You are on page 1of 56

‫* * * بس م هللا الرح ن الرحي * * *‬

‫إحسان البحاتي‪.‬‬

‫أميمة الخطابي‪.‬‬

‫سكينة المروني‪.‬‬

‫ندى الوعماري‪.‬‬

‫سليمة تملكوتان‪.‬‬

‫مصطفى الحسيني‪.‬‬
‫السنة الدراسية‪.2022/2021:‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫يعيش العالم في السنوات القليلة الماضية أحداثا و مشكالت قومية كمشكلة اإلرهاب و‬
‫التطرف الديني التي روعت أمن المواطنين و سالمتهم‪.‬األمر الذي يجب أن تتجه المجتمعات‬
‫إلى البحث عن وسيلة للخروج من هذه األزمات وتحقيق السالم االجتماعي في المجتمع‪.‬‬
‫وبالتالي سادت ثقافات غربية في المجتمع في عدم قبول األمر و رفضه و فرض الرأي‬
‫بالقوة و أحيانا قوة السالح وغياب قيم الحوار المجتمعي و غياب قيم التنمية الثقافية‬
‫واالجتماعية و الدينية‪ ،‬ومن ثم تم تهديد البناء االجتماعي للمجتمع باالنهيار مما يعكس‬
‫الحاجة إلى بناء السالم االجتماعي في المجتمع وبناء ثقافة السالم و تشكيل مواطنة جديدة‬
‫تتجه إلى المستقبل فترسخ تنمية الوعي االجتماعي و االنتماء وتنمية الوعي الفكري و‬
‫السياسي‪.‬‬
‫وقد يكون من أوجب الواجبات علينا فيما تشهده مناطق العالم على كل الساحات السياسية‬
‫واالقتصادية واألمنية واالجتماعية والثقافية أن تحصن المنظومة االجتماعية لبناء القوة‬
‫الالزمة ألن التركيز األساسي ينصب على مواطن القوة الكامنة في البشر‪.‬‬
‫ينشأ اإلرهاب في فترات التغيرات والتحوالت االجتماعية الجذرية والسريعة‪،‬وذلك بسبب‬
‫حدوث اضطربات اجتماعية واقتصادية وسياسية وتطلعات مستقبلية‪،‬ويرجعألسباب متعددة‬
‫ومتنوعة من فقر وجهل وعدم مساواة وغياب التفاهم والحوار الديمقراطي‪،‬كما تعتبر‬
‫الحروب والمنازعات األهلية أهم أسباب انفجار اإلرهاب‪ .‬و يرجع أيضا إلى عدم وجود تعليم‬
‫دينى في بعض المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬وإساءةاستخدام الطريقة واألسلوب التعليمي المتعلق‬
‫بالثقافة الدينية‪ ،‬والجهل من الدين والفقه في العصر و متطلباته‪.‬‬
‫لهذا يمكن القول أن العنصر البشرى أساس كل تقدم في المجتمع و كلما كان هذا العنصر‬
‫البشريأكثر معرفة ومهارة وخبرة وإدراك كلما كان أدائه لدوره أكثر تأثيرا في المجتمع‪،‬لذا‬
‫كان حرص المنظمات على االهتمام بالعنصر البشرى وتدريبه باستمرار و العمل على رفع‬
‫مستوى الوعي باعتباره من أهم عناصرها‪.‬‬
‫يعتبر اإلرهاب والتطرف أخطر ظاهرة يعيشها العالم حاليا حيث تتعرض المجتمعات‬
‫اليوم لمجموعة من المتغيرات المحلية واالقليمية والدولية التي أفرزت مجموعة‬
‫هائلة من التحديات والمشكالت لعل أخطرها اإلرهابوالتطرف‪ ،‬إذ أنهما المشكلة الخطيرة‬
‫التي باتت تهدد كيان المجتمع وتعصف بمستقبل األجيال القادمة‪.‬‬
‫فإذا أردنا إعطاء تعريف مركز للتطرف نجد أنه ذلك التبني أو التمسك بأفكار أو أيديولوجيات‬
‫أو معتقدات متشددة‪ .‬ومن أجل التوضيح‪ ،‬يتم تأسيس بعض األيديولوجيات أو المبادئ‬
‫الدينية بالصورة التي تتيح اعتناقها بنهج متشدد أو معتدل‪ ،‬فالتطرف هو تبني النسخة‬

‫‪2‬‬
‫المتشددة من أيديولوجية أو مبدأ ما‪ ،‬والذي عادة ما يكون مرتبط بالدين‪ ،‬إال أنه في الحقيقة‬
‫قد يتعلق بأي معتقدات‪.‬‬
‫إن تنامي موجات التطرف العنيف بأشكالها المختلفة استدعى إيالء الموضوع اهتماما خاصا‬
‫سواء داخل منظومة األمم المتحدة أو المنظمات اإلقليمية و المختصة أو من طرف الدول و‬
‫الهيئات المدنية‪ ،‬ألن التطرف العنيف و اإلرهاب يشكالن تهديدا لألمن و السالم و االستقرار‬
‫ومن ثنة يوفران شروط انتهاك حقوق االنسان و سيادة القانون و يعيقان متطلبات التنمية‪،‬‬
‫غير أن ذلك لم يعد كافيا لوحده أمام تعدد أشكال نموه و استمراره‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫إذن تتجلى أهمية هذا العرض الذي يحمل عنوان اإلرهاب و التطرف الديني في ضوء‬
‫التشريع اإلسالمي و القانون الوضعي في معرفة ما إذا كان التطرف الديني له عالقة مباشرة‬
‫في ارتكاب األعمال اإلرهابية‪ ،‬باإلضافة إلى تسليط الضوء على موقف التشريع اإلسالمي‬
‫و كذا القانون الوضعي من اإلرهاب و التطرف الديني‪.‬‬
‫اإلشكالية الرئيسية‪:‬‬
‫ما هو الموقف الذي يتبناه التشريع اإلسالمي و القانون الوضعي بخصوص إاإلرهاب و‬
‫التطرف الديني ؟‬
‫اإلشكاليات الفرعية‪:‬‬
‫‪-‬هل اإلرهاب و التطرف الديني مرادف واحد؟‬
‫‪-‬هل التطرف الديني سبب مباشر وراء ارتكاب األعمال اإلرهابية؟‬
‫‪-‬ماهي المواقف التي تبناها التشريع اإلسالمي حول اإلرهاب و التطرف؟‬
‫‪-‬كيف عالج القانون الوضعي ظاهرة اإلرهاب و التطرف الديني؟‬
‫المنهج المعتمد‪:‬‬
‫لدراسة هذا الموضوع بمختلف جوانبه و اإلجابة عن كل التساؤالت‪ ،‬اعتمدنا على عدة‬
‫مناهج منها‪ :‬المنهج الوصفي من خالل وصف ظاهرة اإلرهاب و التطرف الديني وبيان‬
‫أسبابهما‪ ،‬باإلضافة إلى المنهج التحليلي و ذلك من خالل تحليل القوانين الوضعية والمواقف‬
‫اإلسالمية التي أشارت إلى هاتين الظاهرتين‪ ،‬كما اعتمدنا على المنهج المقارن من أجل‬
‫معرفة الفرق بين اإلرهاب و التطرف الديني‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫أما بالنسبة لخطة البحث التي اعتمدنها في هذه الدراسة فهي كالتالي‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫❖ الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لجريمة اإلرهاب والتطرف الديني في ضوء‬
‫التشريع اإلسالمي والقانون الوضعي‪.‬‬
‫❖ الفصل الثاني‪ :‬أسباب ودوافع جريمتي اإلرهاب والتطرف الديني وسبل‬
‫مكافحتهما في القانون الوضعي والتشريع اإلسالمي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫اإلطار العام لجريمة‬
‫اإلرهاب والتطرف‬
‫الديني في ضوء‬
‫التشريع اإلسالمي‬
‫والقانون الوضعي‬
‫‪5‬‬
‫إن ظاهرة اإلرهاب لها جذور عميقة في التاريخ ‪ ،‬إال أنها في وقتنا الحاضر أصبحت موضوع‬
‫العصر‪ ،‬و ذلك بازدياد عدد العمليات اإلرهابية و كذا تنوع أساليب تنفيذها ‪ ،‬و هذا ما جعل‬
‫الجماعة الدولية تواجه الكثير من الصعوبات و العراقيل في وضع تعريف لإلرهاب و‬
‫الجريمة اإلرها بية ‪ ،‬رغم مختلف المحاوالت لذلك ‪ ،‬سواء من طرف الفقهاء أو جهود الدول‬
‫من خالل إبرام العديد من االتفاقيات أو سن تشريعات خاصة بمكافحة الجرائم اإلرهابية‪.‬‬
‫ر غم اتفاق الدول على أن اإلرهاب يشكل تهديدا للسلم و األمن الدولي‪ ،‬و يؤثر على استقرار‬
‫المجتمع الدولي ‪ ،‬إال أن وجهات النظر قد اختلفت عند محاولة وضع تعريف لإلرهاب و‬
‫للجريمة اإلرهابية ‪ .‬فنجد من خالل المناقشات التي دارت في اللجان التي شكلتها األمم‬
‫المتحدة ‪،‬فالواليات المتحدة األمريكية اقترحت تضمين أعمال الكفاح المسلح و حركات‬
‫التحرر و تقرير المصير ضمن األعمال اإلرهابية ‪ ،‬و هذا ما عارضه اإلتحاد السوفياتي‬
‫سابقا ‪،‬الذي كيف اإلرهاب على أنه تلك األعمال الخارجة عن نطاق الشرعية الدولية التي‬
‫تمارسها دول ضد دولة األخرى ‪ ،‬و هذا ما يسمى بإرهاب الدول ‪ ،‬و إن تباين اآلراء ليس‬
‫السبب الوحيد الذي صعب تقديم تعريف لإلرهاب الدولي ‪ ،‬بل أيضا تطور ظاهرة اإلرهاب‬
‫ذاتها و اختالطها مع الجرائم األخرى‪ ،‬و تعدد أساليبها كان السبب في عدم وضع تعريف‬
‫جامع و شامل لإلرهاب ‪.‬‬
‫و ُيعرف التطرف كذلك بأن "قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي‪،‬‬
‫يلجأ عادة إلى استخدام العنف وسيلة إلى تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف‪،‬‬
‫أو اللجوء إلى اإلرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق‬
‫تلك المبادئ واألفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف"‪.‬‬
‫يعتمد التطرف اتجاها ً عقليا ً وحالة نفسية ت ُسمى بالتعصب للجماعة التي ينتمي إليها‪،‬‬
‫والتعصب ح الة من الكراهية تستند إلى حكم عام يتسم بالجمود وعدم المرونة‪ ،‬وأنه قد‬
‫يكون على مستوى اإلحساس‪ ،‬وقد يُعبر صاحبه عنه‪ .‬وقد يوجه إلى جماعة بكمالها أو إلى‬
‫عضو فرد يمثل هذه الجماعة‪ .‬ويُالحظ أن األكثر ميالً إلى اعتماد النظرة التعصبية هم‬
‫المتطرفون‪ .‬وفي حالة غياب الح وار واللغة المشتركة‪ ،‬يكون الدفاع المتشدد عن المبادئ‬
‫التي يؤمن بها الفرد المتعصب‪.‬‬
‫إن التعصب هو انحراف عن معيار العقالنية لعدد من المعايير السلوكية المثالية‪ ،‬يكون على‬
‫شكل حكم متعجل‪ ،‬ورفض تعديل مسبق أو تعميم مفرط‪ ،‬أو التفكير في إطار القوالب النمطية‪،‬‬
‫ورفض تعديل الرأي في ظل ظهور دالئل جديدة‪ ،‬ورفض السماح أو االهتمام بالفروق‬
‫الفردية‪.‬‬
‫وبالتالي فالمتطرف المشحون بصبغة تعصبية وغالبا ً ما ينعزل عن الفكر السائد‪ ،‬خاصة في‬
‫الحاالت التي يمثل فيها األقلية عن األغلبية‪ .‬وقد يصل التطرف إلى نهاية مقياس االعتدال‪،‬‬
‫إما بسبب شطط في األفكار أو السلوك‪ ،‬أو بسبب أساليب قمعية يقوم بها النظام مع معتنقي‬
‫هذا الفكر‪ .‬ويتحول المتطرف من فكر أو سلوك مظهري إلى عمل سياسي‪ .‬هنا يلجأ المتطرف‬

‫‪6‬‬
‫إلى استخدام العنف في تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفرد أو جماعته الدينية أو السياسية‬
‫أو الفئوية‪ .‬وعندما تستطيع الجماعة المتطرفة أن تحقق بعض االنتصارات‪ ،‬أو تملك وسائل‬
‫العنف والقوة‪ ،‬قد تلجأ ـ سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي أو الدولي ـ إلى استخدام‬
‫اإلرهاب الفكري أو النفسي أو المادي ضد كل من يقف عقبة أمام تحقيق أهدافها‪.‬‬
‫وبهذا فالتطرف في جوهره حركة في اتجاه القاعدة االجتماعية أو القانونية أو األخالقية‪،‬‬
‫ولكنها حركة يتجاوز مداها الحدود التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع‪ .‬إن هذا‬
‫يشكل صعوبة جمة‪ ،‬إذ يصعب تحديد أين يبدأ التطرف وأين ينتهي‪ .‬فالمتطرف يبدأ كما يبدأ‬
‫سائر الناس في موقفه من القاعدة االجتماعية وفي اتجاهها الصحيح‪ ،‬وال يمكن في هذه‬
‫المرحلة مؤاخذته ألنه يتحرك مع القاعدة االجتماعية وفي اتجاهها‪ ،‬بينما يمكن الدولة أن‬
‫تؤاخذ المجرم أو تحاسبه من اللحظة األولى لنشاطه‪ ،‬ألنه حركة في اتجاه مضاد للقاعدة‬
‫االجتماعية‪ .‬ومن الصعوبة كذلك تحديد اللحظة التي يتجاوز فيها المتطرف حدود الحركة‬
‫المقبولة اجتماعياً‪ ،‬والتي يمكن عندها فقط وصفه بالتطرف والغلو‪.‬‬
‫ال في حالة التطرف الديني‪ ،‬يكون الفرد متدينا ً عاديا ً يأخذ نفسه بتعاليم الدين ومبادئه‪،‬‬
‫فمث ً‬
‫ويدعو الناس إلى األخذ بذلك‪ ،‬وهو حتى هذه اللحظة يدعو إلى شيء ال يملك المجتمع إزاءه‬
‫إال تعبيرا ً عن الرضا والتشجيع‪ .‬هذا الداعية غالبا ً ما يواصل مسيرته نحو التشدد مع نفسه‬
‫أوالً ومع الناس‪ ،‬ثم يتجاوز ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة باإلدانة على من ال يتبعه في‬
‫مسيرته أو دعوته‪ ،‬وقد يتجاوز ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع ومؤسساته‬
‫وحكومته‪.‬‬
‫معنى هذا أن حدود التطرف نسبية وغامضة ومتوقفة على حدود القاعدة االجتماعية‬
‫ضيًّة بكل معنى‬ ‫واألخالقية التي يلجأ المتطرفون إلى ممارساتها‪ .‬إذا ً التطرف ظاهرة َمر َ‬
‫الكلمة وعلى المستويات النفسية الثالثة‪ ،‬المستوى العقلي أو المعرفي‪ ،‬والمستوى العاطفي‬
‫أو الوجداني‪ ،‬والمستوى السلوكي‪ .‬فعلى المستوى العقلي يتسم المتطرف بانعدام القدرة‬
‫على التأمل والتفكير وإعمال العقل بطريقة مبدعة وبناءة‪ ،‬وعلى المستوى الوجداني أو‬
‫العاطفي يتسم المتطرف باالندفاعية الوجدانية وبشدة االندفاع والمبالغة فيه‪ .‬فالكراهية‬
‫المطلقة للمخالفة في الرأي أو المعارضة الشديدة‪ ،‬أو حتى لإلنسان بصفة عامة‪ ،‬بما في‬
‫ذلك الذات‪ .‬أنها كراهية مدمرة‪ ،‬والغضب يتفجر بال مقدمات ليدمر كل ما حوله أو أمامه‪.‬‬
‫وعلى المستوى السلوكي تظهر االندفاعية من دون تعقل‪ ،‬ويميل السلوك دائما ً إلى العنف‪.‬‬
‫إذن سنتطرق في هذا الفصل إلى مفهوم الجريمة اإلرهابية والتطرف الديني في القانون‬
‫الوضعي والشريعة اإلسالمية ( المبحث األول)‪ ،‬ثم إلى التطرف الديني في ضوء التشريع‬
‫اإلسالمي (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم جريمة اإلرهاب والتطرف الديني‬
‫في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‬
‫اإلرهاب ظاهرة عالمية‪ ،‬تعاني منها الدول الكافرة والمسلمة على حد سوا‪ ،‬واإلرهابيون‬
‫يرتكبون أفظع الجرائم وبطريقة وحشية‪ ،‬فيقدمون على قتل األبرياء‪ ،‬وتدمير الممتلكات‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬فاإلرهاب شر كله‪ ،‬رغم ذلك لم يتفق الفقهاء في إيجاد تعريف موحد‪ ،‬فكل‬
‫ينظر إلى اإلرهاب من زاوية معينة‪.‬‬
‫فمصطلح اإلرهاب استعمل بصورة شاملة وأطلق على كل فعل يتسم باإلجرام‪ ،‬لكن هناك‬
‫طرف من ينظر لهذا الفعل على أنه جريمة‪ ،‬وطرف آخر ينظر له على أنه فعل من أفعال‬
‫الدفاع أو وسيلة في سبيل التحرر‪.‬‬
‫وسنقسم هذا المبحث إلى مطلبين بحيث سنتناول في ( المطلب األول) مفهوم الجريمة‬
‫اإلرهابية في بعض القوانين الوضعية الدولية بينما في (المطلب الثاني) سنحاول الحديث‬
‫‪1‬‬
‫عن تعريف الجريمة اإلرهابية في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الجريمة اإلرهابية في بعض القوانين‬


‫الوضعية الدولية‬
‫الجريمة قديمة قدم البشرية ظهرت مع اإلنسان على سطح األرض وما احتج به المالئكة‬
‫بعد خلق آدم وجعل اإلنسان خليفة في األرض إال عالمة يستدل منها على وجود أمارات‬
‫اإلفساد والبطش في اإلنسان وقدمها‪.‬‬
‫وقد عمدنا في تناول هذا المطلب في فقرتين األولى سنتناول فيها التعريف اللغوي‬
‫واالصطالحي لإلرهاب بينما في الفقرة الثانية سنتطرق لتعريف اإلرهاب في االتفاقيات‬
‫الدولية واالتحاد األوروبي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف اللغوي واالصطالحي لإلرهاب‬


‫ال شك أن كلمة اإلرهاب لها تعاريف متعددة و متنوعة كسائر الكلمات‪ ،‬حيث إذا أقدمنا على‬
‫إعطاء تعريف لها فنحن نضطر إلى التطرق إلى تعريف لغوي ثم اصطالحي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أوال‪ :‬لغة‬
‫لقد وردت كلمة اإلرهاب في اللغة العربية بمعنى "أرهب" ويعود مفرد الكلمة إلى الجذر‬
‫الثالثي "رهب" و هي تدل على الخوف و الفزع ‪ ،‬و هي مشتقة من رهب ‪ ،‬يرهب ‪ ،‬رهبة‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬و رهبان و رهبا و كل هذه الكلمات تدل على الخوف‪.‬‬
‫واإلرهاب في الرائد هو رعب تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب‪ ،‬واإلرهابي" هو‬
‫َمنْ يلجأ إلى اإلرهاب بالقتل أو إلقاء المتفجرات أو التخريب إلقامة سلطة أو تقويض أخرى‪ ،‬والحكم‬
‫اإلرهابي هو نوع من الحكم االستبدادي يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على‬
‫‪3‬‬
‫النزعات والحركات التحررية واالستقاللية‪.‬‬
‫وما نالحظه في هذين التعريفين ‪ ،‬أنه اجتمعت في كلمة العنف و الخوف بغرض تحقيق‬
‫أهداف سياسية‪ .‬فكلمة اإلرهاب تستخدم للرعب و الخوف الذي يسببه الفرد أو الجماعة‬
‫‪4‬‬
‫سواء كان ألغراض شخصية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية و غيرها‬
‫ثانيا‪ :‬اصطالحا‬
‫لقد حاول بعض المفكرين تعريف اإلرهاب واألعمال اإلرهابية كما حاولت بعض االتفاقيات‬
‫الدولية واإلقليمية لتعريف اإلرهاب وما يتصل به من أعمال‪ ،‬و من ضمن التعريفات نجد‪:1‬‬
‫‪ -‬ما ذكره البعض بأنه‪ ":‬القتل و االغتيال‪ ،‬التخريب‪ ،‬التدمير‪ ،‬نشر الشائعات‪ ،‬التهديد‪،‬‬
‫االعتداء‪...‬وأي نوع يهدف إلى خدمة أغراض سياسية و إستراتيجية أو أي أنشطة أخرى‬
‫تهدف إلى إشاعة جو من عدم االستقرار و الضغوط المتنوعة"‪.‬‬
‫‪ -‬و يعرف الدكتور عصام رمضان المتخصص في القانون الدولي اإلرهاب بأنه ‪ ":‬استخدام‬
‫أو تهديد باستخدام العنف ضد األفراد و يعرض للخطر أرواحا بشرية بريئة‪ ،‬أو تهديد‬
‫الحريات األساسية لألفراد ألغراض سياسية بهدف التأثير على موقف أو سلوك مجموعة‬
‫مستهدفة بغض النظر عن الضحايا المباشرين"‪.‬‬
‫‪ -‬وقد عرف مجلس وزراء الداخلية و العدل العرب اإلرهاب في االتفاقية العربية لمكافحة‬
‫اإلرهاب الصادرة سنة ‪1998‬م في القاهرة كما يلي‪ ":‬اإلرهاب كل فعل من أفعال العنف أو‬
‫التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه ‪ ،‬يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف‬
‫إلى إلقاء الرعب بين الناس ‪ ،‬أو ترويعهم بإيذائهم ‪ ،‬أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر ‪،‬‬

‫‪- - 2‬هيثم فاتح شهاب‪،‬جريمة االرهلب وسبل مكافحتها (في التشريعات الجزائية المقارنة)‪ ،‬دارالثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‬
‫صفحة ‪.28‬‬
‫‪ 3‬الرائد معجم لغوي عصري‪ ،‬مسعود (جبران)‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1967 ،1‬م‪.88 ،‬‬

‫‪4-‬‬ ‫‪-https://www.alifta.gov.sa1‬‬

‫‪9‬‬
‫أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو األمالك العامة أو الخاصة ‪ ،‬اختالسها أو‬
‫‪5‬‬
‫اإلستالء عليها ‪ ،‬أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"‪.‬‬
‫‪ -‬كما تعد الجريمة اإلرهابية جريمة دولية تتم بفعل أو االمتناع عن فعل مخالفا بذلك قواعد‬
‫القانون الدولي العرفي أو االتفاقي ‪ ،‬و تعاقب عليه المجموعة الدولية لخطورتها و لمساسها‬
‫بركائز أساسية يقوم عليها أمن و استقرار المجموعة الدولية ‪ ،‬فأغلبية التعاريف ال تخرج‬
‫عن نطاق الجريمة اإلرهابية نوع من أنواع العنف السياسي الذي يستهدف الضغط على‬
‫الدول من خالل استهداف المجتمع و ذلك باستخدام وسائل عنف مادية و معنوية لتحقيق‬
‫‪6‬‬
‫أغراض مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬إذن فالتباين الكبير في تعريف اإلرهاب ناتج عن االختالف في العقائد و فهم الناس للحياة‬
‫‪ ،‬ولم يستطع الباحثون الحصول على تعريف محدد لإلرهاب نظرا لعدم ضبطه و معرفة نوع‬
‫العنف الذي يميزه عن غيره ‪،‬و لعدم وجود معيار ثابت يمكن الرجوع إليه في مفهومه ‪ ،‬و‬
‫كذلك لعدم القدرة على تحديد المعاني الداخلة في هذا المصطلح‪ .‬و يمكن القول بأن اإلرهاب‬
‫له ثالث خصائص مهمة و هي‪ ":‬استخدام العنف أو التهديد باستخدامه‪ ،‬خلق حالة من‬
‫الذعر و عدم األمن في المجتمع‪ ،‬ثم تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف اإلرهاب في االتفاقيات الدولية واإلتحاد‬


‫األوروبي‬
‫ال شك أن كلمة اإلرهاب لها تعاريف متعددة ومتنوعة في حين سنقوم بإعطاء تعريف لها‬
‫في االتفاقيات الدولية وكذلك االتحاد األوروبي‪.‬‬
‫أوال‪:‬اإلرهاب في االتفاقيات الدولية‬
‫عرف اإلرهاب في اتفاقية جنيف لقمع ومعاقبة اإلرهاب لعام ‪ 1937‬بأنه األعمال‬
‫اإلجرامية الموجهة ضد دولة ما وتهدف أو يقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص‬
‫معينين أو مجموعة من األشخاص أو عامة الجمهور‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلرهاب في اإلتحاد األوروبي‬
‫هو العمل الذي يؤدي لترويع المواطنين بشكل خطير‪ ،‬أو يسعى إلى زعزعة استقرار أو‬
‫تفويض المؤسسات السياسية أو الدستورية أو االقتصادية أو االجتماعية إلحدى الدول أو‬
‫المنظمات‪ .‬مثل الهجمات ضد األفراد سالمتهم الجسدية أو اختطاف واحتجاز الرهائن‪ ،‬أو‬
‫إحداث أضرار كبيرة بال مؤسسات الحكومية أو اختطاف الطائرات والسفن ووسائل النقل‬

‫‪ - 6‬وداد غزالني‪ ،‬العولمة واالرهاب الدوليبين آليات التفكيك والتركيب‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬تخصص‪ ،‬العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪،2010/2009،‬ص‪.215‬‬

‫‪10‬‬
‫األخرى‪ ،‬أو تصنيع أو حيازة المواد أو األسلحة الكيماوية والبيولوجية‪ ،‬أو إدارة جماعة‬
‫‪7‬‬
‫إرهابية أو المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في الشريعة‬


‫اإلسالمية‬
‫ورد مصطلح الرهبة في الشريعة اإلسالمية بين القرآن الكريم والسنة النبوية في عدة‬
‫مواطن نتطرق لها بعجالة‪ ،‬فكلمة إرهاب ليست بجديدة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬جاء بها اإلسالم‬
‫قبل أكثر من ألف وأربع مئة سنة‪ ،‬كما يتبين من مدلول الجريمة اإلرهابية في القرآن الكريم‬
‫ثم السنة النبوية(الفقرة األولى)‪ ،‬والفقه اإلسالمي(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في القرآن الكريم والسنة‬


‫النبوية‬
‫لدراسة الجريمة اإلرهابية في الشريعة اإلسالمية سنقوم بتحديد تعريفها بحيث سنتناول‬
‫في هذه الفقرة تعريفها في القرآن الكريم وكذا السنة النبوية‪.‬‬
‫أوال‪:‬في القرآن الكريم‬
‫جاء مصطلح الرهبة ومشتقاته في القرآن الكريم ثماني مرات‪ ،‬وقد استعملت هذه الكلمة‬
‫‪8‬‬
‫مرة واحدة منها بمعنى إخافة العدو وإرهابه خالل الجهاد‪.‬‬
‫عد َُّوكُمَ َوآ َخ ِرينََ‬‫ّللا َو َ‬ ‫اط ال َخي َِل ت ُر ِهبُونََ ِب َِه َ‬
‫عد ََُّو ََِّ‬ ‫) َوأ َ ِعدُّوا لَ ُهم َّما است َ َ‬
‫طعت ُم ِمن قُ َّوةَ َو ِمن ِربَ َِ‬
‫ف إِلَيكُمَ َوأَنت َُم‬
‫ّللا يُ َو ََّ‬ ‫ّللا يَعلَ ُم ُهمََۚ َو َما ت ُن ِفقُوا ِمن شَيءَ فِي َ‬
‫سبِي َِل ََِّ‬ ‫ِمن دُونِ ِهمَ ََل تَعلَ ُمونَ ُه َُم ََُّ‬
‫‪9‬‬
‫ََل ت ُظلَ ُمونََ)‪.‬‬
‫وتعني عبارة ترهبون في اآلية تخويف العدو من اليهود وقريش وكفار العرب وفارس‬
‫‪10‬‬
‫والروم‪.‬‬
‫أما في اآليات السبع األخرى فقد استعملت كلمة الرهبة من أجل الدعوة إلى مخافة هللا عز‬
‫وجل فحسب‪ .‬فجاءت الرهبة بمعنى الخوف من المولى عز وجل وذلك في سورة البقرة (‬

‫‪ - 7‬سالم وضان الموسوي‪ -‬فعل اإلرهاب والجريمة اإلرهابية دراسة مقارنة معززة بتطبيقات قضائية‪ -‬منشورات الحبلي الحقوقية‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ - 8‬الجريمة السياسية ضد األفراد( دراسة فقهية مقارنة ) رسالة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه‬
‫المقارن‪ ،‬من كلية الشريعة والقانون ‪ ،‬في الجامعة اإلسالمية‪ ،‬بغزة للطالب هاني رفيق حامد عوض‪.‬‬
‫‪ - 9‬سورة األنفال األية ‪.60‬‬
‫‪ - 10‬الجامع ألحكام القرآن – تفسير القرطبي – دار الكتاب القاهرة – الطبعة الثانية الجزء الثامن سنة ‪ ،1964‬ص‪.38 :‬‬

‫‪11‬‬
‫اي‬ ‫علَيكُمَ َوأَوفُوا ِبعَهدِي أ ُ ِ‬
‫وفَ ِبعَه ِدكُمَ َوإِيَّ ََ‬ ‫ي الَّتِي أَنعَمتَُ َ‬
‫يَا بَنِي إِس َرائِي ََل اذكُ ُروا نِع َمتِ ََ‬
‫‪11‬‬
‫فَار َهبُ َِ‬
‫ون)‪.‬‬
‫خلق هللا البشر وهو أعلم بما يصلح بهم فاختار لهم من األديان الدين اإلسالمي ومن الكتب‬
‫القرآن الكريم وحفظه من التحريف والزيف ومن الرسل سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫ولما كان اإلسالم هو الدين المختار فلم يكن اإلجبار في إتباعه بل وجب اإلقناع واالقتناع‬
‫ت‬ ‫ي َِۚ فَ َم َ‬
‫ن يَكفُرَ بِال َّ‬
‫طاغُو َِ‬ ‫ََ قَ َد تَّبَيَّنََ ُّ‬
‫الرش َُد ِمنََ الغَ َ‬ ‫تحقيقا لقوله تعالى‪ََ ( :‬ل إِك َراهََ فِي الد ِ‬
‫ِينَ‬
‫‪12‬‬
‫ع ِليم)‪.‬‬‫س ِميعَ َ‬ ‫ى ََل ان ِفصَا ََم لَهَاَۗ َو ََُّ‬
‫ّللا َ‬ ‫اّلل فَقَ َِد استَم َ‬
‫سكََ ِبال ُعر َو َِة ال ُوثقَ َ‬ ‫َو ُيؤ ِمن ِب ََِّ‬
‫اإلسالم هو الدين القيم ويشمل العبادات والمعامالت والتشريع‪ ،‬ومن بين التشريعات التي‬
‫جاء بها اإلسالم التشريع الجنائي الذي وضع حدا للجريمة ومنها الجريمة اإلرهابية‪ .‬وتتمثل‬
‫الجريمة اإلرهابية في اإلسالم في جريمة الحرابة وهي الخروج إلخافة عابرا لسبيل ألخذ‬
‫مال محترم مكابرة قتال أو خوفه أو ذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع الطريق ال آلمرة‬
‫وال ثائرة وال عداوة فيدخل قولها وال الخناتون الذين يسقون الناس السيكران ليأخدوا‬
‫‪13‬‬
‫أموالهم محاربون‪.‬‬
‫فالحرابة عند المالكية هي قطع الطريق وإخافة الناس وإرعابهم وبث الرعب فيهم‪ ،‬فشرع‬
‫هللا عز وجل من الزواجر ما يكفي لمحاربة الجريمة اإلرهابية وهذا مصداقا لقوله تعالى(‬
‫صلَّبُوا أ َ َو‬
‫ن يُقَتَّلُوا أَوَ يُ َ‬
‫سا ًدَا أ َ َ‬
‫ض فَ َ‬
‫ن فِي األَر ِ َ‬ ‫ّللا َو َرسُولَ َهُ َويَسعَو ََ‬ ‫إِنَّ َما ج ََزا َُء الَّذِينََ يُح ِ‬
‫َاربُونََ َََّ‬
‫ض ذَ ِلكََ لَ ُهمَ ِخزيَ فِي الدُّنيَا َولَ ُه َم‬ ‫الف أَوَ يُنفَوا ِمنََ األَر ِ َ‬‫ِيهمَ َوأَر ُجلُ ُهمَ ِمنَ ِخ َ‬ ‫ط ََع أَيد ِ‬‫تُقَ َّ‬
‫‪14‬‬
‫عذَ َ‬
‫اب ع َِظيمَ)‪.‬‬ ‫اآلخ َر َِة َ‬
‫فِي ِ‬
‫ثانيا‪ :‬في السنة النبوية‬
‫الرهبة في السنة النبوية جاءت متوافقة مع ما جاء في القرآن الكريم ودلت كلمة الرهبة‬
‫عن الخوف من هللا عز وجل والفزع من عقابه في يوم اآلخرة ( إذا أردت مضجعك فقل‪:‬‬
‫اللهم أسلمت نفسي إليك‪ ،‬وفوضت أمري إليك‪ ،‬ووجهت وجهي إليك‪ ،‬وألجأت ظهري إليك‪،‬‬
‫رغبة ورهبة إليك‪ ،‬ال منجى منك إال إليك‪ ،‬آمنت بكتابك الذي أنزلت‪ ،‬وبنبيك الذي أرسلت‪،‬‬
‫فإن مت‪ ،‬مت على الفطرة)‪15 .‬نجد في الحديث الشريف أن اإلنسان عندما يأوي إلى فراشه‬
‫للنوم فهو ال يضمن أنه سوف يستيقظ من نومه هذا أو سوف يسافر إلى عالم البرزخ بال‬
‫عودة‪ ،‬فقد علمنا النبي صلى هللا عليه وسلم الخوف من الملك الجبار وبالتالي علينا أن‬
‫نقتدي بالسنة بالدعاء وهذا خوفا من هللا وطمعا في رحمته‪.‬‬

‫‪ - 11‬سورة البقرة األية ‪.40‬‬


‫‪ - 12‬سورة البقرة األية ‪.256‬‬
‫‪ - 13‬الحرشي علي مختصر سيد خليل‪ ،‬البن عبد هللا محمد بن عبد هللا بن علي الحرشي المالكي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬مجلة ‪ 4‬ص‪.104,103:‬‬
‫‪ - 14‬سورة المائدة األية ‪.33‬‬
‫‪ - 15‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب " النوم على الشق األيمن"‪ ،‬حديث رقم‪.5956:‬‬

‫‪12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في الفقه اإلسالمي‬
‫لدراسة جريمة الحرابة في الفقه اإلسالمي سنقوم بتحديد تعريفها بحيث سنتناول في هذه‬
‫الفقرة التعريف اللغوي واإلصطالحي لجريمة الحرابة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف اللغوي‬
‫الحرابة مأخوذة من الحرب وهو نقيض السلم‪ ،‬يقال حاربه حربا ومحاربة‪ ،‬أو من الحرب‪،‬‬
‫يقال حرب فالنا ماله أي سلبه فهو محروب وحريب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف اإلصطالحي‬
‫يقصد بالحرابة عند الحنفية‪ ":‬الخروج على المارة ألخذ المال على سبيل المغالبة على وجه‬
‫يمتنع المارة عن المرور وينقطع الطريق سواء كان القطع من جماعة أو من واحد يعد أن‬
‫يكون له قوة القطع وسواء كان القطع بسالح أو غيره من العصا"‪.‬‬
‫وعند المالكية هي‪ ":‬الخروج إلخافة سبيل ألخد مال محترم بمكابرة قتله‪ ،‬أو خوفه‪ ،‬أو‬
‫إذهاب عقل‪ ،‬أو قتل خفية‪ ،‬أو لمجرد قطع السبيل ال إلمرة وال عدواة‪.‬‬
‫والمالكية يتوسعون في تحديد مفهوم الحرابة ويعتبرونها كل فعل عمد كان الباعث عليه‬
‫الطمع في المال سواء أكان فيه قطع للطريق أم ال‪ ،‬كما أن تعريفهم للحرابة يشتمل على‬
‫تحققها في كل األماكن الحظر والسفر‪ ،‬في البر والبحر‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وعند الشافعية هي‪ :‬البروز ألخذ مال أو لقتل أو إرهاب أو مكابرة اعتمادا على الشوكة مع‬
‫البعد عن الغوث‪.‬‬
‫وعند المذهب الحنبلي المحاربون هم‪ " :‬الذين يعرضون للقوم بالسالح في الصحراء‪،‬‬
‫فيغضبونهم مال مجاهرة‪.‬‬
‫ويرى الظاهرية أن المحارب هو المكابر المخيف ألهل الطريق المفسد في األرض‪ ،‬ويشمل‬
‫‪16‬‬
‫كل من حارب ا لمار‪ ،‬وأخاف السبيل بقتل نفس‪ ،‬أو أخذ مال‪ ،‬أو لجراحة‪ ،‬أو النتهاك فرج‪.‬‬
‫من جملة ما سبق من تعريفات فقهاء اإلسالم في المذاهب المختلفة يتضح أن الحرابة في‬
‫واقع األمر تقوم على عنصرين أساسيين هما‪ :‬المجاهرة من قاطع الطريق اعتمادا على‬
‫الشوكة وإرهاب األمنين وترويعهم وإزعاجهم‪ ،‬سواء صحب ذلك أخد مال أم ال‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫‪- https://www.bibliotdroit.com/2020/03/blog-post_319.html.‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التطرف الديني في ضوء التشريع‬
‫اإلسالمي‬
‫التطرف من أخطر األمراض التي تفتك بالمجتمعات‪ ،‬وتقتل روح التسامح بين الناس‪ ،‬وتخلق‬
‫أنماطا ً من العقول المتعصبة المأل بالكراهية والحقد نحو اآلخر‪ ،‬وهو آفة اجتماعية وفكرية‬
‫وأخالقية تشير إلى الخروج عن القيم واألفكار والسلوكيات اإليجابية في مجتمع معين‪،‬‬
‫وبالمقابل تبني قيما ً ومعايير سلبية دخيلة على المجتمع‪ ،‬وقد يتحول من مجرد أفكار إلى‬
‫أفعال ظاهرية قد يصل الدفاع عنها إلى حد اللجوء إلى العنف‪ ،‬بغرض فرض المبادئ التي‬
‫يؤمن بها الفكر المتطرف بقوة على اآلخرين‪ ،‬وقد تتفاقم المسألة لدرجة اللجوء لإلرهاب‪.‬‬
‫التطرف ينشأ وتنبت جذوره في المجتمعات التي تنعدم فيها كل أنواع التسامح‪ ،‬حيث يستمد‬
‫قوته من نوعية األفكار السلبية‪ ،‬وما يقترن بذلك من إقصاء اآلخر وتهميشه‪ .‬والمتطرف‬
‫يكون على استعداد دائم لمواجهة االختالف في المعتقد أو الرأي بالعنف‪ ،‬ويسعى دائما ً إلى‬
‫فرض هذا المعتقد بالقوة على اآلخرين‪ .‬وقد يأخذ التطرف أشكاالً متعددة‪ ،‬نذكر منها التطرف‬
‫الديني الذي يعني الخروج عن المسلك المعتدل في فهم الدين وفي العمل به‪ ،‬والتطرف‬
‫الفكري الذي يتمثل في الخروج عن القواعد الفكرية والثقافية المعتدلة التي تسود المجتمع‬
‫في أي جانب من جوانب الحياة‪.‬‬
‫لذلك أصبحت عملية التعاطي مع هذه المعضلة االجتماعية العالمية ضرورة ملحة‪ ،‬حيث ال‬
‫يجب االقتصار فقط على الجهود األمنية المبذولة من الدول للحد من خطورتها وانتشارها‪،‬‬
‫بل أصبح من الضروري نشر وتعزيز قيم التسامح بين كافة شرائح وفئات المجتمع في‬
‫جميع النواحي‪.‬‬
‫فالتسامح ال يترك وسط المجتمعات مكانا ً للغلو والتطرف‪ ،‬إضافة إلى أنه يجنب أفرادها‬
‫مخاطر االنزالق في الجهل واالنغالق والتبعية‪ ،‬ويبعدهم عن التطرف‪ ،‬ليس فقط داخل‬
‫المجتمع الواحد‪ ،‬بل حتى في عالقة المجتمعات بعضها مع بعض على اختالفها وتنوعها‬
‫اللغوي والثقافي والديني‪.‬‬
‫التسامح يحقق أرضية للحوار والتفاهم بين الديانات والثقافات المختلفة‪ ،‬ويسعى لتحقيق‬
‫االستقرار واألمن االجتماعي وحتى االقتصادي‪ ،‬فهو يشكل حاجزا ً قويا ً ضد كل نزعات‬
‫العنصرية والتمييز والتفرقة‪ ،‬ألنه يالمس المجتمع بكل أطيافه الدينية‪ .‬لذا بات واضحا ً أن‬
‫التسامح الديني مطلب إنساني جليل‪ ،‬اقتضته الفطرة اإلنسانية‪ ،‬واستوجبته النشأة‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث دعت إليه األديان كافة‪ ،‬بصرف النظر عن اإلشكاالت التي تتصدر الوضع‬
‫الراهن‪ ،‬فهي ليست في األديان نفسها‪ ،‬وإنما هي نتاج عقم إدراك بعض القائمين عليها‪،‬‬
‫فإن ما يجب تسليط الضوء عليه هو أن أهمية التسامح الديني تتمثل في كونه يعزز القيم‬
‫الوسطية‪ ،‬ويضع أسسا ً رشيدة لالختالف والتنوع‪ ،‬ويحترم ما يميز األفراد‪ ،‬ويقدر ما يتميز‬
‫به كل شعب من مكونات ثقافية تمثل هويته ومصدر اعتزازه‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫سوف نخصص المطلب األول لتعريف التطرف الديني و أما المطلب الثاني خصصناه لدراسة‬
‫مظاهر التطرف الديني‪.‬‬

‫المطلب األول ‪:‬تعريف التطرف الديني‬


‫• التطرف لغة‪ :‬هو حد الشيء وحرفه وعلى عدم الثبات في األمر واالبتعاد عن‬
‫الوسطية والخروج عن المألوف البشري ومجاوزة الحد واالبتعاد عن الجماعة‪.‬‬
‫• اصطالحا ً‪ :‬هو الشدة أو اإلفراط بشيء أو موقف معين وهو أقصى االتجاه أو النهاية‬
‫والطرف أو الحد األقصى‪.‬‬
‫وحسب ما ورد في معجم الوسيط فإن التطرف تم وصفه بعدم االعتدال ومعنى تطرف أي‬
‫أنه تجاوز حد االعتدال ولم يتوسط‪.‬‬
‫وبهذا فالتطرف في جوهره حركة في اتجاه القاعدة االجتماعية أو القانونية أو األخالقية‪،‬‬
‫ولكنها حركة يتجاوز مداها الحدود التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع‪ .‬إن هذا‬
‫يشكل صعوبة جمة‪ ،‬إذ يصعب تحديد أين يبدأ التطرف وأين ينتهي‪ .‬فالمتطرف يبدأ كما يبدأ‬
‫سائر الناس في موقفه من القاعدة االجتماعية وفي اتجاهها الصحيح‪ ،‬وال يمكن في هذه‬
‫المرحلة مؤاخذته ألنه يتحرك مع القاعدة االجتماعية وفي اتجاهها‪ ،‬بينما يمكن الدولة أن‬
‫تؤاخذ المجرم أو تحاسبه من اللحظة األولى لنشاطه‪ ،‬ألنه حركة في اتجاه مضاد للقاعدة‬
‫االجتماعية‪ .‬ومن الصعوبة كذلك تحديد اللحظة التي يتجاوز فيها المتطرف حدود الحركة‬
‫‪17‬‬
‫المقبولة اجتماعياً‪ ،‬والتي يمكن عندها فقط وصفه بالتطرف والغلو‪.‬‬
‫• الدين لغة ‪ :‬قـال ابـن فـارس ‪» :‬ديـن‪ :‬الـدال واليـاء والنـون أصـل واحـد إليـه يرجــع‬
‫فروعهــا كلهــا‪ ،‬وهــو جنــس مــن االنقياد والــذل‪ ،‬فالديــن الطاعــة‪ ،‬يقــال دان‬
‫لــه يديــن دينا ‪ ،‬إذا أصحب و إنقاذ و طاع ‪ .‬و قوم دين أي مطيعون منقادون » ‪.‬‬
‫و قال ابن منظور ‪» :‬ديــن‪ :‬يقــال‪ :‬دنتهــم فدانــوا أي قهرتهــم فأطاعــوا »‪.‬‬
‫• شــرعا و اصطالحا ‪ : :‬قــال ألقفاري والعقــل‪» :‬فــي االصطالح العــام‪ :‬مــا يعتنقــه‬
‫اإلنسان ويعتقــده ويديــن بــه مــن أمــور الغيــب والشــهادة‪ ،‬ويطلــق كذلــك علــى‬
‫الديــن الملــة‪.‬‬
‫• وفـي االصطالح اإلسالمي ‪ :‬التسـليم هلل تعالـى واالنقياد لـه‪ ،‬والديـن هـو ملـة اإلسالم‬
‫وعقيـدة التوحيـد التـي هـي ديـن جميـع المرسـلين مـن آدم ونـوح إلـى خاتـم النبييـن‬
‫محمـد صلـى اهلل عليـه و سلم ‪.‬‬
‫و مما سبق يتضح بأن الدين في الشرع و االصطالح هو‪ :‬ما يتدين به البشر ذال و‬
‫خضوعا و انقيادا و طاعة من اعتقاد و سلوك بالمفهوم العام ‪ ،‬أما الدين الحق فهو ‪ :‬الذل‬

‫‪- https://wikiwic.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-‬‬
‫‪17‬‬

‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/#asbab_alttrf.‬‬

‫‪15‬‬
‫و الخضوع واالنقياد و الطاعة هللا تعالى محبة و خوفا وتعظيما قوال و عمال ‪ ،‬ومـا ينبنـي‬
‫علـى هـذا الديـن مـن الجـزاء والحسـاب لذلـك سـمي يـوم الحسـاب والجـزاء بيـوم الديـن‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬في المنظور اإلسالمي‬


‫تعرض اإلسالم بشكل كبير إلى محاولة تشويه صورته وصورة ال ُمسلمين‪ ،‬ونشر أفكار‬ ‫ّ‬
‫متطرفة منسوبة له‪ ،‬لكن الدين اإلسالمي بريء منها‪ ،‬فهو دين الوسطية‬ ‫ّ‬ ‫و ُمعتقدات‬
‫واالعتدال‪ ،‬الذي يُحارب جميع أشكال التطرف والغلو واإلرهاب بكافّة السبل‪ ،‬حتّى أن اإلسالم‬
‫أول ما حرص على أن يُقدمه للبشرية األمن والسالم والحياة الكريمة‪ ،‬فأي فرد أو مجموعة‬
‫أو جماعة تسعى إلى انتهاك حقوق اإلنسان بأي صورة فإن الدين اإلسالمي يتصدى له‪،‬‬
‫وبالتّالي فإن الدين اإلسالمي ُيحارب التطرف بكافّة أنواعه وأشكاله‪.‬‬
‫عندما كان الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يدعو إلى اإلسالم‪ ،‬فال يستخدم وسائل العنف‬
‫واإلكراه للدخول فيه واعتناقه‪ ،‬بل يدعو إليه بكُل سالس إة ولين‪،‬ومن خير األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫ب‬‫اليمن فقا َل‪ :‬إنكَ تأتي قو ًما أَه َل كتا إ‬
‫ه‬ ‫بعث معاذًا إلى‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم َ‬ ‫"أن رسو َل ه‬
‫هللا وأنهّي رسو ُل هللاه‪ ،‬فإن هم أطاعوكَ لذ هلكَ فأعل ْمهم أن َ‬
‫هللا‬ ‫فادعُهم إلى شَهاد هة أن الَ إلَهَ إال ُ‬
‫يوم وليل إة فإن هم أطاعوكَ لذ هلكَ فأعل ْمهم أن َ‬
‫هللا افترضَ‬ ‫ت في ك ه ّل إ‬
‫خمس صلوا إ‬ ‫َ‬ ‫افترضَ عليْهم‬
‫عليْهم صدقةً في أموا هلهم تؤخذُ من أغنيائههم وترد على فقرائههم‪ ،‬فإن هم أطاعوكَ لذ هلكَ‬
‫ليس بينَها وبينَ ه‬
‫َللا حجاب"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫المظلوم فإنها‬
‫ه‬ ‫ق دعوةَ‬‫فإياكَ َوكرائ َم أموا هلهم وات ه‬
‫التطرف هو مصطلح غربي يُقابله في اإلسالم مصطلح الغلو‪ ،‬وقد ورد ذكر الغلو‬ ‫ّ‬ ‫إن مصطلح‬
‫في الشريعة اإلسالمية بقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إيَّاكُم والغُلُ َّو في الدِّين فإنَّما‬
‫هَلَكَ َم ن كان قَبلَكُم بالغُلُ ِّو في الدِّين "‪ ،‬والغلو هو مجاوزة الح ّد في األمر ومخالفة المنهج‬
‫‪ ،‬والتطرف هو نفسه التّعصب ومعناه عدم تقبل الحقيقة حتى ولو ظهر دليلها؛ لفرط االنحياز‬
‫‪18‬‬
‫والميل إلى العقائد المتبنّاة ‪.‬‬
‫إن الدين اإلسالمي بعيد كل البعد عن التطرف واإلرهاب إال أنه بات لصيق به عند البعض ‪،‬‬
‫فإن الغرب اليوم يزعمون أن النظرة اإلسالمية المتطرفة السلبية للعالم الديمقراطي الحر‬
‫هي التي تدفع بهؤالء اإلرهابيين إلى التحرش وضرب العام الغربي‪ ،‬وهذا اإلرهاب مؤسس‬
‫على التطرف الديني يمتنع عن أيشكل من أشكال التفاوض والتفاهم ‪.‬‬
‫وحين يبالغ شخص في فكرة أو موقف معين دون تسامح أو مرونة يقال عنه شخص‬
‫متطرف في موقفه أو معتقده أو مذهبه السياسي أو الديني أو القومي‪ ،‬وقد برز التطرف‬
‫على مستوى العديد من دول العالم في القضايا الدينية والسياسية والمذهبية والفكرية‬
‫والقومية وغيرها ‪ .‬والتطرف الديني هو التصلب فيه والتشدد حتى مجاوزة الحد فهو‬
‫مجاوزة االعتدال في األمر وهو مجاوزة الغلو في الدين لقد أطلق علماء الدين قديما كلمة‬

‫‪- https://sotor.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-‬‬
‫‪18‬‬

‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/.‬‬

‫‪16‬‬
‫التطرف الديني على القائل المخالف للشرع وعلى القول المخالف لشرع وعلى الفعل‬
‫المخالف للشرع‪ .‬فهو فهم النصوص الشرعية فهما بعيدا عن مقصود الشارع وروح‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫والتطرف في الدين هو الفهم الذي يؤدي إلى إحدى النتيجتين المكروهتين‪ ،‬وهما اإلفراط‬
‫والتفريط‪ ،‬أي المتطرف في الدين هو المتجاوز لحدوده والجافي في أحكامه وهديه‪ ،‬فكل‬
‫مغال في دينه متطرف فيهم جاف لوسطياته ويسره ‪،‬ويقصد به كذلك التعامل مع المخالف‬
‫والتنطع ‪ ،‬في أداء العبادات‪ ،‬وهو التعمق أو مجاوزة الحد في األقوال واألفعال‪ ،‬ويدخل في‬
‫الزيادة عن المشروع‪ ،‬وااللتزام بما لم يلتزم به الشارع ‪.‬‬
‫إن جوهر اإلسالم يقود إلى االعتدال وعدم اللغو‪ ،‬فالمشروع هنا هو االقتصاد في الطاعات‬
‫ألن إجهادا لنفس فيها‪ ،‬والتشديد يؤدي إلى ترك الطاعات والنفور‪ ،‬فالشريعة اإلسالمية‬
‫مبنية على التيسير وعدم التنفير‪.‬‬
‫ورغم الوسطية واالعتدال الذي بينته الشريعة اإلسالمية بوجه عام‪ ،‬إال أن المتطرفين في‬
‫الدين وغيره يعتمدون على نظرة ضيقة للحياة ولهم أحكام ومفاهيم خاطئة‪ ،‬ويدينون كل‬
‫فكر مخالف لمفاهيمهم األمر الذي يؤدي بهم لتكفير المجتمع ككل والدعوة للتصدي لهم‪،‬‬
‫وتفريق وتحريض الناس عنهم‪.‬‬
‫والتطرف الديني تجسيد حقيقي للفرقة في المجتمع وشيوع ظاهرة الكراهية والحقد‬
‫والتعصب والطائفية‪ .‬كما أنه من مظاهر الوحشية وتعبير عن فشل إمكانية الحوار‬
‫والتعايش‪ ،‬فضال عن االبتعاد عن النهج اإلسالمي القويم‪ .‬وفي القرار رقم ‪ 154‬الصادر عن‬
‫مجمع الفقه اإلسالمي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي‪ ،‬وردت توصيات بخصوص‬
‫موقف اإلسالم الصريح من ظواهر التطرف واإلرهاب‪ ،‬من بينها أن العمل اإلرهابي سلوك‬
‫غير مشروع بنص الدين‪ ،‬وهو يندرج تحت صنف جريمة “الحرابة” فاإلرهاب محرم في‬
‫اإلسالم ألنه إفساد في األرض واعتداء على الحرمات‪ ،‬ونشر للرعب والفزع‪ ،‬كما أنه‬
‫“نقيض الرحمة‪ ،‬واإلسالم دي ُن الرحمة ‪.‬‬
‫والشائع في ظاهرة التطرف الديني في المجتمعات المسلمة أن من يشوهون صورة اإلسالم‬
‫هم من الفئات التي “تعمل على انتزاع بعض اآليات من السياق القرآني وفصلها عن أسباب‬
‫التنزيل‪ ،‬واستعمالها تبعا للتركيب اللغوي وحده أو وفقا للتركيب اللفظي دون سواه”‪ .‬وكمثال‬
‫على ذلك تفسير اآلية الكريمة‪“ :‬من لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الكافرون” (سورة‬
‫المائدة‪ ،‬اآلية ‪ ،)44‬والتي نزلت في شأن يهود المدينة الذين طالبوا النبي –صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬بأن يحكم في مسألة زنا وقعت بين يهوديين‪ ،‬في حين أن الجماعات التكفيرية تتخذها‬
‫شعارا لمحاربة األنظمة السياسية الحاكمة بغير ما أنزل هللا فتصفها بالكفر‪ .‬والتطرف في‬
‫جميع األحوال “يمثل خطرا محدقا على الدين‪ ،‬ألنه ينبني باألساس على التحامل على األحكام‬
‫وتحميل النصوص المقدسة معان أكثر مما تحتملها‪ ،‬تحقيقا لمآرب أخرى في صالح الجماعة‬
‫وليس في صالح الدين”‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وفي شأن الحق في الحياة‪ ،‬جاء في القرآن الكريم‪“ :‬أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد‬
‫في األرض فكأنما قتل الناس جميعا” (سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪ .)32‬وحتى في الحروب نهى‬
‫النبي –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عن التعدي على األطفال والنساء والشيوخ‪ .‬كما أن حرية‬
‫المعتقد ظلت مكفولة‪ ،‬فقد جعل اإلسالم ألهل الكتاب حقوقا معترفا بها انطالقا من مبدأ‬
‫التسامح والتعايش ومكارم األخالق‪ .‬ورفع الدين اإلسالمي الحرج عن فئات عديدة في‬
‫المجتمع في أداء الفرائض والواجبات‪ ،‬كالمريض والمسافر وغيرهما‪ ،‬وهي من مظاهر‬
‫الرخصة واالعتدال والوسطية في هذا الدين‪ .‬فالدين اإلسالمي دين يسر وليس دين عسر‪،‬‬
‫حتى أن الرسالة المحمدية جاءت متدرجة في األوامر والنواهي لتواكب عقول الناس على‬
‫اختالف مستوياتهم وتركيبتهم النفسية‪.‬‬
‫لقد جاء اإلسالم برسالة نبيلة وإن أُسي َء فه ُمها لدى الكثير من المسلمين أنفسهم‪ ،‬حتى‬
‫باتت فوضى التأويالت للنصوص الدينية طاغية على المشهد الديني في المنطقة العربية‪،‬‬
‫وهي أحد العوامل األساسية في تكوين صورة “المسلم المتطرف‪-‬اإلرهابي” لدى الغرب‬
‫والمجتمعات األخرى‪.‬‬
‫والوسطية هي األصل في الدين‪ ،‬ومصدر الوسطية في اإلسالم هو القرآن والسنة‪ ،‬في حين‬
‫أن مصدر التطرف هو الفوضى في تأويل النصوص إتباعا لألهواء‪ ،‬ولمشايخ الفتنة‪،‬‬
‫ولغايات سياسية وإستراتيجية قد ال تتحقق دونما مساس باألعراض وباألمن النفسي‬
‫والمجتمعي لألفراد فاإلسالم “دين أنتج قيما ساهمت في تأسيس حضارة بقيت مرجعا لما‬
‫بعدها”‪ ،‬ويعد االختالف أمرا صحّيا في أي مجتمع‪ ،‬ألنه من غير المعقول أن تجد مجتمعا‬
‫يؤمن بنفس القيم والمعتقدات واألفكار‪ ،‬لكن اإلسالم ينبذ التشدد في الرأي أو الدين والكراهية‬
‫كرس ضوابط‬ ‫ونفي اآلخر‪ ،‬لذلك نهى عن التطرف في الدين والتعصب للرأي‪ ،‬وفي المقابل ّ‬
‫التعايش وحرية المعتقد في إطار االحترام المتبادل داخل المجتمع الواحد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سمات التطرف الديني‬


‫إن التطرف الديني ما هو إال مرض ينتشر بين من لديهم استعداد لذلك األمر داخل وخارج‬
‫المجتمعات‪ ،‬ولقد ظهرت في اآلونة األخيرة العديد من المشكالت التي ظهر معها أعراض‬
‫‪19‬‬
‫من الخوف والقلق والرعب‪.‬‬
‫نتيجة تعرض تلك المجتمعات إلى التطرف الديني أو ما يعرف باإلرهاب بل وأنه تزايد إلى‬
‫أن أصبح له منظومة وهيكل يزداد يو ًما بعد يوم‪ ،‬ولذلك فإن التطرف الديني له سمات يتميز‬
‫بها من يسير على نهجه دون غيره‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪- https://www.google.com/amp/s/www.alraimedia.com/ampArticle/676477.‬‬

‫‪18‬‬
‫وال يمكن القول بأن الفرد المتطرف دينيًا البد وأنه ولد هكذا متطرف منذ الصغر أو أنه‬
‫شرير وسيء بطبعه‪ ،‬ولكن كل هذا تم اكتسابه وتشكيله داخل عقل الفرد حتى أصبح متطرفًا‬
‫دينيًا ومن أبرز تلك السمات‪:‬‬
‫سهولة جعل الفرد خاضع ال يسمع وال يرى أي كالم سوى كالم من يقوم بتهيئته ألن‬ ‫•‬
‫يكون متطرفًا دينيًا‪.‬‬
‫لديه سرعة بالغة بالتصديق دون الرجوع إلى حقائق ما يقال له‪.‬‬ ‫•‬
‫يقوم بتنفيذ المطلوب بدون اللجوء إلى عقله وتدبر ما يفعله وال يرى أنه يحتاج إلى‬ ‫•‬
‫تعليل‪.‬‬
‫الغلو والتقديس واالنحياز إلى هؤالء الذين يقومون بتغير أفكاره أو مثل ما يقال‬ ‫•‬
‫غسل عقله‪.‬‬
‫من سمات المتطرف دينيًا أنه دائ ًما يرى نفسه صائب وعلى بينة وال يقبل التشكيك‬ ‫•‬
‫فيما يقول‪.‬‬
‫كثيرا ما تكون أفعاله وأقواله ملجأها خياله وعقله الباطن حيث أنه يقوم بترويض‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫عقله حتى يصبح شاهد زور ينحاز له وقت الحاجة‪ ،‬وال يرى في ذلك شعور بالضيق‬
‫أو وضع الضمير نصب عينيه بل يسير على ذلك بكل خطي ثابتة‪.‬‬
‫اضطرابات نفسية‪.‬‬ ‫•‬
‫‪20‬‬
‫سرعة في االنفعاالت وزيادة التوتر والقلق‪.‬‬ ‫•‬
‫سمات عديدة‪ ،‬تجدهم يلتفون حولها‪ ،‬ويُدندنون بها‪ ،‬ويهتمون في البحث‬ ‫وللمتطرفين دينيا ً هِ ه‬
‫معرفيا ً عنها‪ ،‬وهي دائما ً موضوعهم وشغلهم الشاغل في المجالس والحوارات والنقاشات‬
‫‪:‬‬ ‫أيضا ً‬ ‫دينيا ً‬ ‫المتطرفين‬ ‫سمات‬ ‫أبرز‬ ‫ومن‬ ‫والمحافل‪،‬‬
‫‪ - 1‬التجرؤ على حاكم البلد بالطعن في دينه وذمته وسياسته‪ ،‬وذكر عيوبه عند الناس‪،‬‬
‫واالستنقاص الدائم من قدره واحترامه‪ ،‬وعدم المباالة بما جاء في القرآن والسُنة في ما‬
‫يتعلق بتوقير وتقدير وإطاعة الحاكم ولي األمر‪ .‬قال أبو مجلز الحق بن حميد‪« :‬سب اإلمام‬
‫الدين»‪.‬‬ ‫حالقة‬ ‫ولكن‬ ‫الشعر‪،‬‬ ‫حالقة‬ ‫أقول‬ ‫ال‬ ‫الحالقة‪،‬‬
‫‪ُ - 2‬بغض العلماء الراسخين بال هعلم‪ ،‬أصحاب السيرة الطيبة‪ ،‬الذين هُم يوجهون الناس إلى‬
‫النبوية‪ ،‬حيث ان المتطرف الديني‬ ‫ّ‬ ‫سنة‬
‫التوحيد وإلى إتباع ما جاء في كتاب هللا تعالى وال ُ‬
‫تجده يُسفه آراءهم‪ ،‬ويهزأ من فتاواهم‪ ،‬ويصفهم بأنهم علماء السلطان‪ ،‬وأنهم جبناء ال‬
‫يُفتون إال بما يوافق هوى وسياسة الحاكم‪ ،‬هذا كله من أجل أن ت ُهز ثقة الناس في العُلماء‬
‫ال هكرام‪ ،‬ولينفرونهم منهم‪ ،‬وليزرعوا الشك في قلوب الناس حيالهم‪ .‬قال هاإلمام أبو القاسم‬
‫بن عساكر رحمه هللا‪« :‬لحوم العلماء مسمومة‪ ،‬وعادة هللا في هتك أستار منتقصهم معلومة‪،‬‬
‫وإن من أطلق لسانه في العلماء بالسلب ابتاله هللا قبل موته بموت القلب»‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪- https://mqaall.com/religious-extremism/#ma_hy_smat_alttrf_aldyny.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ - 3‬السخط المتكرر من أوضاع البلد‪ ،‬وتكبير أخطاء حكومة البلد‪ ،‬والتدخل في شؤون إدارة‬
‫البلد‪ ،‬وتهييج الناس على مسؤولي الدولة‪ ،‬والكالم الكثير والمتكرر عن فساد مؤسسات‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫عن‬ ‫فيها‬ ‫مبالغ‬ ‫صورة‬ ‫وإعطاء‬ ‫الدولة‬
‫‪ - 4‬عدم احترام رجال األمن ونظرته المتدنية لهم‪ ،‬ووصفهم بأنهم عبيد للدولة‪ ،‬ولربما بلغ‬
‫فيه األمر أنه يراهم كُفار وأن وظيفتهم تلك تدُر عليهم مرتبات شهرية محرمة شرعا ً‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحماس والتشجيع والمتابعة الشديدة ألخبار الجماعات اإلرهابية أينما كانت‪ ،‬والثناء‬
‫عليها‪ ،‬والدفاع عنها‪ ،‬والغضب ممن يتكلم عنها في شكل سلبي‪ ،‬ومباركة عملياتها اإلرهابية‬
‫فور وقوعها‪ .‬وهناك صنف أقل جرأة في إظهار تأييده وإعجابه في الجماعات اإلرهابية‪،‬‬
‫حيث يتكلم عنها ويُثني عليها في شكل حذهر وعند من هو يأمن جانبه فقط‪.‬‬
‫‪ - 6‬سهولة التكفير عنده لكل من ال يوافقه آراءه واتجاهاته و ُمسلماته الفقهية الدينية‪.‬‬
‫‪ - 7‬كثرة كالمه الدائم عن ضعف األمة اإلسالمية وتشتتها‪ ،‬وإرجاع ذلك السبب لضعف‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫على‬ ‫الغربية‬ ‫الدول‬ ‫مع‬ ‫وتواطئهم‬ ‫المسلمين‬ ‫حكام‬
‫‪ - 8‬تسفيهه لرأي من يحاوره حول أفكاره‪ ،‬والنقاش بال هعلم راسخ وال فقه واضح‪ ،‬واستناده‬
‫على فتاوى وآراء من هم يشبهون توجهاته وميوله وأفكاره وحماسه‪.‬‬
‫في النهاية‪ ،‬اسأل هللا جل جالله أن يُخزي كل من أراد شرا ً في بالدي وبالد المسلمين‪ ،‬وأن‬
‫ال يوفقه‪ ،‬وأن يهتك سره ويفضحه قبل أن ُينفذ أي عمل إرهابي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬مظاهر التطرف الديني و أنواعه‬


‫في حالة التطرف الديني‪ ،‬يكون الفرد متدينا ً عاديا ً يأخذ نفسه بتعاليم الدين ومبادئه‪ ،‬ويدعو‬
‫الناس إلى األخذ بذلك‪ ،‬وهو حتى هذه اللحظة يدعو إلى شيء ال يملك المجتمع إزاءه إال‬
‫تعبيرا ً عن الرضا والتشجيع‪ .‬هذا الداعية غالبا ً ما يواصل مسيرته نحو التشدد مع نفسه‬
‫أوالً ومع الناس‪ ،‬ثم يتجاوز ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة باإلدانة على من ال يتبعه في‬
‫مسيرته أو دعوته‪ ،‬وقد يتجاوز ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع ومؤسساته‬
‫‪21‬‬
‫وحكومته‪.‬‬
‫يبدأ هذا الموقف بالعزلة والمقاطعة‪ ،‬حتى يصل إلى إصدار حكم فردي على ذلك المجتمع‬
‫بالردة والكفر‪ ،‬والعودة إلى الجاهلية‪ .‬ثم يتحول هذا الموقف االنعزالي عند البعض إلى‬
‫موقف عدواني يرى معه المتطرف أن هدم المجتمع ومؤسساته هو نوع من التقرب إلى هللا‬
‫وجهاد في سبيله‪ ،‬ألن هذا المجتمع – في نظر المتطرف – مجتمع جاهل منحرف‪ ،‬ال يحكم‬
‫بما أنزل هللا‪ .‬هنا يتدخل المجتمع لوضع حد لهذا التطرف ومصادره‪ ،‬باعتباره نشاطا ً يصل‬
‫بصاحبه إلى االصطدام بالعديد من القواعد االجتماعية والقانونية‪ .‬فاألمر بالمعروف والنهي‬

‫‪21‬‬‫‪-‬‬
‫‪https://sotor.com/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A/.‬‬

‫‪20‬‬
‫عن المنكر أساء هؤالء استخدام تفسيرهما‪ ،‬ودعاهم هذا إلى االعتداء على حقوق ليست‬
‫لهم‪ ،‬وإلى تهديد أمن األفراد وحرياتهم أو حقوقهم‪.‬‬
‫و انطالقا من هذا المطلب سوف نخصص الفقرة األولى إلى دراسة مظاهر التطرف الديني‬
‫‪ ،‬و أما بخصوص الفقرة الثانية سنتطرق إلى أنواع التطرف الديني‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬مظاهر التطرف الديني‬


‫في هذه األيام العصيبة دخل التطرف مرحلة جديدة متقدمة‪ ،‬واتخذ شكال أعنف وأشرس من‬
‫أي وقت مضى‪ ،‬وذلك بسبب تساهلنا (شعوبا وحكومات) في قطع دابر التطرف منذ نعومة‬
‫أظفاره‪ ،‬بل ومساهمتنا بشكل أو بآخر في نمو شجرته واشتداد عوده‪ ،‬بغض النظر تارة‪،‬‬
‫وبالتساهل والتعاطف تارة أخرى‪.‬‬
‫و كل هذا أدى إلى ظهور مجموعة من المظاهر التي ساهمت في انتشار ظاهرة التطرف‬
‫الديني بشكل كبير ‪ ،‬و تتمثل أهم هذه المظاهر في ما يلي‪:‬‬
‫العنف في التعامل مع اآلخرين ‪:‬‬

‫من أهم مظاهر التطرف الديني هو التعامل مع اآلخرين بفظاظ إة وخشون إة وعنف تحت اسم‬
‫اإلسالم‪ ،‬واإلسالم بريء من هذه التصرفات‪ ،‬فقد نصّ هللا العظيم في كتابه أن يكون المسلم‬
‫األول فهو في الحرب قال تعالى‪{ :‬يَا أَيهَا ال هذينَ‬ ‫خشنًا فيه غلظةً في موضعين‪ ،‬فأما الموضع ّ‬
‫ظةً ِْ}‪ ،‬وأما الموضع الثاني الذي طُلبت‬ ‫آ َمنُوا قَاتهلُوا ال هذينَ يَلُونَكُم ه ّمنَ ا ْلكُف هار َو ْليَ هجدُوا فهيكُ ْم هغ ْل َ‬
‫الغلظة فيه فهو عند إقامة الحدود الشرعية التي نصّ عليها هللا الحكيم‪{ :‬الزانهيَةُ َوالزانهي‬
‫َللا}‪.‬‬
‫هين ه‬‫اح إد ه ّم ْن ُه َما همائ َةَ َج ْل َد إة ِ َو َال تَأ ْ ُخ ْذكُم به هه َما َرأْفَة فهي د ه‬
‫فَاجْ هل ُدوا كُل َو ه‬
‫أما في مجال الدعوة إلى هللا فال مكان للعنف والخشونة ولو أبدى المسلم غير ذلك لكان هذا‬
‫من الغلو المنهي عنه في كتاب هللا وسنة نبيه‪ ،‬وذلك دأب األنبياء في تعاملهم مع أقوامهم‬
‫‪22‬‬
‫ومنهم موسى عندما أمره هللا أن يُخاطب فرعون بالقول اللين الحكيم‪.‬‬

‫التعصب لرأي الذات ‪:‬‬

‫تطرف على التشبث برأيه وإلغاء اآلراء األخرى‪،‬‬


‫وهو دليل من أدلة التطرف الديني يحمل ال ُم ّ‬
‫فالحق ليس إال ما يقوله هو فيجتهد بما يوافق أفكاره‪ ،‬ويُجاري أبا بكر وعمر وابن عبّاس‬
‫باجتهاداتهم فيقول هم رجال ونحن رجال‪ ،‬بل وال يدع عصا االجتهاد تصل لمن سواه من‬
‫علماء األمة‪ ،‬ولو خالفوه في الرأي اتّهمهم بالكفر والزندقة‪ ،‬وال ُمخالف ألفعاله يتهمه‬

‫‪- https://www.almadenahnews.com/article/418032-‬‬
‫‪22‬‬

‫‪%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A.‬‬

‫‪21‬‬
‫بالفسوق والعصيان‪ ،‬فال رأي إال رأيه وال قول إال قوله‪ ،‬وهذا من أخطر مظاهر التطرف‬
‫الديني ألنه يؤدي بصاحبه إلى إلحاق التهم بمخالفيه وتكفيرهم‪.‬‬

‫إدانة واتهام منتسبي الطوائف األخرى ‪:‬‬

‫من عالمات التطرف الديني هو إساءة الظن باآلخرين ممن انتسبوا للطوائف األخرى‪،‬‬
‫والتغاضي عن جميع حسناتهم ومحاولة تضخيم سيئاتهم؛ فال يكاد أحد من منتسبي الطائفة‬
‫األخرى ينجو من سوط لسان المتطرفين‪ ،‬أحياء كانوا أم أموات‪ ،‬فلو خالف المسلم رأيهم‬
‫التهموه أعظم التهم في دينه من مخالفة الكتاب والسنة‪ ،‬وكله حسب رؤيتهم واجتهادهم ال‬
‫ي إ و ُحكمهم قائم على الهوى والرأي‪.‬‬
‫نص شرع ّ‬
‫يستندون إلى إ ّ‬
‫االلتزام بالشدائد من األحكام ‪:‬‬

‫إن من مظاهر التطرف الديني هو األخذ بالحكم القاسي مع وجود الرخصة التي ت ُعفي من‬
‫ذلك‪ ،‬وقد يجد اإلنسان ‪-‬في بعض المسائل‪ -‬أن األخذ بالحكم األشد أحسن؛ لتجنب اللبس‬
‫وأخذ الحيطة‪ ،‬ولكن إن كان ديدن المسلم دائ ًما أخذه بالشديد من األحكام وإلزام غيره باألخذ‬
‫وغلوا يودي إلى المهالك‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫ًّ‬ ‫بها فسيكون تطرفًا‬
‫والكبير وإذا صلى‬
‫َ‬ ‫عيف‬
‫ف فإن فيهم السقي َم والض َ‬ ‫اس ف ْل ُيخ هّف ْ‬
‫وسلم‪" :‬إذا صلى أ َحدُكم بالن ه‬
‫سه ف ْليُط ّ هو ْل ما شاء"‪ ،‬وكذلك فمن التضييق على الناس أن تتم محاسبتهم على‬ ‫أ َحدُكم لنف ه‬
‫المكروهات من األمور التي يرتكبونها وكأنها محرمات اقترفوها‪.‬‬

‫التشدد مع حديثي العهد باإلسالم ‪:‬‬

‫إن من حكمة الداعية عندما يكون في بالد كُفر أال يتشدد مع حديثي العهد باإلسالم‪ ،‬فعليه‬
‫أن يبدأ بتمكين التوحيد من نفوسهم وأن يعلّمهم أركان اإلسالم و االيمان ‪ ،‬فالهدف األول‬
‫معهم هو اإليمان بأن ال معبود سوى هللا‪ ،‬وأنّ خاتم األنبياء هو محمد عليه الصالة والسالم‪،‬‬
‫وبذلك يجب الخروج من المسائل الخالفيّة التي اختلف عليها أئمة العلم واالبتعاد عن الفروع‬
‫قبل تأصيل األصول في نفوسهم‪.‬‬
‫اليمن فقا َل‪ :‬إنكَ تأتي‬
‫ه‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫بعث معاذ إلى‬ ‫والشاهد على ذلك‪" :‬أن رسو َل ه‬
‫هللا وأنهّي رسو ُل ه‬
‫هللا فإن هم أطاعوكَ لذ هلكَ‬ ‫ب فادعُهم إلى شَهاد هة أن الَ إلَهَ إال ُ‬ ‫قو ًما أَه َل كتا إ‬
‫يوم وليل إة فإن هم أطاعوكَ لذ هلكَ فأعل ْمهم‬
‫ت في ك ه ّل إ‬
‫خمس صلوا إ‬
‫َ‬ ‫هللا افترضَ عليْهم‬‫فأعل ْمهم أن َ‬
‫أن هللاَ افترضَ عليْهم صدقةً في أموا هلهم تؤخذُ من أغنيائههم وترد على فقرائههم فإن هم‬
‫َللا حجاب"‪.‬‬ ‫ليس بينَها وبينَ ه‬
‫المظلوم فإنها َ‬
‫ه‬ ‫ق دعوةَ‬
‫أطاعوكَ لذ هلكَ فإياكَ َوكرائ َم أموا هلهم وات ه‬
‫وذلك الحديث يُظهر أن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قد أمر معاذ أن يبتدئ في أمره‬
‫فرق المسلم عن الكافر‪ ،‬وذلك هو الهدي‬‫بالدعوة إلى هللا مع أهل الكتاب بالشهادة‪ ،‬ففيها يُ ّ‬
‫مع الدعوة إلى هللا في بالد الغرب التي ليست بالدًا أصلية لإلسالم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التكفير ‪:‬‬
‫من مظاهر التّطرف الديني هو تكفير اآلخرين وادعاء خروجهم من اإلسالم والملة بنا ًء على‬
‫ما فهموه من الدين‪ ،‬وهذا ما كان عليه الخوارج حينما قاتلوا عليًّا ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وهم‬
‫أكثر من تمسك بالشعائر التعبدية من صالة وصيام وزه إد وقراءة قرآن‪ ،‬وقد وصفهم رسول‬
‫ام هه ْم‪ ،‬يَ ْق َرؤُونَ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬يَحْ هق ُر أ َ َح ُدكُ ْم ص ََالتَهُ مع ص ََالته هه ْم‪ ،‬ه‬
‫وصيَا َمهُ مع هصيَ ه‬
‫ق الس ْه ُم همنَ الر همي هة"‪ ،‬فكانت شناعة‬ ‫القُ ْرآنَ ال ُيجَا هو ُز ت َ َرا هق َي ُه ْم‪َ ،‬ي ْم ُرقُونَ همنَ ال هد ه‬
‫ّين كما َي ْم ُر ُ‬
‫فعل الخوارج ليس من فسا إد في الضمير وإنما كان الفكر فاسدًا‪ ،‬وهذا حال ال ُمتطرفين دينيًّا‬
‫اليوم ‪.‬‬
‫واألصل أن المرء إذا نطق الشهادتين فقد عصم دماءه وماله وكل شيء له حتى ولو قالها‬
‫خوفًا من السيف أو القتل‪ ،‬وفي قصة أسامة بن زيد عبرة للمسلمين‪ ،‬فعندما كان أسامة في‬
‫معركة فقد ه ّم بقتل أحدهم فقال الرجل ال إله إال هللا فطعنه أسامة فقضى عليه‪ ،‬وروى للنبي‬
‫هللا قا َل‪ :‬قُلتُ ‪ :‬يا َرسو َل هللاه‪،‬‬ ‫عليه الصالة والسالم ذلك فقال له‪" :‬أقَت َ ْلتَهُ بَ ْع َد ما قا َل ال إلَهَ إال ُ‬
‫هللا قا َل‪ :‬فَما َزا َل يُك ه َّر ُر َها َ‬
‫علَي‪ ،‬حتى ت َ َمنيْتُ‬ ‫إنما كانَ ُمتَعَ ّ هوذًا‪ ،‬قا َل‪ :‬أقَت َ ْلتَهُ بَ ْع َد ما قا َل ال إلَهَ إال ُ‬
‫سلَ ْمتُ قَ ْب َل ذلكَ ال َي ه‬
‫وم"‪.‬‬ ‫أ هّني لَ ْم أك ُْن أ ْ‬
‫وأصر عليها‪ ،‬كذلك يُكفّر الحاكم؛ ألنه لم يحكم بما أنزل‬
‫ّ‬ ‫وال ُمك هفّر يُكفّر المسلم إذا فعل معصية‬
‫هللا‪ ،‬ويُكفر عامة الشعب؛ ألنهم رضوا بحكم الحاكم‪ ،‬وكذلك يُكفرون العلماء؛ ألنهم لم يقولوا‬
‫ً‬
‫وتفصيال ويستحلون دماءهم بغير ما أنزل‬ ‫للحاكم أنت كافر‪ ،‬ويعمدون إلى تكفير الناس جملةً‬
‫هللا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬أنواع التطرف الديني‬


‫ذكرت سابقًا أن التطرف هو نقيض االعتدال ومجاوزة الحد الوسيطة واالنحراف عن طريق‬
‫والمبادئ واألفكار تخا هلف المبادئ والقيهم‬
‫ه‬ ‫ت‬
‫الحق‪ ،‬ويرتسم لدى التطرف بعض المعتقدا ه‬
‫علَى‬‫المتطرف َ‬
‫ه‬ ‫الدولية أو الدولة التي يقيم فيها‪ ،‬وألجل ذلك سنتناول أنواع التطرف لدى‬
‫النح هو اآلتي ‪:‬‬
‫التطرف الفكري ‪:‬‬
‫ويعبر عن موقف سلوكي فكري يتعصب بموجبه فرد أو مجموعة األفراد اتجاه مبادئ معينة‬
‫ورفض أية مبادئ مخالفة لما يحملونه من أفكار‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ويتحقق التطرف الفكري عندما يصل الفرد أو مجموعة األفراد إلى مرحلة عدم اقتناعهم‬
‫بالثوابت واألدلة المنطقية المخالفة لما يحملونه من أفكار ويبقون مدافعين عن أفكارهم ولو‬
‫‪23‬‬
‫أنها مبنية على خطأ‪.‬‬
‫التطرف الديني ‪:‬‬
‫يمكن تعريف التطرف الديني بعدم قبول أية طائفة دينية للتعايش مع غيرها ومعاداة أي‬
‫طوائف دينية أخرى والتحريض على إلحاق الضرر بها‪.‬‬
‫ويحصل عندما يتشدد األفراد في التدين والتعصب لدينهم أو طائفتهم المعينة مع عدم قبولهم‬
‫العيش مع األفراد المنتمين ألديان أو طوائف أخرى ومعاداتها‪.‬‬
‫ولعل تنظيم “داعش” من بين األمثلة التي تعبر عن التطرف الديني‪.‬‬
‫التطرف الثقافي ‪:‬‬
‫ويقصد به تجاوز حد االعتدال والوسطية فيما يخص األفكار واألحكام والنظر للطرف اآلخر‬
‫المختلف‪ ،‬حيث يتبع األفراد مذهب ثقافي معين بطريقة متعصبة‪.‬‬
‫التطرف األمني ‪:‬‬
‫ويقصد به تجاوز الحد المعتدل والمتعارف عليه والوسطية فيما يخص مجابهة أعمال‬
‫الفوضى واإلرهاب والعمليات اإلجرامية الفردية‪.‬‬
‫ويحصل التطرف األمني من سلطات الدولة األمنية التي تستخدم الغلو في المراقبة والتدقيق‪.‬‬
‫التطرف االجتماعي ‪:‬‬
‫ويقصد به التعصب ألفكار معينة مهما تكون بسيطة ويحصل في كافة القطاعات سواء‬
‫التعليمية أو الصحية أو غيرها‪.‬‬
‫وقد تكون األفكار المعينة متعلقة بخلفيات األفراد التاريخية أو الثقافية أو غير ذلك‪.‬‬
‫وينمو عن ذلك حصول حالة من التطرف االجتماعي اتجاه فرد أو مجموعة من األفراد بسبب‬
‫حدث ما‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫التطرف النسوي‬
‫ويعتمد على المبدأ الجنساني‪ ،‬ويطلق هذا المصطلح على نشاطات الحركات النسائية التي‬
‫تتجاوز الحد والمعقول والمنطق في معاداة الرجال‪.‬‬

‫‪- https://wikiwic.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-‬‬
‫‪23‬‬

‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/#asbab_alttrf.‬‬

‫‪24‬‬
‫ألذكوري ‪:‬‬ ‫التطرف‬
‫ويعتمد على المبدأ الجنساني ويطلق التطرف الذكوري على نشاطات الحركات الذكورية التي‬
‫تسعى إلى قمع النساء دونما سبب اعتمادا ً على مبدأ أحقية الرجال بالعيش والحقوق أكثر‬
‫من االنساء‪.‬‬
‫التطرف السياسي ‪:‬‬
‫المقصود به هو خروج أفرا إد على الدولة وإعالن تمردهم ورفض جميع القوانين السائدة‬
‫فيها‪ ،‬واالقتناع بأفكار سياسية قد تؤدي إلى المناكفة السياسية في أدنى مستوياتها والتمرد‬
‫سي من‬ ‫سيا ه‬
‫والعصيان المسلح على الدولة ونظام الحكم القائم في أعالها ويع ّد التطرف ال ه‬
‫أهم أسباب التطرف؛ ألنه نتيجة اإلحباط السياسي في دولته‪ ،‬وهو من أنواع التطرف‬
‫المنتشرة‪.‬‬
‫التطرف العملي‪:‬‬
‫واإلفراط‬
‫وهو خروج عن حد االعتدال والتطرف في األعمال الدينية‪ ،‬ويكون من خالل الغلو ه‬
‫ب النفس بقصد التقرب هلل َو هعز وج إل مما يودي ذلك إلى تعطيل شؤون‬
‫في العبادات وتعذي ه‬
‫الحياة العملية‪ ،‬وهو من أنواع التطرف‪.‬‬
‫التطرف أالعتقادي ‪:‬‬
‫ت ال هدّي هنية‬
‫هو ا هالعتقاد بآراء خاصة يصعب تغييرها لدى اإلنسان‪ ،‬وقد تخا هلف هذا المعتقدا ه‬
‫جْر هة الذين يحكمون‬ ‫كفير َوا ْل هه َ‬
‫المعاصر هة كجماع الت ه‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫ت وبعض الحركا ه‬ ‫وقد تبنت هذه المعتقدا ه‬
‫ت مختلف إة لدى هذه الحركات‪ ،‬وهو‬ ‫ب وقناعا إ‬‫بالكفر َواإللحاد وألسبا إ‬
‫ه‬ ‫اس والحكومات‬ ‫على الن ه‬
‫من أنواع التطرف البارزة‪.‬‬

‫التطرف الدول ي ‪:‬‬

‫عر والخوف هباستخدام أساليب‬ ‫المتطرفون في إحداث الذ ه‬


‫ه‬ ‫هو كافة األعمال التي يَقوم هبهَا‬
‫ير فهي المؤسسات العامة والخاصة‪ ،‬وقد يكون همنَ‬ ‫التفج ه‬
‫ه‬ ‫مختلفة مثل‪ :‬هدم المنازل وعم هليات‬
‫زمن الحرب أم السلم‪ ،‬وهو من‬
‫ه‬ ‫األفراد أو من الجماعات وحتى من الدول سوا ًء كان فهي‬
‫أنواع التطرف المنتشرة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫إذن اإلرهاب الدولي ظاهرة عالمية وال يقتصر على أعمال العنف فقط وإنما هناك اإلرهاب‬
‫االلكتروني وهناك إرهاب فكرى وهناك إرهاب إعالمي ‪.‬‬
‫بحث أنه يختلف عن بعض األفعال األخرى التي قد تختلط به وهى المقاومة المسلحة من‬
‫اجل تقرير المصير والتخلص من االستعمار ‪،‬وعن الدفاع الشرعي للرد االعتداء‪.‬هناك‬
‫أسباب ودوافع مختلفة تؤدى إلى اإلرهاب وهذه األسباب والدوافع قد تكون سياسية أو‬
‫اقتصادية أو دينية أو إعالمية أو تاريخية أو شخصية‪.‬‬
‫إذ تتعدد صور وأشكال اإلرهاب مثل اختطاف الطائرات والسفن ‪ ،‬واألعمال التخريبية ‪،‬‬
‫واالغتياالت وغيرها‪.‬‬
‫هناك بعض جهود دولية عديدة لمكافحة اإلرهاب من المنظمات الدولية مثل األمم المتحدة‬
‫متمثلة في القرارات التي تصدر من مجلس األمن أو من الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ .‬أو‬
‫المنظمات اإلقليمية مثل االتحاد األوربي أو االتحاد األفريقي أو جامعة الدول العربية أو‬
‫مجلس التعاون الخليجي‪ .‬و تم إبرام العديد من االتفاقيات الدولية سواء الثنائية أو الجماعية‬
‫أو متعددة األطراف والخاصة بمكافحة اإلرهاب ‪ .‬وكذلك سن التشريعات الوطنية للمكافحة‬
‫اإلرهاب‪.‬‬
‫أما في التشريع اإلسالمي هناك جرائم الحرابة تتفق مع جريمة اإلرهاب في الوقت الحاضر‪،‬‬
‫ومن عدة أوجه وهى بالطبع تحمل صفات األعمال اإلرهابية في غالبيتها‪.‬‬
‫و الدفاع الشرعي في القانون الدولي العام يتفق مع الدفاع الشرعي في الشريعة اإلسالمية‬
‫من حيث رد للعدوان‪.‬‬
‫وأن الشريعة اإلسالمية قد وضعت مجموعة من األسس والمبادئ لمكافحة اإلرهاب (‬
‫الحرابة )‬

‫‪26‬‬
‫الفصل‬
‫الثاني أسباب‪:‬‬
‫ودوافع جريمتي‬
‫اإلرهاب والتطرف‬
‫الديني وسبل‬
‫مكفاحتهما في‬
‫القانون الوضعي‬
‫والتشريع اإلسالمي‬
‫‪27‬‬
‫ت ُعد مشكلة التطرف من القضايا الرئيسية التي يهتم بها الكثير من المجتمعات المعاصرة‪،‬‬
‫فهي قضية يومية حياتية‪ ،‬تمتد جذورها في التكوين الهيكلي لألفكار وال ُمثل واأليديولوجية‬
‫التي يرتضيها المجتمع‪ .‬فالفكر المتطرف شأنه شأن أي نسق معرفي‪ ،‬هو ظاهرة اجتماعية‬
‫تتأثر وتؤثر في غيرها من ظواهر‪ ،‬مرتبطة إلى حد كبير بالظروف التاريخية والسياسية‬
‫والدينية واالجتماعية واالقتصادية وغيرها من ظروف يتعرض لها المجتمع‪.‬‬
‫يُعد مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها أو إطالق تعميمات بشأنها‪ ،‬نظرا ً إلى‬
‫ما ُيشير إليه المعنى اللغوي للتطرف من تجاوز لحد االعتدال‪ .‬وحد االعتدال نسبي‪ ،‬يختلف‬
‫من مجتمع إلى آخر وفقا ً لنسق القيم السائد في كل مجتمع‪ .‬فما يعتبره مجتمع من‬
‫المجتمعات سلوكا ً متطرفا ً من الممكن أن يكون مألوفا ً في مجتمع آخر‪ ،‬فاالعتدال والتطرف‬
‫مرهونان بالمتغيرات البيئية والحضارية والثقافية والدينية والسياسية التي يمر بها‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫فُسر التطرف على أنه "اتخاذ الفرد موقفا ً متشددا ً يتسم بالقطيعة في استجاباته للمواقف‬
‫االجتماعية التي تهمه‪ ،‬والموجودة في بيئته التي يعيش فيها هنا واآلن؛ وقد يكون التطرف‬
‫إيجابيا ً في القبول التام‪ ،‬أو سلبيا ً في اتجاه الرفض التام‪ ،‬ويقع حد االعتدال في منتصف‬
‫‪24‬‬
‫المسافة بينهما"‪.‬‬
‫فرغم غياب تعريف لهذه الجريمة إال أن ذلك لم يمنع الدول و المنظمات من الدعوة إلى‬
‫إبرام اتفاقيات و تكثيف الجهود الدولية من أجل مكافحة و قمع الجريمة اإلرهابية ‪ ،‬حيث‬
‫أبرمت عدت اتفاقيات د ولية من أجل مكافحة اإلرهاب بداية من العقد الثالث من القرن‬
‫العشرين ‪ ،‬لتعالج مسألة اإلرهاب الدولي و بالتحديد بداية من سنة ‪، 1937‬حيث وضعت‬
‫أول اتفاقية تضمنت نصوصا قانونية تلزم الدول بمكافحة اإلرهاب إال أنها لم يتم التصديق‬
‫عليها ‪ .‬بعد هذه المحاولة أتى كم هائل من االتفاقيات الدولية و اإلقليمية المبرمة لمكافحة‬
‫اإلرهاب الذي يستهدف سواء األفراد و الدول‪ ،‬أو االتفاقيات الموجهة لحماية وسائل النقل‬
‫البحرية و الجوية‪.‬‬
‫و بغض النظر عن العوامل المغذية لإلرهاب‪ ،‬و التي يجمع الخبراء على تعددها و تعقدها ‪،‬‬
‫فقد ظل التعاطي معه مقرون ا باإلشكاالت التي حدت من فعالية الجهود الوطنية و الدولية‬
‫المبذولة في سبيل محاصرته ‪ ،‬بسبب التباين في المقاربات بين من يركز على الجوانب‬
‫األمنية و من يستحضرا لسبل القانونية ‪ ،‬و من يفضل المعالجة التربوية‪...‬و هو ما جعل‬
‫حصيلة المكافحة دون التطلعات و دون التحديا ت الكبرى التي باتت تطرحها الظاهرة على‬
‫الصعيد الوطني أو الدولي‪.‬‬
‫واست ُخدم مفهوم التطرف في اإلشارة إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير‬
‫واألساليب السلوكية الشائعة في المجتمع‪ُ ،‬معبرا ً عنه بالعزلة أو بالسلبية واالنسحاب‪ ،‬أو‬

‫‪24‬‬‫‪-‬‬
‫‪http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Mnfsia15/Extremity/sec01.doc_cvt.htm.‬‬

‫‪28‬‬
‫تبني قهيَم ومعايير مختلفة‪ ،‬قد يصل الدفاع عنها إلى االتجاه نحو العنف في شكل فردي أو‬
‫سلوك جماعي منظم‪ ،‬بهدف إحداث التغيير في المجتمع وفرض الرأي بقوة على اآلخرين‪.‬‬
‫سوف نخصص هذا الفصل لدراسة كل ما يتعلق بأسباب ودوافع التطرف الديني والجريمة‬
‫اإلرهابية بحيث قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين ‪ ،‬ففي المبحث األول سنتحدث فيه عن أسباب‬
‫ودوافع الجريمة اإلرهابية وطرق مكافحتها في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬أما‬
‫المبحث الثاني سنتطرق من خالله إلى أسباب التطرف الديني و تداعياته و إستراتيجية‬
‫مكافحته‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أسباب ودوافع الجريمة اإلرهابية‬


‫وطرق مكافحتها في القانون الوضعي والشريعة‬
‫اإلسالمية‬
‫إن دراسة الدوافع واألسباب يؤدي بطبيعة الحال إلي التعرف على العالج وطرق الوقاية‬
‫وأسباب اإلرهاب الدولي متعددة ومتنوعة فمنها السياسية‪ ،‬ومنها االقتصادية‪ ،‬ومنها‬
‫العقائدية والشخصية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب ودوافع الجريمة اإلرهابية‬


‫كما أسلفنا القول بأن للجريمة اإلرهابية دوافع وأسباب مختلفة ومتنوعة منها السياسية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬والدينية‪ ،‬والشخصية وبناءا علي ذلك سوف نقسم هذا المطلب إلي فقرتين‬
‫أساسيتين‪:‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الدوافع السياسية و االقتصادية ‪.‬‬
‫‪_1‬الدوافع السياسية‬
‫‪_2‬الدوافع االقتصادية‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الدوافع الدينية و الشخصية ‪.‬‬
‫‪_1‬الدوافع الدينية‬
‫‪_2‬الدوافع الشخصية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الدوافع السياسية واالقتصادية‬


‫إن للجريمة اإلرهابية دوافع متعددة و أهمها الدوافع السياسية و االقتصادية اللذان يعتبران‬
‫من التسباب الكامنة في نشوء مثل هذه الجرائم الخطيرة ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪_1‬الدوافع السياسية‪:‬‬
‫األسباب السياسية تنقسم إلي نوعين‪ ،‬أسباب داخلية وخارجية وربما كانت األسباب‬
‫الخارجية هي وليدة األسباب الداخلية ‪.25‬‬
‫فالقهر السياسي الداخلي غالبا ما يدفع األفراد والطوائف المضطهدة التي ال تستطيع التعبير‬
‫عن آرائها‪ ،‬يدفعها إلي العنف كسبيل للثأر لنفسها والنيل من عدوها‪.‬‬
‫فالعمليات اإلرهابية ذات الدافع السياسي هدفها في النهاية هو الوصول إلي قرار سياسي‬
‫بمعني إرغام دولة أو جماعة سياسية علي اتخاذ قرار معين أو االمتناع عن قرار تراه في‬
‫مصلحتها‪،‬لما كانت تتخذه أو تمتنع عنه إال بضغط العمليات اإلرهابية ‪.26‬‬
‫وقد تهدف العمليات اإلرهابية إلي إنزال الضرر بمصالح دولة معينة‪ ً ،‬أو برعاياها نظرا‬
‫لمواقفها السياسية من قضية معينة وبمعني أوضح االعتداء علي سيادة الدول والتخاذل‬
‫‪27‬‬
‫الدولي هما الشرارة التي تشعل نار اإلرهاب‪.‬‬
‫قد يكون الدافع وراء العمليات اإلرهابية هو اإلضرار باقتصاد دولة معينة كتدمير المنشآت‬
‫الصناعية‪ ،‬أو التجارية أو مهاجمة مكاتب شركات الطيران أو المنشآت السياحية التابعة لها‬
‫إلثارة الذعر والرعب بين المتعاملين معها وتهدف هذه العمليات إلي إنزال أضرار ً مادية‬
‫بتلك المؤسسات باعتبارها تشكل موردا اقتصاديا ً ومصدرا من مصادر الدخل الهامة للدولة‬
‫وقد يكون الدافع االقتصادي هو حاجة الجماعة اإلرهابية إلي دعم مالي يمكنها من مواصلة‬
‫‪28‬‬
‫عملياتها للوصول إلي األهداف التي قامت من أجلها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الدوافع الدينية والشخصية‬


‫إن من بين األسباب التي تؤدي إلى اإلرهاب هناك دوافع دينية و عقائدية و مذهبية‪ ،‬و كذلك‬
‫دوافع شخصية بحيث يكون مرتكبيها مصابون بأمراض عقلية‪.‬‬
‫‪_1‬الدوافع الدينية‪:‬‬
‫مما ال يخفي علي أحد‪ ،‬ما للدين والعقيدة والمذهب من تأثير بحياة األفراد‪ ،‬ومن‬
‫المؤكد أن هذا التأثير يولد مع والدة اإلنسان ويكبر معه وال ينتهي بوفاته‪،‬إذ يبقي اإلنسان‬
‫محاسب أمام خالقه علي دينيه وعقيدته‪،‬ومثل هذه العالقة بين اإلنسان ودينه ال تتأثر بمدي‬

‫‪ -25‬انظر د‪ .‬شكري‪ ،‬علي يوسف‪ ،‬اإلرهاب الـدولي في ظـل النظـام العـالمي الجديـد ‪ ،‬الطبعـة األولـي ‪ ،‬دار اينـزاك للطباعة‬
‫والنشر ‪ ،‬القاهرة ‪ ، ٢٠٠٧ ،‬ص‪.٦٢‬‬

‫‪ - 26‬انظر د‪ .‬حلمي‪ ،‬نبيل أحمد ‪ ،‬اإلرهاب الدولي وفقا القانون الدولي العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.١٤‬‬

‫‪ - 27‬انظر ‪ :‬بـن عبـد هللا ‪ ،‬عبـد هللا بـن مطلـق‪ ،‬اإلرهـاب وأحكامـه في الفقـه اإلسـالمي ‪ ،‬دار بـن الجـوري‪.‬‬

‫‪ - 28‬انظـر ‪ :‬د الجعفـراوى ‪ ،‬ابتسـام ‪ ،‬التكلفـة االقتصـادية لإلرهـاب ‪ ،‬بحـث منشـور في الجملـة الجنائيـة القوميـة ‪،‬المجلد‬
‫الخمسون ‪ ،‬العدد األول ‪ ،‬مارس ‪٢٠٠٧‬‬

‫‪30‬‬
‫تمسك اإلنسان بتعاليم دينه وإن كانت تختلف درجتها بين األكثر التزاما واألقل وهذا ما يفسر‬
‫‪29‬‬
‫وقوع العديد من الحروب وال سيما األهلية منها ألسباب دينية أو عقائدية‪.‬‬
‫فعدم فهم مقاصد الشريعة والجهل بالدين‪ ،‬وتلقي الخطاب الديني من غير المتخصصين‬
‫يؤدي إلي فهم األمور علي غير حقيقتيها وتكون دافعا لإلرهاب‪.‬‬
‫وكذلك الغلو في الدين والتعصب الديني والطائف والذهبي يؤدي إلي اإلرهاب‪.‬‬
‫ونري الحل في هذه المشكلة بأن يكون دور للمؤسسات الدينية في توصيل الفهم‬
‫الصحيح للدين سواء في المساجد أو عن طريق ندوات بالجامعات والمدارس ووضع رقابه‬
‫من المؤسسات الدينية علي القنوات الفضائية وذلك لما نالحظ من فتأوي دينية من غير‬
‫المتخصص مع تطوير المناهج الدراسية في الدراسات الدينية بالمدارس ووضع مادة للثقافة‬
‫اإلسالمية كمادة عامة في التعليم الجامعي‪.‬‬
‫‪_2‬الدوافع الشخصية ‪:‬‬
‫قد ترجع الجرائم اإلرهابية بدوافع شخصية‪ ،‬ولتحقيق أهداف معينة شخصية فقد‬
‫تكون الجرائم اإلرهابية لالبتزاز األموال من شركات الطيران المختلفة‪ .‬ففي عام ‪ ١٩٧٢‬قام‬
‫بعض الزنوج األمريكيين بخطف طائرة أمريكية‪،‬وطلبوا فدية قدرها مليون دوالر لإلفراج‬
‫‪30‬‬
‫عن المسافرين‪ ،‬وهبطوا بالطائرة ذلك في مطار الجزائر العاصمة‪.‬‬
‫وقد تكون الجرائم اإلرهابية التي تستند إلي دوافع شخصية يكون مرتكبيها مصابون بخلل‬
‫عقلي أو مرض نفسي وهذا ما حدث عام ‪،١٩٧٢‬عندما قامت سيدة بخطف طائرة إيطالية‬
‫كانت طريقها لميالنو قادمة من روما وأجبرت قائدها علي التوجه لمبونخ بألمانيا الغربية‪،‬ثم‬
‫سلمت نفسها للسلطات األلمانية التي كشفت عن وجود خلل عقلي لديها‪،‬ويتميز هذا النوع‬
‫من اإلرهابيين بعدة صفات مشتركة وهي الطفولة المضطربة التي أدت للعزلة‪،‬ثم إلي الشذوذ‬
‫وفقدان االتصال باألصدقاء‪،‬وعالقات غير طبيعية بالوالدين‪. 31‬‬
‫ونرى لحل لهذه المشكلة تفعيل وظيفة األخصائي االجتماعي سواء كان في المدرسة أو‬
‫الجامعة أو الهيئات والمصالح الحكومية لمعرفة مشاكل هؤالء األشخاص لمعالجتهم ‪.‬‬
‫وكذلك يكون هناك دور لألسرة إذا ما الحظت أن هناك خلل في سلوك أحد األبناء فعليها‬
‫بالمسارعة لعرضه على طبيب نفسي‪.‬‬

‫‪ - 29‬انظر ‪ :‬د‪ .‬الشكري ‪ ،‬علي يوسف‪ ،‬اإلرهاب الدولي في ظل النظام العالمي الجديد ‪ ،‬المرجـع السـابق ‪ ،‬ص‪٧٥‬‬
‫‪ - 30‬انظر ‪ :‬محمد‪ ،‬البخدوي بحـث نطـق الطـائرات منشـور في مجلـة معهـد البحـوث والدراسـات العربيـة ‪ ، ١٩٧٤‬ص‪.٢٠٠‬‬

‫‪ - 31‬انظر ‪ :‬د‪ .‬نبيل أحمد حلمي ‪ ،‬اإلرهاب الدولي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٧‬‬

‫‪31‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬طرق مكافحة الجريمة اإلرهابية في القانون‬
‫الدولي والشريعة اإلسالمية‬
‫أدى انتشار ظاهرة اإلرهاب إلى وجود حركة دولية نشطة لعالج هذه الظاهرة‬
‫سواء عن طريق المنظمات الدولية سواء الدولية أو اإلقليمية أو االتفاقيات الدولية أو‬
‫الندوات‪ ،‬كما أن الشريعة اإلسالمية قد وضعت مجموعة من األسس والمبادئ لمكافحة‬
‫اإلرهاب ( الحرابة )‪.‬‬
‫وبناء على ذلك سوف نقسم هذا المطلب إلى فقرتين أساسيتين ينقسمان بدورهما إلى‬
‫عوارض مهمة كالتالي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مكافحة الجريمة اإلرهابية في القانون الدولي‬
‫أوال‪ :‬دور المنظمات الدولية في مكافحة الجريمة اإلرهابية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنظمات اإلقليمية ودورها في مكافحة الجريمة اإلرهابية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬طرق مكافحة الجريمة اإلرهابية في التشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تحقيق العدل واألنصاف بين كافة األجناس‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تطبيق التشريع اإلسالمي في الجرائم الواقعة داخل الدولة اإلسالمية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مكافحة الجريمة اإلرهابية في القانون الدولي‬


‫أوال‪ :‬دور المنظمات الدولية في مكافحة الجريمة اإلرهابية‪.‬‬
‫اهتم المجتمع الدولي بظاهرة اإلرهاب الدولي منذ مطلع القرن العشرين وتحديدا في أعقاب‬
‫الحرب العالمية األولي نتيجة لما خلفته هذه الحرب من آثار مدمرة أتت علي العالم كله‪.‬‬
‫ومع تزايد عمليات اإلرهاب الدولي اهتمت الكثير من المنظمات الدولية بمناقشتها ودراستها‪،‬‬
‫وذلك للقضاء عليها أو التقليل من حدتها‪ ،‬فظاهرة اإلرهاب تنتهك حقوق اإلنسان‬
‫وحرياته‪،‬وتقضي علي األبرياء‪ ،‬وتؤذي مشاعر الكثير من البشر‪ ،‬وتفوض أسس آمنه‬
‫واستقراره‪ ،‬وتهدد سالمة الن قل الجوي والبحري ‪ ...‬الخ وكافة هذه األمور تعتبر من‬
‫‪32‬‬
‫اختصاصات العديد من المنظمات الدولية واإلقليمية‪.‬‬

‫‪ - 32‬انظر د‪ .‬عبد الهادي‪ ،‬عبد العزيز مخيمر‪ ،‬اإلرهاب الدولي مع دراسته لالتفاقيـات الدوليـة والقـرارات الصـادرة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فالمنظمات الدولية واإلقليمية لها دور كبير في مكافحة اإلرهاب وبناءا علي ذلك سوف‬
‫نقسم هذا الفرع إلى‬
‫‪ :1‬األمم المتحدة ودورها في مكافحة اإلرهاب ‪.‬‬
‫‪ :2‬المنظمات اإلقليمية ودورها في مكافحة اإلرهاب‬
‫*األمم المتحدة و دورها في مكافحة اإلرهاب ‪:‬‬
‫اهتمت منظمة األمم المتحدة بالبحث في ظاهرة اإلرهاب‪ ،‬وكيفية القضاء وذلك عندما بدأت‬
‫عمليات خطف الطائرات في الزيادة في بداية السبعينيات واحتجاز المبعوثين الدبلوماسيين‬
‫وتفجير مقار البعثات الدبلوماسية ووضعت في حباتها بأن هذه الظاهرة تعتبر أحد األسباب‬
‫الرئيسية التي تهز أمن واستقرار المجتمع الدولي وذلك عن طريق محاولة وضع تعريف‬
‫مناسب لإلرهاب واألسباب التي تؤدي إليه وكيفية عالجه‪،‬كذلك اهتمت وذلك بتشكيل اللجان‬
‫الالزمة إلعداد اتفاقيات دولية منظم إطار من التعاون الدولي لمنع وقع بعض أشكال‬
‫اإلرهاب‪.33‬‬
‫وقد قامت منظمة المتحدة بجهودها في مكافحة اإلرهاب عن طريق أجهزتها المختلفة سواء‬
‫مجلس األمن أو الجمعية العامة لألمم المتحدة‪.‬‬
‫وبناءا علي ذلك سوف نتطرق إلى نقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫•الجهود الدولية لمكافحة تمويل اإلرهاب‬
‫•اإلجراءات المتخذ من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بشأن مكافحة اإلرهاب الدولي‬
‫•اإلجراءات المتخذة من قبل الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة بشأن مكافحة اإلرهاب‪:‬‬
‫تختص الجمعية العامة‪،34‬بموجب المادة العاشرة من ميثاق األمم المتحدة بمناقشة أي أمور‬
‫و كل األمور التي تهم األعضاء مع تحفظ واحد وهو عند مباشرة مجلس األمن نظر نزاع أو‬
‫موقف ما فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توصية في شأن هذا النزاع أو الموقف إال إذا‬
‫طلب منها ذلك‪.35‬‬
‫ولذا فإن الجمعية العامة لألمم المتحدة قد أصدرت قرارات عديدة بشأن اإلرهاب‬

‫‪ - 33‬انظر د‪ .‬عبد الهادي ‪،‬عبـد العزيـز مخيمـر‪ ،‬اإلرهـاب الـدولي مـع دراسـته لالتفاقيـات والقـرارات الصـادرة عـن المنظمات‬
‫الدولية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.٢٣١‬‬
‫‪ - 34‬انظر ‪ :‬د‪ .‬زيدان ‪ ،‬مسعد عبد الرحمن ‪ ،‬اإلرهاب في ضوء القانون الدولي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٨٢‬‬

‫‪ - 35‬انظر ‪ :‬د‪ .‬زناتي ‪ ،‬عصام محمد أحمد ‪ ،‬التنظيم الدولي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، ٢٠٠٨ ،‬ص‪.٢٤٠‬‬

‫‪33‬‬
‫الدولي وكان لها موقف بالنسبة لحركات التحرير الوطنية ‪.‬‬
‫✓ الجمعية العامة وموقفها من اإلرهاب الدولي‬
‫صدر إعالن الجمعية العامة لألمم المتحدة في دورتها الخامسة والعشرين في أكتوبر‬
‫‪. ١٩٧‬حيث تض من واجب كل دولة باالمتناع عن تشجيع األعمال اإلرهابية علي إقليم دولة‬
‫أخري أو تقديم المساعدة لإلرهابيين أو السماح لهم بالعمل علي إقليمها أو من خالله ‪.36‬‬
‫وفي الدورة السابعة والعشرين عام ‪ ١٩٧٢‬تناولت الجمعية العامة موضوع اإلرهاب الدولي‬
‫تحت بند التدابير الرامية إلي منع اإلرهاب الدولي الذي يعرض للخطر أرواحا بشرية بريئة‬
‫ويهدد الحريات األساسية‪،‬وانتهي األمر بإصدار الجمعية العامة للقرار رقم ‪ ٣٤.٣‬لسنة‬
‫‪ ١٩٧٢‬والذي نص علي قلق المنظمة الشديد إزاء تزايد األعمال اإلرهابية الدولية الدول‬
‫األعضاء علي ضرورة إيجاد حلول عادية وسلمية لألسباب التي تقف وراء األعمال‬
‫اإلرهابية‪ ،‬وأضاف بأنه يجب احترام حقوق الشعوب جميعا في مناهضة األنظمة االستعمارية‬
‫والعنصرية‪،‬وتلك التي تخضع للسيطرة األجنبية وحق تقرير المصير وشرعية كفاحها لنيل‬
‫استقاللها كما قررت الجمعية العامة‪37 ،‬إنشاء لجنة خاصة تعنى بدراسة اإلرهاب الدولي‪،‬‬
‫وتتألف من خمسة وثالثين عضوا يعنيهم رئيس الجمعية العامة مع مراعاة مبدأ التمثيل‬
‫الجغرافي‪ ،‬وتقوم بدراسة المالحظات التي تقدمها الدول‪،‬وتقوم بإعداد تقريرها متضمنا‬
‫‪38‬‬
‫التوصيات‪.‬‬
‫كما تم إبرام اتفاقيتين دوليتين لمواجهة بعض األعمال اإلرهابية واتفاقية خاصة‬
‫بحماية األشخاص المتمتعين بحماية من الدبلوماسيين لسنة ‪،١٩٧٣‬والثانية تتعلق‬
‫باختطاف الرهائن لسنة ‪،١٩٧٩‬لكنها لم تتوصل لوضع تعريف لإلرهاب الختالف وجهات‬
‫نظر الدول واقتصرت علي حث الدول في قراراتها علي التعاون من أجل القضاء السريع‬
‫‪39‬‬
‫علي اإلرهاب‪.‬‬
‫✓ األمم المتحدة وموقفها من حركات التحرير الوطنية‪:‬‬
‫أوضحت دول العالم الثالث عن رأيها داخل األمم المتحدة من خالل اجتماعات‬

‫‪ - 36‬انظـر ‪ :‬د‪ .‬مخيمـر ‪ ،‬عبـد العزيـز‪ ،‬اإلرهـاب الـدولي مـع دراسـة لالتفاقيـات الدوليـة والقـرارات الصـادرة عـن المنظمات‬
‫الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.٨١‬‬

‫‪ - 37‬انظر ‪ :‬د‪ .‬حلمي ‪ ،‬نبيل أحمد‪ ،‬اإلرهاب الدولي وفقا لقواعد القانون الدولي العام المرجع السابق‪ ،‬ص‪.١٠٢‬‬

‫‪ - 38‬انظر ‪ :‬د‪ .‬المالكي ‪ ،‬عبد الحفيظ بن عبـد هللا ‪ ،‬اإلطـار القـانوني لمكافحـة اإلرهـاب ‪ ،‬مجلـة البحـوث األمنيـة ‪،‬مركز البحوث‬
‫والدراسات بكلية الملك فهد األمنية العدد ‪ ، ٤٥‬المجلد ‪ ، ٢٠١٠ ، ١٩‬ص‪.٣١٥‬‬
‫‪ - 39‬انظر ‪ :‬د‪ .‬رفعت ‪ ،‬أحمد محمد‪ ،‬اإلرهاب الـدولي في ضـوء أحكـام القـانون الـدولي العـام واالتفاقيـات الدوليـة وقرارات األمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٤٧‬‬

‫‪34‬‬
‫الجمعية العامة بشأن التمييز بين اإلرهاب والكفاح المسلح‪،‬حيث كان رأيها أن التحرير‬
‫الوطني ومقاومة المحتل من القيم النبيلة التي ال يمكن أن توصم باإلرهاب‪،‬‬
‫•الجهود الدولية لمكافحته ويل اإلرهاب‪:‬‬
‫من األسباب التي تعوق عملية القضاء علي اإلرهاب‪،‬وجود تمويل مالي للتنظيمات اإلرهابية‬
‫تساعدها علي االستمرار وتشجعها علي التقدم فيه ‪ .‬وعلي الرغم من الجهود الكبيرة‬
‫المبذولة دوليا وداخل يا لمكافحة اإلرهاب إال أن ً ظاهرة تمويله مازالت تثير جدال عالميا‬
‫واسعا لما تمثله من خطورة في دوام اإلرهاب واستمراره‪،‬ولكن الضعف الواضح في تحقيق‬
‫مصادر تمويله قد أثر بشكل كبير علي مدي فعالية مكافحته‪،‬ولذلك قامت األمم المتحدة بجميع‬
‫أجهزتها بمواجهة هذه الظاهرة وإصدار القرارات واالتفاقيات الدولية للقضاء عليها ‪.40‬‬
‫✓ تعريف جريمة تمويل اإلرهاب‪:‬‬
‫فقد عرفت اتفاقية ‪ ١٩٩٩‬تمويل اإلرهاب وسعت فيه فلم تقيده بتقديم األموال بنيه‬
‫استخدامها في أعمال إرهابية بل وسعت مدلوله إلي مجرد جمع األموال من أجل تحقيق هذا‬
‫الغرض ويستوي لوقوع السلوك اإلجرامي أن يتم تقديم األموال أو جمعها بأية وسيلة كانت‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬بشكل غير مشروع ويستوي أن تكون مصادر األموال محل الجريمة‬
‫مشروعة‪ .‬ولذلك يختلف تمويل اإلرهاب عن غسل األموال فعادة ما يشتمل غسل األموال‪،41‬‬
‫على تحويل إيرادات مهمة من معامالت غير مشروعة إلي التجارة أو المعامالت المشروعة‬
‫وهو ما ال يشترط في جريمة تمويل اإلرهاب إذ يمكن أن يشتمل تمويل اإلرهاب علي جمع‬
‫مبالغ مستمرة من أنشطة وتحويلها مشروعة أو من جرائم بسيطة ونحوه‪.‬يلها إلي شخص‬
‫أخر أو إلي منظمة إرهابية إلرسالها في نهاية المطاف لدعم أنشطة اإلرهاب ولو علي دفعات‬
‫صغيرة ويستوي أن يصدر التمويل من أشخاص طبيعيين أو أشخاص معنويين وقد ثبت أن‬
‫الشبكات اإلرهابية تستثمر أموالها عبر جمعيات أو شركات ولهذا نصت اتفاقية ‪ ١٩٩٩‬علي‬
‫التزام الدول األعضاء باتخاذ التدابير النعقاد المسئولية الجنائية والمدنية واإلدارية‬
‫لألشخاص المعنوية عن جرائم تمويل اإلرهاب المرتكبة بواسطة المسئول عن إدارتها أو‬
‫رقابتها المادة ‪ ً ٧‬ونظرا لما تبين من الناحية العملية من استمرار غسل األموال وتمويل ً‬
‫اإلرهاب بعد القبض علي األعضاء المسئولين من اإلدارة نظرا لعدم المساس بالشخصية‬
‫المعنو ية للمشروع‪،‬فإن تدابير تجميد األرصدة وضبطها ومصادرتها تحول دون تحقيق هذا‬
‫الغرض‪ 42 ،‬كما بذلت جهود إقليمية في هذا المضمار‪،‬فوضعت منظمة الدول األمريكية‬
‫اتفاقية سنة ‪ ٢..٢‬وبرتوكول سنة ‪ ٤..٢‬ووضعت جمعية جنوب آسيا للتعاون اإلقليمي‪،‬وأقر‬

‫‪ - 40‬انظر ‪ :‬د‪ .‬بجبوج ‪،‬عمار تيسير‪ ،‬التعاون الدولي في مكافحة جـرائم اإلرهـاب ‪ ،‬رسـالة دكتـوراه مقدمـة إلـي كليـة الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة ‪ ، ٢٠١١‬في ‪.٣٨٧‬‬

‫‪ - 41‬انظر د‪ .‬سرور‪ ،‬أحمد فتحي ‪ ،‬المواجهة القانونية لإلرهاب ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، ٢٠٠٨‬ص‪٢٨٢‬‬

‫‪ - 42‬انظر د‪ .‬سرور‪ ،‬أحمد فتحي ‪ ،‬المواجهة القانونية لإلرهاب ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.٢٧١‬‬

‫‪35‬‬
‫مجلس االتحاد األوربي سنة ‪ ٥..٢‬اتفاقية تغلق بغسل األموال وضبط ومصادرة ما يترتب‬
‫‪43‬‬
‫علي جريمة اإلرهاب وتمويلها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنظمات اإلقليمية ودورها في مكافحة اإلرهاب‪:‬‬
‫لعبت المنظمات اإلقليمية دورا هاما في مكافحة ظاهرة اإلرهاب الدولي‪،‬بجانب‬
‫منظمة األمم المتحدة‪،‬حيث أن المنظمات اإلقليمية تستخدم دول العالم كافة‪،‬حيث أنها تجمع‬
‫دولي علي مستوي جميع قارات العالم‪،‬و بناء على ذلك سنقسم هذه الفقرة إلى نقطتين‬
‫أساسيتين ‪:‬‬
‫_ دور االتحاد األوربي في مكافحة اإلرهاب ‪.‬‬
‫_دور منظمة الدول األمريكية في مكافحة اإلرهاب ‪.‬‬
‫دور االتحاد األوربي في مكافحة اإلرهاب ً بذلت الدول األوربية جهودا عديدة في مكافحة‬
‫اإلرهاب وقد أسفرت هذه الجهود إلي إبرام اتفاقيات لمنع وقمع اإلرهاب منها االتفاقية‬
‫األوربية عام ‪197644‬‬
‫وقد نصت المادة األولي منها علي تعريف الجرائم اإلرهابية ‪ .‬ذلك بالنص علي األفعال‬
‫اإلرهابية علي النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ - ١‬ما جاء من جرائم في اتفاقية الهاي لسنة ‪.١٩٧‬م بشأن االستيالء غير المشروع علي‬
‫الطائرات ‪.‬‬
‫‪ - ٢‬ما جاء ذكره من جرائم في اتفاقية مونتلاير سنة ‪ ١٩٧١‬الخاصة بقمع األعمال غير‬
‫دور منظمة الدول األمريكية في مكافحة اإلرهاب أدي تزايد األعمال اإلرهابية في دول أمريكا‬
‫الالتينية وزيادة حاالت العنف السياسي الموجهة ضد البعثات الدبلوماسية من اغتيال‬
‫واعتداء وخطف حي ث اتخذت الجمعية العامة ً لمنظمة الدول األمريكية قرارا بإصدار اتفاقية‬
‫لمنع وقمع األعمال اإلرهابية التي تأخذ شكل الجرائم ضد األفراد وأعمال االبتزاز المتعلقة‬
‫بها في دورتها الثالثة غير العادية في واشنطن عام ‪ ،١٩٧١‬وقد تم تسبب ذلك بأن أعمال‬
‫تتسم بالقسوة لما تتضم نه في اعتداء علي سالمة الشعوب األمريكية وتشكل جرائم ضد‬
‫اإلنسانية‪،‬وأن األهداف األيدلوجية والسياسية ال يمكنها أن تنفي صفتها اإلجرامية باعتبارها‬
‫تمثل خرفا لحقوق اإلنسان األساسية ‪.45‬‬

‫‪ - 43‬انظر د‪ .‬سرور‪ ،‬أحمد فتحي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.٢٧٩ – ٢٧٨‬‬

‫‪ - 44‬انظر د‪ .‬زيان‪ ،‬مسعد عبد الرحمن‪ ،‬اإلرهاب في ضوءالقانون الدولي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.٨٥‬‬

‫‪ - 45‬انظـر د‪ .‬قطـب‪ ،‬طـارق محمـد ‪ ،‬مكافحـة اإلرهـاب وتعـويض ضـحايا الحـوادث اإلرهابيـة في النطـاق الـدولي والمصري ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ، ٢٠١٥‬ص ‪.١٦٦‬‬

‫‪36‬‬
‫وقد نصت المادة الثانية من هذه االتفاقية علي أن األعمال اإلرهابية ضد األفراد تعتبر من‬
‫أهم الجرائم التي يجب أن يكون هناك عقاب عليها ألنها تؤدي إلي آثار ذات طبيعة دولية‬
‫‪46‬‬
‫أيا كان السبب في ارتكابها‪.‬‬
‫بإدراج هذه الجرائم اإلرهابية ضمن الجرائم الخاضعة للتسليم أثناء التوقيع علي معاهدات‬
‫تسليم المتهمين القائمة أو الالحقة‪ .‬كما أكدت المادة الثامنة أنه علي الدول واجب اتخاذ‬
‫التدابير الممكنة لمنع إعداد الجرائم المشار إليها في المادة سالفة الذكر فوق اإلقليم الوطني‬
‫ضد دولة أخري متعاقدة وأنه واجب علي الدول التعاون لمنع الجرائم السابقة وتبادل‬
‫المعلومات وتنسيق اإلجراءات ‪.‬‬
‫كما تضمنت الماد ة الخامسة من االتفاقية بأنه ال يتم منع التسليم المطلوب بسبب ً احدي‬
‫الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية نظرا لكون الشخص موضوع الطلب أحد رعايا‬
‫الدول المطلوب إليها التسليم ولها االمتناع ألي مانع أخر دستوري أو قانوني‪ .‬ولذلك فإن‬
‫الدول المطلوب إليها تكون ملتزمة بعرض القضية علي السلطات الوطنية المختصة بهدف‬
‫المالحقة القضائية كما لو كان الفعل قد ارتكب في إقليمها‪ ،‬وتشمل هذه الجرائم الخطف‬
‫والقتل ضد أشخاص وأفعال االبتزاز المرتبطة بهذه الجرائم وقرت االتفاقية الحماية‬
‫‪47‬‬
‫لألشخاص المتمتعين بالحماية الخاصة وفقا لقواعد القانون الدولي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مكافحة الجريمة اإلرهابية في الشريعة اإلسالمية‬


‫إذا كان من المتفق عليه أن اإلرهاب يحمل في طياته عنصري الترويع والتخويف‪ ،‬فإن‬
‫اإلرهاب في الشريعة اإلسالمية ال يخرج عن كونه عمليات عنف منظمة ينفذها أفراد‪ ،‬أو‬
‫جماعات‪ ،‬أو دول للوصول إلى أهداف محددة مسبقا – وبما أن الدين اإلسالمي يرفض‬
‫العنف واإلرهاب ‪ ،‬ويحارب الجريمة ‪ ،‬باعتبارها مفسدة في األرض تستوجب العقاب الدنيوي‬
‫واألخروي ‪.‬فانه يمكن ومنع الحرابة في اإلسالم عن طريق القضاء على األسباب ً التي‬
‫تؤدى لإلرهاب‪ ،‬حيث أن الوقاية خيرا من المعالج‪،‬وبناء على ذلك سوف نقسم هذا المبحث‬
‫إلى مطلبين أساسيين‪،‬‬
‫أوال‪ :‬تطبيق الشريعة اإلسالمية في الجرائم الواقعة داخل الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحقيق األمن‬

‫‪ - 46‬انظر ‪ :‬د‪ .‬عبد الهادي‪ ،‬عبد العزيز مخمير‪ ،‬اإلرهاب الدولي مع دراسة لالتفاقيات الدولية والقـرارات الصـادرة عن المنظمات‬
‫الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.٣٢٩‬‬
‫‪ - 47‬انظر ‪:‬على عزت بيجوفيتش ‪ ،‬اإلسالم بين الشرق والغرب ‪ ،‬مجلة النور الكويتية ‪ ،‬مؤسسة بافاريا ‪ ،‬بدون تاريخ ‪،‬ص ‪.٣٤‬‬

‫‪37‬‬
‫أوال‪ :‬تطبيق الشريعة اإلسالمية في الجرائم الواقعة داخل الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫إن تطبيق شرع هللا عز وجل أتى به اإلسالم هو أمر واجب بحكم الكتاب والسنة النبوية على‬
‫الحاكم المسلم ‪ ،‬وقد وصف جل شأنه الذين ال يحكمون بما أنزل هللا تارة بأنهم الظالمون‬
‫وتارة أخرى بأنهم الفاسقون وتارة ثالثة بأنهم الكافرون وال شك أن تطبيق حد الحرابة على‬
‫المحاربين كما ورد في كتاب هلل عز وجل وذلك كعقوبة سماوية هي حماية للمجتمع ووسيلة‬
‫من وسائل منع الحرابة لدى كثير ممن يفكرون فى محاربة هلل ورسوله بإشاعة الرعب‬
‫والفزع في العالم ‪ ،‬وتعد هذه العقوبة نوع من تدابير حماية المجتمع اإلسالمي وغيره من‬
‫المجتمعات ال سيما عندما نكون بصدد تطبيقها على المحاربين الذين لهم خطورة إجرامية‬
‫وخطر اجتماعي على المجتمع اإلسالمي بأسره ‪،¹‬وبذلك يكون الهدف من تطبيق العقوبات‬
‫( الحدود) على المحاربين من قتل وقطع لأليدي واألرجل من خالف وصلب ونفي ( حبس‬
‫) حسب كل حالة من حاالت الحرابة ليس فقط تطبيق حدود هللا عز وجل التي في ال شفاعة‬
‫فيها وال عفو وإنما أيضا تحقق المنع والوقاية من وقوع هذه الجرائم مستقبال الدولة‬
‫اإلسالمية التي ينبسط عليها حكم اإلسالم وسلطان الحاكم المسلم وفى هذا الصدد قال (‬
‫مارك انسل )أن القانون اإلسالمي منذ بداية اإلسالم فيما عدا الجرائم الخمسة الكبرى التي‬
‫حددها اإلسالم في القرآن الكريم اهتم بتدابير حماية المجتمع وأعطى للمحاكم الحرية في‬
‫‪48‬‬
‫بعض الجرائم بحيث تأخذ في اعتبارها الجريمة وظروف ارتكابها وشخصية مرتكبها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحقيق األمن‬
‫من أجل القضاء على أشكال اإلرهاب‪ ،‬وتحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬نجد أن إلسالم يعمم‬
‫األمن ويوسع مساحته ‪ ،‬ويمد ظالله ليشمل كل نواحي الحياة البشرية‪ ،‬اجتماعيا واقتصاديا‬
‫وسياسيا ‪ ،‬فيجب تحقيق األمن من الخوف في المسكن كما في الطريق‪ ،‬وفى مكان العمل‬
‫وهكذا ‪ ،‬ويجب أن يكون الفرد أمينا ً على ممتلكاته أيضا فضال عن تحقيق أمنه في غذائه‪،‬‬
‫إذ ال قيمة لتحقيق األمن على األرواح‪ ،‬دون تحقيق األم نفي غذاء الناس و‬
‫معاشهم‪ 49،‬فاإلسالم قد ربط بين ظاهرتين متالزمتين ‪ ،‬تكمل أحداهما األخرى‪ ،‬هما سد‬
‫االحتياجات االقتصادية لإلنسان ‪ ،‬وتوافر الطمأنينة والسكينة واالستقرار‪ ،‬فانتشار األمن في‬
‫بلد ما يكون مدعاة إلى تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬كما أن توافر التنمية االقتصادية‪ ،‬يعد‬
‫عامال ً أساسيا ً من عوامل السكينة واألمن ‪ ،‬لذلك قال الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري‪:‬‬
‫(عجبت لمن ال يجد القوت في بيته‪ ،‬كيف ال يخرج على الناس شاهرا سفيه)‪ 50‬واإلرهاب‬
‫المعاصر قد تكون له أنماط أخرى‪ ،‬ويحارب ضحاياه ويستهدفهم بوسائل عديدة‪ ،‬لذلك فان‬

‫‪ - 48‬انظر ‪ :‬على عزت بيجوفيتش ‪ ،‬اإلسالم بين الشرق والغرب ‪ ،‬مجلة النور الكويتية ‪ ،‬مؤسسة بافاريا‪.‬‬

‫‪ - 49‬د محمد بن محمد سعيد الشعيبى ‪ ،‬اإلرهاب في اإلقليم البرى وفقا لالتفاقيات الدولية والقانون اليمنى وأحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬مجلة بحوث جامعة تعز ‪ ،‬سلسلة اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ١٧٨ . ،‬ص‪٢٠٠٣ ،‬‬

‫‪ - 50‬انظر ‪ :‬د أبو الوفا ‪ ،‬احمد ‪ ،‬الشريعة اإلسالمية وظاهرة اإلرهاب الدولي ‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات العربية ‪ ،‬المنظمة‬
‫العربية للتربية والثقافة والعلوم ‪ ،‬العدد التاسع عشر ‪ ، ١٩٩١ ،‬ص ‪.١٧‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلسالم يقرر شمولية األمن‪ ،‬وتغطيته لجميع تلك األنماط‪ ،‬وسد جميع األبواب بوجه‬
‫اإلرهاب‪ 51.‬فالرسول محمد صلى هللا عليه وسلم يقول ( من أصبح منكم آمنا في سربه‪ ،‬معافا‬
‫في جسده ‪ ،‬عنده قوت يومه‪ ،‬فكأنما حيزت له الدنيا)‪ 52 ،‬وكتب اإلمام ابن حزم في رسائله‬
‫( الوجع والفقر والنكبة والخوف‪ ،‬ال يحس آذاها إال من كان فيها‪ ،‬وال يعلمها من كان خارجا‬
‫عنها ‪ ..‬األمن والصحة والغنى ‪ ،‬ال يعلمها من كان خارجا عنها ‪ ،‬وليس يعرفها من كان‬
‫‪53‬‬
‫فيها‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬أسباب التطرف الديني وتداعياته‬


‫وإستراتجية مكافحته‬
‫التطرف الديني هو أحد أنماط التفكير الذي يتجه إلى التصلب على قيم ومعايير وممارسات‬
‫ضد المجتمع والعالم وبهذا فالتطرف الديني فرديا أم جماعيا‪ ،‬مدعاة إلنتاج جميع وسائل‬
‫النفي وفرض رؤى اإلقصاء التي قد تنتهي إلى العنف واإلرهاب بمبررات دينية من أجل‬
‫اآلخر المختلف‪ .‬ويخطئ من يعتقد أن التطرف الديني يقتصر على دين بعينه أو على أنصار‬
‫دين دون غيره‪ ،‬وذلك ألن األديان والمعتقدات لم تخل من وجود بعض األشخاص الذين‬
‫يشذون ويتطرفون فكريا‪ ،54‬وإن كان هؤالء المتطرفون الذين ينتمون لهذا الدين أو ذاك هم‬
‫االستثناء في القاعدة وليس األصل ألن األصل هو االعتدال من وجهة نظر أتباع كل معتقد‪.‬‬

‫المطلب األول ‪:‬أسباب التطرف الديني‬


‫مما ال شك فيه أن الشريعة اإلسالمية وسط بين الشرائع السماوية‪ ،‬والمسلمون حقا هم‬
‫األمة الوسط بين األمم‪ ،‬وكذا أهل السنة والجماعة‪ ،‬أهل االستقامة هم الوسط بين فرق‬
‫اإلسالم‪ ،‬قال سبحانه‪ ”:‬وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول‬
‫عليكم شهيدا” البقرة‪ ،‬اآلية ‪ ،143‬فاألمة الوسط هي أمة العدل والقسط‪ ،‬تلك األمة التي‬
‫قوامها منهاج االستقامة والسنة‪ ،55‬وقد خاطب الحق سبحانه رسوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫بعدم إتباع من فرقوا دينهم‪ ،‬وأصبحوا جماعات متعددة متناحرة بقوله تعالى‪”:‬إن الذين‬
‫فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى هللا ثم ينبئهم بما كانوا‬

‫‪ - 51‬انظر ‪ : :‬د محمد بن محمد سعيد الشعيبى ‪ ،‬اإلرهاب في اإلقليم البرى وفق لالتفاقيات الدولية والقانون اليمنى وأحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.١٨١‬‬
‫‪ - 52‬انظر ‪ :‬صحيح سنن ابن ماجه ‪ ،‬كتاب الزهد ‪ ،‬باب القناعة ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، ٣٣٤٠‬محمد ناصر األلباني ‪ ،‬المجلد الثاني ‪ ،‬ط‬
‫‪ ، ١‬المكتب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ، ١٩٦٨- ١٤٠٧ ،‬ص ‪ ٣٩٩‬سنن ابن ماجة ‪ ،‬كتاب الزهد ‪ ،‬باب القناعة ‪ ،‬رقم الحديث ‪٤١٤١‬‬
‫تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ج ‪ ٢‬دار الحديث ‪ ،‬القاهرة بون تاريخ ‪ ،‬ص ‪١٣٨٧ .‬‬

‫‪ - 53‬انظر ‪ :‬رسائل ابن حزم األندلسي ‪ ،‬ج ‪ ١‬تحقيق د إحسان عباس ‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر ‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫‪ - 54‬جميل أبو العباس الريان‪ ،‬المتطرفون نشأة التطرف الفكري وأسبابه وآثاره وطرق عالجه‪،‬المركز الديمقراطي العربي‬
‫للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية ‪ ،‬برلين ‪ ،‬ألمانيا‪،2020 ،‬ص‪..102‬‬

‫‪39‬‬
‫يفعلون”سورة النعام ‪/‬اآلية ‪ ،159‬بيد أن العديد من مجتمعات العالم المعاصر ودوله‪ ،‬إن لم‬
‫تكن جميعها‪ ،‬تعيش حالة من التوتر والقلق الدائمين هذه األيام بسبب تفشي ظاهرة التطرف‬
‫واتساعها‪ ،‬ليس على المستوى الفردي فحسب بل وعلى المستوى المجتمعي والدولي أيضا‪،‬‬
‫كما ازدادت حدة هذا التوتر والقلق في اآلونة األخيرة‪ ،‬ألن التطرف لم يعد يقبع في دائرة‬
‫التنظير المجازي‪ ،‬وإنما خرج إلى حيز الوجود الواقعي‪ ،‬ومن ثم أصبح التطرف الفكري‬
‫الركيزة األساسية للولوج في دوامة العنف الذي نجم عنه اإلرهاب اإلجرامي بصوره‬
‫المختلفة والمتعددة‪.‬‬
‫والتطرف الديني هو مجاوزة حد االعتدال في السلوك الديني فكرا أو عمال أو الخروج عن‬
‫مسلك السلف في فهم الدين والعمل به سواء بالتشدد أو التسيب والتفريط‪ ،‬وأن التطرف‬
‫الديني ال يرتبط بدين بعينه فكل دين ظهر كان من بين أتباعه ناس متشددون وآخرون‬
‫معتدلون‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬األسباب السياسية‬


‫التطرف يكون موجودا في المجال السياسي‪ ،‬فقد يكون رجل السياسة متسلطا ال يقبل الحوار‬
‫أو الرأي اآلخر‪ ،‬أو ترفض جماعة سياسية الحوار مع مخالفيها‪ ،‬وتتمسك بفكرة أو مجموعة‬
‫أفكار صماء أو جامدة ويرتبط التطرف هنا بمحاولة أقلية جامدة فكريا أن تفرض رؤيتها‬
‫وأسلوبها في التفكير على األغلبية وهذا التطرف يولد مشاعر متزايدة من اإلحباط والكبت‬
‫السياسي وفقدان الثقة بين المشتغلين في هذا المجال‪.‬‬
‫إن عوامل الدفع هي ظروف أو مظالم تخلق شعورا باإلحباط والتهميش وعدم التمكين مما‬
‫يشجع الناس على البحث عن سبل لعالج بما في ذلك‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬االنضمام‬
‫إلى الجماعات المتطرفة أو اعتناق وجهات نظر متطرفة عنيفة عن العالم‪ ،‬قد تشمل هذه‬
‫العوامل القضايا الهيكلية‪ ،56‬مثل” االختالالت الديمغرافية أو الفقر أو عدم المساواة أو‬
‫التمييز أو البيئات المستقطبة والمجتمعات االنتقالية‪ ،57‬هناك مجموعة من عوامل الدفع‬
‫المحتملة‪ ،‬والتي تحتوي على قائمة من سبعة دوافع سياسية للتطرف العنيف من تقرير‬
‫صادر عن الوكالة األمريكية للتنمية الدولية )‪ (USAID‬تتمثل في‪:‬‬
‫الحرمان من الحقوق السياسية األساسية “اإلقصاء السياسي”والحريات المدنية؛‬
‫األنظمة الشديدة القمعية والتي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق اإلنسان؛‬
‫استحكام الفساد وانتشار اإلفالت من العقاب بالنسبة للنخب المترابطة مع بعضها؛‬

‫‪ - 56‬أحمد سالم حسن وآخرون‪ ،‬التوجه نحو التطرف سياسي ديني اجتماعي لدى طلبة جامعة القادسية‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬
‫البكالوريوس‪ ،‬جامعة القادسية‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،2018 ،‬ص‪..10‬‬
‫‪ - 57‬منظمة البحث عن أرضية مشتركة‪،‬مكافحة التطرف العنيف ‪ /‬كتيب تمهيدي للمفتهيم والبرامج وأفضل‬
‫الممارسات‪،2019،‬ص‪.29‬‬

‫‪40‬‬
‫وجود ملذات آمنة أو مناطق تخضع لسيطرة حكومية سيئة أو في مناطق خارجة عن سيطرة‬
‫الحكومة؛‬
‫النزاعات المحلية القائمة من قبل والممتدة والعنيفة التي يمكن استغاللها من قبل منظمات‬
‫متطرفة عنيفة تسعى إلى الدفع بأجندة خاصة بها؛‬
‫رعاية الدولة للجماعات المتطرفة العنيفة؛‬
‫‪58‬‬
‫أنظمة فقدت مصداقيتها ولديها معارضة ضعيفة أو غير موجودة؛‬
‫باإلضافة إلى قائمة تضم ثمانية دوافع تم تحديدها في تقرير صادر عن برنامج األمم المتحدة‬
‫اإلنمائي)‪ ،(UNDP‬وتتمثل في‪:‬‬
‫دور وتأثير السياسة العالمية؛‬
‫اإلقصاء االقتصادي والفرص المحدودة للترقي االجتماعي؛‬
‫اإلقصاء السياسي وتقلص الفضاء المدني؛‬
‫عدم المساواة والظلم والفساد وانتهاك حقوق اإلنسان؛‬
‫خيبة األمل بالنظم االجتماعية واالقتصادية والسياسية؛‬
‫رفض التنوع المتنامي في المجتمع؛‬
‫ضعف الدولة وتردي األوضاع األمنية؛‬
‫‪59‬‬
‫ثقافة عالمية متغيرة وتبسيط العنف في وسائل اإلعالم والترفيه؛‬
‫وأشار “محمد بيومي” أن غياب الدافعية الوطنية واالنتماء عند الشباب خاصة بعد نكسة‬
‫‪ 1967‬وانتشار ما يسمى بالفراغ الفكري وعدم تفعيل األحزاب السياسية وعدم مشاركة‬
‫الشباب سياسيا أدى إلى ظهور األفكار المتطرفة المختلفة‪ ،‬ويتضح أن المجتمع ال يتيح‬
‫الفرصة المنظمة والسهلة للشباب‪ ،‬كي يشاركوا في معترك الحياة السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية تحت اإلشراف العلمي والمهني للمتخصصين‪ ،‬كذلك فالمجتمع ال يعطي‬
‫الفرصة للشباب للتعبير عن رأيهم واإلسهام في صنع القرارات التي تخصهم كشباب‪ ،‬ويعاني‬
‫الشباب من الفراغ السياسي نتيجة عدم إتاحة الفرصة للممارسات السياسية المتمثلة في‬
‫اتحاد الطالب بشكل إيجابي‪ ،‬مما جعل الشباب يتوجهون إلى تنظيمات سياسية تحتية‪،‬‬
‫يفرغون فيها اتجاهاتهم ويترجمون فيها آمالهم وآالمهم ومشكالتهم‪.‬‬

‫‪ - 58‬جون دينوس ولين كارتر‪ ،‬دليل دوافع التطرف العنيف‪ ،‬الوكالة األمريكية للتعاون الدولي‪ ،‬فبراير ‪ ،2009‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 59‬جي إم بيرغر‪ ،‬جعل برامج مكافحة التطرف العنيف تعمل‪ ،‬نهج مركز قائم على إعاقة العملي‪ ،‬ورقة بحثية للمركز الدولي‬
‫لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬المركز الدولي لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬الهاي‪ ،‬ماي ‪.2016‬‬

‫‪41‬‬
‫ويضيف “محمد محمود” أن الشعارات الرنانة التي رفعتها القيادات السياسية التي تعكس‬
‫توافر سبل الحرية‪ ،‬وسيادة القانون‪ ،‬ودولة المؤسسات مع أن الكبت السياسي ظل هو‬
‫القاعدة العامة‪ ،‬والحرية هي استثناء‪ ،‬زادت في تفاقم الظاهرة وزادت من توجه الشباب‬
‫لالنتماء للجماعات المتطرفة كونهم ال يجدون حقوقهم المشروعة في التعبير عن آرائهم‬
‫وأفكارهم من خالل األجهزة المعترف بها (األسرةـ المدرسةـ الجامعة ـ النادي…‪ ).‬فلم يكن‬
‫هناك بد من أن يلجأوا إلى هذه الجماعات التي تتيح لهم الفرصة أن يعبروا عن أنفسهم‬
‫بحرية وأن يجدوا متنفسا ألفكارهم ومبادئهم‪ ،‬وأن يمارسوا أفكارهم بنوع من القيادة التي‬
‫أفقدهم إياها مجتمعهم األصلي‪ ،‬وأصبح انتماؤهم للمجموعات المتطرفة عقابا للمجتمع‬
‫وتمردا عليه‪ ،‬ورفضا لكل الممارسات التي قمعت فيه روح الشباب وحرية الرأي وتحقيق‬
‫‪60‬‬
‫الذات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األسباب االجتماعية واالقتصادية‬


‫إن من أسباب نشوء األفكار الضالة المتطرفة ظهور التناقض في حياة الناس وما يجدونه‬
‫من مفارقات عجيبة بين ما يسمعونه وما يشاهدون‪ ،‬فهنالك تناقض كبير أحيانا بين ما‬
‫يقرؤه المرء وما يراه‪ ،‬وما يتعلمه‪ ،‬وما يقال وما يعمل‪ ،‬أو ما يدرس له وما يراه‪ ،‬مما‬
‫يحدث اختالال في التصورات‪ ،‬وارتباكا في األفكار‪ ،‬ومن األسباب االجتماعية للتطرف‬
‫الديني نجد‪:‬‬
‫الفراغ ‪:‬فإن الفراغ مفسدة للمرء وداء مهلك ومتلف للدين ونفسك إن لم تشغلها شغلتك‪،‬‬
‫فأن لم تشغل النفس بما ينفعك‪ ،‬والفراغ النفسي والعقلي أرض خصبة لقبول كل فكر هدام‬
‫وغلو وتطرف‪ ،‬فتتغلل األفكار وتغزو القلوب فتولد جذورا يصعب قلعها إال باالنشغال‬
‫بالعمل الصالح والعلم النافع‪.‬‬
‫والفراغ الديني يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ باألفكار التي‬
‫يروجون لها ويعتنقونها‪.‬‬
‫أزمة التعليم والتربية ‪:‬تعتمد نظم التعليم في معظم األقطار اإلسالمية على التلقين‬
‫والتكرار والحفظ‪ ،‬وعلى حشو ذهن الطالب طوال مختلف المراحل الدراسية بمعلومات‪،‬‬
‫دون إعمال للعقل ودون تحليل أو نقد ‪.‬ومثل هذه النظر فرز طالبا يتقبل بسهولة كل ما‬
‫تمليه عليه سلطة المعلم دون نقاش‪ ،‬وبذلك يصبح من السهل جدا على مثل هذا الطالب‬
‫أن يتقبل كل ما تمليه عليه سلطة أمير الجماعة دون تحليل أو نقد أو معارضة‪ ،‬ويكون‬
‫عرضة لالنخراط في أية جماعة أيا كان توجهاتها‪ ،‬حيث يتم تلقين الفكر وتقبله دون‬
‫تحليل‪ ،‬ويسهل االنقياد بفعل إبطال عمل العقل‪.‬‬

‫‪ - 60‬محمد محمود أبو دوابة‪ ،‬االتجاه نحو التطرف وعالقته بالحاجات النفسية لدى طلبة جامعة األزهر بغزة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪-30‬‬
‫‪.31‬‬

‫‪42‬‬
‫وكذلك إهمال الطفل وعدم تعليمه تعليم صالح له أثر سيء على سلوكه مما يوقعه في‬
‫المحرمات والموبقات‪ ،‬وهذا ما يضر المجتمع‪ ،‬وما نشاهده اليوم من تطرف وممارسات‬
‫للعنف واإلرهاب منشأه في أغلب األحيان التربية والتعليم الفاسد وثقافة الجهل‪ ،‬ولألسف‬
‫فأن اليوم من يتصدى للقيادة لبعض الحركات المتطرفة التي تتقمص عبادة الدين هم‬
‫المنحرفون تربويا وثقافيا‪ ،‬لذا يعتبر هذا السبب مهم ورئيسي في نشوء التطرف والعنف‬
‫وامتداد جذوره في المجتمع‪.‬‬
‫الظلم االجتماعي ‪:‬يعتبر الظلم من أخطر اآلفات االجتماعية والسياسية التي تهدد أي‬
‫مجتمع بالزوال واالنهيار والدمار وكذلك انعدام األمن والسالم االجتماعي وغياب‬
‫االستقرار السياسي وتضاعف المشاكل وتراكمها‪ ،‬وما ساد الظلم االجتماعي في مجتمع‬
‫من المجتمعات اإلنسانية إال أدى إلى تدمير ذلك المجتمع حضاريا‪ ،‬كما في قوله سبحانه‬
‫وتعالى) ‪:‬فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك آلية لقوم يعلمون‪(.‬‬
‫فالمجتمع هو الحاضن والمناخ الذي ينمو فيه اإلنسان وتنمو فيه مداركه ويتنفس فيه‬
‫ويرشف من رحيقه‪ ،‬وأي خلل في تلك العوامل فإنه يؤدي إلى خلل في توازن اإلنسان في‬
‫تفكيره ومنهج تعامله فاإلنسان ينظر إلى مجتمعه على أن فيه العدل وفيه كرامته‬
‫اإلنسانية وحينما ال يجد ذلك كما يتصور فإنه يحاول التعبير عن رفضه لتلك الحالة‬
‫بالطريقة التي يعتقد أنها تنقل رسالته فيلجأ إلى التطرف واستخدام العنف‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال حينما ال تكافئ الفرص بين المواطنين وال يكون التفاضل قائما على أسس ومعايير‬
‫سليمة أو عندما ال يكون العدل مقياسا للجمع بين المتساويين والتفريق بين المتفرقين أو‬
‫حينما يتسلط القوي على الضعيف أو يقود الجاهل العالم وغير ذلك من األخطاء‬
‫االجتماعية والظلمات التي يعاني منها المجتمع فإن ذلك يشكل إحباطا لفئات من المجتمع‬
‫فتحاول التعبير عن رفضها لتلك الممارسات بطريقة خاطئة غير رشيدة ألن رد الفعل هو‬
‫الذي يسوقه إلى كراهية المجتمع ومحاولة االنتقام بالطريقة التي يراها مناسبة لرد ما‬
‫يتصور أنه سلب منه‪ ،‬فانتشار الظلم االجتماعي يدفع اإلنسان إلى االنحراف في السلوك‬
‫وتطرف اآلراء والغلو في التفكير فيكون سبب وعامل مهم في انتشار ظاهرة التطرف‬
‫والعنف في المجتمع‬
‫ومن األسباب االقتصادية للتطرف الديني نجد ‪:‬‬
‫البطالة ‪:‬انتشار البطالة في المجتمع داء وبيل‪ ،‬وأي مجتمع تكثر فيه البطالة ويزيد فيه‬
‫العاطلون‪ ،‬وتنصب فيه فرص العمل‪ ،‬فأن ذلك يفتح أبوابا من الخطر على مصارعها‪ ،‬من‬
‫امتهان اإلرهاب والجريمة والمخدرات واالعتداء والسرقة‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫الفقر واحدة من المعضالت التي تعيشها المجتمعات هي ظاهرة تفشي الفقر ولم تكتف‬
‫الشريعة اإلسالمية بما شرعته من تكاليف لمحاربة ظاهرة الفقر ‪.‬وإنما تعدت ذلك إلى‬
‫ترشيد توصيل مستحقات الفقراء والمساكين إليهم ببعض األحكام التي من شأنها الحفاظ‬

‫‪43‬‬
‫على كرامتهم اإلنسانية لمعالجة هذه اآلفة الخطيرة ‪.‬فالفقر االقتصادي من أعظم ما يبعث‬
‫اإلنسان على النهب والقتل وسفك الدماء وممارسة شتى أساليب التطرف والعنف المقيت‪.‬‬
‫الطبقية ‪:‬إن التفاوت االجتماعي يترتب عليه فقر وسوء تغذية وتفاوت شاسع في ثورات‬
‫المواصالت واألنظمة والمعلومات مما يشكل عنفا بطريقة غير مباشرة‪.‬وبال شك فإن‬
‫العنف ينشأ نتيجة إخفاقات الطبقة الحاكمة كاإلخفاق السياسي يظهر غياب فرص التطور‬
‫السياسي السلمي والديمقراطي وتطفو عليه حكومة عسكرية تقود مجتمع مدني فال وجود‬
‫للتعددية السياسية وال وجود لقدر حرية التعبير ‪.‬وليس هناك من تداول حقيقي للسلطة‬
‫والطبقة الحاكمة في الحكم وهذه كلها تدفع إلى تشكيل نمو ظاهرة التطرف والعنف‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬تداعيات التطرف الديني وإستراتجية‬


‫مكافحته‬
‫التطرف الديني هو الظالم األسود الذي يسود العالم اليوم‪ ،‬وخاصة في منطقة الشرق األوسط‬
‫وأوروبا‪ ،‬والتطرف الديني موجود في كل الديانات‪ ،‬لكن بالذات في الديانات السماوية‪،‬‬
‫وبالخصوص في المسيحية واإلسالم‪.‬‬
‫التطرف الديني أو التعصب‪ ،‬هو تعصب شخص أو جماعة لدين ُمعَي إن أو حتى لمذهب في‬
‫دين معين‪.‬‬
‫في المجتمعات الغربية ظهرت أيضا ً أحزاب وجماعات يمينية متطرفة اختلطت في مفاهيمها‬
‫األفكار العنصرية والدينية والسياسية‪ ،‬مستغلة ت َ َ‬
‫طرف بعض اإلسالميين وأعمالهم اإلرهابية‬
‫للترويج ألفكارها وتحقيق مكاسب سياسية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬تداعيات التطرف الديني‬
‫للتعصب الديني األثر الكبير في تشويه صورة اإلسالم أمام العالم‪ .‬لذا فإننا مطالبون بإيصال‬
‫س ْلنَاكَ إال َرحْ َمةً‬
‫هذا اإلسالم إلى كل أنحاء العالم بلين ورحمة‪ ،‬لقوله تعالى‪َ { :‬و َما أ َ ْر َ‬
‫هل ْلعَالَ همينَ ‪}.‬‬
‫األسباب التي تؤدي إلى التعصب الديني متعددة‪ ،‬منها‪ :‬االنحراف عن معايير العدالة‬
‫والعقالنية‪ ،‬فكثيرون من معتنقي األديان يؤمنون بالدين بشكل بعيد عن تحكيم العقل‪ ،‬وهناك‬
‫أمثلة في جميع الديانات والمذاهب حتى اإلسالمية منها‪ .‬وحتى ولو ظهر للشخص المتعصب‬
‫مصرا على رأيه وال يزن اآلراء بميزان‬
‫ًّ‬ ‫الحق في دين أو مذهب معين‪ ،‬نجده في الغالب يبقى‬
‫العدالة والعقالنية‪.‬‬
‫ومن أسباب التعصب الديني أيضا ً هناك الفجوة المعلوماتية‪ :‬فعلماء المسلمين منذ عصر‬
‫التدوين إلى اليوم يختارون ما يريدون إبالغ العامة به همما هو موجود في كتب تراثنا‬

‫‪44‬‬
‫ويتركون أجزاء كثيرة من هذا التراث في بطون أمهات كتبنا بعيدة عن علم ووجدان عامة‬
‫المسلمين‪ ،‬وقد تسببت هذه االختيارية المنحازة في تكوين صور فيها غُلُو ومبالغة للرموز‬
‫سة لإلسالم في أذهان العامة على حساب الموضوعية الوسطية الحقيقية‪.‬‬ ‫س َ‬
‫المؤ ه ّ‬
‫كذلك من بين أسباب ظاهرة التعصب الديني‪ :‬عدم التفرقة بين النص اإللـٰهي وأقوال العلماء‪،‬‬
‫حيث يعتبر البعض أن أقوال العلماء دينا ً غير قابل للخطأ أو المناقشة‪ ،‬فتراهم يدافعون عن‬
‫أقوال العلماء مثلما يدافعون عن النص اإللـٰهي‪.‬‬
‫وهذا يؤدي إلى التعصب األعمى للمذهب أو الدين‪ ،‬ما يؤدي إلى عدم االلتزام الصحيح‬
‫والكامل بدين اإلسالم على مستوى المشاعر واألفكار والسلوكيات‪ ،‬ألن ديننا الحنيف يقوم‬
‫على العدل والمساواة والتوازن واالعتدال‪ ،‬وال يقوم على التطرف والتعصب للباطل‪.‬‬
‫ومما يزيد الطين بلة رواج أحاديث ضعيفة وموضوعة بين المتمذهبين المتعصبين فيها‬
‫إقرار لهم على ما هم فيه من اختالف وتنافر‪ ،‬وهناك أحاديث غير صحيحة أو ضعيفة‬
‫يستغلها هؤالء المتعصبون استغالالً فاحشا ً لدعم آرائهم ومواقفهم‪.‬‬
‫ويتخذونها أيضا ً سندا ً لهم لتكريس االنقسامات المذهبية والتعصبات الطائفية والفرقة‬
‫والتناحر بين المسلمين‪ ،‬والمصيبة الكبرى أن التنظيمات اإلرهابية باتت تتكلم بلسان أكثر‬
‫من مليار مسلم‪ ،‬وتسعى بدأب لنيل الشرعية‪ ،‬وفرض أطروحاتها الكاذبة والترويج لها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬استراتجيات مكافحة التطرف الديني‬


‫غالبا ما يوصف التطرف العنيف بأنه ظاهرة‪ ،‬وتوجد أوجه تشابه عديدة بين التطرف العنيف‬
‫واألنواع األخرى من العنف المنظم أو القائم على دوافع معينة مثل العصابات وحركات‬
‫التمرد‪ ،‬وذلك من حيث األسباب الداعية إليه‪ ،‬وكذلك فرص التصدي له ومعالجته‪ ،‬ويرتكز‬
‫مجال مكافحة التطرف العنيف على فهم كيفية وصول األفراد والجماعات لدعم واعتناق‬
‫وجهات النظر العالمية المتطرفة العنيفة وحتى المشاركة في األنشطة المتطرفة العنيفة‪،‬‬
‫ويطلق على هذه العملية الراديكالية العنيفة أو الراديكالية فحسب‪ ،61‬ويتم مواجهة التطرف‬
‫من خالل‪:‬‬
‫الوقاية العامة‪ :‬هي المستوى الذي يعمل فيه ممارسو مكافحة التطرف العنيف مع عامة‬
‫السكان لتعزيز القدرة على الصمود أمام التطرف العنيف‪،‬وعادة ما يكون ذلك على مستوى‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬وتعمل المشاريع على تحقيق ذلك عن طريق التصدي لمصادر الظلم‬
‫ودوافع التطرف العنيف‪ ،‬والتي يمكن أن تكون محددة جدا في منطقة أو مجتمع معين‪،62‬‬
‫وتشمل أمثلة أنشطة الوقاية العامة ما يلي‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫‪+‬إقامة حوار مشترك بين الثقافات والذي يسعى لترسيخ قيم التسامح بين الثقافات وتحديد‬
‫مجاالت التعاون في المجتمع في المناطق التي قد تشكل فيها االنقسامات في المجتمع المحلي‬
‫دافعا للتطرف العنيف‪.‬‬
‫‪+‬مساعدة القادة الدينيين في التصدي للتفسيرات المتطرفة للدين من قبل المتطرفين‬
‫العنيفين من خالل إبراز الممارسات الدينية السمحة التي تعكس النهج العام في المناطق‬
‫التي يستغل فيها الدين لتجنيد األفراد من أجل القيام بأعمال العنف والتطرف‪.‬‬
‫‪+‬تحسين الوصول إلى العدالة والمساعدة القانونية وفعالية نظام العدالة في المجتمعات‬
‫المحلية عندما تكون هذه القضايا هي الدافع المؤدي للتطرف العنيف‪.‬‬
‫برامج الوقاية المحددة‪:‬ال تستهدف سوى األفراد الذين يتسمون بالخصائص التي أظهرت‬
‫البحوث أنها تجعل الناس عرضة لخطر االنجذاب للتطرف العنيف‪ ،‬إن وجود هذه العوامل‬
‫أو الخصائص ال يعني أن قدر هؤالء األفراد إلى حد ما هو أن يصبحوا متطرفين عنيفين‪،‬‬
‫ليس بسبب هذه العوامل المحددة فحسب يصبح األفراد متطرفين عنيفين‪ ،‬لذلك يعمل‬
‫الممارسون مع األفراد المعرضين للتأثر بالتطرف باعتبارهم أشخاصا وليسوا مجرمين ما‬
‫يهم في األمر هو مساعدة هؤالء األفراد على التغلب على القضايا التي تجعلهم عرضة‬
‫للتأثر بالتطرف أو تطوير االستراتيجيات التي يمكن أن تساعدهم على إدارة هذه القضايا‬
‫بفعالية‪ ،‬وتتضمن األمثلة على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪+‬تعزيز التماسك االجتماعي من خالل اإلدماج والمشاركة بين الفئات االجتماعية المهمشة‬
‫عندما يتضح أن هذه المجموعات أكثر عرضة للراديكالية لهذه األسباب‪.‬‬
‫‪+‬تعزيز اإللمام بوسائط اإلعالم والتكنولوجيا الرقمية بين المراهقين والشباب المعرضين‬
‫للتأثر بالتطرف‪ ،‬ليكونوا قادرين على الصمود أمام خطاب العنف والتطرف بشأن الحياة‬
‫اليومية والهوية والدين والنشاطات االجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫‪+‬تعزيز قدرة صمود األفراد المعرضين للتأثر بالتطرف من خالل مساعدتهم على تطوير‬
‫مهاراتهم للتخلص من التوتر‪ ،‬والتحكم في عواطفهم‪ ،‬ومواجهة الراديكالية والضغط من‬
‫‪63‬‬
‫القرناء‪ ،‬وحل النزاعات باستخدام سبل غير عنيفة‪.‬‬
‫ومع ذلك فإنه يتعين تطبيق برامج التدخل المبكر والتحويل بمجرد أن يبدأ شخص ما في‬
‫إظهار مواقف متطرفة عنيفة أو إبداء اهتمام بالدعاية المتطرفة العنيفة‪ ،‬أو حتى بدء التفاعل‬
‫مع األفراد الراديكاليين‪ .‬ويتم تنفيذ هذه األنشطة لمنع الفرد من التطرف بصورة أكبر من‬
‫خالل تعطيل عملية الراديكالية عبر تدخالت فردية‪ ،‬ومن ثم تهدف هذه األنشطة إلى منع‬

‫‪46‬‬
‫المزيد من الراديكالية ومنع الحاجة إلى اتخاذ المزيد ممن التدخالت القسرية مثل االعتقال‬
‫‪64‬‬
‫والمقاضاة وحتى السجن‪ ،‬ومن أمثلة برامج التدخل المبكر والتحويل‪:‬‬
‫‪+‬تسجيل ومشاركة التجارب المغيرة للحياة ألولئك الذين شاركوا في التطرف العنيف أو‬
‫تعرضوا لألذى منه لفضح الدعاية غير الصحيحة للمتطرفين العنيفين التي يتلقاها الجمهور‬
‫المستهدف‪.‬‬
‫‪+‬زيادة وعي رجال الشرطة ومسؤولي السجون بشأن الكشف عن *عالمات الراديكالية في‬
‫مرحلة مبكرة من خالل تعزيز مهاراتهم في التفكير والتقييم‪.‬‬
‫‪+‬استهداف األشخاص الذين يبحثون عن الرسائل المتطرفة العنيفة عبر االنترنت وإعادة‬
‫توجيههم نحو مقاطع فيديو على موقع اليوتوب تدحض محاور التجنيد لتلك الجماعة‪.‬‬
‫ومع ذلك فبمجرد أن يصبح الشخص راديكاليا أو يصبح عضوا في جماعة متطرفة عنيفة‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان بمساعدة عامل محرك يحفز الفرد على عبور ذلك الخط ‪،‬فقد تؤدي‬
‫الشرطة أو قوات األمن األخرى دورا أكبر‪ ،‬وفي األنواع التالية من استجابات مكافحة‬
‫التطرف العنيف‪ ،‬تبدأ التدخالت في الوقت الذي قد يكون بعض األفراد تم اعتقالهم أو سجنهم‬
‫بالفعل‪ ،‬وتشمل هذه االستجابات في مرحلة ما بعد الراديكالية ما يلي‪:‬‬
‫‪+‬فك االرتباط هو عملية تغيير سلوك المرء لالمتناع عن األنشطة العنيفة واالنسحاب من‬
‫جماعة متطرفة عنيفة‪.‬‬
‫‪+‬نزع الراديكالية هي عملية مكافحة وتفكيك أركان اإليديولوجية المرتبطة بالتطرف‬
‫العنيف واقتراح ايديولوجية بديلة‪.‬‬
‫‪+‬إعادة التأهيل وهي العملية التي يقوم فيها الممارسون في المجتمع أو مراكز االحتجاز‬
‫بالمشاركة في إعادة تأهيل األفراد بعد أن يتم نزع الراديكالية عنهم أو فك ارتباطهم عن‬
‫اإليديولوجيات المتطرفة العنيفة‪.‬‬
‫‪+‬إعادة الدمج هي العملية التي يساعد فيها الممارسون على دمج الفرد المعاد تأهيله‬
‫بالكامل في المجتمع‪ ،‬كما يعمل الممارسون في نفس الوقت في المجتمع لضمان التجاوب‬
‫اإليجابي مع األفراد المعاد تأهيلهم والتخفيف من الوصمة االجتماعية‪ ،‬ويتمثل الهدف‬
‫‪65‬‬
‫النهائي إلعادة الدمج في تعزيز االندماج االجتماعي للفرد ومنع االنتكاسة‪.‬‬
‫إن التحديات التي تواجه نهج المجتمع بأكمله في مكافحة التطرف العنيف‪ ،‬وجب التركيز‬
‫على نقطة مهمة هي الصمود المجتمعي‪ ،‬وأهمية وجود مجموعة متنوعة من أعضاء‬

‫‪47‬‬
‫وعالقات المجتمع لجعل المجتمعات المحلية تتمتع بالصمود أمام مخاطر الراديكالية‪ ،‬وتشمل‬
‫أهم النقاط المستفادة ما يلي‪:‬‬
‫‪+‬لدى المجتمعات المحلية القادرة على الصمود العديد من العوامل الدفاعية التي تساعد في‬
‫حمايتها من تزايد وانتشار التطرف العنيف‪.‬‬
‫‪+‬مكافحة التطرف العنيف أكثر فعالية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪+‬القادة الدينيون من الذكور واإلناث هم شركاء مهمون في مكافحة التطرف العنيف‪.‬‬
‫‪+‬األسر القادرة على الصمود هي مكونات هامة للمجتمعات المحلية التي تتسم بقدرتها على‬
‫الصمود أمام التطرف العنيف‪.‬‬
‫‪+‬تواجه المنظمات المحلية والشعبية عوائق تحول دون المشاركة الكاملة في مجال مكافحة‬
‫التطرف العنيف‪.‬‬
‫وتتناول صراحة إستراتيجية األمم المتحدة العالمية لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬التي اعتمدتها الجمعية‬
‫العامة باإلجماع بموجب قرارها ‪ 288/60‬مسألة الوقاية وتتوقع تنفيذا متوازنا على‬
‫مستوى ركائزها األربع كلها ‪،‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫معالجة الظروف المؤدية إلى اإلرهاب؛‬
‫منع اإلرهاب ومكافحته؛‬
‫بناء قدرات البلدان على مكافحة اإلرهاب وتعزيز دور منظومة األمم المتحدة في هذا الصدد؛‬
‫نظرا لحساسية قضايا التطرف من الناحيتين الدينية والسياسية‪ ،‬هناك الكثير من التحديات‬
‫التي تواجه المؤسسات واألشخاص الذين يعملون في هذا المجال‪ ،‬والتي تعد من العوائق‬
‫التي تحول دون تطبيق البرامج الموضوعة وزيادة فعاليتها‪ ،66‬حيث أن هذه التحديات يمكن‬
‫أن تحد من انتشار البرامج وهو ما يستدعي إعادة النظر في آليات وأدوات العمل التي من‬
‫الممكن االرتكاز عليها للشروع في أي برنامج أو مشروع يوضع لمكافحة التطرف‪.‬‬

‫‪ - 66‬المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تقرير حالة البالد مكافحة التطرف‪ ،‬ص‪.18:‬‬

‫‪48‬‬
‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫أدى االعتراف بفشل النهج األمني الصارم إزاء مكافحة اإلرهاب في منع انتشار اإلرهاب‬
‫المقترن بانتشار الجماعات اإلرهابية‪ ،‬إلى ترسيخ منع التطرف العنيف في جداول األعمال‬
‫الدولية واإلقليمية والوطنية‪ ،‬و غالبا ما يعرض منع التطرف العنيف أو مكافحته باعتباره‬
‫نهجا ألين إزاء مكافحة اإلرهاب‪ ،‬ومع ذلك فإن مرونة مصطلح “التطرف العنيف”‪،‬‬
‫وغموض األسباب التي تدفع األفراد إلى تبني التطرف العنيف‪ ،‬يعنيان أن هناك مجموعة‬
‫واسعة من التدابير التشريعية واإلدارية والسياساتية المتبعة التي يمكن أن تؤثر تأثيرا سلبيا‬
‫خطيرا على حقوق اإلنسان بمختلف أنواعها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن أن تؤدي التدابير‬
‫التي تستهدف مكافحة التطرف العنيف إلى وصم فئات أو مجتمعات محلية معينة‪ ،‬وتقويض‬
‫الد عم الذي تحتاج إليه الحكومات للنجاح في تنفيذ برامجها‪ ،‬وتترتب عليها آثار عكسية‪،‬‬
‫ويمكن أن تستخدم أيضا في الحد من الحيز الذي يعمل فيه المجتمع المدني‪،‬وقد يكون لها‬
‫أثر تمييزي على المرأة والطفل‪.67‬‬

‫‪ - 67‬األمم المتحدة‪ ،‬الجمعية العامة‪ ،‬مجلس حقوق اإلنسان ‪ ،‬الدورة الحادية والثالثون‪،‬القرار رقم ‪،A/FRC/31/65‬حول‬
‫تعزيز وحماية حقوق اإلنسان حقوق اإلنسان والحريات األساسية في سياق مكافحة اإلرهاب ‪ ،‬أبريل ‪،2016‬ص ‪.25‬‬

‫‪49‬‬
‫خاتمة‬
‫إن الدولة تشجب وبأشد العبارات اإلرهاب بجميع صوره وأشكاله‪ ،‬وتجدد إلتزامها على‬
‫الدوام ليس بمواجهة والتصدي لإلرهاب فحسب‪ ،‬بل بمحاربة األيدولوجيات المتطرفة التي‬
‫تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات اإلرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيم داعش‬
‫والقاعدة اإلرهابيين‪.‬‬
‫إن خطر اإلرهاب والتطرف تحدى يومي يستهدف استقرار دولنا وأمن مواطينينا والمقيمين‬
‫فيها ويهدد نظامنا السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪،‬وهو ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود‬
‫والثقافات واألديان‪ ،‬وإن محاربته تستدعي تضافر كافة الجهود من مختلف األطراف‪ ،‬إال أن‬
‫حربنا مع اإلرهاب ليست حربا ً عسكرية فقط‪ ،‬ألن اإلرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة األوجه‪،‬‬
‫ويتطلب كل وجه أسلوبا ً خاصا ً لمواجهته‪ ،‬ولهذا فإن الجهود المبذولة لتحدي التطرف‬
‫واإلرهاب يجب أن تعالج كل مرحلة‪ :‬بدءا ً من معالجة جذور الراديكالية‪ ،‬إلى مكافحة عمليات‬
‫التجنيد‪ ،‬ووصوالً إلى المشاركة الفعالة في المجتمع‪ ،‬فمن الناحية القانونية‪ ،‬قامت الدول‬
‫بإصدار قوانين وتشريعات لتجريم أي عناصر ترتبط بالتنظيمات اإلرهابية‪.‬‬
‫ففي مجال مكافحة تمويل اإلرهاب‪ ،‬فقد بذلت الدول و خاصة الدول العربية جهودا ً كبيرة‬
‫لتعزيز نظام مواجهة غسل األموال وتمويل اإلرهاب وذلك من خالل القوانين التي أصدرتها‬
‫والخطوات التي تتخذها‪ ،‬حيث تقوم الدولة بالتواصل على المستوى الدولي لرصد شبكات‬
‫تمويل اإلرهاب وايقافها وذلك من خالل التعاون مع وحدات االستخبارات المالية األخرى‬
‫ومن خالل المنظمات الدولية‪.‬‬
‫لقد أدركت الدول العربية خطورة الفكر المتطرف مبكراً‪ ،‬فانتهجت في ذلك أسلوب الوقاية‬
‫منه‪ ،‬حيث تم ضبط الخطاب الديني في مؤسساتها الرسمية‪ ،‬ومنابرها الدينية واإلعالمية‪،‬‬
‫ومناهج تعليمها الديني‪ ،‬وخطت في صدد التعليم الديني برامج متعددة على مختلف األصعدة‬
‫وكافة المستويات سواء كان ذلك على مستوى مناهج التربية اإلسالمية في التعليم ‪ ،‬أو‬
‫المناهج الموحدة في مراكز تحفيظ القرآن الكريم التابعة للهيئة العامة للشؤون واألوقاف‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الئحة المراجع الخاصة‪:‬‬
‫❖ ‪-‬هيثم فاتح شهاب‪،‬جريمة االرهلب وسبل مكافحتها (في التشريعات الجزائية‬
‫المقارنة)‪ ،‬دارالثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن صفحة ‪.28‬‬
‫❖ ‪1‬ا لرائد معجم لغوي عصري‪ ،‬مسعود (جبران)‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪1967‬م‪.88 ،‬‬
‫❖ عبد الهادي ‪،‬عبـد العزيـز مخيمـر‪ ،‬اإلرهـاب الـدولي مـع دراسـته لالتفاقيـات‬
‫والقـرارات الصـادرة عـن المنظمات الدولية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.٢٣١‬‬

‫الرسائل واألطروحات والمجالت‪:‬‬


‫❖ مجلة روافد للبحوث‪ ،‬الظاهرة اإلرهابية األسباب وسبل العالج‪ ،‬دراسة مقارنة بين‬
‫الشريعة اإلسالمية والقانون الجزائري‪.‬‬
‫❖ وداد غزالني‪ ،‬العولمة واالرهاب الدوليبين آليات التفكيك والتركيب‪ ،‬أطروحة مقدمة‬
‫لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬تخصص‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر‪،2010/2009،‬ص‪.215‬‬
‫❖ سالم وضان الموسوي‪ -‬فعل اإلرهاب والجريمة اإلرهابية دراسة مقارنة معززة‬
‫بتطبيقات قضائية‪ -‬منشورات الحبلي الحقوقية الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص‪.32 :‬‬
‫❖ الجريمة السياسية ضد األفراد( دراسة فقهية مقارنة ) رسالة استكماال لمتطلبات‬
‫الحصول على درجة الماجستير في الفقه المقارن‪ ،‬من كلية الشريعة والقانون ‪ ،‬في‬
‫الجامعة اإلسالمية‪ ،‬بغزة للطالب هاني رفيق حامد عوض‪.‬‬
‫❖ سورة األنفال األية ‪.60‬‬
‫❖ الجامع ألحكام القرآن – تفسير القرطبي – دار الكتاب القاهرة – الطبعة الثانية الجزء‬
‫الثامن سنة ‪ ،1964‬ص‪.38 :‬‬
‫❖ سورة البقرة األية ‪.40‬‬
‫❖ سورة البقرة األية ‪.256‬‬
‫❖ الحرشي علي مختصر سيد خليل‪ ،‬البن عبد هللا محمد بن عبد هللا بن علي الحرشي‬
‫المالكي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مجلة ‪ 4‬ص‪.104,103:‬‬
‫❖ سورة المائدة األية ‪.33‬‬
‫❖ صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب " النوم على الشق األيمن"‪ ،‬حديث‬
‫رقم‪.5956:‬‬
‫❖ محمد‪ ،‬البخدوي بحـث نطـق الطـائرات منشـور في مجلـة معهـد البحـوث‬
‫والدراسـات العربيـة ‪ ، ١٩٧٤‬ص‪.٢٠٠‬‬

‫‪51‬‬
‫❖ منظمة البحث عن أرضية مشتركة‪،‬مكافحة التطرف العنيف ‪ /‬كتيب تمهيدي للمفتهيم‬
‫والبرامج وأفضل الممارسات‪،2019،‬ص‪.29‬‬
‫❖ جون دينوس ولين كارتر‪ ،‬دليل دوافع التطرف العنيف‪ ،‬الوكالة األمريكية للتعاون‬
‫الدولي‪ ،‬فبراير ‪ ،2009‬ص ‪.27‬‬
‫❖ جي إم بيرغر‪ ،‬جعل برامج مكافحة التطرف العنيف تعمل‪ ،‬نهج مركز قائم على إعاقة‬
‫العملي‪ ،‬ورقة بحثية للمركز الدولي لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬المركز الدولي لمكافحة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬الهاي‪ ،‬ماي ‪.2016‬‬
‫❖ المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تقرير حالة البالد مكافحة التطرف‪ ،‬ص‪.18:‬‬
‫❖ ‪ - 1‬األمم المتحدة‪ ،‬الجمعية العامة‪ ،‬مجلس حقوق اإلنسان ‪ ،‬الدورة الحادية‬
‫والثالثون‪،‬القرار رقم ‪،A/FRC/31/65‬حول تعزيز وحماية حقوق اإلنسان‬
‫حقوق اإلنسان والحريات األساسية في سياق مكافحة اإلرهاب ‪ ،‬أبريل ‪،2016‬ص‬
‫‪.25‬‬

‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪➢ https://www.alifta.gov.sa1.‬‬
‫‪➢ http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Mnfsia15/Ext‬‬
‫‪remity/sec01.doc_cvt.htm.‬‬
‫‪➢ https://wikiwic.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A‬‬
‫‪%D9%81-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/#‬‬
‫‪asbab_alttrf.‬‬
‫‪➢ https://sotor.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/.‬‬
‫‪➢ https://www.google.com/amp/s/www.alraimedia.com/amp‬‬
‫‪Article/676477.‬‬
‫‪➢ https://mqaall.com/religious-‬‬
‫‪extremism/#ma_hy_smat_alttrf_aldyny.‬‬
‫‪➢ https://sotor.com/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%‬‬
‫‪D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A/.‬‬
‫‪➢ https://www.almadenahnews.com/article/418032-‬‬
‫‪%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-‬‬

‫‪52‬‬
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-
%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A.
➢ https://wikiwic.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A
%D9%81-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/#
asbab_alttrf.
➢ https://www.almadenahnews.com/article/418032-
%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-
%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A.
➢ https://wikiwic.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A
%D9%81-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/#
asbab_alttr
➢ https://www.bibliotdroit.com/2020/03/blog-post_319.html

53
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لجريمة اإلرهاب والتطرف الديني في ضوء التشريع‬
‫اإلسالمي والقانون الوضعي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم جريمة اإلرهاب والتطرف الديني في القانون الوضعي‬
‫والشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الجريمة اإلرهاب في بعض القوانين الوضعية الدولية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف اللغوي واالصطالحي لإلرهاب‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف اإلرهاب في االتفاقيات الدولية واإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في القرٱن الكريم والسنة النبوية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف الجريمة اإلرهابية في الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التطرف الديني في ضوء التشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف التطرف الديني‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬في المنظور اإلسالمي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬سمات التطرف الديني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر التطرف الديني وأنواعه‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مظاهر التطرف الديني‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع التطرف الديني‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أسباب ودوافع جريمتي اإلرهاب والتطرف الديني وسبل مكافحتهما‬
‫في القانون الوضعي والتشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب ودوافع الجريمة اإلرهابية وطرق مكافحتها في القانون‬
‫الوضعي والشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب ودوافع الجريمة اإلرهابية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الدوافع السياسية واالقتصادية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الدوافع الدينية والشخصية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬طرق مكافحة الجريمة اإلرهابية في القانون الدولي والشريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مكافحة الجريمة اإلرهابية في القانون الدولي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مكافحة الجريمة اإلرهابية في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬أسباب التطرف الديني وتداعياته وإستراتجية مكافحته‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب التطرف الديني‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األسباب السياسية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األسباب االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تداعيات التطرف الديني وإستراتجية مكافحته‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تداعيات التطرف الديني‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬استراتجيات مكافحة التطرف الديني‪.‬‬
‫خاتمة‪.‬‬
‫الئحة المراجع‪.‬‬
‫الفهرس‪.‬‬

‫‪55‬‬
56

You might also like