Professional Documents
Culture Documents
الإرهاب الدولي مفهومه وأسبابه.
الإرهاب الدولي مفهومه وأسبابه.
المقدمة:
ولعل اإلرهاب في نظرنا يعتبر حربا وعنفا غير معلن يعيق تلك
االستم اررية ويعطر صفو ذلك االستقرار واألمن الذي ينعم به كل مجتمع.
واذا كان مصطلح اإلرهاب معروفا لدى الجميع بما يحمله من عبارات
القتل والذبح والتفجير والتنكيل ،وأن تحديد مفهومه على مستوى الداخلي ال
يثير أي إشكال فإن تعريفه على المستوى الدولي يكاد يكون غير محدد
ألسباب عديدة نعرضها الحقا.
واذا كانت جميع الدول تتفق في مبدأ إدانة اإلرهاب وضرورة الوقاية
منه ومقاومته إال أنها اختلفت في وضع تعريف دقيق لإلرهاب ،ذلك أن
الخوض في تجريم هذا الفعل دون تحديد مفهومه يعد عمال ناقصا ،إذ يتوسع
لينطبق على أعمال هي في األصل مشروعة ،أو قد يضيق لتفلت منه أعمال
هي من صميم األفعال اإلرهابية.
اتفاقية طوكيو إلدانة األعمال غير القانونية على الطائرات لسنة 1963
إعالن هلسنكي لعام 1975الذي التزمت بموجبه الدول
األوروبية االمتناع عن مساعدة أي نشاط إرهابي في أي شكل كان ،ثم
الق اررات الدولية الصادرة عن مجلس األمن في إطار معاقبة الدول التي
تخالف المبادئ الدولية وتهدد السلم واألمن العالميين .
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو
اإلنسانية أو المهينة ،التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق
واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 46/39في
1984/12/10ونفذت بـ 26جوان 1987وفقاً ألحكام المادة 27منها.
وما سبقها وتالها من إعالنات ومبادئ ضمن نفس السياق.
ج) اتفاقية إدانة القرصنة البحرية 1988
ويضاف إلى هاتين المجموعتين الكثير من الق اررات الصادرة عن الجمعية
العامة لألمم المتحدة ،ويمكن ذكر أهمها:
القرار رقم 30/34لـ 1972/12/18والمتضمن التدابير الرامية إلى •
منع اإلرهاب الدولي الذي يعرض للخطر أرواحاً بشرية بريئة أو يودي بها أو
يهدد الحريات األساسية .
القرار رقم 31/102لـ 1976/12/15
القرار /49/60لـ 1994/12/09
القرار 52/133لـ 1998/02/26المتعلق بحقوق اإلنسان واإلرهاب
القرار 56/1لـ 18سبتمبر 2001القاضي بإدانة الهجمات اإلرهابية
على نيويورك وواشنطن .
وغيرها من الق اررات الكثيرة والجديدة .
وبالرجوع إليها نرى أنها تركز على التزامين أساسيين على األقل يقتضي أن
تلتزمهما جميع الدول هما :
)1أن ال تشجع وال تتورط على إقليمها أو خارجه بأي نشاط إرهابي ذي
أغراض سياسية.
)2أن تقوم بكل ما يساعد في منع أو معاقبة أي نشاط إرهابي يقع ضمن
إقليمها أو يكون مرتكبا ضمن هذا اإلقليم.
ولعل القرار رقم 60/49السابق ذكره والصادر عن الجمعية العامة لألمم
المتحدة جاء فاصال محوريا في هذا الشأن ،فقد دعت الجمعية العامة
بموجب هذا القرار جميع الدول ومجلس األمن ومحكمة العدل الدولية
والوكاالت المتخصصة لتطبيق اإلعالن المتعلق بإجراءات إزالة اإلرهاب
الدولي ،الملحق بقرارها ذاته ،ومما جاء في هذا اإلعالن:
-اإلدانة الكاملة ألعمال اإلرهاب بكل أشكاله ومظاهره ،بما في ذلك
األعمال التي تكون الدولة متورطة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.
-وجوب إحالة القائمين باألعمال اإلرهابية إلى العدالة من أجل وضع حد
نهائي لها سواء كان مرتكبوها أفراد عاديين أو موظفين رسميين أو
سياسيين.
-وجوب اتخاذ كل السياسات والتدابير الالزمة من أجل محاربة اإلرهاب
الدولي سواء كانت هذه التدابير فردية تتخذها الدولة ذاتها أو ثنائية أو
متعددة األطراف مع الدول األخرى وذلك من أجل محاربة اإلرهاب الدولي
ومنع قيامه.
-التعاون الكامل بين جميع الدول من أجل تعزيز مبادئ األمم المتحدة
وأهدافها والتزام االتفاقات الدولية الرامية إلى توفير السالم واألمن الدوليين
وحماية األبرياء والمحافظة على عالقات الصداقة والتعاون بين الشعوب.
_ تعديل أو استحداث القوانين الداخلية للدول بما يتالءم مع هذه
االتفاقيات ال سيما المتعلقة بحقوق اإلنسان(.)21
ولكن مع هذا وال قرار من هذه الق اررات استطاع أن يتوصل إلى إعطاء
تعريف لإلرهاب أو تحديد معالمه .وانما هي مجرد سرد لبعض أشكاله
ومظاهره.
وما ننتهي إليه في هذا المبحث ما ذهب إليه الدكتور شفيق
()22
بخصوص تلك الترسانة الهامة من االتفاقات واإلعالنات المصري
والق اررات الدولية المهتمة باإلرهاب الدولي حيث أشار إلى:
-1أن القانون الدولي حرص على تعريف اإلرهاب من خالل تعدد الحاالت
التي يمكن األفراد فيها التعرض إلى الحقوق اإلنسانية األصيلة ،أو إلى
سالمة الدولة ونظامها العام الخلقي أو السياسي أو االقتصادي أو إلى
السالم واألمن الدوليين ،من هذا المنطلق اعتبر القانون الدولي الفرد
مسؤوال أمامه مباشرة ،ولذلك نشأ فرع مستقل من القانون الدولي سمي
بـ" :القانون الجنائي الدولي" .
-2إن القانون الدولي حرص على تعريف اإلرهاب بحيث يشمل األفراد والدول كذلك ،وطلب
بإدانة االثنين معا ،على هذا األساس فإن ثمة نوعين من اإلرهاب الدولي ،وان تكاملت
عناصرها في بعض األحيان وتداخلت ،بحيث يصبح العمل اإلرهابي نتيجة سياسية حكومية
ينفذها األفراد:
أ -إرهاب األفراد :الذين يرتكبون العمل اإلرهابي مباشرة ،وهو العمل
الموصوف في االتفاقات الدولية أو الق اررات التي مر ذكرها حول هؤالء
األشخاص وفقا للقانون الدولي وبصرف النظر عن قوانين بالدهم .
ب -إرهاب الدولة :وذلك عندما تخالف المبادئ األساسية واألحكام
بما في ذلك أحكام وقواعد حقوق المستقرة في القانون الدولي،
اإلنسان والقانون اإلنساني الدولي ،مؤدى ذلك أن تصبح الدولة
المتورطة في عمل إرهابي ،بشكل مباشر أو غير مباشر ،مسؤولة
أمام القانون الدولي وما يحدده من جزاءات وتعويضات عن األضرار
التي تلحقها بالدولة أو بالدول األخرى أو بأفرادها.
-3على أساس ما تقدم فإن القانون الدولي شرح إرهاب الدولة وحدد
الحاالت التي يحصل فيها ،كما أشار إلى وجوب مقاضاته أيضا .ومن
أمثلة ذلك:
المادة 2من المعاهدة الدولية المتعلقة بحجز الرهائن لعام 1979إذ
تنص على أن كل دولة ترتكب عمال يدخل ضمن أعمال احتجاز الرهائن
يجب أن تعاقب بما يتناسب مع خطورة اإلساءة المرتكبة وطبيعتها ،
كذلك يجب أن تعاقب الدولة التي تساعد أو توافق أو تتغاضى عن عملية
االختفاء القسري لألفراد.
وال أشاطر أ.مصطفى مصباح دبارة الذي أخذ على األنظمة الغربية
كصورة نموذجية للتحكم والتسلط ونسي األنظمة العربية التي لم يذكرها بسوء
فعدد مختلف منظمات العنف األوروبية،األسيوية ،األمريكية التي أسست كرد
()24
فعل على إرهاب الدولة ضد هذه الشعوب أو األقليات.
ولم يذكر وال جماعة أو منظمة عربية معارضة ،والواقع يثبت
أنه ال تخلو أية دولة عربية من جماعة مسلحة معارضة قامت بسبب اإلرهاب
()25
الذي مارسته تلك األنظمة ضدها.
ولسنا هنا لنعدد جرائم بني صهيون ضد العرب وفلسطين فهي ال تعد
وال تحصى ،والتاريخ شاهد عليها ،وانما فقط لتؤكد على حقيقة أن إرهاب
الصهاينة هو السبب المباشر في رد فعل فلسطين -العزل -والذين ال
يملكون سوى أجسادهم للتضحية بها وتفجيرها على المحتلين.
)2األسباب االجتماعية :
والتي يمكن حصرها في:
-التركيبة االجتماعية العالمية التي يعيش فيها اإلنسان الحديث ،
والتناقضات الكبيرة التي تعتريها ،بحيث نجد مثال حكاما ومحكمون ،أقوياء
وضعفاء ،سادة وعبيد ،أغنياء وفقراء ،وهو ما سيؤدي إلى التنافر
والتباعد وبالتالي إلى استعمال العنف لتحقيق ما يمكن تحقيقه.
-مشاكل اجتماعية عامة :فالعيش في عالم يغلب عليه العنف في كافة
مجاالته وممارسته السياسية وصراعاته العقائدية وحتى في حلوله للمشاكل،
وحتى في خدماته وما يقدمه لإلنسان البسيط ،فضجيج السيارات وأزيز
الطائرات ،وقعقعة المكائن ليست إال ألوانا من العنف المعرض لإلنسان
المعاصر.
-سيطرة المادة على الروح :إذ لم يبقى الحديث عن التوازن سوى كالما
نسمعه أو كتبا نقرأها ،فطغت بذلك المادة على حياة الناس ،فلم تصبح للقيم
والمبادئ أث ار في حياتهم ،فأصبح المال واألشياء هو المعيار الذي يقاس بها
اإلنسان المعاصر ،ولم يبق مكان للروح أو المثل العليا في ذواتهم أو حتى
في برامجهم .فولد هذا جحودا وادبا ار وقسوة في القلوب وعنفا في المعاملة.
)3العوامل االقتصادية:
لقد جاء في تقرير اللجنة المختصة في موضوع اإلرهاب الدولي والتابعة
للجمعية العامة لألمم المتحدة ،أن من أهم العوامل االقتصادية التي تقف
وراء ظاهرة اإلرهاب الدولي هو وجود نظام اقتصادي دولي جديد جائر
وغير منصف ،وما ينجم عنه من ظواهر االستغالل األجنبي لموارد البلدان
الطبيعية.
()26
أن ما يطلق عليه اسم اإلرهاب ويرى فيانشيسالف تيتيكين
الدولي في الواقع ما هو إال حرب تحريرية ضد "النظام العالمي الجديد"
األمريكي ،وتقوم أمريكا وحلفاؤها يوميا بخلق األسباب لهذه الحرب ،فنهب
خيرات الدول النامية بطريقة وحشية تجلب البؤس والفقر لماليين األفراد ،
وتدفعهم لمحاولة القضاء على مصدر بؤسهم .وما يجري اليوم في الشرق
األوسط يعكس المواجهة التي تقوم بها الدول النامية للنظام العالمي الجديد ،
كما أن تصعيد الخالف في هذه المنطقة يسير جنبا إلى جنب مع الصراع ضد
العولمة التي تهدف إلى إخضاع االقتصاد العالمي لمصالح الواليات المتحدة
األمريكية والغرب.
واذا كانت المظاهرات التي جرت في سياتل نهاية سنة 1999ضد
رموز العولمة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي حاول الغرب تصويرها
كمجرد بدعة سياسية فإن المجابهات المماثلة التي جرت في كثير من
عواصم الدول الغربية تؤشر على أن الحديث يدور عن مواجهة جدية
للغاية ،والحقيقة كما يرلى كثيرون أن يستحيل اقتالع جذور اإلرهاب
وتجفيف منابعه بينما تتجاهل القوى العظمى واجباتها السياسية والقانونية
واألخالقية والحضارية في إنهاء القهر واليأس ،وسيكون اإلخفاق هو
المصير المحتوم للحرب األمريكية ضد اإلرهاب مالم تربط بدور أمريكي
فاعل في إقرار ومناصرة الحقوق المشرعة للشعوب أو األقليات المقهورة التي
تعاني جرائم االحتالل والعدوان والحرب واإلبادة الجماعية والتمييز العنصري
وارهاب الدولة واإلفقار واليأس.
خاتـمة وتوصيات: