Professional Documents
Culture Documents
من البرامج التي تستهدف الحماية االجتماعية ،كبرامج تمكين ودعم األسرة ،واإلعانات االجتماعية التي تهدف لتوفير
المساعدات االجتماعية للفئات المحتاجة
وتقوم الحماية االجتماعية على مبادئ المساواة ،وعدم التميز بين أفراد المجتمع ،وهي من الخدمات المهمة للمواطن كونها نسقا
من الخدمات االجتماعية والمؤسسات االجتماعية ومنظومة من اإلجراءات والبرامج المصممة من أجل تقديم المساعدة لألفراد
والجماعات ليتمتعوا بمستويات جيدة من الحياة ،وتعرفها األمم المتحدة بأنها "النسق المنظم من الهيئات والمؤسسات والبرامج
التي تهدف إلى دعم أو تحسين الظروف االقتصادية أو الصحية أو القدرات الشخصية المتبادلة للسكان" .لهذا تحرص معظم
دول العالم المتقدمة والنامية على تقديم هذه الخدمات والبرامج المرتبطة بها للمجتمع بصورة عامه ولبعض الفئات الخاصة
ككبار السن ،واألشخاص ذوي اإلعاقة ،واأليتام واألرامل ،والباحثون عن العمل ،واألطفال بهدف تحقيق االستقرار المجتمعي
والذي بدوره سيسهم في تنمية المجتمعات.
كما ان النظام األساسي للدولة يؤكد على المبادئ االجتماعية الموجهة لسياسات الحماية االجتماعية في سلطنة عمان "العدل
والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين ،والتأكيد على أهمية األسرة كأساس للمجتمع ،وينظم القوانين لحمايتها والحفاظ على
كيانها الشرعي ،وتوفير المعونة لها في حالة الطوارئ والمرض والعجـز والشيخـوخـة ،وفقـا لنظـام الضمان االجتماعي،
باإلضافة إلى التزام الدولة بتوفير الخدمات الصحية ووسائل الوقاية والعالج من األمراض واألوبئة لكل مـواطن ،وإيجاد
منظومة القوانين التي تحمي العامل وصاحب العمل وتنظم العالقة بينهما ،وحماية المواطن خالل ممـارسة العمل الذي يختاره.
وشهدت المنظومة التشريعية إضافات في مجال الحماية شملت إصدار قانون الطفل في عام 2014م ،وقانون اإلسكان
االجتماعي في 2010م ،وسن قانون حماية وسالمة العمال في عام 2011م ،باإلضافة إلى نظام تأمين يشمل أصحاب المهن
الخاصة والحرة في عام 2013م ،وغيرها من القوانين ،ونظًر ا لحاجة هذه المنظومة للتكيف مع األوضاع االقتصادية المتقلبة
والعوامل السكانية المتغيرة فالمنظومة التشريعية في مجال الحماية االجتماعية تخضع إلى المراجعة المستمرة والتحديث
المتواصل لتتوائم مع المتغيرات المجتمعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويتطلع المواطن العماني في عصر النهضة المتجددة أن تواكب برامج الحماية االجتماعية الوضع الراهن ،حيث تضع رؤية
عمان 2040في محور "اإلنسان والمجتمع" ضمن أولوية "الرفاه والحماية االجتماعية" هدًف ا استراتيجًيا رئيسًيا ،يتجسد في
الوصول إلى حماية متكاملة موجهة للفئات األكثر احتياًج ا .تماشيا مع الخطاب السامي لحضرة صاحب الجاللة السلطان هيثم
بن طارق المعظم في 18نوفمبر ،2020حيث أكد جاللته على ضرورة اإلسراِع في إرسِاء نظِام الحماِية للمواطنين.
وقد ترجمت الخطة الخمسية العاشرة ( )2025–2021ذلك التوجه من خالل البرنامج االستراتيجي (منظومة حماية اجتماعية
متكاملة) وموحدة لنظام الحماية االجتماعية تسهم في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بكافة جوانب الحماية االجتماعية .وتوسيع
نطاق الحماية االجتماعية بتأمين التغطية التدريجية للجميع ،واستكمالها بمستحقات إضافية بنظـام مناسـب للتمويـل وباتخاذ
تدابير توفر االستدامة المالية لتضمن تدريجًيا حصول جميع المحتاجين من كبار السن والعاطلين عن العمل واألشخاص ذوي
اإلعاقة والنساء والعمال غير النظاميين ،على الدعم الكافي للدخل وخدمات التعليم والرعاية الصحية .والمرسوم السلطاني رقم
( ) 33/2021في شأن أنظمة التقاعد والحماية االجتماعية أكد على التقارب والمساواة ويفتح اآلفاق لتوسيع نطاق المنظومة
والحيـز المالـي للحمايـة االجتماعية .وقانون الحماية االجتماعية المنتظر صدوره يعول عليه لمعالجة التحديات التي تواجه
منظومات الحماية االجتماعية ،وإيجاد حماية للمواطنين منذ الطفولة حتى الشيخوخة ضمن منظومة الحماية.
وتوجد العديد من العوامل التي تؤثر على منظومة الحماية االجتماعية منها التوزيع الديموغرافي للسكان كالعمر والنوع
االجتماعي والمناطقي ،والنمو السكاني ونسب الوالدة والوفاة وتغيرها ،الهجرة الداخلية أو الخارجية ،وعدد األشخاص ذوي
اإلعاقة ،ونسب الفقر وتوزيعها على مختلف الفئات ،والفئات التي تواجه تحديات صحية واجتماعية واقتصادية .حيث ينبغي
على منظومة الحماية االجتماعية التفاعل والتكيف مع هذه المتغيرات من خالل دراسة وتحليل البيانات االجتماعية واالقتصادية
والمؤسساتية والتشريعية ،وفهم العوامل المؤثرة والمتأثرة بالحماية االجتماعية عند تطوير وتنفيذ سياسة الحماية االجتماعية.
لمواءمة البرامج مع االحتياجات المجتمعية بما يحقق التوجيه المناسب لهذه البرامج والمتوافق مع طبيعة البلد.
إن ملف الحماية االجتماعية أصبح اليوم في مقدمة أولويات السياسة االجتماعية في مختلف دول العالم وسلطنة عمان ترصد
بشكل مستمر ما يكتب في التقارير الدولية إزاء الحماية االجتماعية وما تقترحه الدول سواء كانت في المنطقة أو العالم من
سياسات ومنظومات لتعزيز شبكات الحماية واألمان االجتماعية .كما أن هذا الملف يتقدم اآلن للواجهة بفعل ثالثة محركات
رئيسية أولها الجائحة التي أبانت عن الكثير من أوجه القصور في برامج وشبكات الحماية االجتماعية عالمًيا ،ودفعت الكثير
من الدول إلى مراجعة تلك البرامج وتقويمها أو في أبسط األحوال حفزها بالمزيد من حزم الدعم واإلعفاءات الموجهة
لمستحقيها .أما المحرك الثاني فهو تداعيات التأثير على السلع العالمية بفعل اضطراب سالسل اإلمداد والتوريد وهو ما يشير
إلى المزيد من موجات التضخم في األسعار سواء للسلع االستهالكية أو أسعار الطاقة عموًما ،ويلقي عبئا جديدا على الفئات
األكثر ضعًفا واحتياًج ا في مختلف مجتمعات العالم .أما ثالث المحركات فهو سعي الدول الدائم والمستمر لمراجعة عموم
السياسات االجتماعية بوصفها المرتكز األساس الذي يقوم عليه العقد االجتماعي باختالف األنظمة السياسية".
وتم رصد ما جاء به آخر تقرير للحماية االجتماعية صادر عن منظمة العمل الدولية والواقع أن األرقام والبيانات التي حملها
تشير إلى الكثير من التحديات ليس فقط على المستوى المحلي وإنما على المستوى العالمي أيضا .فالمشمولون على األقل
بواحدة من مزايا الحماية االجتماعية عالمًيا ال يتعدون %47من سكان العالم .أي أن ما يزيد على 4مليارات من السكان ال
تصلهم أو ال تشملهم منافع الحماية االجتماعية في أدنى حدودها ومستوياتها .وفي السياق العربي ال تتعدى النسبة %40من
سكان المنطقة .وعلى مستوى األطفال فهناك واحد فقط من كل 4أطفال يتلقون معونات يمكن تصنيفها على أنها حماية
اجتماعية على مستوى دول العالم .وفيما يتصل بإعانات البطالة التي هي شكل مهم من أشكال الحماية االجتماعية فعالمًيا ال
يحصل عليها سوى %18.6من الباحثين عن العمل عالمًيا .أما فئة اإلعاقات الشديدة فشخص واحد من كل 3أشخاص من
هذه الفئة يتحصل على منافع الحماية االجتماعية.
والواقع أن ما نود أن نشير إليه هو مفهوم الحماية االجتماعية يتطور ويتغير حسب مقتضيات الظروف وتعقيدات المجتمعات
العالمية ،واليوم يمكن اإلشارة إلى نظام الحماية االجتماعية الفاعل من خالل قدرته على تغطية كافة مراحل دورة الحياة للفرد
وذلك لتالفي سقوط الفرد في تأزم أو احتياج ما أو تعطل خالل دورة الحياة المكتملة.
هناك العديد من البرامج واإلعانات التي تقع تحت مفهوم الحماية االجتماعية استحدثت في سلطنة ُعمان منذ السبعينيات من
القرن الماضي ،واتسمت بقدرتها على تغطية الفئات األكثر احتياًج ا ،وخاصة الفئات الواقعة تحت نظام الضمان االجتماعي .إال
أن الحماية االجتماعية في ُعمان تواجه خمسة تحديات رئيسية وهي:
التحدي المتعلق بشتات البرامج ،وعدم مركزيتها وبالتالي اختالف موجهات وسياسات كل برنامج. )1
والتحدي المتعلق بمعايير االستهداف وتباينها بين المؤسسات التي تعمل على هذه البرامج ،وتطوير محددات ذات )2
ديمومة لمراجعة هذه المعايير اتساًق ا مع المتغيرات االقتصادية واالجتماعية المحلية والدولية.
والتحدي المتصل بضمانات ديمومة كفاءة األنظمة وقدرتها على التمويل خاصة في أوقات األزمات المالية )3
واالقتصادية.
والتحدي المتصل بكفاءة البيانات ووجود قواعد بيانات متكاملة قادرة على تتبع أوضاع المستفيدين من منظومة )4
الحماية االجتماعية واستشراف ونمذجة المتغيرات الطارئة عليها مستقباًل .
والتحدي المتصل بمدى تكاملية المنظومة وتغطيتها لكافة مراحل دورة الحياة ووجود سياسة اجتماعية واضحة )5
لمراجعتها بشكل مستمر مع التفريق بينها وبين شبكات األمان االجتماعي.
لذلك ،المرجو من الجهد الراهن لتأطير منظومة الحماية االجتماعية هو العمل على خمسة أبعاد رئيسية ،وهي شمول المنظومة
وتغطيتها لدورة الحياة المتكاملة باإلضافة إلى مرونة المنظومة وقابليتها للمراجعة الدورية مع المتغيرات واستجابتها للتحوالت
المعيشية التي قد تطرأ على دورة حياة الفرد وثالثها هو تأسس القرار المتصل بها على بيانات مولدة ومتحدثة بشكل دوري
ورابعها هو تكاملها مع بقية أوجه التنمية االجتماعية بما فيها استفادة الواقعين تحت مظلتها من أشكال الدعم األخرى أو المنافع
أو توجيههم للبرامج التنموية التي تنعكس بشكل مباشر وفاعل على تحقيق احتياجاتهم الرئيسة .وخامس تلك المحددات هو
تأطيرها التشريعي الضامن لعدم تعريضها ألي مخاطر متعلقة بأوجه التمويل أو المنافع المقدمة.
كذلك مسألة تمويل المنظومة هي من المسائل الملحة ،وتقرير الحماية االجتماعية العالمي الذي أشرنا إليه يوضح أن الفجوة
التمويلية لنظم الحماية االجتماعية عالمًيا قد زادت إلى نحو %30خالل العامين الفائتين .وهذا يتطلب وضع رؤية دقيقة
لموارد تمويل المنظومة سواء كان عن طريق اإلنفاق الحكومي المباشر أو عن طريق االستثمارات التي ستعمل عليها
الصناديق الممولة .أو عن طريق االستفادة من الضرائب الحالية أو المحتملة .األهم هو أن يكون التمويل مستداًما وأقل عرضة
للتأثر بتقلبات األوضاع المالية أو ما يمكن أن يحدث على مستوى المالية العامة من تأثير عوارض األزمات المالية العالمية
واإلقليمية.
/https://www.omandaily.omعمان-اليوم/na/الحماية-االجتماعية-تعزز-االستقرار-وضعف-التنسيق-ومشكالت-
التمويل-أبرز-التحديات