You are on page 1of 5

‫مستقبل العرب‬

‫رشط بقاء السلطوية‬


‫تقديم المقابل‬

‫د‪ .‬رفيق حبيب‬

‫أوراق تحليلية‬
‫مارس ‪٢٠٢٤‬‬

‫النص‬
‫رشط بقاء السلطوية‬

‫الجماهي إىل الشوارع يف‬


‫ر‬ ‫و اجهت السلطوية العربية تحديا حقيقيا عندما خرجت‬
‫الجماهي مثال حدث فارقا وتمكن من‬
‫ر‬ ‫العرب المختلفة ألن خروج‬
‫ي‬ ‫موجات الربيع‬
‫إسقاط العديد من الحكام‪.‬‬
‫العرب جاء االنقالب عىل حراك الشعوب يف محاولة استعادة‬ ‫ي‬ ‫بعد الربيع‬
‫السلطوية العربية السيطرة عىل مقاليد الحكم يف البالد العربية مرة أخرى وعاد‬
‫الحكم القديم يف نفس صورته القديمة‪.‬‬
‫بعد سنوات من االنقالب عىل حراك الشعوب تبدو السلطوية العربية وكأنها‬
‫تمكنت من السلطة وأصبحت قادرة عىل االستمرار وتجنب حراك الشعوب رغم‬
‫العرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫استمرار المخاوف من تكرار الربيع‬
‫تأمي بقائه يف‬
‫يلجأ الحكم السلطوي للعديد من األساليب أو األدوات من أجل ر‬
‫الجماهي ضده ولكن بعض هذه األساليب أو األدوات قد‬
‫ر‬ ‫السلطة وتجنب خروج‬
‫ينجح وبعضها اآلخر قد يفشل‪.‬‬
‫الت تحاول السلطوية العربية خاصة يف النظم‬
‫اط ي‬‫إذا نظرنا مثال للشكل الديمقر ي‬
‫الجمهورية االختفاء وراءه وكأنها بذلك سوف تصبح نظم ديمقراطية تلق قبوال‬
‫شعبيا أو قبوال من الخارج‪.‬‬
‫نستطيع القول أن ممارسة االنتخابات المقيدة والمعلوم نتيجتها مسبقا ال تمثل‬
‫سببا أو عامال يحفظ بقاء النظام السلطوي يف الحكم فهذه االنتخابات تبق مجرد‬
‫تأثي داخليا أو خارجيا‪.‬‬
‫شكل ليس له أي ر‬
‫الت تروج لما يحققه‬
‫العرب إىل الدعاية اإلعالمية ي‬
‫ي‬ ‫يلجأ الحكم السلطوي يف العالم‬
‫الجماهي بما يقوم به النظام الحاكم لتكسب تأييدها‬
‫ر‬ ‫من إنجازات وتحاول أن تقنع‬
‫لهذا النظام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رشط بقاء السلطوية‬

‫ولكن الدعاية اإلعالمية يف الواقع ال يمكن أن تؤمن بقاء النظام السلطوي يف‬
‫فه مجرد صورة إعالمية ال تؤثر يف حياة الناس وإن كانت هذه الدعاية‬
‫الحكم ي‬
‫اإلعالمية تنفع يف بعض المراحل بشكل مؤقت‪.‬‬
‫الت مهدت لالنقالب العسكري‬
‫ه ي‬‫يمكن القول مثال يف مرص أن الدعاية اإلعالمية ي‬
‫الت أنجحت االنقالب وساعدت عىل عودة النظام‬
‫وه ي‬
‫عىل التجربة الديمقراطية ي‬
‫القديم واجهاض حراك الشعب المرصي‪.‬‬
‫ولكن الدعاية اإلعالمية المستمرة للنظام المرصي ال يمكن أن تكون سببا يف بقاء‬
‫تأمي بقائها لسنوات أو عقود فالدعاية اإلعالمية تمهد الطريق‬ ‫السلطوية أو ر‬
‫تحم بقاءه‪.‬‬
‫ي‬ ‫للنظام وتشوه خصومه لكنها ال‬
‫فه سياسة قد تنجح‬‫األمت وهو السياسة األساسية للنظم السلطوية ي‬ ‫ي‬ ‫أما القمع‬
‫الجماهيي أو الثورة‬
‫ر‬ ‫ضد تنظيمات سياسية ولكنها ال تؤثر عىل احتمالية الخروج‬
‫الشعبية وإن كانت قد تؤجل هذا الخروج‪.‬‬
‫ما يؤمن بقاء أي نظام سلطوي يتعلق أساسا بسياسات هذا النظام وما ينتج عنها‬
‫والعمىل لحياة أغلبية الناس وليس ما يقوله النظام وإعالمه عن‬
‫ي‬ ‫الفعىل‬
‫ي‬ ‫يف الواقع‬
‫إنجازاته‪.‬‬
‫التاريخ من خالل سياساتها‬
‫ي‬ ‫لذا يمكن النظر إىل النظم السلطوية لمعرفة مسارها‬
‫تبق النظام السلطوي عقودا وبعضها اآلخر‬
‫وأفعالها ألن بعض هذه السياسات ي‬
‫تتسبب يف سقوطه‪.‬‬
‫االجتماع للسلطوية هو الخي مقابل الحرية وهو‬
‫ي‬ ‫من الشائع القول بأن العقد‬
‫ليس عقدا اجتماعيا بالمعت الدقيق ولكنه تعاقد تفرضه السلطة المستبدة عىل‬
‫الجماهي المحكومة‪.‬‬
‫ر‬

‫‪2‬‬
‫رشط بقاء السلطوية‬

‫ويعت عقد الخي مقابل الحرية أن طبقة الحكم تنفرد بالسلطة مقابل خدمات‬ ‫ي‬
‫للجماهي المحكومة وتطلب منها أال تنازع السلطة وترض ببقائها‬
‫ر‬ ‫ودعم توفرها‬
‫مقابل ما يقدم لها‪.‬‬
‫أكي ر‬
‫فأكي إىل إلغاء‬ ‫السلطوية العربية العائدة مرة أخرى بعد الربيع العرب تتجه ر‬
‫ي‬
‫الشهي أي الخي مقابل الحرية وتستبدله بعقد آخر هو االستقرار‬
‫ر‬ ‫عقد السلطوية‬
‫مقابل الخي والحرية‪.‬‬
‫العرب ومنها مرص تحاول أن‬
‫ي‬ ‫من الواضح أن السلطة العربية خاصة يف بالد الربيع‬
‫شء‬ ‫ر‬
‫الجماهي إنها تؤمن لها األمن واالستقرار ولن تستطيع أن توفر لها أي ي‬
‫ر‬ ‫تقنع‬
‫آخر وتطلب يف المقابل من الشعب الخضوع لها‪.‬‬
‫الواقع إن األنظمة السلطوية تستمر عقودا طويلة يف العديد من الدول حول العالم‬
‫وعي التاري خ عندما تستطيع أن توفر الحياة المقبولة من أغلبية المجتمع مقابل‬
‫استمرارها يف السلطة وعدم منازعة المجتمع لها‪.‬‬
‫ه درجة من مستوى المعيشة ال يت تتقبلها أغلبية المجتمع لما‬
‫الحياة المقبوله ي‬
‫يتوفر من حد أدب مقبول من الحياة لل رشائح األدب وحد أفضل ر‬
‫للشائح األعىل‬
‫تدبي الحياة لدى أغلبية المجتمع‪.‬‬
‫وهو ما يوفر القدرة عىل ر‬
‫ليس فقط الحد األدب المقبول هو رشط بقاء سلطوية ولكن أيضا الحفاظ عىل‬
‫تحسي‬
‫ر‬ ‫وتأمي استمرارها مع وجود أمل مستمر يف‬
‫ر‬ ‫مستويات المعيشة الراهنة‬
‫ظروف الحياة لدى قطاع واسع من المجتمع‪.‬‬
‫عندما ينتج عن عقد الخي مقابل الحرية نوعية حياة مقبولة وتتالئم مع توقعات‬
‫لتحسي الحياة وأمل مستمر يف‬
‫ر‬ ‫أغلبية المجتمع مع وجود فرص للحلول الفردية‬
‫غد قد يكون أفضل تؤمن السلطة بقاءها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫رشط بقاء السلطوية‬

‫بغ ري المقايضة ربي فرصة الحياة المعقولة وربما الكريمة مقابل تنازل المجتمع‬
‫عن المشاركة يف السلطة ال يمكن للسلطوية العربية أن تؤمن بقاءها وتمنع خروج‬
‫المجتمع عليها‪.‬‬
‫الخالصة المهمة إن الشعوب ال تثور طوال الوقت بل تاريخيا نجد أن الشعوب‬
‫فه تتقبل حياتها عندما يكون من الممكن تقبلها ولكنها يف النهاية تثور‬
‫تثور نادرا ي‬
‫عندما ال يمكن تحمل الحياة‪.‬‬
‫النظم السلطوية عندما تعرف ما هو مقابل بقائها يف السلطة نجدها تقدم الدعم‬
‫لشاء صمته مقابل بقائها لكن عندما تتصور النظم‬ ‫والخدمات للمجتمع ر‬
‫توفي مقابل لذلك فإنها تسقط‪.‬‬
‫السلطوية أنه يمكن أن تبق بدون ر‬

‫‪4‬‬

You might also like