Professional Documents
Culture Documents
فضال عن ذلك فقد اعتبرها البعض مهنة مقدسة ،ولعل قداستها مستقاة من ارتباطها
بجسم اإلنسان وحياته ،وهذا االرتباط هو الذي جعل الفقه والقضاء يختلف حول موضوع
المسؤولية الطبية119 ،بين من ينادي بإعفاء الممارسين للطب من المسؤولية ،ومن يقول
بوجوب مساءلتهم عن أخطائهم ،لكن هذا القول ال يستوي بالنظرإلى التطورات العلمية الهائلة
والتقدم التكنولوجي في كافة مجاالت الحياة ،كاستعمال التقنيات الحديثة والمعقدة التي
يعتمدها المتخصصون في الميدان الطبي ،كما هو الحال في استعمال بروتوكوالت طبية لعالج
فيروس كورونا المستجد ،الذي يستوجب معه اتباع طرق عالج مختلفة بمقدورها أن تنتج
أخطاء طبية يصعب إثباتها.120
وتعد املحافظة على سالمة اإلنسان وصحته من الحقوق التي أقرتها الشريعة اإلسالمية،
ودستور المملكة المغربية لسنة 8077ونادت بها القوانين الوضعية أيضا ،حيث قنن المشرع
ألول مرة منذ بداية التسعينات القانون رقم 70.99المتعلق بمزاولة مهنة الطب ،المعدل
119
-Ahmad Issa, « La responsabilité médicale en droit public (étude comparé) », Edition
alpha 2014, p. 5.
120 -علي بدوي" ،االلتزامات المهنية للطبيب في نظر القانون" ،موسوعة الفكر القانوني مركز الدراسات والبحوث القانونية،
الموسوعة القضائية اإلعالمية ،الجزائر سنة ،6002ص.20 .
بقانون 71_717لكن هذا األخير لم ينظم تحديد دقيق لمفهوم الخطأ الطبي مما شكل عبء
حقيقيا لالجتهاد القضائي في استخالص واستنباط طبيعة الخطأ الطبي وماهيته.121
ومن المعلوم أن قيام مسؤولية الدولة بصفة عامة عن الفعل الضار ،يقتض ي حتما
وجود إخالل بأحد إلتزاماتها ،وهو ما يعبر عنه اصطالحا بالخطأ ،ويقصد بمسؤولية الدولة عن
األخطاء الطبية مسؤوليتها عن األعمال واألنشطة التي تقوم بها المستشفيات ،والمر افق
الصحية األخرى.
و لقد كان الهدف من إنشاء القضاء اإلداري ضمان العدل والحماية لألفراد ،والحصول
بالتالي على إقتضاء الحقوق منها عن طريق المطالبة القضائية ،وخاصة في املجال الطبي بإعتبار
المريض المتضرر هو الطرف الضعيف ،وخاصة ونحن أمام موضوع شائك تغمره الكثير من
اإلشكاالت والصعوبات ،وهو موضوع المسؤولية الطبية ،فلم يتوان القضاء اإلداري عن إيجاد
حلول تكون في صالح المتضرر الذي يكون في مواجهة الدولة ،وتتجلى هذه الحماية من خالل
إنطالقه من المرجعية الدولية لحقوق اإلنسان ،للقول بحق اإلنسان في الصحة ،وبالتالي
تحميل الدولة المسؤولية . 122
وفي هذا السياق تتموقع إشكالية البحث في :
مدى مسؤولية الدولة في حماية الحق في الصحة ،في ضوء النصوص القانونية المنظمة
لهذا النوع من المسؤولية ؟
وما هو نظام التعويض المتبع في التشريع المغربي كنتاج لتكريس الحق في الصحة على
أرض الو اقع ؟
وهذا ما سنوضحه من خالل مناقشة هذه الحماية ضمن نقطتين ،سنتناول في النقطة
األولى ،مسؤولية الدولة عن الحق في الصحة في نشاط المرفق الصحي العمومي ،والتعويض عن
األخطاء الو اقعة داخل المؤسسات الصحية العمومية في النقطة الموالية.
المبحث األول :مسؤولية الدولة عن حماية الحق في الصحة
-121بوبكري محمادين" ،خصوصيات الخطأ الطبي" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال
جامعية العدد ،112سنة ،6011ص.62 .
122
-Alain Coulomb, « Principes Methodologique pour la Gestion Des Risque en
etablissement de santé », Agence Nationale d'Accréditation et d'Évaluation en Santé
(ANAES) Janvier 2003, p. 10.
لقد كان الهدف من إنشاء القضاء اإلداري ضمان العدل والحماية لألفراد ،والحصول
بالتالي على إقتضاء الحقوق منها عن طريق المطالبة القضائية ،وفي املجال الطبي وبإعتبار
المريض المتضرر هو الطرف الضعيف وخاصة ونحن أمام موضوع شائك تغمره الكثير من
اإلشكاالت والصعوبات 123،وهو موضوع المسؤولية الطبية ،فلم يتوان القضاء اإلداري عن
إيجاد حلول تكون في صالح المتضرر الذي يكون في مواجهة الدولة ،وتتجلى هذه الحماية من
خالل إنطالقه من المرجعية الدولية لحقوق اإلنسان ،للقول بحق اإلنسان في الصحة ،وبالتالي
تحميل الدولة المسؤولية124
وبما أن القضاء بصفة عامة والقضاء اإلداري بصفة خاصة وبتكريسه الحق في الصحة،
يكون قد خطى خطوة أخرى نحو تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها السيما في املجال الطبي
والقضاء بهذا التوجه ،ال شك أنه سيساهم في توفير حماية أكثر للمتضرر والحصول على
التعويض ،وهذا ما سنوضحه من خالل مناقشة هذه الحماية ضمن نقطتين ،سنتناول في
النقطة األولى ،لمضمون الحق في الصحة ،ثم مدى حضور هذا الحق ضمن توجهات القاض ي
اإلداري في النقطة الموالية.125
يعد الحق في الصحة حق إجتماعي و إقتصادي أساس ي وفقا للمادة 78من العهد الدولي
الخاص بالحقوق االقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،الصادر سنة 7922تضمنت اإلعتراف
بالحق في الصحة باعتباره أحد حقوق اإلنسان ،حيث أن كل دولة تعهدت بحماية هذا الحق من
خالل إعالنات دولية وتشريعات وسياسات عمومية ،وإلتزمت بذلك في مؤتمرات دولية.
وتزايد هذا االهتمام بالحق في بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة من خالل هيئات رصد
معاهدات حقوق اإلنسان ومنظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق اإلنسان حيث " تعترف
الدول األطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية
والعقلية".
123
- Alain Coulomb, «Principes méthodologique pour la gestion des risques en
etablissement de santé», Agence Nationale d'Accréditation et d'Évaluation en Santé
(ANAES), Janvier 2003, p 60.
124
- Abdellah Boudahrain, op.cit, p. 210-215.
-125محند بو كوطيس" ،الحماية القانونية والقضائية للحق في الصحة" ،المنبر القانوني مجلة نصف سنوية تعنى بالدراسات
واألبحاث القانونية والقضائية ،مطبعة المعارف ،الرباط ،6012ص .12
كما أن هذا الحق مكرس في دستور 8077في الباب المتعلق بالحقوق والحريات ،في
الفصل 126 ،17فالمالحظ أن الدستور المغربي لم يشر إلى الحق في الصحة بطريقة مباشرة،
و إنما نص على الحق في العالج والعناية الصحية والحماية اإلجتماعية والتغطية الصحية،
والتي تشكل جانب من اإلجراءات والتدابير التي يستلزمها الحق في الصحة ويتعين على الدولة
توفيرها لتفعيل هذا الحق.
كما تم تكريسه من طرف المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان ،ففي اإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان ،نصت المادة الخامسة والعشرون على أنه" :127لكل شخص الحق في مستوى
معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له وألسرته" ،ونص العهد الدولي المتعلق بالحقوق
اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،في مادته الثانية عشرعلى" :حق كل انسان في التمتع بأعلى
مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه".
وفيما يخص مسؤولية الدولة فقد تم التنصيص عليها منذ التشريعات القديمة ،حيث
تالحقت خطوات تطويروتوسيع إطار مفهوم الصحة وتعريفها بدءا من أقدم القوانين في حقبة
التصنيع عام 7208في إبريطانيا ،وقانون الصحة العامة ،7292تتويجا بإنشاء منظمة الصحة
العالمية who world health organizationعام ،7992والتي قامت بوضع ونشر مفهوم
إجتماعي للصحة ،وهذا وتنص جل الدساتير على الحق في الصحة إما بطريقة مباشرة أو غير
مباشرة من خالل التنصيص على المبادئ التي تسعى الدولة عبرها تحقيق الوصول إلى حق
المواطنين في التمتع بالصحة.128
وجاء في المادة الرابعة من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب أنه "ال يجوز
إنتهاك حرمة اإلنسان ،ومن حقه إحترام حياته وسالمة شخصه البدنية والمعنوية ،وال يجوز
حرمانه من هذا الحق تعسفيا".129
-126الفصل 13من الدستور ،على أنه" :تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل
المتاحة ،لتيسير أسباب إستفادة المواطنات والمواطنين ،على قدم المساواة ،من الحق في العالج والعناية الصحية ،الحماية
اإلجتماعية والتغطية الصحية ،والتضامن التعاضدي أو المنظم من طرف الدولة."...
-127اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان هو وثيقة حقوق دولية تمثل اإلعالن الذي تبنته األمم المتحدة 10ديسمبر 1222في
باريس ويتألف من 20مادة ويخطط رأي الجمعية العامة بشأن حقوق اإلنسان المكفولة لجميع الناس.
-128تعد منظمة الصحة العالمية السلطة التوجيهية ،والتنسيقية ضمن منظومة األمم المتحدة فيما يتعلق بالمجال 11الصحي،
وهي مسؤولة عن تأدية دور قيادي في معالجة المسائل الصحية العالمية ،وتصميم برنامج البحوث الصحية ووضع القواعد،
والمعايير ،وتوضيح الخيارات السياسية المسندة بالبينات ،وتوفير الدعم التقني إلى البلدان ،ورصد االتجاهات الصحية،
وتقييمها .منشور على الرابط االلكتروني لمنظمة الصحة العالمية ،www.who.int/about/a r/ ،الزيارة تاريخ:
.61/1/6012
-129أحمد ادريوش" ،مسؤولية مرافق الصحة العمومية" ،مرجع سابق ،ص.111 .
وهكذا تم التنصيص في دستور منظمة الصحة العالمية على أن" :التمتع بأعلى مستوى
من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق األساسية لكل إنسان ،دون تمييز بسبب العنصر أو
الدين أو العقيدة السياسية أو الحالة اإلقتصادية واإلجتماعية ".130
كما أن التوصيات الصادرة عنها أبرزت أهم عناصر هذا الحق ،ذلك أنها أصدرت توصية
بسطت فيها ما يقتضيه إعمال هذا الحق من إلتزامات ومنها ما جاء في الفقرة األولى من هذه
التوصية التي تتضمن إعالن مسؤولية الدولة واملجتمع.
وإذا كان فقهاء القانون الدولي اختلفوا حول ما إذا كان الحق في الصحة المقررمن طرف
المواثيق الدولية يفرض إلتزامات محددة على الدولة أو غيرها يمكن المطالبة بها قضائيا ،أم
مجرد هدف يق وم عليه نظامها اإلقتصادي واإلجتماعي ،فإن الرأي الراجح هو أن الحق في
الصحة يحمل طابعا إلزاميا للدول متى قام هذا الحق على عناصر وتدابير كفيلة بتنفيذه على
إعتبار أن حياة الفرد وسالمته تعتبر من القيم التي يحميها القانون كما يخول الحق في طلب
التعويض عن األضرار الالحقة به.
كما أنه من المتفق عليه فقها وقضاء أن تدخل الدولة في املجال الصحي يرتب تعويضا
لألفراد المتضررين منها إذا ما كانت هذه التدخالت نتج عنها أخطاء أو إستعمال وسائل خطيرة،
فإنه من باب أولى محاسبة الدولة عن عدم تدخلها للقيام بواجبها المتمثل في كفالة الحق في
الصحة لغاية تحقق الهدف من إقرارهذا الحق باعتبارالدولة ضامنة للحقوق.131
لقد أثير نقاش لدى الفقه القانوني حول مشكلة ما إذا كان هذا الحق يفرض إلتزامات
محددة على الدولة أو غيرها تمكن المطالبة بها قضائيا ،أم مجرد هدف يقوم عليها نظامها
اإلقتصادي واإلجتماعي ،حيث تتجاذب الموضوع إتجاهان ،اإلتجاه األول يقول بإلزام الدولة
بضمان الحق في الصحة وإمكانية األفراد المطالبة به قضائيا في حالة إخالل الدولة بهذا الحق،
-130محند بوكوطيس" ،مسؤولية الدولة في المجال الطبي ،مقاربة قانونية تحليلية على ضوء القضاء اإلداري" ،مرجع سابق،
ص.121.
-131محمد الداودي :،مقاربة إلشكالية تحديث المرفق العمومي الصحي بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام
في موضوع بجامعة محمد الخامس– السويسي الرباط ،السنة الجامعية ،6002-6001ص .61
و إتجاه ثاني يرى أن التنصيص على الحق في الصحة ال يعني أن الدولة ملزمة بتنفيذه و أنه ال
يحق لألفراد المطالبة بتحقيقه قضائيا.132
كما شكل مدى جواز اإلحالة على المرجعية الدولية لحقوق اإلنسان من طرف القضاء
موضوع نقاش لدى الفقه القانوني ،بين من يرى أن المواثيق الدولية وما أقرته من حقوق ذات
توجه عالمي ،ال يمنع القضاء من اإلحالة عليها في أحكامه وقراراته التي يصدرها ،وبين من يرى
من جانب أخر أن التشريع الداخلي للدولة هو األولى ،وأن القضاء يبقى مقيد بتطبيق التشريع
الداخلي القائم.
وبالرجوع إلى المواثيق الدولية التي أشارت إلى الحق في الصحة ،فإنها تقر باإلعمال
التدريجي للحق من قبل الدول المصادقة على اإلتفاقيات ذات الصلة من جهة ،واإللتزام
بتطبيق اإللتزامات المفروضة على الدول بمجرد المصادقة من جهة أخرى وهوما أكده الدستور
المغربي133.
وقد سار القضاء اإلداري المغربي على هذا النهج في نطاق مسؤولية الدولة في املجال
الطبي ،حيت أبان أن القضاء اإلداري ال يتوانى لحظة في إقرارمسؤولية الدولة في املجال الطبي
معتمدا على اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،والتي تقربحماية الحق في الصحة والتي توفر
ضمانة أكثرفي الحصول على التعويض.
ففي حكم املحكمة اإلدارية بأكاديربتاريخ 87أكتوبر ،8009134والذي أكدت فيه على مبدأ
المساواة في تلقي العالج ،كمبدأ من المبادئ التي لها عالقة وطيدة بالحق في الصحة ومما جاء
فيه " :وحيث إن قسم الكلية اإلصطناعية بمستشفى الحسن الثاني بأكادير عندما قرر توقيف
عملية التصفية اإلصطناعية لدم الضحية الذي كان السبب في وفاتها يتنافى مع ما يجب أن
يقوم به مرفق الصحة تجاه كافة المواطنين ،وبدون النظرإلى حالتهم المادية واإلجتماعية ،علما
أن من مبادئ المر افق العامة هو أداء خدماتها لجميع المواطنين على وجه المساواة ،وحيث
132
- Ali khaldi, « la responsabilité d’ordre privé existant en matière d’exercice de la
médecine », la responsabilité médicale centre de publication, universitaire Tunis 2006,
p 32.
-133حيث جاء ضمن تصدير الدستور" ،جعل اإلتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب ،وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين
المملكة وهويتها الوطنية الراسخة ،تسمو فوق نشرها ،على التشريعات الوطنية ،والعمل على مالئمة هذه التشريعات مع ما
تتطلبه تلك المصادقة".
-134محمد األعرج ،تعليق على حكم المحكمة اإلدارية بأكادير ،عدد 122بتاريخ ،6002-10-61المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية العدد ،12سنة ،6001ص.611 .
إن القرارالذي إتخذه قسم الكلية يتعارض مع حق من حقوق اإلنسان أال وهو الحق في الصحة
والعيش الذي نصت عليه مجموعة من المواثيق الدولية واإلقليمية.
وحيث إن قرار مستشفى الحسن الثاني بأكادير بحرمان الضحية من اإلستفادة من
التصفية اإلصطناعية لدمها يعتبر إخالل بمبدأ مساواة المواطنين في العالج والعناية الطبية
الالزمة تقديمها من مر افق الصحة العمومية بجعلها مقرونة بالمستوى المادي والمعنوي".
وقضت نفس املحكمة في حكم لها " :135بأن المملكة المغربية بإعتبارها العضو النشيط
في المنظمات الدولية فهي ملزمة باإللتزام لما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات،
والحق في الصحة من حقوق اإلنسان األساسية التي أقرتها المواثيق الدولية ،ويتأسس الحق
في الصحة على رعاية وقائية وعالجية في أحسن مستوى ممكن من الكفاءة لجميع سكان البالد،
وبالتالي فتخلف الدولة عن تقديم الخدمات الطبية للمدعية يجعلها مسؤولة باعتبارها
الضامنة لكفالة الحق في العالج عن األضرار".
وبالتالي هل سيكون إقرارالتعويض بمثابة تكريس للحق في الصحة على أرض الو اقع؟
المبحث الثاني :التعويض عن األخطاء الو اقعة داخل المؤسسات الصحية العمومية
إذا تحققت مسؤولية المرفق الصحي العمومي التابع للدولة ،فإن الجزاء يكون هو
التعويض ،وغالبا ما يكون نقدا ،ألن التعويض العيني المتمثل في اإلجبارعلى القيام بأمرمعين
ال وجود له في مجال المسؤولية اإلدارية ،وهو ما سنتطرق له من خالل (المطلب األول) ،كما
يخضع تقديرالتعويض ملجموعة من القواعد من أهمها أنه يرتبط بالضررسواء كان هذا الضرر
مادي أو معنوي وليس بالخطأ فال عبرة بدرجة جسامة الخطأ المنسوب إلى المرفق الصحي
العمومي عند تقديرالتعويض ،وهو ما سنوضحه في (المطلب الثاني).
يهدف التعويض بمفهومه الشامل إلى تعويض كل األضرار التي لحقت بالمريض سواء
منها تلك األضرار التي تمس بالسالمة الجسدية لهذا المريض والتي تجعله يتكبد نفقات العالج
-135حكم المحكمة اإلدارية بأكادير ،حكم عدد ،6001/122ملف إداري عدد 6001/221صار بتاريخ ،6001/2/61
منشور في مجلة فقه المنازعات اإلدارية ،منشورات مجلة الحقوق ،العدد السنوي الثالث ،6012ص.622 .
ويتحمل معاناة وآالم المرض ،أو تكون عائقا لعمله مصدر رزقه هذا من جهة أو لها عالقة
مباشرة بشعوره وأحاسيسه.
فاألضرارالقابلة للتعويض كثيرة إال أنها غالبا ما يتم تقسيمها إلى مادية ومعنوية.
يعد حق اإلنسان في سالمة جسمه من الحقوق التي يكفلها له القانون ويجرم التعدي
عليه ،فإذا ترتب عن اإلعتداء عجزللمريض عن القيام بعمل يرتزق منه ويؤثرعلى قدرته في أداء
ما يكتسب منه رزقه أو تحميله نفقات عالج ،ذلك كله يعتبر إخالال ماديا للمريض ويقر حقه في
طلب التعويض عن الضرر الجسدي ،فالتعويض عن الضرر الجسدي أحد األمور الرائجة في
األحكام والقرارات القضائية ،فهذا الضرر يمكن أن يؤدي إما إلى تشويه الجسم وبلوغه نسبة
من العجز أو وفاة الضحية ،وقد إتجهت املحاكم اإلدارية بالمغرب في التعويض عن مثل هذه
األضرار ،حيث جاء في حكم املحكمة اإلدارية بالرباط ،مرتكزا على التعليل التالي" :حيث إن
املحكمة لتحديد األضرار الحاصلة بالضحية فقد أمرت بمقتض ى حكم تمهيدي بإجراء خبرة،
حيث خلص الخبيرفي تقريره إلى أن الضحية أصيب بحروق على مستوى اليد اليمنى أدت إلى بتر
األصابع وكذا فقدان حركة اليد ،وحدد نسبة العجز الدائم في ،"136 20%كما حسمت محكمة
النقض الفرنسية األمر بشأن تحديد األضرارالجسدية ووضعت مبدأ هاما خلصت فيه ،إلى أن
حق اإلنسان في الحياة وفي سالمة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون ،وجرم
التعدي عليه ،وهو من األمورالرائجة في األحكام والقرارات القضائية المغربية.
إن الضررالناتج عن نشاط المرفق العام الطبي ال يمكن أن يكون فقط ضرر جسديا بل
له أن يؤثرعلى الجانب المالي للمتضررو أفراد عائلته ،والقاض ي يقدرهذا التعويض بالنظرإلى
-136خالد عالمي" ،إشكالية التعويض في مسؤولية المرفق العام الطبي" ،مجلة القضاء اإلداري ،العدد الثامن ،السنة الرابعة،
شتاء ربيع ،6012ص.22 .
الخسارة التي تلحق الذمة المالية للمتضرر وما فاته من كسب ،كالمصاريف الطبية والعالجية
التي تحملها على عاتقه في اإلستشفاء.
وكلها إعتبارات يأخذ بها القضاء عند التعويض ،وهو ما يظهر من خالل التطبيقات
جاء فيه "حيث ركز المستأنف النقض137 القضائية للقضاء اإلداري ،ففي قرار ملحكمة
إستئنافه على نقصان التعليل فيما يخص اإلستجابة لطلب التعويض المادي مالحظا أن
تحديده لهذا التعويض كان تحديدا موضوعيا ومبررا بالوثائق الالزمة ،ومع ذلك ارتأت املحكمة
اإلشارة إلى أن التعويض عن مصاريف التحليالت الطبية والعالج والتنقل من مدينة القنيطرة
إلى الرباط هي مصاريف غيرمثبتة والحالة أن تلك المصاريف تعد جزءا من العملية ككل وتعتبر
و اقعة قائمة ولم يناقشها الطرف المدعى عليه في الوقت الذي أدلى فيه الطاعن بوثائق
التحليالت الطبية وهي تحليالت ليست مجانية ،وأن املحكمة لما إكتفت بالحكم بمبلغ 72892
درهم دون باقي المصاريف تكون قد إقتطعت له مبالغ باهضة مما صرفه إلنقاد نفسه وحياته
دون مبررقانوني لذلك إلتمس الحكم وفق طلبه في هذه النقطة.
وعليه قضت محكمة النقض بتأييد الحكم المستأنف في مبدئه مع تعديله برفع
التعويض املحكوم به عن الصوائرالمادية بما في ذلك التنقل بالطائرة إلى مبلغ 20ألف درهم".
فاألصل العام أن يكون التعويض عن الضررالناجم عن نشاط المرفق نقدا ،حيث يمكن
تقويم أي ضرربالنقد حتى الضررالمعنوي ،والتعويض النقدي هوالصورة األشمل في التعويض
عن المسؤولية التقصيرية ،ويتمثل في المبلغ النقدي الذي يقدره القاض ي لجبرالضرر ،ذلك أن
القاض ي اإلداري تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات ال يملك أن يلزم اإلدارة بإجراء عمل معين،
كما أن التعويض العيني إذا تم في حالة مسؤولية الدولة فإنه يكون على حساب المصلحة
-137عبد الكبير العلوي الصوصي ،مرجع سابق ،القرار عدد 621المؤرخ في 22/2/62ملف إداري عدد 21/1/120
و ،21/1/1/1021ص.66 .
العامة لذلك سلم الفقه والقضاء إلى رفض فكرة التعويض العيني في مجال المسؤولية
اإلدارية.138
وهو ما سارت عليه املحاكم اإلدارية من خالل رفض الحكم بالتعويض لصالح المتضرر
كلما تعلق األمربطلب التعويض العيني.
وعلى الرغم من أن هناك بعض األحكام والقرارات ذهبت إلى الحكم بالتعويض العيني
ضد الدولة فإنه في املجال الطبي وخاصة األضرار التي تتسبب فيها مر افق الصحة العمومية،
فال يمكن الحديث إال عن التعويض النقدي ،فهو الذي يكفل تعويض المتضرر عما أصابه من
أضرار كفقدان عضو من أعضاء الجسم نتيجة خطأ طبي ،أو حالة وفاة الشخص ففي هذه
الحاالت ال يتصور الحكم بالتعويض العيني ويكون التعويض النقدي هو الوحيد لجبر ضرر
المتضرر.139
وهو ما تؤكده غالبية األحكام والقرارات التي تحكم بالتعويض النقدي لفائدة المتضرر،
فالمدعي أصال وفي نطاق الطلبات التي يرفعها للمحكمة في إطاردعوى التعويض تكون في الغالب
عبارة عن مطالبة بالتعويض المادي بواسطة مبالغ مالية.
فالتعويض العيني كأحد طرق التعويض إلزالة الضرر ال يملك القاض ي أن يحكم به على
اإلدارة ،ألنه ال يملك أن يوجه أمرا لجهة اإلدارة بالقيام بعمل أو اإلمتناع عنه ،وكل ما يملكه
تجاهها هو إلزامها بدفع مبالغ مالية تعويضا عن األضرارالتي تسببت فيها.140
تعد نظرية تفويت الفرصة في املجال الطبي ذات أهمية كبيرة ألنها تتعلق بحياة اإلنسان
وجسمه ،وألجل تفادي تهرب الطبيب من خطئه الثابت ،والشك الذي يهيمن على موضوع
الرابطة السببية ،وقد أقر القضاء الفرنس ي في المنازعات المدنية الطبية هذه النظرية إبتداء
من سنة 7922والتي تقوم على حل وسط ،وتقوم على إحتمال حصول المريض على ش يء،
وتو افق هذه النظرية بين الشك واليقين وبواسطتها يمكن للقاض ي تسبيب التعويض الذي
-138محند بوكوطيس" ،مسؤولية الدولة في المحال الطبي ،مقاربة قانونية تحليلية على ضوء القضاء اإلداري" ،مرجع سابق
ص.112.
-139بلهاشمي محمد التسولي ،رافع عبد الوهاب ،مرجع سابق ،ص .626
-140زياد خالد يوسف المفرجي ،مرجع سابق ،ص.601 .
منحه للمريض أو ذويه؛ ألن التعويض على أساس هذه النظرية يبقى ممكنا بين حالتين عند
تالش ي الرابطة السببية؛ حالة التعويض الكامل وحالة رفض التعويض.141
وفكرة تفويت الفرصة تلعب دورا مهما في التصدي لظاهرة عدم التأكد ،أو عدم إثبات
العالقة السببية بين الخطأ الطبي والضرر الالحق بالمريض نظرا لتعقد جسم اإلنسان وتغير
حاالته باإلضافة إلى عدم وضوح أسباب المضاعفات الظاهرة التي قد تحدث إذا تطورالمرض،
أو عدم وضوح أسباب الخطأ الطبي ،لهذا يطبق القضاء الفرنس ي نظرية تفويت الفرصة متى
تالشت الرابطة السببية لتغطية الشك القائم حول عالقة الخطأ بالضرر ،في الوقت نفسه
ضمان تعويضا مقدرا عن الفرصة الضائعة عن المريض.
يظهر في هذا الصدد قضية أخرى للقضاء الفرنس ي ،قضية الطفل (Nicolas
) ،perrucheضمن القرار الشهير) (Arrêt perrucheحيث حكم القضاء الفرنس ي بالتعويض
لألبوين جراء الضرر المعنوي الذي أصابهما والمتمثل في والدة طفلهما مشوها ،وذلك بسبب
تأكيد أطباء التشخيص والتحاليل على مواصلة المرأة للحمل رغم إصابتهما
الحميراء)(Rubéole
وذلك فضال عن تعويض الطفل بسبب الضررالمتمثل في والدته مشوها وتفويت فرصة
والدته سليما بدون إعاقة ،فيفترض في تفويت الفرصة المضروركان يأمل في منفعة تؤول إليه،
141
- La perte de chance est maintenant reconnue par la jurisprudence , comme un
préjudice certain, les arrêts en affinent progressivement la perte de la définition
l’élément du préjudice constitué par perte de chance, énonce une décision, présente
un caractère directe et certain chaque fois que est constatée la disparition de la
probabilité d’un évènement favorable encor que par définition, la réalisation d’une
chance ne soit jamais certaine .
142
- Clothide Poppe, « la responsabilité médicale vers l’indemnisation du préjudice
d’impréparation pour tous ? », article paru dans gestions hospitalières, n 521 décembre
2012, p. 639.
وكان يعول على فرصة تتيح له الحظ في أن يحقق أمله لو سارت األمور طبقا ملجراها الطبيعي
فأدى المدعي عليه بخطئه إلى حرمانه من هذه الفرصة.143
وفي حكم حديث لها ،بقيت قرارات املحاكم تسير على نفس النهج ،حيت أقرت في القرار
الصادر 88يونيو 8071التعويض عن تفويت فرصة ،حيث ألقى أبوين الضحية باللوم على
القابلة لعدم تدخلها السريع الذي تسبب باإلعاقة لطفلهم ،غير أنهم لم يستطيعوا إثبات أن
خطأ القابلة هو السبب في اإلعاقة وأن الضرر كان باإلمكان تجنبه من خالل تدخل أسرع،
وبالتالي أقرت محكمة النقض أن عدم اليقين يفسر لصالح الضحية ،فاإلعاقة لن تكون
موجودة دون تدخل طبي ،وبالتالي دون وقوع خطأ من جانب المرفق الطبي ،وبذلك فإن املحكمة
تعتبر الخطأ الطبي تسبب للطفل فقدان فرصة الوالدة بصحة جيدة ،وبالتالي إستحقاق
التعويض.144
ويظهرمبدأ تفويت الفرصة بالنسبة للمريض من عدة وجوه ،منها ما كان أمامه من فرصة
للكسب أو النجاح في حياته العامة ،أو سعادته كما في حالة ضياع فرصة الزواج لفتاة بسبب
التشوهات التي أصابتها 145،كما تبدو حالة تفويت الفرصة في الشفاء أو الحياة للمريض لو لم
يرتكب الخطأ الطبي يالحظ على أن إجتهاد القضاء قد وسع في مجال التعويض عن تفويت
الفرصة في مجال مسؤولية الطبيب أو المستشفى ،فإن صدر عن هذا وذاك خطأ فوت على
المريض146
في مصر أيضا عمل بهذه النظرية حيث جاء في قرار للمحكمة النقض المصرية بتاريخ 72
يناير 7929ما يلي" :يتحمل الطبيب والمولدة كامل التعويضات عندما فوت إزدياد الطفل
سليما من العو اقب التي بقي يعاني منها بسبب ما قامت به المولدة أثناء ساعة الوالدة ،وذلك
إستنادا على أن غياب الطبيب كان له عالقة مباشرة في فقدان الحظ في اإلزدياد.147
143
- Ahmad Issa, « La responsabilité médicale en droit public (étude comparé) » op.cit,
p. 393 et suivant.
144
- Cour de Cassation . Civ, 22.6.2017, D 16-21.796, www.francetvinfo.fr, Dade de
visite Mars 2018.
-145عدنان ابراهيم سرحان ،مرجع سابق ،ص.120 .
146
- Franz werro, op.cit, p. 26.
-147قرار محكمة النقض المصرية بتاريخ 12يناير 1222منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 21نونبر -دجنبر ،1222
ص.6010.
أما القضاء المغربي فلم لم نجد حكما أو قرارا قض ى فيه القاض ي بالتعويض عن تفويت
الفرصة على المريض ،سواء كانت الفرصة التي تم تفويتها على المريض هي فرصة الشفاء أو
العالج ،أو فرصة البقاء على قيد الحياة ،وغالبا ما يبحث القاض ي المغربي عن العالقة السببية
التي تربط خطأ الطبيب وحجم الضرر الو اقع على المريض للحكم بالتعويض الالزم للمريض،
وهذا ما أكدته إستئنافية أكادير في قرارها المؤرخ 81يوليوز 7992حيث جاء فيه ما يلي " يجب
على املحكمة أن تبرز العالقة السببية بين الخطأ والضرر ومن تم فإن معرفة السبب في حالة
الشك هي من األمورالتقنية التي يعود لذوي اإلختصاص أمرالبث فيها" .
يمس الضرر األدبي للمضرور (المريض) مصلحة غير مالية ،كالمعاناة أو مختلف اآلالم
التي يعانيها المضرور من جراء اإلصابة الجسدية ،واآلالم النفسية المترتبة عن تلك اآلثار
والعاهات والتشوهات الخلقية والجمالية...الخ ،واآلالم العاطفية الناشئة عن تخوفه وقلقه
من تفاقم الضرر ،كما تعتبر أيضا أضرار معنوية للمضرور ما يعانيه من اآلالم عاطفية بسبب
اإلصابة التي لحقت به.148
وقد دأب القضاء اإلداري في الغالب في تعويضه عن الضرر المعنوي إلى التمييز بين
األضرار المتعلقة باآلالم الجسدية والنفسية واألضرار الماسة بشرف ومعنوية المريض
وعائلته.
غيرأن موقف الفقه كان مترددا في بادئ األمرحول التعويض على مثل هذا الضررفهناك
ّ
منهم من رفض فكرة التعويض عن الضرراألدبي أوالمعنوي ،بحجة أنه ال يمكن أن يقوم بالمال،
فيما ذهب البعض اآلخر إلى إجازة التعويض المعنوي الذي يترتب عن ضرر مادي فحسب149،
بينما الضررالمعنوي البحت فال تعويض عنه ،وسرعان ما تحول موقف الفقه في رأيه ،وأصبح
يجيزالتعويض عن الضررالمعنوي بكافة أنواعه ،وجرى مجلس الدولة الفرنس ي على التعويض
عن كل من الضرر المادي والضرر المعنوي المصاحب له ،إذا ما نتج عن هذا الضرر المعنوي
اعتداء على السمعة واإلعتبارأو على حق ثابت للمضرور ،ويحكم بذلك املجلس في هذه الحاالت
بمبلغ إجمالي لتعويض األضرارالتي لحقت بالمصاب.150
إن اآلالم الضرر الجسدي تؤثر بشكل كبير على نفسية الشخص المصاب ،فاإلعاقة
الجسدية الكلية أو الجزئية تطرح للمتضرر عدة عقد نفسية يصعب تجاوزها ،ورغم ذلك
فالقضاء يحاول عبر أحكامه التخفيف من هذه المعاناة ،حيث جاء في حكم املحكمة اإلدارية
بوجدة" :أن بتر ذراعها األيمن كما تبين ذلك بجالء من خالل الصورة الفتوغر افية المرفقة
بمذكرة المطالب بعد الخبرة يؤثر بشكل دائم على نفسية الضحية ويجعلها عالة على والديها،
إذ يتطلب منها بذل مجهود كبير للعناية بها ،كما أنها قد تكون طيلة حياتها في حاجة إلى شخص
ثان رعايتها ،تم تأييد هذا الحكم من طرف محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط ،إال أن الوكيل
القضائي للمحكمة تقدم بمقال طعن بالنقض رفضته محكمة النقض ،معللة ذلك أن اآلالم
الجسماني مهم جدا باإلضافة إلى إحتياجها للغيرللقيام بأشغالها اليومية.151
وقضت نفس املحكمة في حكم أخر لها" ،وحيث إنه لما كان تعرض الهالكة لإلغتصاب
بالعنف قد حدث داخل المستشفى الذي لم يوفر لها الحراسة واألمن ،فإنه يبقى مسؤوال عن
حدوث تلك الو اقعة ،ويتعين الحكم لفائدة ذويها بتعويض معنوي ،يغطي الضررالالحق بهم في
حدود النتيجة التي هي اإلعتداء ،ويتعين تحديد ذلك التعويض في مبلغ 20.000درهم بحسب
70.000درهم لكل واحد منهم.153"...
خاتمة:
ويبقى لجوء المتضررين إلى القضاء طلبا للتعويض عن األضرار الالحقة بهم هو الحل
األمثل لغاية الساعة ،فاللجوء إلى القضاء اإلداري يضمن للمتضرر سهولة الحصول على
التعويض املحكوم به ،وأخيرا نشير إلى أنه من خالل اإلطالع على إجتهادات املحاكم اإلدارية في
مجال المسؤولية الطبية -على الرغم من قلتها -فإنها تنبئ عن جرأة هذا القضاء في إقرار
التعويض للمتضررين ،سواء تعلق األمربالمسؤولية التي تقوم على الخطأ أو دون خطأ.
ففي املجال الطبي ،وباعتبار المريض المتضرر هو الطرف الضعيف ما فتئ القضاء
اإلداري يؤكد في مناسبات وقوفه بجانب المتضرر ،من خالل اإلنطالق من المرجعية الدولية
لحقوق اإلنسان ،للقول بحق اإلنسان في الصحة وبالتالي تحميل الدولة المسؤولية كلما تبين
أنها قد أخلت بهذا الحق أو قرت في توفيره ألفراد املجتمع عن طريق المر افق الطبية التي تنشئها
لتقديم مختلف الخدمات الصحية والعالجية ألفراد املجتمع.
الئحة المراجع:
أحمد ادريوش" ،الخطأ الطبي والمسؤولية ،عرض اإلشكالية والتقييم المقارن
للقوانين الوطنية (تعريف الخطأ الطبي ،المهنيون أو الممارسون ،المستشفيات ،المصحات
املختبرات)" ،مجلة القضاء المدني ،الرباط سنة .8077
أنس محمد عبد الغفار" ،المسؤولية المدنية في املجال الطبي ،دراسة مقارنة
بين القانون والشريعة اإلسالمية" ،دارالكتب القانونية.8070 ،
بلهاشمي محمد التسولي ،ر افع عبد الوهاب ،مقاضاة الشخص المعنوي العام
في إطارالقانون املحدث للمحاكم اإلدارية ،مراكش،الطبعة األولى .7992
خالد عالمي" ،إشكالية التعويض في مسؤولية المرفق العام الطبي" ،مجلة
القضاء اإلداري ،العدد الثامن ،السنة الرابعة ،شتاء ربيع .8072
زياد خالد يوسف المفرجي" ،المسؤولية اإلدارية عن األعمال الطبية ،دراسة
مقارنة" ،منشورات زين الحقوقية بيروت -لبنان ،الطبعة األولى .8072
علي بدوي" ،االلتزامات المهنية للطبيب في نظر القانون" ،موسوعة الفكر
القانوني مركز الدراسات والبحوث القانونية ،الموسوعة القضائية اإلعالمية ،الجزائر سنة
،8001ص.10 .
محمد األعرج ،تعليق على حكم املحكمة اإلدارية بأكادير ،عدد 121بتاريخ -87
،8009-70املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية العدد ،19سنة .8001
محمد الداودي :،مقاربة إلشكالية تحديث المرفق العمومي الصحي بالمغرب،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام في موضوع بجامعة محمد الخامس– السويس ي
الرباط ،السنة الجامعية .8002-8001