اعتمد األمريكيون في تفسير الجريم ة التص ور االجتم اعي وذل ك برده ا
إلى عوامل اجتماعية ،وتأثرا ب اإلرث األوربي خصوص ا إس هامات "دوركه ايم" الوضعية الموضوعية ،تأسست المدرسة األمريكية بخصوص يات جدي دة معت برة أن السلوك اإلجرامي نابع عن نفس العوامل التي ينجم عنها أي سلوك اجتماعي آخ ر ،فك ان الراب ط بين ه ذه الس لوكات والتنظيم االجتم اعي هي الس مة الغالب ة على نش أة ه ذه المدرس ة ،ومن ثم ة ف إن النظري ات االجتماعي ة تنطل ق من دراسة االنحراف كظاهرة اجتماعية تخضع في حركتها وانتشارها لقوانين حركة المجتمع ،وانطالقا من هذه الخصوص ية س نحاول أن نس تعرض لثالث ة نظري ات اجتماعية تختلف في منطلقاتها لتفسير الس لوك اإلج رامي وهي مجموع ة تمث ل .المدرسة األمريكية نظرية العوامل السائدة 5- اتخذت هذه النظرية من الدراسات االجتماعية أساس ا لمنهجيته ا وبحثه ا عن أس باب الجريم ة واعتم دت أس لوب التحلي ل اإلحص ائي وربطت الجريم ة بالمتغيرات المختلفة التي تحدد السلوك اإلجرامي مع حصر ه ذه المتغ يرات مثال البطالة ،السن ،الجنس ،الحالة الثقافية ،الحالة السكن ،الحالة الص حية ،...وبع د تحدي د المتغ يرات المختلف ة ومقارنته ا بالمعطي ات األولي ة ال تي يت وفر عليه ا الب احث ،يعم د ه ذا األخ ير إلى اس تخالص العوام ل ال تي تالزم ظه ور الس لوك المنحرف بواسطة معامل االرتباط كي يتمكن من تصنيف المتغيرات حسب درجة ارتباطها بالجريمة وبالتالي الخروج بأكثر العوامل ذات عالقة سببية بالظ اهرة[ ]15 . وجهت انتقادات لهذه النظرية وكان من بينها تلك االنتقادات التي خص ت المستوى المنهجي ذلك أن اإلحص اء يه دف إلى تلخيص الوق ائع والج رائم في سلسلة من األرقام التي تسمح باستخراج ق وانين تفس يرية للظ اهرة اإلجرامي ة، مما يستبعد الفروق الفردية الدقيقة ويسعى إلى تأطير استقرائي يتجاوز النوعية من حال ة إلى أخ رى ،م ع أن ه يبقى الفع ل اإلج رامي ل ه ج وانب من الف رادة والخصوص ية تستعص ي على التعميم وإخراج ه من حالت ه الفردي ة ولحظت ه .الزمنية تجعله قابال للتمطيط " Sutherlanنظرية االختالط التفاضلي" /سذرالند 2- ي رفض اعتب ار الس لوك اإلج رامي س لوكا موروث ا ،ف اإلجرام ال ي ورث، وإنما يكتسب بالتعلم ال ذي يح دث من نتيج ة انخ راط الف رد في جماع ة ،ويح دد نوع وقواعد السلوك والقيم السائدة فيها ما إذا كان الفرد س يتعلم اإلج رام أم ال، فإن كان أفراد هذه الجماعة ممن يحترمون القانون ويلتزمون بأوامره ونواهيه، تخلق الفرد بأخالقهم وتعلم منهم السلوك المتفق مع القانون ،أم ا إن ك انوا ممن يؤي دون انته اك الق وانين ويميل ون لمخالفته ا ،فالغ الب أن ينهج الف رد نهجهم ويتعلم منهم خصالهم مما يؤهله القتراف الفعل اإلجرامي ،فيك ون انحراف ه أم را مؤكدا إذا اقتصر في عالقاته على أفراد جماعته ،وعزل الجماعات األخرى ال تي .يغلب على أفرادها احترام القانون]16[ حسب "سذرالند" ال يمكن إرج اع الس لوك اإلج رامي في جمي ع األح وال إلى الفقر أو إلى مجرد عوامل سائدة كالظروف والعوام ل النفس ية واالجتماعي ة التي تتصل بالفقر والفقراء ،فهناك أشخاص ينتمون إلى طبقات غني ة وم ع ذل ك يرتكب ون بعض الج رائم كج زء من نش اطاتهم المهني ة وهن ا ج اء ترك يزه على الجرائم التي يرتكبها ذوو الياقات البيضاء أو الجرائم الخاص ة ،ل ذلك فه و ي رى أن الس لوك اإلج رامي يتعلم ه األغني اء والفق راء على الس واء بطريق ة واح دة وبعمليات متشابهة ،ب ذلك ح اول "س ذرالند" ش رح س لوك المنح رف المتعلم أو المكتسب الذي يظهر نتيج ة ص راع بين مع ايير الثقاف ات المختلف ة ال تي يتك ون منها المجتمع األمريكي ،ه ذا الس لوك يظه ر حينم ا تطغى المع ايير الجانح ة في .جماعة ما على المعايير المتكيفة التي تحكم المجتمع الكلي]17[ ومن بين المؤاخذات التي وجهت ل "سذرالند" ك ون الف رد في كث ير من األحي ان ال يك ون مج برا على االنتم اء إلى جماع ات منحرف ة ،إن لم يكن ه و شخص منحرف ،كم ا أن ه لم يأخ ذ بع ني االعتب ار االختالف ات داخ ل المجموع ة الواح دة ودور الف رد في ه ذا االختالف ففي ال وقت ال ذي يتب نى البعض موقف ا إجراميا ينجح آخرون في احترام الق انون ويك ون العنص ر من المجموع ة ق ادرا على الت أثير واالختي ار بين أح د الج انحين وترك يز "س ذرالند" على التعلم واس تبعاد العام ل الشخص ي ال داخلي اص طدم بطروح ات تق ول عكس ذل ك ،ألن الفرد قد ال يكون في حاجة لمن يعلمه السلوك المنحرف بقدر ما يكون في حاجة إلى تعلم السلوك السوي فالطفل مثال بطبيعته ميال إلى الكذب والخداع وإذا ت رك .بغير تربية وال تهذيب فإنه يكبر نازعا إلى اإلجرام "نظرية التراخي االجتماعي "ميرتون 3- اعتمد "ميرتون" في نظريته على تجاوز العوامل المنعزلة واهتم بالبني ة االجتماعي ة بم ا فيه ا من تناقض ات ت دفع ب الفرد إلى الخ روج عن التنظيم االجتم اعي والس قوط في اإلج رام بفع ل غي اب المع ايير االجتماعي ة ،وح اول "ميرتون" أن يعتمد نظرة متكاملة للمجتمع األمريكي .ف انطلق من تحلي ل البني ة االجتماعية محاوال معرفة األس باب ال تي ت دفع إلى الس لوك اإلج رامي ،وتوص ل إلى حصر هذه األنماط السلوكية اعتم ادا على مفه وم الالمعياري ة أو حال ة ع دم النظام التي تسيطر على المجتم ع وتجعل ه ب دون وس يلة ثقافي ة يعتم دها الن اس لتحقيق رغباتهم فيضطرون إلى اإلجرام ،فمرجع أسباب الجريم ة والجن وح ه و ردود فعل الفرد وتكيفه مع التناقض ات ال تي تفرزه ا الثقاف ة الس ائدة لمجتمع ه، وبما أن أغلب الرغبات والغرائز ليس ت بالض رورة طبيعي ة وإنم ا هي مجموع ة من األهداف واإلغراءات التي ينتجه ا المجتم ع وتكرس ها الثقاف ة الس ائدة في ه، فإن عدم توفير اإلمكانيات وإتاحة الفرص لجمي ع فئ ات المجتم ع لتحقيقه ا فإن ه من الض روري أن يظه ر أف راد يعم دون إلى وس ائل غ ير مش روعة في تحقي ق إشباع م ا تتطلب ه الثقاف ة بع د أن تع ذر تحقيقه ا بوس ائل مش روعة ،هك ذا م يز " :ميرتون" بين عنصرين هامين هما]18[ األهداف والمعايير :الهداف هي تلك االهتمامات ال تي تك ون مش روعة - وتشكل آمال وتطلعات يسعى كل فرد لتحقيقها وتت درج ب الترتيب حس ب أهميته ا .في سلم القيم االجتماعية أما المعايير :هي مجموع القواعد التي تحكم الس لوك وتض بط وس ائل - الوصول إلى األه داف فس لوك اإلنس ان مرتب ط به ذين العنص رين وم دى تراب ط العالقة بينهما وكلما كانت الصلة متوازنة كان السلوك متوازن ا ،وإذا تم الترك يز على األه داف دون اعتب ار للمع ايير تص بح ك ل الوس ائل مش روعة أو غ ير .مشروعة مقبولة في نظر الشخص لتحقيقها وبالتالي ينتج السلوك اإلجرامي عن - هذا االختالل النظرية البيئية /كليفورد شو 4- ارتك زت مقارب ة ش و للظ اهرة اإلجرامي ة على المعطي ات واألوض اع االقتصادية واالجتماعية لمنطقة محددة بحيث تكون هذه األوضاع هي المسؤولة عن الجريمة بها ،وهو ما يعني أن الجانب العض وي والنفس ي للف رد ليس ت هي العامل الحاسم بل الظروف االقتصادية السائدة والمحيط االجتماعي والبيئي ،وقد ركز ش و في نظريت ه على المج االت العمراني ة والس كانية غ ير المالئم ة وال تي تنتشر فيها كل أشكال الجرائم (أحياء الضواحي -هوامش المدن) ،وهو ما يجع ل ش و يلتقي موض وعية م ع نظري ة الكس اني في دور الوس ط االجتم اعي في .الجنوح وقد ساهمت أبح اث "ش و" في ترك يز االهتم ام على المراك ز الحض رية والظاهرة اإلجرامي ة وال تي خلص ت إلى وج ود ن وع من التم ايز م ا بين ج رائم البوادي وجرائم الحواضر المدرسة االجتماعية األوربية - جاء التصور االجتماعي للظاهرة اإلجرامية كرد فعل ضد التصورات البيولوجية التي استبعدت كل تأثير لألوساط االجتماعية فيها وفي المرحلة التاريخية ذاتها حمل مجموعة المفكرين األوربيين على عاتقهم مسؤولية وضع الفعل اإلجرامي في سياقه وليس االكتفاء بحصره في الحالة الفيزيولوجية للمجرم وأهم أقطاب .المدرسة االجتماعية األوربية نجد أمثال :الكساني وتارد ودوركهايم Lacassagneنظرية الوسط االجتماعي * /الكساني 4- ركز صاحب نظرية الوسط االجتماعي على التأثير البالغ للوسط االجتماعي في مجال خلق الجريمة وتتلخص في كون المجتمع هو الذي يصنع الجريمة وأن "المجتمعات ليس بها من المجرمين أكثر مما تستحق [ ]10فالوسط االجتماعي هو الوعاء المنشط والمالئم لإلجرام ،والمجرم ال يظهر إال في الوسط الذي يسمح .له بالظهور كأنه جرثومة ال أهمية لها إال إذا وجدت الحقل المناسب لنموها ويرجع لهذه النظرية فضل توجيه األنظار إلى الجوانب االجتماعية لإلجرام ،لكن يؤخذ عليها أنها أهملت الجوانب الفردية لإلجرام ،وهي ال تفسر الكيفية التي يؤثر بها الوسط على ثلة من أفراد المجتمع هم المجرمين دون غيرهم ممن يعيشون في نفس الوسط وقد حاول العالم "غابلاير تارد" إيجاد تفسير لكيفية تأثير الوسط على .الفرد بما يدفعه إلى ارتكاب الجريمة []11 G.Taradeنظرية التأثير النفسي االجتماعي /غابرييل تارد 2- تجنب "غابرييل تارد" التكوين العضوي للمجرم معتبرا أهمية المحيط االجتماعي في ظهور السلوك اإلجرامي مركزا على عوامل نفسية واجتماعية هي "التقليد" و"التنشئة االجتماعية" و"المعتقدات الثقافية" فعوامل انحراف الفرد وخروجه عن أنماط السلوك االجتماعي إنما ترجع أساسا إلى عوامل يغلب عليها الطابع االجتماعي ،بل اإلمكانيات واالختيارات الممنوحة والمنحة لألفراد وحيتهم في التفضيل بين المنهج السوي والمنهج غير السوي تبقى هي المؤشر على استعداد .بعض األفراد وميولهم الختيار طريق الجريمة هكذا يكون احتراف الجريمة في نظر "تارد" خالصة تمرين وتدريب وظروف تنشئة مثلها مثل غيرها من الحرف والمهن مع فارق بسيط هو أن المجرم ينشأ .ويتربى في بيئة إجرامية ساعدت على انخراطه في الجريمة []12 إال أنه يالحظ على "تارد" بقي متشبتا بقانونه األخالقي الذي ربطه بالجريمة واعتبر أن مستوى اإلجرام هو مؤشر حقيقي لألخالق في المجتمع مما يعكس تالزم وتماسك دائرة األخالق ودائرة القانون ،في حين أن هذا التالؤم ال يصدق إلال على جانب ضئيل من الجرائم التي تمس الشعور العام بالعطف واالستقامة، لتبقى الجرائم االعتبارية واالصطناعية التي تكون من وضع المشرع في ظرف .ومكان معينين بعيدة عن هذا التحديد E.Durkheimنظرية البنية االجتماعية والثقافية /إيميل دوركايم 3- يعتبر مؤسس علم االجتماع "إيميل دوركهايم" صاحب هذه النظرية ،أن الجريمة ظاهرة طبيعية يجب قبولها على أنها تعبير له وظيفته ،فهي موجودة في جميع المجتمعات في كل األزمنة ،لكنها تصير ظاهرة مرضية غير عادية فقط حينما ترتفع أو تنخفض عن المتوسط أو المعدل ،وال يمكن اعتبارها مرضية حينما ال تؤثر سليا في المهام الوظيفية للمجتمع حيث أ ،الجريمة ليست عرضية وإنما هي من صفات المجتمع وتركيبته وثقافته ،فالفرد يعتبر جزءا من المجتمع لذلك فإن جنوحه وخروجه عن قواعد السلوك الجماعية ال يمثل ظاهرة مرضية شخصية وإنما يعتبر ذلك ناشئا عن المجتمع مباشرة وعما يتصف به من خصائص لذلك فإذا كانت الجريمة الزمة وال تخرج عن المعدل المتوسط للمجتمع فإنها عادية .وطبيعية بل وتعتبر عالمة صحة المجتمع وسالمة نظمه ومؤسساته []13 كما أن "دوركهايم" استعمل مفهوم األنومية أو الالمعيارية واعتبرها سببا لالنحراف االجتماعي ،وتعني حالة األنومية حالة الالقانون أو الالنظام الذي يجد الفرد نفسه فيها مع افتقاره إلى قاعدة أو معيار لسلوكه السوي مقارنة مع السلوك غير السوي وفي هذه الحالة غالبا ما تنتج عن الصراع أو التناقض الذي يعيشه الفرد في عالقته االجتماعية .وخاصة الواجبات والمتطلبات اليومية للحياة ،بحيث تكون هذه الحالة تعبيرا عن أزمة وحاجة العالقات االجتماعية للقيم التي تحفظ لها تناسقها ووظيفتها مما ينعكس على الفرد ويدفعه إلى العزلة ومعاداة مجتمعه أمام غياب معايير وقواعد تقوم بدور الضبط االجتماعي ويؤكد "دوربكهايم" أن ضعف المجتمع وتهاونه في احتضان الفرد إليه بحيث أن هذا األخير يصبح في حل من كل قيد اجتماعي أو خضوع أو احترام لطقوسه ويعتقد أنه أصبح جزءا فوق العادة وال شيء يلزمه نحو مجتمعه (ضعف اإلكراه االجتماعي) فيستبيح ارتكاب الجرائم التي تصبح في نظره وسائل مشروعة لتحقيق ما عجز المجتمع عن توفيره له وهي الحاجيات الطبيعية التي بدونها ال يمكن للحياة أن تستقيم [ ]14 . المدرسة االجتماعية األمريكية III - اعتمد األمريكيون في تفسير الجريمة التصور االجتماعي وذلك بردها إلى عوامل اجتماعية ،وتأثرا باإلرث األوربي خصوصا إسهامات "دوركهايم" الوضعية الموضوعية ،تأسست المدرسة األمريكية بخصوصيات جديدة معتبرة أن السلوك اإلجرامي نابع عن نفس العوامل التي ينجم عنها أي سلوك اجتماعي آخر ،فكان الرابط بين هذه السلوكات والتنظيم االجتماعي هي السمة الغالبة على نشأة هذه المدرسة ،ومن ثمة فإن النظريات االجتماعية تنطلق من دراسة االنحراف كظاهرة اجتماعية تخضع في حركتها وانتشارها لقوانين حركة المجتمع ،وانطالقا من هذه الخصوصية سنحاول أن نستعرض لثالثة نظريات اجتماعية تختلف في .منطلقاتها لتفسير السلوك اإلجرامي وهي مجموعة تمثل المدرسة األمريكية نظرية العوامل السائدة 5- اتخذت هذه النظرية من الدراسات االجتماعية أساسا لمنهجيتها وبحثها عن أسباب الجريمة واعتمدت أسلوب التحليل اإلحصائي وربطت الجريمة بالمتغيرات المختلفة التي تحدد السلوك اإلجرامي مع حصر هذه المتغيرات مثال البطالة، السن ،الجنس ،الحالة الثقافية ،الحالة السكن ،الحالة الصحية ،...وبعد تحديد المتغيرات المختلفة ومقارنتها بالمعطيات األولية التي يتوفر عليها الباحث ،يعمد هذا األخير إلى استخالص العوامل التي تالزم ظهور السلوك المنحرف بواسطة معامل االرتباط كي يتمكن من تصنيف المتغيرات حسب درجة ارتباطها .بالجريمة وبالتالي الخروج بأكثر العوامل ذات عالقة سببية بالظاهرة []15 وجهت انتقادات لهذه النظرية وكان من بينها تلك االنتقادات التي خصت المستوى المنهجي ذلك أن اإلحصاء يهدف إلى تلخيص الوقائع والجرائم في سلسلة من األرقام التي تسمح باستخراج قوانين تفسيرية للظاهرة اإلجرامية ،مما يستبعد الفروق الفردية الدقيقة ويسعى إلى تأطير استقرائي يتجاوز النوعية من حالة إلى أخرى ،مع أنه يبقى الفعل اإلجرامي له جوانب من الفرادة والخصوصية تستعصي على التعميم وإخراجه من حالته الفردية ولحظته الزمنية تجعله قابال .للتمطيط " Sutherlanنظرية االختالط التفاضلي" /سذرالند 2- يرفض اعتبار السلوك اإلجرامي سلوكا موروثا ،فاإلجرام ال يورث ،وإنما يكتسب بالتعلم الذي يحدث من نتيجة انخراط الفرد في جماعة ،ويحدد نوع وقواعد السلوك والقيم السائدة فيها ما إذا كان الفرد سيتعلم اإلجرام أم ال ،فإن كان أفراد هذه الجماعة ممن يحترمون القانون ويلتزمون بأوامره ونواهيه ،تخلق الفرد بأخالقهم وتعلم منهم السلوك المتفق مع القانون ،أما إن كانوا ممن يؤيدون انتهاك القوانين ويميلون لمخالفتها ،فالغالب أن ينهج الفرد نهجهم ويتعلم منهم خصالهم مما يؤهله القتراف الفعل اإلجرامي ،فيكون انحرافه أمرا مؤكدا إذا اقتصر في عالقاته على أفراد جماعته ،وعزل الجماعات األخرى التي يغلب على أفرادها .احترام القانون []16 حسب "سذرالند" ال يمكن إرجاع السلوك اإلجرامي في جميع األحوال إلى الفقر أو إلى مجرد عوامل سائدة كالظروف والعوامل النفسية واالجتماعية التي تتصل بالفقر والفقراء ،فهناك أشخاص ينتمون إلى طبقات غنية ومع ذلك يرتكبون بعض الجرائم كجزء من نشاطاتهم المهنية وهنا جاء تركيزه على الجرائم التي يرتكبها ذوو الياقات البيضاء أو الجرائم الخاصة ،لذلك فهو يرى أن السلوك اإلجرامي يتعلمه األغنياء والفقراء على السواء بطريقة واحدة وبعمليات متشابهة ،بذلك حاول "سذرالند" شرح سلوك المنحرف المتعلم أو المكتسب الذي يظهر نتيجة صراع بين معايير الثقافات المختلفة التي يتكون منها المجتمع األمريكي ،هذا السلوك يظهر حينما تطغى المعايير الجانحة في جماعة ما على المعايير المتكيفة .التي تحكم المجتمع الكلي []17 ومن بين المؤاخذات التي وجهت ل "سذرالند" كون الفرد في كثير من األحيان ال يكون مجبرا على االنتماء إلى جماعات منحرفة ،إن لم يكن هو شخص منحرف، كما أنه لم يأخذ بعني االعتبار االختالفات داخل المجموعة الواحدة ودور الفرد في هذا االختالف ففي الوقت الذي يتبنى البعض موقفا إجراميا ينجح آخرون في احترام القانون ويكون العنصر من المجموعة قادرا على التأثير واالختيار بين أحد الجانحين وتركيز "سذرالند" على التعلم واستبعاد العامل الشخصي الداخلي اصطدم بطروحات تقول عكس ذلك ،ألن الفرد قد ال يكون في حاجة لمن يعلمه السلوك المنحرف بقدر ما يكون في حاجة إلى تعلم السلوك السوي فالطفل مثال بطبيعته ميال إلى الكذب والخداع وإذا ترك بغير تربية وال تهذيب فإنه يكبر .نازعا إلى اإلجرام "نظرية التراخي االجتماعي "ميرتون 3- اعتمد "ميرتون" في نظريته على تجاوز العوامل المنعزلة واهتم بالبنية االجتماعية بما فيها من تناقضات تدفع بالفرد إلى الخروج عن التنظيم االجتماعي والسقوط في اإلجرام بفعل غياب المعايير االجتماعية ،وحاول "ميرتون" أن يعتمد نظرة متكاملة للمجتمع األمريكي .فانطلق من تحليل البنية االجتماعية محاوال معرفة األسباب التي تدفع إلى السلوك اإلجرامي ،وتوصل إلى حصر هذه األنماط السلوكية اعتمادا على مفهوم الالمعيارية أو حالة عدم النظام التي تسيطر على المجتمع وتجعله بدون وسيلة ثقافية يعتمدها الناس لتحقيق رغباتهم فيضطرون إلى اإلجرام ،فمرجع أسباب الجريمة والجنوح هو ردود فعل الفرد وتكيفه مع التناقضات التي تفرزها الثقافة السائدة لمجتمعه ،وبما أن أغلب الرغبات والغرائز ليست بالضرورة طبيعية وإنما هي مجموعة من األهداف واإلغراءات التي ينتجها المجتمع وتكرسها الثقافة السائدة فيه ،فإن عدم توفير اإلمكانيات وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع لتحقيقها فإنه من الضروري أن يظهر أفراد يعمدون إلى وسائل غير مشروعة في تحقيق إشباع ما تتطلبه الثقافة بعد أن تعذر تحقيقها بوسائل مشروعة ،هكذا ميز "ميرتون" بين عنصرين هامين :هما []18 األهداف والمعايير :الهداف هي تلك االهتمامات التي تكون مشروعة وتشكل - آمال وتطلعات يسعى كل فرد لتحقيقها وتتدرج بالترتيب حسب أهميتها في سلم .القيم االجتماعية أما المعايير :هي مجموع القواعد التي تحكم السلوك وتضبط وسائل الوصول - إلى األهداف فسلوك اإلنسان مرتبط بهذين العنصرين ومدى ترابط العالقة بينهما وكلما كانت الصلة متوازنة كان السلوك متوازنا ،وإذا تم التركيز على األهداف .دون اعتبار للمعايير تصبح كل الوسائل مشروعة أو غير مشروعة مقبولة في نظر الشخص لتحقيقها وبالتالي ينتج السلوك اإلجرامي عن هذا - االختالل النظرية البيئية /كليفورد شو 4- ارتكزت مقاربة شو للظاهرة اإلجرامية على المعطيات واألوضاع االقتصادية واالجتماعية لمنطقة محددة بحيث تكون هذه األوضاع هي المسؤولة عن الجريمة بها ،وهو ما يعني أن الجانب العضوي والنفسي للفرد ليست هي العامل الحاسم بل الظروف االقتصادية السائدة والمحيط االجتماعي والبيئي ،وقد ركز شو في نظريته على المجاالت العمرانية والسكانية غير المالئمة والتي تنتشر فيها كل أشكال الجرائم (أحياء الضواحي -هوامش المدن) ،وهو ما يجعل شو يلتقي .موضوعية مع نظرية الكساني في دور الوسط االجتماعي في الجنوح وقد ساهمت أبحاث "شو" في تركيز االهتمام على المراكز الحضرية والظاهرة اإلجرامية والتي خلصت إلى وجود نوع من التمايز ما بين جرائم البوادي وجرائم الحواضر