،و يتم مباشرة تحريك الدعوى التي تتضمن
شروط خاصة لتحقق صحتها ،و من أهم الشروط تحديد الجهة القضائية المختصة كما ذكرنا سابقاً ،فال بد
من المدعي تحديد الجهة القضائية المختصة تحديداً صحيحاً و خاص اً على أساس المدعى عليه ،أن المريض
يح دد االختص اص القض ائي على حس ب الط بيب المس ؤول ،ف اذا ك ان ه ذا األخير ت ابع للقط اع الص حي الع ام
فللمريض التوجه الى االختصاص اإلداري و هذا نسبة الى طبيعة نظام المؤسسات االستشفائية العمومية فكما
أشرنا سابقاً بأن عالقة الطبيب بالمستشفى عالقة ذو طبيعة الئحية Réglementaireفيعتبر الطبيب موظف
لص الح المستش فى و المرض ى ،بينم ا م ا اذا ك ان ه ذا الط بيب ت ابع للمستش فيات الخاص ة { العي ادات الخاص ة
سابقاً } فان الطبيب المسؤول يتابع من القضاء العادي المدني .
44
"ب النظر الى احك ام الم ادة األولى من ق انون اإلج راءات المدني ة ف ان المح اكم هي الجه ات القض ائية الخاص ة
بالق انون الع ام ،و هي تفص ل في جمي ع القض ايا المدني ة ،إض افة الى نص الم ادة الثالث ة و الخامس ة من نفس
القانون فان االحكام الصادرة من هذه الجهات تكون قابلة لإلستئناف أمام المجالس القضائية " 1إضافة الى ما
ج اء في نص الم ادة 32من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة " :المحكم ة هي الجه ة القض ائية ذات
االختص اص الع ام و تتش كل من أقس ام .يمكن أيض ا أن تتش كل من أقط اب متخصص ة .تفص ل المحكم ة في
جميع القضايا ،السيما المدنية و التجارية و البحرية و االجتماعية و العقارية و قضايا شؤون األسرة و التي
تختص بها إقليميا .تتم جدولة القضايا أمام األقسام حسب طبيعة النزاع .غير أنه في المحاكم التي لم تنشأ
فيها األقسام .يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستثناء القضايا االجتماعية .في حالة
جدولة قضية أمام قسم غير القسم المعني بالنظر فيها ،يحال الملف الى القسم المعني عن طريق أمانة الض بط
،بع د اخب ار رئيس المحكم ة مس بقا ، 2"...ف ان الم ريض يرف ع دع واه عن من ي راه مس ؤول الت ابع للقط اع
الخاص لجهة القضاء المدني .
ان المشرع الجزائري لم يحدد بصريح العبارة الطبيعة القانونية للمؤسسات االستشفائية الخاصة التي تستوجب
ان تتمت ع به ا ،و انم ا ت رك الخي ار للمس تثمرين و الخ واص في المج ال حري ة انش اء ه ذه العي ادات في الق الب
القانوني المراد به ،أي أنه يتمتع منشئ هذه العيادة بحرية اقمتها في شكل مؤسسة مدنية أو مؤسسة تجاري ة ،
و ه ذا م ا نص ت علي ه الفق رة الثاني ة من الم ادة 09من ق انون حماي ة الص حة ال تي تنص على " :يمكن ك ذلك
انشاء هياكل إقامة تدعم الهياكل الصحية و يحكمها المبدأ التجاري ،و يمكن أن تكون هذه الهياكل عمومية أو
خاص ة تح دد مهامه ا و تنظيمه ا و س يرها عن طري ق التنظيم " .إض افة ال نص الم ادة 208مك رر من نفس
الق انون ال تي تنص على " :ان المؤسس ات االستش فائية الخاص ة يمكن اس تغاللها من قب ل _ :المؤسس ات ذات
الشخص الوحيد و ذات المسؤولية المحدودة _ .الشركات ذات المسؤولية المحدودة _ .شركات المساهمة .
_التعاض ديات و الجمعي ات 3"...و به ذا ف ان المش رع لم يح دد الطبيع ة القانوني ة للمستش فيات الخاص ة ،لكن
ال دعوى ال تي ترف ع عن ه ذه األخ يرة أو عن الط بيب أو الج راح الت ابع له ا فهي ترف ع اتج اه القض اء الع ادي
المدني نسبة لطبيعة عالقة الطبيب بالمستشفى.
تنص الم ادة 800من ق انون اإلج راءات المدني ة و اإلداري ة على " :المح اكم اإلداري ة هي جه ات الوالي ة
العامة في المنازعات اإلدارية .تختص في الفصل في أول درجة ،بحكم قابل لالستئناف في جميع القضايا ،
ال تي تك ون الدول ة أو الوالي ة أو البلدي ة أو اح دى المؤسس ات العمومي ة ذات الص بغة اإلداري ة طرف ا فيه ا ".
اس تنادا على نص ه ذه الم ادة ف ان ك ل دع وى تك ون الدول ة طرف ا فيه ا فهي ترف ع اتج اه القض اء اإلداري ،
45
فالمؤسس ة االستش فائية العمومي ة هي مؤسس ة تابع ة للدول ة ذات نظ ام اداري و يعت بر األطب اء و الممرض ين
العاملين فيها موظفين خاضعين لنفس النظام ،فقد قررت محكمة التنازع في فرنسا بأن الدعوى التي يرفعها
المريض المتضرر أو ذويه ضد الطبيب أو الجراح المسؤول عن الضرر التابع للمؤسسات االستشفائية العامة
لخط أه في أداء عمل ه الط بي ،ال يختص فيه ا القض اء الع ادي الم دني و انم ا القض اء اإلداري ،و بالت الي
فيختص القض اء اإلداري في جمي ع ال دعاوى المرفوع ة ض د األطب اء و الج راحين و الممرض ين الع املين في
القطاع العام بسبب أخطائهم المرتكبة أثناء قيامهم بأعمالهم الطبية ،بشرط أن ال ينفصل هذا الخطأ الخدمة
الصحية المطالب بها. 1
ان الهدف من جعل القضاء اإلداري هو الجهة المختصة عن الدعاوى المرفوعة ضد األطباء التابعين للقطاع
الع ام ،تحمي ل اإلدارة عبء تغطي ة األخط ار الص ادرة عن تابعيه ا أثن اء م زاولتهم للمهن ة داخ ل المؤسس ات ،
فيس تفيد الم ريض المتض رر أو ذوي ه من س يرورة إدارة القط اع الع ام في التع ويض و به ذا يض من الم دعي
2
استحقاقه للتعويض
و كما ذكرنا سابقا ،يمكن للمستشفى الرجوع على الطبيب أو الجراح صاحب الخطأ بدعوى الحلول و هذا
في حالة ما اذا قامت إدارة المستشفى بتعويض المريض و هذا على أساس خطأه الشخصي .
ثالثاً :تنازع اختصاص الجهات القضائية { القضاء العادي المدني _ القضاء اإلداري }
برغم من وضوح االختصاص النوعي لتحريك الدعوى في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،اال أن
ه ذا ال يمن ع من مواجه ة بعض اإلش كاالت في اختص اص الجه ة القض ائية المختص ة ،فل و ال ه ذا التن ازع
المحتمل لما تم انشاء محكمة خاصة بالتنازع 3مع قابلية الجهات المختصة _ اإلدارية _ المدنية _ الى التن ازع
كما ذكرنا سابقاً ،استناداً للقانون العضوي رقم 03_98المتعلق باختصاصات محكمة التنازع 4عرفتها المادة
" : 03تختص محكم ة التن ازع في الفص ل في منازع ات االختص اص بين الجه ات القض ائية الخاض عة للنظام
القضائي العادي و الجهات القضائية الخاضعة لنظام القضائي اإلداري حسب الشروط المحددة في القانون .
ال يمكن محكم ة التن ازع الت دخل في منازع ات االختص اص بين الجه ات القض ائية الخاض عة لنفس النظ ام " ،
إضافة للمادة 15من نفس القانون " :ال ترفع أمام محكمة التنازع اال المواضيع المتعلقة بتنازع االختصاص
" ،ك ذلك الم ادة 16ال تي ج اءت بس بب التن ازع " :يك ون تنازع ا في االختص اص عن دما تقض ي جهت ان
قض ائيتان إح داهما خاض عة للنظ ام القض ائي الع ادي و األخ رى خاض عة للنظ ام القض ائي اإلداري ،
باختصاص هما أو بع دم اختصاص هما للفص ل في نفس ال نزاع .يقص د بنفس ال نزاع عن دما يتقاض ى األط راف
1جمال محي الدين ،آثار المسؤولية الطبية ،مجلة االجتهاد للدراسات القانونية و االقتصادية ،المركز الجزائري لتمنراست ،الجزائر ،العدد ، 07
،2015ص ،ص . 76 75 ،
2المرجع نفسه .
3محمد رايس ،المرجع السابق ،ص . 269
4القانون العضوي رقم 03_98مؤرخ في 8صفر عام 1419الموافق 3يونيوـ سنة ، 1998يتعلق باختصاصات محكمة التنازع و تنظيمهاـ و عملها ،
ج ر العدد . 39
46
بنفس الص فة أم ام جه ة إداري ة و أخ رى قض ائية ،و يك ون الطلب مبني اً على نفس الس بب و نفس الموض وع
المط روح أم ام القاض ي " .نالح ظ من الم واد س ابقي ال ذكر أن محكم ة التن ازع مختص ة في الفص ل بين
النزاع ات الواقع ة بين الجه ات القض ائية ذات النظ ام اإلداري و ذات النظ ام الم دني و ه ذا ح ول نفس القض ية
لنفس األطراف و نفس السبب ،و هذا سواء بالقضاء بنفس االختصاص المتمثل في التنازع اإليجابي أو بعدم
االختصاص المتمثل في التنازع السلبي ،ففي الصورة األولى يتم التنازع بين جهتين قضائيتين مختلفتين في
النظام حول قضية واحدة لنفس األطراف و نفس السبب ،بينما في الصورة الثانية _ التنازع السلبي _ هو
ادعاء أحد الجهتين القضائيتين بعدم االختصاص مما يؤدي الى التنازع السلبي فهو عكس التنازع اإليجابي
ك ون ه ذا التن ازع ق ائم لص الح الط رفين { اإلدارة و الم دعي } فلك ل ط رف ح ق الرج وع الى محكم ة التن ازع
التي تقوم بدورها إللغاء أحد الحكمين 1و من شروطه :
_ "يجب أن يك ون الحكم بع د االختص اص بال دعوى من أح د الجه ات القض ائية الق ائم على أس اس االعتق اد
باختصاص الجهة القض ائية األخرى كما يجب أن ترفع الدعوى أم ام الجهتين القضائيتين اإلدارية و العادية
فتحكم ك ل منهم ا بع دم االختص اص في ال دعوى م ع ض رورة انص اب الحكم بع دم االختص اص من جه ات
القضاء اإلداري و جهات القضاء العادي منصب على نفس النزاع و الدعوى ". 2
فقد تنازعت الجهات القضائية حول دعوى المسؤولية المدنية الطبية " ،فقد جاء في حكم صادر عن محكمة
التنازع الفرنسية في 25/03/1957حيث حاولت محاكم القضاء العادي بسط سلطتها على المنازعات التي
تح دث بين األطب اء الت ابعين للقط اع الع ام و المرض ى و ه ذا على أس اس االس تقاللية ال تي تتم يز به ا األعم ال
الطبية فهم غير خاضعين للرقابة من قبل اإلدارة عن نشاطاتهم الطبية و بالتالي فهم غير تابعون لإلدارة في
ممارس ة نش اطهم الف ني وفق ا للم ادة ، 3" 1384لكن االم ر لم يتوق ف هن ا حيث تم الت دخل من ط رف محكم ة
التنازع التي أصدرت حكم بأن األطباء التابعين للقطاع الخاص يخضعون للمحكمة اإلدارية و هذا نسبت الى
العالق ة االئحي ة بينهم و بين المرض ى و ه ذا دون األخط اء الشخص ية ال تي تك ون منفص لة عن نش اط المرف ق
العمومي ،فقد قضى القضاء اإلداري بعد هذا القرار الى االخذ بمبدأ المسؤولية بدون خطأ في قيام مسؤولية
المستشفيات العامة وهذا لزيادة فرصة المرضى في استحقاق التعويض ،بالرجوع الى القانون الجزائري ،
ف ان دع وى المس ؤولية الناش ئة عن األطب اء الت ابعين للمؤسس ات االستش فائية العام ة تخض ع للمح اكم اإلداري ة
بتط بيق قواع د المس ؤولية التقص يرية و بالتحدي د مس ؤولية المتب وع عن تابع ه باعتب ار أن األطب اء عب ارة عن
موظفين تابعين للمستشفى العام ،فيتحمل هذا األخير عبء التعويض عن أخطاء تابعيه. 4
1فضيلة واضح ،زاهية مجكود ،التنظيم القضائي الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص قانون الخاص الشامل ،جامعة
عبد الرحمان ميرة ،بجاية ، 2016 ،ص . 36
2المرجع نفسه .
3محمد رايس ،المرجع السابق ،ص . 272
4المرجع نفسه ،ص . 275
47
يقصد باالختصاص اإلقليمي " :والية الجهة القضائية بالنظر في الدعاوى المرفوعة أمامها استناداً الى معيار
جغ رافي يخض ع للتقس يم القض ائي " ، 1فاالختص اص اإلقليمي اس تنادا له ذا التعري ف الموق ع الجغ رافي للجه ة
القض ائية المختص ة في النظ ر في ال دعوى المرفوع ة ،فق د ج اء في نص الم ادة 37من ق انون اإلج راءات
المدنية و اإلدارية ":يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى
عليه ،وان لم يكن له موطن معروف ،فيعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ،
ما لم ينص القانون على خالف ذلك " ،نالحظ من نص هذه المادة أن االختصاص اإلقليمي للدعوى المدنية
يعود الى موطن المدعى عيله أو محل اقامته الحالية ،ففي حالة ما اذا تعذر تحديد محل اقامته الحالية فيعود
االختصاص الى الجهة القضائية آلخر موطن له ،كما جاء في الفقرة 05من المادة 40من نفس القانون " :
في المواد المتعلقة بالخدمات الطبية ،أمام المحكمة التي تم في دائرة اختصاصها تقديم العالج " ،و تأسيس اً
على ه ذا ف ان الم ريض المتض رر يرف ع دع واه م دنياً أم ام القس م الم دني للمحكم ة الواق ع في دائرته ا مك ان
العالج ،و يرف ع دع واه إداري اً أم ام الغرف ة اإلداري ة للمجلس الواق ع في دائرت ه القط اع الص حي العم ومي
{ المؤسس ات االستش فائية العام ة } مك ان مباش رة العالج أي مك ان المؤسس ة االستش فائية ،أم ا بالنس بة
للمؤسس ات االستش فائية الخاص ة ف يرفع دع واه أم ام القس م الم دني للمحكم ة في دائ رة العي ادة الخاص ة هي
كذلك. 2
كأصل عام ترفع الدعوى في الجهة القضائية الواقعة في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه ،و كاستثناء
عن ه ذه القاع دة العام ة في حال ة تع دد الم دعى عليهم ك الطبيب و طاقم ه الط بي أو ك الطبيب و المؤسس ة
االستش فائية الت ابع له ا _ عام ة أو خاص ة _ فيع ود االختي ار الى الم دعي _ الم ريض المتض رر أو ذوي ه _
لموطن أحد المدعى عليهم و هذا لتفادي تعارض األحكام و كثرة النفقات ،حيث نحصل هذه النقطة في نص
الم ادة 38من نفس الق انون " :في حال ة تع دد الم دعى عليهم ،ي ؤول االختص اص اإلقليمي للجه ة القض ائية
التي يقع فيها في دائرة اختصاصها موطن أحدهم ".
تكمن أهمية اإلثبات في أنه في حال ما لم يستطع الموجب لإلثبات أال و هو المدعي في أن يثبت مسؤولية
الم دعى علي ه و اظه ار حقيق ة م ا أص ابه و اقن اع القاض ي بال دالئل و الق رائن المادي ة أي إزال ة الش كوك ح ول
االدعاءات المدلى بها ،فان دعوى النزاع المعروضة على الجهة القضائية المختصة ستتوج بالرفض ،ففي
حال ة ع دم االقتن اع بم ا ادلى ب ه الم دعي ،فان ه س يتم اللج وء الى تط بيق الفق رة األولى من الم ادة 112من
الق انون الم دني الجزائ ري ال تي تنص على " :ي ؤول الش ك في مص لحة الم دين "...حيث أن الم دين هن ا ه و
الطبيب و بهذا فان الشك الذي لم يقطعه اليقين ،يفيد المدعى عليه ، 3ان اإلثبات في مجال المسؤولية الطبية
48
من أص عب المج االت التي يتع ذر فيه ا اثب ات الخط أ الط بي خاص ة في األخط اء الطبي ة الفني ة التي يستص عب
على القاضي في تقدير ما اذا ارتكب الطبيب خطًأ أو أنه قام بواجب ه االزم و الذي كما هو معروف كأصل
عام أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية ال أكثر فالطبيب غير ملزم بشفاء المريض أي أن الطبيب يستعين
بخبرته الطبية من أجل الوصول الى غاية معينة و هي تقديم المساعدة للمريض بغية الشفاء ،الى أن الطبيب
ي ترتب علي ه ال تزام بتحقي ق نتيج ة و ه و ض مان س المة الم ريض س واء ك انت طبيع ة العالق ة بين الم ريض و
الط بيب أو المؤسس ة االستش فائية ذات ط ابع عق دي فيخ ل المس ؤول به ذا االل تزام تعاق دي ت ابع للعق د ،أو ذات
طابع تقصيري مخالً بالتزام قانوني مناطه عدم االضرار بالغير ،ففي كال الحالتين ان التزام ضمان سالمة
المريض هو التزام بتحقيق نتيجة البد من تحققها .
فضمان سالمة المريض يتمثل في عدم تعرضه ألضرار خارج المرض الذي لجأ للطبيب من أجل عالجه ،
فمن بين االضرار التي يتعرض لها المرضى في غالب األحيان هي االضرار الناتجة عن األدوات و األجهزة
الطبية ،سواء بسبب سوء االستعمال و نقص الخبرة عنها كما ذكرنا سابقاً ،و بهذا فان التزام ضمان سالمة
المريض من األضرار الناتجة عن استعمال األدوات و األجهزة الطبية هو التزام مفترض ال يشترط فيه اثبات
الخط أ فبمج رد أن يتع رض الم ريض للض رر بس بب ه ذه األدوات و األجه زة الطبي ة ف ان المس ؤولية المدني ة
تترتب تلقائي اً على المسؤول عن الضرر ،في المقابل يكفي على المريض أن يثبت االلتزام القائم بينه و بين
الط بيب و ع دم تحق ق النتيج ة المرج وة م ع الض رر الق ائم ،فال يس تطيع الط بيب المس ؤول أو المؤسس ة
االستشفائية التابع لها الطبيب أن يدفع بهذه المسؤولية إال عن طريق اثبات السبب األجنبي المتمثل في القوة
القاهرة أو خطأ المريض. 1
ان ال تزام الط بيب ح ول ه ذه األجه زة ال تزام بتحقي ق نتيج ة كم ا ذكرن ا و به ذا ال يعفى الط بيب من المس ؤولية
المترتبة عليه حتى و لو عاد الضرر الى سبب في عيب يعتري الجهاز أو األداة الطبية و من الصعب كشفه
أو كان بسبب طبيعة تركيبتها و صنعها " فقد حكمة احدى المحاكم الفرنسية بمسؤولية عن وفاة المريض أثناء
الجراحة نتيجة لتسرب الغار من جهاز التخدير و اشتعاله بسبب شرارة تطايرت من الجهاز". 2
كم ا أن للقاض ي دور في اإلثب ات حيث أن ل ه الق درة في تق دير الخط أ و اثبات ه و ه ذا فيم ا يتعل ق االم ر
باألخط اء الطبي ة الظ اهرة و كأمثل ة عن ه ذا ع دم تق ديم الط بيب اب ر البنج في العالج ات الالزم ة ،ع دم تعقيم
األدوات الطبية المستعملة في الجراحة أو في حالة نسيان أدوات صغيرة كالمشرط أو الضمادة الطبية داخل
جسم االنسان ، 3حيث أن هذه األخطاء تعتبر أخطاء ظاهرية في غنى عن األدلة و القرائن من المريض ،و
هذا على عكس األخطاء الطبية الفنية التي من الضروري أن يستعين القاضي بخبير في ذات االختصاص و
49
الرتب ة و الخ برة و ه ذا م ا يس مى ب الخبرة الطبي ة إلثب ات م ا اذا أن الط بيب المس ؤول ق د انح رف عن الس لوك
العادي للطبيب أم ال.
المبحث الثاني :جزاء المسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال األدوات و األجهزة الطبية
ان التعويض هو اآللية القانونية التي يعتمد عليها القاضي في جبر الضرر فالمشرع الجزائري لم يضع نص
يحدد فيه مفهوم التعويض و انما وضع أحكام تحدد طريقة التعويض و صوره و كيفية تقدير التعويض ضمن
نصوص مدرجة في القانون المدني ،فقد عرف التعويض في المسؤولية المدنية الطبية بأنه ثمرتها التي تقدم
للمريض المتضرر أو ذويه مقابل ما أصابه من ضرر ، 1فان المريض يتعرض ألضرار مختلفة و متفاوتة
حيث يمكن أن تمس ه في ذمت ه المالي ة أو أن يتع رض له ا نفس ياً ،فيق ع على الط بيب المس ؤول أو المؤسس ة
االستشفائية عبء تعويض المتضرر .
اذ يتم تقدير قيمة هذا التعويض من طرف القاضي و هذا على أساس جسامة الضرر بعد تحقق كل من أركان
المسؤولية المدنية للطبيب و بعد قبول الدعوى التي تم ايداعها أمام الجهة القضائية المختصة ،فال رقابة على
القاضي في تقديره لنسبة التعويض بغض النظر عن الوسائل التي يتبعها في تقديره لهذا األخير. 2
1ايمان كروادة ،النظام القانوني للمسؤولية المدنية للطبيب ،مذكرة لنيل شهادة الماستر ،تخصص قانون طبي ،جامعة عبد الحميد بن باديس ،مستغانم ،
، 2020 ، 2019ص . 57
2المرجع نفسه .
50
51
52