You are on page 1of 76

‫كلية العلوم االجتماعية‬

‫قسم علم االجتماع‬


‫أطروحة‬
‫لنيل شهادة دكتوراه علوم‬
‫في علم االجتماع السياسي‬

‫ظاهرة التسامح‪ :‬الثقافة والمجتمع‬


‫مقاربة لعائالت ضحايا اإلرهاب‬
‫من اعداد الطالبة‪ :‬اوكبدان غنية‬
‫االستاذ المشرف ‪ :‬االستاذة الدكتورة بوشيخاوي اسمهان‬
‫‪:‬تشكيلة لجنة المناقشة‬
‫مؤسسة االنتماء‬ ‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫اسم ولقب االستاذ‬

‫الموسم الدراسي‬
‫‪/‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫إهداء‬
‫الفهارس‬
‫مقدمة‬
‫المقدمة العامة‬

‫‪:‬المقدمة العامة‪1-‬‬

‫شهد المجتمع الجزائري العديد من التغيرات والتحوالت االجتماعية واالقتصادية‬

‫والسياسية التي كانت نتيجتها تنامي ظاهرة العنف والتعصب وغياب ثقافة التسامح‬
‫والحوار السياسي وقبول الرأي اآلخر‪ ،‬مما أدى إلى فشل التجربة الديمقراطية ودخول‬
‫الدولة في صراع كان التطلع والطموح الديني عموده الفقري بكسب الجبهة اإلسالمية‬
‫‪.‬لإلنقاذ لغالبية الرأي العام باستعمال الدين كأداة ووسيلة للعالج واالنتقام‬

‫فالتفكك واالنقسام والتموقع الذي جاء به مشروع السياسي التعددي سمح للبعض‬
‫باستغالل الحرمان واإلحباط الذي كان يعاني منه جزء من المجتمع الجزائري لتجنيده‬
‫ضد السلطة بخطاب ديني واحتكاري‪ ،‬فكرونولوجيا المرحلية لألحداث والتطورات‬
‫التي سوف نشير اليها في بحثنا توضح لنا الى حد بعيد الضعف الداخلي للقرار الذي‬
‫‪.‬استغله البعض لتمرير رسالته المباشرة من اجل االنقالب على األوضاع‬

‫حيث دخلت البالد في أزمة أمنية وصراع فاق كل التوقعات وأنتج مأساة حقيقية‬
‫ضحاياها‪ K‬كثيرون وفي مقدمتهم النخب‪ K‬النوعية من المثقفين الرافضين لالحتالل‬
‫‪.‬الفكري والعقائدي واالجتماعي انتهى بالمجازر‪ K‬الجماعية‬

‫فالعالجات التي اقترحتها السلطة الستتباب األمن ووقف النزيف وحماية الوجود‬
‫بداية من قانون الرحمة إلى الوئام المدني وصوال الى العفو الشامل الذي انتهى‬
‫باستفتاء الشعب لتقرير المصير لألوضاع ليست سهلة اإلقناع للفئة المتضررة من‬
‫المأساة بمحتوياتها القانونية ومضامينها ‪ ،‬لهذا حاولنا من خالل دراستنا تسليط‬
‫الضوء على ثقافة التسامح عند مجتمع الدراسة المتمثل في ضحايا‪ K‬المجازر‬
‫الجماعية لوالية غليزان بلدية الرمكة ومعرفة كيف تم إقناعهم بطي الصفحة‬
‫‪.‬ونسيان الماضي فلإلجابة على اإلشكالية البحث قسمنا الدراسة إلى ثالثة فصول‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة العامة‬

‫باإلضافة الى الفصل التمهيدي الذي تناولنا فيها إشكالية الدراسة والدراسات‬
‫السابقة التي ساعدتنا في بناء اإلشكالية ثم فرضيات الدراسة محاولين اإلجابة على‬
‫ما طارحناه في بحثنا‪ .‬موضحين األسباب التي دفعتنا إلى اختيار الموضوع مع‬
‫‪.‬أهمية الدراسة وتحديد المفاهيم المفتاحية‬

‫أما الفصل األول فتناولنا فيه بوادر الصراع في الجزائر والسياسة األمنية للدولة‬
‫وقسمناه الى مباحث وضحنا األحداث التي مر بها المجتمع الجزائري وصوال إلى‬
‫‪.‬المجازر الجماعية‬

‫أما الفصل الثاني سنتطرق إلى فكرة التسامح في التراث الفكري العربي والتراث‬
‫الغربي متناولين عدة مباحث‪ K،‬حيث تطرقنا إلى نشأة فكرة التسامح عند فالسفة‬
‫‪.‬العقد االجتماعي مثل هوبز وجون لوك وجان جاك روسو‬

‫أما في الفكر العربي نجد األفغاني ومحمد عبدو ومحمد عابد الجابري وعبد‬
‫‪.‬الحميد ابن باديس ومحمد أركون‬

‫أما الفصل الثالث تناولنا فيه مخلفات‪ K‬العمل اإلجرامي على ضحايا المجازر وما‬
‫ترتب عنه من أثار نفسية واجتماعية وثقافية والتحوالت التي شهدها مجتمع‬
‫الدراسة بعد الحادثة‪ ،‬والتسامح في الحياة اليومية والتصورات العامة واآلثار‬
‫‪.‬الناتجة عن عدم التسام‬

‫‪2‬‬
‫فصل‬
‫تمهيدي‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪:‬الدراسات السابقة‪1-‬‬

‫"الدراسة األولى‪ :‬تحت "عنوان التراث والتغيير االجتماعي ‪1-1‬‬

‫رسالة دكتوراه في علم االجتماع للباحث أشرف عبد الوهاب‬

‫حيث تناول الباحث‪ K‬دراسة قيم التسامح أو عدم التسامح في مستويات الثقافية‬
‫واالجتماعية مختلفة لدى كل من الريفيين والحضريين‪ ،‬وبين المتعلمين وغير‬
‫‪:‬المتعلمين وبين الذكور واإلناث‪ ،‬وبين األجيال المختلفة حيث تهدف الدراسة‬

‫‪.‬تحديد مفهوم التسامح وخصائصه وعالقته ببعض المفاهيم األخرى ‪-‬‬

‫دراسة تجليات التسامح في التراث البحثي مع التركيز على المحددات ‪-‬‬


‫‪.‬االجتماعية للتسامح‬

‫‪:‬التساؤالت ‪-‬‬

‫مفهوم التسامح؟ وما مظاهره وعالقته بالمفاهيم األخرى؟ ‪-‬‬

‫وما التجليات‪ K‬التسامح في كل من التراث الفكري والتراث النظري والتراث ‪-‬‬


‫البحثي؟‬

‫ما طبيعة التغيير الذي طرأ على قيمة التسامح االجتماعي في المجتمع المصري ‪-‬‬
‫وأسباب خطورة هذا التغيير؟‬

‫مستعمال‪ :‬األسلوب الوصفي التحليلي مع االستمارة‬

‫‪:‬نتائج الدراسة ‪-‬‬

‫وجود فروق واضحة في متوسط التسامح بين محافظات الدراسة‪ ،‬حيث وجد‬
‫‪،‬التسامح بدرجة أعلى في المناطق ذات المستوى االجتماعي واالقتصادي المرتفع‬

‫‪2‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪.‬كلما زادت الكثافة السكانية في منطقة معينة كلما قل التسامح‬

‫عدم التسامح يؤدي إلى زيادة العداوة بين الناس في المجتمع‪ ،‬وزيادة العنف‬
‫‪.‬وارتفاع الجريمة وانتشار الفوضى بين المجتمع‬

‫التسامح في المجتمع المصري اقل بحيث تنشر انه التعليم يساهم باتجاه التغيير‬
‫‪.‬في التسامح‬

‫‪:‬اإلشكالية‪2 -‬‬

‫إن األوضاع التي مر بها المجتمع الجزائري من عنف وإرهاب وتعصب وغياب‬
‫ثقافة التسامح ادخلها في نفق مظلم ‪ 10‬سنوات من تاريخ الجزائر حيث أطلق‬
‫على هذه المرحلة بالعشرية السوداء او سنوات الدم حيث بدا العنف من القتل‬
‫الفردي وصوال إلى المجازر الجماعية‬

‫فظاهرة التسامح والعفو ومشكلة العنف خلفية بان تكون موضوع مشروع‬
‫سيسيولوجي ذي اولوية في مجتمعنا المعاصر فهذه الدراسة متعددة اإلبعاد حيث‬
‫نحاول دراسة الجوانب االجتماعية والنفسية والسياسية واالقتصادية المكونة لها‬
‫ونحاول إن نبين اآلثار المترتبة على الممارسات العنيفة على أفراد مجتمع البحث‬

‫فمعرفة حقيقة المتضررين وهم ضحايا المجازر الجماعية كيف تم إقناعهم بفكرة‬
‫العفو والتسامح مع من أجرموا في حقهم ونسيان الماضي والعيش االجتماعي‬
‫والمدني مع من أجرموا ضدهم وعادوا إلى الساحة االجتماعية والمهنية بضمانات‬
‫قانونية؟‬

‫‪3‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪:‬فرضيات الدراسة‪3-‬‬

‫عدم التسامح مع المعارضة السياسية واأليديولوجية وغياب الحوار السياسي‪1 -‬‬


‫مما جعل االحتكام الى العنف هو الوسيلة واداة لحل الخالفات‪ K‬وحسم النزاعات‬
‫حيث ادخل الجزائر في عنف فاق التصورات ما زالت اثاره باقية على مجتمع‬
‫البحث ضحايا‪ K‬اإلرهاب‬

‫تحميل السلطات المكلفة باألمن جزء من المسؤولية تستطيع توفير االمن‪2-‬‬


‫للمواطنين فقانون العفو اجحاف‪ K‬في حق الضحايا بما يقدمه من تنازالت وانه ال‬
‫يضمن حق العائدات في العدل‬

‫يواجه مجتمع البحث ازمه ثقافية على األصعدة االجتماعية والسياسية والفكرية‪3-‬‬
‫وهذا ما ادى الى غياب ثقافة التسامح لدى ضحايا المجازر الجماعية‬

‫‪:‬أسباب االختيار موضوع‪4-‬‬

‫شكلت شريحة ضحايا االرهاب وما عانته من تهميش بعد مشروع المصالحة‬
‫الوطنية دافعا الهتماماتنا األنية والمستقبلية وقاعدة بنينا عليها ابحاثنا العالمية‬
‫منذ قراءتنا لمقال في جريدة ‪Quotidien d’Oran‬‬

‫عن مقتل ‪ 1000‬شخص في والية غليزان بلدية الرمكة أنداك وجاء هذا العمل‬
‫تكملة للدراسة التي قمنا بها في رسالة الماجستير العنف بين العفو والمصالحة‬
‫الوطنية دراسة ميدانية لجمعية ضحايا االرهاب في والية وهران‬

‫نقص دراسات األكاديمية للتسامح بحيث لم تحضي باالهتمام الكافي رغم ما‬
‫تتمتع به من اهمية باعتبارها مؤشر على تحقيق السلم والتعايش واالستقرار‬
‫‪.‬االمني وان الموضوع ال يقل اهمية من الناحية النظرية والتطبيقية عن العنف‬

‫‪4‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫كيف تم اقناع هذه الشريحة من المجتمع بفكرة العفو والتسامح والعيش مع من‬
‫أجرموا في حقهم‬

‫الفضول لمعرفه حقيقة المتضررين معاناتهم بعد المجزرة وكيف استطاعوا بناء‬
‫‪.‬حياتهم رغم ما مروا به من رعب مقدس‬

‫‪:‬اهمية الدراسة‪5-‬‬

‫يتعلق المشكل االساسي بعائالت ضحايا االرهاب‪ K،‬وكيفية اقناعهم بأن العفو‬
‫الشامل والمشروط ال يقصد منه تجريد المجرمين من جرائمهم‪ ،‬ولكن االساس هو‬
‫تفادي تعميق االشكال واستمرار العنف واإلرهابيون يمتد التسامح ليشمل العالقات‪K‬‬
‫بين الجماعات الثقافية بحيث لن يستطيع المجتمع تحقيق التعايش وممارسة‬
‫الديمقراطية والتفاعل مع االخرين‪ ،‬اال إذا سادته قيم التسامح‪ ،‬نظرا لما يعتريه‬
‫‪.‬حاليا غياب التسامح وسيادة التعصب والنفي االخر‬

‫فمعظم الدراسات التي اجريت في المجتمع الجزائري ركزت على العنف‬


‫والتعصب ومظاهره من العدوان والكراهية‪ ،‬في حين اهملت الدراسات الخاصة‬
‫بالتسامح ومعنى ذلك ال يوجد فرض متسامح دائما واخر متعصب دائما‪ ،‬ولكن‬
‫يمر الفرد خالل حياته وتفاعالته اليومية بمواقف عديدة ومختلفة‪ ،‬وفي بعضها‬
‫االخر متعصبا وبعضها يكون متسامحا ومن ثم هناك حاجة في مجتمعنا الى‬
‫دراسة شاملة لهذه الظاهرة لتلمس خصائصها‪ K‬في إطار الثقافة للمجتمع الجزائري‬
‫كما ان هذه الدراسات كانت ذات طابع ديني دون محاولة التحقق الميداني‬
‫‪.‬والدراسات السوسيولوجية‬

‫‪5‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪:‬أهداف الدراسة‪6 -‬‬

‫تستهدف هذه الدراسة الى استنباط المستتر على قيمة العفو والتسامح االجتماعي‬
‫لضحايا‪ K‬االرهاب‪ ،‬الذي عانوا أبشع المجازر الجماعية في بلدية الرمكة‪ ،‬والية‬
‫غليزان اهم العوامل التي تجعل الفرد متسامحا او غير متسامحا في مواقف‬
‫‪.‬التفاعل المختلفة‪ ،‬التي تحكم التصورات االفراد وواجهات نظرهم‬

‫‪:‬والهدف االساسي هو‬

‫‪.‬استحضار الزمن الماضي بكل ما يعنيه وزيادة ثقافة المجتمع ووعيه بتاريخه‪-‬‬

‫تسليط الضوء على ضحايا المجازر‪ K‬الجماعية في بلدية الرمكة والبحث عن‪-‬‬
‫‪.‬تجليات التسامح في الواقع اليومي‬

‫الكشف عن مخلفات‪ K‬االثر االجرامي على المجتمع الدراسة والتحوالت التي‪-‬‬


‫شهدتها المنطقة ما بعد االرهاب‪ .‬لفت الجهات‪ K‬المعنية ألجل التكفل بهذه الشريحة‬
‫‪.‬من المجتمع والتوفير لهم حياة كريمة‬

‫‪:‬منهجية الدراسة‪7 -‬‬

‫نظرا لطبيعة الموضوع بإشكاليته المرتبطة بالتطورات والتحوالت التاريخية‬


‫يفرض علينا فهم منبعه ومصدره واسبابه بالقراءة التاريخية والدراسة‬
‫االستطالعية‪ ،‬فسيكون التحقيق الميداني في بلدية الرمكة والية غليزان ‪ ،‬حيث‬
‫تقدر مساحتها ‪ 14048‬هكتار يحدها من الشمال بلدية (اوالد بن عبد القادر)‬
‫والية شلف ‪،‬ومن الجنوب بلدية الملعب (والية تيسمسيلت) شرقا بلدية لرجام‬

‫‪6‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫والية تيسمسيلت غربا بلدية عمي موسى والولجة (والية غليزان) ‪،‬وتقدر الكثافة‬
‫السكانية لبلدية الرمكة ‪ ،5114‬قمنا كباحثين بالبحث عن وسيط لكي نعرف‬

‫المنطقة اوال ثم يعرفنا بالمبحوثين او الضحايا‪ K‬الناجين من المجازر الجماعية‪،‬‬


‫مستعملين مقابلة حرة دون دليل وذلك لكسب ثقة المبحوثين وتعريفهم بموضوع‬
‫‪.‬بحثنا فدامت الدراسة األولية عده شهور ‪ 6‬شهور تقريبا‬

‫كما استعملنا مقاربة كيفية والمنهج الوصفي محاولين التوصل الى معرفة دقيقة‬
‫وتفصيلية عن الجوانب‪ K‬المختلفة لموضوع الدراسة وتحقيق افضل فهم له اعتمادا‬
‫على التحليل الكيفي كما سوف يمكننا من دراسة و تحليل الضرو والخصائص‬
‫االجتماعية و االقتصادية والسياسية لعينة الدراسة والذي يؤثر على استجابتهم في‬
‫موقف التسامح او عدم التسامح و مستعملين ايضا تقنية المالحظة المباشرة وذلك‬
‫بمالحظة سلوكيات وتصرفات‪ K‬الضحايا بجمع المعلومات والحقائق ورصد اهم‬
‫المؤشرات المتعلقة بالبحث كما استعملنا تقنية المقابلة النصف الموجهة وذلك‬
‫بمقابلة مجتمع البحث‪ K.‬حيث دامت معظم المقابالت أكثر من ثالث ساعات‬
‫مستعملين التسجيل الصوتي كان عدد المقابالت‪ 20 K‬مقابلة كما تضمنت المقابلة‬
‫‪.‬أربع محاور‬

‫‪.‬في بعض االحيان كنت اتشارك معهم حياتهم اليومية وذلك لبقائي معهم عدة أيام‬

‫‪:‬خصائص مجتمع البحث ‪-‬‬

‫تمثلت الدراسة من كال الجنسين رجال ونساء حيث كان السن يتراوح ما بين ‪:‬‬
‫‪ 40‬سنة و ‪ 60‬سنة‪ .‬ومع شابين نجو من المجزرة بأعجوبة الهية حاملين معهم‬
‫اثر جسدي مدى الحياة فكان سنهم يوم الحادثة ‪ 4‬الى ‪ 6‬سنوات فمعظمهم شهدوا‬
‫‪.‬الحادثة وكانوا في المنطقة في ذلك اليوم و البعض كان مسافرا‬

‫‪7‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫فغالبيتهم حسب تصريح المجتمع البحث ال يعرفون القراءة والكتابة فقد الشابين‬
‫الذي أكملوا دراستهم رغم ما مروا به من مشاكل نفسية واجتماعية وفقدانهم‬

‫لدويهم في سن صغير‪ ،‬اما عن الحالة المدنية منهم من اعاد بناء حياته وتزوج من‬
‫جديد ورزق بأطفال‪ K،‬فهذه الشريحة من المجتمع تعيش الحرمان والفقر حسب ما‬
‫صرح من طرف المبحوثين ‪ ،‬فمعظمهم يزاولون اعماال بسيطة كصناعة الدوم او‬
‫يعملون في الفالحة نظرا لغياب المؤسسات العمومية والخاصة ‪،‬ادى الى النزوح‬
‫الريفي لسكان الدواوير المجاورة الى مركز البلدية كما شهدت البلدية ارتفاع في‬
‫‪.‬نسبة البطالة اما عن النساء التي قابلتهم هم ماكثات في البيت‬

‫‪:‬تحديد المصطلحات االساسية‪8-‬‬

‫هناك العديد من المفاهيم والمصطلحات‪ K،‬التي سوف تستعمل في الدراسة‪ ،‬وهي‬


‫ذات داللة ومعنى مما يدفعنا الى القول ان هناك اجتهادات معرفية و أبستمولوجية‬
‫وتعريفية تختلف من طرف الى اخر‪ ،‬وهذا هو االشكال المطروح اليوم على‬
‫الفضاء‪ K‬العام للبحث‪ ،‬اذا ما اردنا ان يكون موضوعيا‪ ،‬ومتسما بالحياد القيمي الى‬
‫جانب الوعي األبستمولوجيي التي تتطلبه المنهجية في التعامل مع واقع البحث في‬
‫‪.‬كل تفاصيله االصطالحية‪ ،‬والتاريخية و المعرفية‬

‫‪:‬التسامح ‪8-1‬‬

‫‪:‬لغة ‪-‬‬

‫سامحه في االمر اي ساهله والينه‪ ،‬ووافقه على مطلوبه فالتسامح فعل مشترك‬
‫يدل على التساهل والموافقة وهو في معناه يدل على قبول اختالف االخرين سواء‬
‫(‪)1‬‬ ‫في الدين او العرف او السياسة‬

‫‪8‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫حسن حنفي‪ ،‬التعصب والتسامح في أضواء التعصب‪ ،‬دار االمواج للطباعة‪ ،‬بيبروت‪ ،1993،‬ص )‪1‬‬
‫‪171.‬‬

‫‪:‬اصطالحا ‪-‬‬

‫العفو عند المقدرة وعدم اإلساءة باإلساءة والرفع عند الضغائن والنمو بالنفس‬
‫‪.‬البشرية الى مرتبة اخالقية‬

‫وفي اللغة الفرنسية ‪، Tolérance‬يعني اإلقرار بالمساواة بين كافة األطراف‬

‫وقيام التسامح على هذا االساس يعني احترام المختلف مهما مصدر اختالفه ويعود‬
‫اساس هذا المفهوم الى ما رفعته الثورة الفرنسية من شعارات الحرية والمساواة‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬واإلخاء كان نتاج ذلك التساوي الوضع القانوني والمعنوي في كل بشر‬

‫‪:‬تعريف العنف ‪8-2‬‬

‫العنف يختلف من مجتمع الى اخر ومن حضارة الى اخرى ففي النظام االفريقي‬
‫معين يعتبر تقديم الذبائح البشرية امرا طبيعيا وال يمكن وصفه بالعنف وعلى‬
‫العكس من ذلك فان انعدام التضامن بين الجماعات‪ K‬البشرية في المدينة الحديثة من‬
‫(‪)2‬‬ ‫شانه ان يبدو عنف ال يطاق في نظر االفراد القبيلة األفريقية‬

‫‪9‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫هويدا عدلي‪ ،‬التسامح السياسي‪ ،‬المقومات الثقافية للمجتمع المدني‪ ،‬مركز الدراسات حقوق االنسان‪1-.‬‬
‫القاهرة‪ 2000 ،‬ص ‪38.،32‬‬

‫‪-2Stalter Foullay Danielle , Histoire et violence, Ed, FTPU, Stan bourg ,1990,‬‬
‫‪P52.‬‬

‫‪:‬المعنى اللغوي‪-‬‬

‫كلمة العنف في اللغة العربية هي الخوف وقلة الرفق وهو عنيف اذ لم يكن رفيقا‬
‫‪:‬في امره وفي الحديث الشريف‬

‫>يعني اخده بالعنف(‪<)1‬ان هللا تعالى يعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف‬

‫اما في اللغة الفرنسية فان االصل الالتيني لكلمة ‪-‬‬

‫اما في اللغة الفرنسية فإن األصل الالتيني لكلمة ‪ Violence‬هو ‪Violencia‬‬

‫ومعناها االستخدام الغير المشروع للقوة المادية بأساليب متعددة أللحاق االذى‬
‫باألشخاص واالضرار بالممتلكات ويتضمن ذلك معاني العقاب واالغتصاب‬
‫(‪)2‬‬ ‫والتدخل في الحريات االخرين‬

‫‪:‬اتجاهات تعريف العنف‪-‬‬

‫حيث يعرفه الدكتور حسن توفيق ابراهيم في مدخل كتابه ظاهرة العنف )‪1‬‬
‫السياسي في النظم العربية "هو ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية والنفسية وهو ظاهرة عامة تعرفها كل المجتمعات البشرية بدرجات‪K‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫متفاوتة"‬

‫‪10‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪.‬أبو الفضل محمد‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬القاهرة ‪ ،1979،‬ص ‪1-32-31‬‬

‫‪-2Michel Le Grain، le grand Robert، ED، Robert Paris, 1997, P 742.‬‬

‫‪.‬حسن توفيق‪ K‬إبراهيم‪ ،‬ظاهرة العنف السياسي‪ K‬في النظم العربية‪ ،‬مركز الدراسات‪3-‬‬

‫كما يعرفه فرويد‪ :‬يطلق اسم العنف على القوة التي تهاجم مباشرة شخصية‬
‫االخرين وممتلكاتهم‪ ،‬افراد او جماعات ويقصد السيطرة عليهم بواسطة الموت‬
‫(‪)1‬‬ ‫والتدمير واإلخضاع او الهزيمة وانه عاطفي وغريزي‪.‬‬

‫اما ريمون ارون‬

‫حيث ندعو عنفا كل مبادرة تتدخل بصورة خطرة في حرية االخر ‪R.ARON‬‬
‫وتحاول ان تحرمه حرية التفكير والراي والتقرير وتنتهي خصوصا بتحويل‬
‫(‬ ‫االخر الى وسيلة او اداة من مشروع يمتصه ويكتنفه دون ان يعامله ككائن كفؤ‪.‬‬
‫‪)2‬‬

‫‪:‬المصالحة الوطنية ‪8-3‬‬


‫وتعني المصالحة الرجوع معا الى المجلس والعمل في انسجام جماعي واستعادة‬
‫حالة العالقة السلمية التي تسبب فيها اي طرف الضرر لألخر‪ ،‬وحالة يامن فيها‬
‫الكل بعدم حصول ذلك الضرر من جديد‪ ،‬وحيث يلغى االنتقام من القائمة‬
‫الخيارات المتاحة‪ ،‬لكن هذا ال يعني ان استعادة العالقة السلمية هدف في حد ذاته‬
‫(‪)3‬‬ ‫بل ال بد من توفير شروط استمرار هذه العالقة‬

‫‪11‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪1-Body Gendrot Sophie, ville est violence d'uruption, de nouveaux acteurs,‬‬


‫‪ED,PU, Paris, P 130 .‬‬

‫‪2- I bid,P, 140,142‬‬

‫ابو قاسم حسن بن محمد‪ ،‬المفردات في غريب القران لألصفهاني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق محمد‪3-‬‬
‫‪.‬سيد الكيالني‪ ،‬ص ‪285‬‬

‫‪:‬الصلح ‪8-4‬‬

‫لغة ‪ :‬‬

‫انهاء الخصومة وتصالح القوم بينهم والصلح والسلم وهي المسالمة بعد المنازعة‬
‫قال االصفهاني" الصلح يختص بإزالة بين المتخاصمين يقال منهم أصلحوا‬
‫"(‪)1‬‬ ‫وتصالحوا‬

‫وأصلح الشيء يصلحه اصالحا‪ :‬اي الفساد الموجود فيه وارجاعه الى طريقه‬

‫االصلي الصحيح والسليم والصلح بين الطرفين ازالة ما بينهما من فساد ونزاع‬
‫(‪)2‬‬ ‫وسوء فهم وارجاع العالقة الى ما كانت عليه من ود وتفاهم وتعاون‬

‫الفرضيات‬

‫ونعتقد كباحثين ان محاولة فهم الوضعية التي تعيشها عائالت الضحايا‪ K‬تطرح‬
‫امامنا عدة فرضيات بديلة تنافس طول تقديم تفسير وتحليل مالئم المسار الذي‬
‫‪.‬عرفته هذه الفئة‬

‫يواجه مجتمع البحث ازمة ثقافية على األصعدة االجتماعية والسياسية والفكرية‬
‫‪.‬وهذا ما ادى الى غياب فكرة التسامح لدى الضحايا‪ K‬المجازر‬

‫‪12‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫تحميل الدولة جزء من المسؤولية ألنها لم تستطع توفير االمن لمواطنيها فقانون‬
‫العفو اجحاف في حق الضحايا‪ K‬بما يقدمه من تنازالت لإلرهابيين وانه ال يضمن‬
‫‪.‬حق العائالت في العدل‬

‫‪.‬ابن منطور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،3‬ص ‪1-516‬‬

‫فالمصطلح في اللغة يندرج تحت معينان‪ ،‬فالمعنى هو إزالة الشقاق وانهاء‬


‫الخصومات‪ ،‬وقف العداءات واحالل الوئام والسالم‪ ،‬في معناه العام وازالة الفساد‪.‬‬
‫فغاية هذه التعاريف مقصدها واحد وهو رفع الخالف وإزالة النزاع وقطع دابر‬
‫الخصومة الواقعة بين الطرفين بطريقة ترضيهما‪ ،‬وينبغي الصلح او الصلح‬
‫االصالح ان يقتنع اقتناعا تاما بهذه المصالحة‬

‫‪:‬اصطالحا‬

‫لقد عرف الفقهاء‪ K‬الصلح بتعاريف تشترك في معناها ومقاصدها والواضح انها‬
‫ترمي جميعا الى رفع الخالف وازالة النزاع وذلك بالتوفيق بين الخصمين ومن‬
‫‪:‬هذه التعاريف يأتي‬

‫تعريف الشافعية‪ :‬هو العقد الذي تنقطع به خصومة المتخاصمين او هو عقد‬


‫(‪)1‬‬ ‫يحصل به ذلك‬

‫عرفته الموسوعة الفقهية‪ :‬بانه معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم ويتوصل‬
‫(‪)2‬‬ ‫بها الى الموافقة بين المختلفين‬

‫‪13‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ .‬احمد العتيبي‪ ،‬النيابة في شرح الهداية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،1990 ،‬ص ‪1-319‬‬

‫‪.‬الموسوعة الفقهية‪ ،‬ووزارة االوقاف والشؤون‪ K‬اإلسالمية‪ ،‬دار الصفوة‪ ،‬الكويت‪ ،1992 ،‬ص‪2-323‬‬

‫فالمصالحة اصطالحا هي كل امر يوفق بين الناس ويتحقق من خالله رفع النزاع‬
‫ووقف القتال او قطع الخصومات الواقعة والمتحملة وفق شروط العادلة وتطرق‬
‫بوضع اربعة عناصر محدد لها‬ ‫‪:‬لها‬

‫‪.‬الحقيقة‪ :‬وتعني التعبير المفتوح حول الماضي ‪-‬‬

‫‪.‬العدالة‪ :‬اعادة البناء االجتماعي والتعويض ‪-‬‬

‫‪.‬الرحمة‪ :‬وتعني العفو لبناء عالقة جديدة ‪-‬‬

‫‪.‬السالم‪ :‬المستقبل المشترك والحياة الكريمة واالمن لكل الطارفين ‪-‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل‬
‫األول‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬أحداث أكتوبر ‪1-1988‬‬

‫يقول السيد نور الدين بوكروح رئيس حزب التجديد الجزائري" ان االزمة هي‬
‫ساعة الحقيقة حيث تنهار التراكيب والمباني المصطنعة‪ ،‬حيث تتهاوى التوازنات‪K‬‬
‫الهشة حيث تبرز كل األفكار الخاطئة "(‪ ،)1‬إن االزمة الحالية من خالل التعابير‬
‫العنيفة ومن خالل امتدادها الواسع‪ ،‬تبين أن الجرح العميق وانه ابعد من التحاليل‬
‫االقتصادية والسياسية المشخصة تشخيصا أوليا‪ ،‬وإنها تشبه قنبلة موقوتة بدون‬
‫عداد كانت ستنفجر ال محالة ولم تكن تنتظر سوى تحديد المفجر وتحديد الطاقة‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬في أي وقت‬

‫ويذهب المحللون أن األحداث التي عاشتها الجزائر هي فترة ثورية وفي الحقيقة‬
‫ما هي إال ثورة الشارع وانتفاضة لما آل إليه المجتمع الجزائري من أزمات حينما‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪.‬ال تستطيع السلطة االستمرار ويكون الشعب رافضا‬

‫ويمكن ألي بلد إن تجد نفسها على محل األزمة‪ ،‬الن األزمات جزء ال يتجزأ من‬
‫حياة األمم األكثر تطورا‪ ،‬يمكن أن تكون ظرفية أو دورية تؤدي إلى احتالل ناجم‬
‫‪.‬عن موازين القوى السياسية أو في توزيع الثروات وفي المقابل‪K‬‬

‫‪.‬نور الدين بوكروح‪ ،‬من برنامجه الجزائر الجديدة الذي أعده قبل االنتخابات‪ ،‬الجزائر‪ ،2002،‬ص ‪1-2‬‬

‫‪.‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2-4‬‬

‫‪3- Saïd Ahmed, Octobre ils parlent, Ed, Le matin. 1998. P 14, 15.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول‬

‫هناك أزمات مرت بها الجزائر‪ K،‬فأزمة أكتوبر تعتبر زلزاال سياسيا هز أركان‬
‫النظام القائم‪ ،‬كما كانت اإلحداث بمثابة تغيير وفصل العالقة القائمة بين المواطن‬
‫والسلطة‪ ،‬وقد كان هذا الحدث بتجلياته العنيفة‪ ،‬داللة أكيدة على حجم الكبت نتيجة‬
‫التهميش واالقصاء المتراكم وغياب التأطير العقالني لحركية المجتمع الجزائري‬
‫‪.‬االجتماعي والسياسي(‪)1‬‬

‫‪:‬األسباب السياسية‪2-‬‬

‫عرفت الجزائر احتكار السلطة من النوع خاص على اختالف األنظمة السياسية‬
‫المتعددة‪ ،‬أفقدتهم احتكارها من قبل النخبة العسكرية‪ ،‬والتي استمدت شرعيتها من‬
‫الثورة التحريرية حيث كان حزب جبهة التحرير الوطني اديولوجية والسياسية‬
‫ال غير‪ ،‬وهذا ما يعرف بنظام الحزب الواحد يخنق الحريات‪ K‬العامة والفردية‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬ومصادرتها‪ ،‬وبالتالي ظهور فجوة بين القاعدة الشعبية والنظام السياسي‬

‫‪1- Rêne Gallissot, Octobre 88 en Algérie, cahiers d'étude berbère, Paris, 1990,‬‬
‫‪P 120.‬‬

‫بلقاسم سلطانية‪ ،‬وسام‪ K‬حميدي‪ ،‬العنف والفقر في المجتمع الجزائري‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬القاهر‪2-،2008، ،‬‬
‫‪.‬ص‪182‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‬

‫كانت الظروف مواتية لتنامي المعارضة في السرية سواء من قبل التيارات‬


‫االيدولوجية اإلسالمية والتيارين‪ ،‬أو تلك الشخصيات‪ K‬التي رفضها النظام‬
‫االشتراكي والحركة من اجل الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬فالحزب‪ K‬الواحد الذي‬
‫أقصى المعارضة لم يعرف لنفسه إطار يضمن له حل المنازعات الداخلية ألقائمة‬
‫بين أعضاءه المتسابقين على السلطة‪ ،‬وتمثل ذلك الصراع بين التيارين فاألول‬
‫محافظ اشتراكي المتمسك بالنهج الراحل‪ K‬هواري بومدين والتيار اإلصالحي‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬اإلنتاجي الذي كان مدعما من قبل التيار البيروقراطيين في قمة النظام‬

‫ما عرفته منطقه القبائل ‪ 1980‬بما يسمى بأحداث الربيع البربري حيث تفجرت‬
‫مظاهرات بعد أن خرج القبائل يحملون شعارات باللغة االمازيغية تطالب االهتمام‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬بلغتهم ودخلوا في اشتباك عنيف مع قوات األمن بعد أن حاولت تفريقهم‬

‫‪-1 la houari Adi, L’ Algérie et démocratie pouvoir et crise du politique dans‬‬


‫‪l'Algérie contemporaine ,Ed , la découverte ,Paris, 1995, P 68.‬‬

‫‪2- Jean Jack lavenue, L’Algérie la démocratie interdite, Ed, Le harmattan, Paris,‬‬
‫‪P 232.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‬

‫األسباب االقتصادية لالزمة‪3- :‬‬

‫بدل من أهم األسباب االقتصادية هي األسباب المباشرة‪.‬‬

‫انخفاض من سعر النفط مع بداية الثمانينات بعد ما كان سعره ب ‪ 34‬دوالر ‪-‬‬
‫للبرميل الواحد انخفض هذا السعر إلى ‪ 29‬دوالر للبرميل في مارس ‪1983‬‬
‫كبيرا (‪)1‬‬ ‫‪.‬وكان هذا التأثير المزدوج في حجم اإلنتاج واألسعار على العائدات‬

‫وقد استمر سعر البترول في التدني نتيجة عدم احترام حصص اإلنتاج لدى بعض‬
‫الدول ودخول منافسين جدد في سوق الدولية لبيع سعر البرميل الواحد في جويلية‬
‫‪ 7‬دوالرات للبرميل الواحد الذي هدد الوضع االقتصادي العالمي‬

‫وقد نتج عن ذلك ضعف القدرة الشرائية للدول المصدرة واالرتفاع الباهظ في‬
‫أسعار المواد الصناعية المستوردة من الخارج‪ K‬للدول النفطية والمواد األولية‬
‫الضرورية للوحدات الصناعية لدول العالم الثالث‪.)2( K‬فأزمة النفط في منتصف‬
‫الثمانينات بينت خطأ التوجه االقتصادي ووضعت السياسة التنموية في محك‬
‫الواقع الذي ادخل كل منظومات المجتمع الجزائري في أزمة أدت إلى‬
‫اضطرابات اجتماعية عنيفة احتلت بؤرتها المركزية حركة االضطرابات في‬
‫القطاع االقتصادي واالحتجاج‪ K‬بعنف عن عدم تلبية بعض الحاجات الحقوقية‬
‫فكثيرة هي األوصاف التي وصف بها الباحثون التنمية في الجزائر فهي تنمية‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬راكدة وثابتة اشتراكية الخطاب ورأسماليه تدبرها الدولة‬

‫‪1-Zohra Benarros, L’islamisme politique, Ed, Dar elfarabie, liban, 2002, P 4.‬‬

‫محمد العربي ولد خليفة‪،‬النظام العالمي ماذا تغير فيه وأين نحن من تحوالته ‪،‬ديوان المطبوعات‪2-‬‬
‫‪.‬الجامعية ‪،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪،1998،‬ص ‪313‬‬

‫‪1- Michel ballet, Développement en crise, Ed, PLON, PARIS, 1990, P 70.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول‬

‫فإذا كانت الشرعية التحريرية كونت الغطاء اإليديولوجي االشتراكي للجزائر‪،‬‬


‫فإنها عجزت عن تأدية الدور الشرعية في مرحلة ما بعد البومديانية ونتيجة‬
‫لإلخفاقات تآكلت الشرعية الوطنية لتستبدلها الفئات‪ K‬الشابة بشرعية دينية شديدة‬
‫التسيس‪ ،‬لقد كانت هذه األحداث تؤشر بقوة الزمة المجتمع برمته ومكنت‬
‫الجماعات‪ K‬اإلسالمية التي أثبتت قدرة فائقة على التعبئة االجتماعية واكتساب‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬الشرعية انطالقا منها‬

‫ومن ثم فضلت‪ K‬الفئات االجتماعية الخطاب الديني المشبع بالقيم األخوية المبنية‬
‫على العدل وخضوع الفرد للقوى أالهية كما أن التقاء هذه الحركة االجتماعية‬
‫القوية والجذرية مع الخطاب الديني هو الذي أعطى الحركة اإلسالمية كل قوتها‬
‫وهذا التالقي الذي إثر على االثنين فالحركة االجتماعية تبلورت مشروع إعادة‬
‫تشكيل الدولة الجزائرية على أسس الشريعة اإلسالمية وبالتركيز على العدالة‬
‫االجتماعية‬

‫عروس الزبير‪ .‬الدين والسياسة في الجزائر‪ .‬انتفاضة أحداث أكتوبر‪ 1988‬نموذجا‪ .‬الدراسات الوحدة‪1-‬‬
‫العربية‪ .‬بيروت‪.1988.‬ص ‪493‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬األسباب االجتماعية‪4-‬‬

‫إن المشاكل االجتماعية التي عرفتها الجزائر في بداية هذه الثمانينات كانت من‬
‫بين األسباب التي أدت تحريك الشعب وخروجه إلى الشارع رافضا للنظام‬
‫السلطوي السائد‪ ،‬مستنكرا الفوارق االجتماعية‪ ،‬وما خلفته األزمة االقتصادية‬
‫بعد مرورها بأزمات مالية حادة‪ ،‬تبين التراجع في فرض الشعب وارتفعت نسبة‬
‫البطالة حيث قدر العدد اإلجمالي للبطالين في نهاية ‪ 1986‬ب ‪ 1.5‬مليون نسمة‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬بالنسبة ‪ 23,5‬بالمائة وهم ال يتجاوزون ‪ 24‬السنة من أعمارهم‬

‫سوء التسيير أدى إلى إفالس بعض المؤسسات االقتصادية وتشريح العمال ازمة‬
‫السكن وعجز الشباب عن الزواج‪ ،‬وتفكير في الهجرة الى الخارج بحثا عن‬
‫االستقرار وتحسين مستواه المعيشي كما أن التعسف والمضايقات‪ K‬والمعاملة السيئة‬
‫التي كان يتعرض لها المواطن أثناء تعامله مع األجهزة الديمقراطية والسلطوية‬
‫التي كان لها األثر في فقدان الثقة بين األشخاص الحاكمين والمحكومين‬

‫ظهور طيفة جديدة برزت عليها الثراء الفاحش في الفيالت الضخمة مواد انيقة‬
‫تخدم مصالحها‪ K‬الخاصة على حساب المصلحة العامة معتمدة على مبررات وهمية‬
‫ارتفاع نسبه األمية التسرب المدرسي الفقر في بعض األسر الجزائرية ارتفاع‬
‫‪.‬النمو الديمغرافي‬

‫‪1- Abed charef, Dossier d’octobre, Ed , L’aphontaine ,ALGER,1989 ,P 30-47.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬التحول الديمقراطي في الجزائر‪5-‬‬

‫ولدت الديمقراطية مع أحداث أكتوبر التي اعتبرها البعض كسب مباشر لالنتقال‬
‫من النظام الشمولي المطلق إلى التعددية الحزبية فالمقصود باالنتقال هو الفترة‬
‫الفاصلة بين نظام سياسي وأخر أي اللحظة التي تتم فيها بناء نظام جديد بغض‬
‫النظر عن طبيعة هذا النظام أو نمطه ويتحدد معنى االنتقال من جهة بانطالق‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬عملية انحالل النظام السلطوي أو نشوء بديل الثوري‬

‫فخالل االنتقال بمقدار وجود قواعد واإلجراءات فعالة تكون هذه القوانين سلطة‬
‫خرافية على الحقوق في الحين هذه القواعد تكون عادة محمية بالدستور‬
‫والمؤسسات الديمقراطية والمؤشر النموذجي لبناء االنتقال هو عندما يبدأ الحكام‬
‫المواطنين(‪)2‬‬ ‫‪.‬السلطويون بتعديل قواعدهم الخاصة باتجاه الحريات‪ K‬العامة وحقوق‬

‫حيث سمح الدستور ‪ 1989‬ألول مرة بإنشاء األحزاب السياسية فاستعملت‬


‫األحزاب كل وسائل لتحقيق الهيمنة والسيطرة وذلك لبلوغ السلطة التي أصبحت‬
‫الشغل الشاغل لكل عضو نصب يعرف السياسة أنها مجموعة من المجهودات‬
‫السلطة(‪)3‬‬ ‫‪.‬التي تقوم بها الفرد أو الجماعات المنظمة من اجل المشاركة في‬

‫غيلرمو اودونيل‪ ،‬وفيليب شميتر‪،‬االنتقال من الحكم السلطوي ‪،‬استنتاجات اولية‪1-‬‬

‫‪،‬حول الديمقراطية غير مؤكدة‪ ،‬ترجمة صالح تقي الدين‪ ،‬معهد الدراسات االستراتيجية‪ ،‬بغداد‪2007 ،‬‬

‫‪212.‬‬

‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪2-22‬‬

‫‪3-Max Weber,le savant et le politique,DE,plon,paris,1963,P 101.‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬الخلفية التاريخية للعنف في الجزائر‬

‫‪-‬خلفيات العنف في المجتمع الجزائري‬

‫ولماذا سيهم العنف في الجعل الوضع االنساني واالجتماعي والمجتمع للفرد‬


‫‪.‬الجزائري وضعا صناعيا عنيفا؟ عدم التكافؤ الفرص‬

‫الحرص على ان تشكل هذه الدراسة المتواضعة ضمن حدودها مساهمة متواضعة‬
‫‪.‬في بلورة بعض مكونات اشكالية التسامح في المجتمع الجزائري‬

‫دوم كايم‪ :‬في كتابه قواعد المنهج السوسيولوجي القائم على فكرة رد الحياة‬
‫االجتماعية يجب ان تفسر باألسباب العميقة التي ال يتم الوعي بها وليس بالتصور‬
‫فيها(‪)1‬‬ ‫‪.‬الذي يحمله اوالئك الذين يشاركون‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬التيار االسالمي يكتسح الساحة‬

‫بينما كان الحزب الذي من المفروض ان يقود االصالحات ضعيفا كان التيار‬
‫االسالمي في اقوى حاالته ومباشرة على المصادقة على الدستور ‪ 1989‬الذي‬
‫فتح المجال امام التعددية الجزئية يمكن زعماء التيار االسالمي من ان يفرض‬
‫حضورهم على الساحة السياسية وقد برزت قيادة تتكون من الثنائي عباسي‬
‫المدني وعلي بلحاج داخل هذا التيار وانشات الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ التي تبنت‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬خطابا بفضله استطاعت ان تتفوق على كل خطاب سياسي مغاير‬

‫واكتفى بخطاب بسيط ان االسالم هو الحل لكل مشاكل البالد وكل من يعارض‬
‫الجبهة هو يعارض االسالم وانه ال مجال للدخول في تفاصيل العمل السياسي‬
‫وطرح البرامج الن عودة الجزائري الى الشريعة اإلسالمية ستؤدي بالصفة‬
‫الطبيعية الى القضاء‪ K‬على كل الصعاب‪ K،‬ودخلت الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ‬
‫االنتخابات‪ K‬وهي في قمة اندفاعها نحو السلطة فجاءت النتائج تعكس الواقع‬
‫‪.‬المعاشي يفوز الفيس بأغلبية كبيرة‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‬

‫عابد شارف‪ ،‬تجربة االنتقال الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬مجلة الباب‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪1-،‬‬
‫‪ ،2013‬ص‬

‫‪:‬اسباب تقدم جبهة اإلنقاذ‬

‫لقد تميزت جبهة االنقاذ بوجودها المؤثر في الساحة الجزائرية عن باقي‬


‫التنظيمات والحركات اإلسالمية والقومية الوطنية وهذا يعود الى جملة من‬
‫أسباب‪ :‬تميزت بتكوينها الثقافي‪ K‬والعقائدي وقدرتها التنظيمية التي تحلت في‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬المسيرات الكبرى واالشراف على إدارة عملية االنتخابات‪ K‬البلدية والتشريعية‬

‫قدرة الجبهة اإلسالمية على استقطاب الجماهير وتجنب الكوارث من خالل‬


‫المساجد‪ ،‬لقد سعت الجبهة االنقاذ في بروز انهيار التيارات االيديولوجيا وفشل‬
‫االحزاب الجزائرية وخطابها البعيد عن روح الوطنية والدينية‪ .‬استفادت الجبهة‬
‫من جراتها للتصدي لنظام الحاكم وهذه الجرأة فتنت الشباب وعززت قناعتهم بان‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬القوة هي الوسيلة المؤثرة في احداث التغيير في البالد‬

‫‪:‬تأزم المشاكل وتصاعد العنف‬

‫ان ايقاف المسار االنتخابي جعل الجزائر تدخل في مرحلة عدم االستقرار سياسي‬
‫وامني في الفترة ‪ 1994-1992‬وذلك في تقديم رئيس الجمهورية الشادلي بن‬
‫جديد استقالته ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬بعد حل البرلمان وكلف رئيس الحكومة آنذاك‬
‫السيد احمد غزالي والجيش بمهمة حفظ النظام العام وامن المواطنين في ‪14‬‬
‫جانفي ‪ 1992‬ثم تنصب المجلس االعلى للدولة برئاسة محمد بوضياف والذي‬
‫الوطن(‪)3‬‬ ‫‪.‬عاد الى ارض‬

‫حسن طولبة‪ ،‬العنف واالرهاب من منظور االسالم السياسي‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪1-،2005 ،‬‬
‫‪.‬ص ‪240‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪.‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2-241‬‬

‫‪3-Adel kader Harichane,Le Fis et le pouvoir,.Ed,LALA SAKINA ,Alge, P 138-139.‬‬

‫وهناك اتخذت السلطة المركزية اجراءات ردعية ضد الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ‬


‫وضد مناضليها كما قامت بتجنيد كل القوى األمنية المتاحة من اجل محاربة‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬الخارجيين عن القانون اإلرهابيين‬

‫جوان ‪ 1992‬اغتيل الرئيس المجلس االعلى للدولة بوضياف بعنابة وحل ‪29‬‬
‫محله على كافي كان عنصرا في المجلس االعلى للدولة وامينا عاما لمنظمة‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬المجاهدين‬

‫فبداية الحديث عن العنف الذي شهدته البالد في اواخر ايام سنة ‪ 1991‬كان‬
‫عبارة عن رد فعل على توقيف المسار االنتخابي من قبل جهات بعيدة عن الفيس‬
‫ساعات منذ البداية الى استخدام العنف من اجل احداث تغيير سياسي اما العنف‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪.‬الحقيقي الذي بدا يمس كل الشرائح واالشخاص دون استثناء‬

‫اول مبادرة عفو قام بها الرئيس اليمين زروال ‪ ،1995‬وذلك لتخفيف التوتر‬
‫استجابة لعدة ضغوط داخلية وخارجية‪ ،‬يعتبر المصدر للقاعدة المادية للوئام‬
‫المدني والعفو الشامل وذلك بفتح المجال لسياسة ال تعتمد على القمع ‪،‬وانما‬
‫بمحاولة فتح الحوار واستدراج الخارجين عن القانون ‪،‬يترك الباب مفتوح امامهم‬
‫‪ 25 .‬فبراير ‪1995‬‬

‫‪1-Lbid,P 128-129.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪2-Amine Touati ,Algérie les islamistes a l’as du pouvoir, Ed, Le Harmattan paris ,1995, P 170.‬‬

‫‪3-Slimane Medhar,L’chec des systèmes politique en Algérie, CHIHAB, Alger,1999,P 200.‬‬

‫فقانون الرحمة يندرج ضمن سياسة االنفراج التي تبناها فهو يحمل عدة اقتراحات‪K‬‬
‫تمثلت في مجموعة من الحلول السياسة والسلمية للخروج من دائرة العنف‪1 .‬‬
‫التعريف به‬

‫يحتوي على ‪ 12‬مادة ة على ‪ 3‬فصول ‪:‬‬

‫‪:‬حيث تضمن الفصل االول‪-‬‬

‫تدابير الرحمة‪ 5 :‬مواد مع تحديده وكادا الشروط وكيفيات المطبقة على ‪-‬‬
‫االشخاص المتابعين بجرائم االرهاب والتخريب الذين سلموا أنفسهم للسلطات‬
‫وتوقيفهم عن النشاط االرهابي‪ ،‬حيث تم تخفيف السجن لمدة تتراوح ‪ 20-15‬سنة‬
‫‪.‬إذا كانت العقوبة اعدام والمؤبد ‪ 15-10‬سنة‬

‫‪:‬الفصل‪ K‬الثاني‬

‫اإلجراءات‪ :‬حيث يقوم المعنى باألمر بتسليم نفسه للسلطات مع محامية حيث ‪-‬‬
‫يتم تسليمه وصل يسمى وصل الحضور ثم وثيقة تتضمن عبارة مستفيدين تدابير‬
‫‪.‬الرحمة ثم تحويلهم الى محكمة مختصة‬

‫‪:‬الفصل‪ K‬الثالث‬

‫احكام خاصة‪ :‬تضمنت التحقيق بالنسبة لألشخاص التي تتراوح اعمارهم ‪16‬‬
‫سنة ‪ 18‬سنة ارتكبوا جرائم ارهاب وتخريب ‪10‬سنوات عقوبة قصوى‪ ،‬اما التي‬
‫‪.‬تتراوح اعمارهم ‪ 18‬سنة ‪ 22‬سنة ‪ 15,‬سنة عقوبة قصوى‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪:‬اما المادة‪-10.11.12 :‬‬

‫وهو عدم استفادة االشخاص الذي ارتكبوا جرائم ارهاب بعد تسليمهم وثيقة ‪-‬‬
‫مستفيد من تدابير الرحمة وثيقة ويحرم من االستفادة من ارتكب جرائم بعد‬
‫‪.‬المحاكمة‬

‫‪.‬فتح المجال للتائبين والعودة الى المجتمع واندماجهم فيه‪-‬‬

‫نتائجه‪ :‬حيث نجح في تحقيق الى حد ما نتائج مرضية على مستوى االمني‬
‫خاصة ‪ 1998-1995‬حيث ان اجمالي الذي سلموا أنفسهم الى السلطات الدولة‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬الى غاية ‪ 1998‬هو ‪ 1894‬إرهابي‬

‫‪:‬قراءة في الوئام المدني‬

‫بعد تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ‪1999‬‬

‫السلطة أعلن عن مشروع جديد يعوض قانون الرحمة وذلك امتداد للتطور الذي‬
‫شهده االتفاق العلني بين الرئاسة ومدني مرزاق االمين الوطني للجيش االسالمي‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬لإلنقاذ عن طريق رسالة هدنة المتبادلة بين الطرفين‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪1-Louiz Martinez. La Guerre Civil en Algérie, OP, CIT, P 07.‬‬

‫‪2-Meme source.‬‬

‫حيث يقوم القانون على مبدأين‪ :‬خضوع من يريد االستفادة من تدابير الوئام‬
‫‪.‬المدني لسلطة الدولة واالمتثال لقوانينها ويعلن والءه للدولة في اجل ‪ 6‬أشهر‬

‫‪:‬حيث يتكون القانون من ‪ 46‬مادة مقسمة الى فصول‬

‫‪:‬الفصل االول‪-‬‬

‫يتكون من احكام عامة تعرف بمتعة الرئيس وغاياته اقرار السلم تورط في‬
‫‪.‬العمليات االرهابية اغتصاب‪ ،‬قتل‬

‫‪:‬الفصل الثاني‪-‬‬

‫يتكون من ثالث مواد يدرس مسالة االعضاء المتابعات تعطيل المتورطين فرص‬
‫مغريه بغيت التوقف عن المثل هذه االعمال التخريبية المادة الرابعة من الفصل‬
‫الثاني االعفاء من المتابعات لحاملي األسلحة او المتفجرات‪ K‬وتسليمها الى‬
‫‪.‬السلطات المختصة‬

‫‪:‬الفصل الثالث‪-‬‬

‫يحتوي على ‪ 20‬مادة والتي توضح المسالة فيما يخص التخفيف من العقوبات‬
‫‪.‬ومحاولة اعطاء يد العون لهم‬

‫الفصل الرابع‪: -‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‬

‫تخفيف العقوبات‪ ،‬السجن لمدة ‪ 8‬سنوات لحكم االعدام والمؤبد والسجن لمدة ‪5‬‬
‫‪.‬سنوات عندما يكون الحد االقصى للعقوبة ‪ 10‬سنوات‬

‫‪:‬الفصل‪ K‬االخير‬

‫يسمح للمتورطين بالرغم من ارتكابهم ألعمال الشنيعة في حق الضحايا التوافد‬


‫امام المصالح المعنية قبل انتهاء المدة المحددة لهم و منحهم تأشيرة الدخول‬
‫القانوني و اندماجهم في المجتمع كما يستفيد االشخاص المذكورين في المادة‬
‫الثالثة أعاله الذين حضروا تلقائيا امام السلطات المختصة وأشعروها بتوقفهم عن‬
‫كل نشاط ارهابي او تخريب ان يستفيدوا ان توفرت الشروط من وضع رهن‬
‫‪.‬االرجاء وذلك اما االفراج او التأجيل المؤقت لتنفيذ العقوبة‬

‫‪:‬نتائجه‬

‫االف اسالمي قاموا بتسليم أنفسهم مع توقف االلتحاق بالجماعات االرهابية كما ‪7‬‬
‫‪.‬سمح بتكسير السلسلة التي كانت تغذي االرهاب بشكل متواصل‬

‫‪:‬قانون العفو الشامل‬

‫بعد فوز الرئيس بعهدة ثانيه‪ 2004‬شكل مشروع السلم المصالحة الوطنية ‪:‬‬
‫حجر االساس لبرنامج الرئيس حيث تم اقتراحه على الشعب ‪ 29‬سبتمبر‪2005‬‬
‫حسب ما صرح به أنداك بوتفليقة " يبقى تحقيق التطلعات الكبرى مرهونا ما‬
‫"(‪)1‬‬ ‫‪.‬دامت هناك اعمال ارهابية وطالما لم يتحقق الوئام المدني كامال‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪1- RAFAEL BUSTOS, REFEREENDUN SUR LA CHARTE POUR RECONCILIATION, L’ANNEE DU MAGHREB, ED‬‬
‫‪CNRS, 2005, P 206.‬‬

‫‪:‬يتكون قانون المصالحة من ‪ 48‬مادة موزعة على سبعة فصول‬

‫‪:‬الفصل االول‬

‫حيث يهدف الى تنفيذ برنامج عبد العزيز بوتفليقة ميثاق السلم والمصالحة‬
‫‪.‬الوطنية معبرا إلرادة الشعب الجزائري‬

‫‪:‬الفصل الثاني‬

‫‪.‬يحتوي الى ‪ 18‬مادة‬

‫كيفيه تنفيذ االجراءات الستتباب االمن وفتح مجال لكل تائب ان يسلم كل ما‪1-‬‬
‫لديه من اسلحة و ذخائر ومتفجرات و عدم المتابعة القضائية والعمومية في حق‬
‫كل شخص سلم نفسه في مدة ‪ 6‬اشهر ابتداء من تاريخ نشر هذا االمر في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬يعرض على االشخاص مرتكبي المجازر الجماعية استعمال المتفجرات‪K‬‬
‫‪.‬في االماكن العمومية اجراءات تشريعية مغرية‬

‫‪:‬الفصل الثالث‬

‫‪.‬يحتوي على ‪ 6‬مواد‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‬

‫اعادة التائبين وإدماجهم في المجتمع كإلغاء اجراءات‪ K‬الحرمان من الحقوق المدنية‬


‫المطبقة على االشخاص المستفيدين من قانون الوئام المدني‬

‫مع تعويض الذين تم تسريحهم من عملهم ‪.‬‬

‫‪:‬الفصل الرابع‬

‫التكفل بملف المفقودين وذلك االعتراف به انه ضحية مأساة وطنية له الحق في‬
‫‪.‬الحصول على حكم الوفاة وهذا ما تأكده المادة ‪28‬‬

‫‪:‬الفصل الخامس‬

‫يتمثل في عدم تحميل االسرة مبتالت بأحد من عائلتها في افعال مرتبطة‬


‫باإلرهاب مسؤولة عما حصلت من االعمال عنف اي اعمال ارهابية وذلك في‬
‫المادة ‪ 41‬يعاقب كل تمييز في حق افراد االسر المنتمين للجماعات‪ K‬االرهابية‬
‫جزائري(‪)1‬‬ ‫‪.‬بالحبس ‪ 6‬أشهر الى ‪ 3‬سنوات وبغرامة مالية ‪ 10.000‬دينار‬

‫‪:‬اما الفصل السادس‬

‫الحق لرئيس الجمهورية ان يتخذ كافة االجراءات‪ K‬االخرى الالزمة لتنفيذ ميثاق‬
‫السلم والعفو الشامل بموجب التعويض الذي اوكله له االستفتاء ‪ 29‬سبتمبر‪2005‬‬
‫‪.‬وطبقا للسلطات المخولة له دستوريا‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪.‬الجريدة الرسمية الجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪،28-11‬ص‪1-16‬‬

‫لقد كانت تجربة المصالحة الوطنية تجربة جريئة وقد ساهمت في ايقاف العنف‬
‫الالمحدود الذي عرفته الجزائر حيث حاولت فيه السلطة فتح الحوار واعادة‬
‫ادماج التائبين في المجتمع و بضمانات‪ K‬قانونية لكن من خالل قراءتنا لهذا القانون‬
‫مازال يكتنفه الغموض حيث ورد في مضامينه ردود افعال متباينة بين مؤيد‬
‫ومعارض و متحفظ لمحتواه وذلك إلدراجه الكثير من االستثناءات بحيث جاء في‬
‫البند الثالث‪ K‬من باب االجراءات‪ K‬الرئيسية الرامية الى تعزيز المصالحة الوطنية‬
‫‪:‬حيث نقرا ما يلي‬

‫ان الشعب الجزائري وان كان مستعدا للصفح بوسعه ان ينسى العواقب "‬
‫الدولة"(‪)1‬‬ ‫‪.‬المأساوية التي خباها عليه العبث باإلسالم دين‬

‫تحميل ضمني‪ ،‬ادانة مطلقة لقيادات الجبهة اإلسالمية واتهامهم بتهمة العبث‬
‫بتعاليم الدين مع منعهم من ممارسة أي نشاط سياسي مع تحميل االزمة لطرف‬
‫واحد‪ ،‬كما يعتبر القانون المصالحة الوطنية نسخة معدلة وتكملة لقانون الرحمة‬
‫‪.‬والوئام المدني‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‬

1- Une Réconciliation National Et Loi D’Amnistie .Revue De Presse .N° 492 .


2005.P

34
‫الفصل األول‬

‫يمكن االجماع الى سنة الوجود قد اقتضت ان يكون وجود الناس على االرض‬
‫جمعات بشرية اي ان التسامح الديني هو ذا البعد وجودي وقد صرح القران‬
‫الكريم بهذه الحقيقة وقال هللا تعالى‪ ":‬يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا''‬

‫لقد اكدت اآلية ان االنسان بالطبع اجتماعي اي ال يستطيع ان يعيش منعزال عن‬
‫االخرين وهو مجبر ان يعيش في وسط اجتماعي معقد فيه الخير والشر والحب‬
‫‪ .‬والكره والتعصب والعفو‬

‫‪:‬موقف اإلسالم من التسامح‬

‫يعد االسالم االكثر نماذج الحضارة االنسانية تسامحا في الدين والفكر واالجتماع‬
‫فهو يتخذ مكان الصدارة ليس على مستوى المبادئ فحسب فإنما على مستوى‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬التطبيق العملي الذي شهد به التاريخ‬

‫حيث يقول ارنولد توينبي في كتابه الدعوة الى االسالم" لقد كانت هذه المعاملة‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪.‬الرحيمة سببا في التجاء كثير من الصليبيين الى االسالم والدخول فيه"‬

‫‪.‬سورة الحجرات‪ ،‬اآلية ‪1-1‬‬

‫عقيل يوسف عبادات‪ ،‬التسامح الديني في اإلسالم‪ ،‬مجلة النبأ‪ ،‬الكويت‪ ،‬عدد ‪،81‬ص‪2-‬‬

‫‪،‬عبد هللا علوان‪ ،‬معالم الحضارة في االسالم وأثرها في نهضة االوروبية‪3 -‬‬

‫دار السالم‪ ،‬بيروت‪ ،1980،‬ص ‪158.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‬

‫فهو موجود في صلب العقيدة االسالمية منذ ‪ 14‬قرن من الزمان فقد ضربت‬
‫اروع االمثلة في التسامح والعفو والتعايش االيجابي بين االمم والشعوب في‬
‫مختلف الحضارات‪ K‬والثقافات واالجناس وال تزال هذه التعاليم االسالمية حية‬
‫وقادرة على التنوير العقول والتوجيه السلوك االنساني وصالحة لكل زمان ومكان‬
‫فهو كمفهوم اخالقي واجتماعي دعي اليه كافة الرسل واالنبياء والمصلحين لما له‬
‫من اهمية في تحقيق الوحدة وتماسك المجتمعات‪ K‬والقضاء على الخالفات‪K‬‬
‫والصراعات‪ K‬بين االفراد فهو من الخصال الجليلة ومن الصفات االنبياء العظماء‬
‫عبر التاريخ وعلى راس هؤالء النبي محمد صلى هللا عليه وسلم خير خلق هللا‬
‫الذي عفى عن الكفار قريش عندما دخل مكة فاتحا رغم ما فعلوه به بأصحابه من‬
‫اصناف العذاب والقهر والتنكيل والحرب والتهجير استطاع النبي ان يدخل مكة‬
‫ظافرا قويا منتصرا فقال لهم النبي االعظم‪ ":‬اذهبوا ا انتم الطلقاء" فقد سبق جميع‬
‫‪.‬المؤتمرات والمواثيق‬

‫كما عرفت االندلس دعائم الحضارة حيث تعايشت فيها االجناس واالديان وتثاقفت‬
‫فيها اللغات والثقافات‪ K‬وانصهرت فيها الطاقات على تنوعها فأثمرت مجتمع حيا‬
‫متفاعال مبدعا تحقق لإلنسان كرامته وكفل له حريته وحقوقه وأبرز جوانب هذه‬
‫الحضارة‪ K‬قيمة واشراقا ما يتعلق بالتسامح الذي ساد االندلس االسالمية فقد كان‬
‫اليهود والنصارى يشكلون شريحة هامة من شرائح المجتمع الى جانب المسلمين‬
‫(‪)1‬‬

‫‪-1‬ماريا روز مينوكال‪ ،‬االندلس االسالم وحضارة وثقافة التسامح‪ ،‬ترجمة عبد الحميد جحفهة‪ ،‬منشورات‪K‬‬
‫دار التويقال‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬المغرب ‪ ،2006،‬ص ‪25‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل‬
‫الثاني‬
‫الفصل الثاني‬

‫الغرب وفكرة التسامح‬


‫لعل اول من استعمل كلمة تسامح والمصلح مارتن لوتر وذلك عندما ربط التسامح‬
‫بحرية المعتقد والضمير وتزامن مع بروز النزعة عند مجموعة من المصلحين‬
‫االنسانية الالهوتيين والمسيحيين‪ ،‬الدين تركوا بصمات واضحة في جهودهم‬
‫إلصالح الكنيسة ومن هؤالء‬

‫ايرماس‪(1)Ermos،‬‬ ‫مونتان‪ Montan‬ميشال ديلوسبيتال‪Michel Delospital،‬‬

‫ولقد اكد هؤالء على ضرورة تحقيق الوئام المدني بين مختلف الفئات‪ K‬والتيارات‬
‫المسيحية وذلك من اجل العيش في سالم كمواطنين لهم الحق في حرية االعتقاد‬
‫كما تبلور في الثقافة االوروبية في عصر النهضة عند مفكرين العقد االجتماعي‬
‫مثل توماس هوبر‪ 1679-1585‬بين القوة والتسامح ويستعين ذلك بمفهومية‬
‫المنفعة واالنانية والتسامح والغضب وان الدولة ال تنشا من الطبيعة ولكن من‬
‫الدولة"(‪)2‬‬ ‫العقل تخضع فيه االحزاب االجتماعية لسلطة القوة "‬

‫‪ .‬حسن حنفي‪ ،‬التراث والتغير االجتماعي‪ ،‬مطبعة العمرانية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2005،‬ص ‪1 -150‬‬

‫نفس المرجع ‪،‬ص‪2-‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫ونجد فكرة التسامح عند سبينوزا في كتابه رسالة الالهوت والسياسة حيث دعا‬
‫الى حرية التعبير والديمقراطية واحتلت فكرة التسامح مكانة رئيسية حيث أكد انه‬
‫في جمهورية حرة كل فرد مسموح له ان يفكر كما يشاء ما نسميه اليوم حرية‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬التعبير‬

‫ويعد جون لوك من اقوى المدافعين عن التسامح عندما نشر رسائله في التسامح‬
‫في سنة‪ 1679‬وكان يقصد بالتسامح الديني ونادى بضرورة الفصل بين الدولة‬
‫والكنيسة وان الدولة ال توجد اال لحماية مواطنيها و صيانة حقوقهم وهو اساس‬
‫التعاقد الذي يقوم عليه (‪ ،)2‬ويؤكد جون لوك روسو ان دول العقد االجتماعي ليس‬
‫الدولة دينية واالدارة العامة وان كل االديان عليها نقد ومنها ما يفرز التعصب‬
‫والعنف يحدث ذلك عندما يكون الدين مصدر التشريع وال يفرق بين التسامح‬
‫الديني والتسامح المدني بحيث هذين النوعين من التسامح ال ينفصل احدهما عن‬
‫االخر (‪)3‬‬

‫كما كتب فولتير ‪: Voltaire‬‬

‫كذلك رسالة في التسامح ‪ 1763‬تصدت عنها الصراعات الدينية الناتجة عن‬


‫االزمات الالهوتية وقال بان التسامح لم يحرض ابدا على الحرب في حيث‬
‫(‪)4‬‬ ‫‪.‬الالعفو والتعصب كان وراء الحروب واإلفتتال‬

‫جون لوك‪ ،‬ترجمة منى ابو سنة‪ ،‬رسالة في التسامح‪ ،‬المجلس االعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة ‪1998‬ص‪. 1-2‬‬

‫جان جاك روسو ترجمة بوليت غاغ‪،‬العقد االجتماعي ‪،‬مبادئ القانون السياسي‪، K‬لبنان ‪،‬ص‪2--185‬‬
‫‪184‬‬

‫جان كروشو‪ ،‬ترجمة بولينجاج‪ ،‬العقد االجتماعي‪ ،‬مبادئ قانون السياسي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪-3--‬‬

‫‪.‬حسن صفاء‪ ،‬التراث والتغير االجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4-‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫اللغوي من جهة اتيقا للحوار وفق منظور ركوني يخرج الذات من أفقها الضيق‬
‫الى المشاركة واالحترام الراي االخر‪ ،‬ويسعي الى ترسيخ قيم المواطنة المبنية‬
‫على اساس ايتيقي تواصلي منفتح ومتنوع ومختلف يضمن تواصال ميزته‬
‫والثقافات‪)1( .‬‬ ‫الوضوح‪ ،‬الصدق استفتاح الهويات على بعضها متعددة الرؤى‬

‫‪:‬العرب وفكرة التسامح‬

‫ابن الرشد يعد من االوائل المفكرين الذين اوضحوا مفهوم التسامح‪ ،‬وتمثل‪-‬‬
‫جوهر فكرته في مفهومية عن التاديل والتعددية‪ :‬فالتأويل معناه التسامح تجاه‬
‫االختالف ويعتمد على العقل وهذا العقل ال سلطان عليه اال سلطانه هو نفسه كما‬
‫دافع ابن الرشد عن اراء ومعتقدات االخرين ويحب االطالع عليها واالستفادة‬
‫العربي(‪)2‬‬ ‫منها‪ ،‬يمكن القول ان االفكار تحمل جذور الفكر‬

‫اما جمال الدين االفغاني لم يرى في التسامح اال جانبه السلبي‪ ،‬باعتباره دعوة‬
‫إلطالق الحدية الدينية والفردية في معناها الليبرالي فلم يرى في شعار التسامح‬
‫المقترب بالجدية اال غطاء إلخفاء االطماع الغربية للسيطرة واالستعمار وذلك‬
‫(‪)3‬‬ ‫بعدم الوحدة الدينية‬

‫كمال بومنبر‪ ،‬قراءات في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت‪ ،‬مؤسسة كنوز‪ K‬الحكمة الجزائر‪ K‬ط ‪1-،1‬‬
‫‪،2012.‬ص‪35‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ ،‬ابن رشد‪ ،‬السيرة وفكر‪ ،‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪ ،1998،‬بيروت‪ ،‬ص‪2-‬‬
‫‪30-25.‬‬

‫عبد الحسين شعبان‪ ،‬قيم التسامح في الفكر العربي االسالمي المعاصر‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪3--2910‬‬
‫‪،07-02-2010.‬ص‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫اما تلميذه محمد عبده فلقد سلك مسلكا مخالفا و خص‬

‫موضوع التسامح بكتابه االسالم والنصرانية بين العلم والمدنية دافع فيه عن‬
‫اهمية ومكانة التسامح في االسالم واعطى امثله على ذلك على المكانه والمناصب‬
‫التي احتلها غير المسلمين في المجتمعات اإلسالمية في المجال‪ K‬السياسي والعلمي‬
‫وهكذا انلمس ان التسامح عند محمد عبده جاء في إطار الدفاع عن االسالم‬
‫ومحاوله اثبات انه ال يتعارض مع المدينة المدنية ويقبل التعايش مع المعتقدات‬
‫المسلمين‪)2( .‬‬ ‫غير‬

‫اما اتجاه الليبرالي العلماني عبر عنه فتح انطوان داخل الفكر ال عربي في عصر‬
‫النهضة‬

‫حيث يرى ان العفو واالحترام والتسامح الغير لن يتحقق اال بوضع الدين جانبا او‬
‫فصله عن الشؤون الدنيا والسياسة فغرض االديان تعلم الناس عباده هللا وحثهم‬
‫على الفضائل‪ K‬اما غرض الحكومات‪ K‬فهو حفظ االمن بين الناس أي حفظ حريه كل‬
‫‪.‬شخص في إطار القانون وان يكون حرا في افعاله واعتقاده‬

‫اما المفكر المغربي محمد عابد الجابري صاحب نقد العقل العربي يرى ضرورة‬
‫تأصيل المفهوم في الحضارة‪ K‬العربية والتراث االسالمي‪ ،‬وهذا يعني ان الحرية‬
‫والعفو والتسامح وغيرها‬

‫‪......‬عبد الحسين شعبان ‪،‬قيم التسامح ‪........،‬ه‪،‬ص ‪1-‬‬

‫علي عجيل صهل ‪،‬المفكر فرح انطوان ‪،‬مفهوم التسامح ‪،‬تحرر الحوار‪،‬العدد‪،3058،2010، K‬ص ‪2-5‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫من المفاهيم ليست مقصودة على اوروبا ووثقا نقترحها و ال مشروطة بالسياقها‬
‫التاريخي وان هذه المفاهيم اصلية في التراث العربي االسالمي ومن غيره من‬
‫نراث االنسانية(‪ ،)1‬اما التصور النظري البن باديس للعفو والتسامح التسامح ‪،‬نجد‬
‫انه يتجسد في يتحقق في الخطاب وفي اللغة وطرق الدعوة القائمة على تاحجة و‬
‫الحكمة والبيان مستلهما في ذلك من القران" ادعو الى سبيل ربك بالحكمة‬

‫"والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن‬

‫مستخرجا منها قواعد اخالقية للتعامل والتخاطب والدعوة و اداب الحوار‪،‬‬


‫فالتسامح والتعصب‪ K،‬او االعتدال او التطرف يبدا من الكلمة ما يعني العنف‬
‫والتعصب‪ K،‬يبدا اول خطابا ولغة ولفظا‪ ،‬ثم ينتقل الى الفعل (‪)2‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ ،‬المثقفون في الحضارة العربية مركز‪ K‬الدراسات الوحدة العربية بيروت ‪1-،1985،‬‬
‫‪.‬ص‪44‬‬

‫‪.‬نفس المرجع‪2-46.47 ،‬‬

‫‪.‬عمار طالبي‪ ،‬ابن باديس‪ ،‬حماية واثاره‪ ،‬دار اليقظة‪ ،‬العربية‪،1968 ،‬ص‪2-‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫اما في الفكر النقدي عند محمد اركون‪ ،‬حيث يرى انه ال يمكننا ان نتجاهل كل‬
‫هذه المعطيات عندما نريد ان تتصدر كمؤرخين نقديين لدراسة مسالة التسامح في‬
‫الوسط االسالمي فاذا اردنا ان نتحاشى المخالطات‪ K‬التاريخية والمبالغات التي‬
‫يستخدمها المسلمون للرد على تلك التصورات االتهامية واالحتقارية الغربية‬
‫‪:‬ينبغي علينا ان نقوم بالمجريات التالية‬

‫معرفة باي معنى نستخدم التسامح عندما نريد ان ندرس كيفية نشأته في‪1.‬‬
‫ظروف اجتماعية وثقافية وسياسية مختلفة هنا يدخل عامل التاريخ‬
‫‪.‬واألنثروبولوجيا الثقافية‬

‫التركيز على الفرق بين االسالم و الوسط االسالمي والفكر االسالمي فال‪2.‬‬
‫‪ .‬نزال بعيدين عن تكوين خطاب علمي عن االسالم‬

‫تجنب االحكام السلبية التي يصدرها الغرب او العقل الغربي عن الثقافات‪3.K‬‬


‫والشعوب المهمشة و المرمية في ساحات الدراسات الفرلوكلورية او‬
‫االنتوغرافية فيجب دراسة كل حالة خاصة في اطار واسع من المعرفة ذي ابعاد‬
‫‪.‬انثروبولوجية وهي منهجية الوحيدة لتجنب هذه االحكام السلبية‬

‫اما المفهوم المعاصر للتسامح والعفو ‪:‬يقوم على مبادئ حقوق االنسان العالمية‪،‬‬
‫لقد ربطت وثيقة اعالن المبادئ العالمية الصادرة ‪ 16‬نوفمبر‪ 1995‬بين التسامح‬
‫وحقوق االنسان والسلم وبالتالي ارتقت الى صورة قيمة قانونية تتطلب حماية من‬
‫قبل المجتمع الدولي حيث ورد في البند االول من هذه الوثيقة الصادرة عن البنوك‬
‫‪:‬بصدد معنى التسامح اي يتضمن العناصر التالية‬

‫‪.‬قبول تنوع واختالفات‪ K‬ثقافات الشعوب واحترامها‪1.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫العفو هو مفتاح حقوق االنسان والتعددية السياسية والثقافية والديمقراطية‪2..‬‬


‫‪.3‬ضرورة االعتراف لكل واحد بحقه بحرية اختيار معتقداته ال احد يفرض اراءه‬
‫على االخرين ما يجعل هذا المفهوم الجديد انه يتجاوز حدود الدين والفرد ليصبح‬
‫‪.‬حقا من حقوق االنسان و ينبغنى الدفاع عنه‬

‫مقتطفات من اعالن مبادئ المتعلقة بالعفو ‪،‬رسالة اليونسكو‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل‬
‫الثالث‬
‫الفصل الثالث‬

‫نظرا لطبيعة الموضوع بأشكاله المرتبطة بالتطورات والتحوالت التاريخية‪-‬‬


‫يفرض علينا فهم منبعه ومصدره واسبابه بالقراءة التاريخية والدراسة‬
‫االستطالعية التي يعتبرها عبد هللا الهاملي اول خطوة في سلسلة البحوث‬
‫االجتماعية التي كانت تتفوق عليها العمليات االخرى اي ما يمكن ان نستعين به‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬كتقنية للبحث والوصول الى نتائج ندعم بها معرفتنا به‬

‫في حالة ال تسمح فيها القراءة بصياغة فرضيات واضحة يلجا الباحث لما نسميه‬
‫بالبحث االستطالعي وهو استكشاف الميدان ومحاولة التخلص من االفكار السابقة‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬بطريقه تسمح بتفسير وابراز العوامل ومتغيرات المفسرة للبحث‬

‫حيث تم التعرف على بلدية الرمكة والية غليزان التي تبعد عن واليتي ‪ 224‬كلم‬
‫بواسطة طالبة جامعية تدرس بجامعة السانية وهران حيث قامت بتعريفنا بعائالتها‬
‫الكريمة وتم استقبالنا في بيتها في بلدية الرمكة وما سهل علينا العمل الميداني‬
‫وطيفة السيد الذي كان يعمل رئيسا للبلدية وهذا ما سهل لنا الحصول على‬
‫معطيات في ما يخص وانه ساهم في عملية دفن الضحايا واسعاف من نجى من‬
‫الموت كما قام بتعريفنا على بعض عائالت الضحايا وقام بأخذنا الى بيوتهم‬
‫والتعرف على من نجا من المجزرة في المرحلة االولى من البحث حاولنا كسب‬
‫‪ .‬الثقة المبحثين نظرا لحساسية الموضوع‬

‫‪،‬عبد هللا الهاملي‪ ،‬أسلوب البحث االجتماعي وتقنياته‪ ،‬منشورات جامعة قاريونس‪ K،‬بنغازي‪1-1988 K‬‬

‫‪.‬ص ‪8‬‬

‫‪-2Boudon Rymond, Les méthodes en sociologie ,Ed , PUF, Paris ,1970 , P 33.‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫استند كاليفاس من تجربته في المجازر الجماعية من خالل الحرب اليونانية‬


‫"المجازر هي سيف ذو حدين يمكنها ان تؤدي الى الطاقة او عكسها أي الى انتاج‬
‫عكس النتيجة المنشودة غالبا ما تكون المجازر العمياء نتيجة لعكسها خصوصا إذا‬
‫واحد (‪)1‬‬ ‫‪.‬مال ميزان القوى كثيرا الى جانب‬

‫يرى واشيبرن ان االنسان له سيكولوجية آكلة اللحوم ومن السهل ان يعلم الناس‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬كيف يقتلون‪ ،‬لكن من الصعب ان يطوروا اعرافا تتجنب القتل‬

‫‪:‬مجزرة بن طلحة‬

‫تقع بلدية بن طلحة على بعد ‪ 16‬كم جنوب شرق الجزائر‪ K،‬يحدها من الغرب واد‬
‫الحراش‪ K،‬من الجنوب بساتين البرتقال والليمون ومن الشرق طريق الوالئية‬
‫‪ ،115‬من الشمال فضاء بابا علي‪ ،‬منطقة تحضيرها في المنيعة‪ ،‬خالل المرحلة‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪.‬االستعمارية وتحت هذه المجزرة ‪1997-09-22‬‬

‫‪-1Liess Boukraa, L’Algerie La Terre Sacrée, Ed, Favre, Paris, P 340.‬‬

‫محمد عبد محجوب‪ ،‬يحيى مرسى عبد بدر‪ ،‬العنف السياسي‪ K‬واالجتماعي‪ K‬دار الثقافة العلمية‪2-،‬‬
‫‪.‬اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪13‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪-3Liess Boukraa, L’Algerie La Terre Sacrée, opcit, P 310 .‬‬

‫فان ظاهرة المجازر الجماعية برزت في الجزائر منذ عام ‪ 1995‬فقد شهد ذلك‬
‫العام اول انتخابات رئاسية في الجزائر اتسمت أوال بمعدل مشاركة كبيرة‪ ،‬حيث‬
‫اخدت الجماعة علما بان األهالي أعربوا عن رفضهم للعنف اإلرهابي وانهم بذلك‬
‫انتزعوا منها كل تغطية دينية وسياسية من نشأتها تشويح جهادها‪ ،‬أعلنت ان كل‬
‫المجتمع الجزائري كافر‪ ،‬ودمه مباح قتله مبرر انطالقا من لندن جاءت‪ K‬الفتوى‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬الدينية باإلباحة والتوسيخ‬

‫لقد أغرقوا المنطقة المستهدفة في الظالم‪ ،‬مخربين الشبكة الكهربائية‪ ،‬قبل ان‬
‫ينتقلوا الى الفعل كما انهم فخخوا كل المنطقة ووضعوا مجموعات في كمائن عن‬
‫‪.‬المواضع االستراتيجية‬

‫كانت تقنية اإلرهابيين بسيطة وفعالة بشكل مرعب‪ ،‬مساكن وأبواب تم هدمها‬
‫بقنابل يدوية‪ ،‬حيث سال الدم امواجا‪ ،‬لقد استعملت السيوف والفؤوس والسكاكين‬
‫والمنشرات لتصفية األهالي الذي كان اكثرهم عناصر من االمن من بين الضحايا‪K‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪.‬أطفال رضع ومولودون جدد‬

‫‪-1 Liess Boukraa, L’Algerie La Terre Sacrée, opcit, P 313.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪-2Ibid ,P314.‬‬

‫‪:‬مجزرة الرايس‬

‫فضاء سيدي موسى‪ :‬ارتكبت ‪ 29/08/1997‬حيث قتل ‪ 228‬شخصا منهم ‪98‬‬


‫قتلوا ذبحا وبين الضحايا‪ K‬جرى تعداد ‪ 90‬امرأة‪ 54 ،‬رجال‪ 54 ،‬طفال‪30 ،‬‬
‫‪.‬مولود‪ ،‬تم خطف ‪ 30‬الشابة‬

‫‪:‬مجزرة غليزان بلدية الرمكة‬

‫تتميز الطرق المؤدية الى مقصدنا بمنعرجات خطيرة ساعدتها التضاريس الجبلية‬
‫لتكون مرجعا للجماعات‪ K‬المسلحة‪ ،‬وصلنا الى الرمكة بعد قطعنا مسافة حيث كان‬
‫بانتظارنا رئيس المستخدمين لبلدية الرمكة‪ ،‬تعرفنا عليه عن طريق ابنته كانت‬
‫تدرس عند زوجي‪ ،‬هو مرشدنا في المنطقة‪ ،‬لعدم معرفتنا اين تقع فأخذنا الى‬
‫منزله واستقبلنا استقباال حارا‪ ،‬وقام بأخذنا عند منازل الضحايا‪ K،‬حيث تم التعرف‬
‫بهم وحاولنا اعادة بهم الذاكرة الى الوراء الن ذاكرتهم بالنسبة الينا هي مصدر‬
‫‪.‬المعطيات وبحثنا‬

‫كل المبحوثين لم يستطيعون نسيان ذلك اليوم رغم مرور ‪ 15‬سنة شهد رمضان‬
‫اول يوم صيام‪ ،‬المجزرة االولى ‪ 31‬ديسمبر‪ ،1997‬والمجزرة الثانية ‪5-4‬‬
‫جانفي ‪، 1998‬والمصنفة كأبشع مجزرة في تاريخ الجزائر المعاصر‪ ،‬راح‬
‫ضحيتها حسب ما صرح المبحوثين اكثر من ‪ 1000‬ضحية‪ ،‬من بينهم رضع‬
‫واطفال مراهقين ‪،‬نساء وشيوخ ورجال قتلوا بأبشع طريقة‪ ،‬الذبح وقطع الرؤوس‬
‫وتنكيل الجثث ‪،‬حيث تم نقر بطون الحوامل بطرق ساديةو مدمرة ‪،‬وتم خطف‬
‫‪ 11‬فتاة كان سنهم ما بين ‪ 20-16‬سنة ‪،‬وذلك لبث الرعب في كل المجتمع‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫الجزائري و اخضاعه و السيطرة عليه ‪،‬ذنبهم الوحيد انهم يعيشون في مناطق‬


‫‪،‬منعزلة‬

‫دوار لخرراب‪ K،‬واحد الشاكلة‪ ،‬وعين طارق‪ ،‬كانت مسرحا للجريمة مستعملين‬
‫‪.‬في ذلك كل األسلحة البيضاء من السكاكين والسواطير والفؤوس‬

‫فالعديد من األسئلة تطرح‪ ،‬لماذا تم اختيار هذا التوقيت بالذات هو اول شهر‬
‫رمضان‪ ،‬حيث بدأ القتل من وقت االفطار‪ 18:15‬سا حتى الفجر‪ K،‬حيث يعتبر‬
‫هذا الشهر هو مقدس عند المسلمين‪ ،‬حيث تم اغراق المنطقة في الظالم حسب ما‬
‫صرح به كل المبحوثين «ان شهر من قبل تم قطع الكهرباء على كل المنطقة"‪- .‬‬
‫حيث تركوا ليواجهوا مصيرهم وقدرهم لوحدهم‪ ،‬عائالت استئصلت عن اخرها‬
‫حيث انهم يقطنون في منازل منعزلة متفرقة في الدواشر والقرى وكل له ارضه‪،‬‬
‫‪.‬ومعظمهم هم ابناء عم وابناء خال واسرة ممتدة‬

‫تبين من خالل تصريح المبحوثين ان أكبر عدد الضحايا‪ K‬هم من االطفال باعتبار‬
‫‪.‬كل عائلة لديها ‪ 6‬االطفال وما فوق‬

‫المشاهد الشنيعة التي باتت راسخة في اذهانهم حيث تم وضع الجثث في ‪-‬‬
‫المدرسة صباح اليوم الموالي‪ ،‬وتم التدخل حسب تصريحات المبحوثين على‬
‫الساعة ‪ 10‬صباحا‪"،‬انا‪ K‬كنت مسافر في تلمسان عندما حضرت وجدت كل عائلتي‬
‫راحت‪ K،‬ولدي الكبير عنده ‪ 16‬سنة والصغير عامين‪ ،‬الكل ماتوا من عائلتي‬
‫زوجتي واطفالي كانوا راقدين في حصيرة وحدة‪ ،‬بحث عنهم بين الجثث لم‬
‫‪".‬اعرفهم‪ ،‬دفنوهم في مقبرة جماعية‬

‫لقد كثر القتل في شهر رمضان حيث كنا نفطر وننام بأحديتنا واجدين للهرب "‬
‫‪".‬في أي وقت‪ ،‬مننساش شا عشنا في ذلك الوقت‬

‫‪50‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪:‬واقع الدواوير قبل المجزرة‬

‫في ‪ 2016‬فتحت الموقع وبمجرد اننا كتبنا مجزرة غليزان بلدية الرمكة في‬
‫محرك البحث جوجل كانت نتيجة البحث الفيديو الذي يوثق يوم المجزرة‪ ،‬اصابنا‬
‫بالذعر لما شاهدناه من رعب يفوق كل التصورات ولم نستطع العودة الى‬
‫المنطقة‪ ،‬وتأثرنا نفسيا وأدركنا ان الموضوع ليس سهال وخصوصا عندما تكون‬
‫‪.‬غير قاطن في المنطقة بمعنى خارج مجتمع البحث‬

‫فمن خالل مالحظتنا ان هذه الدواوير والدواشر تقع في مناطق منعزلة‪ ،‬طرق‬
‫‪.‬ملتوية حيث تم الوصول اليها بالدواب‬

‫ال كهرباء وال هاتف وال ماء‪ ،‬منازل الضحايا ال يمكن اعتبارها منازل بل اكواخ‪،‬‬
‫كل شيء بدائي كأنهم يعيشون في القرون الوسطى فال شيء تغير منذ االستعمار‪.‬‬
‫يفتقدون الى ابسط المستلزمات الضرورية للحياة‪ K،‬مناطق مهمشة‪ ،‬منسية لم تمسها‬
‫التنمية‪ ،‬والصورة التي لم نستطع ان امحوها من ذاكرتي الخبز الملطخ بالدماء‬
‫ورضاعة طفل ملطخة هي ايضا بالدماء‪ K،‬حتى الحيوانات لم تسلم من دموية‬
‫الجماعات‪ K‬اإلرهابية‪ ،‬لن تستطيع ان تنسى ما شاهدناه من هول المنظر وكيف‬
‫تستطيع مطالبتهم بالعفو والتسامح وقلب الصفحة ونسيان الماضي‪ ،‬كأن شيء لم‬
‫‪.‬يحدث‬

‫‪:‬مشروع العفو بين الرفض والقبول‬

‫فمسألة التسامح او العفو التي جاء بها مشروع المصالحة الوطنية وذلك للخروج‬
‫من االزمة والعزلة التي مر بها المجتمع الجزائري تطرح العديد من عالمات‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫االستفهام لضحايا‪ K‬االرهاب االكثر تضررا حيث أبيدت عائالتهم‪ ،‬كيف نسامح‬
‫وهل يجب التسامح‪ ،‬نسامح من الذي نفذ االغتياالت او المسؤولين الذين اعطوا‬

‫األوامر‪ ،‬او الذي يساعدهم بالصمت؟ ولم يوفروا لنا االمن؟ فبأي خطاب وسياسة‬
‫أتى بها عبد العزيز بوتفليقة منذ ان انتخب ليطرح المشروع متجاوزا الرحمة‬
‫والوئام المدني وفتح الباب واسعا امام التائبين للعودة واالندماج في المجتمع‬
‫‪.‬بضمانة قانونية وفتح صفحة جديدة‬

‫فكيف ستسامح معظمهم الضحايا‪ K‬وهي لم تستطيع النسيان والتذكر ما حدث ‪-‬‬
‫لذويها بأدق التفاصيل وهم يتخبطون في العديد من المشاكل االجتماعية والنفسية‬
‫‪.‬حيث طلب منها العفو وطي الصفحة‬

‫ولذلك يطلق وليامز على التسامح الفضيلة الصعبة ألنه يبدو ضروريا وصعبا ‪-‬‬
‫في نفس الوقت فهو ضروري عندما توجد جماعات مختلفة ذات معتقدات اخالقية‬
‫او سياسية او دينية متعارضة او متناقضة فانه ال بديل امامهم سوى العيش معا‬
‫الن البديل االخر هو إما الصراع او الحرب‪ K،‬والتي لن تحل صراعاتهم بل‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬ستفرض عليهم المزيد من المعاناة ويصبح التسامح ضروريا‬

‫حيث تم الموافقة على مشروع من طرف االمينة العامة لجمعية ضحايا االرهاب ‪-‬‬
‫زهره فليسي فبموقفها تم اعتبار ان الضحايا موافقون ألنها تمثل المنطقة‬
‫‪.‬والجمعية على مستوى الوطن‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪.‬رونالد وليامز‪ ،‬الفضيلة الصعبة‪ ،‬رسالة اليونسكو‪ ،‬يونيو ‪1-1992/05/09‬‬

‫تم منح التسامح من طرف من يملك القوة‪ ،‬فهم اجبروا على تقبل الوضع القائم ‪-‬‬
‫حيث لم يتمكنوا من ان يعلن اعتراضهم ولم يأخذوا رأيهم حول المشروع حيث ما‬
‫صرح بها أحد المبحوثين "مستحيل كيف تطرحين لي هذا السؤال لو استطعت‬
‫وكانت لدي القدرة لقمت بقتل من تسبب في قتل كل عائلتي كيف اقبل قانون ال‬
‫اعرف ما جاء فيه وحتى واحد ما جاء عندنا وشافنا كي رانا عايشين‪ ،‬نعيش‬
‫‪".‬البؤس ويطلبون منا ان نسامح‬

‫مبحوثين وافقوا على المشروع ويرون في بوتفليقة أنقذ البلد وانه ضرورة ‪-‬‬
‫حتمية لكن موقفهم عن جهل تام بما جاء فيه مضمون المشروع وذلك حسب ما‬
‫صرح به من طرف المبحوثين "هللا سبحانه وحده يعرف كيف عانينا من سنوات‬
‫"اإلرهاب للقانون هو أننا لما نعد نستطيع العيش في الرعب‬

‫مبحوث الثاني حيث صرح‪ ":‬في ذلك الوقت كان عندي ‪ 19‬سنة اذكر أننا كنا ال‬
‫ننام ونخاف نشتعل الضوء في الليل خايفين في النهار في المدرسة في السوق في‬
‫المساجد حيث بعد الثالثة زواال ال أحد يتنقل لكثرة الحواجز ما زالت اذكر‬
‫"الذكريات الحزينة ثابتة في عقلي‬

‫في الجزائر المشكلة ليست بين مجتمعين متميزين اثنيا أو لغويا أو دينيا مثل‪-‬‬
‫بعض الدول العربية بل العكس بين الدول ورعاياها ونظر لغياب ثقافة التسامح‬
‫والحوار وتقبل الرأي األخر كان التعصب حاضرا متستر بالدين ما هو إال عداء‬
‫مقصود ناجما عن عدة إحباطات شديدة واجهة هؤالء الشباب المعزز بهم‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫والمضللين حيث في نفوسهم حقد وسخط على المجتمع واستغله أمراء اإلرهاب‬
‫في تضليل هذه الفئة وإدخالهم في دائرة التطرف في البداية تم العمليات اإلرهابية‬

‫التي تأتي مزينة بالطابع الديني حتى ال يتم تصنيفهم مجرمين عاديين رسميا‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬وشعبيا‬

‫‪:‬الدعم الذي تلقاه الضحايا‬

‫إن مجزرة الرمكة تعتبر اقل عرضا في وسائل اإلعالم بالمقارنة مع ابن طلحة‬
‫وأكثر دموية مع ذلك لم تحض عائالت الضحايا باالهتمام من طرف السلطات ال‬
‫من الجانب المعنوي والنفسي وال المادي حتى أنهم ال يعلمون عن انه يوجد‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 47 -99‬يتعلق في منحه تعويض ويضمن لهم حقهم ويحميهم‬
‫لكن الدعم جاء ناقصا ألنه يضمن حقوق فئة التي تعمل بصفة رسمية في الدولة‬
‫‪.‬كوزارة الدفاع‪ ,‬الوزارة الداخلية للشرطة والموظفين‬

‫أما عن الشريحة االجتماعية التي كانت تعمل أعمال حرة دعم لكنه محدود وال‬
‫يضمن لهم العيش بكرامة وال يحقق لهم االكتفاء ذاتي حسب ما صرح به أحد‬
‫المبحوثين "الدولة خلصت عائلة العسكري والحرس البلدي كي يموت ويقتل من‬
‫طرف اإلرهاب وعاله المواطن كي يقتل ال يحق له في خلصة محترمة" فكانت‬
‫اإلعانات حسب تصريحاتهم مبلغ مالي قيمته‪ 70 0000‬ألف دينار جزائري‬
‫البعض أخذه كامال والبعض استفاد منه مبلغ كل شهر مدة معينة حتى انتهت‬
‫القيمة المحدودة‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫يتم إيقاف المبلغ بالنسبة للمرأة عندما تتزوج فتحرم من ان تلقى القيمة المالية‬
‫على عائلتها التي قتلت من طرف الجماعات اإلرهابية‬

‫حمزة عتبي‪ ،‬العشرية السوداء بالجزائر مجازر بشعة خلفت جروحا لم تندمل‪ 17 ،‬أكتوبر‪1-،2016 K‬‬
‫‪.‬مراسل سي أن أن بالعربية‬

‫السؤال الذي كان يطرح علينا كيف تستطيعين مساعدتنا مروا علينا بعض‬
‫‪.‬الصحفيين لكن لم نرى أي نتيجة‬

‫‪:‬العدالة الغائبة والحقيقة الغامضة‬

‫يرى مجتمع البحث انه تم التركيز بشكل مبالغ فيه على الذين تورطوا بشكل‬
‫مباشر أو بآخر تأزم األوضاع وأهمله الفئات التي تضررت فيرون أن العدالة لم‬
‫تصنفهم من خالل قانون الرحمة الذي ساوى بين العائالت اإلرهابية وعائالت‬
‫ضحايا‪ K‬اإلرهاب واعتبر كال الطرفين ضحايا المأساة الوطنية‬

‫وذلك حسب ما صرح به أحد المبحوثين حيث قال " أول قانون داره زروال‬
‫جعلنا مع عائالت التي انتسبت أحد أطرافها إلى الجماعات متساوين واعتبرهم هم‬
‫" أيضا ضحايا هذي لمفهمتهاش وما دخلتش لراسي‬

‫أما الوئام المدني والمصالحة الوطنية كانوا أكثر توسعا في العفو والتسامح‬
‫وتخفيف األحكام وتساهل مع من أجرموا في حقهم وذلك حسب ما صرح به أحد‬
‫المبحوثين "أصبحنا كلمجانين نتمشوا وال نثق في أحد وأقول بالك هذا لي قتل‬
‫"ولدي وراه مستفاد من التسامح والعفو‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫الحقيقة الغامضة لحد الساعة ال يزال عائالت الضحايا‪ K‬المجازر الجماعية‬


‫يجهلون الدفاع من استئصال عائالتهم من طرف الجماعات اإلرهابية وكيف‬
‫دفعوا ثمن الغالي بأرواحهم الطاهرة بأبناء بلدهم لم تكن كافية إلحتواء االزمة في‬
‫القرى المستهدفة اقترح على المواطنين بإقامة ميلشيات للدفاع عن أنفسهم لكنهم‬
‫‪.‬رفضوا ذلك بدافع الخوف‬

‫وذلك حسب ما صرح به أحد المبحوثين "ال اعرف السبب لماذا قتلونا بهذه‬
‫الطريقة الحاجة لي نعرفها أن الدولة طلبت منا ان نتسلح قبل لكننا رفضنا خوفا‬
‫"من االنتقام بصح انتقموا منا‬

‫اما عن حقيقة من قتل ذويهم اختلفت‪ K‬اإلجابات البعض اكتفى بالصمت وتغيرت‬
‫مالمح وجهه من خالل مالحظتنا له ومبحوثين صرحوا لنا "إن الحقيقة يعلمها هللا‬
‫سبحانه وتعالى ألنه قليل لي نجا من الحادثة وكان حاضرا ورأى شكل القتلة ولي‬
‫كان حاضرا فقد عقله واآلخر توفى لكبر سنهم ومن نجا غادر المنطقة ولم يعد‬
‫"منذ ذلك الوقت‬

‫كما تضمن تصريح البقية أن اإلرهابيين كتيبة األهوال هم من كانوا السبب آنذاك‬
‫في تلك المجزرة حيث سمعوا من أحد الشهود قبل أن يرحل دون رجعة "إن‬
‫رجال نرى أفغاني ونحن حاملين كل أنواع األسلحة من قنابل يدوية وأسلحة‬
‫بيضاء هم من قتلوا بال رحمة وال شفقة بطريقة وحشية وعند االنتهاء قاموا‬
‫بإحراق المنازل‬

‫‪:‬التسامح فعل االجتماعي‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫بمعنى أن التسامح هو عالقة اجتماعية وهو مستحيل تحقيقه فهو متعلق بأخالق‬
‫الفرد ويشترط أن يكون بين طرفين كما يعتبر فضيلة لالمتناع الفرد على االنتقام‬
‫الشخصي‬

‫عالقة بين شخصين أحدهما متسامح واألخر متسامح معه وله شروط من بينها أن‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪.‬يعترف المذنب بذنبه ويطلب السماح‬

‫‪1-Sandrine, le France,Politique du pardon ,Ed ,PUF ,Paris,2007, P 162-163.‬‬

‫فحساسية الظروف المختلفة كحجم اإلساءة ومدى الضرر النفسي أو المادي الناجم‬
‫عنها وهل هذا الضرر يمكن أن تزول أثاره أم انه ترك ندوبا ال تمحي فماذا‬
‫يحدث إذا طلب المذنب العفو ورفض الضحية أن يسامح تتحكم في الوضع اهم‬
‫طرف هو الغائب‬

‫فمن خالل دراستنا لقانون المصالحة تبين لنا أهم طرف غيب وهم عائالت‬
‫الضحايا لهذا يعتبر مستحيال من الناحية السياسية ما صرح به أحد المبحوثين‬
‫"حتى واحد ما جاء وسألني إن كنت أسامح أو ال أسامح داروه وحدهم وتسامحوا‬
‫وحدهم " وحسب ما صرح مبحوث آخر" نسمح على واحد دالي دراهم ماشي‬
‫نسمح لي قتلولي عائلتي وجيراني أوالد عمي بوحشية وشردونا وهجرونا من‬
‫" أراضينا‬

‫أما االنتقام لم يفكر فيه فهو يرونه مستبعد ألنهم دمروا نفسيا ومعنويا لكنهم لن‬
‫يستطيعوا ا أن ينسوا ما حدث لهم من رعب مقدس فاق التصورات "أحنا متنا‬
‫"نهار اللي ماتوا عائلتي لن أستطيع انتقم من من‬

‫‪:‬المعاناة واأللم‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫لم يفهم سكان المنطقة ما حدث في تلك الليلة المشئومة فقد كانت لهذه المجزرة‬
‫تأثيرات كبيرة على إدراكهم للوضع القائم في كل عام من اقتراب ديسمبر وبداية‬
‫السنة الجديدة تعود الذكريات بأدق التفاصيل كأنها حدثت اليوم ويتذكرونها ويخيم‬
‫الحزن عند الضحايا‪ K‬حيث ‪ 23‬سنة مرت على الحادثة ولم يستطيعوا ان يتعافوا‬
‫من المعاناة واأللم فهم في حداد بكوا حتى جفت الدموع وذلك حسب ما صرح به‬
‫من أحد الضحايا‪" K‬لم اعد أستطيع البكاء وضعف بصري من كثرة ما بكيت وذلك‬
‫‪".‬اليوم هو محفور في ذاكرتي‬

‫‪:‬المشاريع التنموية في بلدية الرمكة‬

‫من خالل مقابلتنا للرئيس المجلس البلدي‪ ،‬صرح أن الدولة خصصت‪ K‬عدة‬
‫مشاريع تنموية في المنطقة بعد المجزرة‪ ،‬وذلك في عدة مجاالت اقتصادية‬
‫‪.‬واجتماعية ووثقافية‪ ،‬وفي المجال األمني‬

‫باإلضافة إلى توصيل الماء من مشروع ‪ 7 00‬الماء الصالح للشرب والتطهير‪،‬‬


‫وشقت طرقات وتعبيدها وربط شبكة الغاز وفتح تهيئة المسالك العمومية اإلنارة‬
‫وتدعيم ضحايا المجزرة بالبناء الريفي‪ ،‬مما ساهم في عودة السكان إلى أراضيهم‬
‫كما تم بناء المرافق العامة مثل التكوين المهني التي ساعدت المرأة الكتساب عدة‬
‫مهن‪ ،‬كما استفادت من مركز للبريد والمواصالت ومقر للتأمينات والصيدلية‬
‫وثانوية ومتوسطة ابتدائية وقاعة للعالج كما تم إنشاء مقر للشرطة لتحسين‬
‫‪.‬الوضع األمني‬

‫كما استفادت المنطقة مؤخرا من قاعة متعددة الرياضة وذلك لتمكين الشباب من‬
‫ممارسة الهوايات‪K‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫وفي الميدان الفالحي استفادت بعض العائالت بمختلف الدواوير الرمكة من أغنام‬
‫وخليه نحل وذلك لرفع اإلنتاج الحيواني نظرا لما تتميز به المنطقة بطبعها‬
‫‪.‬الفالحي الذي ساهم في تربية المواشي وغرس األشجار المثمرة‬

‫‪:‬القيم والتقاليد للمجتمع الرمكة‬

‫تعيش معظم عائالت ضحايا اإلرهاب في بلدية الرمكة على بعض األنشطة‬
‫‪.‬الفالحية البسيطة المرتبطة ارتباطا باألرض كما ذكرنا سابقا‬

‫‪:‬العائلة ‪-1‬‬

‫هناك عدد من القيم التي ترتبط ارتباطا مباشرا بنمط المعيشة في الحياة اليومية‬
‫من بين هذه القيم المتابعة والصبر رغم كل ما تعرضوا إليه من رعب وفقدان‬
‫لذويهم والحرمان والتشديد على األعراف في أكثر من القوانين الرسمية والبساطة‬
‫‪.‬في العيش كل يوم بيومه والمسالمة والترحيب‬

‫مجتمع محافظ متمسك بالعادات والتقاليد حيث معظم النساء ماكثات في البيت‬
‫دورهم األساسي هو تربية األبناء لكن هذا لم يمنع من السماح لبناتهم للدراسة‬
‫والوصول إلى الجامعة حيث يرون في تعليم البنت قيمة عالية حسب ما صرحت‬
‫به إحدى المبحثين " أنا ما قريتش بصح اريد ابنتي ان تقرا ويكون لها منصب‬
‫‪".‬ومستقبل مليح‬

‫حتى اآلباء متفهمين ويعلمون أهمية التعليم حيث صادفنا مبحوث من خالل‬
‫زيارتنا له انه صرح لنا انه يرافق بناته الى المدينة مثال وهران ومستغانم‬
‫ويدعمهم لكي يكملوا دراستهم " همي الوحيد أنني أرى بناتي وأوالدي أن‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫يتحصل أحسن المعدالت وأنا ادعمهم كلما لدي لكي يصلوا ويحققوا أمنياتهم"‪.‬‬
‫‪-2:‬القيم الدينية‬

‫أي الدين الشعبي من مزارات لألولياء تكثر في المجتمع الرمكة باإلضافة إلى قيم‬
‫‪.‬الرحمة والبركة والخوف من هللا‬

‫ال توجد طبقة كما هو معروف في المدينة حيث تتساوى جميع العائالت‪ K‬ما عدا‬
‫قلة تتمتع بالفرد وكما نلمس الكرم وحسن الضيافة واالستقبال فكانوا يقدمون لي‬
‫القهوة في كل منزل زرته من اجل المقابالت‪ K‬وأحيانا كان البعض يدعوني إلى‬
‫‪.‬الغذاء‬

‫ما نلمسه في مجتمع البحث انه متجانس في الخلفيات‪ K‬الثقافية والخصائص الثقافية‬
‫‪.‬أي العادات والتقاليد األعراف التي يتميزوا بهم‬

‫إن البحث عن الخصائص الثقافة يتضمن البحث عن أنماط الثقافة والعناصر‬


‫والمعيارية ألي ثقافة تأخذ شكل نماذج السلوك الفردي التي يمارسها أعضاء‬
‫المجتمع فمثال الوعدة هي يعتبرها مجتمع الرمكة من تراث المنطقة رغم ما مروا‬
‫به إلى انه ما زال متمسكين بعاداتهم حيث يتم توريثها أبا عن جد حيث ينعم‬
‫التجمع مختلف أطباق المجتمع شعراء ومغنيين وراقصين وطلبة القران ويقمن‬
‫‪.‬النسوة بتحضير مختلف أنواع األطعمة التقليدية‬

‫‪:‬العامل االقتصادي وتأثيره على قيمة التسامح‬

‫كلما كانت األوضاع المعيشية صعبة كلما قل التسامح بحيث الحياة الكريمة تؤثر‬
‫في درجة التسامح أو عدم التسامح‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫الظروف المادية هي التي تؤثر في سلوك وممارسات األفراد فمعظمهم ضحايا‪K‬‬


‫اإلرهاب ال يستطيعون توفير ابسط مستلزمات الحياة فهم يعتبرون أنهم لم‬
‫يحصلوا على حقهم كضحايا حتى أنهم ليست لهم مكانة في المجتمع كالتي أعطيت‬
‫للجماعات‪ K‬المسلحة فكثرة أعباء الحياة وعدم األمان في المجتمع الحقوق تجعل‬
‫الفرد متعصبا حسب ما صرح به احد المبحوثين "ليس لدينا أي وثيقة تثبت أننا‬
‫ضحايا‪ K‬اإلرهاب ذهبنا إلى العاصمة تحدثنا في االعالم كتبنا الرئيس العديد من‬
‫المرات لم يساعدنا احد لتسوية وضعيتنا من خالل مالحظتنا لسلوكيات المبحوثين‬
‫‪.‬نرى تغيرات في مالمح الوجه والتعصب وتغيير في نبرة الصوت‬

‫أما من كان وضعه المعيشي واالقتصادي واالجتماعي أحسن ومستقر من كان‬


‫‪.‬يعمل عند الدولة وله دخل الشهر ثابت كان أكثر تسامحا‬

‫‪:‬العامل النفسي وتأثيره على قيمة التسامح‬

‫معظم المبحوثين حسب تصريحاتهم يعانون من أضرار نفسية وعقلية أي‬


‫أعراض ما بعد الصدمة صعوبات في الذاكرة عدم القدرة على التركيز وابتعاد‬
‫انفعالية االنطوائية وتسيطر عليهم مشاعر الرعب والخوف حسب ما صرحت به‬
‫أحد المبحوثات "ال أستطيع أن أكمل حياتي نورمال من كل شيء حرمت في‬
‫السنوات االولى من النوم فأخذوني إلى الطبيب لألمراض العقلية وأعطاني الدواء‬
‫"ولكي أنام‬

‫البعض يأخذ األدوية لكي يستطيع أن يواصل حياته حيث تم إهمال الجانب‪K‬‬
‫النفسي ولم يتلقوا أي عالج فمن كان مرتاح ذهب عند الطبيب النفسي في‬
‫السنوات األولى بعد المجزرة كل هذه الظروف التي يعاني منها ضحايا اإلرهاب‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫تجعل التسامح صعبا ومستحيال فهم يتميزون بطباع حادة حسب ما صرح به أحد‬
‫‪.‬المبحوثين‬

‫‪62‬‬
‫قائمة‬
‫المصادر و‬
‫المراجع‪R‬‬
‫‪63‬‬
‫‪:‬قائمة المراجع‬

‫باللغة العربية‬

‫هويدا عدلي‪ ،‬التسامح السياسي‪ ،‬المقومات الثقافية للمجتمع المدني‪ ،‬مركز‪1-‬‬


‫‪.‬الدراسات‪ ،‬حقوق االنسان‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬‬

‫‪.‬أبو الفضل محمد لسان العرب‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬القاهرة‪2-1979 K،‬‬

‫حسن توفيق ابراهيم‪ ،‬ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية‪ ،‬مركز‪3-‬‬


‫‪.‬الدراسات‬

‫ابو قاسم حسن بن محمد‪ ،‬المفردات‪ K‬في غريب القرآن لألصفهاني‪ K،‬دار‪4-‬‬
‫‪.‬المعرفة‪ ،‬بيروت‬

‫‪.‬ابن منظور لسان العرب‪ ،‬دار الصدر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪5-‬‬

‫‪.‬احمد العتيبي‪ ،‬النيابة في شرح الهداية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪6-1990 ،‬‬

‫نور الدين بوكروح‪ ،‬من برنامج الجزائر الجديد الذي أعده قبل االنتخابات‪7-،‬‬
‫‪.‬الجزائر‪2002 ،‬‬

‫بالقاسم سالطينة‪ ،‬وسام حميدي‪ ،‬العنف والفقر في المجتمع الجزائري‪ ،‬دار‪8-‬‬


‫‪.‬الفجر‪ ،‬القاهرة‪2008 K،‬‬

‫محمد العربي ولد خليفة‪ ،‬النظام ماذا تغير فيه وأين نحن من تحوالته‪ ،‬ديوان‪9-‬‬
‫‪ .‬المطبوعات الجامعية بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪1998 ،‬‬

‫‪64‬‬
‫عروس زوبير‪ ،‬الدين والسياسة في الجزائر‪ K،‬أحداث أكتوبر ‪ ،1990‬نموذج‪10-‬‬
‫‪.‬الدراسات‪ ،‬الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪1990،‬‬

‫غيالرمو دونيل‪ ،‬فيليب شميتر‪ ،‬االنتقال من الحكم السلطوي‪ ،‬استنتاجات‪11-K‬‬


‫األولية حول الديمقراطية غير مؤكده‪ ،‬ترجمة صالح الدين وتقي الدين‪ ،‬معهد‬
‫‪.‬الدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬بغداد‪2007 ،‬‬

‫عابد شارف‪ ،‬تجربة االنتقال الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬محلية الباب‪ K،‬مركز‪12-‬‬


‫‪.‬الجزيرة للدراسات‪2013 K،‬‬

‫حسن طلبة‪ ،‬العنف واإلرهاب من منظور اإلسالم السياسي‪ ،‬عالم الكتب‪13-‬‬


‫‪.‬الحديث‪ ،‬األردن‪2005 ،‬‬

‫‪.‬عقيل يوسف عبدات‪ ،‬التسامح الديني في اإلسالم‪ ،‬مجلة النبأ‪ ،‬الكويت‪14-‬‬

‫عبد هللا علوان‪ ،‬معالم الحضارة في اإلسالم وأثرها في النهضة األوروبية‪15-،‬‬


‫‪.‬دار السالم‪ ،‬بيروت‪1980 ،‬‬

‫ماريا روز ميتوكال‪ ،‬ترجمة عبد الحميد جحفة‪ ،‬األندلس‪ ،‬اإلسالم‪16-‬‬


‫‪.‬والحضارة‪ ،‬ثقافة التسامح‪ ،‬دار تويقال‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬المغرب‪2006 ،‬‬

‫‪.‬حسن حنفي‪ ،‬التراث والتغير االجتماعي‪ ،‬مطبعة العمرانية‪ ،‬القاهرة‪17-2005 ،‬‬

‫جون لو‪ ،‬ترجمة منى أبو سنة‪ ،‬رسالة في التسامح‪ ،‬المجلس األعلى‪18-،‬‬
‫‪.‬القاهرة‪1998 ،‬‬

‫جون جاك روسو‪ ،‬ترجمة بولنت غاغ‪ ،‬العقد االجتماعي‪ ،‬مبادئ القانون‪19-‬‬
‫‪.‬السياسي‪ ،‬لبنان‬

‫‪65‬‬
‫كمال بومنير‪ ،‬قراءات‪ K‬في الفكر النقدي لمدرسة فرانكفورت‪ ،‬مؤسسة كنوز‪20-‬‬
‫‪.‬الحكمة‪ ،‬الجزائر‪2012 K،‬‬

‫عبد الحسن شعبان‪ ،‬قيم التسامح في الفكر العربي اإلسالمي المعاصر‪21-،‬‬


‫‪.‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪2010 ،2910 ،‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ ،‬المثقفون في الحضارة العربية‪ ،‬مركز الدراسات‪22-‬‬


‫‪.‬الوحدة العربية‪ ،‬بيروت ‪1995،‬‬

‫عمار طالبي‪ ،‬ابن باديس‪ ،‬حماية أثاره‪ ،‬دار اليقظة العربية‪ ،‬الجزائر‪23-K،‬‬
‫‪1968.‬‬

‫‪:‬اللغة الفرنسية‬

‫‪1-Stalter FoullayDanielle, Histoire et Violence,Ed, Stan‬‬


‫‪Bourg, 1990.‬‬

‫‪2- Michel Le grain, Le Grand Robert, Ed, Robert, 1997, Paris.‬‬

‫‪3- Body Gen drot Sophie,Ville est violence d’uruption,De‬‬


‫‪nouvaux acteurs, ED,PUF, Paris.‬‬

‫‪4- Saïd Ahmed, octobre ils parlent, Ed, le Martin, 1998.‬‬

‫‪5- Rene Gallissot, Octobre 88 en Algérie, Cahier d'études‬‬


‫‪berbère, Paris, 1990.‬‬

‫‪66‬‬
6- Houari Adi, L’Algérie et démocratie, Pouvoir et crise du
politique dans l'Algérie contemporaine, Ed, La découverte,
Paris, 1995.

7- Jeans Jack L'avenue, l'Algérie La Démocratie Interdite,


Ed, le Harmattan, Paris.

8- Zohra Benarous, L'islamisme Politique, Ed, Dar Al-


Farabi, Liban, 2002.

9- Michel Ballet, Développement En Crise, Ed, Plon, Paris,


1990.

10- Abed Charaf, Dossier D'octobre, Ed, La Fontaine, Alger,


1989.

11- Max Weber, Le Savant Politique, Ed, Plon, Paris, 1963.

12 - AbdalKader Harichéne, Le Fils et Pouvoir, Ed, Leila


Sakina, Alger.

13- Amine Touati, Algérie Les Islamistes A L'assaut Du


Pouvoir, Ed, le Harmattan, Paris, 1995.

14- Slimane Medhar, L'échec Des Système Politique En


Algérie, Ed, Chihab, Alger, 1999.

15- Louiz Martinez, La Guerre Civile En Algérie.

67
17- Liesse Boukraa, l’Algérie La Terre Sacrée, Ed, Favre,
Paris.

68

You might also like