You are on page 1of 29

‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫مقدمة‬
‫تعرف المسؤولية عموما بأنها تشخيص لحالة الفرد الذي اقترف أمرا من األمور‬
‫يستوجب التبعة والمؤاخذة‪ ،‬وتنقسم إلى قسمين‪ :‬مسؤولية أخالقية وأخرى قانونية‪ ،‬ويقصد‬
‫باألولى تلك التبعة التي تترتب عن مخالفة قواعد األخالق‪ ،‬أما الثانية فهي التي تترتب جراء‬
‫مخالفة واجب من الواجبات االجتماعية‪ ،‬وهي نوعان مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية‪.‬‬

‫والمسؤولية الجنائية هي تحمل الشخص لتبعات أفعاله الجنائية المجرمة‪ ،‬أما المسؤولية‬
‫المدنية فهي إلزام المسؤول بأداء تعويض للطرف المضرور‪ :‬في األحوال التي تتوفر فيها‬
‫شروطها‪ 1.‬وتنقسم هذه األخيرة بدورها إلى مسؤولية عقدية‪ 2‬وأخرى تقصيرية‪ 3،‬وهذا‬
‫الصنف األخير ينشأ على عاتق الشخص بسبب ما صدر عنه من أفعال تسببت في الضرر‬
‫للغير‪ ،‬كما قد ينشأ على عاتقه أيضا نتيجة األضرار‪ :‬التي تحدثها حيوانات أو أشياء أخرى‬
‫يتولى حراستها‪ .‬وقد تترتب عليه أيضا من جراء األضرار التي تحصل من فعل أشخاص‬
‫آخرين يخضعون لرقابته وتوجيهه‪ .‬وهذه األخيرة ‪ -‬أي المسؤولية عن فعل الغير – هي‬
‫التي نص عليها الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫وانطالقا من هذا الفصل نجد أن المشرع المغربي قد ضمنه طوائف مختلفة ممن‬
‫يسألون عن غيرهم‪ .‬فتطرق لمسؤولية األب واألم ولمسؤولية أرباب الحرف ومسؤولية‬
‫مراقب ذوي العاهات العقلية‪ ،‬وأخيرا مسؤولية المتبوع عن فعل التابع‪.‬‬

‫ولعل هذه الصورة األخيرة (مسؤولية المتبوع عن فعل التابع) هي أهم صور‬
‫المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير‪ ،‬إن لم تكن الصورة الحقيقية الوحيدة لها نظرا لشموليتها‬
‫وعموميتها؛ إذ يمكن أن تترتب في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬فالدولة تكون مسؤولة عن فعل‬

‫‪ - 1‬محمد البوشواري‪"،‬المسؤولية المدنية ‪ ،‬العقدية والتقصيرية" ‪،‬مطبعة أشرف ‪،‬الطبعة الثانية ‪ ، 2008‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 2‬يراد بالمسؤولية العقدية ذلك اآلثر الذي يترتب عن العقد من جراء االخالل بالتزام ناشيء عنه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ويقصد بالمسؤولية التقصيرية ذلك الفعل الضار الذي يصدر عن الشخص عن عمد (الجريمة) ‪،‬أو عن غير عمد (شبه الجريمة) فيسبب ضرر‬
‫للغير يترتب> عليه التزامه بإصالحه عن طريق التعويض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫الموظف باعتباره تابعا لها‪ ،‬ورب العمل يسأل عن خطأ العامل‪ ،‬والطبيب عن خطأ ممرضته‬
‫‪4‬‬
‫وغيرها من الصور العملية المتعددة‪.‬‬

‫غير أنه وبالرغم من أهمية هذا الفرع من المسؤولية وازدياد أهميته في الحياة العملية‪،‬‬
‫إال أن المشرع المغربي لم يفصل القول في العديد من أحكامه إن لم نقل كلها‪ .‬تاركا المجال‬
‫أمام القضاء إلعمال ما يوجده الفقه من ضوابط‪.‬‬

‫ونحن بدورنا‪ ،‬لن يسعنا في دراسة هذا الموضوع إال االسترشاد بهذه الضوابط‬
‫واالستنارة بعمل واجتهاد القضاء سواء الوطني أو المقارن طمعا في التوصل إلى اإلجابة‬
‫عن ما يثيره موضوع مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع من إشكاالت وخاصة على مستوى‬
‫تحديد أساسها وعوارضها وكذا على مستوى شروط وأثار تحققها في درجة ثانية‪.‬‬

‫وتحقيقا لذلك فإننا سنعمد إلى طرح مجموعة من اإلشكاالت نسوقها كاآلتي‪:‬‬

‫ماهي شروط تحقق مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؟ وعلى أي أساس يمكن تأسيسها؟‬

‫ثم ما هي اآلثار التي تترتب على قيامها؟ وما هي أهم العوارض التي تلحق بها؟‬

‫وحتى نتمكن من التطرق لكل هذه اإلشكاالت والوقوف على تفاصيل أحكامها‬
‫وجزئياتها سنركن إلى منهج تحليلي نحلل من خالله أقوال الفقه واجتهادات القضاء سدا لكل‬
‫فراغ تشريعي أو قصور في النص خالل تنظيم الموضوع‪ ،‬مع التعريج بين الفينة واألخرى‬
‫على ما يقره التشريع والقضاء المقارن في هذا اإلطار وذلك باالعتماد على تقسيم ثنائي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وشروطها‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬آثار مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وعوارضها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 4‬عبد الكريم شهبون‪" ،‬الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي الكتاب األول االلتزامات بوجه عام ‪،‬الجزء األول مصادر االلتزام"‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 1999‬ص ‪.439‬‬

‫‪2‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫الفصل األول ‪ :‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وشروطها‬


‫إذا تم التسليم منذ القدم بمنطقية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪ ،‬إال أن االتفاق على‬
‫تأسيسها على أساس واحد كان من الصعوبة‪ :‬بمكان؛ حيث بزغت عدة نظريات لتفسير هذه‬
‫المسؤولية وإ قامتها على أساس صحيح فتم األخذ في بداية األمر بالمفهوم التقليدي للمسؤولية‬
‫لتفسير هذا األساس‪ ،‬ثم تطور في الوقت الحالي بعد تطور حاالت المسؤولية عن أفعال‬
‫التابعين الضارة وتعددها وتنوع ظروف نشأتها وتطبيقاتها القضائية وأخذ منحى جديد أفرز‬
‫عدة نظريات ونقاشات فقهية‪.‬‬

‫وإ ذا كان هذا شأن أساس هذه المسؤولية‪ ،‬فإن تحديد نطاقها لم يعرف ذات المسار؛‬
‫حيث استقر الفقه على شروط محددة ترسم حدود هذه المسؤولية‪ .‬فكان االتفاق عاما من غير‬
‫خالفات إال فيما يرتبط ببعض الجزئيات دون الكليات التي كادت أن تصل إلى حد التسليم‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬


‫كما أسلفنا الذكر‪ ،‬فإن مسألة تحديد أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع لم يخلو‬
‫من اختالفات فقهية ذهبت إلى حد القول بضرورة إلغاء بعد اآلراء واألساسات كما هو الحال‬
‫بالنسبة لألساس الذي تقوم عليه النظرية التقليدية (الخطأ المفترض)‪ ،‬الذي أظهر قصوره‬
‫وعدم دقته‪ ،‬مما يتحتم معه البحث على نظريات جديدة لتؤسس هذه المسؤولية على أفكارها‪.‬‬
‫كان أهمهما نظرية تحمل التبعة‪ ،‬ونظرية المسؤولية عن الغير‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الخطأ المفترض‬


‫يقصد بتأسيس مسؤولية المتبوع على الخطأ المفترض أن التابع إذا ارتكب خطأ كان‬
‫المتبوع مسؤوال عنه مسؤولية مفترضة‪ ،‬باعتبار كونه إما قد قصر في اختيار تابعه‪ ،‬أو‬
‫‪5‬‬
‫قصر في الرقابة عليه‪ ،‬أو قصر في توجيهه‪.‬‬

‫‪ -‬محمد أحمد عابدين"التعويض بين المسؤولية العقدية والتقصيرية"‪ ،‬مطبعة دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية ‪،‬طبعة ‪ ،1980‬ص‪.98‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪3‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وقد أخذ مجموعة من الفقهاء التقليدين‪ 6‬في فرنسا بنظرية الخطأ المفترض؛ حيث‬
‫يقرون بأن مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه مبنية على خطأ مفترض من جانب المتبوع‪.‬‬
‫ويتمثل هذا الخطأ ‪ -‬كما قلنا آنفا‪ -‬في كون المتبوع لم يحسن اختيار تابعه أو مراقبته أو‬
‫توجيهه األمر الذي حال بينه وبين إحكام الرقابة على تصرفاته‪.‬‬

‫وباعتبار أن التابع هو مرتكب الخطأ فيتحتم معه مسألته مبدئيا عن خطائه إعماال‬
‫لقواعد مسؤولية الشخص عن فعله الشخصي‪ ،‬إال أنه نظرا للصعوبة التي تعترض‬
‫المضرور‪ 7:‬في إثبات خطأ التابع‪ ،‬ولكون هذا األخير قد يكون معسرا‪ ،‬فإنه غالبا ما يتم‬
‫الرجوع على المتبوع درءا لكل هذه اإلكراهات ‪.‬‬

‫إال أن ما يعاب على هذا االتجاه هو كونه يفضي إلى بعض النتائج التي ال يصح التسليم‬
‫بها‪:‬‬

‫لو كانت مسؤولية المتبوع مبنية على خطأ مفترض لسقطت مسؤوليته إذا كان‬ ‫‪‬‬
‫غير مميز‪ ،‬وال يتصور أن يكون غير المميز قد ارتكب خطأ‪ ،‬فكيف أن‬
‫يتصور افتراض الخطأ في جانبه؛ حيث إن المتبوع ولو كان غير مميز فإنه‬
‫يكون مسؤوال عن تابعه‪ ،‬وبالتالي فإن مسؤولية المتبوع ال يمكن أن تكون‬
‫مبنية على الخطأ المفترض ‪.‬‬
‫إن مسؤولية المتبوع لو كانت مبنية على خطأ مفترض افتراضا غير قابل‬ ‫‪‬‬
‫إلثبات العكس ألمكن للمتبوع نفي العالقة السببية بين الضرر الذي تسبب فيه‬
‫التابع والخطأ المفترض من جانبه‪ ،‬وذلك بإثبات أن الضرر ال مفر منه و لو‬
‫قام بواجبه في االختيار والرقابة والتوجيه بما ينبغي من العناية‪ .‬وهو ما ال‬
‫يستطيعه؛ لعدم استطاعته التخلص من المسؤولية بإثبات أنه كان يستحيل عليه‬
‫أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر‪ .‬وحتى لو أثبت ذلك ونفى‬

‫‪" -‬ديمولومب"> و"بودري" و"بارد" و"كانتبوري"‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ "،‬مصادر االلتزامات ‪،‬الكتاب الثاني ‪،‬المسؤولية المدنية"‪ ،‬مطبعة دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2005‬ص ‪.152‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪4‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫عالقة السببية بين الضرر‪ :‬وخطائه المفترض‪ .‬لبقي مع ذلك مسؤوال عن تابعه؛‬
‫مما يعتبر دليال قاطعا على أن مسؤولية المتبوع ال تقوم على خطأ مفترض‪،‬‬
‫بل ال تقوم أصال على خطأ؛ حيث إنه لو كانت كذلك ألمكن للمتبوع رفعها عنه‬
‫‪8‬‬
‫بنفي العالقة السببية‪.‬‬
‫عجزت كذلك هذه النظرية عن تبرير وضع المتبوع الذي لم يقوم باختيار تابعه‬ ‫‪‬‬
‫وإ نما فرض عليه بقوة القانون أو الواقع‪ .‬كما هو الشأن بالنسبة لعقود العمل‬
‫الجماعية التي لم تعد تسمح للمتبوع باختيار تابعيه في معظم الحاالت‪.‬‬

‫وأخيرا فما يجعل فكرة الخطأ المفترض مستبعدة كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار‬
‫التشريع المغربي هو أن المتبوع بإمكانه نفي المسؤولية بإثبات قيامه بواجب الرقابة والتوجيه‬
‫لتجنب الفعل الضار‪ .‬وهذا ما أكده المشرع المغربي من خالل الفقرة الثالثة من الفصل ‪85‬‬
‫‪10‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ، 9‬عندما جعل قرينة المساءلة قرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس‪.‬‬

‫ولعل قصور هذه النظرية هو الذي فتح المجال لبروز نظريات أخرى في هذا الشأن‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تحمل التبعة‬

‫بعد ظهور قصور نظرية الخطأ السالف ذكرها تحت ضغط ما وجه إليها من انتقادات‪،‬‬
‫حاول جانب مهم من الفقه إيجاد أساس جديد لهذه المسؤولية‪ ،‬فظهرت نظرية تحمل التبعة‬
‫محاولة سد النقص الذي يعتري أساس هذه المسؤولية‪.‬‬

‫و تبنى أصول هذه النظرية كل من الفقيهان "ساليل" و"جورسان"‪ ،‬وتمسك بها فقهاء‬
‫معاصرون من بعدهم أمثال "ريبير" و"سافاتيه" و"كاربونيه"‪ ، 11‬الذين انطلقوا من فكرة أن‬

‫‪ - 8‬سعيد الفكهاني‪ ،‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬حسين جعفر‪"،‬التعليق على قانون االلتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء " الجزء األول‪ ،‬مطبعة‬
‫الدار العربية للموسوعات‪،‬طبعة ‪ ، 1980‬ص ‪.312‬‬
‫‪ - 9‬تنص الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه"المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم‬
‫ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها"‪.‬‬
‫‪ - 10‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ - 11‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬م‪.‬س ‪،‬ص‪.153‬‬

‫‪5‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫الخطأ كمفهوم تقليدي غير قادر على حل مشكالت مسؤولية المتبوع باعتبار أن هذه األخيرة‬
‫‪12‬‬
‫تستقل تماما عن فكرة الخطأ وتنتمي إلى نظام آخر يمثل بنية جديدة ذات أفق واسع‪.‬‬

‫وتعتبر هذه النظرية تطبيقا من تطبيقات قاعدة " الغنم بالغرم" ومعناها أن المتبوع‬
‫باعتباره المستفيد من خدمات تابعية يتوجب عليه بالمقابل أن يتحمل تبعة المخاطر المحدثة‬
‫‪13‬‬
‫من قبل هؤالء األتباع‪ ،‬إذا كان لها ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة إليهم‪.‬‬

‫لكن ما يؤخذ على هذا الرأي أنه لو كان ما يقر به صحيحا‪ ،‬وتحققت مسؤولية المتبوع‬
‫التي تقوم على تحمل التبعة‪ ،‬ووفى المتبوع للمضرور بالتعويض المستحق‪ ،‬لما جاز للمتبوع‬
‫الرجوع عن التابع ‪ . 14‬حيث إن هذا النوع من األحكام ال يتناسب مع مضمون نظرية تحمل‬
‫التبعة؛ إذ إن المتبوع إنما يتحمل تبعة نشاط يستفيد منه‪ .‬‬

‫ومن جانب آخر فنظرية تحمل المخاطر لم يكتب لها النجاح أيضا‪ ،‬على اعتبار أنها‬
‫نشأت في ميدان حوادث الشغل والذي يختلف اختالفا كبيرا عن األضرار الناشئة من‬
‫‪15‬‬
‫الحوادث المدنية األخرى‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح أن مبدأ تحمل التبعة ال يستقيم مع أحكام مسؤولية المتبوع‪ ،‬بما تقتضيه‬
‫هذه المسؤولية من خطا يقع من التابع وبما ترتبه في العالقة ما بين المتبوع والتابع من حق‬
‫الرجوع‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المسؤولية عن الغير‬


‫ذهب جانب من الفقه‪ 16‬إلى القول بأن مسؤولية المتبوع ال تقوم على خطأ مفترض من‬
‫جانبه وال تنبني على أساس تحمل تبعة المخاطر‪ ،‬بل تعد مسؤولية عن الغير تقوم على عدة‬
‫أسس من بينها‪:‬‬

‫‪ - 12‬سهير منتصر‪ "،‬مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع أساسها ونطاقها"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬دون ذكر تاريخ الطبعة ‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 13‬ومن هنا فإن المتبوع الذي يحصل على نتاج هذا النشاط عليه أن يتحمل النتائج السيئة لذلك النشاط بذات القدر الذي يجني فيه النتائج الحسنة‬
‫والمفيدة له‪.‬‬
‫‪ - 14‬سعيد الفكهاني‪ ،‬عبد العزيز توفيق ‪ ،‬حسين جعفر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ - 15‬من ذلك أن المضرور له الحق في أن يرفع دعواه مباشرة على الشخص الذي صدر منه الضرر وإذا رفعت دعوى التعويض ضد المتبوع فإن‬
‫هذا األخير يحق له الرجوع على تابعه الذي تسبب في وقوع الفعل الضار وهو حكم ال يتناسب> مع مضمون نظرية التحمل بالمخاطر‪.‬‬
‫‪" - 16‬بوريس سطارك" ‪" ،‬بيرتراند"‪ >،‬وعبد الرزاق السنهوري وغيرهم من الفقهاء‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫أساس الضمان (نظرية الضمان) ‪ :‬يرى أنصار هذه النظرية أن المتبوع بمثابة‬ ‫‪‬‬
‫ضامن لنتائج األضرار التي يتسبب فيها أتباعه للغير‪ ،‬خصوصا في حالة إعسارهم‬
‫أو عند امتناعهم عن أداء ما بذمتهم‪ .‬فالضامن يحمل في طياته معنى الكفالة؛ أي أن‬
‫‪18‬‬
‫المتبوع يكمل التابع في نشاطه‪ ، 17‬كما يحل محله في األداء‪.‬‬

‫وقد مال األستاذ "السنهوري" بدوره إلى فكرة الضمان؛ إذ إنه بعد أن عرض لنظريات‬
‫مختلفة أضاف أن " اعتبار مسؤولية المتبوع مسؤولية عن الغير يجعل المتبوع مسؤوال عن‬
‫تابعه‪ ،‬وال يستطيع التخلص من هذه المسؤولية ولو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع‬
‫العمل غير المشروع الذي سبب الضرر‪ ،‬فالتزامه التزام بتحقيق غاية ال التزام ببذل عناية‪.‬‬
‫وهذا االعتبار يجيز أيضا استبقاء مسؤولية المتبوع حتى ولو كان غير مميز فمسؤوليته عن‬
‫التابع ليس مصدرها االتفاق‪ .‬حتى يشترط التمييز‪ ،‬بل مصدرها القانون سواء كانت ضمانا‬
‫‪19‬‬
‫أو نيابة أو حلوال"‪.‬‬

‫أساس النيابة (نظرية النيابة أو التمثيل القانوني)‪ :‬تأخذ هذه النظرية بفكرة اعتبار‬ ‫‪‬‬
‫التابع نائبا عن المتبوع نيابة قانونية‪ ،‬لكونه يعمل لحسابه‪ ،‬وينفذ أوامره قياسا على‬
‫إلزام النائب األصيل بما يقوم به من تصرفات قانونية في حدود نيابته‪ ،‬فكذلك يلزم‬
‫‪20‬‬
‫التابع المتبوع بما يقوم به من أعمال مادية في حدود تبعيته‪.‬‬
‫أساس الحلول (نظرية الحلول) ‪ :‬تقر هذه النظرية بأن التابع يحل محل المتبوع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فأي خطأ مرتكب من جانب التابع فكأنما ارتكبه المتبوع في الحدود الوظيفية‪ .‬أو‬
‫بصيغة أخرى أن التابع امتداد لشخصية المتبوع ‪ .‬إال أن ما يعاب على هذا االتجاه‬
‫‪21‬‬
‫هو أنه مازال يحتفظ بفكرة الخطأ في نطاق هذه المسؤولية‪.‬‬

‫‪ - 17‬محمد أحمد عابدين‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ - 18‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪ - 19‬عبد الرزاق أحمد السنهوري "الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء األول مصادر اإللتزام"‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة ‪ ،‬ص‪.889‬‬
‫‪ - 20‬سعيد الفكهاني‪ ،‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬حسن جعفر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ - 21‬سيد أمين‪" ،‬المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في الفقه اإلسالمي المقارن"‪ ،‬دون ذكر اسم المطبعة وتاريخ الطبعة‪ ،‬ص‪.147‬‬

‫‪7‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫هذه النظريات كغيرها من النظريات األخرى لم تسلم من االنتقاد‪ ،‬ومن ذلك مثال‬
‫االنتقادات التي تعرضت لها نظرية النيابة‪ ،‬بخصوص أن نطاق النيابة غالبا ما يتحدد في‬
‫‪22‬‬
‫مجال التصرفات القانونية دون الوقائع المادية التي من شأنها اإلضرار بالغير‪.‬‬

‫ومهما كان تعدد هذه النظريات فإن التشريع المغربي من خالل الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫يبدو أنه أخذ بنظرية الخطأ المفترض من جانب المتبوع ‪ ،‬وهو الرأي ذاته الذي أكده القضاء‬
‫المغربي في أحد قراراته الصادرة عن المجلس األعلى‪ 23‬الذي جاء فيه ‪" :‬الفرق بين الفصل‬
‫‪ 85‬والفصل ‪ 85‬مكرر من قانون االلتزامات والعقود واضح حيث إن الفصل ‪ 85‬مكرر‬
‫يتكلم عن المسؤولية الناتجة عن خطأ المسؤول والذي البد فيه من إثبات خطأ هذا األخير‪،‬‬
‫خالفا للفصل ‪ 85‬الذي يتكلم عن المسؤولية المفترضة"‪.24‬‬

‫فالقانون المغربي إذن أخذ بفكرة الخطأ المفترض غير قابل إلثبات العكس كأساس لمسؤولية‬
‫المتبوع عن أعمال التابع‪ .‬وهي فكرة تبدو من حيث الجوهر أنها تهدف إلى ذات الغاية التي‬
‫يهدف إليها أنصار النظريات الموضوعية‪ :‬األخرى‪ ،‬إذ إنه سواء تم تأسيس هذه المسؤولية‬
‫على فكرة الخطأ المفترض أو على فكرة تحمل التبعة أو على أساس المسؤولية عن الغير‪،‬‬
‫فإن الهدف يبقى واحدا هو حماية حقوق المتضرر‪ :‬باعتباره األولى بهذه الحماية من غيره‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬

‫‪ - 22‬عبد القادر العرعاري ‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.154‬‬


‫‪ - 23‬نثير> االنتباه> هنا إلى أن المجلس األعلى قد تغيرت تسميته بموجب قانون رقم ‪ ،11/58‬الصادر بتنفيذ الظهير ‪ 25/10/11‬المغير بموجب ظهير‬
‫‪ 27/9/1957‬بشأن المجلس األعلى‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ 5989‬مكرربتاريخ‪ 26/10/2011‬إلى تسمية محكمة النقض‪ .‬لذلك فإن استعملنا ألحد‬
‫المصطلحين دون اآلخر سيان للداللة على اآلخر‪.‬‬
‫‪ - 24‬قرار المجلس األعلى ملف مدني عدد ‪ 3261/90‬صادر بتاريخ ‪ 16/1/96‬منشور بمجلة اإلشعاع‪ ،‬عدد ‪ ،15‬ص‪.128‬‬

‫‪8‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫تقوم نظرية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع على روابط جوهرية البد من تحققها؛‬
‫إذ بدونها ال تثور مشكلة مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪ ،‬بقدر ما تثور مشكلة مسؤولية‬
‫الشخص عن فعله الشخصي التي تعتبر القاعدة األصل في مجال المسؤولية المدنية‬
‫التقصيرية‪.‬‬

‫وتتلخص هذه الروابط في تحقق شروط ثالثة هي‪ :‬قيام عالقة التبعية بين المتبوع‬
‫والتابع‪ ،‬ووقوع خطأ من التابع‪ ،‬وأخيرا صدور هذا الخطأ أثناء تأدية التابع لوظيفته أو‬
‫بسببها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قيام عالقة التبعية‬


‫يقصد بعالقة التبعية أن يكون للمتبوع على التابع سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه‪،‬‬
‫هذه السلطة التي قد يكون مصدرها العقد فيكون للمتبوع بذلك كامل الحرية في اختيار‬
‫التابع‪، 25‬أو يكون مصدرها القانون‪.‬‬

‫وأيا كان مصدر هذه السلطة فإن عالقة التبعية تعتبر قائمة؛ إذ العبرة بتوافر السلطة‬
‫للمتبوع في أن يصدر لتابعه من التعليمات ما يوجهه في عمله ولو كان توجيها عاما بشرط‬
‫أن يكون في إطار عمل معين يقوم به التابع لحسابه‪ ،‬وليس فقط توجيها عاما في إطار عمل‬
‫‪26‬‬
‫مطلق غير محدد‪.‬‬

‫وامتالك المتبوع لسلطة الرقابة والتوجيه كشرط لقيام عالقة التبعية ال يشترط فيها أن‬
‫تنصب على الناحية الفنية بل يكفي فقط أن تكون من الناحية اإلدارية للقول بوجودها‪.‬‬

‫ونافلة القول أن عالقة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع ولو لم يكن المتبوع حرا في‬
‫اختيار تابعه متى كانت له سلطة في رقابته وتوجيهه‪ ،‬لذلك يعتد حتى بالتبعية العرضية التي‬

‫‪ - 25‬تجدر اإلشارة هنا إلى أنه ال يلزم في العالقة التي تربط المتبوع> بالتابع أن تكون ثابتة بمقتضى عقد رسمي مكتوب> بل يكفي أن يكون هناك اتفاق‬
‫شفوي جرى العرف على تداوله كما هو الشأن بالنسبة للتبعية في إطار عالقة العمال الموسميين أو خدم المنازل بمشغلهم‪ ،‬كما ال يلزم أن تكون عالقة‬
‫مأجورة ‪.‬‬
‫‪ - 26‬سعيد الفكهاني‪ ،‬عبد العزيز توفيق ‪ ،‬حسين جعفر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫وفي هذا السياق نذكر أن هذا ما يميز المتبوع عن األب ومعلم الحرفة إذ األب له الرقابة على ولده ولكن في عمل معين‪ .‬ومعلم الحرفة له الرقابة‬
‫والتوجيه على المتعلم في عمل معين ولكن ال يقوم المتعلم بهذا العمل لحساب معلمه بل للتدرب على العمل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫تثار غالبا لما يكون التابع تابعا لمتبوعين؛ إذ يكون المسؤول هو الشخص المتبوع الذي‬
‫ارتكب التابع الخطأ أثناء أو بمناسبة العمل عنده‪ ،‬وفي ذلك أقر المجلس األعلى في أحد‬
‫قراراته أنه‪" :‬عندما يكون العامل تابعا لشخصين مختلفين لكل منهما مكان عمله الخاص به‪،‬‬
‫فإن الضرر الذي يتسبب فيه هذا العامل للغير أثناء عمله ال يسأل عنه إال رب العمل الذي‬
‫‪27‬‬
‫وقع الضرر أثناء أو بمناسبة العمل عنده وال تمتد هذه المسؤولية إلى رب العمل اآلخر"‪.‬‬

‫وفي قرار أخر أكد القضاء المغربي أنه‪ ":‬إذا كان الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ينص على‬
‫أن الشخص المسؤول عن الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته‪ ،‬فال يجوز‬
‫تطبيق هذا الفصل على الدولة إال إذا كانت هناك بين إدارة السجون و المعتقل الذي ضرب‬
‫المدعي عالقة المخدوم بالمأمور ‪.‬‬

‫وحيث إن إدارة السجون عندما تضع معتقال تحت تصرف مقاولة تبقى محتفظة على‬
‫سلطتها من ناحية اقتراح النظام دون العمل‪.‬‬

‫وحيث من ناحية أخرى أن المكتب الشريف للفوسفاط المستفيد من المعتقلين كان ملزما‬
‫فقط بإصدار تعليمات إليهم أثناء عملهم من حيث طريقة إنجاز ما كلفوا به‪.‬‬

‫وإ ن المكتب الشريف للفوسفاط هو الذي كان مكلفا إذن بمراقبة العمال المعتقلين‬
‫الموضوعين‪ :‬تحت عهدته و هو الذي كان مسؤوال أيضا عن هذا العمل وأن القضاة األولين‬
‫أخطأوا إذن عندما قضوا بأن الدولة هي الغير المسؤول عن الجرح الذي أصيب به أثناء‬
‫مزاولته عمله ألن إدارة السجون لم ترتكب أي خطأ من جهة‪ ،‬وألن رابطة المخدوم بمأموره‬
‫‪28‬‬
‫ال توجد بينها و بين المعتقل من جهة أخرى ‪".‬‬

‫‪ - 27‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 758‬الصادر بتاريخ ‪ 1976/12/15‬في الملف المدني عدد ‪ ،41799‬منشور> بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد‬
‫‪، 28‬السنة السادسة دجنبر ‪ ،1981‬ص ‪.29‬‬
‫‪ - 28‬قرار استئنافية الرباط رقم ‪ 4182‬صادر بتاريخ ‪. 29/03/1950‬ذكره عبد العزيز توفيق ‪ ،‬م‪ ،‬س‪،‬ص‪. 78‬‬

‫‪10‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وفي قرار آخر أكد المجلس األعلى أن "الطبيب الجراح ال يكون مسؤوال عن أخطاء‬
‫مساعديه في الفترة الموالية إلجراء العمليات الجراحية إال إذا كان مرتبط بهؤالء بمقتضى‬
‫‪29‬‬
‫عالقة تبعية تمكنه من مراقبتهم وإ عطاء األوامر إليهم"‪.‬‬

‫وبذلك يكون القضاء المغربي قد أقر بدوره ضرورة توافر عنصر التبعية لقيام هذا‬
‫الصنف من المسؤولية‪ ،‬وذهب إلى أقصى الحدود بترتيب المسؤولية على الشخص الذي يقوم‬
‫العامل بالعمل له ما دام هذا العمل هو الذي سهل وقوع الفعل أو هيأ الفرصة لوقوعه بأي‬
‫طريقة كانت‪.‬‬

‫وفي القضاء المقارن نجد أن القضاء المصري قد تبنى موقفا أكثر شموال في إقرار‬
‫عالقة التبعية حيث‪ ،‬قرر أن وجود عالقة تبعية بين الطبيب وإ دارة المستشفى الذي عالج فيه‬
‫‪30‬‬
‫المريض ولو كانت عالقة تبعية أدبية كاف لتحميل المستشفى مسؤولية خطأ الطبيب"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وقوع خطأ التابع‬


‫يستنتج من نص الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ 31‬أن الخطأ الذي يسأل عنه‬
‫المتبوع هو الذي يرتكبه التابع أثناء تنفيذه للمهام المسندة إليه أو بمناسبتها‪ ،‬وبذلك فإن مساءلة‬
‫المتبوع تتوقف أوال على صدور خطأ من التابع وذلك إمتثاال لمضمون الفقرة أعاله وللقواعد‬
‫العامة في المسؤولية التقصيرية التي تعد الخطأ الركن األول لقيامها‪.‬‬

‫وإ ذا كان األصل في هذا الخطأ هو مساءلة التابع المرتكب للخطأ بصفة شخصية عمال‬
‫بالمبدأ العام في المسؤولية التقصيرية الذي يجعل الشخص مسؤوال مسؤولية شخصية عن‬
‫فعله الضار بالغير‪ ،‬فإنه واستثناءا من ذلك يكون المتبوع مسؤوال عن هذا الخطأ كلما تحققت‬
‫شروط معينة‪ .‬فيكون بذلك هذا الخطأ هو المحل الرئيس لهذه المسؤولية‪.‬‬

‫‪ - 29‬قرار المجلس االعلى صادر بتاريخ ‪ . 12/02/1963‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى ‪ ،‬القسم المدني المجلد الثاني‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫‪ - 30‬نقض مدني مصري صادر بتاريخ ‪ 1936/6/22‬أورده‪ ،‬محمد أحمد عابدين‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪. 105‬‬
‫‪ - 31‬جاء في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ " :‬المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم‬
‫ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها" ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫أما عن شروط وطبيعة هذا الخطأ‪ ،‬فنرى أنه بالرجوع إلى الفصل ‪ 85‬ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫وخاصة في الفقرة الثالثة نجد المشرع المغربي قد امتنع عن جعل هذا الخطأ موصوفا بأي‬
‫وصف أو مقيدا بقيد‪ .‬مما يمكن معه القول بأن المتبوع يكون مسؤوال عن خطأ التابع أيا‬
‫كانت طبيعته أي سواء كان خطأ ماديا أو معنويا‪ ،‬جسيما أو يسيرا مباشرا أو غير مباشر‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك فإن مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه ال تقوم في مفهوم المشرعين‬
‫المصري والفرنسي إال أذا كان خطأ التابع خطأ بالمعنى الفني‪ ،‬حاصرا بذلك مسؤولية‬
‫المتبوع عن أعمال تابعه في حالة ما إذا أساء هذا األخير تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من‬
‫‪32‬‬
‫متبوعه‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬صدور الخطأ أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها‬


‫اتفقت جل التشريعات المدنية على أن مساءلة المتبوع على أساس ما ارتكبه تابعه من‬
‫خطأ يتوقف بالضرورة على صدور هذا الخطأ أثناء تأدية الوظيفة الموكولة إليه أو بسببها‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫فهذا هو الضابط الذي يربط مسؤولية المتبوع بعمل التابع ويبررها‪.‬‬

‫والقاعدة هنا أن يصدر الخطأ من التابع بسبب هذه الوظيفة؛ حيث ال يكفي أن يقع‬
‫بمناسبة الوظيفة بأن تكون هذه األخيرة قد سهلت ارتكاب الخطأ أو ساعدت أو هيأت الفرصة‬
‫الرتكابه‪ ،‬بل يجب أن تكون على األقل عالقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة إذا لم يكن‬
‫الخطأ قد وقع في عمل من أعمال الوظيفة‪.‬‬

‫وإ ذا كان الخطأ بمناسبة الوظيفة ال يجعل المتبوع مسؤوال عن عمل تابعه‪ ،‬فأولى‬
‫‪34‬‬
‫بالخطأ األجنبي عن الوظيفة أن له هذا الحكم‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجده يقتصر على الخطأ المرتكب أثناء أداء‬
‫العمل دون األخطاء التي يرتكبها التابع بسبب تأدية العمل‪ ،‬بخالف الفصل ‪ 174‬مدني‬
‫‪ -‬سهير منتصر ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ -‬حسين جعفر‪ ،‬سعيد الفكهاني؛ عبد العزيزتوفيق‪ >،‬م‪.‬س‪،‬ص‪.311‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪،‬م‪.‬س‪،‬ص ‪.871‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪12‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫مصري الذي كان صريحا في إقرار مسؤولية المتبوع عن عمل التابع في حالة ارتكاب‬
‫الخطأ أثناء تأدية الوظيفة وكذا ارتكابه بسببها‪.‬‬

‫لكن وبالرغم من أن المشرع المغربي قد حصر المسؤولية عن أخطاء التابع في تلك‬


‫التي تصدر عنه أثناء القيام بوظيفته مستبعدا بذلك فرضية ارتكابها بسبب هذه الوظيفة‪ ،‬فإن‬
‫الناحية العملية بينت قيام بعض األخطاء بسبب تأدية العمل‪ .35‬لذلك ذهب الفقه إلى تأييد تحقق‬
‫مسؤولية المتبوع عن األخطاء التي يرتكبها التابع ال أثناء تأدية وظيفته فحسب‪ ،‬بل أيضا‬
‫‪36‬‬
‫عن األخطاء التي يرتكبها بسبب الوظيفة ‪.‬‬

‫وإ ذا كان هذا هو طرح الفقه‪ ،‬فإن القضاء بدوره فطن إلى منطقية هذا الرأي وأيده في‬
‫العديد من قراراته‪ .‬فقد قضى في إحداها بأنه "يسأل المخدوم عن الفعل الضار الصادر عن‬
‫أحد خدامه إذا كان الفعل قد ارتكب أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها؛ بحيث توجد بين الفعل‬
‫‪37‬‬
‫والوظيفة عالقة سببية أو تبعية‪.‬‬

‫وفي نقض مصري قررت المحكمة أنه" تتحقق مسؤولية المتبوع كلما كان فعل التابع قد‬
‫وقع أثناء تأدية الوظيفة أو استغاللها أو مساعدتها على إتيان الفعل غير المشروع أو هيأت له‬
‫الفرصة أن تكون هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو ضرورية ال مكان وقوعه‪ ،‬ومتى تحقق‬
‫‪38‬‬
‫ذلك تثبت مسؤولية المتبوع"‬

‫وإ ذا كان هذا هو شأن مسؤولية المتبوع عن عمل التابع إذا كان الفعل الضار في إطار‬
‫التبعية التي تجمع بين االثنين‪ ،‬فإن السؤال يطرح حول مدى مسؤولية المتبوع عن الضرر‬
‫العمدي الذي اقترفه التابع إذا كان راجعا إلى اإلساءة في أداء العمل من طرفه؟‬

‫‪ - 35‬محمد سعيد بناني "قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل " الجزء الثاني‪ ،‬المجلد األول مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2007‬ص ‪.434‬‬
‫‪ - 36‬مأمون الكزيري‪ " ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي"> الجزء األول‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‪ ،‬ص‪.461‬‬
‫‪ - 37‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 73‬صادر بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪ 1975‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،45965‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪126‬‬
‫السنة ‪ 16‬يوليوز ‪ ،1977‬ص ‪.149‬‬
‫‪ - 38‬نقض مصري جلسة ‪ . 1/6/1971‬أورده عبد العزيز توفيق ‪"،‬التعليق على قانون االلتزامات و العقود بقضاء المجلس األعلى و محاكم النقض‬
‫العربية لغاية ‪ "1998‬الجزء األول االلتزامات‪ ،‬المكتبة القانونية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1999‬ص ‪.95‬‬

‫‪13‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وفي هذا اإلطار طرحت قضية أمام المجلس األعلى للفصل في ما إذا كان الفعل‬
‫الضار الذي يقترفه األجير‪ ،‬ويرجع إلى اإلساءة في أداء العمل من طرفه‪ ،‬يجعل المشغل‬
‫المتبوع مسؤوال عن تعويض الضرر المتولد عنه‪ ،‬فذهب المجلس األعلى إلى اإلجابة على‬
‫هذا التساؤل بالنفي بقوله‪" :‬ال يعتبر المشغل مسؤوال مدنيا عن الضرب العمدي الذي ارتكبه‬
‫األجير لكون ذلك مستقال عن التبعية التي تربطه بمشغله وخارجا عن مهنته"‪.39‬‬

‫وفي األخير نشير إلى أن مسألة تقدير ما إذا كان الضرر أحدثه التابع مرتبطا بوظيفته‬
‫أو بسببها‪ ،‬يدخل ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع فله أن يحمل المتبوع المسؤولية‬
‫أو ينفيها عنه‪ .‬من أجل ذلك ذهبت ابتدائية الدار البيضاء في الحكم الصادر عنها بتاريخ‬
‫‪ 4001/03/1944‬إلى مساءلة صاحب الفندق عن األضرار التي تسبب فيها بعض خدمه‬
‫أثناء فترة العمل بالفندق‪.‬‬

‫كانت تلكم إذن هي األسس و الشروط التي ترتبط بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪،‬‬
‫فما هي أثار قيام هذه المسؤولية ؟ وما هي عوارضها؟‬

‫‪ - 39‬قرار الغرفة الجنائية بالمجلس األعلى رقم ‪ 9502‬بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1985‬في الملف الجنائي عدد ‪ 71706‬منشور بمجلة المحاكم المغربية‬
‫عدد ‪ 49‬ص‪.51‬‬
‫‪ - 40‬محكمة الدرجة األولى بالدار البيضاء‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 51‬ص‪.81‬‬

‫‪14‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وعوارضها‬


‫يترتب على تحقق جميع عناصر مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع حق المتضرر في‬
‫المطالبة بحقوقه المدنية‪ ،‬هذه المطالبة التي تتخذ أكثر من مجرى‪ ،‬حيث يحق له مقاضاة‬
‫المتبوع وحده أو التابع وحده أو كالمها معا‪.‬‬

‫لكن وبالرغم من أن مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع تكون ثابتة في غالب األحيان‪،‬‬
‫فإن هذه المسؤولية قد تلحقها عوارض تجعل المتبوع في منأى عن أية مساءلة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬


‫يتمخض عن قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه الضارة رجوع أطراف هذه‬
‫العالقة على بعضهم البعض‪ ،‬هذا الرجوع الذي ينتظم في عالقات ثالث ترسم منحى المطالبة‬
‫بالحقوق المدنية‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك سنتناول رجوع المتضرر على المتبوع من جهة‪ ،‬ثم رجوعه على التابع‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وفي األخير رجوع المتبوع على التابع‪.‬‬

‫المطب األول‪ :‬رجوع المتضرر على المتبوع‬


‫سبقت اإلشارة إلى أن مسؤولية المتبوع عما يتسبب فيه التابع من ضرر للغير مسؤولية‬
‫مفترضة افتراضا ال يقبل معه إثبات العكس‪ .‬وباعتبارها مسؤولية تبعية‪ ،‬ال تتوافر إال بتوافر‬
‫مسؤولية التابع؛ أي أنها تدور معها وجودا أو عدما‪.‬‬

‫وإ ذ كان األمر كذلك فإن للمضرور الحق في رفع دعواه على المتبوع مطالبا إياه‬
‫بالتعويض عما أحدثه تابعه من ضرر له‪ ،‬كلما تحققت الشروط المنصوص عليها في الفقرة‬
‫الثالثة من الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫ومساءلة المتبوع عن أفعال تابعه المضرة بالغير‪ ،‬ال يستوجب أن يكون هذا التابع ممثال‬
‫في الدعوى التي يرفعها المضرور لمطالبة المتبوع بتعويضه‪ ،‬ما دام قد ثبت خطأ التابع‬
‫‪41‬‬
‫الموجب لمساءلة المتبوع‪.‬‬

‫وقد أثبت الواقع العملي أن المضرور‪ :‬غالبا ما يتجه إلى الرجوع على المتبوع بدال من‬
‫التابع للمطالبة بالتعويض‪ .‬ولعل ما يفسر ذلك أن المشرع المغربي ونظيره المقارن‪ ،42‬قد‬
‫جعله مسؤوال بقوة القانون وبقرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس وذلك استنادا إلى ما ورد‬
‫في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع؛ حيث جعل مسؤوليته قائمة على الخطأ‬
‫المفترض غير القابل إلثبات العكس‪ ،‬مما ال يستطيع معه دفع هذه المسؤولية‪ ،‬ولو أثبت أنه‬
‫كان يستحيل عليه أن يمنع الفعل الذي سبب ضررا للغير‪ .43‬فضال عن أن المضرور‪ :‬قد‬
‫يستند إلى مالءة الذمة المالية للمتبوع لمطالبته بالتعويض حتى يكون في منأى عن تذرع‬
‫التابع بعسره‪.‬‬

‫وفي إطار هذه المطالبة يقع عبء إثبات الضرر على المضرور باعتبار أنه هو من‬
‫يدعي تضرره وذلك طبقا للقاعدة الفقهية المشهورة القائلة ب" البينة على المدعي و اليمين‬
‫على من أنكر"‪ ،‬وذلك بإثبات العالقة السببية بين خطأ التابع والضرر الذي أصابه‪ ،‬ويكلف‬
‫المتبوع بنفي هذه العالقة إذا ادعى عدم تحققها‪ .‬فإذا ادعى أحد زبناء مقاولة تضرره من فعل‬
‫أجير يعمل بها‪ ،‬فإن على هذا الزبون إثبات العالقة السببية بين فعل هذا األجير و الضرر‬
‫الذي لحق به كما أن على المشغل إثبات عدم قيام هذه العالقة كلما ادعى ذلك‪.‬‬

‫وفي التشريع المقارن واستنادا إلى مذكرة المشروع التمهيدي للمادة ‪ 174‬من القانون‬
‫المدني المصري‪ :،‬فإن وسيلة المتبوع لدفع مسؤوليته تكمن في أمران ‪ :‬األول أن يساعد‬

‫‪ -‬حسن عامر‪ ،‬عبد الرحيم عامر"المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية" ‪،‬دار المعارف‪،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1979‬ص‪.667‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ -‬كالتشريع المصري مثال ‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪ -‬عمر وعيسى الفقي‪" ،‬المسؤولية المدنية (دعوى التعويض)> "‪،‬مطبعة المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2002‬ص ‪.102‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪16‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫التابع على نفي مسؤوليته هو وفق القواعد العامة فإذا أثبتت مسؤولية هذا التابع فال يبقى أمام‬
‫‪44‬‬
‫المتبوع إال أن يثبت أن الفعل الضار قد نشأ عن سبب أجنبي ال دخل للتابع فيه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رجوع المتضرر‪ F‬على التابع‬


‫طبقا للفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬فإن أي فعل ارتكبه الشخص عن بينة واختيار ومن غير‬
‫أن يسمح به القانون وأحدث بموجبه ضررا للغير‪ ،‬ألزم هذا الشخص بتعويض المضرور‪ ،‬إذا‬
‫ثبت أن هذا الفعل هو السبب المباشر لحصول الضرر‪ .‬وقياس على ذلك يحق للمضرور أن‬
‫يرجع مباشرة على التابع لتعويض الضرر الذي أصابه‪.‬‬

‫بيد أنه بسلوكه هذا الطريق سيواجه بمجموعة من الصعوبات أبرزها أن المضرور‬
‫يتوجب عليه باألساس إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية عن الفعل‬
‫الشخصي‪ ،‬وذلك استنادا للفصلين ‪ 77‬و‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬و حتى في فرض نجاحه في‬
‫التابع‪ 46‬الشيء الذي قد يؤدي‬ ‫‪45‬‬
‫الحصول على حكم بالتعويض فإنه يمكن أن يواجه بإعسار‬
‫إلى عدم تحقيق الهدف المتوخى من الدعوى المرفوعة‪ ،‬والمتمثل في الحصول على‬
‫التعويض‪.‬‬

‫وتأسيسا على ذلك فإن القضاء المغربي أقر متابعة المتبوع بدال من التابع‪ ،‬وذلك‬
‫لتجنيب المضرور‪ :‬بعض الصعوبات التي قد تواجهه عند رفع دعوى التعويض على التابع‪،‬‬
‫وهذا ما نلمسه في أحد قرارات محكمة االستئناف بالرباط الذي جاء فيه "أن مسؤولية‬
‫المتبوع عن فعل التابع وجدت في األصل لحماية الغير بسبب إعسار التابع مرتكب الجريمة‬
‫أو شبه الجريمة وليست سببا إلعفاء هذا األخير من تحمل نتائج هذه المسؤولية"‪.47‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬رجوع المتبوع على التابع‬

‫‪ - 44‬عمر وعيسى الفقي ‪،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ - 45‬اإلعسار هو حالة قانونية تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة األداء على أمواله‪،‬أو هو زيادة ديون المدين جميعها الحالة والمؤجلة على قيمة‬
‫أمواله‪.‬‬
‫‪ - 46‬عبد القادر العرعاري ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪ - 47‬قرار منشور في مجلة المحاكم المغربية عدد‪ ،1921- 12‬ص ‪.27‬‬

‫‪17‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫بالرغم من أن المشرع المغربي لم يتناول صراحة أحقية المتبوع في الرجوع على‬


‫تابعه‪ ،‬فإن هذا السكوت ال يجب أن يفسر على أنه تصريح ضمني لعدم سواغية رجوع‬
‫المتبوع على التابع؛ حيث إنه الغرو في رجوع المتبوع على تابعه باعتبار أن هذا األخير‬
‫مجرد ضامن أو كفيل لنتائج الفعل الضار الذي ارتكبه التابع‪. 48‬‬

‫واستنادا لذلك يحق للمتبوع الرجوع على تابعه بكامل ما قام بأدائه من تعويض إلى‬
‫‪49‬‬
‫المتضرر‪ :،‬لكونه مسؤوال عنه فقط وليس مسؤوال معه‪.‬‬

‫و في ذات اإلطار تقضي المادة ‪ 170‬من القانون المدني المصري بأنه " للمسؤول عن‬
‫عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤوال عن تعويض‬
‫الضرر‪ ،‬ويجيز هذا النص للمتبوع أن يرجع على تابعه‪ ،‬في حدود ما قام بأدائه من تعويض‬
‫لفائدة الطرف المضرور"‪.‬‬

‫وقد يحدث ويكون الطرفين مشتركان في خطأ واحد‪ ،‬ويتحمل كل منهما بنصيبه من‬
‫الخطأ‪ .‬وكمثال على ذلك لو ارتكب التابع حادثا بالدراجة التي وضعها المتبوع تحت تصرفه‪،‬‬
‫وكانت فراملها تالفة مما ساهم إلى حد كبير في وقوع الحادث فعندئد توزع المسؤولية‬
‫بينهما‪.‬‬

‫ويتحدد حق الرجوع على التابع من طرف المتبوع في الحاالت التي يكون فيها هذا‬
‫األخير قد تجاوز حدود الوظيفة المسندة إليه مثل استعارة األجير لسيارة المقاولة التي يعمل‬
‫بها بدون إذن المشغل لقضاء أغراض شخصية و حدث أن الحق بها ضررا بالغير وفي ذلك‬
‫قضت محكمة النقض الفرنسية أنه "نظرا ألنه يظهر من قرار محكمة االستئناف‪ ،‬أنه ال يوجد‬
‫بين الفعل الضار ووظائف يعقوب ‪ jacob‬بالمقاولة‪ ،‬أية رابطة سببية واقتران‪ ،‬وأن هذا‬

‫‪ -‬عبد القادر العرعاري ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.157‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ -‬حسين عامر‪ ،‬عبد الرحيم عامر‪،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.668‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪18‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫التابع قد انجز فعال ذا طابع شخصي محض و مستقل عن عالقة التبعية التي تربطه‬
‫بالمشغل‪ ،‬على ذلك يكون القرار المذكور قد أساء تطبيق النص"‪.50‬‬

‫أما في الحالة التي يكون فيها الخطأ مما تقتضيه طبيعة الوظيفة والمهنة‪ ،‬فإنه ال يحق‬
‫للمتبوع الرجوع عليه‪ ،51‬كما أن المتبوع ال يسأل عن الضرر في الحالة التي يحصل فيها هذا‬
‫األخير بسبب أمر وظيفي من المتبوع‪.‬‬

‫وفي ذات اإلطار قضت محكمة النقض المصرية بأنه يستطيع المتبوع الرجوع على‬
‫تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة ‪ 324‬من القانون المدني‬
‫المصري ‪،‬التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كله كان له الحق في الرجوع على‬
‫‪52‬‬
‫المدين بقدر ما دفعه‪.‬‬

‫وجاء في قرار آخر "مسؤولية المتبوع من أعمال تابعه هي مسؤولية مقررة بحكم‬
‫القانون لصالح المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني بالمتبوع في حكم الكفيل‬
‫المتضامن مصدرها القانون وليس العقد‪ ،‬وله حق الرجوع على تابعه ألنه مسؤول عنه‬
‫‪53‬‬
‫وليس مسؤوال معه"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عوارض مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬

‫‪ - 50‬قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ فاتح يوليوز ‪ ،1954‬ذكره محمد جوهر‪"،‬سياقة السيارة بدون ترخيص بين قانون التأمين و قانون‬
‫السؤولية" مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ‪،1991‬ص‪.48‬‬
‫‪ - 51‬عبد القادر العرعاري ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.157‬‬
‫‪ - 52‬قرار رقم ‪ 871‬لسنة ‪ 37‬ق‪ -‬قاعدة رقم ‪ ، 176‬ذكره سعيد الفكهاني‪ ،‬توفيق عبد العزيز‪،‬حسين‪ ،‬جعفر ‪ ،‬م‪.‬س‪،‬ص‪.321‬‬
‫‪ - 53‬طعن مصري رقم ‪ 757‬تاريخ ‪ 8/5/1978‬ذكره عبد العزيز توفيق‪،‬م ‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪19‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫إن ارتكاب التابع لعمل ألحق ضررا بالغير ال يجعل مسؤولية المتبوع قائمة قياما‬
‫مطلقا‪ ،‬بل إن من شأن تحقق حاالت معنية أن تدفع عنه مسؤوليته‪ .‬وهي الحاالت التي‬
‫تضاف إلى القاعدة العامة في التخلص من هذه المسؤولية المتمثلة في أنه ال يسمح للمتبوع‬
‫أن يتخلص من مسؤوليته إال إذا أقام الدليل على أنه قام بواجب الرقابة واإلشراف والتوجيه‬
‫أو الضرر الذي لحق المضرور كان لسبب أجنبي ال يد للتابع فيه‪.‬‬

‫وبعيدا عن هذه العوارض المألوفة ارتأينا تناول بعض الحاالت العملية التي يكون من‬
‫شأن تحققها سقوط مسؤولية المتبوع‪ ،‬نذكر منها حالة التابع القاصر (المطلب األول) ثم حالة‬
‫التابع من حيث انعدام أهليته (المطلب الثاني) وأخيرا حالة التابع من حيث اإلضراب‬
‫(المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حالة التابع القاصر‬


‫إن اإلشكال الذي تطرحه حالة قصر التابع في إطار مسؤولية المتبوع عن أعمال‬
‫التابع‪ ،‬هو مدى انعكاس حالة نقص أهلية التابع على مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع‪،‬‬
‫وهنا وبال شك فالمتبوع ليس مسؤوال عن فعل التابع القاصر عندما يكون هذا الفعل خارجا‬
‫‪54‬‬
‫تماما عن نطاق العمل الوظيفي أو بمناسبته‪.‬‬

‫وإ ذا كان هذا الحكم من الحقائق التي سلم بها الفقه والقضاء منذ زمن بعيد عمال بنص‬
‫الفصل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع وتوسيعا في فهمه فإن اإلشكال الذي يصادفنا هنا مدى إمكانية‬
‫مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر؟‬
‫ولمحاولة مناقشة هذا اإلشكال نرى ضرورة التعرض لفرضيتين أساسيتين طمعا في‬
‫الوصول إلى حكم يقيد المسألة‪:‬‬
‫افتراض مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر‪ :‬إن تبني هذا الطرح‬ ‫‪‬‬
‫يجعل موقف المتبوع مطابق لموقف متولي الرقابة وهو تطابق من الصعب تبنيه لما‬

‫‪ -‬عبد اللطيف الشرقاني‪ " ،‬الوجيز في االلتزامات الناشئة عن الجرم وشبه الجرم" دون ذكر اسم المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2001‬ص ‪.25‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪20‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫في ذلك من توسع في مسؤولية المتبوع‪ 55‬وتجاوز إلرادة المشرع الذي نظم كال‬
‫المسؤوليتين‪ :.‬فاألب مثال باعتباره متولي الرقابة يمارس سلطة أوسع من السلطة التي‬
‫يمارسها المتبوع؛ إذ إن سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه تتحدد في نطاق خاص‬
‫ومحدود يتمثل في نطاق العمل الوظيفي الذي يضطلع به التابع‪.‬‬

‫ولما كان االختالف في النطاق فإن ذلك يستدعي تبعا لذلك اختالفا في كيفية ونتائج‬
‫‪56‬‬
‫إعمال أحكام المسؤولية في كل من النطاقين عن األخر‪.‬‬

‫افتراض عدم مساءلة المتبوع عن كل خطا يرتكبه التابع القاصر‪ :‬لما كان افتراض‬ ‫‪‬‬
‫مساءلة المتبوع عن ما يرتكبه التابع القاصر يؤدي إلى نتائج من شأنها الخلط بين‬
‫مسؤوليتين‪ ،‬مسؤولية متولي الرقابة و مسؤولية المتبوع ‪ ،‬فإن من شأن ذلك التشجيع‬
‫على إقرار عدم مسؤولية المتبوع عن أخطا التابع القاصر خاصة مع وجود أحكام‬
‫قضائية تؤكد ذلك من بينها الحكم الصادر عن محكمة "فانيس" الفرنسية الذي قضى‬
‫"بعدم مسؤولية المتبوع عن خطأ تابعه القاصر الذي كان يقطن لدى متبوعه والمتمثل‬
‫في وضع طابع بريد مستعمل على أحد الخطابات" ‪.57‬‬

‫وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض الفرنسية قضى بنقض حكم لمحكمة‬
‫االستئناف كان قد وضع مبدأ عاما يقرر مسؤولية صاحب العمل عن القاصر الذي‬
‫يقيم لديه على وجه الدوام‪ .‬وأسست محكمة االستئناف هذه المسؤولية على أساس أن‬
‫االلتزام بالرقابة الخاصة بالقاصر والذي يقع في األصل على عاتق والده انتقل إلى‬
‫رب العمل‪ ،‬وأقرت بذلك مسؤولية المتبوع (رب العمل) عن أي فعل ضار يرتكبه‬
‫القاصر‪ .‬وقد أقامت محكمة النقض قرارها بنقض الحكم على أساس إنكار هذا‬
‫التأصيل واعتباره مخالفا للقانون‪.58‬‬

‫‪ - 55‬سهير منتصر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪ - 56‬مع ذلك فإن بعض االحكام المحتشمة في فرنسا ذهبت إلى تقريب> بين مفاهيم المسؤولين في شأن التابع القاصر‪ ،‬على أساس أن المتبوع> يتمتع‬
‫بنوع> من التفويض في شأن السلطة األبوية أنظر حكم محكمة ديجون الصادر في ‪ 7‬أبريل ‪، 1870‬ذكره سهير منتصر ‪ ،‬م‪،‬س‪ /‬ص‪.100،‬‬
‫‪ - 57‬حكم محكمة ‪ Vannes‬صادر في ‪ 7‬فبراير سنة ‪ ،1931‬ذكره سهير منتصر‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ - 58‬نقض مدني فرنسي ‪ 17‬فبراير ‪ 1952‬منشور بمجموعة دالوز ‪.410-1951‬‬

‫‪21‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وبذلك فإن مساءلة المتبوع عن أعمال التابع القاصر تبقى دون أساس خصوصا وأن‬
‫إعمال مساءلته يؤدي إلى الخلط بين نظامين من المسؤولية نظمهما المشرع بشكل مستقل عن‬
‫بعضهما البعض‪ .‬ثم إن القضاء المغربي لن يسعه هنا إال الذهاب مذهب القضاء الفرنسي‬
‫اعتبارا للتبعية القانونية الواردة بينهما‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حالة التابع من حيث انعدام أهليته‬


‫يقصد بانعدام األهلية هنا كون التابع فاقد ألهليته بسبب جنون يجعله في منأى عن‬
‫إدراك واستيعاب ما يأتيه من أفعال‪ .‬وإ ذا كان المشرع المغربي قد غض الطرف عن اإلشارة‬
‫إلى حالة التابع المجنون‪ ،‬فإنه وباالستناد إلى التشريع والقضاء المقارن نجد أن لجنون التابع‬
‫أحكام تبين حكم مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع المجنون وتؤصل للحكم بما إذا كان‬
‫المتبوع مسؤوال أو غير مسؤول ‪.‬‬

‫ففي فرنسا وبعد تردد المواقف بين األخذ بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع القاصر‬
‫كل حسب تفسيره للنص التشريعي المنظم للمسألة واستقرائه لنية المشرع فيما يدخله عليه من‬
‫‪59‬‬
‫‪،‬استقر الرأي على جدية االتجاه الذي يقر بأنه إذا كان التابع في حالة جنون عند‬ ‫تعديالت‬
‫ارتكابه للفعل الضار فإنه يكون مسؤوال مسؤولية شخصية عن فعله عمال بحكم المادة ‪489‬‬
‫‪ 2-‬مدني فرنسي وللمضرور أن يقاضيه بصفته الشخصية‪ .‬ولكن نظرا لجنونه تنتفي عنه‬
‫المسؤولية‪ ،‬وإ ذا انتفت المسؤولية عن التابع انتفت معها تباعا عن المتبوع‪.‬‬

‫أما في مصر فقد ذهب القضاء إلى الحكم بأن انتفاء مسؤولية التابع ينفيها عن المتبوع‬
‫بطريقة التبعية؛ إذ إن هذه المسؤولية تستند على وقوع خطأ من التابع يستوجب مساءلته به‬
‫وإ ذا انتفت مسؤولية التابع لجنونه‪ ،‬فإن مسؤولية المتبوع ال يكون لها أساس تقوم عليه‪.‬‬
‫وبالتالي فإن الدعوى المرفوعة من المضرور ضد المتبوع لن يكون مآلها إال عدم االستجابة‬
‫للطلب‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد من التوضيح راجع سهير منتصر‪ .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 103‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪22‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وفي ذات المعنى ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه "إذا انتفت مسؤولية التابع فإن‬
‫مسؤولية المتبوع ال يكون لها من أساس تقوم عليه‪ .‬وإ ذا كانت مسؤولية التابع ال تتحقق إال‬
‫بتوافر أركان المسؤولية الثالثة وهي الخطأ بركنيه المادي والمعنوي‪ ،‬وهما فعل التعدي‬
‫والضرر‪ :‬وعالقة السببية بين الخطأ والضرر وكان الثابت من األوراق أن التابع وقت‬
‫اقترافه حادث القتل لم يكن مميزا إلصابته بمرض عقلي يجعله غير مدرك ألقواله وأفعاله‬
‫مما ينتفى به الخطأ من جانبه لتخلف الركن المعنوي للخطأ وهو ما يستتبع انتفاء مسؤولية‬
‫‪60‬‬
‫التابع وبالتالي انتفاء مسؤولية الوزارة المتبوعة"‪.‬‬

‫وإ ذا كان المشرع المغربي ‪-‬كما أسلفنا الذكر‪ -‬لم ينظم حالة جنون التابع ومدى‬
‫انعكاسها على مسؤولية المتبوع بشكل صريح‪ ،‬فإنه وطبقا للقواعد العامة في المسؤولية‬
‫التقصيرية التي تستوجب توافر الخطأ على ركنيه المادي (فعل التعدي) والمعنوي (التمييز‬
‫واإلدراك) طبقا للفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي يستوجب لترتيب المسؤولية على األفعال التي‬
‫تصدر عن اإلنسان من غير أن يسمح بها القانون أن تكون قد ارتكبت "عن بينة واختيار"‪.‬‬
‫وكذلك طبقا للفصل ‪ 96‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ 61‬يمكن القول بأن انتفاء مسؤولية التابع المجنون تنتفي‬
‫‪62‬‬
‫معها بالتبعية مسؤولية المتبوع‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حالة التابع من حيث اإلضراب‬


‫إن اإلضراب حق مضمون بمقتضى كل الدساتير (الفصل ‪ 29‬من دستور ‪)2011‬‬
‫يكون للعامل (التابع) بمقتضاه التوقف عن العمل تعبيرا عن احتجاجه وطمعا في تسوية‬
‫أوضاعه‪ .‬وإ ذا كان األمر كذلك فإنه يثير إشكاال حول ما إذا كان المتبوع مسؤوال عن الفعل‬
‫الضار بالغير الذي يرتكبه التابع أثناء إضرابه عن العمل‪.‬‬

‫‪ - 60‬نقض مدني صادر في ‪ 12/05/1923‬منشور بمجموعة أفكار النقض‪ ،‬ص‪ 14‬أورده سهير منتصر‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ - 61‬ينص الفصل ‪ 96‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬على أن ‪" :‬القاصر عديم التمييز ال يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله‪ ،‬ويطبق> نفس الحكم على فاقد العقل‬
‫بالنسبة إلى األفعال الحاصلة في حالة جنونه‪."...‬‬
‫‪ - 62‬ولعل هذا في اعتقادنا هو الفرق بين حالة جنون التابع وحالة جنون الشخص الذي يتولى متولي الرقابة رقابته (سواء كانت الرقابة قانونية أو‬
‫اتفاقية )‪ ،‬حيث إن المضرور ال يكون له حق الرجوع على المتبوع> في الحالة األولى بينما يكون له ذلك الرجوع على متولي الرقابة‪ .‬ومرد ذلك أن‬
‫المتبوع> ال يتمتع حقيقة بأي من صالحيات متول الرقابة‪ ،‬إذ إن األب مثال يتمتع> بمكنات> السلطة االبوية الحقيقية القائمة على صلة الدم في حين أن‬
‫سلطة المتبوع> هي سلطة إدارية مستمدة من عالقة الوظيفة وقاصرة على مقتضياته ولوازمها فقط‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫ولتلمس جواب هذه اإلشكالية حسبنا أن ننفتح على االجتهاد القضائي وخاصة الفرنسي‬
‫لمعرفة كلمة القضاء فيه؛ حيث إن محكمة النقض الفرنسية قضت سنة ‪ 1921‬بعدم مسؤولية‬
‫المتبوع عن األفعال الضارة التي يأتيها تابعه أثناء اإلضراب وتتلخص وقائع القضية‬
‫موضوع القرار في أن أحد موظفي السكك الحديدية رفض أن يفتح الحاجز الذي أوكل‬
‫بحراسته لرجال الشرطة وآنهال عليهم بالسب والقذف‪ .‬وقد برر الموظف المشار إليه فعله‬
‫بأنه ال يخضع إال لتعليمات نقابته التي دعت إلى تفعيل اإلضراب‪.‬‬

‫وفي هذه الحيثيات قضت محكمة استئناف "أورليان" بمسؤولية إدارة السكك الحديدية‬
‫باعتبارها متبوعا مسؤوال عن أخطاء تابعه رغم ارتكاب الفعل أثناء فترة اإلضراب‪ .‬وطعن‬
‫في هذا الحكم بالنقض فقضت المحكمة العليا بنقض الحكم ورفض طلب الحصول على‬
‫التعويض ضد الشركة المتبوعة (السكك الحديدية) وكانت المحكمة قد عللت قراراها بأن حالة‬
‫اإلضراب تؤدي إلى إنهاء عقد العمل وبغير استمرار هذا العقد ال يتوافر وصف التابع‬
‫ووصف المتبوع‪ .‬ومفاد ذلك أن التابع حال إضرابه عن العمل يتوقف عن أن ينصب نفسه‬
‫‪63‬‬
‫تابعا ويتوقف صاحب العمل عن أن يكون مسؤوال بصفته متبوعا‪.‬‬

‫وإ ذا كان هذه هو حال فرنسا إلى حدود سنة ‪ 1950‬حيث صدر قانون ‪ 11‬فبراير‬
‫‪ 1950‬الذي لم يعد يعتبر اإلضراب سببا من أسباب انتهاء عقد العمل‪ .‬فإنه وفي ظل مدونة‬
‫الشغل المغربية نجد المادة ‪ 6432‬يعتبر اإلضراب سببب من أسباب توقف عقد الشغل‪ ،‬وهو‬
‫الشيء ذاته الذي أكده القضاء المغربي في قرار صادر عن المجلس األعلى جاء فيه" لما كان‬
‫عقد العمل الرابط بين الطرفين قد توقف بسبب اإلضراب الذي شارك فيه األجير‪. 65"....‬‬

‫‪ -‬سهير منتصر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.116‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪ - 64‬تنص المادة ‪ 32‬من قانون الشغل على أنه‪" :‬يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء ‪.......:‬‬

‫‪ - 6‬مدة اإلضراب؛‬

‫‪"................‬‬

‫‪ - 65‬قرار المجلس االعلى عدد ‪ 211‬بتاريخ‪ ،11/03/2003‬في الملف اإلجتماعي عدد ‪ ،458/2002‬منشور بقضاء المجلس األعلى عدد‪ ،62‬ص‬
‫‪.235‬‬

‫‪24‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫وجاء أيضا في قرار إلستئنافية العيون‪... ":‬حيث إن ممارسة حق اإلضراب ال تؤدي‬


‫إلى إنهاء عقد العمل وإ نما تعتبر من األسباب المؤدية إلى توقفه و بالتالي تبقى حقوق‬
‫وواجبات طرفي العقد سارية بعد إنتهاء أجل اإلضراب ويبقى العقد مستمرا من جديد تماشيا‬
‫مع ما نصت عليه المادة ‪ 32‬من مدونة الشغل" ‪.66‬‬

‫وإ ذا أردنا الحديث عن هذا العنصر في إطار النص الخاص‪ ،‬فإن مشروع القانون‬
‫التنظيمي لإلضراب في المغرب وبحكم المادة ‪ 6‬منه التي تنص على أن "اإلضراب يوقف‬
‫عقد الشغل وال ينهيه‪ 67"...‬يكون اإلضراب سببا من أسباب فقدان المتبوع المشغل لسلطته في‬
‫التوجيه وإ صدار‪ :‬األوامر والتي تنتقل إلى النقابة المنتمي إليها العامل المضرب‪ .‬وهو االنتقال‬
‫الذي تنعدم معه عالقة التبعية وبالتالي سقوط مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه المضرب‬
‫الختالل شرط من شروط قيام مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؛ أي أن توقف عقد الشغل‬
‫باإلضراب تنتهي معه عالقة التبعية بين األجير و المشغل‪ ،‬وبالتالي فإن أي عمل ضار‬
‫بالغير ارتكابه األجير خالل هذه المدة يسأل عنه شخصيا وال مسؤولية للمشغل فيه‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫تأسيسا على ما س>>بق يتض>>ح جلي>>ا أن مس>>ؤولية المتب>>وع عن أعم>>ال تابع>>ه تع>>د من أهم‬
‫أجل تطبيقاتها من الناحية العملية‪ ،‬كم>>ا أنه>>ا‬ ‫مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير‪ ،‬ومن َ‬
‫تتجاوز إلى حد كبير نطاق تطبيق قانون الشغل الذي يعت>>بر المج>>ال الخص>>ب لتط>>بيق أحكامه>>ا‬
‫ولكن مع ذلك فالمشرع المغربي لم يتناولها إال في حدود أقرب ما تكون بالض>>يقة‪ ،‬إذ خص>>ها‬
‫بفق>>رة واح>>دة من الفص>>ل ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬مم>>ا أل>>زم الفق>>ه بتناوله>>ا في العدي>>د من مؤلفات>>ه‪،‬‬
‫والقضاء بالتطرق لها في كثير من أحكامه وقرارات>>ه لإلحاط>>ة بمختل>>ف الج>>وانب المهم>>ة له>>ذا‬
‫النوع من المسؤولية التي قصر النص على تنظيمها‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الدراسة نستنتج كذلك بعض النتائج نوردها كاآلتي‪:‬‬

‫‪- 66‬قرارمحكمة اإلستئناف بالعيون رقم‪ 44/09/2010‬صادر بتاريخ ‪ 2011 /1/06‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 67‬مشروع قانون اإلضراب الذي تم طرحه في ظل الحكومة المغربية الجديدة لسنة ‪.2012‬‬

‫‪25‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫إن مسؤولية المتبوع ال تحقق جادة العدالة‪ ،‬فأين هي مسؤولية المتبوع إذا كان الفقه و‬ ‫‪‬‬
‫القضاء يعطيه الحق بالرجوع على تابعه السترداد ما دفعه للمضرور‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫فقيرا أو في وضع مالي‬
‫غالبا ما يكون ً‬
‫المسؤولية الكاملة تكون على عاتق التابع الذي ً‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫إن ح‪::‬دود مس‪::‬ؤولية المتب‪::‬وع س‪::‬تكون أوس‪::‬ع نطاقً‪::‬ا ل‪::‬و أسس‪::‬ت المس‪::‬ؤولية التقص‪::‬يرية على‬ ‫‪‬‬
‫الضرر أكثر مما عليه الحال لما تم تأسيسها على الخط‪:‬أ‪ ،‬إذ في الحال‪::‬ة األولى سيس‪:‬أل‬
‫مميزا أم غير مميز‪ ،‬أما في الحالة الثاني‪::‬ة‪ ،‬ف‪::‬إن‬
‫المتبوع عن تابعه سواء كان هذا التابع ً‬
‫المتبوع ال يسأل إال عن تابعه المميز‪.‬‬

‫كما نود أن نقترح بعض المقترحات التي تبدوا لن‪::‬ا و اهلل أعلم أنه‪::‬ا جدي‪::‬ة تس‪::‬تحق إدراجه‪::‬ا في‬
‫هذا المقام وهي‪:‬‬
‫تع ‪::‬ديل النص المنظم لمس ‪::‬ؤولية المتب ‪::‬وع عن أعم ‪::‬ال الت ‪::‬ابع بش ‪::‬كل يك ‪::‬ون مع ‪::‬ه المتب ‪::‬وع‬ ‫‪‬‬
‫واقع‪::‬ا من‪::‬ه ليس فق‪::‬ط في‬
‫مسؤوال عن الضرر‪ :‬الذي يحدثه تابعه بفعله الضار‪ ،‬م‪::‬تى ك‪:‬ان ً‬
‫حال تأدية الوظيفة بل بسببها أيضا‪.‬‬
‫تنظيم حق المضرور في الحصول على حقه بش‪::‬كل ص‪::‬ريح‪ ،‬وذل‪::‬ك بإعط‪::‬اءه الح‪::‬ق في‬ ‫‪‬‬
‫الخي ‪::‬ار ب ‪::‬الرجوع على الت ‪::‬ابع أو على المتب ‪::‬وع أو على كليهم ‪::‬ا‪ .‬لكن من األحس ‪::‬ن ‪ -‬في‬
‫نظرن ‪::‬ا – جع ‪::‬ل مس ‪::‬ؤولية المتب ‪::‬وع مس ‪::‬ؤولية احتياطي ‪::‬ة بتقيي ‪::‬د المض ‪::‬رور ب ‪::‬الرجوع أوال‬
‫تع‪::‬ذر الحص‪::‬ول على التع‪::‬ويض من‪::‬ه‪ ،‬حينئ‪:ٍ :‬ذ يرج‪::‬ع على المتب‪::‬وع‪ .‬وذل‪::‬ك‬ ‫على التابع وإ ذا ّ‬
‫إحتراما لمبدأ مساءلة الشخص عن فعله الشخصي و عدم التوسع فيما استثني منه‪.‬‬

‫وفي ظ‪::‬ل ك‪::‬ل م‪::‬ا تق‪::‬دم يح‪::‬ق لن‪::‬ا أن نتس‪::‬اءل عن م‪::‬ا م‪::‬دى منطقي‪::‬ة ومش‪::‬روعية مس‪::‬اءلة المتب‪::‬وع‬
‫عن فعل ال يد له فيه؟‬

‫الئحة المراجع‬
‫حس>>>ن ع>>امر‪ ،‬عب>>>د ال>>>رحيم ع>>>امر"المس>>>ؤولية المدني>>>ة التقص>>>يرية والعقدي>>>ة"‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫المعارف‪،‬الطبعة الثانية ‪. 1979‬‬

‫‪26‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫س>>عيد الفكه>>اني‪ ،‬عب>د العزي>ز توفي>ق‪ ،‬حس>>ين جعف>ر‪"،‬التعلي>>ق على ق>انون االلتزام>ات‬ ‫‪‬‬
‫والعق>>ود المغ>>ربي في ض>>وء الفق>>ه والقض>>اء" الج>>زء األول‪ ،‬مطبع>>ة ال>>دار العربي>>ة‬
‫للموسوعات‪،‬طبعة ‪.1986‬‬
‫سهير منتصر‪" ،‬مس>>ؤولية المتب>>وع من أعم>>ال الت>>ابع أساس>>ها ونطاقه>>ا"‪ ،‬دار النهض>>ة‬ ‫‪‬‬
‫العربية‪ ،‬دون ذكر تاريخ الطبعة ‪.‬‬
‫سيد أمين‪" ،‬المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في الفقه اإلسالمي المقارن"‪ ،‬دون ذكر‬ ‫‪‬‬
‫اسم المطبعة وتاريخ الطبعة ‪.‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪" ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر‬ ‫‪‬‬
‫االلتزام" دون ذكر الطبعة و المطبعة‪.‬‬
‫عبد العزيز توفيق ‪"،‬التعليق على قانون االلتزامات و العق>>ود بقض>>اء المجلس األعلى و‬ ‫‪‬‬
‫مح>>اكم النقض العربي>>ة لغاي>>ة ‪ "1998‬الج>>زء األول االلتزام>>ات‪ ،‬المكتب>>ة القانوني>>ة ‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1999‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪" ،‬مصادر االلتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدني>>ة"‪ ،‬مطبع>>ة‬ ‫‪‬‬
‫دار األمان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2005‬‬
‫عبد الك>>ريم ش>>هبون‪" ،‬الش>>افي في ش>>رح ق>>انون االلتزام>>ات والعق>>ود المغ>>ربي الكت>>اب‬ ‫‪‬‬
‫األول االلتزامات بوجه عام "الجزء األول مص>>ادر االل>>تزام"‪ ،‬مطبع>>ة النج>>اح الجدي>>دة‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.‬‬
‫عبد اللطيف الشرقاني‪ " ،‬الوجيز في االلتزامات الناشئة عن الج>>رم وش>>به الج>>رم" دون‬ ‫‪‬‬
‫ذكر اسم المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى‪. 2001‬‬
‫عمر وعيسى الفقي‪" ،‬المسؤولية المدنية (دعوى التعويض) "‪،‬مطبع>>ة المكتب الج>>امعي‬ ‫‪‬‬
‫الحديث‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2002‬‬
‫مأمون الكزيري‪ " ،‬نظرية االلتزامات في ض>>وء ق>>انون االلتزام>>ات والعق>>ود المغ>>ربي"‬ ‫‪‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‪.‬‬
‫محم>>د أحم>>د عاب>>دين‪" ،‬التع>>ويض بين المس>>ؤولية العقدي>>ة والتقص>>يرية"‪ ،‬مطبع>>ة دار‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬طبعة ‪.1980‬‬
‫محمد البوشواري‪"،‬المسؤولية المدني>>ة ‪ ،‬العقدي>>ة والتقص>>يرية" مطبع>>ة أش>>رف ‪،‬الطبع>>ة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪.2008‬‬
‫محم>>د ج>>وهر‪"،‬س>>ياقة الس>>يارة ب>>دون ت>رخيص بين ق>انون الت>>أمين و ق>انون الس>ؤولية"‬ ‫‪‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ‪. 1991‬‬
‫محمد سعيد بن>>اني "ق>>انون الش>>غل ب>>المغرب في ض>>وء مدون>>ة الش>>غل " الج>>زء الث>>اني‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫المجلد األول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪. 2007‬‬

‫‪27‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة…‪1............................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وشروطها‪.............................................‬‬


‫‪3‬‬

‫المبحث األول‪:‬أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪.........................................................‬‬


‫‪3‬‬

‫المطلب األول ‪:‬الخطأ المفترض‪3...................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحمل التبعة‪........................................................................................‬‬


‫‪5‬‬

‫‪28‬‬
‫مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي‬

‫المطلب الثالث‪:‬المسؤولية عن الغير‪6..............................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬شروط مسؤولية المتبوع> عن أعمال التابع‪........................................................‬‬


‫‪9‬‬

‫المطلب األول ‪:‬قيام عالقة التبعية‪..................................................................................‬‬


‫‪9‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬وقوع> خطأ التابع‪11.................................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬صدور الخطأ أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها‪12...................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وعوارضها‪15......................................‬‬

‫المبحث األول‪:‬آثار قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪15....................................................‬‬

‫المطلب األول ‪:‬رجوع المتضرر على المتبوع‪15.................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬رجوع المتضرر> على التابع‪.....................................................................‬‬


‫‪17‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬رجوع المتبوع على التابع‪......................................................................‬‬


‫‪18‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬عوارض مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪20...................................................‬‬

‫المطلب األول‪:‬حالة التابع القاصر‪20...............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬حالة التابع من حيث انعدام أهليته‪22...............................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬حالة التابع من حيث اإلضراب‪24................................................................‬‬

‫خاتمة‪..............................................................................................................‬‬
‫‪26‬‬

‫الئحة المراجع‪27....................................................................................................‬‬

‫الفهرس‪............................................................................................................‬‬
‫‪29‬‬

‫‪29‬‬

You might also like