Professional Documents
Culture Documents
ينظر علماء االجتماع واالنثرو بولوجيا الى السلوك االنحرافي او االجرامي ,اما على انه مرض
اجتماعي او تفكك اجتماعي او داللة على فشل الضبط االجتماعي ,وعلى هذا فالجريمة هي
نوع من المرض يصيب المجتمع ,وهناك تيار حديث يسير بشدة نحو اعتبار السلوك االجرامي
خروج على عمليات الضبط االجتماعي ,ويفهم الضبط االجتماعي على انه قدرة الجماعة او
المؤسسات فيها على اصدار قواعد قانونية او احكام ذات فعالية ,ويعتبرون الضبط االجتماعي
ايضا على انه قدرة الفرد على اقلمة سلوكه وتوحده مع تلك القواعد واالحكام التي يصوغها.
وهنالك مجموعة من النظريات التي تفسر السلوك االجرامي في ضوء العوامل االجتماعية منها
:
أـ سوء تنظيم شخصي من النوع الذي يحدث لفرد غير موجه أو يسير بدون قانون.
ب ـ مواقف اجتماعية تكون فيها المعايير نفسها في صراع بعضها مع بعض ،ويقع الفرد بسببها
في مشكالت أثناء محاوالته التوافق مع متطلبات متناقضة.
ج ـ موقف اجتماعي ال يحتوي على أية معايير ،أو تنعدم فيه المعايير تماما نتيجة لتغيرات
اجتماعية وثقافية تهدم نسق التوقعات السلوكية مما يصعب معه القدرة على التنبؤ بالسلوك.
وهي نظرية عامة عالجت موضوع االنحراف االجتماعي ،وهـي تـرى أن المجتمع يؤكد على
أهداف ثقافية بنائية من جهة ،ومن جهة أخرى يـضع الوسـائل المقبولة والمشروعة لتحقيق
أهداف المجتمع ،مثل التعليم والعمـل وجمـع المـال ،وبالتالي فإن أي سلوك ال يحترم هذه القيم
الثقافية هو سلوك منحرف وعندما يواجه الشخص ضغوط البناء االجتماعي وضغوط النجاح
وتحقيق األهداف تظهر مرحلـة األنوميا ،فاألنومي عند دوركايم هو حالة من االضطراب تصيب
النظام االجتمـاعي الناجم عن أزمات اقتصادية أو كوارث أسرية في نفس الوقت الذي تؤدي فيه
إلـى االنحراف ،كما ان روبرت ميرتون من ابرز علماء االجتماع األمريكان المهتمـين بتفسير
االنحراف ،ومفهوم االنومي عند ميرتون هو ان االنهيار في البناء الثقافي يحدث عندما يوجد
انفصال في المعايير والقيم وبين قدرات األفـراد علـى التوافق معها
فاالنومي تظهر نتيجة للتناقضات التي تحدث بين األهداف التي يحددها البناء الثقافي للمجتمع
وبين األساليب التي يقرها المجتمع لتحقيق األهداف ،وهذا التناقض هو نتيجة عدم االنسجام
والتوافق بين األهداف التي تبيحها القيم واألع ارف والقوانين السائدة في المجتمع وبين الوسائل
واإلمكانات التي يمكن توفيرها للفرد لكي يـصل إلى هدفه أو غرضه ،فالصراع بين الوسائل
المؤسسية واألهداف المحددة الثقافية هي التي تسبب الالمعيارية.
وهكذا نجد ميرتون مختلفاً عـن دوركـايم فـي تفـسيره لالنحراف على حد ما .ففي حين يرى
دوركايم أن اإلنسان لديه رغبات غير محدودة بشكل طبيعـي وهو يتوق لتحقيقها وبالتالي البد
من ضبطه اجتماعياً ،نجد أن ميرتـون يـرى أن الظروف االجتماعية تضع ضغوطاً متباينة على
األفراد تبعاً للبناء االجتماعي .وبما أن األفراد يحتلون مواقع متباينة أيضا فالبد أن يتكيفوا أو
أما فيما يتعلق بالرغبات التي تحدث عنها دوركايم فنجد ميرتون يستجيبوا بشـكل مخت ـ ـ ــلف
يرى أنهـا ذات منشأ اجتماعي.
كما تؤكد النظرية أن المجتمع قائم على االتفاق على القيم واألهداف المشتركة والتعاون بين
األعضاء وبذلك يمكن تصور حالة المجتمع إذا لم تكن هناك قوانين تحكم سلوك الناس،
فالقانون يستند إلى معايير اجتماعية يشترك فيها أعضاء المجتمـع بـشكل واسـع ،والهدف الرئيس
للقانون هو حفظ النظام االجتماعي عن طريق حماية الناس وحماية ملكياتهم والمحافظة على
إذاً فعدم التكيف مع الضغوط االجتماعية قد تؤدي إلى االنحراف عـن قـيم طريقة حياتهم.
المجتمع ،والمشكلة تظهر عندما يكون الالتوازن بين ما تسمح به القيم والقانون مـن أهداف
لتحقيق نجاح اقتصادي وهذا حق مـشروع لكـل فـرد ،وبـين الوسـائل المشروعة التي تسهم في
تحقيق هذا الهدف وهي التعليم والمكانة والوظيفـة وهـذه الوسائل المشروعة ال تتوافر لدى كل
األفراد ومن هنا يبدأ الفرد نتيجـة الـضغوط باالنحراف.
نجد أن الملتزمين .وبناء على وصف ميرتون ألنماط التكيف لضغوط البناء االجتمـاعي
والطقوسيين ال يشكلون عبئاً على أنظمة العدالـة الجنائيـة فـي المجتمع .ولكن المشكلة مع
وهكذا يمكن القول أن نظرية ميرتون .المخترعين بشكل خاص والثائرين ومن ثم االنسجاميين
لألنوميا قد ركزت على التوزيع المختلف ،أو قد يكون توزع غير عادل للوسائل المشروعة على
أفراد المجتمع ممـا قـد يـدفع البعض منهم إلى طريق االنحراف وتصدق المقولة بأن المجتمع هو
الـذي يـصنع المجرمين