You are on page 1of 6

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة مولود معمري – تيزي وزو‬


‫كلية العلوم اإلنسانية و اإلجتماعية‬
‫قسم علم النفس‬
‫تخصص علم النفس العيادي‬

‫تفسري النظرية الإجامتعية للسلوك الإجرايم‬

‫الفوج ‪01 :‬‬ ‫إعداد الطالبة ‪:‬‬

‫بوصاع حناف‬

‫بوداود خدجية‬

‫السنة الجامعية ‪2019_2020‬‬


‫مقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫إف اجملتمعات اإلنسانية مع تطورىا وزيادة أفرادىا وتباعد ىم‪ ،‬وتناحرىم وزيادة جرائمهم اقتضى وجود‬
‫تنظيم اجتماعي خاص أو قواعد وقوانُت‪ ،‬أو عادات وتقاليد تلزـ األفراد بإتباعها يف حياهتم االجتماعية وتتالءـ‬
‫مع طبيعة احلياة يف تلك اجملتمعات يف شىت احلياة السياسية واالقتصادية واألسرية‪ ،‬واخلروج عن تلك النظم يعد‬
‫خروجا عن السلوؾ الذي ارتضتو اجلماعة لنفسها شلا يقتضي ضرورة عقاب اخلارج عنها‪ .‬فاجلردية ختتلف باختالؼ‬
‫ادلكاف أو الزماف ‪,‬مبعٌت أف ما يعترب جردية يف مكاف معُت ال يعترب كذلك يف مكاف آخر وما يعد جردية يف زمن‬
‫معُت‪ ،‬ال يعد كذلك يف زمن آخر‪ .‬فاجلردية ذات مفهوـ متغَت وطابع نسيب ختتلف باختالؼ ادلكاف والزماف‬
‫وىكذا ختتلف النظرة يف حتديد مفهومها‪ ،‬وتتعدد فمن ينظر إليها كحقيقة قانونية وفعل غَت مشروع جنائيا‪،‬‬
‫ومنهم من ينظر إليها كظاىرة اجتماعية‪ ،‬يهتم باجلانب اجلوىري منها‪ ،‬بل و تتعدد مفاىيم اجلردية تبعا الختالؼ‬
‫النظرية اليت تدرسها حيث أهنا موضع دراسة لكثَت من العلوـ اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬و سنتطرؽ يف حبثنا ىذا اىل‬
‫تفسَت اجلردية من اجلانب االجتماعي ‪.‬‬

‫‪-1‬المفهوم االجتماعي للجريمة‪:‬‬


‫فاجلردية من وجهة نظر علماء االجتماع" ‪:‬ىي كل سلوؾ جدير بالعقاب سواء كاف معاقبا عليو من قبل‬
‫الشارع اجلنائي أو غَت معاقب عليو وضابط اجلدارة بالعقاب ىو الرأي السائد يف اجملتمع‪ ،‬ومدى تقديره يف أف‬
‫بعض األفعاؿ دتس مصاحلو األساسية أو القيم العامة‪ ،‬واألساسية للجماعة حبيث تعترب اجلردية نوعا من اخليانة‬
‫يرتكبو شخص ال حيًتـ واجب الوالء‪ ،‬واإلخالص للدولة (عبد الواحد إمام موسى‪ ,‬ص‪)17‬‬

‫من ىنا نستشف أف اجلردية من ىذه الوجهة تشكل حتديا لكل ما ىو عادي ومألوؼ يف اجملتمع‪ ،‬وقد‬
‫دفع ذلك دوركامي إىل حد اعتبار اجلردية ظاىرة طبيعية وسوية يف اجملتمع ( عبد الرحمن العيسوي ‪ 1997,‬ص‪(49‬‬

‫كما أكد أيضا أف األفعاالدلستنكرة موزعة بشكل غَت متساوي‪ ،‬وىذا التوزيع وليد العشوائية( جرائم السرقة‪،‬‬
‫للطبقات الدنيا من اجملتمع‪ ،‬جرائم الياقة البيضاء‪ ،‬الطبقات العليا) روبودون ‪ /‬ف بوريكو ‪,1986 ,‬ص‪(243‬‬

‫ومن جهة أخرى فاجلردية تعترب ثورة على أسباب العيش الكرمي‪ ،‬ومن ىنا تصبح اجلردية مصدر جملموعة‬
‫من االنفعاالت أو ردود الفعل‪ ،‬فهي تثَت اخلوؼ واحليطة واحلذر‪ ،‬وقد حترؾ يف النفس مشاعر الزىو‬
‫واإلعجاب وتأكيد الذات‪ ،‬وىي جتسيد دلوقف العنف والتمرد والعدواف‪.‬‬
‫‪-2‬النظريات االجتماعية المفسرة لإلجرام‪:‬‬
‫لقد حاوؿ العديد من العلماء تفسَت ظاىرة اإلجراـ ‪ ،‬كما عملوا على حتديد ادلؤشرات اليت تعمل على إبراز‬
‫الظاىرة يف اجملتمع ‪ ،‬ومن بُت ىؤالء العلماء صلد علماء االجتماع فلقد كاف ذلم دور كبَت يف زلاوالت تفسَت‬
‫اجلردية و حاولوا حصر األسباب االجتماعية أو ادلؤشرات االجتماعية اليت تساعد بشكل مباشر أو غَت مباشر‬
‫على منو اجلردية أو انطفائها‪.‬‬

‫إف الدراسات األوىل يف علم االجتماع اإلجرامي تعود إىل ادلدرسة اجلغرافية " اخلرائطية " بزعامة ‪Geverry et‬‬
‫‪Quetelet‬و ادلدرسة ادلاركسية بزعامة ماركس واصللز توي منذ ‪ 0551‬حيث تؤكد ىذه ادلدارس أف اإلجراـ‬
‫مرتبط بالظروؼ االقتصادية ‪ .‬وبعد سنوات سادت نظرية لومربوزو و ادلدرسة الوضعية اإليطالية دلدة عقدين ‪،‬‬
‫وىي نظرية بيولوجية حيث لقت العديد من االنتقادات من بعد ‪ ،‬أين أوحت لفَتي بإجراءات تركيب أو مجع بُت‬
‫العوامل الفردية و االجتماعية (‪ )0585‬ويقوؿ فَتي يف ىذا الصدد "كـل الجرائم ناتجة عن ظروف فردية و‬
‫اجتماعية و يكون تأثيرها مختلف حسب الظروف المحلية الخاصة " و من العوامل اليت يأخذىا فَتي بعُت‬
‫االعتبار‪:‬‬
‫‪-‬كثافة السكاف ‪ -‬العادات ‪ -‬الػػديػػن‪ -‬الرأي العاـ ‪ -‬التقاليد ‪ -‬الػ ػع ػػائلة ‪-‬مستوى التعليم ‪ -‬درجة التصنع ‪-‬‬
‫ال ػكػحػولػػية‬
‫وقد أضاؼ العلماء من بعد فَتي عوامل أخرى تتمثل يف ‪ :‬ظروؼ احلياة االقتصادية و االجتماعية ‪ -‬آراء‬
‫ادلؤسسات العمومية (قانونية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬شرطة ‪ ،‬سجوف)……‬
‫و يرى دوركامي أف ال معٌت لإلجراـ إف مل يعطى االىتماـ للمجتمع و الثقافة فهذه الثقافة ال حتمل فقط عناصر‬
‫مادية بل عادات خاصة و مرتبة تكوف ذلا داللة حسب نسق القيم اخلاص هبا ‪ .‬وقد ساىم أيضا دوركامي أيضا‬
‫مبفهوـ األنوميا لتفسَت السلوؾ ادلنحرؼ ‪.‬كما يعترب عامل االجتماع أميل دوركامي اجلردية جزء متكامل من كل‬
‫اجملتمعات‪ ،‬مبعٌت أهنا موجودة يف مجيع اجملتمعات ‪.‬وقد عرؼ اجلردية بأهنا فعل يعاقب عليو صاحبو‪ ،‬وأف ختلص‬
‫وخلو اجملتمع من اجلردية ىو أمر مستحيل ‪.‬حيث يقوؿ إميل دوركامي أف اجلردية موجودة يف كل اجملتمعات‪،‬‬
‫وشكلها يتغَت ألف األفعاؿ اليت حتدد على أهنا إجرامية ليست كذلك يف كل مكاف) عبد الرحمن محمد‬
‫العيسوي‪ ، 2004 ،‬ص‪) 88‬‬

‫تركز النظريات االجتماعية على دور العوامل أو القوى االجتماعية يف نشأة اجلردية وكما سنرى فإف التفسَتات اليت‬
‫قدمتها النظريات االجتماعية للجردية تأخذ أكثر من شكل لكنها تشرؾ يف افًتاض أف السلوؾ اإلجرامي ال‬
‫خيتلف يف طبيعة تكوينو عن رلموع السلوؾ االجتماعي العاـ لألفراد‪.‬‬
‫وسوؼ نعرض لثالث نظريات قدمتها التفسيرات االجتماعية للجريمة وىي ‪:‬‬

‫‪-1-2‬الفرص الفارقة‪:‬‬

‫صاغ نظرية الفرص الفارقة "كلوارد و اوىلُت عاـ ‪ 0851‬يف كتاهبما "اجلنوح والفرص" حيث افًتض الباحثاف‬
‫أف األشخاص الذين ينتموف إىل الطبقة العاملة يف اجملتمع األمريكي يريدوف عادة أف حيققوا أىدافهم بنجاح من‬
‫خالؿ الطرؽ أو األساليب الشرعية ادلتاحة يف اجملتمع‪ ،‬لكنهم يواجهوف بعقبات شديدة‪ ،‬وذلك ألف اجملتمع ينكر‬
‫ذلم فرص حتقيق النجاح‪ ،‬وتشمل ىذه العقبات الفروؽ الثقافية واللغوية والعجز ادلادي‪ ،‬وعدـ وجود فرصة‬
‫لالقًتاب من ادلصادر احليوية حلركة الصعود أو التقدـ ألعلى‪ ،‬فاألشخاص الفقراء على سبيل ادلثاؿ ال يقدروف على‬
‫نفقات التعليم ادلتقدـ‪ ،‬وأيضا يالحظ أف االزدحاـ يف ادلدف الكبَتة جيعل الفروؽ الطبقية أكثر وضوحا سواء يف‬
‫امتالؾ السيارات أو ادلساكن ادلناسبة أو غَت ذلك‪.‬‬

‫وحيثما توجو األساليب أو الطرؽ الشرعية إلصلاز األىداؼ ببعض العقبات‪ ،‬فإنو ينتج عن ذلك إحباط شديد‬
‫جيعل األشخاص معرضُت لضغوط قهرية للجوء إىل الطرؽ غَت الشرعية‪ ،‬ومن مث تظهر اجلرائم‪ ،‬وجرائم الشباب من‬
‫خالؿ العصابات‪ ،‬أحد ادلظاىر على ادلسالك غَت الشرعية لتحقيق األىداؼ‪.‬‬

‫‪-2-2‬نظرية التفكك االجتماعي ‪:‬‬

‫التفكك االجتماعي يف نظر محمد عارف مفهوـ واسع يشمل ظواىر اجتماعية وثقافية عديدة‪ ،‬فهو يشَت إىل‬
‫تناقض وصراع كمعايَت الثقافية‪ ،‬وضعف أثر قواعد السلوؾ ومعايَته‪ ،‬وصراع األدوار االجتماعية وانعداـ االلتقاء‬
‫بُت الوسائل اليت جييزىا اجملتمع مع غايات الثقافة فيو‪.‬‬

‫وأخَتا إىل اهنيار اجلماعات وسوء أدائها لوظائفها‪ ،‬وعلى ذلك فاف ىناؾ شكلُت أساسيُت للتفكك االجتماعي ‪:‬‬
‫اضطراب البناء االجتماعي‪ ،‬وقصور األداء الوظيفي‪ ،‬ويشمل كل ما يعمل على إفساد الكفاية الوظيفية أو‬
‫الفشل يف القياـ ببعض ادلتطلبات لوظيفية مثل األغراض‪ ،‬واألىداؼ كما حيدث نوع من اخللط والغموض‪،‬‬
‫ويشمل كذلك سوء األداء الوظيفي أو قصوره‪ ،‬ويعٍت ذلك القياـ بوظائف متعارضة األىداؼ واألغراض‪ ،‬وما‬
‫ينشأ عن ذلك من افتقار إىل وجود التالؤـ بُت عناصر البناء االجتماعي‪( .‬صالح الصنيع ‪ 1999 ,‬ص ‪(94‬‬
‫ومن النظريات اليت قدمت يف إطار التفكك االجتماعي نظرية "شو "‪ Show‬الذي افًتض أف أكرب جتمع‬
‫للمجرمُت واجلاضلُت حيدث يف مناطق تتسم بالتفكك االجتماعي وقد وصف ىذه العملية يف صورة سلتصرة مؤداىا‬
‫"أنو حيدث خالؿ عملية ضلو ادلدينة أف ختضع توجيهات منطقة اجلَتاف‪ ،‬والنظم الثقافية‪ ،‬وادلعايَت االجتماعية يف‬
‫كل ادلناطق ادلالصقة دلنطقة ادلراكز الصناعية الرئيسية للتغيَت السريع‪ ،‬والتفكك االجتماعي‪.‬‬

‫‪-3-2‬نظرية الصراع الثقافي ‪:‬‬

‫ينظر العديد من علماء االجتماع إىل الصراع الثقايف على أنو أحد أبعاد التفكك االجتماعي‪ ،‬ذات الداللة يف‬
‫تفسَت اجلردية‪ ،‬لذلك كاف االجتاه إىل حتديد داللتو التفسَتية بصورة منفصلة‪ ،‬والصراع الثقايف كما عرفو" زلمد‬
‫عارؼ "يعٍت صداما بُت عناصر ثقافيتُت‪ ،‬وأىم ىذه العناصر القيم والعادات والتقاليد‪ .‬غَت أف بعض الباحثُت‬
‫يساوي ما بُت الصراع الثقايف وصراع القيم‪ ،‬ويأخذ الصراع الثقايف صورا عديدة منها الصراع بُت قيم الطبقات‬
‫االجتماعية على مستوى اجملتمع‪ ،‬والصراع بُت قيم بعض اجلماعات كجماعات ادلهاجرين واألقليات‪ ،‬وبُت قيم‬
‫اجملتمع العاـ والصراع بُت قيم األجياؿ ادلتعاقبة ) محمد شحاتة ربيع وآخرون‪ 1994‬ص‪(97‬‬

‫خاتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪:‬‬


‫يالحظ على النظريات االجتماعية بوجو عاـ أهنا تنظر للسلوؾ اإلجرامي من جانب واحد ىو اجلانب‬
‫االجتماعي‪ ،‬واعتبار ىذا اجلانب العامل الوحيد ادلسؤوؿ عن حدوث اجلردية‪ ،‬والواقع أف الفصل بُت الظروؼ‬
‫االجتماعية‪ ،‬والعوامل الداخلية للفرد ىو أمر سلالف لواقع التفاعل االجتماعي بُت الفرد واجملتمع الذي يعيش فيو‬
‫ولكن الفرد ذاتو يؤثر يف البيئة احمليطة بو‪ ،‬ومن مث يكوف ىناؾ تأثَت متبادؿ بُت الفرد والبيئة االجتماعية اليت يعيش‬
‫فيها‪.‬‬
‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫‪ .0‬روبودوف ‪ /‬ؼ بوريكو) ‪ ،. ( 1986‬ترمجة سليم حداد‪ ،‬ادلعجم النقدي لعلم االجتماع‪ ،‬ديواف‬
‫ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ .2‬صاحل الصنيع) ‪ ،: ( 1999‬التدين عالج اجلردية‪ ،‬دار الثقافة والنشر جبامعة اإلماـ بن سعود‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .3‬عبد الرمحن العيسوي) ‪ ،. ( 1997‬علم النفس اجلنائي‪ ،‬الدار اجلامعية للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .4‬عبد الرمحن زلمد العيسوي‪( 2004 ) ،‬‬
‫‪ .5‬عبد الواحد إماـ موسى‪ ،‬الشذوذ اجلنسي وجرائم القتل‪ ،‬عامل الفكر‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ .6‬زلمد شحاتة ربيع وآخروف) ‪ ،: ( 1994‬علم النفس اجلنائي‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاىرة ‪.‬‬

You might also like