You are on page 1of 8

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫الجامعة العراقية‬
‫كلية القانون والعلوم السياسية‬

‫( ظاهرة األرهاب وتداعيات التسميم السياسي على المجتمع العراقي )‬

‫أعداد الطالبة‬
‫زينب عبدهللا جبر حسين‬

‫بأشراف الدكتور‬
‫محمد منذر جالل‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫لقد اصبح االرهاب ركنا مال زما في هموم الدول وسياساتها الداخلية والخارجية على حد سواء‬
‫وصار من دواعي خوف األمم‪ ،‬واذا اردنا الدخول الى تحقيق هدف استراتيجي يفترض ان يسعى‬
‫الجميع الى تحقيقه والمتمثل باستراتيجية مكافحة االرهاب‪ ،‬وان هذه المشكلة باتت تؤرق العالم‬
‫وصناع القرار بأجمعه بكل ما يعنيه االرهاب من تداعيات على كافة االصعدة‪ ,‬والعراق لم يكن‬
‫بعيدا عن نشاط المنظمات اإلرهابية بعد التغيير عام ‪ 2003‬مما دفع المشروع العراقي الى اصدار‬
‫قانون مكافحة االرهاب لعام ‪ ،2005‬حيث ان المؤشرات والمعطيات القابلة للقياس وحدها لن‬
‫تكفي إليضاح الحجم الحقيقي لخطر االرهاب بسبب ما يخلفه من اثار واسعة النطاق مزعزعة‬
‫لألمن الوطني‪ ،‬وظاهرة اإلرهاب والتسميم السياسي تشتركان في تأثيرهما السلبي على االستقرار‬
‫السياسي واالجتماعي في المجتمعات‪ ،‬يمكن أن تكون هناك تداخالت وتأثيرات بين االرهاب‬
‫والتسميم السياسي في السياقات السياسية المعقدة‪ ،‬قد تزيدان من درجة عدم االستقرار السياسي‬
‫واالجتماعي في المجتمعات‪ ،‬مما يؤدي إلى تفكك الهياكل االجتماعية واالقتصادية و مخاطر على‬
‫األمن والسالمة الشخصية للمواطنين والمؤسسات وقد ينهكان حقوق اإلنسان ويؤثران سلبًا على‬
‫الحياة اليومية للمواطنين و انحدار القيم الديمقراطية‪ ،‬وتقويض حكم القانون في المجتمعات‬
‫المستهدفة‪ ،‬إن محاربة اإلرهاب ومكافحة التسميم السياسي تتطلب جهودا ً شاملة وتعاونًا دوليًا للحد‬
‫من تأثيرهما الضار‪.‬‬

‫المحور االول‪ :‬اإلرهاب _المفهوم _الدوافع _ االثار االجتماعية في العراق‬


‫مفهوم االرهاب‬
‫لقد تزايدت التحديات التي تواجه الدولة على الصعيد العالمي‪ ،‬حيث ازدياد العنف السياسي‬
‫واالضطرابات واالر هاب فظهرت تحديات على المستوى الداخلي والخارجي للدولة ‪,‬حيث ان‬
‫تطور الصراع الدولي في العالم قد ادى الى تطور مفهوم االرهاب الذي نما ونشط بقوة خالل‬
‫العقدين االخيرين من القرن العشرين‪ ،‬ولعل انعكاس الظروف واالوضاع الجديدة الداخلية او‬
‫الخارجية التي بدأ يعيشها العالم فان الصراع هو السبب األبرز في تطور االرهاب ونموه بالشكل‬
‫الذي اصبح العالم اليوم يبذل كل ما يستطيع من قواه المادية والمعنوية للتخلص من تأثيره‪. 1‬‬
‫يعرف االرهاب على انه االستخدام المنهجي للعنف لخلق مناخ عام من الخوف من خالل الحاق‬
‫االذى والضرر باألشخاص وظاهرة االرهاب معقدة ومتعددة االوجه واالشكال‪ . 2‬اما (اندرياس‬
‫و ساندلر) عرفوا اإلرهاب على انه (استخدام العنف او الوحشية مع سبق االصرار او التهديد‬
‫باستخدامه من قبل الجماعات شبه القومية للحصول على الهدف السياسي او الديني او اإليديولوجي‬
‫من خالل ترهيب جمهور كبير في داخل الدولة) وكذلك يعرف بأنه (استخدام الوسائل القسرية‬
‫التي تستهدف السكان في محاولة لتحقيق اهداف سياسية او دينية او غيرها) فيما يعرفه (تيللي)‬

‫‪ 1‬هايل عبد طشطوش ‪ ،‬االمن الوطني وعناصر قوة الدولة في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬ط‪،1‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪،2012‬ص‪.94‬‬
‫‪ 2‬منعم خميس مخلف وسمير بهان رشيد‪ ،‬مكافحة االرهاب بين االلتزام السلبي وااللتزام اإليجابي للدولة‪ ،‬مجلة قضايا سياسية‪ ،‬العددان‬
‫‪،38-37‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪،2014 ،‬ص ‪.300‬‬

‫‪2‬‬
‫بأنه ( نشر العديد من التهديدات غير المتناظرة او غير المتوازية والعنف ضد اهداف معنية‬
‫بأستخدام الوسائل التي تقع خارج اشكال النضال السياسي) ‪.3‬‬
‫حلل (اليكس شميد و البرت جونكمان) المئات من التعاريف لإلرهاب من اجل اكتشاف العناصر‬
‫الرئيسية والقواسم المشتركة التي تضمنها التعاريف لهذه الظاهرة‪ ،‬فوجدها تضم خمسة عناصر‬
‫اساسية ومتفاوتة في تعريفات االرهاب (العنف او القوة ‪()٪83.5‬السياسة ‪( )٪65‬الخوف او‬
‫الرعب ‪( )٪51‬التهديد ‪( )٪47‬االثار النفسية و ردود الفعل المتوقعة ‪ .4 )٪41.5‬كما ال يقتصر‬
‫مصطلح االرهاب على الجماعات و االفراد حيث يمكن ان تطبق او تتسم به دوال وجيوش‬
‫وحكومات تعتمد على اجهزة البوليس السري والتي تلجا الى وسائل التعذيب إلجبار المواطنين‬
‫على طاعة النظام الحاكم ‪.5‬‬
‫وعلى صعيد التعاريف الرسمية والحكومية لإلرهاب‪ ،‬فقد جاء في المادة االولى من قانون مكافحة‬
‫االرهاب العراقي النافذ لعام ‪،2005‬عرف االرهاب (بانه كل فعل اجرامي يقوم به فرد او جماعة‬
‫منظمة استهدف فردا ومجموعة افراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية و وقع‬
‫االضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية االخالل بالوضع االمني او االستقرار والوحدة‬
‫الوطنية او ادخال الرعب والخوف والفزع بين الناس واثارة الفوضى تحقيقا لغايات ارهابية ‪. 6‬‬
‫في حين نجد ان تعريف الواليات المتحدة االمريكية القانوني لإلرهاب الذي ورد في الباب ‪33‬‬
‫من قانون الواليات المتحدة االمريكية‪ ،‬القسم ‪،3626‬من النظام االساسي والذي جاء به بأن‬
‫االرهاب ( هو عنف متعمد‪ ،‬مدفوع بدوافع سياسية‪ ،‬ترتكبه ضد اهداف غير محاربة جماعات‬
‫شبه قومية او عمالء سريون‪ ،‬المقصود منه عادة هو التأثير على الجمهور) ‪.7‬‬
‫دوافع االرهاب‪-:‬‬
‫تقف وراء ظاهرة االرهاب دوافع عديدة ومن ابرز تلك الدوافع‪:‬‬
‫اوال‪ -:‬الدوافع النفسية‪ ،‬فالبعض يرى أن أعمال العنف ما هي إال وسيلة للتعبير عن الشعور‬
‫باإلحباط الكامن في أعماق المجتمع من األوضاع السائدة فيه وبخاصة أذا كانت تلك األوضاع‬
‫قد وصلت إلى نهاية مسدودة أو بلغت حدا ً من التدهور ال يمكن احتماله أو السكوت عليه‪. 8‬‬
‫ثانيا‪-:‬الدوافع المادية أو االقتصادية‪ :‬اتجهت بعض القوى الدولية الستخدام اإلرهاب كوسيلة إلدامة‬
‫نفوذها االقتصادي في مناطق معينة‪ ،‬والتأثير في األوضاع االقتصادية‪ ،‬فقد استخدمته الدول‬
‫اإلمبريالية والشركات متعددة الجنسيات والكارتالت النفطية لمنع بعض الدول من تأميم ثرواتها‬
‫النفطية الطبيعية‪ ،‬ومنعها من الخروج من التبعية االقتصادية إذ تعد عصابات (المافيا) المنتشرة‬
‫في أمريكا وأوروبا من أشهر المنظمات اإلرهابية التي تتاجر باإلرهاب والجريمة المنظمة من‬

‫‪Omar lizardo, Defining and theorizing terrorsim: a global actor_centered approach, joornal of 3‬‬
‫‪word-systems research volume xliv, number2,University of pittsbun, USA 2008,p93.‬‬
‫‪William G. Conninngham, Terrorism: Concepts, Cases and conflict resolution, lnstitute for 4‬‬
‫‪conflict analysis and resolution George mason University, printed by the defense threat reduction‬‬
‫‪agency USA 2003,p7.‬‬
‫‪Brian michael jenkins, the study of terrosrism: definitional problems, the rand corporation, 5‬‬
‫‪calfornia, USA2008,p4.‬‬
‫‪ 6‬نص قانون مكافحة االرهاب العراقي رقم ‪ 13‬لسنة ‪،2005‬جريدة الوقائع العراقية‪ ،‬العدد ‪،9‬بغداد ‪،2005‬ص‪.1‬‬
‫‪Cofer black, patterns of global terrorism, department of state, USA 2003,p12. 7‬‬
‫‪ 8‬اسماعيل صبري مقلد‪ ،‬االستراتيجية والسياسة الدولية‪ ،‬مؤسسة االبحاث العربية‪ ،‬ط‪،1‬بيروت‪،1985 ،‬ص‪.48‬‬

‫‪3‬‬
‫أجل المال‪ ،‬وعلى مستوى الدول فالعديد من دوائر المخابرات لها ارتباط وعالقات بالمنظمات‬
‫اإلرهابية التي تعمل لحسابها‪.9‬‬
‫ثالثا‪-:‬طبيعة تكون المجتمع ومرجعياته‪ :‬إذ يؤدي عامل الجهل دورا ً أساسيا ً في تكريس الحالة‬
‫الخائفة التي نشأ عليها اإلنسان التابع في مجتمعه مما ينزع عن اإلنسان أهم أسلحته وهو العمل‬
‫على تطوير واقعه واالحتجاج عليه‪ ،‬وهكذا يكون الجهل الزمة أساسية لتوظيف الخوف وتفعيل‬
‫اإلرهاب في الوقت نفسه‪ ،‬فالتابع الجاهل هو أكثر انقيادا ً من غيره‪ ،‬وتعد األميات بأشكالها الكتابية‬
‫والثقافية من أكثر العوامل التي تخفف من سقف التطلعات والتوقعات إلى الحد الذي يجعل منه‬
‫واطئا ً وضاغطا ً على اإلنسان‪. 10‬‬
‫رابعا‪-:‬الدوافع السياسية‪ :‬تكاد تجزم غالبية الساسة والباحثين على أن دوافع العنف هي دوافع‬
‫سياسية تبررها حالة من االختالل والتناقض التي تحصل في هياكل النظام السياسي واالجتماعي‬
‫والثقافي وتعززها حالة غياب التضامن والتكامل الوطني داخل المجتمع‪ ،‬فضالً عن انعدام العدالة‬
‫أو حرمان قوى معينة في المجتمع من الحقوق السياسية أو عدم إشباع حاجات أساسية ألفراد‬
‫المجتمع‪. 11‬‬
‫خامسا‪-:‬االنفصال‪ :‬تمارس بعض المنظمات عمليات عنف ضد أفراد ومؤسسات الدولة التي‬
‫تعدها مسؤولة عن حرمانها من تقرير مصيرها وضد أبناء قوميتهم المتعاملين مع تلك الدولة‪ ،‬وال‬
‫يوجد اتجاه أيديولوجي موحد بين هذه المنظمات‪ .‬مثل منظمات السيخية المتطرفة بالهند اذا‬
‫يطالبون باالنفصال عن الهند واقامة دولة مستقلة‪ ،‬ومنظمة كفاح وتحرير كجيش التحرير الوطني‬
‫االيرلندي والتي تستخدم االرهاب كتكتيك او وسيلة للوصول الى هدفها الشرعي ‪. 12‬‬
‫سادسا ‪ :‬التطرف الديني او المذهبي المتشدد المؤدي الى اإلرهاب‪ :‬حيث تسلك العديد من‬
‫الجماعات التي تدعي التدين أساليب إرهابية في سبيل الترويج ألفكارها ومعتقداتها وتعتبر ان كل‬
‫من خالقها يستحق القتل او الموت باي وسيلة او‪ ،‬التهجير وهذا ما حصل في العراق بعد التغيير‬
‫عام ‪ 2003‬حينما تكالبت العديد من الجماعات الدينية المتطرفة لتشكل نواة لتنظيم القاعدة‬
‫اإلرهابي ومن ثم تنظيم داعش ويعتبر هذا المبرر من اخطر المبررات الستشراء ظاهرة اإلرهاب‬
‫‪13‬‬
‫وانتشارها ‪.‬‬

‫االثار االجتماعية في العراق ‪:‬‬


‫هنالك كم هائل من التأثيرات سواء بجانبها المباشر او الغير مباشر وهنا نجد ان اكثر التأثيرات‬
‫حضورا هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬استمرار وتصاعد القتل دون مبرر او محاكمة تحت مختلف الذرائع ‪.‬‬

‫‪ 9‬سهى سعيد محمد العزاوي‪ ،‬العنف واالرهاب‪ :‬دراسة تحليلية في االطروحات الغربية والعربية‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم‬
‫السياسية جامعة بغداد‪،2006 ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ 10‬متعب مناف‪ ،‬االرهاب واالرهاب في العراق‪ ،‬مجلة المستقبل‪ ،‬العدد‪،1‬مركز المستقبل للدراسات والبحوث‪ ،‬بغداد‪،2005 ،‬ص‪74‬‬
‫‪ 11‬سهيل حسين الفتالوي‪ ،‬االرهاب واالرهاب الدولي‪ :‬دراسة في القانون الدولي العام‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬ط‪،1‬بغداد‪،‬‬
‫‪،2002‬ص ‪42‬‬

‫‪ 12‬عصام مفلح‪ ،‬مفهوم االرهاب والموقف الدولي‪ :‬ارهاب الدولة وارهاب المنظمات‪ ،‬الفكر السياسي‪ ،‬العدد‪،17‬اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ص‪،2002‬ص‪.147‬‬
‫‪ . 13‬د خليل الربيعي ‪ ,‬السلفية في العراق ( دراسة في التاريخ والفكر) ‪ ,‬دار الكتب العلمية للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ,‬بغداد ‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫‪ ,2015‬ص ‪142‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -٢‬التهجير القسري وحالة التوتر االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -٣‬تعطيل الحياة العامة يخلف حالة من الخوف وتقليل الحريات الشخصية‪.‬‬
‫‪ -٤‬انهيار عام في منظومة االمن االجتماعي وتراجع في قدرات المواطن لحماية ممتلكاته‪.‬‬
‫‪ -٥‬تأثير على االقتصاد من خالل تقليل االستثمار وتراجع السياحة وتعطيل االنشطة االقتصادية العامة‪.‬‬
‫‪ -6‬تأثير على العالقات الدولية وزيادة التشدد في السياسات االمنية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪-:‬التسميم السياسي المفهوم‪-‬الغايات‪-‬النتائج‬
‫مفهوم التسميم السياسي‪:‬‬
‫وهو من المصطلحات الحديثة التي بوزت للظهور في األدبيات الفرنسية في أواخر الستينيات‪،‬‬
‫ويدور حول زرع أفكار معينة من خالل الخديعة والكذب بحيث تودي إلى شعور معين للموقف‬
‫يختلف عن حقيقة ‪،‬ويترتب عليه عند اكتشاف تلك الحقيقة نوع من الصدمة النفسية بحيث تؤدي‬
‫الى شلل نفسي لديه وعدم القدرة على المواجهة‪ ،‬وعادة ما يستخدم هذا االسلوب ضد زعماء‬
‫ورؤساء الدول من اجل زعزعة ثقته بنفسه وخلق شرخ بينه وبين شعبه وبالتالي تكون عملية‬
‫اسقاط سهال بمرور الوقت‪ ،‬و التسميم السياسي (‪ )intoxication‬ظاهرة مهمة كتب عنها العالم‬
‫الراحل حامد ربيع استاذ العلوم السياسية وغيره من علماء السياسة العرب‪ ،‬وهي تشير إلى محاولة‬
‫زرع أفكار معينة أو قيم دخيلة من خالل الكذب والخديعة ثم العمل على تضخيم هذه القيم تدريجيا‬
‫لتصبح قيم عليا في المجتمع المستهدف‬
‫وعملية التسميم السياسي‪ ،‬بهذا المعنى‪ ،‬مرحلة من مراحل المعركة مع الخصم أو مقدمة لمعركة‬
‫قادمة‪ ،‬وهي تستهدف تبديل القيم أو التحلل من قيم معينة بشكل تدريجي وغير مباشر‪ .‬واالخطر‬
‫من كل هذا أن التسميم ال يمارسه العدو مباشرة وإنما يتم استعمال نخب فكرية وثقافية وفئات‬
‫مختارة لتُنقل لها (في مرحلة أولى) االفكار الدخيلة‪ ،‬ثم تُترك هذه النخب والفئات – في مرحلة‬
‫‪14‬‬
‫ثانية – لتنقل تلك األفكار إلى الجماهير من خالل أدوات الدعاية واالعالم المختلفة‪.‬‬
‫غايات التسميم السياسي يمكن تحديدها فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬تحطيم ايمان الخصم بعقيدته السياسية والدينية او بعدالة ومشروعية القضية التي يدافع عنها‪.‬‬
‫‪-٢‬تحطيم التماسك النفسي واإلدراكي والعقلي للخصم السياسي او العقائدي و الديني وتمزيق‬
‫مكونات شخصيته القومية والدينية‪.‬‬
‫‪-3‬إستغالل النجاحات التي يصل اليها الطرف المهاجم والقائم بعملية التسميم السياسي لتكون‬
‫وسيلة ألضعاف ثقة الطرف االخر بنفسة وعقيدته‪.‬‬
‫اما عن اليات وأساليب تكريس التسمم السياسي فأنها تتم عبر آليتين أو أداتين متكاملتين ( التضليل‬
‫والترويض)‪:‬‬
‫‪_1‬أداة التضليل الذي يقوم على التوظيف المخالف للواقع‪ ،‬والسيئ للقيم السياسية والدينية وغيرها‪.‬‬
‫‪_2‬ا داة الترويض والتي تجعل تلك "القيم" والمواقف "الجديدة" ليست مستغربة وال يتم رفضها‬
‫بنفس الوقت‪ ،‬وإنما هي مطلوبة ومتسقة مع اإلطار أو النظم القائمة بصرف النظر عن طبيعتها‬
‫‪15‬‬
‫الواقعية‪.‬‬

‫‪ 14‬حسين خلف‪ ،‬التسمم السياسي وخطة الخداع الصهيوني‪ ،‬مفاهيم سياسية حديثة ‪ ,‬الجزيرة اون الين ‪ ,‬تاريخ االطالع ‪ 27‬شباط‬
‫‪2024‬‬
‫‪ 15‬صالح االركوازي‪ ،‬التسميم السياسي‪ ،‬كتابات في الميزان‪http://www.kitabat.info/subject.php?id=137377 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫نتائج التسميم السياسي‪:‬‬
‫‪ -1‬التسميم السياسي يؤدي إلى توترات كبيرة في البيئة السياسية بين الفرقاء السياسيين واألحزاب‬
‫المختلفة في العراق‪.‬‬
‫‪-2‬يؤدي الى حالة عدم االستقرار السياسي في البالد وزيادة في حدة الصراعات بين األطراف‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫‪ -3‬يؤدي التسميم السياسي إلى تفاقم االنقسامات في المجتمع العراقي بين مختلف الطوائف‬
‫واألعراق‪.‬‬
‫‪ -4‬قد ي تبنى التسميم السياسي تأويالت مختلفة وبالتالي يزيد من حدة العنف والصراعات داخل‬
‫البالد وصوال الى الحرب االهلية ‪.‬‬
‫‪-5‬التسميم السياسي قد يؤدي إلى تراجع الثقة العامة بين مواطني العراق في النظام السياسي‬
‫والمؤسسات‪.‬‬
‫‪ -6‬قد تسبب في تعثر العملية التنموية واالقتصادية في العراق‪ ،‬مما يؤثر سلبا ً على حياة الناس‬
‫وسبل عيشهم‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬اآلثار المترتبة على تصاعد حدة التسمم السياسي ودوره في تصعيد‬
‫وتيرة االرهاب‪.‬‬
‫يبدو أن تصاعد التوترات االمنية والسياسية في عالمنا الراهن لما تشهده الدول من صدمات‬
‫وصراعات مضطردة وعلى المستويات كافة‪ ،‬جعلها تستخدم أخطر أنواع الحروب وبشكل‬
‫محترف‪ ،‬أال وهو الحرب النفسية التي باتت السالح االوحد للكثير من الدول‪ ،‬لما تحققه من غايات‬
‫عدة‪ ،‬اهمها اختراق العدو معنويا من الداخل ومحاصرته من الخارج‪ ،‬اذ يمكن عن طريق استخدام‬
‫اساليب الحرب النفسية خلق بلبلة وثغرات مؤثرة داخل الخصم تزيد من تصدعاته‪ ،‬وبالتالي‬
‫تستطيع خلخلة النظام المعادي تمهيدا ً ألسقاطه‪ ،‬وذلك عبر استخدام الدعاية الشائعة‪ ،‬وغسيل‬
‫الدماغ‪ ،‬التسميم السياسي‪ ،‬ولعل االسلوب االخير من اكثر اساليب الحرب النفسية تدميرا للنفوس‪،‬‬
‫فهو يستهدف عقول العدو وعواطفه من أجل التأثير في الثوابت التي يؤمن بها‪ ،‬إذ تكمن خطورة‬
‫التسميم السياسي في ما يمتلكه هذا االسلوب للحرب النفسية من مقومات‪ ،‬تستخدم في توجيه‬
‫الخطاب االعالمي نحو الخصم لهز قيمه وثوابته وأصوله والركائز الفكرية والمعنوية االخالقية‬
‫والتربوية التي يعتمد عليها‪ ،‬وكما حصل في العراق بعد احتالل عام ‪ 2003‬إذ استخدمت ابان‬
‫احتالل العراق وبعد احتالله اشكال التسميم السياسي كافة‪ ،‬كالتطبيع وذلك بإيهام الشعب بالتحول‬
‫من حالة العداوة والصراع الى حالة التعايش بانتزاع المقاومة من العقول‪ ،‬وثم انتزاع األسلحة‬
‫واالستسالم والقبول باألمر الواقع‪ ،‬وذلك ما حدث مع الجيش العراقي ‪ 16.‬الذي استسلم من دون‬
‫مقاومة متوقعة‪ ،‬كون امريكا استخدمت اسلوب التسميم السياسي باحتراف‪ ،‬ومن ثم استخدمت‬
‫شكل التطويع وهو تغيير مسار اإلدارة من طريقها الطبيعي واالساس‪ ،‬الى طريق اخر بترويض‬
‫اشكال المقاومة ويكون هنا بالتوجه من لدن القائم بعملية التسميم السياسي الى النخب والقيادات‬
‫المثقفة‪ ،‬والتي تؤثر في باقي الجسد الجماهيري‪ ،‬وهو ما يسهل من عملية االختراق الخارجي‪،‬‬
‫وقد حدث هذا في العراق بعد احتالل ‪ 2003‬من اطراف عدة اقليما ودوليا‪ ،‬كما يؤدي التسميم‬
‫السياسي وظيفة نفسية مدمرة تنخر افراد المجتمع‪ ،‬وتجعل الشخص مغتربا عن بيئته ومجتمعه‬

‫كمال عبيد‪ ،‬التسميم السياسي‪ ،‬شبكة النبأ المعلوماتية‪ ,‬تاريخ االطالع ‪ 28‬شباط ‪2024‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪6‬‬
‫وثقافته‪ ،‬وتدفعه ألتخاد الموقف السلبي من كل شيء يحيط به‪ ،‬مما يؤدي الى خلق حالة من‬
‫الصراع بينه وبين محيطه االجتماعي والثقافي‪ ،‬وهذا يؤدي الى ضعف في ثقافة المواطنة‬
‫والمسؤولية الوطنية تجاه البلد‪.‬‬
‫وهذا قد يؤدي الى تفكيك النسيج االجتماعي‪ ،‬وذلك بفك أواصر وعناصر الكيان الوطني وبعثرتها‬
‫بحيث يغدو كل عنصر منها عاجزا عن اداء وظائفه الطبيعية بشكل كامل‪ ،‬وبذلك يكون القائم‬
‫بالتسميم السياسي وكأنه المنقذ والمخلص الذي ال يبخل بتقديم معوناته وخدماته للجسد المريض‬
‫بجرعات محسوبة وفعال‪ ،‬حدث الكثير من هذا في العراق على غرار االتفاقات االمنية والصفقات‬
‫السياسية والتبادل التجاري‪ ،‬ولكن ما حصل هو بتر مقومات البنية التحتية في العراق وإعاقتها‬
‫لكي يبقى العراق مستوردا لك شيء ومن دون تخطيط وادراك وطني‪ ،‬ومع هذا كله اي بعد عملية‬
‫التفكيك تتم عملية التبعية الشاملة لجهة التسميم السياسي‪ ،‬ما يجعل من المجتمع بشكل عام تابعا‬
‫ومنفذا لكل ما يخططه القائم بالعمل النفسي عبر علمية التسميم ‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫شكلت حالة عدم االستقرار السياسي دافعا ومبررا لتصاعد حدة الخالفات السياسية في العراق‬
‫والتي نجم عنها تصاعد ظاهرة اإلرهاب التي حاولنا جاهدين ان نصل الى مفهوم محدد لها حالة‬
‫عدم االستقرار وكنتيجة طبيعية لقيام مختلف األطراف السياسية باستخدام مختلف األدوات لغرض‬
‫تغليب مصالحهم اعتمدوا التسميم السياسي كوسيلة لمجابهة الجهات المقابلة السيما تلك التي‬
‫يختلفون معها وهذا االمر أدى كنتيجة حتمية الى ان يكون عامال مساعدا في تصاعد ظاهرة‬
‫اإلرهاب التي عصفت بالعراق ونجم عنها العديد من التداعيات اال ان اخطرها هي تلك المتعلقة‬
‫بالبنية االجتماعية للبالد ‪.‬‬
‫االستنتاجات‪:‬‬
‫على ضوء ما تقدم يمكن التوصل الى االستنتاجات التالية ‪:‬‬
‫‪ . 1‬ان اإلرهاب ظاهرة عالمية عابرة للحدود ال يمكن معالجتها دون تضافر الجهود لمختلف‬
‫الدول والجهات المتضررة منها ‪.‬‬
‫‪ . 2‬يختلف مفهوم اإلرهاب من دولة الى أخرى تبعا لطبيعة نظرتها تجاه العنف ومسبباته لذلك‬
‫نجد ان هنالك كم هائل من التعاريف لإلرهاب قد يختلف بعضها عن البعض االخر جذريا ‪.‬‬
‫‪ . 3‬دوافع ومسببات اإلرهاب هي األخرى تختلف من بلد الى اخر اال ان العراق تميز في ان الدافع‬
‫الديني والعقائدي واالثني والطائفي كان في مقدمة األسباب المؤدية الت تصاعد هذه الظاهرة ‪.‬‬
‫‪ . 4‬ساهمت السياسة بمختلف مدخالتها في تأجيج الحالة القائمة في العراق السيما حينما تصاعد‬
‫حدة الخالفات بين االطراف الممثلة للمكونات لتتبع العديد منها أساليب مختلفة لتسفيط االخر ومن‬
‫أهمها التسميم السياسي ‪.‬‬
‫‪ . 5‬تسبب التسميم الساسي في تصاعد حدة وتيرة اإلرهاب كونه قد استغل حالة النفور الطائفي من‬
‫الحكومات المتعاقبة ليوظف كل امكانيته في سبيل زعزعة الحالة األمنية وتصعيد العمليات‬
‫اإلرهابية ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المصادر‬
‫باللغة العربية ‪:‬‬
‫‪ .1‬اسماعيل صبري مقلد‪ ،‬االستراتيجية والسياسة الدولية‪ ،‬مؤسسة االبحاث العربية‪ ،‬ط‪،1‬بيروت‪،‬‬
‫‪.1985‬‬
‫‪ .2‬حسين خلف‪ ،‬التسمم السياسي وخطة الخداع الصهيوني‪ ،‬مفاهيم سياسية حديثة ‪ ,‬الجزيرة اون‬
‫الين ‪ ,‬تاريخ االطالع ‪ 27‬شباط ‪.2024‬‬
‫‪ .3‬د خليل الربيعي ‪ ,‬السلفية في العراق ( دراسة في التاريخ والفكر) ‪ ,‬دار الكتب العلمية للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع ‪ ,‬بغداد ‪ ,‬ط‪.2015 ,1‬‬
‫‪ .4‬سهيل حسين الفتالوي‪ ،‬االرهاب واالرهاب الدولي‪ :‬دراسة في القانون الدولي العام‪ ،‬دار الشؤون‬
‫الثقافية العامة‪ ،‬ط‪،1‬بغداد‪.،2002 ،‬‬
‫‪ .5‬سهى سعيد محمد العزاوي‪ ،‬العنف واالرهاب‪ :‬دراسة تحليلية في االطروحات الغربية والعربية‪،‬‬
‫اطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم السياسية جامعة بغداد‪.2006 ،‬‬
‫الميزان‪،‬‬ ‫في‬ ‫كتابات‬ ‫السياسي‪،‬‬ ‫التسميم‬ ‫االركوازي‪،‬‬ ‫صالح‬ ‫‪.6‬‬
‫‪http://www.kitabat.info/subject.php?id=137377‬‬
‫‪ .7‬عصام مفلح‪ ،‬مفهوم االرهاب والموقف الدولي‪ :‬ارهاب الدولة وارهاب المنظمات‪ ،‬الفكر‬
‫السياسي‪ ،‬العدد‪،17‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.2002‬‬
‫‪ .8‬قانون مكافحة االرهاب العراقي رقم ‪ 13‬لسنة ‪،2005‬جريدة الوقائع العراقية‪ ،‬العدد ‪،9‬بغداد‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .9‬كمال عبيد‪ ،‬التسميم السياسي‪ ،‬شبكة النبأ المعلوماتية‪ ,‬تاريخ االطالع ‪ 28‬شباط ‪2024‬‬
‫‪ .10‬متعب مناف‪ ،‬االرهاب واالرهاب في العراق‪ ،‬مجلة المستقبل‪ ،‬العدد‪،1‬مركز المستقبل‬
‫للدراسات والبحوث‪ ،‬بغداد‪.2005 ،‬‬
‫‪ .11‬منعم خميس مخلف وسمير بهان رشيد‪ ،‬مكافحة االرهاب بين االلتزام السلبي وااللتزام اإليجابي‬
‫للدولة‪ ،‬مجلة قضايا سياسية‪ ،‬العددان ‪،38-37‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪.2014 ،‬‬
‫‪ .12‬هايل عبد طشطوش‪ ،‬االمن الوطني وعناصر قوة الدولة في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬ط‪،1‬دار‬
‫الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2012 ،‬‬

‫باللغة األنجليزية ‪:‬‬


‫‪1.‬‬ ‫‪Brian michael jenkins, the study of terrosrism: definitional‬‬
‫‪problems, the rand corporation, calfornia, USA2008,.‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪Cofer black, patterns of global terrorism, department of state, USA‬‬
‫‪2003‬‬
‫‪3.‬‬ ‫‪Omar lizardo, Defining and theorizing terrorsim: a global‬‬
‫‪actor_centered approach, joornal of word-systems research volume‬‬
‫‪xliv, number2,University of pittsbun, USA 2008.‬‬
‫‪4.‬‬ ‫‪William G. Conninngham, Terrorism: Concepts, Cases and conflict‬‬
‫‪resolution, lnstitute for conflict analysis and resolution George‬‬
‫‪mason University, printed by the defense threat reduction agency‬‬
‫‪USA 2003.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like