You are on page 1of 37

‫مجلة الدراسات القانونية المقارنة‬

‫‪EISSN:2600-6154‬‬ ‫المجلد ‪ /08‬العـــدد‪ ،)2022( 01‬ص‪.‬ص‪121-177.‬‬ ‫‪ISSN:2478-0022‬‬

‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬


‫‪Intrvenor’s Commitment of Food Safety and Product Security‬‬
‫الدكتور‪ .‬عيسى بخيت‬
‫‪Docteur: Aissa BEKHIT‬‬
‫أستاذ محاضر قسم "أ"‪ ،‬التخصص‪ :‬القانون‪ ،‬قانون خاص‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف‬
‫‪Lecteur « A » Specialisation Law, Privé Law‬‬
‫‪Faculty of Law and Politocal Sience‬‬
‫‪University Hassiba Ben Bouali Chlef‬‬
‫‪Email : bekhit.5@gmail.com‬‬
‫تاريخ النشر‪2022/00/11:‬‬ ‫تاريخ القبول‪2022/00/31:‬‬ ‫تاريخ إرسال المقال‪2022/00/30:‬‬

‫الملخص‬
‫أقر ادلشرع اجلزائري مبدأ االلتزام بالسالمة‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل إلتزام ادلتدخل بسالمة وأمن ادلنتوجات‪ ،‬وىذا‬
‫حلماية صحة وسالمة ادلستهلك باعتباره طرفا ضعيفا يف العالقة االستهالكية‪ .‬إن ىذا االلتزام بالسالمة الذي انتقل يف‬
‫نشأتو من اإلجتهاد القضائي إذل التكريس التشريعي من خالل عقد النقل وتشريعات محاية ادلستهلك‪ ،‬والعمل والفندقة‬
‫والسياحة‪ ،‬ىذا الواجب العام بالسالمة آ ثار إشكاالت قانونية وفقهية حول طبيعتو بني االلتزام ببذل عناية والتزام بتحقيق‬
‫نتيجة وبني كونو التزام عقدي أم قانوين‪ ،‬وكل ىذه ادلسائل القانونية ادلتعلقة بااللتزام بالسالمة نظرا لالىتمام الدورل ادلتزايد‬
‫حبقوق اإلنسان ومنها احل ق يف حرمة جس اإلنسان نظرا لالنتشار الرىيب للمواد الذذائية‪ ،‬والتعديالت اجلينية ذلذه ادلواد‬
‫االستهالكية اليت ستنعكس على صحة وسالمة اإلنسان‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االلتزام بالسالمة‪ ،‬ادلتدخل‪ ،‬ادلستهلك‪ ،‬ادلادة الذذائية‪ ،‬ادلنتوج‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The Algerian legislator has adopted the principle of the obligation to safety, and this‬‬
‫‪is demonstrate through obligation the interventionist to the safety and security of the‬‬
‫‪products, this is to protect the health and safety of the consumer as a weak party in‬‬
‫‪there consumer relationship. This commitment to safety, which evolved from‬‬
‫‪jurisprudence to legislative enshrinement through the contract of carriage and‬‬
‫‪consumer protection legislation and work, hotel and tourism, this general duty to‬‬
‫‪safety the effects of legal and doctrinal problems about its nature between the‬‬

‫‪711‬‬
‫‪Email:bekhit.5@gmail.com‬‬ ‫المؤلف المرسل‪ :‬عيسى بخيت‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫‪obligation to take care and the obligation to achieve a result and the fact that it is a‬‬
‫‪legal contractual obligation.‬‬
‫‪Human rights, and all these legal issues relating to the obligation to safety in view of‬‬
‫‪the growing international concern for human rights, including the right to‬‬
‫‪inviolability of the human body owing to the terrible proliferation of foodstuffs,‬‬
‫‪genetic modifications of these consumables that will reflect on human health and‬‬
‫‪safety.‬‬
‫‪Keywords :‬‬
‫‪Safety commitment, Intervenor, Consumer, Food item, Product.‬‬
‫مقدمة‬
‫يعترب موضوع االلتزام بالسالمة من أى ادلواضيع اليت أثارت نقاشات وخالفات واسعة على مستوى الفقو والقضاء‪،‬‬
‫ىذا االلتزام يف نشأتو صنيعة قضائية‪ ،‬فل يكن يدور يف خلد واضعي القانون ادلدين الفرنسي الذي صيذت مواده يف‬
‫رلتمع زراعي‪ ،‬حيث دل تكن النهضة الصناعية قد بدأت يف فرنسا‪ ،‬ولكن بعد التوور الذي حصل على ادلستوى‬
‫االقتصادي‪ ،‬حيث بدأت النهضة الصناعية يف الربع األخري من القرن ‪ ،19‬ومن أى مظاىرىا كثرة ادلصانع‪ ،‬واستخدام‬
‫اآلالت ادليكانيكية ‪ ،‬وتوور وسائل النقل اآللية‪ ،‬األمر الذي نتج عن كل ىذا كثرة الضحايا ‪ ،‬حيث كانت ادلسؤولية‬
‫التقصريية قائمة على أساس اخلوأ طبقا للمادة ‪ 1382‬من القانون ادلدين الفرنسي ‪ ،‬وأساسها اخلوأ الواجب اإلثبات ‪،‬‬
‫األمر الذي أدى إذل صعوبة اإلثبات‪ ،‬ما نتج عنو بقاء العديد من الضحايا بدون تعويض ‪ ،‬فل تعد ىذه األحكام‬
‫كافية لتوفري احلماية الالزمة للضحايا ‪.‬‬
‫ل قد تولبت مواجهة ظاىرة األضرار اجلسمانية ودتكني ضحايا وسائل النقل وعمال ادلصانع من جرب األضرار اليت‬
‫تصيبه ‪ ،‬إما بتووير قواعد ادلسؤولية التقصريية خاصة ادلسؤولية عن فعل األشياء ‪ ،‬عن طريق ىجر فكرة اخلوأ واعتناق‬
‫نظرية اخلور ‪ ،‬أو اعتماد قواعد ادلسؤولية العقدية اليت تلزم قيام ادلسؤولية بدون إثبات اخلوأ‪ ،‬ومن مث ديكن إجياد فجوة‬
‫لتقرير التزام جديد يف العقد وىو '' السالمة'' باعتباره التزاما عقديا بًتتب عن اإلخالل بو قيام ادلسؤولية العقدية دون‬
‫إثبات اخلوأ حتت غواء التعويض ‪ ،‬نصرة لضحايا األضرار اجلسمانية ‪.‬‬
‫وىكذا ظهر االلتزام بالسالمة يف االجتهاد القضائي الفرنسي سنة ‪ 1911‬يف عقد نق األشخاص ‪ ،‬حيث يلتزم‬
‫الناقل بتوصيل ادلسافر إذل مكان الوصول سادلا معافا يف جسده‪ ،‬ىذا االلتزام الذي تبناه االجتهاد القضائي الفرنسي مث‬
‫مت تكريسو تشريعيا‪ ،‬فاإلشكاالت القانونية اليت أثارىا االلتزام بالسالمة‪ ،‬بكونو التزام عقدي‪ ،‬أم التزام قانوين ؟ وبني‬
‫االلتزام ببذل عناية إذل االلتزام بتحقيق نتيجة؟ومن االلتزام إذل الواجب ؟ ألقت بظالذلا على التشريع اجلزائري من خالل‬
‫ما نص عليو ادلشرع اجلزائري يف عقد لنقل األشخاص يف نص ادلادة ‪ 62‬من القانون التجاري ‪ ،‬ومت مده إذل بعض‬
‫العقود ‪ ،‬كالفندقة والسياحة والعمل‪،‬ومت تكريس االلتزام بالسالمة ف يف قانون محاية ادلستهلك وقمع الذش من خالل‬
‫التزام ادلتدخل بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات اليت تورح للتداول للمستهلك‪ .‬وعليو ديكن التساؤل عن ادلدى الذي‬
‫ديكن لاللتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات أن يوفر محاية فعالة للمستهلك ويقيو من األضرار اجلسمانية اليت‬
‫ديكن أن تصيبو ؟ ولإلجابة عن ىذه اإلشكالية اعتمدنا على ادلنهج الوصفي التحليلي لدراسة أحكام االلتزام بسالمة‬

‫‪712‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات‪ ،‬حيث تعرضنا إذل التكييف القانوين لاللتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات‬
‫( مبحث أول)‪ ،‬ونتورق إذل نواق االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات ( مبحث ثاين) ‪ ،‬وضلدد طبيعة‬
‫ادلسؤولية ادلًتتبة عن اإلخالل بااللتزام بالسالمة ( مبحث ثالث) ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التكييف القانوني لاللتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬
‫لقد أقر ادلشرع يف قانون رق ‪ 03-09‬ح ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش‪ ،‬باإلضافة إذل االلتزام بإعالم‬
‫ادلستهلك وااللتزام بادلوابقة وااللتزام بالضمان وخدمة مابعد البيع‪ ،‬التزامني آخرين مها‪ :‬إلزامية النظافة والنظافة الصحية‬
‫للمواد الذذائية وسالمتها يف الفصل األول‪ ،‬وإلزامية أمن ادلنتوجات يف الفصل الثاين‪ ،‬وىذا لتحقيق غاية وحيدة وىي‬
‫سالمة ادلستهلك‪ ،‬ولذا سنتورق يف ىذا ادلبحث إذل حتديد مفهوم التزام ادلتدخل بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات (‬
‫مولب أول)‪ ،‬وحتديد الوبيعة القانونية ذلذا االلتزام ( مولب ثاين)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬
‫تنص ادلادة ‪ 1/4‬من القانون ‪ 03-09‬السالف الذكر بشأن التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية على أنو'' جيب‬
‫على كل متدخل يف عملية وضع ادلواد الذذائية لالستهالك احًتام إلزامية سالمة ىذه ادلواد‪ ،‬والسهر على أن ال تضر‬
‫بصحة ادلستهلك‪ ''.‬ودتنع يف ىذا اإلطار ادلادة ‪ 5‬منو "‪ ...‬وضع مواد غذائية لالستهالك‪ ،‬حتتوي على ملوث بكمية غري‬
‫مقبولة‪ ،‬بالنظر إذل الصحة البشرية واحليوانية وخاصة فيما بتعلق باجلانب السام لو‪ ،‬ولقد عرفت الفقرة ‪ 6‬من ادلادة ‪3‬‬
‫سالمة ادلنتوجات على أهنا‪ '' :‬غياب كلي أو وجود ‪ ،‬يف مستويات مقبولة وبدون خور‪ ،‬يف مادة غذائية دللوثات أو مواد‬
‫مذشوشة أو مسوم طبيعية أو أية مادة أخرى بإمكاهنا جعل ادلنتوج مضرا بالصحة بصورة حادة أو مزمنة''‪ .‬يتبني شلا سبق‬
‫أن ادلشرع يهدف من فرض ىذه االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية ىي احملافظة على صحة ادلستهلك وعدم اإلضرار هبا‪ ،‬كما‬
‫أن االلتزام بواجب النظافة الذي أشارت إلو ادلادتان ‪ 6‬و‪ 7‬من نفس القانون إذل حتقيق نفس الذاية ‪ ،‬أي صون وحفظ‬
‫صحة ادلستهلك‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بأمن المنتوجات نص عليو ادلشرع يف نفس القانون يف الفصل الثاين حتت عنوان أمن المنتوجات‬
‫حيث تنص ادلادة ‪ 9‬منو على أنو '' أن تكون ادلنتوجات ادلوضوعة لالستهالك مضمونة وتتوفر على األمن بالنظر إذل‬
‫االستعمال ادلشروع ادلنتظر منها‪ ،‬وأن ال تلحق ضررا بصحة ادلستهلك وأمنو ومصاحلو‪ ،‬وذلك ضمن الشروط العادية‬
‫لالستعمال أو الشروط األخرى ادلمكن توقعها من قبل ادلتدخلني''‪ ،‬كما عرفت الفقرة ‪ 15‬من ادلادة ‪ 3‬من نفس القانون‬
‫‪ 03-09‬المنتوج المضمون على أنو‪ '' :‬كل منتوج يف شروط استعمالو العادية أو ادلمكن توقعها‪ ،‬مبا يف ذلك ادلدة‪ ،‬ال‬
‫يشكل أي خور أو يشكل أخوارا زلدودة يف أدىن مستوى تتناسب مع استعمال ادلنتوج وتعترب مقبولة بتوفري مستوى‬
‫محايةعالية لصحة وسالمة األشخاص'' يتضح من ىذين النصني أن االلتزام بأمن ادلنتوجات يسعى بدوه إذل محاية وصحة‬
‫ادلستهلك ‪ ،‬ومصاحلو من األضرار اليت تلحقو عند استعمالو للمنتوجات‪.‬‬
‫يبدو جليا أن أمن ادلنتوجات وسالمة ادلواد الذذائية مها وجهان لعملة واحدة أال وىي ضمان عدم اإلضرار بصحة‬
‫ادلستهلك‪ ،‬فكل منهما يهدف إذل احملافظة على صحة وسالمة ادلستهلك‪ ،‬ألن ادلنتوجات احلالية قد دتثل – بالنظر إذل‬

‫‪713‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫مكوناهتا وتركيبها خورا على صحة اإلنسان عند استهالكها من خالل تناوذلا‪ ،‬أو عن طريق استعماذلا يف ادلنتوجات‬
‫األخرى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لاللتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬
‫كانت طبيعة االلتزام بضمان السالمة مثار خالف وجدل يف الفقو والقضاء‪ ،‬فبعدما كان التزاما عقديا تبعيا يف‬
‫بداية األمر ( الفرع األول )‪ ،‬أصبح نتيجة لتوور االجتهاد القضائي التزاما قانونيا مستقال بذاتو( الفرع الثاين)‪ ،‬لكن ىذا دل‬
‫دينع التشريعات اخلاصة من تكريسو يف بعض العقود اخلاصة ( الفرع الثالث)‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام بالسالمة التزام عقد تبعي‬
‫إن التوور االقتصادي الذي عرفتو سلتلف النشاطات بفعل الثورة الصناعية نتيجة إدخال اآلالت يف النشاط‬
‫الصناعي ـ ـ ـ يف بداية القرن ادلاضي ـ ـ ـ ـ لن تكنلو آثار إجيابية فقط‪ ،‬بل كانت لو أيضا آثار سلبية‪ ،‬إذ ما لبثت ىذه اآلالت‬
‫يف إحلاق أضرارا جسمانية مبستعمليها وى العمال‪ ،‬ونتج عن ذلك كثرة الضحايا وبقائه بدون تعويض نظرا لألحكام‬
‫القانونية ادلوبقة آنذاك‪ ،‬وىي وجوب إثبات اخلوأ طبقا للماد ‪2831‬قانون مدين فرنسي‪ ،‬شلا تزداد معو الصعوبة خاصة‬
‫وأن ادلتسبب يف الضرر وىي اآللة‪ ،‬ىذا ما جعل بعض الفقو يوالب يف بعض العقود‪ ،‬التزاما تبعيا لاللتزام الرئيسي‪ ،‬شلا‬
‫يوفر محاية عادلة للضحية‪ ،‬ويتمثل ىذا االلتزام ادلراد إضافتو ويسمى بااللتزام بالسالمة ‪.‬‬
‫إن تضمني العقد التزاما بالسالمة حسب بعض الفقهاء)‪ ،(Cadiet, 1996‬سيسمح للقضاء من تعويض‬
‫ادلضرور على أساس ادلسؤولية العقدية‪ ،‬جتنبا دلساوئ ادلسؤولية التقصريية اليت تتولب إثبات خوأ ادلسؤول طبقا للمادة‬
‫‪ 2831‬قانون مدين فرنسي ‪ ،‬ألنو من الصعب إثبات ركن اخلوأ ألن عيوب ادلنتوج واآلالت ىي ادلتسبب يف األضرار اليت‬
‫تلحق بالضحايا‪.‬‬
‫وبالفعل قد استجابت زلكمة النقض الفرنسية ذلذا الولب وذلك من خالل قرارىا الصادر بتاريخ ‪2122/22/12‬‬
‫‪ ،‬حيث قضت أن تنفيذ عقد النقل يوجب إلزام الناقل بوصول ادلسافر سادلا إذل جهة الوصول ‪(Cass. civ‬‬
‫)‪ ،21/11/1911Dalloz périodique‬وإذا دل يتحقق ذلك كأن يصاب ادلسافر خالل عملية النقل‪ ،‬تقوم‬
‫ادلسؤولية العقدية للناقل مبجرد حصول اإلصابة‪ ،‬ألن التزام الناقل ىو التزام بتحقق غاية(عبد‪ ،2016 ،‬صفحة ‪،)181‬‬
‫ىذا وقد وسع االجتهاد القضائي الفرنسي يف عدة قرارات من رلال االلتزام بالسالمة يف عقود أخرى‪ ،‬كعقد‬
‫البيع)‪ ،(Cass. civ 1°er 20/10/1964 JCGP 1965‬وادلقاولة‪(Cass. civ 1er 19/04/1966, ،‬‬
‫)‪.Bull, In°210‬‬
‫إن االجتهاد القضائي اجلزائري بدوره كرس االلتزام بالسالمة يف بعض العقود‪ ،‬إذ اعتربت احملكمة العليا أن ‪'' :‬‬
‫التزام مقاول األدواح الصبيانية ىو التزام بالسالمة‪ ،‬وبعبارة أخرى فادلقاول ضامن لسالمة األوالد وبالتارل ىو مسؤول عن‬
‫كل ضرر يقع للركاب ما دل يثبت أن احلادث وقع بسبب قوة قاىرة أو خوأ الضحية''(قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،1983/07/01‬ملف ‪ ،21830‬نشرة القضاة عدد خاص صفحة ‪ ،)125‬كما انتهت يف قضية أخرى إذل أن ‪'' :‬‬
‫العالقة اليت تربط الزبون بصاحب احلمام ىي عقد خدمات‪ ،‬ومثل ىذا العقد يضع على عاتق صاحب احلمام التزاما‬

‫‪714‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫بسالمة الزبائن وىو التزام بنتيجة(قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ ،1983/03/02‬ملف ‪ ،20310‬نشرة القضاة‬
‫عدد خاص صفحة ‪.)64‬‬
‫لكن االلتزام بالسالمة كرسو ادلشرع اجلزائري يف ادلادة ‪ 21‬جتاري اليت تنص‪ '' :‬جيب على ناقل األشخاص ‪ ،‬أن‬
‫يضمن أثناء مدة النقل سالمة ادلسافر وأن يوصلو إذل وجهتو ادلقصودة يف الوقت احملدد يف العقد'' وتنص ادلادة ‪69‬‬
‫جتاري ‪ '':‬زيادة على االلتزامات ادلًتتبة على ناقل األشخاص وادلنصوص عليها يف ادلادة ‪ ،65‬يعد الوكيل ابتداء من تكفلو‬
‫بادلسافر‪ ،‬مسؤوال عن األضرار البدنية''‪ ،‬وعليو يعد االلتزام بضمان سالمة المسافر التزاما عقديا بقوة القانون ومن مث‬
‫يقع باطال كل شرط إعفاء كلي أو جزئي من ادلسؤولية عن األضرار البدنية اليت تصيب ادلسافر أثناء تنفيذ عقد النقل‬
‫طبقا للمادة ‪ 65‬جتاري‪ ،‬إن التزام الناقل بالسالمة ىو التزام عقدي‪ ،‬والتزام تبعي‪ ،‬ألنو يتبع االلتزام الرئيسي وىو االلتزام‬
‫بنقل مسافر يف وجوده أو انعدامو‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االلتزام بالسالمة التزام قانوني مستقل قائم بذاتو‬
‫إن االلتزام بالسالمة عرف توورا من حيث اتساع رلالو‪ ،‬لكنو تراجع من حيث شدتو‪ ،‬ففي بداية األمر كان‬
‫التزامابتحقيق غاية‪ ،‬حتول يف العديد من القضايا إذل التزام ببذل عناية‪ ،‬إذ أصبح االجتهاد القضائي الفرنسي دييز بني‬
‫االلتزام بالسالمة الذي يتحملو الناقل خالل مرحلة تنفيذ نقل ادلسافر‪ ،‬ويكون يف ىذه احلالة التزاما بتحقيق غاية‪ ،‬وبني‬
‫االلتزام بالسالمة الذي يتحملو خالل ادلرحلة السابقة أو الالحقة على عملية النقل‪ ،‬وىو التزام ببذل عناية‬
‫فقط(كاألضرار اليت تصيب الشخص أثناء عملية الركوب أو أثناء النزول من وسيلة النقل)‪ ،‬ويقول أحد الفقهاء يف ىذه‬
‫ادلسألة أن اتساع رلال االلتزام بالسالمة كان على حساب قوتو‪ ،‬فما حققو من حيث المجال خسره من حيث‬
‫شدتو(‪ P. jourdain‬ذكره علي فيالرل ‪ ،‬العقود اخلاصة البيع ص ‪)283‬ويقول كاتب آخر ‪ :‬إن االلتزام بضمان‬
‫السالمة ىو التزام قائ سلفا يفرضو القانون على الكافة وال حيتاج يف نشأتو إذل عقد(أقصاصي‪ ،2010 ،‬صفحة‬
‫‪.)135‬‬
‫ويثور التساؤل عن الفائدة من االلتزام بالسالمة ببذل عناية‪ ،‬خاصة بعد تفعيل نص ادلادة ‪ 1384‬مدين‬
‫فرنسي ‪(L'émergence d'un droit d'indemnisation systimatique des dommages‬‬
‫)‪corporals, ouvrage collectif , Annales de l'université d'alger 2012 p13‬وتوور‬
‫االجتهاد القضائي الفرنسي مرة أخرى‪ ،‬إذ أصبح الناقل ال يسأل عقديا عما أصاب ادلسافر من أضرار جسدية خالل‬
‫تواجده مبحوة النقل‪ ،‬أي قبل الشروع يف تنفيذ عقد النقل‪ ،‬بل للمسافر أن يتمسك بادلسؤولية التقصريية ‪(Cass. civ‬‬
‫)‪ ،1er 07/03/1989 Bull, 1989 ,I, n°118, p77‬وىكذا وبعد تعمي ىذا احلل على حاالت‬
‫مشاهبة(منها ادلسؤولية عن سقوط ادلريض يف قاعة انتظار عيادة طبية‪ ،‬أو شخص يف قاعة انتظار زلل خدمات أو سقوطو‬
‫يف زلل جتاري) ‪ ،‬تراجع ما يسمى بااللتزام بالسالمة ببذل عناية وحتول تعويض األضرار اجلسمانية من ادلسؤولية العقدية‬
‫إذل ادلسؤولية التقصريية‪ ،‬حيث أصبح الكل ملزما بعدم ادلساس بالسالمة اجلسدية للذري‪ ،‬وعليو فال حاجة للبحث عن‬
‫التزام تبعي على عاتق ادلتعاقد للمحافظة على سالمة الذري‪ ،‬كما يستوي يف ذلك أن تكون الضحية مرتبوة أو غري مرتبوة‬

‫‪715‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫عقديا بادلسؤول‪ ،‬وال فرق بني أن يكون الضرر أصاب الضحية أثناء تنفيذ العقد أو قبل تنفيذه‪ ،‬ىذا ودل تبق محاية‬
‫السالمة اجلسدية عند حد ظهور ىذا الواجب العام‪ ،‬بل تضمنت تشريعات حديثة ىي أيضا تقر التزاما بالسالمة يف‬
‫بعض العقود‪ ،‬األمر الذي يلقي بظاللو على طبيعة ىذا االلتزام‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االلتزام بالسالمة التزام عقدي بقوة القانون‬
‫تنص التشريعات اخلاصة على االلتزام بالسالمة ومنها‪ :‬تلتزم ادلؤسسة ادلستخدمة مبوجب ادلادة ‪ 3‬من القانون ‪-88‬‬
‫‪( '' 07‬ادلتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،1988‬عدد ‪،)4‬بضمان الوقاية الصحية واألمن‬
‫للعمال‪ ،‬ويكون الفندقي ملتزما مبوجب ادلادة ‪ 1/23‬من القانون ‪( "01-99‬الذي حيدد القواعد ادلتعلقة بالفندقة‪،‬‬
‫جريدة رمسية ‪ ،1999‬العدد‪)25‬بضمان سالمة وأمن الزبون وأمتعتو الشخصية واألشياء اليت يودعها يف ادلؤسسة‬
‫الفندقية وتوابعها''‪ ،‬كما تلتزم وكالة السياحة واألسفار طبقا للمادة ‪ 18‬من القانون رق ‪( 06-99‬الذي حيدد القواعد‬
‫اليت حتك وكالة السياحة واألسفار ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،1999‬العدد ‪)24‬على أنو''‪ ...:‬يف إطار شلارسة لنشاطاهتا أن تتخذ‬
‫مجيع االحتياطات اليت من شأهنا توفري أمن الزبون وشلتلكاتو اليت تقبل التكفل هبا"‪ ،‬ويتحمل كل متدخل ـ ـ يف إطار عملية‬
‫وضع ادلنتوجات لالستهالك ـ ـ جتاه ادلستهلك بإلزامية النظافة وسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات طبقا للمواد من ‪ 4‬إذل‬
‫‪ 11‬من القانون ‪( 03-09‬ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،2009‬العدد ‪ ،)15‬وىذا بذض‬
‫النظر عن إقرار ادلشرع دلسؤولية ادلنتج ادلدنية عن عيب منتوجاتو مبوجب القانون ‪ 10-05‬ادلعدل وادلتم للقانون‬
‫ادلدين(ادلادة ‪ 140‬مكرر ق م تنص على أنو" يكون ادلنتج مسؤوال عن الضرر الناتج عن عيب يف منتوجاتو حىت ودل تربوو‬
‫بادلستهلك عالقة تعاقدية")‪.‬‬
‫وقد نتساءل عن اإلسهامات اليت تقدمها ىذه التشريعات اخلاصة بالنظر إذل االلتزام العام بالسالمة‪ ،‬ال سيما أن‬
‫ىذه التشريعات اخلاصة مقيدة من حيث رلال توبيقها‪ ،‬وىي استثناءات من القاعدة ( تشديدا وختفيفا)‪.‬‬
‫لقد اقتصرت ىذه التشريعات اخلاصة من حيث رلال التوبيق‪ ،‬على ضمان ادلؤسسة ادلستخدمة للوقاية الصحية‬
‫واألمن للعامل‪ ،‬وضمان الفندقي لسالمة وأمن الزبون وأمتعتو الشخصية‪ ،‬وإلزام وكالة السياحة واألسفار باختاذ‬
‫االحتياطات الضرورية بذرض توفري أمن الزبون وشلتلكاتو‪ ،‬ومراعاة ادلتدخل إللزامية النظافة الصحية للمواد الذذائية‬
‫وسالمتها وكذا إلزامية أمن ادلنتوجات لفائدة ادلستهلك‪.‬‬
‫أما من حيث ادلوضع‪ ،‬فنجد يف ىذه التشريعات اخلاصة تنظي كل الواجبات اليت بتعني على ادلؤسسة ادلستخدمة‬
‫مراعاهتا بصفة دقيقة‪ ،‬قصد حتقيق الوقاية الصحية وأمن العمال منها‪ :‬نظافة أماكن العمل وملحقاهتا وسلتلف التجهيزات‪،‬‬
‫واستجابة جو العمل إذل شروط الراحة والوقاية الصحية وعلى وجو اخلصوص‪ ،‬التكعيب والتهوية وجتديدىا والتشمس‬
‫واإلضاءة والتدفئة واحلماية من الذبار واألضرار األخرى‪...‬إخل(سليمان‪ ،2012 ،‬صفحة ‪ ،)107‬وكذا توفري للعامل‬
‫األلبسة اخلاصة والتجهيزات وادلعدات الفردية ذات الفعالية ادلتعارف عليها من أجل احلماية ‪ ،‬وكذا مراعاة أمن العمال‬
‫يف اختيار التقنيات والتكنولوجيا(انظر ادلواد ‪ 6،7 ،4 ،3‬من القانون ‪ 07-88‬ادلتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب‬
‫العمل السالف الذكر)‪.‬‬

‫‪716‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫كما مت حتديد واجبات ادلتدخل يف إطار إلزامية أمن ادلنتوجات وسالمة ادلواد الذذائية حتديدا دقيقا ومفصال منها‬
‫ذات الوابع الوقائي‪ ،‬ومنها ذات الوابع العالجي‪ ،‬مع حتديد كل الوسائل الالزمة منها قانونية‪ ،‬ووسائل مادية كادلخابر‪،‬‬
‫وسائل بشرية بذرض مراقبة ادلنتوجات ‪،‬ووسائل اإلنذار‪ ،‬ومتابعة ادلنتوجات بذية حتقيق النتيجة ادلنتظرة أي سالمة‬
‫األشخاص وكذا مصاحله ادلالية‪ ،‬ودل تكتف التشريعات اخلاصة بالقواعد ادلتعلقة بقواعد الفندقة وتلك اليت حتك نشاط‬
‫وكالة السياحة واألسفار على تكريس االلتزام بسالمة الزبون وأمتعتو(يزيد‪ ،2014 ،‬صفحة ‪ ،)135‬بل تناولت أيضا‬
‫الواجبات اليت يتعني اختاذىا لتحقيق ىذا االلتزام(أنظر ادلواد من ‪14‬إل ‪ 45‬من القانون رق ‪ 01-99‬الذي حيدد‬
‫القواعد ادلوبقة على الفندقة)‪.‬‬
‫ديكن القول شلا سبق أن ىذه التشريعات اخلاصة السالفة الذكر شددت من االلتزام العام بالسالمة‪ ،‬فيجب على‬
‫ادلدين هبذا االلتزام اختاذ إجراءات وقائية زلددة تنفيذا لاللتزام بالسالمة‪ ،‬مع العل أن القيام بالواجب الوقائي ال بعفي‬
‫ادلدين من ادلسؤولية ‪ ،‬فااللتزام بالسالمة ىو التزام بتحقيق غاية‪ ،‬فإذا دل تتحقق النتيجة ادلنتظرة وىي سالمة الزبون‪ ،‬أو‬
‫العامل أو ادلستهلك ويف حالة اإلخالل هبذا الواجب تقوم يف ذمة ادلدين ادلسؤولية ادلدنية واجلزائية‪.‬‬
‫ودلا كانت القاعدة القانونية تقضي بأن اخلاص يقيد العام‪ ،‬فإن أحكام التشريعات اخلاصة ىي أوذل بالتوبيق من‬
‫الشريعة العامة كلما تعلق األمر بسالمة أو أمن العامل‪ ،‬وسالمة زبون فندق أو وكالة سياحية وكذا أمن وسالمةادلستهلك‪.‬‬
‫ودلا كان ادلبدأ يقضي أيضا بأن النصوص اخلاصة تفسر تفسريا ضيقا‪ ،‬فال شك أنالضحية اليت ليست ذلا إحدى‬
‫الصفات السابقة الذكر‪ ،‬ال ديكنها االستفادة من ىذه النصوص اخلاصة‪ ،‬كأن يكون ادلتضرر من الذري‪ ،‬فال ديكنو من‬
‫تأسيس دعواه ضد ادلسؤول إال على أساس الواجب العام بالسالمة‪.‬‬
‫إن الواجب العام بالسالمة ىو التزام قانوين ينصرف إذل الكافة ودلصلحتها‪،‬وأن االلتزام باألمن والسالمة ادلكرس‬
‫مبوجب التشريعات اخلاصة ىو تشديد للواجب العام بالسالمة يف حاالت معينة‪ ،‬ويستند ىذا التشديد إذل التفاوت‬
‫ادلوجود بني ادلعنيني‪ ،‬كادلستخدم والعامل وادلتدخل وادلستهلك‪ ،‬وصاحب الفندق والزبون‪ ، ، ...‬فااللتزامات اليت‬
‫يتحملها األطراف يف ىذه العقود ىي التزامات عقدية مبا فيها االلتزام باألمن والسالمة‪ ،‬فادلعيار ادلعول عليو لتحديد‬
‫طبيعة اإللتزام ىو مبصدره ادلباشر أي ادلولد لو مباشرة‪ ،‬فلوال عقد العمل ماكان للعامل ىذه الصفة‪ ،‬وما كانت لو ىذه‬
‫احلقوق على ادلستخدم ‪ ،‬يف بعض األحيان يتدخل ادلشرع يف بعض العقود منها على سبيل ادلثال‪ ،‬احًتام حد أدىن‬
‫لألجور‪ ،‬والعول الرمسية‪،‬لكن تدخلو ال يعتد بو يف تكييف العالقة القانونية‪ ،‬فهو ال ينشئها بل يسه يف تنظيمها‪.‬‬
‫لقد تذري تدخل ادلشرع يف تنظيمو للعقود‪ ،‬إذ كان يف بداية األمر يتدخل بقواعد مكملة دلساعدة األطراف يف تنظي‬
‫العقد ادلربم بينهما‪ ،‬وأصبح اآلن يتدخل بقواعد ذات طبيعة آمرة حتت تأثري ما يسمى بظاىرة '' عيممة العقد''(نساخ‬
‫فاطمة‪ ،‬الوظيفة االجتماعية للعقد‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية احلقوق بن عكنون‪ ،‬اجلزائر‪ 2013‬ص ‪ ،)2‬لكن رغ ذلك‬
‫تبقى الوبيعة العقدية للعقد‪ ،‬أن مثل ىذه االلتزامات ادلفروضة قانونا على غرار االلتزام باألمن والسالمة ادلكرسني‬
‫بتشريعات خاصة ىي التزامات عقدية بقوة القانون ‪.‬‬

‫‪717‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫إن االلتزام بالسالمة الذي كرسو االجتهاد القضائي‪ ،‬أو الواجب العام بالسالمة ادلقرر قانونا ال خيتلفان جوىريا عن‬
‫االلتزام بأمن ادلنتوجات وااللتزام بسالمة ادلواد الذذائية الذي يتحملو ادلتدخل مبوجب القانون ‪ 03-09‬لكن ىذا التقارب‬
‫دل مبنع من وجود بعض اخلصوصيات اليت دتيز سالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات ال سيما من حيث توبيقها‪.‬‬

‫‪718‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نطاق االلتزام بالسالمة وأمن المنتوجات‬


‫يتحدد نواق االلتزام بالسالمة وأمن ادلنتوجات من حيث طرفيو ( ادلولب األول)‪ ،‬ومن حيث ادلنتوجات ( ادلولب‬
‫الثاين)‬
‫المطلب األول‪ :‬طرفا االلتزام‬
‫إن حتديد طريف االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات ال يثري أي صعوبة تذكر‪ ،‬كونو عالقة استهالك تربيط‬
‫بني متدخل ومستهلك‪ ،‬وقد عرف ادلشرع كال منهما‪ ،‬فادلتدخل ىو‪ '' :‬كل شخص طبيعي أو معنوي يتدخل يف عملية‬
‫عرض ادلنتوجات لالستهالك'' (ادلادة ‪ 3‬الفقرة ‪ 7‬من القانون ‪ 03-09‬ادلتعلقة حبماية ادلستهلك وقمع الذش)وال يكاد‬
‫خيتلف عن تعريف مصولح تعريفادلرسوم التنفيذي ‪ 266-90‬ادلتعلق بضمان ادلنتوجاتواخلدمات‪ ،‬باعتباره كل منتج أو‬
‫صانع أو وسيط أو حريف أو تاجر أو مستورد أو موزع وعلى العموم كل ‪ ،‬وكذلك مصولح العون االقتصادي يتدخل‬
‫ضمن إطار مهنتو يف عرض ادلنتوج أو اخلدمة لالستهالك "‪ ...‬الذي استعملو ادلشرع للتعبري عن ادلتدخل يف القانون‬
‫‪ 02-04‬ادلتعلق بالقواعد ادلوبقة على ادلمارسات التجارية باعتباره‪" :‬كل منتج أو تاجر أو حريف أو مقدم خدمات أيا‬
‫كانت صفتو القانونية ديارس نشاطو يف اإلطار ادلهين العادي أو بقصد حتقيق الذاية اليت تأسس من أجلها''(ادلادة ‪3‬‬
‫الفقرة من القانون ‪ 02-04‬الذي حيدد القواعد ادلوبقة على ادلمارسات التجارية ادلعدل وادلتم جريدة رمسية ‪،2004‬‬
‫عدد ‪ )41‬كأن يكون ىو صانع ادلنتوجات‪ ،‬أو ادلواد الذذائية‪ ،‬أو ناقلها‪ ،‬أو موزعها كتاجر اجلملة أو التجزئة‪ ،‬أو سلزهنا‪،‬‬
‫فهو كل من لو دور يف عملية اإلنتاج إذل حني طرح ادلتوج لالستهالك واقتنائو من قبل ادلستهلك‪ ،‬أما ادلستهلك فهو‪'' :‬‬
‫كل شخص طبيعي أو معنوي يقتين مبقابل أو رلانا‪ ،‬سلعة أو خدمة موجهة لالستعمال النهائي من أجل تلبية حاجاتو‬
‫الشخصية أو تلبية حاجات شخص آخر أو حيوان متكفل بو''(ادلادة ‪ 3‬الفقرة ‪ 1‬من القانون ‪ ،) 03-09‬فبالنظر إذل‬
‫العالقة االستهالكية بني ادلتدخل وادلستهلك صلد ادلشرع فرض عدة التزامات على ادلتدخل لفائدة ادلستهلك حلماية ىذا‬
‫األخري باعتباره طرفا ضعيفا يف العالقة االستهالكية‪ ،‬وعليو فإن طريف االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات مها‬
‫ادلتدخل وىو ادلدين وادلستهلك وىو الدائن‪.‬‬
‫لكن ىذا الوضوح في تحديد طرفي ىذا االلتزام لم يمنع من طرح إشكالية استفادة الغير من الحماية في‬
‫إطار التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات؟ ألن النهج ادلميز لتشريع محاية ادلستهلك جاء دلعاجلة‬
‫التفاوت ادلوجود بني مركزي ادلتدخل وادلستهلك‪ ،‬فالوضعية القانونية لكل منهما‪ ،‬إما أن تكون تنظيمية أو قانونية‪ ،‬شلا‬
‫يسمح للمستهلك أن يرجع على ادلتدخل يف إطار ىذا االلتزام‪ ،‬ولو دل تربوو بو عالقة عقدية وىو مكرس يف ادلسؤولية‬
‫ادلدنية للمنتج طبقا لنص ادلادة ‪ 140‬مكرر من القانون ادلدين‪ ،‬وعليو ىل ديكن أن يعامل الذري مثل ادلستهلك ويستفيد‬
‫من احلماية ادلقررة ذل ذا األخري ويستويع الرجوع على ادلتدخل حىت ولو دل تربوو بو عالقة عقدية؟ ىذا من جهة‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى فالتزام ادلتدخل باحًتام إلزامية أمن ادلنتوجات عند وضعها لالستهالك ىو التزام قانوين ديكن للذري من خاللو‬
‫الرجوع على ادلتدخل‪ ،‬فااللتزام بالسالمة ادللقى على عاتق ادلتدخل فهو مقرر للمستهلك يف ادلقام األول‪ ،‬وللمحًتف‬
‫ادلستعمل للمنتوج وكذا األشخاص غري ادلستعملني‪ ،‬لكن بال رجوع إذل قانون محاية ادلستهلك الفرنسي‪ ،‬صلد أن االلتزام‬

‫‪719‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫بالسالمة ال يقتصر على ادلستهلك‪ ،‬بل ىو شامل لكل األشخاص بذض النظر عن صفته ‪ ،‬سواء كانوا مستهلكني أم‬
‫ال‪ ،‬شلا جيعل االلتزام بالسالمة ينفصل عن اجملال العقدي‪ ،‬ولذا صلد االلتزام بالسالمة مقرر لكل شخص يواجو خور‬
‫التعرض لضرر بسبب ادلنتوجات ادلعروضة يف األسواق فيمكن أن تكون مصدر ضرر للمحًتفني أنفسه ‪ ،‬أو يصيب‬
‫أحد ادلارة بضرر نتيجة انفجار منتوج ما‪ ،‬ويف ىذا اإلطار يقول الدكتور زلمد بودارل '' بعدم ربط االلتزام بالسالمة‬
‫بفكرة العقد‪ ،‬األمر الذي يؤكد أن االلتزام ب السالمة دل يعد حبيس اإلطار العقدي الذي نشأ فيو‪ ،‬بل ىو ينشأ من‬
‫متولبات احلياة يف اجملتمع"(بودارل‪ ،2006 ،‬صفحة ‪)403‬وىنا جيب على ادلشرع استبدال مصولح ادلستهلك مبصولح‬
‫الشخص حىت تكون احلماية عامة وغري مقيدة(شوقي بناسي‪ ،‬أثر تشريعات االستهالك على ادلبادئ الكالسيكية للعقد‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه ‪ ،‬كلية احلقوق سعيد محدين ‪ 2015‬ص ‪.)296‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنتوج محل االلتزام‬
‫يتمثل زلل االلتزام بالسالمة يف ادلواد الذذائية( أوال)‪ ،‬بينما ينصرف االلتزام باألمن إذل ادلنتوجات( ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬المواد الغذائية محل االلتزام بالسالمة‬
‫عرف ادلشرع ادلواد الذذائية باعتبارىا زلال لاللتزام بالسالمة يف ادلادة ‪ 3‬الفقرة ‪ 3‬من القانون ‪ 03-09‬من قانون‬
‫محاية ادلستهلك على أهنا'' كل مادة معاجلة أو معاجلة جزئيا أو خام‪ ،‬موجهة لتذذية اإلنسان أو احليوان‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫ادلشروبات وعلك ادلضغ‪ ،‬وكل ادلواد ادلستعملة يف تصنيع األغذية وحتضريىا ومعاجلتها‪ ،‬باستثناء ادلواد ادلستخدمة فقط يف‬
‫شكل أدوية أو مواد التجميل أو مواد التبغ''‪ ،‬وتقتضي سالمة ىذه ادلواد الذذائية أال تضر بصحة ادلستهلك وال حتتوي‬
‫على ملوث بكمية غري مقبولة بالنظر بوبيعة احلال للصحة البشرية واحليوانية‪ ،‬لكن ادلرسوم التنفيذي رق ‪-14‬‬
‫‪( 366‬الذي حيدد الشروط والكيفيات ادلوبقة يف رلال ادللوثات ادلسموح هبا يف ادلواد الذذائية ‪ ،‬ج ر ‪ ، 2014‬عدد‬
‫‪)74‬مبوجب ادلادة ‪ 2‬منو اقتصر االلتزام بالسالمة على ''‪ ...‬ادلواد الذذائية ادلوجهة لالستهالك البشري''‪ ،‬دون ادلوجهة‬
‫لالستهالك احليواين‪.‬‬
‫كما استثنت ادلادة ‪ 2‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪( 214-12‬الذي حيدد شروط وكيفيات استعمال ادلضافات‬
‫الذذائية يف ادلواد الذذائية ادلوجهة لإلستهالك البشري‪ ،‬ج ر ‪ ،2012‬عدد‪ ... '')30‬ادلضافات الذذائية اليت تدمج يف‬
‫ادلواد الذذائية ادلوجهة لالستهالك احليواين''‪ ،‬يف حني أن ادلادة ‪ 8‬من القانون ‪ 03-09‬تشًتط أن يكون إدماج ادلضافات‬
‫الذذائية يف ادلواد الذذائية ادلوجهة لالستهالك البشري واحليواين موابقا'' ل ـ'' ‪ ...‬شروط وكيفيات استعماذلا وكذا احلدود‬
‫ادلرخص هبا عن طريق التنظي ''‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنتوجات محل التزام المتدخل باألمن‬
‫يلتزم ادلتدخل بأمن(‪ )1‬ادلنتوجات ضمن شروط االستعمال العادية وادلتوقعة(‪)2‬‬
‫المقصود بالمنتوجات‬ ‫‪-7‬‬
‫فادلنتوجات ىي كل اخلدمات اليت يقدمها ادلتدخل للمستهلكمن جهة‪ ،‬والسلع ىي '' كل سلعة ديكن أن تكون‬
‫موضع تنازل مبقابل أو رلانا''‪ ،‬غري أن ادلادة ‪ 3‬من ادلرسوم التنفيذ رق ‪ 203-12‬ادلتعلق بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن‬

‫‪720‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫ادلنتوجات استثنت من أحكامو‪ ... '' :‬ادلنتوجات العتيقة والتحف وادلنتوجات الذذائية اخلام ادلوجهة للتحويل والبيو‬
‫سيدات واألمسدة واألجهزة الوبية وادلستحضرات الكيميائية اليت ختضع ألحكام تشريعية أو تنظيمية خاصة'' كما تنص‬
‫مادتو ‪ 4‬منو ''‪ ...‬بشأن اخلدمات والسلع احملمية أو تلك اليت ختضع لتعليمات أمن خاصة مبوجب نصوص خاصة''‬
‫ختضع ادلنتوجات اليت وردت بشأهنا أحكام خاصة ذلذه األحكام‪ ،‬لكن يتعني توبيق أحكام ادلرسوم السالف الذكر‬
‫بالنسبة للجوانب أو األخوار اليت دل تتناوذلا ىذه األحكام اخلاصة‪.‬‬
‫شروط االستعمال العادية والمتوقعة‬ ‫‪-2‬‬
‫بناء على ادلادة ‪ 9‬من القانون ‪ 03-09‬ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش‪ ،‬جيب أن تتوفر ادلنتوجات '' ‪...‬‬
‫على األمن بالنظر إذل االستعمال ادلشروع ادلنتظر منها وأن ال تلحق ضررا بصحة ادلستهلك وأمنو ومصاحلو‪ ،‬وذلك ضمن‬
‫الشروط العادية لالستعمال أو الشروط األخرى ادلمكن توقعها من قبل ادلتدخلني''‪ ،‬يسأل ادلتدخل مبوجب ىذا احلك‬
‫عن الضرر الذي يلحقو ادلنتوج بادلستهلك عند االستعمال العادي لو‪ ،‬أي االستعمال ادلألوف للمنتوج طبقا لشروط‬
‫االستعمال و‪ /‬أو تعليمات الصانع‪ ،‬ويسأل أيضا يف حالة االستعمال غري العادي للمنتوج‪ ،‬شريوة أن يكون ىذا‬
‫االستعمال متوقعا بشكل معقول من قبل ادلتدخل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تنفيذ االلتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات وجزاء اإلخالل بو‬
‫لقد أولت السلوات العمومية أمهية بالذة دلعاجلة أمن وسالمة ادلنتوجات‪ ،‬وذلك من خالل التحك يف األخوار‬
‫والسيورة عليها حيث فرض ادلشرع يف ىذا اإلطار مساعي واحتياطات يتعني على ادلتدخل مراعاهتا قبل طرح ادلنتوج‬
‫لالستهالك(ادلولب األول)‪ ،‬ويف حالة سلالفة ذلك تقوم مسؤولية ادلتدخل (ادلولب الثاين)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تنفيذ االلتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬
‫إن ادلنتوجات ادلوجهة لالستهالك جيب أن تكون مضمونة من قبل ادلتدخل‪ ،‬وذلك من خالل قيامو بواجبات ديكن‬
‫تلخيصها يف مراقبة موابقة ادلنتوج (أوال)‪ ،‬ومراعاة شروط النظافة(ثانيا)‪ ،‬وااللتزام بإعالم ادلستهلك بكل خور وضرر قد‬
‫يصيبو يف صحتو( ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مراقبة مطابقة المواد الغذائية والسلع‬
‫جيب على ادلتدخل مراقبة مدى موابقة ادلواد الذذائية والسلع للمقاييس وادلعايري ادلفروضة قانونا‪ ،‬فبالنسبة إللزامية‬
‫سالمة ادلواد الذذائية‪ ،‬يتأكد ادلتدخل من مدى موابقتها للشروط والكيفيات ادلوبقة يف رلال اخلصائص ادلكروبيولوجية‬
‫للمواد الذذائية وأهنا خالية كليا من كل ملوث‪ ،‬أو أن ادللوث ادلوجود هبا ىو يف مستويات مقبولة‪ ،‬وال ديثل خورا على‬
‫صحة ادلستهلك بصفة حادة أو مزمنة(ادلادة ‪4‬و ‪ 5‬من القانون ‪ 03-09‬ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش)‪ ،‬و جيب‬
‫عليو أن يقوم بالتحاليل ادلخربية‪ ،‬وكل ما يتولبو القانون من اإلجراءات اليت تثبت تلك ادلوابقة‪.‬‬
‫كما يتعني على ادلتدخل يف إطار االلتزام بأمن ادلنتوجات‪ ،‬أن يتحقق بكل ما ىو متاح لو من الوسائلعلى أهنا ال‪'' :‬‬
‫تشكل يف شروط استعماذلا العادي أو ادلتوقع مبا يف ذلك ادلدة أي خور أو تكون ذات خور زلدود ومقبول‪،‬كوهنا‬

‫‪721‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫تتناسب مع استعمال ادلنتوج وتوفر مستوى محاية عالية لصحة وسالمة األشخاص''‪ ،‬وأهنا موابقة للتعليمات التنظيمية‬
‫ادلتعلقة هبا يف رلال أمن وصحة ادلستهلكني ومحايته السيما فيما يتعلق مبايأيت‪:‬‬
‫‪ -‬شليزات السلع من حيث تركيبهاوشروط انتاجها وجتميعها واستعماذلا وتركيبها وصيانتها وإعادة استعماذلا وتدويرىامن‬
‫جديد ونقلها وادلتدخل يف ىذه احلالة جيب عليو احلصول على شهادة ادلوابقة أو أي وثيقة تثبت قيامو بذلك‪ ،‬واجلدير‬
‫بالذكر أن مثل ىذه الشهادات تسل من ىيئات معتمدة وذلك بعد قيامها بإجراء التحقيقات والتجارب الالزمة‪.‬‬
‫وتنص ادلادة ‪ 6‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬ادلتعلق بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن ادلنتوجات على أنو‪'' :‬‬
‫ت ثبت موابقة السلع واخلدمات من حيث إلزامية األمن بالنظر لألخوار اليت ديكن أن تؤثر على صحة ادلستهلك وأمنو‪...‬‬
‫تقي موابقة السلعة أو اخلدمة من حيث إلزامية األمن مبراعاة التنظيمات وادلقاييس اخلاصة ادلتعلقة هبا‪ -...‬ادلستوى‬
‫احلارل للمعارف والتكنولوجيا‪ -...‬األمن الذي حيق للمستهلك انتظاره‪ -...‬االستعماالت ادلرتبوة حبسن السري يف رلال‬
‫األمن والصحة''‪.‬‬
‫ومبوجب ادلادة ‪ 12‬من القانون ‪ 03 -09‬يكون ادلتدخل موالبا بإجراء رقابة ادلوابقة‪ ،‬وأن '' تتناسب ىذه الرقابة‬
‫مع طبيعة العمليات اليت يقوم هبا ادلتدخل حسب حج وتنوع ادلنتوجات اليت يضعها لالستهالك والوسائل اليت جيب أن‬
‫ديتلكها مراعاة الختصاصو والقواعد والعادات ادلتعارف عليها يف ىذا اجملال‪ ،''..‬والتدخل يبقى ملزما بالرقابة(أنظر ادلادة‬
‫‪ 3/12‬من القانون ‪ )03-09‬ولو قام بذلك أعوان قمع الذش واألعوان ادلرخص ذل بذلك ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬السهر على نظافة المادة الغذائية‬
‫يلتزم ادلتدخل يف إطار التزامو بسالمة ادلواد الذذائية‪ ،‬بواجب احًتام شروط النظافة للمادة الذذائية والنظافة الصحية‬
‫للمستخدمني‪ ،‬إذ جيب إجراء فحص طيب نصف سنوي للمستخدمني ادلعنيني من قبل مشذل احملل‪ ،‬والبد من‬
‫ختصيص دفًت طيب لكل مستخدم‪ ،‬وديكن للعون الذي يقوم بزيارة تفتيش التحقق من ذلك‪ ،‬وكذا األماكن وزلالت‬
‫التصنيع أو التحويل أو التخزين‪ ،‬وكذلك وسائل نقل ىذه ادلواد وضمان عدم تعرضها للتلف‪ "...‬كما جيب عدم احتواء‬
‫التجهيزات واللوازم والعتاد والتذليف وغريىا من اآلالت ادلخصصة دلالمسة ادلواد الذذائية‪ ،‬إال على اللوازم اليت ال تؤدي‬
‫إذل إفسادىا (أنظر ادلادتان ‪ 6‬و ‪ 7‬من القانون ‪ 03-09‬ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش)‪ ،‬كما أن ادلتدخل ملزم‬
‫يف إطار أمن ادلنتوجات احًتام‪....'' :‬شروط النظافة اليت جيب أن تتوفر يف األماكن ادلستعملة لإلنتاج واألشخاص الذين‬
‫يعملون هبا‪(''...‬انظر ادلادة ‪ 5‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬السالف الذكر)‬
‫ثالثا‪ :‬إعالم المستهلك بمخاطر المنتوج‬
‫لقد جاءت تشريعات محاية ادلستهلك بالتزامات جديدة منها االلتزام باإلعالم وىذا ما نص عليو القانون ‪-09‬‬
‫‪ 03‬السالف الذكر يف ادلادتني ‪ 17‬و ‪ 18‬منو ‪،‬باإلضافة إذل ذلك نص ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬ادلتعلق‬
‫بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن ادلنتوجات يف ادلادة ‪ 1/ 10‬منو على أنو‪'' :‬جيب على ادلنتجني وادلستوردين ومقدمي‬
‫اخلدمات وضع يف متناول ادلستهلك كل ادلعلومات الضرورية اليت تسمح لو بتفادي األخوار احملتملة وادلرتبوة باالستهالك‬
‫و‪ /‬أو باستعمال السلعة أو اخلدمة ادلقدمة وذلك مدى طيلة حياتو العادية أو مدة حياتو ادلتوقعة بصفة معقولة"‪ ،‬وجيب‬

‫‪722‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫على ىؤالء‪ ،‬طبقا لنص الفقرة ‪ 2‬من نفس ادلادةاختاذ‪ ":‬التدابري ادلتعلقة بتمييز السلع واخلدمات اليت يقدموهنا واليت من‬
‫شأهنا‪ - :‬جعله يولعون على األخوار اليت ديكن أن تسببها سلعه أو خدماهت عند وضعها يف السوق و‪ /‬أو عند‬
‫استعماذلا وتوبيقا ذلذه األحكام يلزم ادلعنيون مبوجب ادلادة ‪ 2/11‬من نفس النص‪ -... '' :‬باإلشارة على الذالف‬
‫والتصويب ذلويته وعناوين االتصال ومرجع ادلنتوج ورق حصتو و‪/‬أو تاريخ صنعو وكذا بلده األصلي''‪ .‬يعترب االلتزام‬
‫باإلعــالم حــق من حقوق ادلستهلك‪ ،‬يلتزم األعـ ـوان االقتصادي ــون باحتـ ـرامو‪ ،‬ومفهوم اإلعالم ىنا ىو إخ ــبار ادلستهلك‬
‫وجعل ــو يعرف التفاصيــل اخلاصة بالسلعة أو اخلدمــة من حيث اجلودة والكميــة و األسعار‪.‬‬
‫يعترب الوس أى وسيلــة إلعالم ادلستهلك عـن ادلنتوج ادلراد اقتنـاؤه (ادلادة ‪ 17‬من قانون‪ 03/09‬السالف الذكر )‬
‫فه ــو ك ــل البي ــانات أو الكتابات أو اإلش ـارات أو العالمــات أو ادلميزات أو الص ــور أو التمــاثيــل أو الرمــوز ادلوض ــوعة عـلى‬
‫األغلف ــة أو العبـ ـوات واليت تعترب ضروري ــة إلعــالم ادلستهلك وجيــب أن تكون بوريقـة ال توحي بأي إشكال يف ذى ــن‬
‫ادلستهلك‪ ،‬وأن ال حتمــل إش ــارات أو عب ــارات ت ــؤدي إذل الظ ــن أو الش ــك فيـها‪.‬‬
‫‪ -‬ىــذا الوس جيب أن حيرر باللذة العربية أساســا وعلى سبي ــل اإلضافــة ديكــن استعمال لذة أو عدة لذات أخرى سهلة‬
‫الفه من ادلستهلكني وبوريقـ ــة مرئي ــة ومق ــروءة ومتعــذر زلوىا(ادلادة ‪ 18‬من قانون ‪.)03/09‬‬
‫رابعا‪ :‬تدارك األخوـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار‬
‫قد يورح ادلنتوج يف السوق الستهالكو لكن دون أن تستوفيو الرقابة ادلولوبة‪ ،‬مث يظهر أنو ديثل خورا على صحة‬
‫ادلستهلك‪ ،‬وقد يكون ادلنتوج موابقا لشروط األمن‪ ،‬غري أن التوور التكنولوجي يبني أنو خور على صحة وأمن‬
‫ادلستهلك‪ ،‬فالبد من تدارك ىذه األخوار وتبعاهتا‪ ،‬فيجب على ادلتدخل وغالبا ما يكون ىو ادلوزع تدارك ىذه األخوار‬
‫فيتعني عليه ‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 3-13‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬ادلتعلق بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن‬
‫ادلنتوجات‪ ،‬إرسال ادلعلومات ادلتعلقة باألخوار ادلسجلة أو ادلعلن عنها أو ادلرتبوة هبذه ادلنتوجات للمنتجني‬
‫وادلستوردين''‪ ،‬كما يلزم ادلنتجون وادلوزعون مبوجب ادلادة ‪ 14‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬بإعالم اذليئات‬
‫اإلدارية ادلكلفة حبماية ادلستهلك فورا إذا علموا أو كان عليه أن يعلموا بأن السلعة ادلوضوعة يف السوق تشكل خورا‬
‫على صحة ادلستهلك وأمنو‪ ،‬وجيب عليه سحب ىذه ادلواد فورا من السوق‪ ،‬وقد تقوم اإلدارة ادلكلفة حبماية ادلستهلك‬
‫وقمع الذش باختاذ اإلجراءات الالزمة لذلك طبقا للمادة ‪ 5-15‬من ادلرسوم ‪. 203-12‬‬
‫خامسا‪ :‬ضمـ ـ ـ ـ ـ ــان تتبع مسار السلعة‬
‫عرف ادلشرع اجلزائري تتبع ادلسار يف ادلادة ‪ 5‬من ادلرسوم التنفيذي رق ‪ -12‬ادلتعلق بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن‬
‫ادلنتوجات ‪ 203‬على أنو ‪ '':‬يقصد بتتبع مسار السلعة‪ ،‬اإلجراء الذي يسمح بتتبع حركة السلعة من خالل عملية‬
‫انتاجها وحتويلها وتوظيبها واستريادىا وكذا تشخيص ادلنتج أو ادلستورد وسلتلف ادلتدخلني يف تسويقها واألشخاص الذين‬
‫اقتنوىا باالعتماد على الوثائق‪.‬‬
‫يقصد بتتبع مسار اخلدمة اإلجراء الذي يسمح بتتبع عملية تقدًن اخلدمة يف كل مراحل أدائها للمستهلك الذي‬
‫استفاد منها باالعتماد على وثائق''‪ ،‬إن عملية تتبع مسار ادلنتوجات الذذائية‪ ،‬يقتضي احًتام ادلعايري الالزمة لضمان‬

‫‪723‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫جودة ادلنتوج واال ستجابة دلتولبات ادلستهلك‪ ،‬لتحقيق أمن وسالمة ادلنتوج‪ ،‬فهذه العملية ىي يف صاحل ادلستهلك وادلنتج‬
‫معا‪ ،‬إذ تسمح ذلذا األخري بإقامة الدليل يف حالة ما إذا تضرر ادلستهلك من منتوج ما‪ ،‬حيث يقدم الدليل على موابقة‬
‫ونوعية ادلنتوج منذ إنتاجو إذل غاية توزيعو باالعتماد على وثائق‪ ،‬وادلستهلك يستعني هبا لتحديد الشخص ادلسؤول عند‬
‫تضرره من منتوج معيب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جزاء اإلخالل بااللتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬
‫إن احلماية اليت أقرىا ادلشرع للمستهلك‪ ،‬ال تتعلق بو وحده‪ ،‬وإمنا هت شأن اجملتمع‪ ،‬ولذا أقر ادلشرع جزاءات مدنية‬
‫(أوال)وأخرى جزائية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلخالل بااللتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات ‪ ،‬فعل مجرم‬
‫إن ادلتدخل إذا أخل بااللتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات‪ ،‬فتقوم مسؤوليتو مبوجب نصوص خاصة أقرىا‬
‫القانون ‪ ،)1( 03-09‬كما يسأل طبقا لقانون العقوبات(‪.)2‬‬
‫‪ - 7‬التجريم بموجب نص خاص‬
‫لقد مت جترًن اإلخالل بااللتزام بالسالمة وأمن ادلنتوجات من ادلواد ‪ 74-71‬من القانون ‪ 03-09‬ادلتعلق‬
‫حبماية ادلستهلك وقمع الذش كما يلي‪:‬‬
‫سلالفة إلزامية سالمة ادلواد الذذائية ادلنصوص عليها يف ادلادتني ‪4‬و‪ 5‬بذرامة مالية من ‪200.000‬دج إذل‬
‫‪ 500.000‬دج‪ ،‬وسلالفة النظافة والنظافة الصحية ادلنصوص عليها يف ادلادتني ‪ 6‬و‪ 7‬من نفس القانون وتقدر غرامتها‬
‫ادلالية من ‪ 50.000‬دج إذل ‪ 1.000.000‬دج ‪ ،‬وسلالفة إلزامية أمن ادلنتوجات ادلنصوص عليها يف ادلادة ‪ 10‬من‬
‫ىذا القانون بذرامة مالية من ‪ 200.000‬دج إذل ‪ 500.000‬دج وسلالفة رقابة ادلوابقة ادلسبقة ادلنصوص عليها يف‬
‫ادلادة ‪ 12‬من ىذا القانون بذرامة مالية من ‪ 50.000‬دج إذل ‪ 500.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -2‬التجريم بموجب قانون العقوبات‬
‫يتابع ادلتدخل يف حالة خداعو‪ ،‬أو زلاولة خداعو للمستهلك يف طبيعة أو يف الصفات اجلوىرية للمنتوج أو يف نوع‬
‫ادلنتوجات أو يف مصدرىا أو يف كمية األشياء ادلسلمة أو يف ىويتها على أساس ادلادة ‪ 429‬قانون عقوبات‪ ،‬كما ديكن‬
‫متابعتو يف حالة التزوير ادلنصوص عليها يف ادلادة ‪ 431‬قانون عقوبات‪ ،‬كأن يزور يف صحة وسالمة ادلواد الذذائية ‪ ،‬كأن‬
‫يورحو لالستهالك وىو يعل بأهنا فاسدة ومسمومة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلخالل بااللتزام بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‪ :‬فعل يستوجب التعويض‬
‫إن اذلدف من االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات ىو احملافظة على صحة ادلستهلك وعدم اإلضرار‬
‫بسالمتو اجلسدية وكذا مصاحلو ادلادية‪ ،‬فإذا ترتب عن ىذا اإلخالل هبذا االلتزام وحلق ضرر بادلستهلك يستوجب حتما‬
‫تعويض ذلك الضرر ‪ ،‬وللمستهلك أن يستند إذل ادلسؤولية ادلدنية للمنتج إذا توافرت شروطها طبقا لنص ادلادة ‪140‬‬
‫مكرر القانون ادلدين اجلزائري ‪ ،‬أو إذل ادلسؤولية ادلدنية على أساس ادلادة ‪ 124‬القانون ادلدمي‪ ،‬ولو أن يتأسس كورف‬
‫مدين وجلمعيات محاية ادلستهلك ادلوالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصاهبا من خالل تضرر ادلستهلك‪.‬كما ديكن‬

‫‪724‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫للمستهلك ادلضرور التمسك بادلادة ‪140‬مكرر‪ 1‬قانون مدين ادلتعلقة جبرب األضرار اجلسمانية يف حالة غياب ادلسؤولية‪،‬‬
‫فتتحمل الدولة التعويض عن الضرر اجلسماين الذي يصيب ادلستهلك بسبب عدم سالمة ادلواد الذذائية(العالرريب‪،‬‬
‫‪.)2013‬‬
‫الخاتمة‬
‫من خالل ىذا العرض‪ ،‬يتبني أن االلتزام بالسالمة قد مر مبخاض عسري‪ ،‬من النشأة القضائية بفضل زلكمة النقض‬
‫الفرنسية إذل التكريس التشريعي من خالل النص عليو يف بعض العقود مثل عقد النقل‪ ،‬وعقد العمل‪ ،‬والعقد السياحي‪،‬‬
‫وعقد الفندقة‪ ،‬واعتمده ادلشرع اجلزائري يف قانون محاية ادلستهلك وقمع الذش من خالل االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية‬
‫وأمن ادلنتوجات‪ ،‬فهذا االلتزام الزال يف رحلة حبث عن استقرار قانوين ‪ .‬فااللتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات‬
‫يهدف إذل محاية ادلستهلكني يف صحته وأج سامه ‪ ،‬لذا جيب على ادلتدخل يف إطار االلتزام بالسالمة اختاذ مجيع‬
‫االحتياطات واختاذ كافة الوسائل ادلتاحة لو‪ ،‬دلراقبة موابقة ادلواد الذذائية والسلع ومدى توافقها مع ادلقاييس وادلعايري‬
‫ادلفروضة قانونا‪ ،‬كما أن تنفيذ ادلتدخل اللتزامو بسالمة ادلواد الذذائية يكون من خالل احًتام شروط النظافة سواء‬
‫بالنسبة للعمال أو ألماكن وزلالت تصنيع ومعاجلة ىذه ادلواد‪ ،‬وكذا االلتزام بإعالم ادلستهلك باألخوار احملتملة وادلرتبوة‬
‫باستهالك ىذه ادلواد الذذائية‪ ،‬ويف حالة اإلخالل هبذا االلتزام فيتحمل ادلتدخل ادلسؤولية سواء التقصريية أو اجلزائية ‪،‬‬
‫ورغ كل ىذا نرى من أجل توفري محاية فعالة للمستهلك من خالل االلتزام بسالمة ادلواد الذذائية وأمن ادلنتوجات الذي‬
‫يتحمل ادلتدخل البد من ‪:‬‬
‫‪ -‬لفت نظر ادلشرع جبعل االلتزام بالسالمة واجبا عاما وليس التزاما فقط‪ ،‬حىت ديكن حتقيق احلماية الكاملة‬
‫للمستهلك يف كل اجملاالت ‪ ،‬ال سيما السالمة الذذائية‪.‬‬
‫‪ -‬التشديد يف اجلزاءات عند اإلخالل بااللتزام بالسالمة سواء من حيث النصوص اخلاصة أو يف قانون العقوبات‬
‫‪ -‬إعادة ىيكلة ادلؤسسات ادلكلفة مبراقبة السوق هبدف مالئمتها مع ادلعايري الدولية‪ ،‬وخاصة األوروبية‪ ،‬إذل جانب‬
‫ضمان أعلى مستوى من السالمة الصحية لألغذية والنهوض جبودة ادلنتجات لتعزيز ثقة ادلستهلك يف النظام‬
‫الوطين دلراقبة السوق‪.‬‬
‫‪ -‬إحداث وكالة وطنية لتقيي ادلخاطر وضمان السالمة الصحية للمنتجات الذذائية‪ ،‬ومن شأن ىذه الوكالة أن‬
‫تقوع مسألة تداخل األدوار وتعدد ىياكل الرقابة وتشتتها بني عدة وزارات‪ ،‬جبعلها ىيكال رقابيا وحيدا لألغذية‬
‫جيمع اإلطارات العاملة مبختلف ىياكل الرقابة يف البالد بصفة متكاملة ومستقلة لضمان صحة وسالمة‬
‫ادلستهلك‪.‬‬

‫‪725‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫الدكتور‪ :‬عيسى بخيت‬

‫المراجع‬
‫أوال‪ :‬المراجع باللغة العربية‬
‫‪ -7‬الكتب‬
‫‪-‬أمحية سليمان‪ ،‬الوجيز يف قانون عالقات العمل يف التشريع اجلزائرين ديوان ادلوبوعات اجلامعية ‪2012‬‬
‫‪ -‬بودالي محمد‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك في القانون المقارن‪ ،‬دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الجزائر‪.6002 ،‬‬
‫‪ -‬دالل يزيد‪ ،‬احلماية القانونية للسائح يف ضوء عقد السياحة‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪.2011‬‬
‫‪ -‬شوقي بناسي‪ ،‬أثر تشريعات االستهالك على ادلبادئ الكالسيكية للعقد‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪ ،‬كلية احلقوق سعيد محدين‬
‫‪2015‬‬
‫‪ -‬علي فيالرل ‪ ،‬العقود اخلاصة البيع ‪ ،‬موف للنشر ‪.2018‬‬
‫‪ -‬عبد القادر أقصاصي‪ ،‬االلتزام بضمان السالمة يف العقود‪ ،‬ضلو نظرية عامة‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬األسكندرية ‪،‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪ -‬موفق محاد عبد‪ ،‬التزام البائع احملًتف بضمان السالمة‪ ،‬مكتبة السنهوري‪ .‬لبنان‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬نساخ فاطمة‪ ،‬الوظيفة االجتماعية للعقد‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية احلقوق بن عكنون‪ ،‬اجلزائر‪2013‬‬
‫‪ -2‬النصوص القانونية‬
‫‪ -‬األمر رق ‪ 78-75‬ادلعدل وادلتم ادلؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬ادلتعلق بالقانون ادلدين ادلعدل وادلتم ‪ ،.‬ج ر‬
‫‪ ،1975‬عدد ‪78‬‬
‫‪ -‬األمر رق ‪ 59-75‬ادلعدل والتم الؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬ادلتعلق بالقانون التجاري ادلعدل وادلتم ج ر‬
‫‪ ،1975‬عدد ‪101‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 07-88‬ادلتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،1988‬عدد ‪..4‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 01-99‬الذي حيدد القواعد ادلتعلقة بالفندقة‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،1999‬العدد‪.25‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 06-99‬الذي حيدد القواعد اليت حتك وكالة السياحة واألسفار ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،1999‬العدد ‪.24‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 02-04‬ادلعدل والتم الذي حيدد القواعد ادلوبقة على ادلمارسلت التجارية ج ر ‪ ،2004‬عدد ‪41‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 03-09‬ادلتعلق حبماية ادلستهلك وقمع الذش ‪ ،‬جريدة رمسية ‪ ،2009‬العدد ‪.15‬‬
‫‪ -‬ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 203-12‬يتعلق بالقواعد ادلوبقة يف رلال أمن ادلنتوجات‪ ،‬ج ر ‪ ،2012‬عدد ‪28‬‬
‫‪ -‬ادلرسوم التنفيذي رق ‪ 214-12‬الذي حيدد شروط وكيفيات استعمال ادلضافات الذذائية يف ادلواد الذذائية ادلوجهة‬
‫لإلستهالك البشري‪ ،‬ج ر ‪ ،2012‬عدد‪.30‬‬
‫‪ -‬التنفيذي رق ‪ 366-14‬الذي حيدد الشروط والكيفيات ادلوبقة يف رلال ادللوثات ادلسموح هبا يف ادلواد الذذائية ‪ ،‬ج‬
‫ر ‪ ، 2014‬عدد ‪.74‬‬

‫‪726‬‬
‫التزام المتدخل بسالمة المواد الغذائية وأمن المنتوجات‬ ‫ عيسى بخيت‬:‫الدكتور‬

‫ المراجع باللغة األجنبية‬:‫ثانيا‬

- Cadiet, P., Droit de la résponsabilité civile. paris: Dalloz Action.1996


- E. Bramat, L’obligation de sécurité, th. Montpellier, 2000.
- G. Viney et P. Jourdain, Traité de droit civil, Les conditions de la responsabilité,
LGDJ, 2e éd, 1998
- J. Bellissent, Contribution à l’analyse de la distinction des obligations de moyens et
des obligations de résultat, LGDJ, 2001
-L'émergence d'un droit d'indemnisation systimatique des dommages corporals,
ouvrage collectif , Annales de l'université d'alger 2012
- Y.Lembert-Faivre, Fondament et régime de l’obligation de scurité, Dalloz,1994

727
‫األكادميية للدراسات‬
‫اإلجتماعية واإلنسانية‬

‫أثر تشريعات االستهالك على مبادئ‬


‫النظرية التقليدية للعقد‬
‫‪Impact of Consumption Legislations on Contract‬‬
‫‪Traditional Theory Principals‬‬
‫د‪ .‬بخيــت عيسى‬
‫أستاذ محاضر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة حسيبة بن بوعلي الشلف‬
‫‪bekhit.5@gmail.com‬‬

‫ملخص‬
‫اتسمت النظرية العامة للعقد ولوقت طويل بالثبات واالستقرار‪ ،‬لكن مع بروز ظاهرة تشريعات االستهالك‬
‫التي جاءت بمفاهيم وتقنيات جديدة أثرت على المبادئ الكالسيكية للعقد‪ ،‬وهذا من أجل توفير حماية فعالة‬
‫للمستهلك بسبب اختالل التوازن العقدي الذي يميز العالقات االستهالكية‪ ،‬األمر الذي جعل الفقه يتساءل‬
‫عن مستقبل القانون المدني في ظل انتشار تشريعات االستهالك‪ ،‬ولذا يجب إصالح القانون المدني حتى يستمر‬
‫تنصيبه على أنه قانون الشريعة العامة بالنسبة للقواعد القانونية األخرى‪.‬‬
‫الكلمات الدالة ‪ :‬مبادئ العقد‪ ،‬قانون االستهالك‪ ،‬التوازن العقدي‪ ،‬حماية المستهلك‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪The general theory of contract has been characterized- for a long time-by constancy and stability. but with the emergence‬‬
‫‪of the consumption legislation sphenomenon new concepts and techniques have been broughtandimpacted classical‬‬
‫‪principals of contract,those legislations purpose was to provideeffective protection for the consumer from the contract‬‬
‫‪imbalance that characterizes the consumption relations, and this made the scholarswonder about the Civil law future‬‬
‫‪with the spread of consumption legislations. Therefore, the Civil law should be reformed in order to continue as the‬‬
‫‪basis of other private law rules.‬‬
‫‪Keywords: Contract principals, consumption law, contractual balance, consumer protection.‬‬

‫املسؤولية‪ ،‬فأصبحت الكفة لصاحل التنظيم على حساب التشريع‪.‬‬ ‫مقدمة‬


‫فخرجت قوانني جديدة من رحم القانون املدني تبحث عن موقع‬ ‫تعد نظرية االلتزام يف إطار القانون املدني ذات أهمية بالغة‪ ،‬بل‬
‫هلا يف إطار مفهوم جديد للقاعدة القانونية اليت تنحو إىل الوظيفة‬ ‫وحتى يف القوانني األخرى فتعترب مصدرا هلا يف كثري من األحيان‪،‬‬
‫احلمائية وفقط وعلى رأسها قانون محاية املستهلك‪ ،‬فاستعار‬ ‫حيث متيزت قواعدها ومبادئها بثبات مستميت يف جل التشريعات‬
‫أحكامه وقواعده وأسسه من القانون املدني لكن هذه القواعد‬ ‫املقارنة‪ ،‬وهذا يرجع إىل ما تتميز به من املنطق والتجريد حتى وإن‬
‫الكالسيكية مل تساير جديد العالقات بني األفراد‪ ،‬فكان البحث أوال‬ ‫جتاذبتها نزعتان موضوعية وأخرى شخصية‪.‬‬
‫يف تطويع هذه القواعد إلجياد حلول مالئمة قبل أن ينتهي األمر‬
‫بها إىل ابتداع حلول وتقنيات ال تتماشى ومبادئ القانون املدني‬ ‫لكن يف خضم التطورات اليت مست جماالت احلياة املختلفة بداية‬
‫ونظرية اإللتزام‪ ،‬وهذا األمر الذي دفع بالباحثني إىل القول أن‬ ‫من نهاية القرن العشرين‪ ،‬اهتزت خصائص الثبات واالستقرار اللتان‬
‫القانون املدني رهني أزمة فيجب إصالحه يف ظل تهديد تشريعات‬ ‫كانتا تتميز بهما نظرية االلتزام فأصبحت إحدى عوائقها‪ ،‬حيث‬
‫االستهالك‪ ،‬وقوانني السوق كقانون التوزيع واملنافسة‪.‬‬ ‫أصبحت دائرة العقود املسماة والغري املسماة يف توسع‪ ،‬وتغريت أسس‬

‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬ ‫‪110‬‬
‫أثر تشريعات االستهالك على مبادئ النظرية التقليدية للعقد‬
‫للعقد‪ ،‬ينطلق من املساواة املفرتضة بني املتعاقدين‪ ،‬ألن العقد‬ ‫إن حالة الضعف اليت تعرتي املستهلك يف عالقته االستهالكية‬
‫هو نتاج إرادتني حرتني متكافئتني وبالتالي لن يكون العقد‬ ‫تعترب من الدوافع واألسباب اليت تربر احلماية اليت أقرتها‬
‫إال عادال ومتكافئا بني أطرافه‪ ،‬ومن هنا كان العقد شريعة‬ ‫تشريعات محاية املستهلك له يف ظل ما بات يطبع عالقة‬
‫املتعاقدين فال جيوز نقضه وال تعديله إال باتفاق الطرفني أو‬ ‫املستهلك باملهين من تفاوت اقتصادي ومعريف أخل بتوازنهما‪.‬‬
‫لألسباب اليت يقررها القانون(‪،)4‬‬ ‫واملشرع اجلزائري على غرار التشريعات املقارنة اهتم مبوضوع‬
‫إن مبدأ سلطان اإلرادة نشأ يف ظل املذهب الرأمسالي الذي كان‬ ‫االستهالك‪ ،‬فحضي حق املستهلكني يف احلماية بالنص عليه‬
‫زراعيا بالدرجة األوىل‪ ،‬وبعد انتشار الصناعة انتقلت جمتمعاته‬ ‫ضمن احلقوق املضمونة دستوريا مبوجب املادة ‪ 3/43‬من‬
‫من مرحلة اإلنتاج املتنامي إىل مرحلة االستهالك الواسع عن‬ ‫الدستور حيث تنص‪ " :‬على أن تكفل الدولة ظبط السوق‬
‫طريق البيع والشراء‪ ،‬بني املنتجني ومجهور املستهلكني‪ ،‬وما‬ ‫وحيمي القانون حقوق املستهلكني "(‪ ،)1‬فأصدر املشرع القانون‬
‫ينتج عنه من وجود عالقات تعاقدية غري متكافئة نتيجة‬ ‫رقم ‪ 03-09‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2009‬املتعلق حبماية‬
‫سيطرة املنتج أو البائع (املهين) حبكم تفوقه االقتصادي واملعريف‬ ‫املستهلك وقمع الغش(‪ ،)2‬والعديد من النصوص التنظيمية‬
‫على مشرت مستهلك ضعيف اقتصاديا ومعرفيا‪.‬‬ ‫يف جمال االستهالك‪ .‬فكل هذه املعطيات تقودنا إىل طرح‬
‫التساؤل التالي‪ :‬ما هي مظاهر تأثري قوانني محاية املستهلك على‬
‫ومن أجل كبح مجاح مبدأ سلطان اإلرادة أدخلت عليه الكثري‬ ‫املبادئ الكالسيكية للنظرية العامة للعقد؟ فلإلجابة على هذه‬
‫من القيود واالستثناءات من أجل تهذيبه وهو األمر الذي دفع‬ ‫اإلشكالية فيجب تناوهلا يف احملاور التالية‪:‬‬
‫خصومه إىل نقده‪ ،‬فرتاجع دوره بل أن أنصاره أصبح الشك‬
‫يراودهم بشأن هذا املبدأ الذي وضع جملتمع زراعي جتاوزه‬ ‫‪ -‬أثر تشريعات االستهالك على مبدأ الرضائية يف العقود‪.‬‬
‫الزمن‪ ،‬فحل حمله اجملتمع الصناعي ثم أخريا جمتمع‬ ‫‪ -‬أثر تشريعات االستهالك على آثار العقد‬
‫املبحث األول‪ :‬أثر تشريعات االستهالك على مبدأ سلطان اإلرادة املعلوماتية فهو إذن يعاني من أزمة شيخوخة ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب تراجع مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫نعاجل يف هذا املبحث أثر تشريعات االستهالك على مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة من خالل األسباب اليت أدت إىل تراجع هذا املبدأ(مطلب ميكن رد أسباب تراجع مبدأ سلطان اإلرادة إىل العوامل‬
‫أول)‪ ،‬وماهي مظاهر هذا التأثري على مبدأ سلطان اإلرادة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬بروز تشريعات خاصة‪ ،‬كتشريعات محاية املستهلك وقوانني‬ ‫(مطلب ثان)‪.‬‬
‫املنافسة‪ ،‬وتنظيم السوق‪ ،‬فنتيجة لتعددها أدى إىل احلد من‬ ‫املطلب األول‪ :‬أسباب تراجع مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫إن مبدأ سلطان اإلرادة هو أساس النظرية التقليدية للعقد النظرية العامة لإللتزامات الذي يعترب مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫(‪)6‬‬

‫(فرع أول)‪ ،‬غري أن هذا املبدأ اهتز عرشه بسبب الوافد اجلديد أحد مساتها‪.‬‬
‫كتشريعات االستهالك‪ ،‬وقوانني السوق كقانون املنافسة ‪ -‬ظاهرة عدم التكافؤ بني املتعاقدين هي السمة اليت أصبحت‬
‫تتسم بها العالقات التعاقدية‪ ،‬نظرا للتفوق االقتصادي‬ ‫وقانون التوزيع (فرع ثان)‪.‬‬
‫للمتدخل يف مقابل حالة الضعف اليت أصبح يرزخ فيها‬ ‫الفرع األول‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة أساس النظرية التقليدية للعقد‬
‫املستهلك‪ ،‬مما استدعى األمر التدخل إلعادة النظر فيها إن على‬
‫نشأ مبدأ سلطان اإلرادة وازدهر يف ظل املذهب الفردي يف نهاية يد املشرع وإن على يد القضاء‪.‬‬
‫القرن ‪ ،18‬وما زاد من بسطة نفوذه هو العامل االقتصادي يف‬
‫ظل االقتصاد الرأمسالي الذي ساد يف نهاية القرن ‪ ،19‬حيث ‪ -‬ميالد حركة محاية املستهلك‪ ،‬من أجل الدفاع عن مصاحل‬
‫يقوم على متجيد احلرية الفردية ويطلق هلا العنان يف إبرام املستهلكني يف كل من أمريكا‪ ،‬وانتقاهلا بعد ذلك إىل أوربا‪،‬‬
‫الصفقات االقتصادية‪ ،‬فأصبحت اإلرادة هي أساس العقد‪ " ،‬وبعد ذلك إىل الوطن العربي ومشال إفريقيا‪ ،‬هلا منظروها‬
‫ودعاتها‪.‬‬ ‫وكل ما هو عقد هو عادل"‪.‬‬
‫فمبدأ سلطان اإلرادة هو الذي كان مهيمنا على النظرية ‪ -‬االنتشار الرهيب لتشريعات االستهالك يف معظم دول العامل‪،‬‬
‫التقليدية للعقد(‪ )3‬فينبغي تفسري جل القواعد واألحكام وإصدار الكثري من النصوص التنظيمية مما أدىل إىل تضخمها‪،‬‬
‫املتعلقة بهذه النظرية من خالله‪ ،‬مبا ميثله من مرجعية هلا‪ ،‬حتى أصبح ال يستطيع إدراكها إال املتخصصون‪ ،‬فهذا من‬
‫فمبادئ احلرية التعاقدية والرضائية والقوة امللزمة للعقد‪ ،‬شأنه أن يؤثر على املفهوم التقليدي لنظرية العقد ممثلة يف‬
‫(‪)7‬‬
‫واألثر النسيب للعقد‪ ،‬كلها مبادئ ولدت من رحم مبدأ سلطان مبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫هذه هي األسباب والعوامل اليت ألقت بظالهلا على النظرية‬ ‫اإلرادة ‪.‬‬
‫إن هيمنة مبدأ سلطان اإلرادة على أحكام النظرية التقليدية العامة للعقد فأثرت عليها‪ ،‬وقلصت من دور مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة يف العالقات التعاقدية‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬
‫د‪ .‬بخيــت عيسى‬
‫املصنف وتوزيعه‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مظاهر تأثري قوانني االستهالك على مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫واألهم هو عقد القرض االستهالكي‪ ،‬حيث نظمه املشرع مبوجب‬ ‫تتجلى مظاهر تأثري هذه القوانني على مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫املرسوم التنفيذي رقم ‪ ،(13)114-15‬لقد أوجبت املادة ‪20‬‬ ‫من خالل تراجع مبدأ الرضائية يف العالقات االستهالكية‬
‫من قانون محاية املستهلك وقمع الغش أن تستجيب قروض‬ ‫عن طريق ظهور شكلية جديدة تتمثل يف االلتزام باإلعالم‬
‫االستهالك للرغبات املشروعة للمستهلك فيما خيص شفافية‬ ‫كالتزام يقع على عاتق املتدخل (الفرع األول)‪ ،‬ويتمثل املظهر‬
‫العرض املسبق وطبيعة ومضمون ومدة االلتزام وكذا أجال‬ ‫اآلخر يف احلد من احلرية التعاقدية ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫تسديده وحيرر عقد بذلك‪ ،‬على أن حتدد شروط وكيفيات‬
‫الفرع األول‪ :‬تراجع مبدأ الرضائية يف العالقات االستهالكية‬
‫هذه العروض عن طريق التنظيم‪ ،‬وبالفعل حدد املرسوم رقم‬
‫‪ 114-15‬املتعلق بالقرض االستهالكي شروط وكيفيات‬ ‫وفقا للنظرية التقليدية للعقد جند أن العقد يربم مبجرد‬
‫هذه العروض‪ ،‬فألزمت املادة ‪ 6‬منه أن يسبق كل عقد قرض‬ ‫تطابق اإلرادتني دون وجوب اتباع شكلية معينة‪ ،‬وهذا ما يسمى‬
‫عرض مسبق للقرض من شأنه السماح للمفرتض بتقييم‬ ‫مببدأ الرضائية يف العقود‪ ،‬وهو أحد نتائج مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫طبيعة ومدى االلتزام املالي الذي مكنه اكتتابه وكذا شروط‬ ‫الذي نصت عليه املادة ‪ 59‬ت م ج (‪ ،)8‬واملادة ‪ 1/60‬ت م ج (‪ )9‬اليت‬
‫تنفيذ العقد‪ ،‬وجند املادة ‪ 7‬منه ألزمت املقرتض أن يلتزم‬ ‫تسمح للمتعاقدين التعبري عن إرادتيهما بأي طريقة‪.‬‬
‫بتضمني العقد مجلة من البيانات حتت طائلة الوجوب ومنه‪،‬‬ ‫لكن تشريعات االستهالك قد انصب اهتمامها مبرحلة تكوين‬
‫حتديد األطراف‪ ،‬واملوضوع الذي من أجله مت القرض مع‬ ‫العقد‪ ،‬ألن هذه التشريعات من خصائصها أن هلا دورا وقائيا‬
‫حتديد املدة واملبلغ اخلاص والصايف للقرض‪ ،‬وطرق التسديد‬ ‫عالجيا وليس تدخال بعديا‪ ،‬وهذا حتى ال ترتك حترير العقود‬
‫ونسبة الفوائد والضمانات وغريها‪.‬‬ ‫حملض أهواء احملرتفني الذين ال يرتددون يف خدمة مصاحلهم‪،‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬احلد من احلرية التعاقدية‬ ‫ولذلك عمدت هذه التشريعات إىل إلزام احملرتفني إىل اإلدالء‬
‫بالبيانات واملعلومات للمستهلكني بقصد تنوير رضائهم‬
‫إن مبدأ احلرية التعاقدية وفقا للقواعد العامة أن الشخص‬
‫عن طريق بااللتزام باإلعالم(‪ )10‬وهذا ما يسمى بالشكلية‬
‫خيتار من يتعاقد معه بكل حرية‪ ،‬ويكون لألطراف احلرية يف‬
‫اإلعالمية‪ .‬الذي نظمه املشرع اجلزائري يف القانون ‪03-09‬‬
‫حتديد مضمون العقد‪ ،‬هذه النتائج مل يعد مسلما بها يف نطاق‬
‫املتعلق حبماية املستهلك وقمع الغش مبوجب املادة ‪ 1/17‬وهذا‬
‫تشريعات محاية املستهلك خاصة فيما يتعلق مبضمون العقد‬
‫يعد ختليا ملحوظا عن الرضائية يف العقود االستهالكية‪.‬‬
‫ومنع رفض التعاقد دون سبب مشروع‪.‬‬
‫إن املشرع اجلزائري مل ينظم عقود االستهالك بعينها كما‬
‫أوال‪ -‬حتديد املشرع ملضمون العقد‬
‫فعل املشرع الفرنسي بالنسبة للبيع عن بعد‪ ،‬واالئتمان‬
‫ما مييز تشريعات االستهالك أن األحكام املنظمة هلا تدخل فيما‬ ‫العقاري‪ ،‬إال أن هذه الشكلية املتمثلة يف هذه البيانات أخذ بها‬
‫يعرف بالنظام العام االقتصادي احلمائي‪ ،‬الذي يعترب املظهر‬ ‫املشرع خارج قانون محاية املستهلك‪ ،‬ومنها عقد التأمني‪ ،‬وعقد‬
‫احلديث لفكرة النظام العام(‪ ،)14‬فإذا كان النظام العام التقليدي‬ ‫البيع باإلجيار عقد البيع على التصاميم‪ ،‬وأخريا عقد القرض‬
‫يهدف إىل بطالن العقود لعدم مشروعية حمل االلتزام أو لعدم‬ ‫االستهالكي تطبيقا لنص املادة ‪ 20‬من قانون محاية املستهلك‬
‫مشروعية السبب الذي يسعى املتعاقدان إىل حتقيقه وبالتالي‬ ‫وقمع الغش‪.‬‬
‫يكون دوره سلبيا‪ ،‬أما دور النظام العام احلمائي فيكون له دور‬
‫يف عقد التأمني(‪ ،)11‬نص املشرع يف املادة ‪ 7‬منه أن يكون عقد‬
‫إجيابي عن طريق تدخل املشرع لفرض مضمون العقد‪ ،‬فيحل‬
‫التأمني كتابيا ومشتمال على البيانات التالية‪ :‬اسم كل من‬
‫حمل إرادة املتعاقدين يف حتديد هذا املضمون(‪ )15‬وهذا ما جنده‬
‫الطرفني املتعاقدين‪ ،‬وعنوانهما‪ ،‬الشيء أو الشخص املؤمن عليه‪،‬‬
‫يف العالقات االستهالكية‪ ،‬وبهذا التدخل لتحديد مضمون‬
‫طبيعة املخاطر املضمونة‪ ،‬تاريخ االكتتاب‪ ،‬تاريخ سريان العقد‬
‫العقد من شأنه أن ينال من مبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫ومدته‪ ،‬مبلغ الضمان مبلغ قسط أو اشرتاك التأمني‪.‬‬
‫إن األخذ مببدأ احلرية التعاقدية سيجعل املستهلك دون أدنى‬
‫أما بالنسبة لعقد النشر(‪ ،)12‬فاملشرع نص يف املادة ‪87‬منهأوجب أن‬
‫شك يف مركز الضحية‪ ،‬ألن ضعفه املعريف واالقتصادي ال‬
‫يتضمن عقد النشر حتت طائلة البطالن البيانات التالية ‪ :‬نوع‬
‫يسمح له مبناقشة شروط العقد وحتديد مضمونه مبا خيدم‬
‫احلقوق اليت يتنازل عنها املؤلف للناشر وطابعها اإلستئثاري أو‬
‫مصاحله‪ ،‬لذا جند تشريعات االستهالك جسدت مبدأ النظام‬
‫غري اإلستئثاري‪ ،‬طريقة مكافأة املؤلف املتفق عليها مع مراعاة‬
‫العام احلمائي يف العالقات االستهالكية ‪ ،‬من خالل تدخل‬
‫أحكام املادة‪ 65‬من هذا األمر‪ ،‬عدد النسخ يف كل طبعة متفق‬
‫املشرع لتحديد مضمونها كما يتجلى ذلك من خالل تنظيمه‬
‫عليها‪ ،‬مدة التنازل والنطاق اإلقليمي الستغالل املصنف الذي‬
‫اآلمر لعقد القرض االستهالكي‪.‬‬
‫جيب أن يسلمه املؤلف للناشر قصد استنساخه‪ ،‬أجل تسليم‬
‫املصنف إذا مل يكن يف حوزة الناشر عند إبرام العقد ومتى تقرر إن التدخل التشريعي يف حتديد مضمون العالقة االستهالكية‬
‫أن يسلم املؤلف مصنفه يف وقت الحق‪ ،‬تاريخ الشروع يف نشر يشمل التدخل اإلجيابي وهو أحد جتليات النظام العام احلديث‪،‬‬
‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬ ‫‪112‬‬
‫أثر تشريعات االستهالك على مبادئ النظرية التقليدية للعقد‬
‫واملستهلك الذي أدى إىل عدم تكافؤ العالقة العقدية بينهما‪،‬‬ ‫كفرض التزامات بصفة آمرة كااللتزام باإلعالم‪ ،‬والسالمة‪،‬‬
‫ونتيجة القوة امللزمة للعقد فال يستطيع نقض العقد بإرادته‬ ‫واملطابقة‪ ،‬كم يشمل التدخل السليب املتمثل يف منع وحظر‬
‫املنفردة إال باتفاق مع احملرتف‪ ،‬لذا تدخل املشرع للحد من‬ ‫مجلة من املمارسات كاإلشهار املضلل والشروط التعسفية‬
‫تبعات هذا املبدأ عن طريق التخفيف منه بإقرار حق العدول‬ ‫وغري ذلك من حمظورات قانون االستهالك(‪.)16‬‬
‫للمستهلك‪ ،‬والتدخل ملكافحة الشروط التعسفية اليت يرزخ‬ ‫إن التحديد املسبق ملضمون العقد‪ ،‬يعترب من اآلليات اليت‬
‫فيها املستهلك( مطلب أول) ‪ ،‬كما أن مبدأ األثر النسيب للعقد‬ ‫ميكن االعتماد عليها لتحقيق التوازن العقدي يف العالقات‬
‫الذي يقضي بأن آثار العقد تنصرف إىل عاقديه‪ ،‬فإن املشرع يف‬ ‫االستهالكية(‪ ،)17‬وهذا من شأنه أن يعزز تراجع مبدأ سلطان‬
‫تشريعات االستهالك وسع من القيود اليت ترد عليه بالنص على‬ ‫اإلرادة يف نسج العالقات التعاقدية‪ ،‬وليس هذا وفقط بل أن‬
‫الرتابط بني العقود‪ ،‬خاصة يف ربط عقد القرض االستهالكي‬ ‫العالقات االستهالكية أصبحت ختضع لتوجيه تعاقدي‪،‬‬
‫أو العقاري بالعقد الذي ميوله‪ ،‬ومنح مجعيات محاية املستهلك‬ ‫فأصبح دور اإلرادة شكليا حمضا‪ ،‬ينحصر يف االنضمام إىل‬
‫حق مقاضاة كل متخل يف عملية وضع املنتوج لالستهالك‬
‫النموذج الذي حدده املشرع (‪.)18‬‬
‫(مطلب ثان)‪.‬‬
‫باإلضافة إىل التدخل التشريعي يف تنظيم مضمون العقد‪ ،‬فإن‬
‫املطلب األول‪ :‬التوسع يف االعتداء على القوة امللزمة للعقد‬
‫مضمون عالقات االستهالك أصبحت تتحدد يف بعض الدول عن‬
‫تتجلى مظاهر النيل من القوة امللزمة للعقد بفعل تشريعات‬ ‫طريق االتفاقيات اجلماعية اليت تتم من خالل التفاوض بني‬
‫االستهالك يف احلق عن العدول ( أوال)‪ ،‬ومكافحة الشروط‬ ‫مجعيات محاية املستهلكني والتنظيمات املهنية‪ ،‬ألن اجلمعيات‬
‫التعسفية ( ثانيا)‪.‬‬ ‫هي اليت تستطيع الدفاع عن حقوق املستهلكني‪ ،‬وال يكون األمر‬
‫أوال‪ -‬حق املستهلك يف العدول عن التعاقد‬ ‫كذلك لو ترك املستهلك وحده‪ .‬غري أن هذه االتفاقات تعوزها‬
‫اإللزامية بالنسبة للمهنيني‪.‬‬
‫مع انتشار فوضى اإلعالنات التجارية اليت تكون يف بعض‬
‫األحيان مضللة وكاذبة وخادعة‪ ،‬فنحت بريقها يندفع‬ ‫ثانيا‪ -‬حظر رفض التفاوض‬
‫املستهلك غلى التعاقد دون تروي‪ ،‬ونتيجة هذا التسرع وعدم‬ ‫إذا كان املبدأ يف النظرية التقليدية للعقد هو مبدأ حرية‬
‫أخذ الوقت الكايف للتدبر والتفكري‪ ،‬فضال عن قلة خربة‬ ‫التعاقد‪ ،‬فالشخص حر يف التعاقد أو رفضه وإال كانت اإلرادة‬
‫املستهلك أو حتى انعدامها أحيانا فيما يتعلق مبوضوع التعاقد‪،‬‬ ‫معيبة بالضغط عليها وبالتالي يستطيع أن يطلب إبطال‬
‫فأعطى املشرع للمستهلك يف مثل هذه الظروف للمستهلك‬ ‫العقد بسبب هذا الضغط‪ ،‬واملتعاقد يف هذا اإلطار حر يف اختيار‬
‫حق العدول عن العقد الذي أبرمه ومبحض إرادته‪ ،‬وبهذا يكون‬ ‫الشخص الذي يتعاقد معه‪ ،‬لكن املشرع يف تشريعات االستهالك‬
‫املشرع قد وسع من االعتداء على مبدأ القوة امللزمة للعقد من‬ ‫أقر حظر على املهين رفض التعاقد دون مربر شرعي بشأن‬
‫خالل خيار العدول املمنوح للمستهلك وهذا احلق جنده مقررا‬ ‫كل سلعة معروضة للبيع أو خدمة متوفرة‪ ،‬وهذا ما نص‬
‫يف عقود التجارة االلكرتونية‪.‬‬ ‫عليه املشرع يف القانون رقم ‪ 02-04‬املتعلق بالقواعد املطبقة‬
‫إن هذا احلق سبق وأن نظمه املشرع اجلزائري يف قانون التأمني‬ ‫على املمارسات التجارية يف املادة ‪15‬منه على أنه ‪ " :‬تعترب كل‬
‫يف املادتني ‪ 70‬مكرر و املادة ‪ 90‬مكرر خبصوص الـتأمني‬ ‫سلعة معروضة للبيع‪،‬مينع رفض بيع سلعة أو تأدية خدمة‬
‫على األشخاص من القانون ‪ 07-95‬املعدل واملتمم بالقانون‬ ‫بدون مربر شرعي‪ ،‬إذا كانت هذه السلعة معروضة للبيع أو‬
‫‪.(21)04-06‬ونظمه املشرع كذلك يف قانون النقد والقرض‬ ‫كانت اخلدمة متوفرة "‪.‬‬
‫يعترب حظر رفض التعاقد هو مبثابة قيد على مبدأ احلرية يف املادة ‪ 119‬مكرر ‪ 3/ 1‬اليت نصت على ما يلي‪ " :‬ميكن أي‬
‫التعاقدية الذي يطغى على النظرية التقليدية للعقد‪ ،‬فهو شخص اكتتب تعهدا أن يرتاجع عنه يف أجل مثانية أيام من‬
‫مقيد للمحرتف من ناحية حرية التعاقد أو عدم التعاقد‪ ،‬تاريخ التوقيع على العقد"‪.‬‬
‫وحريته فيمن يتعاقد معه من ناحية أخرى‪ ،‬وهذا ما يؤدي إىل ويعد أهم تكريس له ما نص عليه املشرع اجلزائري يف املرسوم‬
‫إصباغ الطابع املوضوعي على العالقات التعاقدية والنأي بها التنفيذي رقم ‪ 114-15‬املتعلق بشروط وكيفيات العروض يف‬
‫جمال القروض(‪ .)22‬حيث كفل املشرع للمستهلك حق العدول‬ ‫عن الطابع الشخصي‪.‬‬
‫يف عقد القرض االستهالكي وعقد البيع باملنزل‪ ،‬بالنسبة‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬أثر تشريعات االستهالك على آثار العقد‬
‫لعقد القرض االستهالكي منحت املادة ‪ 11‬من املرسوم السابق‬ ‫حيكم العقد من حيث تنفيذه حسب الفقه التقليدي مبدآن‬
‫الذكر للمشرتي أجال للعدول مدته مثانية (‪ )8‬أيام حتسب‬ ‫أساسيان يتفرعان عن مبدأ سلطن اإلرادة‪ ،‬وهما‪ :‬مبدأ القوة‬
‫من تاريخ إمضاء العقد(‪ ،)23‬وال تسري آثار عقد البيع(‪ )24‬إذا‬
‫امللزمة للعقد‪ ،19‬ومبدأ نسبية العقد‪ ،20‬يتعلق األول بآثار‬
‫مارس املقرتض حقه يف العدول خالل هذا األجل‪.‬‬‫العقد من حيث املوضوع‪ ،‬ويتعلق اآلخر بآثار العقد من حيث‬
‫األشخاص‪ ،‬ونتيجة للتفاوت االقتصادي واملعريف بني املتدخل أما بالنسبة لعقد البيع باملنزل ‪ ،‬فنصت عليه املادة ‪ 14‬من‬
‫(‪)25‬‬

‫‪113‬‬ ‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬
‫د‪ .‬بخيــت عيسى‬
‫العقد"‪ .‬ونص املشرع على بعض صور الشرط التعسفي يف املادة‬ ‫املرسوم السالف الذكر‪ ،‬فمدة العدول تكون سبعة (‪ )7‬أيام‬
‫‪ 29‬منه‪ ،‬ومل يكتفي املشرع مبا ورد يف القانون ‪ 02-04‬فقط بل‬ ‫عمل مهما يكن تاريخ التسليم أو تقديم اخلدمة‪ ،‬وال ميكن‬
‫أصدر مرسوما تنفيذيا رقم ‪ 306-06‬احملدد للعناصر األساسية‬ ‫إجراء أي دفع نقدي قبل انتهاء هذه املدة‪.‬‬
‫للعقود املربمة بني األعوان االقتصاديني واملستهلكني والبنود اليت‬ ‫إن حق العدول املكفول للمستهلك ثابت بقوة القانون‪ ،‬فهو‬
‫تعترب تعسفية(‪،)28‬الذي أورد فيه العديد من الشروط التعسفية‬ ‫من النظام العام‪ ،‬ال ميكن االتفاق على سلب حق املستهلك يف‬
‫حيث نص يف املادة ‪ 5‬منه على البنود اليت تعترب تعسفية‬ ‫العدول عن العقد‪ ،‬الذي تقرر أساسا حلالة الضعف اليت يعاني‬
‫ومنها تقليص العناصر األساسية املذكورة يف املادة ‪ 2‬و ‪،3‬‬ ‫منها‪ ،‬فله اخليار يف ممارسته دون أن يكون ملزما بتربير عدوله‪،‬‬
‫واالحتفاظ حبق تعديل العقد أو فسخه بإرادة منفردة‪،‬وختلي‬ ‫وفوق هذا ال يتحمل املستهلك أي التزام بسبب العدول اللهم إال‬
‫العون االقتصادي عن مسؤوليته بصفة منفردة وغريها من‬ ‫مصاريف رد املبيع‪.‬‬
‫الشروط اليت يفرضها العون االقتصادي على املستهلك‪ ،‬ونص‬
‫على تأسيس جلنة خاصة بالبنود التعسفية(‪ )29‬أسوة بلجنة‬ ‫إن هذا احلق يندرج ضمن الوسائل الفنية اليت يلجأ إليها املشرع‬
‫الشروط التعسفية يف القانون الفرنسي(‪ ،)30‬حيث تضطلع هذه‬ ‫يف إطار ما يسمى بالسياسة التشريعية ملعاجلة أوضاع أفرزتها‬
‫اللجنة مبراجعة العقود النموذجية املطروحة يف السوق على‬ ‫احلياة االقتصادية واالجتماعية ينطبق بصورة جلية على‬
‫غري احملرتفني‪ ،‬والبحث عن الشروط التعسفية والكشف عنها‬ ‫احلق يف الرجوع‪ ،‬فهو وسيلة فنية أصيلة جلأت إليها تشريعات‬
‫مع رفع توصيات بشأنها إىل السلطات املعنية‪.‬‬ ‫االستهالك يف مرحلة تنفيذ العقد من أجل إعادة التوازن‬
‫املفقود بني طائفة املستهلكني واحملرتفني‪ ،‬ومن ثم كانت‬
‫وسيلة غري مألوفة يف القواعد العامة‪ ،‬لكونها جاءت خارقة ملبدأ إن الشروط التعسفية اليت تتضمنها العقود االستهالكية‪،‬‬
‫يكون اجلزاء فيها احلكم ببطالنها واإلبقاء على العقد ألنه‬ ‫القوة امللزمة للعقد(‪.)26‬‬
‫يهم املستهلك‪ ،‬وإن كان املشرع مل يقر ذلك صراحة‪ ،‬بل‬
‫اكتفى بالنص على اجلزاء العقابي‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 28‬من‬ ‫ثانيا‪ -‬مكافحة الشروط التعسفية‬
‫طبقا ملبدأ العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬جيوز لألطراف أن يضمنوا قانون املمارسات التجارية على أنه‪ " :‬تعترب ممارسات جتارية‬
‫عقودهم ما أرادوا من الشروط‪ ،‬بشرط مراعاة النظام العام غري نزيهة وممارسات تعاقدية تعسفية خمالفة ألحكام املواد‬
‫واآلداب‪ ،‬لكن هذه الوضعية نتج عنها أن العالقات التعاقدية ‪26‬و ‪27‬و ‪ 28‬و‪ 29‬من هذا القانون ويعاقب عليها بغرامة من‬
‫أصبحت تفتقر إىل التوازن العقدي نتيجة للتفوق االقتصادي مخسني ألف دينار (‪50.000‬دج) إىل مخسة ماليني دينار‬
‫للمحرتف على املستهلك‪ ،‬فجاءت تشريعات االستهالك (‪ 5.000.000‬دج)‪ ،‬مما يعين دخول القانون اجلنائي على خط‬
‫للحد من ظاهرة الالمساواة بني املتعاقدين‪ ،‬ألن أهداف هذه العالقة االستهالكية مما يدل على الطابع االجتماعي هلذه‬
‫التشريعات هو العمل على حتقيق التوازن العقدي بني حقوق العالقات‪.‬‬
‫والتزامات أطراف العقد‪ ،‬بعدما أصبحت عقود االستهالك املطلب الثاني‪ :‬أثر تشريعات االستهالك على األثر النسيب للعقد‬
‫يف الغالب هي عقود إذعان أو عقود منوذجية‪ ،‬حبيث يفرض‬
‫الطرف القوي شروطه على الطرف الضعيف‪ ،‬دون أن يناقش إن العقد إذا نشأ صحيحا فإن آثاره تنصرف إىل املتعاقدين‪ ،‬فالغري‬
‫هذا األخري شروط العقد‪ ،‬فما عليه إال القبول أو الرفض‪ ،‬ومن األجنيب عن العقد ال يتحمل التزاما‪ ،‬وال يكتسب حقا يف عقد مل‬
‫أجل حتقيق هذا اهلدف ـــــ التوازن العقدي ـــــ وضعت تشريعات يكن طرفا فيه وهذا ما نصت عليه املادتني ‪ 108‬ت م ج‪ ،‬واملادة ‪113‬‬
‫االستهالك نظاما قانونيا ملكافحة الشروط التعسفية‪ ،‬وهذا ت م ج ‪ ،‬واملادة ‪ 1156‬ت م فرنسي‪ " :‬إن االتفاقات ليس هلا أثر إال‬
‫يرتتب عليه التوسع يف االعتداء على القوة امللزمة للعقد وفقا بني األطراف املتعاقدة‪ ،‬وهي ال تضر الغري‪ ،‬وال تنفعه إال يف احلالة‬
‫املنصوص عليها يف املادة ‪ ."1121‬وهذا كله يسمى باألثر النسيب‬ ‫للنظرية التقليدية للعقد‪.‬‬
‫للعقد‪ ،‬هذا املبدأ املستقر يف النظرية التقليدية للعقد فإن تشريعات‬
‫بالرغم من أن محاية الطرف الضعيف يف العقد جتاه االستهالكوسعتاخلروجعنهالعتباراتتتعلقحبمايةاملستهلك‪،‬‬
‫الشروط التعسفية(‪)27‬نصت عليها القواعد العامة يف نص وهذا اخلروج عن مبدأ األثر النسيب للعقد يتمثل يف فكرة االرتباط‬
‫املادة ‪ 110‬ت م ج ‪ ،‬إال أن هذه احلماية تكون بعدية‪ ،‬يف بني القرض والعقد املمول له ( أوال)‪ ،‬وإقرار حق املستهلك يف الرجوع‬
‫حني جند تشريعات االستهالك تتميز باحلماية القبلية على كل متدخل يف عملية عرض املنتوج لإلستهالك عن طريق‬
‫أي هلا دور وقائي‪ ،‬وبالفعل نظم املشرعاجلزائري مكافحة الدعوى املباشرة ( ثانيا)‪ ،‬مع إقرار حق مجعيات محاية املستهلك يف‬
‫الشروط التعسفية مبوجب القانون ‪ 02-04‬احملدد للقواعد التقاضي ( ثالثا)‪.‬‬
‫املطبقة على املمارسات التجارية‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 3‬من‬
‫القانون ‪ 02-04‬املعدل بالقانون ‪ 06-10‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت أوال‪ -‬فكرة االرتباط بني العقود يف جمال القرض االستهالكي‬
‫‪ 2010‬على أن الشرط التعسفي هو‪ :‬كل بند أو شرط مبفرده إن البيع الذي يتم متويله بواسطة القرض‪ ،‬جند املستهلك‬
‫أو مشرتك مع بند واحد‪ ،‬أو عدة بنود أو شروط أخرى من يربم عدة عقود من أجل حتقيق عملية واحدة‪ ،‬يف هذه احلالة‬
‫شأنه اإلخالل الظاهر بالتوازن بني حقوق وواجبات أطراف جند تشريعات االستهالك أقامت رباطا بني هذين العقدين‪،‬‬
‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬ ‫‪114‬‬
‫أثر تشريعات االستهالك على مبادئ النظرية التقليدية للعقد‬
‫وما يالحظ أن هناك ترابط بني العقود من أجل حتقيق غاية‬ ‫فاملستهلك ال يستطيع أن يشرتي بدون قرض‪ ،‬وال ميكن‬
‫واحدة وهي متكني املستهلك من اقتناء ما يريده‪ ،‬بطريق‬ ‫اقرتاضه دون أن يشرتي‪.‬‬
‫التمويل عن طريق القرض‪ ،‬ويف هذا جند املشرع اجلزائري قد‬ ‫إن فكرة االرتباط بني العقود تظهر جليا من خالل املبادئ اليت‬
‫خرج عن مبدأ األثر النسيب للعقد عن طريق وجود ارتباط بني‬ ‫نص عليها املشرع يف املرسوم التنفيذي رقم ‪ 114-15‬املتعلق‬
‫العقود يف جمال القرض االستهالكي وهذا التحول يف املبادئ‬ ‫بشروط وكيفيات العروض يف جمال القرض االستهالكي‬
‫العامة يهدف إىل حتقيق نظام عام محائي للمستهلك‪.‬‬ ‫وهي‪:‬‬
‫ثانيا‪ -‬تقرير دعوى مباشرة للمستهلك يف الرجوع على كل متدخل يف‬ ‫‪ -1‬تبعية عقد القرض للعملية املمولة‬
‫عرض املنتوج للتداول‬
‫تنص املادة ‪ 8‬من املرسوم التنفيذي على أنه‪ " :‬ال تسري واجبات‬
‫إن عملية وضع املنتوج لإلستهالك تتطلب تدخل عدة أطراف‪،‬‬ ‫املقرتض إال ابتدا ًء من تسليم السلعة اليت استوفى القرض من‬
‫بد ًء باملنتج‪ ،‬ومرورا باملوزع وتاجر التجزئة‪ ،‬وص ً‬
‫ال إىل املستهلك‪،‬‬ ‫أجلها‪ .‬ويف حالة عقد بيع بتنفيذ متوال‪ ،‬فإن واجبات املقرتض‬
‫وهذا األخري يربم العقد مع تاجر التجزئة‪ ،‬فاملستهلك طرف يف‬ ‫تسري ابتدا ًء من بداية تسليم السلعة وتتوقف يف حالة انقطاع‬
‫العالقة االستهالكية اليت تربطه بتاجر التجزئة‪ ،‬يف حني أن‬ ‫هذا التسليم"‪.‬ذلك يف أن املقرتض ال يلتزم بتسديد القرض إال‬
‫بقية األطراف املتدخلة يف عرض املنتوج هم من الغري بالنسبة‬ ‫إذا سلم البائع املشرتي ( املستهلك) السلعة أو اخلدمة(‪ ، )31‬فإذا‬
‫هلذا العقد‪ ،‬ومن ثم ال ميكنه مقاضاة هؤالء األطراف بصورة‬ ‫تعلق األمر بعقد بيع يكون فيه التنفيذ متتابع‪ ،‬فإن التسديد‬
‫مباشرة طبقا ملبدأ نسبية العقد‪ ،‬ولكن ألن صفة الضعف‬ ‫يكون بداية بالتنفيذ‪ ،‬ويف حالة انقطاع التسليم كذلك ميتنع‬
‫اليت تعرتي املستهلك‪ ،‬ومن أجل توفري احلماية له أجاز له‬ ‫املقرتض عن التسديد‪ ،‬فالتسديد من طرف املقرض يدور وجودا‬
‫االجتهاد القضائي الفرنسي(‪)36‬ممارسة الدعوى املباشرة ضد‬ ‫وعدما مع تسليم البائع للسلعة أو اخلدمة حمل العقد املمول‪،‬‬
‫كل متدخل يف عملية عرض املنتوج لإلستهالك‪ .‬لكن ما هو‬ ‫إن هذا الرتابط بني عقد القرض وعقد البيع املمول له هو من‬
‫موقف املشرع اجلزائري من الدعوى املباشرة(‪ )37‬يف العالقات‬ ‫النظام العام‪ ،‬فهو مقرر ملصلحة املستهلك الذي رمبا جيد نفسه‬
‫االستهالكية؟‬ ‫مدينا بقرض دون أن يستفيد من البيع وهذا يدخل يف إطار‬
‫إن موقف املشرع اجلزائري‪ ،‬يظهر من خالل تشريعات‬ ‫النظام العام احلمائي املقرر للمستهلك‪.‬‬
‫وتظهر هذه التبعية كذلك من خالل أن احلكم بفسخ أو االستهالك اليت مت إصدارها والنصوص التنظيمية هلا‪ ،‬ففي‬
‫بطالن العقد الرئيسي املمول ( عقد البيع) يرتتب عليه فسخ أو القانون ‪ 02-89‬املتعلق بقواعد محاية املستهلك امللغى‪ ،‬حيث‬
‫بطالن العقد بقوة القانون‪ ،‬وهذا ما نص عليه املشرع الفرنسي كرس املشرع هذه الدعوى يف املادة ‪ 1/12‬منه حيث نصت‬
‫يف املادة ‪ 32-311‬من قانون االستهالك الفرنسي يف فقرتها على ما يلي‪ " :‬إن إلزام املطابقة كما نصت عليه املادة ‪ 3‬من‬
‫األوىل‪ .‬وغفل عنه املشرع اجلزائري عند تنظيمه يف املرسوم هذا القانون ووجوب الضمان والتجربة من أي من املتدخلني‬
‫التنفيذي لعقد القرض االستهالكي‪ ،‬و هذا احلكم مقرر يف مراحل عرض املنتوج لالستهالك‪ ،‬حق للمستهلك‪ ،‬ويكون‬
‫للمتابع احلق يف اتباع الطرق القانونية ضد كل املتدخلني‬ ‫حلماية املستهلك املقرتض‪.‬‬
‫أو بعضهم‪ ،‬كل حسب مسؤوليته اخلاصة ويف حدود فعله"‪.‬‬
‫يالحظ أن املشرع بإقراره دعوى مباشرة لصاحل املستهلك‬ ‫‪ -2‬تبعية العملية املمولة للقرض‬
‫إن املستهلك يقرتض من أجل الشراء‪ ،‬فإذا مل يربم عقد البيع ضد املتدخلني أو بعضهم‪ ،‬كل حسب مسؤوليته ويف حدود‬
‫فإن عقد القرض ال ينفذ‪ ،‬وهذا الربط نص عليه املرسوم فعله‪ ،‬يكون قد خرج عن مبدأ نسبية العقد املقرر يف نص املادة‬
‫‪ 113‬ت م ج‪ .‬كما أن املشرع اجلزائري قصرها على االلتزام‬ ‫التنفيذي رقم ‪ 114-15‬من خالل القواعد اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ال ميكن اكتتاب أي التزام من طرف املشرتي جتاه البائع يف باملطابقة ووجوب الضمان‪ ،‬ومل يشر إىل االلتزامات اآلخرين‬
‫كااللتزام باإلعالم‪ ،‬والسالمة‪ ،‬وهذا تقصري من املشرع‪ ،‬لكنه‬
‫إطار القرض االستهالكي إال مبوافقة املقرض املسبقة(‪.)32‬‬
‫تدارك األمر مبوجب املرسوم التنفيذي رقم ‪ 266-90‬املتعلق‬
‫‪ -‬ال يلزم البائع بتسليم أو متويل السلعة حمل عقد البيع إال بضمان املنتوجات واخلدمات امللغى‪ ،‬حيث نص يف املادة ‪ 20‬من‬
‫على أنه‪ " :‬ميكن للمستهلك وفقا للمادة ‪ 12‬من القانون رقم‬ ‫بعد إخطاره من طرف املشرتي بتحصله على القرض(‪.)33‬‬
‫‪ -‬عدم سريان آثار عقد البيع إذا مارس املقرتض حقه يف العدول ‪ 02-89‬املؤرخ يف ‪ 7‬فرباير ‪ 1989‬املذكور أعاله‪ ،‬أن يتابع‬
‫احملرتف املتعاقد معه‪ ،‬وكل متدخل يف عملية عرض املنتوج‬ ‫خالل املدة احملددة(‪.)34‬‬
‫لالستهالك"‪ ،.‬بالرغم من أن هذا املرسم ال يتعلق إال بضمان‬
‫‪ -‬ال ميكن أن يستلم البائع من املشرتي أي دفع آخر يف شكل‬
‫املنتوجات واخلدمات إال أن عباراته جاءت عامة‪ ،‬وبالتالي يسمح‬
‫من األشكال وال إيداع زيادة على اجلزء من الثمن الذي وافق‬
‫للمستهلك مبتابعة زيادة على احملرتف املتعاقد معه‪ ،‬كل‬
‫املشرتي على دفعه نقدا ما مل يربم العقد املتعلق بعملية القرض‬
‫متدخل يف عملية عرض املنتوج لإلستهالك‪.‬‬
‫نهائيا(‪.)35‬‬
‫‪115‬‬ ‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬
‫د‪ .‬بخيــت عيسى‬
‫أصبحت هذه اجلمعيات هلا دور فعال يف جمال محاية املستهلك‬ ‫لكن املشرع يف القانون ‪ 03-09‬بعد إلغاء قانون ‪ 02-89‬مبوجب‬
‫ألنها هي األدرى حبقوق املستهلكني‪ ،‬يف مواجهة احملرتفني‬ ‫املادة ‪ 94‬من القانون ‪ 03-09‬املتعلق حبماية املستهلك وقمع‬
‫نظرا للوعي الذي يتميز به أعضاؤها‪ ،‬فمنح هلا املشرع صفة‬ ‫الغش مل ينص املشرع على الدعوى املباشرة لصاحل املستهلك‬
‫التقاضي‪ ،‬ورفع الدعاوى أمام اجلهات القضائية‪ ،‬والتأسيس‬ ‫ضد كل متدخل يف عملية عرض املنتوج لإلستهالك‪ ،‬وتأكد‬
‫كطرف مدني ضد األضرار اليت تصيب املستهلكني‪.‬‬ ‫هذا املوقف بعد إلغاء املرسوم التنفيذي ‪ 266-90‬املتعلق‬
‫اخلامتة‬ ‫بضمان املنتوجات واخلدمات مبوجب املادة ‪ 24‬من املرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 327-13‬احملدد للشروط وكيفيات وضع‬
‫إن تشريعات محاية املستهلك ‪ ،‬اليت شرعت حلماية الطرف‬ ‫ضمان السلع واخلدمات(‪ )38‬حيز التنفيذ‪ .‬فاملشرع هنا قد تراجع‬
‫الضعيف يف العالقات االستهالكية‪ ،‬على افرتاض عدم املساواة‬ ‫عن منح املستهلك دعوى مباشرة ضد كل متدخل يف وضع‬
‫بني احملرتف واملستهلك‪ ،‬وقصور القواعد التقليدية حلماية‬ ‫املنتوج وبالتالي التضييق من نطاق محاية املستهلك‪ ،‬الذي ال‬
‫املستهلك‪ ،‬جاءت بتقنيات ومبادئ أثرت على املبادئ التقليدية‬ ‫ميكنه إال متابعة املتعاقد معه طبقا ملبدأ األثر النسيب للعقد‪.‬‬
‫للعقد املتولدة عن مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬كمبدأ الرضائية‪،‬‬ ‫على أساس أنه ال استثناء إال بنص‪ ،‬لكن املشرع يف القانون املدني‬
‫ومبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬ومبدأ األثر النسيب للعقد‪ ،‬فوسعت‬ ‫قد أعطى للمستهلك حق رفع الدعوى عن الضرر الذي حلقه‬
‫من اإلعتداء عليها واخلروج عليها‪ ،‬فمبدأ الرضائية مت تقييده‬ ‫يف مواجهة املنتج ولو مل تربطه أي عالقة تعاقدية معه طبقا‬
‫عن طريق احلد من احلرية التعاقدية‪ ،‬وفرض مضمون العقد‬ ‫لنص املادة ‪ 140‬مكرر ت م ج‪ ،‬على اعتبار أن القانون املدني‬
‫مسبقا عن طريق النظام العام احلمائي‪ ،‬كما يظهر ذلك يف‬ ‫هو الشريعة العامة‪ ،‬حيث يطبق يف حالة عدم وجود نص يف‬
‫عقد التأمني‪ ،‬وعقد القرض االستهالكي‪ ،‬ومبدأ القوة امللزمة‬ ‫التشريعات األخرى مثلما هو األمر يف قانون ‪ 03-09‬املتعلق‬
‫للعقد مت اخرتاقه عن طريق مكافحة الشروط التعسفية‬ ‫حبماية املستهلك وقمع الغش الذي مل يقرر دعوى مباشرة‬
‫اليت تعترب مظهر التفوق للمحرتف‪ ،‬وإعطاء خيار العدول‬ ‫للمستهلك يف مواجهة التدخل يف وضع املنتوج لالستهالك‪،‬‬
‫للمستهلك بعد إبرام العقد بسبب تسرعه وتأثري اإلعالنات‬ ‫لكن املادة ‪ 140‬مكرر تتعلق بالضرر الذي يكون بسبب عيب يف‬
‫الكاذبة واخلداعة يف ظل االنتشار الرهيب لإلغراءات االشهارية‬ ‫املنتج‪ ،‬وال ميتد إىل االلتزامات األخرى‪ ،‬كااللتزام باإلعالم‪،‬‬
‫املضللة‪ ،‬فهذا احلق من شأنه أن يوفر محاية للمستهلك تعجز‬ ‫وااللتزام بالسالمة‪.‬‬
‫عنها أحكام النظرية التقليدية للعقد بسبب صرامة مبدأ القوة‬
‫امللزمة للعقد‪ ،‬أما بالنسبة لألثر النسيب للعقد فهو بدوره مل‬ ‫ثالثا‪ -‬حق مجعيات محاية املستهلك يف التقاضي‬
‫يسلم من االعتداء عليه بسبب إيراد تشريعات محاية املستهلك‬ ‫ُع ِر َف ْت مجعية محاية املستهلك يف املادة ‪ 21‬من القانون‪03- 09‬‬
‫الستثناءات أخرى‪ ،‬تتمثل يف األخذ بفكرة الرتابط بني العقود‬ ‫بأنها‪ " :‬كل مجعية منشأة طبقا للقانون‪ ،‬تهدف إىل ضمان‬
‫فيما يتعلق بالقرض االستهالكي‪ ،‬واالئتمان العقاري‪ ،‬وإقرار‬ ‫محاية املستهلك من خالل إعالمه وحتسيسه وتوجيهه"‪ .‬فاملشرع‬
‫حق املستهلك يف الرجوع على أي متدخل يف وضع املنتوج‬ ‫اجلزائري أعطى جلمعيات محاية املستهلك صفة التقاضي ضد‬
‫لإلستهالك‪ ،‬وأخريا إعطاء مجعيات محاية املستهلك حق متثيل‬ ‫املتدخل‪ ،‬والتأسيس كطرف مدني يف التعويض عن األضرار‬
‫املستهلكني أمام اجلهات القضائية إما عن طريق رفع الدعاوى‬ ‫املشرتكة اليت تصيب املستهلكني‪ ،‬حيث نص املشرع يف املادة‬
‫حلساب املستهلكني ‪ ،‬أو التأسيس كطرف مدني عن األضرار‬ ‫‪ -32‬من القانون ‪ 03-09‬على أنه‪ " :‬عندما يتعرض مستهلك أو‬
‫اليت تصيبهم‪.‬‬ ‫عدة مستهلكني ألضرار فردية تسبب فيها نفس املتدخل وذات‬
‫إن تشريعات االستهالك جعلت القانون املدني يف حرية‪ ،‬حتى‬ ‫أصل مشرتك‪ ،‬ميكن جلمعيات محاية املستهلكني أن تتأسس‬
‫قيل بأنه يعيش أزمة فيجب إصالحه‪ ،‬وهذا ما فعله املشرع‬ ‫كطرف مدني"‪ ،‬فاملشرع أعطى جلمعيات املستهلكني احلق يف‬
‫الفرنسي يف التعديل األخري مبوجب القانون ‪ 131-16‬املؤرخ‬ ‫التأسيس كطرف مدني‪ ،‬ورفع شكوى لدى وكيل اجلمهورية‬
‫يف ‪ 10‬فيفريي ‪ 2016‬الذي جاء ببعض اإلصالحات فيما‬ ‫ض كل عون اقتصادي ارتكب جرمية عدم إعالن األسعار‪ ،‬ومن‬
‫يتعلق بنظرية العقد‪ ،‬وهذا يعترب مبثابة ضخ دماء جديدة يف‬ ‫ثم املطالبة بالتعويض عن الضرر الالحق باملستهلكني من جراء‬
‫النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬حيث نظم املشرع الفرنسي املرحلة‬ ‫ذلك(‪ ،)39‬وجند املادة ‪ 65‬من القانون ‪ 02-04‬احملدد للممارسات‬
‫السابقة للتعاقد‪ ،‬ونص على مبدأ احلرية التعاقدية مع مراعاة‬ ‫املطبقة على القواعد التجارية على أنه‪ " :‬دون املساس بأحكام‬
‫مبدأ حسن النية يف هذه املرحلة‪ ،‬كما نص على االلتزام‬ ‫املادة ‪ 2‬من قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬ميكن مجعيات محاية‬
‫بااللتزام قبل التعاقدي‪ ،‬ونص تطبيقها يف حالة عدم وجدود‬ ‫املستهلك‪ ،‬واجلمعيات املهنية اليت أنشأت طبقا للقانون‪ ،‬وكذا‬
‫نص خاص يف التشريعات اخلاصة وهذا ما نصت عليه املادة‬ ‫كل شخص طبيعي أو معنوي ذي مصلحة‪ ،‬القيام برفع دعوى‬
‫‪ 3/1245‬ت م فرنسي‪ ،‬ولذا جيب على املشرع اجلزائري تدارك‬ ‫أمام العدالة ضد كل عون اقتصادي قام مبخالفة أحكام هذا‬
‫املوقف قبل أن تندثر هذه النظرية باعتبارها الشريعة العامة‪،‬‬ ‫القانون‪ ،‬كما ميكنهم التأسيس كطرف مدني يف الدعوى‬
‫بسبب غزو تشريعات االستهالك والقوانني اليت تدور يف فلكه‬ ‫للحصول على تعويض الضرر الذي حلقهم"‬

‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬ ‫‪116‬‬
‫أثر تشريعات االستهالك على مبادئ النظرية التقليدية للعقد‬
‫املتعلق بالتأمينات ‪ ،‬ج‪ .‬ر ‪ ،‬العدد ‪ 15‬مؤرخة يف ‪ 12‬مارس ‪.2006‬‬ ‫كقانون املنافسة والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -22‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 114-15‬مؤرخ يف ‪ 12‬مايو سنة ‪ 2015‬يتعلق بشروط‬
‫وكيفيات العروض يف جمال القرض االستهالكي‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬العدد ‪ ، 24‬مؤرخة يف‬ ‫اهلوامش‬
‫‪ 13‬مايو سنة ‪.2015‬‬ ‫‪ -1‬استحدث هذا النص مبوجب التعديل الدستوري الصادر مبوجب القانون رقم‬
‫‪ -23‬عرف املشرع عقد القرض يف املادة ‪ 3/2‬من املرسوم اآلنف الذكر بأنه" عقد‬ ‫‪ 16-1‬املؤرخ يف ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬املتضمن التعديل الدستوري‪.‬‬
‫القرض‪ :‬عقد يقبل مبوجبه بائع أو مقرض أو يلتزم بالقبول جتاه املستهلك‬ ‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 03-09‬مؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2009‬يتعلق حبماية املستهلك وقمع‬
‫بقرض يف شكل أجل دفع سلفة أو أي دفع بالتقسيط مماثل"‪.‬‬ ‫الغش ج ‪ .‬ر‪ ،‬العدد‪.15‬‬
‫‪ -24‬أما عقد البيع فيقصد به العقد الرئيسي موضوع القرض االستهالكي‬ ‫‪ -3‬علي فياللي‪ ،‬االلتزامات النظرية العامة للعقد‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر ‪،2005‬‬
‫الذي يكون الدفع فيه على أقساط أو أن يكون مؤجال أو جمز ًء‪ .‬ألن عقد القرض‬ ‫ص ‪.38‬‬
‫االستهالكي هو عقد مركب يتكون من عقد القرض الذي ميول عقد البيع ‪،‬‬
‫‪ -4‬هذا ما يسمى مببدأ القوة امللزمة للعقد الذي نصت عليه املادة ‪ 106‬ت م ج‪.‬‬
‫واملمول قد يكون البائع نفسه ‪ ،‬أو مؤسسة مالية أخرى‪.‬‬
‫‪ -5‬حممد بودالي أزمة القانون املدني يف ظل اتساع نطاق قانون محاية املستهلك‪،‬‬
‫‪ -25‬إن املشرع اجلزائري يف املرسوم التنفيذي رقم ‪ 114-15‬مل يعرف عقد‬
‫‪ 40‬سنة على مرور القانون املدني‪ ،‬حوليات اجلزائر ‪ ،2016‬ص ‪.226‬‬
‫البيع باملنزل كما مل ينظمه‪ ،‬إن عقد البيع باملنزل أو السعي التجاري مت‬
‫‪6- D. Mazeaud, L'attraction‬‬ ‫‪du‬‬ ‫‪droit‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪la‬‬
‫تنظيمه يف قانون االستهالك املقارن‪ ،‬بل أن هناك توجيها أوربيا رقم ‪83-2011‬‬
‫‪consommation,RTDcom.1998, p 96.‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 2011/10/25‬املتعلق حبقوق املستهلكني‪ ،‬ويقصد به انتقال احملرتف‬
‫إىل املستهلك لعرض أمواله أو خدماته‪ ،‬ومن مزايا السعي التجاري هو جتنيب‬ ‫‪ -7‬حممد بودالي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫املستهلك مشاق ومصاريف االنتقال إىل احملرتف‪ ،‬فإن عيوبه كثرية منها‪ :‬التأثري‬ ‫‪ -8‬تنص املادة ‪ 59‬ت م ج على أنه‪ " :‬يتم العقد مبجرد أن يتبادل الطرفان التعبري‬
‫على رضا املشرتي الذي رمبا ال يكون له الوقت الكايف للتدبر والتفكري ألنه عادة ما‬ ‫عن إرادتيها املتطابقتني دون اإلخالل بالنصوص القانونية"‪.‬‬
‫يكون يف املنزل كبار السن واملاكثات يف البيت الذي ال تكون هلم الدراية واخلربة‬ ‫‪ -9‬تنص املادة ‪1/ 60‬ت م ج على أنه‪ " :‬التعبري عن اإلرادة يكون باللفظ ‪ ،‬وبالكتابة‪،‬‬
‫الكافية‪ ،‬وتسرع املستهلك يف الشراء دون أن تكون له إمكانية املقارنة بني السلع‬ ‫أو باإلشارة املتداولة عرفا كما يكون باختاذ موقف ال يدع أي شك يف داللته على‬
‫وغريها كما لو كان يف السوق أو من حيث مثنها ألن املنافسة منعدمة يف هذا‬ ‫مقصود صاحبه"‪.‬‬
‫النوع من العقود‪ ،‬األمر الذي جيعل املستهلك يف وضعية ضعف ‪ ،‬ويف حاجة ماسة‬ ‫‪ -10‬نص املشرع على االلتزام باإلعالم يف املادة ‪ 17‬و ‪ 18‬من القانون ‪03-09‬‬
‫إىل احلماية‪.‬‬ ‫املتعلق حبماية املستهلك وقمع الغش‪.‬‬
‫ينظر‪:‬‬ ‫‪ -11‬أمر رقم ‪ 07-95‬مؤرخ يف ‪ 25‬يناير ‪ 1995‬املتعلق بالتأمينات (واألصح‬
‫‪Jean Calais-Ailoy, La loi sur le démarchage a domicile et la protectiondes‬‬ ‫التأمني) املعدل واملتمم‪ ،‬ج ر ‪ ،‬ع ‪.13‬‬
‫‪consommateurs, D 1973, chron, p 266.‬‬
‫‪ -12‬أمر رقم ‪ 05-03‬مؤرخ يف ‪ 19‬يوليو ‪ 2003‬يتعلق حبقوق املؤلف واحلقوق‬
‫‪ -26‬مصطفى أمحد عمرو‪ ،‬التنظيم القانوني حلق املستهلك يف العدول‪ ،‬دار‬ ‫اجملاورة ج‪ .‬ر ‪ ،‬ع ‪ .44‬عقد النشر عرفته املادة ‪ 1/84‬مبايلي‪ " :‬يعترب عقد النشر‬
‫اجلامعة اجلديدة‪ ،‬االسكندرية ‪ ،2016‬ص ‪.10‬‬ ‫الذي يتنازل مبوجبه املؤلف للناشر عن حق استنساخ نسخ عديدة من املصنف‬
‫‪ -27‬تنص املادة ‪ 110‬ت م ج على أنه‪ " :‬إذا مت العقد بطريقة اإلذعان وكان قد‬ ‫حسب شروط متفق عليها ومقابل مكافأة للقيام بنشرها وتوزيعها على اجلمهور‬
‫تضمن شروطا تعسفية‪ ،‬جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف‬ ‫حلساب الناشر"‪.‬‬
‫املذعن منها‪ ،‬وذلك وفقا ملا تقضي به قواعد العدالة ‪ ،‬ويقع باطال كل اتفاق على‬ ‫‪ -13‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 114-15‬مؤرخ يف ‪ 12‬رجب ‪ 1436‬املوافق ل ‪ 12‬مايو‬
‫خالف ذلك‪.‬‬ ‫سنة ‪ 2015‬يتعلق بكيفيات العروض يف جمال القرض االستهالكي‪ ،‬حيث‬
‫‪ -28‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 306-06‬املؤرخ يف ‪ 2006 /10/9‬احملدد للعناصر‬ ‫عرفت املادة ‪ 1/2‬منه عقد القرض االستهالكي بأنه‪ " :‬كل بيع لسلعة يكون فيها‬
‫األساسية للعقود املربمة بني األعوان االقتصاديني واملستهلكني والبنود اليت تعترب‬ ‫الدفع مقسطا أو مؤجال أو جمزء"‪.‬‬
‫تعسفية‬ ‫‪-14‬حول النظام العام احلمائي ينظر علي فياللي‪ ،‬االلتزامات النظرية العامة‬
‫‪ -29‬نصت املادة ‪ 6‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪ 306-06‬على أنه ‪ " :‬تنشأ لدى الوزير‬ ‫للعقد‪ ،‬موفم للنشر ‪ ،2008‬ص ‪.285‬‬
‫املكلف بالتجارة جلنة البنود التعسفية ذات طابع استشاري‪ ،‬وحددت املادة ‪ 7‬منه‬ ‫‪ -15‬إن هينة املشرع على مضمون عقد االستهالك يظهر من خالل القانون رقم‬
‫مهام اللجنة‪ ،‬أما املادة ‪ 8‬من نفس املرسوم فحددت تشكيلة هذه اللجنة‬ ‫‪ 02-04‬املتعلق بالقواعد املطبقة على املمارسات التجارية‪ ،‬ج ر ‪ ،2004‬العدد ‪، 41‬‬
‫‪ -30‬مت النص على تشكيل هذه اللجنة مبوجب املادة ‪ 36‬من قانون ‪ 23-78‬املؤرخ‬ ‫حيث تنص املادة ‪ 30‬منه على ما يلي‪ ":‬بهدف محاية مصاحل املستهلك ميكن حتديد‬
‫يف ‪ 10‬جانفي ‪ 1978‬املتعلق بإعالم ومحاية املستهلكني‪.‬‬ ‫العناصر األساسية للعقود عن طريق التنظيم‪ ،‬وكذا منع العمل يف خمتلف أنواع‬
‫‪ -31‬إن املشرع اجلزائري مل يشر إىل اخلدمة يف نص املادة ‪ 8‬واكتفى بالسلعة‪،‬‬ ‫العقود ببعض الشروط اليت تعترب تعسفية"‪ .‬وتطبيقا لذلك صدر املسوم التنفيذي‬
‫مع العلم أن عقد القرض قد ميول عقودا تتعلق بالسلع أو أداء خدمات‪ ،‬وهذا ما‬ ‫رقم ‪ 306-06‬بتاريخ ‪ 10‬سبتمرب ‪ 2006‬الذي حدد العناصر األساسية للعقود‬
‫أخذ به املشرع الفرنسي يف نص املادة ‪ 31-311‬من قانون االستهالك الفرنسي‪.‬‬ ‫املربمة بني األعوان االقتصاديني واملستهلكني والبنود اليت تعترب تعسفية ‪ ،‬انظر‬
‫‪ -32‬املادة ‪ 1/10‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪.114-15‬‬ ‫املادتني ‪20‬و ‪ 3‬منه‪.‬‬
‫‪ -33‬املادة ‪ 1/11‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪.114-15‬‬ ‫‪ -16‬حممد عماد الدين عياض‪ ،‬حتوالت نظرية العقد يف ظل قانون االستهالك‪،‬‬
‫‪ 40‬سنة على صدور القانون املدنية‪ ،‬حوليات اجلزائر ‪ ،2016‬ص ‪.255‬‬
‫‪ -34‬املادة ‪ 12‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪.114-15‬‬
‫‪17- J.Calais- Auloy, Lifluence du droit de ka consommation sur le‬‬
‫‪ -35‬املادة ‪ 1/13‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪.15-114‬‬ ‫‪droit civil des contrats, RTD civ. , 1994, p 240.‬‬
‫‪36 - Ch. Jamin, La notion d’action directe, LGDJ, 1991, p18-22.‬‬ ‫‪18- Ali Filali, Le droit de la consommation: une adaptation du‬‬
‫‪ -37‬تعرف الدعوى املباشرة اليت نص عليها املشرع يف املادة ‪ 189‬ت م ج ‪ ،‬الدعوى‬ ‫‪droit commun des contrats, Les annales de L' Université d'Alger 1‬‬
‫اليت يرفعها الدائن ضد مدين مدينه بامسه اخلاص وحلسابه دون أن مير هذا‬ ‫‪n° 27, T2, Juillet 2015, p 26 et 34.‬‬
‫احلق بالذمة املالية للمدين‪.‬‬ ‫‪ -19‬نص املشرع على مبدأ القوة امللزمة للعقد يف املادة ‪ 106‬ت م ج بقوهلا‪ :‬العقد‬
‫‪ -38‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 327-13‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 2013‬احملدد لشروط‬ ‫شريعة املتعاقدين فال جيوز نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفني أو لألسباب اليت‬
‫وكيفيات وضع ضمان السلع واخلدمات‪ ،‬ج ر ‪ ،‬ع ‪49‬مؤرخة يف ‪ 2‬اكتوبر‪2013‬‬ ‫قررها القانون"‪.‬‬
‫‪ -39‬املادة ‪ 69‬من األمر ‪ 06-95‬ج ر‪ ،‬عدد ‪9‬مؤرخة يف ‪ 22‬نوفمرب‪.1995‬‬ ‫‪ -20‬نص املشرع على مبدأ نسبية آثار العقد يف املادة ‪ 108‬ت م ج بقوهلا‪ " :‬ينصرف‬
‫أثر العقد إىل املتعاقدين واخللف العام‪ "....‬ونص يف املادة ‪ 113‬ت م ج عاة أنه ‪ " :‬ال‬
‫يرتب العقد التزاما يف ذمة الغري ولكن جيوز أن يكسبه حقا "‪.‬‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ 04-06‬املؤرخ يف ‪ 20‬فرباير ‪ 2006‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪07-97‬‬
‫ ‬
‫‪117‬‬ ‫األكادميية للدراسات اإلجتماعية واإلنسانية أ‪ /‬قسم العلوم اإلقتصادية و القانونية العدد ‪ - 20‬جوان ‪ . 2018‬ص ‪117 - 110‬‬
ISSN:2478-0022

L E P RINCIPE DE L' INDÉPENDANCE DE LA C LAUSE D' ARBITRAGE


M ARITIME
DU C ONTRAT INITIAL DANS LES L OIS INTERNES ET LES
C ONVENTIONS I NTERNATIONALE

Zerouali_Siham@yahoo.fr bekhit.5@gmail.com

Résumé:
Le principe de l'indépendance de la clause d'arbitrage maritime du contrat initial
qui y est contenu, est considéré comme l'un des principes les plus établis actuellement
dans le domaine de l'arbitrage commercial international en matière d'arbitrage général
et maritime en particulier, où il a consacré la majeure partie de la législation
internationale, compte tenu de l'importance scientifique de cette question et qui montre
en particulier dans la vulnérabilité cette condition attachée au contrat original, y
compris les poutres juridiques.
Mots clés:
Arbitrage Commercial, la Clause D'arbitrage, Droit Maritime, le Principe de
L'indépendance.

1
ISSN:2478-0022

4 3
GOSSET

7
ISSN:2478-0022

GOSSET

10

11
IMPEX

San Carlo
ISSN:2478-0022

12

GALAKIS
Galakis

13

14

15

16

17
ISSN:2478-0022

18

19

20
ISSN:2478-0022

21

22

23

24

25

26
ISSN:2478-0022

27

28

29

30

31

32
ISSN:2478-0022

33

34

35
ISSN:2478-0022

Les Ouvrages en Langue Française


ISSN:2478-0022

commercial international», La gazette du palais n° 101-103, (n° spécial


Algérie), 1999.
Droit Maritime Français ( DMF ).
FOUCHARD(PH), GAILLARD(E), GOLDMAN
commercial international, LITEC-DELTA, PARIS, 1996.

GOLDMAN(B), Arbitrage commercial international,


(généralité autonomie et principe de validité, loi applicable), fascicule 586-1,
n°23, 1989.
1

3
GOSSET

4 ème
- ROBERT(J), , Edition, PARIS, 1983, P 245.
5

7
- FOUCHARD(PH), GAILLARD(E), GOLDMAN(B),
international, LITEC-DELTA, PARIS, 1996, P 220.
8

9
- Cass. Civ., 7 Mai 1963, Rev. Arb. 1963 p 60.
10
FOUCHARD (PH), GAILLARD (E), GOLDMAN (B), op-cit, p215.
11
- Cass. Civ. 4 juillet 1972, Rev. Arb, 1974. Cité par ROBERT(J), op-cit, p 247.
ISSN:2478-0022

12

13
- Cass, Civ, 2 Mai 1966, Rev, Arb, 1966, p 99.
14

15

16

17

18
MAHIOU(A) , Alger 1989. , P714.
19
- BEN ABDERRAHMANE(D
international» , La gazette du palais n° 101-103, (n° spécial Algérie), 1999, p 28
20

21

22

23

24

25

26

27
- FOUCHARD (PH), GAILLARD(E), GOLDMAN(B), op-cit, p 219.
ISSN:2478-0022

28

29
-
seulement implicite, par la consécration expresse de la compétence-

conve
appréciées séparément pour ces deux contrat.»
- GOLDMAN(B),
principe de validité, loi applicable), fascicule 586-1 , n°23, 1989, p 8.
30

31

32

33

34

35
- Sentence N° 758 du 12 Décembre 1989, D.M.F 1990, P 637.
- Sentence N° 720 du 20 Janvier 1989, D.M.F 1989, P 480.

You might also like