Professional Documents
Culture Documents
مفاهيم أمنية
الرياض
الطبعة األولى
1431هـ ـ 2010م
املحتويـــات
التقديــــم 5.......................................................................................
املقدمـــــة 7.......................................................................................
. 1يف جمال األمن 9...............................................................................
1. 1األمن اإلنساين 11..................................................................
2. 1األمن الشامل 12..................................................................
3. 1األمن الفكري 13.................................................................
4. 1األمن الوطني 15.................................................................
5. 1األمن الغذائي واألمن االجتامعي 17.....................................
6. 1األمن مسؤولية اجلميع 18.....................................................
7. 1احلس األمني 20...................................................................
8. 1األمن األرسي 21................................................................
9. 1األمن اللغوي 23................................................................
10. 1األمن الثقايف 26...............................................................
11 . 1األمن الصناعي 27...........................................................
. 2يف جمال األمن السياحي 31..............................................................
1. 2األمن السياحي (33.......................................................... )1
2. 2األمن السياحي (34........................................................ )2
3. 2أنواع السياحة 36.................................................................
4. 2أمن الصناعة السياحية 37......................................................
5. 2اجلريمة السياحية 38............................................................
6. 2أمن املنشآت الفندقية 39......................................................
7. 2أمن املتاحف 41...................................................................
8. 2الوعي األثري 43................................................................
9. 2أمن اإلجازات 45...............................................................
10. 2مسؤولية ضحايا اجلرائم السياحية 47.................................
. 3يف جمال اإلعالم 51.........................................................................
1 . 3اإلعالم األمني 53..............................................................
2 . 3أثر اإلعالم يف الوقاية من اجلريمة 55....................................
3 . 3العالقات العامة واالتصال 57.............................................
4 . 3الدور األمني لوسائل االتصال اجلمعي 59.............................
. 4يف جمال الرشطة 61..........................................................................
1 . 4الرشطة املجتمعية 63...........................................................
2. 4الرشطة النسائية 64..............................................................
3 . 4الرشطة (رجال األمن) 66....................................................
4 . 4العالقات العامة يف األجهزة األمنية وخدمة اجلمهور 68 ...........
. 5يف جمال اجلريمة 71..........................................................................
1 . 5االجتار بالبرش 73................................................................
2 . 5اجلريمة اإللكرتونية 75.......................................................
3 . 5انحراف األحداث 77........................................................
4 . 5اجلريمة النسائية 79..............................................................
5 . 5جرائم االحتيال 81..............................................................
6 . 5جرائم النشــل 83..............................................................
7 . 5جرائم غسل األموال 85......................................................
8 . 5مرسح اجلريمة 87..............................................................
9 . 5جرائم العنف 89..................................................................
10 . 5جريمة اإلجهاض 92.........................................................
11 . 5ضحايا اإلجرام 93.............................................................
12 . 5القرصنة البحرية 95.........................................................
. 6يف املجال االجتامعي 97...................................................................
1. 6العنف 99 ............................................................................
2. 6العوملة 100.........................................................................
3. 6اآلثاراالجتامعية للحوادث املرورية 103........................................
4. 6تأخر زواج الفتيات 105.......................................................
5. 6املوت الرحيم 107...............................................................
6 . 6نظم املعلومات اجلغرافية 108...............................................
7 . 6االسرتاتيجية 111...............................................................
. 7يف جمال اإلرهاب 115.....................................................................
1. 7اإلرهاب117 .......................................................................
2. 7اإلرهاب الفكري119 .........................................................
3. 7متويل اإلرهاب 121 .............................................................
. 8يف جمال اإلدارة والتدريب 123........................................................
1. 8اإلصالح اإلداري 125 .......................................................
2. 8التدريب األمني 127...........................................................
3. 8الرتبية املرورية 129.....................................................................
4. 8الرعاية الالحقة 131...........................................................
5. 8إعادة تأهيل املتهمني واملحكومني 133..................................
6. 8إدارة األزمة األمنية 134......................................................
. 9يف جمال الكوارث 137....................................................................
الكوارث غري الطبيعية 139 ...........................................................
. 10يف جمال املخدرات 141.................................................................
املخدرات 143 .............................................................................
. 11يف جمال التوعية األمنية 145..........................................................
1. 11دور املواطن يف التلوث البيئي 147 .......................................
2. 11دور التنوير العلمي يف مكافحة اجلريمة 149............................
3. 11التفكك األرسي 151.......................................................
املراجــــــع 153 ...............................................................................
( ،)2010جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ـ الرياض ـ ح
مفاهيم أمنية /حممود شاكر سعيد؛ خالد عبد العزيز احلرفش ـ الرياض1431 ،هـ
158ص 24 17 ،سم
ردمك 9 :ـ 42ـ 8006ـ 603ـ 978
5
جهود األجهزة األمنية للوقاية من اجلريمة واالنحراف ،ونرش الثقافة األمنية
التي تعمل لتحقيق ما فيه خري املواطن العريب يف كافة الدول العربية.
واهلل من وراء القصد،،،،
رئيس
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية
أ.د .عبد العزيز بن صقر الغامدي
6
املقدمــة
متثل «املفاهيم» و«املصطلحات» املفاتي�ح العملية ملعاجلة وحتليل الفكر
املطروح للتداول ،وهي القطب النافذ يف مسار البحث املوضوعي اجلاد.
وإيض�اح «املفاهي�م» و«املصطلحات» م�ن قبل الباح�ث أو املتكلم هو
املدخل األسايس للتواصل مع املتلقي سواء أكان قارئ ًا أو سامع ًا .
وم�ن هذا املنطلق نجد أن أدبيات البحث يف الدراس�ات العلمية اجلادة
تبدأ بتعريف مصطلحات ومفاهيم الدراس�ة تعريف ًا إجرائي ًا ،ألن ذلك يمثل
خطوة أساس�ية م�ن خطوات ع�رض األفكار انطالق� ًا من قول الفيلس�وف
الفرنيس فولتري إذ قال«:إذا أردت أن أفهمك فال بد من توضيح مصطلحاتك
أو مفاهيمك»
ومن املؤكد أنه كلام نجحت عملية توظيف املفاهيم بدالالهتا الصحيحة
فإنن�ا نقرتب أكث�ر من الواقعية ويس�هل عىل الباحث اإلفهام كام يس�هل عىل
املتلقي الفهم واالستيعاب,فقد أثبتت التجارب والدراسات العلمية أن إمهال
الدقة يف استعامل املصطلحات واملفاهيم يمثل نقص ًا بل خل ً
ال يف التواصل بني
املرسل واملرسل إليه (املتلقي) .
وإن العناي�ة باملفاهي�م واملصطلحات وحتديد ال�دالالت الدقيقة هلا من
األمور األساس�ية ،ب�ل والرضورية التي تس�بق أي عمل فك�ري ،ألهنا احلد
الفاصل بين الفكر العلمي الذي يقوم عىل الضوابط والدقة يف اإلفهام وبني
االجته�اد املرجتل الذي تكتنف مكوناته الضبابي�ة والغموض خاصة يف هذا
العصر ال�ذي تتج�دد فيه املفاهيم وتتش�عب ال�دالالت كلام ظه�رت أفكار
تتطلب التوضيح والتفسري يف أي علم من العلوم .
وعن�د رصد اإلنتاج الفكري يف عاملنا الع�ريب يتضح أن أبرز التحديات
الت�ي تواجه�ه يف ه�ذا العرص تتمث�ل يف اجلهل ببع�ض املفاهيم وع�دم الدقة
7
يف اس�تعامهلا وع�دم جتدد تفسيراهتا بما يتطلبه املوق�ف العلم�ي إذ إن هناك
مصطلح�ات ومفاهي�م ومس�ميات حديثة تتطلب التفسير املحك�م هلا ليتم
فهمها واستيعاهبا بالشكل الذي يريده املتحدث أو الكاتب.
لذا فقد رأى كثري من الباحثني أننا نواجه أزمة عميقة يف املفاهيم ولدت
خالف�ات متش�عبة يف القضايا الفكري�ة وأحكاما جادة يف تقييمها ويف رس�م
املواقف منها دون العمل عىل التوظيف السليم لتلك املفاهيم واملصطلحات
وتوجيهها باالجتاه املرسوم هلا.
وم�ن ه�ذا املنطل�ق فق�د اضطلع�ت إدارة العالق�ات العام�ة واإلعالم
بجامع�ة ناي�ف العربي�ة للعلوم األمنية باالتف�اق مع إذاعة أم�ن MFالتابعة
ملديري�ة األمن الع�ام باململك�ة األردنية اهلاش�مية بتعريف عدد م�ن املفاهيم
األمني�ة وإذاعتها ضم�ن برنامج (مفاهيم أمنية) بالتع�اون مع اجلامعة حتقيق ًا
لرسالة اجلامعة يف نرش ثقافة األمن بمفهومه الشامل .
اجلدير بالذكر أن إدارة العالقات العامة واإلعالم قد اعتمدت يف تعريف
هذه املفاهيم عىل ما جاء يف إصدارات اجلامعة ورس�ائلها العلمية(املاجس�تري
والدكتوراه) وعىل ما ورد يف بعض املراجع املتخصصة رغبة يف عرض جمموع
الصفات واخلصائص املوضحة لكل مفهوم من هذه املفاهيم لتكون وس�يلة
من وس�ائل نرش ما توصلت إليه برامج اجلامعة وأنش�طتها العلمية ،ولتكون
خط�وة م�ن خط�وات االهتامم بمناقش�ة املفاهي�م وتطورها يف إط�ار أدبيات
البحث يف عاملنا العريب .
واهلل ويل التوفيق ،،،،
مدير
إدارة العالقات العامة واإلعــالم
8
. 1يف جمال األمن
1 . 1األمن اإلنساين.
2 . 1األمن الشامل.
3 . 1األمن الفكري.
4 . 1األمن الوطني.
5 . 1األمن الغذائي واألمن االجتامعي.
6 . 1األمن مسؤولية اجلميع.
7 . 1احلس األمني.
8 . 1األمن األرسي.
9 . 1األمن اللغوي.
10 . 1األمن الثقايف.
11 . 1األمن الصناعي.
9
10
. 1يف جمال األمن
1 . 1األمن اإلنساين
ظه�ر مفه�وم األمن اإلنس�اين من خلال تقري�ر التنمية البرشي�ة للعام
1994م الصادر عن برنامج األمم املتحدة اإلنامئي ،ويركز هذا املفهوم عىل:
صون الكرامة البرشية وكرامة اإلنسان ،وتلبية احتياجاته املادية واملعنوية.
ويتحق�ق األم�ن اإلنس�اين م�ن خلال التنمي�ة االقتصادية املس�تدامة،
واحلكم الرش�يد ،واملس�اواة االجتامعية ،وس�يادة القانون ،وانعدام التهديد
واخلوف بأشكاله املختلفة.
وعىل الرغم من أن هذا املفهوم مازال قيد التطوير فإنه ال يوجد تعريف
ش�امل متفق عليه من قبل الباحثني؛ إال أن هذا املفهوم يقيم ارتباطا قويا بني
األمن الفردي (أمن املواطن) واألمن الشامل (أمن الدولة).
ويتجس�د األمن اإلنس�اين يف صون كرامة اإلنس�ان ،وتلبي�ة احتياجاته
املادي�ة والوجدانية ،ضمن إطار التنمية بمفهومها الش�امل الذي تتداخل فيه
األبعاد اإلنسانية والثقافية واالجتامعية واالقتصادية والسياسية.
وينطلق مفهوم األمن اإلنساين من فكرة أن توفري االحتياجات األساسية
لألف�راد ه�و رشط أس�ايس للمجتمع�ات ،ودون حتقيق�ه لن يتحق�ق األمن
القومي؛ ألنه يعني التحرر من املعاناة اإلنسانية النابعة من الكوارث الطبيعية
التي هي من صنع اإلنس�ان عىل املس�تويات املحلية واإلقليمية والعاملية ،كام
أنه يشمل -أيضا-املجاالت السياسية والعسكرية واالقتصادية واالجتامعية
والبيئية.
11
وق�د رأى بع�ض الباحثين أن األم�ن اإلنس�اين يتطلب إع�ادة النظر يف
االعتب�ارات األمنية من خالل الرتكيز عىل بقاء األفراد بدال من األمن املادي
للدول�ة ،وه�و يتكون من عشرة أبعاد هي :األم�ن املادي ،األم�ن النفيس،
أم�ن الن�وع ،األمن االجتامع�ي ،األمن االقتص�ادي ،األمن الثق�ايف ،األمن
اإلعالمي ،األمن البيئي ،األمن القومي ،األمن العاملي.
2 . 1األمن الشامل
« إن احلاجة إىل األمن حاج ٌة إنساني ٌة مُتيز اإلنسان عىل غريه من الكائنات،
وت�أيت يف املرتبة التالي�ة للحاجات البيولوجية وهي املاء واهلواء والطعام ،بل
إن حتق�ق احلاجات األساس�ية البيولوجية قد ال يتأتى يف غياب ش�عور الفرد
ٍ
جانب منه أن باألم�ن واألمان .وإن متتع الفرد بالصحة النفس�ية يتطل�ب يف
يش�عر باألمن واألمان عىل حارضه و ُمستقبله ،وأن يشعر بالود مع املحيطني
به»؛حيث إن «األمن لإلنسان قد يكون أهم من طعامه ورشابه ،ومن ُحريته
يف حيات�ه اخلاص�ة ؛ فق�د جيوع ويعطش فيصبر ،وال يرى أن ش�ي ًئا قد فاته ،
ب�ال وال هيدأ له حال ،وقد يرىض أن جيعل ولكن�ه خياف فال يكاد هينأ براحة ٍ
حريته ثـمنـًا ألمنه إذا اقتىض األمر ذلك ،ف ُيفضل أن يكون عبدً ا آمنًا عىل أن
يكون ُح ًرا خائ ًفا» .
ومن هنا فإن احلاجة إىل توافر األمن العام أو الشامل يف خمتلف جوانب
ب�ارزا ضمناحلي�اة الفردي�ة واجلامعي�ة تُعد رضوري� ٌة للغاية ،وحتت�ل مكانًا ً
ومارسة اهتاممات خمتلف اجلهات والقطاعات ؛ فال يستطيع اإلنسان مزاولة مُ
جمريات حياته الس�وية إال يف وجود األمن ال�ذي ُيعد مطل ًبا حيو ًيا ورضور ًيا
كبري م�ن األمهية يف حياة اإلنس�ان فهو ٌ
دلي�ل عىل حالة قدر ٍ والز ًم�ا ،وعلى ٍ
12
ومؤرش ملس�توى الرضا الف�ردي واجلامعي عن احلي�اة ؛ ُيضاف إىل
ٌ الس�واء ،
ذل�ك أن األمن بمثاب�ة « املطلب الضروري لنمو احلياة االجتامعي�ة وا ِّطراد
ٍ
ترفيه صناعي ،وكل تقد ٍم اقتصادي ،بل كل
ٍ ٍ
جتاري أو ٍ
نشاط تقدُ مها ،فكل
ٍ
كرشط أسايس» . اجتامعي ال ُبد له من األمن
ومل�ا كان مفه�وم األمن الع�ام أو الش�امل مفهو ًما واس� ًعا ،فإنه تندرج
حتت�ه أنوا ٍع عديدة من املفاهيم ذات العالقة بمختلف جوانب حياة اإلنس�ان
واملجتم�ع ،فهن�اك األمن الدين�ي ،واألمن الس�يايس ،واألمن االجتامعي ،
واألم�ن االقتص�ادي ،واألمن البيئ�ي ،واألمن اجلنائ�ي ،واألمن الصحي،
واألم�ن النفسي ،واألم�ن الغذائ�ي ،واألمن الوطن�ي ،واألم�ن القومي ،
واألم�ن الداخيل ،واألمن اخلارجي ،واألمن الفكري ،وكل هذه املتطلبات
األمنية تشكل يف جمموعها ما يمكن أن نطلق عليه مفهوم «األمن الشامل».
3 . 1األمن الفكري
صطل�ح مركَّب جيمع بني جانبني هامني يف حياة األفراد واملجتمعات،
ٌ ُم
ومه�ا ( األم�ن) و ( ِ
الفكر ) فكلم�ة األمن تعني « :طمأنين�ة النفس و زوال
اخلوف .»..
وقد ُيقصد باألمن أيضا »:االس�تقرار واألمان والطمأنينة التي يشعر هبا
الفرد واملجتمع ،ويف ظله تس�تطيع األُمة أن تتفرغ للبناء والتطوير يف خمتلف
جماالت احلياة».
كام أن هناك من يعني باألمن « الشعور بالسالمة واالطمئنان ،واختفاء
أسباب اخلوف عىل حياة اإلنسان ،وما تقوم به هذه احلياة من مصالح يسعى
إىل حتقيقها ،ويستهدفها بطموحاته».
13
أم�ا ِ
الفك�ر فيعني « :مجلة النش�اط الذهني « ،وقد ُيقص�د به « الصورة
الذهنية ٍ
ألمر ما».
وق�د ُيقصد بالفكر أيضا « :إعامل العق�ل يف املعلوم للوصول إىل معرفة
املجهول».
طالب بإعمال الفكر الصحي�ح البناء يف
واملعن�ى أن اإلنس�ان الس�وي ُم ٌ
خمتلف شؤون حياته الفردية واملجتمعية عىل اعتبار أن «:للفكر عالقـة وثقى
رشا فرش ،وأنخيـرا فخيـ�ر ،وإن ً
باألنش�طة والس�لوكيات اإلنس�انية ،إن ً
الفكر السوي أسمى نشاط ذهني وإنساين ،كام أن االنحرافات والنشاطات
ٌ
معـتل ومسموم ا ُملرضة بمصالح الناس ،ومقاصد الرشع يكون وراءها ٌ
فكر
ومنحرف».
وانطال ًقا مما س�بق ؛ فإنه يمكن اخلروج من جمموعها بأن األمن الفكري
يعني :أن يعيش الناس يف ُبلداهنم وأوطاهنم وبني جمتمعاهتم ،آمنني مطمئنني
عىل مكونات أصالتهم ،وثقافتهم النوعية ،ومنظومتهم الفكرية» .
وقد ُيقصد باألمن الفكري « محاية فكر املجتمع وعقائده من أن يناهلا
ٌ
عدوان أو ينزل هبا أذى» .
عب عنه بأنه « :سالمة فكر اإلنسان وعقله وفهمه من االنحراف وقد ُي رّ
واخل�روج ع�ن الوس�طية واالعت�دال يف فه�م األم�ور الدينية والسياس�ية ،
وتصوره للكون».
وهن�اك من الباحثين من ي�رى أن األمن الفكري يش�تمل باإلضافة
إىل حف�ظ العق�ل ومقوماته «حفظ الثقافة ومكوناهتا م�ن الغزو الفكري ،أو
ا ُملصادرة ،أو التحريف والتزوير».
14
ويف اجلمل�ة فإن�ه يمك�ن الوصول م�ن جمم�وع التعريفات الس�ابقة إىل
التعريف التايل ملفهوم األمن الفكري وهو :صيانة ومحاية فكر أبناء املجتمع ،
دخيل ،أو ٍ
وافد، ٍ ٍ
نحرف ،أو وثقافتهم ،وقيمهم ،وكل شأهنم من أي ٍ
فكر ُم
انفتاحا ) مع الثوابت واملنطلقات الرئيس�ة
ً أو مس�تورد ال يتف�ق ( انغال ًق�ا أو
واألصيلة للمجتمع .
وتنطل�ق أمهية األمن الفكري عىل وجه اخلصوص من أمهية األمن العام
أو الش�امل ال�ذي ُيع�د واحدً ا من أبرز وأه�م املطالب الرئيس�ة للحياة اآلمنة
ا ُملستقرة التي ينشدها اإلنسان يف أي ٍ
زمان ومكان ،كام أنه ( أي األمن الشامل)
من مجلة احلاجات الرضورية والرئيسة التي ال يستغني عنها الفرد واملجتمع .
4 . 1األمن الوطني
أصب�ح األم�ن يف ه�ذا العصر اهلاجس األكرب لل�دول ،إذ ال تنمية،
وال استقرارا سياسيا ،أو اقتصاديا دون توافر منظومة أمنية حتمي املكتسبات
واجلهود املبذولة للتقدم واالزدهار .ألن األمن قد غدا يف هذا العرص رضورة
من رضورات احلياة للكائن البرشي ،وال يمكن لإلنسان أن يعمل أو ينتج دون
توافر بيئة آمنة حتتويه يف جو من الطمأنينة عىل نفسه وماله وعرضه وعقله ودينه.
و دون األمن واألمان ،يش�قى اإلنس�ان ،ويضطرب ،ويك�ون عرضة للقلق
النفيس ،والعقيل .وتعترب احلاجة إىل األمن من احلاجات األساسية ،التي تأيت
يف األمهية بعد احلاجة إىل الطعام واملاء واهلواء.
وعندم�ا حيص�ل أي خل�ل ،أو نق�ص يف أي جانب من جوان�ب احلياة،
كالكس�اء أو النق�ص يف ق�وى أو موارد برشي�ة معينة كاألطب�اء أو املعلمني،
ف�إن الرضر ال�ذي ينتج عن ذلك يكون حمدودا عىل املج�ال الذي وقع عليه،
15
وبالتايل يسهل احتواؤه أو التغلب عليه ،ولكن عندما يضطرب ميزان األمن
وخيت�ل النظام ،فإن مجيع نواحي احلياة تتأثر ،فتس�ود الفوىض ،وحيل اخلوف
واالضط�راب ،وترتف�ع مع�دالت اجلريم�ة والس�لوك املنح�رف ،فتتوق�ف
حرك�ة البناء وعجلة اإلنتاج ،فيضطر الن�اس للهجرة مع رؤوس أمواهلم إىل
جمتمعات أكثر أمنا .ولذلك كان األمن وال يزال أساس ًا للتنمية ،فال تنمية وال
ازدهار إال يف ظالل أمن سابغ ،فالتخطيط السليم واإلبداع الفكري واملثابرة
العلمية ،هي أهم مرتكزات التنمية ،وهي أمور غري ممكنة احلدوث إال يف ظل
أمن واستقرار يطمئن فيه اإلنسان عىل نفسه وأرسته وثرواته واستثامراته.
وم�ن أه�م أنواع األم�ن يف وقتنا احلارض م�ا يطلق عليه األم�ن الوطني
ويقص�د ب�ه تأمني كي�ان الدولة واملجتم�ع ضد األخط�ار التي هت�دده داخليا
وخارجي�ا ،وتأمين مصاحل�ه وهتيئ�ة الظ�روف املناس�بة اقتصادي�ا واجتامعيا
لتحقي�ق األه�داف والغاي�ات الت�ي تعبر ع�ن الرض�ا الع�ام يف املجتم�ع.
ويف تعريف أكثر مالءمة يدمج كيجيل وآخرون يف تعريفهم لألمن الوطني بني
شعور املواطن وجهود الدولة باعتبار أنه« :شعور باالطمئنان توفره األهداف
والربام�ج الت�ي تس�عى احلكومة من خالهل�ا إىل ضمان أمن األم�ة وبقائها».
وتتلخص مهمة األمن الوطني يف توفري السالمة والطمأنينة جلميع األفراد ضد
أي اعتداءات ،أو جتاوزات من ش�أهنا أن ختل�ق يف املجتمع حالة من الفوىض
واالضط�راب .ويتطلب األم�ن الوطني من الدولة االس�تعداد الدائم لتأمني
اإلمكان�ات البرشي�ة واملادي�ة يف كل املج�االت ملواجهة أي هتديد عس�كري،
أو فك�ري ض�د أمنها من أي عن�ارص دولية معادية ،ويظه�ر األمن الوطني يف
الدولة من خالل قدرهتا يف الظهور عىل الساحة الدولية كعضو حيرتم مصالح
املجتمع الدويل وقوانينه ويساهم بفعالية يف تأمني نظام عاملي آمن وعادل بعد
تأمني حاجات أفراد املجتمع وتوفري متطلبات حياهتم بأمن واستقرار.
16
5 . 1األمن الغذائي واألمن االجتامعي
يتن�اول األم�ن الغذائ�ي كمي�ة ونوع الغ�ذاء املطل�وب تواف�ره لتحقيق
األمن لإلنس�ان ،وكيفية احلصول عىل تلك الكمية الكافية من الغذاء س�واء
م�ن املصادر الداخلية أو اخلارجية ،وضامن اس�تمرار احلصول عليه من تلك
املصادر.
وم�ن ثم يمكن تعري�ف األمن الغذائ�ي بأنه :قدرة املجتم�ع عىل توفري
االحتياجات الغذائية املوضوعية(املحتملة) ألفراده والتي متكنهم من العيش
بصحة ونشاط؛ مع ضامن ذلك للذين ال متكنهم دخوهلم من احلصول عليه؛
س�واء أكان ذل�ك عن طريق اإلنتاج املحيل أو االس�ترياد اعتمادا عىل املوارد
الذاتية».
وبن�اء عىل ه�ذا التعريف يمكن للمجتمع أن حيقق أمن�ه الغذائي بإنتاج
احتياجات�ه الغذائي�ة حمل ًّي�ا أو اس�تريادها م�ن جمتمع�ات أخرى م�ع تفضيل
اخلي�ار األول إذا مل يكن باه�ظ التكلفة ،وعليه فإنه كلام كانت النس�بة األكرب
م�ن احتياجات املجتمع منتجة حمل ًّيا(أي كلام كانت نس�بة االكتفاء الذايت من
الس�لع عالية) كان ذلك أدعى الس�تدامة األمن وعدم هتديد األمن الغذائي
بأي وسيلة.
وهبذا فإن البلدان التي ال تس�تطيع توفري الغذاء لش�عوهبا من مصادر حملية
ربام تصبح عاجزة أمام الضغوط التي تواجهها؛ ما يعرض أمنها القومي للخطر؛
ولذل�ك ف�إن معدل تغطي�ة االحتياجات الغذائي�ة من اإلنت�اج الوطني من أهم
م�ؤرشات حتقي�ق األمن الغذائي ،ومن هن�ا تأيت أمهية امل�وارد الطبيعية الزراعية
واملوارد البرشية واملالية الالزمة الستغالهلا كعوامل حمددة لألمن الغذائي.
17
ومن هنا فإن عدم توافر األمن الغذائي ملجتمع ما يعد من أهم املهددات
اخلارجية ألمن وسيادة املجتمعات ،وكذلك من أقوى أسباب تفيش اجلريمة
وظهور األم�راض والظواه�ر االجتامعية واالقتصادية الس�لبية يف املجتمع؛
ويف املقابل فإن ارتفاع اجلريمة وعدم توافر األمن االجتامعي يؤدي إىل نقص
اإلنت�اج ويؤث�ر س�لبا يف األم�ن الغذائي يف املجتم�ع؛ حيث يصب�ح املجتمع
ط�اردا للمس�تثمرين واملنتجني ،وي�ؤدي ذلك إىل تدهور األم�ن االجتامعي
بدرج�ة كبرية ق�د تؤدي إىل توقف اإلنتاج بصورة كاملة كام هو احلال يف كثري
من مناطق احلروب واملنازعات املسلحة.
وهبذا فإن عدم توافر األمن االجتامعي والبيئي من أهم أس�باب اهلجرة
املعاكس�ة من امل�دن الكبرية إىل الق�رى واملدن الصغرية يف كثري م�ن البلدان،
وه�ذا يؤكد العالقة التكاملي�ة والعالقة التامثلية بني األم�ن الغذائي واألمن
االجتامع�ي؛ حيث يمث�ل كل منهام حلقة من حلقات األمن الش�امل؛ حيث
نرى أن عدم وجود األمن الغذائي يؤدي إىل عدم وجود أو إىل تدين مستوى
األمن االجتامعي؛ ألن العالقة بني األمن الغذائي واألمن االجتامعي جتس�يد
للعق�د االجتامعي بين الفرد واملجتم�ع لاللتزام بقواع�د الضبط االجتامعي
يف الس�لوك ويف املعاملات يف س�بيل احلص�ول عىل االحتياجات األساس�ية
املرشوعة وإشباعها.
18
الت�ي تبذهل�ا اجلهات األمني�ة املختصة ملواجهته�ا ،وعىل الرغم م�ن حماولتها
التجدي�د يف أس�اليب مكافحتها واحلد م�ن آثارها ،وعىل الرغ�م من إرشاك
بعض األجهزة الرس�مية األخرى كاألجهزة العدلية واالجتامعية يف مكافحة
اجلريم�ة ،وبع�د أن أل�ح املتخصص�ون يف عل�م االجتامع على رضورة تغيري
اإلستراتيجية األمني�ة يف مكافح�ة اجلريم�ة ،ورضورة إرشاك أفراد املجتمع
ومؤسس�اته املدني�ة يف حتمل جزء من املس�ؤوليات األمنية للح�د من ظاهرة
اجلريم�ة وحتقي�ق األمن الش�امل؛ فق�د رفعت تل�ك الدول وتل�ك األجهزة
األمنية شعار«األمن مسؤولية اجلميع».
ويس�عى ه�ذا الش�عار إىل املطالبة باشتراك أفراد املجتمع ومؤسس�ات
املجتم�ع املدين يف حفظ األم�ن ومكافحة اجلريمة من خلال تفجري طاقات
األف�راد واس�تنفار قدراهت�م لتحقيق األمن بحيث يش�ارك اجلمي�ع وتتضافر
اجله�ود لتصب�ح مس�ؤولية حتقيق األم�ن مس�ؤولية وطنية يكون فيها ش�عار
ملموس�ا م�ن أجل حتقيق الرفاه والس�عادة
ً «األمن مس�ؤولية اجلميع» واق ًعا
واألمن واالطمئنان جلميع أفراد املجتمع.
ونتيج�ة للتط�ور العامل�ي ملفه�وم األم�ن ونتيج�ة للتوصي�ات العلمي�ة
للمؤمت�رات واللق�اءات املهتمة بتحقي�ق األمن بمفهومه الش�امل فقد قامت
بع�ض ال�دول العربي�ة بتطبيق إستراتيجية مش�اركة املواطنني يف املس�ؤولية
األمني�ة م�ن خالل ما يس�مى بالرشطة املجتمعية أو أصدق�اء الرشطة كام هو
احلال يف رشطة ديب ورشطة الكويت ،وكام هو احلال يف التجربة األردنية التي
سعت إىل حتقيق شعار «األمن مسؤولية اجلميع» من خالل:
ـ إنشاء جملس حميل يف كل مركز أمني «خمفر رشطة احلي» ويتكون املجلس
من مجيع أطياف تركيبة املجتمع وجيتمع شهريا لبحث الوضع األمني
19
واستعراض أبرز اجلرائم التي وقعت يف احلي ،واملطلوب من املجلس
لنقله إىل السكان.
ـ عق�د دورات متخصص�ة يف املج�ال األمن�ي تس�مى «دورات أصدقاء
الرشطة».
ـ تأسيس مجعية أصدقاء الرشطة.
ـ تكريم املواطنني الذين يسهمون يف حفظ األمن أو احلد من اجلريمة.
ـ ختصيص هواتف للشكاوى واإلبالغ عن املجرمني أو املشاغبني.
ـ افتت�اح إذاعة «أمن »FMالتي تقوم بب�ث املعلومات األمنية مبارش من
املواطنين وإليه�م ،واس�تقبال مالحظات املواطنني وش�كاواهم عىل
اهلاتف مبارشة ،وما تقوم به هذه اإلذاعة من دور توعوي للمواطنني
يف اجلوانب األمنية واجلوانب اجلنائية ....إىل غري ذلك من املهام ومن
اإلجراءات التي تساعد عىل تطبيق شعار «األمن مسؤولية اجلميع».
7 . 1احلس األمني
يقص�د باحلس األمني «صفة خاصة من صفات الش�خصية متكن من
يمتلكها من التعرف عىل األش�ياء وإدراكها والتمييز بينها ،ومن ثم تفسيرها
تفسيرا كليا صحيح� ًا ،والتوقع الصادق لكل االحتماالت ،كام متكنه من أن
يستش�عر األخطار ويع�رف مصادرها ،وبالتايل يس�تطيع القض�اء عليها قبل
وقوعها أو مواجهتها بفاعلية فور وقوعها ».
وه�و ش�عور أو إحس�اس يتول�د داخ�ل النفس ويعتمد عىل أس�باب
وعوام�ل موضوعي�ة ت�ؤدي إىل توق�ع احلدث قب�ل وقوع�ه ،واحليلولة دون
وقوعه إذا كان ضارا بأي من مقدرات الوطن أو مكتسباته.
20
وه�و صفة خاصة من الصفات التي يتمكن مالكها من تعرف األش�ياء
واألحداث وإدراكها والتمييز بينها وتفسيرها؛ وبذا يتمكن من توقع اخلطر
أو االستشعار به ومعرفة مصادره ،واختاذ اإلجراءات الالزمة ملواجهته.
وه�و وإن كان مه�ارة من املهارات التي ينبغ�ي أن يمتلكها رجل األمن
انطالقا من مسؤوليته واعتامدا عىل ما يكتسبه من مهاراته املهنية التي يكتسبها
م�ن خالل التعليم والتدريب واملس�ؤولية الوظيفية؛ فإنه إحس�اس ينبغي أن
يتحلى ب�ه كل مواط�ن انطالقا من مس�ؤولية اجلمي�ع نحو االستش�عار بكل
املظاهر التي يمكن أن يكون من شأهنا اإلخالل بأمن الوطن.
ويرتب�ط احلس األمن�ي ارتباطا وثيقا باألمن الفك�ري الذي تتحكم فيه
ع�دة عوامل اجتامعي�ة ومادية إىل جان�ب الرغبة الذاتي�ة يف تنمية هذا احلس
الذي جيسد حب الوطن واحلرص عىل أمنه واستقراره انطالقا من أن «األمن
مسؤولية اجلميع».
8 . 1األمـن األسـري
األرسة ه�ي الوح�دة االجتامعي�ة األوىل؛ حيث إن املجتم�ع يتكون من
جمموع�ة أرس ،كما أن املجتم�ع ليس أرسة كبيرة لوجود فروق شاس�عة متيز
األرسة عن املجتمع.
عرف برجس ولوك العائلة بأهنا« :مجاعة من األفراد تربطهم روابط
وقد َّ
قوي�ة ناجتة من صالت زوجية ،ويعيش�ون يف منزل واح�د ،وتربط أعضاءها
عالقات اجتامعية متامسكة أساسها املصالح واألهداف املشرتكة».
21
عرف أوجيرون وينمكوف األرسة بأهنا« :رابطة اجتامعية من زوج كام َّ
وزوج�ة وأبنائهام ،وقد تش�مل اجل�دود واألحفاد وبعض األق�ارب ،عىل أن
يكونوا مشرتكني يف معيشة واحدة مع الزوج والزوجة واألبناء».
ويف ه�ذا العرص الذي تزايدت في�ه التغريات والتحوالت التي طرحت
أم�ام املجتم�ع وأفراده حتدي�ات واختب�ارات يمك�ن بمواجهتها أو حس�ب
التعامل معها أن حيسن بناء املجتمع ويقوي شبكة العالقات التي تربط حياة
األرسة وحيافظ عىل أمنها األرسي.
ومل�ا كان نظ�ام األرسة يف األم�ة يرتب�ط ارتبا ًط�ا وثي ًقا بمعتق�دات هذه
األمة وتقاليدها وتارخيها وعرفها اخللقي ،وما تسري عليه من نظم يف الشئون
االجتامعية واالقتصادية والرتبية والقضاء؛ فقد ن َّظم اإلسلام ش�ئون العائلة
يف ص�ورة حم�ددة متكامل�ة ،وبن�ى ه�ذا التنظيم للأرسة عن طري�ق الزواج
الرشع�ي ،واهلدف من�ه ،وصفاته الرشعية ،وخماطر العزوف عنه ،واألس�س
الت�ي يقوم عليها م�ن اختيار الزوجين ،وبينَّ احلالل واحل�رام ،وبني حقوق
الزوجني واألبناء ،وحقوق الوالدين واألقارب.
وتشير الدراس�ات االجتامعية إىل أن األمن األرسي رضورة اجتامعية،
وأنه مسؤولية مشرتكة بني مجيع أفراد األرسة ،كام أن التفكك األرسي يؤدي
إىل اختلاف األدوار ورصاع املراك�ز ،ووه�ن الرواب�ط ،وفق�دان االحترام
املتبادل.
وي�ؤدي التفكك األرسي إىل اهني�ار القيم الس�ائدة يف املجتمع ،واهنيار
القيم التقليدية ،ما يعرض البنيان األرسي للتفكك والتحلل واالهنيار.
وتتمثل آثار التفكك األرسي يف التايل:
22
ـ فقدان الوالد مركزه وسلطته يف األرسة.
ـ انخفاض درجة احرتام األبناء آلبائهم.
ـ بح�ث كل ف�رد من أف�راد األرسة عن مصاحله الش�خصية قبل مصالح
األرسة أو املجتمع.
ـ انتشار العادات السيئة وانتشار اجلريمة.
ـ كثرة املنازعات العائلية.
ـ فشل األبناء يف دراستهم أو أعامهلم الوظيفية.
وهذا يؤكد أمهية األمن األرسي من خالل االلتزام بالتقاليد االجتامعية
اإلجيابي�ة يف تكوي�ن األرسة وتربي�ة األبن�اء ورعايته�م ،ورضورة التع�اون
والتكامل بني أفراد األرسة لتحقيق مصلحة األرسة ومصلحة املجتمع.
وم�ن هنا ف�إن مس�ؤولية األمن األرسي مس�ؤولية مشتركة بين أفراد
األرسة بعامة ،وبني الوالدين بخاصة ،ومسؤولية وسائل االتصال اجلامهريي
من خالل قيامها بدور إجيايب توعوي ،ومن خالل البعد عن بث الربامج التي
تزين الرش وتزرع بذوره بني بعض أفراد املجتمع.
9 . 1األمن اللغـوي
غدا األمن اللغوي واألمن التعليمي يف هذا العرص شأنًا إسرتاتيج ًّيا مهماًّ
يم�س جوهر أم�ن األمة والوط�ن؛ ألن اللغة وطن األم�ة الروحي ،وخزانة
تراثه�ا الفكري ،ووعاء ثقافتها وآداهبا وعلومها ،وحاملة هويتها وش�عائرها
يف املايض واحلارض واملستقبل.
23
هل�ذا حترص األمم عىل سلامة لغته�ا حرصها عىل ذاهتا ،وتتمس�ك هبا
متسكها بحقيقتها ،وتدافع عنها دفاعها عن محاها.
وإذا ق�ال أه�ل النس�بية اللغوية« :لغتي ه�ي عاملي ،وح�دود لغتي هي
حدود عاملي» فقد عدها بعض املفكرين« :من أش�د األس�لحة األيديولوجية
رضاوة؛ ذلك بعد أن فرضت القوى السياسية وقوى املال والتجارة سيطرهتا
عىل أجهزة اإلعالم اجلامهريي التي أصبح وابل رس�ائلها وهوائياهتا يفعل ما
كان�ت تفعله يف املايض منص�ات الصواريخ املوجهة ،وال يناظر رضاوة اللغة
إال صموده�ا ،فهي القلعة احلصينة للذود عن اهلوي�ة والوحدة القومية ،وال
يناظ�ر جبروت اللغ�ة إال حنوها ،وكي�ف ال ،واللغة األم ه�ي رشيكة ثدي
األم يف إيض�اح وحي الصغري ،وه�ي راعية املتعلم ،وملهم�ة املبدع ،وهادية
املتلقي؟؟!
وه�ذا يعن�ي أن التفري�ط بالش�ؤون اللغوي�ة والتعليمية بالسماح هلا أن
تكون جمرد ش�ؤون خاصة باملدارس واملعاهد واجلامعات هو تفريط باملايض
واحلارض واملستقبل ،وحتويل للمجتمع بأرسه إىل نثار من حبات القش تلعب
هبا رياح التغريب واالغرتاب يف كل االجتاهات.
أيضا ـ أن األمن اللغوي حيمل بني طياته حتديات سياس�ية وهذا يعني ـ ً
واقتصادي�ة واجتامعية ما حيتم عىل األمة أن ت�درك أمهية هذا األمن وأولويته
وأث�ره يف كل أم�ن من خلال تكاتف اجله�ود الرتبوية والسياس�ية والثقافية
لتحقيقه.
وم�ن هن�ا علينا أن نعلن ونلقن ونرس�م أننا بحاج�ة إىل األمن اللغوي،
كما أنن�ا بحاج�ة إىل األمن الفك�ري والغذائ�ي واملائ�ي .ألن كل أولئك من
رضوريات احلياة والعيش الكريم.
24
وم�ن أوىل خط�وات حتقي�ق األم�ن اللغوي للغتن�ا العربي�ة التنبه إىل
التحدي�ات التي تواجهها يف ه�ذا العرص وحماولة التغل�ب عليها أو احلد من
تأثريها عىل لغة أبنائها يف احلارض واملستقبل ،وهي:
1ـ مزامحة اللغات األجنبية هلا يف كل جماالت احلياة.
2ـ مزامحة العامية هلا يف التعليم واإلعالم.
3ـ إيثار اللغات األجنبية عليها يف املحارضات والندوات وبعض مراكز
البحث العلمي.
4ـ ش�يوع اللح�ن واألغلاط اللغوي�ة على ألس�نة املتعلمين واملثقفني
واملتخصصني.
واضحا يف حياة األرس
ً تغيرا
ً 5ـ التأث�ر بث�ورة االتصاالت التي أحدثت
وتعبريا).
ً ويف لغتهم (أسلو ًبا وحتد ًثا وكتاب ًة
وه�ذا يؤكد أن أمننا اللغوي بحاجة ماس�ة إىل إصالح املنظومة الرتبوية
إصالح�ا جوهر ًّيا يم�س اجلوانب الرتبوية
ً يف التعلي�م الع�ام والتعليم العايل
واللغوية والعلمية واالجتامعية ،ويؤكد احلاجة إىل قرار سيايس يقيض بجعل
اللغة العربية لغة التعليم يف مجيع مس�تويات التعليم ،وأن تكون اللغة العربية
لغة البحث العلمي ،ولغة مجيع املؤسسات العلمية العامة واخلاصة يف الدول
العربي�ة ،إىل جانب أمهية إثراء املكتبة العربي�ة بالكتب العلمية تألي ًفا وترمجة،
والتعام�ل بش�جاعة حضاري�ة وثقافية تام�ة مع اللغات األخ�رى ،ورضورة
التزام مجيع وس�ائل اإلعالم اللغة العربية الفصيحة ،وأن حتافظ عىل السالمة
اللغوية وصوهنا من املزالق اللغوية ومزامحة العاميات هلا.
25
10 . 1األمن الثقايف
يتفق أغلب من َع َّرفوا الثقافة من مفكرين وفالسفة ومؤرخني وباحثني
على أن اللغ�ة والف�ن واألدب هي العن�ارص الرئيس�ية للثقاف�ة؛ وأن الثقافة
بمعناه�ا الواس�ع تعن�ي :جمموعة النش�اط الفك�ري والفني ،وم�ا يتصل هبام
م�ن مه�ارات أو يعني عليها من وس�ائل ،وبعبارة أخرى :ه�ي جمموع النتاج
الفكري والوجداين الذي ال تكون األمة أمة إال به.
أما الرتاث فهو حيمل عنارص األصالة ،وهو الذي يمنح الثقافة التواصل
م�ع امل�ايض والقدرة عىل املع�ارصة والتطور يف املس�تقبل ،وه�و الذي يمنح
اإلنس�ان أس�لوب احلياة ،وأنامط الس�لوك ،والقيم والعادات والتقاليد التي
يتبعها يف حياته.
وه�ذا يؤكد أن اهتامم األم�ة بثقافتها وتراثها هو بمثاب�ة االهتامم بكياهنا
ومصريها ومس�تقبلها ،وأهنا إذا ما هتاون�ت يف محاية ثقافتها وتراثها فإن مآهلا
إىل االندثار والضياع والذوبان يف أحضان ثقافات األمم األخرى.
وم�ن هنا ج�اء التوج�ه باالهتمام بإحي�اء التراث احلض�اري والثقايف
وبمواضي�ع اهلوي�ة الثقافية ومواجهة الغ�زو الثقايف من خلال حتقيق األمن
الثق�ايف حلامية الرتاث والثقافة؛ وبخاصة بالنس�بة لألم�م التي تعيش أزمات
عدي�دة وتواج�ه حتدي�ات خمتلف�ة هت�دد كياهن�ا ووجودها ومصريه�ا كاألمة
العربية اإلسالمية.
دورا مهماًّ يف تطويرها وجتديد أساليب حياهتا لتكون
وتلعب ثقافة األمة ً
قادرة عىل مواجهة متطلبات احلياة وحتديات املستقبل.
26
وي�أيت التعرف عىل احلدود الثقافية لألمة مطل ًبا أساس� ًّيا ورضورة ملحة
م�ن أجل معرفة واضحة حلدود الثقافة اخلاصة باألمة كمرحلة البد منها من
أجل حتديد اهلوية واملوقف من الثقافة اخلاصة والثقافات الوافدة.
كما أن اعتماد املنهجية العلمية والعقالنية يف التفكري هو ركيزة أساس�ية
لالنطلاق باالجتاه الصحيح نحو التعامل مع ت�راث األمة واختيار ما يمكن
االس�تفادة منه من ثقاف�ات األمم األخرى بام ال يتع�ارض مع حاجات أمتنا
وتطلعاهتا؛ انطال ًقا من قوله (صىل اهلل عليه وس�لم)« :احلكمة ضالة املؤمن؛
أنّى وجدها فهو أحق هبا».
وه�ذا يؤك�د رضورة وجود صيغة جتم�ع بني ثقافتنا العربية اإلسلامية
وبين الفكر احلض�اري املعارص؛ ألننا مدعون الس�تيعاب املنجزات العلمية
والتكنولوجي�ة حتقي ًق�ا لدورنا يف اإلفادة من مكتس�بات األمم األخرى بام ال
يتعارض مع قيمنا وتقاليدنا.
11 . 1األمن الصناعي
األمن الصناعي :هو جمموعة األس�اليب واجلهود اهلندس�ية والتنظيمية
التي جيب أن تتخذ ملنع أي عمل مقصود أو غري مقصود قد يؤدي إىل عرقلة
اس�تمرارية اإلنت�اج يف القط�اع الصناع�ي وترابط حلقاته بني مجيع املنش�آت
الصناعية حتت كل الظروف.
وهذا يعني أن مفهوم األمن الصناعي يقوم عىل عنرصين مهمني مها:
27
1 . 11 . 1األساليب اهلندسية
وهي جمموعة اإلنش�اءات والتحصينات واالحتياطات الفنية التي جيب
أن تراعى عند تصميم املنشأة الصناعية لتحقيق األهداف التالية:
أ ـ تصعي�ب وص�ول األي�دي العابثة أو املغرضة إىل النقاط احلساس�ة يف
املنشأة الصناعية.
ب ـ رسعة كشف أي تسلل غري مرشوع أو تدخل غري مرغوب فيه.
جـ ـ محاية املنشآت الصناعية واملرافق التابعة هلا من أي اعتداء أو عبث.
د ـ تقلي�ل آث�ار اإلصاب�ات واحل�وادث واحل�د من انتش�ارها يف حاالت
الطوارئ.
هـ ـ توفري معدات وأنظمة اكتشاف احلرائق ومكافحتها.
و ـ توفري خدمات السالمة العامة بشكل دائم وبخاصة عند الطوارئ.
ز ـ رسع�ة القدرة عىل إعادة املنش�أة إىل العمل برسعة بعد تعرضها ألي
حادث طارئ.
28
ب ـ توفير املعلوم�ات ودقته�ا ،ويعن�ي :اهلي�كل التنظيم�ي للمنش�أة،
وخرائ�ط املوق�ع م�ن الداخ�ل ومن اخل�ارج ،وما فيها م�ن معدات
ومداخل وخمارج.
ج�ـ ـ إدارة األم�ن الصناعي :للعم�ل عىل منع احلوادث بق�در ٍ
كاف من
املعلوم�ات قب�ل حدوثه�ا ،وإدارة األزم�ات الطارئة عن�د حدوثها
حلامية األرواح واألموال واملمتلكات داخل املنشأة ومرافقها.
د ـ توعية العاملني يف املنشأة :وذلك بقدر ٍ
كاف من املعلومات التي جيب
أن حييط هبا اجلميع ليترصفوا يف إطارها عند الطوارئ ،ومن ذلك:
ـ معرف�ة العمل وخماطره ،واملكان الذي حييط به ،وأماكن وأس�اليب
احلامية الالزمة.
ـ معرفة أصول السالمة العامة والتدريب عليها.
ـ إتق�ان ثقافة العمل التطوع�ي ،والعمل بروح الفريق عند الطوارئ
واألزمات.
ولتوفري األمن الصناعي ينبغي مراعاة ما ييل:
اختيارا مناس� ًبا من حيث توافر
ً 1ـ موقع املنش�أة :إذ ينبغي اختيار املوقع
جتهي�زا أمن ًّيا
ً الش�وارع املناس�بة ،وأن يك�ون له س�ياج أمن�ي وجمهز
خاص�ا ،وأن تكون مداخله صاحلة للدخ�ول واخلروج حتت مراقبة ًّ
دقيقة.
2ـ ج�ودة توزيع املعام�ل واملعدات :من حيث جتان�س مراحل اإلنتاج
وإبعاد إمكانية تداخل حركات املعدات ووسائل النقل لكل مرحلة
من مراحل اإلنتاج.
29
3ـ توفري مس�افات السلامة الالزم�ة بني املعام�ل وخزان�ات الوقود،
ووج�ود س�احات لإلخلاء ،وأماك�ن تضمن حرية حت�رك معدات
الطوارئ واإلنقاذ واإلسعاف والصيانة عند احلاجة.
4ـ توفري التهوية الالزمة ،م�ع مراعاة االجتاه الغالب للرياح ،وبخاصة
عند انبعاث غازات أو أتربة من املنشأة عند العمل.
5ـ توفير اإلض�اءة األمني�ة الالزمة ح�ول املنش�أة ،عىل جان�ب توفري
دورات حراس�ة داخلي�ة وخارجية ،وتوفري اإلض�اءة العامة لضامن
سالمة أداء العمل.
6ـ توفري مصادر احتياطية للطاقة الالزمة سواء للتشغيل أو لإلضاءة.
7ـ توفري معدات وأنظمة كش�ف ومكافح�ة احلرائق وتدريب العاملني
عىل استعامهلا.
8ـ استمرار أعامل املراقبة والصيانة لكافة املعدات وعدم التهاون يف أي
خلل مهام كان ضئيالً.
30
. 2يف جمال األمن السياحي
1 . 2األمن السياحي (.)1
2 . 2األمن السياحي (.)2
3 . 2أنواع السياحة.
4 . 2أمن الصناعة السياحية.
5 . 2اجلريمة السياحية.
6 . 2أمن املنشآت الفندقية.
7 . 2أمن املتاحف.
8 . 2الوعي األثري.
9 . 2أمن اإلجازات.
10 . 2مسؤولية ضحايا اجلرائم السياحية.
31
32
. 2يف جمال األمن السياحي
1 . 2األمن السياحي ()1
عنصرا مهًّم�اًّ وأساس� ًّيا يف التق�دم
ً أصبح�ت الس�ياحة يف ه�ذا العصر
ال عن الدور الذي تس�هم فيه الس�ياحة االقتصادي ويف الدخل القومي؛ فض ً
كظاه�رة اجتامعية واقتصادية يف دعم أوارص الصداقة والتعاون بني ش�عوب
العامل.
وم�ن هنا فإن االزدهار الس�ياحي يقوم عىل الدراس�ة الواعية واإلدراك
اجلاد لإلمكانات املتاحة وأس�اليب استثامر تلك اإلمكانات وتوظيفها خلدمة
الس�ياحة الوطنية ،وكيفية توفري األمن واالس�تقرار يف الوطن ومحاية السياح
م�ن املضايق�ات وجرائ�م التعدي عليهم م�ن منطلق اإليامن بال�دور العظيم
ال�ذي يمك�ن أن حيققه أمن الس�ائح ومحايته ليعمل ذلك عىل جذب الس�ياح
وزيادة النشاط السياحي وبالتايل زيادة الدخل القومي.
وقد غدت الس�ياحة يف هذا العرص صناعة؛ لذا فقد قامت معظم الدول
بإنش�اء وزارة خاص�ة للس�ياحة لتشرف على ختطي�ط ورعاي�ة ه�ذا القطاع
االقتص�ادي امله�م ،وتوفري األمن الالزم لنموه وتطويره؛ ألن زيادة النش�اط
السياحي تؤدي إىل دفع عجلة التنمية؛ وألن كل إنفاق من جانب السائح إنام
هو مقابل خدمة س�ياحية حيصل عليها من برامج الفنادق والقرى الس�ياحية
واملحالت الس�ياحية ،ومن مصانع اهلدايا واملشغوالت السياحية؛ باإلضافة
إىل برامج الرشكات االستثامرية يف جمال السياحة وبالتايل إىل التطور العمراين
واإلنشائي داخل الوطن.
33
وال ش�ك يف أن الس�ائح الذي حيرض إىل البالد يكون هدفه االس�تمتاع
بقض�اء وقته وإش�باع هواياته وحاجاته التي حرض م�ن أجلها؛ فإذا أمن عىل
نفس�ه وماله فإنه س�يفكر يف العودة مرة أخرى؛ باإلضافة إىل ما قد يشيعه بني
أهل�ه وأصدقائه عَّم�اَّ وجده أثناء زيارت�ه للدولة ،وبالعكس فإن�ه إذا تعرض
أثرا س�لب ًّيا يف
لوق�وع أي م�ن اجلرائ�م أو املضايقات ضده فإن ذلك س�يرتك ً
نفسه ،ويمحو كل األشياء اجلميلة التي متتع هبا يف رحلته ما جيعله يفكر ألف
مرة قبل العودة مرة أخرى أو تشجيع أصدقائه وأقاربه عىل زيادة البالد.
ومن هنا فإن توافر األمن الس�ياحي وتوافر اخلدمات السياحية املالئمة
واللباقة يف التعامل مع السياح هي أوىل اخلطوات يف تشجيع السياحة.
وهبذا فإن األمن السياحي يعني توفري عنارص األمن والطمأنينة للسياح
من�ذ وصوهل�م إىل البلاد وحت�ى مغادرهتم هلا وذل�ك يف نفوس�هم وأمواهلم
وأعراضهم وكل متعلقاهتم وأمتعتهم ،ومحايتهم من أي مضايقات أو جرائم
قد تقع ضدهم.
34
ـ قيام الرشكات الس�ياحية بإخطار اجلهات األمنية (رشطة السياحة،
رشطة األمن العام) بكل فوج سياحي وتاريخ وصوله ومدة زيارته
وبراجمه السياحية وأماكن إقامته.
ـ تق�وم األجه�زة األمنية املختلفة بالتنس�يق مع األجه�زة املختصة يف
تأمني املناطق السياحية واألثرية للحد من اجلريمة السياحية ولبث
الطمأنينة واألمن يف نفوس السياح.
ـ تأمني الفنادق وأماكن جتمعات السياح واملحالت العامة التي يرتدد
عليها السياح وتنظيم الدوريات الالسلكية الالزمة فيها.
ـ توفير املراقب�ة الرسي�ة يف املناط�ق الس�ياحية ملراقبة ح�االت األمن
وضبط األشخاص الذين يسيئون للسياح.
ثاني ًا :تأمني األماكن التي يرتادها السياح من خالل:
ـ تأمين املناط�ق األثري�ة واملناط�ق الس�ياحية واملتاح�ف والفن�ادق
واملالهي والقرى الس�ياحية وأماكن اإليواء مثل الش�قق املفروشة
والن�وادي الرياضي�ة واملط�ارات واملوان�ئ ومواق�ف الس�يارات
واملحالت التجارية وحمطات السكك احلديدية والطرق.
ـ حتديد اخلدمات الالزمة لكل مرفق من املرافق التي يزورها السياح
مع االستعانة بنظم مراقبي األمن ،واالستعانة باستخدام األجهزة
التقني�ة احلديثة يف نظ�ام التأمني حتى ال تكون هذه األماكن عرضة
ألي نش�اط إجرامي قد ييسء إىل النشاط السياحي من جانب وإىل
الدخل القومي من جانب آخر.
35
3 . 2أنواع السياحية
تنقس�م السياحة إىل أنواع كثرية ومتعددة بناء عىل الرغبات واالجتاهات
الفكرية واملعرفية للسائح ،ومن أنواعها:
1ـ الس�ياحة الديني�ة :ويقصد هبا زيارة البلد بقص�د ديني بحت؛ حيث
جت�ري يف بعضها ش�عائر دينية معينة ،وزي�ارة األماكن اخلاصة ذات
التاريخ الديني اخلاص؛ مثل احلج والعمرة.
2ـ س�ياحة الرتفي�ه واالس�تجامم :وتعن�ي زي�ارة األماك�ن التي تش�تهر
باعت�دال الطقس أو بمناظره�ا الطبيعية اخلالبة وه�دوء ربوعها أو
مجال شواطئها أو مرافقها.
3ـ السياحية التجارية :وتكون بغرض جتاري يضعه السائح يف اعتباره؛
إذ يقوم رجال األعامل والتجارة بزيارة املعارض واألسواق التجارية
ويقومون بعقد صفقات جتارية.
4ـ السياحة الثقافية :وتكون بزيارة املناطق املشهورة بآثارها القديمة أو
للمشاركة يف املؤمترات والندوات اخلاصة باجلوانب الثقافية.
5ـ السياحية العالجية :وهي من أجل العالج أو قضاء فرتات النقاهة ،وتكون
إىل األماكن التي تشتهر بمستشفياهتا وخدماهتا الطبية املتخصصة.
6ـ الس�ياحة الرياضي�ة :وتك�ون بزي�ارة بع�ض األماكن ملامرس�ة األلعاب
واهلوايات الرياضية ،أو االشرتاك يف املسابقات والبطوالت الرياضية،
مثل تسلق اجلبال واالنزالق عىل املاء أو الثلج ،وألعاب القوى.
ومن أنواع الس�ياحة يمكن التعرف أنواع السياح كاحلجاج والرياضيني
واملرىض والتجار والساسة ...وغريهم.
36
4 . 2أمن الصناعة السياحية
يشمل موضوع أمن الصناعة السياحية جماالت كثرية لتحقيق األهداف
السياحية املطلوبة من قبل صانع السياحة وطالب السياحة الذي هو السائح؛
إذ إن أم�ن صناعة الس�ياحة يش�مل أمن املط�ارات واخلط�وط اجلوية ،وأمن
الفنادق ،واألمن املرصيف ،واألمن العام ،واألمن اخلاص ....وغريها.
وإىل جان�ب ه�ذه املرافق حيتاج الس�ائح إىل األمن يف ع�دد من النواحي
يغفل عنها بعض صناع السياحة ومنها:
1ـ أم�ن الطع�ام والرشاب :إذ إن أش�د ما يفس�د إجازة الس�ائح هو أن
تدامه�ه أم�راض ما يس�مى اضطرابات املع�دة نتيجة تغري أس�اليب
وأن�واع الطعام والرشاب يف بلد الس�ائح عنها يف البلد الذي يزوره؛
ل�ذا ف�إن مهم�ة املس�ولني ع�ن الس�ياحة مراع�اة التأكد م�ن وجود
الضامن�ات الصحي�ة املناس�بة يف املطاعم الس�ياحية إىل جانب نظافة
مرافقها وملحقاهتا ،من خالل التفتيش العشوائي والدائم عليها.
2ـ أمن س�يارات األجرة (التاكيس) :إذ جيب أن تكون سيارات األجرة
مرخصة ،وأن حتمل التأمني املناسب الذي حيمي الراكب والسائح،
خاصا وتزويده بمعلومات ثقافيةترخيصا ًّ
ً وجيب أن حيمل س�ائقها
عن أساليب التعامل مع ضيوف الوطن بعيدً ا عن اجلشع والتغافل.
كام ينبغي متابعة الس�يارات اخلاصة التي ختدم السياح بأساليب غري
حضارية.
3ـ األدالء الس�ياحيون :إن كل س�ائق ه�و دليل س�ياحي غري رس�مي،
ولك�ن األدالء الس�ياحيني الرس�ميني جي�ب أن يكون�وا خمتصين
37
ومؤهلني وبخاصة من قبل الرشكات السياحية التي تنظم الرحالت
السياحية الداخلية واخلارجية.
وأخيرا ينبغ�ي أن يتحمل كل مواطن مس�ؤوليته األدبية جتاه الس�ياح
ً
الذي�ن يف�دون إىل بل�ده ،وأن يك�ون خري ممثل لوطن�ه يف تعامله مع الس�ياح
ليعطي انطبا ًعا جيدً ا عن وطنه ومواطنيه.
5 . 2اجلريمة السياحية
مرسحا ملزاولة
ً تتخذ بعض الفئات املتخصصة يف اإلجرام من الس�ياحة
نش�اطها اإلجرامي بأنواعه املختلفة ،ويكون املجني عليهم يف هذه احلالة هم
السياح الذين يقع االعتداء عليهم أو عىل أمواهلم وممتلكاهتم.
ومن العوامل التي تساعد عىل ارتكاب اجلرائم السياحية ما ييل:
1ـ جهل الس�ائح بمعامل البالد ،وعدم فهمه لطبائع املواطنني ،وش�عوره
بالغربة ما جيعله فريس�ة سهلة للمجرم السياحي الذي يستغل ذلك
فيقوم باس�تغالل الس�ائح أو االحتيال عليه أو هتديده للحصول منه
عىل مبالغ نقدية أو أشياء عينية دون وجه حق.
كثيرا ما تقوم وس�ائل اإلعالم والدعاية اخلاصة برشكات الس�ياحة
ً 2ـ
بطمأنة الس�ائح عىل توافر األمن والطمأنينة دون اإلشارة إىل بعض
املحاذير التي ينبغي أن تراعى من قبل السائحني.
3ـ أن السياح القادمني من بالد مشهود هلا باألمن ال يتخذون احتياطات
أمني�ة عىل أنفس�هم أو ممتلكاهتم أس�وة بام تعودوا علي�ه يف بلداهنم،
فيس�هل ذلك للمجرم الس�ياحي فرص�ة ارتكاب جريمت�ه مع هذه
النوعية من السياح.
38
4ـ انرصاف اهتامم الس�ائح وتركيز انتباهه عىل مش�اهدة املعامل السياحية
أو األثري�ة ما جيعل�ه ال هيتم بام يدور حوله من وس�ائل االحتيال أو
االختالس.
5ـ أن ح�رص الس�ائح عىل عدم إثارة املش�كالت التي قد تؤخر س�فره
جيعله يعزف عن اإلبالغ عماّ وقع عليه من جرائم.
وم�ن هنا فإن اجلرائم الس�ياحية أغلبها جيمعها داف�ع واحد وهو حتقيق
اجل�اين للنف�ع املادي غير املرشوع س�واء بطريقة مب�ارشة كالرسقة والنش�ل
واالحتي�ال ،أو بطريقة غري مبارشة للحصول عىل مقابل مادي كبري أو هدايا
قيمة.
وإن كان الغالب أال يقوم الس�ائح باالعتداء عىل املواطنني؛ ألن السائح
يميل يف الغالب إىل حتقيق هدفه اإلجيايب من السياحة إال أن بعض السياح قد
حيرضون إىل البالد بقصد ارتكاب جرائم معينة مثل هتريب بعض املمنوعات
أو التهريب النقدي أو الذهبي أو هتريب اآلثار إىل اخلارج.
39
واملطاع�م الس�ياحية ،وكذل�ك وس�ائل النق�ل املخصص�ة لنق�ل الس�ياح يف
رحالت برية أو بحرية.
وتأيت أمهية تأمني املنشآت الفندقية من منطلقني مها:
1ـ املنطل�ق االقتص�ادي :إذ إن توفير عنصر األمن يعد أح�د العنارص
الرضورية يف تنش�يط السياحة بصفة عامة ،وبالتايل إىل زيادة الدخل
القوم�ي ،ومن هن�ا تظهر أمهي�ة تأمني املنش�أة الفندقية م�ن الناحية
االقتصادية.
كثريا من اجلنسيات
2ـ املنطلق السيايس :إذ إن املنشأة الفندقية تضم عادة ً
تأثريا
والشخصيات املهمة ذات املكانة اخلاصة؛ هلذا فإن تأمينها يوثر ً
واضحا يف عالقة الدولة بالدول األخرى.
ً
ويمكن حرص األخطار التي ينبغي االحتياط منها يف املنش�آت السياحية
بعامة واملنشآت الفندقية بخاصة يف نوعني من األخطار:
األول :األخط�ار غري املتعمدة ،كاألخطار الطبيعية التي حتدث بفعل الطبيعة
دون دخ�ل للإرادة البرشي�ة فيها كال�زالل والرباكين والفيضانات
وعوام�ل التعرية والرياح .وهذا يقتيض اختيار موقع املنش�أة بش�كل
علم�ي ومدروس للح�د من تلك األخطار ،وإع�داد اخلطط الالزمة
مقد ًم�ا ،وهي الت�ي تعرف بخط�ط الطوارئ ملواجه�ة تلك األخطار
وآثارها.
الث�اين :األخط�ار املتعم�دة (األخطار البرشي�ة) :وهي األخط�ار التي حتدث
نتيجة تدخل أفراد برشيني وينتج عنها هتديد األمن وسلامة املنشأة،
واألفراد ،ومنها :احلرائق،الرسقة ،التخريب وغريها.
40
وكل واح�د م�ن أن�واع األخط�ار البرشية حيت�اج إىل إجراءات مناس�بة
للحيلولة دونه واحلد من آثاره مثل:
ـ أن تشمل مجيع غرف النزالء اإلرشادات الالزمة الواجب اتباعها عند
الطوارئ.
ـ أن يع�رف مجي�ع العاملين يف املنش�أة مكان أب�واب الط�وارئ وأبواب
اهلروب.
ـ أن تك�ون هن�اك تعليامت مس�بقة للن�زالء والعاملني بأس�اليب إعالن
خطط اإلخالء.
ـ أن تك�ون التعليمات والتوجيه�ات واضح�ة وخمتصرة حت�ى يمك�ن
للجميع استيعاهبا وتنفيذها عند احلاجة.
ـ حتديد واجبات كل قسم من أقسام املنشأة إزاء تنفيذ اخلطط والتعليامت.
ـ احلرص عىل أعامل التصوير والتسجيل للنزالء من الشخصيات املهمة
أثناء إقامتهم يف املنشأة.
7 . 2أمن املتاحف
املتحف هو مؤسسة دائمة تنشأ بغرض حفظ ودراسة جمموعات
م�ن املقتني�ات ذات القيمة الثقافي�ة من النواحي التارخيي�ة والعلمية
والفني�ة والتقني�ة ،وك�ذا جمموعات م�ن املقتنيات العلمي�ة ،عىل أن
تعرض هذه املقتنيات عىل اجلمهور.
وهب�ذا ف�إن ه�ذا التعري�ف يش�مل أماكن ق�د تكون بعي�دة عن
ذه�ن املتلقي عندم�ا يتعرض لفك�رة املتحف؛ فه�و يتضمن حدائق
احليوان ،واحلدائق املتخصصة لدراس�ـة نوعيـات معينة مـن النباتـات
41
( )Botanical Gardensوبع�ض قاع�ات الع�رض لألنظم�ة الفلكية
أو أنواع األس�لحة القديمة والطائرات ،كام يتس�ع ـ أيض ًَا ـ ليش�مل
املكتب�ات العام�ة وص�االت األرش�يف الت�ي حت�وي قاع�ات دائمة
للدراسة.
وملا كانت كثري من املتاحف تركز عىل مرحلة تارخيية معينة؛ فإن
ذل�ك يؤكد أمهيتها يف التوعي�ة الثقافية واملعرفية لروادها وقاصدهيا.
وإن معظم متاحف العامل تنص عىل أن اهلدف منها ما ييل:
ـ حفظها لرتاث األمة الثقايف والتارخيي العلمي.
ـ دراس�ة مقتنياهتا وحتليل مضامينها والتوسع يف فهمها علم ًّيا واجتامع ًّيا
واقتصاد ًّيا.
ـ عرض مقتنياهتا عىل اجلمهور لالستمتاع واالعتبار.
وهلذا فإن الش�عوب املتقدمة تقيس مدى تقدمه�ا بمدى توافر املتاحف
فيه�ا ،ثم تقيس مدى نجاح هذه املتاحف بم�دى تأثريها الثقايف يف املجتمع،
وال تنظ�ر إليه�ا عىل أهنا جمرد عرض ألش�ياء قديمة كانت هل�ا قيمة يف الزمن
الس�ابق ،وهبذا فإن املتحف لدى تلك الش�عوب مؤسس�ة ثقافي�ة ذات أبعاد
ودالالت علمية وعملية ال يمكن إغفاهلا.
واملتاح�ف أن�واع كما اتض�ح م�ن تعريفه�ا؛ إذ هن�اك متاح�ف تارخيية
ومتاحف فنية ومتاحف تقنية ومتاحف علمية.
وهناك أخطار تواجه املتاحف عادة ويمكن تقسيمها إىل:
ـ األخطار العمدية :كالرسقة ،واحلريق ،وأعامل التخريب.
42
ـ أخط�ار اإلمهال :كخط�ر احلريق باإلمه�ال ،وخطر التل�ف والتحطيم
النات�ج عن أس�اليب التخزين والعوام�ل الطبيعية واجلوي�ة كاحلرارة
والرطوبة.
ـ األخطار التي ترجع إىل القوة القاهرة كأخطار الزالزل والرباكني.
وهل�ذا فإن مس�ؤولية اجلهات املختص�ة يف تأمني املتاحف تش�مل تأمني
مب�اين املتاح�ف ومقتنياهتا ،وتأمني رواد املتاحف وسلامتهم م�ن كل ما قد
يؤذهيم .وتشمل تلك املسؤولية :تنظيم حركة رواد املتاحف ،وتزويد روادها
باإلرش�ادات والتوجيهات الالزم�ة ،إىل جانب مراعاة حاج�ة املقتنيات من
الرعاي�ة والعناي�ة ،واإلرشاف عىل أس�اليب فتح األب�واب وإغالقها وحفظ
املقتني�ات ،وتوعية املجتم�ع للحفاظ عىل أمن املتاح�ف بصفتها ثروة علمية
عاملية تنبغي املحافظة عليها ومحايتها.
8 . 2الوعي األثري
لآلثار دور بارز يف تنمية الس�ياحة ،ويف قضايا كثرية هتم املجتمع س�واء
من النواحي االجتامعية أو االقتصادية أو اإلعالمية أو الثقافية أو السياسية.
ومن هنا حترص اجلهات املختصة يف وزارات الس�ياحة واآلثار يف مجيع
دول العامل عىل تنمية الوعي األثري لدى املواطنني؛ ألنه يمثل نقطة االنطالق
يف العمل األثري ،وهييئ املناخ البرشي املناسب لكل مراحل العمل السياحي
يف املواقع األثرية ،وهو الذي يرتجم العناية والرعاية الالزمة لآلثار.
والوع�ي األثري مقي�اس من املقايي�س املهمة لثقافة األم�م وحترضها؛
ألن�ه يف غيب�ة هذا الوعي يتم إهدار الرتاث األث�ري أو التفريط فيه ،وهو أمر
كثيرا م�ا نش�اهده يف دولنا العربية؛ إذ إن�ه يف غيبة هذا الوع�ي ـ أيض ًا ـ يتبلد
ً
43
احل�س األثري تبل�دً ا يرض بمعايري التقدم الصحيح للتراث األثري ،ويؤدي
إىل امت�داد األيدي العابث�ة بالرتاث من داخل البالد وم�ن خارجها بح ًثا عن
الش�هرة والث�راء فتق�وم بنهب وهتري�ب اآلثار خ�ارج البلاد أو العبث فيها
واإلساءة إىل تقنياهتا.
وملا كان احلفاظ عىل الرتاث بعامة وعىل املواقع األثرية بخاصة مسؤولية
حضاري�ة بالدرجة األوىل ،بل مس�ؤولية فردية ينبغ�ي أن يضطلع هبا كل فرد
م�ن أفراد األمة؛ ف�إن إجياد الوعي األثري وتنميته ال يمكن أن تقع عىل عاتق
جهة بعينها ألهنا ال تستطيع أن تنهض بمسؤولية هذه األمانة.
وم�ن هنا يربز دور هيئات الس�ياحة واآلثار املعنية بأم�ر الرتاث ،ودور
املؤسسات الثقافية والتعليمية واإلعالمية ،ودور مؤسسات السياحة والسفر
يف نرش الوعي الثقايف من خالل:
ـ تقديم قضايا اآلثار واملتاحف بشكل حضاري وتوعوي.
ـ التعريف باملواقع األثرية وإنجاز األجداد يف اجلوانب احلضارية بشكل
مناسب بعيدً ا عن االنفعال واملبالغة.
ـ اختيار الوقت املناسب للتعريف باآلثار واملتاحف.
ـ أن تعنى املناهج التعليمية بتعميق انتامء الطالب نحو تراثهم وحرصهم
عىل محاية هذا الرتاث والعناية بمكوناته.
ـ تكثيف نرش الكتب وامللصقات وتوزيعها من خالل مكاتب الس�ياحة
والسفر.
ـ زيادة تدريب وتأهيل املرشدين وأدالء السياحة للتوعية األثرية.
44
ـ تكوي�ن مجعيات ألصدق�اء أو محاة اآلثار واملتاحف يف كافة املحافظات
واملناطق لنرش الوعي األثري.
وهذا يؤكد أن مس�ؤولية احلفاظ عىل الرتاث مس�ؤولية إنسانية تقع عىل
عاتق كل فرد من أبناء هذه األمة ،ويؤكد أن تلك املسؤولية مسؤولية مشرتكة
ينبغ�ي أن يضطل�ع هبا اجلميع إىل جانب املؤسس�ات الرس�مية ومؤسس�ات
املجتمع املدين.
9 . 2أمن اإلجازات
متث�ل اإلج�ازة مرحلة مهم�ة من حياة اإلنس�ان؛ إذ إهنا متث�ل ثلث حياة
ما أو طالب ًا ،ومتثل س�دس حياة امل�رء إذا كان موظف ًا عاد ًّيا،
امل�رء إذا كان معل ً
وهي رضورية ليجدد املرء نشاطه بعد استمتاعه باإلجازة سواء أكانت إجازة
سنوية أو إجازة هناية األسبوع.
ويس�تغل كثير م�ن الن�اس إجازاهت�م يف حتقي�ق طموحاهت�م وأمانيهم
م�ن خلال تطبي�ق اإلستراتيجيات اإلجيابية حلياهت�م اخلاص�ة أو العامة؛ إذ
يس�تغلوهنا يف اكتس�اب املع�ارف وامله�ارات الت�ي تفيده�م كتعل�م اللغات
ومهارات احلاس�وب وحفظ القرآن الكريم ،أو تعلم املهن والصناعات التي
يمك�ن أن يفي�د منها امل�رء يف حياته اخلاص�ة أو حياته العملية ،أو يف ممارس�ة
العمل التطوعي الذي يفيد املجتمع املحيط باألرسة.
وتُعن�ى كثري م�ن األرس واألف�راد بالتخطيط لقضاء اإلجازة بأس�لوب
علم�ي وحض�اري يتفاه�م حول�ه ويتف�ق عليه مجي�ع أف�راد األرسة بام حيقق
األهداف املرجوة لكل فرد من أفراد األرسة.
45
حمورا أساس ًّيا من املحاور التي تدور حوهلا اخلطط
وتش�كل ثقافة السفر ً
والربامج األرسية لقضاء اإلجازات؛ إذ غدا الس�فر ظاهرة اجتامعية ونفس�ية
نظرا ألمهيته لدى كثري من أفراد األرس ،وملا حيققه
واقتصادي�ة يف هذا العصر ً
من آمال وطموحات لدى بعضهم اآلخر.
وقد جسد اإلمام الشافعي فوائد السفر بقوله:
تغرب عن األوطان يف طلب العال وسافر ففي األسفار مخس فوائد
َت َف ُّر ُج َه ٍّم ،واكتســاب معيشــــة وعلم ،وآداب ،وصحبة ماجـد
واملالحظ من الناحية األمنية أن بعض من يرتكون منازهلم بقصد السفر
يف اإلج�ازات يوف�رون الف�رص املالئم�ة لالعت�داء عىل منازهل�م من خالل
التقصير أو اإلمهال وع�دم االكرتاث؛ من خالل ع�دم توثيق إغالق أبواب
املنازل ،ومن خالل ترك األش�ياء الثمين�ة يف أماكن قريبة من متناول اجلميع،
وم�ن خالل عدم إش�عار جرياهن�م برغبتهم يف مغادرة منازهل�م ملدة حمدودة؛
دورا
إذ يمك�ن أن يلع�ب عدم توافر الوس�ائل الكفيلة الكافية حلامي�ة املنازل ً
مهًّم�اًّ يف تعرض املنزل للرسقة؛ كوضع األقفال الضعيفة ،واألبواب الس�هلة
االخرتاق أو السكر؛ بحيث تكون غري آمنة عند خلوها من سكاهنا.
وق�د اتضح أن إمهال س�كان املنزل يس�هم يف وق�وع اجلريمة من خالل
مفتوحا بحجة أن
ً بع�ض احلوادث التي س�جلتها الرشطة مث�ل :ترك الب�اب
أح�د أف�راد األرسة كان موج�و ًدا خارج املن�زل فكانت تلك دع�وة مفتوحة
للسارق ليأخذ منه ما يشاء وخاصة أثناء الليل.
كام س�جلت س�جالت الرشط�ة حوادث رسق�ة قام هب�ا منفذوها يف
غياب عنرص احلامية وهو حديد احلامية عىل الشبابيك.
46
لذا ويف ضوء ما تقدم يتعني أن يتنبه املرء إىل أن عليه أال يكون معينًا لدفع
اجل�اين إىل ارتكاب ما يفعله من أفع�ال إجرامية بام يوفره من فرص وظروف
جتعل�ه ضحية إلمهال�ه وتقصريه يف محاية ممتلكاته عندما يق�وم بمغادرة منزلة
ملدة قصرية أو طويلة.
47
وخصوصا
ً واضحا يف وق�وع اجلريمة،
ً دورا
2ـ العم�ر :إذ يلع�ب العمر ً
إذا كانت الضحية يف س�ن تس�تطيع منها أن تدرك أمهية اإلجراءات
الوقائية التي جيب اتباعها ملنع وقوع اجلريمة.
وقد بينت الدراسات التي أجريت حول موضوع ربط فئات العمر
بأنواع خمتلفة م�ن اجلرائم أن فئة األعامر من (12ـ )24حتظى بأعىل
نسب الضحايا يف جمال جرائم الرسقة واالغتصاب واالعتداء.
3ـ الطبق�ة االجتامعي�ة :إذ إن فئة العزاب واملطلقين والفقراء واجلهال
تعرضا للجريمة.
ً الساذجني من أكثر الفئات
4ـ غياب مصدر احلامية :حيث يلعب غياب مصدر احلامية ـ سواء أكان
دورا مهماًّ يف وقوع اجلريمة ،ويتمثل ذلك يف غياب
ماد ًّي�ا أو معنو ًّي�ا ً
رب األرسة ،ويف ح�ال كبار الس�ن الذين يعيش�ون بمفردهم بعيدً ا
ع�ن رقاب�ة أو محاية أحد أف�راد أرسهم ...إىل غري ذلك .ويس�تطيع
السائح دفع الرضر عن نفسه واحليلولة دون وقوعه ضحية لإلجرام
من خالل:
ـ االهتمام باملمتل�كات واألش�ياء الثمين�ة واألوراق الثبوتي�ة وعدم
التفري�ط هب�ا أو إمهاهل�ا ،ويمك�ن إيداعه�ا ل�دى إدارة الفن�دق أو
االحتفاظ هبا يف خزنة خاصة.
ـ التنقل يف وسائل النقل العامة لعدم إتاحة الفرصة للسائق اخلصويص
باالنفراد بالسائح إال إذا كانت السيارة تابعة جلهة رسمية معروفة.
ـ توعية األبناء وصغار الس�ن جت�اه التعامل بحذر وعدم الغفلة عنهم
وعدم محلهم لألشياء الثمينة املغرية للرسقة واالعتداء.
48
ـ املحافظ�ة على مفاتي�ح غرف الن�وم وبخاصة املفاتي�ح اإللكرتونية
وعدم تسليمها للفندق حتى بعد املغادرة ألهنا حتمل أحيانًا بيانات
شخصية عن السائح ينبغي عدم إفشائها.
ـ رضورة اإلعلام بالقوانين املحلي�ة للبل�د الذي يقيم فيه الس�ائح،
ومعرفة كل ما يتعلق برصف النقود.
49
50
. 3يف جمال اإلعالم
1. 3اإلعالم األمني.
2 . 3أثر اإلعالم يف الوقاية من اجلريمة.
3. 3العالقات العامة واالتصال.
4. 3الدور األمني لوسائل االتصال اجلمعي.
51
52
. 3يف جمال اإلعالم
1. 3اإلعالم األمني
إن مفهوم اإلعالم األمني من املفاهيم حديثة النشأة ،وهو ذو داللة عىل
األم�ن الداخلي للدولة واملجتمع أكثر من غريه من األماكن؛ وهو يس�هم يف
خدمة املجتمع واستقراره مرتكزا عىل املخزون الفكري والثقايف لألمة.
وق�د تعددت تعريفات هذا املفهوم وفقا لتوجهات املهتمني واهتامماهتم؛
إذ حرصه بعضهم بام يتعلق بجريمة ما دون غريها؛ فيام توسع بعضهم يف تعريفه
ليشمل األمن بمفهومه الشامل؛ وذلك استنادا لثالث نقاط أساسية هي:
1ـ إن اهتامم بعض الباحثني يف اإلعالم األمني اقترص يف واقع األمر عىل
االهتامم بكيفية االس�تفادة من التقنية واحلرفية واخلربة اإلعالمية يف
نرش الثقافة واملعرفة األمنية بني أكرب عدد من املتلقني.
2ـ إن دراسة اإلعالم األمني اقترصت عىل دراسة أهم وظائف اإلعالم
املتمثل�ة يف التثقيف ومعرفة األف�كار واملعلومات واألخبار اجلديدة
اخلاصة باجلوانب األمنية.
3ـ إن اهتامم وس�ائل اإلعلام يف هذا العرص قد انحرص يف املوضوعات
املتخصص�ة؛ وذل�ك تلبي�ة الهتاممات الن�اس واس�تجابة لرغباهتم
وحاجاهت�م املعرفي�ة ،وم�ن هنا تعددت الرس�ائل اإلعالمي�ة بتعدد
األهداف والرؤى والتوجهات.
ومن أبرز التعريفات التي تناولت مفهوم اإلعالم األمني:
53
ـ أن�ه كل ما تق�وم به اجله�ات ذات العالقة من أنش�طة إعالمية ودعوية
هبدف املحافظة عىل أمن األفراد واجلامعات وأمن األوطان ومكتسباهتا
يف ظل املصالح املعتربة.
ـ أو أن�ه النرش الصادق للحقائق والثواب�ت األمنية واآلراء واالجتاهات
املتصل�ة هب�ا والرامية إىل ب�ث مش�اعر الطمأنينة والس�كينة يف نفوس
املتلقين م�ن خلال تبصريهم باملع�ارف والعل�وم األمنية ،وترس�يخ
قناعاهت�م بأبعاد مس�ؤوليتهم األمنية ،وكس�ب مس�اندهتم يف مواجهة
صنوف اجلريمة وكشف مظاهر االنحراف.
ـ يف حين عرفه آخرون بأنه :نمط إعالمي هادف موجه إىل كافة أطياف
املجتمع ،ويس�تخدم خمتلف وسائل اإلعالم ،ويعتمد عىل املعلومات
واألف�كار واحلقائ�ق ذات العالق�ة املب�ارشة باألم�ن ،ويت�م عرضها
بطرائ�ق موضوعية ،وخيدم املوضوعات والقضايا األمنية،وهيدف إىل
حتقيق األمن بمفهومه الشامل.
ـ وعرف�ه بعضهم بأنه :املعلومات الكامل�ة واجلديدة واملهمة التي تغطي
كافة األحداث واحلقائق والقوانني املتعلقة بأمن املجتمع واس�تقراره،
والتي يعد إخفاؤها أو التقليل من أمهيتها نوعا من التعليم اإلعالمي.
ـ أو أنه :كل ما تقوم به اجلهات ذات العالقة من أنشطة إعالمية ودعوية
وتوعوية هب�دف احلفاظ عىل أمن األف�راد واجلامعات يف ظل املقاصد
واملصال�ح املعتبرة (أي الت�ي حتق�ق مصلح�ة الوط�ن واملحافظة عىل
مقدراته ومكتسباته).
وه�ذا كله يؤكد العالقة التبادلية بني اإلعالم واألمن يف س�بيل حتقيق
األم�ن بمفهومه الش�امل والذي يس�هم بدور فاعل يف حتقي�ق التنمية
الشاملة واملستدامة.
54
2 . 3أثر اإلعالم يف الوقاية من اجلريمة
لقد أصبح اإلعالم يف العرص احلديث من أكثر األجهزة والوسائل قدرة
على التأثير يف ثقاف�ة األف�راد ،ويف س�لوكهم؛ إذ مل يعد الف�رد يف هذا العرص
أسير بيئة اجتامعية حمدودة تتمثل يف األرسة واملدرس�ة واملجتمع املحيل ،كام
كان س�ابقا؛ بل أصبح يعيش يف خضم متصارع تتدفق من خالله العديد من
التي�ارات الفكرية واالجتامعي�ة واالقتصادية التي ختتلف يف أهدافها وقيمها
واجتاهاهتا ،التي أصبحت يف متناول اجلميع من خالل ما تبثه وسائل اإلعالم
ووسائل االتصال املختلفة ،والتي تؤثر يف سلوك الفرد وتوجهاته.
ومن هنا فإن املواد اإلعالمية التي تقدم يف وس�ائل اإلعالم املختلفة ال
تنب�ع م�ن بيئة واحدة وال تعرب عن رأي واحد وال موقف واحد بل هي حتمل
قيما وأنامط س�لوك متباينة قادرة على التأثري يف تبني املتلقين ملواقف وأنامط
س�لوكهم س�لبا أو إجيابا ،حتى تأكد صدق من وصف اإلعالم بأنه «سلاح
ذو حدين».
وهذا يؤكد أن وس�ائل اإلعالم تلعب دورا خطريا يف تنش�ئة األجيال،
ويف ثقافة املجتمعات ،بل ويف أمنها وأماهنا وسالمتها.
وقد كش�فت دراس�ات يف عل�م االجتامع وأخ�رى يف عل�م اجلريمة أن
وس�ائل اإلعلام تعمل عىل تش�جيع بعض أف�راد املجتمع على قبول وضع
اجتامعي معني ،أو حترضهم عىل التمرد عىل وضع قائم ،وأن وسائل اإلعالم
يف حرصها عىل إرضاء قطاع من املجتمع هتبط بالقيم اجلاملية والذوق العام.
ويف جم�ال االنح�راف واجلريمة فق�د حتدث كثريون ح�ول تزيني بعض
وس�ائل اإلعالم للجريم�ة واإلجرام يف نفوس الناس ألهن�ا تعرض اجلريمة
55
بطريق�ة مثرية ،وتبال�غ يف وصفها وكأهنا ترفع من ش�أن مرتكبيها؛ ما يزعزع
الثقة بمثل وقيم وعقيدة املجتمع.
ويف اآلون�ة األخرية تزايد حجم املس�احة املخصصة ألخبار اجلريمة يف
وس�ائل اإلعالم؛ حتى ظهرت صحف وجمالت متخصصة يف نرش ألوان من
أخبار اجلريمة وفنوهنا ،وكام هو احلال يف بعض املواقع اإللكرتونية.
ويمكنن�ا الق�ول إن الصحافة األمريكية كانت القدوة الس�يئة للصحافة
العاملي�ة يف هذا امليدان؛ حيث ينظر أصحاهبا ورؤس�اء حتريرها إىل هذا اللون
م�ن األخبار نظرة جتارية بحت�ة ،ثم جاء التلفاز واإلنرتنت فأكدا عملية جتارة
اإلج�رام والعن�ف من خالل ما يبثان�ه من صور وأفالم وأس�اليب للجريمة
واالنحراف ،حتى غدا بعض املتلقني يعش�قون متابعة تلك الصور واألفالم
حتى غدت أساس�ية يف حياهتم وانعكس�ت عىل س�لوكهم وتوجهاهتم؛ ألن
اس�تمرار التع�رض واملتابع�ة لتل�ك املش�اهد والصور ي�ؤدي حتما إىل تبني
أفكارها وقيمها وتقليدها.
ه�ذا إىل جان�ب أن اجلرعات اإلعالمي�ة املتواصلة وبأس�اليبها املختلفة
تولد نوعا من الالمباالة جتاه األمور السلبية (ومنها اجلريمة واالنحراف) إن
مل تؤكد نظرية تعلم العنف واإلجرام من خالل املالحظة ثم التطبيق بش�كل
آيل وأتوماتيكي .
ومن هنا يأيت تأكيد تشديد الرقابة العامة والرقابة األرسية للتخفيف من
التأثر بصور اجلريمة واالنحراف لدى الناش�ئة وأن تقوم مؤسسات املجتمع
املدين بدور فاعل يف التوعية من اآلثار الس�لبية لبعض وسائل اإلعالم للحد
من تأثر الش�باب بس�لبياهتا واإلفادة من إجيابياهتا ألهنا سلاح ذو حدين كام
ذكرنا سابقا.
56
3 . 3العالقات العامة واالتصال
العالق�ات العام�ة هي اجلهاز ال�ذي يربط املؤسس�ة أو اهليئ�ة التي يتبع
هل�ا بجمهوره�ا الداخيل أو اخلارج�ي من خالل التواص�ل وتوفري اخلدمات
املطلوبة.
وقد زاد التقدم الفني والتقني يف وسائل اإلعالم املختلفة يف هذا العرص
دور فعالية العالقات العامة وأمهيتها لتحقيق أهداف املؤسس�ة أو اهليئة التي
متثلها هذه اإلدارة.
واالتصال هو ذلك النوع من التفاعل بني اإلدارة واجلمهور املس�تهدف
ع�ن طريق اس�تخدام وس�ائل االتص�ال اجلامهيري أو اإلعالم�ي كاإلذاعة
والتلفاز والصحافة.
ويقص�د بالصحاف�ة :الكلمة املطبوعة عمو ًما؛ حي�ث يلحق هبا الكتاب
والنرشات وامللصقات واملعارض.
واالتصال :ه�و عملية يقصد هبا تبادل األف�كار واملعلومات والبيانات
بقص�د اإلقن�اع ،وه�و أداة اإلنس�ان للمش�اركة يف املجمع ال�ذي يعيش فيه
بعام�ة ،وأداة إدارات العالق�ات العام�ة واإلعلام يف جتس�يد رؤيتها وترمجة
رسالة املؤسسة أو اهليئة التي متثلها.
ويت�م االتصال بني األفراد واملنظامت واملؤسس�ات واهليئات من خالل
نمطني رئيسيني من أنامط االتصال مها:
ـ االتصال الش�خيص :الذي يتم بني الفرد وغريه مبارشة؛ حيث يستطيع
الف�رد أن ينق�ل لآلخرين وجه�ة نظره ويناقش�هم فيها ،ويس�تمع إىل
أخريا إقناع أحد الطرفني بوجهة نظر اآلخر.
مالحظاهتم عليها ،ويتم ً
57
ـ االتص�ال اجلامهيري أو اإلعالم�ي :ويت�م ذل�ك ع�ن طريق وس�ائل
االتصال املعروفة كاإلذاعة والتلفاز والصحافة ،وهذا النوع من أنواع
تأثريا ألن القائم باالتصال ال يستطيع متابعة أثر الرسالة
االتصال أقل ً
التي نرشها من خالل وسائل اإلعالم واحلكم عىل نجاحه يف مهمته.
تأثريا فإن موظفي العالقات
وملا كان االتصال الشخيص هو األقوى ً
العام�ة حيرص�ون خالله عىل اإلمل�ام بامله�ارات واالجتاهات التالي�ة لتحقيق
مهامهم:
ـ اإلملام بواجبات الوظيفة ،ورؤية ورسالة املؤسسة التي ينتمون إليها.
ـ األدب واللباقة يف احلديث.
ـ حسن أداء العمل ،والرسعة واإلجيابية يف أدائه.
ـ احل�رص عىل املظهر الالئق والبشاش�ة أثناء العم�ل ،وأثناء التعامل مع
اجلمهور.
ـ التعام�ل م�ع اآلخرين بروح اإلنس�انية والعدال�ة ،ويف تطبيق القوانني
واللوائح.
ـ االلت�زام بقواع�د الس�لوك الت�ي تس�اعد على حتقي�ق األه�داف بيرس
وسهوله.
ـ االنطالق يف العمل من خالل خطة إسرتاتيجية واضحة.
ـ إتقان مهارة خماطبة األفراد واجلامهري يف اللقاءات الشخصية والرسمية
ويف الندوات واملحارضات أو املشاركة يف الربامج اإلعالمية املختلفة.
ـ إتقان مهارات املراس�م وقواعد االس�تقبال وتنظيم املناسبات الرسمية
واالحتفاالت.
58
4 . 3الدور األمني لوسائل االتصال اجلمعي
يف الوق�ت الذي حيق�ق فيه األمن مطل ًبا أساس� ًّيا جلميع أف�راد املجتمع،
خطريا يف كافة املجاالت ،وخاصة إذاً دروا
تؤدي وس�ائل االتصال اجلمع�ي ً
استخدمت عىل أساس علمي يف خدمة التنمية ودفع عجلة التطور.
ويربز هذا الدور لوس�ائل االتصال اجلامهيري بنوع خاص من التطور
املذه�ل ال�ذي وصلت إليه وس�ائل اإلعالم ،ومتتد رس�الة اإلعالم لتش�مل
إحداث النهضة االجتامعية املرجوة؛ إذ يس�اعد اإلعالم عىل إشاعة األفكار،
ونشر املعلوم�ات ،وع�رض القي�م ،وتعمي�م االجتاه�ات ،ورفع املس�توى
الفك�ري والوجداين بني اجلامهري ،وإجياد الش�خصية النموذجية التي تتصف
ب�روح التعاون ،وجتس�د روح الفريق يف جم�االت إنتاجها وجم�االت تعاملها
وتكاملها مع أفراد املجتمع.
ويمك�ن لإلعلام تغيير اجتاه�ات األف�راد وغ�رس املعايري الس�لوكية
املالئمة إلحداث التغري املطلوب بام يتفق مع حاجات التنمية ،ودور اإلنسان
يف املسامهة فيها.
وقد أصبحت الثقافة تعني يف بعض معانيها االتصال اجلامهري بوس�ائله
األساسية املعروفة (املقروءة واملسموعة واملرئية) إىل جانب الصحف والكتب
سلاحا ذا حدين :حتقق تنمية
ً والربام�ج التوعية؛ لذا فإن هذه الوس�ائل تعد
الروح االجتامعية الوطنية ،وتنرش األفكار واملفاهيم والقيم اإلجيابية ،ولكنها
تكون وس�ائل مضللة إذا اعتمدت عىل اإلث�ارة ،وتبنت مفاهيم وقيماً مغايرة
ملفاهيمنا وقيمنا ،وإن ذلك س�يؤدي إىل تبعي�ة فكرية ،وإىل هيمنة أجنبية عىل
الرس�الة الفكري�ة أو الثقافية أو اإلعالمية التي يتلقاها اجلمهور املس�تهدف،
59
وتأث�ره بأس�لوب تفكري ونم�ط حياة وظ�روف حياتيه غري مناس�بة ملجتمعنا
وقيمه التي تريب عليها آباؤه وأجداده.
ومن هنا تأيت أمهية تضافر اجلهود الرسمية والشعبية كي تتصدى للهيمنة
األجنبية يف اإلعالم يف سبيل محاية اإلنسان من هذه التأثريات التي تستهدف
فكره ووجوده وتراثه من خالل:
ـ كش�ف س�موم التغريب والغزو الثق�ايف ،والتصدي لدع�وات الغرب
املضلل�ة والداعي�ة إىل تدمري مقومات ش�خصيتنا وإث�ارة روح الوهن
واالهني�ار يف ش�باب أمتنا ،ع�ن طريق توعية تعيد األم�ور إىل نصاهبا،
ومن خالل برامج إعالمية تتجاوز عملية التحدي احلضاري القائم.
ـ توظي�ف وس�ائل اإلعلام توظي ًف�ا اجتامع ًّي�ا مناس� ًبا لوق�ف مص�ادر
التوظيف االجتامعي غري السليم.
ـ تنمي�ة الروح االجتامعية الوطنية بني الش�باب ،وتأصي�ل القيم العربية
األصيلة يف نفوسهم.
ـ االلت�زام بميث�اق رشف اإلعالم�ي األمن�ي الع�ريب ال�ذي أق�ره وزراء
الداخلي�ة الع�رب يف 1988/12/2م وال�ذي هي�دف إىل توظي�ف
أجهزة اإلعالم يف بناء الش�خصية السليمة املتزنة املشبعة بالقيم واملثل
العربية القويمة واألصيلة.
60
. 4يف جمال الرشطة
1. 4الرشطة املجتمعية.
2 . 4الرشطة النسائية.
3 . 4الرشطة (رجال األمن).
4 . 4العالقات العامة يف األجهزة األمنية وخدمة اجلمهور.
61
62
. 4يف جمال الرشطة
1. 4الرشطة املجتمعية
الرشطة املجتمعية :هي قوة أمنية شعبية تعترب وسيطا بني األجهزة األمنية
وبني مؤسس�ات ونخ�ب املجتمع ،مهمتها التواص�ل والتفاعل لتحقيق أكرب
قدر ممكن من املش�اركة احلقيقية بني الرشطة واملجتمع ،وحتمل املس�ؤوليات
األمنية وفق مفهوم األمن الشامل.
وب�ذا ف�إن الرشط�ة املجتمعي�ة وس�يط تفاعلي وتواصلي بين الرشطة
واملجتم�ع هبدف إجياد تعاون وثيق بني رجال األم�ن ورجال الفكر والثقافة
والسياس�ة واالقتص�اد يف س�بيل إجياد حال�ة ثقافية من األم�ن االجتامعي أو
األمن بمفهومه الشامل ،وهي هنج حديث يسعى إىل حتقيق مشاركة املواطن
يف حفظ األمن واالستقرار ،من خالل مشاركة أفراد املجتمع لرجال الرشطة
لتدعيم العالقات اإلجيابية بني املؤسسة األمنية وأفراد املجتمع املدين؛ إلجياد
حلول مسبقة ملظاهر اجلريمة واخللل االجتامعي؛ رغبة يف حتسني سبل احلياة،
واحل�د من اجلريمة وآثارها عىل أفراد املجتمع ومقومات الوطن ومكتس�باته
من خالل:
-توطيد العالقة بني أجهزة الرشطة واملواطنني ،وبناء الثقة فيام بينهم.
-التع�اون والتكام�ل بني أجه�زة الرشط�ة واملواطنني حلل املش�كالت
والتقليل من
اجلريمة انطالقا من املسؤولية املشرتكة ،حيث إن األمر مل يعد مسؤولية
الرشطة وحدها ؛ بل هو مسؤولية مشرتكة.
63
ومفهوم الرشطة املجتمعية يستلهم يف كثري من دول العامل فكرة الـ The
Neighbourhood Watchيف بريطاني�ا ،أو ال�ـ Watc Communityيف
الواليات املتحدة ،التي هتدف إىل سالمة املجتمع ومساعدة الناس عىل محاية
أنفس�هم وممتلكاهت�م ،واحلد م�ن اخلوف من اجلريمة عن طريق حتسين أمن
الوطن ،وزيادة اليقظة ،حيث تقوم الفكرة األساس�ية عىل تأكيد أن مسؤولية
حتقيق األمن واالس�تقرار يف البالد ال تتحملها الرشطة وحدها؛ بل ال بد أن
تشارك فيها كافة األجهزة الرسمية واألهلية إضافة إىل املواطنني.
ومن هنا فقد ظهر أن احلاجة إىل ابتكار أساليب جديدة للعمل الرشطي
تتفق مع املفهوم الشامل لألمن ،فجاءت فكرة الرشطة املجتمعية التي هتدف
إىل توفير التعاون بني أفراد الرشطة واملواطنين لتدعيم الدور االجتامعي يف
جه�از الرشطة وتفعيل الدور الوقائي من اجلريمة ،وإرشاك أفراد املجتمع يف
هذه املسؤولية ،وكرس احلاجز النفيس لدى أفراد املجتمع من أجهزة الرشطة،
والقض�اء عىل مس�ببات اخلوف منها ،وتعميم أس�لوب التع�اون لإلصالح،
والتأهي�ل االجتامع�ي للتعام�ل مع احل�االت الس�لوكية املنحرف�ة واجلنائية،
ومتابعة االنتهاكات والتجاوزات سواء أكانت من أفراد املجتمع أم من أفراد
الرشطة.والعمل عىل ضامن حقوق اإلنسان.
2 . 4الرشطة النسائية
ظهر مفهوم «الرشطة النس�ائية» يف البلدان العربية يف مطلع السبعينيات
من القرن املايض ،ويطلق مصطلح «الرشطة النسائية» عىل اإلناث العامالت
يف أقسام الرشطة ،ويعني«:عمل اإلناث يف الرشطة ضمن إدارات متخصصة
للنساء وترشف عليها نساء أيضا ،وإن كان ال بد من أن تتعامل هذه اإلدارات
مع تلك التي يعمل هبا رجال ضمن إطار أجهزة الرشطة.
64
وق�د اعتم�دت بعض الدول العربية إدارات مس�تقلة للرشطة النس�ائية
وك�ذا معاه�د لتأهيل وتدريب كوادر الرشطة النس�ائية ،ومنه�ا األردن التي
أنش�أت إدارة مس�تقلة للرشطة النس�ائية وأسس�ت معهدا لتأهي�ل وتدريب
منسوبات الرشطة النسائية ،وكذلك احلال بالنسبة جلمهورية السودان.
وقد غدا وجود جهاز الرشطة النس�ائية يف هذا العرص رضورة اجتامعية
أمني�ة ملح�ة لكفالة وحف�ظ النظام وحتقي�ق االطمئنان والرف�اه جلميع أفراد
املجتم�ع ،وغدا أيضا ركيزة أساس�ية م�ن ركائز املصلحة العامة التي تس�عى
أجه�زة الرشط�ة لتحقيقها ،حيث بدت أمهية مش�اركة امل�رأة يف دعم التطور
املجتمعي بعامة وحفظ أمنه وأمانه بخاصة.
وق�د ج�اء انخ�راط العنصر النس�ائي يف األجه�زة األمني�ة بع�د اقتناع
املس�ؤولني بأمهية وجوده�ن لتلبية متطلبات العمل األمن�ي بعد أن ظل زمنا
طويال مقترصا عىل الرجل.
وعىل الرغم من أن بعض البلدان الغربية واملتقدمة قد بدأت يف استخدام
العنرص النس�ائي يف األجهزة األمني�ة وبخاصة يف اخلدمات املتعلقة بالنس�اء
واألطف�ال إال أن دولنا العربية بقيت تعتمد على الرجال يف تلك املهام حتى
بدأت مؤخرا تويل هذا اجلانب اهتامما بالغا يستحقه هذا القرار حتى وجدت
الرشط�ة النس�ائية يف عدد من ال�دول العربية كاألردن والس�ودان والبحرين
وتونس وغريها.
وقد حظيت الرشطة النس�ائية باهتامم واضح من جملس وزراء الداخلية
الع�رب؛ حيث أبدى املجل�س اهتامما خاصا بالرشطة النس�ائية ،وجتىل ذلك
يف التوصي�ات الت�ي تضمنته�ا العدي�د م�ن املؤمت�رات الت�ي نظمته�ا األمانة
العام�ة للمجلس ،ومنها املؤمتر اخلامس لق�ادة الرشطة واألمن العرب الذي
65
اخت�ذ قرارا حت�ت عن�وان« :دور الرشطة يف املج�االت االجتامعي�ة ومقاومة
االنح�راف» ،ونص عىل«:رضورة إدخال العنرص النس�ائي يف الرشطة ،وأن
يوكل للرشطة النس�ائية ما يالئم طبيعة املرأة من عمل» ،ويف املؤمتر الس�ادس
عشر لقادة الرشطة واألمن العرب اختذ املجتمعون توصية تنص عىل «دعوة
ال�دول الت�ي لدهيا رشطة نس�ائية إىل تقديم مزي�د من التس�هيالت واحلوافز
لتجني�د العنرص النس�ائي يف جماالت العمل مع الرشطة الت�ي تتفق مع طبيعة
املرأة العربية التي أثبتت التجارب رضورة االستعانة هبا».
وقد صدر عن جامعة نايف العربية كتاب حتت عنوان «الرشطة النسائية
وتطبيقاهتا يف الدول العربية» وناقش مجيع قضايا وخصائص الرشطة النسائية
يف ال�دول العربية انطالقا من جتربة العامالت يف الرشطة النس�ائية يف كل من
األردن والبحرين وتونس والس�ودان ،وكان عىل رأس توصياته« :أمهية قيام
ال�دول العربي�ة التي ال توجد هبا رشطة نس�ائية ب�اإلرساع يف إقامتها وتوفري
اإلمكان�ات الالزمة هلا ،ومناش�دة ال�دول التي ال توجد هبا إدارات مس�تقلة
للرشطة النسائية إىل السعي إلنشاء هذه اإلدارات».
66
وتعتم�د فاعلية أجه�زة الرشطة وحف�ظ األمن ليس فقط على الكفاءة
املهني�ة ألفرادها؛ وإنام –أيضا-عىل مس�اندة املجتمع وتع�اون أفراده انطالقا
من مفهوم «األمن مسؤولية اجلميع».
ويطل�ق مصطل�ح «رجال األم�ن» عىل القوات املس�لحة املس�ؤولة عن
املحافظ�ة على النظ�ام وصيانة األم�ن الداخيل للدول�ة؛ وبخاصة م�ا يتعلق
بمنع اجلريمة قبل وقوعها ،وضبطها ،والتحقيق يف مالبساهتا ،والتعرف عىل
أطرافه�ا بعد ارتكاهبا حلامية األعراض واألموال بمقتىض ما تفرضه األنظمة
واألوامر املحددة للصالحيات املمنوحة هلا.
وإن وظيفة «الرشطة» من أقدم الوظائف التي اتفقت اجلامعات البرشية
عىل رضورة وجوده�ا لضبط حركاهتا وتأمني حريتها وتوفري األمن واألمان
والسلام ألفراد املجتمع الذي يعد من أعظم املطالب اإلنس�انية؛ ألن غياب
الش�عور باألم�ن واألم�ان يعطل حرك�ة احلياة وي�ؤدي إىل انتش�ار الفوىض
والقل�ق ،وي�ؤدي بالت�ايل إىل حتل�ل املجتم�ع وتفكك أف�راده ما يعي�ق تنميته
وتقدمه وتطوره.
وق�د تطورت أهداف وأدوار األجهزة األمني�ة يف هذا العرص وتعددت
وظائفها لتش�مل الوظيفة اإلدارية والوظيفة القضائية والوظيفة االجتامعية؛
ومن هنا فقد وضعت معايري ينبغي أن تتوافر يف رجل األمن ليكون قادرا عىل
أداء مهامه بالشكل الذي يريض مسؤوليه ويريض أفراد املجتمع ،ومن أمهها:
الفعالية ،واحرتام احلريات العامة ،والتدريب املتخصص،واملظهر اخلارجي،
والتفاعل مع اجلمهور ،واإلخالص واالستعداد للتضحية.
وهناك اعتبارات بنبغي أن تتوافر لتحديد عالقة رجل األمن باملواطنني،
ومنها ما يتعلق بالرشطة أو رجال األمن؛ مثل أن يكون لدهيم قناعة تامة بأهنم
67
يؤدون عمال اجتامع ًّيا س�ام ًّيا ونبيال ال غنى عنه بحكم الرضورة االجتامعية،
وبحكم أنه عنرص ورشط أسايس يف قيام واستواء واستمرارية املجتمع ،ومنها
ما يتعلق باملواطنني الذين ينبغي أن تكون لدهيم قناعة تامة بأن الرشطة ما هي
إال جهاز يرعى مصالح اجلمهور وحقوق أفراده وواجباهتم جتاه وطنهم.
وم�ن هن�ا ينبغ�ي أن يرتس�خ مفه�وم أن األمن مس�ؤولية مشتركة بني
املواطنني واألجهزة األمنية ،وأنه ال يمكن لألجهزة املخصصة لألمن وحدها
أن حتقق األمن املنشود دون مساعدة املواطنني وتفاعلهم اإلجيايب معها.
وم�ن هنا ينبغي –أيضا -أن تكون هناك ثقة بني املواطن ورجل األمن،
وأن تك�ون العالق�ة مبني�ة على االحترام والتعاون ،وه�ذا يتطلب ش�فافية
ووضوح�ا م�ن كال الطرفين ليتحق�ق مفهوم الرشط�ة املجتمعي�ة التي تنيط
مسؤولية وطنية بكل مواطن جتاه وطنه وجتاه مواطنيه.
ولتحقي�ق ذلك فق�د نادت دراس�ة صدرت ع�ن جامعة ناي�ف العربية
للعلوم األمنية برضورة حسن اختيار رجل الرشطة املناسب الذي تتوافر فيه
السمات الشخصية واملهنية ،ورضورة تصحيح الصورة الذهنية السلبية التي
حيمله�ا بعض أف�راد املجتمع عن الرشط�ة ورجال األم�ن ،ورضورة التبني
الكامل ملفهوم األمن الشامل.
68
ـ توفري األمن واألمان للمواطنني.
ـ حفظ األمن العام والنظام داخل الوطن.
ـ توفري مناخ الطمأنينة واالستقرار للمواطنني.
ـ حتقيق التوعية األمنية ،وتقوية احلس األمني لدى املواطنني.
ـ دعم التعاون والتكامل بني األجهزة األمنية وأفراد املجتمع.
ـ رفع مستوى األداء يف األجهزة األمنية يف سبيل الوصول إىل املعدالت
املطلوبة.
ـ كس�ب ثق�ة أف�راد املجتمع ،وزي�ادة رغبته�م يف التعاون م�ع األجهزة
األمنية بام حيقق أهدافها وحيفظ األمن والنظام يف الوطن.
ـ مكافح�ة اجلريم�ة واحل�د من آثارها م�ن خالل إجياد س�لوك اجتامعي
إجيايب يعاون األجهزة األمنية يف أداء رسالتها خلدمة املجتمع.
وه�ذا يعن�ي أن اهل�دف الرئيس لنش�اط العالقات العام�ة والتوجيه
املعن�وي لألجهزة األمنية هو اإلس�هام يف حتقيق أهداف األجهزة األمنية عن
طريق حث اجلامهري عىل التعاون معها دون أي معوقات أو عقبات.
وهل�ذا ف�إن إدارات العالقات العامة واإلعلام والتوجيه املعنوي يف
األجهزة األمنية تسعى لتحقيق أهدافها من خالل:
ـ قدرهت�ا عىل تقديم اخلدم�ات املطلوبة منها بكفاءة واقتدار ،وبأكرب قدر
من التسهيالت والتيسري.
ـ توعي�ة املواطنني لإلملام باإلجراءات واخلطوات التي تتطلبها اخلدمات
توفيرا لوقت املواط�ن وجهده،
ً الت�ي يريده�ا م�ن األجهزة األمني�ة؛
ولرتك انطباع جيد عن خدمات األجهزة األمنية.
69
ـ ختفي�ف العبء ع�ن املواطن وعن موظ�ف األجه�زة األمنية لوضوح
التعليامت اخلاصة باملعامالت األمنية لدى الطرفني.
وحترص العالقات العامة عىل كسب ثقة املواطنني من خالل:
ـ توفري السلوك الوظيفي املنضبط لدى موظفي اجلهاز األمني.
ـ إجياد سلوك اجتامعي يتفق مع عادات وتقاليد املجتمع.
ـ احل�رص عىل كس�ب الثق�ة من خلال التعام�ل اللطي�ف واالحتكاك
احلضاري والتجربة الراقية يف التعامل مع أفراد املجتمع.
ـ توفير فه�م متبادل وقدر كبير من االنس�جام بني العاملين يف اجلهاز
لتأكيد قيمة االنتامء بينهم وبني اجلهاز الذي ينتمون إليه.
ـ العم�ل عىل رف�ع معنويات موظفي اجلهاز ليحرص�وا عىل أداء عملهم
بكفاءة واقتدار ،ولتسود العالقات الطيبة بينهم وبني اجلمهور املعامل
معهم.
ـ إجياد صورة طيبة عن اجلهاز وموظفيه لدى املواطنني.
ـ التأثري يف سلوك اجلمهور يف االجتاه الذي خيدم أهداف اجلهاز األمني.
وهب�ذا فإننا نؤك�د أن للعالق�ات العامة واإلعالم والتوجي�ه املعنوي يف
دورا إجياب ًّيا وبناء يف رفع مستوى األداء يف األجهزة األمنية،
األجهزة األمنية ً
ودورا إجياب ًّيا وبنّا ًء يف التأثري عىل س�لوك اجلامهري يف االجتاه الذي يساعد عىل
ً
أداء اخلدمة احلكومية ويف أداء رسالتها يف مكافحة اجلريمة واحلد من آثارها،
ويف أداء رسالتها خلدمة املجتمع وكسب ثقته.
70
. 5يف جمال اجلريمة
1. 5االجتار بالبرش.
2 . 5اجلريمة اإللكرتونية.
3 . 5انحراف األحداث.
4 . 5اجلريمة النسائية.
5 . 5جرائم االحتيال.
6 . 5جرائم النشل.
7 .5جرائم غسل األموال.
8 . 5مرسح اجلريمة.
9 . 5جرائم العنف.
10 . 5جريمة اإلجهاض.
11 . 5ضحايا اجلريمة.
12 . 5القرصنة البحرية.
71
72
. 5يف جمال اجلريمة
1. 5االجتار بالبرش
يقص�د بتعبير «االجت�ار بالبرش» :جتنيد أش�خاص أو نقله�م أو تنقيلهم
أو إيواؤه�م واس�تقباهلم بواس�طة التهدي�د بالقوة أو اس�تعامهلا ،أو غري ذلك
من أش�كال القسر أو االختطاف أو االحتيال أو اخلداع أو إس�اءة اس�تعامل
السلطة ،أو إساءة استغالل ضعف أوضاعهم ،أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية
أو مزايا لنيل موافقة شخص آخر لغرض االستغالل.
وتتعدد صور االجتار بالبرش لتشمل:
ـ االجتار باألشخاص وهتريب املهاجرين.
ـ االجتار بالعامل وسوء استخدامهم.
ـ استغالل دعارة الغري أو سائر أشكال االستغالل اجلنيس.
ـ السخرة أو اخلدمة قرسا.
ـ االستعباد أو املامرسات الشبيهة باالستعباد.
ـ اخلدمة القرسية أو نزع األعضاء.
وأما االجتار باألطفال فيشمل استغالهلم فيام ييل:
ـ الدعارة
ـ املواد اإلباحية
ـ السياحة اجلنسية
ـ عاملة السخرة
73
ـ اخلدمات املنزلية
ـ التسول
ـ التبني
ـ نزع األعضاء
ـ توزيع املخدرات
ـ النزاعات املسلحة
ـ األنشطة اإلجرامية
ويقسم االجتار بالبرش إىل نوعني:
األول :االجتار الدويل :ويكون بني دولتني فأكثر ،ولكن االجتار باألشخاص
يع�د جريمة عرب الوطنية حتى لو أنه تم يف دولة واحدة ،وذلك إذا تم
جزء من التحضري والتخطيط أو التوجيه أو التحكم يف ذلك يف دولة
أخرى.
الثاين :االجتار الداخيل :ويتم داخل البلد الواحد من مكان إىل مكان آخر.
وم�ع أن جريم�ة االجتار بالبشر ال تنطوي عىل اجتار حقيق�ي بالبرش أو
األش�خاص فإن تلك اجلريم�ة قد تنطوي عىل رق باملفه�وم احلقيقي ،ولكن
ليس�ت كل ص�وره كذل�ك ؛ إذ إن املعن�ى املتعلق باالجتار ه�و معنى جمازي؛
باعتب�ار أن مجي�ع أش�كال االس�تغالل ال�واردة يف التعريف ه�ي بمثابة اجتار
بالبرش؛ لذا فقد قبل�ت املجتمعات العلمية ملكافحة اجلريمة هذا املفهوم ،مع
أن�ه قد ال يعرب عن حقيق�ة اجلريمة يف كل األحوال ،وهو م�ا أقره بروتوكول
منع وقمع ومعاقبة االجتار باألش�خاص وبخاصة النس�اء واألطفال املكمل
التفاقية األمم املتحدة ملكافحة اجلريمة.
74
2 . 5اجلريمة اإللكرتونية
أدى انتش�ار ش�بكة اإلنرتن�ت واحلاس�ب اآليل إىل فتح جم�االت عديدة
لالس�تفادة منه�ا؛ ولكن يف نف�س الوق�ت أدى إىل نرش ثقاف�ة منافية لعادات
وطبائع الكثري من املجتمعات نتيجة لالنفتاح الذي فرضته هذه التقنيات ما
أدى إىل انتشار نوع جديد من اجلرائم ،وهو ما يسمى اجلرائم اإللكرتونية التي
ختتلف اختالفا جذريا عن أنواع اجلرائم األخرى مع األخذ بعني االعتبار أن
الرضر الناجم عنها ال يمكن االس�تهانة به وال يمكن بأي حال من األحوال
فصله عن األرضار النامجة عن خمتلف اجلرائم مع اختالف األهداف.
وتش�مل ه�ذه اجلرائ�م :الوص�ول إىل املعلوم�ات بش�كل غير قانوين،
كرسق�ة املعلوم�ات أو االطلاع عليه�ا أو حذفها او تعديلها بما حيقق هدف
املجرم،والوص�ول إىل األجه�زة اخلادم�ة املوف�رة للمعلوم�ات وتعطيلها أو
ختريبها،وكثيرا م�ا تت�م هذه العمليات على مواقع اإلنرتن�ت للحصول عىل
معلوم�ات تغيير العناوين أو املعلومات هبدف اإلس�اءة لبعض املؤسس�ات
أو ابتزازها ،أو للوصول إىل األش�خاص أو اجلهات املستخدمة للتكنولوجيا
بغرض التهديد أو االبتزاز كالبنوك أو الدوائر احلكومية واألجهزة الرس�مية
بكاف�ة أش�كاهلا واالس�تفادة م�ن تقنية املعلوم�ات من أجل كس�ب مادي أو
معنوي أو س�يايس غري مرشوع كعمليات تزوير بطاقات االئتامن وعمليات
اخرتاق مواقع إلكرتونية عىل الشبكة اإللكرتونية ....وغريها.
وتش�مل أيض�ا اس�تخدام التكنولوجي�ا يف دع�م اإلره�اب واألفكار
املتطرفة أو نرش األفكار التي يمكن أن تؤسس إىل فكر تكفريي.
ولتحقي�ق ه�ذه األه�داف يعتم�د القائمون هب�ذه العملي�ات عىل عدة
أساليب وأدوات كصناعة ونرش الفريوسات وهذه تعد اجلرائم األكثر تأثريا
75
وانتش�ارا معتمدة يف أكثر األحيان عىل شبكة اإلنرتنت التي أصبحت تدخل
يف أعاملن�ا وبيوتن�ا وحياتن�ا وت�ؤدي إىل حتقي�ق بع�ض األرضار اإللكرتونية
كح�ذف املعلومات أو تغيريها وتعديلها أو نقلها إىل أجهزة أخرى وإحداث
بلبلة وخس�ائر اقتصادي�ة ومادية كبرية وتعطيل األجهزة وعمل املؤسس�ات
بكافة أنواعها.
ويمكن تقسيم اجلريمة اإللكرتونية إىل أربع جمموعات:
األوىل :وتتمثل يف اجلرائم التي تستغل البيانات املخزونة عىل األجهزة بشكل
غري قانوين.
الثاني�ة :الت�ي يت�م من خالهلا اختراق األجه�زة لتدمري براجمه�ا وبياناهتا من
خالل فريوسات إلكرتونية خاصة.
الثالثة :استخدام الكمبيوترات الرتكاب جرائم أو التخطيط هلا.
الرابع�ة :اجلرائم التي يقوم هبا األش�خاص املرخص هلم باس�تخدام اجلهاز؛
ولكن بأساليب غري مرشوعة.
كام يمكن تقسيم املجرم اإللكرتوين يف أربع جمموعات:
األوىل :املوظف�ون العاملون يف مراكز الكمبيوت�ر الذين يعرفون دقائق بياناته
ومعلوماته.
الثانية :املوظفون الس�اخطون عىل مؤسساهتم أو دوائرهم ويرغبون يف إيقاع
الرضر هبا.
الثالث�ة :فئة العابثني الذين يطلق عليهم مس�مى اهلكرز ،وكثريا ما يس�تغلون
مهاراهتم من أجل العبث أو التسلية.
الرابع�ة :العاملون يف جمال اجلريمة اإللكرتونية املنظمة من خالل اس�تخدام
الكمبيوتر.
76
3 . 5انحراف األحداث
انح�راف األحداث :هو س�لوك يقوم به األح�داث دون مرحلة النضوج،
ويتصف هذا الس�لوك بام ال يتفق مع رغبات األس�وياء من أف�راد املجتمع ،وبام
خيالف العادات والتقاليد واألعراف والقيم األخالقية والدينية لذلك املجتمع.
أيضا ـ امليل باجتاه يعاكس االجتاه الس�وي
ويغن�ي انح�راف األحداث ـ ً
يف األخالق ومعاملة اآلخرين؛ بحيث يؤدي االس�تمرار يف هذا الس�لوك إىل
اجلن�وح وخمالفة األنظمة والقوانني الس�ائدة يف املجتمع ،والذي يصل بالتايل
إىل وقوع املنحرف يف اجلريمة ،وقد يصل إىل مقاومة السلطات واخلروج عن
الطاعة واالنصياع.
وم�ن هنا ف�إن االنحراف ه�و الطريق ال�ذي يمهد للف�رد الوصول إىل
اجلنوح ،ومن ثم الدخول يف عامل اإلجرام.
وقد دلت الدراس�ات االجتامعية ودراس�ات علم نف�س النمو أن هناك
عدد ًا من العوامل تؤدي إىل انحراف األحداث ،منها:
1ـ الغرية التي تصل نتيجة التمييز يف املعاملة بني األبناء.
2ـ الفق�ر ،ولك�ن ال يعني ذلك أن كل فقري منح�رف ،ولكن الفقر عند
ضعاف النفوس جيعلهم يتجهون نحو االنحراف واجلنوح واجلريمة
بس�بب ما يف هذه النفوس اجلانحة من أمراض اجتامعية مقيتة نتيجة
الطمع واحلسد واجلشع وعدم الرضا.
3ـ تفضي�ل بع�ض األبن�اء عىل غريهم م�ن قبل الوالدين ،م�ا يؤدي إىل
نقمة الذين ال يلقون الرعاية والعناية ،ويؤدي إىل إقامة عالقات غري
سوية بني اإلخوة ،وجنوح بعضهم أو انحرافهم مستقبالً.
77
4ـ رفق�اء الس�وء الذي�ن يك�ون هلم أثر كبير يف تنمية ش�خصية احلدث
وتوجيهه نحو االنحراف.
5ـ إمه�ال األطف�ال وعدم االهتامم هب�م ،وعدم إرش�ادهم وتوجيههم،
م�ا يدعوه�م إىل التس�يب والتس�كع يف الش�وارع فيكون�ون عرضة
الستغالهلم وإغوائهم.
6ـ القهر والتعسف الذي يتبعه بعض اآلباء يف املنزل ما يؤدي إىل ضعف
ش�خصية األبناء وهتيئه نفوسهم لالنحراف انتقا ًما من تلك السلطة
التعسفية.
7ـ ع�دم إش�باع الرغب�ات :س�واء املادي�ة أو املعنوي�ة كاحل�ب واحلنان
والعط�ف م�ا جيعل الطفل فر ًدا يش�عر باحل�زن واألمل واملرارة وعدم
االنتامء ،وخيبة األمل ،وبالتايل عدم القدرة عىل التكيف مع األنظمة
والقوانني والضوابط االجتامعية.
8ـ عدم تقبل الطفل :إذ إن الطفل املنبوذ الذي ال حيظى بحب الوالدين
ورعايته�م يمي�ل إىل االنطواء والع�دوان ويتصرف ترصفات غري
أخريا إىل االنحراف واجلريمة.
الئقة تقوده ً
9ـ التفكك األرسي الناتج عن الطالق أو انش�غال الوالدين عن رعاية
األطفال وتوجيههم الوجهة السليمة وتنشئتهم تنشئة صحيحة.
لذا فإن واجب اآلباء عظيم جتاه أبنائهم حلاميتهم من االنحراف أو امليل
للجريمة من خالل:
واضحا جيرح مشاعر بعضهم.
ً متييزا
ـ عدم التمييز بني األطفال ً
ـ إش�عار األبن�اء باحلب والرعاي�ة والعطف واألم�ن ألن يف ذلك تقوية
لشخصياهتم ومان ًعا من انحرافهم أو شعورهم بالدونية.
78
ـ العمل عىل جتنبهم خمالطة قرناء السوء من خالل التعرف عىل أصدقائهم
وتوجيههم للتعامل مع ذوي السمعة الطيبة من الرفاق.
ـ جتنيبهم الثقافات السلبية التي تصل إليهم عن طريق الكتب واملجالت
ووسائل اإلعالم املختلفة.
ـ رضورة تفه�م اآلب�اء حلاج�ات املراهقين ومتطلباهت�م ،وتوفري األمن
النفيس والعاطفي هلم.
ـ توفير عالق�ات أرسية قائمة على احلب والتعاط�ف والرمحة بني مجيع
أفراد األرسة.
ـ االهتامم بمواهب األطفال وتشجيعهم عىل ممارستها يف جو أرسي هادئ.
ـ مش�اركة األبن�اء يف رحلات تروحيي�ة وإث�ارة مناقش�ات نابع�ة معهم
وألعاب مس�لية تكسب مودهتم ،وأش�غال أوقات فراغهم بام هو نافع
ومفيد.
4 . 5اجلريمة النسائية
اجلريم�ة :ه�ي كل ن�وع من اخل�روج عن قواعد الس�لوك الت�ي يضعها
املجتم�ع ألفراده ،أو هي كل س�لوك مضاد للمجتم�ع ،أو كل فعل يتناىف مع
روح املجتمع ومبادئه االجتامعية.
واجلريمة النسائية :هي الفعل اإلجرامي الذي تقوم به املرأة ،حيث يرى
البعض أن هناك اختالفات وفروقا بني اإلناث والذكور يف ارتكاب اجلرائم،
وقد اهتم أصحاب املدرسة االجتامعية هبذه الفروق؛ حيث رأوا أن للجرائم
النسائية خاصيتني مها:
79
األوىل :انخفاض حدوثها بالنسبة جلرائم النساء.
الثاني�ة :ضي�ق نطاق الس�لوك اإلجرامي عند امل�رأة ،وقد فسروا ذلك بعدة
تفسيرات ،منها :نظ�رة املجتمع إىل األنوثة ،وع�دم الرغبة يف التبليغ
ع�ن املرأة عن�د ارتكاهبا للجريمة ،م�ع تأكيد أن الفتي�ان أكثر ارتكابا
للجرائ�م م�ن الفتي�ات،وأن م�ن أه�م الصور عن�د امل�رأة :الدعارة،
اإلجهاض ،الرسقة من املتاجر.
وعرفت دراس�ة صدرت عن جامعة ناي�ف العربية للعلوم األمنية حتت
عنوان «جرائم النس�اء» جريم�ة املرأة بأهنا :أي فعل ترتكبه النس�اء الاليت ال
تق�ل أعامرهن عن س�تة عرش عام�ا ويعاقب علي�ه الرشع والقان�ون بإحدى
املؤسس�ات العقابية؛ س�واء متت إدانتهن واحلكم عليهن أم مل يصدر بحقهن
حكم ،مثل جريمة القتل ،ممارسة البغاء ،الرسقة ....وغريها من اجلرائم.
ومن احلقائق التي توصلت إليها دراسات اجلرائم النسائية ما ييل:
ـ أن جرائ�م النس�اء أقل ذك�را يف التقارير األمني�ة ،ويف كثري من األحيان
ال يت�م رصده�ا ،وخصوصا بعض اجلرائم مث�ل الرسقة من املحالت
التجاري�ة ،ورسق�ة اخلادم�ات والبغاي�ا ،واجلرائم الت�ي ترتكب ضد
األطف�ال؛ باإلضاف�ة إىل بع�ض اجلرائ�م األخ�رى كالش�ذوذ اجلنيس
والفعل الفاضح العلني الذي ال تقدم املرأة للمحاكمة إذا ارتكبتها.
ـ أن النس�اء املجرم�ات يتلقني احلامية من بعض الرج�ال؛ حتى لو كانوا
ضحاياهن ،فهم يكونون أقل ميال إىل الش�كوى للس�لطات ،ويرتبط
ذل�ك ثقافيا بمي�ل الرجال بحامية النس�اء والذي يلع�ب دورا قو ًّيا يف
إخفاء جرائم النساء.
ـ أن النس�اء يظهرن كمخططات بش�كل أكرب م�ن منفذات وذلك ألهنن
يعهدن بالتنفيذ للرجال.
80
ـ أن النس�اء يرتكبن أنواعا من اجلرائم بإمكاهنن إخفاؤها عن السلطات
بحك�م كوهنن أمهات وزوجات وعش�يقات وحمرض�ات ،ومن ذلك
قتل الزوج بواسطة السم ،وسوء معاملة األطفال.
ـ أن أغل�ب رجال األمن وكذلك القضاة واملحلفني يكونون أكثر مرونة
ورق�ة نحو النس�اء مما هم نح�و الرجال ،ومن هنا تبدو جرائم النس�اء
ذات طبيعة متخفية ما يؤدي إىل أن اإلحصاءات الرسمية والسجالت
اخلاصة بجرائم النساء تكون أقل تعبريا عن احلقيقة والواقع.
ويمك�ن اجل�زم ب�أن أس�باب جرائم النس�اء تكم�ن يف :ضع�ف الوازع
الديني ،وتأثري مجاعة الرفاق ،واملش�كالت األرسية ،وانتش�ار البطالة وسوء
األوضاع االقتصادية.
5 .5جرائم االحتيال
جرائ�م االحتيال من األنماط القديمة احلديثة ،مثله�ا يف ذلك مثل كثري
م�ن اجلرائم التقليدية؛ ألهن�ا وجدت مع وجود املجتمعات البرشية نفس�ها،
وجتددت بالنظر ألساليبها وأشكاهلا يف خمتلف العصور.
وتع�رف جرائ�م االحتي�ال أحيان�ا بجرائ�م النصب ،وتعال�ج يف بعض
القوانني اجلنائية عىل أهنا جرائم خداع.
وم�ن هنا يصع�ب حرص جرائ�م االحتي�ال يف نمط واح�د؛ ألهنا أنامط
متعددة وختتلف باختالف األس�اليب املس�تعملة فيه�ا ،والصور املتعددة هلا؛
ولك�ن يمكن التعرف عليها من اآلثار التي ختلفها ومن األس�لوب اخلداعي
املتبع يف تنفيذها.
81
وجلرائم االحتيال طبيعة خاصة تتمثل يف كوهنا من اجلرائم التي يستخدم
فيها اجلهد الذهني ،والعقل ،واالبتكار ،ويس�تعان فيها بالتكنولوجيا احلديثة
والوس�ائل التقني�ة واملبتكرات ما يصعب اكتش�افها ،أو حت�ى التعامل معها
قضائيا نظرا لتعقيداهتا ،أو نظرا لطبيعة اجلريمة نفسها.
وجرائ�م االحتيال م�ن اجلرائم املعقدة واملركبة ،ولكنه�ا وقتية ،أي تتم
يف وق�ت واح�د ،وإن تطلبت خطوات متتالية لتصل إىل هدفها النهائي الذي
هو عادة االس�تيالء عىل مال الغري(املنقول أو غري املنقول) أو احليازة الكاملة
ملال الغري.
وهتدف جرائم االحتيال أساس�ا إىل االستيالء عىل مال الغري باستخدام
احليلة واملكر واخلداع والتضليل أو اإلهيام بحقائق غري صحيحة ،وباستخدام
خيانة األمانة واستغالل الثقة التي يمنحها املجني عليه.
وبناء على تعدد أنامط جرائ�م االحتيال تتعدد جماالهتا لتش�مل :املجال
التج�اري ،واملجار العقاري ،واالحتيال يف جمال التأمني ،ويف جمال التقايض،
واالحتي�ال البحري ،ويف الفن التش�كييل ،وباس�تخدام الس�حر والش�عوذة
والوهم والتنجيم.
ويف ه�ذا العصر يمكن اعتب�ار االحتي�ال اإللكرتوين أصع�ب األنامط
اإلجرامية االحتيالية ألنه األكثر تعقيدا واألرسع تطورا ويعتمد أساس�ا عىل
استعامل التكنولوجيا اإللكرتونية احلديثة املستعملة يف ميادين املال واألعامل
والبنوك؛ وحتى اهلاتف اجلوال غدا يف هذه األيام من الوس�ائل املس�تعملة يف
اجلرائم االحتيالية.
وق�د أصبح االحتي�ال اإللكتروين ذا أبعاد خطرية ج�دا يف هذا العرص
وأصبح يؤثر يف عامل املال واألعامل والبنوك بش�كل جدي حيث وصل األمر
82
إىل ط�رح دروس جماني�ة للمبتدئني يف عامل اجلرائ�م االحتيالية اإللكرتونية يف
بعض املواقع ،وأصبحت البنوك تواجه مش�اكل حقيقية يف هذا امليدان سواء
يف السطو اإللكرتوين أو من خالل بطاقات الدفع اإللكرتوين.
6 . 5جرائم النشل
جريم�ة النش�ل من جرائ�م االعتداء على الناس لرسق�ة أمواهلم ،وهي
صورة من صور الرسقة ملال منقول مملوك للغري.
وق�د ج�رى العرف على إطالق كلمة(النش�ل) على نوع الرسق�ة التي
يس�تخدم الس�ارق فيها يده بخفة ورسعة ليجرد املجني علي�ه من ماله الذي
يف حوزته.
وإن ظاه�رة «النش�ل» م�ن الظواه�ر القديم�ة التي عرفته�ا املجتمعات
البرشية منذ القدم ،وقد تنترش يف بعض املجتمعات بنسب وأساليب خمتلفة
وتتمي�ز هذه اجلريم�ة بأهنا تتم بتجريد الش�خص من مال�ه الذي حيمله
أثن�اء وجوده يف م�كان عام ،وخالل مزاولته حليات�ه اليومية العادية ،وهي ال
ترتك آثارا عقب ارتكاهبا تس�اعد يف تتبع اجلاين؛ األمر الذي يلقي عىل كاهل
أجه�زة األمن عبئا كبيرا ،وهذا ما جيعل جريمة النش�ل أكثر جرائم األموال
انتشارا يف هذا العرص.
وقد تباينت تعريفات هذه اجلريمة لدى الفقهاء :فمنهم من عرفها بأهنا:
اختلاس مال منق�ول مملوك للغري بطرق خاصة ،واشترط وجود ش�خص
املجني عليه وأن يكون االختالس منه مبارشة.
83
ومنه�م م�ن عرفه�ا بأهنا :اس�تطاعة الل�ص أن خيتلس أو خي�رج حافظة
أو كي�س نق�ود املجني علي�ه يف الزحام العام يف وس�ائل املواصالت ،أو أمام
شبابيك قطع التذاكر.
وهذا كله ال خيرج عن أهنا :سلب أموال الناس يف غفلة منهم وبخفة ال
يدركها املجني عليه.
ومل حترص النصوص يف الترشيعات الوضعية احلديثة عىل تعريف جريمة
النشل؛ ألن تعريفها مهام بذل يف صياغته من جهد ودقة فلن يكون جامعا مانعا
لكل خصائصها ،كام أنه إذا صدق يف زمن فقد ال يستمر كذلك يف كل األزمنة،
وهل�ذا فق�د تراوحت األحكام الت�ي تناولت هذه اجلريمة بني مش�ددة لعقوبة
الرسقة عن طريق النش�ل كام هو حال املرشع الس�وري واللبناين ،ومنها ما هو
خمفف هلا كام هو حال املرشع األردين ،ومن هنا تأيت الدعوة إىل تش�ديد عقوبة
ه�ذه اجلريمة لضمان الطمأنينة واألمن لدى األفراد على ممتلكاهتم وأمواهلم
الت�ي يف حوزهتم أثناء حتركاهتم اليومية؛ يف عرص كثرت فيه هذه اجلريمة ،وما
تنط�وي عليه من اس�تهتار يف القانون وإخالل باألمن ،ولع�دم توافر الفرصة
للمجن�ي علي�ه لالحتامء برجال الس�لطة العامة أو طلب النج�دة ،وملا توحي
به أس�اليب النش�ل من تأصي�ل الفاعل يف اإلج�رام وخطره ،ومل�ا ترتكه تلك
اجلريم�ة من آثار اجتامعية واقتصادية ونفس�ية وبييولوجي�ة عىل املجني عليه؛
باإلضافة إىل أثرها يف زعزعة األمن واالستقرار بني أفراد املجتمع.
وقد درس�ت جامعة نايف العربية للعل�وم األمنية هذه الظاهرة يف ندوة
عامة اقرتحت التعريف التايل للظاهرة « :كل فعل يبارشه اجلاين ضد اآلخرين
ويتوصل من خالله إىل أخذ أمواهلم باستعامل اخلفة واملهارة» وأوصت بعدد
من التوصيات ،لعل أبرزها:
84
ـ تطوير القوانني والنظم اخلاصة هبذه اجلريمة وعقوباهتا بام يتناس�ب مع
خطورة آثارها.
ـ زيادة تدريب رجال األمن لتمكينهم من التعرف عىل أس�اليب النش�ل
احلديثة وأساليب مواجهتها.
ـ تكثيف املراقبة األمنية يف أماكن الزحام.
ـ تركيز وسائل اإلعالم ( املرئية واملسموعة واملقروءة) واألجهزة األمنية
ومؤسس�ات املجتمع املدين عىل التوعية باملس�ؤولية الفردية واجلامعية
واملجتمعية يف مكافحة جريمة النشل واحلد من آثارها.
ـ معاجلة أسباب الفقر والبطالة واجلهل ألهنا وراء كثري من جرائم النشل
وغريها من اجلرائم.
85
ويمكن تصنيف هذه العمليات إىل نوعني:
األول :عمليات هتدف إىل التهرب الرضيبي وجتنب البريوقراطية التي تتمثل
يف التنظيمات واألش�كال والتصاري�ح والرتاخي�ص املطلوبة(وه�ي
عمليات قانونية ال يتم اإلبالغ عنها).
الثاين :عمليات هتدف إىل إخفاء األنشطة غري القانونية مثل جتارة املخدرات،
والسلاح،والدعارة ،وامل�واد النووي�ة ،وه�ي عملي�ات ترك�ز على
األنشطة اإلجرامية ذات الدوافع االقتصادية.
وتتمي�ز عملي�ات غس�ل األم�وال بع�دد م�ن السمات الت�ي متيزها عن
األنشطة املالية األخرى مثل:
ـ ي�زداد االجت�اه إىل الغس�ل ال�دويل لألموال م�ع ازدياد االجت�اه لتحرير
التجارة العاملية.
ـ تتسم عمليات غسل األموال برسعة االنتشار اجلغرايف؛ فبعد أن ظلت
مرتك�زة يف عدد حم�دد من األف�راد املنحرفني داخل الدول�ة الواحدة؛
بدأت يف االنتش�ار لتش�مل ع�ددا أكرب م�ن الدول واألف�راد ،ومل تعد
تق�ف عن�د حدود ال�دول الرأسمالية بل امت�دت لتش�مل العديد من
الدول النامية.
ـ مل تعد عمليات غسل األموال أحادية اجلانب؛ بل أصبحت يف اجتاهني،
وأصبح�ت تكتس�ب أبع�ادا دولية ما أضف�ى عليها كثريا م�ن التعقيد
والصعوبة.
ـ أن عملي�ات غس�ل األم�وال ال تت�م ع�ادة بواس�طة مرتكب�ي األعامل
اإلجرامي�ة أو املتهربني م�ن االلتزامات القانونية؛ ب�ل يقوم هبا خرباء
على علم بقواع�د الرقاب�ة واإلرشاف يف ال�دول املختلف�ة وما يوجد
86
فيه�ا من ثغ�رات يمكن النفاذ منها ،كام يكون أولئك عىل علم بغرض
التوظي�ف واألص�ول التي توفر األم�ن واملأوى هلذه األم�وال ،.وقد
أدى ذلك إىل وجود طبقة إجرامية حمرتفة.
ـ تش�هد عمليات غس�ل األم�وال تطورا كبيرا يف تكتيكها يس�اعد عليه
التزايد الكبري يف حجم األموال واملتحصالت غري املرشوعة ،وكذلك
التط�ور يف الوس�ائل التكنولوجي�ة الت�ي تس�تخدم يف نق�ل األم�وال
وحتويلها عرب احلدود.
وتوفر عمليات جرائم غسل األموال ملرتكبيها ما ييل:
ـ إخف�اء الرابط�ة بين املج�رم واجلريمة من خلال متويه مع�امل املصدر
اإلجرام�ي لألم�وال وحتويله�ا من أص�ول نقدية إىل أصول حس�ابية
بنكي�ة ما يقلل من حجم األخطار القانوني�ة التي تواجه املجرمني من
ناحية ومتكنهم من الترصف بحرية يف هذه األموال من ناحية أخرى.
ـ إمكانية اس�تثامر العائدات اإلجرامية يف مرشوعات مس�تقبلية لتحقيق
أهداف استثامرية بحتة.
8 . 5مرسح اجلريمة
مرسح اجلريمة :هو املكان الذي تقع فيه احلادثة اجلنائية ،أو املكان الذي
ينق�ل إليه بعض آث�ار اجلريمة كالعثور عىل جثة املجني علي�ه أو أداة اجلريمة
ليكون املحقق قادرا عىل معاينتها واالستفادة من معطياهتا أثناء التحقيق.
ويرى بعض املحققني أن مرسح اجلريمة هو الشاهد الصامت الذي يستنطقه
املحقق الفطن ،ويمكنه من خالله التوصل إىل اخلطوط األساسية للجريمة.
87
وملرسح اجلريمة أنواع منها:
املغل�ق :وهو املحدد بأركان؛كاملنزل والغرفة واملحل التجاري والبنك
واملدرسة ....
واملفتوح :وهو املكان غري املحدد بأركان كالصحراء والشاطئ والشارع.
وقد يكون املرسح حتت ملكية خاصة ،وقد يكون مكانا عاما.
وه�ذا ما حيت�م عىل املحقق رسع�ة التعامل مع املعلوم�ات والبيانات يف
املسرح املفتوح أرسع من املغل�ق لصعوبة التحرز عىل اآلث�ار فيه ملدة طويلة
ولتغري الظروف بسبب اتساع املكان وعدم إمكانية إغالقه أو التحفظ عليه.
كما أن املسرح اململوك ملكي�ة خاصة حيت�م اإلرساع يف أخ�ذ البيانات
واملعلوم�ات واآلث�ار اخلاص�ة باجلريم�ة حتى ال يعي�ق بقاؤها حري�ة املالك
اخلاص للمرسح.
وأما اآلثار التي قد حيوهيا مرسح اجلريمة فتتمثل فيام ييل:
اجلث�ث ،أدوات اجلريمة(كاألس�لحة والس�كاكني والبلط�ات والعيص
واحلجارة،)...والبق�ع والس�وائل(الدم ،الب�ول ،املن�ي ،اللع�اب ،الش�عر)،
والبصامت واآلثار(أثر األصابع واألقدام واملالبس اخلاصة باجلاين أو املجني
عليه).
ويس�تطيع املحقق أن يس�تفيد م�ن موجودات مرسح اجلريم�ة كأدلة أو
قرائن إلثبات اجلريمة.
وتتمث�ل األدل�ة باعرتاف اجلاين،أو تأكيد الش�هود ،أو بإثبات البصامت
س�واء أكانت بصامت أصابع أو أقدام أو ش�فاه ،أو السوائل واملخلفات التي
يرتكها اجلاين يف مرسح اجلريمة.
88
أم�ا القرين�ة فرتتبط بكل ما يمك�ن أن يدل عىل اجل�اين أو يثبت تورطه،
وهي نوعان :قرينة قضائية وقرينة قانونية.
وختص�ص إدارات األم�ن الع�ام ع�ادة إدارة خاص�ة بمسرح اجلريم�ة
مهمته�ا االنتق�ال ملكان اجلريمة إلثبات وقوع اجلريم�ة أو القضية من خالل
رف�ع اآلث�ار املادية املوج�ودة بمسرح الواقعة إلثباهتا ضد ش�خص معني أو
تربئته من اجلريمة ،وتش�مل هذه اإلدارة عدة أقسام مثل :قسم املعاينة ،قسم
املتابعة والتنس�يق ،قس�م اآلثار املادية ،قس�م املضاهاة الفنية واحلاس�ب اآليل
وغريها من األقسام التي تناسب طبيعة كل جريمة أو منطقة.
وتعن�ى هذه األقس�ام مجيع�ا باملحافظة عىل مسرح اجلريمة باس�تخدام
الط�رق الصحيح�ة للمعاينة والبحث عن اآلثار املادي�ة املتخلفة عن اجلريمة
وحفظه�ا وحفظ ص�ور هلا وإع�داد التقارير عنه�ا لإلفادة منه�ا يف عمليات
التحقيق ومجع املعلومات عن اجلريمة.
وحيضر ع�ادة إىل مسرح اجلريم�ة م�ع املحققين ع�دد م�ن الفنيين
الذي�ن يقوم�ون بمعاين�ة مسرح اجلريم�ة مث�ل :الطبي�ب اجلنائ�ي ،وخرباء
التصوير(الفوت�و غ�رايف والفيدي�و) ،وخبراء البصمات ،وخرباء األس�لحة
الناري�ة ،وخرباء املتفجرات ،وخرباء رفع الس�وائل ،إىل جانب املس�عفني إذا
كان هناك مصابون يف احلادثة اجلنائية املعنية.
9 . 5جرائم العنف
تع�رف جرائ�م العن�ف بأهنا :جرائ�م تقع عىل اإلنس�ان بواس�طة أفعال
تتصف بالشدة والقسوة بغية إحلاق األذى بنفسه أو ماله أو بذويه.
89
وقد عرفتها املنظمة العربية للدفاع االجتامعي ضد اجلريمة بأهنا:
«اجلرائ�م التي يصاحبها اس�تعامل غري قانوين لوس�ائل القه�ر املادي أو
الب�دين يف اإلرضار بش�خص أو بشيء ابتغ�اء غاي�ات ش�خصية أو اجتامعية
أو سياس�ية ،وم�ن أمثاهل�ا جرائ�م القت�ل واالغتص�اب واخلطف والس�طو
املس�لح وقطع الطريق وهتك العرض بالق�وة أو التهديد ،والرسقة باإلكراه،
والتخريب ،والشغب االجتامعي واالغتيال».
وعرفه�ا بع�ض املتخصصني بأهن�ا »:األفع�ال التي تقترن باعتداء عىل
اإلنس�ان أو ممتلكات�ه لغاي�ات متعددة منها احلص�ول عىل امل�ال واالنتقام أو
حتقيق أغراض سياسية».
وقد تناول كثري من مدارس علم اإلجرام األسباب التي تدعو إىل جرائم
العن�ف ،ومنها املدرس�ة االجتامعية والنفس�ية ،ومدرس�ة التحلي�ل النفيس،
ومدرسة الوراثة والتكوين اجلسامين.
وق�د نفت امل�دارس االجتامعية نظرية االس�تعداد الس�ابق للعنف لدى
اإلنس�ان والت�ي تعتمد عىل خصائصه النفس�ية واجلس�مية الت�ي إن توافرت
فإن من ش�أهنا أن تؤثر عىل اس�تعداد اإلنس�ان للعنف ،ومتي�ل تلك املدارس
إىل نظرية تعلم العنف من خالل االختالط والثقافة املحلية املحيطة بالفرد.
وق�د كان كثير م�ن مفسري جرائ�م العن�ف قب�ل ظه�ور الفضائيات
يتحدثون عن دور وس�ائل اإلعالم يف تعلي�م جرائم العنف؛ إال أن ذلك زاد
كثيرا بعد ظهور الفضائي�ات وانفجار ثورة املعلوم�ات احلديثة التي يرست
مش�اهدة العدي�د من أفالم العن�ف بام فيها من تش�جيع البعض على انتهاج
أس�لوب العنف وتقليد أبطال تلك األفالم لتحقيق مكاس�ب مادية كام يبدو
يف أفالم الفضائيات؛ حيث أكدت إحدى الدراسات االجتامعية ما ييل:
90
1ـ أن مش�اهدة العن�ف املتلف�ز ق�د ق�وت نزع�ة العنف ل�دى األطفال
وحرضته�م على إخراجها وجتليتها ،وأن ذوي امل�زاج العدواين من
األطفال ينجذبون إىل الربامج العنيفة أو التي تصور العنف.
2ـ أن عالقة الطفل مع مجاعة من أصدقائه تسهم بدورها يف حتديد ردود
فعله إزاء برامج التلفزيون التي تصور العنف.
ويالح�ظ يف الدراس�ات الت�ي قدم�ت ملؤمت�رات األم�م املتحدة ملنع
اجلريم�ة ومعاملة املذنبني أهنا كلها تشير إىل دور وس�ائل اإلعالم يف جرائم
العن�ف ،وأهن�ا ربما تكون عاملا يف الس�لوك العنيف الذي تتس�م به بعض
اجلرائم.
ومل تغفل الدراسات االجتامعية تأكيد دور الظروف االقتصادية املتدنية
يف جرائم العنف؛ حيث أش�ارت اإلحصائيات عىل مستوى العامل أن كثريين
م�ن مرتكبي جرائ�م العنف ال ينتمون فقط إىل أرس متدني�ة ،ولكنهم يعانون
من حالة البطالة ،وأن العطالة تولد احلقد االجتامعي الذي يكون وراء بعض
جرائم العنف أو دافعا هلا.
وقد ربط بعض علامء اإلجرام بني جرائم العنف والتحرض واملدينة ألن
اإلحصائي�ات اجلنائية تشير إىل أن أكثر جرائم العن�ف ترتكب يف املدن أكثر
من البادية.
وهذا كله يؤكد أمهية دور األرسة ودور وسائل اإلعالم ودور مؤسسات
املجتمع املدين يف التوعية واالهتامم برتبية النشء إلبعادهم عن جرائم العنف،
وأمهية دراسة أسباب جرائم العنف ومعاجلتها.
91
10 . 5جريمة اإلجهاض
اإلجه�اض ه�و إلقاء املرأة جنينها قبل أن يس�تكمل م�دة احلمل ميتًا أو
ح ًّيا للحيلولة دون أن يعيش ،ويكون ذلك بعد أن يستبني بعض خلقه بفعل
منها كاستعامل دواء أو غريه؛ أو بفعل من غريها كالعنف أو التدخل الطبي.
وقد أمجع الفقهاء عىل ما ييل:
ـ إن إس�قاط اجلنين دون ع�ذر بع�د نفخ ال�روح فيه فع�ل حمظور رشعا
ومعاقب عليه قانون ًا.
ـ إجازة إسقاط احلمل ولو نفخت فيه الروح يف حالة إنقاذ األم من خطر
حمقق.
وقد أثبتت الدراس�ات الطبية أن هناك عيوبا وراثية ،وأن بعضها عيوب
خطيرة ال يمك�ن عالجها حال ًّي�ا ،وبعضها اآلخر ال يمك�ن عالجه طب ًّيا أو
جراح ًّيا ،وقد أصبح من املمكن اكتشاف هذه العيوب بطرق علمية صحيحة
ال يتطرق إليها الشك قبل الوالدة وأثناء فرتة احلمل.
وم�ن هن�ا فقد أب�اح الفقه�اء واملختص�ون القانونيون اإلجه�اض هلذه
االعتبارات الصحية القاهرة سواء ملصلحة األم أو اجلنني.
وغري ذلك من حاالت اإلجهاض تعترب جريمة يعاقب عليها القانون؛ ألن
املسألة األخالقية الرئيسية تتمثل يف حق اجلنني يف أن يصبح إنسانًا؛ إذ إن وضع
حد حلياته قضية متاثل القضية األخالقية التي يثريها وضع حد حلياة أي إنسان.
والس�ؤال الذي يطرح نفس�ه هنا :من الذي س�يقرر املس�ائل األخالقية
واألدبي�ة التي يثريها وضع اجلنني قبل ال�والدة؟ وهل للعلامء فقط هذا احلق
أم أن فئات أخرى ال بد من أن تشرتك يف هذا القرار؟
92
وهذا التس�اؤل دعا إىل تكوين جلان مشتركة من علماء الطب والوراثة
والدي�ن لتحديد العي�وب أو اآلثار التي تس�توجب اإلجه�اض كي ال تبقى
تلك القرارات مفتقرة إىل الوضوح الكامل وإىل تكامل األفكار والقرارات،
كما أن كثريي�ن يرون أن تبقى قرارات هذه اللجان إرش�ادية وليس�ت جميزة،
وقد ال يعتمد عليها كأساس لعملية اإلجهاض العالجي.
وم�ن هن�ا فق�د ب�دا الف�رق واضح�ا بين اإلجه�اض العالج�ي اجلائز
واإلجه�اض اجلرمي الذي يعاقب عليه القانون مهام كانت صفة املتس�بب به
أ َبا أو أ ًّما أو معتديا عىل األم بالرضب أو العنف حتى سبب هلا اإلجهاض.
كما يع�د جرما تدخ�ل الطبي�ب إلجهاض اجلنين دون حاج�ة طبية أو
جراحية ملحة يتم التفاهم بشأهنا مع ذوي اجلنني يف حدود الرشع والقانون.
11 . 5ضحايا اإلجرام
كثريا ما نلحظ اهتامم اجلهات املعنية (سواء أكانت أجهزة أمنية أم وسائل
إعالم) باملجرمني وأساليب ارتكاب اجلريمة وكيف يمكن إلقاء القبض عىل
املجرمني وتقديمهم للعدالة دون إعطاء أمهية مناسبة ملن هم ضحايا اإلجرام
سواء أكانوا من املعتدى عليهم جسد ًّيا أو جنس ًّيا أو ما يتعرضون له من رسقة
أو اعتداء عىل املمتلكات.
كما أن هناك اختالفات كثرية يف تعريف الضحية بعامة وتعريف ضحية
اإلجرام بخاصة؛ فالبعض يرى أن الضحية هي كل من تأثر بجريمة ما سواء
بش�كل مبارش أو غري مبارش؛ بينام توس�ع بعض الباحثني يف تعريف الضحية
لتش�مل مجي�ع األف�راد الذين أصيبوا أو تأث�روا بحادث ما بما يف ذلك قضايا
التمييز العنرصي ،أو احلروب ،أو اإلبادة الطائفية ،أو القمع السيايس.
93
وق�د اهتم علامء اجلريم�ة يف هذا العرص( بعد وص�ف ضحايا اإلجرام
بأهنم أشخاص منس�يون) بدراسة الضحية كجزء مكمل للجريمة من حيث
دراسة أسباهبا وكيفية السيطرة عليها ،وقد حدث يف السنوات األخرية حتول
كبير يف النظ�ر إىل ضحاي�ا اجلرائ�م؛ حيث أصبح هن�اك اهتمام وتركيز عىل
جوانب ومواضيع خمتلفة تتعلق هبؤالء الضحايا؛ مثل العوامل الديموغرافية
للضحية ،واخلوف من اجلريمة ،والكلفة املالية املرتبطة بضحايا اإلجرام.
ولك�ن املالحظ أن هناك نقصا كبريا يف املعلومات والدراس�ات املهتمة
باآلث�ار النفس�ية واالجتامعية للجريمة عىل الضحاي�ا إىل جانب اآلثار املادية
التي ترتكها اجلريمة عىل ضحايا اإلجرام.
وقد رسمت بعض الدراسات مالمح عامة لضحايا اإلجرام لعل أبرزها:
ـ يشكل الذكور ضعف عدد اإلناث من ضحايا العنف اإلجرامي بشكل
عام.
ـ هن�اك عالق�ة ارتباط س�لبية بني العمر وح�وادث العن�ف اإلجرامي؛
فاألش�خاص األصغ�ر عم�را نس�ب ًّيا ه�م م�ن أكث�ر ضحاي�ا العن�ف
اإلجرامي ،حيث تقل نسبة ضحايا اإلجرام عند الفئة األكرب عمرا.
ـ أكثر ضحايا اإلجرام حسب احلالة االجتامعية هم العزاب ثم املطلقون
ثم املنفصلون ثم املتزوجون.
ـ األشخاص العاملون هم أقل عرضة من ضحايا اإلجرام.
وم�ن هن�ا فق�د ن�ادى قانون محاي�ة حق�وق ضحاي�ا اإلج�رام برضورة
معاملته�م بكل احترام ،وإعالمه�م بإجراءات سير القضاي�ا اخلاصة هبم،
وع�دم ختويفهم أو الضغط عليهم ،وحقه�م يف احلصول عىل الرعاية الطبية،
وحقهم يف احلصول عىل احلامية املناس�بة ،وحقهم يف استرجاع ممتلكاهتم أو
ما خيصهم بعد االنتهاء من استخدامها كدليل يف املحكمة.
94
12 .5القرصنة البحرية
ب�رزت يف الس�نوات األخيرة ظاه�رة كان العامل يعتقد أهنا من أس�اطري
امل�ايض ،إذ تزايد تعرض عدد من الس�فن والبواخر يف أعايل البحار ويف املياه
اإلقليمية ملا يسمى بالقرصنة البحرية.
وتعد القرصنة أو اللصوصي�ة البحرية جريمة بحرية منذ أقدم العصور
ألهنا تتجسد يف هنب وسلب للسفن وأفرادها والسلع التجارية التي حتملها.
وعىل الرغم من أن األمم املتحدة قد أبرمت اتفا ًقا عامل ًّيا للبحار ،وغدت
البح�ار واملحيط�ات من وجهة النظ�ر القانونية أكثر أمانًا من الس�ابق؛ إال أن
بعض الظروف السياس�ية واالقتصادية واالجتامعي�ة دفعت بعض املجرمني
واملغامرين إىل هتديد احلركة البحرية يف اآلونة األخرية.
عرف كثير من الباحثني القرصنة البحرية بأهنا« :ارتكاب عمل
وقد َّ
أو أكثر من أعامل العنف ضد األشخاص واألموال يف املنشآت البحرية».
وعرفها بعضهم بأهنا« :اعتداء مس�لح تقوم به سفينة يف أعايل البحار
َّ
مرصحا هلا بذلك من جانب دولة من الدول ،ويكون الغرض ً دون أن يكون
منه احلصول عىل مكسب مادي باغتصاب السفن أو البضائع أو األشخاص».
وبعضه�م ّعرفه�ا بأهن�ا« :كل عمل غير رشعي من أعمال العدوان
يرتكبه أشخاص عىل ظهر السفينة يف البحار العامة ،أو حياولون ارتكابه ضد
أشخاص أو ممتلكات عىل ظهر سفينة أخرى بقصد النهب والسلب».
عرفها آخرون بأهنا« :كل أعامل العنف التي تتم ضد األش�خاص
كام ّ
أو األموال بغري حق مرشوع يف البحر العام».
95
يف حين عرفه�ا غريهم بأهن�ا« :رسقة أو حماولة رسق�ة تقع يف البحار
العالية».
وقد أخذت القرصنة البحرية يف هذا العرص أشكاالً متعددة ،منها:
1ـ القرصنة هبدف السلب والنهب.
2ـ القرصنة بغية االنتقام أو االستجابة لنوازع احلقد والضغينة.
3ـ القرصن�ة ذات الش�كل الس�يايس ،ومنه ما متارس�ه بع�ض الدول مما
يسمى إرهاب الدولة من االعتداءات التي هتدف إىل حتقيق أهداف
سياس�ية بعيدة عن املنط�ق والعقالنية ،وليس اهلدف منها الكس�ب
كثريا من قراصنة البحار.
املادي الذي يغري ً
96
.6يف املجال االجتامعي
1. 6العنف.
2 . 6العوملة.
3 . 6اآلثار االجتامعية للحوادث املرورية.
4 . 6تأخر زواج الفتيات.
5 . 6املوت الرحيم.
6 .6نظم املعلومات اجلغرافية.
7 . 6االسرتاتيجية.
97
98
. 6يف املجال االجتامعي
1. 6العنف
يغطي مفه�وم العنف عددا من املعاين املرتبط�ة بمعان متقاربة ،ويعرف
لغو ًّي�ا بأنه :ممارس�ة ق�وة عنيفة ضد ش�خص معين ،أو بأنه :اس�تخدام غري
مشروع أو غري مطابق للقانون للقوة من ش�أنه التأثري عىل إرادة الفرد ،ومن
ذلك الضغط والقوة تنش�أ الفوىض فال يعرتف الن�اس برشعية الواجبات ما
دام�ت احلقوق غري معرتف هبا؛ فتنترش العالقات العدائية يف املجتمع وتنش�أ
جمموع�ات أو تكتلات تتف�ق على صيغة تف�رض هب�ا إرادهتا على األفراد
واجلامع�ات األخ�رى فينصب عنفها على األفراد ،أو على املمتلكات بقصد
إخض�اع الس�لطة أو اجلامع�ات األخرى إلرادهت�ا ،وقد جتمع بين النوعني،
وتتطور وتطغى فتصبح إرهابا.
ويعرف العنف اصطالح ًّيا بأنه :استجابة سلوكية تتسم بطبيعة انفعالية
شديدة قد تنطوي عىل انخفاض يف مستوى البصرية والتفكري.
وللعنف السلوكي مظاهر تتحدد يف:
ـ العن�ف املح�رم :وهو ما يت�م يف صورة عدوان من الف�رد عىل غريه ،أو
عىل ممتلكات غريه.
ـ العن�ف اإللزام�ي :وهو نوع من العنف القائم على النفس ضد اعتداء
اآلخرين سواء أكان العدوان من اآلخرين يف صورة فردية أو مجاعية،
ويكون بصورة الدفاع عن النفس.
ـ العن�ف املب�اح :وهو س�لوك مب�اح من الشرع والقانون ،حي�ث يؤمر
اإلنسان بمعاملة اآلخرين باملثل أو معاقبتهم عىل سلوكهم.
99
ومن مظاهر العنف ما ييل:
ـ االعتداء اللفظي املقصود جتاه الغري.
ـ اإليذاء البدين وغري البدين للنفس أو جتاه الغري.
ـ إحلاق األذى بممتلكات الغري.
ـ إحلاق األذى باملمتلكات العامة أو املرافق العامة واملنشآت.
ويتخذ العنف أشكاال متعددة ،ومنها:
1ـ العنف اجلس�دي :وهو أكث�ر أنواع العنف ش�يوعا ،وذلك إلمكانية
مالحظت�ه واكتش�افه ،نظ�را مل�ا يرتك�ه من آث�ار عىل جس�د املعنف،
ويش�مل :الرضب باليد ،أو ب�أداة حادة ،واخلنق ،والدفع ،والعض،
واملسك بعنف ،وشد الشعر ،والبصق ...وغريها.
2ـ العن�ف اجلنيس :وقد يقع داخل األرسة أو خارجها ،وهو أكثر أنواع
العنف إحاطة بالتكتم واحليلولة دون وصوله للجهات املختصة.
3ـ العنف اللفظي :وهو من أشد أنواع العنف خطرا لتأثريه السلبي عىل
الصحة النفسية للمعنفني.
4ـ العنف النفيس :وهو العنف املوجه هبدف اإليذاء املعنوي.
2 . 6العوملــــة
على الرغم من تع�دد تعريفات «العومل�ة» وتعدد املواق�ف منها؛ إال أن
أمج�ع رشح هلا وأعمق تفسير لدالالهتا ومضامينه�ا ال خيرجان عن اعتبارها
جعل اليشء عامليا بام يعني جعل العامل كله وكأنه يف منظومة واحدة متكاملة .
100
ومهما تعددت الس�ياقات التي ت�رد فيها العوملة فإن املفه�وم الذي يعرب
عنه اجلميع يف أغلب اللغات هو االجتاه نحو السيطرة وجعله يف نسق واحد،
ومن هنا جاء قرار جممع اللغة العربية بالقاهرة بإجازة استعامل العوملة بمعنى
جعل اليشء عاملي ًا.
وم�ن املؤك�د أن العومل�ة منظومة متكامل�ة يرتبط فيها اجلانب الس�يايس
باجلان�ب االقتص�ادي ،واجلانب�ان مع�ا يتكاملان م�ع اجلان�ب االجتامع�ي
والثقايف ،وال يكاد يستقل جانب بذاته.
وعىل هذا األس�اس فإن العوملة الثقافية ه�ي ظاهرة مدعومة دعام حمكام
وكاملا بالنف�وذ الس�يايس واالقتص�ادي الذي يامرس�ه الط�رف األقوى يف
الساحة الدولية.
ومن هنا فقد وقف مفكرو العامل من العوملة ثالثة مواقف هي:
أ ـ املؤي�دون واملروجون هل�ا الذين يرون أهنا ال خترج عن كوهنا حصيلة
املضامني واخلصائص التالية:
ـ أهن�ا جمموع�ة ألفكار ومب�ادئ عقالني�ة وعرصية بديل�ة ألخرى
قديمة وتقليدية.
ـ أهن�ا حزمة خيارات لإلصلاح والتجديد ملختل�ف نواحي احلياة
ونظمها.
ـ أهن�ا هوي�ة كونية لضم مجي�ع البرش أينام وجدوا على ظهر كوكب
األرض.
ـ هي فلس�فة سياسية إلشاعة الديمقراطية وحقوق اإلنسان ودعم
منظامت املجتمع املدين.
101
ب ـ املعارض�ون هلا والرافضون ملنطلقاهتا واملنتقدون ملا بدا من مالحمها
وآثارها ،ويأخذ هؤالء عىل العوملة ما ييل:
ـ العوملة هي االسم احلركي لألمركة وهليمنة القيم الغربية.
ـ هي هتميش للسيادة الوطنية وهليمنة الرشكات العمالقة.
ـ هي تيار أيدولوجي لتسويق االستعامر القديم بقوالب جديدة.
ـ ه�ي احللقة األخرية للرصاع بني احلضارات لفرض إرادة القطب
الواحد.
ـ ه�ي جهد خمط�ط الخرتاق اآلخر وس�لبه إرادته وإعادة تش�كيل
وعيه.
ج�ـ ـ من يقف�ون من العوملة موقفا موضوعيا وي�رون أن العوملة كغريها
م�ن األنظم�ة واملناهج التي تتصل بحياة البرش؛ إذ هلا منزع مشترك
من اخلري والرش ،ومها العنرصان الكامنان يف الضمري اإلنساين.
لذا فإن هؤالء يتلمسون يف العوملة جوانب إجيابية ،ويعملون ما بوسعهم
لتوظي�ف إجيابياهتا فيام ينفع يف احلياة العامة ،ويؤكدون أن الرتكيز عىل نقض
أسسها لن يؤثر يف طبيعة الوضع الناجم عن هيمنة النظام العاملي الذي فرض
العوملة عىل العامل ،بصفتها فكرة ومنهج ًا وأسلوب ًا ونظام ًا وتيار ًا عارم ًا جارف ًا
يكتسح احلواجز ويدك املواقع.
ويدع�و ه�ذا الفريق إىل االس�تفادة من العومل�ة ،وأن ندف�ع بمجتمعاتنا
العربية يف اجتاه التفاعل املتحرك مع املتغريات املتسارعة؛ حتى نفهم ما جيري
حولنا ونس�توعب التحوالت الكربى التي تعيش�ها اإلنسانية يف هذا العرص،
ولئلا نبقى قاعدين نندب حظنا ،بينام الع�امل يتطور ويتقدم من حولنا ونحن
عاجزون نتفرج عىل ما جيري حولنا.
102
ويؤك�د ه�ذا الفري�ق أن العوملة ال متثل خطرا كاس�حا ومدم�را إال عىل
الش�عوب واألمم التي تفتق�ر إىل ثوابت ثقافية ،أما تل�ك التي متتلك رصيدا
ثقافي�ا وحضاري�ا غنيا فإهنا قادرة على االحتفاظ بخصوصيته�ا والنجاة من
خماطر العوملة وجتاوز سلبياهتا.
103
«تأثير هذه احلوادث عىل كيان الفرد أو األرسة ،ومن ثم كيان املجتمع،
وه�ي م�ن أكبر العوامل الت�ي أدت إىل تف�كك بعض األرس وضع�ف تربية
األبن�اء وانح�راف بعضه�م؛ ملا تس�ببه م�ن آالم ومعاناة ،أض�ف إىل ذلك ما
يتكبده املجتمع من خس�ائر اقتصادية س�واء بفقد فرد منت�ج ،أو ما أدت إليه
من خسائر باهظة يف العالج واألرضار املادية املرتتبة عىل هذه احلوادث.
وإذا كانت التأثريات السلبية املصاحبة للحادث املروري تلحق املصاب
ف�إن أرست�ه أيضا ال تس�لم م�ن ذلك األثر س�واء أكان�ت اإلصاب�ة مادية أم
معنوية ،وإن األعراض الصدمية التالية كثريا ما تالزم قائد املركبة أو املصاب
يف احلادث املروري:
ـ اس�تعادة الذكري�ات األليم�ة أثن�اء أحلام اليقظ�ة أو الكوابيس ذات
العالقة باحلادث.
ـ اجرتار الذكري�ات األليمة عند دخول مركز الرشطة أو مقابلة القايض
بالنس�بة لقائ�د املركب�ة ،أو اجرتار الذكري�ات األليم�ة للمصاب عند
دخوله املستشفى أو سيارة اإلسعاف.
ـ حماولة جتنب األفكار أو األنشطة ذات العالقة باحلادث.
ـ االضطرابات االنفعالية احلادة التي تشمل القلق والتوتر املستمر نتيجة
لآلثار املرتتبة عىل احلادث مهام كان نوعها.
ـ حاالت االكتئاب املتدرجة من البسيطة إىل احلادة .
ـ الشعور بعقدة الذنب والدونية لدى املتسبب يف احلادث.
ـ الشعور باخلجل واالغرتاب والوحدة وفقدان األمل.
ـ عدم القدرة عىل إقامة عالقات اجتامعية مع اآلخرين أو املحافظة عليها
يف الغالب.
104
وهذا يؤكد أمهي�ة الوعي الفردي والوعي اجلامعي جتاه التوعية املرورية
وتزوي�د اجلمي�ع باملع�ارف واملعلومات اخلاص�ة باملرور وقواع�د تنظيمه بام
حيقق وحدة الفكر واملفاهيم بني مستخدمي الطريق ،وغرس قيم اإلحساس
باملس�ؤولية ع�ن سلامة اجلمي�ع للتقليل م�ن املآيس واخلس�ائر التي يس�ببها
االستعامل اخلاطئ للطريق.
105
وقد أظهرت الدراسات االجتامعية أن من أسباب تأخر زواج الفتيات:
غالء املهور ،وارتفاع تكاليف املعيش�ة ،وعدم توافر السكن املناسب ،وعدم
الرغبة يف حتمل املسؤولية ،والرغبة يف التفرغ للتعليم العايل ،والتفرغ لقضايا
سياسية أو اجتامعية.
وق�د قس�متها بعض الدراس�ات إىل عوام�ل مادية ،وأخ�رى اجتامعية،
وأخرى نفس�ية ،إىل جانب العوامل التي ترجع للشباب أنفسهم،؛ كالعوامل
الش�خصية ،والعوام�ل الت�ي ترتب�ط بمعايري االرتب�اط الزواجي للش�باب،
واملبالغة يف املهور وتكاليف الزواج ،وهجرة الشباب خارج البالد.
وأم�ا ما خيص الفتي�ات من عوامل تأخر الزواج فق�د متثلت يف :عوامل
ترتب�ط بالتعليم ،وأخرى ترتبط بتص�ورات الفتاة عن رشيك احلياة ،والنظرة
الس�لبية للرج�ال ،ودالل الفت�اة يف اختي�ار رشيك احلي�اة ،والنظرة الس�لبية
للحي�اة الزوجية ،واخل�وف عىل احلرية ،وطموح الفتاة يف الس�فر والعمل يف
اخلارج ،وضعف القدرة عىل حتمل متطلبات احلياة.
كما أن هن�اك عوام�ل تع�ود إىل األرسة الت�ي تعي�ق زواج الفتي�ات إما
ألس�باب مادية أو ألسباب اجتامعية تتعلق بالتعايل وعدم الرغبة يف مصاهرة
بعض األرس ،إىل جانب ضعف الوازع الديني.
وق�د وضع�ت بعض الدراس�ات حل�وال ملش�كلة تأخر ال�زواج يمكن
إجيازها بام ييل:
ـ التيسري يف إجراءات ومتطلبات الزواج.
ـ مساعدة الشباب عىل الوفاء بمتطلبات الزواج.
ـ التوعية بأمهية الزواج وتيسريه عىل الشباب.
106
5 . 6املوت الرحيم
م�وت الرمح�ة أو املوت الرحيم :ه�و التعجيل يف وفاة املرىض أو تيسير
موت املرىض امليؤوس من شفائهم ،أو أولئك الذين يعانون من آالم مربحة ال
ينفع فيها العالج بحجة التخفيف من آالمهم وجتنيبهم عذاب النزع الطويل.
ويعرف موت الرمحة أو املوت الرحيم يف اللغة العربية بعدة مس�ميات ،
منها« :املوت السهل أو الرحيم» و« املوت اهلادئ دون أمل».
وقد درج�ت اللغ�ات األجنبية عىل تس�ميته بالوتانازي�ا وتعني «املوت
الطيب» أو «املوت برفق» أو «موت الرمحة» أو« املوت بال معاناة».
ويع�رف موت الرمحة من الناحي�ة القانونية بقتل الش�فقة أو قتل الرمحة
( )Killing Mercyوهو فعل أو ممارسة ما يسهل موت املرىض الذين يعانون
من أمراض مس�تعصية مزمنة ؛ كالرسطان ،واإلي�دز ....وأمثاهلا التي يقف
أمامها الطب عاجزا.
كام يعرف أيضا بأنه :القتل بدافع الرمحة أو الش�فقة لتخليص مريض ال
يرجى شفاؤه من آالمه التي ال تطاق.
وقد أص�درت بعض الدول قوانني تس�مح بقتل الرمح�ة ،ويعطي احلق
للطبي�ب املعالج أو أحد أقارب املريض امليؤوس من ش�فائه باختاذ قرار إهناء
حياة املريض بطريقة غري مؤملة.
وللموت الرحيم طريقتان متبعتان مها:
1ـ أن يق�وم الطبي�ب املعالج للمري�ض بمرض ال يرجى ش�فاؤه بإهناء
حياته متى ما وصل املريض إىل مراحله األخرية ورافقت مرضه آالم
107
مربحة ال جتدي معها املسكنات واألدوية؛ برشط أن يطلب املريض
ذلك وأن يلح عليه بنفسه ،وأن يكون مالكا لقواه العقلية عند إبداء
ه�ذه الرغب�ة ،ويتم ذلك بحقن املريض بدواء س�ام أو بجرعة كبرية
من مادة خمدرة تؤدي إىل وفاة املريض فورا وترحيه من آالم املرض.
2ـ أن يق�وم الطبي�ب (أو غيره) بإيق�اف أجه�زة اإلنع�اش الصناع�ي
ووسائل احلياة كالتغذية والتنفس ما يؤدي إىل وفاة املريض.
وق�د اختلف علامء األمة حول جواز هذا األس�لوب م�ن القتل فحرمه
أغلبه�م وأوجب�وا إيقاع العقوبة على مرتكبه باعتباره جريم�ة يعاقب عليها
القانون؛ باعتبار أن فكرة املوت الرحيم ليس هلا أي س�ند أو أس�اس إال لدى
الغربيين الذين ناقش�وا ه�ذه الفكرة يف إطار حق املري�ض يف رفض العالج،
وعىل أساس حقه الدستوري يف املوت ،وكذلك حق الطبيب يف االمتناع عن
مساعدة املرىض امليؤوس من شفائهم.
108
اجلغرافي�ة كاخلرائ�ط والص�ور اجلوي�ة واملرئي�ات الفضائي�ة واملعلوم�ات
الوصفية(األسماء واجل�داول) ث�م معاجلته�ا إحصائيّـً�ا لإلفادة م�ن نتائجها
علم ًّيا.
ويمك�ن تعريفها بأهنا :خرائط حمس�وبة مرتبطة بقواع�د البيانات هبدف
ختزي�ن واسترجاع وحتلي�ل ومعاجل�ة نتائجها رغب�ة يف الوص�ول إىل صناعة
القرار الس�ليم يف شأن من ش�ؤون احلياة العامة حتقيقا للتنمية املستدامة التي
تسعى األمم إىل حتقيقها يف هذا العرص.
ومن هنا فإن أهم ما يميز نظم املعلومات اجلغرافية ما ييل:
ـ قدرهتا عىل حفظ املعلومات آل ًّيا وقدرهتا عىل اسرتجاعها عند الطلب.
ـ رسعة عرض البيانات.
ـ رسعة الوصول إىل كمية وافرة من البيانات واملعلومات بدقة متناهية.
ـ ربط وحتليل املعلوم�ات اجلغرافية وغري اجلغرافية باملتطلبات التنموية
الالزمة.
ـ القدرة عىل نرش املعلومات والبيانات لقاعدة كبرية من املستفيدين.
ويمك�ن االس�تفادة من تطبي�ق نظم املعلوم�ات اجلغرافي�ة يف عدد من
املجاالت نذكر منها عىل سبيل املثال:
ـ اس�تخدامها يف الطرق واملواصالت من خالل اختيار املس�ار املناسب
خلطوط النقل
ـ بن�اء على الكثافة الس�كانية ومراكز جتمع النش�اطات احليوية يف املدن
واألرياف.
109
ـ واستخدامها يف ختطيط وتصميم وإدارة شبكات البنية التحتية يف جمال
املاء والكهرباء واهلاتف.
ـ ويف تطبيقات تس�جيل األرايض وامللكي�ات حفظا للحقوق وحدًّ ا من
النزاعات.
ـ ويف تطبيقات التلوث املائي وتأثريه عىل احلياة الربية.
ـ ويف التنب�ؤ بالتغيرات الديموغرافي�ة وم�ا يواكبه�ا م�ن االحتياجات
السكانية ،كتقدير عدد الوحدات السكانية الالزمة ونوعيتها وأفضل
مكان هلا.
ـ ويف تقدي�ر االحتياج�ات التعليمي�ة؛ مث�ل موق�ع امل�دارس وحج�م
ومواصف�ات تل�ك امل�دارس بن�اء على كثاف�ة الس�كان ونوعياهت�م
وحاجاهتم.
ـ ويف تطبيقات االتص�االت واهلواتف الثابتة واملتحركة ،كتحديد نطاق
املقسامت وأماكن األبراج الالزمة للتغطية السلكية والالسلكية.
ـ ويف التطبيق�ات األمني�ة ،كتحدي�د مناطق اجلريم�ة ،ونطاقات تكثيف
الوجود األمني ،وأماكن اهتامم أنظار الرشطة وتكثيف دورياهتا.
ـ ويف جم�ال تطبيقات مكافحة احلرائق لتحدي�د مواقع وحدات اإلطفاء
وتوزيعها ،لتسهيل إمكانية الوصول إىل أماكن احلريق برسعة ،وتوزيع
حمطات ضخ املياه الالزمة لإلطفاء ،وحتديد أماكن احلريق املتكررة.
ـ ويف تطبيقات الدفاع واملدين واإلسعاف من أجل نقل املصابني وحتديد
أقرب الطرق للوصول إىل مراكز الرعاية الصحية.
ـ ويف تطبيقات التعداد السكاين واجلغرافيا االنتخابية.
110
وه�ذا يعني أن نظ�م املعلوم�ات اجلغرافية ق�ادرة عىل متثي�ل العالقات
املكاني�ة بش�كل رقمي وربطها بقاعدة بيانات يمك�ن اإلفادة منها يف كثري من
شؤون حياتنا املعارصة توفريا للجهد واملال وحتقيقا لوسائل التنمية املستدامة
التي تس�عى احلكومات يف هذا العرص لتوفريها لشعوهبا كمطلب أسايس من
مطالب التقدم والتطور واالرتقاء.
7 . 6االسرتاتيجية
االسرتاتيجية :هي خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معني عىل املدى
البعي�د اعتماد ًا عىل التكتي�كات واإلج�راءات اخلاصة يف اس�تخدام املصادر
املتوافرة يف املدى القصري.
ويعود أصل الكلمة إىل التعبري العس�كري ،وعرفت االستراتيجية بأهنا
(فن استخدام املعارك كوسيلة للوصول إىل هدف احلرب) و بأهنا (اإلجراءات
العملية املالئمة للوس�ائل املوضوعة حتت ترصف القائد للوصول إىل اهلدف
املطلوب) ،كام عرفت باهنا (فن توزيع واستخدام خمتلف الوسائط العسكرية
لتحقيق هدف السياسة) .ولكنها اآلن تستخدم بكثرة يف سياقات خمتلفة مثل:
ـ االسرتاتيجية الوطنية .
ـ االسرتاتيجية األمنية.
ـ االسرتاتيجية االقتصادية.
ـ االسرتاتيجية العسكرية.
ـ اسرتاتيجيات العمل.
111
ـ اسرتاتيجيات التسويق.
ويعود أصل الكلمة إىل اليونانية ،stratēgosالتي تعني اآلمر العسكري
يف عهد الديمقراطية األثينية.
وق�د عرف�ت بأهنا ( :فن تعبئة وتوجيه موارد األمة أو جمموعة من األمم
ـ بما فيها القوات املس�لحة ـ لدعم ومحاية مصاحلها م�ن أعدائها الفعليني أو
املحتملني)
وتعكس هذه التعريفات املختلفة االختالف بني مفاهيم أصحاهبا ملعنى
اإلستراتيجية ووس�ائلها ما يوحي بأن مفهوم ه�ذه الكلمة أو االصطالح مل
يتبلور بعد يف أذهان رواد االسرتاتيجية ومفكرهيا.
واحلقيقة أن حداثة فن االستراتيجية والتطور الرسيع الذي حلق مفهوم
هذا الفن كنتيجة حتمية للتطور اهلائل الذي ش�هدته املعارف يف هذا العرص
قد وس�ع جماله ومداه بحيث أصبح لكل وضع أو جمال س�يايس أو اقتصادي
أو عسكري أو اجتامعي اسرتاتيجية خاصة ما جيعل من العسري إيضاح معنى
االسرتاتيجية بكلمة أو ببعض كلامت.
وم�ن خالل اس�تقراء التعريفات الس�ابقة يمكن الوق�وف عىل الفروق
بني اصطالح االستراتيجية وس�واه من االصطالحات املقرتنة به كالسياسة
والتكتيك واللوجستيك.
فقد خيتلط مفهوم االستراتيجية بمس�تواها األعىل ـ أي االستراتيجية
العليا الشاملة ـ بمفهوم السياسة أو قد خيتلط مفهوم االسرتاتيجية بمستواها
األدنى بمفهوم التكتيك أو اللوجستيك.
112
فالسياس�ة هي التي ترس�م وحتدد اهلدف الذي تس�عى األم�ة أو الدولة
لتحقيق�ه س�واء بالس�بل العس�كرية أو س�واها ،يف حني تعترب االستراتيجية
العليا األداة التنفيذية للسياس�ة أي أهنا السياس�ة يف مرحلة التنفيذأو السياسة
يف مرحلة احلركة العنيفة أو القابلة للعنف.
وختتل�ف االستراتيجية العس�كرية ع�ن التكتيك واللوجس�تيك يف أن
التكتيك (فن اس�تخدام األس�لحة يف املعركة للوص�ول إىل املردود األقىص)
أي أن ح�دوده حمصورة يف اإلجراءات والتدابري التي تتخذها القيادة امليدانية
عىل مرسح املعركة أي أنه فن القتال يف امليدان.
أما اللوجس�تيك (الش�ؤون اإلدارية) فهي علم جتهيز وإدام�ة القطاعات أي
عل�م (احلرك�ة والتموين) وهي م�ع التكتيك تؤم�ن (حتقيق التضام�ن املتبادل بني
العوامل املادية ويتصفان معا بصفات علمية واقعية جتعلهام مشاهبني لفن اهلندسة).
أم�ا االستراتيجية العس�كرية فه�ي فن توزي�ع واس�تخدام اإلمكانات
والوس�ائل العس�كرية املختلفة لتحقيق هدف السياس�ة بالطريق�ة املثىل التي
تؤمن التواؤم بني اإلمكانات واهلدف وحتقيق أقل قدر من املقاومة لنخططها
باس�تخدام عام�ل املن�اورة؛ ويك�ون التكتي�ك ع�ادة إح�دى الوس�ائل التي
تستخدمها االسرتاتيجية العسكرية لتحقيق هدفها.
ونتيجة للتط�ور التقني والفكري وزيادة احلاج�ة للتخصص تبعا لذلك
فقد تعددت أوجه ومستويات وحقول االسرتاتيجية بحيث أصبح لكل حقل
من احلقول اسرتاتيجيته اخلاصة التي تالئم اعتباراته املعنوية ومعطياته املادية.
فمن حيث املس�توى هناك إسرتاتيجية عليا أو شاملة واسرتاتيجية بحتة
أو عس�كرية أو عملياتية .وضمن اإلستراتيجية العس�كرية ثمة اسرتاتيجية
برية وبحرية وجوية.
113
أما م�ن حيث املجال فثمة استراتيجية سياس�ية واقتصادي�ة واجتامعية
وعسكرية وغريها.
وم�ن حيث امل�دى فقد تقس�م االستراتيجية إىل ش�ـاملة وحم�دودة أو
مرحلي�ة ،ومن حي�ث طريقة الوصول للهدف فقد تقس�م االستراتيجية إىل
مبارشة وغري مبارشة.
وبالرغم من التقسيامت آنفة الذكر فإن اإلسرتاتيجية يف حقيقتها واحد ٌة
من حيث اجلوهر واهلدف واألس�لوب .وليس التقسيم إال رضورة عملية أو
أكاديمية نشأت من خالل تشعب وتضخم مهام االسرتاتيجية.
ولضامن نجاح االستراتيجية جيب تس�اند وتوافق وتكامل كافة اخلطط
االستراتيجية املختلفة كي ت�ؤدي جمتمعة ومتضاف�رة إىل حتقيق اهلدف العام
للسياسة.
وضامن� ًا هل�ذا التكام�ل والتضافر فقد وضع�ت االستراتيجية العليا أو
الش�املة عىل قمة اهلرم اإلستراتيجي واعتربت الس�لطة العليا يف الدولة هي
املسؤولة عن وضعها وتوجيهها.
وهتدف االستراتيجية إىل حتقيق هدف السياس�ة عن طريق االستخدام
األمثل لكافة اإلمكانات والوس�ائل املتوافرة .وختتلف األهداف من سياس�ة
ألخرى ومن اسرتاتيجية ألخرى.
واالستراتيجية الناجحة هي التي توفق إىل اختيار الوس�يلة أو الوسائل
األج�دى بني كافة الوس�ائل املتاح�ة للوصول إىل هدفه�ا .أي التي تنجح يف
حتقيق وتأمني التوافق والتالؤم بني الوسيلة واهلدف لتحقيق أهدافها..
114
. 7يف جمال اإلرهاب
1. 7اإلرهاب.
2 . 7اإلرهاب الفكري.
3 . 7متويل اإلرهاب.
115
116
. 7يف جمال اإلرهاب
1. 7اإلرهاب
لق�د كثرت التعريف�ات التي تناول�ت ظاهرة»اإلرهاب» بش�كل الفت
للنظر؛ وذلك لتعدد التوجهات واألهداف.
وق�د عرفت�ه االتفاقي�ة العربي�ة ملكافح�ة اإلره�اب التي وقعه�ا وزراء
الداخلية العرب ووزراء العدل العرب بأنه:
«كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أ ًّيا كانت بواعثه أو أغراضه ،يقع
تنفيذا ملرشوع إجرامي فردي أو مجاعي ،وهيدف إىل إلقاء الرعب بني الناس،
أو ترويعهم أو تعريض حياهتم أو حريتهم أو أمنهم للخطر ،أو إحلاق الرضر
بالبيئة أو بأحد املرافق أو األمالك العامة أو اخلاصة ،أو احتالهلا أو االستيالء
عليها أو تعريض أحد املوارد الوطنية للخطر».
ويف معاهدة منظمة املؤمتر اإلسلامي ملكافح�ة اإلرهاب عرفت الفقرة
الثانية من املادة األوىل اإلرهاب تعريفا مل يبتعد عن التعريف السابق.
وقد عرفه املجتمع الفقهي اإلسلامي برابطة العامل اإلسلامي بتعريف
أش�مل إذ أش�ار إىل إره�اب ال�دول الذي متارس�ه بعض الدول ض�د طالبي
التحرر إذ عرفه بأنه:
«هو العدوان الذي يامرسه أفراد أو مجاعات أو دول؛ بغيا عىل اإلنسان يف
دينه ،ودمه ،وماله ،وعرضه ،ويش�مل صنوف التخويف واألذى والتهديد،
والقتل بغري حق ،وما يتصل بصور احلرابة ،وإخافة الس�بيل ،وقطع الطريق،
وكل فع�ل م�ن أفعال العن�ف والتهديد ،يق�ع تنفيذا ملشروع إجرامي فردي
117
أو مجاع�ي ،وهي�دف إىل إلقاء الرعب بني الن�اس ،أو ترويعه�م بإيذائهم ،أو
تعريض حياهتم أو حرياهتم أو أمنهم أو أحواهلم للخطر ،ومن صنوفه إحلاق
الضرر بالبيئة أو بأحد املرافق واألملاك العامة أو اخلاصة ،أو تعريض أحد
املوارد الوطنية أو الطبيعية للخطر ،فكل هذا من صور الفساد يف األرض».
وأما القانون املرصي فقد عرف اإلرهاب بأنه:
«كل اس�تخدام للق�وة أو العن�ف ،أو التهدي�د أو الرتوي�ع ،يلج�أ إلي�ه
اجل�اين تنفي�ذا ملشروع إجرامي ف�ردي أو مجاعي؛ هب�دف اإلخلال بالنظام
العام أو تعريض سلامة املجتمع وأمنه للخطر ،إذا كان من ش�أن ذلك إيذاء
األش�خاص أو إلق�اء الرعب بينه�م أو تعريض حياهت�م أو حرياهتم وأمنهم
للخط�ر ،أو إحلاق الرضر بالبيئ�ة أو باالتصاالت أو املواصالت أو باألموال
العام�ة أو اخلاص�ة أو احتالهلا أو االس�تيالء عليها ،أو منع أو عرقلة ممارس�ة
الس�لطات العامة ،أو دور العبادة أو معاه�د العلم ألعامهلا ،أو تعطيل تطبيق
الدستور أو القوانني واللوائح».
وق�د جاء تعري�ف اإلرهاب يف كلمة لألمري نايف بن عبد العزيز النائب
الث�اين لرئي�س جملس ال�وزراء وزي�ر الداخلي�ة يف اململكة العربية الس�عودية
والرئيس الفخري ملجلس وزراء الداخلية العرب بأن اإلرهاب هو:
« صفة الفعل اخلارج عن الرشع ،واملنتهك حلرمات اآلخرين ،وهو الفعل
الشيطاين الذي ال يقره دين وال تؤيده األعراف وال القيم اإلنسانية ،وهو فعل
هي�دف إىل اإلرضار باآلخ�ر ألهداف ذاتية ضيقة أو ملفاهيم جاهلة مغلقة ،كام
أن اإلره�اب عبر التاريخ البرشي ال يمكن أن يك�ون بأي حال من األحوال
مرتبطا بعقيدة أو جنسية أو وطن؛ فهو كل مكان يربز فيه األرشار واحلاقدون
واجلهلة ومرىض النفوس برصف النظر عن عقائدهم أو أوطاهنم».
118
2 . 7اإلرهاب الفكري
يمك�ن تعريف اإلرهاب الفك�ري بأنه :عدوان برشي يبنى عىل أس�س
فكرية هبدف احليلولة دون وعي اإلنسان باحلقيقة املجردة ؛ وذلك باستخدام
شتى وس�ائل الضغط النفيس والبدين واالقتصادي واالجتامعي والثقايف من
أجل التحكم بإرادة الفرد واملجتمع لتحقيق أهداف فكرية أو دينية أو سياسية
أو اجتامعية أو كل تلك األهداف جمتمعة.
وإن هذا التعريف يتوافق مع تعريف جممع الفقه اإلسلامي لإلرهاب؛
إذ أك�د أن اإلرهاب عدوان عىل اإلنس�ان أو ممتلكات�ه ،وأنه يؤدي إىل الرضر
سواء أكان ذلك الرضر حس ًّيا أو ماد ًّيا أو معنو ًّيا.
وإن العالقة بني اإلرهاب والفكر عالقة وثيقة جدًّ ا؛ فحيثام يكون الفكر
مستقيام ومنسجام مع الفطرة اإلنسانية السوية ينعدم اإلرهاب ،وحيث يكون
الفك�ر منحرف�ا أ ًّيا كان ه�ذا الفكر يكون اإلرهاب س�ائدا ومنترشا؛ وهلذا ال
يمكن مقاومة اإلرهاب إال بمقاومة الفكر املنحرف.
وإذا كان�ت املظاهر اإلرهابية التي ش�هدها العامل مؤخرا كالتفجريات
والس�لب والنه�ب والرتوي�ع وقت�ل األبري�اء ه�ي مظاه�ر مادي�ة حمسوس�ة
لإلره�اب؛ فإن اإلرهاب الفك�ري املنبثق عن االنحراف الفكري هو املقدمة
األساس�ية وه�و الس�بب الرئيسي لتل�ك املظاهر الس�لبية؛ ذل�ك أن منفذهيا
يتعرضون أوال لعملية طمس فكري تس�تهدف مس�لامهتم العقدية وعقليتهم
املتس�احمة يف أصلها من خالل التضليل وطرح الشبهات املغرضة التي تنتهي
هب�م إىل اختاذ مواقف س�لبية ضد كل من خيالف أفكاره�م أو خيالف نظرهتم
لألوضاع من حوهلم.
119
وهب�ذا يمك�ن اجل�زم بأن اإلره�اب الفكري ه�و وليد الفك�ر اإلرهايب
املنح�رف ونتيجة من نتائجه ،وما الفكر اإلره�ايب إال منظومة من املعتقدات
واألف�كار املنحرف�ة؛ أ ًّي�ا كان�ت طبيعته�ا القائم�ة على الغل�و يف معتقداهتا،
واملنافية للفطر السليمة ،واخلارجة عىل الضوابط العقلية يف النظرة إىل الذات
وتصوراهت�ا من جان�ب ،ويف حتديد العالقة مع اآلخ�ر وتصوراته من جانب
آخر.
وقد أكد الباحثون يف تاريخ هذه الظاهرة أن انحراف التصورات العقدية
والفكري�ة كانت وراء كل املظاهر اإلرهابي�ة الفكرية منها وغري الفكرية التي
عان�ت منه�ا البرشية عىل م�دى العصور وم�ا زالت تعاين منذ ح�ادت تلك
الفئات عن الوسطية واالعتدال يف التفكري ويف احلكم عىل األشياء.
وإن أخط�ر ما يف اإلرهاب الفك�ري أنه يريب أف�راده وأعوانه ويعودهم
عىل الوالء املطلق ملا يؤمن به ويعتنقه من أفكار ومعتقدات وكأهنا مسلامت ال
جمال إىل نقدها ومراجعتها؛ فيصبح األتباع كالببغاوات يرددون تلك األفكار
الضالة وكاآلالت الصامء ينفذون ما يمىل عليهم دون مناقشة أو تفسري.
وأخط�ر ما يف ه�ذا الفكر ه�و انعدام العق�ل ،وإلغاء الوج�ود ،والكيل
بمكيالين ،وبخ�س الناس أش�ياءهم ،وعدم إعطاء اآلخري�ن حقوقهم ؛ مع
األسف الشديد.
وأصح�اب ه�ذا الفك�ر يص�دق فيه�م قول�ه تعاىلُ {:ق ْ�ل َه ْ�ل ُننَ ِّب ُئك ْ
ُ�م
بِالأْ َ ْخسرَ ِ ي َن َأ ْعماَلاً ﴿﴾١٠٣ا َّل ِذي َن َض َّل َس ْع ُي ُه ْم فيِ الحْ َ َي ِاة الدُّ ْن َيا َو ُه ْم يحَ ْ َس ُب َ
ون
ُون ُصنْ ًعا ﴿(}﴾١٠٤سورة الكهف). َأنهَُّ ْم يحُ ْ ِسن َ
120
3 . 7متويل اإلرهاب
جاء يف االتفاقية الدولية ملكافحة متويل اإلرهاب لعام 2009م يف فقرهتا
الثانية ما نصه« :يرتكب جريمة بمفهوم هذه االتفاقية كل ش�خص يقوم بأية
وس�يلة كانت مبارشة أو غري مبارشة ،وبش�كل غري مرشوع ،وبإرادته بتقديم
أو مجع أموال بنية استخدامها وهو يعلم أهنا ستستخدم كل ًّيا أو جزئ ًّيا للقيام:
أ ـ بعمل يشكل جريمة يف نطاق إحدى املعاهدات الدولية.
ب ـ ب�أي عم�ل آخر هيدف إىل التس�بب يف موت ش�خص م�دين أو أي
ش�خص آخ�ر أو إصابته بج�روح بدنية جس�مية عندم�ا يكون هذا
الش�خص غري مشترك يف أعامل عدائية يف حالة نشوب نزاع مسلح
عندم�ا يكون غ�رض هذا العمل بحكم طبيعته أو يف س�ياقه موجها
لرتويع الس�كان أو إلرغام حكومة أو منظم�ة دولية عىل القيام بأي
عمل أو االمتناع عن القيام به.
وأضافت الفقرة الثالثة من هذه املادة « :لكي يشكل عمل ما جريمة من
اجلرائ�م املح�ددة يف الفق�رة األوىل ليس من الرضوري أن تس�تعمل األموال
فعل ًّيا لتنفيذ جريمة من اجلرائم املشار إليها يف الفقرات الفرعية من املادة».
وهبذا فإنه يمكن تعريف متويل اإلرهاب بأنه« :أي دعم مايل ـ يف خمتلف
صوره ـ يقدم إىل األفراد أو املنظامت التي تدعم اإلرهاب أو تقوم بالتخطيط
لعملي�ات إرهابية ،وق�د يأيت هذا التمويل من مص�ادر مرشوعة كاجلمعيات
اخلريية مثال (بقصد أو دون قصد) أو مصادر أخرى غري مرشوعة مثل جتارة
البضائع التالفة أو املخدرات».
121
وعرفه القانون األردين رقم ( )55لس�نة 2007م املس�مى بقانون منع
اإلرهاب بأنه« :القيام بأي وسيلة كانت مبارشة أو غري مبارشة بتقديم أو مجع
أو تدبري األموال بقصد اس�تخدامها الرتكاب عمل إرهايب أو مع العلم أهنا
ستس�تخدمه كل ًّيا أو جزئ ًّيا س�واء وقع أو مل يقع العمل املذكور داخل اململكة
أو ضد مواطنيها أو مصاحلها يف اخلارج».
يف حين عرفه التعمي�م الصادر للمؤسس�ات املرصفية واملالية بس�لطنة
عمان بأن�ه« :اس�تخدام أي أم�وال أو أص�ول يف متويل األعمال اإلرهابية أو
املنظامت اإلرهابية».
ومما الشك فيه أن مفهوم ممول اإلرهاب يرتبط بمفهوم متويل اإلرهاب
ارتباط�ا وثيقا؛ لذا فقد عرفت اتفاقية األم�م املتحدة ملكافحة اإلرهاب ممول
اإلره�اب بأن�ه كل من يقوم بتقديم أو مجع أموال بنية اس�تخدامها بأي عمل
م�ن األعامل التي تش�كل جريم�ة يف إحدى املعاهدات الدولي�ة أو بأي عمل
آخر هيدف إىل التسبب يف موت أشخاص أو إصابتهم بجروح بدنية.
وهناك نوعان من مصادر اإلرهاب مها:
األول :التموي�ل املبارش باألموال النقدي�ة والعينية التي تقدمها بعض الدول
الكربى.
والث�اين :التمويل املبارش باألموال النقدية والعينية التي يقدمها بعض األفراد
واجلامعات واملؤسسات.
ومل�ا كانت بعض اجلهات جتمع األم�وال ومتول اإلرهاب دون علم من
املتربعني ينبغي نرش الوعي لدى املواطنني من خالل وسائل اإلعالم املختلفة
حت�ى ال يقعوا فريس�ة ملثل تلك األالعيب وحتى يتعاون�وا مع أجهزة األمن
لكشف أرسارها حتقيقا لألمن اإلنساين املطلوب يف هذا العرص.
122
. 8يف جمال اإلدارة والتدريب
1. 8اإلصالح اإلداري.
2 . 8التدريب األمني.
3 . 8الرتبية املرورية.
4 . 8الرعاية الالحقة.
5 . 8إعادة تأهيل املتهمني واملحكومني.
6 . 8إدارة األزمات األمنية.
123
124
. 8يف جمال اإلدارة والتدريب
1. 8اإلصالح اإلداري
نظرا ألمهية «اإلصالح اإلداري» يف برامج التنمية وحتقيق األهداف فقد
كثرت التعريفات التي تناولته ،ومن هذه التعريفات:
ـ أنه سلس�لة من التحس�ينات التي تبدأ بإعادة تنظيم اهليكل اإلداري يف
التغريات البسيطة يف أساليب العمل ،وتشمل كل تغيري يف العمل ويف
التنظي�م اإلداري للجه�از واألفراد ونظرة الن�اس جلميع هذه األمور
م�ا يدعو إىل تغيري يف أنامط س�لوك األف�راد وأس�اليب تنظيم مهامهم
ووظائفهم.
ـ وع�رف بأنه :حتسين اجلوانب اإلنس�انية الت�ي هتدف إىل زي�ادة كفاءة
وإنتاجية اجلهاز احلكومي.
ـ وأنه :إصالح وتقويم وحتسين لألوضاع الراهن�ة وربطها بطموحات
مس�تقبلية لتحسينها وتطويرها باالعتامد عىل املنظور املستقبيل للجهاز
واملحافظ�ة على األصل وتطوي�ره( وهذا يعن�ي أن اإلصالح ال يعني
إلغ�اء األص�ل والتخيل عن املايض ب�ل العناية ب�ه وتطويره من خالل
االحتفاظ بإجيابياته التي يمكن أن يس�تفاد منها والتخيل عن س�لبياته
التي يمكن أن تعيق العمل أو حتد من نجاحه).
ـ كام عرف أيضا بأنه :حتسين خمرجات اجلهاز اإلداري اس�تهدافا خلدمة
املواط�ن؛ وبام يتامش�ى م�ع األهداف القومي�ة ،وبام يتالءم مع رس�الة
اجلهاز ورؤيته خلدمة الوطن واملواطن.
125
ـ وع�رف اإلصلاح اإلداري كذلك بأن�ه :التغيري إىل األحس�ن ،وليس
جم�رد التغيري؛ حيث يظن كثيرون أن أي تغيري هو إصالح يف حني أن
التغيري جيب أن يكون إىل األحسن.
ـ وعرف أيضا بأنه :التحسين املتعمد واملس�تمر لألداء التشغييل للقطاع
احلكومي( .وهذا يعني أنه تغيري متعمد بقصد التحسني ،وأنه البد من
اس�تمراره ألن التغيري والتحسين مطلب إداري مل�ح لنجاح اإلدارة
وحتقيق أهدافها).
ـ وع�رف بعضه�م اإلصلاح اإلداري بأن�ه :املجهود اهل�ادف إىل حتقيق
تغريات مرغوب�ة يف اإلدارة العامة هبدف حتسين اإلمكانات اإلدارية
يف اجله�از ويف أدائ�ه ويف اجتاه�ات العاملين يف منظامت�ه ومؤسس�اته
وأجهزته املختلفة.
ـ وعرف�ت األمم املتح�دة اإلصلاح اإلداري بأنه :االس�تخدام األمثل
واملدروس للسلطة والنفوذ لتطبيق إجراءات جديدة عىل نظام إداري
م�ا من أجل تغيير أهداف�ه وبيئته وإجراءات�ه هبدف تطوي�ره لتحقيق
أهداف تنموية.
وه�ذه التعريفات مجيع�ا تؤكد أن اإلصالح اإلداري لي�س هدفا يف ذاته؛
بل هو وس�يلة للتحسين ،وأنه رضورة حتمية جلميع األجهزة اإلدارية لتكون
قادرة عىل حتقيق األهداف املرجوة واآلمال املعقودة عليها يف التنمية والتطوير.
وتؤكد هذه التعريفات أيضا أن اإلنس�ان هو العنرص الرئييس يف التنمية
والتطوي�ر وأن�ه هو القادر عىل حتقي�ق األهداف ما يدع�و إىل تأهيله وإعداده
لتحقيق فكرة الرجل املناسب يف املكان املناسب؛ وهذا يدعو إىل :إعادة النظر
126
يف األس�اليب والط�رق التنظيمية إلح�داث النقلة النوعي�ة الالزمة ،وحرص
جم�االت اخلل�ل واالنح�راف يف اجله�از قب�ل التخطي�ط للتغيير واإلصالح
اإلداري الالزم.
2 . 8التدريب األمني
لقد غدا التدريب األمني يف هذا العرص أحد أنواع التدريب املتخصص،
ويقصد بالتدريب األمني « :كل نش�اط علمي وعميل خمطط هبدف إكس�اب
املع�ارف ،وتنمي�ة امله�ارات ،وغ�رس القيم التي متك�ن رجال األم�ن القيام
بمهامهم ووظائفهم املوجهة لتحقيق األمن واالستقرار يف جمتمعاهتم ،واحلد
من معدالت اجلرائم بكل أش�كاهلا وأنواعها وجماالهتا للحد األدنى إذا تعذر
منع وقوعها».
ويش�مل ه�ذا التعري�ف للتدريب األمني مجي�ع الربام�ج التدريبية التي
تقدمه�ا أجهزة إعداد وتأهيل رجال األمن املعنية باألمن الش�امل من خالل
الربام�ج التعليمية والدورات التدريبي�ة وورش العمل التي يتم التخطيط هلا
يف ضوء االحتياجات الفعلية ،سواء أكان تنفيذها داخل الدولة أو خارجها.
وهذا يعني أن نطاق التدريب األمني يشمل ما ييل:
ـ الربام�ج التدريبي�ة الت�ي تعده�ا وتنفذه�ا اجلامع�ات واألكاديمي�ات
واملدن واملعاهد واملراكز التدريبية اخلاصة باجلوانب األمنية واملوجهة
ألف�راد األجه�زة األمنية أثن�اء اخلدمة ،وهبذا فهو ال يش�مل التدريب
الذي يقدم لألفراد املس�تجدين لتأهيلهم للعمل مس�تقبال يف األجهزة
األمنية؛ وذلك للتفريق بني التعليم األمني والتدريب األمني.
127
ـ التدريب الذي تقدمه األجهزة األمنية وفق خطة حمددة داخل األجهزة
األمنية وبإرشاف مبارش من املس�ؤولني فيها لتدريب منسوبيهم ونقل
خرباهتم إليهم.
ـ الربام�ج التدريبي�ة التي تنظمه�ا اجلهات املتعاونة م�ع األجهزة األمنية
والتي تعد بناء عىل طلبها وحاجاهتا.
ـ الربام�ج التدريبية الت�ي تعدها املنظمات املحلية واإلقليمي�ة والقومية
والدولية املتخصصة يف قضايا األمن ومنع اجلريمة ومكافحة الفس�اد
واإلره�اب أو تبادل املعلوم�ات األمنية وتنمية املهارات الس�تخدام
التقنيات ألغراض أمنية.
وهيدف التدريب األمني إىل:
1ـ جتوي�د أداء اخلدم�ات األمني�ة املقدم�ة للجمهور ،وحتسين س�معة
األجهزة األمنية ،وتزويد ثقة املواطنني هبا.
2ـ مواكبة التطورات واملس�تجدات فيام خيص احلد من اجلريمة وحتقيق
األمن بمفهومه الشامل.
3ـ احلد من معدالت اجلريمة واحلد من آثارها من خالل رفع مس�توى
ومكافحتها وأساليب مواجهتها.
وهذا كله يصب يف صالح املجتمعات التي تعمل فيها األجهزة األمنية،
ويساعد يف التنمية املستدامة التي تسعى الشعوب إىل حتقيقها.
128
3 . 8الرتبية املرورية
الرتبية املرورية هي :هنج تربوي تتبعه املؤسسات الرتبوية لتكوين الوعي
اللازم ل�دى املتعلمني من خلال تزويدهم باملع�ارف والقي�م واالجتاهات
وامله�ارات الت�ي تنظ�م س�لوكهم امل�روري ،ومتكنهم م�ن التقي�د بالقوانني
واألنظمة املرورية بام يس�هم يف محاية أنفس�هم واآلخرين من األخطار بعامة
ومن أخطار احلوادث املرورية بخاصة.
وحتت�اج الرتبية املرورية إىل توافر التوعي�ة املرورية حتى حتقق أهدافها،
ونعن�ي بالتوعية املروري�ة :نرش الوعي املروري لدى مجي�ع املواطنني؛ وذلك
بتصحي�ح املفاهي�م اخلاطئ�ة لدهي�م باإلقن�اع عن طري�ق تقدي�م املعلومات
الس�ليمة التي تس�اعد على تكوين رأي صائ�ب ،وإجياد قابلي�ة لدهيم للتقيد
بقواعد وأنظمة املرور؛ وذلك لتحقيق األمن والسلامة يف اس�تعامل الطريق
من خالل تعاون اجلميع ومن خالل التزام كل من السائق ومستخدم الطريق
من املشاة واملارة باآلداب والقواعد الالزمة للسالمة املرورية.
وتعني السلامة املرورية التي نس�عى لتحقيقها :جمم�وع اخلطوات التي
هتدف إىل تبني مجيع اخلطط والربامج املرورية واإلجراءات الوقائية للحد من
وق�وع احلوادث املرورية حفاظا على أرواح املواطنني وممتلكاهتم ومقومات
املجتمع البرشية واالقتصادية.
وللسالمة املرورية عنارص ثالثة هي:
العنصر البرشي :املتمثل بالس�ائق وبالركاب واملش�اة من مس�تخدمي
الطريق.
والطريق وما يتبعها من اخللل يف مواصفاهتا الفنية أحيانا.
129
املركب�ة وم�ا تتصف ب�ه أحيانا من ضع�ف اجلاهزية الفنية الت�ي تؤهلها
لتحقيق السالمة العامة.
وملا كانت الرتبية املرورية هي جزء أسايس من عمليات الرتبية والتعليم
ألهن�ا هتدف إىل تطوي�ر املعارف واالجتاه�ات واملهارات ل�دى الفرد لتطوير
سلوكه املروري؛ انطالقا من أن السلوك هو مصدر كل القيم يف حياة البرش،
وه�و مجاع كل النش�اط اإلنس�اين يف خمتلف جم�االت احلي�اة ،وتنعكس آثاره
اإلجيابية والسلبية عىل اإلنسان ومن حييطون به ويتعاملون معه بشكل مبارش
أو غري مبارش؛ فقد أصبحت الرتبية املرورية مطلبا أساس ًّيا يف هذا العرص الذي
غدت احلوادث املرورية ونتائجها تؤرق كثريا من املسؤولني الذين تنادوا إىل
رضورة تدريس�ها وتعليمها للناشئة يف مدارسهم ،ورضورة توعية املواطنني
بأسس�ها وأهدافه�ا يف كل موقع م�ن مواقعهم من خلال التوعية اإلعالمية
ومن خالل قيام مؤسسات املجتمع املدين بدورها الفاعل يف هذا اجلانب.
وما من شك يف أن املؤسسات التعليمية ومؤسسات املجتمع املدين يمكنها
أن تضطلع بدور أسايس يف إكساب الوعي املروري للجميع من خالل:
ـ القيام بحمالت لنرش الوعي املروري عىل مدار العام.
ـ إدخ�ال م�ادة السلامة املروري�ة يف مناه�ج التعلي�م يف مجي�ع املراح�ل
الدراسية.
ـ تدريب الطالب عىل تنظيم حركة املرور.
ـ التوسع يف إنشاء مدارس تعليم قيادة السيارات ورفع مستوى التدريب
فيها.
ـ توعية املواطنني بفداحة نتائج املشكلة املرورية ،ووضع االسرتاتيجيات
الالزمة للتوعية املرورية.
130
ـ وضع االسرتاتيجيات الالزمة لالرتقاء بالسلوك املروري لدى اجلميع.
ـ تزويد املعلمني بالكفايات الالزمة التي متكنهم من نرش الثقافة املرورية
لطالهبم من خالل املنهج ومن خالل القدوة احلس�نة يف املحافظة عىل
آداب املرور.
ـ تنمي�ة الس�لوك املروري لدى أولي�اء أمور الطالب م�ن خالل جمالس
األحياء وجمالس اآلباء واملعلمني ووسائل اإلعالم ودور العبادة.
4 . 8الرعاية الالحقة
يقص�د بالرعاي�ة الالحق�ة يف مفهومها األمن�ي واالجتامع�ي :مالحظة
ومراقبة املفرج عنهم من الس�جون أو املؤسس�ات اإلصالحية ومس�اعدهتم
على التكيف اخلاص هبم الذي يمثل رضاهم عن واقعهم اجلديد ،والتكيف
العام الذي يمثل اتفاق قيم الفرد مع قيم اجلامعة واملجتمع.
وب�ذا فه�ي عملي�ة تربوية اجتامعي�ة حضارية هت�دف إىل إع�ادة التأهيل
النفيس واملهني واالجتامعي للمفرج عنهم من الس�جناء ليتمكنوا من ممارسة
حياهت�م ممارس�ة جديدة يت�م من خالهلا جت�اوز الظروف البيئي�ة واالجتامعية
واالقتصادي�ة الس�ابقة التي دفعتهم الرتكاب الفع�ل اإلجرامي الذي أودى
هبم إىل السجن.
وقد تعددت تعريفات الرعاية الالحقة يف الدراسات العربية ،ومن تلك
التعريفات:
ـ أهنا أس�لوب حديث يف املعاملة العقابية يطبق بعد اإلفراج النهائي عن
املحك�وم علي�ه ملتابعة تأهيله ومس�اعدته يف التكيف م�ع احلياة داخل
املجتمع.
131
ـ أو أهن�ا :العلاج الالحق لعقوبة الس�جن ،والوس�يلة العملي�ة لتوجيه
املفرج عنهم وإرش�ادهم لس�د احتياجاهتم ومعاونتهم عىل االستقرار
يف حياهتم واالندماج والتكيف مع جمتمعاهتم.
ـ أو أهنا :مس�اعدة املفرج عنهم من املؤسس�ات العقابية إلعادة التوافق
املتبادل بينهم وبين املجتمع-وبخاصة البيئة املبارشة التي حتيط هبم-
كمحاول�ة ملن�ع عودهت�م الرت�كاب أي أفعال مض�ادة لقي�م املجتمع
وقوانين�ه ،ليكون�وا قادري�ن عىل ممارس�ة حياهت�م الس�وية كمواطنني
رشفاء.
ويعبر ع�ن ه�ذا املفه�وم باللغ�ة اإلنجليزي�ة ب�ـ ( )car aftarويعن�ي
العناي�ة بالناقهني ،أو م�واالة العناية هبم ،وهو يس�تخدم للداللة عىل اجلهود
واخلدم�ات التي تب�ذل نحو األفراد الذي�ن حصلوا عىل الرعاية يف املنش�آت
املختلف�ة كاملستش�فيات ودور املالحظة لألحداث أو الس�جون؛ وذلك بعد
خروجهم من هذه املنشآت.
ويمكن أن نالحظ أثر املفهوم الغريب عىل التعريفات العربية للرعاية
الالحق�ة إذ أغفل�ت تلك التعريفات ما يشير إىل أرسة الس�جني مع أن أرسة
املفرج عنه يف الغالب هي إحدى املشكالت التي تواجه املفرج عنه يف مرحلة
س�جنه وبع�د انتهاء حمكوميت�ه؛ لذا فقد أول�ت جامعة ناي�ف العربية للعلوم
األمنية الرعاية الالحقة بمفهومها الش�امل للس�جني وأرسته عناية خاصة يف
براجمها وأنشطتها لتحقيق املزيد من اإلنجازات العربية العملية واإلجراءات
التنفيذية التي يمكن أن تكون خط ًا دفاعي ًا رئيس� ًا ضد عودة املفرج عنهم إىل
االنحراف أو ارتكاب اجلريمة مرة أخرى.
132
5 . 8إعادة تأهيل املتهمني واملحكومني
يقص�د بالتأهي�ل يف املؤسس�ات العقابي�ة كما ج�اء يف معج�م العل�وم
االجتامعي�ة« :جمموع�ة العمليات أو األس�اليب التي يقصد هب�ا إعادة توجيه
األش�خاص املنحرفين أو املجرمين نحو احلي�اة الس�عيد» أو تقديم الربامج
اخلاصة هلم والتي تعينهم عىل ختطي مرحلة االنحراف أو اإلجرام واالنخراط
يف احلياة العامة بأسلوب صحيح.
ويتضم�ن معن�ى التأهيل يف هذه احل�االت :إثارة احلواف�ز اإلجيابية عند
األش�خاص املس�تهدفني بحي�ث يؤمن�ون بالقي�م واملواق�ف اجلدي�دة الت�ي
يراد غرس�ها يف نفس�هم؛ فيحرتم�ون القوانني بعد أن كان�وا متمردين عليها،
ويندجم�ون يف احلي�اة االجتامعية بعد أن كان�وا منعزلني عنه�ا ،وليتحولوا إىل
أعضاء منتجني بعد أن كانوا حجر عثرة يف عمليات اإلنتاج.
ويع�د التأهيل ح ًّق�ا من حقوق هذه الفئة من املجتم�ع؛ ألن ما يرتبط به
من أس�اليب لي�س فقط التزاما تفرض�ه الدول عىل هذه الفئ�ة من املواطنني؛
ولكن�ه ـ أيضا ـ حق هلم قبل ال�دول؛ فاملجرم الذي عانى من ظروف معنوية
واجتامعي�ة وفكري�ة قادته إىل اجلريمة له احل�ق يف أن يعود إىل املجتمع مواطنا
متزن�ا وملتزم�ا؛ وعلى ذل�ك ف�إن التأهي�ل حق أس�ايس تصدر عن�ه حقوق
املحكومني.
وقد نصت القاعدة الثامنة واخلمس�ون م�ن جمموعة قواعد احلد األدنى
ملعاملة املس�جونني عىل أمهية التأهيل كأهم أغراض العقوبة الس�البة للحرية
أثن�اء تنفيذها ؛ حي�ث نصت تلك املادة عىل « :مل�ا كان الغرض املربر لعقوبة
الس�جن أو أي تدبير مماث�ل ه�و يف النهاية محاي�ة املجتمع م�ن اجلريمة؛ فإن
133
حتقيق هذه الغاية ال يمكن أن يتم إال إذا اس�تخدمت مدة الس�جن (عىل قدر
املستطاع) جلعل املذنب عند عودته للمجتمع ليس راغبا فقط بل وقادرا عىل
أن يعيش يف ظل القانون ،وأن يسد حاجاته بنفسه».
ويت�م تنفيذ برامج إع�ادة التأهيل داخل املؤسس�ات العقابية أثناء تنفيذ
اجلزاءات يف القضايا اجلرمية ،كام تتم خارج تلك املؤسس�ات بعد انتهاء مدة
املحكومية أو اجلزائية.
ويمكن تش�جيع هذه الفئة عىل االس�تفادة من تل�ك الربامج من خالل
اإلفراج بوعد الرشف وإعادة التأهيل ،أو اإلفراج الرشطي وإعادة التأهيل،
ّوأن يتم اختبار مصداقية املستفيدين من هذا التشجيع ومدى حتقيق آثاره عىل
املستفيدين.
وينبغ�ي أن توض�ع برامج التأهيل بحي�ث حتقق أهدافها م�ن قبل جلان
متخصصة وجيب أن تتناس�ب مع حاجة اجلمهور املستهدف وأن تتغري بتغري
األس�باب واملسببات الرتكاب اجلريمة ،وأن تتناسب مع ظروف كل فئة من
فئات االنحراف أو اإلجرام.
134
ُع�رف أيض�ا» بأهن�ا« :عملي�ة إدارة خاصة من ش�أهنا إنتاج اس�تجابة وت َّ
إسرتاتيجية ملواقف األزمات من خالل جمموعة من اإلداريني املثقفني مسب ًقا
خاصا ،والذين يستخدمون مهاراهتم باإلضافة إىل إجراءات واملدربني تدري ًبا ًّ
خاصة من أجل تقليل اخلسائر إىل احلد األدنى».
ومن خالل تعريف األزمة يتضح أهنا تتكون من العنارص التالية:
1ـ أهنا حدث مفاجئ قد يتم دون إمكان التنبؤ به.
2ـ أهنا هتدد مصلحة قومية ألن هلا انعكاسات عىل مصالح الدولة العليا،
وعىل مصالح كثري من أبناء الوطن.
3ـ أن مواجهته�ا تت�م يف ظ�روف ضي�ق الوق�ت وقل�ة اإلمكانات ،ألن
أس�لوب املباغت�ة ال يتيح املجال لالس�تعداد للمواجه�ة والتخطيط
املتأين له.
وأما عنارص عملية إدارة األزمة فتشمل ما ييل:
أ ـ أهن�ا عملية إداري�ة خاصية؛ ألهنا وضع اس�تثنائي ،وتتجاوز الروتني
املعتاد يف اإلدارة العادية.
ب ـ من شأهنا إنتاج استجابات إسرتاتيجية ملراحل األزمة ،ملواجهة كل
التغريات واملفاجئات التي قد تتولد من مرحلة إىل أخرى.
ج ـ أهن�ا ت�دار بواس�طة جمموعة من اإلداريين ذوي الكف�اءات العالية،
وذوي امله�ارات املتميزة لتكون قادرة عىل التفاعل مع املس�تجدات
حسب احلاجة.
ويمكن تقسيم األزمات إىل قسمني رئيسيني مها:
135
األول :أزم�ات تقع بفعل برشي :كعمليات اإلره�اب ،وخطف الطائرات،
والقرصن�ة البحري�ة ،واحتج�از الرهائ�ن ،وزرع املتفج�رات ....
وغريها.
الث�اين :أزم�ات تقع بفع�ل الطبيع�ة ،ومنها ال�زالزل والرباكين واألعاصري
والفيضان�ات واجلف�اف ال�ذي يرتت�ب علي�ه نض�وب امل�واد املائي�ة
واملجاعات.
وهناك ثالث مراحل للتعامل مع األزمة ومواجهتها ،وهي:
مرحلة ما قبل األزمة ،وهي املرحلة التي تتبلور فيها املش�كلة وتنذر بحدوث
األزمة؛ ألن األزمة ـ غال ًبا ـ ال تنشأ من فراغ؛ وإنام تسبقها مشكالت
قد تنذر بوقوعها؛ وبخاصة يف األزمات التي تقع بفعل برشي.
ل�ذا ف�إن ه�ذه املرحل�ة تعن�ى بوض�ع ع�دد م�ن اإلج�راءات م�ن
االستعدادات التي يمكن أن تسهم يف مواجهة األزمة.
مرحل�ة التعام�ل مع األزم�ة :وهي املحور األس�ايس يف مواجه�ة األزمة من
خلال تطبي�ق اخلط�ط واختاذ اإلج�راءات املدروس�ة ،وه�ي مرحلة
التطبيق العميل للتدابري املعدة مسب ًقا للتعامل مع األزمة.
مرحل�ة ما بعد األزمة :وه�ي املرحلة التي يتم فيها احت�واء اآلثار النامجة عن
األزمة وعالج تلك اآلثار والتخفيف من نتائجها.
ومن املالحظ أن هذه املراحل الثالث ليست بينها حدود فاصلة بشكل
قاطع؛ ألهنا تتداخل وتتش�ابك لتحقيق أهداف اجلهات الرسمية يف مواجهة
األزمة واس�تخالص الدروس املس�تفادة منه�ا لتطبيقها مس�تقب ً
ال ومواجهة
األزمات قبل حدوثها إذا أمكن ذلك.
136
. 9يف جمال الكوارث
137
138
9ـ يف جمال الكوارث
الكوارث غري الطبيعية
تع�رف الكارثة بأهن�ا :كل حدث مفاجئ يس�بب دمارا واس�عا ومعاناة ّ
عميق�ة ،أو بأهنا :حدث مفاجئ ويكون غالب�ا بفعل الطبيعة ،وهيدد املصالح
القومي�ة للبالد ،وخيل الت�وازن الطبيعي لألمور ،وتش�ارك يف مواجهته كافة
أجهزة الدولة.
وقد عرفها بعض املختصني بأهنا :حادثة حمددة زمن ًّيا ومكان ًّيا ينجم عنها
تعرض جمتمع بأكمله أو جزء من جمتمع إىل أخطار ش�ديدة ماد ّية وخسائر يف
أفراده تؤثر عىل بنائه االجتامعي بإرباك حياته بعد توقف كثري من املستلزمات
الالزمة الستمرارها.
ذلك عن الكارثة بش�كلها العام ؛ أم ما يصطلح عىل تس�ميته بالكارثة غري
التقليدية فيقصد هبا :الكارثة التي يكون سببها غري األسباب التقليدية وخاصة ما
يسمى بأسلحة الدمار الشامل ،وهي األسلحة النووية والكياموية والبيولوجية.
وذل�ك يعن�ي أن الكارثة بمفهومها الش�امل هي :كل حادث�ة تؤدي إىل
تدمري وخسائر يف املوارد البرشية واملادية أو كليهام ،وأما الكارثة غري التقليدية
فتنحرص يف ما تس�ببه احلروب واألس�لحة غري التقليدي�ة من دمار وهالك يف
امل�وارد املادي�ة والبرشية يف جزء من أجزاء العامل ويف فرتة زمنية معينة ،أو هي
اآلث�ار الناجتة عن اس�تخدام أس�لحة الدمار الش�امل وخاصة امل�واد النووية
والبيولوجية والكياموية.
وهذا يؤكد أنه يمكن تقسيم الكوارث إىل قسمني رئيسيني مها:
األول :الك�وارث الطبيعي�ة :وه�ي احل�وادث الفجائي�ة الت�ي حت�دث نتيجة
للعوامل الطبيعية التالية:
139
ـ العوامل البيولوجية ،مثل :األوبئة ،اآلفات الزراعية ....وغريها.
ـ العوامل املناخية واجليولوجية ،مثل :الزالزل ،والرباكني ،والفيضانات
والس�يول ،واألعاصير البحري�ة ،واالهني�ارات الثلجي�ة ،واجلفاف،
والتصحر ،وحرائق الغابات ،واملجاعات ....وغريها.
ـ العوامل الكونية ،مثل :سقوط الشهب ،واإلشعاع الكوين ....وأمثاهلا.
والثاين :كوارث من صنع البرش :وهي نوعان:
ـ الك�وارث اإلداري�ة واملخططة ،مث�ل :احل�روب ،واإلرهاب،وجرائم
التخري�ب على املس�توى القوم�ي وال�دويل كانفج�ار آب�ار البرتول،
واحلرائق ،وأسلحة الدمار الشامل.
ـ الك�وارث غير اإلرادي�ة ،وهي الك�وارث التي حتدث نتيج�ة خطأ أو
إمه�ال أثن�اء قي�ام اإلنس�ان بنش�اط معين ،أو نتيجة لتدخ�ل عوامل
طبيعية أخ�رى مثل :كوارث حوادث امل�رور والنقل اجلوي أو الربي
أو البحري أو نتيجة احلرائق أو التلوث اإلش�عاعي والضوئي وأمثاهلا
كنتيج�ة م�ن نتائج التق�دم العلم�ي والتكنولوج�ي كالطاق�ة النووية
وأبحاث الفضاء.
ولتحقي�ق درجة اس�تجابة رسيع�ة وفعال�ة ملواجهة الك�وارث بنوعيها
هب�دف درء أخطاره�ا والتخفيف م�ن نتائجها فقد عم�دت الدول إىل وضع
مقوم�ات أساس�ية إلدارة الك�وارث املتنب�أ بحدوثه�ا أو للتحك�م واخت�اذ
الق�رارات املصريي�ة الالزمة ملواجهة الك�وارث وإعادة الت�وازن املعييش إىل
حالت�ه الطبيعية بعد حدوث أي كارثة من خالل التنس�يق والتكامل وتوزيع
األدوار عىل مجيع اجلهات ذات العالقة بإدارة الكوارث واألزمات؛ سواء يف
مرحلة ما قبل الكارثة ،أو مرحلة مواجهة الكارثة ،أو مرحلة ما بعد الكارثة.
140
. 10يف جمال املخدرات
141
142
. 10يف جمال املخدرات
املخدرات
لقد غدت املخدرات يف هذا العرص تش�كل هاجس�ا أمن َّيا وداء اجتامع ًّيا
وعائق�ا تنمو ًّيا عانت منه األم�م واملجتمعات ،وغدت مكافحتها مس�ؤولية
وطنية وإقليمية ووطنية ملا ترتكه من آثار اجتامعية ونفسية واقتصادية.
وعرفت املخدرات بأهنا :كل ما غيب العقل واحلواس دون أن يصحب
َ
ذلك نشوة أو رسور.
وعرف�ت بأهن�ا :كل ما يغط�ي العق�ل دون حدوث ط�رب أو عربدة أو
نشاط.
وأما التعريف القانوين هلا فهو :جمموعة من املواد تسبب اإلدمان وتسمم
اجله�از العصب�ي ،وحيظر تداوهلا أو زراعته�ا أو صنعها إال ألغراض حيددها
القانون وال تستعمل إال بواسطة من يرخص له بذلك.
ويعرفه�ا بعض اخلرباء بأهنا :كل مادة يرتتب عىل تناوهلا إهناك للجس�م
وتأثير عكيس عىل العق�ل حتى تكاد تذه�ب به ،وتؤدي ع�ادة إىل اإلدمان،
وحترمها القواعد الرشعية والقوانني الوضعية.
وتع�رف بع�ض القوانين الوضعية املخ�درات بأهنا :املادة التي تش�كل
خط�را على صحة الف�رد أو عىل املجتمع؛ ول�ذا فإن مجيع املخ�درات توضع
حتت ما هو مصطلح عليه باألدوية اخلطرة.
وأما التعريف النفسي للمخدرات فهو :أهنا كل مادة طبيعية أو مصنعة
تفعل يف جس�م اإلنسان وتؤثر فيه فتغري إحساسه وترصفاته وبعض وظائفه،
وينتج عن تكرار اس�تعامهلا نتائج ذات خطر عىل الصحة اجلس�دية والعقلية
وتأثري مؤذ للبيئة واملجموعة.
143
وهن�اك م�ن عرفها من املتخصصين بأهنا :كل مادة خام أو مس�تحرضة
حتتوي عىل مواد منبهة أو مس�كنة من ش�أهنا إذا استخدمت يف غري األغراض
الطبي�ة والصناعي�ة املوجهة أن تؤدي إىل حالة من التع�ود واإلدمان عليها ما
يرض بالفرد واملجتمع جسم ًّيا ونفس ًّيا واجتامع ًّيا.
وهناك كثري من التقسيامت التي تتناول املخدرات بناء عىل تعدد أشكاهلا
وآثاره�ا وبن�اء عىل مصادره�ا ،فمنها :املثبطات واملنش�طات واملهلوس�ات،
ومنه�ا :املخ�درات ذات املص�در الطبيع�ي ،واملخ�درات نص�ف املش� ّيدة(
التصنيعية) ،ومنها املخدرات املش ّيدة(ختليقية أو تركيبية).
ومل�ا كانت آفة املخدرات تتداخل مع كثير من اجلرائم املنظمة التي متتد
آثارها إىل كثري من األنش�طة االجتامعية واالقتصادية والسياسية مستفيدة من
التق�دم التكنولوجي وثورة املعلومات التي اتس�م هبا هذا العرص فقد تنادت
األجه�زة األمنية ملواجهة هذه اآلفة التي تس�تهدف ش�باب األمة مس�تقبلهم
خاص�ة مع بروز آث�ار العوملة بتجلياهت�ا االجتامعية والثقافية التي تس�عى إىل
فت�ح احلدود والفضاءات لألفراد واملعلومات والقيم واملعايري بني الش�عوب
واألمم لتنتقل دون قيود.
وم�ا من ش�ك يف أن املس�ؤولية مشتركة يف مكافحة هذه اآلف�ة وينبغي
أن يضطلع كل إنس�ان بواجبه جتاهها حلامية مكتس�بات الش�عوب ومقدراهتا
واحلفاظ عىل شباهبا وأبنائها من براثن هذه اآلفة املهلكة.
وم�ا تق�وم به إذاع�ة أمن FMمن خلال براجمها التوعوية وعىل رأس�ها
برنامج «ال للمخدرات» هو جهد مشكور ومقدر من هذه املحطة التثقيفية/
التوعوي�ة التي حت�رص عىل نرش ثقافة الرشطة املجتمعي�ة يف إطار نرش األمن
بمفهومه الشامل.
144
. 11يف جمال التوعية األمنية
1 . 11دور املواطن يف التلوث البيئي.
2 . 11دور التنوير العلمي يف مكافحة اجلريمة.
3 . 11التفكك األرسي.
145
146
. 11يف جمال التوعية األمنية
1 . 11دور املواطن يف التلوث البيئي
للتلوث يف املجال العلمي معنيان:
األول :التل�وث امل�ادي :وهو اختالط الشيء بيشء آخر بعي�د عن مكونات
مادته األصلية ،كتلوث املاء بالطني أو الكدر ،وتلوث اهلواء بام يفسده
ويغري مكوناته وخصائصه.
الث�اين :التل�وث املعنوي :ويعني اختالط األش�خاص والع�ادات بام حيقق هلا
رضرا.
نف ًعا أو ً
ويمكن القول إن التلوث بش�قيه املادي واملعنوي يعني فس�اد اليشء ،أو
تغيري خواصه ،إذ يعني يف املفهوم العلمي احلديث أنه :إفساد مكونات البيئة،
حي�ث تتحول هذه املكونات م�ن عنارص مفيدة إىل عنارصه ضارة (ملوثات)
بام يفقدها دورها يف صنع احلياة.
ويمكن تعريف التلوث بأنه« :اختالف يف توزيع نسبة وطبيعة مكونات
اهلواء واملاء والرتبة بسبب من األسباب البرشية أو الطبيعية.
وه�ذا يعن�ي أن التل�وث يمكن أن ينتج عن أش�ياء عادية مث�ل الغازات
أيضا ـ عن أش�ياء غري عادية
والنفاي�ات والكيامويات إال أنه يمكن أن ينتج ـ ً
مثل احلرارة العالية املفاجئة ،أو الضوضاء الزائدة عن احلد.
أساس�ا ع�ن تدخل اإلنس�ان يف قوانني البيئة التي س�نها
والتل�وث ينتج ً
اخلالق ـ عز وجل ـ وإخالله بتوازن عنارصها ومكوناهتا.
147
ولق�د كان للثورة الصناعي�ة والعلمية ،والطفرة احلضارية التي عاش�ها
الع�امل يف هذا العرص آثار مدمرة عىل البيئة؛ حي�ث تلوث اهلواء واملاء والرتبة
الغ�ذاء ،وكأن ذلك ما تنبأت به اآلية الكريمةَ { :ظ َه َر ا ْل َف َس�ا ُد فيِ ا ْلبرَ ِّ َوا ْل َب ْح ِر
ون {}}41 َّاس لِ ُي ِذي َق ُهم َب ْع َض ا َّل ِذي َع ِم ُلوا َل َع َّل ُه ْم َي ْر ِج ُع َ
بِماَ ك ََس َب ْت َأ ْي ِدي الن ِ
(سورة الروم).
وق�د أك�دت الدراس�ات احلديثة أن مجي�ع ملوثات البيئة ه�ي من صنع
اإلنس�ان؛ ب�ل إن�ه جيتهد ويعم�ل ليل هنار ك�ي يل�وث البيئة ،وه�و يعلم أنه
يلوثها ،ورغم ذلك يستمر بالتلوث ألنه وببساطة ليس هو الوحيد املترضر.
وهذا يعني رضورة تعاون املجتمع الدويل بأكمله للتصدي حلل مشكلة
التل�وث إذ غ�دا التعاون البشري يف إماطة األذى ودرء املفاس�د املرتتبة عن
أم�را مطلو ًبا وواج ًبا عىل كل فرد من أف�راد املجتمعات مجي ًعا
التل�وث البيئي ً
ألن ذلك يف صالح البرشية قاطبة.
وملا كان التلوث يطال الرتبة واهلواء واملاء واملراعي والغابات من خالل
التل�وث بالغازات واملواد املش�عة والضوضاء فإن املس�ؤولية تكون أكرب عىل
اجلهات املختصة والعلمية يف احلفاظ عىل البيئة واحليلولة دون تلوثها؛ ولكن
ذلك ال يعفي املواطن العادي من املسؤولية بد ًءا من تأكيد أن ما يسببه التدخني
ومرورا برتشيد
ً يف اإلرضار بالبيئة وباهلواء ويف التس�بب بأمراض الرسطان؛
استهالك املواد الكياموية ،وانتها ًء بالتقليل من الضوضاء يف البيئة املحيطة به،
ويؤكد أن الوقاية خري من العالج ،مع تأكيد دور البيت واملدرس�ة ووس�ائل
اإلعالم املختلفة يف التوعية للحفاظ عىل البيئة واحليلولة دون تلوثها.
148
2 . 11دور التنوير العلمي يف مكافحة اجلريمة
ف مصطل�ح التنوير قديًم�اً بأنه« :حمو أمي�ة الفرد ،ومعرفت�ه للقراءة
ُع ِّ�ر َ
والكتابة حيث كان املرء يوصف بأنه متنور إذا كان يعرف القراءة والكتابة».
ولكن هذا املفهوم مل يعد مناس ًبا يف هذا العرص؛ ألن مفهوم األمية جتاوز
ع�دم معرف�ة الق�راءة والكتابة ،ليتناول ع�دم معرفة املرء ملس�تحدثات العلم
والتقنية ،وعدم قدرته عىل فهم أسسها وأساليب التعامل معها.
عرفوا التنوير العلمي عىل أنه« :ذلك احلد األدنى من اخلربات ويتفق من َّ
العلمية (معارف ،مهارات ،اجتاهات ،أس�اليب تفكري) التي ينبغي للمواطن
الع�ادي يف املجتمع أن يكتس�بها فتزيد مس�توى وعيه العلم�ي ،وقدرته عىل
فهم ومس�ايرة احلرك�ة العلمية وتطوراهت�ا؛ األمر الذي ينعكس عىل س�لوك
ه�ذا املواط�ن إجياب ًّي�ا جتاه نفس�ه وبيئته وجمتمع�ه؛ فيمكنه م�ن مواجهة ما قد
يتع�رض له من قضايا ومش�كالت وعقبات خلال مواقف حيات�ه اليومية،
واخت�اذ القرارات املناس�بة حياهلا من جانب ،واحليلولة دون اس�تغالل جهله
فيها لإليقاع به أو االحتيال عليه يف بعض املعامالت أو الصفقات من جانب
آخر.
ويتفرع عن التنوير العلمي عدد من التنويرات التي تتعلق بأنواع التقدم
التقني وتفجر املعلومات التي شهدها هذا العرص؛ ومن ذلك :التنوير التقني،
والتنوير احلاسويب وما يتفرع عنهام من مهارات ومعارف.
ومل�ا نت�ج عن العالق�ة التفاعلية بني العل�م والتقنية وحاج�ات املجتمع
العدي�د من املش�كالت والقضاي�ا االجتامعية الت�ي تأيت يف مقدمته�ا اجلرائم
اإللكرتوني�ة واالحتيال اإللكرتوين؛ فقد غدا الوع�ي بالعلم التقني والتنوير
149
العلمي الز ًما لكل فرد يف هذا العرص ليزيد من قدرته عىل التعامل مع قضايا
العل�م احلديث ،ومن قدرته عىل اختاذ القرارات املناس�بة حيال تلك القضايا
واملشكالت.
ويمكن للتنوير العلمي حتقيق عدد من األهداف مثل:
ـ تنمية فهم األفراد لطبيعة العلم والتقنية وتأثرها عىل الفرد واملجتمع.
ـ تزوي�د األف�راد بمبادئ وأس�س العل�م والتقنية احلديث�ة واقتداره عىل
االستفادة من إجيابياهتا والتخلص من سلبياهتا.
ـ تنمية قدرة األفراد يف التعامل اآلمن مع تطبيقات التقنية احلديثة وحسن
ترشيد استخدامها.
ـ تنمي�ة وع�ي األفراد بمواطن اخلطر يف بعض املنتج�ات التقنية وقواعد
التعامل معها.
وه�ذا يعن�ي أمهي�ة اكتس�اب الف�رد ألساس�يات التنوي�ر العلم�ي التي
وقادرا عىل التخيل
ً قادرا عىل االس�تفادة من منتجات التقنية احلديث�ة،
جتعل�ه ً
عن روح املس�تهلك واملتفرج عىل التقنية فقط ،ولئال يكون فريس�ة لفرس�ان
اجلرائم اإللكرتونية واالحتيال اإللكرتوين من خالل التزامه بضوابط تطبيق
واستخدام منتجات العلم والتقنية يف هذا العرص.
ـ�وإذا مل تق�م املناه�ج الدراس�ية يف دولن�ا العربي�ة بإدخ�ال املج�االت
والتطبيقات التقنية احلديثة واملستحدثة ضمن مناهج التعليم؛ فإن باستطاعة
الف�رد أن يت�زود بحاجته من تلك املج�االت والتطبيقات من خلال التنمية
الذاتية التي غدت سهلة وميرسة يف هذا العرص.
150
3 . 11التفكك األرسي
التف�كك األرسي :مفه�وم توص�ف ب�ه العائلة الت�ي تتناق�ص أطرافها
الثالثة لعدم تكاملها ومتاسكها بصورة إرادية أو غري إرادية.
أم�ا الص�ورة اإلرادي�ة :فتتمثل هبج�ر ال�زوج لزوجته وأبنائ�ه؛ وبذلك
يفقدون رعايت�ه ومحايته وتوجيهه ومودته ،أو تكون بخروج الزوجة غضبى
م�ن بيت الزوجية مصطحبة أوالدها أو تاركة إياهم لوالدهم ليتدبر ش�ؤون
حياهتم وحيدً ا أو بمساعدة واحدة أخرى غري أمهم.
أيض�ا ـ هبروب أو اختف�اء أحد عنارص
وق�د تك�ون الص�ورة اإلرادية ـ ً
األرسة دون ت�رك أي أث�ر ،أو تك�ون بالطلاق البائ�ن ال�ذي ينه�ي العالقة
الزوجية وهيدم كيان األرسة.
وق�د يضاف إىل هذه الصورة اإلرادية ص�ورة يعتقد بعض الناس تومها
أهن�ا مفيدة ويف صال�ح األرسة ،وهي عمل أحد الزوجني مل�دة طويلة خارج
البالد وبعيدً ا عن مكان إقامة بقية أفراد األرسة.
أم�ا الصورة غري اإلرادية التي ال س�يطرة ألحد عليه�ا والتي ينتج عنها
تفكك األرسة فهي:
1ـ وفاة أحد الزوجني أو كليهام.
2ـ سجن أحد الزوجني ملدة طويلة.
3ـ التجنيد واملشاركة يف حروب خارج حدود الوطن وملدة طويلة.
4ـ التهجير املنظ�م بس�بب احل�روب أو الك�وارث وافتراق الزوجني
أحدمها عن اآلخر وحرمان األبناء من آبائهم ملدة طويلة.
151
5ـ الن�زوح املفاج�ئ خو ًفا من األعداء املحتلني ما يتس�بب عنه تش�تت
العائلة وتفرق أفرادها.
وم�ن أبرز النتائج األمنية للتفكك األرسي س�هولة تأث�ر األبناء ببعض
األق�ران الفاس�دين؛ م�ا ي�ؤدي إىل وق�وع بعضهم فريس�ة للجرائ�م وإدمان
املخدرات ،ويؤدي إىل فشل األبناء يف الدراسة والتحصيل العلمي.
وه�ذا يدعو إىل رضورة العناية بالش�ؤون العائلية ورعايتها وإصالحها
من خالل التكامل األمني.
152
املراجــع
أمين ،أمح�د حلم�ي (1412ه�ـ1992 ،م) ،الوس�ائل األمنية حلامي�ة اآلثار
واألعمال الفني�ة« ،ورقة عمل مقدم�ة ضمن فعاليات ن�دوة محاية
اآلث�ار واألعمال الفني�ة» ،الرياض :جامع�ة نايف العربي�ة للعلوم
األمنية.
أمين ،خدجي�ة عرف�ة حممد(1430هـ2009/م)،األم�ن اإلنس�اين :املفهوم
والتطبي�ق يف الواق�ع العريب والدويل ،جامعة ناي�ف العربية للعلوم
األمنية ،الرياض.
آل س�ميرِّ ،فيصل بن معيض(1428هـ2007/م)،اسرتاتيجيات اإلصالح
والتطوي�ر اإلداري ودورها يف تعزيز األمن الوطني ،جامعة نايف
العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
بره�وم ،حممد (1410هـ) ،دور الضحايا يف ارت�كاب اجلريمة« ،ورقة عمل
مقدم�ة ضم�ن فعاليات ن�دوة ضحاي�ا اجلريمة ،الري�اض :جامعة
نايف العربية للعلوم األمنية.
ثابت ،نارص (1405هـ1985 ،م) ،التحدي االجتامعي واحد من التحديات
احلضاري�ة والغزو الثقايف يف دول اخلليج العريب «ورقة عمل مقدمة
ضمن وقائع ندوة التحديات احلضارية والغزو الثقايف لدول اخلليج
العريب» ،الرياض :مكتب الرتبية العريب لدول اخلليج.
خضور ،أديب حممد(1428هـ2007/م)،محالت التوعية املرورية العربية ،
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
153
الزهراين ،خرضان بن محد؛ صديق الطيب منري(1428هـ2007/م)،األمن
الغذائي واملائي يف اململكة العربية الس�عودية ،جامعة نايف العربية
للعلوم األمنية ،الرياض.
الرساج ،زهري حممد؛ خالد إسماعيل غنيم (1408هـ1988 ،م) ،كيف تقي
أبناءك من االنحراف ،الرياض.
س�عيد ،حممود ش�اكر (2007م) ،حتديات اللغة العربي�ة وأبعادها األمنية يف
عرص العوملة ،الرياض :جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
الش�اعر ،عبد الرمح�ن إبراهيم(1430هـ2009/م) ،األس�اليب احلديثة يف
التخطي�ط للتدري�ب األمني ،جامعة نايف العربي�ة للعلوم األمنية،
الرياض.
الشنواين ،مدحت (1412هـ1992 ،م) ،أمن املنشآت الفندقية« ،ورقة عمل
مقدمة ضمن فعاليات ندوة محاية اآلثار واألعامل الفنية» ،الرياض:
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
صالح ،جالل الدين حممد(1430هـ2009/م)،اإلرهاب الفكري:أشكاله
وممارساته ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
صقر ،رش�اد أمحد (1408هـ) ،األم�ن الصناعي« ،ورقة عمل مقدمة ضمن
فعاليات حمارضات الثقافة األمنية ،املوسم الثاين» ،الرياض :جامعة
نايف العربية للعلوم األمنية.
صوفان ،عاكف يوس�ف (1405ه�ـ1985 ،م) ،التحدي الثقايف اإلعالمي
«ورق�ة عم�ل مقدم�ة ضم�ن ن�دوة التحدي�ات احلضاري�ة والغزو
الثقايف» ،الرياض :مكتب الرتبية العريب لدول اخلليج.
154
الطروان�ة ،س�ليامن (1426ه�ـ2005،م) ،اللغ�ة العربي�ة يف الق�رن احلادي
والعرشين يف املؤسسات التعليمية :الواقع والتحديات واسترشاف
املستقبل.
الطراونة ،حممد إبراهيم(1429هـ2008/م)،اجتاهات املواطن العريب نحو
رجل األمن ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
عب�د املحمود ،عباس أبو ش�امة (1430ه�ـ2009/م) ،مواجهة الكوارث
غري التقليدية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
عثمان ،عثمان أب�و زيد(1431هـ2010/م)،وس�ائل اإلعلام والعن�ف
األرسي ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
ع�ز الدي�ن ،أمح�د جلال (1410ه�ـ1990 ،م) ،إدارة األزم�ة يف احل�دث
اإلرهايب ،الرياض :جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
عالم ،فؤاد (1412هـ1992 ،م) ،أخطار السياح« ،ورقة عمل مقدمة ضمن
فعاليات ندوة محاية اآلثار واألعامل الفنية» ،الرياض :جامعة نايف
العربية للعلوم األمنية.
عيل ،حمم�د عيل (1412هـ1992 ،م) ،العالق�ات العامة يف الرشطة وأثرها
عىل مجهور الس�ياح« ،ورقة عمل مقدمة ضمن فعاليات ندوة محاية
اآلث�ار واألعمال الفني�ة» ،الرياض :جامع�ة نايف العربي�ة للعلوم
األمنية.
علي ،نبي�ل (1414ه�ـ1994 ،م) ،الع�رب وعصر املعلوم�ات ،الكويت:
سلسلة عامل املعرفة.
155
ع�وض ،حممد حمي�ي الدين(1425هـ2010/م)،وس�ائل اإلعالم والعنف
األرسي ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
غان�م ،عبد اهلل عب�د الغني(1430هـ2009/م)،مش�كالت أرس الس�جناء
وحم�ددات برامج عالجها ،جامع�ة نايف العربي�ة للعلوم األمنية،
الرياض.
فوزي ،نج�اح حممد(1428هـ2007/م)،وعي املواطن العريب جتاه جرائم
االحتيال ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
فهم�ي ،س�مري عثمان (1412ه�ـ1992 ،م) ،األم�ن الس�ياحي وأثره عىل
الدخ�ل الوطني« ،ورقة عمل مقدمة ضمن فعاليات ندوة مكافحة
جرائم السياحة» ،الرياض :جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
قاي�د ،هبج�ت عبد اهلل (1410ه�ـ) ،مفه�وم القرصنة البحرية وأش�كاهلا يف
العصور القديمة واحلدية« ،ورقة عمل مقدمة ضمن فعاليات ندوة
القرصن�ة البحرية وأمن املالح�ة» ،الرياض :جامع�ة نايف العربية
للعلوم األمنية.
الكبييس ،عام�ر خضري(1431هـ2010/م)،التدري�ب اإلداري واألمني:
رؤي�ة مع�ارصة للقرن احل�ادي والعرشي�ن ،جامعة ناي�ف العربية
للعلوم األمنية ،الرياض.
املحيمي�د ،أمح�د إبراهي�م (1418ه�ـ1997 ،م) ،التل�وث البيئ�ي :أرضاره
وطرق معاجلته ،النادي األديب بأهبا.
م�ريس ،حمم�د م�ريس حممد(1430هـ2009/م)،تأخ�ر زواج الفتي�ات:
العوام�ل االجتامعي�ة واالقتصادي�ة ،جامعة ناي�ف العربية للعلوم
األمنية ،الرياض.
156
مرك�ز الدراس�ات والبحوث(1430ه�ـ2009/م) ،التعلي�م والسلامة
املرورية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
مرك�ز الدراس�ات والبحوث(1430هـ2009/م)،ظاه�رة النش�ل وآثارها
االجتامعية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
مركز الدراسات والبحوث(1427هـ2006/م)،اإلعالم واألمن ،جامعة
نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
مركز الدراسات والبحوث(1427هـ2006/م)،مفهوم الرشطة املجتمعية،
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
املس�فر ،باكر (1412هـ1992 ،م) ،األمن يف صناعة السياحة« ،ورقة عمل
مقدمة ضمن فعاليات ندوة محاية اآلثار واألعامل الفنية» ،الرياض:
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
مط�اوع ،ضي�اء الدي�ن حمم�د عطية(1425ه�ـ2004/م) ،املس�تحدثات
البيوتكنولوجية وضوابطها األخالقية ،مكتب الرتبية العريب لدول
اخلليج ،الرياض.
مط�ر ،حمم�د حيي�ى وآخرون(1425هـ2004/م)،جرائ�م غس�ل األموال،
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
املقي�د ،صق�ر حممد(1430هـ2009/م)،الرشط�ة النس�ائية وتطبيقاهت�ا يف
الدول العربية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
منري ،هتاين حممد عثامن؛ عزة حممد سليامن(1428هـ2007/م)،العنف لدى
الشباب اجلامعي ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض.
157
موس�ى ،حمم�د كام�ل (1412ه�ـ1992 ،م) ،أم�ن املتاح�ف« ،ورقة عمل
مقدمة ضمن فعاليات ندوة محاية اآلثار واألعامل الفنية» ،الرياض:
جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
ن�ور الدي�ن ،عب�د احللي�م (1412ه�ـ1992 ،م) ،دور وس�ائل اإلعلام
واملؤسس�ات التعليمي�ة والثقافي�ة يف تنمية الوعي األث�ري« ،ورقة
عم�ل مقدم�ة ضمن فعاليات ن�دوة محاية اآلثار واألعمال الفنية»،
الرياض :جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
158