You are on page 1of 10

‫مقدمة عامة ‪:‬‬

‫لقد انتهى العصر الذي يستمتع فيه المرء براحة البال‪ ,‬فنحن نعيش اآلن في زمناألزمات‪ ,‬و عصر‬
‫الكوارث‪ .‬فعلى المستوى الفردي أصبح كل واحد منّا يلهث وراء المادة‪ ,‬وال رادع للطموحات الجامحة التي‬
‫يمكنها أن توردنا موارد التهلكة‪ .‬أما على مستوى المنظمات أصبح أصحاب رأس المال والمديرون في‬
‫سباق مع غيرهم من المنافسين‪ ,‬وك ّل المنظمات تواجه أوضاعا تنافسية حادة فالحكومة تفرض ضرائب‬
‫وجمارك عالية‪ ,‬والمستهلكون يطالبون بأسعار منخفضة والموردون يرفعون أسعار خاماتهم‪ ,‬والعاملون‬
‫يطالبون بأجور أعلى وفي هذه األوضاع التنافسية تعّرض الممارسات السيّئة اآلخرين إلى كوارث وعلى‬
‫المستوى القومي ال تخلو وسائل اإلعالم من األزمات االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪ ...‬وغيرها‪ ,‬أ ّما‬
‫على المستوى العالمي فقد أصبحت الكيانات الكبيرة تقهر األقلّيات وأضحت الدول تتصارع بش ّدة فيما بينها‪,‬‬
‫وامت ّد األمر إلى صراع بين الحضارات وحقّا لقد أصبح عصرنا هو عصر األزمات من أشهرها أزمة‬
‫الكساد العظيم إبّان فترة(‪ )1933-1929‬حيث ارتبطت أسباب هذه األزمة بالظروف العالمية السائدة بعد ح‬
‫ع ‪ 1‬وبالفكر الكالسيكي السائد آنذاك ما أدى إلى انهيار البورصة األمريكية وولستريت وانهيار العملة‬
‫إضافة إلى أزمة(‪15‬من سبتمبر ‪ )2008‬الّتي استيقظ فيها العالم من جديد على أوتار أزمة مالية عاتية أتت‬
‫من نفس منبع الكساد الكبير فتسارعت خطاها و تع ّدت إلى كل أنحاء العالم‪ .‬من كل ما تقدم تبرز معالم‬
‫اإلشكالية التي يمكن صياغتها كالتالي‪:‬‬
‫ما المقصود باألزمة االقتصادية؟‬
‫ما تأثيرها على االقتصاد العالمي؟‬
‫كيف يمكن تجنبها والتخلص منها؟‬

‫‪1‬‬
‫تعريف األزمة‪:‬‬
‫تعبر األزمة عن موقف وحالة يواجهها متخذ القرار في احد الكيانات اإلدارية و تتالحق فيها األحداث‪,‬‬
‫تتشابك فيها األسباب مع النتائج‪ ,‬ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة عليها‪ ,‬أو على اتجاهاتها‬
‫المستقبلية(‪, )1‬كما تعبر عن تهديد مباشر لبقاء النظام الذي يواجه مصيره بالفناء أو االنهيار ذلك بسبب‬
‫الكارثة التي قد تؤدي إلى انهيار مقدماته و أسباب وجوده ‪,‬فحريق شركة بالكامل قد ينهي حياتها من الوجود‬
‫وانفجار مجموعة أنابيب شركة بترول يهدد بقاءها ‪,‬و الحرب األهلية في إحدى الدول قد تنهي الحكم فيها و‬
‫تنقله إلى حكم آخر(‪, )2‬مما سبق نستخلص أن األزمة تتمثل في مرحلة حرجة تواجهها المنظمات فينتج‬
‫عنها خلل أو توقف بعض الوظائف الحيوية لهذه المنظمات ويصاحبها تطور سريع في األحداث ينجم عنه‬
‫عدم استقرار في النظام األساسي لها ويدفع سلطة اتخاذ القرار فيها إلى ضرورة التدخل السريع لنجدتها‬
‫وإعادة التوازن لهذا النظام(‪.)3‬‬
‫أسباب األزمة‪:‬‬
‫‪ -‬سوء الفهم‪:‬‬
‫وهو يشير إلى خطأ في استقبال وفهم المعلومات المتاحة عن األزمة ويرجع ذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫قلة المعلومات وإشارات اإلنذار عن األزمة‪.‬‬
‫عدم القدرة على جمع المعلومات وربطها باألزمة‪.‬‬
‫‪ -‬سوء التقدير‪:‬‬
‫ويعني أن المعلومات تعطى لها قيمة وتقدير ومعنى مخالف للحقيقة‪ ,‬ومن أسباب سوء التقدير ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الشك في قيمة المعلومات والثقة الزائدة في النفس‪.‬‬
‫‪ -‬االستهانة باألزمة و المعلومات المرتبطة بها‪.‬‬
‫‪ -‬سوء اإلدارة ‪:‬‬
‫حينما يتدهور النظام اإلداري فعليك أن تتوقع توالي الكوارث واألزمات‪ ,‬ومن أسباب سوء اإلدارة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم وجود نظام للتخطيط و الرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬االستبداد اإلداري والصراعات على المراكز‪.‬‬
‫‪ -‬تعارض المصالح واألهداف ‪:‬‬
‫حينما تختلف وجهات النظر أو تختلف المصالح واألهداف ينشأ صراع بين األفراد أو بين المديرين أو بين‬
‫األقسام‪ ,‬األمر الذي قد يؤدي إلى كوارث وأزمات‪ ,‬ومن أسباب تعارض المصالح واألهداف ما يلي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫اختالف الخلفيات التنظيمية‪ ,‬والثقافية في النوع‪ ,‬الجنسية والدخل‬
‫‪ -‬عدم وجود آلية ونظام لفض النزاعات‪.‬‬

‫‪ -‬األخطاء البشرية ‪:‬‬


‫وتعني أخطاء النعدام قدرة أو رغبة أطراف األزمة على التعامل مع حقائقها‪ ,‬وترجع األخطاء البشرية‬
‫لألسباب التالية‪:‬‬
‫تدهور الدافعية و المعنويات‪.‬‬
‫عدم التركيز في العمل و اإلهمال وقلة الخبرة‪.‬‬
‫اإلشاعات‪:‬‬
‫وهي عبارة عن استخدام المعلومات الكاذبة والمضللة و إعالنها في توقيت ومناخ معين يؤدي إلى األزمة‬
‫ومن األسباب التي تؤدي إلى اإلشاعات ما يلي‪:‬‬
‫وجود تخبط لدى المسئولين‪.‬‬
‫وجود توتر جماهيري‪.‬‬
‫اليأس‪:‬‬
‫هو فقدان األمل في حل المشاكل والكوارث‪ ~,‬أو هو اإلحباط وعدم الرغبة لدى متخذ القرار في مواجهة‬
‫المشاكل ‪.‬ويرجع ذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫انخفاض الدخل والراتب‬
‫القمع اإلداري والشعور بالظلم‬
‫الرغبة في االبتزاز ‪:‬‬
‫هو تعريض متخذ القرار لضغوط نفسية ومادية و شخصية واستغالل التصرفات الخاطئة التي قام بها‬
‫إلجباره على المزيد من التصرفات األكثر ضررا‪,‬ويصبح ذلك مرة أخرى مصدرا لالبتزاز واإلجبار‪.‬ومن‬
‫أسباب ابتزاز بعض الناس لآلخرين ‪:‬‬
‫تعارض المصالح واستسالم البعض لالبتزاز‪.‬‬
‫الرغبة في تدمير اآلخرين أو تدمير المنظمات األخرى‪.‬‬
‫انعدام الثقة‪:‬‬
‫وهو عدم اإليمان باآلخرين و وتنعدم الثقة في بعض الناس أو ربما في نظام كامل كأن تنعدم في اإلدارة‬
‫العليا أو المنظمة‪ .‬ويرجع سبب عدم الثقة إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫سيادة ظروف عمل سيئة‪.‬‬
‫عدم كفاءة النظام اإلداري‪.‬‬

‫األزمات المتعمدة‪:‬‬
‫هو افتعال المشاكل واألزمات للتمويه على أزمات أكبر‪.‬وهو محاولة لصرف النظر عن أزمة حقيقة بافتعال‬
‫أزمات جانبية أو وهمية‪.‬ويرجع ذلك إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ ü‬محاولة التمويه والتغطية على األزمات الحقيقة‪.‬‬


‫‪ ü‬محاولة كسب أرضية بصورة غير أخالقية على حساب الغير‪.‬‬
‫‪ v‬سوء اإلدراك‪:‬‬
‫يعد اإلدراك أحد مراحل السلوك الرئيسية فاستعماله بشكل غير سليم يؤدي إلى عدم سالمة االتجاه الذي‬
‫اتخذه القائد اإلداري و انفصام العالقة بين األداء الحقيقي للكيان اإلداري وبين القرارات التي يتخذها هذا‬
‫القائد ومن هنا إذا تراكمت نتائج التصرفات السابقة بشكل معين فانه يوجد ضغطا مولدا لألزمة‪.‬‬

‫المراحل التي تمر بها األزمة ‪:‬‬


‫كل أزمة دورة حياة تشبه دورة حياة اإلنسان‪ .‬وأساليب التعامل مع األزمة يعتمد على معرفتك بالمراحل‬
‫التي تمر بها األزمة‪ .‬و مراحل دورة الحياة األزمة تتجلى في ما يلي ‪:‬‬
‫* مرحلة النشأة‪.‬‬
‫* مرحلة النمو‪.‬‬
‫* مرحلة النضج‪ .‬مرحلة االنحسار‬
‫) مرحلة النشأة ‪:‬‬
‫يشعر المسئولين بإحساس مبهم بأن ثمة مشكلة في الطريق‪ .‬وان استطاع المدير أن يتعرف و لو جزئيا على‬
‫العوامل األساسية فيها استطاع أن يقوم بتنفيس األزمة‪ .‬أي تحويل مسارها من خالل خلق اهتمامات جديدة‬
‫أو امتصاص المحركين لها‪.‬‬
‫(‪ )2‬مرحلة النمو‪:‬‬
‫حينما يتم تغذية األزمة بمحركات و أسباب و أشخاص إضافية تبدأ في الكبر و النمو وفي هذه المرحلة‬
‫يجب على المسئولين استقطاب محركات و عوامل النمو أو تحييدها أو خلق تعارض في المصالح بين‬
‫األشخاص المحركين لها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫(‪ )3‬مرحلة النضج‪:‬‬
‫هنا تصبح األزمة في قمتها و تبدأ في إفراز خسائر فادحة للمنظمة وتدمر من حولها من مديرين أو‬
‫أشخاص أو موجودات‪ .‬وتصبح السيطرة على األزمة صعبة ما لم يقم متخذ القرار بمواجهة جذرية مع‬
‫مسببات األزمة و محركيها أو البحث عن كبش فداء يتحمل وزر الخسائر و تنتهي عنده األزمة‪.‬‬
‫(‪ )4‬مرحلة االنحسار‪:‬‬
‫هنا تبدأ األزمة في األفول و االنتهاء و ذلك بسبب الصدام أو المواجهة معها فإذا فقدت األزمة أسبابها و‬
‫أشخاصها بدأت في االنحسار‪ .‬وعلى المسئولين عدم التفاؤل فربما يلم األشخاص المسببون األزمة شتاتهم‬
‫أو تبدأ األزمة في النهوض مرة أخرى‪ .‬وعلى المنظمة أن تعيد بناء نفسها وأن تتعلم من أخطائها‪.‬‬

‫نتائج األزمة ‪:‬‬


‫يشير ذلك إلى الخسائر الناجمة عن وقوع األزمة و األضرار التي تصيب المنظمة من جراء حدوت‬
‫الخسائر ومن أمثلة نتائج و أضرار األزمات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وفيات‪.‬‬
‫‪ -‬تشريد أشخاص‪.‬‬
‫‪ -‬انهيار في البنية األساسية‪.‬‬
‫‪ -‬توقف المصانع واإلنتاج والمبيعات‪.‬‬
‫‪ -‬تدهور في األرباح وتحقيق خسائر‪.‬‬
‫‪ -‬إفالس وانهيار السمعة‪.‬‬
‫‪ -‬انهيار في الروح المعنوية‪.‬‬
‫الجانب اإليجابي لألزمة ‪:‬‬
‫هناك جانب إيجابي لألزمة و ذلك بالنسبة لمنافس ما بغية ربح مشروع أو صفقة‪ ،‬ألن خلق أزمة لمنافسه‬
‫تتيح له الفرصة للدخول في السوق بقوة دون عراقيل أو الربح بسهولة و ذلك بعد وضع خطة محكمة من‬
‫خالل معرفة نقاط ضعف المنافس‪ ،‬فالسوق أحيانا يطبق قانون الغابة و هو‪" :‬القوي يأكل الضعيف"‪.‬‬
‫كما أن بعد حدوث أي أزمة يستفيد منها العالم من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬انخفاض أسعار السلع في السوق‪ ،‬انخفاض تكاليف مواد اإلنتاج‪ ،‬صعود بعض دول العالم الثالث (و التي‬
‫ال تتضرر كثيرا باألزمات العالمية النعزالها‪ )....‬ببضعة درجات على سلم التقدم‪....،‬الخ‬
‫بعض المنظمات المستهدفة من طرف األزمات‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ومن أهم المنظمات المستهدفة لالزمات ‪:‬‬
‫‪ -‬المدارس و الجامعات ‪ -‬شركات األسمدة الكيماوية ‪ -‬المنظمات التي بها تجمع عمالي كبير ‪ -‬األماكن‬
‫السياحية و مدن المالهي ‪ -‬شركات الكمبيوتر ‪ -‬البنوك ‪ -‬الفنادق‪ -‬المؤسسات الغذائية‪...‬‬
‫أزمة ‪:1929‬‬
‫مراحل نشأة األزمة ‪:‬‬

‫بدأت األزمة االقتصاديةفي عام ‪ (1929‬التي تذكر بها االضطرابات المالية التي تشهدها األسواق حاليا)‪،‬‬
‫بانهيار في البورصة ال سابق له في الواليات المتحدة أدت إلى عمليات إفالس وبطالة معممة عبر الدول‬
‫الصناعية‪.‬‬
‫وانطلقت األزمة يوم الخميس في ‪ 24‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ 1929‬في بورصة نيويورك بعدما طرح‬
‫‪13‬مليون سهم في السوق لكن األسعار انهارت بسبب غياب مشترين‪.‬‬

‫وانتشر الذعر وهرع المستثمرون والفضوليون إلى البورصة في حين بدأ الوسطاء البيع بكثافة‪ .‬وقرابة‬
‫ظهر ذلك اليوم خسر مؤشر داوو جونز ‪ %22.6‬من قيمته‪ .‬وبعد ساعات قليلة وجد آالف المساهمين‬
‫أنفسهم مفلسين‪ .‬وتفيد الروايات أن ‪11‬مضاربا انتحروا في نهاية النهار بإلقاء أنفسهم من ناطحات سحاب‬
‫في مانهاتن‪.‬‬
‫وقد تبخر ما مجموعه سبعة إلى تسعة مليارات دوالر في يوم واحد‪ .‬وانهارت البورصة خاسرة ‪ %30‬من‬
‫قيمتها في تشرين األول أكتوبر و‪ %50‬في تشرين الثاني نوفمبر‪ .‬وبلغت الخسائر اإلجمالية ‪30‬مليار دوالر‬
‫أي عشرة مرات أكثر من الميزانية الفدرالية وأكثر من النفقات األمريكية خالل الحرب العالمية األولى‪.‬‬
‫وبقي "الخميس األسود" راسخا في الذاكرة الجماعية ويحضر هاجس العام ‪ 1929‬إلى النفوس كلما حصلت‬
‫اضطرابات في األسواق المالية‪.‬‬
‫وكانت هذه النكسة المالية الكبيرة مقدمة لالزمة الكبرى التي ضربت الواليات المتحدة وأوروبا‪ .‬واتى ذلك‬
‫رغم أن الواليات المتحدة كانت تتمتع منذ مطلع عشرينات القرن الماضي بازدهار اقتصادي مدعوم‬
‫بارتفاع في أرباح الشركات وفي أسعار أسهمها‪ .‬وكان نحو ‪ %2‬من الشعب األمريكي يملك أسهما وسندات‬
‫في البورصة اقتناعا منهم بإمكانية تحقيق مكاسب سريعة‪.‬‬
‫وبلغت بورصة وول ستريت أعلى مستوى لها في الثالث من أيلول سبتمبر ‪ 1929‬والمضاربون الذين لم‬
‫تكن تتوافر لهم الوسائل كانوا يجرون تعامالتهم معتمدين على قروض أو من خالل إيداع سندات أخرى‬
‫تشكل ضمانات‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ولم يكن احد يدرك أن أسعار األسهم في البورصة كانت تفوق قيمتها الفعلية مما جعل وول ستريت تفقد أي‬
‫اتصال مع الواقع االقتصادي‪.‬‬
‫و"الخميس األسود" الذي شكل نهاية لمرحلة المضاربة هذه انعكس على كل األسواق المالية العالمية بدءا‬
‫بلندن‪.‬‬
‫وفي ربيع العام ‪ 1930‬دخلت الواليات المتحدة مرحلة انكماش ما أدى إلى تراجع اإلنتاج وإلى عمليات‬
‫إفالس وكانت تداعياتها األخطر بطالة واسعة‪.‬‬
‫وتحول حادث في البورصة سريعا إلى أزمة عالمية حادة للغاية هي األخطر التي شهدها النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫وبسبب ثقل االقتصاد األمريكي (‪ %45‬من اإلنتاج الصناعي العالمي) انتقلت عدوى األزمة االقتصادية‬
‫الكبرى في الثالثينات إلى الدول الغربية‪ .‬وبدأ االنتعاش في الواليات المتحدة العام ‪ 1933‬مع سياسة "العهد‬
‫الجديد" (نيو ديل) التي وضعها فرانكلين روزفلت‪ .‬وفي ألمانيا تسببت األزمة االقتصادية واالجتماعية في‬
‫انهيار جمهورية فيمار واستغلها النازيون للوصول إلى السلطة وعمدوا إلى تنشيط االقتصاد عبر مشاريع‬
‫ضخمة وإعادة تسليح عسكرية كثيفة‪.‬‬
‫اعتاد العالم الرأسمالي منذ القرن ‪19‬م على مواجهة أزمات دورية‪ ،‬لكن أزمة ‪ 1929‬كانت أكثرها حدة‪.‬‬
‫فتحت الحرب العالمية األولى المجال أمام الصناعة األمريكية لغزو األسواق العالمية بعد تراجع القوة‬
‫االقتصادية ألوربا‪ ،‬فعرف اقتصادها فترة من االزدهار والرخاء بفعل استفادتها من فعالية التنظيم الصناعي‬
‫وارتفاع مردودية الفالحة وكثرة االستهالك بفعل تطور الدخل الفردي‪ .‬لكن دخل االقتصاد األمريكي سنة‬
‫‪ 1929‬في أزمة دورية بفعل معاناته من نقط ضعف عديدة كعدم مسايرة االستهالك لضخامة اإلنتاج‪،‬‬
‫وانتشار المضاربات بالبورصة‪ ،‬حتى أصبحت أسعار األسهم ال تساير الزيادة الحقيقة في أرباح الشركات‪.‬‬
‫انطلقـت األزمة االقتصادية من بورصة وول ستريت بمدينة نيويورك يوم ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1929‬بعد طرح ‪19‬‬
‫مليون سهم للبيع دفعة واحدة فأصبح العرض أكثر من الطلب فانهارت قيمة األسهم‪ ،‬فعجز الرأسماليون عن‬
‫تسديد ديونهم فأفلست البنوك وأغلقت عدة مؤسسات صناعية أبوابها‪ ،‬كما عجز الفالحون عن تسديد‬
‫قروضهم فاضطروا للهجرة نحو المدن‪.‬و لهذا سميت هذه األزمة ب‪":‬أزمة الكساد األعظم"‬
‫‪ 2‬ـ انتشار األزمة‪:‬‬
‫اضطرت الواليات المتحدة األمريكية إلى سحب رؤوس أموالها المستثمرة بالخارج وأوقفت إعاناتها لبعض‬
‫الدول‪ ،‬فامتدت األزمة إلى البلدان الصناعية األوربية‪ ،‬وبفعل ارتباطها باالقتصاد األوربي فقد امتدت‬
‫األزمة لبلدان المستعمرات كما مست باقي دول العالم بفعل نهج سياسة الحمائية لحماية االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لم يفلت من األزمة سوى االتحاد السوفيتي النعزاله عن العالم الرأسمالي بإتباعه نظاما اشتراكيا‪–ІІ.‬‬
‫تعددت نتائج األزمة واختلفت طرق معالجتها‪:‬‬

‫نتائج األزمة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تضررت المؤسسات البنكية وانهار اإلنتاج الفالحي والصناعي بفعل انخفاض األسعار وتراجع‬
‫االستهالك‬
‫فتأزمت المبادالت العالمية‪ ،‬كما انتشر البؤس وتزايدت أعداد العاطلين وتكاثرت الهجرة القروية‪.‬‬
‫أحيت األزمة الصراعات~ االستعمارية‪ ،‬كما أدت إلى وصول أنظمة ديكتاتورية لحكم بعض الدول‬
‫كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مواجهة األزمة‪:‬‬


‫تم التخفيض من قيمة العملة لتشجيع الصادرات‪ ،‬وتم تقليص ساعات العمل مع تجميد األسعار والرفع من‬
‫الضرائب وتطبيق سياسة االكتفاء الذاتي وتشجيع استهالك المنتجات الوطنية‪.‬‬
‫نهجت بعض الدول أسلوب التوجيه عن طريق سياستها الجبائية وبتحديد نسب الفائدة‪ ،‬كما اعتمدت أخرى‬
‫على مستعمراتها وعلى الصناعات العسكرية والمشاريع العمومية الكبرى‪.‬‬
‫تبنى الرئيس األمريكي روزفلت «الخطة الجديدة» سنة ‪ 1933‬لمواجهة األزمة‪ ،‬حيث تم تنظيم البنوك‬
‫ومراقبة المؤسسات المالية ودعم الفالحين مع إصالح الصناعة بالتخفيف من المنافسة وتحديد الحد األدنى‬
‫لألجور‪ ،‬وفي الميدان االجتماعي تم فتح ورشات كبرى للتخفيف من البطالة مع تحسين األجور‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫و هكذا يمكن القول أن الصورة~ قد اكتملت عن األزمة االقتصادية التي يشهدها العالم االقتصادي منذ القدم‬
‫فاألزمة ولدت مع اإلنسان وال طالما عاشت معه إال أنه ال يعلم أنها تسمى باألزمة و أنها ستصبح مشكلة‬
‫العصر في يوم من األيام‪.‬‬
‫حيث شهدت البداية استعراض مفهوم األزمة االقتصادية و المتمثل في أنها عبارة عن موقف وحالة حرجة‬
‫يواجهها متخذ القرار في احد الكيانات اإلدارية‪ ،‬ثم التعرض ألسبابها المتعددة و خاصة تأثيرها بقوة على‬
‫العالم بأسره و ذلك كالتالي‪ :‬وفيات –تشريد –إفالس –انهيارات مادية و معنوية و أخيرا خلل في السمعة‪ .‬و‬
‫نظرا لتعدد آثارها و خطورتها يجب أوال محاولة تجنبها و ذلك من خالل النصائح التالية‪- :‬تكوين فريق‬
‫إلدارة األزمات بكل منضمة ‪-‬التدرب على مواجهة األزمات و كيفية التعامل المباشر معها –االستعداد لها‬
‫و القيام بالتنبؤات الالزمة‪ ....‬لكن إن تم وقوع أزمة يجب التخلص منها بشتى الطرق إلعادة الكيان لكل‬
‫منضمة و منع تدميرها وللقيام بذلك هناك عدة مناهج يمكن تطبيقها أهمها المنهج المتكامل و مراحله هي‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة االختراق‪ :‬لمعرفة مضمون األزمة‪ -2 .‬مرحلة التمركز‪ ~:‬وذلك ببناء قاعدة ارتكازية داخل‬
‫الطرف الصانع لألزمة‪ -3 .‬مرحلة التوسع‪ :‬بجدب المؤيدين لقوى األزمة الصانعة إلى نطاقنا‪ -4 .‬مرحلة‬
‫االنتشار‪ :‬عن طريق اإلعالم‪ -5 ...‬مرحلة التحكم و السيطرة‪ :‬و ذلك بالسيطرة على عوامل الكم و الكيف و‬
‫الزمن و التكلفة و الجهد‪ -6 .‬مرحلة التوجيه‪ :‬هي من أخطر المراحل و قمة النجاح و تتحقق ب‪ 3‬مراحل‪:‬‬
‫أ‪ -‬تصديرها إلى كيانات إدارية أخرى‪ .‬ب‪ -‬ركوب الموجة األزموية و االنحراف بها‪ .‬ج‪ -‬تحويل األزمة و‬
‫إفرازاتها إلى إيجابيات (و تسمى بطريقة ديمقراطية المشاركة)‪.‬‬
‫غير أن العالم يبقي مهدد باألزمات المالية و االقتصادية ما دامت الدول المتقدمة تستمر في التعالي على‬
‫سياسات الدول الفقيرة و طمعها الغير فاني في الوصول إلى القمة على حساب المؤسسات المالية العالمية‬
‫الضعيفة‪ ،‬فهل باستطاعة ال ‪.‬و‪.‬م‪.‬أ وأمثالها الخضوع لمبادئ المساواة بين المؤسسات المالية‪،‬و التخلي عن‬
‫نواياها االنتهازية و غيرها من األسباب التي تجعلها تدوس على غيرها من أجل تمكين مصالحها‪،‬فهل تلتزم‬
‫الدول المتقدمة بذلك؟ هذا ما ستكشف عنه األيام‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬كتاب‪ :‬إدارة األزمات ‪ -‬للدكتور‪:‬أحمد ماهر – د‪/‬النشر‪ :‬الدار الجامعية‪ /‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫السنة‪ –2006:‬رقم اإليداع‪)19590-2005( :‬‬
‫‪ -2‬كتاب‪ :‬األزمة الماليةو إصالح النظام المالي العالمي – للدكتور‪ :‬إبراهيم عبد العزيز النجار‬
‫د‪/‬النشر‪ :‬الدار الجامعية‪/‬اإلسكندرية – سنة النشر‪ – 2009 :‬رقم اإليداع‪)24047/2008( :‬‬
‫‪ -3‬كتاب‪ :‬مبادئ إدارة األزمات ل‪ :‬ماجد سالم الهدمي‪+‬جاسم محمد – دار زهران للنشر و التوزيع‬
‫‪ -4‬كتاب‪ :‬األزمات المالية في األسواق الناشئة – ألحمد يوسف الشحات – دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة –‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ -5‬كتاب‪ :‬عدي األزمات المالية‪ ،‬العولمة المالية و إمكانات التحكم – لعبد الحكيم مصطفى الشرقاوي ‪-‬‬
‫مطبعة التركي‪ ،‬طنطا – ‪.2002‬‬
‫‪ -6‬مذكرة‪:‬‬
‫‪ -7‬المرجع الفرنسي‪:‬‬

‫‪: Les sites‬‬


‫· ‪Ar.wikipedia.org/wiki‬‬
‫· ‐‪http://www.africaontv.com/Members/destaflowers/lafrique‐peut‐tirer‐profit‐de‬‬
‫‪la‐crise‐financiere‐ mondiale.htm‬‬
‫· ‐‪http://www.algerie‐focus.com/2009/01/26/crise‐financiere‐mondiale‐le‐plan‐de‬‬
‫‪‐financement‐d e‐la‐societe‬‬

‫‪10‬‬

You might also like