You are on page 1of 7

‫فهوم األمن اإلجتماعي‬

‫ً لقوله تعالى " فليعبدوا‬ ‫ً في الوجود مصداقا‬‫ً أساسيّا‬


‫تعد مسألة األمن أمرا‬
‫ّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف " صدق هللا العظيم‬ ‫رب‬

‫والحاجة إلى األمن حاجة أساسية الستمرار الحياة وديمومتها وعمران األرض‬
‫التي استخلف هللا تعالى عليها بني آدم ‪ ،‬وانعدام األمن يؤدي إلى القلق‬
‫‪ ، ‬والخوف ويحول دون االستقرار والبناء‬

‫ويدعو إلى الهجرة والتشرد ‪ ،‬وتوقف أسباب الرزق مما يقود إلى انهيار‬
‫المجتمعات ومقومات وجودها ‪ .‬وقد قيل " نعمتان عظيمتان ال يشعر االنسان‬
‫بقيمتهما إالّ إذا فقدهما ؛ وهما الصحة في األبدان واألمن في األوطان‬ ‫‪" .‬‬

‫وقد تعددت مفاهيم األمن االجتماعي وأبعاده في ضوء التحوالت التي يشهدها‬
‫العالم مع بروز أخطار جديدة ومتغيرات تركت آثارها على جميع االنساق‬
‫الحياتية سواء منها ما يتعلق بحياة الفرد أو الجماعة ‪ ،‬وتجاوزت األطر‬
‫التقليدية لمفهوم األمن المتعلقة بحماية اإلنسان من التهديدات المباشرة‬
‫لحياته ‪ ،‬ولذا فإن هذه الدراسة ستتناول المفاهيم المتعددة لألمن وابعاده‬
‫والتحديات التي تواجه تحقيقه مع ابراز مكونات األمن االجتماعي ومرتكزاته‬
‫على مستوياته المحلية واالقليمية والدولية‬ ‫‪.‬‬
‫االمن االجتماعي مفاهيم ومصطلحات‬

‫تتداخل المفاهيم والمصطلحات في تحديد ماهية األمن االجتماعي وحدوده ‪ .‬حيث‬


‫تبرز العديد من التداخالت بين األمن الوطني ( القومي ) واألمن االنساني‬
‫واألمن االجتماعي لكنها تلتقى حول مبدأ الضرورة والحاجة ‪ ،‬من حيث التكامل‬
‫وتتوزع في حقول دراسية بين علم االجتماع والعلوم السياسية لتأخذ طريقها‬
‫إلى التماس مع الدراسات االستراتيجية واالقتصادية الرتباطها بحياة االنسان‬
‫وتعدد حاجاته‬ ‫‪.‬‬
‫االمن االجتماعي‬

‫فاألمن االجتماعي عند استاذ االجتماع د‪ .‬احسان محمد الحسن يعني " سالمة‬
‫األفراد والجماعات من األخطار الداخلية والخارجية التي قد تتحداهم‬
‫كاألخطار العسكرية وما يتعرض له األفراد والجماعات من القتل واالختطاف‬
‫واالعتداء على الممتلكات بالتخريب أو السرقة " في حين يرى فريق من علماء‬
‫االجتماع أن غياب أو تراجع معدالت الجريمة يعبر عن حالة األمن االجتماعي ‪،‬‬
‫وأن تفشى الجرائم وزيادة عددها يعني حالة غياب األمن االجتماعي ‪ ،‬فمعيار‬
‫األمن منوط بقدرة المؤسسات الحكومية واألهلية في الحد من الجريمة والتصدي‬
‫لها وأن حماية االفراد والجماعات من مسؤوليات الدولة من خالل فرض‬
‫النظام ‪ ،‬وبسط سيادة القانون بواسطة االجهزة القضائية والتنفيذية ‪،‬‬
‫واستخدام القوة إن تطلب األمر ؛ ذلك لتحقيق األمن والشعور بالعدالة التي‬
‫تعزز االنتماء إلى الدولة بصفتها الحامي واألمين لحياة الناس وممتلكاتهم‬
‫وآمالهم بالعيش الكريم ‪ .‬في حين يؤكد الباحث الدكتور مؤيد العبيدي "‬
‫بأن األمن مسؤولة اجتماعية بوصفه ينبع من مسؤولية الفرد تجاه نفسه‬
‫ً من القانون السائد‬‫وأسرته ‪ ،‬فنشأت أعراف القبيلة وتقاليدها لتصبح جزءا‬
‫‪" .‬‬
‫وبدأت التحوالت في المجتمعات العربية إلى إحالل مفهوم الدولة بدالً من‬
‫القبيلة واالحتكام إلى القوانين بدالً من االعراف ؛ إال أن هذا التحول لم‬
‫ً إللغاء دور القبيلة كليا‬
‫ً‬ ‫يكن كافيا‬ ‫‪.‬‬
‫ومن هنا فإن مفاهيم األمن االجتماعي تدور حول توفير حالة األمن واالستقرار‬
‫والطمأنينة في المجتمع المحلي بحيث يستطيع االفراد التفرغ لألعمال‬
‫االعتيادية التي يقومون بها ‪ ،‬وفي حالة غياب األمن فإن المجتمع يكون في‬
‫حالة شلل وتوقف ‪ ،‬فاالنتاج واالبداع يزدهران في حالة السالم واالستقرار‬ ‫‪.‬‬
‫األمن القومي‬

‫أما مصطلح األمن القومي والذي هو شائع في العلوم االنسانية فإن يعبر عن‬
‫األمن الوطني للدولة المعاصرة ؛ حيث برزت العديد من اآلراء والنظريات حول‬
‫مفهوم األمن القومي ‪ ،‬واالسس التي يعتمد عليها وظهرت مجموعة من المفردات‬
‫كاألمن االستراتيجي القائم على نظريات الردع والتوازن واالخطار المحتملة‬
‫ً لهذا المفهوم‬ ‫والتحرك االستباقي واحتواء االزمات ‪ .‬واصبح تعريف األمن وفقا‬
‫حسبما أوردت دائرة المعارف البريطانية يعني " حماية األمة من خطر القهر‬
‫على يد قوة أجنبية ‪ .‬في حين رأى بعض الباحثين أن األمن يعني " حفظ حق‬
‫األمة في الحياة‬ ‫‪.‬‬
‫ويرى الدكتور زكريا حسين استاذ الدراسات االستراتيجية بأن تعريف المفهوم‬
‫الشامل لألمن هو " القدرة التي تتمكن بها الدولة من انطالق مصادر قوتها‬
‫الداخلية والخارجية االقتصادية والعسكرية في شتى المجاالت لمواجهة مصادر‬
‫الخطر في الداخل والخارج وفي حالتي السّلم والحرب ‪ .‬مع استمرار االنطالق‬
‫من لتلك القوى في الحاضر والمستقبل‬
‫َّ‬‫المؤ‬ ‫‪" .‬‬
‫االمن االنساني‬

‫يركز مفهوم األمن االنساني على االنسان الفرد وليس على الدولة ‪ ،‬ويرى هذا‬
‫المفهوم أن أية سياسية يجب أن يكون الهدف األساسي منها هو تحقيق أمن‬
‫ْ قد تكون الدولة آمنة في حين يفتقر بعض من‬ ‫الفرد بجانب أمن الدولة ؛ إذ‬
‫ِدة بسبب االختالل في توزيع الثروة أو بروز‬
‫مواطنيها إلى األمن لظروف ع‬
‫االثنية في المجتمعات ذات االعراق المتعددة أو لظروف طبيعية ومناخية تشكل‬
‫ً دائما كالزالزل والبراكين والفيضانات أو الصراعات والنزاعات‬ ‫لهم تحديا‬
‫االنفصالية ما يتطلب توفير األمن تدخل جهات اقليمية أو دولية ‪ ..‬وتنشط‬
‫منظمات انسانية لتوفير الرعاية واإلغاثة عندما التستطيع الدولة توفير مثل‬
‫هذه المتطلبات ففي التقرير الصادر عن برنامج األمم المتحدة االنمائي عام‬
‫‪ 1999‬بعنوان عولمة ذات وجه انساني‬ ‫‪Globalization With a‬‬
‫‪Human Face‬‬ ‫حدد سبع تحديات أساسية تهدد األمن االنساني في عصر‬
‫العولمة ‪ .‬هي ؛ عدم االستقرار المالي وغياب األمن الوظيفي المتمثل بعدم‬
‫استقرار الدخل ‪ ،‬وغياب األمن الصحي وبخاصة مع انتشار األوبئة الفتاكة‬
‫وغياب األمن الثقافي بانعدام التكافؤ بين نشر الثقافات وسيادة الثقافة‬
‫الغالبة وغياب األمن الشخصي بانتشار الجريمة المنظمة والمخدرات ووسائل‬
‫االحتيال المبتكرة من الغش والتزوير وغياب األمن البيئي بإنتشار التلوث ‪،‬‬
‫واالنحباس الحراري وتغيير معالم البنية الطبيعية إضافة إلى غياب األمن‬
‫الدمار والعنف‬
‫ّ‬ ‫السياسي والمجتمعي من خالل سهولة انتقال األسلحة ووسائل‬
‫والتطرف والقتل الجماعي الذي يصل إلى حد اإلبادة‬‫‪.‬‬
‫ويرتكز مفهوم األمن االنساني باألساس على صون الكرامة البشرية وكرامة‬
‫االنسان بتلبية احتياجاته المعنوية بجانب احتياجاته المادية‬ ‫‪.‬‬
‫يظهر بجالء أن مفهوم األمن يتداخل بين ثالث دوائر ‪ :‬الدائرة ؛‬ ‫ومما تقدم‬
‫ً من حماية اإلنسان بصفته‬‫الدائرة االنسانية والتي تنطلق اساسا‬ ‫األولى وهي‬
‫بغض النظر عن جنسة ودينه ولونه وهذا ينطبق على المجتمعات‬ ‫انسانا‬
‫ً‬
‫سواء المتقدم منها أو تلك التى تعيش دون خط التمدن والتحضر‬ ‫االنسانية‬
‫فإن هذا المفهوم يغاير األمن الفردي الذي يأتي في سياق األمن‬ ‫وبالتالي‬
‫االجتماعي‬ ‫‪.‬‬
‫الدائرة الثانية وهي دائرة األمن الوطني ( القومي ) والذي يتعلق بحماية‬
‫الدولة التي ينتمي إليها االفراد والجماعات ‪ ،‬ويحظون بحمايتها ورعايتها‬
‫فكما أن مسؤولية الدولة هي حماية رعاياها فإنه بالمقابل على رعايا‬
‫الدولة أن يهبوا للدفاع عنها إذا ما واجهت اخطار تهدد كيانها السياسي‬
‫أو تمس سيادتها ‪ .‬فاألمن في هذه الدائرة ينطلق من األمن الداخلي للدولة‬
‫وتحصين جبهتها الداخلية وإشاعة األمن واالستقرار وبسط النظام وسيادة‬
‫القانون وتحقيق العداله والمساواة وفرص العيش الكريم البنائها ‪ ،‬مع‬
‫العمل على توفير األمن الخارجي من االخطار القادمة عبر الحدود والتي تأتي‬
‫ليس فقط من الدول بل من الجماعات والتنظيمات التي تسعى لزعزعة األمن‬
‫واالستقرار بشتى الوسائل واألساليب ‪ .‬أما الدائرة الثالثة فهى التي تتعلق‬
‫باألمن االجتماعي والذي يمكن النظر إليه على اساس أنه من مكونات األمن‬
‫ً من األسرة التي تشكل‬‫ٍ‬‫الوطني الذي تساهم في تحقيقه مؤسسات المجتمع بدءا‬
‫النواة األولى للمجتمعات البشرية ‪ ،‬ويرتكز األمن االجتماعي على منظومة‬
‫العادات والتقاليد التي يؤمن بها المجتمع ‪ ،‬وعوامل االستقرار القائمة‬
‫على التفاهم والمعايشة وروح المواطنة والشعور باالنتماء والرغبة في‬
‫التعبير عن المشاركة االيجابية في خدمة الجماعة لتحقيق الذات من جهة‬
‫والحصول على الرضا والقبول من الجماعة من جهة أخرى‬ ‫‪.‬‬
‫ومن المالحظ التداخل العضوي بين مستويات االمن الثالثة ؛ االنساني والوطني‬
‫( القومي ) واالجتماعي وربما تعود الفوارق ما بينها إلى سلم االولويات‬
‫وزاوية الرؤية ‪ .‬مما يعزز القول أن مسؤولية تحقيق األمن مسؤولية فردية‬
‫ً عن أشكال‬‫وجماعية في آن واحد تقررها الحاجة إلى ممارسة الحياة بعيدا‬
‫التهديد ومظاهر الخوف والقلق‬ ‫‪.‬‬
‫مقومات األمن االجتماعي‬

‫يعتبر األمن االجتماعي الركيزة االساسية لبناء المجتمعات الحديثة وعامالً‬


‫رقيها وتقدمها ألنه يوفر البيئة‬
‫ّ‬ ‫ً في حماية منجزاتها والسبيل إلى‬‫رئيسا‬
‫ً لالبداع‬
‫اآلمنة للعمل والبناء ويبعث الطمأنينة في النفوس ويشكل حافزا‬
‫واالنطالق إلى آفاق المستقبل ويتحقق األمن بالتوافق واإليمان بالثوابت‬
‫الوطنية التي توحّد النسيج االجتماعي والثقافي الذي يبرز الهوية الوطنية‬
‫ويحدد مالمحها ‪ ،‬حيث يكون من السهل توجيه الطاقات للوصول إلى االهداف‬
‫والغايات التي تندرج في إطار القيم والمثل العليا لتعزيز الروح الوطنية‬
‫وتحقيق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكامل األدوار‬ ‫‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن استتباب األمن يساهم في األنصهار االجتماعي الذي‬
‫يساهم في أرساء قواعد المساواة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين‬
‫والعرق والمذهب مع األبقاء على الخصوصيات الثقافية التي تجسد مبدأ‬
‫التنوع في إطار الوحدة وفي هذا صون للحرية واحترام لحق االنسان في‬
‫االعتقاد والعبادة بما اليؤثر على حقوق اآلخرين في هذا السياق‬ ‫‪.‬‬
‫أبعاد األمن االجتماعي‬

‫على ضوء المفهوم الشامل لألمن ‪ ،‬فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة التي‬
‫تكفل الحياة المستقرة ‪ .‬ومن خالل األبعاد التالية‬ ‫‪: -‬‬
‫أوالً ‪ /‬البعد السياسي‪ ، ‬والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي‬
‫للدولة ‪ ،‬وحماية المصالح العليا ‪ ،‬واحترام الرموز الوطنية والثوابت‬
‫ّعاية‬‫التي أجمع عليها غالبية أفراد المجتمع ‪ ،‬وعدم اللجوء إلى طلب الر‬
‫من جهات أجنبية أو العمل وفق اجندة غير وطنية مهما كانت المبررات‬
‫والذرائع ‪ ،‬وممارسة التعبير وفق القوانين واالنظمة التي تكفل ذلك ‪،‬‬
‫وبالوسائل السلمية التي تأخذ بالحسبان أمن الوطن واستقراره‬ ‫‪.‬‬
‫ً ‪ /‬البعد االقتصادي‪ ، ‬والذي يهدف إلى توفير أسباب العيش الكريم‬‫ثانيا‬
‫وتلبية االحتياجات االساسية ‪ ،‬ورفع مستوى الخدمات ‪ ،‬مع العمل على تحسين‬
‫ظروف المعيشة ‪ ،‬وخلق فرص عمل لمن هو في سن في العمل مع األخذ بعين‬
‫االعتبار تطوير القدرات والمهارات من خالل برامج التعليم والتأهيل‬
‫والتدريب وفتح المجال لممارسة العمل الحر في إطار التشريعات والقوانين‬
‫القادرة على مواكبة روح العصر ومتطلبات الحياة الراهنة‬ ‫‪.‬‬
‫ً ‪ /‬البعد االجتماعي‪ ‬والذي يرمي إلى توفير األمن للمواطنين بالقدر‬
‫ثالثا‬
‫الذي يزيد من تنمية الشعور باالنتماء والوالء ‪ ،‬والعمل على زيادة قدرة‬
‫مؤسسات التوجيه الوطني لبث الروح المعنوية ‪ ،‬وزيادة االحساس الوطني‬
‫بانجازات الوطن واحترام تراثه الذي يمثل هويته وانتماءه الحضاري‬
‫واستغالل المناسبات الوطنية التي تساهم في تعميق االنتماء ‪ ،‬والعمل على‬
‫تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها في اكتشاف المواهب ‪،‬‬
‫وتوجيه الطاقات ‪ ،‬وتعزيز فكرة العمل الطوعي لتكون هذه المؤسسات قادرة‬
‫على النهوض بواجبها كرديف وداعم ومساند للجهد الرسمي في شتى المجاالت‬ ‫‪.‬‬
‫ً ‪ /‬البعد المعنوي أو االعتقادي‪ ‬وذلك من خالل احترام المعتقد الديني‬ ‫رابعا‬
‫بصفته العنصر األساسي في وحدة األمة التي تدين باالسالم وتتوحد مشاعرها‬
‫باتجاهه ‪ ،‬مع مراعاة حرية األقليات في اعتقادها ‪ ،‬كما أن هذا البعد‬
‫يتطلب احترام الفكر واالبداع ‪ ،‬والحفاظ على العادات الحميدة والتقاليد‬
‫الموروثة باالضافة إلى القيم التي استقرت في الوجدان الجمعي ‪ ،‬ودرج‬
‫الناس على اإليمان بها‬ ‫‪.‬‬
‫ً ‪ /‬البعد البيئي‪ / ‬والذي يهدف إلى حماية البيئة من االخطار التي‬
‫خامسا‬
‫تهددها كالتلوث وبخاصة في التجمعات السكنية القريبة من المصانع التي‬
‫تنبعث منها الغازات التي تسهم في تلوث الهواء ‪ ،‬واالضرار بعناصر البيئة‬
‫االخرى من نبات ومياه ‪ ،‬اضافة إلى مكافحة التلوث البحري الذي يضر‬
‫ً من مصادر الدخل‬‫بالحياة المائية والثروات السمكية التي تشكل مصدرا‬
‫الوطني ‪ .‬وهذا ما تنص عليه التشريعات المتعلقة بحماية البيئة واالجراءات‬
‫المتبعه للحد من مصادر التلوث‬ ‫‪.‬‬
‫ومما يالحظ أن االبعاد األمنية المشار إليه تعالج وفق مستويات أربعة هي‬
‫أمن الفرد وأمن الوطن وأمن االقليم واألمن الدولي ‪ ،‬حيث يسعى الفرد إلى‬
‫انتهاج السلوك الذي يؤمنه من االخطار التي تهدد حياته أو اسرته أو‬
‫ممتلكاته من خالل ما يملك من الوعي ‪ ،‬وباتباع االجراءات القانونية لدرء‬
‫هذه االخطار ‪ ،‬واللجوء إلى القانون لتوفير األمن مع الحرص على حياة‬
‫اآلخرين وعدم التعدي والتجاوز ‪ ،‬كما أن مقومات الحماية الفردية توفير‬
‫مستلزمات السالمة العامة‬ ‫‪.‬‬
‫أما أمن الدولة فهو منوط بأجهزتها المتعددة التي تسخر كل امكاناتها‬
‫لحماية رعاياها ومنجزاتها ‪ ،‬ومرافقها الحيوية من االخطار الخارجية‬
‫والداخلية ‪ ،‬تكون مسؤولية الجماعات واألفراد التعاون مع أجهزة الدولة في‬
‫تنفيذ سياستها‬ ‫‪.‬‬
‫ويتحقق األمن االقليمي من خالل التعاون مع الدول التي ترتبط بوحدة أقليمية‬
‫لحماية مصالحها ‪ ،‬تحددها االتفاقيات والمواثيق ويكون التنسيق على مستوى‬
‫مواجهة االخطار الخارجية والداخلية ‪ ،‬ولعل مجلس التعاون الخليجي خير‬
‫مثال على التعاون االقليمي لحفظ األمن إضافة إلى التعاون في المجاالت‬
‫األخرى‬ ‫‪.‬‬
‫أما األمن الدولي فهو الذي تتواله المنظمات الدولية سواء منها الجمعية‬
‫العامة لالمم المتحدة أو مجلس األمن الدولي وما يصدر عنهما من قررات وما‬
‫يتم اقراره من اتفاقيات ومواثيق للحفاظ على األمن والسّلم والدوليين‬ ‫‪.‬‬
‫عوامل تهديد األمن االجتماعي‬

‫سبق وأن أشرنا إلى أن األمن االجتماعي يقع ضمن مفهوم األمن الوطني‬
‫( القومي ) إالّ إنه يرتبط بالعوامل الداخلية المؤثرة وهو بهذه الحدود‬
‫يعنى حماية المجتمع من الجرائم الواقعة والمتوقعة ‪ .‬وأن القصد من األمن‬
‫االجتماعي هو تحقيق االستقرار ‪ ،‬كما أنه احترام حقوق اآلخرين وصون الحرمات‬
‫؛ كحرمة النفس والمال واألعراض بما يساهم في خلق التوافق وبخاصة إذا‬
‫انعدم الظلم وساد ميزان العدل حيث ورد في محكم التنزيل ( الذين آمنوا‬
‫ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون ) ومن هنا يأتي‬
‫الربط بين األمن واإليمان ‪ ،‬فمن مقومات األمن األمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر لحفظ النظام العام والعمل بأوامر االسالم ‪ ،‬ويعرف د‪ .‬محمد عمارة‬
‫األمن االجتماعي بأنه الطمأنينة التي تنفي الخوف والفزع عن االفراد‬
‫والجماعات في سائر ميادين العمران الدنيوي والمعاد األخروي ‪ .‬وقد قال‬
‫بعض الحكماء " األمن أهنأ عيش والعدل أقوى جيش " وعليه فإن الظلم من‬
‫أبرز عوامل تهديد األمن االجتماعي ونقض دعائمه‬ ‫‪.‬‬
‫اآلفات واالمراض التي تهدد األمن االجتماعي‬

‫‪1.‬‬ ‫االنحراف وهو االبتعاد عن المسار المحدد وانتهاك القواعد والمعايير‬


‫ا‬
‫ً‬ ‫وشرع‬ ‫ومجانبة الفطرة السليمة واتباع الطريق الخطأ المنهي عنه حكما‬
‫ويأخذ االنحراف اشكاالً عديدة منها ما يتعلق بجرائم االعتداء على النفس‬
‫ومنها جرائم االعتداء‬
‫‪ٙ‬‬
‫عل الممتلكات ومنها ما يتصل بالجرائم المنافية لالخالق كما أن بعض أشكال‬
‫االنحراف تستهدف النظام االجتماعي كالحرابة واالحتكار‬ ‫‪.‬‬

‫‪2.‬‬ ‫الغلو ويعني التجاوز المجانب لحد االعتدال ‪ .‬ولعل اخطر أشكال الغلو‬
‫هو الغلو االعتقاد الذي يعتمد المنهج التكفيري لمن سواه ‪ ،‬مما يبيح له‬
‫ارتكاب الجرائم بحقه ومنابذته ومعاداته ‪ .‬كما أن الغلو في التفكير‬
‫والزعم باحتكار الحقيقة يولد الضغائن واالحقاد ويوقع القطيعة بين أبناء‬
‫المجتمع الواحد مما يدفع إلى تقويض األمن االجتماعي وزعزعة أركانه‬ ‫‪.‬‬

‫‪3.‬‬ ‫المخدرات وهو من أخطر اآلفات التي تهدد المجتمع وتعبث بكيانه‬
‫واستقراره لما تتركه من آثار سلبية على صحة االبدان والعقول ‪ ،‬وتبديد‬
‫للطاقات والثروات ‪ ،‬وما تورثه من خمول واستهتار ‪ ،‬تفسد معه العالئق‬
‫االجتماعية ‪ ،‬وتشكل بوابة الرتكاب جرائم أخرى كالسرقة واالغتصاب ‪ ،‬وأحيانا‬
‫القتل‬ ‫‪.‬‬

‫‪4.‬‬ ‫الفقر ‪ :‬يعتبر الفقر من أبرز المشكالت االجتماعية واالقتصادية حيث‬


‫يؤدي الحرمان والعوز إلى بروز حاالت الجنوح التى تدفع أصحابها إلى‬
‫ً لالنحراف االجتماعي الذي‬
‫ً مناسبا‬‫السرقة واالنتقام وتشكل بيئات الفقر مناخا‬
‫يهدد قيم المجتمع ويبث الخوف والقلق ‪ ،‬وبخاصة لدى االطفال الذين يحرمون‬
‫من مقومات الحياة من المأوى والرعاية والتعليم حيث تظهر حاالت التشرد‬
‫ً إلى العنف‬‫والعدوان مما يشكل إخالالً في توازن البنية االجتماعية ودافعا‬
‫والتدمير‬ ‫‪.‬‬
‫المكونات االساسية لمكافحة اآلفات التي تهدد األمن االجتماعي‬

‫يمتلك المجتمع القدرة على تفعيل أدوات الضبط االجتماعي ومعالجة االختالالت‬
‫الناشئة من خالل دراسة الظواهر االجتماعية السلبية ‪ ،‬والنفاذ إلى اسبابها‬
‫‪ ،‬ووضع الحلول الناجحة لها ‪ ،‬حيث تتولى الدولة بما تملك من أجهزة‬
‫وقدرات في التصدي لكل األخطار ‪ ،‬وتتبع من الوسائل واالساليب ما يكفل‬
‫معالجة االختالالت عن طريق وضع الخطط االستراتيجية في رسم صورة المستقبل‬
‫وتحسين االوضاع المعيشية ‪ ،‬فالخطط التنموية ترصد الجانب المعيشي وتسعى‬
‫ً لتنال نصيبها من‬ ‫إلى زيادة معدالت الدخل ‪ ،‬واالخذ بيد الفئات األقل خطا‬
‫ً‬‫ً ونفسيا‬ ‫الرعاية ‪ ،‬كما تقوم المؤسسات التربوية بإعداد النشء اجتماعيا‬
‫ً ليكونوا مواطنين صالحين ‪ ،‬وفيما يتعلق بالتصدي للجرائم فإن‬ ‫ومعرفيا‬
‫الدولة بما تملك من جهاز قضائي وأمني قادرة على تجفيف منابع الجريمة ‪،‬‬
‫اضافة إلى االجراءات للتخفيف من آثارها على أن هذا الدور األساسي للدولة‬
‫في تحقيق األمن االجتماعي والتصدي لآلفات التي تهدده البد وأن يحظى بمساندة‬
‫مؤسسات المجتمع المدني الدينية منها والخيرية والشبابية والتطوعية ‪،‬‬
‫ومنها يبرز دور المسجد في تهذيب االخالق والحث على المكارم ‪ ،‬والتحذير من‬
‫الفتن فالصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر ‪ ،‬والصوم جُنة ‪ ،‬والذكر غذاء‬
‫الروح ‪ ،‬ومبعث الطمأنينة ‪ ،‬وهنا يأتي دور الوعاظ في التوجيه واالرشاد‬
‫وتعريف الناس باالحكام والحالل والحرام‬ ‫‪.‬‬
‫ً في مكافحة اآلفات‬
‫ً رئيسا‬
‫كما تشكل النوادي والجمعيات الخيرية داعما‬
‫االجتماعية عن طريق توجيه طاقات الشباب إلى العمل النافع واالبتعاد عن‬
‫رفاق السوء من خالل األنخراط في النشاطات الهادفة واالعمال التطوعية التي‬
‫تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والفائدة‬ ‫‪.‬‬
‫والبد في هذا المقام من ابراز دور أجهزة االعالم المطبوع منها ‪ ،‬والمسموع‬
‫والمرئي والتي تساهم بشكل فاعل في خلق الرأي العام ‪ ،‬والتوجيه بما‬
‫لديها من حضور ‪ ،‬وقدرة على االنتشار ومما تملك من سلطة معرفية ومعنوية‬ ‫‪.‬‬
‫في البناء التربوي ‪ ،‬فالتربية‬ ‫وتبقى االسرة الحاضن األول وحجر األساس‬
‫أسوياء قادرين على المشاركة في‬ ‫الصالحة المسؤولة تقدم للجميع أفرادا‬
‫ً‬
‫ّت االسرة بواجبها ‪ ،‬وعانت من‬
‫أخل‬ ‫بنائه بكفاءة ‪ ،‬واقتدار ‪ ،‬وإما إذا ما‬
‫التفكك ‪ ،‬فإن المجتمع بكاملة سيدفع الثمن‬ ‫‪.‬‬
‫وتكمل المدرسة والجامعة ما بدأت به األسرة من اإلعداد والصقل وغرس القيم‬
‫ّ‬
‫والفضائل ‪ ،‬وتزويد األجيال بالمعرفة والخبرة ليكونوا أعضاء صالحين في‬
‫مجتمع صالح تسوده العدالة والمساواة تحت مظلة األمن واألمان‬ ‫‪.‬‬

‫‪ Document PDF‬تحميل الموضوع‬

You might also like