Professional Documents
Culture Documents
يواجه الإنسان منذ ولادته إلى حين وفاته جملة من المخاطر تهدده كالفقر و
الحاجة والبطالة ،و الأمراض وغيرها من المخاطر التي قد تحول دون قدرته على
الكسب أو على الأقل قد تقلل من هاته القدرة .و لأن الإنسان بطبعه يخاف من
المستقبل حيث يرغب دائما أن يكون في منأى عن الحاجة] ،[1الأمر الذي دفعه إلى
السعي إلى مواجهة تلك المخاطر ،بدأ بالوسائل البدائية كالإذخار و التضامن في شكل
قبائلي ووصولا إلى فكرة الحماية الاجتماعية ،التي تعتبر الدليل القاطع على الرغبة
الجامحة في القضاء على ما يهدد الإنسان من أخطار في حياته.
ولقد عملت مجموعة من الدول و خاصة منها المتقدمة إلى اقرار الحماية الاجتماعية،
هذا النظام الذي يشمل في معناه الواسع والحقيقي أنظمة التقاعد والتربية و التكوين
وأنظمة التغطية الصحية ،أو ما يصطلح عليه بالوضعيات “التبعية”[2].
و يعتبر مفهوم الحماية الاجتماعية بكونه “نسق منظم من الخدمات و الأجهزة التي
يتم إعدادها لمساعدة الأفراد و الجامعات على تحقيق مستويات مناسبة للصحة
والمعيشة ،ولتدعيم العلاقات الشخصية و الاجتماعية بما يمكنهم من تنمية قدراتهم،
وكذا ملائمة مستوى حياتهم مع احتياجاتهم”.
وقد كانت الحماية الاجتماعية تجد أساسها في العادات و التقاليد ،وكذلك الدين
الإسلامي الحنيف الذي يحث على قيام التعاون و التآزر من بر والمساعدة الاجتماعية،
كواجب الزكاة على القادرين عليها ،وهاته الحماية تجد أساسها كذلك في إعلان
العالمي لحقوق الإنسان لسنة ،1948وكذلك في العهد الدولي لحقوق الاقتصادية و
الاجتماعية و الثقافية من خلال المواد 9و 12منه ،ونجد تم التنصيص كذلك في
اتفاقية 118المتعلقة بالمساوة في المعاملة بين الوطنين و الغير الوطنين في ميدان
الضمان الاجتماعي ،و اتفاقية 143التي أكدت على حق الأجير في الحماية الاجتماعية و
][3
غيرها من الاتفاقيات الأخرى
أما فيما يخص الحماية الاجتماعية على الصعيد المغربي فبعد فرض الحماية عليه فقد
سعة سلطات الاستعمار إلى إقرار بعض القوانين التي تضمنت ولو في جزء منها
“الحماية الاجتماعية” بغاية تشجيع المعمرين على الاستقرار في المغرب ،ومن بين
هاته القوانين على سبيل المثال ،ظهير 1917المتعلق بإحداث صندوق الاحتياط
المغربي ،و الظهرين الصادرين 1930المتعلقين بنظام المعاشات المدنية ،و بإحداث
الصندوق المغربي للتقاعد ،و ظهير الصادر سنة 1927المتعلق بالتعويض عن
][4
حوادث الشغل ،و ظهير الصادر سنة 1943المتعلق بالتعويض عن الأمراض المهنية.
وبحصول المغرب على الاستقلال فقد بادر لإدخال مجموعة من الإصلاحات
التشريعية التي تهم بالأساس نظام الحماية الاجتماعية ،كإحداث الصندوق الوطني
للضمان الاجتماعي سنة 1959والذي عدل سنة .1972أما بخصوص حوادث الشغل
فقد صدر ظهير 1963و الذي تم تعويضه بموجب قانون 12ـ ،[5]18أما فيما يتعلق
][6
بالصحة فقد صدرت مدونة التغطية الصحية 00ـ.65
ويحظى موضوع أسس الحماية الاجتماعية بأهمية بالغة ،تتجلى هاته الحماية في
كونها حق من حقوق الإنسان الأساسية ،كما أنها تحظى بنقاش كبير على المستوى
الوطني و الدولي و لا أدل على ذلك مجموعة من القوانين والنصوص القانونية
المنجزة حول هذا الموضوع] ،[7و كذالك تتجلى هاته الحماية في كونها تساهم في
تحقيق الأهداف المجتمعية و الاقتصادية الكبرى ،كما أنها أداة مهمة لمنع المخاطر
وصون التماسك الاجتماعي و كذا التقليل من الفوارق الاجتماعية من خلال إعادة توزيع
دخل،
ومن هنا فإن موضوع الحماية الاجتماعية ،لفهم اسسه و مبادئه فإنه يستشف الإشكال
التالي:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي إرساء أسس الحماية الاجتماعية بالمغرب في ظل
المنظومة الترسنة؟
تعتبر الحماية الاجتماعية مجموعة من السياسات و البرامج التي تهدف إلى تقليص
الفقر و الهشاشة ،من خلال دعم سوق العمل وتقليص تعرض الأفراد للمخاطر وتعزيز
قدرتهم على حماية أنفسهم من احتمال فقدان الدخل .أو أنها مجموعة من الأليات التي
][8
تروم مساعدة الأفراد على موجهة أثار المخاطر الاجتماعية ،كالشيخوخة و المرض.
وتقوم هاته الحماية الاجتماعية على مجموعة من المبادئ التي تدعو إلى بناء مجتمع
ديمقراطي يتمتع بالعدل و المساواة والتضامن و التكافل الاجتماعي ،وهذا ما سنحاول
إبرازه من خلال تبيان أهم المبادئ التي تقوم عليهم هاته الحماية ،كمبدأ التضامن و كذا
المساواة و الولوجية و الإنصاف (الفقرة الاولى )وكذلك تتعدد وتشتت النصوص
القانونية المنظمة لها(الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى :مبادئ الحماية الاجتماعية
تعتبر الحماية الاجتماعية من أهم الحقوق الإنسان الأساسية ،المنصوص عليها في
إعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948حيث جاء في المادة 22من هذا الإعلان أنه
كأهم لكل فرد من أي أفراد المجتمع في التمتع بضمان الاجتماعي ،حيث هذا
المبدأ(الحماية الاجتماعية كحق من حقوق الإنسان) يتفرع عليه مجموعة من المبادئ
التي تدعو إلى بناء مجتمع ديمقراطي يتمتع بالعدل و المساواة و التكافل الاجتماعي،
وتتجلى هاته المبادئ في التضامن (أولا )و المساواة (ثانيا )و الإنصاف (ثالثا )و
الولوجية (رابعا)
أولا :مبدأ التضامن
يعكس مبدأ التضامن التعبير عن إرادة الجماعة لحل الأوضاع الفردية داخل مجتمع
معين عبر تحمل المخاطر التي تهدد كل شخص وسط البيئة التي يوجد بها ،وهو ما
كرسه قانون 00ـ 65بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية حيث نص في المادة
الأولى “يقوم تمويل الخدمات المتعلقة بالعلاجات الصحية على مبدأ التضامن”،
ويتجسد هذا التضامن من خلال مساهمة كل عضو من أجل تغطية مخاطر المرض
بالنسبة لباقي أعضاء المنخرطين في التعاضد ،دون ربط استفادتهم بمقدار
مساهمتهم في التمويل بل تربط بالمقدار اللازم الذي تتطلبه الحاجة الناشئة عن تحقق
خطر المرض المؤمن عليه ،وهو ما يعني التغييب الكلي لأي تمييز بسبب المرض أو
الإمكانيات المالية.
فتمويل التعاضديات يقوم على تشارك جميع المنخرطين في أداء الاشتراكات ،حيث
تستقي مواردها من اشتراكات أرباب العمل و اشتراكات النشطين ،وهو ما يحقق
التضامن التعاضدي بين مختلف المنخرطين أي بين النشطين و المتقاعدين ،و أيضا
بين ذوي الدخل المنخفض وذوي الدخل المرتفع ،ومن جهة أخرى يوفر تضامنا بين
المنخرطين المساهمين في النظام ،و المؤمنين الغير المساهمين أي ذوي حقوقه.
كما أقرت مبدأ المساواة مجموعة من المواثيق الدولية ،كالعهد الدولي للحقوق
الاقتصادية و الاجتماعية الثقافية ،حيث نص على حق المعاقين في تقلد الوظائف و
المناصب العامة انطلاقا من مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص .كما أقرته المادة الاولى
من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ أكدت أن جميع الناس قد ولدوا أحرار و
متساويين في الكرامة و الحقوق] ،[12و كذلك نصت المادة 32من هذا الإعلان على أن
لكل شخص الحق في العمل وفي حرية اختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية
و في الحماية من البطالة.
كما أقرت مدونة الشغل مبدأ المساواة بين الأجراء في مادتها العاشرة حيث منعت
التمييز بين الأجراء على أساس الجنس و الحالة العائلية يكون من شأنه خرق أو تحريف
مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة ،لاسيما
فيما يتعلق بالاستخدام و إدارة الشغل وتوزيعيه والتكوين المهني و الأجر و الترقية و
الاستفادة من الامتيازات الاجتماعية.
سعى الإنسان منذ وجوده إلى الاحتماء من المخاطر المحدقة به و الغير المتوقعة
بعدة وسائل بدائية ،في البداية كالادخار الفردي و التضامن الأسري أو العشائري أو
القبلي ،وانتهت بتدخل الدولة التي عمدت إلى وضع مجموعة من النصوص
القانونية(أولا )بغاية توفير الحماية لمواطنيها .بالإضافة إلى وضع مؤسسات لتمكينهم
الانتفاع من الخدمات الاجتماعية(ثانيا).
أولا :الاطار التشريعي
تعتبر الحماية الاجتماعية مقياس لمدى تقدم المجتمع و نهضته ومؤشر تماسك
مكوناته المتعلقة :بالمعاش ،العجز ،الأمومة ،التعويض عن حوادث الشغل ،وعن
البطالة و التعويضات العائلية وكذا التغطية الصحية ،و يتجلى الاطار التشريعي
المنضم للحماية الاجتماعية في كل من نظام حوادث الشغل و الأمراض
المهنية )(1ونظام التغطية الصحية الأساسية (2).
1:نظام حوادث الشغل و الأمراض المهنية.
لم يعرف المغرب قبل الحماية أي نص قانوني يحمي العامل أو الأجير من حوادث
الشغل إلى غاية سنة ،1913التي تم خلالها صدور قانون الالتزامات و العقود ][16الذي
أقر في الفصل ،750مسؤولية المخدوم عن الحوادث التي يقع ضحيتها الأجير ،إلا أنه
سرعان ما تبين عدم كفاية هذا النص لتوفير الحماية الكافية للأجير ،لأنه لم يكن بوسعه
الحصول على التعو يض إلا إذا أثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيم يمكن اعتباره سبب
لارتكاب الحادثة ،ومع تطور ونمو الصناعة و الأخطار المرافقة لها أصبح من الضروري
إصدار تشريع أكثر حماية للأجير وهذا ما تم من خلاله إصدار سنة 1927ظهير المتعلق
بحوادث الشغل و الذي خضع لمجموعة من التعديلات كان أهمها سنة ظهير ،[17]1963و
الذي بموجبه تم رفع الحيف عن الأجراء حيث أصبحت مسؤولية المشغل ،مسؤولية
بدون خطاء أي تقوم على نظرية التبعية] ،[18و كذا التعديل الذي تم سنة 2014من خلال
صدور قانون 12ـ.18
يستفيد من هذا القانون حسب المادة الخامسة منه المتدربون و المأجورون والعاملون
لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين في المقاولات الصناعية العصرية و التقليدية و
التجارية ومقاولات الصيد البحري وتربية الأحياء المائية و الاستغلاليات الفلاحية و
الغابوية ،و المشتغلون مع الجمعية أو التعاونية أو هيئة سياسية أو نقابة أو رابطة أو
منظمة أو شركة مدنية و المشتغلون في قطاع الخدمات ،بالإضافة إلى المادة
السادسة و الثامنة و التاسعة الذي بدورهم اهتموا بتحديد نطاق الاستفادة من أحكام
هذا القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 29من قانون 12ـ ،[19]18ألزمت المشغلين الخاضعين لنظام
الضمان الاجتماعي إبرام عقد التأمين لدى مقاولات التأمين المرخص لها قصد
ضمان أداء المصاريف و التعويضات ،حيث تحل هاته المقاولات محل المشغل في
أداء المصاريف والتعويضات الناتجة عن حوادث الشغل أو بسببها .كما أنه طبق
للمادة 34من نفس القانون يمكن للمشغل الغير المؤمن أن يبرم مع مصاب بحادثة
الشغل أو ذوي حقوقه صلح قضائي بالمحكمة الابتدائية المختصة من أجل تمكينهم
][20
من الحصول على المصاريف و التعويضات التي يقرها هذا القانون.
وسواء تم أداء هاته المصاريف من المشغل أو مقاولات التأمين ،فإن هاته الأداءات
تتمثل في ما يلي:
حيث يتكلف بتدبير نظام المعاشات المدنية بالنسبة لموظفي الدولة و موظفي
الجماعات الترابية وبعض المؤسسات العمومية بالإضافة إلى نظام المعاشات
العسكرية بالنسبة للأفراد القوات المسلحة الملكية و القوات المساعدة ،حيث يضمن
لفائدة منخرطيه معاشات التقاعد ،معاشات الزمانة ،التعويضات العائلية ومعاشات
][33
ذوي الحقوق.
• النظام الجماعي لمنح و الرواتب التقاعدRCAR:
أحدث بتاريخ 4أكتوبر ،1977حيث يتوجه بخدماته لفائدة الأجراء الغير المرسمين و
المؤقتين و المياومون و العرضين العاملين بالإدارات العمومية و المؤسسات العامة و
][34
الجماعات الترابية و المستخدمين ،ويقوم بتسييره صندوق الإيداع و التدبير.
2:الهيئات المكلفة بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض
أناط المشرع مهمة التأمين الإجباري عن المرض ،إلى كل من الوكالة الوطنية لتأمين
الصحي و منظمة الاحتياط الاجتماعي.
فالنسبة للوكالة الوطنية للتأمين الصحي ،فهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية
المعنوية و الاستقلال المالي وتزاول مهامها تحت وصاية الدولة ،وتتجلى اختصاصاتها
في تأطير التقني للتأمين الإجباري عن المرض ،و ذلك من خلال التأكد من ملاءمة تدبير
أنظمة التأمين الإجباري عن المرض مع الأهداف التي ترغب الدولة في تحقيقها في
مجال الصحة ،كما أنها تشرف على المفاوضات المتعلقة بإعداد الاتفاقيات بين الهيئات
المكلفة بتدبير انظمة التأمين الإجباري ومقدمي العلاجات و الخدمات الطبية .بالإضافة
إلى ذلك تعمل الوكالة على تقديم اقتراحات للتحكم في تكاليف التأمين الإجباري
][35
الأساسي عن المرض.
أما بالنسبة لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ،فتختص بتدبير نظام التأمين الإجباري
الأساسي عن المرض بالنسبة لموظفي الدولة و أعوانها و الجماعات المحلية ،و
مستخدمي المؤسسات العمومية ،و الأشخاص المعنو ية الخاضعة للقانون العام و
ذوي حقوقهم و أصحاب المعاشات بالقطاع العام .و يتولى هذا الصندوق القيام
بمجموعة من المهام منها البث ،بتنسيق مع جمعيات التعاضدية في طلبات الانخراط
المشغلين وتسجيل الأشخاص التابعين لهم .و تحصيل اشتراكات المأجورين و
مساهمات المشتغلين ،كذلك يختص صندوق بإرجاع مصاريف الخدمات المضمونة أو
][36
تحملها مباشرة .
تهدف القاعدة القانونية إلى تنظيم سلوك الفرد داخل المجتمع في الزمان و المكان
معين مع اقترانها بجزاء يفرض على من يخالف أحكامها ،و نظرا لتحديد هاته العلاقات
الاجتماعية التي تقوم بها ،كان لابد من ظهور فروع تتناسب مع كل من هاته العلاقة
المنظمة ،وفي هذا الإطار هناك علاقة بين الأجير و المشغل التي تعتبر من العلاقات
الاجتماعية .بغض النظر عن كون هاته العلاقة منظمة قانونا وإذا كان من المفترض أن
يتمتع كل فرد من المجتمع بالحماية الاجتماعية إلا أن الواقع أفرز ضعف و محدودية
هاته الحماية سواء بالنسبة للأجراء القطاع الخاص (الفقرة الأولى )أو بالنسبة لبعض
فئات المجتمع(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :تجليات محدودية الحماية الاجتماعية بالنسبة للأجراء
تتجلى هاته المحدودية في الأجراء الذين يشتغلون بالقطاع التقليدي
الصرف(أولا )وضعف جهاز أو هيئة تفتيش الشغل بالمغرب(ثانيا).
أولا :محدودية بالنسبة للأجراء الصناعة التقليدية الصرفة
يعرف الأجراء الذين يشتغلون في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف ب”
الشخص أو الأشخاص الذين يعملون بيدهم عملا خاصا بغرض نافع” و كذلك يقول ابن
خلدون بأن “الصناعة هي ملكة في أمر عملي ،و الملكة صفة راسخة للحصول عن
استعمال ذلك العمل و تكراره مرة بعد الأخرى لرسخ الصورة”[37].
و تساهم الصناعة التقليدية بدور كبير في الاقتصاد الوطني و الناتج الداخلي الخام و
ذلك بما تحققه من مساهمات في هذا المجال ،و هذا جليا يتجسد في إنعاش
القطاعي السياحي بالبلاد.
ولكن نلاحظ رغم وزنه الفعلي في خلق قيمة اقتصادية ومضافة لوحدات و مناصب
الشغل ،إلى أن هذ القطاع التقليدي الصرف بالمغرب ظل يعرف لفترة طويلة بأنه
عبارة عن قطاع اجتماعي ،ولو أن أنشطته تمارس بقاع يشكو من قلة التنظيم .وينظر
إليها كمكون من مكونات المجتمع التقليدية المحكوم عليها بإطار من البقاء في
مخالفات تهميشيه و لازال هذا القطاع كذلك يخلو من طابع هيكلي متأثر بإكراهات
][38
التطور الذي يشهده الاقتصاد العالمي.
ونلاحظ أن هناك عوائق يشكو منها ،وهي كالآتي:
ونجد هذا القطاع التقليدي الصرف أهم إخلال به يتجسد في أنه يخلو من تكريس
للحماية الاجتماعية للحرفين ،و هذا راجع إلى أن الضمان الاجتماعي لا يهم سوى الفئة
السوسيو-مهنية.
وكذلك نلاحظ الاستبعاد لحقوق التي اكتسبها القطاع قبل صدور مدونة الشغل سنة
2004ودخولها إلى حيز التطبيق ،على غرار الحقوق التي كان يتمتع بها ضمن قانون
الالتزامات و العقود المغربي و التي لازال يطبق عليهم إلى يومنا هذ][39ا.
ثانيا :محدودية صلاحيات مفتش الشغل
تتجلى صلاحيات و السلطات القانونية المخولة لمفتش الشغل خلال مرحلة
“المصالحة” ،حيث هاته الأخيرة باعتبارها من الوسائل السلسة لتسوية النزاعات الشغل
الجماعية ،وتحدد هاته المستويات التي تمر منها هاته المصالحة من درجات المخول
لها الإحاطة بظروف النزاع و تسويته.
حيث صلاحيات المصالحة لم تحدد لكل من عون المكلف بتفتيش الشغل على مستوى
المقاولة ،و كذلك مفتش الشغل على مستوى العمالة أو الإقليم الذين يتمتعون
][40
بصلاحيات لتقصي أوضاع المقاولة و أوضاع الأجراء المعنين بالنزاع.
وتتمثل كذلك هاته المحدودية في هيئة تفتيش الشغل أن هناك تزايد كبير للمقاولات
بالمغرب بشكل مستمر ،بمقابل هذا نجد أن هاته الهيئة تتناقص شيء فشيء ،وأن عدد
هذه الهيئة تفتيشية قليلة جدا مقارنة بالمهام و الصلاحيات الملقاة على عاتقهم ،
كذلك هذه الهيئة تعاني من ضعف التكوين وهو ما يتسبب في محدودية هذا النظام.
وفي هذا الصدد يمكن القول أن هناك غياب للحماية الاجتماعية بالنسبة للأجراء نظرا
][41
لضعف جهاز تفتيش الشغل بالمغرب المكلف بإقرار السلم الاجتماعي.
خاتمة:
صفوة القول أن تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية ،لا يمكن أن يتم بمعزل عن
الحماية الاجتماعية ،حيث حاول المغرب توفير هاته الحماية من خلال إصدار مجموعة
من النصوص التشريعية و التنظيمية و كذلك إحداث مؤسسات تعنى بتوفير هاته
الحماية لسائر أفراد المجتمع .إلا أن نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب يعاني بمجموعة
من الصعوبات التي تتجلى في عدم توفر المؤسسات المكلفة بتقديم هاته الخدمات
بشكل كافي ،وبشكل متوازن في كل أرجاء التراب الوطني وهو ما يعيق ولوج
المواطنين للاستفادة من هاته الخدمات سواء كانت خدمات صحية أو بغيرها من
الخدمات الاجتماعية ،ولإنجاح نظام التغطية الصحية يفرض تمكينه من إمكانيات مالية
هائلة ،الأمر الذي لم تغفله مدونة التغطية الصحية الأساسية ،إلا أن هذه الموارد
المالية لا تكفيني لإنجاز هذا النظام ،وذلك لكون هذه الموارد تعتمد أساسا على
اشتراكات المنخرطين.
الحق في الصحة حق مقدس ينبغي أن يعلو على كل الاعتبارات ،وهو ما •
يقتضي بضرورة تدخل الدولة بشكل قوي لحمايته و للإعطاء الأولوية التي
يستحقها.
ينبغي تعديل مقتضيات المادة 73من قانون 00ـ 65التي تنص على أن تدبير •
نظام التأنين الاجباري عن المرض يتم من طرف هيئتين وهما ،الصندوق
الوطني للضمان والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ،لكي
يكون هذا النظام أكثر فعالية ،يجب العمل جمع شمله في هيئة واحدة.
تنمية الموارد البشرية في هذا المجال. •
توسيع مجال التغطية الصحية ليشمل جميع الفئات السوسيو -مهنية. •
كانت هذه هي الحماية الاجتماعية التي يتمتع به كل مواطن بصفته فرد من أفراد هذا
المجتمع ،فماذا عن الحماية الاجتماعية المقررة لبعض الفئات الخاصة كالسجناء أو
كالمرأة العاملة؟