You are on page 1of 7

‫"العنف والدين‪ :‬قراءة نقدية في كتاب "سوسيولوجيا العنف واإلرهاب‬

‫فئة ‪  :‬قراءات في كتب‪ ‬‬

‫مارس ‪2018‬بقلم‪ ‬محمد الرضوانيقسم‪ :‬الدين وقضايا المجتمع الراهنة‬


‫‪02‬‬
‫‪:‬حجم الخط‪+18- ‬للنشر‬

‫كتاب سوسيولوجيا العنف واإلرهاب إلبراهيم الحيدري الصادر عام ‪ ،2015‬عن دار الساقي‪ ،‬يقع في‪ ‬‬

‫‪ 336.‬صفحة‬

‫العنف كظاهرة اجتماعي‪+‬ة معقدةيص‪++‬عب تحدي‪+‬د مفهوم‪+‬ه وأبع‪+‬اده‪ ،‬وتتض‪++‬ارب التع‪++‬اريف المقدم‪+‬ة من قب‪++‬ل‬

‫المنظرين والمختصين بشأنه‪ .‬لذلك‪ ،‬يقترح المؤلف تعريفاإجرائيا للعنف بأنه "االس‪++‬تخدام غ‪++‬ير المش‪++‬روع‬

‫للقوة المادية بأساليب متعددة إللح‪++‬اق األذى باألش‪++‬خاص والجماع‪++‬ات وت‪++‬دمير الممتلك‪++‬ات‪ ،‬ويتض‪++‬من ذل‪++‬ك‬

‫أساليب العقاب واالغتصاب واالعتداءات المختلفة والتدخل في حريات اآلخرين"‪]1[.‬‬

‫وقد تصدتنظريات عدة لتفسير هذه الظاهرة‪ ،‬يمكن إجمالها في ثالثة اتجاهات؛ أولها النظريات البيولوجية‬

‫التي تولي اهتماما حص‪+‬ريا للغرائ‪+‬ز البيولوجي‪+‬ة كالعوام‪+‬ل الوراثي‪+‬ة والخص‪+‬ائص المورفولوجي‪+‬ةللفرد في‬
‫ولوم‪++‬بروز ‪ (Lawrence)،‬ول‪++‬ورنس ‪ (Darwin)،‬تفس‪++‬ير العن‪++‬ف‪ ،‬ومن أبرزممثليه‪++‬ا داروين‬
‫؛ وثانيها‪ ،‬النظريات النفسية التي يمثلها علماء التحليل النفسي‪ ،‬الذين يفس‪++‬رون العن‪++‬ف‪(Lombroso)،‬‬

‫؛)‪ (Freud‬باعتباره طاقة عقلية عامة‪ ،‬يلعب دورا مهم‪++‬ا في الص‪++‬راعات العقلي‪++‬ة‪ ،‬وعلى رأس‪++‬هم فرويد‬

‫وثالثها النظرياتاالجتماعية التي تنظر إلى العنف‪ ،‬باعتب‪++‬اره ظ‪+‬اهرة اجتماعي‪++‬ة مرتبط‪++‬ة بأس‪++‬باب وعوام‪++‬ل‬

‫ودوافع متعددة؛ نفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية‪ ،‬ال يمكن تفسيرها إال منخالل دراسة ت‪++‬داخلها‬
‫‪.‬مع ظواهر اجتماعية أخرى‬

‫كما تص ّد ى عدد من الفالسفة والمفكرين لظاهرة العنف‪ ،‬سواء من خالل إظهار خطورتها ودراسة آثارها‬

‫في المجتمع‪ ،‬أو من خالل ال‪+‬دفاع عن العن‪+‬ف كآلي‪+‬ة إلحالل الت‪+‬وازن داخ‪+‬ل المجتم‪+‬ع؛ أمث‪+‬ال ابن خل‪+‬دون‪،‬‬
‫ومونتس‪++‬كيو ‪(John Stuart Mill)،‬ورواد نظري‪++‬ة العق‪++‬د االجتم‪++‬اعي‪ ،‬وج‪++‬ون س‪++‬تيوارث ميل‬
‫وماكس ‪(Mao zedong)،‬وماوتسيتونغ ‪ (karlMarx)،‬وكارل ماركس ‪(Montesquieu)،‬‬

‫‪ (Jacque‬وج‪+‬اك الك‪+‬ان ‪ (Erich From)،‬وفروي‪+‬د‪ ،‬وإيري‪+‬ك ف‪+‬روم ‪ (Max Weber)،‬في‪+‬بر‬


‫وس‪+++‬ارتر ‪ (Habermas)،‬وهابرم‪+++‬اس)‪ (Hannah Arendt‬وحن‪+++‬ه أرن‪+++‬دت ‪Lacan)،‬‬

‫‪ (Michel Foucault).‬وميشيل فوكو ‪(Sartre)،‬‬

‫أوال‪ :‬اإلرهاب ظاهرة اجتماعية وثقافية‬

‫إذا كانت درجات العنف متباينة‪ ،‬فإن اإلرهاب يعد أسوأهذه الدرجات وأخطرها‪ ،‬باعتب‪+‬اره أص‪+‬بح ظ‪+‬اهرة‬

‫عالمية‪ ،‬بفعل سرعة انتشار مظ‪+‬اهره وتأثيرات‪+‬ه المتزاي‪+‬دة‪ ،‬بش‪+‬كل يه‪+‬دد ال‪+‬دول والمجتمع‪+‬ات واألف‪+‬راد في‬

‫استقرارهم وحياتهم ومصالحهم‪.‬وعليه يولي المؤلف أهمية خاصة لإلرهاب‪ ،‬ويذهب إلى تعريفه بأنه"ك‪++‬ل‬

‫عمل عنفمسلح يرتكب بغرض سياسي أو اجتم‪++‬اعي أو اقتص‪++‬ادي أو إي‪++‬ديولوجي أو دي‪++‬ني ينته‪++‬ك المب‪++‬ادئ‬

‫العام‪++‬ة للق‪++‬انون اإلنس‪++‬اني"[‪ ،]2‬وم‪++‬ا يتض‪++‬منه من قت‪++‬ل واغتي‪++‬ال وإلق‪++‬اء المتفج‪++‬رات والس‪++‬يارات المفخخ‪++‬ة‬
‫‪.‬وأعمال التخريب واإلبادة‬

‫وال ترتب‪++‬ط ظ‪++‬اهرة اإلره‪++‬اب بإيديولوجي‪++‬ة مح‪++‬ددة‪ ،‬إذ ق‪++‬د ترتب‪++‬ط باإلي‪++‬ديولوجيات الديني‪++‬ة المتطرف‪++‬ة أو‬

‫اإلي‪++‬ديولوجيات القومي‪++‬ة الش‪++‬وفينية‪ ،‬كم‪++‬ا ق‪++‬د ترتب‪++‬ط بالجماع‪++‬ات الفوض‪++‬وية أو اإلي‪++‬ديولوجيات اليميني‪++‬ة‬
‫‪.‬المتطرفة‬

‫إن اإلرهاب ظاهرة اجتماعية معقدة تمس الفرد كما تمس الجماعة‪ ،‬ترتبط بعوام‪++‬ل اجتماعي‪++‬ة واقتص‪++‬ادية‬

‫وعقائدية وسياسية وثقافية‪ ،‬ذلك أن اإلرهابي ابن بيئته وصنيعة من صنائعها‪ .‬فال أحد يولد إرهابيا‪ ،‬وإنم‪++‬ا‬

‫عوامل متعددة تدفع األفراد إلى االعتقاد المطلق في أفكار متطرفة‪ ،‬وفي أساليب دموية لتفس‪++‬ير الع‪++‬الم إلى‬
‫‪.‬درجة التضحية بأجسادهم وحياتهم في سبيل ما يؤمنون به‬

‫إن الوص‪++‬ول إلى الف‪++‬رد من درج‪++‬ة إره‪++‬ابي ال يرتب‪++‬ط فق‪++‬ط بال‪++‬دوافع المباش‪++‬رة لالنخ‪++‬راط في الحرك‪++‬ات‬

‫اإلرهابية كحمالتالتحريض الديني؛ وغس‪++‬ل ال‪++‬دماغ ال‪++‬ذي يق‪++‬وم ب‪++‬ه المع‪++‬بئون لص‪++‬الح الحرك‪++‬ات الجهادي‪++‬ة‬

‫لتعبئة األنصار والمقاتلين من مختلف مناطق الع‪++‬الم‪ ،‬الس‪++‬يما الش‪++‬باب وتش‪++‬جيعهم على الس‪++‬فر إلى من‪++‬اطق‬

‫النزاع‪ ،‬موظفين في هذا اإلطار األم‪++‬وال وش‪++‬بكات التواص‪++‬ل االجتم‪++‬اعي واإلن‪++‬ترنيت؛ وحب‪++‬وب الهلوس‪++‬ة‬
‫للتحكم في األشخاص وتوجيههم نحو اإلدم‪++‬ان والعن‪++‬ف ض‪++‬د الع‪++‬دو خاص‪++‬ةأثناءتنفيذ العملي‪++‬ات اإلرهابي‪++‬ة‪،‬‬

‫والتمثيل الهمجي باألع‪+‬داء؛ ومخلف‪+‬ات ص‪+‬دمة الحداث‪+‬ة الغربي‪+‬ة‪ ،‬الس‪+‬يما رفض الغ‪+‬رب وثقافت‪+‬ه واعتب‪+‬اره‬

‫المسؤول عن وضعية العالم اإلس‪++‬المي؛ وآث‪++‬ار العولم‪++‬ة وتزاي‪++‬د الص‪++‬راع الحض‪++‬اري بين الغ‪++‬رب والع‪++‬الم‬

‫اإلسالمي‪ ،‬خاصة مع تزايد مظاهر معبرة عن عداء الغ‪+‬رب لإلس‪++‬الم‪ ،‬كتص‪++‬ريح ع‪+‬دد من رؤس‪++‬اء ال‪+‬دول‬

‫والحكومات بتفوق الحضارة الغربية‪ ،‬والرسوم المسيئة للرسول واإلسالم ال‪++‬تي نش‪++‬رت من ط‪++‬رف من‪++‬ابر‬

‫إعالمية‪ ،‬وت‪++‬واتر التعب‪++‬يرات المادي‪++‬ة والرمزي‪++‬ة المعادي‪++‬ة لإلس‪++‬الم خاص‪++‬ة بع‪++‬د أح‪+‬داث ‪11‬ش‪++‬تنبر‪ ،‬فتزاي‪+‬د‬

‫الصراع أدى بشكل مباشر إلى عولمة اإلرهاب‪..‬وإنما يرتبط أشد االرتباط بعوامل سوس‪++‬يولوجية وثقافي‪++‬ة‬

‫متع‪++‬ددة‪ ،‬كمس‪++‬توى العيش‪ ،‬وانتش‪++‬ار الفق‪++‬ر‪ ،‬ودرج‪++‬ة التط‪++‬ور االقتص‪++‬ادي‪ ،‬ووض‪++‬عية التعليم‪ ،‬والتنش‪++‬ئة‬
‫‪.‬االجتماعية‪ ،‬ودرجة االندماج االجتماعي‪ ..‬التي يستمر تأثيرها طيلة حياة األفراد‬

‫ه‪++‬ذه العوام‪++‬ل تع‪++‬د المس‪++‬ؤولة األساس‪++‬ية عن انتش‪++‬ار اإلره‪++‬اب‪ ،‬وتزاي‪++‬د المنخ‪++‬رطين في‪++‬ه والمتع‪++‬اطفين‪،‬‬

‫وانتقاالألعمال‪ +‬اإلرهابي‪++‬ة من أعم‪++‬ال متفرق‪++‬ة إلى أعم‪++‬ال منظم‪++‬ة مس‪++‬تمرة تجع‪++‬ل من إقام‪++‬ة الدول‪++‬ة‪-‬األم‪++‬ة‬
‫‪.‬والخالفة اإلسالمية أهدافا لها‬

‫إن العنف ليس ظاهرة اجتماعية فقط‪ ،‬وإنما هي ظاهرة ثقافية كذلك‪ ،‬فجذور العدوان في شخصية الفرد قد‬

‫تجد مصدرها فيما تلقاه من صور وأفكار وقيم أثناء مراحل تنشئته في مختلف مؤسسات التنش‪++‬ئة والتعليم‪،‬‬

‫باعتبار التنشئة االجتماعية والتربوي‪++‬ة ت‪++‬تيح نق‪++‬ل القيم والمع‪++‬ارف والمعتق‪++‬دات من جي‪++‬ل إلى آخ‪++‬ر‪ ،‬وتلعب‬

‫بذلك دورا محددا في مدى انتش‪+‬ار العن‪+‬ف في المجتم‪+‬ع‪ .‬ل‪+‬ذلك ففي المجتمع‪+‬ات ال‪+‬تي ترتف‪+‬ع فيه‪+‬ا مع‪+‬دالت‬

‫الجريمة والعنف يكون الفرد عرضة لتأثيرات هذه الظواهر والفاعلين فيها‪ ،‬وقد تزداد مي‪++‬والت الف‪++‬رد إلى‬

‫العنف؛ بينما في المجتمع‪++‬ات ال‪++‬تي تنخفض فيه‪++‬ا درج‪++‬ات العن‪++‬ف‪ ،‬وتجنح فيه‪++‬ا المؤسس‪++‬ات إلى تغليب قيم‬

‫السلم والتعاون والنزاهة والتسامح‪ ،‬قد توفر بيئةإيجابي‪++‬ة البتع‪++‬اد األف‪++‬راد على تب‪++‬ني العن‪++‬ف ونب‪++‬ذ مظ‪++‬اهره‬
‫‪.‬وقيمه‬

‫إن ثقافة العنفقد تعود جذورها إلى التنشئة التي يتلقاها األفراد‪.‬وفي ه‪++‬ذا اإلط‪++‬ار‪ ،‬تلعب األس‪++‬رة والمدرس‪++‬ة‬

‫والمؤسسات السياسية الرسمية دورا أساسيا في سلطوية الشخص‪++‬ية وانغالقه‪++‬ا أو في مرونته‪++‬ا‪ ،‬كم‪++‬ا تلعب‬
‫دورا محوريا في تعدد أشكال العنف في المجتمع؛ العنف الفردي‪ ،‬العنف الديني‪ ،‬العن‪++‬ف المق‪++‬دس‪ ،‬العن‪++‬ف‬
‫‪.‬المضاد‪ ،‬العنف الجنسي‪ ،‬والعنف الرمزي‬

‫ثانيا‪ :‬اإلرهاب ظاهرة عامة ال ترتبط بدين معين‬

‫إن الفكر األصولي يجد مصدره في جملة من األفكار الفقهي‪++‬ة القديم‪++‬ة المتش‪++‬ددة‪ ،‬ال‪++‬تي تجع‪++‬ل من اإلس‪++‬الم‬

‫األول نموذجها األساسي لمواجهة الواقع الحالي للمجتمعات اإلسالمية‪.‬وتقوّى هذا الفك‪++‬ر بع‪++‬د القم‪++‬ع ال‪++‬ذي‬

‫تعرضت له بعض الحركات اإلسالمية في مصر وسوريا في النص‪++‬ف الث‪++‬اني من الق‪++‬رن العش‪++‬رين‪ ،‬وك‪++‬ذا‬
‫‪.‬بعد حرب أمريكا في أفغانستان‬

‫وقد شكل الفكر األصولي مرجعي‪+‬ة أساس‪+‬ية للحرك‪+‬ات الس‪+‬لفية المتطرف‪+‬ة في الع‪+‬الم الع‪+‬ربي وعلى رأس‪+‬ها‬

‫حرك‪++‬ةاإلخوان المس‪++‬لمون وتنظيم القاع‪++‬دة وتفرعاته‪++‬ا كحرك‪++‬ة الش‪++‬باب الص‪++‬ومالية‪ ،‬وحرك‪++‬ة بوك‪++‬وحرام‪،‬‬

‫والقاعدة في الس‪++‬عودية واليمن‪ ،‬والقاع‪++‬دة في المغ‪++‬رب اإلس‪++‬المي‪ ،‬والدول‪++‬ة اإلس‪++‬المية في الع‪++‬راق والش‪++‬ام‬

‫(داعش)‪..‬التي أصبحت مؤثرة في عقول األفراد‪ ،‬بشكليزيد من انتشار العنف الديني ومظ‪++‬اهره في الع‪++‬الم‬
‫‪.‬العربي‪ ،‬والتصادم مع الغرب الذي يؤدي إلى مزيد من العنف وتهديد استقرار الدول والشعوب‬

‫وإذا كان تأثير الحركات األصولية اإلسالمية في تزايد مستمر‪ ،‬فإن مثل ه‪++‬ذه الحرك‪++‬ات اإلرهابي‪++‬ة ليس‪++‬ت‬

‫خاصة بالدين اإلسالمي‪ ،‬وإنما هي عامة تعرفها أغلب األديان؛ فاليهودية تفرعت عنه‪++‬ا حرك‪++‬ات أص‪++‬ولية‬
‫‪.‬منذ القرن األول الميالدي‪ ،‬والحركة الصهيونية )‪ (zelotes‬إرهابية‪ ،‬كحركة الورعاء اليهود‬

‫كما أن العالم المسيحي عرف عدة حركات أص‪++‬ولية الس‪++‬يما في الق‪++‬رون الوس‪++‬طى‪ ،‬تبنت العن‪++‬ف ال‪++‬دموي‪،‬‬

‫واضطهاد الجماعات كاضطهاد الهراطقة‪ ،‬والحروب الصليبية‪.‬ومن ثم‪ ،‬ال يمكن اعتبار اإلره‪++‬اب لص‪++‬يقا‬

‫بالدين اإلسالمي‪ .‬ففي ظل جميع الديانات الكبرى تظهر حركات أصولية تتبنى العن‪++‬ف وس‪++‬يلة لل‪++‬دفاع عن‬
‫‪.‬أفكارها وبناء المجتمع الذي تبشر به‬

‫وإذا كان استحضار الجانب المقارن مهم للوصول‪ +‬إلى مث‪++‬ل ه‪++‬ذه الخالص‪++‬ة‪ ،‬ف‪++‬إن المالح‪++‬ظ أن المؤل‪++‬ف ال‬

‫يطرح أوجه التشابه وأوجه االختالف بين األصوليات‪ +‬الدينية في ك‪+‬ل من الع‪+‬الم الع‪+‬ربي والع‪+‬الم الغ‪+‬ربي‪،‬‬
‫وكأن المهم بالنسبة إليه هاهنا هو اإلقرار بأن األصوليات العنيفة ال ترتب‪+‬ط بال‪+‬دين اإلس‪++‬المي فق‪++‬ط‪ ،‬وإنم‪++‬ا‬
‫‪.‬هي ظاهرة عامةتمس جميع األديان الكبرى‬

‫ثالثا‪ :‬ثقافة التسامح‪ ..‬انتشارها غير كاف‬

‫إذا كان اإلرهاب يرتبط بأصول ومسببات اجتماعية وثقافي‪+‬ة واقتص‪+‬ادية‪ ،‬ف‪+‬إن إمكاني‪+‬ة الح‪+‬د من انتش‪+‬اره؛‬

‫أعماال وأفكارا وثقافة تكمن في ضرورة التركيز على التسامح وأهمية نش‪++‬ر ثقافت‪++‬ه وقيم‪++‬ه بين المواط‪++‬نين‬
‫‪.‬والشعوب والدول‬

‫فاهتمام األديان‪ ،‬خاصة اإلسالم والمسيحية بالتسامح‪ ،‬وتبني فالسفة األنوار لمبادئ‪++‬ه وقيم‪++‬ه ال‪++‬تي س‪++‬اهمت‬

‫بشكل كبير في انتشارها في المجتمعات الديمقراطية الحديث‪++‬ة‪ .‬وتعزي‪++‬ز انتش‪++‬ار ثقافت‪++‬ه من ط‪++‬رف مواثي‪++‬ق‬

‫حقوق اإلنسان العالمية‪ ،‬السيما تلك الص‪++‬ادرة عن المنظم‪++‬ات العالمي‪++‬ةكاإلعالن الع‪++‬المي لحق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان‬

‫الصادر في دجنبر‪ ،1948‬و"إعالن مبادئ بش‪+‬أن التس‪+‬امح" الص‪+‬ادر عن منظم‪+‬ة اليونس‪+‬كو ع‪+‬ام ‪..1995‬‬
‫‪.‬أمور من شأنها أن تعزز إمكانية انتشار قيمه بين الشعوب‬

‫غير أنه يبدو أن التركيز على نشر ثقاف‪++‬ة التس‪++‬امح غ‪++‬ير ك‪++‬اف‪ ،‬فاالهتم‪++‬ام بالح‪++‬د من الف‪++‬وارق االجتماعي‪++‬ة‬

‫ونسب الفقر‪ ،‬وتحسين األوض‪++‬اع االقتص‪++‬ادية‪ ،‬ونش‪++‬ر القيم الديمقراطي‪++‬ة والترك‪++‬يز على دين متن‪++‬ور‪ ..‬تع‪++‬د‬
‫‪.‬أمورا أساسية في هذا اإلطار‬

‫رابعا‪ :‬مالحظات‬
‫‪:‬يثير الكتاب جملة من المالحظات من بينها ما يلي‬

‫غي‪++‬اب الت‪++‬وازن بين الفص‪++‬ول‪ +،‬إذ هن‪++‬اك ف‪++‬رق ص‪++‬ارخ بين الفص‪++‬ل الث‪++‬اني ال‪++‬ذي التتج‪++‬اوز ص‪++‬فحاته ‪-46‬‬

‫‪.‬صفحةوباقي الفصول‪ +‬األخرى‪ .‬ولعلمثل هذا النقص يعطي صورة سلبية عن الكتاب‬

‫ضعف تسلسل األفكار‪ ،‬إذ يعدو االنتقال من عنصر إلى آخر في بعض فصول الكت‪++‬اب وكأن‪++‬ه انتق‪++‬ال من‪-‬‬

‫فصل إلى آخر‪]3[.‬‬


‫عدمتوظيف الكم الهائل من المعلومات المقدمة في الكت‪++‬اب‪ ،‬في إط‪++‬ار إش‪++‬كاليمحكوم بالتسلس‪++‬ل واإلجاب‪++‬ة‪-‬‬

‫عن الفرضيات المطروحة‪ ،‬إذ تبدو بعض العناصر خارج الس‪++‬ياق‪ ،‬وبعض المعلوم‪++‬ات قديم‪++‬ة وزائ‪++‬دة في‬

‫الكتاب مثل سردهلتفاصيل عن منظم‪++‬ات إرهابي‪++‬ة قديم‪++‬ة‪ ،‬وبعض التفس‪++‬يرات الفلس‪++‬فية القديم‪++‬ة‪.‬ويب‪++‬دو في‬

‫سرده لنظرة المفكرين للعنف‪ ،‬أن المؤلف غير محكوم بخي‪++‬ط ن‪++‬اظم وه‪++‬دف مح‪++‬دد‪ ،‬إذ يب‪++‬دو األم‪++‬ر بمثاب‪++‬ة‬
‫‪.‬سرد سطحي‬

‫بعض االقتباسات دون مصدر‪-]4[.‬‬

‫اعتماد المؤلف في بعض فقرات الكتاب على المقاالت الصحفية‪5.‬ويبدو أن موضوع‪ +‬مثل سوسيولوجية ‪-‬‬

‫العنف‪ ،‬يقتضي تناوله الجاد تجاوز بعض المراجع التي ال تض‪++‬يف ش‪++‬يئا للموض‪++‬وع‪ +،‬فمقابإلغف‪++‬ال‪ +‬الع‪++‬ودة‬

‫إلى المراجع األص‪++‬لية المختص‪++‬ة‪ ،‬يلج‪++‬أ المؤل‪++‬ف في بن‪++‬اء عنص‪++‬ر كام‪++‬ل على ص‪++‬فحة من ص‪++‬فحات مقال‪++‬ة‬

‫صحفية من جريدة متواضعة وهذا يخل بموضوع‪ +‬الكتاب‪]5[.‬‬


‫إن استحضار النظريات يعد أمرا مهما لتفسير ظاهرة مهمة مثل العنف‪ ،‬غير أن تق‪++‬ديم النظري‪++‬ات دون ‪-‬‬

‫اللجوء إلى أبحاث ميدانية تزكي الفرضيات المطروحةأو تنفيها‪ ،‬يبقى توظيفه‪+‬ا مح‪+‬دودا‪ ،‬ويجع‪+‬ل الج‪+‬انب‬
‫‪.‬الموضوعي ناقصا‬

‫في سرده للمقتربات النظرية‪ ،‬ال يبدو أن هناك خيط ناظم بينها‪ ،‬فهي متعددة ومتناقضة وال يحسم الكاتب‪-‬‬

‫في اتج‪++‬اه نظ‪++‬ري معين يوظف‪++‬ه في اإلحاط‪++‬ة به‪++‬ذه الظ‪++‬اهرة‪ .‬فمن المعل‪++‬وم أن النظري‪++‬ات ال تس‪++‬رد ك‪++‬ترف‬

‫فكري‪.‬فمن الجيد معرفة مختلف االتجاهات ولكن المؤلف ملزم علميا بضرورة تبني نظري‪++‬ة يراه‪++‬ا ق‪++‬ادرة‬
‫‪.‬على اإلجابة على إشكاليته وتفسير فرضياته‬

‫في مناقشته لمؤسسات التنشئة االجتماعية التي يمكنأن تساهم في اكتساب الفرد لثقافة العنف‪ ،‬يحصرها ‪-‬‬

‫المؤلف في ثالث مؤسس‪+‬ات أساس‪+‬ية‪ ،‬وهي األس‪+‬رة والمدرس‪+‬ة والس‪+‬لطة[‪،]6‬ويغيب من النق‪+‬اش جمل‪+‬ة من‬

‫المؤسسات التي تلعب دورا محوريا في هذا الصدد‪ ،‬فال يمكن إغفال ال‪++‬دور ال‪++‬ذي أص‪++‬بحت تلعب‪++‬ه وس‪++‬ائل‬

‫اإلعالم‪ ،‬الس‪++‬يمامع الطف‪++‬رة ال‪++‬تي عرفته‪++‬ا بانتش‪++‬ار المعلومياتووس‪++‬ائل‪ +‬التواص‪++‬ل االجتم‪++‬اعي‪ ،‬كم‪++‬ا اليمكن‬
‫إغفال تأثير جماع‪++‬ة األص‪++‬دقاء‪ ،‬والمؤسس‪++‬ات الديني‪++‬ة‪ ،‬والتنظيم‪++‬ات السياس‪++‬ية والمدني‪++‬ة غ‪++‬ير الرس‪++‬مية في‬
‫‪.‬عملية نقل القيم وتكون الشخصية‬
‫اقتباس طويل يتعدى ثالث ص‪++‬فحات في عنص‪++‬ر واح‪++‬د لدرج‪++‬ة يب‪++‬دو مع‪++‬ه العنص‪++‬ر من إنج‪++‬از الباحث‪++‬ة ‪-‬‬

‫المقتبس من مرجعها‪ ،‬وهذا يتنافى مع شروط المنهجية العلمية وقواعدها‪ ،‬ذل‪++‬ك أن لالقتب‪++‬اس أص‪++‬ول على‬

‫رأسها أال يتجاوز فقرة واحدة من المرجع المعتمد‪]7[.‬‬

You might also like